![]() |
12 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
_ المتن : وقوله : ** ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير ** سورة الشّورىٰ 11 وقوله : ** إنّ الله نِعِمَّا يعظكم به إنّ الله كان سميعاً بصيراً ** سورة النّسآء 58 وقوله : ** ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شآء الله لا قوّة إلاّ بالله ** سورة الكهف 39 ** ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكنّ الله يفعل ما يريد ** سورة البقرة 253 وقوله : ** أُحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يُتلى عليكم غير مُحِلِّى الصّيدِ وأنتم حُرُم إنّ الله يحكم ما يريد ** سورة المائدة 1 وقوله : ** فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يُضلّه يجعل صدره ضَيّقاً حَرَجاً كأنّما يَصَّعَّدُ في السّماء ** سورة الأنعام 125 _ الشرح : ( ليس كمثله شيء ) أول الآية قوله تعالى : ( فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا ) قال الإمام ابن كثير في تفسيره : أي ليس كخالق الأزواج كُلِها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له . اهـ ( وهو السميع ) الذي يسمع جميع الأصوات ( البصير ) الذي يَرَى كلَ شيء ولا يَخفَى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . قال الإمام الشوكاني في تفسيره : ومن فهم هذه الآية الكريمة حق فهمها وتدبرها حق تدبرها مشى بها عند اختلاف المختلفين في الصفات على جادة بيضاء واضحة ويزداد بصيرة إذا تأمل معنى قوله : ( وهو السميع البصير ) فإن هذا الإثبات بعد ذلك النفي للمماثل قد اشتمل على بَرَد اليقين وشفاء الصدور وانثلاج القلوب فاقْدُر يا طالب الحق قَدْرَ هذه الحُجّة النَيّرَة والبرهان القوى ، فإنك تُحطم بها كثيرا من البدع وتُهَشم بها رُؤوساً من الضلالة وتُرغِم بها أنوف طوائف من المتكلمين ولاسيما إذا ضممت إليه قول الله تعالى : ( ولا يحيطون به علما ) . اهـ وقوله ( إن الله نعما ) قبله قوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) ( نعم ) من ألفاظ المدح و ( ما ) قيل نكرة موصوفة كأنه قيل نعم شيئا يعظكم به . وقيل إن ما موصولة ، أي نِعمَ الشيء الذي يعظكم به . وقوله : ( يعظكم ) أي يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بين الناس بالعدل وقوله : ( إن الله كان سميعا بصيرا ) أي أنه سبحانه سميع لما تقولون بصير بما تفعلون . الشاهد من الآيتين الكريمتين : أن فيهما إثبات السمع والبصر لله وفي الآية الأولى نَفْيُ مُماثَلَة المخلوقات ففي ذلك الجمع فيما وصَفَ وسَمّى به نفسَه بين النفي والإثبات . قوله ( ولولا إذ دخلت جنتك ) أي : هلاّ إذ دخلت بستانك ( قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) أي : إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها اعترافا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه . قال بعض السلف : من أعْجبَه شيءٌ فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله . وقوله : ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) أي : لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا ، لأنه لا يجرى في مُلْكه إلاّ ما يريد لا رادّ لحكمه ولا مبدل لقضائه . وقوله تعالى : ( أحلت لكم ) أي : أبيحت والخطاب للمؤمنين ( بهيمة الأنعام ) أي الإبل والبقر والغنم ( إلا ما يتلى عليكم ) استثناء من ( بهيمة الأنعام ) والمراد به المذكور في قوله : ( حرّمت عليكم الميتة ) سورة المائدة 3 الآية التي بعدها بقليل . وقوله : ( غير محلي الصيد وأنتم حرم ) استثناء آخر من بهيمة الأنعام . والمعنى : أُحلّت لكم بهيمة الأنعام كلها ، إلا ما كان منها وحشيا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام فقوله : ( وأنتم حرم ) في محل نصب على الحال والمراد بالحرم من هو مُحْرِمٌ بحج أو عمرة أو بهما ( إن الله يحكم ما يريد ) من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه . الشاهد من الآيات : أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله . ( فمن يُرد الله أن يهديَه ) أي : من شاء الله سبحانه أن يوفقه ويجعل قلبَه قابلا للخير و ( من ) : اسم شرط جازم و( يُردْ ) مجزوم على أنه فعل الشرط ( يشرح صدره للإسلام ) مجزوم بجواب الشرط والشّرْحُ الشَقّ وأصله التوسعة وشَرَحْتُ الأمرَ : بَينتُه ووضَحتُه والمعنى : يُوسِع الله صدرَه للحق الذي هو الإسلام حتى يَقبلَه بصدر مُنشَرِحٍ ( ومن يرد أن يضله ) أي : ومن شاء سبحانه أن يصرفه عن قبول الحق ( يجعل صدره ضيّقاً ) أي : لا يتسع لقول الحق ( حَرَجاً ) أي : شديد الضيق فلا يبقى فيه مَنْفَذٌ للخير وهو تأكيد لمعنى ( ضيّقا ) ( كأنما يصّعّد في السماء ) أصله يتصعد ، أي : كأنّما تَكَلّفَ مالا يُطيق مَرَةً بَعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء . شَبّه الكافرَ في ثِقَل الإيمان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء . الشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال . أي يريد الهداية ويريد الإضلال كَوْناً وقَدراً لِحكمَةٍ بالِغةٍ . فالإرادة الربانية نوعان : النوع الأول : إرادة كونيةٌ قَدَريةٌ وهذه مُرادفة للمشيئة ومن أمثلتها قوله تعالى ** وإذآ أردنآ أن نّهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ** سورة الإسراء 16 وقوله تعالى : ** وإذآ أراد الله بقوم سوٓءاً فلا مردّ له ** سورة الرّعد 11 وقوله : ** ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقاً حرجا ** . النوع الثاني : إرادة دينية شرعية ، ومن أمثلتها قوله تعالى : ** والله يريد أن يتوب عليكم ** الآية (27) النساء وقوله : ** ما يريد الله ليجعل عليكم مّن حرج ولـٰكن يريد ليطهّركم ** الآية (6) المائدة وقوله تعالى : ** إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ** الآية (33) الأحزاب الفرق بين الإرادتين : 1 - الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها وقد لا يحبها ولا يرضاها . _ والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها . _ فالله أرادَ المعصيةَ كَوْناً ولا يَرضاها شَرعاً . 2 - الإرادة الكونية مَقصودةٌ لغيرها ، كخلق إبليس وسائر الشرور ، لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المَحَابِ _ والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها . فالله أراد الطاعة كونا وشرعا وأحبها ورَضِيَها . 3 - الإرادة الكونية لابد من وقوعها _والإرادة الشرعية لا يَلزَم وُقوعُها فقد تقع وقد لا تقع . تنبيه : تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المُخْلِص المُطِيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي . تنبيه آخر : من لم يُثبِت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجَبْرية والقَدَرِية فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط . وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما . ( يتبع ) ................... |
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا طروحات مفيـــــــــــــدة
|
اقتباس:
|
الساعة الآن 06:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com