منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   المنبر الإسلامي العام (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=87)
-   -   الطريق إلى قبول الأعمال ( 1إلى8) (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=68809)

ريحانة مغربية 18-11-2016 10:15 PM

الطريق إلى قبول الأعمال ( 1إلى8)
 
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم


كثيرا منا يؤدون العبادات والطاعات ويأملون فى الله الخير ..لكن الشيطان لعنه الله ..قد يلبس على البعض منا العبادات ..ويبن له أنه قد أدى واجبه على أكمل وجه ..وقد زين له الشر وسط الخير دون أن يدرى ..وسنبدأ بإذن الله تعالى بعض المقالات فى تنقية النفوس ..من الشوائب وما يعلق بها من مبطلات الأعمال ..وبالله التوفيق...
وسنبدأ ببيان شروط قبول العمل:

لايقبل الله عز وجل عملا من الأعمال حتى يتوفر فيه شرطان .
الأول :الإخلاص ( وهو شرط الباطن) ...يقول الله فى محكم كتابه: {وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُواْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيّمَةِ**(5) البينة ...
فهنا يجب تجريد العمل وإفراد الطاعات لله عز وجل .

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى وجهه ) رواة النسائي وحسنه الألباني
وعن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( نضر الله أمرءا سمع مقالتي فوعاها .فرب حامل فقه ليس بفقيه .ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مؤمن : إخلاص العمل لله ,..والمناصحة لأئمة المسلمين.. ولزوم جماعتهم ) رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

ولا يتخلص العبد من الشيطان وألاعيبه وتلبيسه .. إلا بالإخلاص..
وقال الفضيل بن عياض ( إن العمل وإن كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل .ولإن كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل )

فالإخلاص تنقية القلب من الشوائب كلها قليلها وكثيرها ..ولا يبقى فيه إلا حب الله وحب الآخرة ..
ومن اكتسب حب الدنيا ومافيها من جاه ومال ورياسة فلا تسلم له عبادة من صوم وصلاة وغير ذلك إلا نادرا ..لما للدنيا من فتنة وسطوة قد يصعب على البعض مقاومة إغراءاتها..حفظنا الله منها..

فكم من الأعمال يظن الإنسان أنها خالصة لوجه الله ..وفيها شبهه الغرور ..فمنهم الذي يحرص على الصف الأول فى الصلاة ويحزن إن رآه الناس فى الصف الثاني...وفيهم قال الله عز وجل ({قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً**(103) {الّذِينَ ضَلّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً**(104) الكهف... فهنا عمل فى طاعة ..لكن شابه الرياء ..

ولذلك قال الفضيل ( ترك العمل من أجل الناس رياء – والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما )

وعلاج الإخلاص كسر شهوة النفس وقطع الطمع عن الدنيا والتجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب..فيكون العمل خالصا لوجه الله

وقال سيدنا عمر رضى الله عنه : (أفضل الأعمال أداء ما افترض الله تعالى – والورع عما حرم الله _وصدق النية فيما عند الله تعالى )....سبحان الله كلمات يعجز الإنسان أن يشرحها أو يفندها غنية بكل ما هو طيب ..حقا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا الله فعبدوه حق عبادته ..

وقال بعض السلف فى النية..( رب عمل صغير تعظمة النية – ورب عمل كبير تصغره النية ..وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الأعمال بالنيات....

والثانى: هو الإقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو( شرط الظاهر) .

فمتابعة السنة هو شرط لقبول العمل لحديث ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم والرد هو المردود أو الباطل.
وهو إشارة إلى أن كل عمل يجب أن يكون نابع من الشريعة التي شرعها الله سبحانه وتعالى في قرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لقوله عز وجل ** وَمَآ آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ**(7)الحشر
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً**(36)الأحزاب

وجعل الله تعالى علامة محبته إتباع سنة رسوله فقال عز من قائل : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ**(31)آل عمران

وكما أوصى صلوات الله عليه بالتمسك بسنته..
عن العرباض بن سارية قال :صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه أحمد – ابن ماجة والترمذي وقال حسن صحيح .
وقال سفيان الثوري رضي الله عنه : ( لا يقبل قول إلا بعمل- ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية -ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بإتباع السنة) ..

قإذا نوينا قلنا – وإذا قلنا فعلنا -وإذا فعلنا تحرينا الشرع والسنة ..وجعلنا عملنا خالصا لوجه الله ولا نشرك مع الله أحد ..وبذلك يكون العمل إن شاء الله مقبولا ..

تقبل الله منا ومنكم وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..
اللهم تقبل منا وإقبلنا ..وتجاوز عن ما جهلنا فأنت أرحم الراحمين ..ولا تجعل للشيطان علينا سبيلا ..وإجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم ..لا رياء ولا زيف ..وحصنها بشرعك.. وسنة نبيك الكريم ..واجعلنا من الحنفاء المخلصين ..واجمعنا فى جنة الخلد أجمعين .. اللهم تقبل ..اللهم آمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله

ريحانة مغربية 18-11-2016 10:16 PM

الطريق الى قبول الأعمال (2)
احبائى في الله
مازلنا مع قبول الأعمال

فبدأنا بالإخلاص والنية والمتابعة للسنة ..ثم نأتي إلي تطهير النفوس وتزكيتها .
فنأتي للمحرك الأساسي وهو القلب ...

يقول عز من قائل: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّ السّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولـَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً** (الإسراء 36)

وعن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).جزء من حديث رواه البخاري ومسلم.

وهنا دليل على أن صلاح العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقائه للشبهات بحسب صلاح قلبه ..والقلب من الجسد هو الراع وهو المسئول عن رعيته التي هي باق الجسد ..ولذلك كان نظر الباحثين موجه إلي أمراض القلب وعلاجها ..واتخذوه أصل لصلاح الكل ..
ولما كان وصف القلب بالحياة أو ضدها .
فلقد قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام .
أولا: القلب الصحيح : وهو القلب السليم الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه.. وَسَلم من عبودية سواه.. وخلص عمله لله ..فإن أحب أحب في الله.. وإن أبغض أبغض في الله ..وإن أعطى أعطى لله .وإن منع منع لله .
ولا يكفيه هذا حتى يعقد عقدا محكما على الإقتداء برسول الله في الأقوال والأعمال .والطاعات والنواهي .وهو قلب حي..مخبت.. لين.. واع..
وفيه قال رب العزة : {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ**(88) {إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ**(89) الشعراء .

ثانيا: القلب الميت :هو معكوس القلب السليم ..فهو الذي وقف على شهواته ولذاته.ولا يبالي بسخط ربه ..فهو متعبد لغير الله ..إن أحب أحب لهواه ولما فيه مصلحته ..وإن أبغض لهواه وإن أعطى أعطى لهواه..وإن منع منع لهواه ..فهو للهوى عبد.. وللدنيا تابع.. وللشهوات خاضع ..لا يستجيب للناصح.. ويتبع كل شيطان مريد ..فمخالطة صاحب هذا القلب. سقم. ومعاشرته سم. ومجالسته هلاك .فهو قلب ميت يابس..

ثالثا القلب المريض: هو القلب الذي به حياة وبه علة فيتبع كل منهما حين ..ففيه حب الله .والإيمان به .والإخلاص له ..والتوكل عليه ..وفيه من حب الشهوات وإيثارها..ومن الحسد والكبر والعجب ماهو فيه هلاكه وعطبه ..
فهنا جمع بين داع الآخرة وداع العاجلة ..وهو إنما يجيب أقربهما إليه بابا وأدناهما له جوارا .. وهو إما إلي السلامة أدنى أو إلى العطب أدنى ..فهو يجنح إلى الله تارة فيأتي بالطاعات ثم تأخذه الشهوات فتبعده عن ذكر الله..ويقترب من المحرمات ..


نأتي أولا إلي علامات مرض القلب :

فمن علامات مرض القلوب عدولها عن الغذاء والدواء النافعين ..فأفضل الغذاء هو الإيمان وأنفع الدواء هو القرآن ..
فالقلب المريض لا تُألم صاحبه جراح المعاصي ولا تُألمه عقائده الباطلة وقد يجد في الدواء مرارة
( الحلال والحرام والأوامر والنواهي) فلا يلجأ إليه .

أما علامات صحة القلب :

• فمنها أنه يضرب على صاحبه حتى ينيب إلي الله ويتعلق به تعلق المحب الملهوف إلى محبوبه .
• وإذا فاته ورد أو عمل صالح أو طاعة من الطاعات وجد لذلك ألما شديدا كمن يتألم لفقده ماله وولده .
• أن يكون في هذه الدنيا غريبا مجهزا نفسه دائما يأخذ منها ما يعينه للارتحال إلي وطنه (الآخرة) كما روى (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) رواه البخاري واحمد والترمذي
• وأن لا يفتر عن ذكر الله ويجد في الصلاة قرة عينه وسرور قلبه وذهاب غمه وراحته ونعيمه.
• وأن يشتاق إلي عبادة الله وخدمته ولا يأنس بغيره ويحرص على الإخلاص والنصيحة والإحسان...كما قال يحي بن معاذ ( من ُسر بخدمة الله ُسرت الأشياء كلها بخدمته ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل أحد بالنظر إليه )

أما أسباب مرض القلب فهي:

أولا: وأشدها الفتن.. ولقد قسمها رسول الله إلي قسمين..... كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرهها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين ،قلب أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه وقلب ابيض لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض)رواه مسلم باب الإيمان... (والمقصود بمربادا هو بين السواد والغبرة –ومجخيا أي مائلا عن الاستقامة والاعتدال أي منكوسا)

فالقسم الأول يتشرب الفتن كما تشرب الإسفنجة الماء حتى يسود وينتكس..وإذا اسود اشتبه عليه المعروف بالمنكر – والسنة بالبدعة والبدعة بالسنة وقد يرى الحق باطلا والباطل حق..

والقسم الثاني : قلب أبيض أشرق بنور الإيمان إذا عرضت له الفتنة أنكرهها وردها ولا يحتاج إلي تدبر أو مجادلة أو تمحيص ..هداه الله بنوره إلي الحق فلا يرجى غيره سبيلا..

وأشهر سموم القلب:

فضول الكلام – وفضول النظر - وفضول الطعام - وفضول المخالطة..(وسنأتي إليهم بالتفصيل في اللقاء القادم بإذن الله ).
فمن أراد سلامة قلبه فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم..والمحافظة عليه منها وإن تناول منها شيء على سبيل الخطأ فليسارع بالتخلص منها بالاستغفار والتوبة..والحسنات الماحية للسيئات.

وقانا الله وإياكم القلب المريض..وقوى إيماننا..وجعلنا ممن بيض الله وجوههم يوم العرض عليه..ونقى قلوبهم من الحسد والكبر.والبغضاء..وجعلنا أحبة في الله..اللهم آمين..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله

ريحانة مغربية 18-11-2016 10:17 PM

الطريق الى قبول الأعمال 3 (سموم القلب)
مازلنا مع صلاح القلوب
وسنتكلم اليوم عن ...سموم القلب الأربعة
سموم القلب هي المعاصي ..وهى سبب هلاكه وموته ..
فمن أراد سلامة قلبه فعليه بتخليصه من آثار السموم ثم يتبعها بالمحافظة بامتناعه عن تعاطى سموم جديدة..وإذا تناول منها على سبيل الخطأ سارع إلى دواء التوبة والاستغفار والحسنات.
وسموم القلب أربعه:
1-فضول الكلام:
فاللسان من نعم الله العظيمة فإنه صغير في حجمه عظيم في طاعته وجرمه ..فالكفر والإيمان متوقف على شهادة اللسان..ومن أرخى له العنان سلك به الشيطان في كل ميدان ..حتى يورده البوار..ويسوقه إلى النار..فمن مداخل النار ومسالكها اللسان وما يتقول به ويتلفظ ..
فعن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه سلم قال: (...وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) رواه الترمذي وابن ماجه.
فالإنسان يزرع الشر أو الخير بقوله ثم يأتي يوم القيامة فيحصد ما زرع..فإن قال خيرا حصد الكرامة وإن قال شرا حصد الندامة..
والتحذير من آفات اللسان وبيان خطره وردت في القرآن والسنة.
قال تعالى : {مّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ**(18) ق
وعن عقبة ابن نافع قال :(قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال أمسك عليك لسانك ) رواه الترمذي وأحمد
وعنه صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري
وعن أبى هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار ابعد مابين المشرق والمغرب ).
وعن أبى الدر داء رضي الله عنه انه قال : (أنصف أذنيك من فيك (فمك) وإنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم ).
ولكثرة آفات اللسان من : الكذب والنميمة والفحش والمراء والتحريف والفضول والخوض في الباطل وهتك العورات وإيذاء الخلق والخصومة وتزكية النفس ..والتي يطبع عليها الشيطان حلاوة في القلب ..لذا عظمت فضيلة الصمت لما فيه من دوام الوقار.. والفراغ للفكر ...والتدبر والعبادة.. والسلامة من تبعات القول في الدنيا ...ومن حسابه في الآخرة ..

-2 فضول النظر :
هو النظر إلى مالا يحل النظر إليه وهو على العكس من غض البصر ..وقد أمرنا الله به .فى قوله تعالى : {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ**(30) {وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ **(31) النور
وفضول النظر يدعو إلى الاستحسان فالنظرة سهم من سهام إبليس فمنه يدخل معها أسرع من نفاذ الهواء في المكان الخالي. ويجعل صورة المنظور صنما يعكف عليه القلب ويوقد فيه نار الشهوات فينسيه مصالحه ويقع في الغفلة والهوى وقال تعالى: ** وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً**(28) الكهف
وبين العين والقلب منفذ وطريق فإن فسدت العين فسد القلب وخرب وصعب عليه أن يحتوي معرفة الله ومحبته وطاعته. ويصبح مرتعا لكل ما هو خرب ويران عليه الظلمة وتقبل عليه سحائب البلاء والشر فيعمى القلب عن التمييز بين الحق والباطل.
وقد امرنا الله بغض البصر. والبس صاحبه نورا يضاء له قلبه وبصيرته فيورثه فراسة صادقة يميز بها السنة والبدعة..
فمن غض البصر عن محارم الله أطلق له الله نور بصيرته فيري الحق حقا والباطل باطلا


3- فضول الطعام:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه، بحسب أبن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي وابن ماجه .
فقلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم ..وضعف الهوى والغضب وكثرة الطعام توجب العكس .
ففضول الطعام يدفع بالنفس إلى الشَره..ويثقلها عن الطاعات والعبادات ويحرك الجوارح للمعاصي ..فمن وقي شر بطنه فقد وقي شرا عظيما .
ولنا في رسول الله الأسوة الحسنه فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما شبع آل محمد عليه الصلاة والسلام منذ قدم المدينة من خبز ُبر ثلاث ليال تباعاًَ حتى قبض ) رواه البخاري ومسلم .
وفي بعض أثار السلف ( إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة ).
وقال إبراهيم ابن أدهم: ( من ضبط بطنه ضبط دينه ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة وأن معصية الله بعيدة عن الجائع قريبة من الشبعان ).ولعل في الصيام خير دليل على ذلك.فهو من أفضل القربات إلى الله.ففيه الصبر عن الشهوات الحلال ...فما بالك بالحرام !!
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجوعون كثيرا..والله لا يختار لنبيه إلا أكمل الأحوال وأفضلها.


4- فضول المخالطة:
للأسف هي الداء العضال الجالب لكل شر. وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة.. وكم زرعت من عداوة..وكم غرزت في القلب من سموم وهموم .
فيجب على العبد أن يأخذ من المخالطة بقدر الحاجة وما يعينه منها على الطاعات.والناس في ذلك أربعة أقسام

النوع الأول : الذي تكون مخالطتهم كالغذاء.لا يستغنى عنهم .كلما احتاج إليهم خالطهم .وهم العلماء والناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه ..وفي مخالطتهم كل الربح .

النوع الثاني : الذين تكون مخالطتهم كالدواء يحتاج الإنسان إليه عند المرض ولا يحتاجهم في الصحة ..وهؤلاء الذين يحتاجهم لمعاشه
والمعاملات والاستشارات.وتنتهي المخالطة بانتهاء الحاجة إليهم .

النوع الثالث : الذين تكون مخالطتهم كالداء على اختلاف قوته من مرض عضال إلى مرض مزمن . ومنهم الذي لا يحسن الكلام فتستفيد منه ..ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك . ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها . فإذا تكلم قال سفاهة ..وغرورا ..وإذا صمت كان كالرحا تثقل على القلب والبدن ..لا تربح منه دينا ولا دنيا ..وإذا ُأبتلى العبد بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته.. فليعاشره بالمعروف ويعطيه ظاهرة ويبخل عليه بباطنه.. حتى يجعل الله له من أمرة فرجا ومخرجا .

النوع الرابع : الذين يكون في مخالطتهم الهلاك والدمار وهم بمنزلة السم ..قد يكون له ترياق وهنا العافية... وقد لا يكون.. وهنا لا ينفع العزاء ..وهم والعياذ بالله أكثر الناس لا أكثرهم الله..هم أهل الضلال والبدع الصادون عن ذكر الله وإتباع هدي نبيه صلى اله عليه وسلم . الذين يشككون الناس في عقيدتهم ويجعلون السنة بدعة والبدعة سنة .. الذين اشتروا الحياة الدنيا وباعوا الآخرة ..الملذات والشهوات غايتهم .. والحرام طريقهم... والشيطان دليلهم وقائدهم ..
هذا الضرب من الناس لا ينبغي للعاقل لا مجالستهم أو مخالطتهم وإن فعل ذلك فإما الموت لقلبه أو المرض العضال .

نسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين العفو والعافية وصلاح القلوب وشفائها ..اللهم بيض قلوبنا وثبتها على مرضاتك وطاعتك ..وطيب مجالسنا بذكرك..واجعل جليسنا جليس خير ..ولا تخالطنا إلا بمن رضيت عنه ..وكن عونا لنا على جليس السوء وصاحب الدنيا ..ولا تجعل لهم علينا سبيلا ..واجعلنا حجة عليهم ..وقدوة لهم عسي الله أن يهديهم ..ويصلح أحوالهم .

واللقاء القادم إن شاء الله في حياة القلب ..وما ينفعه من غذاء ..إن كان فى العمر بقية ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته



رشيد التلمساني 18-11-2016 11:42 PM

اللهم أصلح قلوبنا
موضوع قيم و مفيد
بارك الله فيك و نفع بك و جزاك خيرا على هذا النقل الطيب و رحم الله كاتبه و جعل مثواه الجنة

ريحانة مغربية 22-11-2016 10:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد محمد أمين (المشاركة 434817)
اللهم أصلح قلوبنا
موضوع قيم و مفيد
بارك الله فيك و نفع بك و جزاك خيرا على هذا النقل الطيب و رحم الله كاتبه و جعل مثواه الجنة

اللهم آمين وجزاكم الله بالمثل وبارك فيكم
شكر الله لكم إهتمامكم بمواضيع أبتي رحمه الله
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا

ريحانة مغربية 22-11-2016 10:22 PM

الطريق الى قبول الأعمال 4 (غذاء القلب )

استكمالا لما تكلمنا عنه سابقا…. عن سموم القلب والأغذية المضرة له ..
سنتكلم لا حقا عن أسباب حياة القلب والأغذية النافعة له ..
أولادى ….كما أن المعاصي بمثابة الأطعمة المسمومة التي تفسد القلب فالطاعات كلها لازمة لحياة القلب وسنورد منها أهمها .

أولا : ذكر الله وتلاوة القرآن ..

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (.الذكر للقلب كالماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا أخرج من الماء)..
فالذكر هو قوت القلوب والروح..وهو طارد الشيطان والواقي منه..وهو ينير القلب والوجه ويورث محبة الله تعالى فالله يقول: **فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ**(152) البقرة.. وكفى بها لوحدها فضلا وشرفا..

ودوام الذكر سببا لابتعاد العبد عن قول الباطل والغيبة والنميمة...فهو باب الدخول على الله عز وجل ..فإذا دخلت وجدت كل شيء ..وإن أبيت خسرت كل شيء.

والذكر أنواع : فمنها ذكر أسماء الله وصفاته والثناء بها عليه ..وذكر أوامره ونواهيه..وأفضل الذكر تلاوة القرآن لقوله عز وجل: **وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظّالِمِينَ إَلاّ خَسَاراً**(82) الإسراء

فمن درس القرآن وخالط قلبه أنار الله به طريق الحق ووقاه الباطل..وزهده في الدنيا وشهواتها الزائلة.,.وحبب إليه الآخرة وجعلها غايته وسبيله ..ويسر له الصعوبات..وجعل كل مشقة له هينة..

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )رواه البخاري..

وعن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر فيه ..مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) رواه البخاري ومسلم

وقال عثمان بن عفان رضوان الله عليه : ( لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم ) ..

وعلى رغم أنه من أيسر العبادات فالعطاء والفضل الذي ترتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال .

فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فى اليوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب .وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة, وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي , ولم يأت بأحد أفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ) رواه البخاري ومسلم .


ثانيا : الاستغفار ...

وهو طلب المغفرة.. وهى وقاية شر الذنوب مع سترها..وكثيرا ما يقرن الاستغفار بالتوبة..ودائما ما يكون الاستغفار باللسان.. أما التوبة فتكون بالقلب والجوارح التي تمتنع عن الشهوات وتبتعد عن المحرمات...

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مره) رواه البخاري
وفى الحديث القدسي الآتي يبين الله لعباده أعظم أسباب المغفرة ..

فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ماكان منك ولا أبالي , يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم إستغفرتنى غفرت لك , يابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي وأحمد

وقال علي رضي الله عنه: ( ما ألهم الله سبحانه وتعالى عبدا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه )..


ثالثا : الدعاء ......

قال الله تعالى : **** وَقَالَ رَبّكُـمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ ** (60) غافر فهنا أمر ووعد.. ثم قال عز وجل : ** إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِينَ** وهنا ترهيب

فسبحان الله ذو الجود والكرم الفياض جعل سؤالنا وطلب قضاء حوائجنا عبادة نثاب عليها..


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لم يسأل الله يغضب عليه ) رواه أحمد والترمذي

والدعاء يقطع بقبوله إذا استوفى شروط الصحة ..


فعن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله حيٌ كريم يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردهما صفرا خائبتين ) رواه الترمذي وأبو داود

وعن أبى سعيد ألخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مسلم يدعوا دعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف له من السوء مثلها) رواه الحاكم والترمذي

وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: ( أنا لا أحمل هم الإجابة, ولكن أحمل هم الدعاء.فمن ألهم الدعاء فإن الإجابة معه)

وللدعاء آداب يجب أخذها في الاعتبار لتتحقق الإجابة ..

•فلا بد أن يترصد الأوقات والأحوال الشريفة..كيوم عرفة ويوم الجمعة ورمضان ووقت السحر من الليل..ووقت نزول المطر وحال السجود..وفى السفر والمرض وبين الآذان والإقامة .


•لابد أن يكون موقن بالإجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقول أحدكم: اللهم أغفر لي إن شئت ,اللهم إرحمنى إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري ومسلم

•أن يكون على طهارة ومستقبل القبلة ويكرر الدعاء ثلاث لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك .. فى الدعاء والسؤال.

أن يبدأ الدعاء بالحمد والثناء على رب العزة ثم يصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يسمى حاجته ثم يختم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.ولا يدعوا بما حرم الله ..أو نهى عنه .

•ولا يتعجل الإجابة..لما رواه أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :(قال يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي) رواه البخاري ومسلم..

فعلى المسلم أن يلزم الطلب ولا ييأس من الإجابة..

رابعا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم...

**إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ صَلّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً**(56) الأحزاب
فهنا أمر من الله عز وجل.... والصلاة من الله هي الثناء وإظهار الشرف وبيان بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى... وصلاة المخلوقين الدعاء بمزيد من الشرف والتكريم.. فيجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة من في السماء ومن في الأرض..

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا) رواه مسلم والترمذي

وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان مجلسهم عليهم ترة يوم القيامة : إن شاء عفا عنهم وإن شاء أخذهم ) رواه الترمذي وصححه الألباني ...


أما صيغت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..فمن حديث أبي مسعود الأنصاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (...قولوااللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين , إنك حميد مجيد, والسلام كما قد علمتم)..

خامسا : قيام الليل ....

يقول رب العزة : **كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ**(17) {وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ**(18) الذاريات
وهم الذين :**تَتَجَافَىَ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ**(16) {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ**(17)السجدة

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى مابين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشر ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة ) رواه البخاري .

وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد , يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فأرقد , فإذا استيقظ وذكر الله تعالى انحلت عقدة , فإن توضأ انحلت عقدة , فإن صلى انحلت عقدة , فأصبح نشيطا طيب النفس , وإلا أصبح خبيث كسلان )رواه البخاري ومسلم .

وقال أبو سليمان : (أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم , ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ).
وقيل للحسن : ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها؟ قال: ( لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره )..وشرف المؤمن قيام الليل..


ومن أشد الأغذية النافعة صعوبة هي الزهد في الدنيا وبيان حقارتها..وسنفرد له مقالة منفردة بإذن الله.

اللهم اجعلنا لك ذكارين...لفضلك شكارين ..لبلائك صابرين..عطر ألسنتنا بذكرك وذكر نبيك صلى الله عليه وسلم ..اللهم اجعلنا من التوابين .. المستغفرين بالأسحار..اللهم اجعلنا لليل قائمين..وللطاعات حريصين.و.لشهوات الدنيا زاهدين..ثبت قلوبنا على الطاعات..واجعل روحها وحياتها وغذائها ذكرك وشكرك ..واستغفارك يارب العالمين..
اللهم تقبل دعائنا..وبيض قلوبنا ووجوهنا..واجعلنا نليق بربوبيتك لنا. وعبوديتنا لجلالك..واجعلنا من عبادك المخلصين..اللهم آمين.
.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله




ريحانة مغربية 22-11-2016 10:24 PM


الطريق الى قبول الأعمال (5) الزهد فى الدنيا

تكلمنا سابقا عن الأغذية النافعة للقلب ولحياته..وهى ذكر الله والاستغفار وقيام الليل والصلاة على النبي والدعاء
ونأتي اليوم إلى سادسا وهى ربما تكون أصعبهم على النفس..وهى الزهد في الدنيا وتبيان حقارتها..
فمعنى الزهد : هو انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه ..أو الإعراض عن الشيء لاستقلاله واحتقاره وارتفاع الهمة عنه ..فيقال (شيء زهيد اى رخيص حقير)
وقد مدح القرآن الزهد فى الدنيا وذم الرغبة فيها .
فقال تعالى:{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا**( {وَالاَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ**(16-17) الأعلى
وقال : ** تُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الاَخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ**(67)الأنفال
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا شربة ماء)... ( رواه الترمذي)
وعن شداد الفهري عن النبي أنه قال : (ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما يرجع)... ( رواه مسلم وابن ماجة )
والزهد من أعمال القلوب وليس من أعمال الجوارح ...وقسم الى ثلاث ولذلك قال يونس بن ميسرة ( ليس الزهادة فى الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن الزهادة فى الدنيا أن تكون بما فى يد الله أوثق منك بما فى يدك وأن تكون حالك فى المصيبة وحالك إذا لم تصب سواء وأن يكون مادحك وذامك فى الحق سواء )
فهنا ظهر أولا : أن يكون العبد بما فى يد الله أوثق منه بما فى يد نفسه ..وهذا ينشأ من صحة اليقين
وقال بن مسعود رضي الله عنه: ( اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله ولا تحسد أحدا على مالم يؤتك الله ..فإن رزق الله لا يسوقه حرص حريص.. ولا يرده كراهية كاره ، فإن الله بقسطه وعلمه وحكمته جعل.. الروح والفرح فى اليقين والرضي.. وجعل الهم والحزن فى السخط والشك )
ثانيا: أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة فى دنياه من ذهاب مال أو ولد أو غير ذلك أرغب فى ثواب الآخرة مما ذهب منه فى الدنيا ..
وقال علي رضي الله عنه : (من زهد فى الدنيا هانت عليه المصيبات )
ثالثا : أن يستوي عند العبد حامدة وذامُه فى الحق لأنه إذا عظمت الدنيا عند العبد اختار المدح وكرة الذم وربما حمله ذلك على ترك كثير من الحق خشية الذم وعلى فعل كثير من الباطل رجاء المدح .
وقال إبراهيم ابن أدهم الزهد ثلاث أقسام
•زهد فرض وهو الزهد فى الحرام
•زهد فضل وهو الزهد فى الحلال
•زهد سلامة وهو الزهد فى الشبهات
فكل من باع الدنيا بالآخرة فهو زاهد فى الدنيا وكل من باع الآخرة بالدنيا فهو زاهد أيضا لكن فى الآخرة !!
وللزهد درجات ثلاث
1-الذي يزهد فى الدنيا وهو لها مشته وقلبه إليها مائل ..ولكنه يجاهد نفسه ويعفها .وهو المتزهد.




2-والذي يترك الدنيا طوعا لإستحقاره إياها بالإضافة إلى ما طمع فيه ولكنه يرى زهده ويلتفت إليه كالذي يترك درهما لأجل درهمين ..ويترك الرخيص أملا فى أن ينال الغالي



3-والذي يزهد فى الدنيا طوعا ..ويزهد فى زهده ..ولا يرى أنه ترك شيئا ..كمن ترك قطعة زجاج وأخذ جوهرة ..
ذم الدنيا :
لابد من العلم بأن ذم الدنيا الوارد فى الكتاب والسنة راجعا إلى زمانها الذي هو الليل والنهار المتعاقبان إلى يوم القيامة ..والذم هنا راجع إلى أعمال بنى آدم الواقعة فى الدنيا التي غالبا ما يقع على غير الوجه الذي تحمد عاقبته .
كما قال عز وجل {اعْلَمُوَاْ أَنّمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ **(20)الحديد
وإنقسم البشر فى الدنيا قسمين
الأول : أنكر أن للعباد دار بعد الدنيا للثواب والعقاب وهمهم التمتع بملذات الدنيا قبل الموت وهؤلاء قال فيهم رب العالمين :
** وَالّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ وَالنّارُ مَثْوًى لّهُمْ**(12)محمد



الثانى: من أقر بدار بعد الموت للثواب والعقاب وهم المنتسبون إلى الرسل وينقسموا إلى :
•ظالم لنفسه ..وهؤلاء أهل اللعب واللهو والزينة ..صارت الدنيا أكبر همه بها يرضي وبها يغضب ولها يوالى ولها يعادى ..ولم يقعوا على حقيقة أن الدنيا دار التزود بالزاد للآخرة .
•المقتصد : من أخذ من الدنيا المباح وأدى واجبها وأمسك لنفسه الزائد على الواجب يتوسع به فى التمتع بشهوات الدنيا ..وهو لا عقاب له لكنه ينقص من الدرجات .وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لولا أن تنقص من حسناتي لخالطتكم فى لين عيشكم ولكن سمعت الله عير قوما فقال : ** أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا **(20)الأحقاف .
•السباق إلى الخير : هم الذين فهموا المراد من الدنيا فعلموا أن الله أسكن عباده الدنيا ليبلوهم أيهم أحسن عملا فزهدوا فى الدنيا ورغبوا فى الآخرة لهوانها كما قال الحق :
{إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً**{وَإِنّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا
صَعِيداً جُرُزاً**(7-8)الكهف .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مالي وللدنيا ما أنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)... ( رواه الترمذي وأحمد)
والراكب دائما فى حاجة إلى ما يتقوى به على السفر والترحال ..فمتى كان تناول الشهوات المباحة التقِوى على طاعة الله كانت تلك الشهوات طاعة يثاب عليها كما قال معاذ رضي الله عنه ( إني لأحتسب نومتى كما أحتسب قومتى) .
ومن جميل ما قيل عن يحيى ابن معاذ ( كيف لا أحب دنيا قدر لي فيها قوت.. أكتسب به حياة.. أدرك بها طاعة.. أنال بها الجنة ) ..
وقال سعيد بن جبير : متاع الغرور ما يلهيك عن طلب الآخرة وما لم يلهك فليس بمتاع الغرور ولكن متاع إلى ما هو خير منه )
ومن أضرار حب الدنيا :
•أن حبها يقتضي تعظيمها وهى حقيرة عند الله ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقر الله .
•إن الله لعنها وابغضها إلا ماكان له فيها..ومن أحب ما لعنه الله ومقته فقد استحق غضبه وسخطه
•أن حبها يصير غاية وليست وسيلة فتعكس الأمور وتنقلب الحكمة وتنتكس القلوب كما قال عز وجل {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ** {أُوْلَـَئِكَ الّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الاَخِرَةِ إِلاّ النّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ**(15-16)هود
•أن حبها يشغل العبد عن أخرته ويشغله عن كثير من الواجبات فيؤدى العبادات جسدية وليست بقلبه لأنه مشغول بحب الدنيا ..فيحبط عمله..وينتكس قلبه بالشهوات.
•محبتها تجلب الفقر لقول رسول الله : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قلبه وجمع له شمله وآتته الدنيا وهى راغمة ..ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)... رواه الترمذي وله شاهد عند ابن ماجه وابن حبان
•أن محبها أشد الناس بها عذابا..فهو يعذب فى الدنيا بتحصيلها والتنازع عليها..ثم فى البرزخ والقبر بفقدها وغيابها فليس هناك ما يعوضه عنها ..ثم يعذب يوم لقاء ربه لما فرط فى آخرته ولما حمل من الزاد القليل .
•أن محبها من أسفه الخلق باع حياة الأبدية فى أرغد عيش بحياة فانية خيال وليست حقيقة كل متعها زائلة..ولقد شبهها بعض السلف بعجوز شمطاء تزينت فأحسنت الزينة وسترت كل قبيح فيها فمن أغتر بها ورغب في نكاحها طلبت مهرها فقد الآخرة ..فالآخرة ضرتها ولا تجتمع معها أبدا ..فمن خدع بالمظهر وسعى فى طلبها ونالها كشفت قناعها وظهرت على حقيقتها... فمن طلقها استراح وأراح... ومن أختار المقام والخداع فما كان استمتاعه ليلة عرسه إلا بالعويل والصياح ..
هؤلاء الذين واصلوا طلبها بالغدو والرواح وأقاموا ليلها فى اللهو والمزاح ..حتى يشرق الصباح ..طاروا فى صيدها فما رجع منهم أحد إلا مكسور الجناح ..فوقعوا فى شباكها فأسلمتهم للذباح ..
نسأل الله العفو والعافية من الدنيا ومما فيها... إلا ماكان لله .
اللهم أخرجنا منها على خير ..ولا تجعلها أكبر علمنا وغاية مرادنا ..يسر لنا ما يعيننا فيها على طاعتك وبلوغ جنتك ..وازهد قلوبنا فيها ..وثبت قلوبنا على محبتك وطاعتك ..ونيل جنتك ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته



يتبع إن شاء الله

ريحانة مغربية 22-11-2016 10:26 PM

الطريق الى قبول الأعمال (6) احوال النفس ومحاسبتها

السلام عليكم
لاحظت أن طول المقالة قد يدفع البعض للتعجل فى القراءة أو المرور الكريم فقط ..ولبحثنا الدائم الحثيث للاستفادة الحقه فسوف تكون المقالات صغيرة وعلى أزمنة متقاربة قدر الإمكان ..

ونعود الى صلاح الأعمال والقلوب ومنه الى باب أحوال النفس ومحاسبتها
فالنفس هي الصلة بين القلب والرب
والناس على ذلك قسمين
الأول : قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته.وصار طوعا لها وتحت أوامرها.فخسر وهلك **فَأَمّا مَن طَغَىَ** {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا** {فَإِنّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىَ**النازعات37-39

الثاني : قسم ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعا لهم منقادة لأوامرهم .فأفلحوا ونجحوا
{وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ**{فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَىَ** النازعات (40-41)
فالنفس تدعوا الى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا والرب يدعوا عبده الى خوفه ونهى النفس عن الهوى
والقلب يميل الى الاتجاهين ..وهنا موضع المحنة والابتلاء
والنفس واحدة فى ذاتها ...ولكن لها ثلاث صفات وهى على الترتيب:
1-النفس المطمئنة : هي النفس التي أطمأنت بذكر الله{الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ**(28) الرعد وسكنت وأنابت إليه واشتاقت إلى لقائه والاطمئنان مصدرة الإيمان ثم الإحساس فالإيمان بالله وصفاته وأسمائه وكل خبر أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسوله ..ثم اطمئنانه لما بعد الموت والبرزخ وأحوال يوم القيامة ..ثم يطمئن إلى قدر الله تعالى فلا يسخط ولا يشكو .. {مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ** (التغابن 11)
والإحساس هو الطمأنينه إلى أمر الله امتثالا وإخلاصا ونصحا فلا يقدم على أمر إرادة ولا هوى ..ولا يطيع شهوة تعارض أمرة ..ويطمئن من قلق المعصية إلى سكون التوبة وحلاوتها .
فإذا انتقل من الشك الى اليقين ومن الجهل الى العلم ومن الغفلة الى الذكر ومن الخيانة الى التوبة ومن الرياء الى الإخلاص ومن الكذب الى الصدق ومن الغرور الى التواضع هنا تكون نفسه مطمئنة .
وأصل ذلك كله اليقظة التى تكشف عن قلبه سنة الغفلة ..وهى التى تجعل الإنسان يستقبل عمرة مستدركا ما فات محييا ما أمات مستقبلا ما تقدم له من العثرات ..ويلاحظ نعمة ربه عليه ويرى أنه عاجز عن حصرها أو أداء حقها ..
ثم يري عيوب نفسه وآفات عمله والتقاعد عن كثير من العبادات والواجبات فتنكسر نفسه وتخشع جوارحه ..ويرى عز وقته فيبخل به فيما لا يقربه الى ربه ..ويجد فى حفظه الربح والسعادة ..
هذه هى آثار اليقظة وهى أول منازل النفس المطمئنة التى ينشأ منها سفرها الى الله والدار الآخرة .والتى وعدها الحق فى محكم التنزيل: {يَأَيّتُهَا النّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ** {ارْجِعِي إِلَىَ رَبّكِ رَاضِيَةً مّرْضِيّةً**{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي**{وَادْخُلِي جَنّتِي** (27-30)الفجر

2- النفس اللوامة :هى النفس التى لا تثبت على حال واحدة فهي كثيرة التقلب والتلون فهي تذكر وتغفل وتحب وتكره وتطيع وتتقى وتفرح وتحزن
وقالت طائفة هى نفس المؤمن كما قال الحسن البصري لاترى المؤمن إلا يلوم نفسه دائما يقول ما أردت هذا لم فعلت هذا أو نحو هذا الكلام
وقالت طائفة هى النفس التى تلوم نفسها يوم القيامة على أساءتها أو تقصيرها فى الإحسان ..وقال إبن القيم ( وهذا كله حق )
واللوم نوعان
أ‌-اللوامة الملومة: وهى النفس الجاهلة الظالمة التى رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم تحتمل فى الله ملام اللوم فهي التى يلومها الله والملائكة .
ب‌-اللوامة غير الملومة: وهى من أشرف النفوس وهى التى تلوم صاحبها على تقصيره فى طاعة الله رغم بذل جهده فى ذلك ..ولا تأخذها فى الله لومة لائم واحتملت ملام اللوم فى مرضاته ..فتخلصت من لوم الله
3- النفس الأمارة بالسوء:
وهى النفس المذمومة فهي تأمر صاحبها بكل سوء وما تخلص احد من شرها إلا بتوفيق الله {وَمَآ أُبَرّىءُ نَفْسِيَ إِنّ النّفْسَ لأمّارَةٌ بِالسّوَءِ إِلاّ مَا رَحِمَ رَبّيَ إِنّ رَبّي غَفُورٌ رّحِيمٌ**(53) يوسف
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا خطبة الحاجة 0 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفرة ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ) رواه ابو داود وصححه الألباني

فالشر كامن فى النفس وهو يوجب سيئات الأعمال فإذا خلى الله بين العبد ونفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال وإن وفقه الله وأعانه نجا من كل ذلك كله ..
والخلاصة أن النفس واحده تكون أمارة ثم لوامة ثم مطمئنة وهى غاية صلاحها وكمالها ..

والنفس المطمئنة قرينها الملك يليها ويسددها ويقذف فيها الحق ويرغبها فيه ويزجرها عن الباطل ويزهدها فيه .ويدفعها للتوكل والتوبة والإنابة والإقبال على الله وقصر الأمل والاستعداد للموت وما بعده.وأصعب شيء عليها هو تخليص الأعمال من الشيطان ومن الإمارة لأنهما لن يدعا له عملا واحدا يصل الى الله ..كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه ( لو أعلم أن الله قبل منى سجدة واحدة لم يكن غائب أحب الى من الموت)

والنفس الأمارة بالسوء فالشيطان قرينها فهو يعدها ويمنيها ويقذف فيها الباطل ويأمرها بالسوء ويزينه لها ويطيل لها فى الأمل .ويريها الباطل فى صورة تقبلها وتستحسنها فإذا جاءها الجهاد بينت له... أنه قتل للنفس ..وتيتم لأولاده وتوزيع لأمواله .وتنكح زوجاته
وتريه حقيقة الزكاة والصدقة فى صورة مفارقة المال ونقصه وخلو اليد منه .واحتياجه الى الناس ومساواته للفقير .نعوذ بالله من النفس الأمارة بالسوء ...

نسأل الله العظيم أن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وينصرنا على هوى نفوسنا ويجعل حبه مرادنا... وطاعته غايتنا ..وعبادته سبيلنا ..ولا يجعل لشياطين الإنس والجن علينا سبيلا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله


ريحانة مغربية 22-11-2016 10:32 PM

الطريق الى قبول الأعمال (7) الصبر والشكر


نكمل ما توقفنا عنه من صلاح النفس وكنا قد توقفنا عند أنواع النفس ( اللوامة ....والمطمئنة - والأمارة بالسوء)
ونأتي اليوم الى الصبر والشكر



من المعلوم أن الإيمان نصفين
نصف صبر ونصف شكر وفى كل خير
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) رواه الإمام مسلم في صحيحة



فالله سبحانه وتعالى جعل الصبر حصنا حصينا لا يهدم .وجندا غالبا لا يهزم وبلغ الصابرين أنه معهم بهدايته ونصرة وفتحه المبين فقال ** وَاصْبِرُوَاْ إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ**(46) الأنفال



وجعل الله الإمامة فى الدين منوطة بالصبر واليقين فقال: **وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ**(24)السجدة
وجعل الفلاح والصلاح بالصبر والتقوى
فقال : {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ**(200) آل عمران
ثم بشرهم الله ** وَبَشّرِ الصّابِرِينَ**(155) **الّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنّا للّهِ وَإِنّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ**(156) **أُولَـَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ**(157)البقرة
ثم أحبهم ** وَاللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ** آل عمران(146)



ثم جعل الفوز بالجنة والنجاة من النار هى هديتهم . **إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ أَنّهُمْ هُمُ الْفَآئِزُونَ**(111) المؤمنون



ومن المعلوم أنه لا إيمان لمن لا صبر له
وإن وجد كان ضعيفا واهنا ويكون صاحبه ممن عبدوا الله على حرف فإن أصابه خير اطمئن وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه فخسر الدنيا والآخرة .



أما المؤمنين الذين أدركوا عيشة السعداء بصبرهم ..فسيحلقون بين جناحي الصبر والشكر الى جنات النعيم غير وجلين ..



وحقيقة الصبر تتجلى فى حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي ..



وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها ..



وقيل فيه : ( الصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب )
وقيل : إذا شكوت الى ابن آدم إنما
تشكى الرحيم الى الذي لا يرحم ...



وهذا يأخذنا الى الشكوى ونقسمها الى نوعين
1- الشكوى الى الله عز وجل وهى لا تنافى الصبر
كقول يعقوب عليه السلام : **قَالَ إِنّمَآ أَشْكُو بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ**(86)
وكقوله : ** فَصَبْرٌ جَمِيلٌ **(83)يوسف
2- شكوى المبتلى بلسان الحال فهذة لا تجامع الصبر ..بل تضادة وتبطله ..
فمساحة العافية أوسع للعبد من مساحة الصبر قبل البلاء
ومساحة الصبر أوسع للعبد بعد البلاء
ولذلك كان الصبر عن محارم الله أيسر.... من الصبر على عذابه
والنفس لها قوتان
قوة الإقدام .......وقوة الإحجام.



فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة الى ما ينفعه
وقوة الإحجام مسخرة للإحجام عما يضرة .
ولذلك نجد فى هذا العجب !!!!
فمن الناس من يصبر على قيام الليل ومشقة الصيام ...ولا يصبر على نظرة محرمة
ومنهم من يصبر على النظر للمحرمات ..ولاصبر له على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ..
والصبر أقسام :
• الصبر على الأوامر والطاعات ليؤديها
• الصبر على النواهي والمخالفات حتى لا يقع فيها .
• الصبر على القضاء ..حتى لا يسخط .
وفى ذلك قيل : ( لابد للعبد من أمر يفعله..ونهى يجتنبه....وقدر يصبر عليه )
وهو ينقسم أيضا الى :
• إختيارى : وهو أكمل ..كما حدث مع صبر يوسف عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز... فهو ملك نفسه
• اضطراري : وهو صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه فى الجب ...



ومن هنا نجد أن الصبر يلزم الإنسان حتى الممات
لأنه فى الحياة يتقلب بين أمر يجب تنفيذه...ونهى يجب اجتنابه ...وقدر يجرى عليه اتفاقا ..
وهنا لا يخلو الأمر من أمرين إما أن يوافق الأمر هواه أو يخالفه ...وهو محتاج للصبر فى كل منهما .
فمثلا حتى نفهم ذلك ...
الصحة والمال والجاه والأولاد هى موافقات للهوى والنفس ...لكن الإنسان أحوج للصبر فيهم من وجوه..
1- أن لايركن أليها ويغتر بها ..فتكون سببا فى هلاكه
2- أن لا ينهمك فى نيلها والتمتع بها ..
3- أن يصبر على أداء حق الله فيها .
4- أن يصبر عن صرفها من الحرام .



وقال عبد الرحمن بن عوف : ( ابتلينا بالضراء فصبرنا ...وابتلينا بالسراء فلم نصبر) ...سبحان الله كان تحذير الله من هذه الفتنة ....
**يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ**(9) المنافقون



أما النوع الثاني المخالف للهوى ..فينقسم الى ثلاثة أقسام :



1- ما يرتبط باختيار الشخص ...فحتى العبادات والطاعات محتاجة للصبر عليها ..لأن النفس تنفر بطبيعتها عن كثير من العبودية ..خصوصا إذا صحبها الميل الى الشهوات ومخالطة رفاق السوء ..
فالصلاة ....يكون نفورها إيثار الكسل.
والزكاة .....يكون نفورها .البخل والشح.
والحج......يكمن نفورة..فى الكسل والبخل .



والعبد هنا يحتاج للصبر فى ثلاث أحوال :
• قبل الشروع فى الطاعة : وذلك بتصحيح النية والإخلاص فى الطاعة
• حين الشروع فى الطاعة : بالصبر على دواعي التفريط والتقصير ..ولا تعطله قيام الجوارح بالعبودية عن حضور قلبه وخشوعه.لرب العالمين .
• بعد الفراغ من الطاعة : فهنا ليس المهم ألإتيان بالطاعة ..بل المهم حفظها مما يبطلها ويصبر على نقلها من السر الى العلانية .
فإن العبد يعمل العمل سرا بينه وبين الله سبحانه وتعالى فيكتب فى ديوان السر فإن تحدث به نقل من ديوان السر الى ديوان العلانية ..فينقص الأجر .



2- ما ليس للعبد فيه يد ولا حيله لدفعه ...
كالمصائب ..وهى إما من صنع آدمي كالإيذاء والسب والضرب ..وإما من القدر ..الموت والمرض ....
وهنا ما يصيب الإنسان من الله فله فيه 4 مقامات :
العجز وهو الجزع والشكوى .....الصبر ....الرضي ....الشكر .
وما يصيبه من الناس له ما سبق يضاف إليه ..
مقام العفو ...سلامة الصدور من التشفي ...مقام الإحسان إلى المسيء ..
ونأتي الى فضائل الصبر
فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من يرد الله به خيرا يصب منه ...رواه البخاري ومالك فى الموطأ
وعن أم المؤمنين عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : مامن مصيبة تصيب المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ......رواه البخاري



ومرض أبو بكر رضي الله عنه فقالوا ( ألا ندعو لك الطبيب) فقال قد رآني الطبيب قالوا فأي شيء قال لك ؟ فقال : إني فعال لما أريد .....!
ولما أرادوا قطع رجل عروة ابن الزبير قالوا له : (لو سقيناك شيئا كيلا تشعر بالوجع) فقال : إنما إبتلانى ليرى صبري أفأ عارض أمره ؟؟! سبحان الله



ونأتي للشكر
فيدور حول ثلاثة أركان لا يكون شكرا إلا بها مجموعين
• الاعتراف بالنعمة باطنا
• التحدث بها ظاهرا
• الاستعانة بها على طاعة الله.



ووسائله ثلاثة : اللسان والقلب والجوارح
فاللسان للحمد والثناء
والقلب للمحبة والمعرفة
والجوارح لاستعمالها في طاعة المشكور والكف عن المعاصي .



وكما قرن الصبر بالإيمان قرن الشكر كذلك
{مّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً**(147) النساء



وقسم الناس الى ( شكور ....وكفور )
{إِنّا هَدَيْنَاهُ السّبِيلَ إِمّا شَاكِراً وَإِمّا كَفُوراً**(3) الإنسان
{وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ **(7) إبراهيم



فهنا المزيد لا نهاية له ويلاحظ من قوله تعالى مطلقا :
** وَسَنَجْزِي الشّاكِرِينَ**(145) آل عمران



فى حين أن الله سبحانه وتعالى أوقف كثيرا من الجزاء على المشيئة
** فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ **(28) التوبة 28
** وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ **(40) المائدة
** وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَىَ مَن يَشَآءُ **(15) التوبة



وعرف ابليس اللعين قدر مقام الشكر فسعى لقطع الناس وإلهائهم عنه فقال:
{ثُمّ لاَتِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ**(17) الأعراف
وظهر أنهم قله فى قوله سبحانه وتعالى :
** وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِيَ الشّكُورُ**(13) سبأ



وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حتى تفطرت قدماه فقيل له : أتفعل هذا وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟
قال أفلا أكون عبدا شكورا ....رواه البخاري ومسلم



ومن ما قيل فى هذا المقام :
كان أبو المغيرة : إذا قيل له كيف أصبحت يا أبا محمد ؟ يقول أصبحنا مغرقين في النعم عاجزين عن الشكر ...يتحبب إلينا ربنا ..وهو غني عنا ...ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون .



وقال رجل لأبى تيميه :
كيف أصبحت؟ فقال أصبحت بين نعمتين ...لا أدرى أيتها أفضل ..ذنوب سترها الله على فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد ..ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغها عملي ...!! سبحان الله



وكتب بعض العلماء الى أخ له
فقال : أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله مالا نحصية مع كثرة ما نعصيه ..فما ندرى أيهما نشكر أجميل ما يَسّر أم قبيح ما ستّر .



اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..واجعلنا من الصابرين القانتين المستغفرين بالأسحار ..واجعل ألسنتنا رطبة بشكر نعمك التي لا تحصى واجعلنا بها جديرين ..
وقوينا على الصبر على الطاعات وعلى المعاصي وأشدد أزرنا ولا تلكنا لأنفسنا طرفة عين ..يا أرحم الراحمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته
يتبع إن شاء الله


ريحانة مغربية 22-11-2016 10:33 PM

الطريق الى قبول الأعمال8(محبة الله والتوكل عليه)

مازلنا فى مقالات أحوال النفس وما يقويها على الطاعات ويصونها من المعاصى
تكلمنا فيما سبق عن الصبر والشكر ..نأتى الى المعين على ذلك والسند وهو التوكل على الله ومحبته ..


فالتوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل فى استجلاب المصالح ودفع المضار فى امور الدنيا والآخرة
** وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً**(2) **وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ **(3)الطلاق


وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) رواه الترمذي.


فهنا التوكل من أعظم ألأسباب التى يستجلب بها الرزق
ويجب أن نعلم أن تحقيق التوكل لا ينافى الأخذ بالأسباب ...فالله قد أمر بتعاطى الأسباب .مع أمره بالتوكل ..وعليه فالسعى فى الأسباب بالجوارح طاعة لله .


والتوكل على الله بالقلب .هو إيمان به عز وجل


والأعمال التى يعملها العبد تنقسم الى ثلاثة أقسام .
1)- الطاعات التى أمر الله بها عبادة وجعلها سبب للنجاة من النار ودخول الجنة فهذا لابد من فعله مع التوكل على الله عز وجل فيه . والإستعانة به عليه ..
فإنه لاحول ولا قوة إلا بالله ..ماشاء كان وما لم يشأ لو يكن
وقال يوسف ابن سباط ( يقال اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله وتوكل توكل رجل لا يصيبه إلا ما كتب الله له )


2)- ما أمر الله به عبده ليتعاطيه – كالأكل عند الجوع – والشرب عند العطش ...فهذا واجب على المرأ تعاطي أسبابه
ومن قصر فيه حتى تضرر بتركه مع القدرة على فعله فقط أفرط ويستحق العقوبة


3)- ما أجرى به العادة فى الدنيا فى الأعم الأغلب ...وهو مثل الأدوية ..هل من الأفضل التداوى بها ؟ أم تركه لمن حقق التوكل على الله ؟.
وقيل فى هذا رأيان
أ‌-
أن التوكل لمن قوي عليه أفضل لكن لا يرخص فى ترك السبب بالكلية لمن إنقطع قلبه عن الإستشراف الى المخلوقين بالكلية
كماء زمزم أو الرقية فهنا إن كان إيمانه وحسن ظنه بالله تعالى قوي فهنا
التوكل على الله فى عمله أفضل ليقينه من أن الله هو الشافى
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يدخل الجنة من أمتى سبعون ألف بغير حساب ثم قال : هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون ) رواه البخارى وقال حسن صحيح


ب
-

و من رجح التداوى قال إنه كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وحمل الحديث السابق على الرقى المكروة التى يخشي منه الشرك ولذلك قرنت بالكي والطيرة وكلاهما مكروه..



تكلمنا عن التوكل على الله يجب أن يصاحبه الثقة وحسن الظن بالله تعالى وهذا يأخذنا الى محبة الله عز وجل



فمحبة الله عز وجل
هى الغاية القصوى وهى أمتع المحبات على الإطلاق وأوجبها وأعلاها وأجَلَها
فمحبة الله من الفطرة التى جلبت عليها القلوب
والعبادة لله هى كمال الحب مع كمال الخضوع والتذلل
والله سبحانه وتعالى يُحَب لذاته من جميع الوجوه وما سواه فإنما يحب تبعا لمحبته
ومنها أحبك فى الله – وأحب هذا العمل خالصا لله – وشابان تحابا فى الله. ......



فالقلوب مفطورة مجبولة على محبة من أنعم عليها وأحسن إليها ...فكيف بمن كل الإحسان منه ,وما من نعمة بخلقه إلا منه وحده ،
**وَمِنَ النّاسِ مَن يَتّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبّونَهُمْ كَحُبّ اللّهِ وَالّذِينَ آمَنُواْ أَشَدّ حُبّاً للّهِ **(165)البقرة
**يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ **(54)المائدة



ولقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنه لا يؤمن عبد حتى يكون هو أحب إليه من ولدة ووالدة والناس اجمعين ) رواه البخاري ..والمقصود أن لا يكون إيمانه كاملا .
وقال لعمر بن الخطاب رضى الله عنه : ( لا حتى أكون أحب اليك من نفسك.).



والمقصود من هذا الحديث أن من استكمل الإيمان علم أن حق النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأكد من حق أبيه وابنه والناس اجمعين لأن به صلى الله عليه وسلم استنقذنا من النار ودينا من الضلال .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بنا من أنفسنا فى المحبة ولوازمها أفليس رب العالمين جل جلاله أولى بمحبته وعبادته من أنفسنا ..
الإنسان إذا أحسن اليه مخلوق لوجبت محبته فى قلبه لهذا الإحسان ..فكيف لايحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسن اليه على الدوام بعدد الأنفاس مع أساءته؟ فخيرة اليه نازل وشر العبد له صاعد... يتحبب الى عبده بنعمه وهو عنه غني ..والعبد يتبغض إليه بالمعاصي وهو فقير إليه فلا إحسانه وبرة لعبده يصده عن معصيته ولا معصية العبد تقطع إحسان ربه عنه ...سبحان الواحد الأحد الرحمن الرحيم .
وكل من يتعامل معك يريد مصلحته منك وإن لم يجدها تباعد ورب العالمين يريد لعبده الربح خالصا ومضاعفا فجعل الحسنه بعشرة الى سبعمائة ضعف وجعل السيئة واحدة وأسرع شيء محوا ...إن الحسنات يذهبن السيئات ...إن الله يغفر الذنوب جميعا ..
خلق الدنيا كلها لعبده وهيء له أسباب المعيشة والمتعة الحلال وسخر له الكون وأعطى قبل أن يسأل وهو الغنى ..ويستحى من العبد ولا يستحى العبد منه ...يسترة حيث لا يستر نفسه ..ويرحمه حيث لا يرحم نفسه ...وأرسل الرسل فى طلبه وهدايته ..ولم يكتف بذلك بل نزل بنفسه..وقال ( من يسألنى فأعطيه : من يستغفرنى فأغفر له) رواه البخارى ..
أرحم بعبده من الأم برضيعها وأشد فرحا بتوبة التائب من الفاقد لراحلته التى عليها طعامنه وشرابه فى الأرض المهلكة إذا يأس من الحياة ثم وجدها ..
يطاع فيشكر ....ويُعصي فيعفوا ويغفر ..



ومحبة الله عز وجل هى حياة القلوب وغذاء الأرواح وليس للقلب لذة ولا نعيم ولا فلاح ولا حياة إلا بها ..وإذا فقدها القلب كان ألمها أشد من فقد العين لنورها أو الأذن لسمعها ..وأعظم من فساد البدن الذى تخلو منه الروح..



وأوصت إمرأة من السلف أولا دها فقالت لهم : ( تعودوا حب الله ، وطاعته ، فإن المتقين ُألفو بالطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها ، فإذا عرض لهم الملعون بمعصية مرت المعصية بهم محتشمة فهم لها منكرون )..



فسبحان من عنت الوجوه لنور وجهه وعجزت القلوب عن إدراك كنهه ، ودلت الفطرة على إمتناع مثله وشبهه. وأشرقت لنور وجهه الظلمات واستنارت له الأرض والسموات ...سبحانه كان بعباده رؤوف رحيما ..
اللهم إملأ قلوبنا بمحبتك ..وإجعل كل محبة فى الدنيا لمرضاتك وفى طاعتك يارب
ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ..وإجعلنا أحبة اليك ومنك ولك وبك ..وثبت فى قلوبنا حب من يحبك ..
إن الله ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .



كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته




اللهم إرحم أبتي الشيخ نشأت وأسكنه فسيح جناتك و بدله خيرا مما ترك ..القلب يحزن والعين تدمع وإني لفراقكم يا أبتي لمحزونة و مكروبة ..وإنا لله وإنا إليه راجعون




الساعة الآن 05:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com