منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ( && الحزن والاكتئاب : الأسباب ... والعلاج && ) !!! (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=11780)

أبو عبد الرحمن اليوسف 26-05-2007 02:05 AM

( && الحزن والاكتئاب : الأسباب ... والعلاج && ) !!!
 
الحزن والاكتئاب :الأسباب .. والعلاج ..

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أمَّـا بعـــد :

فإنَّ الـحُزْنَ والاكتئاب : لفظان بمعنى واحد، ويختلفان في الشدة والمدة الزمنية .
فالحزن في الوضع العربي :حزن الرجل حُزْناً،وحزَنَاً ، بمعنى اغتمَّ .
وأما الاكتئاب : فيقال: كَئِبَ الرجل؛ أي: تغيرت نفسه،وانكسرت من شدة الهم والحزن .
فالكآبة والاكتئاب :هو الحزن الشديد .
والحزن : وجوده في الإنسان ضروة فطرية،وضده الفرح والسرور.
والحزن لمَّا كـان فطرياً فهو ينتاب كل إنسان عندما يصيبه شيء من متاعب الحياة وآلامها ، ولا يسثنى من ذلك أحد من البشر .
والأمثلة على ذلك كثيرة ،منها :
حزن أمِّ موسى،وحزن الأنبياء،وحزن يعقوب على يوسف عليهما السلام،وحزن نبينا صلى الله عليه وسلم على قومه عندمالم يستجيبوا له،فقال سبحانه : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)سورة آل عمران،الآية:176.
وقال سبحانه: ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)سورة الشعراء ، الآية:3 .
ومن الصحابة:حزن أبي بكر-رضي الله عنه-في حادثة الهجرة،يقول سبحانه: ( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)سورة التوبة،الآية:40 .
ويقول عكرمة-رحمه الله- : (ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ،ولكن اجعلوا الفرح شكراً ، والحزن صبراً ) .
فالحزن يحصل لكلِّ الناس ،لكنه قضية وقتية،وإذا ما استمر وطال وقته صار اكتئاباً .
أعراض مرض الاكتئاب :
تتمثل أعراض الاكتئاب بالشعور بالحزن والضيق ، ويسميه بعض الناس ( كتمة ) أو (ضيق في الصدر) ويصاحبه بكاء ، وعدم شهية للطعام، وقلة الرغبة في فعل أي شيء، والمصاب بالاكتئاب تقل إنتاجيته ، ويقل تركيزه ، ويبدأ بالشعور بالنسيان، وقد يفكر في أن هذه الحياة لا تساوي شيئاً ، وأنه هو نفسه حقير لا يساوي شيئاً ، وأن هذه الدنيا لا تستحق أن يعيش فيها الإنسان ، وقد يتمنى الموت ويفكر في الانتحار .
ويصحب ذلك اضطرابات في النوم، وانخفاض في الوزن ، وقد يتوهم المريض بوجود أمراض معينة لديه .
وفي مقال للدكتور سعد الأمارة،يقول فيه: ( أجمع معظم الأطباء على أنَّ أعراض مرض الاكتئاب تتمثل في :

- الانقباض واليأس والقنوط وهبوط الروح المعنوية، والحزن العميق والبكاء دونما سبب، مع التشاؤم والتبرم بأوضاع الحياة .

- بطء التفكير والاستجابة والحركة،ثم الانطواء والوحـدة والانعزال والصمت، والشرود والذهول .

- عدم الاهتمام واللامبالاة بالمحيط ومن حوله،وقصور الدوافع والميول .

- الشعور بعدم القيمة واحتقار الذات،والشعور بالخطايا والذنوب ، وطلب العقاب ، ومحاولة الانتحار .

- الشعور بالضيق وانقباض النفس،وفقدان الشهية للطعام والإمساك .

- الصداع والتعب وضعف النشاط العام .

- الأرق وقلة النوم ، وإذا نام فانه يستيقظ مبكراً .

- توهم المرض والانشـغال على الصحة والاعتقاد بأنَّ مرضه عضال وميؤوس منه ) .

ويرى الدكتور علي كمال،كما في كتابه : النفس(1/255) بأن أعراض الاكتئاب تنحصر في :

( الاحتقار 84 % - الضجر 72% - الشكوى الجسمية 60% - عدم التركيز الذهني 44% - البكاء 36% - الخوف 36% -القلق 52% - الأرق 52% - اضطراب الشهية 52% -الانفعال 52% - التعب 52% - عدم الاستقرار 44% - التشاؤم 38% وتمثل هذه النسب مدى شدة الأعراض لدى مريض
الاكتئاب،وتتباين الحالة المرضية من خلال أعراضها، فعندما تزداد حالات القلق المصاحب للاكتئاب، يسمى بالقلق الاكتئابي، وعند ما تزداد حالات النحول والخمول، يسمى المرض بالاكتئاب النحولي ) .

بقلم أبي عبد الرحمن اليوسف
السبت / 9جمادى الأولى /سنة 1428

يتبع إنْ شاء الله تعالى .

العفيفه 26-05-2007 02:26 AM

جزاك الله خير

فاديا 26-05-2007 06:19 AM

جزاك الله خيرا وبارك الله فيما كتبت اخي الفاضل ومشرفنا القدير ابو عبد الرحمن اليوسف

أبو البراء 26-05-2007 07:18 AM


بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( أبو عبدالرحمن اليوسف ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو عبد الرحمن اليوسف 26-05-2007 03:55 PM

جزاكم الله كل خير ، ونفع بكم المسلمين ..

أبو عبد الرحمن اليوسف 26-05-2007 03:58 PM

الحلــــــــــقة الثانيــــــــــــــــــــــــــــة


( أسباب الاكتئـاب )


الباحثون في أسباب الاكتئاب تنوعت عباراتهم في المؤثرات والأسباب الداعية إلى وجود الاكتئاب،فكثير منهم ذهب إلى أن الأسباب الموجدة للاكتئاب :
إنما هي نفسية لظروف الحياة وآلامها ..والبعض الآخر يرى:أن الموجد هو بعض الأمراض العضوية .. وهناك من يرى أن من الموجدات للاكتئاب : عامل الوراثة ..وآخرون يرون أنَّ ذلك بسبب تعاطي بعض الأدوية ،والمخدرات.. وما تقدم : هو قول جمهور الأطباء النفسانيين .
ويرى علماء السلوك والأخلاق ،ومن له نظرة إسلامية من أطبائنا : أنَّ السبب الأهم لمرض الاكتئاب هو: الفراغ الإيماني ،والبعد عن طاعة الله تعالى،وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ،والتهاون بتعاليم الشريعة،وكثرة الذنوب والمعاصي ..
وجمعاً بين الأقوال السابقة يمكن تقسيم الأسباب إلى قسمين :
أ- أسباب خارجية . ب- أسباب داخـلية .
فمن الأسباب الخارجية :
1- الذنوب والمعاصي :
للذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة،والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ،مالا يعلمه إلاَّ الله جلَّ جلاله ، فبشؤم وجودها وكثرتها تكثر الأمراض والآفات :

قال الله تعالى : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)سورة الإسراء،الآية:16.
ويقول سبحانه : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) سورة النحل،الآية:112.

وأخــرج ابن ماجـة في السنن وغـيرُه عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قال:
أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاليا معشر المهاجرين!خمس خصال إذا ابتليتم بهن،وأعوذ بالله أن تدركوهن:لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشافيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا،ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة،وجور السلطان عليهم،ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء،ولولا البهائم لم يمطروا،ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم،وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله،ويتخيَّروا مما أنزل الله،إلا جعل الله بأسهم بينهم ) قوله:يتخيروا :أي يطلبوا الخير،أي وما لم يطلبوا الخير والسعادة مما أنزل الله.السلسلة الصحيحة: (1/169) .

وروى الحـاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه-رضي الله عنه-قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم : (ما نقض قـوم العـهد قـط إلا كان القتل بينهم،وما ظهرت فاحشة في قوم إلا سلط اللهُ عزَّ وجلَّ عليهم الموت،ولا منع قومٌ الزكاة إلا حَبسَ اللهُ عنهم القطر ) السلسلة الصحيحة: (رقم:107) .
وعن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قرية،فقد أحلُّوا بأنفسهم عذابَ الله ) صحيح الترغيب: (2/377) .
وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : ( ما ظـهر في قـومٍ الزِّنا والرِّبا،إلاّ أحـلُّوا بأنفسهم عذاب الله ) صحيح الترغيب: (2/377) .
قـال الإمام ابن القيم في زاد المعاد(4/362-363):
(ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه،يعرف أن جميع الفساد في جوِّهِ ونباته وحيوانه،وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه .
ولم تـزل أعمال بنى آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص،ما يجلب عليهم:من الآلام والأمـراض والأسقام والطواعين،والقحوط والجـدوب،وسلب بركـات الأرض وثمـارها ونبـاتها ،وسلب منافعها أو نقصانها أموراً متتابعة يتلو بعضُها بعضاً .
فإن لم يتسع علمك لهذا،فاكتف بقوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) سورة الروم: (آية:41)ونزِّلْ هذه الآية على أحوال العالم،وطابق بين الواقع وبينها،وأنت ترى كيف تحـدث من تلك الآفات والعلل كلَّ وقت في الثمار والزرع والحيوان؛وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أُخرُ متلازمة،بعضها آخذ برقاب بعض .
وكلَّما أحـدث الناس ظلماً وفجوراً،أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى: من الآفــات والعــلل في أغذيتهم وفواكههم،وأهويتهم ومياههم،وأبدانهم وخلقهم،وصورهم وأشكالهم،وأخلاقهم من النقص والآفات،ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم .
ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكبر مما هي عليه اليوم،كما كانت البركة فيها أعظم .
وقد روى الإمام أحمد بإسناده : ( أنه وجد في خزائن بعض بني أمية،صرةٌ فيها حنطة أمثال نوى التمر،مكتوب عليها هذا كان ينبُتُ أيام العدل ) . وهذه القصة ذكرها في مسنده على أثر حديث رواه .

وأكثر هذه الأمراض والآفات العامَّة،بقيَّة عَذابٍ عُذِّبت به الأمم السالفة،ثم بقيت بقيةٌ منها بقيةً مرصـدةً لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم حَكَمَاً قِسطاً،وقضاءً عدلاً،وقد أشـار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله في الطـاعون : (إنه بقية رجز،أو عذاب أرسل على بني إسرائيل) .
وكـذلك : سلـط الله سبحانه وتعالى الريح على قومٍ سبع ليال وثمانية أيام،ثم أبقى في العالم منها بقيَّةً في تلك الأيام،وفي نظيرها:عظةٌ وعبرة .
وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتـضيات لآثارها في هذا العالم،اقتضاءً لا بد منه:فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة،سبباً لمنع الغيث من السماء والقحط والجدب .
وجـعل ظلم المساكين،والبخس في المكاييل والموازين،وتعدي القوي على الضعيف سبباً لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا،ولا يعطفون إن استعطفوا،وهم في الحقيقة أعمال الرعايا:ظهرت في صور ولاتهم .

فإن الله سبحانه بحكمته وعدله،يظهر للناس أعمالهم في قـوالب وصـور تناسبـهم: فتارة بقحـط وجدب،وتارة بعـدوٍّ، وتارة بولاة جـائرين، وتارة بأمـراض عامــة، وتارة بهموم وآلام وغموم تحصرها نفوسهم لا ينفكون عنها،وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم،وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزُّهم إلى أسباب العذاب أزَّا لتَحِقَّ عليهم الكلمة،وليصير كلٌّ منهم إلى ما خلق له.
والعاقل يُسَيُّر بصيرتَه بين أقطار العالم:فيشاهده وينظر مواقع عدل الله وحكمته .وحينئذ:يتبين له أن الرُّسل وأتباعهم خاصةً على سبيل النـجاة؛وسائر الخلق على سبيـل الهـلاك سائرون،وإلى دار البوار صـائرون.والله بالغ أمره لا معقب لحكمة ولا رادَّ لأمره.وبالله التوفيق ) .

وقال-رحمه الله- في مدارج السالكين: (1/500) :
(وعرفنا بالتجارب: أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم،وفشت فيهم ،واشتغلوا بها:إلا سلـط الله عليهم العدو،وبلوا بالقحط والجدب،وولاة السوء .والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر.والله المستعان ) .

وذكر في كتابه الطرق الحكمية(ص407) :
(ولا ريب أن تمـكين النساء من اختلاطهنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليَّةٍ وشرٍّ،وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامَّة،كما إنه:من أسباب فساد أمور العامة والخاصَّة .
واختلاط الرجال بالنساء:سَببٌ لكثرة الفواحش والزِّنا،وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .

فمن أعظم أسباب الموت العام:كثرةُ الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهنَّ بالرجـال،والمشي بينهم متبرجات متجملات،ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين،لكانوا أشدَّ شيءٍ مَنْعاً لذلك ) .


يتبع إنْ شاء الله تعالى .

أبو البراء 26-05-2007 04:05 PM


بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( أبو عبدالرحمن اليوسف ) ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو عبد الرحمن اليوسف 30-05-2007 05:06 AM

الحلـــــــــــــــقة الثالثــــــــــــــــــة :


ومن آثار الذنوب والمعاصي :أنها تورث الوحشة في قلب العبد وضيق صدره :

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- :

( ومن أعظم أسباب ضيق الصدر: الإعراض عن الله ،وتعلق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره ، ومحبة سواه ؛ فإن من أحب شيئاً غير الله عُذِّب به،وسجن قلبه في محبة ذلك الغير ، فما في الأرض أشقى منه ،ولا أكسف بالاً،ولا أنكد عيشاً، ولا أتعب قلباً .

فهما محبتان :محبة هي جنة الدنيا وسرور النفس ولذة القلب ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها ، بل حياتها وقرة عينها ، وهي محبة الله وحده بكل القلب، وانجذاب قوى الميل والإرادة والمحبة كلها إليه، ومحبة هي عذاب الروح وغم النفس وسجن القلب وضيق الصدر ، وهي سبب الألم والنكد والعناء ، وهي محبة ما سواه سبحانه ) زاد المعاد(2/25) .

ومن عقوبات المعاصي والآثام :انتشارُ الأمراض النفسيّة بين أفراد المجتمع، وحلولُ المخاوف والقلق والاكتئاب، وحصولُ الهمّ والضجر ..

وذلك لأن الذنوبَ تَصرِف القلوبَ عن صحّتها واستقامتها إلى مرضها وانحرافها، فـلا يزال القلبُ مريضاً معـلولاً لا ينتفع بالأغذية التي بها حياتُه وصلاحُه،فتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان،بل الذنوبُ أمراضُ القلوب وداؤها، ولا دواء لها إلا بتركها .

قال جـلَّ وعلا: ( إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍوَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) سورة الانفطار،الآية:13-14.

قال ابن القيم : (ولا تحسبنَّ أنّ النعيم في هذه الآية مقصورٌ على نعيم الآخرة وجحيمها فقط،بل في دورهم الثلاثة هم كذلك،-أعني:دار الدنيا ودار البرزخ ودارَ القرار- فهؤلاء أي: أصحاب الطاعة- في نعيم، وهؤلاء -أصحابُ العصيان- في جحيم،وهل النعيم إلاَّ نعيمُ القلب؟! وهل العذاب إلا عذاب القلب؟! وأيّ عذابٍ أشدّ من الخوف والهمّ والحزن وضيق الصدر) الداء والدواء (79) .
فأهلُ الطاعة والتقوى في مأمن من الهموم والغموم،وفي بعد عن الضجر والقلق،ذلك بأنهم حقّقوا طاعةّ الله،واجتنبوا معاصيَه، فربنا جلَّ وعـلا يقول: ( فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة الأنعام:48 .

ويقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) سورة الأحقاف،الآية:13.

أمَّا المُعْرِضُ عن طاعة ربه وسيده ومولاه ،فهو في هموم متلاحقه،وأحزان متتابعة،وقلق مستمر ..وتراه في وحشة دائمـة يجـدها في قلبـه بينه وبين الله سبحانه لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلاً،ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها، لم تف بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يحس به إلاَّ مَن في قلبه حياة ،وما لجرح بميت إيلام،فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة ،لكان العاقل حَرِيّاً بتركها.
شكا رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه، فقال له:


إذا كنتَ قد أوحشتك الذنوب ... فـدعـها إذا شئتَ واستأنسِ



وليس على القلب أمرُّ من وحشة الذنب على الذنب.

يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله- مُبَيِّناً بعض أضرار الذنوب: (ومنها : ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا ادلهمَّ،فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره،فإن الطاعة نور،والمعصية ظلــمة،وكلَّما قويت الظلمة ازدادت حيرته،حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر،كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سواداً في الوجه،حتى يراه كل أحد .
قـال عبد الله بن عباس-رضي الله عنه-: (إنَّ للحسنة ضياءً في الوجه ،ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق، وقوة في البدن،ومحبة في قلوب الخلق، وإنَّ للسيئة سواداً في الوجه،وظلمة في القبر والقلب ،ووهنا في البدن ،ونقصاً في الرزق ،وبغضة في قلوب الخلق ) .
ويقول سبحانه: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىقَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراًقَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) سورة طـه،الآية:124-126 .

فالمعرض عن طاعة الله تعالى وذكره والرغبة إليه : حياته ومعيشته لا تكون إلا مضيقة عليه ، منكدة ،معذباً فيها .

يتبع إنْ شاء الله تعالى .

فاديا 30-05-2007 06:13 AM

جزاك الله خيرا اخونا الفاضل عبد الرحمن اليوسف ومتابعين معك بإذن الله

أبو البراء 30-05-2007 07:06 AM


بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0


الساعة الآن 03:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com