![]() |
المقامة الشفائية
هذه مقامة للشيخ عائض القرني اسمها المقامة الشفائية من كتابه المقامات
هذا جزء منها : بقي أيوب ، في البلايا والخطوب ، ماله مسلوب ، وجسمه منكوب ، فنادى علام الغيوب ،) أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ( ، فعاد من السالمين الغانمين . بشر من أصابه الوصب والنصب ، بقصور في الجنة من قصب ، إذا صبر واحتسب. لا تقل : آه ، ولكن قل : يا الله . كيف أشكو إلى طبيبي ما بي والذي قد أصابني من طبيبي إذا أصابك جرح ، فلا تقل أح ، لأن الصبر يقول هذا ما يصح ، ولا يستحق من شكا المدح . سبحان من أحبك فابتلاك ، ليسمع نجواك ، وليصعد إليه بكاك ، وترتفع إليه شكواك . قطعت منا على العهد رؤوس أشرقت في حب مولانـا النفوس نحن ما زلنا على العهد ولو كلما ذقنا من الهجر لظىً هنيئاً لك أنت على سرير التطهير ، وعلى كرسي التكفير ، ترعاك عناية اللطيف الخبير . الرحمة عليك تهبط ، والخطايا تسقط ، أدخلك الكير ، لتخرج ذهبا ، إذا سلب ما أعطى فطالما وهبا ، واعلم أنه يدخر لك أجراً عجيبا ، وثواباً طيبا . ما دام أنك منكسر القلب ، ملقىً على جنب ، فأنت قريب من الرب ، لا يغرنك المنافق فهو عير على شعير ، وبعير على شفا بير ، تأتي ضربته قاصدة ، ونفسه جامدة ، وروحه جاحدة ، فهو كشجرة الأَرْزة ، منتصبة ، متصلبة ، وفي لحظة وإذا هي متقلبة . أما أنت يا مؤمن فأنت كالخامة مع ريح الشمال ، مرة من يمين ومرة من شمال ، لأنك شجرة جمال وجلال . يا أيها المسلم المبتلى ، حظك اعتلى ، وثمنك غلا ، وغبار المعصية عنك انجلى . والله إنك أحب إلى ربك من المنافق السمين ، والفاجر البطين ، والعاصي الثخين ، كما أخبر الصادق الأمين . المنافق كالخروف ، يسمن للضيوف ، ثم يذبح بسكين الحتوف . والمؤمن جواد يضمّر ، ليقطع السير المقدّر ، ويصل إلى المحل الموقّـر . دع الشحم يذوب ، وتذهب الذنوب ، وتخشع النفس وتتوب ، ويعود القلب عودة حميدة ، وترجع الروح رجعة مجيدة . يا أهل الأسِرّة البيضاء ، هنيئاً لكم هذا البلاء ، وأبشروا بالشفاء . أو بمغفرة تغسل الأخطاء ، ورحمة أعظم من الدواء . المقامَة الشِّفائية المرض يذهب الكبر والبطر ، والعجب والأشر ، لأن الرزايا إلى الجنة مطايا ، والبلايا من الرحمن عطايا ، وإلى رضوانه مطايا ، ابتلاك بالأسقام ، ليغسل عنك الآثام . فافرح لأنه رشحك للعبوديّة ، لأن البلاء طريقة محمديّة ، يبتلى الناس الأمثل فالأمثل ، والأفضل فالأفضل ، والأكمل فالأكمل . إذا أحب الله قوماً ابتلاهم ، وطهّرهم وجلاّهم إنْ كان سركمو ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكمـو ألـمُ كان رسولنا r يوعك كما يوعك رجلان ، لأنه حبيب للرحمن ، كامل الإيمان ، تام الإحسان . مرض عمران بن الحصين ، الصحابي الأمين ، ثلاثين عاما ، حمل فيها أسقاما ، وذاق آلاما ، فقال له أصحابه ، وطلب منه أحبابه ، أن يدعو ربَّه ليكشف كربه ، قال : كلا أحبه إليّ أحبه إلى ربي ، ولعله يغفر ذنبي . وكانوا يفرحون بالبلية ، ويعدونها عطية ، ونفوسهم بمواقع القدر رضيـة ، ويرون المحنة منحة ، والترحة فرحة ، لأنهم تعرفوا على الخالق ، فعرفهم الحقائق . لعلَّ عتبك محمود عواقبه فربمــا صحـت الأجسـام بالعـلل اصبر على مرارة دواء المصيبة ، لترى أحوالاً عجيبة ، فعافيتك قريبة ، والرِّضا بمُرِّ القضا ، ولو على جمر الغضى ، وحرّ اللّظى . اسجد على الجمر في مرضاة مولاكا إياك أن تشتكي في الحبِّ إيَّاكا بوّابةُ البلاء ، لا يدخلها إلاّ الأولياء ، ويرد عنها الأدعياء ، واسأل عن ذلك تاريخ الأنبياء . البلاء أعظم لأجرك ، إذا قوي أيوب صبرك ، تريد الجنة بلا ثمن ، وأنت ما مرضت من زمن ، وفي غفلة العافية مرتهن . المرض صيحة تفتح الأسماع والأبصار ، وتذكر الأبرار ، وتنفض عن الصالحين الغبار ليكونوا من الأطهار الأخيار . المقامَة الشِّفائية إذا ابتلى الله العبد بالسقم ، وسلّط عليه الألم ، ثم شافاه مَنَّ عليه بلحم ودم ، وما شاء من نعم ، وإن توفاه غفر له ما تأخر وما تقدم ، من الذنب واللمم . إذا مرضت ذهب الظمأ بالغفران ، وابتلت العروق بالرضوان ، وثبت الأجر عند الديّان ، وهذّب القلب من الكبر والطغيان . كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى ، وإلى زينة الدنيا يصغى ، فعلم الله أن تهذيبه في تعذيبه ، وتقريبه في تأديبه . كلما ضرب العبد سوطا ، عاد إلى الله شوطا : يا نائماً فوق السـريـر ممرضاً مرت على آلامه أعوامُ أبشـر فإن الله زادك رفعة في كل مكروه أتى إكرامُ هذا المرض حماك من فعلة شنعاء ، ووقاك من داهية دهياء ، وكَفّر عنك آثار الفحشاء ، ورفرفت به روحك من الأرض إلى السماء . بالمرض يجول القلب في سماء التوحيد ، وتطير الروح في فضاء التجريد ، ويغسل البدن بماء الإنابة ، ويفتح الله للمريض بابه ، ويسارع إليه بالإجابة . عند المريض رسالة من ربه ، كتبت حروفها في قلبه ، فحواها : أحببناك فأدبناك ، وبالمرض قربناك ، وبالبلاء هذبناك . ويقبح من سواك الفعل عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا إبل الهدي تتقدم شوقاً للرسول r وبيده الحربة ، تنتظر منه الضربة ، لتذوق حلاوة الألم ، من كف سيد الأمم ، وأنت تتبرم بالبلاء ، وهو عتاب من رب الأرض والسماء : وقلتم معاذ الله أن يصرف الهوى لغيركمو مهما حملتم لنا عتبا فها نحن عاتبناكمو فإذا الهوى يخون وصرتم بعد هذا الهوى غضبى أيها المريض : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك . |
اللهم ارزقنا اعضم الاجر
وارزقنا بالصبر اللهم اجعلنا من الصابرين والمحتسبين وقلتم معاذ الله أن يصرف الهوى لغيركمو مهما حملتم لنا عتبا جزاك الله خير اختي طالبه رضا الله |
الساعة الآن 02:33 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com