مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟
مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟
سُئِلَ الشَّيْخِ العَلاَّمة عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري : مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟ فأَجابَ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَىٰ : بِسْمِ الله ، والْحَمْدُ لله ، وصَلَّىٰ الله وسلَّم عَلىٰ نبيِّنا مُحمَّدٍ وعلىٰ آلهِ وصَحبهِ أَجْمعين . أَمَّا بَعْدُ : العُذرُ بالجهل للعلماء فيهِ قَولان : • أَحَدُهما : جواز العُذر بالجهل ، ولربَّما توسَّعوا . • والآخر : منعُ هٰذا ، وأَنَّه لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بالجهل في التَّوحيد . والَّذي ثبت عندي بالاسْتقراء أَنَّهُ يُعْذَرُ المَرءُ بالجَهْلِ فِي مَا يَخْفىٰ عَلَىٰ أَمْثَالِه ، حَتَّىٰ فِي العَقِيدَة ، فإِنَّ فِي الْقَدَر أُمورًا خَفِيَّة ، لَا يُدْرِكُهَا إِلَّا أَهْلُ الْعِلم ، عَوامِّ النَّاسِ لَا يُدْرِكونها . هٰذا الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدي فِي الْمَسْأَلة . وَذَكَرتُ الْقَدَر عَلىٰ سَبِيل المِثال ، وَفِي الصَّحِيح : « قِصَّة الرَّجلِ المُسْرِفِ عَلَىٰ نَفْسِه ، حِينَ قَرُبَ أَجَله أَوصىٰ بَنيهِ أَنْ إِذا مِتُّ احْرقوني ، ثُمَّ اسْحقُوني ، ثُمَّ ذَرُّوني ؛ فوالله ! لئِن قَدِرَ اللهُ عليَّ ليعذِّبني عَذابًا لا يُعذبه أَحَدًا مِنَ العَالَمين ؛ فَفعلوا بهِ وَصيته ، فأَحياهُ الله سُبحانهُ وتَعَالىٰ ، وقالَ : مَا حَمَلَكَ عَلىٰ ذٰلك ؟ قَالَ : خشيتُكَ يا ربِّ !، قالَ : قَدْ غَفْرتُ لك » (1) . فهٰذا مؤمنٌ باللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالىٰ . وأَوْصىٰ بما أَوْصىٰ بهِ خوفًا مِنَ الله ؛ وكانَ يظُنُّ أَنَّهُ إِذا فُعِلَ بِه هٰذا يُفْلِتُ مِن الله ؛ ولا يَبْعَثهُ الله ؛ فَــ عَفا اللهُ عنه ، وغَفَر له . فهو وإِنْ كانَ مؤمنًا بالله ، لـٰكنهُ خَفِيَ عليهِ هٰذا الفَرد مِن أَفرادِ القُدرة . وهو أَنَّ مَن أُحْرِقَ ، ثُمَّ سُحِقَ ، ثُمَّ ذَرَّ ، لا يَبْعثهُ الله . وهٰذا الصَّنيع لَو صنَعَهُ أَحَدٌ من العارفين الَّذين فقِهُوا العقيدَة فقهًا تامًّا ، وآمَنوا بالبعث علىٰ كلِّ حال ، وأَنَّ اللهَ يبعثُ مَن مَاتَ ، سواءً كان ماتَ حرقًا ، أَوْ غَرَقًا ، أَوْ هَدْمًا ، أَوْ أَكلتهُ السِّباع ، لو فَعَلَ هٰذا مَنْ كانَ كذٰلك - عَافَانَا الله وإِيَّاكُم - لكَان مِن نارٍ إِلىٰ نار !! لـٰكن ذٰلكم الرَّجل يَظُنُّ أنَّه لا يُبْعَث حينَ يُفْعَلُ بهِ هٰذا الفعل ؛ - واللهُ أَعلم - . وتتمَّةً أَقول : كثيرٌ مِنَ النَّاس مِن دُول الكُفرِ ، فِي الهند وأَمريكا ، وأُروبا ، ومجاهل أَفريقيا شَرقها وغَربها وجَنوبها ، يسْلموا علىٰ أَيدِي مُتَصوِّفة القُبورية ؛ يعبدون القُبور ، فيظنُّ هٰذا الَّذي أَسْلمَ عَلىٰ أَيدِيهم أَنَّ هٰذا مِن دين الله ؛ فهو مَعذور حتَّىٰ تَبْلغهُ الحِجَّة الرَّسَاليِّة . نعم . ..................................... (1) عَن أَبي هريرةَ ، عَن رَسول ِاللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : « أَسْرفَ رجلٌ علىٰ نفسِه ، فلمَّا حضَرهَ الموتُ أوصىٰ بنيه فقالَ : إِذا أَنا مِتُّ فأَحْرقوني ثمَّ اسْحقوني ثمَّ ذَرُّوني في الرِّيحِ في البَحرِ ، فواللهِ ! لئِن قَدِرَ عليَّ ربِّي ليعذِّبني عذاباً ما عذَّبه أَحداً ، قالَ : ففعلوا به ذٰلكَ ، فقالَ للأَرضِ : أَدِّي مَا أَخذتِ ، فإِذا هو قائمٌ ،فقالَ لهُ : مَا حمَلكَ عَلىٰ مَا صَنعْتَ ؟ قالَ : خشيتُكَ - أَوْ مخافتُكَ - يَا رَبِّ ! فَغَفَرَ له لذٰلكَ » . قال الشيخ الألباني : صحيح . صحيح سنن ابن ماجة ( 3 / 384 ) برقم : ( 4331 ) . |
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفيكم بارك الله شكر الله لكم مروركم الكريم رفع الله قدركم وأعلى نزلكم في جنات النعيم في رعاية الله وحفظه |
الساعة الآن 07:45 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com