![]() |
فالصبر على المصيبة واجب، والتسخط حرام، والرضا مستحب.
من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله وقول الله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ** ... [التغابن: 11]. قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت». ولهما عن ابن مسعود مرفوعاً: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط». حسنه الترمذي. قوله: (باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله)، قال الإمام أحمد: ذكر الله تعالى الصبر في تسعين موضعًا من كتابه. قوله: (وقول الله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ**) وأول الآية {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ** أي: بمشيئته وحكمته. قوله: «فمن رضي فله الرضا» أي: من الله تعالى، فإذا رضي عنه حصل له كل خير، وسلم من كل شر.قوله: (قال علقمة هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويُسلِّم) وقال سعيد بن جبير: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ** يعني: يسترجع، يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. قوله: «اثنتان في الناس هما بهم كفر» أي: لأنهما من أعمال الجاهلية. «الطعن في النسب» أي: عيبه. «والنياحة على الميت» أي: رفع الصوت بالندب، وتعداد فضائل الميت لما فيه من التسخط على القدر المنافي للصبر، كقول النائحة: واعضدُاده، واناصِراه، ونحو ذلك. وفيه: دليل على أن الصبر واجب، وأن من الكفر ما لا ينقل عن الملة. قوله: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». وعند ابن ماجة وصححه ابن حبان عن أبي أمامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور». وهذا يدل على أن هذه الأمور من الكبائر، وأما البكاء بغير ندب ولا رفع صوت فجائز، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مات ابنه إبراهيم: «تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون». قوله: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا» أي: يكفر بها ذنوبه، ويرفع بها درجاته. «وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه» أي: أخر عنه العقوبة. «حتى يُوافي به يوم القيامة» أي: حتى يجيء بذنبه حامله يوم القيامة لم ينقص منه شيء. قوله: (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء».) أي: إذا عظم بلاء العبد عظم ثوابه إذا صبر واحتسب. «وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم»، وفي الحديث الآخر: «أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل». «ومن سخط فله السخط» أي: من سخِط على قضاء الله وتدبيره فله السخط من الله وكفى بذلك عقوبة، فالصبر على المصيبة واجب، والتسخط حرام، والرضا مستحب. قال شيخ الإسلام: (وأعلى من ذلك أن يشكر الله على المصيبة؛ لما يرى من إنعام الله عليه بها). والله أعلم. |
بارك الله فيك وأحسن إليك
|
الساعة الآن 05:11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com