الزهري بين الحقيقة والخيال
@@@@@@@@@@@


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده صل الله عليه وعلى أله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ما هو الزهري وما الذي قيل عنه وكيف نميزه عن غيره.
الزهري بين الحقيقة والخيال
تعود كلمة الزهري نسبة إلى إلاهةُ الجمالِ عند الإغريق وتشيرُ إلى البياض والإشراق واللمعان وعرفت أيضا باسم(أفروديت).
وسميت عند الرومان (فينوس) وعند العرب العُزَّى.
وقيل أن أصل الاسم أخذ من كوكب الزُّهرة وهو : كَوْكَبٌ سَيَّارٌ مِنَ الْمَجْموعة الشَّمْسِيَّةِ ، وَالزُّهَرَةُ شَديدَةُ اللَّمَعانِ بَعْدَ الشَّمْسِ والقَمَرِ ، تارَةً تَكونُ نَجْمَةَ الصُّبْحِ وَتارَةً نَجْمَةَ الْمَساءِ ، تَدورُ حَوْلَ الشَّمْسِ بَيْنَ عُطارِدَ وَالأَرْضِ .
ويتضح لنا بداية أن حقيقة ما يدعيه البعض عن الزهري لا يتعدى الكذب والافتراء، فلا وجود لإلاهة الجمال في ديننا الحنيف ومن يؤمن بهذه الخرافات يكفر بما أنزل على محمد صل الله عليه وسلم: لقوله تعالى: {وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ** البقرة163
وهذا ما علمنا اياه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو أصل التوحيد ولا إله إلا الله يقينا.
والزهري عند بعض من يدعون ال******ة وما هم إلا كهنة وعرافين: هو الطفل الذي ولد في الشهور الهوائية على حسب تصنيفاتهم للأبراج وهذه الشهور هي: الجوزاء والميزان والدلو، ويسمونه بالزهري لأنه عند ولادته يكون كوكب الزهرة هو الطالع ويتسم المولود ببعض سماته كالبياض والشفافية وما شابه.
قال صل الله عليه وسلم : (من اقتبسَ شعبةً من النُّجومِ فقد اقتبسَ شعبةً من السِّحر. زادَ ما زادَ)،
قال ابن باز رحمه الله:
فتعلم التنجيم لمعرفة الحوادث ودعوى علم الغيب هذا منكر عظيم، بل هو من الشرك الأكبر؛ لأن ادعاء علم الغيب أو أن هذه النجوم لها تأثير في إيجاد الحوادث دون الله عز وجل هذا كفرٌ أكبر، وإنما هي كما قال الله جل وعلا زينةٌ للسماء، ورجوم للشياطين وعلامات يهتدى بها، فمن تعلمها لمعرفة الطرق وأوقات الحراثة وأشباه ذلك مما هو معروف فهذا لا بأس به، أما أن يتعلمها لاعتقاد أنه بهذا يعلم الغيب، أو لأنها هي المحدثة للحوادث فهذا كله من الكفر الأكبر، والواجب على المؤمن أن يتقيد بالأمر الشرعي، وأن يحذر ما نهى الله عنه، والله يقول سبحانه: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ فالغيب عنده سبحانه وهو الذي يعلمه جل وعلا، وليس عند المنجمين والسحرة والكهنة، ونحو ذلك ممن يدعون علم الغيب.
ويعرف الزوهري عند البعض بأنه يستطيع رؤية الجن على حقيقتهم ويتميز عن باقي البشر بأن لون دمه فاتح عن اللون العادي المعروف، وأيضا له علامات يعرف بها في اللسان‘ ويكون به مثل الشق في منتصف راحة اليد – أي خطا متصلا يقطع راحة اليد بالعرض، والبعض يقول أنه يمتاز ببريق غريب ولمعان في عينيه.
قال ربنا عز وجل :
إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ.
ولم يثبت في الكتاب والسنة أن هناك من يستطيع رؤية الجن فقول الله جل وعلى واضح وصريح فالجن سمي بهذا الاسم لاستتارهم وهم أرواح بأجساد لطيفة لا تميزها العين البشرية، وما يرونه ما هو إلا بعض الخيلات التي يفعلها الشيطان لكي يتلاعب بهم والله تعالى أعلم.
ومثل هذا ما جاء في قصة سيدنا موسى عليه السلام وسحرة فرعون قال تعالى:
{قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ **الأعراف116
قال موسى للسحرة: ألقوا أنتم, فلما ألقَوا الحبال والعصيَّ سحروا أعين الناس, فخُيِّل إلى الأبصار أن ما فعلوه حقيقة, ولم يكن إلا مجرد صنعة وخيال, وأرهبوا الناس إرهابًا شديدًا, وجاؤوا بسحر قوي كثير.
وأما ما يظهر من علامات في الخلقة كاليد والقدم واللسان..، فهذا الذي خلقهم الله به وهو الذي خلقهم في أحسن صورة وسواهم وعدلهم ولا رابط بين ما خلقوا عليه والجن بأي شكل من الأشكال والبينة على من ادعى.
وقال البعض أن الزهري طفل من ولد الجن تم استبداله عند الولادة، ويمتاز هذا بأنه لا يؤثر فيه السحر ولا يخاف من الجن ويعتبره البعض مبروك أو مرزوق وهذا لأن بعض السحرة يدعون أنه مفتاح الكنوز المدفونة في باطن الأرض. والله المستعان
وقال البعض أن دم الطفل الزهري ينفع في عمل السحر وينفع في خداع الجن المكلفون بحراسة الكنوز وما شابه، ويعتقد البعض أنه إذا أهرق دمه على مكان الكنز قبل فتحه يحصنهم من الشياطين الحارسة للكنز وهذا فيه شرك صريح.
وكأن القائل بهذا لسان حاله يقول أن الله جل وعلا ظلم هؤلاء وحاش لله أن يظلم أحدا فهو الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما.
وقال تعالى في الحديث القدسي: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا.
فالله جل وعلا لا يخلق بشرا ويكتب عليه أن يكون هدفا للسحرة والشياطين وغيرهم فهذه الأفكار أفكار فاسدة ملء بها الشيطان عقول البعض من الجهلة أعذنا الله من هذا.
ويستشهد البعض بأدلة من الكتاب والسنة على صحة كلامهم نعرضها ونرد عليها بإذن الله.
قال تعالى:
** وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً **الإسراء64
واجعل لنفسك شِرْكة في أموالهم بأن يكسبوها من الحرام، وشِرْكة في الأولاد بتزيين الزنى والمعاصي، ومخالفة أوامر الله حتى يكثر الفجور والفساد، وعِدْ أتباعك مِن ذرية آدم الوعود الكاذبة، فكل وعود الشيطان باطلة وغرور.
والواضح عيانا من التفسير أن المشاركة في الأولاد لا تكون حسية بل مجازية وتعبر عن قدرة الشيطان الإغوائية وغرس الأماني الكاذبة وافساد عقائد الناس نسأل الله السلامة.
واستدل البعض برواية عند مجاهد منكرة قال فيها: إذا جامعَ الرَّجلُ ولم يُسمِّ ؛ انطوى الجانُ على إحليلِهِ ، فجامعَ معَهُ ، فذلكَ قولُه : لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَانٌّ.
خلاصة حكم المحدث الألباني: منكر مقطوع
واستدلوا أيضا بحديث ضعيف نُسب عند عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن فيكم مغرِّبين) قلت: يا رسول الله، وما المغربون؟ قال:(الذين يشترك فيهم الجن).
قال الألباني ضعيف
وأيضا استدلوا بحديث منكر نُسب لأبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم:" كانَ أحدُ أبوَي بلقيسَ جنِّيًّا".
المحدث: الألباني | المصدر: السلسلة الضعيفة الصفحة أو الرقم: 5778 | خلاصة حكم المحدث: منكر
وهناك الكثير من القصص التي رويت عن بلقيس وأن أحد والديها من الجن ولكنها لا تصح فمنها ما ضعفه وأنكره الألباني رحمه الله، ومنها ما كان من الإسرائيليات التي أمرنا ألا نصدقها ولا نأخذ بها.
وفي الختام لم نجد ما يثبت صحة الادعاء بوجود الزهريين وكل ما دار حولهم مجرد أوهام ودجل وخرافات لا تمت للواقع بأي صلة.
ولا أنكر المعانة التي يشعر بها بعض الاخوة المصابين بالمس والسحر ممن خصهم الله تعالى بعلامات في أيديهم أو أرجلهم أو أعينهم، فما يشعرون به يشعر به الكثير من المصابين الذين لم يخصوا بتلك العلامات، وننبه أن هناك الكثير من أصحاب تلك العلامات لا يشعرون بأي أعراض كما يشعر الأخرون.