منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر السيرة النبوية والأسوة المحمدية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=117)
-   -   ّّّّّّّ&(وصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم)& (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=31590)

عطر 06-10-2009 11:30 PM

ّّّّّّّ&(وصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم)&
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وصف الحبيب صلى الله عليه وسلم

: بسم الله الرحمن الرحيم ... إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى لله عليه وعلى آله وأصحابه ، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..
فثباتكم على ما أنتم فيه من العمل والجمع بين العمل والتقوى هو الواعظ الأول لكل من يحضر إليكم ، وبداية أيها المباركون كلنا يسمع المؤذن يقول : أشهد أن محمدا رسول الله لكن أحدا منا لم تكتحل عيناه حقيقة في غير المنام برؤيته صلوات الله وسلامه عليه ،مع أن الله جل وعلا جعلنا أجمعين برحمته من أتباع دينه وهذا شرف عظيم وموئل كريم .
ومـما زادنـي شرفا وتـيــها
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
و أن صيرت أحمد لي نبـيا

والمسلمون لا يمكن أن يتم إسلامهم حتى يجتمع في قلبهم محبة وإجلال رسولهم صلى الله عليه وسلم ، لأن اتباعه في أمره ، واجتناب ما نهى عنه إنما متفرع في الأصل عن محبته ، فالإنسان منا يطيع الطبيب ولو كان الطبيب كافرا فيما يأمره من طعام أن يأكله ، وطعام أن يجتنبه ، ودواء أن يسقيه لكن لا يعني ذلك أنه يحمل في قلبه شيء من المودة لذلك الطبيب ، لكن لا يمكن أن يتم ولا يقبل إيمان عبد ما لم يكن ذلك العبد محبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إن تلك المحبة من دين الرب تبارك وتعالى فهي شرعة ومنحة ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين " هذا النبي الكريم بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل ودروس من الكتب ، فهدى به من الضلالة ، وعلم به من الجهالة ، صلوات الله وسلامه عليه ، جملة ما ورد في وصفه عليه الصلاة والسلام يمكن إجماله فيما يلي :
كان عليه السلام سبط الشعر – ومعنى سبط الشعر أي أن شعره لم يكن مسترسلا ناعما ولا ملتويا .
في جبينه عرق يدره الغضب ، إذا غضب في ذات الله ، يمتلأ هذا العرق دما.
كما كان صلى الله عليه وسلم أشم الأنف ، دقيق حواجب العينين غير مقترنين – أي أن حاجبيه غير ملتصقين ، طويل أشفار العينين ، كبير الفم ، كث اللحية ، أبيض مشربا بالحمرة ، الشيب فيه ندرة ، شيب في صدغه الأيمن ، وشيب في صدغه الأيسر ، وشيب متفرق يسيرا في شعره ، وأكثر شيبه هاهنا في عنفقته ، أسفل شفته السفلى صلوات الله وسلامه عليه .
من رآه من بعيد هابه ومن خالطه أحبه ، كأن عنقه إبريق فضة ، من هذه الوَهْدَة الثغرة التي في النحر إلى سرته شعر ممتد على هيئة خيط ، ليس في بطنه ولا صدره شعر سواه ، يعبر عنه في كتب السيرة عاري شعر البطن والصدر يقال عنه: " دقيق المسربة "على هيئة خيط من وهدة نحره إلى سرته صلوات الله وسلامه عليه ، سواء البطن والصدر بعيد ما بين المنكبين ، ما بين كتفيه من الخلف شعيرات سود اجتمعت بعضهن إلى بعض كأنهن بيضة حمامة تعرف بخاتم النبوة .
ضخم الكراديس : أي عظام المفاصل ، إذا مشى يمشي يتكفأ تكفأ كأنما ينحدر من مكان عالي بمعنى أنه يتكأ على أمشاط قدميه أكثر مما يتكأ على كعبيه صلوات الله وسلامه عليه ، إذا أشار أشار بيده كلها ، وإذا تعجب من شيء قلب كفيه وقال :" سبحان الله ". وعند البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح أنه إذا تعجب من شيء عض على شفتيه صلوات الله وسلامه عليه ، قال جابر ابن سمرة – أحد صغار الصحابة - : " خرجت في ليلة أضحيان - أي في ليلة القمر فيها مكتمل - فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء فجعلت أنظر إلى البدر وأنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فله عندي أجمل من القمر " وقيل لربيع بنت معوذ قال لها محمد ابن عمار : يا أماه صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : "يا بُني لو رأيته لرأيت الشمس طالعا".
هذا النبي الكريم ولد وقد كان أبوه قد مات وهو حمل فأول من ألقمه ونال شرف رضاعته أمه آمنة ، ثم نالت شرف رضاعته مولاة لأبي لهب يقال لها ثويبة ، ثم استُرضع عليه الصلاة والسلام في بادية بني سعد ، ثم لما أتم ست سنين ماتت أمه فأصبح في شيء من العاطفة لم يفرغ بعد فانصرفت العاطفة إلى الجد فمات الجد بعد سنتين من وفاة الأم وكان الأب كما حررنا قد مات قبل ، فأصبح قلبه ليس مفرغ العاطفة ولا الميل لأي أحد لأنه مازالت مكنوزة ، فاختار الله قلب نبيه له جل وعلا ، ولما بلغ الأربعين نبأ بإقرأ أول الأمر ، ثم أرسل بالمدثر ، نبأ باقرأ أي أصبح نبيا يتعامل مع الوحي ، يأتيه الملك ، وأرسل بالمدثر أي طولب لأن يحمل البلاغ للناس وإلا لو قرأت فواتح إقرأ : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1** خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2** اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3** الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4** عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) تلحظ أنها تختص بشخصيته ، ونيله شرف النبوة ، لا علاقة لها بالآخرين ، لكن الله قال بعد ذلك : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1** قُمْ فَأَنذِرْ {2** وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{3**) فقام صلى الله عليه وسلم بالدعوة خير قيام ،
مرت عليه في أحداث في ثلاث وستين عاما عاشها منها ثلاثة وعشرين عاما في النبوة والرسالة أحداث عظام سنقف في هذا اللقاء المبارك مع بعضها لأن تتبع سيرته فهم للقرآن ، فالقرآن أنزل عليه ولم يقم أحد بالقرآن خير قيام مثله ، وهو عليه الصلاة والسلام قدوة لكل أحد ، فالجنة لها ثمانية أبوابلا مهر لها إلا شيئان : 1.الإيمان ،2. والعمل الصالح ، ولا علاقة لوظيفة العبد ولا لعمله ولا لطوله ولا لقصره ، ولا لفقره ولا لغناه ، ولا لزمنه الذي عاش فيه ، ولا لجنسيته ولا لأي شيء آخر ، هذه أمور يحيى بها الناس في الحياة الدنيا ، لكن لا علاقة لها بدخول الجنة ، دخول الجنة مبني على مهر عظيم هو الإيمان والعمل الصالح ، قال الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) ، نقول سنتأمل بعضا من ما وقع له عليه الصلاة والسلام :
أولاها : أن قريش وضعت على ظهره على كتفيه وهو ساجد سلى الجزور ، ولم يستطع من كان مؤمنا من الصحابة ومنهم عبد الله ابن مسعود أن يرفعه عنه ، وهذا يدلنا على أن الإنسان مهما بلغ حبه للعمل وإيمانه به قد يأتي عليه وضع أو مرحلة أو حالة لا يستطيع أن يفعل فيعذر شرعا ، فلا يعقل أن عبد الله ابن مسعود كان راضيا وهو مؤمن أن يوضع سلى الجزور على كتفي النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن عبد الله لم يكن يقدر حينها على رفع سلى الجزور حتى بُعث إلى فاطمة ابنته عليه الصلاة والسلام ، فجاءت وحملت سلى الجزور ،لأن العرب قديما كانت تأنف أن تجعل خصمها امرأة ، فلم يكن أحد يقدر من الملأ من قريش أن تعاتب امرأة يعني لا تفخرون بها ، فتركوا فاطمة تصنع ما تشاء وتحمل سلى الجزور عن أبيها صلى الله عليه وسلم .
موضع الشاهد منه : هذا المهم أن الله جل وعلا في الأصل تعبدنا بالطاعة له قلبيا ، أما العمل فإنه لا يمكن مطالبة الناس في كل حال بعمل واحد ، فقد تقدر أنت اليوم على شيء لا تقدر عليه في غد وقد تقدر عليه غدا ولا تقدر عليه بعد غد ، وهذا أمر يجب استصحابه على المستوى العام ، مستوى عام فيما تعمله ، مستوى خاص فيما تنكره على غيرك ، فقد ترى بعض الناس يتوقف في مسائل فقبل أن تجازف في الإنكار عليه لابد أن تعلم أن الأحوال والظروف تختلف من حال إلى آخر ، هذه الأولى .
الثانية : خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعو أهلها ، لما خرج إلى الطائف رده أهل الطائف فرجع صلى الله عليه وسلم ، والطائف مكان عال كما نعلم فلما رجع وهو في الطريق صلى ، صلى أي وقت ؟ صلى في الليل ، والليل به حقا يختبر المؤمن ، من جعل من ليله ولو يسرا نصيبا بين يدي ربه افلح ، فقام يصلي فبعث الله الجن إليه يسمعونه ، يسمعون قراءته لا يوجد كلم ولا قول أبلغ من القرآن ، ولا يوجد أحد تلى القرآن أشرف ولا أفضل منه صلى الله عليه وسلم ، فاجتمع في سمع الجن وقلوبهم كلام الله بلسان حبيب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فتأثرت قلوبهم وألانها الله له .
والمعنى يتحرر من هذا : إذا كانت الجان خلقت من نار وانكسرت قلوبها لمّا سمعت القرآن فمن باب أولى وأحرى أن ينكسر قلب المؤمن إذا تلي عليه القرآن ، سمع القرآن فامتن الله عليه بقوله : (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ) هذا كله وهو لا يدري ثم أخبره الله : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) المقصود عاد إلى مكة ، لما دخل مكة كما هو معلوم ومشهور بعدها بليالي أسري به صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومن المسجد الأقصى عرج به إلى سدرة المنتهى ، هذه الرحلة فيها أشياء عديدة أنا أتكلم مع طبقة راقية عقليا لذلك أحاول أن نستثمر الفوائد في السيرة منها :
·لما وصل صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى ربط الدابة في مربط كان يربط الأنبياء فيه
دوابهم ، مع أن الدابة وضعت مسخرة له ولا يمكن عقلا أن يسلط عليها أحد ، لأنها دابة أصلا لا يقدر أن يألفها ويركبها أحد ، وهي البُراق لكن تعليم للأمة أن الإنسان العاقل لابد أن يأخذ بالأسباب فيأخذ الأسباب بجوارحه ويعتمد على الله في أمره بقلبه ، فالإعتماد على الله قلبي والأخذ بالأسباب والعمل بها يتعلق بالجوارح ، ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالنبيين إماما حتى يعلم النبيون أنه لا أحد أكرم على الله منه ، ثم عرج به إلى السموات ، كل أحد يكلف بعمل فهو المسئول عنه ولو قرع الباب من هو أفضل ، فلما عرج به عرج ومعه جبريل وهما ( جبريل ومحمد ) أفضلا الخلق لأن جبريل سيد الملائكة ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد النبيين ومع ذلك استأذن جبريل على خازن السماء ، وخازن السماء ليس في منزلة جبريل ولا منزلة محمد ، فالقادمان أفضل مع ذلك كان له الحق أن يدخل ويخرج لأنه مسئول فقال : من أنتما ؟ ، قال : جبريل ، قال : أو معك أحد؟ ، قال : نعم محمد ، قال : أو قد بعث ؟ قال نعم ، بعد ذلك أذن ، يفقه العاقل أن الإنسان لا يمكن أن يأتي لأحد ذي سلطان في سلطانه وينازعه فيه ، لا في وظيفته ولا في عمله ولا في بيته ، ولا على أبنائه ، فصاحب السلطان في مكانه هو أولى الناس به ولابد من الاستئذان على أي أحد ولو كان القادم أفضل من المقدوم عليه .
لما عرج به وجد في السماء رجلا طوالا وحوله أَسْوِدَة عن يمينه و شماله إذا رأى جهة اليمين ضحك ، وإذا رأى جهة الشمال بكى وهو لا يعرف من هذا لأن هذه أول وآخر رحلة في السماء ، قال قلت: من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك آدم ، والأسودة التي عن يمينه ويساره أرواح بنيه إذا نظر جهة اليمين رأى أهل الجنة فضحك ، وإذا رأى جهة الشمال رأى أهل النار فبكى ،فسلم عليه .
حق الأبوة لا يعدله حق فهو صلى الله عليه وسلم أفضل من آدم باتفاق الأمة ، ومع ذلك آدم قال له عليه الصلاة والسلام : أهلا أو مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح ، فقال له : بالابن لأنه صلى الله عليه وسلم قطعا من ذرية آدم فمقام الأبوة مقام عظيم ولهذا مات أبوه صلى الله عليه وسلم وهو صغير لأنه لا يقدر أن يدعو الناس ويتكلم في المحافل وأبوه حي ، سيستحي أن يتكلم بين يدي أبيه فحتى تتم الرسالة مات الأب قبل أن يولد الابن وحتى لا يقع منه صلى الله عليه وسلم خلل ، ولذلك نخرج قليلا تأمل القرآن ، الله يقول : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ما نزلت "هو الله أحد" ، والله يقول : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قل المخاطب بها من ؟ أول الناس محمد صلى الله عليه وسلم يعني (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) تتلى هكذا ، لما أجاء الله في القرآن يذم أبى لهب ، وأبو لهب عم الرسول قال : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ما قال : ( قل تبت يدا أبي لهب وتب ) حتى لا يعير أحد محمد أنه يذم عمه فأخرجه الله منها ،، لا علاقة لك بالأمر نحن نتعامل مع أعدائنا ، وأنت لا يمكن أن يقدح فيك ولا أن يقلل من شأنك ولا أن تتهم بشيء فخاطب الله أبى لهب مباشرة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ونُجي هو صلوات الله وسلامه عليه من الخطاب ومن تعيير قريش به ، نقول قال له آدم : أهلا بالابن الصالح ، والنبي الصالح ". ثم عرج به إلى السماء الثانية : قال وجدت ابني الخالة " يحيى ابن زكريا وعيسى ابن مريم "، رحبا به قائلين : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح " لأن عيسى وابن أخته يحيى ليسا في عمود نسبه صلى الله عليه وسلم ، ليسا في عمود نسبه يعني لو عددت من محمد ابن عبد الله إلى آدم ما يأتي عيسى ويحيى في العمود ثم أتى إلى السماء الثالثة فوجد أخاه يوسف ، ثم جاء للسماء الرابعة فوجد أخاه إدريس ، ووجد أخاه هارون في الخامسة ، وموسى في السادسة كلهم يقول : "مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح" ، ولم يقل أحد بالابن قلنا لأنه ليس في عمود نسبه ، قال : حتى أتى السماء السابعة قال فوجدت رجلا قد اسند ظهره إلى البيت المعمور وهو لا يعرفه لكنه أشكل عليه أن هذا الرجل يشبهه صلى الله عليه وسلم ، قال : "ما رأيت أحدا أشبه بصاحبكم منه ولا منه بصاحبكم " . يعني يقص على الصحابة أنني رأيت رجلا شديد الشبه بي ، ومع ذلك لا يستحي الحر العاقل أن يسأل قلت : "من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك إبراهيم " ، إبراهيم وجده عليه الصلاة والسلام أسند ظهره للبيت المعمور وقد بنى لله بيتا في الأرض هو الكعبة ، رفع قواعدها كافأه الله أن أسند ظهره إلى البيت المعمور ، ضع هذا مثالا لك في تعاملك مع ربك لابد أن تكون على يقين أن أي شيء تجارة مع الله لا يمكن أن تضيع ، لا يمكن أن تذهب هدرا الجزاء من جنس العمل ، المشي في الظلمات يقابله النور التام يوم القيامة ، إكرامك لوالديك إكرام لولدك ولو بعد موتك لك ، غضك الطرف يعاقبه ما ترى من الحور العين ، وأكمل من ذلك رؤية وجه الله جل وعلا في الجنة ، والمقصود كل شيء يمكن أن تتعامل معي أن تتعامل مع الأخ زيد تتعامل مع أبيك تتعامل مع أمك وارد أن يغير الله قلب والديك عليك ، ووارد أن يتغير قلب الولد على الوالد وأن يدخل في الوالد ظلم فيظلم ولده ، أو في الابن عقوق فيظلم والده هذا يقع لأنهم بشر قابلون لأن يظلموا أما ربنا فمنزه عن الظلم تكرما لا عجزا ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما) فمن صنع معروفا ستأتيه نفسه تلومه على المعروف أيا كان نوع البر ، إذا جاءت النفس تلوم على هذا الأمر لا يمكن أن تقنعها بشيء أعظم من أنني سأجده عند الله ، وينبغي أن يُعلم أن الله لا يمكن أن يجتمع عنده أهل الإساءة وأهل الإحسان (أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) فهذا أمر يجب أن يفقهه المرء وهو يقرأ سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، هذا ما يتعلق قبل الهجرة .
بعد الهجرة في المدينة وقعت أحداث من أعظمها :
أنه صلى الله عليه وسلم في يوم أحد شج رأسه وكسرت رباعيته ودخلت حدائد المغفر في وجنتيه وسال الدم على وجهه وقام علي وفاطمة رضوان الله تعالى عليهما يمسحان الدم عن وجهه الطاهر الشريف ، نحن نقطع أنه لا وجه أكرم على الله من وجوه المخلوقين أكرم من وجهه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك شج الرأس ووقع الذي ذكرناه و سال الدم ، والصحابة ينظرون حتى يستقر في أذهان من يرى ومن يسمع كما تسمعون الآن أو من يقرأ في كتب الأحاديث هذا أن الوجه الذي لا يحول ولا يزول هو وجه الله تبارك وتعالى ، و أنه لا وجه مثل وجهه جل وعلا ، وأن محمد عبد الله ورسوله مع إيماننا ويقيننا أنه أفضل الخلق وأجلهم مرتبة إلا أن الله خالق وغيره مخلوق ، والله رب وغيره مربوب ، والله رازق وغيره مرزوق .
من أعظم ما يعينك على الطاعة معرفتك بجلال ربك ، إن النفس لا يمكن أن تقدم على معصية أن تقدم على طاعة أو تحجم عن معصية حتى تعرف ربها حق المعرفة ، وإن الناس جميع من تراهم كل من عصى الله فهو جاهل بمقدار معصيته ، وكل من أطاع الله فهو عالم بقدر طاعته ، قال الله جل وعلا : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) معنى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) ليس مدح زيد ولا عمرو ممن ترى من العلماء والدعاة ليس هذا المقصود ، المقصود تزكية لكل من خشي الله فكل من خشي الله فهو عالم ، وكل من عصى الله فهو جاهل بمقدار تلك المعصية كما أن من خشي الله عالم بمقدار تلك الخشية ، فلينظر أحدنا كم يخشى الله هذا مبلغه من العلم ، وكم يعصي الله هذا مبلغه من الجهل ، ولو كان العلم الحق مسألة حفظ مسائل لكان لا أحد من أهل الأرض اعلم من إبليس ، والمسلمون يقولون :
لو كان في العلم غير التقى شرف ** لكان أشرف خلق الله إبليس
لكن شرف العلم في تقوى من يحمل ذلك العلم .
نعود فنقول هذا ما وقع له صلى الله عليه وسلم يوم أحد وظهر لنا فيه ما ظهر من أنه ينبغي أن يعلم العبد عظمة ربه .
ثم إنه صلى الله عليه وسلم حج حجة الوداع فبلغ الدين ونصح الأمة وعلم أنه سيموت لأن الله أنزله عليه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فعلم أنه نعي من الله لروحه صلوات الله وسلامه عليه ، فأخذ يودع الناس ، ويقول : "لعلي لا أراكم بعد عامي هذا ، أما و إنكم ستسألون عني فما أنتم قائلون ؟ فكانوا يقولون : نشهد أنك بلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ونصحت الأمة " ، ثم عاد صلى الله عليه وسلم آخر ذي الحجة إلى المدينة في أواخر شهر صفر دخل على عائشة وقد عصبت رأسها بعصابة تشتكي رأسها وتقول : وا رأساه ، قال : بل أنا وا رأسها ، وبدأ المرض يدب عليه ومرض موته معروف ، لكن سنقف عند موقف واحد الموقف أنه في يوم موته عليه الصلاة والسلام في يوم الاثنين الذي مات فيه دخل عليه عبد الرحمن ابن أبي بكر وهو أخو عائشة ، أي محرم لها فلما دخل كان في يد عبد الرحمن سواك فنظر صلى الله عليه وسلم إلى السواك وهو يريده لكنه لم يقدر وهو رسول الأمة ونبي الملة وأشرف الخلق على الله وسيد الفصحاء وإمام البلغاء أن يقول : أعطوني السواك إنما أخذ يحدق النظر إليه ففهمت عائشة مراده ، فسألته هل تريده ؟ فأشار برأسه مطأطأ أن نعم فأخذت السواك من أخيها وقضمته وطيبته فاستاك صلى الله عليه وسلم .
موضع الشاهد منه : أن الله جعل بعد كل قوة ضعف وهذا لابد أن يحتاط الإنسان ليوم ضعفه ، ولن يحتاط الإنسان ليوم ضعفه بشيء أعظم من أن يعبد الله في وقت قوته ، وإلا الضعف هذا قادم لا محالة فإذا كان سيد الخلق وأشرفهم يعجز أن يقول أعطوني السواك وأنا لا أريد أن أتكلم كلمات إيمانية هذه قد يكون مكانها المساجد ، لكن أتكلم بكلمات ذات معنى بمعنى تستنبط وتستخلص العبر ، فإذا كان سيد الخلق وأشرفهم قال بهذه الطريقة فغيره من باب أولى ، والله يقول : (ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) هذا الأمر إذا نظره الإنسان عرف أن لله سنن لا تتبدل ولا تتغير (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) والمقصود أخذ الإعتبار في أن الإنسان ما دام قادرا فليجعل أكثر وقته في طاعة الله .
مما يتعلق بعملكم أعاننا الله وأعانكم على طاعته أن الله جل وعلا تعبدنا بقضية القلب كما حررنا في الأول وأن المكان و الزمان الإنسان يستطيع أن يجعل منها عمل فاضل ، ويستطيع أن يجعل منها عمل مفضول أو عمل محرم ، فمن سكن بجوار المسجد الحرام أو بجوار المسجد النبوي وعصى الله فهو عاصي ولو كان عند الحرم ، ومن كان في آخر الدنيا وفي بلد لا تعرف من المعروف شيء ولا من المنكر منكرا وعبد الله فهو عابد ، فهذا يرفع له عمل وذاك يكتب عليه سيئة ولا علاقة بالزمان ولا علاقة بالمكان وقد كانت آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون تتقلب على فراش أكفر الكفرة وأفجر الفجرة فرعون وتصبح تطعم معه وهي عند الله بمنزلة عالية ولهذا قال الله : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ) لأن العبرة بقلبك لا العبرة بمكانك ولا زمانك ، وأحيانا يجتمع فضل القلب مع فضل المكان و فضل الزمان والمقصود : أن المجتمع من الأشياء الخاطئة فيه تقسيم الناس ملتزمين وغير ملتزمين ، أو تقسيم الناس إلى أعمال ووظائف لها علاقة بالدين وكل هذا التقسيم بهذه الطريقة أن الوظائف لها علاقة بالدين باطل ولا علاقة بالعمل فمثلا إمام المسجد أو خطيب الجمعة لمجرد تعينه إماما أو خطيبا أو شيخا هذا ليس مسوغ لأن يدخل الجنة إنما المسوغ إيمانه وعمله الصالح ، وكذلك غيره لا يوجد عمل ما لم يكن معصية مَنْ عَمِلَه يدخل النار ، كما قلنا لا مهر للجنة إلا شيئان الإيمان والعمل الصالح.هذا الذي تعبد الله جل وعلا به الخلائق إن كانوا في البحر أو كانوا في البر أو كانوا في الجو في أيُ قعر من الأرض وجدوا العبرة بالإيمان والعمل الصالح .



الشيخ صالح ابن عواد المغامسي



البلسم* 28-10-2009 12:28 PM

بارك الله فيكم أخيتي عطر.

خديجة اجزائرية 30-10-2009 03:43 PM

بارك الله فيك أيتها الأخت

عطر 30-10-2009 04:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة oumahmed (المشاركة 232728)
بارك الله فيكم أخيتي عطر.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي أم أحمد

وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه

عطر 30-10-2009 04:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة اجزائرية (المشاركة 233180)
بارك الله فيك أيتها الأخت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أخيتي خديجة

وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه

فدى الرسول 31-10-2009 02:30 AM

بارك الله فيك اختي عطور

عطر 31-10-2009 03:09 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فدى الرسول (المشاركة 233353)
بارك الله فيك اختي عطور


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أخيتي فدى الرسول

حلوة عطور...

وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه

فدى الرسول 31-10-2009 06:30 AM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عطور جمع عطر
وفقك الله لما يحب ويرضاه

عطر 31-10-2009 10:22 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعلم ذلك أخيتي

لهذا السبب قلت لكِ حلوة

وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه

اللاجئه الى الله 15-11-2009 07:28 AM

بارك الله فيك


الساعة الآن 10:37 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com