منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=122)
-   -   مُفْسِدات القلب وَمُنَغِّصَات الحياة (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=36499)

أسامي عابرة 28-03-2010 02:22 PM

مُفْسِدات القلب وَمُنَغِّصَات الحياة
 
مُفْسِدات القلب وَمُنَغِّصَات الحياة


إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ؛ ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له؛ ومنْ يضللْ فلا هاديَ له؛ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ؛ وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ؛ صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد:- أيها الناس:
اتقوا الله تعالى, واعلموا أن لحياةِ القلبِ وطُمَأنِينتِه أسباباً, أَعظَمُها, الإيمانُ باللهِ ورسولِه, والإنقيادُ لأحكامِ الشريعة, والبعدُ عن المعاصي. كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.
واعلموا أيضاً أن لِهذه الحياةِ مُنَغِّصاتٍ, وللقلبِ مفسداتٍ, تُؤَثِّر في راحتِه وطمأنينتِه, وهي كثيرة, منها: الإنشغال بالفضول: " فضولِ الكلام, وفضولِ الطعام, وفضولِ النظر, وفضولِ المخالطة, وفضولِ الإنفاق ".
ففضولُ الكلام: هي كثرتُه, وعدمُ مُراقبةِ النفسِ أثناءَ الكلام, مِمَّا يُوقِعُ صاحبَه في الإثم, شَعَرَ أو لم يشعُر. قال بعض السلف: " مَن كَثُرَ كلامُه كَثُرَ سَقَطُه, وَمَن كَثُرَ سَقَطُه كَثُرَت ذنوبُه ". ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو لِيَصمُت ). وقال معاذ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: وإنا لمؤاخذون بما نقول يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام:( وهل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وُجوهِهم - أو قال: على مناخرِهم - إلا حصائدُ ألسنتِهم ).
والمرادُ بالحصائد: جزاءُ الكلامِ المحرَّم, وعقوباتُه, فإن المرءَ يزرعُ بأقوالِه وأعمالِه الحسناتِ والسيئاتِ, ثم يحصُدُ يومَ القيامةِ ما زرع, فمن زرع خيراً من قولٍ أو عمل, حَصَدَ الكرامة, ومن زَرَعَ شرا من قولٍ أو عمل, حصد الحسرةَ والندامة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكثَرُ ما يُدْخِلُ الناسَ النارَ, الأجوفان: الفمُ والفرج ).
وأما فضولُ النظر, فالمرادُ بها: إطلاقُ البصرِ فيما حَرَّمَ اللهُ, وفيما يُوقِدُ نارَ الشهوةِ, أو في تَتَبُّعِ العورات, ومتابعةِ أسرارِ الناس.
وهذا مِن أشَدِّ ما يملأُ القلبَ ظُلْمَة وَهَمّاً, وَمِن أَعظمِ أسبابِ ضِيقِ الصدرِ وَتراكُمِ الحَسَرات. فالنظرُ سهمٌ مسمومٌ من سِهامِ إبليس، وَأَحَدُ أَسلِحَتِه التي يُفسِد بها قلوبَ الناس. وهو البابُ الأولُ للوقوعِ في الفواحِش, ولذلك قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ. وإطلاقُ البصرِ يُلْبِسُ القلبَ ظُلْمَةً، كما أن غَضَّ البصرِ لِلهِ عز وجل يُلْبِسُه نــورًا، وقد ذكـــر الله عز وجل آيةَ النور ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ, بعد قوله: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ, وإذا استنارَ القلبُ أَقبَلَت وُفودُ الخيراتِ إليه من كلِّ ناحية، كما أنه إذا أظلم أقبلت إليه سَحَائِبُ البلاءِ والشرِّ عليه من كل مكان.
وأما فضولُ الطعام: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدميٌّ وِعاءً شرَّاً من بطنه، بِحَسْبِ ابن آدمَ أكلاتٌ يُقِمن صُلْبَه, فإن كان لا مَحَالَة, فَثُلُثٌ لطعامه، وثلث لِشَرَابِه, وثُلُثٌ لِنَفَسِه ) ، وفضُولُ الطعامِ داعٍ إلى أنواعٍ كثيرةٍ مِن الشر، فإنه يُحَرِّك الجوارحَ إلى المعاصي، وَيُثقِّلُها عن الطاعاتِ والعبادات، وَحَسْبُك بِهذَين شراً، فَكَم مِن معصيةٍ جَلَبَها الشِّبَعُ وفضولُ الطعام؟ وكمْ مِن طاعةٍ حالَ دونَها؟ فمن وُقِى شرَّ بطنِه فقد وُقِى شراً عظيماً، والشيطانُ أعظمُ ما يَتَحكَّم في الإنسان إذا ملأَ بطنَه من الطعام، ولهذا جاء في بعض الآثار: إذا امتلأت المَعِدة نامَت الفِكْرَة وَخَرِسَت الحِكمة وقَعَدت الأعضاءُ عن العبادة. وقال بعض السلف: " لاتأكلوا كثيراً، فتشربوا كثيراً، فتناموا كثيراً فتخسروا كثيراً ".
أضف إلى ذلك مايصيب الإنسان من أمراضٍ مستعصية يصعُب علاجُها وقد تفتِك بحياتِه, كما هو الحاصلُ اليوم مما هو غيرُ خافٍ على كثيرٍ من الناس بسبب الترف وكثرةِ الأكل.
وأما فضولُ المخالطة: فالمراد بها مخالطةُ من لا يُعِينُ على الطاعة, ولا يَجْنِي المرءُ منها إلا القسوةَ والغفلة والبعدَ عن الله, وهذا بابٌ خطيرٌ من أبواب الفساد والإنحراف, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الرَّجُلُ على دِينِ خَلِيلِه فلينظُر أحدُكم من يُخالِل ).
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم ؛ وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم؛ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً . أَمّا بَعدُ عباد الله:-
وأما فضولُ الإنفاق: فالمرادُ بها الإنفاقُ في غير فائدةٍ تعودُ على المرءِ في دينِه ودنياه. فإنه بِسَببِها يخسرُ كثيرا من الخير. وَتُعَوِّدُهُ على البَذَخِ والنفقةِ فيما يُسْخِطُ اللهَ حتى ولو كان قليلَ المال, وتُثَقِّل عليه النفقةَ في وجوهِ الخير, وَتُعِيقُهُ عن تَسخِير المالِ فيما ينفعه وينفع من يَعُول. فَكَمْ مِنْ شخصٍ يدفعُ المالَ الكثيرَ في الكماليات, ويتثاقلُ أن يَدفعَ عُشْرَ مِعْشارِها في الصدقة؟! وكم من شخص أَرْهَقَتهُ الديون, وعجز عن توفير مسكن له ولزوجته وأولاده بسبب النفقة فيما لا يفيد, أو التَّوَسُّعِ في الكماليات, أو المجاملات؟!. وهذا من أكبر المُنَغِّصاتِ في حياةِ الناسِ اليوم.
فاتقوا الله عباد الله, وابذُلُوا أسبابَ صلاحِ قلوبِكم, وتَجَنَّبُوا كُلَّ ما يُفسِدُها من قول أو عمل.
اللهم آتِ نفُوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكاها أنت وليّها ومولاها، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنّا سيئها إلا أنت، اللهم وفقنا لما يرضيك عنّا وجنبنا ما يسخط علينا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين يا رب العالمين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمةً عامة وهداية عامةً يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم وفق ولاة أمرنا لما يرضيك، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم حببّ إليهم الخير وأهله وبغضّ إليهم الشر وأهله يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم ووسع مدخلهم وأكرم نزلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه برحمتك يا أرحم الراحمين﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
الشيخ / أحمد بن محمد العتيق


*** 29-03-2010 11:15 PM

جزاك الله عنا خيرا أستاذتنا الفاضلة أم سلمى

أسامي عابرة 29-03-2010 11:32 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وإياكم بارك الله فيكم

تشرفت بمروركم الكريم

نفع الله بكم ونفعكم وزادكم من فضله وعلمه وكرمه

في رعاية الله وحفظه


الساعة الآن 10:34 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com