![]() |
قصة جميلة وعبرة
القصة جميلة جدا و مؤثرة أقراها بتمعن * *أقرأوها وتمعنوا فيها... أثابكم الله وقد ذكرها ****الشيخ خالد الراشد كثيرا... ويُقال انها قصته الشخصية** : **لم أكن جاوزت** **الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك الليلة ... بقيت إلى آخر** **الليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة ****والتعليقات المحرمة... كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم** **يضحكون**. **أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد** .. **بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه.. أجل كنت أسخر من ****هذا وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي... صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من* * **لساني**. **أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى** **أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت ضحكتي ****تدوي في السّوق** .. **عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت ****في حالة يرثى لها.. قالت بصوت متهدج: راشد.. أين كنتَ ؟** **قلت ساخراً: في** **المريخ.. عند أصحابي بالطبع** .. **كان الإعياء ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها** : **راشد… أنا تعبة جداً .. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا** .. **سقطت دمعة صامته** **على خدها.. أحسست أنّي أهملت زوجتي.. كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي** .. **خاصة أنّها في شهرها التاسع* *. **حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة**.. **جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها* *.. **فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني** . **بعد** **ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني ****أسأل عن غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي** . **صرختُ** **بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم**. **قالوا، أولاً راجع الطبيبة** ... **دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالأقدار .. ثم قالت: ولدك به ****تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر** !! **خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي* *.. **تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس** . **سبحان الله** **كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثم تذكرت زوجتي وولدي** .. **فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي* *.. **لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء** **الله.. راضية. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس.. كانت تردد دائماً، لا* ***تغتب الناس** .. **خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به** **كثيراً. اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها **. * *كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم أستطع** **أن أحبّه** ! **كبر سالم.. بدأ يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ** **يحاول المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده ****عمر وخالداً** . **مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت **. **دائماً مع أصحابي. في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم** .. **لم تيأس زوجتي من** **إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت** **تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته* *. **كبر سالم وكبُر معه** **همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس* ***بمرور السنوات. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر**. **في يوم جمعة، استيقظت** **الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة** . **لبست وتعطّرت وهممت بالخروج. مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي ****بحرقة** ! **إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً. عشر ****سنوات مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه** **وأنا في الغرفة. التفت ... ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟** ! **حين سمع** **صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما بِه** **يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي. أين أنت منذ ****عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه** . **حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض** . **أتدري ما** **السبب!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة،** **خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب **.. **فبكى** . **أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية *** *كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم** !!.. **قال: نعم** .. **نسيت** **أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟** **قال: أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً** .. **قلت: لا ... بل أنا سأذهب بك** ... **دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي ** **وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن أخطو إلى** **المسجد - إي والله قال لي ذلك**. **لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد،** **لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات** **الماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف ****الأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه** .. **بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت* * **أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب منّي أن ****أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة ... حتى** **وجدتها**. **أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة ... وعيناه مغمضتان** ... **يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة* *!! **خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً** .... **أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت.. دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع* ***الاحتمال ... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة** ... **خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق **... **لم أشعر إلا ّ** **بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !! ضممته إلى صدري... نظرت ****إليه. قلت في نفسي... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجرونني** **إلى النار**. **عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل** **إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم* *.. **من ذلك اليوم لم تفتني صلاة** **جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقت* ***طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة** **الوتر. ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي ****وسخريتي من النّاس. أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة** **التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراه** **يظنّه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيراً على نعمه* *. **ذات يوم ... قرر أصحابي** **الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت* ***الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس** ! **فرحت كثيراً، بل** **شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً** . **توجهت** **إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً **... **تغيّبت عن البيت** **ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث* ***أبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنّيت سماع صوته... هو** **الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي ****بهم** . **كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة ****هاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها** .. **قلت لها: أبلغي سلامي** **لسالم، فقالت: إن شاء الله ... وسكتت**... **أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب** . **تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره** . **حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت ****البيت** . **استعذت بالله من الشيطان الرجيم* *... **أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها** **متغيراً. كأنها تتصنع الفرح** . **تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟** **قالت: لا** **شيء** . **فجأة تذكّرت سالماً فقلت ... أين سالم ؟** **خفضت رأسها. لم تجب. سقطت** **دمعات حارة على خديها** ... **صرخت بها ... سالم! أين سالم** ...* *؟** **لم أسمع حينها** **سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنّة ... عند الله** ... **لم** **تتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة **. **عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى** **المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه ... حين فارقت روحه جسده** ... **إذا ضاقت** **عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله** **إذا بارت** **الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله* *لا اله ****الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم* |
اقتباس:
جزاك الله خيرا أخي الكريم وجعل ما نقلت في ميزان حسناتك قصة مليئة بالعبر والموعظة .. |
جزاك الله خيرا
|
وجزاك اختي الفاضلة فهيمه
|
بارك الله فيكم
|
الساعة الآن 11:01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.