![]() |
يا مغرورا بالأماني !!
يا مغرورا بالأماني !! أين الذي جمعته من الأموال ، و أعددته للشدائد و الأهوال ؟! لقد أصبحت كفك منه عند الموت خالية صفراً ، و بدلت من بعد غناك و عزك ذلاً و فقراً فكيف أصبحت يا رهين أوزاره و يا من سلب من أهله و دياره ؟ ما كان أخفى عليك سبيل الرشاد ، و أقل اهتمامك لحمل الزاد ، إلى سفرك البعيد ، و موقفك الصعب الشديد أو ما علمت يا مغرور : أن لا بد من الارتحال ، إلى يوم شديد الأهوال ، و ليس ينفعك ثم قيل و لا قال بل يعد عليك بين يدي الملك الديان ، ما بطشت اليدان ، و مشت القدمان و نطق به اللسان ، و عملت الجوارح و الأركان فإن رحمك فإلى الجنان ، و إن كانت الأخرى فإلى النيران يا غافلاً عن هذه الأحوال . إلى كم هذه الغفلة و التوان ، أتحسب أن الأمر صغير . و تزعم أن الخطب يسير ؟ و تظن أن سينفعك حالك ، إذا آن ارتحالك ، أو ينقذك مالك ، حين توبقك أعمالك ، أو يغني عنك ندمك ، إذا زلت بك قدمك ، أو يعطف عليك معشرك ، حين يضمك محشرك كلا و الله ساء ما تتوهم و لا بد لك أن ستعلم . لا بالكفاف تقنع ، و لا من الحرام تشبع ، ولا للعظاة تستمع ، و لا بالوعيد ترتدع دأبك أن تنقلب مع الأهواء ، و تخبط خبط العشواء يعجبك التكاثر بما لديك ، و لا تذكر ما بين يديك يا نائماً في غفلة و في خبطة يقظان ، إلى كم هذه الغفلة و التوان أتزعم أن ستترك سدى ، و أن لا تحاسب غداً ، أم تحسب أن الموت يقبل الرشا ، أم تميز بين الأسد و الرشا كلا و الله لن يدفع عنك الموت مال ولا بنون و لا ينفع أهل القبور إلا العمل المبرور فطوبى لمن سمع و وعى ، و حقق ما ادعى ، و نهى النفس عن الهوى ، و علم أن الفائز من ارعوى ، و أن ليس للإنسان إلا ما سعى و أن سعيه سوف يرى فانتبه من هذه الرقدة ، و اجعل العمل الصالح لك عدة و لا تتمن منازل الأبرار ، و أنت مقيم على الأوزار ,عامل بعمل الفجار ، بل أكثر من الأعمال الصالحات ، و راقب الله في الخلوات . رب الأرض و السموات ولا يغرنك الأمل ، فتزهد عن العمل أو ماسمعت الرسول حيث يقول ، لما جلس على القبور : يا إخواني ، لمثل هذا فأعدوا ، أو ما سمعت الذي خلقك فسواك ، يقول : ( وتزودوا ، فإن خير الزاد التقوى ) و أنشدوا : تزود من معاشك للمعاد ==و قم لله و اعمل خير زاد و لا تجمع من الدنيا كثيراً ==فإن المال يجمع للنفاد أترضى أن تكون رفيق قوم ==لهم زاد وأنت بغير زاد ؟ و قال آخر : إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ==و لاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله ==و أنك لم ترصد كما كان أرصدا و قال آخر : الموت بحر طافح موجه ==تذهب فيه حيلة السابح يانفس إني قائل فاسمعي== مقالة من مشفق ناصح لا ينفع الإنسان في قبره ==غير التقى و العمل الصالح و قال آخر : أسلمني الأهل ببطن الثرى== و انصرفوا عني فيا وحشتا و غادروني معدماً يائساً== ما بيدي اليوم إلا البكا و كل ما كان كأن لم يكن ==و كل ما حذرته قد أتى و ذاكم المجموع و المقتنى== قد صار في كفي مثل الهبا و لم أجد لي مؤنساً ها هنا== غير فجور موبق أو نقا فلو تراني و ترى حالتي ==بكيت لي يا صاح مما ترى و قال آخر : و لدتك إذ ولدتك أمك باكياً ==و القوم حولك يضحكون سروراً فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا ==في يوم موتك ضاحكاً مسروراً التذكرة / القرطبي |
بارك الله فيكم ,,,
|
بارك الله فيكي
|
الساعة الآن 10:09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com