منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر علوم القرآن و الحديث (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=25)
-   -   القرآن هو كلام ربّ العالمين عقلا وشرعاً (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=79764)

أبوسند 12-01-2024 04:03 PM

القرآن هو كلام ربّ العالمين عقلا وشرعاً
 






الأدلة العقلية على أن القرآن كلام الله :


إن الله تحدى الإنس والجن على
أن يأتوا بمثله ، فعجزوا ،
ولم يستطيعوا ذلك .

" لما صرح تعالى بأن هذا القرآن
ما كان أن يُفترى على الله ،
أقام البرهان القاطع على أنه من الله ، فتحدى جميع الخلق بسورة واحدة مثله ، ولا شك أنه لو كان من جنس كلام الخلق لقدر الخلق على الإتيان بمثله ، فلما عجزوا عن ذلك كلهم حصل اليقين والعلم الضروري
أنه من الله جل وعلا " .

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي ( 2 / 156 ) .




قال تعالى وهو يتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة فقط : ** وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ
مِنْ دُونِ الله إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولن تَفْعَلُوا فاتَّقُوا النّارَ الّتي وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرينَ **
سورة البقرة 23



قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

وهذا دليل عقليٌّ على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, وصحة ما جاء به، فقال : ** وإن كنتم **
معشر المعاندين للرسول, الرادين دعوته, الزاعمين كذبه في شك واشتباه,
مما نزلنا على عبدنا,
هل هو حق أو غيره ؟

فهاهنا أمر نَصَفٌ،
فيه الفيصلة بينكم وبينه،
وهو أنه بشرٌ مثلكم,
ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم, لا يكتب ولا يقرأ،
فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله,

وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه،
فإن كان الأمر كما تقولون,
فأتوا بسورة من مثله,
واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم,
فإن هذا أمر يسير عليكم،
خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة, والعداوة العظيمة للرسول،
فإن جئتم بسورة من مثله,
فهو كما زعمتم,
وإن لم تأتوا بسورة من مثله
وعجزتم غاية العجز,
[ ولن تأتوا بسورة من مثله،
ولكنّ هذا التقييم على وجه الإنصاف والتَنزُل معكم ] ،
فهذا آية كبرى, ودليل واضح جلي
على صدقه وصدق ما جاء به,

فيتعين عليكم اتباعه, واتقاء النّار التي بلغت في الحرارة العظيمة [ والشدة ],
أن كانت وقودها الناس والحجارة,
ليست كنار الدنيا التي إنما تُتَّقَد بالحطب, وهذه النّار الموصوفة مُعَدة ومُهَيأة
للكافرين بالله ورسله .

فاحذروا الكفر برسوله,
بعد ما تبين لكم أنه رسول الله .

وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي,

وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل
هذا القرآن،

قال تعالى :
** قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ والجِنُّ علَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثلِ هذا القُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهيرًا **

وكيف يقدر المخلوق من تراب,
أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب ؟

أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه, أن يأتي بكلام ككلام الكامل,
الذي له الكمال المطلق,
والغنى الواسع من كل الوجوه ؟
هذا ليس في الإمكان,
ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى
ذوق ومعرفة [ بأنواع ] الكلام,
إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البُلغاء, ظهر له الفرق العظيم .

وفي قوله : ** وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ **
إلى آخره,
دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة هو الشاك الحائر ،
الذي لم يعرف الحق من الضلال،
فهذا إذا بُيِّنَ له الحق فهو حريٌ بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق .

وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه,
فهذا لا يمكن رجوعه,
لأنه ترك الحق بعد ما تبين له,
لم يتركه عن جهل فلا حيلة فيه ،

وكذلك الشاكُّ غير الصادق في طلب الحق بل هو معرض غير مجتهد في طلبه,
فهذا في الغالب أنه لا يوفق ... اهـ





أبوسند 12-01-2024 04:04 PM



ومن الأدلة على هذا التحدي
قوله تعالى : ** وما كان هذا القُرْآنُ أنْ يُفْتَرَى مِنْ دُون الله ولكن تَصْدِيقَ الّذي
بَيْنَ يَدَيْهِ وتَفْصِيلَ الكتابِ لَا رَيْبَ فيه
مِنْ رَبِّ العالَمينَ * أمْ يقولون افْتَرَاهُ
قل فأْتُوا بسورة مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إنْ كنتم صادِقينَ **

سورة يونس 37 - 38


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يقول تعالى : ** وما كان هذا القُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ الله **
أي : غير ممكن ولا مُتصور،
أن يفترى هذا القرآن على الله تعالى،
لأنه الكتاب العظيم الذي
** لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ **

وهو الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس
والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله
ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا،

وهو الكتاب الذي تكلم به ربُّ العالمين ، فكيف يقدر أحدٌ من الخلق أن يتكلم بمثله
أو بما يقاربه والكلام تابعٌ
لعظمة المتكلم ووصفه ؟!

فإن كان أحدٌ يماثل اللهَ في عظمتِه وأوصاف كمالِه،
أمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن،
ولو تنزلنا على الفرض والتقدير،
فتقوَّله أحدٌ على ربِّ العالمين،
لعاجله بالعقوبة، وبادره بالنَّكال .

ولكِنَّ الله أنزل هذا الكتاب رحمةً للعالمين، وحجّة على العباد أجمعين ،
أنزله
** تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ **
من كتب الله السماوية،
بأن وافَقَها وصدَّقها بما شهدت به
وبشَّرت بنزوله ،
فوقع كما أخبرت ،
** وتَفْصِيلَ الكِتابِ ** للحلال والحرام، والأحكام الدينيّة والقدريّة،
والإخبارات الصادقة .
** لَا رَيْبَ فيه مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ ْ**
أي : لا شكّ ولا مِريَة فيه بوجه من الوجوه، بل هو الحَقُّ اليقين ،
تنزيلٌ من ربِّ العالمين الذي ربَّى جميع الخلق بنعمه ،

ومن أعظم أنواع تربيته أن أنزل عليهم
هذا الكتاب الذي فيه مصالحهم
الدينيّة والدنيويّة،
المشتمل على مكارم الأخلاق
ومحاسن الأعمال .

** أَمْ يَقُولُونَ **
أي : المكذِّبون به عنادًا وبغيًا :
** افْتَرَاهُ ** محمدٌ على الله واختلقه،
** قُلْ ** لهم مُلزما لهم بشيء ،
إن قدروا عليه،
أمكن ما ادّعوه،
وإلاّ كان قولهم باطلاً .

** فأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ **
يعاونكم على الإتيان بسورة مثله،
وهذا محال،
ولو كان ممكنًا ،
لادّعوا قدرتهم على ذلك،
ولأتوا بمثله ، ولكن لما بان عجزُهم ،
تبيّن أن ما قالوه باطلٌ ،
لا حظَّ له من الحجة .

[ والذي حملهم على التكذيب بالقرآن المشتمل على الحَقِّ الذي لا حقَّ فوقه
أنهم لم يحيطوا به علمًا ،
فلو أحاطوا به علمًا وفهموه حق فهمه، لأذعنوا بالتصديق به ] . اهـ







أبوسند 12-01-2024 04:05 PM



وقال تعالى يتحداهم بأن يأتوا
بعشر سور فقط :

** فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحَى إليك وضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أنْ يقولوا لَوْلَا أُنْزِلَ عليه كَنْزٌ أو جاء معه مَلَكٌ إنّما أَنْتَ نَذيرٌ والله على كُلِّ شَيْءٍ وكيلٌ * أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قل فأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله
إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * فإنْ لم يَسْتَجيبُوا
لكم فاعْلَمُوا أنّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ الله
وأنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هو فهل أنتم مُسْلِمُونَ **
سورة هود 12 - 14


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

... أي : لا ينبغي هذا لمثلك،
أن قولهم يؤثر فيك،
ويصدك عما أنت عليه،
فتترك بعض ما يوحى إليك،
ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم :
** لَوْلَا أُنْزِلَ عليه كَنْزٌ أو جاء معه مَلَكٌ **
فإن هذا القول ناشئ من تعنت،
وظلم، وعناد، وضلال،
وجهل بمواقع الحجج والأدلة،
فامض على أمرك،
ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة
التي لا تصدر إلا من سفيه
ولا يضق لذلك صدرك .

فهل أوردوا عليك حجة
لا تستطيع حلها ؟
أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا،
يؤثر فيه وينقص قدره،
فيضيق صدرك لذلك ؟!

أم عليك حسابهم،
ومطالب بهدايتهم جَبراً ؟ ** إنّما أَنْتَ نَذِيرٌ والله على كُلِّ شَيْءٍ وكيلٌ **
فهو الوكيل عليهم، يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء .



** أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ **

أي : افترى محمد هذا القرآن ؟
فأجابهم بقوله : ** قُلْ ** لهم

** فأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ** أنه قد افتراه ،

فإنه لا فرق بينكم وبينه في الفصاحة والبلاغة، وأنتم الأعداء حقا،
الحريصون بغاية ما يمكنكم على إبطال دعوته،
فإن كنتم صادقين،
فأتوا بعشر سور مثله مفتريات .

** فإنْ لَمْ يَسْتَجيبُوا لَكُمْ **
على شيء من ذلكم
** فاعْلَمُوا أنّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ الله **
من عند الله لقيام الدليل والمقتضي،
وانتفاء المعارض .

إلى قولِه رحمه الله :

وفي هذه الآيات :

أن هذا القرآن، مُعجز بنفسه،
لا يقدر أَحدٌ من البشر أن يأتي بمثله،
ولا بعشر سورٍ من مثله،
بل ولا بسورة من مثله،

لأنّ الأعداء البُلغاء الفُصحاء،
تحدّاهم الله بذلك، فلم يعارضوه،
لعلمهم أنهم لا قدرة فيهم على ذلك . اهـ






أبوسند 12-01-2024 04:05 PM



ومن الأدلة أيضا قوله تعالى : ** قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والجِنُّ على أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولو كان بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهيراً **
سورة الاسراء 88


قال العلّامة السّعدي رحمه الله
في تفسيره :

وهذا دليلٌ قاطعٌ، وبرهانٌ ساطعٌ،
على صحّة ما جاء به الرسول وصدقه،
حيث تحدّى اللهُ الإنس والجنّ
أن يأتوا بمثله،
وأخبر أنهم لا يأتون بمثله،
ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه .

ووقع كما أخبر الله،
فإنّ دواعي أعدائه المكذّبين به،
متوفِّرة على رد ما جاء به
بأيِّ وجهٍ كان،
وهُم أهلُ اللسان والفصاحة،
فلو كان عندهم أدنى تَأَهُّل
وتَمَكُّن من ذلك لفعلوه ،

فعُلم بذلك،
أنهم أذعنوا غاية الإذعان،
طوعًا وكرهًا، وعَجزوا عن معارضته .
وكيف يقدر المخلوقُ من تراب،
الناقصُ من جميع الوجوه،
الذي ليس له علمٌ ولا قدرةٌ ولا إرادةٌ
ولا مشيئةٌ ولا كلامٌ ولا كمالٌ إلاّ من ربِّه،
أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات، المطّلع على سائر الخفيّات،
الذي له الكمال المطلق، والحمد المطلق، والمجد العظيم،
الذي لو أنّ البحر يمده من بعده سبعة
أبحر مدادًا، والأشجار كلَّها أقلام،
لنَفِدَ المداد، وفنيت الأقلام،
ولم تَنْفَدْ كلماتُ الله ،
فكما أنّه ليس أحد من المخلوقين
مماثلاً لله في أوصافه ، فكلامُه من أوصافه التي لا يماثِلُه فيها أحد،
فليس كمثله شيءٌ، في ذاته،
وأسمائه، وصفاته،
وأفعاله تبارك وتعالى ،

فَتَبّاً لمن اشتبه عليه كلامُ الخالق
بكلام المخلوق،
وزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم
افتراه على الله واختلقه من نفسه . اهـ





وقال تعالى :
** أمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَديثٍ مِثلِه إنْ كَانُوا صادِقينَ **

سورة الطور 33 - 34


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ **
أي : تقوَّل محمدٌ القرآن،
وقاله من تلقاء نفسه ،

** بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ ** فلو آمنوا،
لم يقولوا ما قالوا .

** فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إنْ كَانُوا صَادِقِينَ ** أنه تقوَّله،
فإنّكم العرب الفصحاء،
والفحول البلغاء،
وقد تحدّاكم أن تأتوا بمثله،
فتَصْدُق معارضتكم ، أو تقرُّوا بصدقه،
وإنكم لو اجتمعتم، أنتم والإنس والجنُّ،
لم تقدروا على معارضته والإتيان بمثله،

فحينئذ أنتم بين أمرين :
إمّا مؤمنون به مقتدون بهديه،
وإمّا معاندون متّبعون لما
علمتُم من الباطل . اهـ




أبوسند 12-01-2024 04:06 PM








خلو القرآن الكريم من التّناقض
أو السهو ، والنقص ،
والخطأ مهما كان
فلو لم يكن القرآن كلام الله
لحصل فيه أنواع من الاختلاف والنقص
فنحن نرى البشر مهما أوتوا من العلم والفهم ،
لابد أن يقع منهم الخطأ
والزلل والسهو ...

قال تعالى : ** ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ** ،

فمن ظن وتوهم أن في القرآن تعارضا فإنما أُتِيَ من فهمه الخاطئ ، أو عقله المريض
ولو رجع إلى أهل العلم لبينوا له الصواب ، وكشفوا عنه الإشكال ،
وأزاحوا عنه الالتباس
كما قال تعالى : ** إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز *
لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ **
سورة فصلت 41 - 42


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

ثم قال تعالى :
** إنَّ الّذينَ كَفَرُوا بالذِّكْرِ **
أي : يجحدون القرآن الكريم المذكِّر للعباد جميع مصالحهم الدينيّة والدنيويّة والأخرويّة، المُعلي لِقَدْر مَن اتَّبعه،

** لَـمَّا جاءَهُمْ ** نعمة من ربهم على يد أفضل الخلق وأكملهم .
** و ** الحال ** إِنَّهُ لَكِتابٌ **
جامع لأوصاف الكمال
** عَزِيزٌ ** أي : منيعٌ مِن كلِّ مَن أراده بتحريف أو سوء،

ولهذا قال : ** لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِه **
أي : لا يَقْرَبُه شيطانٌ من شياطين الإنس والجنِّ لا بسرقة ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص،
فهو محفوظٌ في تنزيله،
محفوظة ألفاظه ومعانيه،
قد تكفل من أنزله بحفظه
كما قال تعالى : ** إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ** .

** تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ ** في خلقه وأمره،
يضع كلَّ شيء موضعه، وينزلها منازلها .

** حَمِيدٌ **
على ما له من صفات الكمال،
ونعوت الجلال،
وعلى ما له من العدل والإفضال،
فلهذا كان كتابُه مشتملاً على تمام
الحكمة وعلى تحصيل المصالح
والمنافع ودفع المفاسد والمضارِّ
التي يُحْمَدُ عليها . اهـ





توافق العقل والشرع
ودفع التعارض بينهما ..

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=244582








أبوسند 12-01-2024 04:07 PM




عن أبي هريرة قال قال النبيُّ
صلى الله عليه وسلم :
( ما مِن الأنبياء نبيٌّ إلاّ أُعطيَ
ما مثله آمن عليه البشر وإنّما كان الذي أُوتيتُه وحياً أوحاه الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا
يوم القيامة ) .
رواه البخاري .


قال الحافظ ابن حجر العسقلاني
رحمه الله :

" قوله : ( وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي )

أي : إن معجزتي التي تَحديتُ بها ،
الوحي الذي أُنزل عليَّ
وهو القرآن لما اشتمل عليه من الإعجاز الواضح ،
وليس المراد حصر معجزاته فيه
ولا أنه لم يؤتَ من المعجزات ما أوتي مَن تقدمه ،
بل المراد أنه المعجزة العُظمى التي اختُصَّ بها دون غيره ،
لأنّ كلَّ نبيٍّ أُعطي معجزة خاصة به لم يُعطَها بعينها غيرُه
تحدى بها قومه ،
وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه كما كان السحر فاشيا
عند فرعون فجاءه موسى بالعصا على صورة ما يصنع السحرة
لكنها تلقفت ما صنعوا ،
ولم يقع ذلك بعينه لغيره
وكذلك إحياء عيسى الموتى
وإبراء الأكمه والأبرص لكون الأطباء والحكماء كانوا في ذلك الزمان
في غاية الظهور ،
فأتاهم من جنس عملهم بما لم تصل قدرتهم إليه ،
ولهذا لما كان العرب الذين بُعِثَ فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -
في الغاية من البلاغة
جاءهم بالقرآن الذي تحداهم
أن يأتوا بسورة مثله
فلم يقدروا على ذلك ،
وقيل المراد أن القرآن ليس له مِثلٌ
لا صورة ولا حقيقة ،
بخلاف غيره من المعجزات
فإنها لا تخلو عن مِثلٍ ،

وقيل : المراد أن كل نبي أُعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله صورة أو حقيقة ،
والقرآن لم يؤت أحد قبله مثله ،
فلهذا أردفه بقوله :
( فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ) .

وقيل المراد أن الذي أُوتيته
لا يتطرق إليه تخييل ،

وإنما هو كلامٌ معجزٌ لا يقدرُ أَحدٌ
أن يأتي بما يتخيل منه
التشبيه به ،

بخلاف غيره فإنه قد يقع في معجزاتهم ما يقدر الساحر أن يُخيل شِبْهَه فيحتاج من يميز بينهما
إلى نظر ،
والنظر عرضة للخطأ ، فقد يُخطئ الناظر فيظن تساويهما ،

وقيل المراد أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم
فلم يشاهدها إلا من حضرها ،

ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة ،

وخَرقُه للعادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات ،

فلا يمر عصر من الأعصار
إلاّ ويظهر فيه شيء ممّا أخبرَ به
أنه سيكون
يدل على صحة دعواه ،
وهذا أقوى المحتملات ،
وتكميله في الذي بعده ،
وقيل المعنى أن المعجزات الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار
كناقة صالح وعصا موسى ،

ومعجزة القرآن تُشاهَدُ بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر ،

لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده ، والذي يشاهد بعين العقل باقٍ يشاهده
كل من جاء بعد الأول مستمرا " .


فتح الباري ( 9 / 9 - 10 )
ط : دار الحَديث القاهرة .






أبوسند 12-01-2024 04:08 PM





لقد تكفل الله عزّوجلّ بحفظ
هذا القرآن العظيم
قال تعالى : ** إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ **
سورة الحجر 9

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

ولهذا قال هنا :
** إنا نحن نزلنا الذكر **
أي : القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة،

وفيه يتذكر من أراد التذكر،
** وإنا له لحافظون **
أي : في حال إنزاله وبعد إنزاله،

ففي حال إنزاله حافظون له من استراق
كل شيطان رجيم،
وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واسْتَودَعَه فيها ثم في قلوب أمته،
وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها
والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل،
فلا يحرف محرف معنى من معانيه
إلاّ وقيض الله له من يبين الحق المبين،

وهذا من أعظم آيات الله
ونعمه على عباده المؤمنين،

ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدواً يجتاحُهم . اهـ





" لا يشكُّ مسلمٌ أنّ القرآن
كتاب الله تعالى
محفوظٌ من الزّيادة والنُّقصان ،
وأنّ الله سبحانه تكفّلَ بحفظه وحمايته ، وكلُّ ما يدَّعيه خُصومُه
من زيادة أو نقصان ،
إنَّما سببه إمّا الجهل بقواعد الشّريعَةِ
الحنيفة ، أو الافتراء الواضح ،
أو الاعتماد على أحاديث ضعيفة ،
أو عدم فهم ماهيّة الأمر ...

ولذلك يقول الإمام الطّبريُّ
رحمه الله تعالى : « أمّا الزّيادة في القرآن ، فمُجْمَعٌ على بطلانها ،
وأمَّا النُّقصان ،
فهو أشدُّ استحالة »

إلى أن قال :

المصحف العثمانيّ انتشر في الآفاق
وكثُرت نُسخُه في عهد عثمان وعليّ
حتى أنَّهُ لو أراد أَحدٌ إحصاءها
لما استطاع ،
فكيف بعددها في عهد الخلافة
الأموية ؟!
فلا شكّ أنَّهُ بَلغَ أكثر من ذلك ...

والتاريخ لم يذكر تناقضا بين المصاحف في العراق ، وبين المصاحف في غيرها .

والمعروف أن الحفظ لهذا الكتاب العظيم كما كان حِفظاً في المصاحف ،
كان حفظاً في الصُّدور .


جَمَعَ القرآن الكريم مَرَّ بثلاث
مراحل أساسيّة :

أ - الجمع النّبويُّ للقرآن الكريم :

لقد ثَبت بالدّليل القاطع أنّ
رسول الله صلَّى الله عليه وسلم
كان يأمرُ بكتابة القرآن الذي ينزل
عليه ، وثبت أنه كان له كُتّابّ
يكتبون الوحي .


ب - جَمْعُ أبي بكر رضي الله عنه :

وقد تَمَيَّزَ الجمع الذي قام به الصّدّيق
رضي الله عنه :

1 - أنّه اقتصر على ما ثَبت قرآنيّته
تواترا ، ولم تُنسخ تلاوته .

2 - أنَّهُ جُمِع بين دفّتي مُصحف واحد .

3 - أنَّهُ جَمعٌ رُتِّبتْ فيه الآيات والسُّور على ما كانت عليه التّلاوة في عهده
صلَّى الله عليه وسلم .

4 - أنَّهُ كان مكتوباً بشكل يحتمل القراءة بالأحرف السّبعة الّتي نزلَ بها القرآن .


جـ - جَمْعُ عثمان رضي الله عنه :

1 - اختار اللّجنة من المتقنين لحفظ
كتاب الله لضمان النّظام والتّرتيب والضّبط والحصر للآيات .


2 - جَعلَ أصل الجمع النُّسخة الموثّقة
الرّسميّةَ التي جمعها أبو بكر ..

3 - كانت اللّجنة لا تكتبُ شيئاً من القرآن إلَّا بحضرة حافِظِه ،
ويؤخرون ما كان صاحبه غير حاضر حتَّى ساعة حضوره .

4 - طَلَبَ عثمانُ رضي الله عنه أن يكتبوا
ما يتفقون عليه ،
فإذا اختلفوا في شيء منه عليهم
أن يكتبوا بلسان قريش
لنزول أغلب القرآن به .

5 - لم يكتبوا شيئاً إلَّا بعد عرضه أكثر من عَرضة ،
وبعد التّأكُّد أنَّهُ ممّا أُقِرَّ في العَرضَة
الأخيرة ،
فجرّدوا القرآن ممَّا ليس متواتراً .

ولا شكّ أنّ الخُطوات السّابقة تُمثِّلُ
أعلى ما وصل إليه مَنهج المحقّقين
المعاصرين من دقّةٍ وتحرير " .

نقلته من كتاب :
جهود الصّحابة في جَمع القرآن .
دراسة تحليليّة
( ص 328 - 360 ) .
لأحمد سالم .
باختصار شديد .




فكل حرف من القرآن نقله عددٌ
يستحيل تواطؤهم على الكَذِب
على مدار التاريخ
و لم يختلفوا في حرف واحد منه ، ولو حاول كائناً من كان أن يزيد
أو ينقص منه شيئاً
فإنه لن يتمكن من ذلك
ويفتضح أمره مباشرة فسرعان
ما ينكشف زيفه وتحريفه ،
حتى عند أطفال المسلمين ،
فضلا عن علمائهم وقرّائهم
لأنّ الله جلا وعلا تكفل بحفظ كلامه العزيز ،
بخلاف غيره من الكتب السماوية ،
التي لم يتكفل سبحانه وتعالى بحفظها بل وَكَلَ حفظها إلى غيره
فلم يحفظوها وضيعوها
فدخلها التحريف والتبديل .






حكى أبو عمرو الداني في
" طبقات القراء "
له عن أبي الحسن بن المنتاب ،
قال : كنت يوما عند القاضي
أبي إسحق إسماعيل بن إسحق ،
فقيل له : لِمَ جاز التبديل على أهل التوراة ولم يجز على أهل القرآن ؟
فقال القاضي :
قال الله عز و جل في أهل التوراة :
** بما استحفظوا من كتاب الله **
سورة المائدة 44
فوكل الحفظ إليهم ، فجاز التبديل عليهم ،
وقال في القرآن :
** إنا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون **
سورة الحجر 9

فلم يجز التبديل عليهم ،
قال عليٌّ : فمضيتُ إلى أبي عبد الله المحاملي ، فذكرت له الحكاية ،
فقال :
ما سمعت كلاماً أحسن من هذا » .

_ الموافقات للشاطبي
( 2 / 91 - 92 ) .







أبوسند 12-01-2024 04:08 PM




قال الحافظ السيوطيّ رحمه الله تحت عنوان ، معرفة المتواتر والمشهور ... :

" وأحسن من تكلّم في هذا النوع إمام القرّاء في زمانه شيخ شيوخنا أبو الخير
بن الجزريّ ،
قال في أوّل كتابه " النشر " :
كلُّ قراءة وافقت العربيّة ولَوْ بوجه ،
ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولَوْ احتمالا ، وصحّ سندُها ،
فهي القراءة الصّحيحة التي لا يجوز ردُّها
ولا يحلُّ إنكارها ،
بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، ووجب على الناس قَبولها ،
سواء كلنت عن الأئمّة السبعة ،
أم عن العشرة ، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين .
ومتى اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة أُطلق عليها ضعيفة أو شاذّة أو باطلة ،
سواء كانت عن السبعة أو عمّن هو أكبر منهم .
هذا هو الصّحيح عند أئمة التحقيق من السّلف والخلف ،
صرّح بذلك الدانيّ ومكيّ والمهداويّ ،
وأبو شامة ، وهو مذهب السّلف الذي
لا يعرف عن أحد منهم خلافه .

إلى أن قال :

قال الدّانيّ : وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في اللغة ،
بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النّقل ، وإذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية ولا فشوّ لغة ؛
لأنّ القراءة سنّة متّبعة ،
يلزم قَبولها والمصير إليها .

قلت : أخرج سعيد بن منصور في سننه ،
عن زيد بن ثابت قال :
القراءة سنّة متّبعة .

قال البيهقيُّ : أراد أنّ اتّباع مَن قَبْلنا في الحروف سنّة متبعة ،
لا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمام ،
ولا مخالفة القراءات التي هي مشهورة ،
وإن كان غير ذلك سائغا في اللغة
أو أظهر منها " .

إلى أن قال :

تنبيهات :

الأول : لا خلاف أنّ كلّ ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه ،
وأمَّا في محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محقّقي أهل السنّة ، للقطع بأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله ،
لأنّ هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم ،
ممَّا تتوفّر الدواعي على نقل جُمَله وتفاصيله، فما نُقِلَ آحادا ولم يتواتر ،
يُقطع بأنه ليس من القرآن قطعاً .
وذهب كثير من الأُصوليّين : إلى أنّ التواتر شرط في ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله ، وليس بشرط في محلِّ ووضعه وترتيبه .. "

إلى أن قال :

" فربّ متواتر عند قوم دون آخرين ،
وفي وقت دون آخر ، ويكفي في تواترها إثباتُها في مصاحف الصّحابة فمن بعدهم
بخطّ المصحف ،
مع منعهم أن يُكتب في المصحف
ما ليس منه " .

الإتقان في علوم القرآن
( 1 / 236 - 245 )
ط : دار ابن كثير .









أبوسند 12-01-2024 04:09 PM



قال الحافظ السيوطيّ رحمه الله :

" وقال بعض المتأخرين : لاخْتِلاف القراءات وتنوعها فوائد :

منها : التّهوين والتّسهيل
والتّخفيف على الأُمّة .

ومنها : إظهار فضلها وشرفها على سائر الأمم ، إذ لم ينزل كتابُ غيرهم إلاّ على وجه واحد .

ومنها : إعظام أجرها ،
من حيث إنّهم يُفرغون جهدهم في تحقيق ذلك وضبطه لفظةً لفظة ، حتى مقادير الـمَدّات وتفاوت الإمالات ،
ثم في تتبّع معاني ذلك واستنباط الحِكم والأحكام من دلالة كلّ لفظ ، وإمعانهم الكشف عن التوجيه والتعليل والترجيح .

ومنها : إظهار سرّ الله في كتابه ، وصيانته له عن التبديل والاختلاف ، مع كونه على هذه الأوجه الكثيرة .

ومنها : المبالغة في إعجازه بإيجازه ، إذ تنوّع القراءات بمنزلة الآيات ،
ولو جُعلت دلالة كل لفظ آية على حدة لم يخف ما كان فيه من التطويل ، ولهذا كان قوله : ** وأرْجُلَكم ** [ المائدة : 6 ]
مُنزَّلاً لغسل الرجل ،
والمسح على الخفّ واللفظ واحد ،
لكن باختلاف إعرابِه .

ومنها : أن بعض القراءات يبيّن
ما لعلّه يُجْهَلُ في القراءات الأخرى ،
فقراءة ** يَطَّهّرْنَ **
بالتشديد مُبَيِّنَة لمعنى قراءة
التخفيف ،
وقراءة ( فامضوا إلى ذكر الله )
[ وهي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه . والمتواتر : ** فاسعوا ** ] .

تُبيّن أن المراد بقراءة : ** فاسعوا **
[ سورة الجمعة : 9 ]
الذهاب ، لا المشي السريع .

وقال أبو عبيد في
" فضائل القرآن " : المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ،
كقراءة عائشة وحفصة : ( والوسطى صلاة العصر ) .
[ والقراءة المتواترة : ** حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وقوموا لله قَانِتِين ** البقرة 238 ، دون الزيادة المذكورة ] .

وقراءة ابن مسعود :
( فاقطعوا أيمانهما ) .
[ القراءة المتواترة : ** فاقطعوا أيديهما ** المائدة 38

وقراءة جابر : ( فإن الله من بعد إكراههنّ لهنّ غفور رحيم ) .
[ القراءة المتواترة : ** فإنّ الله من بعد إكراههنّ غفور رحيم ** النور 33
بدون ( لهن ) ] .

قال : فهذه الحروف وما شاكلها
قد صارت مفسرة للقرآن ،
وقد كان يُروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيستحسن ،
فكيف إذا رُوي عن كبار الصحابة ،
ثم صار في نفس القراءة !
فهو أكثر من التفسير وأقوى ،
فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحّة التأويل . انتهى .

وقد اعتنيت في كتابي
" أسرار التنزيل "
ببيان كل قراءة أفادت معنى زائدا على القراءة المشهورة " .


الإتقان في علوم القرآن
( 1 / 254 - 255 )
ط : دار ابن كثير .





أبوسند 12-01-2024 04:10 PM







قال الله تعالى : ** واتْلُ ما أُوحِيَ إليك مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ولَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا **
سورة الكهف 27



قال العلاّمة السعدي رحمه الله في تفسيره :

التّلاوة : هي الاتِّباع ؛
أي : اتّبع ما أَوحَى اللهُ إليك
بمعرفة معانيه وفهمها وتصديق أخباره وامتثال أوامره ونواهيه ،
فإنّه الكتاب الجليل ،
الذي لا مبدِّل لكلماته ،
أي : لا تُغَيَّر ولا تُبَدَّل لصدقها
وعدلها وبلوغها من الحسن
فوق كلِّ غاية ،
** وتَمَّتْ كلمةُ ربِّك صدقا وعدلا ** ،
فلكمالها استحال عليها التغيير والتبديل ،
فلو كانت ناقصة ؛
لَعَرَضَ لها ذلك أو شيء منه .
وفي هذا تعظيم للقرآن وفي ضمنه الترغيب على الإقبال عليه . اهـ





عن عِياضِ بْنِ حِمارٍ المُجَاشِعِيِّ
أنَّ رَسُولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّمَ
قال ذَاتَ يوم في خُطْبَتِهِ :
( ألَا إنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أنْ أُعَلِّمَكُمْ
ما جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا ،
... إنّما بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وأَبْتَلِيَ بكَ ، وأَنْزَلْتُ عليك كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الماءُ ، تَقْرَؤُهُ نائِمًا ويَقْظانَ ... )

قال الإمام النووي رحمه الله :
" قوله تعالى : ( وأنزلت عليك كِتاباً
لا يغسله الماء تَقْرَؤُهُ نائِمًا ويَقْظانَ )
فمعناه : محفوظ في الصدور
لا يتطرق إليه الذهاب ،
بل يبقى على ممر الأزمان .

وأما قوله تعالى : تقرأه نائما .
ويقظان ، فَقالَ العلماء : معناه :
يكون محفوظا لك في حالتيْ النوم ،
واليقظة وقيل :
تقرأه في يسر ، وسهولة " . اهـ

_ شرح صحيح مسلم للنووي
كتاب : الجنة وصفة نعيمها
باب الصِّفاتِ التي يعرف بها في الدُّنيا أهل الجنة ..
( 17 / 194 - 195 ) .





أبوسند 12-01-2024 04:11 PM








قال تعالى : ** إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) **
سورة الحجر

قال الإمام القرطبي رحمه الله :

" قوله تعالى : ** إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون **

قوله تعالى :
** إنا نحن نزلنا الذكر **
يعني : القرآن .

** وإنا له لحافظون **
مِن أن يزاد فيه أو ينقص منه .

قال قتادة وثابت البُنانيّ :
حفظه الله مِن أن تَزيد فيه الشياطينُ باطلا أو تنقص منه حقا ;
فتولّى سبحانه حفظه
فلم يزل محفوظا ،

وقال في غيره :
** بما استحفظوا **
سورة المائدة 44 ،
فَوَكَلَ حفظه إليهم فبدّلوا وغيروا .

[ ثم ساقَ بسنده إلى ]
الحسين بن فهم قصة حصلت مع الخليفة المأمون ]

قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول :
كان للمأمون - وهو أميرٌ إذْ ذاك - مجلس نظر ،
فدخل في جملة الناس رجلٌ يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة ،

قال : فتكلم فأحسن الكلام والعبارة ، قال : فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون فقال له : إسرائيلي ؟
قال نعم .
قال له : أسلِم حتى أفعل بك وأصنع ، ووعده .
فقال : ديني ودين آبائي !
وانصرف .

قال : فلما كان بعد سنة جاءنا مُسلماً ،
قال :
فتكلم على الفقه فأحسن الكلام ;
فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون وقال : ألستَ صاحبنا بالأمس ؟
قال له : بلى .
قال : فما كان سبب إسلامك ؟
قال : انصرفت من حضرتك
فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ،
وأنت تراني حسن الخط ،
فعمدت إلى التوراة فكتبت
ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشْتُرِيَتْ مني ، وعَمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ،
وأدخلتها البِيعَة فاشتُرِيت مني ،

وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث
نسخ وزدت فيها ونقصت ،
وأدخلتها الورّاقين فتصفحوها ،
فلما أن وجدوا فيها الزيادة
والنقصان رموا بها فلم يشتروها ;

فعلمت أن هذا كتاب محفوظ ،
فكان هذا سبب إسلامي .

قال يحيى بن أكثم :
فحججت تلك السنة فلقيت سفيان
بن عيينة فذكرت له الخبر
فقال لي :
مصداق هذا في كتاب الله
- عزّ وجلّ - .
قال قلت : في أي موضع ؟
قال : في قول الله - تبارك وتعالى - في التوراة والإنجيل :
** بما استحفظوا من كتاب الله **
سورة المائدة 44 ،

فجعل حِفْظَه إليهم فضاع ،
وقال - عزّ وجلّ - :
** إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ** فحفِظَه الله
- عزّ وجلّ - علينا فلم يضع .

وقيل : ** وإنا له لحافظون **
أي لمحمد - صلى الله عليه وسلم -
من أن يتقوّل علينا أو نتقول عليه .
أو وإنا له لحافظون من أن يكاد
أو يقتل .
نظيره ** والله يعصمك من الناس ** .
المائدة 67 " .

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
( 10 / 8 - 9 ) .
ط : دار الكتَاب العربي
تحقيق عبد الرزاق المهدي .








قال تعالى : ** إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) ** الآية

تفسير القرطبي - تفسير سورة الحجر -


http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...ra15-aya9.html













أبوسند 12-01-2024 04:11 PM






القرآن هو كلام الله المعجز في نظمه،
يعجز البشر الإحاطة بكل معانيه
وكل من حاول معارضته عجز !!!




عن علي رضي الله عنه قال :

" كتابُ اللهِ فيه نبأُ ما كان قبلكم
وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم
وهو الفصل ليس بالهزل من تركه
من جبار قصمه الله ،
ومن ابتغى الهدى في غيره
أضله الله ،
وهو حبل الله المتين ،
وهو الذكر الحكيم ،
وهو الصراط المستقيم ،
هو الذي لا تزيغ به الأهواء
ولا تلتبس به الألسنة
ولا يشبع منه العلماء
ولا يخلق على كثرة الرد ،
ولا تنقضي عجائبه ،
هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ،
من قال به صدق ومن عمل به أجر
ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه
هُدِيَ إلى صراط مستقيم .. » .

سنن الترمذي " كتاب فضائل القرآن "
باب ما جاء في فضل القرآن .








أبوسند 12-01-2024 04:12 PM








" إن الوليد بن المغيرة
اجتمع إليه نفر من قريش ،
وكان ذا سن فيهم ،
وقد حضر الموسم فقال لهم :
يا معشر قريش ،
إنه قد حضر هذا الموسم ،
وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ،
ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ؛
قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ،
فقل وأقم لنا رأيا نقول به ،
قال : بل أنتم فقولوا أسمع ؛
قالوا : نقول كاهن ،
قال : لا والله ما هو بكاهن ،
لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ؛
قالوا : فنقول : مجنون ،
قال : ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ،
ولا تخالجه ، ولا وسوسته ،
قالوا : فنقول : شاعر ؛
قال : ما هو بشاعر ،
لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ،
فما هو بالشعر ؛
قالوا : فنقول : ساحر ؛
قال : ما هو بساحر ،
لقد رأينا السحار وسحرهم ،
فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛
قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ،
وإن أصله لعذق ،
وإن فرعه لجناة ،

[ قال ابن هشام : ويقال لغدق ]

وما أنتم بقائلين من هذا شيئا
إلا عرف أنه باطل ،
وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ،
وبين المرء وعشيرته .
فتفرقوا عنه بذلك ،
فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ،
لا يمر بهم أَحدٌ إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره " .

السيرة النبوية لابن هشام .




انظر :
- تفسير الطبري - سورة المدثر - 

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a74-aya21.html








والجامع لأحكام القرآن - سورة المدثر -
قوله تعالى : ** إنه فكر وقدر **

http://library.islamweb.net/newlibra..._no=48&ID=3100









أبوسند 12-01-2024 04:13 PM





الأدلة العقلية على كتاب الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم .


القرآن هو كلام الله المعجز في نظمه،
وهو دليل صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته في كل زمان ومكان ، لأنه معجزة حسية خالدة تخاطب العقل .


النصوص القرآنية الإلهية لا تمتزج
أو تتجانس مع النصوص البشرية
لوجود تمايز كلي في الأسلوب
والمحتوى وهذا يؤكد أن القرآن ليس
من محمد صلَّى الله عليه وسلم،
ولا يُحتمل أن يكون محمد صلَّى الله عليه وسلم هو من صاغ القرآن والأحاديث بأسلوبين مختلفين،
لأن القرآن ليس نظماً بشرياً
كالأحاديث النبوية .
وقد بقي القرآن سالما من المعارضة
عَصياً على الامتزاج بغيره من النثر
والشعر والأحاديث النبوية
برغم ثراء اللغة العربية وبراعة الأدباء والشعراء العرب
وهو ما يدل على صدق النبوة .

المعجزة هي أمر يظهره الله
بخلاف العادة على يد مدعي النبوة
عند تحدي المنكرين على وجه
يَعجز المنكرون عن الإتيان بمثله .

وقد تحدى الناس بأن يأتوا بسورة
من مثله
** قل فأتوا بسورة من مثله ** ،
وحاولوا معارضته فعجزوا ،
ووصفوه بالسحر المبين لإخراجه اللغة
عن عادتها ومعهودها عند العرب،
وكان وصفهم له بالسحر وعدم قدرتهم
على إبطاله دليلا على أنه خارق للعادة ومُعجز وليس سحراً .

إن من الطبيعي أن يرتبط التحدي
بأمر قد بلغ القوم الذين بُعِث فيهم
النبي صلَّى الله عليه وسلم براعته،
كالسحر لقوم موسى والطب لقوم
عيسى عليه السلام
واللغة عند العرب،
غير أن القرآن حجة على الناس كافة
وليس على العرب وحدهم
لأن عجز أهل اللغة عن الإتيان بمثله
يعني أن غيرهم أعجز،
فكما أن عجز السحرة هو حجة على
غير السحرة
وعجز الأطباء هو حجة على غير الأطباء فإن عجز العرب هو حجة على غير العرب، ولهذا كان القرآن حجة على كل الأمم،
ومَن ينكر مِن غير العرب إعجاز القرآن فعليه أن يتعلم العربية ويعارض القرآن
لكي يعلم بأن الاستدراك عليه أمر محال، وهذا ينطبق أيضا على أهل اللغة أنفسهم، فمن يُتقن اللغة العربية؛
وعجز عن معارضة القرآن هو حجة
على الجاهلين بها .


والاعجاز يقع في أسلوب القرآن ونظمه وليس في العلوم والغيوب كما يظن البعض، لأن العرب الذين بُعث فيهم النبي لم يدّعوا البراعة في العلوم والغيوب
كي يتحداهم بها
وإنما كانوا أهل بلاغة وفصاحة
ولذلك تحداهم بالإتيان بمثل أسلوبه
ونظمه ولو بسورة واحدة،
** قل فأتوا بسورة مثله ** .

فحجة القرآن على الناس هي الإعجاز
في نظمه لأن صاحب المعجزة
هو الذي قرر وقوع الإعجاز في نظمه
وليس بالعلوم والغيوب ،
ولم يَرِدْ أيّ دليل يفيد بأن القرآن تحدى النّاس في العلوم والغيوب برغم وجودها كعلامات وآيات دالة على الخالق
وعظمته وصدق النبوة ولإعمال العقل
في العقيدة .
والعلوم والغيوب لا تقوم بها حجة
على الناس في كل العصور،
فلو تحداهم بعلم الأجنّة ومعرفة مراحل
نمو الجنين لما قامت عليهم حجة
لتعذر معرفة الحقيقة في حينه،
ولو تحداهم بانتصار الروم في بضع
سنين ومات بعضهم قبل أن تتحقق نبوءة القرآن لما كان لله حجة عليهم .


فلا يقال بأن سبب العجز هو قصور العرب دون غيرهم،
أو أن الأعاجم عجزوا لأن القرآن
لم ينزل بلغاتهم،
وأنه لا بد أن يأتي اليوم الذي يستدرك
فيه شخص على القرآن ويبطل حجته،

لا يقال ذلك لأن الاستدراك على القرآن ومعارضته ممتنع على البشر
لأنه معجز بذاته أبد الدهر .

وقد تعددت المحاولات لمعارضته وآلت جميعها إلى الفشل والصَّغار،

وما زال التحدي قائما إلى يوم القيامة

قال تعإلى : ** أم يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسورة مِّثلِه وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إن كنتم صادِقينَ **
سورة يونس 38




أبوسند 12-01-2024 04:14 PM



ومن جهة أخرى،
فإن الإعجاز البياني في القرآن
يغنيه عما يسمى بالإعجاز العلمي
ويجعله فعّالا وعابرا للأقوام والأمكنة والأزمان،
ولهذا كان الإعجاز في نظم القرآن
يتناسب مع طبيعة الرسالة الإسلامية الخالدة ؛
لأنه باقٍ وصالح لإقامة الحجة على الناس كافة ؛ وهو ما يَقْصُرُ عنه
" الإعجاز العلمي " ،
لأن العلوم والغيوب لا تُجزئ إلاّ على
مَن تبين له صدقها بالحس،
وبالإضافة إلى ذلك؛
أن صدق المعلومات الغيبية والعلمية
ينحصر في ما ثبت منها ولا يتعداها
إلى باقي ما أخبر به،

فثبوت ما جاء في القرآن حول كروية
الأرض أو انفجار الكون أو خلق الأجنة
لا يبرر الإيمان بحقائق قرآنية
لم تكتشف بعد،
ومن شأن ذلك أن لا يجعل القرآن حجة بجملته وأن يقصر حقائقه على
ما اكتُشف منها
ويعطل الإيمان بباقي أخباره العلمية
غير المكتشفة حتى تثبت؛
وهذا أمر قادح بما يسمى الإعجاز العلمي وقادح بالقرآن ذاته .

ومن الأسباب التي تخرج العلوم والغيوب من مفهوم الإعجاز أيضا أن القرآن
جعل نصاب المعاجزة يقع في السورة الواحدة دون تعيين،
ولو كان الإعجاز يستغرق في مفهومه العلوم والغيوب للزم أن تحوي جميع
سور القرآن على مسائل غيبية وعلمية
وهذا لا ينطبق على أغلب سور القرآن .


لا شك أن كل ما ورد في القرآن من أخبار علمية وغيوب هو صدق وحق
ولكن لا علاقة له بالإعجاز بحسب مفهوم الإعجاز ؛
لأن هناك فرق بين الإعجاز الذي تقام به الحجة على الناس
وبين صدق ما أخبر به القرآن من علوم وغيوب،
فحجة القرآن وإعجازه هي في نظمه
كما أسلفنا وليس في ما يحويه من علوم وغيوب،
وأما العلوم والغيوب فإنها علامات دالة
على انطباق القرآن على الواقع ؛
وهي مسائل إخبارية عقائدية نؤمن بها لثبوت الدليل القطعي على مصدرها
وليس لثبوتها علميا،

ولو تناقض العلم مع ما جاء به القرآن
فإننا نرد النتائج العلمية لأنها ظنية
ونأخذ بما جاء في القرآن
لأنه ثابت بالدليل العقلي القطعي .





الغلو فيما يسمى :
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=245769




أبوسند 12-01-2024 04:15 PM




الحقائق اليقينية القرآنية هي مقياس
صحة النتائج العلمية وليس العكس؛
فإذا وقع تعارض بين المقطوع به عقلا
وبين العلوم ،
فلا بد أن يكون سبب التعارض
هو التباس بحقيقة نتائج البحوث العلمية
إن كانت قطعية أم ظنية،
والواجب أن تُردَّ النتائج الظنية
وأن لا يُكذّب المقطوع بصدقه
وهو القرآن ،
وعليه فإن افتراض التعارض بين قطعي العلم والقرآن ممتنع عقلا .



إن إعجاز القرآن يكمن في نظمه الذي تخطى النثر والشعر إلى أسلوب
لم يعهده العرب من قبل
ولم يسمعوه من محمد صلَّى الله عليه وسلم إلاّ بعد النبوة،
وهنا بيت القصيد،
لأنه لو كان النظم القرآني من أساليب العرب قبل الإسلام لخسر النّبيُّ
صلَّى الله عليه وسلم التحدي
لأن استدراك الفُصحاء العرب على بعضهم ليس ممتنعا ولا يصعب حينها الاستدراك على القرآن ومعارضته،
وهذا يثبت أنّ ما جاء به محمدا صلَّى الله
عليه وسلم ليس منه ولا من العرب ،
وقد اعترف ابو سفيان رضي الله عنه
قبل إسلامه لهرقل
بأنّ ما جاء به محمد صلَّى الله عليه
وسلم لم يقل به أَحدٌ مِن قبل .




أسئلة هرقل الدقيقة !!!؟؟؟
لأبي سفيان رضي الله عنه .

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=241171




فالقرآن ليس من تأليف محمد صلَّى الله
عليه وسلم ولا من العرب
لأن أسلوب القرآن لم يكن موجودا
في أصل اللّغة العربية
وبالتالي لم يكن موجودا في الواقع والحواس ولم يقع تحت حس محمد
صلَّى الله عليه وسلم أو غيره من العرب حيث كانت العربية نثرا وشعرا،
والقرآن ليس كالنثر أو الشعر،
فمن أين جاء محمد صلَّى الله عليه وسلم بالقرآن إذا كان يستحيل أن يقع في وعيه ويَنْظُمُه دون أن يكون أسلوبه محسوساً
في الواقع ؟!

ولو كان القرآن مِن محمد صلَّى الله عليه وسلم أو مِن العرب لوُجد أسلوبه البياني في أدمغة العرب جميعهم وليس في ذهن محمد صلَّى الله عليه وسلم وحده !!!

قد يدعي البعض من أتباع المنهج التجريبي أن محمدا صلَّى الله عليه وسلم وصل
إلى المعارف القرآنية بالتجربة،
وهذا باطل من زاوية تجريبية لأن من شروط التجربة أن تكون قابلة للتكرار
والقرآن لم يتكرر منذ بعثة النبي محمد
صلَّى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا
ممّا يدل على أنه لم يكتشفه بالتجربة
وأنه ليس من عنده .

الأسلوب القرآني هو أسلوب رباني

فمن أين أتى محمد صلَّى الله عليه وسلم بأسلوب لغوي منعدم في أصل اللغة
وغائب عن الحس
ولم يعرفه العرب من قبل
ولم ينشأ إلاّ في ذهن محمد صلَّى الله
عليه وسلم من دون النّاس كلهم
ولم يتكرر برغم محاولات تقليده أو معارضته ؟!
إنّ العقل السليم الصريح يحكم بأنه
لا يمكن إلا أن يكون القرآن من عند الله
لأنه إما أن يكون من العرب
وإما من محمد صلَّى الله عليه وسلم
وإما من الله عزّوجلّ ،
ولا يوجد أي احتمال آخر،
وقد ثبت عقلا أنه ليس من العرب
ولا من محمد صلَّى الله عليه وسلم
فيكون من الله عزّوجلّ بلا شك وبإقرار جميع طرق المعرفة عند البشر .







أبوسند 12-01-2024 04:16 PM






الإدعاء بأن القرآن من نتاج عبقرية
محمد صلَّى الله عليه وسلم
إدعاء باطل لأنه لو كان كذلك

فلماذا لم ينسبه إلى نفسه
وبأنه من تأليفه ؟!

وبما أن القرآن معجز وقد جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
فإن محمدا صلَّى الله عليه وسلم
هو رسول الله وخاتم النبيّين والمرسلين
وأن الإسلام هو وحيُ اللهِ ورسالتُه لخلقه ،

ونصوص القرآن كلها جاءت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له
وإلاّ لو كان من تأليفه صلَّى الله عليه وسلم فلماذا لم يدعو إلى تأليه نفسه ؟؟؟!!!

وحاشاه أن يفعل ذلك

فقد كان عبدا شكورا صلَّى الله عليه وسلم .




اعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا 

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=246639






أما الزعم بأن محمدا صلَّى الله عليه وسلم نقل مضامين القرآن الكريم عن كتب اليهود والنصارى فهو زعم باطل
لأنه لو نقل عن كتبهم لتطابق ما جاء في
كتبهم مع القرآن،
بينما نجد أن بينهم تَبايناً كبيرا ،

ناهيك عن بيانه بطلان ما كان عليه اليهود والنصارى وضلاله بعد تحريفهم كتبهم
وقصة أصحاب السبت وبيان ما كان عليه اليهود من الباطل يصادم كتبهم

وقصة المسيح عليه السلام وحدها
تبطل الزعم بأن محمدا صلَّى الله عليه وسلم نقل عن كتابهم
لأن القرآن ينفي قتل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وصلبه ..
فلماذا لا يوجد تطابق في هذه القصة
إذا كان القرآن منقولا عن كتبهم ؟!

وقس على ذلك أخبارهم الأخرى


الصواب هو قول : إخوان القردة والخنازير لا أحفاد القردة والخنازير ..

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=244401









أبوسند 12-01-2024 04:16 PM



قال الله تعالى :
** ولَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الّذي يُلْحِدُونَ إليه أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) ** الآية


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر تعالى عن قيل المشركين المكذبين لرسوله ** أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ **
هذا الكتاب الذي جاء به ** بَشَرٌ **
وذلك البشر الذي يشيرون إليه
أعجمي اللّسان
** وهَذَا ** القرآن
** لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ **
هل هذا القول ممكن ؟

أو له حظ من الاحتمال ؟

ولكن الكاذب يكذب
ولا يفكر فيما يؤول إليه كذبه،

فيكون في قوله من التناقض والفساد
ما يوجب رده بمجرد تصوره . اهـ





تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل -

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...16-aya103.html












أبوسند 12-01-2024 04:17 PM



قال تعالى : ** وإنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ **

[ سورة الشعراء : 192 - 195 ]


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** وإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ** فالذي أنزله, فاطر الأرض والسماوات,
المربي جميع العالم, العلوي والسفلي، وكما أنه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم, فإنه يربيهم أيضا,
بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم،
ومن أعظم ما رباهم به,
إنزال هذا الكتاب الكريم,
الذي اشتمل على الخير الكثير,
والبر الغزير، وفيه من الهداية,
لمصالح الدارين, والأخلاق الفاضلة,
ما ليس في غيره،

وفي قوله : ** وإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ **
من تعظيمه وشدة الاهتمام فيه,
من كونه نزل من الله, لا من غيره,
مقصودا فيه نفعكم وهدايتكم .

** نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ **
وهو جبريل عليه السلام,
الذي هو أفضل الملائكة وأقواهم
** الأمِينُ **
الذي قد أمن أن يزيد فيه أو ينقص .

** عَلَى قَلْبِكَ ** يا محمد
** لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ **
تهدي به إلى طريق الرشاد,
وتنذر به عن طريق الغي .


** بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ **
وهو أفضل الألسنة,
بلغة من بعث إليهم, وباشر دعوتهم أصلا اللسان البين الواضح .

وتأمل كيف اجتمعت هذه الفضائل الفاخرة في هذا الكتاب الكريم،

فإنه أفضل الكتب,
نزل به أفضل الملائكة,
على أفضل الخلق,
على أفضل بضعة فيه وهي قلبه،
على أفضل أمة أخرجت للناس,
بأفضل الألسنة وأفصحها, وأوسعها,
وهو : اللسان العربي المبين . اهـ







أبوسند 12-01-2024 04:18 PM




قال تعالى : ** وقال الَّذينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عليه القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كذلك لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ورَتَّلْنَاهُ تَرْتيلًا **
[ سورة الفرقان : 32 ]


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

هذا من جملة مقترحات الكفار
الذي تُوحيه إليهم أنفسهم فقالوا:
** لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً **

أي : كما أنزلت الكتب قبله،
وأي محذور من نزوله على هذا الوجه ؟

بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن، ولهذا قال : ** كَذَلِكَ ** أنزلناه متفرقا
** لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ **
لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن
ازداد طمأنينة وثباتا
وخصوصا عند ورود أسباب القلق
فإن نزول القرآن عند حدوث السبب
يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير
أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك
ثم تذكره عند حلول سببه .

** ورَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا **
أي : مهلناه ودرجناك فيه تدريجا .

وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم
حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ومصالحه الدينية . اهـ








أبوسند 12-01-2024 04:19 PM




قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" إنَّ النّاس كلهم متفقون على أن لغة العرب من أفصح لغات الآدميين ، وأوضحها ،
ومتفقون على أن القرآن في أعلى درجات البيان ، والبلاغة ، والفصاحة " .
[ الجواب الصّحيح ( 1 / 371 ) ] .

وقال :

" إن القرآن آيات بيِّنات في صدور الَّذينَ أُوتُوا العلم ، فإنه من أعظم الآيات البيِّنة ،
الدالة على صدق مَن جاء به ، وقد اجتمع فيه من الآيات ، ما لم يجتمع في غيره ،
فإنه هو :

1 - الدعوة .

2 - والحجّة .

3 - وهو الدليل .

4 - والمدلول عليه .

5 - والحكم .

6 - وهو الدعوى .

7 - وهو البيِّنة على الدعوى .

8 - وهو الشاهد .

9 - والمشهود به " .

[ مجموع الفتاوى ( 14 / 190 ) ] .

قال :

" والقرآن ممَّا يعلم النّاس عربهم وعجمهم
أنه لم يوجد له نظير ، مع حرص العرب وغير العرب على معارضته

1 - فلفظه : آية .

2 - ونظمه : آية .

3 - وإخباره بالغيوب : آية .

4 - وأمره ونهيه : آية .

5 - ووعده ووعيده : آية .

6 - وجلالته وعظمته ،
وسلطانه على القلوب : آية .

7 - وإذا تُرجمَ بغير العربي كانت معانيه : آية .

كل ذلك لا يوجد له نظير في العالم " .

[ النبوات ( ص 188 - 189 ) ] .

قال رحمه الله :

" وكون القرآن أنه معجزة ، ليس هو من :
جهة فصاحته ، وبلاغته فقط .
أو نظمه وأسلوبه فقط .
ولا من جهة إخباره بالغيب فقط .
ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط .
ولا من جهة سلب قدرتهم على معارضته فقط .
بل هو آية بيِّنة معجزة من وجوه متعددة :

1 - من جهة اللّفظ .

2 - ومن جهة النظم .

3 - ومن جهة البلاغة في دلالة اللّفظ على المعنى .

4 - ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى ، وأسمائه ، وصفاته ، وملائكته ،
وغير ذلك .

5 - ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغَيْبِ الماضي ، وعن الغَيْبِ المستقبل .

6 - ومن جهة ما أخبر به عن المعاد .

7 - ومن جهة ما بيّن فيه من الدلائل اليقينيّة ،
والأقيسة العقليّة ،
التي هي الأمثال المضروبة ...

وكل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن ، هو حُجّة على إعجازه ،
ولا تناقض في ذلك ،
بل كل قوم تنبّهوا لِـمَا تنبَّهوا له " .
[الجواب الصّحيح( 5 / 428 - 429 )]

وقال رحمه الله :

" العلم بأن القرآن معجز ،
فإن ذلك آية مستقلة لنبوته ،
وهي آية ظاهرة باقية إلى آخر الدهر ،
معلومة لكل أحد ،
وهي من أعظم الآيات .

فإن كونه معجزاً يُعلم بأدلة متعددة ،
والإعجاز فيه وجوه متعددة ،
فتنوّعت دلائل إعجازه ،
وتنوّعت وجوه إعجازه ،
وكل وجه من الوجوه هو دالٌّ على إعجازه ،
وهذه جُمَلٌ لبسطها تفصيل طويل ،
ولهذا قال تعالى : ** وقالوا لولا أُنزل عليه
آيات مّن ربِّه قلْ إنّما الآيات عند الله وإنّما أنا نذير مّبين * أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يُتْلَى عليهم إنَّ في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون **
[ سورة العنكبوت : 50 - 51 ] ؛

فهو كافٍ في الدعوة والبيان ،
وهو كافٍ في الحجّة والبرهان " .
[الجواب الصّحيح( 5 / 410 - 411 )] .


_ كتاب : إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 571 - 573 ) .






أبوسند 12-01-2024 04:20 PM



ومن أعظم وجوه إعجازه تحديه :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والقرآن يظهر كونه آية وبرهاناً له
صلَّى الله عليه وسلم من وجوه :
جملة ، وتفصيلاً .

أما الجملة : فإنه قد علمتْ الخاصّةُ
والعامّة من عامّة الأُمم ، علماً متواترا
أنه هو الذي أتى بهذا القرآن ،
وتواترت بذلك الأخبار ، أعظم من تواترها
بخبر كل أحد من الأنبياء والملوك والفلاسفة
وغيرهم .
والقرآن نفسه فيه تحدِّي الأمم بالمعارضة .

فطلب منهم أن يأتوا بعشر سُوَر مثله مفتريات ،
هُمْ وكلّ مَن استطاعوا من دون الله ،
ثم تحدّاهم بسورة واحدة ،
هُمْ ومَن استطاعوا ...

وهذا التحدِّي كان بِمَكَّة ، فإن هذه السُّور
مكِّيَّةٌ : سورة يونس ، هود ، والطور ،
ثم أعاد التحدّي في المدينة بعد الهجرة .

فَقالَ في البقرة ، وهي سورة مدنيّة :
** وإن كنتم في ريب مّمّا نزّلنا على عبدنا فأْتُوا بسورة مّن مّثله وادْعُوا شهداءكم مّن دون الله إن كنتم صادِقينَ (23) ** ،
ثم قال :
** فإن لّم تفعلوا ولن تفعلوا فاتَّقُوا النّار الّتي وَقودها النّاس والحجارة ** .

فذكر أمرين :

أحدُهما : قوله : ** فإن لّم تفعلوا ولن تفعلوا فاتَّقُوا النّار ** ، يقول : إذا لم تفعلوا ،
فقد علمتم أنه حق ،
فخافوا الله أن تكذبوه ،
فيحيق بكم العذاب ،
الذي وعد به المكذبين ،
وهذا دعاء إلى سبيل ربِّه بالموعظة الحسنة ،
بعد أن دعاهم بالحكمة ،
وهو جدالهم بالتي هي أحسن .

والثاني : قوله : ** ولن تفعلوا ** ،
و « لن » لنفي المستقبل ،
فثبت الخبر أنهم فيما يستقبل من الزمان ،
لا يأتون بسورة من مثله ،
كما أخبر قبل ذلك .

وهذا التحدِّي والدُّعاء هو لجميع الخلق ،
وهذا قد سمعه كل من سمع القرآن ،
وعرفه الخاصُّ والعامُّ ،
وعلم مع ذلك أنهم لم يعارضوه ،
ولا أتوا بسورة مثله ،
ومِن حين بُعثَ وإلى اليوم ،
والأمر على ذلك .

مع ما عُلِمَ مِن أن الخلق كلهم كانُوا كفارا قبل أن يُبعث ، ولـمّا بُعث إنما تبعه قليل ،
وكان الكُفّار من أحرص الناس على إبطال قوله ، مجتهدين بكل طريق يمكن ...

فإذا كان قد تحدّاهم بالمعارضة ،
مَرَّة بعد مرّة ، وهي تبطل دعوته ،
فمعلوم أنهم لو كانُوا قادرين عليها لفعلوها ، فإنه مع وجود هذا الداعي التام المؤكد إذا كانت القدرة حاصلة ،
وجب وجود المقدور ، ثم هكذا القول في سائر أهل الأرض .

فهذا القدر يُوجِب علما بيِّناً لكل أحد بعجز جميع أهل الأرض عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، بحيلة وبغير حيلة ، وهذا أبلغ من الآيات التي يكرر جنسها كإحياء الموتى ،
فإن هذا لم يأتِ أَحدٌ بنظيره " .
[الجواب الصّحيح ( 5 / 422 - 428 )]


_ نقلته من كتاب :
إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 573 - 575 ) .
بإختصار شديد .







أبوسند 12-01-2024 04:20 PM



قال رحمه الله :

" وأما التفصيل فيقال :

1 - نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ،
ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة .

2 - ولم يأتِ أَحدٌ بنظير هذا الأسلوب ،
فإنه ليس من جنس الشِّعر ، ولا الرِّجز ،
ولا الخطابة ، ولا الرسائل .

3 - ولا نظمه نظم شيء من كلام النّاس :
عربهم وعجمهم .

4 - ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ،
ليس له نظير في كلام جميع الخلق ،
وبسط هذا وتفصيله طويل ،
يعرفه من له نظر وتدبُّر .

5 - ونفس ما أخبر به القرآن في باب
توحيد الله وأسمائه وصفاته أمر عجيب خارق للعادة ،
لم يوجد مثل ذلك في كلام البشر ،
لا نبي ولا غير نبي .

6 - وكذلك ما أخبر به عن الملائكة .

7 - والعرش .

8 - والكرسي .

9 - والجن .

10 - وخلق آدم ، وغير ذلك .

11 - ونفس ما أمر به القرآن من الدين ،
والشرائع كذلك .

12 - ونفس ما أخبر به من الأمثال ،
وبيَّنه من الدلائل هو أيضاً كذلك .

13 - ومَنْ تدبَّر ما صنَّفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية ، والخلقية ، والسياسية ،
وجد بينَه وبين ما جاء في الكتب الإلهية :
التَّوْراة ، والإنجيل ، والزّبور ،
وصحف الأنبياء ،
وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم
مِمَّا بين لفظه ونظمه ،
وبين سائر ألفاظ العرب ونظمهم .

فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه ، وجميع عقلاء الأُمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه .

وما في التوراة والإنجيل
– ولَوْ قُدِّر أنه مثل القرآن –
لا يقدح في المقصود ؛
فإن تلك كتُب الله – أيضاً –
ولا يمتنع أن يأتي نبي بنظير آية نبيّ ،
كما أتى المسيح بإحياء الموتى ،
وقد وقع إحياء الموتى على يد غيره ؛
فكيف وليس في التوراة والإنجيل مماثلاً
لمعاني القرآن ،
لا في الحقيقة ، ولا في الكفيفيَّة ،
ولا الكمِّيَّة ،
بل يظهر التفاوت لكل مَن تدبَّر القرآن
وتدبّر الكتب .

وهذه الأمور مَن ظهرت له مِن أهل العلم والمعرفة ظهر إعجازه من هذا الوجه ،
ومَنْ لم يظهر له ذلك اكتفى بالأمر الظاهر
الذي يظهر له ولأمثاله ،
كعجز جميع الخلق عن الإتيان بمثله مع تحدِّي النبي صلَّى الله عليه وسلم
وإخباره بعجزهم ؛
فإن هذا أمر ظاهر " .
[الجواب الصّحيح ( 5 / 433 - 435 )]


_ نقلته من كتاب :
إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 576 - 577 ) .






أبوسند 12-01-2024 04:22 PM





قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وكل ما ذكره النّاس من الوجوه في إعجاز القرآن ،
هو حُجّة على إعجازه ،
ولا تناقض في ذلك ،
بل كل قوم تنبَّهوا لما تنبَّهوا له .

ومِن أضعف الأقوال ،
قول مَن يقول مِن أهل الكلام :
[ وهذا القول منقول عن جماعة من المعتزلة .
انظر : " الملل والنحل " للشهرستاني
( 1 / 92 - 93 ) ] .

إنَّهُ معجز :

أ - بصرف الدواعي مع تمام الموجب لها .

ب - أو بسلب القدرة التامَّة .

ج - أو بسلبهم القدرة المعتادة في مثله سلباً عامّاً ...

وهو : أن الله صرف قلوب الأُمم عن معارضته مع قيام المقتضي التام ؛
فإن هذا يقال على سبيل التقدير والتنزيل ،
وهو أنه إذا قُدّر أن هذا الكلام يقدر النّاس على الإتيان بمثله !
فامتناعهم جميعهم عن هذه المعارضة مع قيام الدواعي العظيمة إلى المعارضة من أبلغ الآيات الخارقة للعادات ،
بمنزلة مَن يقول : إنِّي آخذ أموال جميع
أهل هذا البلد العظيم ،
وأضربهم جميعهم ، وأُجَوِّعهم ،
وهُمْ قادرون على أن يشكوا إلى الله ،
أو إلى ولي الأمر ،
وليس فيهم مع ذلك مَن يشتكي ؛
فهذا من أبلغ العجائب الخارقة للعادة .

ولَوْ قُدِّر أن واحدا صنَّف كِتاباً يقدر أمثالُه
على تصنيف مثله ،
أو قال شعراً يقدر أمثاله أن يقولوا مثله ،
وتحدّاهم كلهم ؛ فَقالَ : عارضوني ،
وإن لم تعارضوني فأنتم كفار ،
مأواكم النار ، ودماؤكم لي حلال ،
امتنع في العادة أن لا يعارضه أَحدٌ ؛
فإذا لم يعارضوه كان هذا من أبلغ العجائب
الخارقة للعادة .

والذي جاء بالقرآن ، قال للخلق كلهم :
أنا رسول الله إليكم جميعا ،
ومَنْ آمن بي دخل الجنة ،
ومَنْ لم يؤمن بي دخل النار ... ،
ومِنْ آياتي هذا القرآن ؛
فإنه لا يقدر أَحدٌ على أن يأتي بمثله ،
وأنا أخبركم أن أحداً لا يأتي بمثله .

فيقال : لا يخلو إمّا أن يكون النّاس قادرين
على المعارضة ، أو عاجزين !!

فإن كانُوا قادرين ولم يعارضوه ،
بل صرف الله دواعيَ قلوبهم ، ومنعها أن
تريد معارضته مع هذا التحدّي العظيم ،
أو سلبهم القدرة التي كانت فيهم قبل تحدّيه ؛
فإن سلب القدرة المعتادة أن
يقول رجل : معجزتي أنكم كلكم لا يقدر
أحد منكم على الكلام ، ولا على الأكل ،
والشرب ، فإن المنع من العتاد
كإحداث غير المعتاد ؛
فهذا من أبلغ الخوارق .

وإن كانُوا عاجزين ثَبت أنه خارق للعادة ؛
فثبت كونه خارقاً على تقدير النقيضين :
النّفيَ والإثبات ؛ فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر .

فهذا غاية التنزُّل ، وإلا فالصّواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته :

1 - لا يقدرون على ذلك ، ولا يقدر محمد
صلَّى الله عليه وسلم نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدِّل سورة من القرآن ،
بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامِه ، لكل مَن له أدنى تدبُّر ؛
كما قد أخبر الله به في قولِه :
** قل لّئنِ اجتمعت الإنس والجنّ على أن
يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله
ولَوْ كان بعضهم لبعض ظهيرا (88) **
[ سورة الإسراء ] .

2 - وأيضاً فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة ، لكنهم يحسون من أنفسهم العجز عن المعارضة ؛
ولَوْ كانُوا قادرين لعارضوه .

3 - وقد انتدب غيرُ واحِدٍ لمعارضته ،

[ ومنهم : مسيلمة الكذاب ،
والنضر بن الحارث ، قال الماوردي في
" أعلام النبوّة " ( ص 76 ) :
« وكان من فصحاء قريش عارض القرآن
فَقالَ : والزارعات زرعا ،
والحاصدات حصدا ، والطاحنات طحنا ،
والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا ،
فاللاقمات لقما » .
وانظر " الرد على الجهميَّة "
للدارمي ( ص 210 ) ] .

لكن جاء بكلام فضح به نفسَه ،
وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز
الخلق عن الإتيان بمثله .

مثل قرآن مسيلمة الكذاب ؛ كقوله :

يا ضفدع بنت ضفدعين ،
نِقِّي كم تَنِقِّين ، لا الماء تدركين ،
ولا الشارب تمنعين ، رأسك في الماء ،
وذَنَبك في الطِّين .

4 - وكذلك أيضا يعرفون أنه يختلف حال قدرتهم
قبل سماعه وبعد سماعه .

فلا يجدون أنفسهم عاجزين عمّا كانُوا قادرين عليه ، كما وجد زكريا عليه السلام
عجزه عن الكلام بعد قدرته عليه ...

5 - وليس في العلوم المعتادة أن يعلم الإنسان أن جميع الخلق لا يقدرون
أن يأتوا بمثل كلامه إلَّا إذا علم العالم
أنه خارج عن قدرة البشر .

والعلم بهذا يستلزم كونه معجزاً ،
فإنا نعلم ذلك ،
وإن لم يكن علمنا بذلك خارقاً للعادة ،
ولكن يلزم من العلم ثبوت المعلوم ؛
وإلاّ كان العلم جهلاً ؛
فثبت أنه على كل تقدير يستلزم كونه
خارقاً للعادة " .

[الجواب الصّحيح ( 5 / 429 - 433 )]



_ نقلته من كتاب :
إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 577 - 579 ) .




أبوسند 12-01-2024 04:23 PM




أقلُّ ما وقع به التحدِّي بسورة واحدة :

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" قال – في هود – : ** فأْتُوا بعَشْرِ سُوَر مِّثْلِه مُفتريات وادْعُوا مَن استطعتم مِّن
دون الله إن كنتم صادِقينَ (13) ** ،

لـمَّا تحدّاهم أن يأتوا بعشر سُوَر مثله ؛
فعجزوا عن ذا وذاك .

ثم تحدّاهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا ؛
فإن الخلائق لا يمكنهم أن يأتوا بمثله ،
ولا بسورة مثله .

وإذا كان الخلق كلهم عاجزين عن الإتيان بسورة مثله ، ومحمد صلَّى الله عليه وسلم
منهم ، عُلِمَ أنه مُنزَّل من الله ،
نزّله بعلمه ، لم ينزِّله بعلم مخلوق ؛
فما فيه من الخبر فهو خبر عن علم الله " .
[مجموع الفتاوى( 14 / 197 - 198 )].




قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وليست الفصاحة التشدُّق في الكلام ،
والتقعير في الكلام ، ولا سجع الكلام ،
ولا كان في خطبة علي رضي الله عنه
ولا سائر خطباء العرب من الصّحابة
رضي الله عنهم وغيرهم تَكلُّف الأسجاع ،
ولا تَكلّف التحسين الذي يعود إلى مجرّد اللّفظ ، الذي يُسمَّى علم البديع ؛
كما يفعله المتأخرون من أصحاب الخطب
والرسائل والشعر .

وما يوجد في القرآن مِن مثل قولِه :
** وهُمْ يحسبون أنّهم يحسنون صنعا **
[ سورة الكهف : 104 ] ،

و{ إنَّ ربّهم بهم **
[ سورة العاديات : 11 ] ،

ونحو ذلك ، فلم يَتكلّف لأجل التجانس ،
بل هذا تابع غير مقصود بالقصد الأول .

كما يوجد في القرآن من أوزان الشعر
ولم يقصد به الشعر ؛
كقوله تعالى :
** وجفانٍ كالجواب وقدور رّاسيات **
[ سورة سبأ : 13 ] .

وقوله :
** نَبِّئ عبادي أنِّي أنا الغفور الرّحيم **
[ سورة الحجر : 49 ] .

** ووضعنا عنك وزرك (2) الّذي أنقض ظهرك (3) **
[ سورة الشرح ] ، ونحو ذلك .

وإنما البلاغة المأمور بها في مثل
قولِه تعالى :
** وقل لَّهُم في أنفسهِم قـولا بليغا **
[ سورة النّساء : 63 ] ،

هي علم المعاني والبيان :

1 - فيذكر من المعاني ما هو أكمل مناسبة للمطلوب .

2 - ويذكر من الألفاظ ما هو أكمل في بيان تلك المعاني .

فالبلاغة بلوغ غاية المطلوب ، أو غاية الممكن من المعاني بأتمِّ ما يكون من البيان ،
فيجمع صاحبها بين تكميل المعاني المقصودة وبين تبيينها بأحسن وجه " .
[ منهاج السنة ( 8 / 53 - 54 ) ] .


_ نقلته من كتاب :
إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 580 - 582 ) .
مع شيء من الاختصار .




أبوسند 12-01-2024 04:23 PM




قصة استماع قريش إلى قراءة
النبي صلى الله عليه وسلم .

[ أبو سفيان وأبو جهل والأخنس ، وحديث استماعهم للرسول
صلى الله عليه وسلم ]

قال ابن إسحاق :
وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث :
أن أبا سفيان بن حرب ،
وأبا جهل بن هشام ،
والأخنس بن شريق بن عمرو بن
وهب الثقفي ، حليف بني زهرة ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وهو يصلي من الليل في بيته ،
فأخذ كل رجل منهم مجلسا
يستمع فيه ،
وكل لا يعلم بمكان صاحبه ،
فباتوا يستمعون له ،
حتى إذا طلع الفجر تفرقوا .

فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ،
وقال بعضهم لبعض : لا تعودوا ،
فلو رآكم بعض سفهائكم
لأوقعتم في نفسه شيئا ،
ثم انصرفوا .

حتى إذا كانت الليلة الثانية ،
عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ،
حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ،
فجمعهم الطريق ،
فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا
أول مرة ، ثم انصرفوا .

حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ
كل رجل منهم مجلسه ،
فباتوا يستمعون له ،
حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ،
فجمعهم الطريق ،

فقال بعضهم لبعض :
لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود : فتعاهدوا على ذلك ،
ثم تفرقوا .

[ ذهاب الأخنس إلى أبي سفيان يسأله عن معنى ما سمع ]

فلما أصبح الأخنس بن شريق
أخذ عصاه ،
ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته ،
فقال : أخبرني يا أبا حنظلة
عن رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يُراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ،
ولا ما يراد بها ؛ قال الأخنس :
وأنا الذي حلفت به ( كذلك ) .

[ ذهاب الأخنس إلى أبي جهل يسأله عن معنى ما سمع ]

قال : ثم خرج من عنده حتى أتى
أبا جهل ، فدخل عليه بيته ،
فقال : يا أبا الحكم ،
ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : ماذا سمعت ،
تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ،
أطعموا فأطعمنا ،
وحملوا فحملنا ،
وأعطوا فأعطينا ،
حتى إذا تجاذينا على الركب ،
وكنا كفرسي رهان ،
قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك مثل هذه ،
والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه .
قال : فقام عنه الأخنس وتركه .



السيرة النبوية لابن هشام
- أول من جهر بالقرآن- الجزء رقم 1

http://library.islamweb.net/newlibra...d=58&startno=1



وانظر تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله
عند تفسير قولِه تعالى : ** نّحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإِذْ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتّبعون
إلَّا رَجُلاً مّسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سَبيلًا **
[ سورة الإسراء : 47 - 48 ] .









أبوسند 12-01-2024 04:25 PM




قال تعالى : ** حم (1) تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)
بَشِيرًا وَنَذِيرًا فأعرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ
لا يَسْمَعُونَ (4)
وقالوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وفي آذَانِنا وَقْرٌ ومِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عامِلُونَ (5) **
[ سورة فُصِّلت ]




قال الإمام العالم عَبْدُ بنُ حُمَيْد
في مسنده :
حدثني ابن أبي شيبة ،
حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح ،
عن الذيال بن حرملة الأسدي عن
جابر بن عبد الله
- رضي الله عنه -
قال : اجتمعت قريش يوما
فقالوا :

انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر ،
فليأتِ هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا ،
وشتت أمرنا ، وعاب ديننا ،
فليكلمه ولننظر ماذا يرد عليه ؟

فقالوا :
ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة .

فقالوا : أنت يا أبا الوليد .

فأتاه عتبة فقال : يا محمد ،
أنت خير أم عبد الله ؟
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال :
أنت خير أم عبد المطلب ؟
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال :
فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك ، فقد عبدوا الآلهة التي عبت ،
وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك ،

إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك ;
فرقتَ جماعتنا ، وشتت أمرنا ،
وعِبتَ ديننا ،
وفضحتنا في العرب ،
حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا ، وأن في قريش كاهنا .

والله ما ننظر إلاّ مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف ، حتى نتفانى
- أيها الرجل -
إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا ،

وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش [ شئت ] فلنزوجك عشرا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فرغت ؟ "
قال : نعم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

** بسم الله الرحمن الرحيم *
حم تنزيل من الرحمن الرحيم **
حتى بلغ :
** فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود **

فقال عتبة : حسبك ! حسبك !
ما عندك غير هذا ؟

قال : " لا "
فرجع إلى قريش

فقالوا : ما وراءك ؟

قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته .

قالوا : فهل أجابك ؟
[ قال : نعم ، قالوا : فما قال ؟ ]

قال : لا والذي نصبها بنية
ما فهمت شيئا مما قال ،
غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود .

قالوا : ويلك !
يكلمك الرجل بالعربية ما تدري
ما قال ؟ !
قال : لا والله ما فهمت شيئا
مما قال غير ذكر الصاعقة .


وقد ساقه البغوي في تفسيره
بسنده ... عن جابر ،
فذكر الحديث إلى قوله :
** فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود **

فأمسك عتبة على فيه ،
وناشده بالرحم ،
ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم .
فقال أبو جهل : يا معشر قريش ،
والله ما نرى عتبة إلاّ قد صبأ إلى محمد ، وأعجبه طعامه ،
وما ذاك إلاّ من حاجة [ قد ] أصابته ، فانطلقوا بنا إليه .

فانطلقوا إليه فقال أبو جهل :
يا عتبة ، ما حبسك عنا إلاّ أنك صبوت إلى محمد وأعجبك طعامه ،

فإن كانت لك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد .

فغضب عتبة ،
وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا ،

وقال : والله لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته
وقصصت عليه [ القصة ]
فأجابني بشيء والله ما هو بشعر
ولا كهانة ولا سحر ،

وقرأ السورة إلى قوله :
** فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود **

فأمسكت بفيه ،
وناشدته بالرحم أن يكف ،
وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا
لم يكذب ،
فخشيت أن ينزل بكم العذاب .



وقد أورد هذه القصة الإمام محمد
بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة على خلاف هذا النمط ،
فقال :
حدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : حُدِّثْتُ أن عتبة
بن ربيعة - وكان سيدا -
قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده :

يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا
لعله يقبل بعضها ،
فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ؟
وذلك حين أسلم حمزة ،
ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون ،

فقالوا :
بلى يا أبا الوليد ،
فقم إليه فكلمه .

فقام إليه عتبة حتى جلس إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : يا ابن أخي ،
إنك منا حيث قد علمت من السطة
في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ،
فرقت به جماعتهم ،
وسفهت به أحلامهم ،
وعبت به آلهتهم ودينهم ،
وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا
تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها .

قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" قل يا أبا الوليد أسمع " .

قال : يا ابن أخي ،
إن كنت إنما تريد بما جئت به من
هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون من أكثرنا أموالا .

وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك .

وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا . وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه
لا تستطيع رده عن نفسك ،
طلبنا لك الطب ،
وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ،

فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه
- أو كما قال له -
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله
صلى الله عليه وسلم يستمع منه

قال :
" أفرغت يا أبا الوليد ؟ "

قال : نعم .

قال : " فاستمع مني "

قال : أفعل .

قال : ** بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون **

ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه .

فلما سمع عتبة أنصت لها
وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ،

ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها ،

فسجد ثم قال :
" قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك ،
فقام عتبة إلى أصحابه ،

فقال بعضهم لبعض :
أقسم - يحلف بالله -
لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به .

فلما جلس إليهم

قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟

قال : ورائي أني قد سمعت قولا
والله ما سمعت مثله قط ،

والله ما هو بالسحر ولا بالشعر
ولا بالكهانة .

يا معشر قريش ،
أطيعوني واجعلوها لي ،
خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ،

فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ،

وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ،
وكنتم أسعد الناس به .

قالوا :
سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه !

قال : هذا رأيي فيه ،
فاصنعوا ما بدا لكم .


_ تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ
ابن كثير رحمه الله .









أبوسند 12-01-2024 04:25 PM







قصة إسلام الطُّفَيْل بن عمرو
الدَّوسي رضي الله عنه

[ تحذير قريش له من الاستماع
للنّبيِّ صلّى الله عليه وسلم ]

قال ابن إسحاق :
وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،
على ما يرى مِن قومه ،
يبذل لهم النصيحة ،
ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه . وجعلت قريش ،
حين منعه الله منهم ،
يحذرونه النّاس ومَن قَدِم عليهم
مِن العرب .

وكان الطُّفَيل بن عمرو الدوسي يحدث : أنه قَدِم مكة ورسول الله
صلى الله عليه وسلم بها ،

" فمشى إليه رجال من قريش ،
وكان الطفيل رجلا شريفا
شاعرا لبيبا ،

فقالوا له : يا طفيل ،
إنك قدمت بلادنا ،
وهذا الرجل الذي بين أظهرنا
قد أعضل بنا ،
وقد فرَّقَ جماعَتَنا ، وشتت أمرنا ،
وإنما قوله كالسحر
يفرق بين الرجل وبين أبيه ،
وبين الرجل وبين أخيه ،
وبين الرجل وبين زوجته ،
وإنّا نخشى عليك وعلى قومك
ما قد دخل علينا ،
فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا .

[ استماعه لقول قريش ثم عدوله وسماعه من الرسول ]

قال : فوالله ما زالوا بي حتى أجْمَعْتُ أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه ،
حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كُرْسُفاً [ القطن ]
فَرَقاً مِن أن يَبلغني شيءٌ من قولِه ،
وأنا لا أريد أن أسمعه .
قال : فغدوتُ إلى المسجد ،
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة .

قال : فقمت منه قريبا فأبى الله
إلاّ أن يسمعني بعض قوله .

قال : فسمعت كلاما حسنا
قال : فقلت في نفسي :
واثُكْلَ أُمي ،
والله إني لرجل لبيبٌ شاعر
ما يخفى عليَّ الحسن من القبيح ،
فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته ،
وإن كان قبيحا تركته .

[ التقاؤه بالرسول وقبوله الدعوة ]

قال : فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فاتبعته ،
حتى إذا دخل بيتَه دخلتُ عليه ، فقلت : يا محمد ،
إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا ،
للذي قالوا ،
فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف
لئلا أسمع قولك ،
ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك ، فسمعته قولا حسنا ،
فاعرض علي أمرك .

قال : فعَرَض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ،
وتلا علي القرآن ،
فلا والله ما سمعت قولا قط
أحسن منه ،
ولا أمرا أعدل منه .

قال :
فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وقلت :
يا نبيَّ اللهِ ،
إني امرؤ مُطاعٌ في قومي ،
وأنا راجع إليهم ،
وداعيهم إلى الإسلام ،
فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه

فقال :
اللهم اجعل له آية ... " .


_ السيرة النبوية لابن هشام
" قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي
رضي الله عنه "


وانظر سير أعلام النّبلاء للإمام الذّهبي
( 1 / 344 - 347 )
ط : مؤسسة الرسالة .







أبوسند 12-01-2024 04:26 PM




عن عبد الله بن الصامت قال :
قال أبو ذرّ – رضي الله عنه – :

" خرجنا من قومنا غفار
وكانوا يُحِلُّون الشّهرَ الحرام
فخرجتُ أنا وأخي أُنَيْسٌ وأُمُّنا
فنزلنا على خالٍ لنا فأكرمنا خالُنا وأحسن إلينا ،

فحسدنا قومُه فقالوا :
إنك إذا خرجت عن أهلك خالف
إليهم أنيسٌ ،

فجاء خالُنا فنَثا علينا الذي قيل له فقلنا : أمّا ما مضى من معروفك
فقد كدَّرته ،

ولا جماع لك فيما بعد ،
فقربنا صِرمَتَنا فاحتملنا عليها وتغطّى خالُنا ثوبَه فجعل يبكي ،

فانطلقنا حتّى نزلنا بحضرة مكّة ،
فنافَر أنيسٌ عن صِرمتنا
وعن مثلها ،

فأَتَيا الكاهنَ ، فخيَّر أُنيساً ،
فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها

قال : وقد صلّيتُ يا ابن أخي !
قبل أن ألقى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بثلاث سنين ،

قلتُ : لمن ؟

قال : لله ،

قلتُ : فأين تَوَجَّهُ ؟

قال : أتوجّه حيث يوجّهني ربّي ،
أصلِّي عشاء حتّى إذا كان من آخر اللّيل أُلقيتُ كأنّي خفاء ،
حتى تعلوني الشّمس .

فقال أنيسٌ : إنّ لي حاجةً بمكّة فاكفني ،
فانطلق أنيسٌ حتّى أتى مكّةَ ،
فَراثَ عليَّ ،

ثم جاء فقلت : ما صنعت ؟
قال لقيتُ رَجُلاً بمكّة على دينك ،

يزعمُ أنّ اللهَ أرسلَه ،

قلتُ : فما يقول النّاس ؟

قال : يقولون :

شاعرٌ ، كاهنٌ ، ساحرٌ ،

وكان أنيسٌ أحدَ الشُّعراء .

قال أنيسٌ :
لقد سمعتُ قول الكهنة ،
فما هو بقولهم ،

ولقد وضعتُ قولَه على
أقراءِ الشِّعرِ ،

فما يلتئمُ على لسان أحد بعدي ،
أنّه شِعرٌ ،

واللهِ ! إنّه لصادقٌ ،
وإنّهم لكاذبون ... " .


قال الإمام النووي رحمه الله :

قوله : ( فقربنا صِرمتنا )
وهي : القطعة من الإبل . وتطلق أيضا على القطعة من الغنم .

قوله : ( فنافَر أنيسٌ عن صِرمتنا
وعن مثلها )
المنافرة المفاخرة ، والمحاكمة .
وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيهما
أشعر .

معناه : تراهن هو وآخر أيهما أفضل
وكان الرهن صرمة صرمة ذا ،
وصرمة ذاك فأيهما كان أفضل .
أخذ الصرمتين .

قوله : ( فراث عليّ ) أي : أبطأ

قوله : ( اقراء الشعر )
أي : طرقه وأنواعه .


انظر : صحيح مسلم بشرح النووي
( 16 / 245 - 249 )
ط : دار المعرفة بيروت .





أبوسند 12-01-2024 04:27 PM



قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" اعلم أنّ المعجزة :
أمرٌ خارق للعادة، مَقرونٌ بالتحدِّي،
سالمٌ عن المعارضة .

وهي إما حسِّيَّة وإمّا عقلية :

وأكثر معجزات بني إسرائيل
كانت حسّيّة ،
لبلادَتهم وقلّة بصيرتهم .

وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية
لفرط ذكائهم ، وكمال أفهامهم ،

ولأنّ هذه الشريعة
– لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة –
خُصَّت بالمعجزة العقلية الباقية ؛ليراها ذوو البصائر ،
كما قال صلى الله عليه وسلم :
( ما من الأنبياء نبيّ إلاّ أُعطي
ما مثله آمن عليه البشر ،
وإنّما كان الذي أوتيته وحياً
أوحاه الله إليَّ
فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ) .
أخرجه البخاريّ
[ كتاب فضائل القرآن ، باب : كيف نزول
الوحي وأول ما نزل ] .

قيل : إن معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم ،
فلم يشاهدها إلاّ من حضرها ، ومعجزة القرآن مستمرّة إلى يوم القيامة ،
وخَرقُه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيّبات ،
فلا يمرُّ عصر من الأعصار
إلاّ ويظهر فيه شيء مما أخبر به
أنه سيكون ،
يدُلُّ على صحة دعواه .

إلى أن قال :

وقال تعالى :
** وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربِّه قل إنما الآيات عند الله وإنّما أنا نذير مبين * أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم **
[ سورة العنكبوت : 50 - 51 ] .

فأخبر أن الكتاب آية من آياته ،
كاف في الدلالة ،
قائم مقام معجزات غيره وآيات مَن سواه من الأنبياء ،
ولمّا جاء به النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليهم ،
وكانوا أفصحَ الفصحاء ،
ومصاقعَ الخطباء ،
[ خطيب مِصْقَع أي : بليغ ]

وتحدّاهم على أن يأتوا بمثله ، وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا .


فلمّا عجزوا عن معارضته
والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء والبلغاء ،
نادى عليهم بإظهار العجز
وإعجاز القرآن فقال :
** قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن
لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا **
[ سورة الإسراء : 88 ]

هذا وهم الفصحاء اللُّدّ ،
[ جَمْعُ ألدّ ولدود
وهو الشديد الخصومة ]

وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره ،
فلو كان في مقدرتهم معارضته
لعدلوا إليها قطعا للحجّة ،
ولم يُنقل عن أحد منهم أنه حدّث
نفسه بشيء من ذلك ولا رامه ،
بل عدلوا إلى العناد تارة ،
وإلى الاستهزاء أخرى ،
فتارة قالوا : ( سحر ) ،
وتارة قالوا : ( شعر ) ،
وتارة قالوا : ( أساطير الأولين ) .

كلّ ذلك من التحيّر والانقطاع ،
ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم ،
وسبي ذراريهم وحُرَمهم واستباحة أموالهم ،
وقد كانوا آنف شيء وأشدّه حميّة ،
فلو علموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه .
لأنه كان أهون عليهم " .

الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1001 - 1003 )
ط : دار ابن كثير .




أبوسند 12-01-2024 04:28 PM








قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" قال الجاحظ : بعث اللهُ محمداً صلى الله عليه وسلم أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا ،
وأحكمَ ما كانت لغةً ،
وأشدَّ ما كانت عُدّة ،
فدعا أقصاها وأدناها إلى توحيد الله وتصديق رسالته ،
فدعاهم بالحجّة فلما قطع العذر ، وأزال الشبهة ،
وصار الذي يمنعهم من الإقرار الهوى والحمية ، دون الجهل والحيرة ، حملهم على حظهم بالسيف ،
فنصب لهم الحرب ، ونصبوا له ، وقَتل من عِليتهم وأعلامهم وأعمامهم وبني أعمامهم ،
وهو في ذلك يحتجُّ عليهم بالقرآن ، ويدعوهم صباحا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة ، أو بآيات يسيرة .

فكلّما ازداد تحدِّياً لهم بها ،
وتقريعا لعجزهم عنها تَكشَّف من نقصهم ما كان مستورا ،
وظهر منه ما كان خفيّا ،
فحين لم يجدوا حيلة ولا حجّة
قالوا له :
أنت تعرف من أخبار الأمم
ما لا نعرف ،
فلذلك يمكنك ما لا يمكننا .
قال :
فهاتوها مفتريات ،
فلم يَرُم ذلك خطيب ،
ولا طمع فيه شاعر ،
ولو طمع فيه لتكلَّفه ،
ولو تكلّفه لظهر ذلك
ولو ظهر لوجد مَن يستجيده ويحامي عليه ويكايد فيه ،
ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض .

فدلَّ ذلك العاقل على عجز القوم
مع كثرة كلامهم ،
واستحالة لغتِهم ،
وسهولة ذلك عليهم ،
وكثرة شعرائهم ،
وكثرة مَن هجاه منهم ،
وعارض شعراء أصحابه ،
وخطباء أُمّته ،
لأن سورة واحدة وآيات يسيرة
كانت أنقض لقوله ، وأفسد لأمره ، وأبلغ في تكذيبه وأسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس ،
والخروج من الأوطان ،
وإنفاق الأموال .

وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفى على مَن هو دون قريش ،
والعرب في الرأي والعقل بطبقات ، ولهم القصيد العجيب ،
والرجز الفاخر ،
والخُطَب الطِّوال البليغة ،
والقِصار الموجزة ،
ولهم الأسجاع والمزدَوج ،
واللّفظ المنثور .

ثُمّ يتحدّى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم ، فمحال - أكرمك الله -
أن يجتمع هؤلاء كلُّهم على الغلط
في الأمر الظاهر ،
والخطأ المكشوف البيّن ،
مع التقريع بالنقص ،
والتوقيف على العجز ،
وهم أشدُّ الخلق أَنَفةً ،
وأكثرهم مفاخرة ،
والكلام سيِّد عملهم ،
وقد احتاجوا إليه
والحاجة تبعث على الحيلة في
الأمر الغامض ، فكيف بالظاهر !

وكما أنه محال أن يطبقوا ثلاثا وعشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة ،
فكذلك محال أن يتركوه ،
وهم يعرفونه ، ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه ! " انتهى .


الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1004 - 1005 )
ط : دار ابن كثير .



أبوسند 12-01-2024 04:29 PM



قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" لمّا ثبت كون القرآن معجزة نبيّنا صلّى الله عليه وسلم وجب الاهتمام بمعرفة وجه الإعجاز ،

قال قومٌ : وجهُ إعجازِه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة ،
ولم يكن ذلك من شأن العرب .

وقال آخرون : ما تضمَّنه من الإخبار عن قصص الأولين وسائر المتقدمين ،
حكاية مَن شاهدها وحضَرها .

وقال القاضي أبو بكر :
وجْهُ إعجازه ما فيه من النّظم والتأليف والترصيف ،
وأنه خارج عن جميع وجوه النّظم المعتاد في كلام العرب ،
ومُباينٌ لأساليب خطاباتهم ،
قال :
ولهذا لم يمكنهم معارضته .

وقال ابن عطية : الصحيح
– والذي عليه الجمهور والحذّاق –
في وجه إعجازه :
أنّه بنظمه وصحّة معانيه وتَوَالي فصاحة ألفاظه ،
وذلك أنّ الله أحاط بكل شيء علما ، وأحاط بالكلام كله علما ،
فإذا ترتبت اللفظة من القرآن ،
علم بإحاطته أيّ لفظة تصلح أن تَلِي الأُولى وتُبيّن المعنى بعد المعنى ،
ثم كذلك مِن أول القرآن إلى آخره .

والبشر يعمُّهم الجهل والنسيان والذهول .

ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر
لا يحيط بذلك ،
فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة .

وبهذا يبطل قول من قال :
إنّ العرب كان في قدرتها الإتيان
بمثلِه ، فصُرِفوا عن ذلك ،

والصحيح أنه لم يكن في قدرة
أحد قط .
ولهذا ترى البليغ يُنقِّح القصيدة
أو الخطبة حولا ،
ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلمّ جرّا ،

وكتاب الله تعالى لو نَزَعْتَ منه
لفظةً ،
ثم أُدير لسان العرب على لفظة
أحسن منها لم يوجد .

ونحن تتبيّن لنا البراعة في أكثره ويخفى علينا وجهها في مواضع ،
لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ
في سلامة الذّوق ،
وجودة القريحة .

وقامت الحجّة على العالم
بالعرب ؛
إذ كانوا أرباب الفصاحة ،
ومظنّة المعارضة ،
كما قامت الحجة في معجزة
موسى – عليه السلام – بالسّحَرة ، وفي معجزة عيسى
– عليه السلام – بالأطبّاء ،
فإنّ الله إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما تكون في
زمن النّبيّ الذي أراد إظهاره ،
فكان السّحر قد انتهى في مدّة موسى – عليه السلام –
إلى غايته ،
وكذلك الطبّ في زمن عيسى
– عليه السلام – ،
والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال المراكشيّ في
" شرح المصباح " :
الجهة المعجزة في القرآن تُعرف بالتفكُّر في علم البيان ،
وهو – كما اختاره جماعة في
تعريفه –
ما يُحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى ، وعن تعقيده ، ويعرَف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال ...

... لأن تعجُّبهم كان من فصاحتِه ،
ولأنّ مسيلمة وابن المقفّع
والمعري وغيرهم ، قد تعاطوها ،
فلم يأتوا إلاّ بما تمجّه الأسماع ، وتنفر منه الطباع ،
ويضحك منه في أحوال تركيبه ،
وبها - أي : بتلك الأحوال -
أعجز البلغاء وأخرس الفصحاء .

فعلى إعجازه دليل إجماليٌّ ،
وهو أنّ العرب عجزت عنه
وهو بلسانها ، فغيرُها أحرى .

ودليل تفصيليٌّ ،
مقدمته التفكُّر في خواص تركيبه ،

ونتيجته العلم بأنه تنزيلٌ من المحيط بكل شيء علما " .



نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1005 - 1009 )
ط : دار ابن كثير .
مع شيء من الاختصار .




أبوسند 12-01-2024 04:29 PM



قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" وقال الأصبهانيُّ في تفسيره : اعلم أنّ إعجاز القرآن ذُكر مِن
وجهين :

أحدهما : إعجاز يتعلّق بنفسه ،

والثاني : بصرف النّاس عن
معارضته ...

.. قال : فظهر مِن هذا أنّ الإعجاز المختص بالقرآن يتعلّق بالنظم المخصوص .

وبيان كون النظم معجزا يتوقَّف
على بيان نظم الكلام ،
ثم بيان أن هذا النظم مخالف
لنظمِ ما عَدَاهُ ،

فنقول :
مراتب تأليف الكلام خمسٌ :

الأولى : ضمُّ الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض ،
لتحصل الكلمات الثلاث :
الاسم والفعل والحرف .

والثانية : تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض ،
لتحصل الجُمل المفيدة ،
وهو النّوع الذي يتداوله النّاس جميعا في مخاطباتهم ،
وقضاء حوائجهم ،
ويقال له المنثور من الكلام .

والثالثة : ضمُّ بعضِ ذلك إلى بعض ضمّاً له مَبادٍ ومَقاطع ،
ومداخل ومخارج ،
ويقال له : المنظوم .

والرابعة : أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ،
ويقال له المسجّع .

والخامسة :
أن يُجعلَ له مع ذلك وزنٌ ،
ويقال له : الشِّعر .

والمنظوم : إمّا محاورة
ويقال له : الخطابة ،
وإما مُكاتبة ويقال له : الرسالة .

فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام ،
ولكلّ من ذلك نظم مخصوصٌ ،

والقرآن جامعٌ لمحاسن الجميع
على نظم غير نظم شيء منها ،

يدُلُّ على ذلك أنّه لا يصح أن
يقال له : رسالة ، أو خطابة ،
أو شعر ، أو سجع ،
كما يَصحُّ أن يقال : هو كلام .

والبليغ إذا قَرع سمعَه فَصَلَ بينَه وبين ما عداه من النظم ،

ولهذا قال تعالى :
** وإنّه لكتاب عزيز * لاّ يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه **
[ سورة فصلت : 41 - 42 ] .

تنبيها على أنّ تأليفَه ليس على
هيئة نظم يتعاطاه البشر ،
فيمكن أن يغير بالزيادة والنقصان كحالة الكتب الأخرى ... " .



نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1009 - 1010 )
ط : دار ابن كثير .
مع شيء من الاختصار .




أبوسند 12-01-2024 04:30 PM



قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" وقال الخطابي :
ذهب الأكثرون من علماء النظر ،
إلى وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة لكن صعب عليهم تفصيلها ،
وصغَوْا فيه إلى حكم الذوق .

قال : والتحقيق أنّ أجناس الكلام مختلفة ،
ومراتبها في درجات البيان متفاوتة ، فمنها البليغ الرّصين الجزل ،
ومنها الفصيح القريب السهل ،
ومنها الجائز الطّلق الرَّسْل ،
وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود ؛

فالأول أعلاها ،

والثاني أوسطها

والثالث أدناها وأقربها ،

فحازت بلاغات القرآن من كلّ قسم
من هذه الأقسام حصّة ،
وأخذت من كل نوع شُعبة ،
فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نَمَط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعُذوبة ،
وهما على الانفراد في نعوتهما كالمتضادَّيْن ،
لأنّ العذوبة نِتاج السهولة ،
والجزالة والمتانة يعالجان نوعا
من الزُّعورة ،
[ الجزالة في الكلام ضد الركاكة .
والزّعورة : تشتت المعنى وصعوبته .
فلعل المراد أنّ الجزالة والمتانة تجعلان
الكلام سَهلاً مجتمع المعنى ] .

فكان اجتماع الأمرين في نظمه
– مع نبوّ كلّ واحد منهما عن الآخر –فضيلة خُصّ بها القرآن ؛
ليكون آية بيّنة لنبيه
صلى الله عليه وسلم .

وإنما تعذّر على البشر الإتيان
بمثله لأُمورٍ :

منها : أنّ علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وأوضاعها
التي هي ظروف المعاني ؛
ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ ، ولا تكمل معرفتهم باستيفاء
جميع وجوه النظوم التي بها
يكون ائتلافها ،
وارتباط بعضها ببعض ،
فيتواصلوا باختيار الأفضل من الأحسن من وجوهها إلى أن يأْتُوا بكلام مثله ،

وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة :

لفظٌ حاصل ، ومعنى به قائم ،
ورباط لهما ناظم ،
وإذا تأمَّلتَ القرآن وجدت هذه منه
في غاية الشرف والفضيلة ،
حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه ،
ولا ترى نظما أحسن تأليفا ،
وأشدَّ تلاؤما وتشاكلا من نظمه .

وأما معانيه : فكلّ ذي لبٍّ يشهد له بالتقدّم في أبوابه ،
والترقّي إلى أعلى درجاته .

وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرّق في أنواع الكلام ،

فأمّا أن تُوجد مجموعة في نوع
واحد منه فلم توجد إلاّ في كلام
العليم القدير ،
فخرج من هذا أنّ القرآن إنما صار معجزاً لأنه جاء بأفصح الألفاظ ،
في أحسن نظوم التأليف ،
مضمَّناً أصحَّ المعاني ،
من توحيد الله تعالى وتنزيهه له
في صفاته ،
ودعائه إلى طاعته ،
وبيانٍ لطريق عبادته ،
من تحليل وتحريم ، وحظر وإباحة ، ومِن وَعْظ وتقويم ،
وأمر بمعروف ونهي عن منكر ، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق ،
وزجر عن مساويها ،
واضعا كلّ شيء منها موضعه الذي
لا يرى شيء أولى منه ،
ولا يتوهم في صورة العقل أمرٌ أليق به منه ،
مودَعا أخبار القرون الماضية ،
وما نزل من مَثُلات الله بمن مضى وعاند منهم ،
[ المثلات جَمْعُ مثُلة ، وهي العقوبة الفاضحة التي يتمثل بها ]

منبئا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان ،جامعاً
في ذلك بين الحجة والمحتَجّ له ، والدليل والمدلول عليه ؛
ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه ، وإنباء عن وجوب ما أمر به
ونهى عنه .

ومعلوم أنّ الإتيان بمثل هذه الأمور ، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتَتَّسق أمرٌ تعجز عنه قوى البشر ، ولا تبلغه قدرتهم ،
فانقطع الخلق دونه ،
وعجزوا عن معارضته بمثله ،
أو مناقضته في شكله ،

ثم صار المعاندون له يقولون مرة :
إنه شِعر لمّا رأوه منظوما ،
ومرة : إنه سحر لمّا رأوه معجوزا عنه، غير مقدور عليه .

وقد كانوا يجدون له وقعاً
في القلوب ،
وقرعا في النفوس ،
يُرهبهم ويحيّرهم ،
فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعا
من الاعتراف ،
ولذلك قالوا : إنّ له لحلاوةً
وإن عليه لطلاوة .

وكانوا مرة بجهلهم يقولون : ** أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تُملَى عليه بُكرة وأصيلا **
[ سورة الفرقان : 5 ] ،

مع علمهم أنّ صاحبهم أُمِّيٌّ ،
وليس بحضرته مَن يملي أو يكتب ؛في نحو ذلك من الأمور التي أوجبها العناد والجهل والعجز .

ثم قال : وقد قلت في إعجاز القرآن وجها ذهب عنه النّاس ،
وهو : صنيعهُ في القلوب وتأثيره
في النّفوس ،
فإنّك لا تسمع كلاماً غير القرآن منظوما ولا منثورا ، إذا قرع السمع خلَص له إلى القلب ،
من اللّذة والحلاوة في حال ،
ومِن الرّوعة والمهابة في حال آخر ،
ما يخلُص منه إليه ،
قال تعالى : ** لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لّرأيتَه خاشعا مّتصدّعا
مّن خشية الله **
[ سورة الحشر : 21 ] ،

وقال : ** الله نزّل أحسن الحديث كتابا مّتشابها مّثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم **
[ سورة الزمر : 23 ] " . انتهى


نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1011 - 1013 )
ط : دار ابن كثير .








أبوسند 12-01-2024 04:31 PM



قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :

" وقال ابن سراقة : اختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن ،
فذكروا في ذلك وجوها كثيرة كلّها حكمة وصوابٌ ،
وما بلغوا في وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره :

فقال قوم : هو الإيجاز مع البلاغة .

وقال آخرون : هو البيان والفصاحة .

وقال آخرون : هو الرّصف والنظم .

وقال آخرون : هو كونه خارجا عن جنس كلام العرب من النظم ،
والنثر ، والخطب والشِّعر ،
مع كون حروفه في كلامهم ومعانيه في خطابهم وألفاظه من جنس كلماتهم ،
وهو بذاته قبيل [ نوع وصنف ]
غير قبيل كلامهم ،
وجنس آخر متميّزٌ عن أجناس خطابهم ،
حتى إنّ من اقتصر على معانيه ، وغيّر حروفه أذهب رونقه ،
ومن اقتصر على حروفه وغيّر معانيه أبطل فائدته ،
فكان في ذلك أبلغ دلالة على إعجازه .

وقال آخرون : هو كون قارئه لا يكلّ ، وسامعه لا يَمَلّ ،
وإن تكررّت عليه تلاوته .

وقال آخرون : هو ما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية .

وقال آخرون : هو ما فيه من علم الغيب والحكم على الأمور بالقطع .

وقال آخرون :
هو كونه جامعا لعلومٍ يطول شرحها ويشقُّ حصرها " . انتهى




نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1013 - 1014 )
ط : دار ابن كثير .




أبوسند 12-01-2024 04:32 PM






قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :


" وقال الزركشيُّ في
« البرهان » : أهل التحقيق على
أنّ الإعجاز وقع بجميع ما سبق
من الأقوال ؛
لا بكل واحد على انفراده ؛
فإنه جمع ذلك كلّه ،
فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده ،
مع اشتماله على الجميع ،
بل وغير ذلك ممّا لم يسبق :

فمنها : الرّوعة التي له في قلوب السامعين وأسماعهم ،
سواء المقرّ والجاحد .

ومنها : أنه لم يَزَل ولا يزال غضّاً
طريّاً في أسماع السامعين ،
وعلى أَلسنة القارئين .

ومنها : جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة ؛
وهما كالمتضادّين لا يجتمعان
غالبا في كلام البشر .

ومنها : جعله آخر الكتب غنيّاً
عن غيره ،
وجعلُ غيرِه من الكتب المتقدمة
قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه ، كما قال تعالى : ** إنّ هذا القرآن يَقُصُّ على بني إسرائيل أكثر الّذي هم فيه يختلفون **
[ سورة النمل : 76 ] .


وقال القاضي عياض في
« الشِّفا » : اعلم أنّ القرآن مُنطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة ،
وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه :

أولها : حسن تأليفه والتئام كلِمِه وفصاحته ، ووجوه إيجازه ،
وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين
هم فرسان الكلام ،
وأرباب هذا الشأن .

والثاني : صورة نظمه العجيب ، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ،
ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ، ووقفتْ عليه مقاطع آياته ، وانتهت إليه فواصل كلماتِه ،
ولم يوجد قبله ولا بعده نظيرٌ له .

قال : وكل واحد من هذين النوعين
– الإيجاز والبلاغة بذاتها ، والأسلوب الغريب بذاته –
نوعُ إعجاز على التحقيق ،
لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما ،
إذ كلّ واحد خارج عن قدرتها ،
مباين لفصاحتها وكلامها ،
خلافا لمن زعم أنّ الإعجاز في
مجموع البلاغة والأسلوب .

الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيّبات وما لم يكن ،
فوُجِد كما وَرَدَ .

الرابع : ما أنبأ به مِن أخبار القرون السالفة ، والأمم البائدة ،
والشرائع الدائرة ؛
ممّا كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلاّ الفذّ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلمّ ذلك ،
فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصّه ،
وهو أُمِّيٌّ لا يقرأُ ولا يكتب .


قال : فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيّنة لا نزاع فيها .


نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1014 - 1016 )
ط : دار ابن كثير .




ومن الكتب التي اعتنت ببيان شيء
من ذلك :

كتاب إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني

الشفا للقاضي عياض

أعلام النبوة للماوردي

إعجاز القرآن للخطابي

البرهان للزركشي

دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني .

والإتقان في علوم القرآن للسيوطي
الذي نقلت شيئا من ذلك منه
رحمهم الله .






أبوسند 12-01-2024 04:33 PM



قال تعالى : ** وإِذْ تقول لِلّذي أَنْعَمَ الله عليه وأَنْعَمْتَ عليه أَمْسِكْ عليك زَوْجَكَ
واتَّقِ الله وَتُخْفِي في نَفْسِكَ ما الله مُبْدِيهِ وتَخْشَى النّاسَ والله أَحَقُّ
أنْ تَخْشاهُ فلَمّا قَضَى زَيْدٌ منها وَطَرًا زَوَّجْناكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنينَ حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيائِهِمْ إذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وطَرًا وكان أَمْرُ الله مَفْعُولًا **

[ سورة الأحزاب : 37 ]


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

وكان سبب نزول هذه الآيات،
أن الله تعالى أراد أن يشرع شرعًا عامًا للمؤمنين،
أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة من جميع الوجوه ،
وأنّ أزواجهم لا جناح على مَن تَبَنّاهم نكاحهنّ ،
وكان هذا من الأمور المعتادة التي
لا تكاد تزول إلا بحادث كبير،
فأراد أن يكون هذا الشرع قولاً من
رسولِه وفعلاً ،
وإذا أراد الله أمرًا ؛ جعل له سببًا،
وكان زيد بن حارثة يُدعى زيد بن محمد
قد تبنّاه النبيُّ صلّى الله عليه وسلم،
فصار يُدعى إليه ، حتى نزل
** ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ **
فقيل له : زيد بن حارثة ،

وكانت تحته زينب بنت جحش ابنة عمة رسول الله صلى اللّه عليه وسلم،
وكان قد وقع في قلب الرسول
لو طلّقها زيدٌ لتزوَّجها،
فقدَّر اللهُ أن يكون بينها وبين زيد
ما اقتضى أنْ جاء زيد بن حارثة
يستأذنُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلم
في فراقها ؛ قال الله :
** وإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ **
أي : بالإسلام ،
** وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ **
بالعتق حين جاءك مشاورًا في فراقها ، فقلتَ له ناصحًا له ومُخبرًا بمصلحته
مقدِّما لها على رغبتك مع وقوعها في
قلبك : ** أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ** ؛
أي : لا تُفارقها،
واصبر على ما جاءك منها .

** واتَّقِ الله ** : تعالى في أمورك عامّة
وفي أمر زوجك خاصّة ؛
فإنّ التقوى تحثُّ على الصبر وتأمر به ،
** وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما الله مُبْدِيهِ **
والذي أخفاه أنّه لو طلّقها زيدٌ ؛
لتزوّجها صلى الله عليه وسلم ،

** وتَخْشَى النَّاسَ ** : في عدم إبداء
ما في نفسك
** والله أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ** :
فإنّ خشيته جالبةٌ لكلّ خير مانعة من
كلّ شرّ ،
** فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا **
أي : طابت نفسه ورغب عنها وفارقها ، ** زَوَّجْنَاكَهَا ** :
وإنّما فعلنا ذلك لفائدة عظيمة ، وهي : ** لِكَيْ لَا يَكُونَ على الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ** حيث رأوك تزوّجت
زوج زيد بن حارثة الذي كان من قَبْلُ ينتسب إليك ،
ولما كان قوله : ** لِكَيْ لَا يَكُونَ على الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ **
عامّاً في جميع الأحوال ،
وكان من الأحوال ما لا يجوز ذلك ،
وهي قبل انقضاء وطره منها ؛
قيّد ذلك بقوله : ** إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا **
أي : لا بد من فعله ولا عائق له ولا مانع .

وفي هذه الآيات المشتملات على هذه
القصة فوائد منها :

......

ومنها : أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قد بَلَّغَ البلاغَ المبين ،
فلم يدعْ شيئًا مما أُوحي إليه
إلاّ وبلَّغه ،
حتى هذا الأمر الذي فيه عتابه ،
وهذا يدُلُّ على أنّه رسولُ الله ،
ولا يقول إلاّ ما أوحي إليه ،
ولا يريد تعظيم نفسه .

...



وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره :

والمراد بقوله تعالى :
** وتخشى النّاس ** : إنما هو إرجاف المنافقين بأنّه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوَّجَ بزوجة ابنه . اهـ





وانظر :
تفسير ابن كثير-سورة الأحزاب الآية 37

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a33-aya37.html














أبوسند 12-01-2024 04:34 PM


رَوَى البخاريُّ في صحيحه ...
عن ثابت عن أَنَسٍ قال :
« جاءَ زَيْدُ بْنُ حارثَةَ يَشْكُو ،
فَجَعَلَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسَلَّمَ يقول :
( اتَّقِ الله وأَمْسِكْ عليْك زَوْجَكَ ) ،
قال أنسٌ :
لَوْ كان رَسُولُ الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم كاتِمًا شيْئًا لَكَتَمَ هَذهِ ،
قال :
فكانت زيْنَبُ تَفْخَرُ على أَزْوَاجِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم تقول :
زَوَّجَكُنَّ أَهالِيكُنَّ ،
وزَوَّجَنِي الله تعالى مِنْ فَوْقِ
سَبْعِ سَمَوَاتٍ » .

رواه البخاري / كتاب التوحيد .
باب ** وكان عرشه على الماء **

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قوله : ( قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا
لكتم هذه )
... وذكر ابن التين عن الداودي
أنه نسب قوله
( لو كان كاتما لكتم قصة زينب )
إلى عائشة ، قال وعن غيرها
( لكتم عبس وتولى ) ،

قلت : قد ذكرت في تفسير سورة الأحزاب حديث عائشة قالت
( لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي ) الحديث ،
وأنه أخرجه مسلم والترمذي
ثم وجدته في مسند الفردوس
من وجه آخر عن عائشة
من لفظه صلى الله عليه وسلم
( لو كُنتُ كاتماً شيئاً من الوحي ) الحديث ،
واقتصر عياض في الشفاء على نسبتها إلى عائشة والحسن البصري وأغفل حديث أنس هذا
وهو عند البخاري ،
وقد قال الترمذي بعد تخريج
حديث عائشة :
وفي الباب عن ابن عباس ،
وأشار إلى ما أخرجه
وأما الرواية الأخرى في
** عبس وتولّى **

فلم أرها إلاّ عند عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أحد الضعفاء ،
أخرجه الطبري وابن أبي حاتم عنه قال " كان يقال لو أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كتم شيئا
من الوحي لكتم هذا عن نفسه "

وذكر قصة ابن أم مكتوم ونزول
** عبس وتولّى ** انتهى .



فتح الباري ( 13 / 496 - 498 )
ط : دار الحَديث القاهرة .







أبوسند 12-01-2024 04:35 PM








هنا نجد بعض الآيات التي تحمل عتابا لّطيفا من الله لعبده ونبيّه محمد
صلَّى الله عليه وسلَّم
في حوادث معينة ؛
تتضمن أمورا نبّه الله عليها نبيّه صلى الله عليه وسلم ،
وقد يكون فيها بعض الحرج
للنّبيِّ صلى الله عليه وسلم ،
فلو كان هذا القرآن من عند
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ،
لما احتاج إلى كل هذا ،
ولكتم بعض هذه الآيات







فلو كان القرآن من عنده صلَّى الله عليه وسلَّم لما قام بكتابة ذلك وتدوينه !






قال تعالى : ** ولا تطرد الَّذينَ يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ **
سورة الأنعام 52


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" وكان سبب نزول هذه الآيات أنّ أناساً
من قريش أو من أجلاف العرب قالوا
للنّبيّ صلى الله عليه وسلم :
إن أردتَ أن نؤمن لك ونتَّبِعَك ؛
فاطردْ فلانا وفلانا
– أناسا من فقراء الصحابة – ؛
فإنّا نستحيي أن ترانا العرب جالسين
مع هؤلاء الفقراء .
فحمَلَه حبُّه لإسلامهم واتِّباعهم له
فحدَّثته نفسه بذلك ،
فعاتبه الله بهذه الآيات ونحوها " . اهـ










وقال تعالى : ** ولا تَعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدُّنيا **
سورة الكهف 28









وقال تعالى : ** وَتُخْفِي في نَفْسِكَ
ما الله مُبْدِيهِ وتَخْشَى النّاسَ
والله أَحَقُّ أنْ تَخْشاهُ **
سورة الأحزاب 37









قال تعالى : ** يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ
ما أَحَلَّ الله لك تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ
والله غَفُورٌ رَحِيمٌ ** .
سورة التحريم 1

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" هذا عتابٌ من الله لنبيّه محمد
صلى الله عليه وسلم،
حين حَرَّم على نفسه سُرِّيَّتَه مارية
أو شُربَ العسل مراعاةً لخاطر
بعض زوجاته في قِصَّةٍ معروفة ،

فأنزل الله [تعالى] هذه الآيات
** يا أَيُّها النَّبِيُّ **
أي : يا أيّها الذي أنعم الله عليه بالنبوّة والرسالة والوحي ،
** لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لَكَ **
من الطيِّبات،
التي أنعم الله بها عليك وعلى أمتك .
** تَبْتَغِيَ **
بذلك التحريم
** مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ والله غَفُورٌ رَحِيمٌ **
هذا تصريحٌ بأنّ الله قد غفر لرسوله
ورفع عنه اللومَ ورحِمَه .

وصار ذلك التحريم الصادر منه سببًا لشرع حكم عامٍّ لجميع الأمّة ... " اهـ










وقال تعالى : ** عبس وتولَّى * أن جاءَهُ الأعمى * وما يدريك لَعَلَّه يَزَّكَّى *
أو يذّكرُ فتنفعه الذّكرى **
سورة عبس 1 - 4

قال القرطبيُّ رحمه الله في تفسيره :

" الآية عتاب من الله لنبيه صلَّى الله عليه
وسلَّم في إعراضه وتوليه عن عبد الله
بن أم مكتوم " .

الجامع لأحكام القرآن ( 19 / 185 )
ط : دار الكتاب العربي .


وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" سببُ نزولِ هذه الآيات الكريمات
أنّه جاء رجلٌ من المؤمنين أعمى
يسأل النبيَّ صلى الله عليه ويتعلّم منه ،
وجاءه رجلٌ من الأغنياء،
وكان صلّى الله عليه وسلم حريصا
على هداية الخلق،
فمال صلّى الله عليه وسلم وأصغى
إلى الغنيِّ وصدَّ عن الأعمى الفقير،
رجاءً لهداية ذلك الغنيِّ وطمعاً في تزكيته، فعاتبه الله بهذا العتاب اللطيف ... " اهـ




فهل يُعقل بعد هذا أن يقال :
أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم ألّف
هذا الكتاب العظيم ؟!

أيبقى بعد هذا شك عند ذي لُبٍّ
أن هذا القرآن هو كلام الله ،
وأن الرّسول صلى الله عليه وسلم
قد بلغ ما أوحى الله إليه
أكمل بلاغ وأتمه ؟‍!










أبوسند 12-01-2024 04:36 PM






القرآن كلّه ، قضيته الأساسية
هي عبادة الله وحده والبراءة من الشّرك



قال عزّوجلّ : ** ولا تَدْعُ مع الله إلَهًا آخَرَ لا إلَهَ إلاَّ هو كُلُّ شَيْءٍ هالكٌ إلاَّ وجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وإليه تُرْجَعُونَ **
سورة القصص 88





‏‎قال الله تعالى : ** وما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلَّا لِيَعْبُدون * ما أُريدُ منهم مِنْ رزق وما أُريدُ أنْ يُطْعِمُونِ * إنّ الله هو الرّزّاقُ ذُو القُوّةِ المتين **
سورة الذاريات 56 - 58








اعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا 

http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=246639







فهل دعا نبيُّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
إلى عبادة نفسِه حتى يقال القرآن من تأليفه وأنه ليس كلام الله ؟!

بل إنَّهُ صلوات ربِّي وسلامه عليه
ضرب أروع الأمثلة على التواضع
والعبودية لله عزّوجلّ
حتى أنه كان لا يُميَّز وهو بين أصحابه
وهذه كُتبٌ تخصصت في سيرته
بينت كل تفاصيل حياته
صلَّى الله عليه وسلَّم



كم ورد اسم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم
في القرآن ؟

وفي المقابل كم ورد لفظ الجلالة :
" الله "
وسائر أسمائه وصفاته عزّوجلّ
في القرآن الكريم ؟


الكتب السابقة حُرِّفَت وبُدِّلَت لتتماشى
مع رغباتهم وأهواءهم !؟

وهو صلَّى الله عليه وسلَّم قد جاء بما
خالف قومه وأهل الكتاب في عقائدهم ومعاملاتهم وأخلاقهم وأهوائهم ؟!


فكيف يزعمون أن القرآن من تأليفه
صلَّى الله عليه وسلَّم ؟!









الساعة الآن 01:20 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com