كن جميلاً (التفاؤل)
كن جميلاً (التفاؤل) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد: يسير الإنسان في هذه الدنيا متقلباً بين ظروفها المختلفة، سرور وحزن، وعسر ويسر، وسقم وعافية، وقد يلاقي الغنى في لحظة مفاجئة، وقد يصطدم بالفقر في برهة مباغتة، وهذا هو حال الدنيا. ثمانية لابد أن تجري على الفتى ولابد أن تجري عليه الثمانية سرورٌ وحزنٌ واجتماعٌ وفرقةٌ وعسرٌ ويسرٌ ثم سقمٌ وعافية ونرى ممن هذا حاله من قد عمت الظلمة وجهه، وخيم البؤس بين عينيه، وتملك اليأس عليه، وكأن قد أطبقت السماء على الأرض وهو بينهما، فلا يفارقه الضيق، ولا يرتاح لصديق، ويرى الخلق كلهم قد تنكروا له حتى الشقيق، فلا يرى في الوجود شيئاً جميلاً، ولا يجد إلى النور سبيلاً، ولا يعلم إلى السعادة دليلاً، بل هو غارقٌ في آلامه، متخبطٌ في ظلامه، لا يبتسم من كثرة آلامه، قد أحاط اليأس به من فوقه وتحته، ويمينه وشماله، وخلفه ومن أمامه، فمعه أردنا أن نكون في هذه اللحظات، نخاطب فيها دينه، ونتكلم مع عقله، ونتحاور مع عينه التي يرى بها الحياة، علَّ ذلك أن يخفف عنه ما يجد، ويُذهب عنه ما يقاسي. فإليه وإلى كل من نظر إلى الحياة نظرة شؤمٍ، إلى كل من لا يعيش إلا في الظلام، إلى كل من يرى الشوكة في الزهرة فيرميها، ويحرم نفسه عبيرها، وجميل ما فيها؛ نقول له: "لا تيأس من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"، تفاءل بالخير تجده، عش لحظات شروق الشمس، وتأمل في مخلوقات الله، فستنتعش روحك، وتزكو نفسك {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ**1. أخرج من غرفتك المظلمة، وتأمل في معاني الحياة، ومسيرة الكون، انظر إلى الجديد كل اليوم، انظر نظرة المتفائل، ارجع البصر في الكون كرتين حتى ينتعش الإيمان في قلبك، وتزكو الروح في جسدك، فتقوم ذاكراً لله، عابداً له، ترجو رحمته، وتخشى عذابه {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ**2. قلِّب بصرك في الفضاء ألا ترى أن الله - تعالى - يقلب الليل والنهار، فما يأتي من ليل، ولا ظلمة، وما يغشى من بأس إلا وينجلي، ويأتي بعده صباحٌ مشرقٌ، وشمسٌ ساطعةٌ، ونورٌ عميمٌ {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ**3، {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً**4. مهما دجى الليل فالتاريخ أنبأني أن النهار بأحشاء الدجى يثب لا بد أن يكون المسلم متفائل، لا بد أن ينظر إلى الحياة نظرة أمل وفألٍ حسن، فلماذا نموت قبل أن يأتي الموت؟ ولماذا ننظر إلى الدنيا نظر المغشي عليه من الموت؟ المرض سيزول، والدَّين سيقضى، والهم سينجلي، والكرب سينكشف، وإن مع العسر يسراً. أي هذا الشـاكي ومـا بك داء كيف تغـدو إذا غدوت عليلا إن شر الجناة في الأرض نفـس تتوخى قبل الرحيـل الرحيلا وترى الشوك في الورود وتعمى إن ترى فوقـها الندى إكليلا هو عـبء على الحياة ثقيـل من يظن الحياة عبـئـاً ثقيلا والـذي نفسـه بغير جمـال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا ليس أشقى ممن يرى العيش مراً ويظـن اللذات فيـها فضولا أحكـم الناس في الحياة أنـاس عللوهـا فأحسنوا التـعلـيلا فتمتع بالـصبح ما دمت فـيه لا تخف أن يزول حتى تزولا وإذا ما أظـل رأسـك هـمٌ قصِّر البحث فيه كيلا يطولا أي هذا الشاكي وما بك داء كن جميلا تر الوجود جميلا وما هذه الحياة إلا ظلٌ زائلٌ، فلماذا كل هذا الجزع؟ ولماذا كل هذا الخوف؟ ولماذا كل هذا الهم والغم؟ ادع الله - عز وجل -، وانتظر الفرج، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا**7 عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يذكر له جموعاً من الروم، وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر: "أما بعد: فإنه مهما ينزل بعبدٍ مؤمنٍ من شدةٍ؛ يجعل الله بعدها فرجاً، وإنه لن يغلب عسرٌ يسرين، وإن الله - تعالى - يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ**8"9 يقول الشيخ ناصر العمر - حفظه الله تعالى -: "..والمتفائل لا يبني من المصيبة سجناً يحبس فيه نفسه، لكنه يتطلع للفرج الذي يعقب كل ضيق، ولليسر الذي يتبع كل عسر"10. اللهم اشرح صدورنا، وأصلح فساد قلوبنا، وارزقنا التفاؤل في حياتنا، وكن معنا ولا تكن علينا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وصل على محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. 1 سورة آل عمران (190). 2 سورة آل عمران (191). 3 سورة النور (44). 4 سورة الإسراء (12). 5 البخاري (575) بلفظه، ومسلم (3361). 6 البخاري (6951)، ومسلم (4832). 7 سورة الشرح (5-6). 8 سورة آل عمران (200). 9 كنز العمال (3/301). |
جزاك الله الجنة.
|
للرفع..................
|
التفاؤل يضئ النفس ويعيد لها نضارتها وحيويتها لتشعر بنعم الله ورحمته.
(جزاك الله خيرآ ونفع بك) |
للرفع........
|
أحسن الله إليك أخي رضا وجزاك الله كل خير.
|
بارك الله فيكم جزاكم الله خيرالجزاء واثابكم الله من نعمه ظاهرة وباطنه وفقنا الله وآياكم إلى ما يحب ويرضى |
الساعة الآن 11:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com