![]() |
قال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }
✨✨✨ ( إن الله عز وجل أنزل : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** و ** أولئك هم الظالمون ** و ** أولئك هم الفاسقون ** . قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود ، و كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا و اصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من ( الذليلة ) فديته خمسون وسقا ، و كل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق ، فكانوا على ذلك ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و يؤمئذ لم يظهر و لم يوطئهما عليه و هو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا ، فأرسلت ( العزيزة ) إلى ( الذليلة ) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق ، فقالت ( الذليلة ) : و هل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ، و نسبهما واحد ، و بلدهما واحد ، دية بعضهم نصف دية بعض ؟ ! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، و فرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ، و لقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا و قهرا لهم ، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه . فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله و ما أرادوا ، فأنزل الله عز وجل : ** يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا : آمنا ** إلى قوله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** ، ثم قال : فيهما والله نزلت ، و إياهما عنى الله عز وجل ) . _ أخرجه أحمد وغيره وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم 2552 قال الشيخ الألباني رحمه الله ( فائدة هامة ) : إذا علمت أن الآيات الثلاث : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** ، ** فأولئك هم الظالمون ** ، ** فأولئك هم الفاسقون ** نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه ، و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه " ، و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : ** يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، و إن لم تؤتوه فاحذروا ** ، إذا عرفت هذا ، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ، أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك ، و إخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله ، و إن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله ، لا يجوز ذلك ، لأنهم و إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ، ألا و هي إيمانهم و تصديقهم بما أنزل الله ، بخلاف اليهود الكفار ، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم : " ... و إن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه " ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا ، و سر هذا أن الكفر قسمان : اعتقادي و عملي . فالاعتقادي مقره القلب . و العملي محله الجوارح . فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع ، و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به ، فهو الكفر الاعتقادي ، و هو الكفر الذي لا يغفره الله ، و يخلد صاحبه في النار أبدا . و أما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ، و لكنه يخالفه بعمله ، فكفره كفر عملي فقط ، و ليس كفرا اعتقاديا ، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه ، و إن شاء غفر له ، و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين ، و لا بأس من ذكر بعضها : 1 - اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في الأنساب و النياحة على الميت . _ رواه مسلم . 2 - الجدال في القرآن كفر . _ صحيح الجامع . 3 - سباب المسلم فسوق ، و قتاله كفر . _ رواه مسلم . 4 - كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق . _ الروض النضير . 5 - التحدث بنعمة الله شكر ، و تركها كفر _ السلسلة الصحيحة . 6 - لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها . فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفره كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا أن يستحلها ، و لا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم ، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضا ، و الحكم بغير ما أنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا ، و قد جاء عن السلف ما يدعمها ، و هو قولهم في تفسير الآية : " كُفرٌ دون كُفْرٍ " ، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين و غيرهم ، و لابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ، و نحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي ، و إن كانوا يصلون و يصومون ! 1 - روى ابن جرير الطبري ( 10 / 355 / 12053 ) بإسناد صحيح عن ابن عباس : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** قال : هي به كفر ، و ليس كفرا بالله و ملائكته و كتبه و رسله . 2 - و في رواية عنه في هذه الآية : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر . أخرجه الحاكم ( 2 / 313 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و حقهما أن يقولا : على شرط الشيخين . فإن إسناده كذلك . ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في " تفسيره " ( 6 / 163 ) عن الحاكم أنه قال : " صحيح على شرط الشيخين " ، فالظاهر أن في نسخة "المستدرك " المطبوعة سَقْطاً ، و عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار . 3 - و في أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر ، و من أقر به و لم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير ( 12063 ) . قلت : و ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنه جيد في الشواهد . 4 - ثم روى ( 12047 - 12051 ) عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( و ذكر الآيات الثلاث ) : كفر دون كفر ، و فسق دون فسق ، و ظلم دون ظلم . و إسناده صحيح . 5 - ثم روى ( 12052 ) عن سعيد المكي عن طاووس ( و ذكر الآية ) قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . و إسناده صحيح ، و سعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي ، وثقه ابن معين و العجلي و ابن حبان و غيرهم ، و روى عنه جمع . 6 - و روى ( 12025 و 12026 ) من طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس ( و في الطريق الأخرى : نَفرٌ من الإباضية ) فقالوا : أرأيت قول الله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ** أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** أحق هو ؟ قال : نعم . قال : فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، و به يقولون و إليه يدعون - [ يعني الأمراء ] - فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله ، و لكنك تَفْرَق ( أي : تجزع وتخلف ) . قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، و إنكم أنتم ترون هذا و لا تَحَرَّجون ، و لكنها أنزلت في اليهود و النصارى و أهل الشرك . أو نحوا من هذا ، و إسناده صحيح . و قد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير ( 10 / 346 - 357 ) بأسانيده إلى قائليها ، ثم ختم ذلك بقوله ( 10 / 358 ) : " و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها و ما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، و هم المعنيون بها ، و هذه الآيات سياق الخبر عنهم ، فكونها خبرا عنهم أولى . فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله ، فكيف جعلته خاصا ؟ قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما تركوه - كافرون . و كذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر ، كما قال ابن عباس ، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه ، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي " . و جملة القول أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله ، فمن شاركهم في الجحد ، فهو كافر كفرا اعتقاديا ، و من لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك مجرم آثم ، و لكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه . و قد شرح هذه و زاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في " كتاب الإيمان " " باب الخروج من الإيمان بالمعاصي " ( ص 84 - 87 - بتحقيقي ) ، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق . و بعد كتابة ما سبق ، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في " مجموع الفتاوي " ( 3 / 268 ) : " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " . ثم ذكر ( 7 / 254 ) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان ، مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر ، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه . و قال ( 7 / 312 ) : " و إذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان و نفاق ، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان و كفر ، و ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة ، كما قال ابن عباس و أصحابه في قوله تعالى : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** ، قالوا : كفرا لا ينقل عن الملة . و قد اتبعهم على ذلك أحمد و غيره من أئمة السنة " . اهـ _ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى ( م 6 ق 1 ص 109 / 116 ) ----------------------------------------------------------- تفصيل مسألة الحكم بغير ما أنزل من أقوال السلف الصالح من السابقين الأولين ومن تبعهم بإحسان ومن أقوال المعاصرين ... http://www.alrbanyon.com/vb/showthread.php?t=10502 من المعني بلفظ " ولي الأمر " في النصوص الشرعية . http://t.co/qWDbfSdjig” http://t.co/aNfXEaFp5r 🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴 🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴 |
بارك الله فيك أخي الفاضل على الطرح القيم
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً ، طرح طيب قيم وفقكم الله |
اقتباس:
|
الساعة الآن 03:57 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com