عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 12-09-2007, 09:18 PM   #1
معلومات العضو
نور الشرق

افتراضي لماذا ننزعج من القران ولا ننزعج من الغناء

هذا سؤال مُحيّر, وظاهرة تحتاج إلى تدبر؛ لكي نقف على الأسباب الداعية لذلك, فهي حقيقة ما ينبغي أن نخفيها أو نرددها؛ فواقع الناس طافح بذلك الأمر - أليس كذلك؟!

والناس في أحوالهم العادية

قد اعتادوا على الاستماع للقرآن مع بداية يومهم,

فهذا صاحب المحل, وهذا صاحب المقهى, وهذه عيادة الدكتور,

بل نجد أنَّ التلفاز إذا ابتدأ البرامج لا يبدؤها إلا بالقرآن, ولا ينهيها إلا بالقرآن,

حتى سائق السيارة سواء الخاصة أو العامة إن كان لديه الكاسيت في سيارته

إن بدأ يبدأ بالقرآن ثم يحول المؤشر بعد ذلك إلى الغناء.

هل فكرنا , هل سألنا ما سبب تحول الناس عن القرآن إلى الغناء؟،

أهو المرض في حواسهم؟,

أهو لعدم استطابة الإنسان للطيب,

كحال المريض عندما يتذوق العسل يراه مراً؛ لفساد الحواس لديه بسبب مرضه؟

هل فكرنا ما نفعله عند نزول الكارثة أو النازلة, أو إذا حلَّ الموت بأحد أقاربنا, فما هو تصرف الناس عند ذلك؟

ألا نراهم يهرعون لقراءة القرآن، ويسألون بلهفة وشفقة: هل قراءة القرآن على الميت تنفعه؟، وهل يصل ثوابها إليه؟

وما وجدناهم يسألون عن الغناء,

بأن الميت كان محباً لأغنية كذا، وأنه كان كثيراً ما يُرددها عن ظهر قلب,

أو أنه كان محباً لهذا المطرب, أو هذا الممثل, أو لتلك المغنية,

ما سمعناهم يقولون ذلك!!

لحظة تأمل وتفكّر ورويّة, ونقول:

ما السبب يهرعون في تلك اللحظات للقرآن, ولا يفكرون تماماً في الغناء؟!

فلمن يهرعون عند النازلة..... إلى الله وحده, أليس كذلك؟

وهذا حال وصفه لنا ربنا تبارك وتعالى:

** هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ** [يونس: 22].

ولكن الإنسان يوصف بالبغي والطغيان, فإذا نجّاهم الله تعالى, هل تراهم يوفون بما عاهدوا الله عليه؟!

لا والله, ولكنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى.

** فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ** [يونس: 23].

فلننظر إلى حال الإنسان إذا أُصيب بمكروه!!

** وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمً ** [يونس: 12].

لا يفتر بالليل والنهار عن دعاء ربه, ويأخذ على نفسه المواثيق الغليظة

والعهود أنه لو كُتب له النجاة من هذا الكرب,

وكُشفت عنه الغمَّة ليكونن من حاله كذا وكذا!

ولكن أنراه يصدق؟!

** فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ** [يونس: 12].

عجيب أمر هذا الإنسان!!

** وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ** [يونس: 21].

** كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ** [العلق: 6، 7].

فالحذر الحذر ولا نغتر بحلم الله علينا

** إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ** [العلق: 8].

** إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمَ ** [يونس: 23].

هل فكَّرنا, وهل سأل بعضنا نفسه : أنت تحولت من حال إلى حال, كيف كان الابتداء, ثم كيف كان الانتهاء؟

هل عندما تدير هذا المؤشر, أنت تحولت من طيب إلى خبيث أم من خبيث إلى طيب؟

قد نقول كما يقولون: ساعة وساعة.

نقول: ساعة لربك، وساعة لقلبك!

ولكن هل نظن أنَّ الساعة التي تكون لقلوبنا يكون مسموحاً لنا فيها أن نخرج عن أن نكون عباداً لله تعالى؟

أنحن أجيرون عند الله, وانتهت ساعات الإجارة, فلنا أن نتصرف في وقتنا بعد ذلك كما نرى دون تدخّل من الله؟

أم أنَّ الساعة التي لقلوبنا هي لمعاشنا بما لا نخرج فيه عن إطار العبودية؟


أنظن أنَّ هناك بعض الفترات الزمنية التي يسمح لنا فيها

أن لا نكون فيها عباداً لله تعالى, فلا نُؤمر فيها ولا نُنهى,

ولكن لنا مُطلق الحرية أن نتصرف في هذا الوقت وتلك الفترة الزمنية

بما نريد وبما نشتهي, والله تعالى ليس له سلطان علينا في هذه الفترات؟

أهذا ظننا بربنا ؟!

أي الناس نحن عندما نستمع للقرآن؟

فإما أن نكون من عباد الله الصالحين.

أو كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء؟!

فما هو حال عباد الله الصالحين عندما يستمعون إلى القرآن؟!

** إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّ ** [مريم: 58].

** وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ ** [المائدة: 83].

أما الطائفة الأخرى المُبغضة للاستماع لآيات ربها, المنزعجة عند سماع القرآن.

** وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَ ** [الحج: 72].

** وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَ ** [لقمان: 7].

** يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرً ** [الجاثية: 8].

أما آن الأوان لكي تخشع قلوبنا عند سماعنا للقرآن؟

** أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ** [الحديد: 16].

** اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ** [الزمر: 23].

هل انتفعنا يوماً بما نسمع من كلام الله تعالى؟

هل خشعنا يوماً عندما استمعنا إلى كلام ربك؟

هل علمنا صفات الذين ينتفعون بالقرآن؟

هل علمنا صفات الذين يخشعون عند سماع القرآن؟

** إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ** [السجدة: 15].

** إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ** [الأنفال: 2].

** وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانً ** [الفرقان: 73].


لقد بعث الله رسولاً وحدَّد الله لنا مهمته.

أتعلمون ما هي مهمة هذا الرسول, ولماذا أرسل الله إلينا الرسل؟

لقد أرسل الله إلينا الرسل:

** يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا ** [الأنعام: 130]

فكان من باب امتنان الله على المؤمنين:

** لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ** [آل عمران: 164].

** رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ** [الطلاق: 11].

أتعلمون ما هو مطلب هؤلاء الذين كانوا يصمّون آذانهم عن سماع هذا الحق؟

** لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى ** [طه: 134].

فكتب الله عليهم الذلة والخزي, تصيب أهل النار يوم القيامة لما فرطوا فيه من الإيمان و العمل الصالح.


ما المانع الذي يمنعنا من الاستماع إلى آيات ربنا ؟!

لماذا لا نعمل قبل أن يحل بنا ما حلَّ بهؤلاء الذين أصموا آذانهم عن الاستماع لكلام ربهم, ونحن في عافية؟

ماذا نقول لربنا عندما يقول لنا :

** أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ** [الجاثية: 31].

** قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ** [المؤمنون: 66].
أتعلمون ما السبب فى عدم قبولنا للقرآن؟!

** وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرً ** [الإسراء: 46].

أتعلمون ما علامة مرض القلب:

** وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ** [الزمر: 45].

وختاماً :

** يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ** [يونس: 57].

ولنعلم أحبتي:

** فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ** [الأنعام: 125].

** أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ** [الزمر: 22].

أيها المسلمون :

ماذا نفعل بعد ذلك؟

أما زلنا مصرون على عصيان الرحمن, وعلى طاعة الشيطان؟

- أما زلنا نتألم عند سماع القرآن؟

أم أننا سوف نكون كالمسلم المطيع لربه, المحب له, المحب لرسوله، المحب لدينه؟

فهيا بنا إلى جنة عرضها السماوات و الأرض أُعدت للمتقين.

فلنقم إلى الجنة.

فلنقم لنسلك سوياً طريقنا إلى الجنة إلى دار السلام.

ولننزعج من الغناء...

ولا ننزعج بعد اليوم من كلام الرحمن.


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة