![]() |
23 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
_ المتن : ** وقل الحمد لله الّذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن لّه شريك في الملك ولم يكن لّه وليّ مّن الذّلّ وكبّره تكبيرا ** سورة الإسراء 111 ** يسبّح لله ما في السّماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير ** سورة التّغابن 1 ** تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً * الّذي له ملك السّماوات والأرض ولم يتّخذ ولداً ولم يكن لّه شريك في الملك وخلق كلّ شيء فقدّره تقديراً ** سورة الفرقان 1 - 2 ** ما اتّخذ الله من ولد وما كان معه من إلـٰه إذا لّذهب كلّ إلـٰه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عمّا يصفون * عالم الغيب والشّهادة فتعالى عمّا يشركون ** سورة المؤمنون 91 - 92 ** فلا تضربوا لله الأمثال إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون ** سورة النّحل 74 ** قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحَقّ وأن تشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ** . سورة الأعراف 33 _ الشرح : ( وقل الحمد لله ) الحمد هو الثناء وألْ فيه للاسْتِغْراق – أي الحَمْدُ كُلُه لله ( الذي لم يتّخذ ولدا ) أي : ليس له ولد كما تقوله اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب ( ولم يكن له شريك في الملك ) أي ليس له مُشاركٌ في مُلكِه ورُبوبِيَتِه كما تقول الثنوية ونحوهم ممن يقول بتعدد الآلهة ( ولم يكن له وليٌّ من الذُّل ) أي : ليس بذَليلٍ فيحتاج إلى أن يكون له وليٌّ أو وزيرٌ أو مُشير فلا يُحالِفٌ أحدا ولا يَسْتَنْصِرُ بأحَدٍ ( وكبره تكبيرا ) أي : عظمه وأَجِلَّه عما يقوله الظالمون . وقوله : ( يسبح ما في السموات وما في الأرض ) أي : تُنَزِهَهُ جَميعُ مَخلوقاته التي في سماواته وأرضه عن كل نقص وعيب ( له الملك وله الحمد ) يختصان به ليس لغيره منهما شيء . وما كان لعباده من المِلْكيَة فهو من عَطائِه ( وهو على كل شئ قدير ) لا يعجزه شئ . ( تبارك ) فعل ماضي مأخوذ من البركة وهي النّماء والزيادة المستقرة الثابتة الدائمة . وهذه اللفظة لا تستعمل إلا لله سبحانه . ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي ( الذي نزّل الفرقان ) أي : القرآن سمي فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل ( على عبده ) يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم ، وهذه صفة مدح وثناء ، لأنه أضافه إليه إضافة تشريف وتكريم في مقام إنزال القرآن عليه ( ليكون للعالمين ) الإنس والجن وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (نذيرا) أي : مُنذِراً ، مأخوذ من الإنذار وهو الإعلام بأسباب المخافة و قوله : ( ليكون ) تعليل لإنزال الفرقان عليه أي : لِيَخُصَه بالرسالة العامة ثم وصف نفسه سبحانه بأربع صفات ، الأولى : قوله : ( الذي له ملك السموات والأرض ) دون غيره فهو المتصرف فيهما وحده . الصفة الثانية : ( ولم يتّخذ ولدا ) كما تزعم النصارى واليهود ، وذلك لكمال غناه وحاجة كل مخلوق إليه . الصفة الثالثة : ( ولم يكن له شريك في الملك ) وفيه ردٌ على طوائف المشركين من الوثنية والثنوية وغيرهم . الصفة الرابعة : ( وخلق كلّ شئ ) من المخلوقات . ويدخل في ذلك أفعال العباد فهي خَلْقُ اللهِ وفِعلُ العَبدِ ( فقدره تقديرا ) أي : قَدّرَ كلّ شَئ مما خلق من الآجال والأرزاق والسعادة والشقاوة وهَيّأ كل شئ لما يصلح له . قال ابن كثير : نزه نفسه عن الولد وعن الشريك ، ثم أخبر أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا . أي : كل شيء مِمّا سواه مَخْلوقٌ مَربوب وهو خالق كل شيء ورَبُّه ومَليكُه وإلَهُه وكل شيء تحت قَهْرِه وتَدبيره وتَسْخيره وتقديره انتهى . قوله : ( ما اتّخذ الله من ولد وما كان معه من إلـٰه ) في هذه الآية يُنَزِهُ تعالى نَفسَه عن أن يكون له ولدٌ أو شَريكٌ في الملك والتصرف والعبادة و( من ) في الموضعين لتأكيد النفي ( إذا لّذهب كل إلـٰه بما خلق ) هذا استدلالٌ لما سبق في أول الآية من نفي الولد والشريك في الألوهية ، أي لو قُدِّرَ تَعَدُدُ الآلِهَة لانْفرَد كلٌ منهم عن الآخر بما خلق وحينئذ لا ينتظم الكون لوجود الانقسام . والواقع المشاهد أن الكون منتظم أتَمَّ انْتِظام لم يحصل فيه تعدد ولا انقسام ( ولَعَلاَ بعضُهم على بَعض ) أي : لو كان معه إلـٰهٌ آخر لكان كل منهم يطلب قهر الآخر ومخالفَتَه فَيَعْلو بَعضُهم على بَعض كحال ملوك الدنيا وحينئذ فذلك المغلوب الضعيف لا يستحق أن يكون إلهاً . وإذا تقرر بطلان المُشارِكِ تَعيـَّن أن يكون الإلَهُ واحِداً هو الله وحده ولهذا قال : ( سبحان الله عما يصفون ) من الشريك و الولد ( عالم الغيب والشهادة ) أي : هو المختص بعلم ما غاب عن العباد وعلم ما يشاهدونه ، وأما غيره فهو وإنْ عَلِمَ شَيئاً من المشاهَد فإنه لا يعلم الغيب ( فتعالى ) أي تَنَزّه الله وتقدّس ( عما يشركون ) به فهو سبحانه مُتَعالٍ عن أن يكون له شَريكٌ في الملك . قوله : ( فلا تضربوا لله الأمثال ) ينهى سبحانه عن ضرب الأمثال له . وضرب المثل هو تشبيه حال بحال ، وكان المشركون يقولون إن الله أجَلُّ من أن يعبده الواحد منا ، فلابد من اتخاذ واسطة بيننا وبينه فكانوا يتوسلون إليه بالأصنام ، وغيرها تشبيها له بملوك الدنيا . فنهى سبحانه عن ذلك لأنه سبحانه لا مثل له فلا يُمَثَلُ بِخَلقِه ولا يُشَبَه بهم ( إن الله يعلم ) أنه لا مِثْلَ له ( وأنتم لا تعلمون ) فَفِعْلُكُم هذا صدَر عن تَوَهُمٍ فاسِدٍ وخاطِرٍ باطِلٍ . ولا تعلمون أيضا ما في عبادة الأصنام من سوء العاقبة وقوله : ( قل ) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك دليل على أن القرآن كلام الله وأن النبي صلى الله عليه وسلم مُبَلِغٌ عن الله . ( إنما ) أداة حصر ( حرم ربّي الفواحش ) أي : جعلَها حَراماً والفواحش جَمعُ فاحِشَةٍ ، وهي ما تَناهَي قُبحُه من المعاصي ( ما ظهر منها وما بطن) أي : ما أعلن منها وما أسر ( والإثم ) كل معصية يتسبب عنها الإثم وقيل هو الخمر خاصة ( والبغي بغير الحق ) أي : الظلم المجاوز للحد والتعدي على الناس ( وإن تشركوا بالله ) أي : تجعلوا له شريكاً في العبادة . ( ما لم يُنزّل به سلطاناً ) أي : حجة وبرهانا . وهذا موضع الشاهد من الآية ( وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ) من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدا ونحو ذلك مما لا علم لكم به ، ومثل كما كانوا ينسبون إليه من التحليلات والتحريمات التي لم يأذن بها . الشاهد من هذه الآيات الكريمة : أن فيها نفى الشريك عن الله تعالى واثبات تفرده بالكمال ونفى والولد والمثل عنه سبحانه وأن جميع مخلوقاته تُنزِهُهُ عن ذلك وتقدسه . كما أن فيها إقامة الحجة على بطلان الشرك وأنه مَبنيٌ على جَهلٍ وخيال . وأنه سبحانه لامثل له ولا شبيه له . والله أعلم . ( يتبع ) ................... |
الساعة الآن 06:06 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com