منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر الفقه الإسلامي (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=67)
-   -   علم أصول الفقه في سطور (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=8895)

الليبي السلفي 20-11-2006 06:23 PM

علم أصول الفقه في سطور
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.
**يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُسْلِمُونَ** [آل عمران 102].
**يأيّها الناسُ اتّقُوا ربَّكمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً واتَّقُوا اللهََ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كان عَلَيْكُمْ رَقِيباً** [النساء 1].
**يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكمْ ويَغْفِرْ لَكمْ ذُنوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً** [الأحزاب 70].

أمَّا بعد: فإنَّ خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.


موسوعة هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ


علم أصول الفقه في سطور

الدرس الأول تعريف أصول الفقه


س1) عرف أصول الفقه؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : علماء الأصول نظروا إلى أصول الفقه بنظرتين وعلى ضوء هذين النظرتين يمكن تعريف أصول الفقه.
النظرة الأولى - نظرة باعتبار مفرديه (أي باعتبار كلمة أصول وكلمة فقه) ويعرف بما يأتي:
فالأصول جمع ومفردها أصل وهو ما يبنى عليه غيره مثل اصل الشجرة الذي يتفرع منه أغصانها قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)إبراهيم 24.
والفقه لغة الفهم قال الله تعالى ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ) طه 27 . أي يفهموا.
أما اصطلاحاً فهو معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.
فالمراد بالمعرفة هي ( العلم والظن ) لان إدراك الأشياء إما أن يكون:-
علم : وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
ظن : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح.
شك : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مساو.
وهم : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح.
جهل : وهو عدم الإدراك بالكلية.
جهل مركب : وهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه في الواقع.
والأحكام الشرعية هي الأحكام المتلقاة من الشرع كالوجوب والتحريم , و الأحكام ثلاثة أنواع:
عقلية : مثل الواحد نصف الاثنين.
حسية : مثل النار محرقة.
شرعية : مثل الصلاة واجبة.
والشرعية وهى ما تتوقف معرفتها من الشرع ولا تدرك إلا عن طريقه , وتقييد الأحكام بكونها شرعية يُخرج الغير شرعية كالأحكام الحسية و العقلية.
والعملية وهو ما يصدر عن المكلف من الأفعال , لأن الأحكام الشرعية بحسب متعلاقاتها تنقسم إلى:
إعتقادية : وهى ما يتعلق باعتقاد الناس وتسمى أحكام إعتقادية مثل الإيمان بالله وملائكته.
عملية: وهى ما يتعلق بأفعال الناس التي تصدر عنهم وتسمى أحكاما عملية مثل وجوب الصلاة.
أخلاقية : وهى ما تتعلق بتهذيب النفوس وتزكيتها وتسمى الأحكام الأخلاقية مثل وجوب الصدق وتحريم الكذب.
وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتقادية والأخلاقية.
والمراد بقولنا - بأدلتها التفصيلية : أي أدلة الفقه المقرونة بمسائل الفقه التفصيلية , فيخرج به أصول الفقه لأن البحث فيه إنما يكون في أدلة الفقه الإجمالية.
النظرة الثانية - نظرة باعتبار كونه لقباً لهذا الفن المعين فعرفه الأصوليين بعدة تعريفات نذكر منها
ما يأتي:
التعريف الأول - هي القواعد التي يتوصل بها المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية.
شرح التعريف:
1) القواعد : والقواعد جمع مفرده قاعدة و القاعدة عبارة عن قضية كلية تشمل جزئيات كثيرة كقاعدة (الأمر للوجوب) و (النهى للتحريم) وغيرها من القواعد و بأخذ القاعدة في التعريف يخرج الأمور الجزئية.
2) التي يتوصل بها المجتهد : أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الأحكام الفقهية من الدليل التفصيلي.
3) الأحكام : جمع مفرده حكم والحكم إثبات أمر لآخر أو نفيه عنه , والأحكام بحسب طريق إثباتها ثلاثة أنواع.
النوع الأول- عقلي مثل الواحد نصف الاثنين.

النوع الثاني- حسي مثل النار محرقة.

النوع الثالث - شرعي مثل الصلاة واجبة.
4) الشرعية : وهى ما تتوقف معرفتها على الشرع ، وتقييد الأحكام بكونها شرعية يخرج الأحكام الغير شرعية وهى الأحكام العقلية والحسية.
5) العملية : وهو ما يصدر عن المكلف من الأفعال , لأن الأحكام الشرعية بحسب متعلقاتها تنقسم إلى الاعتقادية والعملية والأخلاقية , وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتقادية والأخلاقية .
6) من الأدلة التفصيلية : والمراد بالأدلة التفصيلية الأدلة الجزئية , وهى التي يتعلق كل دليل منها بمسألة مخصوصة , ويدل كل واحد منها على حكم معين , كقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) فإنه دليل تفصيلي تعلق بمسألة معينة وهى الزواج بالأمهات , وتفيد حكماً معيناً وهو حرمة الزواج بالأم.
التعريف الثاني - هو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد.
شرح التعريف :فبقول الإجمالية (وهى القواعد العامة) مثل الأمر للوجوب و النهى للتحريم , فيخرج به أدلة الفقه التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة.
وبقولنا - وكيفية الاستفادة منها : أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الحكم , وبتقييد الاستفادة منها يخرج القواعد التي لا يوصل البحث فيها إلى شئ بأن تكون مقصودة لذاتها مثل قاعدة (العدل أساس الملك) والقواعد يجب أن تكون شرعية وكونها شرعية تخرج القواعد التي ليست شرعية كقواعد النحو مثلاً.
وبقولنا - وحال المستفيد : والمستفيد هو المجتهد لأنه يستفيد بنفسه من الأحكام , فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه يبحث في أصول الفقه.

س2) ما الفرق بين الأصولي والفقيه؟
اعلم يرعاك الله أن : الأصولي يبحث عن القواعد الكلية , والنظر في الأدلة الإجمالية من حيث دلالتها على الحكم فهو ينظر في كيفيات هذه الأدلة وأحوالها من حيث كونها عامة أو خاصة مطلقة أو مقيدة , أمراً أو نهياً , ويضع القواعد التي تبين الحكم لكل منها , فيبحث مثلاً في الأوامر فيجد قاعدة كلية وهى (كل أمر - إذا تجرد من قرينة - يفيد الوجوب) وهكذا النواهي يجد (كل نهى - إذا تجرد من قرينة - يفيد التحريم) ويبحث في العام فيجد أن (العام يتناول أفراده قطعاً).
أما الفقيه فهو يبحث في أدلة الفقه الجزئية ليصل من خلال ذلك إلى معرفة حكم من الأحكام الشرعية العملية , فإذا ما أراد مثلاً معرفة حكم الصلاة , فإنه يبحث في الأدلة التفصيلية المتعلقة بالصلاة فيجد فيما يجد قول الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)البقرة43 , فينظر في هذا الدليل الجزئي فيجد فيه الأمر بالصلاة.

س3) ما فائدة أصول الفقه؟
اعلم وفقك الله أن : من فوائد أصول الفقه:
1) ضبط أصول الاستدلال وذلك ببيان الأدلة الصحيحة من الزائفة.
2) التمكن من الحصول على قدرة نستطيع بها إستخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أساس سليم.
3) تيسير عملية الاجتهاد وإعطاء الحوادث الجديدة ما يناسبها من الحكم.
4) معرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الخلاف بين العلماء والتماس الأعذار لهم.
5) بيان ضوابط الفتوى وشروط المفتى وآدابه.
6) الوقوف على سماحة الشريعة ويسرها , والابتعاد عن الجمود المترتب على دعوى إغلاق باب الاجتهاد.

س4) ما سبب وضع العلماء لعلم أصول الفقه ومن أول من وضعه؟
اعلم وفقك الله ورعاك أن : السبب الذي حمل العلماء على إنشاء هذا العلم أنه عندما كثرت الفتوحات الإسلامية واتسعت رقعة الإسلام أدى ذلك إلى اختلاط الأمة العربية بغيرها من الأمم فدخل في اللغة العربية الكثير من المفردات غير العربية فكثر تبعاً لذلك الاشتباه والاحتمال في فهم النصوص , كما أدت كثرة الفتوحات إلى وجود الكثير من الحوادث التي لم تكن موجودة من قبل والتي لم يرد ما يبين حكمها.
أما أول من وضع هذا العلم فهو الأمام الشافعي رحمه الله تعالى في أواخر القرن الثاني الهجري ثم توالت جهود العلماء فكانت المرحلة الثانية على يد إمامين جليلين هما الخطيب البغدادي وابن عبد البر ثم كانت مرحلة برز فيها جانب الإصلاح وتقويم الاعوجاج لهذا العلم على يد شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم.


الدرس الثاني الأحكام الشرعية وأقسامها



الفصل الأول تعريف الأحكام الشرعية


س5) ما معنى الحكم الشرعي؟
اعلم يرعاك الله أن : معنى الحكم الشرعي لغة المنع ومنه قيل للقضاء حكم لأنه يمنع من غير المقتضى به.
واصطلاحاً هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير أو على جهة الوضع.
شرح التعريف :
1) خطاب : والخطاب يشمل خطاب الله وخطاب غيره من الإنس والجن والملائكة , وبإضافة لفظ الجلالة قيد يخرج خطاب غير الله سبحانه وتعالى .
2) المتعلق بأفعال المكلفين : والمكلفين جمع مفرده مكلف , والمكلف هو كل بالغ عاقل بلغته الدعوة وكان أهلاً للخطاب , ولم يمنعه من التكليف مانع ،وتقييد بالمتعلق بأفعال المكلفين قيد يخرج الخطاب المتعلق بغير أفعال المكلفين كالتعلق بذات الله عز وجل في مثل قوله تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)آل عمران 18 ومثل المتعلق بالجمادات كقوله تعالى (وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي)هود 44.
3) على جهة الطلب أو التخيير أو الوضع : يعنى أن خطاب الشرع تارة يقتضى الطلب وتارة يقتضى التخيير وتارة يكون شيئاً موضوعاً للدلالة على شئ.
فالطلب يدخل فيه الأمر والنهى (الأمر طلب فعل والنهى طلب ترك) وقد يكون الطلب على سبيل الإلزام وهو الواجب أو على سبيل الأفضلية وهو المندوب , وكذلك النهى قد يكون على سبيل الإلزام وهو الحرام وقد يكون على سبيل الأفضلية وهو المكروه , أما على سبيل التخيير فهو المباح.
وأما على جهة الوضع فهو وضع الشرع شيئاً للدلالة على شئ آخر مثل الشرط والسبب والمنع والصحيح والفاسد.


الفصل الثاني أقسام الأحكام الشرعية


س6) ما هي أقسام الأحكام الشرعية؟
اعلم وفقك الله ورعاك أنه : من خلال التعريف السابق للأحكام الشرعية يتضح أنها تنقسم إلى قسمين هما:
أ) التكليفي : وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير.
ب) الوضعي : وهو جعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً أو منعاً أو صحيحاً أو فاسداً.

س7) اذكر أمثلة لكل من الحكم التكليفي والحكم الوضعي؟
اعلم سدد الله خطاك أنه : يمكن أن يجتمع الحكم التكليفي والحكم الوضعي في نص واحد ويمكن أن يفترقا , وسنذكر أمثلة يجتمع فيها الحكم التكليفي والحكم الوضعي وأمثلة أخرى ينفرد فيها كل من الحكم التكليفي والحكم الوضعي.
أولا ) أمثلة يجتمع فيها كل من الحكم التكليفي والحكم الوضعي.
المثال الأول : قول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)المائدة38 فإن في هذا المثال وجوب قطع اليد وهو حكم تكليفي وفيه جعل السرقة سبباً في قطع اليد وهو حكم وضعي.

المثال الثاني : قول الله تعالى (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)المائدة2 , فالحكم التكليفي هو إباحة الصيد بعد التحلل من الإحرام , والحكم الوضعي هو جعل هذا التحلل سبباً في الإباحة.

ثانياً ) مثال ينفرد فيه الحكم التكليفي:
مثل قول الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) البقرة43 , فإن هذه الآية تتضمن حكماً تكليفاً فقط وهو وجوب الصلاة والزكاة.

ثالثاً ) مثال ينفرد فيه الحكم الوضعي :

المثال الأول : كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ) فإن هذا الحديث متضمن حكماً وضعياً فقط وهو جعل الطهارة شرطاً لصحة الصلاة.

المثال الثاني : هو قوله صلى الله عليه وسلم (الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) فإن هذا الحديث يشمل على حكم وضعي , وهو جعل القتل مانعاً من الميراث.

س8) ما هي أقسام الأحكام التكليفية؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الحكم التكليفي ينقسم إلى خمسة أقسام هي:
القسم الأول - الواجب ويسمى (فرضاً - فريضة - حتماً - لازماً).
القسم الثاني - المندوب ويسمى (سنة - مسنوناً - مستحباً - نفلا ً).
القسم الثالث – المحرم.
القسم الرابع - المكروه.
القسم الخامس - المباح ويسمى (حلالاً – جائزاً).

س9) عرف الواجب؟
اعلم سدد الله خطاك أن : الواجب هو ما أمر به الشرع على وجه الإلزام (وفاعله يثاب امتثالاً ويستحق العقاب تاركه).
شرح التعريف:
1) ما أمر به الشرع : يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كل من المحرم والمكروه والمباح.
2) على وجه الإلزام : يخرج ما أمر به الشرع لا على وجه الإلزام وهو المندوب.
3) ويثاب فاعله امتثالاً : يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) ويستحق العقاب تاركه : أي أن تاركه يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.

س 10) ما هي أقسام الواجب؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أنه : يمكن تقسيم الواجب باعتبارين:
1) باعتبار المكلف : وينقسم إلى واجب عين وواجب على الكفاية.
فالواجب العيني: هو ما وجب على كل شخص بعينه كالصلاة والصيام.
وواجب الكفاية : هو ماكان الفرض فيه مقصوداً به قصد الكفاية فيما ينوبه فإذا قام به البعض سقط على الآخرين كصلاة الجنازة.
2) باعتبار وقت أدائه : وينقسم إلى قسمين مطلق ومقيد.
مطلق : وهو ما طلب الشرع فعله ولم يعين وقتاً لادائه مثل الكفارات فإن وجبت كفارة اليمين على شخص فإن له أن يؤديها متى شاء.
مقيد : ما طلب الشارع أدائه وعين لهذا الأداء وقتاً محدداً كالصلوات الخمس وصيام رمضان.

س 11) ما هو الفرق بين الواجب والفرض؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : جمهور الفقهاء ذهب إلى أن لافرق بين الفرض والواجب وقالوا إن هذين اللفظين مترادفين , وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن الفرض غير الواجب فالفرض ما ثبت بدليل قطعي , والواجب ما ثبت بدليل ظني.
وعلى هذا يكون من ترك قراءة شئ من القرآن في الصلاة تكون صلاته باطلة , لأن القراءة فرض لثبوتها بدليل قطعي وهو قول الله تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ)المزمل20 , وأما من ترك قراءة الفاتحة فقط فإن صلاته تكون صحيحة لأن قراءتها ليست فرضاً وإنما هي واجبة فقط لأنها ثابتة بدليل ظني وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ).

س12) عرف المندوب؟
اعلم رحمك الله تعالى أن : المندوب هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام (ويثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه).
شرح التعريف :
1) ما أمر به الشرع : يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كل من المحرم والمكروه والمباح.
2) لا على وجه الإلزام : يخرج ما أمر به الشارع على وجه الإلزام وهو الواجب.
3) ويثاب فاعله امتثالاً : يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) ولا يعاقب تاركه : أي أن تارك المندوب لا يعاقب على تركه له.

س13) عرف المحرم؟
اعلم سدد الله خطاك أن : المحرم ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام (يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله).
شرح التعريف :
1) ما نهى عنه الشارع : يخرج ما أمر به الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح.
2) على وجه الإلزام : يخرج ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام وهو المكروه.
3) يثاب تاركه امتثالاً : يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) ويستحق العقاب فاعله : أي إن فاعله يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.

س14) عرف المكروه؟
اعلم وفقك الله أن : المكروه ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام (يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله).
شرح التعريف :
1) ما نهى عنه الشارع : يخرج ما أمر به الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح.
2) لا على وجه الإلزام : يخرج ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام وهو المحرم.
3) يثاب تاركه امتثالاً : يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) ولا يعاقب فاعله : أي أن فاعل المكروه لا يعاقب ولكن هذا لايعنى أن نتهاون بالمكروه لأنه يخشى أن يكون هذا المكروه سلماً إلى المحرم كما أن المعاصي الصغار وسيلة للكبائر والكبائر وسيلة إلى الكفر ولهذا يقولون المعاصي بريد الكفر أي موصلة للكفر.

س15) عرف المباح؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن : المباح هو ما لا يتعلق به أمر ولانهى لذاته (لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب).
شرح التعريف :
1) ما لا يتعلق به أمر : خرج به الواجب والمندوب.
2) ولا نهى : خرج به المحرم والمكروه.
3) لذاته : يخرج ما لو تعلق به أمر لكونه وسيلة لمأمور به أو نهى لكونه وسيلة لمنهي عنه فإن له حكم ما كان وسيلة له من مأمور أو منهي وهذا لا يخرج عن كونه مباح في الأصل (مثل شراء الماء الأصل فيه الإباحة لكن إذا كان يتوقف على الوضوء للصلاة صار شراؤه واجباً فإذا أمر الشرع بشيء فهو أمر به و أمر بما لا يتم إلا به).
4) لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب : أي أن فعله وتركه لا يترتب عليه عقوبة ولا ثواب.

س16) ما هي أقسام الأحكام الوضعية؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الحكم الوضعي ينقسم إلى خمسة أقسام هي:
القسم الأول - السبب .
القسم الثاني - الشرط .
القسم الثالث – المانع .
القسم الرابع - الصحة .
القسم الخامس - الفساد .

س17) عرف السبب؟
اعلم يرعاك الله أن : السبب هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم , (أي أنه الوصف الظاهر الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم , مثل دخول وقت الصلاة فإنه سبب في وجوبها فيلزم من دخول الوقت وجوب الصلاة متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع , ويلزم من عدم دخول الوقت عدم الوجوب).

س18) عرف الشرط؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم وكان خارجاً عن الماهية (أي إنه الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه كالطهارة بالنسبة للصلاة فإنه يلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة ولا يلزم من وجودها وجود الصحة إذ قد توجد الطهارة وتكون الصلاة باطلة كما لو صلى مستدبراً القبلة مثلاً فهاهنا الشرط موجود وهو الطهارة لكن الحكم غير موجود كما لا يلزم من وجود الشرط وجود الحكم فلا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة إذ قد يتوضأ لقراءة القران مثلاً).

س19) عرف المانع؟
اعلم وفقك الله أن : المانع هو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم (أي أنه الوصف الظاهر الذي يلزم من وجوده عدم الحكم ولا يلزم من عدمه وجود الحكم ولا عدمه مثل الحيض فإنه يلزم من وجوده عدم صحة الصلاة ولا يلزم من عدمه صحة الصلاة ولا عدمها).
وعلى هذا فلا بد في وجود الحكم الشرعي من توفر ثلاثة أمور وهى:
(1) وجود السبب .
(2) وجود الشرط .
(3) انتفاء الموانع .
فإذا تخلف أمر من هذه الأمور انتفى الحكم الشرعي ولا بد.
ومثال لذلك وجوب الزكاة :
السبب : بلوغ النصاب .
الشرط : حولان الحول .
المانع : وجود الدين .
فإذا وجد النصاب وحال الحول وانتفى الدين وجب أداء الزكاة.

س20) عرف الصحة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الصحة هو الفعل الذي يترتب عليه أثره المقصود منه سواء أكان عبادة أو معاملة.
فالصحيح من العبادات ما برئت به الذمة وسقط به المطلب , مثل ذلك أن رجلاً صلى الصلاة على إنه طاهر من الحدث والنجاسة واستقبل القبلة وأتى بكل شئ وبكل ما يلزم فهذه الصلاة صحيحة , والصحيح من المعاملات هو ما ترتب أثره على وجوده كترتب الملك على عقد البيع مثلاً.

س21) عرف الفساد؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : الفساد ما لا تترتب آثار فعله عبادة كان أو معاملة.
فالفاسد من العبادات : ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب كالصلاة قبل وقتها.
والفاسد من العقود : ما لا تترتب آثاره عليه كبيع المجهول.

س22) ما الفرق بين الباطل والفاسد؟
اعلم وفقك الله أن : جمهور العلماء يرى أنه لا فرق بين الباطل والفاسد, ويذهب فريق آخر إلى أن بينهما فرق وهو:
أن الباطل : ما لم يشرع أصلا لا بأصله ولا بوصفه كصلاة الحائض وصومها فإنهما لم يشرع لهما أصلا.
أما الفاسد : ما شرع بأصل دون وصف مثل الصيام يوم النحر , فإن الصيام مشروع بأصله لكنه ليس مشروعاً بوصفه وهو كونه في يوم النحر.
ومن ثمرت هذا التفريق - عند القائلين بذلك - في أن الباطل لا يعتد به أصلا ولا يترتب عليه أي أثر بل يفسخ متى اطلع عليه , وأما الفاسد تترتب عليه آثار مع الإثم مثل بيع الربا يفيد الملك للزيادة بالقبض مع الإثم فإن ألغيت الزيادة فلا إثم.


الفصل الثالث تقسيم الأحكام الشرعية باعتبارها على وفق الدليل أو خلافه


س23) ما هي أقسام الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه؟
اعلم وفقك الله ورعاك أنه : يمكن تقسيم الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه إلى قسمين هما:
القسم الأول : الرخصة .
القسم الثاني : العزيمة .

س24) ما هي الرخصة؟
اعلم سدد الله خطاك أن : الرخصة هي الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر.
شرح التعريف :
1) الحكم : المراد به الحكم الشرعي.
2) الثابت بدليل : أي أن الرخصة لا بد لها من دليل فإذا لم تثبت بدليل فلا يجوز الإقدام عليها.
3) على خلاف دليل آخر : قيد تخرج به الأحكام الثابتة على وفق الدليل مثل إباحة الأكل والشرب والنوم إذ لا يوجد دليل يقتضي منع هذه الأشياء حتى تكون إباحتها على خلافه بل هي موافقة للأصل إذ الأصل في الأشياء الإباحة.
4) لعذر : والمراد بالعذر ما تتحقق معه مشروعية الحكم , مثل المشقة والحاجة والضرورة وعليه فلا يدخل المانع في العذر كالحيض مثلاً لأن إسقاط الصلاة عن الحائض لا يسمى رخصة لأن الحيض مانع.
5) ويخرج بهذا القيد - لعذر- بعض أنواع العزيمة كوجوب الصلاة والزكاة مثلاً فإن هذه الأحكام ثابتة على خلاف الدليل وهو الأصل إذ الأصل عدم التكليف ومع ذلك فلا تسمى رخصة.

س25) ما هي أقسام الرخصة ؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : الرخصة تنقسم إلى أربعة أقسام هى :

(1) الإيجاب . (2) الندب . (3) الإباحة . (4) خلاف الأولى .

فالإيجاب : مثاله أكل الميتة للمضطر إذا خاف على نفسه الهلاك , فإن هذا الحكم ثابت بدليل وهو قول الله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة195 , مع قوله تعالى ( فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)البقرة173 وهذا الدليل يخالف الدليل على حرمة أكل الميتة وهو قول الله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ)المائدة3 فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة لأنه ثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر وهو الاضطرار.

وأما الندب والإباحة : فيكون الكلام فيه كما في الكلام على الإيجاب ولكن مع اختلاف حكم الرخصة فقد تكون الرخصة للاستحباب أو تكون للإباحة.

وأما خلاف الأولى : فمثاله الفطر في نهار رمضان للمسافر الذي لا يتضرر بالصوم , فإن جواز الفطر - والحال هذه - ثابت بقوله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)البقرة 184 , فهذا الدليل مخالف لدليل آخر وهو قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)البقرة 185 , وهذا مخالف لعذر وهو مشقة السفر , وإنما كان الفطر لمن لا يتضرر بالسفر خلاف الأولى لقوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)البقرة 184.

س26) عرف العزيمة؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن : العزيمة هى الحكم الثابت على وفق الدليل أو خلاف الدليل.

س27) ما هي أقسام العزيمة؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : العزيمة تنقسم إلى نوعين:

النوع الأول أحكام ثابتة على وفق الدليل : مثل إباحة الأكل والشرب والنوم فإن هذه الأحكام ونحوها جاءت على وفق الدليل , وهو الأصل في الأشياء الإباحة.

النوع الثاني أحكام ثابتة على خلاف الدليل ولكن لغير عذر : ومثال ذلك وجوب الصلاة والزكاة والصوم وغيرها من التكاليف الأخرى فإن هذه الأحكام جاءت على خلاف الدليل وهو أن الأصل عدم التكليف , ولكن هذه المخالفة كانت للابتلاء ولم تكن لعذر المشقة ونحوها.

الدرس الثالث الأمروالنهي



الفصل الأول الأمر


س65) عرف الأمر؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الأمر قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
شرح التعريف:
فخرج بقولنا (قول) الإشارة، فلا تسمى أمراً وإن أفادت معناه.
وخرج بقولنا (طلب الفعل) النهي لأنه طلب ترك. والمراد بالفعل الإيجاد، فيشمل القول المأمور به.
وخرج بقولنا (على وجه الاستعلاء) الالتماس والدعاء وغيرهما مما يستفاد من صيغة الأمر بالقرائن.

س66) ما هي صيغ الأمر؟
اعلم وفقك الله أن : الأمر له أربع صيغ أصلية وخمسة غير الأصلية.
اولاً)- صيغ أصلية:
(1) فعل الأمر، نحو قوله تعالى ﴿ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِيْ السَّرْدِ وَاعْمَلُوْاصَالِحاً ﴾سبأ11.
(2) اسم فعل الأمر ، مثل كلمة « عليكم » في قوله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾المائدة105.
(3) المضارع المجزوم بلام الأمر ، نحو قوله تعالى ﴿وَلْيَكْتُبْ بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأبَ كَاتِبٌ أَنْ يَّكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِيْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ ﴾البقرة282.
(4) المصدر النائب عن فعل الأمر، وهو الذي يقع جزاءً لشرط نحو قوله تعالى ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾محمد 4, أي : فاضربوا رقابهم.
ونحو قوله تعالى ﴿ فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَّتَمَاسَّا فَمَنْ لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْناً ﴾المجادلة4, أي: فليصم شهرين متتابعين، أو فليطعم ستين مسكيناً.
ثانياً الصيغ غير الأصلية هي:
(1) بلفظ الأمر ، نحو قوله تعالى ﴿ إِنَّ الله يَأمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوْا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا ﴾النساء58.
(2) وبلفظ الفرض ، نحو قوله صلى الله عليه وسلم (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِيْ يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ)البخاري.
(3) وبلفظ الكتب ، نحو قوله تعالى ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾البقرة183.
(4) وبلفظ الوجوب ، نحو قوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِيْ مَمْلُوْكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُّعْتِقَ كُلَّهُ)البخاري.
(5) أن يكون تركه مقروناً بوعيد ، نحو قوله تعالى ﴿وَمَنْ لَّمْ يُؤْمِنْ بِالله وَرَسُوْلِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِيْنَ سَعِيْراً﴾الفتح12.

س 67) ماالذي تقتضيه صيغة الأمر؟
اعلم وفقك الله ورعاك أن: صيغة الأمر عند الإطلاق تقتضي وجوب المأمور به، والمبادرة بفعله فوراً.
هذا وقد يخرج عن الوجوب إلى معانٍ، منها:
الندب ، نحو قوله تعالى ﴿وَأَنْكِحُوْا الأيَامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِيْنَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ ﴾النور32.
الإباحة ، نحو قوله تعالى ﴿كُلُوْا وَاشْرَبُوْا مِنْ رِّزْقِ الله وَلاَ تَعْثَوْا فِيْ الأرْضِ مُفْسِدِيْنَ ﴾البقرة60.
الوعيد ، نحو قوله تعالى ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾الكهف29.
الامتنان ، نحو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوْا مِمَّا فِيْ الأرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً﴾البقرة168.
التعجيز ، نحو قوله تعالى ﴿قُلْ فَادْرَءُوْا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ﴾آل عمران168.
التهديد ، نحو قوله تعالى ﴿إِعْمَلُوْا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ بَصِيْر﴾السجدة40.
الإرشاد إلى ما فيه مصلحة ، نحو قوله تعالى ﴿وَاسْتَشْهِدُوْا شَهِيْدَيْنِ مِنْ رِّجَالِكُمْ﴾البقرة282.
التأديب ، نحو قول الرسول صلى الله عليه وسلم (يَا غُلاَمُ ! سَمِّ الله وَكُلْ بِيَمِيْنِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيْكَ) البخاري.
الدعاء ، نحو قوله تعالى ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِيْنَ﴾المؤمنون118.


الفصل الثاني النهي


س68) عرف النهي؟
اعلم سدد الله خطاك أن : النهي قول يتضمن طلب الكف على وجه الاستعلاء، بصيغة مخصوصة هي المضارع المقرون بلا الناهية.
شرح التعريف:فخرج بقولنا ( قول ) الإشارة، فلا تسمى نهياً وإن أفادت معناه.
وخرج بقولنا ( طلب الكف ) الأمر، لأنه طلب فعل.
وخرج بقولنا ( على وجه الاستعلاء ) الالتماس والدعاء وغيرهما مما يستفاد من النهي بالقرائن.
وخرج بقولنا ( بصيغة مخصوصة هي المضارع.. إلخ ) ما دل على طلب الكف بصيغة الأمر مثل ( دع، اترك، كف، ونحوها )، فإن هذه وإن تضمنت طلب الكف لكنها بصيغة الأمر فتكون أمراً لا نهياً.

س69) ما هي صيغ النهي؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : النهي له صيغة أصلية واحدة , وصيغ غير الأصلية.
إما صيغة الأصلية فهي المضارع المجزوم ب «لا» الناهية نحو قوله تعالى ﴿فَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلهاً آخَرَ فَتَكُوْنَ مِنَ الْمُعَذَّبِيْنَ﴾الشعراء213.
والصيغ غير الأصلية هي:
(1) بلفظ التحريم ، نحو قوله تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾الأعراف33.
(2) بلفظ الكراهة ، كقوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الله كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثاً: قِيْلَ وَقَالَ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ)البخاري.
(3) بلفظ النهي ، نحو قوله تعالى ﴿وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾النحل90.
(4) وبلفظ لا يحل ، نحو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوْا النِّسَاءَ كَرْهاً﴾النساء19.
(5) أن يكون فعله مقروناً بوعيد ، نحو قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِيْنَ فَتَنُوْا الْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوْبُوْا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيْقِ﴾البروج10 , و نحو قوله صلى الله عليه وسلم (لَنْ يُّفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً)البخاري.

س 70) ماالذي تقتضيه صيغة النهي؟
اعلم سدد الله خطاك أن : صيغة النهي عند الإطلاق تقتضي تحريم المنهي عنه وفساده.
هذا وقد يخرج عن ذلك لدليل يقتضي ذلك إلى معانٍ، منها:
الكراهة ، وهي أقل قبحاً وأخف طلباً من التحريم ، نحو قوله تعالى ﴿وَلاَ تَيَمَّمُوْا الْخَبِيْثَ مِنْهُ تُنْفِقُوْنَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيْهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوْا فِيْهِ﴾البقرة267.
الإرشاد إلى ما فيه مصلحة ، نحو قوله تعالى ﴿لاَ تَسْئَلُوْا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾المائدة101.
الدعاء ، نحو قوله تعالى ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِيْنَا أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً﴾البقرة286.
التحذير ، نحو قوله تعالى ﴿وَلاَ تَمُوْتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ﴾آل عمران102.
بيان تحقير الشيء وتقليله ، نحو قوله تعالى ﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيْهِ﴾طه131.


الدرس الرابع العام والخاص



الفصل الأول العام


س71) عرف العام؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : العام لغة الشامل .
واصطلاحاً اللفظ المستغرق لجميع أفراده بلا حصر .
الشرح :
1- فخرج بقولنا المستغرق لجميع أفراده : ما لا يتناول إلا واحداً، كالعلم والنكرة في سياق الإثبات ، كقوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)النساء92 لأنها لا تتناول جميع الأفراد على وجه الشمول ، وإنما تتناول واحداً غير معين.
2- وخرج بقولنا بلا حصر : ما يتناول جميع أفراده مع الحصر، كأسماء العدد : مئة وألف ونحوهما.

س72) ما هي صيغ العموم؟
اعلم رحمك الله تعالى أن : صيغ العموم كثيرة فنذكر بعضاً منها:
أولاً - من الاسم :
1) كل: نحو قوله تعالى ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوْكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُوْنَ﴾الأنبياء35.
2) جميع: نحو قوله تعالى ﴿إِنْ كَانَتْ إلاَّ صَيْحَةً وَّاحِدَةً فَإذَا هُمْ جَمِيْعُ لَّدَيْنَا مُحْضَرُوْنَ﴾يس53.
3) كافة: نحو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا ادْخُلُوْا فِيْ السِّلْمِ كَافَّةٍ وَلاَ تَتَّبِعُوْا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾البقرة208.
4) معشر: نحو قوله تعالى ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوْا مِنْ أَقْطَارِ السَّموتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوْا لاَ تَنْفُذُوْنَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾الرحمن33.
5) سائر: نحو حديث جابر (كَانَ النَّبِيُّ يَأخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ ، وَيُفِيْضُهَا عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ يُفِيْضُ عَلى سَائِرِ جَسَدِهِ)البخاري.
6) مَنْ الشرطية : نحو قوله تعالى ﴿وَمَنْ يُّؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾التغابن11 , والموصولة نحو قوله تعالى ﴿لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾الأنبياء19 , والاستفهامية نحوقوله تعالى ﴿وَمَنْ يَّقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إلاَّ الضَّآلُّوْنَ﴾الحجر56.
7) ما الشرطية: نحوقوله تعالى ﴿مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا ﴾فاطر2 ، والاستفهامية نحوقوله تعالى ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِيْنِكَ يَا مُوْسى﴾طه27 ، والموصولة نحوقوله تعالى ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾النحل49.
ثانياً - من الحروف :
حرف « أل » وهي على نوعين :
1) لتعريف العهد ، ومعناه : أن يكون عند السامع علم بشيء قد جرى ذكره ، أو هو معلوم عنده ؛ فيعرفه ب« أل » دلالةً على معلوميته , نحوقوله تعالى ﴿كَمِشْكَاةٍ فِيْهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾النور35 , وهذا النوع لا يفيد العموم والاستغراق.
2) لتعريف الجنس: وهي التي يكون المقصود بها إحاطة أفراد الجنس ، وهي من صيغ العموم ، فيصح أن يخلفها لفظ «كل» لإفادة معنى العموم ، نحوقوله تعالى ﴿وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيْفاً﴾النساء 28 , و قوله عزوجل ﴿إنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْرٍ﴾العصر2.
ثالثاً - العموم المستفاد من الأساليب وهي :
1) النكرة في سياق النفي: نحو قوله تعالى ﴿وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ الله﴾آل عمران62 ، ونحو قوله صلى الله عليه وسلم : ﴿لاَ صَلاَةَ لِمَن لَّمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ﴾البخاري.
2) النكرة في سياق الشرط : نحو قوله تعالى ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوْزاً﴾النساء128.
3) النكرة في سياق النهي: نحو قوله تعالى ﴿وَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلهاً آخَرَ﴾القصص88.
4) النكرة في سياق الاستفهام الإنكاري : نحو قوله تعالى ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾مريم65.
5) المعرَّف بإضافة معنوية : نحو قوله تعالى ﴿وَإنْ تَعُدُّوْا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوْهَا﴾ابرهيم34 , وقوله صلى الله عليه وسلم ﴿اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيْ ذَنْبِيْ كُلَّهُ﴾مسلم483.

س73) ما حكم العمل بالعام؟
اعلم يرعاك الله أنه : يجب الاعتبار بالعموم من العام ، ولا يصار إلى تخصيصه إلا بدليل , لأن العمل بنصوص الكتاب والسنة واجب على ما تقتضيه دلالتها حتى يقوم دليل على خلاف ذلك.
وإذا ورد العام على سبب خاص وجب العمل بعمومه ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، إلا أن يدل دليل على تخصيص العام بما يشبه حال السبب الذي ورد من أجله فيختص بما يشبهها.
مثال ما لا دليل على تخصيصه آيات الظهار، فإن سبب نزولها ظهار أوس بن الصامت والحكم عام فيه وفي غيره.
ومثال ما دل الدليل على تخصيصه قوله صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصيام في السفر) فإن سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال (ما هذا ؟) قالوا (صائم) فقال (ليس من البر الصيام في السفر) . فهذا العموم خاص بمن يشبه حال هذا الرجل، وهو من يشق عليه الصيام في السفر، والدليل على تخصيصه بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر حيث كان لا يشق عليه ، ولا يفعل صلى الله عليه وسلم ما ليس ببر.


الفصل الثاني الخاص


س74) عرف الخاص لغة وشرعاً؟

اعلم سددك الله إلى هداه أن : الخاص لغة ضد العام.
واصطلاحاً اللفظ الدال على محصور بشخص أو عدد ، كأسماء الأعلام والإشارة والعدد.

س75) ما معني التخصيص والمخصِّص - بكسر الصاد - لغة وشرعاً؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن : التخصيص لغة ضد التعميم.
واصطلاحاً : إخراج بعض أفراد العام.
والمخصِّص - بكسر الصاد - فاعل التخصيص ، وهو الشارع ، ويطلق على الدليل الذي حصل به التخصيص.

س76) ما هي أنواع أدلة التخصيص؟
اعلم يرعاك الله أن : دليل التخصيص نوعان : متصل ومنفصل.
فالمتصل : هو الكلام الذي يشتمل على معنى التخصيص إلا أنه مرتبط بالكلام الدال على العموم ارتباطاً لو فصلناه عنه لم يستقل بإفادة معناه.
وله أربعة أنواع :
1) الاستثناء : نحو قوله تعالى ﴿لاَ إلهَ إلاَّ أنْتَ سُبْحَانَكَ﴾الأنبياء87.
2) الشرط : نحو قوله تعالى ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَاتَرَكَ أزْوَاجُكُمْ إنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ﴾النساء12.
3) الصفة: نحو قوله تعالى ﴿وَمَنْ لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أنْ يَّنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾النساء25.
4) الغاية : نحو قوله تعالى ﴿فَإنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾البقرة 230.

والمخصص المنفصل : هو الكلام الذي يشتمل على معنى التخصيص إلا أنه مستقل ومنفصل عن الكلام الذي يشتمل على العموم.
كتخصيص آية بآية أخرى ، أو تخصيص آية بحديث أو تخصيص حديث بآية ، أو التخصيص بالعقل ، أو القياس ونحوها.

س77) ما حكم تخصيص العام؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن : حكم تخصيص العام يجب الأخذ به إذا صح دليل التخصيص.


الدرس الخامس المطلق والمقيد



الفصل الأول المطلق


س78) عرف المطلق لغة وشرعاً؟
اعلم فقهك الله أن : المطلق لغة ضد المقيد .
واصطلاحاً ما دل على الحقيقة بلا قيد .
الشرح :
خرج بقولنا ما دل على الحقيقة : العام ، لأنه يدل على العموم لا على مطلق الحقيقة فقط.
وخرج بقولنا بلا قيد : المقيد .

س79) أذكر أمثلة للمطلق ؟
اعلم وفقك الله أن : أمثلة المطلق ما ياتي :
1) كلمة « الدم » في قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ﴾ البقرة 173 .
2) وكلمة « رقبة » في قوله تعالى ﴿ فَتَحْرِيْرُ رَقَبَةٍ مِّنْ قَبْلِ أَنْ يَّتَمَاسَّا ﴾ المجادلة 4 .
3) وكلمة «بقرة» في قوله تعالى ﴿ إِنَّ الله يَأمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوْا بَقَرَةً ﴾ البقرة 67 .

س80) ما حكم المطلق ؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الأصل في المطلق الا عتبار بإطلاقه ، ولا يصار إلى تقييده إلا بدليل موجب لذلك ، لأنه خلاف الأصل .


الفصل الثاني المقيد


س81) عرف المقيد ؟

اعلم سددك الله إلى هداه أن : المقيد هو الشيء الذي ذكر باسمه مقروناً بشيء من صفاته أو متعلقاته ، إما بإثباتها له أو نفيها عنه.

س 82) أذكر أمثلة للمقيد ؟
اعلم وفقك الله أن :من أمثلة المقيد ما ياتي :
1) كلمة « الدم » في قوله تعالى ﴿قُلْ لاَّ أَجِدُ فِيْ مَا أُوْحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً عَلى طَاعِمٍ يَّطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَّكُوْنَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوْحاً﴾الأنعام 145 , حيث وردت مطلقة في قوله تعالى ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾البقرة173.
2) وكلمة « رقبة » في قوله تعالى ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيْرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾النساء92 , حيث وردت مطلقة في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾المجادلة3 .
3) وكلمة « بقرة » في قوله تعالى ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعُ لَّوْنُهَا تَسُرُّالنَّاظِرِيْنَ﴾البقرة69 , حيث وردت مطلقة في قوله تعالى ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾البقرة67.

س 83) ما حكم المقيد؟

اعلم يرعاك الله أنه : يجب العمل بالمقيد إلا إذا قام دليل على إلغائه.


الدرس السادس المجمل والمبين



الفصل الأول المجمل


س84) عرف المجمل لغة وشرعاً؟

اعلم يرعاك الله أن : المجمل لغة المبهم والمجموع.
وشرعاُ ما احتمل معنيين أو احتمالين فأكثر على السواء أي من غير ترجيح أحدهما على الآخر.

س 85) ما هي أسباب الإجمال؟
اعلم وفقك الله أن : أسباب الإجمال هي :
1) الاشتراك مثل كلمة « القرء» في قوله تعالى ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَ ثَةَ قُرُوْءٍ﴾البقرة228 , فإنها مشتركة بين الطهر والحيض.
2) غرابة اللفظ ، نحو قوله تعالى ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوْعاً إذَا مَسَّهُ الشَّرُ جَزُوْعاً﴾المعارج19- 20.
3) عدم معرفة الصفة نحو قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾البقرة43 فإن صفة إقامة الصلاة مجهولة تحتاج إلى بيان.
4) عدم معرفة المقدار ، نحو قوله تعالى ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾البقرة43 فإن مقدار الزكاة الواجبة مجهول يحتاج إلى بيان.

س86) ما حكم العمل بالمجمل؟
اعلم وفقك الله أن : حكم المجمل التوقف فيه حتى يتبن المراد منه من جهة الكتاب والسنة ، فإن كان بيانه وافياً صار المجمل بعد البيان مفسَّراً ، وإن كان بيانه غير كاف بل فيه بقية خفاء صار المجمل من قسم المشكل ، فيحتاج من المجتهد إلى نظر وتأمل لإزالة إشكاله ومعرفة المراد منه , فإن كان اللفظ مجملاً من جهة ومبيناً من جهة أخرى فإنه يعمل بما كان مبيناً منه ، ويطلب بيان ما أجمل منه من غيره.
وأعلم أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا بد أن تنقلها الأمة ، فما ترك الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حلالاً إلا بينه الله و بينه رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا حراماً إلا بينه الله و بينه رسوله صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون بعضه أظهر بياناً من بعض.


الفصل الثاني المبين


س87) عرف المبين لغة وشرعاً؟

اعلم وفقك الله ورعاك أن : المبين لغة المظهر والموضح.
واصطلاحاً ما يفهم المراد منه إما بأصل الوضع أو بعد التبيين.
مثال ما يفهم المراد منه بأصل الوضع لفظ : سماء ، أرض ، جبل ، عدل ، ظلم ، صدق , فهذه الكلمات ونحوها مفهومة بأصل الوضع ولا تحتاج إلى غيرها في بيان معناها .
ومثال ما يفهم المراد منه بعد التبيين قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)البقرة43 فإن الإقامة والإيتاء كل منهما مجمل ، ولكن الشارع بينهما فصار لفظهما بينا بعد التبيين.


الدرس السابع الظاهر والمؤول والنص



الفصل الأول
الظاهر


س88) عرف الظاهر لغة وشرعاً؟
اعلم سدد الله خطاك أن : الظاهر لغة الواضح والبين.
واصطلاحاً : ما دل بنفسه على معناً راجح مع احتمال غيره.
الشرح :
1) خرج بقولنا ما دل بنفسه على معناً : المجمل ، لأنه لا يدل على المعنى بنفسه.
2) وخرج بقولنا راجح : المؤول ، لأنه يدل على معناً مرجوح لولا القرينة.
3) وخرج بقولنا مع احتمال غيره : النص الصريح ، لأنه لا يحتمل إلا معناً واحداً.

س89) أذكر أمثلة للظاهر؟
اعلم وفقك الله أن : من أمثلة الظاهر ما يأتي :
1) من جهة اللغة : مثل كلمة « صعيد » في قوله تعالى ﴿فَتَيَمَّمُوْا صَعِيْداً طَيِّباً﴾النساء43 , فإنها ظاهرة في كل ما صعد على وجه الأرض.
2) من جهة الشرع : مثل كلمة « النكاح » في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ﴾مسلم , فإنه ظاهر في العقد.
3) من جهة العرف : مثل كلمة « اليتيم » في قوله تعالى ﴿وَابْتَلُوْا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوْا النِّكَاحَ﴾سورة النساء 6 , فإنه ظاهر في من لا أب له.

س90) ما حكم العمل بالظاهر؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أنه : يجب العمل بالمعنى الظاهر إلا بدليل يصرفه عن ظاهره ، من تأويل أو تخصيص أو تقييد ونحوها.


الفصل الثاني المؤول


س91) عرف المؤول لغة وشرعاً؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن :المؤول لغة من الأول وهو الرجوع.
واصطلاحاً : ما حمل لفظه على المعنى المرجوح.
الشرح :
1) خرج بقولنا على المعنى المرجوح : النص والظاهر ، أما النص فلأنه لا يحتمل إلا معناً واحداً ، وأما الظاهر فلأنه محمول على المعنى الراجح.

س92) ما هي أقسام التأويل؟
اعلم سدد الله خطاك أن : التأويل قسمان :
صحيح مقبول ، وفاسد مردود .
1- فالصحيح ما دل عليه دليل صحيح : كتأويل قوله تعالى : (واسأل القرية) إلى معنى : واسأل أهل القرية ، لأن القرية نفسها لا يمكن توجيه السؤال إليها.
2- والفاسد ما ليس عليه دليل صحيح : كتأويل المعطلة قوله تعالى : (الرحمن على العرش استوى) إلى معنى استولى والصواب أن معناه العلو والاستقرار من غير تكييف ولا تمثيل.
ويتفق التفسير مع التأويل بمعنى التفسير في أن كلاً منهما فيه بيان للمراد من النص ، لكن المفسَّر جاء بيانه من قبل الشارع فهو قطعي في بيان المراد ، أما المؤول فهو تبيين من المجتهد ، فلا يكون قطعياً في تعيين المراد.


الفصل الثالث النص


س93) عرف النص لغة وشرعاً؟
اعلم رحمك الله تعالى أن : النص لغة الظهور والرفع.
واصطلاحاً هو الكلام الذي لا يحتمل إلا معناً واحداً.

س94) أذكر أمثلة للنص ؟
اعلم وفقك الله أن : أمثلة النص ما ياتي :
ما جاء بأصل الوضع كأسماء الأعداد ، نحو قوله تعالى ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً﴾المائدة26.
والأعلام نحو قوله تعالى ﴿وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيْسى وَإلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِيْنَ﴾الأنعام85.
والأجناس نحو قوله تعالى ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِيْ إِسْرَآئِيْلَ إلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَآئِيْلُ عَلى نَفْسِهِ﴾آل عمران93.
وكذلك الألفاظ المتباينة والمترادفة.
وأما ما جاء بموجب القرائن كأن يكون اللفظ محتملاً لمعان متعددة ولكنه ورد من الشارع ما يعين أحد معانيه وينفي غيره مثل قوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)البخاري , فالنهي حقيقة في التحريم والأمر في الوجوب عند الجمهور ويحتملان غيرهما ولكن الوعيد دل على أنهما على الحقيقة في الحديث المذكور ، فصار الحديث بذلك نصاً في مسألة الباب.

س95) ما حكم العمل بالنص؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أنه :يجب العمل به ، ولا يعدل عنه إلا بدليل يصرفه عن ظاهره من تخصيص أو تقييد أو تأويل.


الدرس الثامن النسخ


س96) عرف النسخ؟
اعلم يرعاك الله أن : النسخ لغة الإزالة والنقل.
واصطلاحاً : رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة.
الشرح :
1) المراد بقولنا رفع حكم : أي تغييره من إيجاب إلى إباحة، أو من إباحة إلى تحريم مثلاً ، فخرج بذلك تخلف الحكم لفوات شرط أو وجود مانع ، مثل أن يرتفع وجوب الزكاة لنقص النصاب أو وجوب الصلاة لوجود الحيض ، فلا يسمى ذلك نسخاً.
2) والمراد بقولنا أو لفظه : لفظ الدليل الشرعي , لأن النسخ إما أن يكون للحكم دون اللفظ ، أو بالعكس ، أو لهما جميعاً كما سيأتي.
3) وخرج بقولنا بدليل من الكتاب والسنة : ما عداهما من الأدلة كالإجماع والقياس، فلا ينسخ بهما.

س97) ما الدليل على جواز النسخ؟
اعلم وفقك الله أن : النسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً.
أما جوازه عقلاً فلأن الله بيده الأمر وله الحكم لأنه الرب المالك ، فله أن يشرع لعباده ما تقتضيه حكمته ورحمته ، وهل يمنع العقل أن يأمر المالك مملوكه بما أراد ؟! ثم إن مقتضى حكمة الله ورحمته بعبادة أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم ، والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان ، فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح ، والله عليم حكيم.
وأما وقوعه شرعاً فلأدلة ، منها :
1- قوله تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة106.
2- قوله تعالى (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ) الأنفال66 , و قوله تعالى (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ)البقرة187 فإن هذا النص في تغيير الحكم السابق.
3- قوله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها) فهذا نص في نسخ النهي عن زيارة القبور.

س98) ما الذي يمتنع نسخه؟
اعلم وفقك الله أن : الذي يمتنع نسخة :
1- الأخبار : لأن النسخ محله الحكم ، ولأن نسخ أحد الخبرين يستلزم أن يكون أحدهما كذباً ، والكذب مستحيل في أخبار الله ورسوله.
اللهم إلا أن يكون الحكم أتى بصورة الخبر فلا يمتنع نسخه ، كقوله تعالى (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ)الأنفال65، فإن هذا خبر معناه الأمر، ولذا جاء نسخه في الآية التي بعدها وهي قوله تعالى (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ)الأنفال66.
2- الأحكام التي تكون مصلحة في كل زمان ومكان : كالتوحيد وأصول الإيمان وأصول العبادات ومكارم الأخلاق من الصدق والعفاف والكرم والشجاعة ونحو ذلك ، فلا يمكن نسخ الأمر بها ، وكذلك لا يمكن نسخ النهي عما هو قبيح في كل زمان ومكان ، كالشرك والكفر ومساوئ الأخلاق من الكذب والفجور والبخل والجبن ونحو ذلك , إذ الشرائع كلها لمصالح العباد ودفع المفاسد عنهم.

س99) ما هي شروط النسخ؟
اعلم وفقك الله ورعاك أنه : يشترط للنسخ فيما يمكن نسخه شروط ، منها:
1- تعذر الجمع بين الدليلين : فإن أمكن الجمع فلا نسخ لإمكان العمل بكل منهما.
2- العلم بتأخر الناسخ : ويعلم ذلك إما بالنص أو بخبر الصحابي أو بالتاريخ.
مثال ما علم تأخره بالنص قوله صلى الله عليه وسلم (كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة).
ومثال ماعلم بخبر الصحابي قول عائشة رضي الله عنها (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات).
ومثال ما علم بالتاريخ قوله تعالى (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ)الأنفال66 ، فقوله (الآن) يدل على تأخر هذا الحكم ، وكذا لو ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بشيء قبل الهجرة ثم حكم بعدها بما يخالفه ، فالثاني ناسخ.
3- ثبوت الناسخ .

س100) ما هي أقسام النسخ ؟
اعلم سدد الله خطاك أن : النسخ ينقسم باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام :
الأول ما نسخ حكمه وبقي لفظه : وهذا هو الكثير في القرآن ، مثاله آيتا المصابرة ، وهما قوله تعالى (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ)الأنفال65 ، نسخ حكمها بقوله تعالى (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ)الأنفال66.
وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ بقاء ثواب التلاوة وتذكير الأمة بحكمة النسخ.
الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه : كأية الرجم ، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال (كان فيما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، وقامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف).

وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن ، وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى عكس حال اليهود الذين حاولوا كتم نص الرجم في التوراة.
الثالث ما نسخ حكمه ولفظه : كنسخ عشر الرضعات السابق في حديث عائشة رضي الله عنها.
وينقسم النسخ باعتبار الناسخ أربعة أقسام :

الأول نسخ القرآن بالقرآن : ومثاله آيتا المصابرة .

الثاني نسخ القرآن بالسنة
: ولم أجد له مثالاً سليماً .

الثالث نسخ السنة بالقرآن : ومثاله نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة باستقبال الكعبة الثابت بقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)البقرة 144.

الرابع نسخ السنة بالسنة : ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن النبيذ في الأوعية ، فاشربوا فيما شئتم ولا تشربوا مسكراً).

س101) ما الحكمة من النسخ؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : الحكمة من النسخ:
1- مراعاة مصالح العباد بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم ودنياهم.
2- التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال.
3- اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر ورضاهم بذلك.
4- اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف ، ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل.


الدرس التاسع الاستدلال بالمفهوم


س102) ما معنى المفهوم لغة وشرعاً؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن : المفهوم مأخوذ من الفهم ، وهو جودة استعداد الذهن للاستنباط .
واصطلاحاً : ما فهم من اللفظ في غير محل النطق.

س103) ما هي أقسام المفهوم؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : المفهوم قسمين : موافق ، ومخالف.

س104) ما هو مفهوم الموافقه وما هي أنواعه؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : مفهوم الموافقة هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافقاً لمدلوله في محل النطق.
وهو على نوعين :
(1) المفهوم الأولوي : وهو ما كان المسكوت عنه أولى بحكم المنطوق به ، نحو قوله تعالى ﴿فَمَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾الزلزلة7 , فما فوق الذرة من أعمال الخير هو أولى للأجر والثواب.
(2) المفهوم المساوي : وهو ما كان المسكوت عنه مساوياً لحكم المنطوق به نحو قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِيْنَ يَأكُلُوْنَ أَمْوَالَ الْيَتَامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأكُلُوْنَ فِيْ بُطُوْنِهِمْ نَاراً﴾النساء10 , فتضييع مال اليتيم بالأكل يساوي تضييعه حكماً في أي صورة أخرى.

س105) ما هو مفهوم المخالفة وما هي أنواعه؟
اعلم سدد الله خطاك أن : مفهوم المخالفة هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفاً لمدلوله في محل النطق.
وله عدة أقسام منها:
1) مفهوم الصفة : هو دلالة النص الذي قيد فيه الحكم بصفة على انتفاء الحكم عما انتفت عنه هذه الصفة.
والمراد بالصفة الصفة النحوية مثل قوله تعالى ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوْا﴾الحجرات6 , فإنه دل بمنطوقه على وجوب التبين في خبر الفاسق ، وبمفهومه على عدم الوجوب في خبر العدل.
والحال ، نحو قوله تعالى ﴿لاَ تَقْرَبُوْا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكارَى﴾النساء 43.
والظرف ، نحو قوله تعالى ﴿وَلاَ تُبَاشِرُوْهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُوْنَ فِيْ الْمَسَاجِد ﴾البقرة 187.
والجار والمجرور، نحو قوله تعالى ﴿وَلاَ تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ﴾التوبة84.
2) مفهوم الشرط :
هو دلالة النص الذي علق فيه الحكم على شيء بأداة من أدوات الشرط على نفي الحكم عند انتفاء الشرط.
ومثاله قوله تعالى ﴿وَإِنْ كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوْا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾الطلاق6 , و قوله تعالى ﴿وَآتُوْا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوْهُ هَنِيْئاً مَرِيْئاً﴾النساء4.
3) مفهوم الغاية :
هو دلالة النص الذي قيد فيه الحكم بغاية على انتفاء الحكم بعد هذه الغاية.
ومثاله قوله تعالى ﴿فَاعْتَزِلُوْا النِّسَاءَ فِيْ الْمَحِيْضِ وَلاَ تَقْرَبُوْهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾البقرة222 .
وقوله تعالى ﴿وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوْا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ﴾البقرة187.
4) مفهوم اللقب :
هو دلالة النص الذي قيد فيه الحكم بما يدل على الذات على انتفائه عند انتفاء اللقب.
والمقصود باللقب هنا الاسم الذي عبر به عن ذات من الذوات نحو قوله صلى الله عليه وسلم (جُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِداً وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُوْراً إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ)مسلم , فإن مفهومه أن غير التراب لا يكون طهوراً ، فلا يتيمم به.
5) مفهوم العدد : هو دلالة النص الذي قيد فيه الحكم بعدد معين على انتفاء الحكم عند انتفاء العدد.
مثاله : قوله صلى الله عليه وسلم (فِيْ كُلِّ أَرْبَعِيْنَ شَاةً شَاةٌ إلى عِشْرِيْنَ وَمِئَةٍ) , ومفهومه في ما تحت العدد المذكور.
وقوله صلى الله عليه وسلم (خَمْسُ صَلَوٰتٍ افْتَرَضَهُنَّ الله عَزَّوَجَلَّ) ومفهومه في ما فوق العدد المذكور.


الدرس العاشر التعارض والترجيح


س106) عرف التعارض لغة وشرعاً؟
اعلم سدد الله خطاك أن : التعارض لغة التقابل والتمانع.
وشرعاً : هو تقابل الدليلين على سبيل الممانعة ، وذلك إذا كان أحد الدليلين يدل على خلاف ما دل عليه الآخر ، كأن يدل أحد الدليلين على الجواز والآخر على المنع ، فدليل الجواز يمنع التحريم ودليل التحريم يمنع الجواز، فكل منهما مقابل للآخر ومعارض له وممانع له .

س107) ما هي أقسام التعارض؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أنه : قد يكون التعارض بين الدليلين كلياً وقد يكون جزئياً فإن كان التعارض بين دليلين من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما فهذا هو التناقض وهو التعارض الكلي ، أما إذا كان التعارض بين دليلين من وجه دون وجه بحيث يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه فهذا هو التعارض الجزئي .

س108) هل يوجد تعارض بين النصوص الشرعية؟
اعلم رحمك الله إن : كتاب الله سالم من الاختلاف والاضطراب والتناقض لأنه تنزيل من حكيم حميد ، فهو حق من حق، وكذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة مبرئة من التناقض والاختلاف ، وكذلك الإجماع فلا يمكن أن ينعقد إجماع على خلاف إجماع أبدا ، أما القياس فما كان منه صحيحا فإنه لا يتناقض أبدا ، فإذا علم أن أدلة الشرع لا تتناقض في نفسها فإنها أيضا لا تتناقض مع بعضها بل هي متفقة لا تختلف متلازمة لا تفترق ، لأن أدلة الشرع حق والحق لا يتناقض بل يصدق بعضه بعض.
والعقل الصريح موافق للنقل الصحيح فلا تعارض بين الأدلة الشرعية والعقل إذ أن خالق هذا العقل هو الذي انزل الشرع .
واعلم انه إذا ما وجد تعارض بين أدلة الشرع فإنه هو بحسب ما يظهر للمجتهد أما في حقيقة الأمر فلا تعارض البتة بين الأدلة الشرعية.

س109) ما هي شروط التعارض؟
اعلم وفقك الله إنه: يشترط لصحة دعوى التعارض الأمور التالية :
(1) أن يكون محل حكم الدليلين واحداً .
(2) أن يتحد وقت صدور الدليلين المتعارضين .
(3) أن يكون حكم كل واحد من الدليلين مخالفاً ومناقضاً لحكم غيره.
(4) أن يتساوى الدليلان في قوة الثبوت ، والدلالة والعدد .

س110) كيف يمكن درء التعارض؟
اعلم حفظك الله إنه : لدرء التعارض ثلاث مسالك على الترتيب وهي:
الأول : إعمال الدليلين ، وهذا أحسن المسالك ، لأنه عمل بكلا الدليلين ، والأصل إعمال الدليل لا إهماله ، وذلك بتخصيص العام بالخاص ، أو حمل المطلق على المقيد ، أو تأويل أحد الدليلين على معنى مناسب من غير تكلف ، كحمل أحدهما على حال والآخر على حال أخرى ، أو هذا في زمان وذاك في آخر .

الثاني : فإن تعذر الإعمال عُدل إلى النسخ ، فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم .

الثالث : الترجيح وهو تقديم أحد الدليلين المتعارضين استناداً على وجه معتبر من وجوه الترجيح ؛ حتى يصير العمل به أولى من الأخر .

س111) ما هي وجوه الترجيح؟
أعلم سددك الله لكل خير أن : وجوه الترجيح بين الأدلة المتعارضة كثيرة منها:
(1) أن يكون أحدهما أصح من الآخر .
(2) أن يكون أحدهما قد توبع بمتابع أو شاهد دون الآخر .
(3) أن يكون أحدهما من الصحيحين والآخر لا .
(4) أن يكون أحدهما نصاً والآخر ظاهراً ، أو ما فيه نوع من الإجمال والإشكال .
(5) أن يكون أحدهما حقيقةً والآخر مجازاً .
(6) أن يكون أحدهما حاظراً والآخر مبيحاً .
(7) أن يكون أحدهما مثبتاً والآخر نافياً .


الدرس الحادي عشر الاجتهاد والتقليد


س112) عرف الاجتهاد لغة واصطلاحاً؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن : الاجتهاد لغة بذل الجهد واستفراغ الوسع في أي فعل من الأفعال.
واصطلاحاً بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بالحكم الشرعي بطريق الاستنباط من أدلة الشرع.

س113) ما هي شروط الاجتهاد؟
اعلم وفقك الله أن : للمجتهد شروط ستة :
1 - أن يكون عالماً بالقدر اللازم لفهم الكلام من اللغة والنحو والصرف والبلاغة.
2 - أن يكون عالماً بكتاب الله تعالى ، وذلك بمعرفة آيات الأحكام ، وأسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ ، وما يحتاج إليه من اختلاف القراءات.
3 - أن يكون عالماً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بمعرفة أحاديث الأحكام ، والناسخ والمنسوخ ، وما يتعلق بصحة الحديث وضعفه مما هو مدون في علوم الحديث.
4 - أن يكون عالماً بأصول الفقه ، لأن هذا العلم هو عماد الاجتهاد وأساسه.
5 - أن يكون عالماً بمواقع الإجماع لئلا يفتي بما يخالف الإجماع.
6 - إدراك مقاصد الشريعة في وضع الأحكام ، ومعرفة أحوال الناس وأعرافهم.

س114) هل يجوز للمجتهد تغيير اجتهاده , وما حكم من اجتهد واخطى؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أنه : يجوز للمجتهد تغيير اجتهاده ، لكن لا ينقض ما مضى إلا إن خالف دليلاً قاطعاً من نص أو إجماع أو قياس جلي ، وأما الاجتهاد فلا ينقض اجتهاداً قبله , و المجتهد يصيب ويخطئ ، والمصيب من أصاب حكم الله تعالى ، وله باجتهاده وإصابته أجران ، والمخطئ بعد بذل الجهد له أجر واحد ، وخطؤه مغفور له.

س115) عرف التفليد لغة وشرعاً؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن : التقليد لغة وضع الشيء في العنق محيطاً به.
واصطلاحاً : اتباع من ليس قوله حجة.
فالناس صنفان :
1 - عالم مجتهد . 2 - وعامي مقلد .

فأما المجتهد فيلزمه بذل جهده في استنباط الحكم ، ولا يجوز له أن يقلد غيره ، لقدرته على النظر والاستدلال ، إلا إذا نزلت به حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها ، أو نظر وعجز عن معرفة الحق ، فله أن يقلد حينئذ للضرورة.
وأما العامي فإنه يقلد أفضل أهل العلم علماً وورعاً ، إذ لا يمكنه النظر والاستدلال ، فإن تساوى عنده اثنان خير بينهما لكن لا يتقيد بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه ، وإنما يكون مذهبه مذهب من يستفتيه.

منقول للفائدة

اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك



والسلام عليكم رحمة الالله وبركاته

الحالم2006 21-11-2006 05:08 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة،
ماشاء الله عليك ، جزاك الله خير وبارك الله فيك،
أخي الليبي السلفي وفقك الله احسن
اشكرك على هذا الجهد

( أم عبد الرحمن ) 19-01-2007 07:38 PM

بارك الله فيكم أخى الفاضل ( الليبى السلفى ) موضوع هام ونقل رائع ...
أنا عن نفسى كنت أبحث عن مثل هذا الموضوع بنفس طريقة الطرح هذه ...
جزاك الله خيرا ولاحرمنا الله من مواضيعكم المفيدة جعلها الله فى ميزان حسناتكم ...
نفعنا الله واياكم بما علمنا ...
ووفقكم الله لكل خير ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الليبي السلفي 22-01-2007 04:24 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيك بارك الله اخي الحبيب / الحالم 2006 (مشرف ساحة الفتاوى والأسئلة الشرعية والتربوية)


وبارك الله في اختنا الفاضلة / الجنة الخضراء (المراقبة العامة على الساحات )


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نورانو 17-07-2008 07:48 AM

ارجو ادعية شاملة الرقية الشرعية
جزاكم الله كل خير


الساعة الآن 07:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com