منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=122)
-   -   أخترت لكم ...من كتاب (صيد الخاطر )... (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=27309)

أسامي عابرة 25-04-2009 11:56 PM

أخترت لكم ...من كتاب (صيد الخاطر )...
 

رأيت أن أضع المقدمة التالية أني وجدتها مفيدة لمن يهوى التفكر والكتابة


بسم الله الرحمن الرحيم
وبه المستعان وعليه التكلان

قال الشيخ الإمام العالم أبو الفرج؛ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي رحمة الله عليه: الحمد لله حمداً يبلغ رضاه، وصلى الله على أشرف من اجتباه، وعلى من صاحبه ووالاه، وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه.
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها، ثم تعرض عنها فتذهب، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: قيدوا العلم بالكتابة.
وكم قد خطر لي شيء، فأتشاغل عن إثباته فيذهب، فأتأسف عليه.
ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكر، سنح له من عجائب الغيب، ما لم يكن في حساب، فأنثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه، فجعلت هذا الكتاب قيداً - لصيد الخاطر - والله ولي النفع، إنه قريب مجيب.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:12 AM

فصل بين اليقظة والغفلة

قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة ! فتدبرت السبب في ذلك، فعرفته.
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها، لسببين.
أحدهما: أن المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها.
والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟!.
وهذه حالة تعم الخلق، إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر.
فمنهم من يعزم بلا تردد، ويمضي من غير التفات، فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة !.
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً، فهم كالسنبلة تميلها الرياح !.
وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كما دحرجته على صفوان.... !!.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:20 AM

فصل روابط النفس بالدنيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جواذب الطبع إلى الدنيا كثيرة ثم هي من داخل، وذكر الآخرة أمر خارج عن الطبع، من خارج.
وربما ظن من لا علم له أن جواذب الآخرة أقوى، لما يسمع من الوعيد في القرآن.
وليس كذلك. لأن مثل الطبع في ميله إلى الدنيا، كالماء الجاري فإنه يطلب الهبوط، وإنما رفعه إلى فوق يحتاج إلى التكلف.
ولهذا أجاب معاون الشرع: بالترغيب والترهيب يقوى جند العقل.
فأما الطبع فجواذبه كثيرة، وليس العجب أن يغلب، إنما العجب أن يغلب.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:21 AM

فصل تقدير العواقب
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها، نال خيرها، ونجا من شرها.
ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة وبالنصب ما رجا منه الراحة.
وبيان هذا في المستقبل، يتبين بذكر الماضي، وهو أنك لا تخلو، أن تكون عصيت الله في عمرك، أو أطعته.
فأين لذة معصيتك ؟ وأين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كل بما فيه ! فليت الذنوب إذ تخلت خلت ! وأزيدك في هذا بياناً: مثل ساعة الموت، وأنظر إلى مرارة الحسرات على التفريط، ولا أقول: كيف تغلب حلاوة اللذات، لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلاً، فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم.
أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه ؟ فراقب العواقب تسلم، ولا تمل مع هوى الحس فتندم.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:24 AM

فصل متاع الغرور

من تفكر في عواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر.
ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه " وتخشى الناس واللّه أحق أن تخشاه " .
تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن.
أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك، عما قد خبىء لك.
تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلاً عن قرب الألم.
لقد أراك مصرع غيرك مصرعك، وأبدى مضجع سواك - قبل الممات - مضجعك.
وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:
كأنّك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر !
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ... محاها مجال الرّيح بعدك والقبر !
كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل !.
وكم شاهدت والي قصر، وليه عدوه لما عزل !.
فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم ولا يدري...
وكيف تنام العين وهي قريرة ؟ ... ولم تدر من أيّ المحلين تنزل ؟


أسامي عابرة 26-04-2009 12:26 AM

فصل لا تحم حول الحمى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة. ومن ادعى الصبر، وكل إلى نفسه.
ورب نظرة لم تناظر !.
وأحق الأشياء بالضبط والقهر، اللسان والعين.
فإياك إياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى، مع مقاربة الفتنة. فإن الهوى مكايد.
وكم من شجاع في صف الحرب اغتيل فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه ! واذكر حمزة مع وحشي.
فتبصّر ولا تشم كلّ برقٍ ... ربّ برقٍ فيه صواعق حين
واغضض الطرف تسترح من غرام ... تكتسي فيه ثوب ذل وشين
فبلاء الفتى موافقة النف ... س وبدء الهوى طموح العين

أسامي عابرة 26-04-2009 12:27 AM

فصل حالة القلب مع العبادة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعظم المعاقبة أن لا يحس المعاقب بالعقوبة. وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة، كالفرح بالمال الحرام، والتمكن من الذنوب.
ومن هذه حاله، لا يفوز بطاعة.
وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها، ومعظمها من قبل طلبهم للرياسة.
فالعالم منهم، يغضب إن رد عليه خطؤه، والواعظ متصنع بوعظه، والمتزهد منافق أو مراء.
فأول عقوباتهم، إعراضهم عن الحق شغلاً بالخلق.
ومن خفي عقوباتهم، سلب حلاوة المناجاة، ولذة التعبد.
إلا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات، يحفظ الله بهم الأرض، بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى، وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى، وهممهم عند الثريا، بل أعلى.
إن عرفوا تنكروا، وإن رئيت لهم كرامة، أنكروا.
فالناس في غفلاتهم، وهم في قطع فلاتهم، تحبهم بقاع الأرض، وتفرح بهم أملاك السماء.
نسأل الله معز وجل التوفيق لاتباعهم، وأن يجعلنا من أتباعهم.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:28 AM

فصل دعوة إلى علو الهمة


من علامة كمال العقل علو الهمة ! والراضي بالدون دنيء !!.

ولم أر في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام

أسامي عابرة 26-04-2009 12:31 AM

فصل المحبة الإلهية

سبحان من سبقت محبته لأحبابه، فمدحهم على ما وهب لهم، واشترى منهم ما أعطاهم، وقدم المتأخر من أوصافهم، لموضع إيثارهم، فباهى بهم في صومهم، وأحب خلوف أفواههم.
يا لها من حالة مصونة لا يقدر عليها كل طالب ! ولا يبلغ كنه وصفها كل خاطب.

أسامي عابرة 26-04-2009 12:32 AM

فصل دوام اليقظة


الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه، ولا يدري متى يستدعى ؟.
وإني رأيت خلقاً كثيراً غرهم الشباب ونسوا فقد الأقران، وألهاهم طول الأمل.
وربما قال العالم المحض لنفسه: أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غداً فيتساهل في الزلل بحجة الراحة، ويؤخر الأهبة لتحقيق التوبة، ولا يتحاشى من غيبة أو سماعها، ومن كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع.
وينسى أن الموت قد يبغت فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه. فإن بغته الموت رئي مستعداً، وإن نال الأمل ازداد خيراً.


الساعة الآن 03:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com