![]() |
أحاديث لا تصح في النساء
56 - " لولا النساء لعبد الله حقا حقا " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . وله طريقان : الأول : عن محمد بن عمران الهمذاني ، أنبأنا عيسى بن زياد الدورقي - صاحب ابن عيينة - قال : حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا ، أخرجه ابن عدي ( ق 312 / 1 ) وقال : هذا حديث منكر ، ولا أعرفه إلا من هذا الوجه ، وعبد الرحيم بن زيد العمي أحاديثه كلها لا يتابعه الثقات عليه . قلت : وقال البخاري : تركوه ، وقال أبو حاتم : يترك حديثه ، منكر الحديث ، كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات ، وقال ابن معين : كذاب خبيث . قلت : وأبوه زيد ضعيف كما تقدم ( 51 ) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 255 ) من طريق ابن عدي ثم قال : لا أصل له ، عبد الرحيم وأبوه متروكان ، ومحمد بن عمران منكر الحديث . قلت : الظاهر أن ابن الجوزي توهم أن محمد بن عمران هذا هو الأخنسي الذي قال فيه البخاري في " تاريخه الكبير " ( 1 / 1 / 202 ) : كان ببغداد ، يتكلمون فيه ، منكر الحديث عن أبي بكر بن عياش ، وليس صاحب هذا الحديث هو الأخنسي ، بل هو الهمذاني كما صرح ابن عدي في روايته ، وهو ثقة وله ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " ( 3 / 133 - 134 ) ، فعلة الحديث ممن فوقه . وأما السيوطي فخفي عليه هذا ، فإنه إنما تعقب ابن الجوزي بقوله في " اللآليء " ( 1 / 159 ) : قلت : له شاهد ! ومع ذلك فهذا تعقب لا طائل تحته ، لأن الشاهد المشار إليه ليس خيرا من المشهو د له ! هو الطريق الآخر : عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ : " لولا النساء دخل الرجال الجنة " . رواه أبو الفضل عيسى بن موسى الهاشمي في " نسخة الزبير بن عدي " ( 1 / 55 / 2 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 30 ) والثقفي في " الثقفيات " . قلت : وبشر هذا متروك يكذب كما تقدم ( 28 ) ، ومن طريقه رواه الديلمي في " مسند الفردوس " بلفظ : " لولا النساء لعبد الله حق عبادته " كما في " فيض القدير " . وقد اقتصر السيوطي في ترجمة بشر هذا على قوله عقب الحديث : متروك ، فتعقبه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 204 ) : بل كذاب وضاع فلا يصلح حديثه شاهدا . ومما سبق تعلم أن السيوطي لم يحسن صنعا بإيراده هذه الأحاديث الثلاثة في " الجامع الصغير " خلافا لشرطه الذي ذكرته أكثر من مرة . |
109 - " عمل الأبرار من الرجال من أمتي الخياطة ، وعمل الأبرار من أمتي من النساء المغزل " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه ابن عدي ( 153 / 1 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 303 ) وابن عساكر ( 15 / 261 / 1 ) عن أبي داود النخعي سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعا ، وقال ابن عدي : هذا مما وضعه سليمان بن عمرو على أبي حازم ، وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية تمام والخطيب وابن عساكر عن سهل بن سعد وهو في " تاريخ بغداد " ( 9 / 15 ) من طريق أبي داود النخعي هذه ، وقال المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " : وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره ، والأمر بخلافه ، بل قدح في سنده فتعقبه بأن أبا داود النخعي أحد رواته كذاب وضاع دجال ، وبسط ذلك بما يجيء منه أنه أكذب الناس ، وجزم الذهبي في " الضعفاء " بأنه كذاب دجال ، وفي " الميزان " عن أحمد : كان يضع الحديث ، وعن يحيى : كان أكذب الناس ، ثم سرد له أحاديث هذا منها ، ووافقه في " اللسان " وحكم ابن الجوزي بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بإيراد حديث تمام وقال : موسى متروك ، ولم يزد على ذلك . قلت : ذكر السيوطي هذا في " اللآليء " ( 2 / 154 ) وكذا في " الفتاوى " له ( 2 / 107 ) من رواية تمام بإسناده عن موسى بن إبراهيم المروزي حدثنا مالك بن أنس عن أبي حازم به ، وموسى بن إبراهيم المروزي قد كذبه يحيى فلا يفرح بمتابعته ، ولهذا أورد الحديث ابن عراق في الفصل الأول من المعاملات من كتابه " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " ( 294 / 2 ) ، وهذا الفصل قد نص في مقدمة الكتاب أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه . وقد قال الذهبي في هذا الحديث : قبح الله من وضعه ! ذكره في ترجمة أبي داود هذا الكذاب ، ومن أحاديثه |
197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا . أخرجه ابن عساكر ( 5 / 700 ) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأو يسي الأصل عامر وهو خطأ حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره قلت : وأورده السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 170 - 171 ) شاهدا للحديث المتقدم من رواية ابن عساكر وسكت عنه وله علل أربع : الأولى : الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل : له رؤية . الثانية : زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب " : رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها ، قال البخاري عن أحمد : كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر ، قال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه وفي " الميزان " ، قال الترمذي في " العلل " : سألت البخاري عن حديث زهير هذا فقال : أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع وليس هذا عندي زهير بن محمد . قلت : وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه . الثالثة : خيران بن العلاء ، ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان وقد أشار لهذا الذهبي حين قال في ترجمته : وثق ، له خبر منكر ، لعل ذلك من شيخه يعني زهير بن محمد ولعله عنى هذا الحديث ، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن فوق خيران أو من دونه أولى ، لأنه قد روى عنه ثمانية ، وأثنى عليه الأوزاعي ، وهو من شيوخه ، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع " . الرابعة : أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة . ويبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " ( 9 / 244 ) ، لأنه أعلى طبقة من هذا بدرجتين ، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري ، والله أعلم . وبالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة والخبر منكر والله أعلم . |
273 - " لا حبس ( أي وقف ) بعد سورة النساء " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 2 / 250 ) والطبراني ( 3 / 114 / 1 ) والدارقطني ( 4 / 68 / 3 و4 ) والبيهقي في " سننه " ( 6 / 162 ) من طريق عبد الله بن لهيعة حدثنا عيسى بن لهيعة عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد ما نزلت سورة النساء وفرضت فيها الفرائض : فذكره ، وقال الدارقطني : وأقره البيهقي : لم يسنده غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان . قلت : وبه يعرف ما في رمز السيوطي في " الجامع الصغير " لحسنه ، وقد رده عليه المناوي في شرحه بقول الدارقطني هذا ، وبقول الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 2 ) : رواه الطبراني وفيه عيسى بن لهيعة وهو ضعيف ، والحديث استدل به الطحاوي لأبي حنيفة في قوله : إن الوقف باطل ، وهو استدلال واه لأمور : الأول : أن الحديث ضعيف كما علمت فلا يجوز الاحتجاج به . الثاني : أنه معارض بأحاديث صحيحة في مشروعية الوقف ، منها قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب : " حبس الأصل ، وسبل الثمرة " أي اجعله وقفا حبيسا ، رواه الشيخان في " صحيحيهما " ، وهو مخرج في " الإرواء " ( 6 / 30 / 1582 ) . الثالث : أنه يمكن تفسيره بمعنى لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة وبه فسره ابن الأثير في " النهاية " فقال : أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه ، كانوا إذا كرهو ا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم . |
340 - " سووا بين أولادكم في العطية ، فلوكنت مفضلا أحدا لفضلت النساء " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه أبو بكر الآجري في " الفوائد المنتخبة " ( 1 / 103 / 1 ) والطبراني ( 3 / 142 / 2 ) والحارث بن أبي أسامة في " المسند " ( ص 106 - من زوائده ) والبيهقي ( 6 / 177 ) من طرق أربعة قالوا : حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . وهذا سند ضعيف ، ابن يوسف هذا متفق على تضعيفه ، وقال الحافظ ابن عدي بعد أن أخرج له هذا ( 3 / 381 ) : ليس له أنكر من هذا الحديث ، ولذا قال ابن حجر في " التقريب " في ترجمته : ضعيف . ومنه تعلم أن قوله في " الفتح " ( 5 / 163 ) : وإسناده حسن ، غير حسن . والشطر الأول من الحديث صحيح ، روى معناه الشيخان وغيرهما من حديث النعمان بن بشير بلفظ : " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " وهو مخرج في الإرواء ( 1598 ) ومن أوهام الهيثمي في " مجمعه " ( 4 / 153 ) أنه أعله بعبد الله بن صالح فقط وذكر الخلاف فيه ، وهو متابع من سائر الجمع ولعله سبب وهم الحافظ . ثم وجدت الحديث قد رواه أبو محمد الجوهري في " الفوائد المنتقاة " ( 7 / 2 ) وعنه ابن عساكر ( 7 / 184 / 2 ) من طريق الأوزاعي قال : حدثني يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . وهذا إسناد معضل ، وهذا هو أصل الحديث ، فإن الأوزاعي ثقة ثبت ، فمخالفة سعيد ابن يوسف إياه إنما هو من الأدلة على وهنه وضعفه . |
430 - " شاوروهن - يعنى النساء - وخالفوهن " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له مرفوعا . كما أفاده السخاوي ، ثم المناوي ( 4 / 263 ) ، ولعل أصل هذه الجملة ما رواه العسكري في " الأمثال " عن عمر قال : " خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة " ، وإن كنت لا أعرف صحته ، فإن السيوطي لم يسق إسناده في " اللآليء " ( 2 / 174 ) لننظر فيه : ثم وقفت على إسناده ، رواه علي بن الجعد الجوهري في " حديثه " ( 12 / 177 / 1 ) من طريق أبي عقيل عن حفص بن عثمان بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر قال : قال عمر رحمه الله ... فذكره . قلت : وهذا سند ضعيف ، فيه علتان : الأولى جهالة حفص هذا ، فقد أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 184 ) برواية أبي عقيل هذا وحده ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وفي " ثقات ابن حبان " ( 6 / 196 ) : حفص بن عثمان بن محمد بن عرادة عن عكرمة ، وعنه أبو عقيل " فيحتمل أن يكون هو هذا مع ملاحظة اختلاف اسم الجد ، وذلك مما يؤكد جهالته كما يشير إليه أحمد في قوله الآتي. والعلة الأخرى أبو عقيل واسمه يحيى بن المتوكل العمري صاحب بهية ضعيف كما في " التقريب " ، وقال أحمد : روى عن قوم لا أعرفهم . ثم إن معنى الحديث ليس صحيحا على إطلاقه ، لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك ، وانظر الحديث الآتى عدد ( 435 ) . |
435 - " طاعة المرأة ندامة " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه ابن عدي ( ق 308 / 1 ) عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، عن عنبسة بن عبد الرحمن ، عن محمد بن زاذان ، عن أم سعد بنت زيد بن ثابت عن أبيها مرفوعا . أورده في ترجمة عنبسة هذا وقال : وله غير ما ذكرت ، وهو منكر الحديث . قلت : وقال أبو حاتم كان يضع الحديث ، وأما عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي . فقال ابن عدي ( 290 / 2 ) : لا بأس به ، إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب ، وتلك العجائب من جهة المجهولين . قلت : وعلى هذا جرى من بعده من المحققين ، وقد ضعفه بعضهم . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 272 ) من رواية ابن عدي هذه وقال : لا يصح ، عنبسة ليس بشيء ، وعثمان لا يحتج به . وروى الحديث عن عائشة بلفظ : " طاعة النساء ندامة " . أخرجه العقيلي ( ص 381 ) وابن عدي ( ق 156 / 1 ) والقضاعي ( ق 12 / 2 ) والباطرقاني في " حديثه " ( 168 / 1 ) وابن عساكر ( 15 / 200 / 2 ) عن محمد ابن سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعا ، وقال العقيلي : محمد بن سليمان حدث عن هشام ببواطل لا أصل لها ، منها هذا الحديث ، وقال ابن عدي : ما حدث بهذا الحديث عن هشام إلا ضعيف ، وحدث به عن هشام خالد ابن الوليد المخزومي ، وهو أضعف من ابن أبي كريمة . وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي كعادته ، فذكر في " اللآليء " ( 2 / 174 ) أن له طريقين آخرين عن هشام ، وشاهدا من حديث أبي بكرة ، لكن في أحد الطريقين خلف بن محمد بن إسماعيل ، وهو ساقط الحديث ، كما تقدم عن الحاكم في الحديث ( 422 ) ، وقد أخرجه من هذه الطريق أبو بكر المقري الأصبهاني في " الفوائد " ( 12 / 192 / 2 ) وأبو أحمد البخاري في جزء من حديثه ( 2 / 1 ) . وفي الطريق الأخرى أبو البختري واسمه وهب بن وهب وضاع مشهور . وأما الشاهد ، فهو مع ضعف سنده مخالف لهذا اللفظ ، وهو الآتى بعده . وفاته شاهد آخر ، أخرجه ابن عساكر ( 5 / 327 / 2 ) من حديث جابر مرفوعا باللفظ الأول ، وفيه جماعة لا يعرفون ، وعلي بن أحمد بن زهير التميمي . قال الذهبي : ليس يوثق به ، وأما الشاهد عن أبي بكرة فهو : 436 - " هلكت الرجال حين أطاعت النساء " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه ابن عدي ( 38 / 1 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 34 ) وابن ماسي في آخر " جزء الأنصاري " ( 11 / 1 ) والحاكم ( 4 / 291 ) وأحمد ( 5 / 45 ) من طريق أبي بكرة ، بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه ، عن أبي بكرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر خيل له ، ورأسه في حجر عائشة ، فقام فحمد الله تعالى ساجدا ، فلما انصرف أنشأ يسأل الرسول ، فحدثه ، فكان فيما حدثه من أمر العدو، وكانت تليهم امرأة ، وفي رواية أحمد : أنه ولي أمرهم امرأة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي . قلت : وهذا ذهول منه عما ذكره في ترجمة بكار هذا من " الميزان " : قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال ابن عدي : هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ، وقال في " الضعفاء " : ضعيف مشاه ابن عدي . قلت : وأنا أظن أن هذا الحديث عن أبي بكرة له أصل بلفظ آخر ، وهو ما أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 13 / 46 - 47 ) عنه : لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . وأخرجه الحاكم أيضا ، وأحمد ( 5 / 38 ، 43 ، 47 ، 50 ، 51 ) من طرق عن أبي بكرة ، هذا هو أصل الحديث ، فرواه حفيده عنه باللفظ الأول فأخطأ ، والله أعلم . وبالجملة ، فالحديث بهذا اللفظ ضعيف لضعف راويه ، وخطئه فيه . ثم إنه ليس معناه صحيحا على إطلاقه ، فقد ثبت في قصة صلح الحديبية من " صحيح البخاري " ( 5 / 365 ) أن أم سلمة رضي الله عنها أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم حين امتنع أصحابه من أن ينحروا هديهم أن يخرج صلى الله عليه وسلم ولا يكلم أحدا منهم كلمة حتى ينحر بدنه ويحلق ، ففعل صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا ، ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أطاع أم سلمة فيما أشارت به عليه ، فدل على أن الحديث ليس على إطلاقه ، ومثله الحديث الذي لا أصل له : " شاوروهن وخالفوهن " وقد تقدم برقم ( 430 ) . |
446 - " ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل عليه السلام ، وأفضل النبيين آدم ، وأفضل الأيام يوم الجمعة ، وأفضل الشهو ر شهر رمضان ، وأفضل الليالي ليلة القدر ، وأفضل النساء مريم بنت عمران "
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه الطبراني ( 11361 ) من طريق نافع أبي هرمز ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس مرفوعا . قلت : وهذا موضوع ، نافع أبوهرمز ، كذبه ابن معين ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وأفضل النبيين إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدليل الحديث الصحيح : " أنا سيد الناس يوم القيامة ... " . أخرجه مسلم ( 1 / 127 ) ، فهذا يدل على وضع هذا الحديث ومع ذلك أورده في " الجامع " والحديثي أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 198 ) وضعفه بنافع وقال : متروك ثم ذكره في ( 3 / 140 ) و( 2 / 165 ) وقال عنه في الموضعين : ضعيف . |
461 - " النساء لعب فتخيروا " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . رواه الحاكم في تاريخه وعنه الديلمي معلقا ( 3 / 110 ) من طريق ابن لهيعة عن الأحوص بن حكيم عن عمرو بن العاص مرفوعا . ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 189 ) شاهدا لحديث علي بمعناه قال ابن الجوزي فيه : لا يصح . قلت : وهذا الشاهد سكت عنه السيوطي كغالب عادته ، وهو ضعيف جدا فيه ثلاث علل : ابن لهيعة مشهور بالضعف ، والأحوص قال ابن معين وابن المديني : ليس بشيء ، ثم إنه منقطع بين الأحوص وعمرو ، ولذلك قال ابن عراق ( 2 / 226 ) سنده ضعيف ، ومما يدل على نكارة الحديث أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما النساء شقائق الرجال " ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 234 ) قلت : فيبعد كل البعد أن يصفهن عليه الصلاة والسلام بأنهن " لعب " . وقد روى الحديث بأتم منه وهو ضعيف أيضا ، وهو : 462 - " إنما النساء لعب فمن اتخذ لعبة فليحسنها أو فليستحسنها " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( ص 116 - زوائده ) : حدثنا أحمد بن يزيد حدثنا عيسى بن يوسف عن زهير بن محمد عن أبي بكر بن حزم مرفوعا . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وفيه ثلاث علل : الإرسال ، فإن أبا بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري تابعي مات سنة ( 120 ) . وضعف زهير بن محمد الخراساني الشامي . وأحمد بن يزيد لم أعرفه ويحتمل أنه ابن الورتنيس المصري ، فقد ذكر له رواية عن عيسى بن يونس في " تهذيب الكمال " ، فإن كان هو ففيه ضعف ، والله أعلم . وهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يورده في " الجامع الكبير " ولا في " اللآليء " وكذلك فات ابن عراق فلم يورده في " تنزيه الشريعة " والمناوي في " الجامع الأزهر " . |
598 - " لما قدم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن : طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " ( 59 / 2 ) وكذا البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 233 - ط ) عن الفضل بن الحباب قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول فذكره . وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ، لكنه معضل سقط من إسناده ثلاثة رواة أو أكثر ، فإن ابن عائشة هذا من شيوخ أحمد وقد أرسله . وبذلك أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 244 ) . ثم قال البيهقي كما في تاريخ ابن كثير ( 5 / 23 ) : " وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك " . وهذا الذي حكاه البيهقي عن العلماء جزم به ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ( ص 251 تحقيق صاحبي الأستاذ خير الدين وانلي ) ، لكن رده المحقق ابن القيم فقال في " الزاد " ( 3 / 13 ) : وهو وهم ظاهر لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام " . ومع هذا فلا يزال الناس يرو ن خلاف هذا التحقيق ، على أن القصة برمتها غير ثابتة كما رأيت ! ( تنبيه ) : أورد الغزالي هذه القصة بزيادة : " بالدف والألحان " ولا أصل لها كما أشار لذلك الحافظ العراقي بقوله : " وليس فيه ذكر للدف والألحان " . وقد اغتر بهذه الزيادة بعضهم فأورد القصة بها ، مستدلا على جواز الأناشيد النبوية المعروفة اليوم ! فيقال له : " أثبت العرش ثم انقش " ! على أنه لوصحت القصة لما كان فيها حجة على ما ذهبوا إليه كما سبقت الإشارة لهذا عند الحديث ( 579 ) فأغنى عن الإعادة . 714 - " النساء على ثلاثة أصناف ، صنف كالوعاء تحمل وتضع ، وصنف كالعر - وهو الجرب - ، وصنف ودود ولود ، تعين زوجها على إيمانه ، فهي خير له من الكنز " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . رواه تمام في " الفوائد " ( 206 / 2 ) عن عبد الله بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا ، وقال : " عبد الله بن دينار هو الحمصي " . قلت : وهو ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب " تبعا لغير واحد من الأئمة ، ومنهم أبو حاتم ، فقد قال ابنه في " العلل " ( 2 / 310 ) بعد أن ساق الحديث : " وقال أبي ، هذا حديث منكر ، عبد الله بن دينار منكر الحديث " . بل قال الدارقطني " ضعيف لا يعتبر به " . |
730 - " تخيرو ا لنطفكم ، وأنكحوا في الأكفاء ، وإياكم والزنج فإنه خلق مشوه " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 314 ) عن روح بن جبر : حدثنا الهيثم بن عدي عن هشام مولى عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا . قلت : وروح هذا لم أعرفه . وأما الهيثم فكذاب ، كذبه ابن معين والبخاري وأبو داود وغيرهم . وأما هشام مولى عثمان فلم أعرفه أيضا . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وهذا في " الضعفاء " ( 2 / 281 ) بسنده عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به وقال ( 2 / 233 ) : " السدي كذاب ، وتابعه عامر بن صالح الزبيري عن هشام وليس بشيء ، وقال النسائي : ليس بثقة " . وتعقبه السيوطي في " اللآلي " ( ص 272 ) فقال : " قلت : له طريق آخر " . ثم ساقه من رواية أبي نعيم في " الحلية " ( 3 / 377 ) : حدثنا أحمد بن إسحاق : حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك : حدثني عبد العظيم بن إبراهيم السالمي : حدثنا عبد الملك بن يحيى : حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس مرفوعا ، وقال : غريب من حديث زياد والزهري ، لم نكتبه إلا من هذا الوجه " . قلت : وسكت عليه السيوطي في " اللآلي " وأورده في " الجامع " من هذا الوجه ، وإسناده مظلم ، فإن من دون ابن عيينة لم أجد لهم ترجمة ، غير عبد العظيم هذا فأورده الحافظ في " اللسان " وقال : " يغرب ، من ثقات ابن حبان " . قلت : فهو أو شيخه أو من دونه آفة هذا الحديث ، فإن شطره الثاني منكر جدا ، وقد سبق قول ابن القيم : " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب " . ثم ذكر أحاديث هذا أحدها . وأما الجملة الأولى من الحديث ، فقد وجدت لها طريقا أخرى ، رواه الضياء في " المختارة " ( 223 / 2 ) من طريق تمام الرازي : حدثنا أبو عبد الرحمن ضحاك بن يزيد السكسكي بـ ( بيت لهيا ) : حدثنا محمد بن عبد الملك : حدثنا سفيان بن عيينة به مقتصرا على قوله " تخيرو ا لنطفكم " . قلت : وهذا سند ضعيف ، الضحاك هذا مجهول الحال أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 8 / 230 ) وقال : " روى عن وزيرة بن محمد وأبي زرعة الدمشقي ، روى عنه تمام بن محمد وعبد الرحمن بن عمر بن نصر ، مات سنة 347 " ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وشيخه محمد بن عبد الملك لم أعرفه ، ويحتمل أن يكون ابن أبي الشوارب الأموي البصري . والله أعلم . ولهذه الجملة شواهد لا تخلوأسانيدها من مقال ، ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتحقيق القول فيها إن شاء الله ، وهي على كل حال لا تبلغ أن تكون موضوعة (1) ، بخلاف الجملة الأخيرة " وإياكم والزنج ... " فإنها ظاهرة البطلان كسائر الأحاديث التي تقدمت بمعناها ، وقد ذكر هذه الجملة ابن معين في " التاريخ والعلل " ( 29 / 1 ) من حديث عائشة موقوفا عليها ، ولعله أشبه فقال : " مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : .... " فذكره . ونحو هذه الزيادة في الضعف ما يرويه عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا بلفظ : " تخيرو ا لنطفكم ، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن ، وأشباه أخواتهن " . أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى هذا ( ق 294 / 2 ) وقال : " وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد " . وروى عن البخاري أنه قال فيه : " صاحب مناكير وقال في موضع آخر : " منكر الحديث " وعن النسائي : " متروك الحديث " . وقال ابن حبان ( 2 / 116 ) : " منكر الحديث جدا ، يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات " . __________ (1) بل هي صحيحة بمجموع طرقها ، وقد جمعتها وخرجتها في " الصحيحة " ( 1067 ) . اهـ . |
813 - " إن الله تبارك وتعالى كتب الغيرة على النساء ، والجهاد على الرجال ، فمن صبر منهن كان لها مثل أجر الشهيد "
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 61 / 2 ) والعقيلي ( ص 268 ) وابن الأعرابي في " معجمه " ( 82 / 1 ) وعنه القضاعي ( 93 / 1 ) والدولابي ( 2 / 100 ) وابن عدي ( 279 - 280 ) والبزار عن عبيد بن الصباح عن كامل بن العلاء عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا ، قال المناوي : " قال البزار لا نعلمه إلا من هذا الوجه ، وعبيد لا بأس به ، وكامل كوفي مشهور ، على أنه لم يشاركه أحد فيه " . وقال الهيثمي ( 4 / 320 ) : " رواه البزار والطبراني وفيه عبيد بن الصباح ، ضعفه أبو حاتم ، ووثقه البزار ، وبقية رجاله ثقات " . قلت : وأورد ابن أبي حاتم حديثه هذا في " العلل " ( 1 / 313 ) وقال : " سألت أبي عنه ؟ قال : هذا حديث منكر ، وقال مرة أخرى : هذا حديث موضوع بهذا الإسناد " . قلت : وساقه الذهبي في ترجمة عبيد بن الصباح من مناكيره ، وكأنه نسي هذا فصحح له حديثا آخر تبعا للحاكم : بلفظ : " إذا أردت أن تغزو... " وهو في " الترغيب " ( 2 / 162 ) . 845 - " ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم " قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه الشريف أبو القاسم علي الحسيني في " الفوائد المنتخبة " ( 18 / 256 / 2 ) ، ومن طريقه الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " ( 4 / 282 / 1 ) وعنه ابن أخيه أبو منصور بن عساكر في " الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين " ( ص 101 الحديث 39 ) من طريق أبي عبد الغني الحسن بن علي بن عيسى الأزدي : نا عبد الرزاق بن همام : أنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن داود بن الحصين عن عكرمة بن خالد عن علي بن أبي طالب مرفوعا . وقال الشريف : " هذا حديث غريب ... لا أعلمه رواه إلا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي " . وكذا قال أبو منصور وزاد : " ولم يكتب عنه إلا من هذا الوجه " . قلت : وهذا إسناد واه بمرة ، وفيه علل : 1 - داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة كما قال الحافظ في " التقريب" ومستنده قول ابن المديني : " ما رواه عن عكرمة فمنكر " . وكذا قال أبو داود . 2 - إبراهيم الأسلمي كذاب كما قال يحيى القطان وابن معين وابن المدني ، وروى أبو زرعة في " تاريخ دمشق " ( 34 / 1 ) بسند صحيح عن يحيى بن سعيد قال : " لم يترك إبراهيم بن أبي يحيى للقدر ، وإنما للكذب " . وفي رواية أخرى عنه : " أشهد على إبراهيم أنه يكذب " . وقال ابن حبان ( 1 / 92 ) : " كان يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم ، ويكذب مع ذلك في الحديث " . قلت : ومن الغرائب أن يخفى حال هذا الكذاب على الإمام الشافعي وهو من شيوخه ! ولعل سبب ذلك ما قال ابن حبان : إنه كان يجالسه في حداثته ويحفظ عنه حفظ الصبي ، والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر ، فلما دخل مصر في آخر عمره ، وصنف الكتب المبسوطة احتاج إلى الأخبار ، ولم تكن معه كتب ، فأكثر عنه ، وربما كنى عنه ولا يسميه في كتبه " . 3 - أبو عبد الغني الأزدي متهم بالوضع ، وفي ترجمته ساق ابن عساكر هذا الحديث ، وقال فيها : " وكان ضعيفا " . ثم روى عن أبي نعيم أنه قال : " حدث عن مالك أحاديث موضوعة " . وكذا قال الحاكم ، ثم تعقب ابن عساكر أبا نعيم بقوله : " ولا أعلم روى عن مالك ولا أدركه " . قلت : وهو إنما يروي عن مالك بواسطة عبد الرزاق ، وقد ساق له الدارقطني من هذا الوجه حديثا وقال : " باطل وضعه أبو عبد الغني على عبد الرزاق " . وكذا رواه ابن عساكر في ترجمته . لكن قد ساق له ابن حبان ( 1 / 235 ) حدثنا آخر صرح فيه بقوله : " حدثنا مالك ... " فهو من أكاذيبه عليه . وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات ، لا تحل الرواية عنه بحال " . ( تنبيه ) : أول الحديث عندهم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " . وإنما لم أورد هذه الزيادة لمجيئها من طرق بعضها صحيح وبعضها حسن ، وقد خرجتها في " آداب الزفاف " ( ص 151 ) ، ولأن الحديث اشتهر في العصر الحاضر بدون هذه الزيادة فإفراده عنها أدعى إلى تيسير الوقوف عليه ، وقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بتمامه من رواية ابن عساكر وحده عن علي ، وهذا على خلاف شرطه في أول الكتاب حيث قال : " وقد صنته عما تفرد به كذاب أو وضاع " فكيف هذا وقد اجتمع فيه كذاب ووضاع معا ؟! ومن الغرائب أن المناوي بيض له فلم يتكلم عليه بشيء ! |
879 - " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال جمعة ولا تقدمهن امرأة ولكن تقوم في وسطهن " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه ابن عدي في " الكامل " ( 65 / 1 ) وابن عساكر ( 16 / 159 / 2 ) عن الحكم عن القاسم عن أسماء ( يعني بنت يزيد ) ، مرفوعا . وقال ابن عدي بعد أن ساق أحاديث أخرى للحكم هذا وهو ابن عبد الله بن سعد الأيلي : " أحاديثه كلها موضوعة ، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد ، وما أمليت للحكم عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه ، وضعفه بين على حديثه " . وقال أحمد : " أحاديثه كلها موضوعة " . وقال السعدي وأبو حاتم : " كذاب " . وقال النسائي والدارقطني وجماعة : " متروك الحديث " . كما في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا منها . والحديث رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 1 / 408 ) من طريق ابن عدي ، ثم قال عقبه : " هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي ، وهو ضعيف ، ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوفا ومرفوعا ، ورفعه ضعيف ، وهو قول الحسن وابن المسيب وابن سيرين والنخعي " . ( تنبيه ) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان : أحدهما أبو الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق " ( 79 / 1 ) : " وقد حكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على النساء أذان ولا إقامة " . وهذا لا نعرفه مرفوعا ، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم والشعبي وسليمان بن يسار ، وحكى عن عطاء أنه قال : يقمن " . قلت : فلم يعرفه ابن الجوزي مرفوعا ، وقد روي كذلك كما سبق . والآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على " المقنع " ( 1 / 96 ) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد " ! وهذا خطأ فاحش لا أدري منشأه ، وهو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث ونشره على الناس ، وخاصة إخواننا النجديين ، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه الله تعالى ، والعصمة لله وحده . ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في ( 17 / 9 / 1381 ) . و" النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة وحفاظهم ، واسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه ، ولد سنة 253 ، وتوفي سنة 348 . ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5022 ) والبيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : فذكره موقوفا . وهذا سند ضعيف مع وقفه ، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر وهو ضعيف . وأما قول الشوكاني في " النيل " ( 2 / 27 ) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح . ولعله توهم أن العمري هذا هو المصغر ، فإن ثقة وليس به ، فإن اسمه عبيد الله ، على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر ، وليس كذلك كما عرفت . وقد روي عن ابن عمر خلافه ، فقال أبو داود في " مسائله " ( 29 ) : " سمعت أحمد سئل عن المرأة تؤذن وتقيم ؟ قال : سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن وتقيم ؟ قال : أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! استفهام " . وهذا أولى من الذي قبله وإن كنت لم أقف على إسناده ، وغالب الظن أنه لو لم يكن ثابتا عند أحمد لما احتج به . ثم صدق ظني ، فقد وجدت الأثر المذكور أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 1 / 223 ) بسند جيد عن ابن عمر ، ويؤيده ، ما عند البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم ، وتؤم النساء وتقوم وسطهن . ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة مختصرا . وليث هو ابن أبي سليم ، وهو ضعيف . ثم روى البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال : سألت ابن ثوبان : هل على النساء إقامة ؟ فحدثني أن أباه حدثه قال : سألت مكحولا ؟ فقال : إذا أذن فأقمن فذلك أفضل ، وإن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن ، قال ابن ثوبان : وإن لم يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت : " كنا نصلي بغير إقامة " . قلت : وابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي وليس هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما ذكر المعلق على " سنن البيهقي " ، وهو العامري المدني ، فإن هذا العامري متقدم على العنسي هذا من التابعين ، والعنسي من أتباع التابعين ، وهو حسن الحديث ، وبقية الرجال ثقات ، فالسند حسن ، وقد جمع البيهقي بين هذا وبين رواية ليث المقدمة بقوله : " وهذا إن صح مع الأول ، فلا يتنافيان ، لجواز أنها فعلت ذلك مرة ، وتركته أخرى لبيان الجواز ، والله أعلم . ويذكر عن جابر بن عبد الله أنه قيل له : أتقيم المرأة ؟ قال : نعم " . والحق في هذه المسألة ما قاله أبو الطيب صديق خان في " الروضة الندية " ( 1 / 79 ) : " ثم الظاهر أن النساء كالرجال لأنهن شقائقهن ، والأمر لهم أمر لهن ، ولم يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متروكون لا يحل الاحتجاج بهم ، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك ، وإلا فهن كالرجال " . 880 - " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وابن ماشطة بنت فرعون " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل بهذا اللفظ . رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 295 ) : حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد الشعيري : حدثنا السري بن خزيمة : حدثنا مسلم بن إبراهيم : حدثنا جرير بن حازم : حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا - وقال : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي وهو عجب ، فإن السري بن خزيمة لم أجد له ترجمة ، وكذلك محمد بن محمد الشعيري لم أجده إلا أن يكون ، هو الذي أورده السمعاني في " الأنساب " : محمد بن جعفر الشعيري ، قال ( 335 / 2 ) : " حدث عن عثمان بن صالح الخياط ، روى عنه علي بن هارون الحربي " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل عندي ، وذلك لأمرين : الأول : أنه حصر المتكلمين في المهد في ثلاثة ، ثم عند التفصيل ذكرهم أربعة ! والثاني : أن الحديث رواه البخاري في " صحيحه - أحاديث الأنبياء " من الطريق التي عند الحاكم فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم بسنده عند الحاكم تماما إلا أنه خالفه في اللفظ فقال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج ( قلت فذكر قصته وفيها : ثم أتى الغلام فقال : من أبو ك يا غلام ؟ فقال : الراعي ، ثم قال : ) وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة ، فقالت : " اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها فأقبل على الراكب ، فقال : اللهم لا تجعلني مثله " . الحديث . وأخرجه مسلم أيضا ( 8 / 4 - 5 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا جرير بن حازم به ورواه أحمد ( 2 / 307 - 308 ) من طريقين آخرين عن جرير به . والظاهر أن أصل حديث الترجمة موقوف ، فقد أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 12 / 115 ) : حدثنا ابن وكيع : قال : حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " تكلم أربعة في المهد وهم صغار ... " . قلت : فذكرهم كما في رواية الحاكم الباطلة ! ورجال هذا الموقوف موثقون ولكن فيه علتان : الأولى : عطاء بن السائب ، فإنه كان قد اختلط ، وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده ، خلافا لمن يظن خلافه من المعاصرين ! الثانية : ابن وكيع هذا وهو سفيان ، قال الحافظ : " كان صدوقا إلا أنه ابتلي بوراقه ، فأدخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح فلم يقبل ، فسقط حديثه " . قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقال ابن جرير : " حدثنا الحسن بن محمد قال : أخبرنا عفان قال : حدثنا حماد قال : أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكلم أربعة وهم صغار ، فذكر فيهم شاهد يوسف " . قلت : وأخرجه الحاكم ( 2 / 496 - 497 ) من طريق أخرى عن عفان به وقال : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي مع أنه قال في عطاء في " الضعفاء " ( 187 / 2 ) : " مختلف فيه ، من سمع منه قديما فهو صحيح " . وقد علمت مما سبق أن حماد بن سلمة سمع منه في اختلاطه أيضا ، ولا يمكن تمييز ما سمعه في هذا الحال عن ما سمعه قبلها ، فلذا يتوقف عن تصحيح روايته عنه . ثم إن السيوطي قد أورد حديث أبي هريرة من طريق الحاكم في " الجامع الصغير " بلفظ : " لم يتكلم في المهد إلا عيسى ابن مريم ... " فحذف منه كما ترى لفظة " ثلاثة " لمعارضتها للتفصيل المذكور في الحديث عقبها كما سبق بيانه ، وهذا تصرف من السيوطي غير جيد عندي ، بل الواجب إبقاء الرواية كما هي ، مع التنبيه على ما فيها من التناقض ، فلربما دل هذا التناقض على ضعف أحد رواة الحديث كما فعلنا نحن حيث بينا أن الحديث في " البخاري " من الطريق التي أخرجها الحاكم بغير هذا اللفظ . هذا ، ولم أجد في حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما قصة غلام الأخدود ففيها أنه قال لأمه : " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد ( 6 / 17 - 18 ) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم . وفيه عنده زيادة أن أمه كانت ترضعه ، والقصة عند مسلم أيضا ( 8 / 231 ) دون هذه الزيادة ، وقد عزاها الحافظ في " الفتح " ( 6 / 371 ) لمسلم ، وهو وهم إن لم تكن ثابتة في بعض نسخ مسلم. وقد جمع بين هذا الحديث وحديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في المهد . والله أعلم . ومن تخاليط عطاء بن السائب أنه جعل قول هذا الغلام : " اصبري ... " من كلام ابن ماشطة بنت فرعون ! وسيأتي في لفظ : " لما أسري بي .... " . ثم إن ظاهر القرآن في قصة الشاهد أنه كان رجلا لا صبيا في المهد ، إذ لوكان طفلا لكان مجرد قوله إنها كاذبة كافيا وبرهانا قاطعا ، لأنه من المعجزات ، ولما احتيج أن يقول : " من أهلها " ، ولا أن يأتي بدليل حي على براءة يوسف عليه السلام وهو قوله : ( إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ، وإن كان قميصه قد من الدبر ) الآية ، وقد روى ابن جرير بإسناد رجاله ثقات عن ابن عباس أن الشاهد كان رجلا ذا لحية ، وهذا هو الأرجح ، والله أعلم . ( فائدة ) ما يذكر في بعض كتب التفسير وغيرها أنه تكلم في المهد أيضا ، إبراهيم ويحيى ومحمد صلى الله عليه وسلم أجمعين . فليس له أصل مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فاعلم ذلك . |
918 - " أخروهن من حيث أخرهن الله . يعني النساء " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له مرفوعا . وقد أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 36 ) بقوله : " حديث غريب مرفوعا . وهو في " مصنف عبد الرزاق " (1) موقوف على ابن مسعود فقال : أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال : كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا ، فكانت المرأة ( لها الخليل ) تلبس القالبين فتقوم عليهما ، تقول بهما لخليلها ، فألقي عليهن الحيض ، فكان ابن مسعود يقول : أخروهن من حيث أخرهن الله . قيل : فما القالبان ؟ قال : أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد ، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في ( معجمه ) " . قلت : ورواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 36 / 2 ) من طريق زائدة أيضا عن الأعمش به ، إلا أنه لم يذكر أبا معمر في سنده . ثم ذكر الزيلعي أن بعض الجهال ( كذا ) من فقهاء الحنفية كان يعزوه إلى " مسند رزين " و" دلائل النبوة " للبيهقي . قال : " وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا موقوفا " . وأفحش من هذا الخطأ أن بعضهم عزاه للصحيحين كما نبه عليه الزركشي ، ونقله السخاوي ( 41 ) وغيره عنه ، ونقل الشيخ علي القاريء في " الموضوعات " عن ابن الهمام أنه قال في شرح الهداية " : لا يثبت رفعه ، فضلا عن شهرته ، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود كما في " كشف الخفاء " ( 1 / 67 ) . قلت : والموقوف صحيح الإسناد ، ولكن لا يحتج به لوقفه ، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات . ومن العجائب أن الحنفية أقاموا على هذا الحديث مسألة فقهية خالفوا فيها جماهير العلماء ، فقالوا : إن المرأة إذا وقفت بجانب الرجل أو تقدمت عليه في الصلاة أفسدت عليه صلاته ، وأما المرأة فصلاتها صحيحة ، مع أنها هي المعتدية ! بل ذهب بعضهم إلى إبطال الصلاة ولوكانت على السدة فوقه محاذية له ! وقد استدلوا على ذلك بالأمر في هذا الحديث بتأخيرهن ، ولا يدل على ما ذهبوا إليه البتة ، وذلك من وجوه : أولا : أن الحديث موقوف فلا حجة فيه كما سبق . ثانيا : أن الأمر وإن كان يفيد الوجوب فهو لا يقتضي فساد الصلاة ، بل الإثم كما سيأتي عن الحافظ . ثالثا : أنه لو اقتضى فساد الصلاة فإنما ذلك إذا خالف الرجل الأمر ولم يؤخر المرأة أولم يتقدم عليها ، أما إذا دخل في الصلاة ثم اعتدت المرأة ووقفت بجانبه ، أو تقدمت عليه ، فلا يدل على بطلان صلاته بوجه من الوجوه ، بل لوقيل ببطلان صلاة المرأة في هذه الحالة لم يبعد ، لوكان صح رفع الحديث ، ومع ذلك فهم لا يقولون ببطلان صلاتها ! وهذا من غرائب أقوال الحنفية التي لا يشهد لصحتها أثر ولا نظر ! نعم من السنة أن تتأخر المرأة في الصلاة عن الرجال كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك قال : " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا " . قال الحافظ في " شرحه " ( 2 / 177 ) : " وفيه أن المرأة لا تصف مع الرجل ، وأصله ما يخشى من الافتتان بها ، فإذا خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور . وعن الحنفية : تفسد صلاة الرجل دون المرأة ، وهو عجيب ، وفي توجيهه تعسف ، حيث قال قائلهم ، دليله قول ابن مسعود هذا ، والأمر للوجوب ، وحيث ظرف مكان ، ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة ، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل ، لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها ! وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه . والله المستعان ، فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب ، وأمر لابسه أن ينزعه ، فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته ، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك ، وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته وأثم ، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته ، ولاسيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه " . __________ (1) ( ج 3 / 149 رقم 5115 - طبع المكتب الإسلامي ) ، والزيادة منه ، مع تصحيح بعض الألفاظ . اهـ . 958 - " كان لا يمس من وجهي شيئا وأنا صائمة ، قالته عائشة " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . رواه ابن حبان في صحيحه ( 904 ) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي ( شيبة : حدثنا وكيع عن ) (1) زكريا بن أبي زائدة عن العباس بن ذريح عن الشعبي عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : فذكره مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه الإمام أحمد ( 6 / 162 ) فقال : حدثنا وكيع عن زكريا به ... مثله ، يعني مثل حديث ساقه قبله فقال : حدثنا يحيى بن زكريا حدثني أبي عن صالح الأسدي عن الشعبي عن محمد بن الأشعث ابن قيس عن عائشة أم المؤمنين قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من شيء من وجهي وهو صائم " . قلت : وفي هذا السياق مخالفتان : الأولى في السند ، والأخرى في المتن . أما المخالفة في السند ، فهي أنه جعل مكان العباس بن ذريح ، صالحا الأسدي ، وهو صالح بن أبي صالح الأسدي ، وهو مجهول كما يشير إلى ذلك الذهبي بقوله : " تفرد عنه زكريا بن أبي زائدة " . وقد قيل : عنه عن محمد بن الأشعث عن عائشة بإسقاط الشعبي من بينهما ، أخرجه النسائي وقال : " إنه خطأ ، والصواب الأول " كما في " تهذيب التهذيب " . وأخرجه النسائي في " العشرة " من " الكبرى " ( ق 84 / 1 ) من طريق زياد بن أيوب قال حدثنا ابن أبي زائدة قال : أخبرني أبي صالح الأسدي عن الشعبي به ، فهذا يرجح رواية أحمد عن وكيع ، ويدل على أن رواية ابن حبان شاذة . ثم رأيتها في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 3 / 60 ) عن وكيع مثل رواية أحمد . وأما الاختلاف في المتن فظاهر بأدنى تأمل ، وذلك أن يحيى بن زكريا ، جعل المتن نفي امتناعه صلى الله عليه وسلم من تقبيل وجه عائشة وهو صائم ، بينما جعله وكيع - في رواية ابن حبان - نفي تقبيله صلى الله عليه وسلم لها وهي صائمة ! فإذا كان لفظ رواية وكيع عند أحمد ، مثل لفظ رواية يحيى بن زكريا كما يدل عليه إحالة أحمد عليه بقوله : " مثله " كما سبقت الإشارة إليه ، إذا كان الأمر كذلك كانت رواية وكيع عند ابن حبان شاذة لمخالفتها ، لروايته عند أحمد ورواية يحيى بن زكريا ، ويؤكد هذا موافقة لفظ زياد بن أيوب عند النسائي للفظ أحمد . وسواء كان الأمر كما ذكرنا أولم يكن ، فإننا نقطع بأن هذه الرواية شاذة بل منكرة ، لمخالفتها للحديث الثابت بالسند الصحيح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهما صائمان ، فقال الإمام أحمد ( 6 / 162 ) : حدثنا يحيى بن زكريا قال : أخبرني أبي عن سعد بن إبراهيم عن رجل من قريش من بني تميم يقال له طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : " تناولني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إني صائمة ، فقال : وأنا صائم " . وهذا سند صحيح ، و قد رواه جماعة من الثقات عن سعد بن إبراهيم به نحوه كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " فانظر " كان يقبلني ... " ( رقم 219 ) . وعلة حديث الترجمة إنما هي تفرد محمد بن الأشعث بهما ، وهن في عداد مجهولي الحال . فقد أورده البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 16 ) وابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 206 ) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ، نعم ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 231 ) وروى عنه جمع من الثقات ، فمثله حسن الحديث عندي إذا لم يخالف ، ولكن لما كان قد تفرد بهذا الحديث وخالف فيه الثقة وهو طلحة بن عبد الله بن عثمان القرشي الذي أثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة وهي صائمة ، كان الحديث بسبب هذه المخالفة شاذا بل منكرا وقد اتق الشيخان على إخراج حديثها بلفظ : " كان يقبل وهو صائم " وليس فيه بيان أنها كانت صائمة أيضا كما في حديث القرشي عنها وقد خفي هذا على بعض أهل العلم ، كما خفي عليه حال هذا الحديث المنكر ، فقال الصنعاني في " سبل السلام " ( 2 / 218 ) : " تنبيه " : قولها : " وهو صائم " لا يدل على أنه قبلها وهي صائمة فقد أخرج ابن حبان بإسناده ( عنها ) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس وجهها وهي صائمة ، وقال : ليس بين الخبرين تضاد ، إنه كان يملك إربه ، ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثابة حاله ، وترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة ، علما منه بما ركب في النساء من الضعف عند الأشياء التي ترد عليهن ، انتهى " . فقد فات ابن حبان حديث القرشي المشار إليه ، وتبعه عليه الصنعاني ، وذهل هذا عن علة حديث ابن حبان ! وتبعه على ذلك الشوكاني ( 4 / 180 ) . ولكن هذا لم يفته حديث القرشي ، بل ذكره من طريق النسائي ، فالعجب منه كيف ذكر الحديثين دون أن يذكر التوفيق بينهما ، والراجح من المرجوح منهما . فهذا هو الذي حملني على تحرير القول في نكارة هذا الحديث ، والله ولي التوفيق . ثم إني لما رأيت الحديث في " المصنف " ووجدت متنه بلفظ : " كان لا يمتنع من وجهي وأنا صائمة " ، تيقنت شذوذ لفظ ابن حبان ، كما تبينت أنه لا علاقة لابن الأشعث به ، وإنما هو من ابن حبان نفسه أو من شيخه عمران ، والله أعلم . __________ (1) سقطت هذه الزيادة من النسخة المطبوعة ، فاستدركتها من أصلها المخطوط المحفوظ في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة ( ق 68 / 1 ) بعد أن ضيعت وقتا كثيرا في معرفة عثمان بناء على ما وقع في المطبوعة ! وأما فهرس الخطأ فيها ، فقد جاء التصويب فيه خطأ أيضا ! . اهـ . |
1000 - " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل ، قاله لمن قبل امرأة " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الترمذي ( 4 / 128 - تحفة ) والدارقطني في " سننه " ( 49 ) والحاكم ( 1 / 135 ) والبيهقي ( 1 / 125 ) وأحمد ( 5 / 244 ) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل : " أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل وقال : يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها ، إلا أنه لم يجامعها ؟ فقال : توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل ، قال : فأنزل الله تعالى هذه الآية " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " الآية ، فقال : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ فقال : بل للمسلمين عامة " . وقال الترمذي : " هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ، ومعاذ مات في خلافة عمر وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين ، وقد روى عن عمر ورآه . وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا " . قلت : وبهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه : " وفيه إرسال ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل " . وأما الدارقطني فقال عقبه : " صحيح " . ووافقه الحاكم ، وسكت عنه الذهبي . والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي ، فهو ضعيف الإسناد . وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في " الصحيحين " و" السنن " و" المسند " وغيرها من طرق وأسانيد متعددة ، وليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة ، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة . والله أعلم . وأما قول أبي موسى المديني في " اللطائف " ( ق 66 / 2 ) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد : " هذا حديث مشهور ، له طرق " . فكأنه يعني أصل الحديث ، فإنه هو الذي له طرق ، وأما بهذه الزيادة فهو غريب ، ومنقطع كما عرفت ، والله أعلم . إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء ، كما فعل ابن الجوزي في " التحقيق " ( 1 / 113 ) وذلك لأمور : أولا : أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة . ثانيا : أنه لوصح سنده ، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس ، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال : انتفض باللمس ! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ : " ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له " . أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع ، كما بينته في " تخريج المختارة " ( رقم 7 ) . ثالثا : هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس ، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص ، لأن الحالة التي وصفها ، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء ، لا من أجل مطلق اللمس ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال . والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء ، سواء كان بشهو ة أو بغير شهو ة ، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك ، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ . أخرجه أبو داود وغيره ، وله عشرة طرق ، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " ( رقم 170 - 173 ) وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهو ة عادة ، والله أعلم . __________ تم المجلد الثاني من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة بفضل الله وتوفيقه ويليه بعده المجلد الثالث وأوله : (1001 - كان يركع قبل الجمعة أربعا . . . ) . وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك 1013 - " إذا رميتم وذبحتم وحلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. رواه الطبري في " تفسيره " ( ج4 رقم 3960 )، والدارقطني في " سننه " ( 279 ) عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة قالت : " سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : متى يحل المحرم ؟ فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.... " فذكره، ثم قال : قال ( يعني الحجاج ) : وذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قلت : وهذا إسناد كما قال الحافظ في " بلوغ المرام "، فيه ضعف، وعلته الحجاج وهو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه، وبالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا عليه في متنه، فقال عبد الرحيم عنه هكذا، وخالفه يزيد - وهو ابن هارون - فقال : أخبرنا الحجاج عن أبي بكر بن محمد به دون قوله : " وذبحتم ". أخرجه الطحاوي ( 1/419 ) وأحمد ( 6/143 ) والبيهقي ( 5/136 ) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 6/64/2 ). وخالفهما عبد الواحد بن زياد فقال : حدثنا الحجاج عن الزهري به، دون قوله : " وذبحتم وحلقتم ". أخرجه أبو داود ( 1/310 - التازية ) والطحاوي، وقال أبو داود : هذا حديث ضعيف، الحجاج لم ير الزهري. قلت : وهؤلاء الذين رووا الحديث عنه كلهم ثقات، فالحمل في هذا الاختلاف في متنه ليس عليهم، بل على الحجاج نفسه، وقد أشار إلى هذا البيهقي فقال عقبه وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة. قلت : وكأنه يشير إلى حديثها : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يفيض. أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق كثيرة عنها، وقد تجمع عندي منها ثلاثة عشر طريقا خرجتها في كتابي " الحج الكبير "، لكن ليس منها طريق عمرة هذه، والله أعلم. وفي حديث عائشة هذا ما يشهد لبعض حديث الحجاج في رواية عنها بلفظ : ".... وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت. وهذا القدر منه له شاهد من حديث ابن عباس أوردته في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم ـ 239 )، فيتلخص من ذلك أن للحديث أصلا ثابتا، لكن دون ذكر الذبح والحلق فيه، فهو بهذه الزيادة منكر، والله أعلم. |
1015 - " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى، ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له، حتى إذا زالت الشمس خطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جميعا، ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الحاكم ( 1/461 )، وعنه البيهقي ( 5/122 ) عن إبراهيم بن عبد الله : أنبأ يزيد بن هارون : أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير قال : من سنة الحج.. إلخ، وقال الحاكم : حديث على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قلت : وفيه نظر، فإن يزيد بن هارون وإن كان على شرطهما فليس هو من شيوخهما، وإنما يرويان عنه بواسطة أحمد وإسحاق ونحوهما، وإبراهيم بن عبد الله الراوي للحديث عن يزيد فضلا عن كونه ليس من شيوخهما، فهو غير معروف، بل لم أجد له ترجمة تذكر، فقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 5/120 ) فقال : إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي، قدم بغداد سنة 244 وحدث بها عن يزيد ابن هارون وسرور بن المغيرة روى عنه عبد الله بن محمد بن ناجية ويحيى بن ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال، فلا يحتج بحديثه، على أنه قد خولف في بعض متنه، فروى الطحاوي ( 1/421 ) من طريق عبد الله بن صالح، قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن الهاد عن يحيى بن سعيد به مختصرا بلفظ : سمعت عبد الله بن الزبير يقول : إذا رمى الجمرة الكبرى، فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت فلم يذكر الطيب، فهذا هو الأصح، لأنه الموافق لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين رمى جمرة العقبة كما تقدم في آخر الحديث ( 1013 ). أقول : هذا أصح، وإن كان عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه، فإن من البدهي أن ما وافق السنة الصحيحة من الروايات عند الاختلاف، أولى مما خالفها منها. تنبيه : إنما أوردت هذا في الأحاديث الضعيفة " مع أن ظاهره الوقف فليس من الأحاديث ؛ لما تقرر في مصطلح الحديث أن قول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم المرفوع، وعبد الله بن الزبير صحابي معروف، وقد خفي هذا على الشوكاني في نيل الأوطار، فإنه أورد هذا الحديث فيما استدل به المانعون من الطيب بعد الرمي، ثم أجاب عنه ( 5/61 ) بما ملخصه : إنه أثر موقوف لا يصلح للمعارضة، وعلى فرض كونه مرفوعا فهو أيضا لا يعتد به بجانب الأحاديث المثبتة لحل الطيب. قلت : والجواب الصحيح عنه أنه وإن كان ظاهره الرفع فهو لا يصلح للمعارضة المذكورة لوجهين : الأول : أنه ضعيف السند كما سبق بيانه. الثاني : أنه لوصح سنده فهو عند التعارض مرجوح من حيث الدلالة، لأنه وإن كان ظاهرا في الرفع فليس نصا فيه بخلاف حديث عائشة المشار إليه فإنه صريح في ذلك. والله أعلم. 1060 - " لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن أن تطغيهن، ولن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه ابن ماجه ( 1859 ) والبيهقي ( 7/80 ) عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره. قلت : وهذا إسناد ضعيف من الإفريقي، وقد مضى في أول السلسلة، وقال البوصيري في " الزوائد " ( ق 117/1 ) ما ملخصه : هذا إسناد ضعيف، فيه الإفريقي واسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني وهو ضعيف، وعنه رواه ابن أبي عمر وعبد بن حميد في " مسنديهما "، وكذا رواه سعيد بن منصور، وله شاهد في " " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي هريرة وأما ما نقله السندي في " حاشيته "، وتبعه محمد فؤاد عبد الباقي عن " الزوائد " أنه قال بعد تضعيفه للإفريقي : والحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " بإسناد آخر. فهذا ليس في نسختنا من " الزوائد "، وهو يوهم أن الحديث بهذا المتن عند ابن حبان وعن ابن عمرو، وليس كذلك، وإنما عنده حديث أبي سعيد الخدري : " تنكح المرأة على مالها... " الحديث نحوحديث أبي هريرة الذي اعتبره البوصيري شاهدا لهذا وليس كذلك، لأنه لا يشهد إلا لجملة التزوج على الدين، فإنه بلفظ : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ". أخرجه الشيخان وأصحاب السنن إلا الترمذي والبيهقي وغيرهم، وهو مخرج في " الإرواء " ( 1783 )، و" غاية المرام " ( 222 ). وفي حديث أبي سعيد : " وخلقها " بدل الحسب، وقال : " فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك ". أخرجه ابن حبان ( 1231 ) والحاكم ( 2/161 ) وابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7/49/2 ) وقال الحاكم : صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وإنما هو حسن فقط. 1114 - " لعن صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال الذي يقول : لا يتزوج ! والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى استبان ذلك على وجوههم، وقال : البائت وحده ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا التمام. أخرجه أحمد ( 2/287 و289 ) والعقيلي في " الضعفاء " ( ص 196 ) عن طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال : فذكره. أورده العقيلي في ترجمة الطيب هذا وقال : " يخالف في حديثه ". وقال الذهبي : " لا يكاد يعرف، وله ما ينكر ". ثم ذكر له هذا الحديث. وقال الحافظ في " التعجيل " : " ضعفه العقيلي، وقال أبو حاتم : لا يعرف، ووثقه ابن حبان. أخرج البخاري حديثه ( يعني هذا ) فقال : لا يصح ". وما نقله الحافظ عن البخاري هو في " التاريخ الكبير " له ( 2/2/362 ). ومما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب " ( 3/106 ) : " رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلا طيب بن محمد، وفيه مقال، والحديث حسن ". أنه بعيد عن شهادة أئمة الجرح والتعديل في الطيب هذا وفي حديثه، ولذلك خرجته. |
1117 - " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه النسائي في " عشرة النساء " ( 2/99/1 ) وابن أبي شيبة ( 7/19/2 ) والحاكم ( 2/178 ) والبيهقي ( 7/235 ) وأحمد ( 6/82 و145 ) من طريق ابن سخبرة عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . إلا أن الحاكم والبيهقي قالا : " صداقا ". وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت : كذا قالا، وابن سخبرة ليس من رجال مسلم ولا أحد من أصحاب الستة غير النسائي، قال الذهبي نفسه : " لا يعرف، ويقال : هو عيسى بن ميمون ". ونحوه في " التهذيب " و" التقريب ". وقال ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 3/287/1 ) في ترجمة عيسى بن ميمون : " روى عن القاسم بن محمد، روى عنه حماد بن سلمة، فسماه ابن سخبرة ". ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال : استعديت على عيسى بن ميمون في هذه الأحاديث عن القاسم بن محمد في النكاح وغيره فقال : لا أعوذ. وقال ابن معين : عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة، ليس بشيء. وقال أبي : هو متروك الحديث. وقال الهيثمي في " المجمع " ( 4/255 ) : " رواه أحمد والبزار، وفيه ابن سخبرة، يقال : اسمه عيسى بن ميمون، وهو متروك ". قلت : لكن وقع مسمى في رواية الحاكم فقال : " عمر بن طفيل بن سخبرة المدني ". ومن طريق الحاكم رواه البيهقي، لكن وقع عنده " عمرو " بالواو، وسواء كان " عمر " أو" عمرا " فلم أجد من ذكره، فتصحيحه على شرط مسلم وهم، لأنه غير معروف كما تقدم عن الذهبي، فإن كان هو عيسى بن ميمون المدني كما جزم ابن أبي حاتم فهو واه جدا. ومنه يعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/131 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) بعدما عزاه لأحمد والبيهقي : " وإسناده جيد "، غير جيد. وبعد كتابة ما تقدم رأيت الحديث قد أخرجه أبو مسعود أحمد بن الفرات في " أحاديثه ( ق 39/1 ) عن ابن سخبرة وسماه " الطفيل ". وكذلك رواه مسمى الخطيب في " الموضح " ( 1/174 ) من طرق عن الطفيل. ورواه هو والقضاعي في " مسند الشهاب " ( 2/2 /2 ) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم به. وتابعه عند الخطيب موسى بن تليدان. ولم أعرفه، وأما تسميته ابن سخبرة بـ " الطفيل " فهو خطأ بين لأن الطفيل بن سخبرة صحابي وهو أخوعائشة لأمها. ويغني عن هذا الحديث حديث عائشة الآخر بلفظ : " إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها، وتيسير رحمها ". أخرجه ابن حبان والحاكم وغيرهما بسند حسن كما بينته في " الإرواء " ( 1986 ). 1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. رواه الواحدي في " الوسيط " ( 2/115/2 ) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت : وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي : " حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ". قلت : يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم ( 434 ). والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) : " رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ". قلت : فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/410/1228 ) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال : " قال أبي : هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ". 1124 - " كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال علي ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. أخرجه الترمذي ( 2/319 ) والحاكم ( 3/155 ) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : فذكره. وقال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". وقال الحاكم : " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي !! قلت : عبد الله بن عطاء، قال الذهبي نفسه في " الضعفاء " : " قال النسائي : ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء ويدلس ". قلت : وقد عنعن إسناد هذا الحديث، فلا يحتج به لوكان ثقة، فكيف وهو صدوق يخطىء ؟ ! ثم إن الراوي عنه جعفر بن زياد الأحمر، مختلف فيه، وقد أورده الذهبي أيضا في " الضعفاء " وقال : " ثقة ينفرد، قال ابن حبان : في القلب منه ! ! ". وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يتشيع ". قلت : فمثله لا يطمئن القلب لحديثه، لا سيما وهو في فضل علي رضي الله عنه ! فإن من المعلوم غلوالشيعة فيه، وإكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت ! وإنما حكمت على الحديث بالبطلان من حيث المعنى لأنه مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحب النساء والرجال إليه كما يأتي. وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنه، وهو باطل عنها أيضا، يرويه جميع ابن عمير التيمي قال : " دخلت مع عمتي ( وفي رواية : أمي ) على عائشة، فسئلت : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : فاطمة، فقيل : من الرجال ؟ قالت : زوجها ". أخرجه الترمذي ( 2/320 ) والحاكم ( 3/154 ) من طريقين عن جميع به والسياق للترمذي وقال : " حديث حسن غريب ". وقال الحاكم - والرواية الأخرى له - : " صحيح الإسناد " ! ورده الذهبي فأحسن : " قلت : جميع متهم، ولم تقل عائشة هذا أصلا ". ويؤيد قوله شيئان : الأول : أنه ثبت عن عائشة خلافه، فقال الإمام أحمد ( 6/241 ) : حدثنا عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق، قال : قلت لعائشة : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : عائشة، قلت : فمن الرجال ؟ قالت : أبوها ". قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح. والآخر : أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، من رواية عمرو بن العاص قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة، قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها، ثم من ؟ قال : عمر. فعد رجالا ". أخرجه الشيخان وأحمد ( 4/203 ). وله شاهد من حديث أنس قال : " قيل : يا رسول الله، أي الناس... " دون قوله : " ثم من... ". أخرجه ابن ماجه ( 101 ) والحاكم ( 4/12 ) وقال : " صحيح على شرط الشيخين ". وهو كما قال : " وشاهد آخر، فقال الطيالسي ( 1613 ) : حدثنا زمعة قال : سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة، فأرسلت جاريتها : انظري ما صنعت، فجاءت فقالت : قد قضت، فقالت : يرحمها الله، والذي نفسي بيده، قد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أباها ". قلت : وهذا الإسناد لا بأس به في الشواهد. قلت : وكون أبي بكر رضي الله عنه أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم هو الموافق لكونه أفضل الخلفاء الراشدين عند أهل السنة، بل هو الذي شهد به علي نفسه رضي الله عنه، برواية أعرف الناس به ألا وهو ابنه محمد بن الحنفيه قال : " قلت لأبي : أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر، قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر.. " الحديث. أخرجه البخاري ( 2/422 ). فثبت بما قدمنا من النصوص بطلان هذا الحديث. والله المستعان. ( فائدة ) : وأما ما روى الحاكم ( 3/155 )، قال : " حدثنا مكرم بن أحمد القاضي : حدثنا أحمد بن يوسف الهمداني : حدثنا عبد المؤمن ابن علي الزعفراني : حدثنا عبد السلام بن حرب عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه، أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا فاطمة والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، والله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وسلم أحب إلي منك ". وقال : " صحيح الإسناد على شرط الشيخين ". وقال الذهبي : " قلت : غريب عجيب ". فأقول : أما أنه على شرط الشيخين، فوهم لا شك فيه، لأن من دون عبد السلام بن حرب لم يخرجا لهم، وعبد السلام بن حرب ليس من شيوخهما. وأما أنه صحيح، ففيه نظر، والعلة عندي تتردد بين عبد السلام، وعبد المؤمن فالأول، وإن كان من رجال الشيخين، فقد اختلفوا فيه، ووثقه الأكثرون، وقال الحافظ : " ثقة حافظ، له مناكير ". وأما عبد المؤمن، فلم أر من وثقه توثيقا صريحا، وغاية ما ذكر فيه ابن أبي حاتم ( 3/1/66 ) أن الإمام مسلما قال : " سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه، وقال : لولا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب ؟ ". والله أعلم. |
1233 - " عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا، وتزيدها أمتي بخلة : إتيان الرجال بعضهم بعذا، ورميهم بالجلاهق والخذف، ولعبهم بالحمام، وضرب الدفوف، وشرب الخمور، وقص اللحية، وطول الشارب، والصفير، ولباس الحرير، وتزيدها أمتي بخلة : إتيان النساء بعضهن بعضا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عساكر في " التاريخ " ( 14/320/1 - 2 ) عن إسحاق بن بشر. أخبرني سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرفوعا. قلت : وإسحاق هذا كذاب، سواء كان هو البخاري صاحب " كتاب المبتدأ " أو الكاهلي الكوفي، فكلاهما كذاب وضاع، والعجب من السيوطي كيف يخفى عليه هذا ؟ فأورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم يتعقبه بشيء ! وروي بعضه موقوفا على أنس، أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1/62 ) من طريق أبي عمران سعيد بن ميسرة البكري الموصلي عن أنس بن مالك أنه دخل عليه شاب قد سكن عليه شعره فقال هل : مالك والسكينة ؟ ! افرقه أوجزه، فقال له رجل : يا أبا حمزة ! فيمن كانت السكينة ؟ قال : في قوم لوط، كانوا يسكنون شعورهم، ويمضغون العلك في الطرق والمنازل، ويخذفون، ويفرجون أقبيتهم إلى خواصرهم. قلت : وهذا موضوع أيضا، سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان وقال ابن حبان : " يروي الموضوعات ". وقال الحاكم : " روى عن أنس موضوعات ". قلت : وهذا الحديث والذي قبله مما سود به الشيخ الغماري كتابه " مطابقة الاختراعات العصرية " ( ص 61 و62 ) وكم له من مثلهما في هذا الكتاب الذي لو اقتصر فيه على ما صح عنه صلى الله عليه وسلم لكان آية في بابه. وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو موضوع أيضا وهو : " عشرة من أخلاق قوم لوط : الخذف في النادي، ومضغ العلك، والسواك على ظهر الطريق، والصفر، والحمام، والجلاهق، والعمامة التي لا يتلحى بها، والسكينة، والطريف بالحناء، وحل أزرار الأقبية، والمشي في الأسواق والأفخاذ بادية ". أخرجه الديلمي ( 2/301 ) عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قلت : وهذا موضوع، إسماعيل هذا كذاب. وجويبر متروك. 1430 - " ليس للنساء سلام ولا عليهن سلام ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8/58 ) : حدثت عن أبي طالب : حدثنا علي بن عثمان النفيلي : حدثنا هشام بن إسماعيل العطار : حدثنا سهل بن هشام عن إبراهيم ابن أدهم عن الزبيدي عن عطاء الخراساني يرفع الحديث قال : فذكره. قال الزبيدي : أخذ على النساء ما أخذ على الحيات : أن ينحجرن في بيوتهن ! قلت : وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه في أعلاه، وفي أدناه على جهالة فيه وضعف . أما الأول : فلأن عطاء الخراساني، قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق، يهم كثيرا، ويرسل ويدلس، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ". يعني ومائة، فهو تابعي صغير. وأما الآخر، فظاهر من قول أبي نعيم : " حدثت عن أبي طالب " فلم يذكر الذي حدثه، وأبو طالب هذا هو ابن سوادة كما في إسناد آخر قبل هذا، ولم أعرفه. وبقية الرجال ثقات غير سهل بن هشام، فلم أعرفه أيضا. لكن الظاهر أن فيه خطأ مطبعيا، والصواب سهل بن هاشم وهو الواسطي البيروتي، فقد ذكروا في ترجمته أنه روى عن إبراهيم بن أدهم، وهو ثقة. والله أعلم. 1486 - " آمروا النساء في بناتهن ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أبو داود ( 1/327 ) وعنه البيهقي ( 7/115 ) من طريق إسماعيل بن أمية : حدثني الثقة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره. قلت : وهذا إسناد ضعيف لجهالة " الثقة "، فإن مثل هذا التوثيق لشخص مجهول العين عند غير الموثق غير مقبول كما هو مقرر في " الأصول " ؛ ولذلك فرمز السيوطي لحسنه غير حسن إن صح ذلك عنه، فإن المناوي قد نص في مقدمة " فيض القدير " على ما يجعل الواقف على الرموز لا يثق بها، ومع ذلك فكثيرا ما يقول : كما قال في هذا الحديث : " ورمز المؤلف لحسنه " ! ويقره وهو غير مستحق له ، كما ترى، بل قلده فيه في الكتاب الآخر فقال في " التيسير " : ".. بإسناد حسن " ! 1490 - " جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق ؟ لا تنبغي الصنيعة إلا لذي حسب أودين، وجئتم تسألوني عن الرزق وما يجلبه على العبد ؟ فاستجلبوه واستنزلوه بالصدقة ، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء ؟ فإن جهاد الضعفاء الحج والعمرة، وجئتم تسألوني عن جهاد النساء ؟ وإن جهاد المرأة حسن التبعل، وجئتم تسألوني عن الرزق ؟ ومن يأتي ؟ وكيف يأتي ؟ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " ( 99/1 ) ومن طريقه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 48/1 ) : نا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي : نا جدي حرملة قال : حدثني عمر بن راشد المدني قال : حدثني مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : " احتج أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فتماروا في شيء، فقال لهم علي : انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : جئنا يا رسول الله نسألك عن شيء، فقال : إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم أخبرتكم بما جئتم له، قالوا : أخبرنا، قال : " فذكره. قلت : وهذا إسناد واه جدا، عمر بن راشد المدني ؛ هو أبو حفص الجاري : قال أبو حاتم : " وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي : " منكر الحديث ". وأحمد بن طاهر، قال الدارقطني : " كذاب ". قال الذهبي : " وأتى بحديث منكر متنه ( أبى الله أن يرزق المؤمن إلا من حيث لا يعلم ) ". قلت : وأخرجه الحاكم في " تاريخه " بإسناده عن عمر بن خلف المخزومي : حدثنا عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما جالسا في مجلسه، فاطلع علي بن أبي طالب.. ". قلت : فذكره، وقال الحاكم : " هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المديني عزيز الحديث جدا ". قلت : هو مختلف فيه، وإنما الآفة من عمر بن راشد، وقد عرفت حاله، ومن طريقه أخرج الديلمي ( 1/1/80 ) الجملة الأخيرة منه. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2/152 - 153 ) من طريق ابن حبان، وهذا في " الضعفاء " ( 1/147 ) بسنده عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب قال : حدثني مالك عن جعفر بن محمد به، وقالا : " موضوع، آفته أحمد بن داود بن عبد الغفار ". وقال السيوطي عقبه في " اللآلي " ( 2/71 ) : " وقال ابن عبد البر : هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن، لكنه منكر عندهم عن مالك، لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه ". ثم ذكر له السيوطي طريقا أخرى عن علي وفيها هارون بن يحيى الحاطبي، ذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال ابن عبد البر : " لا أعرفه ". وقال البيهقي : " لا أحفظه على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ". |
1564 - " قال إبليس لربه عز وجل : يا رب ! قد أهبط آدم ، وقد علمت أنه سيكون له كتاب ورسل ، فما كتابهم ورسلهم ؟ قال الله عز وجل : رسلهم الملائكة ، والنبيون منهم ، وكتبهم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان . قال : فما كتابي ؟ قال : كتابك الوشم وقرآنك الشعر ورسلك الكهنة وطعامك ما لم يذكر اسم الله عز وجل عليه ، وشرابك من كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك الحمام ومصائدك النساء ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " ( ص 155 ) من طريق الطبراني ، وهذا في " المعجم الكبير " ( 3 / 112 / 2 ) قال : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا يحيى ابن بكير قال : حدثني يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، وقال : " تفرد به يحيى بن صالح " . قلت : قال العقيلي : " روى عن إسماعيل عن عطاء مناكير " . وقال ابن عدي : " أحاديثه غير محفوظة " . قلت : وقد ثبت من الحديث قوله : " وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه " . صح ذلك من طريق أخرى عن ابن عباس ، وقد خرجته في الكتاب الآخر ( 708 ) . 1601 - " سحاق النساء زنا بينهن " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الهيثم بن خلف الدوري في " ذم اللواط " ( 160 / 2 ) وابن عدي ( ق 290 / 2 ) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " ( ص 200 ) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به . قلت : وهذا إسناد واه بمرة ، عنبسة هذا متهم بالوضع ، وتابعه سليمان بن الحكم بن عوانة عن العلاء بن كثير عن مكحول به . أخرجه الخطيب ( 90 / 30 ) . لكن سليمان هذا ، قال ابن معين : " ليس بشيء " . وقال النسائي : " متروك " . ثم إن العلاء بن كثير ليس خيرا منه ، فقد قال أبو زرعة : " ضعيف الحديث ، واهي الحديث ، يحدث عن مكحول عن واثلة بمناكير " . وقال أبو حاتم : " منكر الحديث ، هو مثل عبد القدوس بن حبيب وعمر بن موسى الوجيهي في الضعفاء " . قلت : وهذان الأخيران كذابان ، وقال ابن حبان : " يروي الموضوعات عن الأثبات " . وقد تابعه أيوب بن مدرك ، ولكنه متروك ، وفي حديثه زيادة في أوله ، ولفظه يذكر بعده . وتابعه بكار بن تميم ، وعنه بشر بن عون ، مجهولان ، ولفظهما أتم كما يأتي . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " ، في موضعين منه من رواية الطبراني في " الكبير " عن واثلة . وقال شارحه المناوي : " قال الهيثمي : رجاله ثقات " . لكن أورده الذهبي في " الكبائر " ولم يعزه لمخرج ، بل قال : " يروى " ، ثم قال : " وهذا إسناد لين " . ثم إن السيوطي أورده في الموضع الأول بلفظ الترجمة : " سحاق ..." ، وفي الموضع الآخر : " السحاق .." بالتعريف . وهذا اللفظ للطبراني بخلاف الأول فليس عنده ، وإنما لأبي يعلى وغيره ، وهو في " مسنده " ( 4 / 1806 ) و" كبير الطبراني " ( 22 / 63 / 153 ) من طريق بقية بن الوليد عن عثمان بن عبد الرحمن القرشي قال : حدثني عنبسة بن سعيد القرشي عن مكحول به . وقد أورده الهيثمي ( 6 / 256 ) باللفظين ، وعزا كل واحد لمن ذكرنا ، وقال : " ورجاله ثقات " . وتعقبه صاحبنا الشيخ السلفي في " تعليقه على الطبراني " بقوله : " قلت : كيف يكون " رجاله ثقات " وفيهم عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو متروك ، وكذبه ابن معين . وعنبسة ضعيف ؟! " . وأقول : عثمان هذا ليس هو الوقاصي . بل هو الحراني المعروف بالطرائفي ، فإنه هو الذي يروي عن عنبسة بن سعيد القرشي وعنه بقية بن الوليد ، وهو من أقرانه كما في " تهذيب الحافظ المزي " ، وإذا عرف هذا ، فالتوثيق الذي ذكره الهيثمي له وجه ، لولا أن الطرائفي قد ضعف ، لكن بسبب لا ينافي صدقه كما يستفاد من ترجمته في " التهذيب " وغيره ، وقد لخصها الحافظ في " التقريب " بقوله : " صدوق ، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، فضعف بسبب ذلك ، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب ، وقد وثقه ابن معين " . وعنبسة بن سعيد هو القرشي ، كما هو صريح رواية أبي يعلى وهو ثقة ، وتوهم الشيخ أنه القطان الواسطي ، فضعفه ، فالعلة عنعنة بقية ومكحول أيضا. ومما يؤكد أن عثمان هذا ليس هو الوقاصي ، أنه لا يروي عن مكحول إلا بواسطة عنبسة هذا ، والوقاصي يروي عن مكحول مباشرة كما في " الضعفاء " لابن حبان وغيره . 1602 - " لا تذهب الدنيا حتى يستغني النساء بالنساء ، والرجال بالرجال ، والسحاق زنا النساء فيما بينهن " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا . أخرجه تمام في " الفوائد " ( 184 / 2 ) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " ( 1 / 207 / 1 ) وابن عساكر في " التاريخ " ( 3 / 142 / 2 ) من طريق أيوب ابن مدرك عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به . قلت : وأيوب هذا متفق على تضعيفه ، بل قال ابن معين : " كذاب " . وقال أبو حاتم والنسائي : " متروك " . وقال ابن حبان : " روى عن مكحول نسخة موضوعة " . قلت : وتابعه بشر بن عون الشامي عن بكار بن تميم عن مكحول به . أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 190 ) ، وقال : " بشر له نسخة فيها ستمائة حديث ، كلها موضوعة ، منها هذا الحديث " . وأقره السيوطي في " ذيل الموضوعات " ( ص 150 / 749 - بترقيمي ) . وتابعه العلاء بن كثير مختصرا ، لكن السند إليه لا يصح ، كما بينته في الحديث السابق . 1614 - " كان يلعن القاشرة ، والمقشورة " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 250 ) : حدثنا عبد الصمد قال : حدثتني أم نهار بنت رفاع قالت : حدثتني آمنة بنت عبد الله أنها شهدت عائشة ، فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 169 ) : " وفيه من لم أعرفه من النساء " . قلت : يعني آمنة ، وأم نهار . أما آمنة ، فهي القيسية ، أوردها الحسيني ، وقال : " روى عنها جعفر بن كيسان ، لا تعرف " . فقال الحافظ في " التعجيل " : " قد روى أحمد من طريق أم نهار ... حديثا آخر ... فيكون لها راويان " . قلت : وذلك مما لا يخرجها عن الجهالة الحالية ، كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم الشريف . وأما أم نهار فلم أجد من ترجمها ، وهي على شرط الحافظ في " التعجيل " ، ولكنه ذهل ، فلم يوردها . وقد روي الحديث موقوفا من طريق أخرى ، أخرجه أحمد ( 6 / 210 ) عن كريمة بنت همام قالت : سمعت عائشة تقول : " يا معشر النساء ! إياكن وقشر الوجه . فسألتها امرأة عن الخضاب ؟ فقالت : لا بأس بالخضاب ، ولكني أكرهه ، لأن حبيبي صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه " . وأخرجه أبو داود ( 4164 ) والنسائي ( 2 / 280 ) دون ذكر القشر . وهذا إسناد ضعيف أيضا ، رجاله ثقات غير كريمة هذه ، فلم يوثقها أحد ، وقد روى عنها جماعة ، وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبولة " . يعني عند المتابعة ، وإلا فلينة الحديث . والحديث أورده ابن الجوزي في " الباب الحادي والسبعون " من " الزوائد على كتاب البر والصلة " ( ق 3 / 1 ) بلفظ : " وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن السالقة والحالقة والخارقة والقاشرة " . ولم يعزه لأحد ، ولا ساق إسناده كما هي عادته فيه ، وفي كثير من مصنفاته ! ثم قال : " القاشرة ، هي التي تقشر وجهها بالدواء ليصفولونها " . وفي " القاموس " : " القشور - كصبور - دواء يقشر به الوجه ليصفو" . وفي " النهاية " : " القاشرة التي تعالج وجهها ، أووجه غيرها بالغمرة ليصفولونها ، والمقشورة التي يفعل بها ذلك ، كأنها تقشر أعلى الجلد ". و( الغمرة ) بالضم : الزعفران . كما في " القاموس " . وبالجملة ، فالحديث ضعيف الإسناد مرفوعا وموقوفا ، والوقف أصح ، والله أعلم . وكان الداعي إلى كتابة هذا ، أنني رأيت العلامة المودودي في " تفسير سورة النور " ( ص 192 ) ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والقاشرة والمقشورة ... " . ثم قال بعد سطور : " وهذه الأحكام مروية بطرق صحيحة في " الصحاح الستة " و" المسند " للإمام أحمد ، عن أجلاء الصحابة منهم عائشة و... " . قلت : فهذا الإطلاق ، لما كان يوهم صحة إسناد حديث المسند عن عائشة ، وكان الواقع خلاف ذلك ، وأنه ضعيف ، كما رأيته محققا ، رأيت أنه لابد من نشره نصحا للأمة ، وراجيا من كل باحث فقيه أن لا يقيم أحكاما شرعية على أحاديث غير ثابتة . والله المستعان . 1715 - " ابكين ، وإياكن ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة ، ومهما يكن من اليد واللسان ، فمن الشيطان " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه أحمد ( 1 / 237 و335 ) وابن سعد في " الطبقات " ( 8 / 24 - أوربا ) عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : " لما ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون ، فبكت النساء على رقية ، فجاء عمر بن الخطاب فجعل يضربهن بسوطه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم قال : دعهن يا عمر يبكين ، ثم قال : ( فذكره ) ، فقعدت فاطمة على شفير القبرإلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعلت تبكي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه " . قلت : وهذا سند ضعيف ، علي بن زيد هو ابن جدعان ، جزم الحافظ في " التقريب " أنه " ضعيف " . 1716 - " ابن أختكم منكم وحليفكم منكم ومولاكم منكم ، إن قريشا أهل صدق وأمانة ، فمن بغى لها العواثر ، أكبه الله في النار لوجهه " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 75 ) والسري بن يحيى في : " حديث الثوري " ( 200 / 2 ) وابن أبي عاصم في " السنة " ( 147 / 2 ) والحاكم ( 4 / 73 ) وأحمد ( 4 / 340 ) والشافعي الشطر الثاني منه ( 1845 - ترتيبه ) من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعه عن أبيه عن جده قال : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فقال : هل فيكم من غيركم ؟ قالوا : لا ، إلا ابن أختنا وحليفنا ومولانا ، فقال : .... " فذكره . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي ! وهو القائل في إسماعيل هذا : " ما علمت روى عنه سوى عبد الله بن عثمان بن خثيم " . ولهذا قال الحافظ " مقبول " . يعني عند المتابعة ، وإلا فلين الحديث . قلت : وقد وجدت للشطر الثاني منه شاهدا من حديث جابر مرفوعا به ، إلا أنه قال : " إلا كبه الله عز وجل لمنخريه " . أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 3 / 320 / 1 - 2 ) من طريق المسور بن عبد الملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع المخزومي عن زيد بن عبد الرحمن بن عمرو بن نفيل - من بني عدي - عن أبيه قال : " جئت جابر بن عبد الله الأنصاري في فتيان من قريش ، فدخلنا عليه بعد أن كف بصره ، فوجدنا حبلا معلقا في السقف ، وأقراصا مطروحة بين يديه أو خبزا ، فكلما استطعم مسكين قام جابر إلى قرص منها ، وأخذ الحبل حتى يأتي المسكين فيعطيه ، ثم يرجع بالحبل حتى يقعد ، وقلت له : عافاك الله ! نحن إذا جاء المسكين أعطيناه ، فقال : إني أحتسب المشي في هذا ، ثم قال : ألا أخبركم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : بلى ، قال : سمعته يقول : فذكره " . قلت : وهذا سند ضعيف ، من دون جابر لم أعرفهم ، غير المسور بن عبد الملك ترجمه ابن أبيه حاتم ( 4 / 1 / 298 ) من رواية جمع من الثقات ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وفي " الميزان " عن الأزدي : " ليس بالقوي " . قلت : فهذا القدر من الحديث حسن بمجموع الطريقين ، ولذلك أوردته في " الصحيحة " ( 1688 ) كما أخرجت في ( 776 ) الجملة الأولى منه ، والجملة الثالثة ( 1613 ) . والله أعلم . |
1858 - " كان يصافح النساء وعلى يده ثوب " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " ( 3 / 24 / 1 ) من طريق سفيان عن منصور عن إبراهيم مرفوعا ، وعن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم مرفوعا نحوه . قلت : وهذان إسنادان مرسلان . ورواه أبو داود في " المراسيل " ( ق 19 / 1 ) بسند صحيح عن الشعبي : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتي ببرد قطري ، فوضعه على يده ، وقال : لا أصافح النساء " . وسكت عنه الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( 4 / 169 / 140 ) . قلت : و قد وقفت عليه موصولا ، ولكنه واه ، أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 5 - من " زوائد المعجمين " ) من طريق عتاب بن حرب أبي بشر المري : أنبأنا المضاء الخراز عن يونس بن عبيد عن الحسن عن معقب بن يسار مرفوعا : " كان يصافح النساء من تحت الثوب " . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، عتاب هذا ضعفه الفلاس جدا . و قال ابن حبان : " كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات على قلته ، فلا يحتج به " . والمضاء هذا أورده ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 403 ) بهذه الرواية له وعنه ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . والحسن هو البصري ، وكان مدلسا . والحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 39 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ، وفيه عتاب بن حرب ، وهو ضعيف " ، وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء ! لكنه قوله : " لا أصافح النساء " . صحيح ، له شواهد في " عبد الرزاق " ( 20685 ) وغيره ، فانظر " الصحيحة " ( 529 ) 1995 - " اتقوا محاش النساء " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا . الديلمي ( 1 / 1 / 45 ) عن عبد الرحمن بن إبراهيم : حدثنا ابن أبي فديك عن علي بن أبي علي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا . بيض له الحافظ ، وإسناده ضعيف ، علي هذا وهو اللهبي المدني : " قال أحمد : له مناكير . وقال أبو حاتم والنسائي : متروك . وقال ابن معين : ليس بشيء " . كذا في " الميزان " ، وساق له من مناكيره أحاديث هذا أحدها . 2017 - " لا تسكنوهن الغرف ، ولا تعلموهن الكتابة ، وعلموهن المغزل وسورة النور " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 2/302 ) ، والخطيب ( 14/224 ) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/477 - 478/2454 ) من طريق محمد بن إبراهيم أبي عبد الله الشامي : حدثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا . وقال البيهقي : " وهو بهذا الإسناد منكر " . قلت : وهو عندي موضوع ، محمد بن إبراهيم هذا ؛ قال الدارقطني : " كذاب " . وقال ابن عدي : " عامة أحاديثه غير محفوظة " . وقال ابن حبان : " لا تحل الرواية عنه إلا عند الاعتبار ، كان يضع الحديث " . قال الذهبي في " الميزان " : " صدق الدارقطني رحمه الله ، وابن ماجه ؛ فما عرفه " . يعني : ولذلك روى عنه . ثم ساق له أحاديث ، هذا منها . قلت : وقد تابعه من هو مثله ، وهو عبد الوهاب بن الضحاك ، ولعل أحدهما سرقه من الآخر . أخرجه الحاكم ( 2/396 ) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " ( 2453 ) عنه : حدثنا شعيب بن إسحاق به . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ورده الذهبي بقوله : " بل موضوع ، وآفته عبد الوهاب ، قال أبو حاتم : كذاب " . ثم رأيت في ترجمته من " الميزان " أن ابن حبان قال فيه : " كان محمد يسرق الحديث " . فيترجح أنه هو الذي سرقه من الكذاب الأول . وقال المناوي في " الفيض " ( 3/488 ) : " وخرجه البيهقي في " الشعب " عن الحاكم ، ثم خرجه بإسناد آخر بنحوه وقال : هو بهذا الإسناد منكر . قال المؤلف ( السيوطي ) : فعلم منه أنه بغير هذا الإسناد غير منكر ، وبه رد على ابن الجوزي دعواه وضعه " . قلت : وهذا تعقب لا طائل تحته ، لأن كلام البيهقي ليس نصا فيما ذهب إليه السيوطي ، ولوكان ما ذهب إليه صوابا ، كان وجد في الحفاظ من أبدى لنا ذلك الإسناد ليرد به على النقاد ، كابن الجوزي والذهبي وغيرهم . وتمام كلام المناوي : " نعم ، قال الحافظ ابن حجر في " الأطراف " بعد قول الحاكم : صحيح . بل عبد الوهاب أحد رواته ؛ متروك " . قلت : فلوكان هناك لهذا الحديث إسناد خير من هذا لما سكت الحافظ ، ولبينه كما هي العادة ، فذلك كله يدل على أن كلام البيهقي رحمه الله لا مفهو م له ، والله أعلم . وللقطعة الأخيرة من الحديث شاهد بإسناد ضعيف ، بلفظ : " علموا رجالكم سورة المائدة ، وعلموا نساءكم سورة النور " . وسيأتي تخريجه في المجلد الثامن برقم ( 3879 ) . ومن العجائب أن يذهل عن حال هذا الحديث جماعة من المتأخرين ، ويذهبوا إلى تصحيحه تصريحا أوتلويحا ، فقد سئل عنه ابن حجر الهيتمي هل هو صحيح أوضعيف ؟ فأجاب بقوله : " هو صحيح ، فقد روى الحاكم وصححه ، والبيهقي عن عائشة رفعه " . قلت : فذكره ، وكأنه اغتر بتصحيح الحاكم إياه ، وغفل عن تعقب الذهبي والحافظ ابن حجر له . وقال الإمام الشوكاني في " النيل " ( 8/177 ) عند شرح حديث الشفاء بنت عبد الله قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة ، فقال : " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ؟ " . وهو حديث صحيح الإسناد كما سبق بيانه في الصحيحة برقم ( 178 ) . فقال الشوكاني : " فيه دليل على جواز تعليم النساء الكتابة ، وأما حديث : " ولا تعلموهن الكتابة .. " ، فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من تعليمها الفساد " . أقول : هذه الخشية لا تختص بالنساء ، فكم من رجل كانت الكتابة عليه ضررا في دينه وخلقه ، أفينهى عن الكتابة الرجال أيضا للخشية ذاتها ؟ ! ثم إن التأويل فرع التصحيح ، فكأن الشوكاني توهم أن الحديث صحيح ، وليس كذلك كما علمت ، فلا حاجة للتأويل إذن . وأعجب من ذلك أن ينقل كلام الشيخين المذكورين من طبع تحت اسم كتابه : " حافظ العصر ومحدثه .. مسند الزمان ونسابته ... " (1) ثم يقرهما على ذلك ، ولا يتعقبهما بشيء مطلقا مما يشير إلى حال الحديث وضعفه ، بل وضعه ، وإنما يسود صفحات في تأويل الحديث والتوفيق بينه وبين حديث الشفاء ، بل ويزيد على ذلك بأن أورد آثارا - الله أعلم بثبوتها - عن عمر وعلي في نهي النساء عن الكتابة ، ويختم ذلك بقوله ، وذلك في كتابه " التراتيب الإدارية " ( 1/50 - 51 ) : ولله در السباعي حيث يقول : ما للنساء وللكتا * * * بة والعمالة والخطابة هذا لنا ، ولهن منا * * * أن يبتن على جنابة ! __________ (1) وهو الشيخ عبد الحي بن محمد الكتاني ، ولست أشك في شدة حفظه ، وطول باعه في علم الحديث وغيره من العلوم ، ولكن ظهر لي في هذا الكتاب أن عنايته كانت متوجهة إلى الحفظ دون النقد ، ولذلك وقعت في كتابه هذا أحاديث كثيرة ضعيفة دون أن ينبه عليها ، وليس هذا مجال ذكرها ، بل إنه صحح حديثا لا يرقى إلى أن يكون ضعيفا ، فراجع حديث : " ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته .. " . اهـ . 2018 - " ما من صباح إلا وملكان يناديان : ويل للرجال من النساء ، وويل للنساء من الرجال " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 106/2 ) ، وابن عدي ( 121/1 ) ، والحاكم ( 2/159 و4/559 ) ، وابن أبي الدنيا في " الإشراف في منازل الأشراف " ( 119/32 ) عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ورده الذهبي في الموضعين ، فقال في أحدهما : " قلت : خارجة ضعيف " . وقال في الموضع الآخر : " خارجة واه " . وقال الحافظ في " التقريب " : " هو متروك ، وكان يدلس عن الكذابين " . قلت : وقد عنعنه هنا كما ترى ، فالحديث ضعيف جدا . حدثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، طلحة هذا متروك ؛ متهم بالوضع . وقد تقدم نحوه من حديث عائشة ، وفي سنده كذاب ( 1816 ) . 2022 - " استعينوا على النساء بالعري " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه ابن عدي في " الكامل " ( 13/1 و1/313 - ط ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 2/223/2/8452 - بترقيمي و9/133/8283 - ط ) عن إسماعيل بن عباد المزني : حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا ، وقال ابن عدي : " وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر ، لا يرويه عن سعيد غير إسماعيل هذا ، وليس بذلك المعروف " . قلت : وقال الدارقطني : " متروك " . وقال ابن حبان : " لا يجوز الاحتجاج به بحال " . وأعله الهيثمي ( 5/138 ) بشيخ الطبراني : موسى بن زكريا : ضعيف . قلت : وهو مردود ، فإنه متابع عند ابن عدي ، والعلة ما ذكرنا . ورواه العقيلي بلفظ آخر : " إن من النساء عيا ... " ، فانظر رقم ( 2389 ) . وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي بزيادة : " فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها وأحسنت زينتها أعجبها الخروج " . وليست هذه الزيادة عند ابن عدي في ترجمة إسماعيل هذا . وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 4/420 ) عن عمر أنه قال : " استعينوا على النساء بالعري ، إن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج " . قلت : وفيه أبو إسحاق ، وهو السبيعي مدلس مختلط . وقد روي الحديث مرفوعا من حديث مسلمة بن مخلد نحوه ، وسنده ضعيف جدا أيضا ، وسيأتي تحقيق الكلام عليه في المجلد السادس برقم ( 2827 ) . 2065 - " اتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن إبليس طلاع ورصاد ، صياد ، وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء ، من فخوخه في النساء " . موضوع رواه الديلمي ( 1/1/45 ) عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل مرفوعا . بيض له الحافظ في " مختصره للديلمي " ، وسعيد بن سنان ؛ قال في " التقريب " : " متروك ، رماه الدارقطني وغيره بالوضع " . وقال الذهبي في " الضعفاء " : " هالك " . 2068 - " احملوا النساء على أهو ائهن " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي ( 297/2 ) عن محمد بن الحارث : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا . وقال : " ومحمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ " . ثم قال في ترجمة شيخه ابن البيلماني ( 298/1 ) : " وإذا روى عن ابن البيلماني محمد بن الحارث فجميعا ضعيفان ، والضعف على حديثهما بين " . قلت : وابن البيلماني روى عن أبيه نسخة موضوعة ؛ كما قال ابن حبان . 2144 - " كان إذا اجتلى النساء أقعى وقبل " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن سعد ( 8/146 ) ، والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1/264 - 265 ) عن موسى بن عبيدة : حدثني عمر بن الحكم : حدثني أبو أسيد قال : " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من الجون ، فأمرني أن آتيه بها ، فأتيته بها ، فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ! قد جئتك بأهلك ، فخرج يمشي وأنا معه ، فلما أتاها أقعى ، وأهو ى ليقبلها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتلى ... فقالت : أعوذ بالله منك ، فقال : لقد عذت معاذا ، فأمرني أن أردها إلى أهلها ، ففعلت " . قلت : وهذا إسناد ضعيف من أجل موسى بن عبيدة ، فإنه واه . وأشد من هذا الحديث ضعفا ما أخرجه ابن سعد أيضا ( 8/145 - 146 ) ، والحاكم ( 4/37 ) من طريق محمد بن عمر : أخبرنا هشام بن محمد : حدثني ابن الغسيل عن حمزة ابن أبي أسيد الساعدي عن أبيه - وكان بدريا - قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية ، فأرسلني ، فجئت بها ، فقالت حفصة لعائشة ، أوعائشة لحفصة : اخضبيها أنت ، وأنا أمشطها . ففعلن ، ثم قالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول : أعوذ بالله منك ، فلما دخلت عليه ، وأغلق الباب ، وأرخى الستر مد يده إليها ، فقالت : أعوذ بالله منك ، فقال بكمه على وجهه ، فاستتر به ، وقال : عذت معاذا . ( ثلاث مرات ) . قال أبو أسيد : ثم خرج علي فقال : يا أبا أسيد ، ألحقها بأهلها ، ومتعها برازقيتين . يعني كرباستين ، فكانت تقول : ادعوني الشقية . قلت : سكت عنه الحاكم ، وقال الذهبي : " قلت : سنده واه " . قلت : بل هو بهذا السياق موضوع ، لأن هشام بن محمد ؛ وهو الثعلبي متروك ، ومحمد بن عمر ، وهو الواقدي ؛ كذاب . وقد خولفا في متنه ، فقال البخاري ( 9/311 ) : حدثنا أبو نعيم : حدثنا عبد الرحمن بن غسيل به مختصرا ، وليس فيه ذكر لحفصة وعائشة مطلقا ، ولا قول إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة ... إلخ . وقد استغل عبد الحسين الشيعي هذه الزيادة الموضوعة فطعن بها على السيدة عائشة رضي الله عنها ، فراجع إن شئت كتابه " المراجعات " ( ص 248 ) ، والحديث الآتي برقم ( 4964 ) لتتيقن من موقف هذا الشيعي من أهله صلى الله عليه وسلم . |
2389 - " إن من النساء عيا وعورة ، فكفوا عيهن بالسكوت ، وواروا عوراتهن بالبيوت " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 29 ) ، وكذا ابن حبان ( 1/123 ) من طريق زكريا بن يحيى الخزاز : حدثنا إسماعيل بن عباد قال : حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك مرفوعا . ذكره في ترجمة إسماعيل هذا ، وقال : " حديثه غير محفوظ " . وفي " الميزان " : " قال الدارقطني : متروك ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال " . وأورد له ابن حبان هذا الحديث وغيره ، وقال : " كتبنا عنه نسخة بهذا الإسناد ، ولا تخلوعن المقلوب والموضوع " . وأما زكريا بن يحيى الخزاز ، فهو من رجال البخاري ، قال في " التقريب " : " صدوق له أوهام ، لينه بسببها الدارقطني " . والحديث ذكره ابن حبان أيضا ( 1/120 - 121 ) معلقا من رواية إسماعيل بن مسلم المكي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا نحوه . وقال : " إسماعيل هذا ضعيف ، ضعفه ابن المبارك ، وتركه يحيى القطان وابن معين " .. وأورده ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2/143 ) من الوجهين ، وقال : " لا يصح .. " . ثم ضعف ( الإسماعيلين ) ! ورواه الشجري في " الأمالي " ( 1/44 ) بسند مظلم عن الحسن بن علي رضي الله عنه مرفوعا . 2487 - " التمسوا الرزق بالنكاح " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الواحدي في " الوسيط " ( 3/116/2 ) ، والديلمي ( 1/1/42 ) عن مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا . وقال الحافظ في " مختصر الديلمي " : " مسلم فيه لبس ، وشيخه " ! كذا الأصل ، بيض لشيخه ، ولم أعرفه ، وأما مسلم بن خالد ، فهو المعروف بالزنجي قال في " التقريب " : " صدوق كثير الأوهام " . قلت : وفي معناه حديث : " تزوجوا النساء ، فإنهن يأتين بالمال " ، وسيأتي برقم ( 3400 ) . 2655 - ( حواري من الرجال الزبير ، وحواري من النساء عائشة ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر بهذا التمام أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 6/365 ) من طريق الزبير بن بكار قال : حدثني يحيى بن أكثم عن وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي الخير مرثد بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قال الحافظ في " الفتح " ( 7/80 ) بعدما عزاه للزبير بن بكار : " ورجاله موثقون ، لكنه مرسل " . قلت : وهو مع إرساله منكر المتن عندي ، لأن الجملة الأولى قد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر وغيره من الصحابة ، وهو مخرج في " الصحيحة " ( 1877 ) ، وليس في شيء من طرفه الشطر الثاني منه فكان منكرا . وأيضا فقد صح عن ابن عمر : أنه سمع رجلا يقول : يا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال ابن عمر : إن كنت من آل الزبير ، وإلا فلا . وهومخرج في كتابي " صحيح كشف الأستار " ( المناقب ) ، يسر الله إتمامه . وفي رواية لابن عساكر في " التاريخ " ( 6/365 ) : " فقد كذبت " . لكن في إسناده عبد العزيز بن أبان ، وهو متروك . 2744 - ( مهنة إحداكن في بيتها تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 168/1 ) ، والبزار ( 2/182/1475 ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 1/170/2 ) ، وابن شاهين في " الترغيب ( 313/1 ) ، وأبو الحسن السكري الحربي في " الثاني من الفوائد " ( 164/2 ) عن أبي رجاء الكلبي يعني روح بن المسيب : حدثنا ثابت عن أنس قال : " أتى النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله ، فدلنا على شيء ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ؟ فقال : فذكره . وقال البزار : " لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح ، وهو بصري مشهور " . ومن هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " وقال : " روح بن المسيب يروي الموضوعات عن الأثبات " . وقال ابن معين : " صويلح " . وقال أبو حاتم : " صالح ، ليس بالقوي " . وسكت عنه ابن كثير في " تفسيره " ، واغتر بسكوته الصابوني في " مختصر " مشعرا قراءه بأنه صحيح !! 2781 - ( أشد الحربِ (1) النساء ، وأبعد االلقاء الموت ، وأشد منهما الحاجة إلى الناس ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعف جدا أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 13/120-121 ) وعنه ابن الجوزي في " العلل المنتاهية " ( 2/10/827 ) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " ( 4/106 ) من طريق أبي داود عبد الله بن ضرار بن عمرو عن أبيه عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .. فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ؛ مسلسل بالضعفاء ؛ يزيد الرقاشى وعبد الله ابن ضرار ضعيفان ، ومن بينهما أشد ضعفا ، فقد قال البخاري : " ضرار فيه نظر " وقال أبو نعيم : " له عن يزيد الرقاشي عن أنس عن تميم حديث منكر " __________ (1) وفي بعض الرويات : ( الحزن ) . انظر " فيض القدير " . 2788 - ( أصابتكم فتنة الضراء فصبرتم ، وإن أخوف ما أخاف عليكم فتنة السراء من قبل النساء ؛ إذا تسورن بالذهب ، ولبس ريط الشام وعصب اليمن ، وأتعبن الغني ، وكلفن الفقير ما لا يجد ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا أخرجه الخطيب ( 3/190 ) من طريق عبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي : حدثنا عبد العزيز بن سليمان الحرملي : حدثنا محمد بن قيس البغدادي : حدثنا محمد بن عبيد : حدثنا مسعر عن أشعث عن أبي البقاء عن رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، أورده الخطيب في ترجمة البغدادي هذا ؛ ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث فهو مجهول ، وهو مما فات الذهبي ثم العسقلاني فلم يترجموه ! وأبو البقاء مثله لم يترجموه . ومثله عبد العزيز بن سليمان الحرملي ؛ وقد أورده السمعاني في هذه النسبة (1) ، وقال : " يروي عن يعقوب بن كعب الحلبي ، روى عنه أبو القاسم الطبراني " ! وأما عبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي ؛ فقال الذهبي في " الميزان " : " قال الأزهري : ليس بحجة ، ومنهم من يتهمه " . 2800 - ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أحمد ، وابنه عبد الله في " زائد المسند " ( 2/173 ) كلاهما من طريق شريك عن أبي إسحاق عن السائب بن مالك عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف من أجل شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - وهو سيىء الحفظ . وأبو إسحاق - هو السبيعي - وهو مختلط مدلس وقد عنعنه . وجود المنذري ( 4/85 ) إسناده ؛ فوهم . نعم الحديث صحيح ، لكن بدون قوله : " الأغنياء " ، فقد ثبت عن جمع من الصحابة حاشا هذه الزيادة ، منهم عمران بن حصين ؛ عند البخاري ( 9/245 و 11/233 - فتح ) ، وأحمد ( 4/429 و 443 ) ، والترمذي ( 3/349 - تحفة ) وقال : " حديث حسن صحيح " . وهو عند مسلم ( 8/88 ) مختصرا بلفظ : " إن أقل ساكني الجنة النساء " . ومنهم عبد الله بن عباس ؛ عند أحمد ومسلم ، وعلقه البخاري ( 11/233 ) ، وصححه الترمذي . ومنهم أبو هريرة ؛ عند أحمد ( 2/297 ) بإسناد صحيح . ومنهم أسامة بن زيد مرفوعا بلفظ : " قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين ... " الحديث نحوه . أخرجه الشيخان . فالحديث بهذه الزيادة منكر لتفرد هذا الإسناد الضعيف بها . نعم قد رويت من طريق أخرى ، ولكنها واهية جدا ، أخرجه أحمد ( 5/259 ) من طريق مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا نحوه . وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء ؛ من دون القاسم ، وبعضهم أشد ضعفا من بعض . 2802 - ( مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم ، قيل : وما الغراب الأعصم ؟ قال : الذي إحدى رجليه بياض ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8/237 - 238/7817 ) من طريق مطرح عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا . قلت : وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن يزيد وهو الألهاني ؛ وقد مضى مرارا . ومطرح هو ابن يزيد الكوفي الشامي ؛ قال الذهبي : " مجمع على ضعفه " . قلت : وممن ضعفه ابن معين ، غير أن ابن حبان ناقش هذا التضعيف بحجة أنه لا يروي إلا عن علي الألهاني وعبيد الله بن زحر ؛ وكلاهما ضعيف ، فلا يمكن الحكم عليه بضعف أو توثيق ما دام أنه لا يروي عن ثقة حتى يتبين حديثه ؛ هل وافق الثقات أو خالفهم ؟ فراجع كلامه فإنه جيد متين ، وإن كانت النتيجة أنه يعامل معاملة الضعفاء شأن كل المجهولين الذين لم يضعفوا . والله أعلم . وقد روي الحديث بلفظ : " مثل المؤمنة كمثل غراب أبقع في غربان كثيرة ، أو قال : الغراب الأعصم " قلنا يا رسول الله ! أفتنا فيهن ، قال : " إن منهن ما إن أعطين لم يشكرن ، وإن لم يعطين اشتكين " . أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في " الأمثال " ( 238 ) من طريق سعيد بن زربي عن الحسن عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سعيد بن زربي قال الحافظ : " منكر الحديث " . والحسن - هو البصري - وهو مدلس . وأما حديث : " لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان يعني غرابا أعصم أحمر المنقار والرجلين " . فهو حديث صحيح ، سبق تخريجه في " الصحيحة " برقم ( 1850 ) . |
2827 - ( أعروا النساء يلزمن الحجال ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " ( 3/149/1 ) و ( رقم 140- منسوختي ) ، وعنه الخطيب في " التاريخ " ( 9/368 ) ، وابن جميع في " معجم الشيوخ " ( ص 105 ) : حدثنا بكر بن سهل : حدثنا أبو يحيى شعيب بن يحيى التجيبي : حدثنا يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث عن مجمع ابن كعب عن مسلمة بن مخلد مرفوعا به . وبهذا الإسناد أخرجه الطبراني ( 19/438/1063 ) ، وعنه ابن منده في " المعرفه " ( 2/162/1 ) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 119/1 ) ، وعنه القضاعي في " مسنده " ( ق 57/2 ) ، والسلفي في " الطيوريات " ( 217/2 ) ، والخطيب أيضا ( 9/368و12/319و13/491 ) ، وابن عساكر ( 8/313/2و11/231/1 ) ، والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 113/1 ) . قلت : وهو إسناد ضعيف ، وفيه علتان : الأولى : مجمع بن كعب ؛ أورده ابن أبي حاتم ( 4/1/297 ) فقال : " روى عن مسلمة بن مخلد ، روى عنه جعفر بن ربيعة " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . ولذا قال ابن القطان في " النظر في أحكام النظر " ( ق 70/1 ): " لا يعرف " . وقال الهيثمي في " المجمع " ( 5/138 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " وفيه مجمع بن كعب ولم أعرفه ، وبقيه رجاله ثقات " . قلت : وكأنه لم يقف على ترجمته في " الجرح " وإلا لم يقل : لم أعرفه ، وإن كان هو في الواقع غير معروف ، لأن هذا القول إنما هذا يقال فيمن لا ترجمة له . كما هو معروف عند أهل العلم بهذا الفن الشريف . ثم إن اقتصاره على إعلاله الحديث بابن كعب هذا يشعر بأنه ليس فيه علة أخرى ، وليس كذلك كما يأتي . والأخرى : بكر بن سهل - وهو الدمياطي - قال النسائي : " ضعيف " . وقال مسلمة بن قاسم : " تكلم الناس فيه ، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن سعيد بن كثير عن يحيى بن أيوب عن مجمع بن كعب عن مسلمة بن مخلد رفعه : أعروا النساء يلزمن الحجال " . كذا في " اللسان " ؛ وفيه نظر في موضعين منه : الأول : أنه ذكر سعيد بن كثير مكان شعيب بن يحيى ، فلا أدري أهو رواية عن بكر بن سهل ، أو أنه خطأ من بعض النساخ . والآخر : أنه لم يذكر في إسناده عمرو بن الحارث ، فلعله سقط من بعض النساخ . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال : " لا يصح ، شعيب بن يحيى قال أبو حاتم : ليس بمعروف . وقال إبراهيم الحربي : ليس لهذا الحديث أصل " . وتعقبه السيوطي في " اللآلي " ( 1/351 ) ، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2/213 ) بأن شعيبا عرفه غير أبي حاتم ؛ قال ابن يونس : عابد صالح ، وقال الذهبي : مصري صدوق ، أخرج له النسائي فحديثه حسن . قال ابن عراق : " وقال الذهبي في " تلخيص الموضوعات " : ينبغي أن يخرج من الموضوعات ، أكثر ما تعلق أبو الفرج في سنده على شعيب بقوله أبي حاتم : ليس بمعروف ، وما ذا بجرح ، فإن النسائي احتج به . انتهى . لكن رأيت الحافظ الهيثمي في " المجمع " أعل الحديث بمجمع بن كعب ، وقال : لا أعرفه ، وبقية رجاله ثقات . انتهى .فدخل شعيب في " الثقات " ، وبقي النظر في مجمع فليحرر " . قلت : قد عرفت مما سلف أنه مجهول الحال لأنه روى عنه ثقتان : عمرو بن الحارث كما في هذا الحديث ، وجعفر بن ربيعة كما تقدم عن ابن أبي حاتم ، ولم يوثق . فبقي على الجهالة . ولكن العلة الحقيقية ممن دارت عليه كل طرق المخرجين ألا وهو بكر بن سهل ؛ فقد تكلموا فيه من أجل روايته لهذا الحديث كما سبق عن مسلمة ، ومن الغريب أن يغفل السيوطي ومن تلاه عن هذه العلة ، وأغرب منه أن المناوي تنبه لها ولكنه وقع في خطأ فاحش ، فقد قال بعد أن حكى عن ابن الجوزي أنه أورده في " الموضوعات " : " وتبعه علفى ذلك المؤلف في " مختصر الموضوعات " ساكتا عليه غير متعقب له ، فلعله لم يقف على تعقب الحافظ ابن حجر له بأن ابن عساكر خرجه من وجه آخر في " أماليه " وحسنه وقال : بكر بن سهل ؛ وإن ضعفه جمع لكنه لم ينفرد به كما ادعاه ابن الجوزي ، فالحديث إلى الحسن أقرب . وأيا ما كان فلا اتجاه لحكم ابن الجوزي عليه بالوضع " ! هذا كلام المناوي ، وقد مزج فيه قوله بقول ابن حجر ، مزجا لا يتميز احدهما عن الآخر ، فقوله ( كما ادعاه ابن الجوزي ... " هو من عنده ، وما قبله للحافظ ، ولكنه إنما قال ذلك في حديث آخرغير هذا ، ذكره في " لسان الميزان " على أنه في " الميزان في ترجمة بكر هذا بإسناد آخر له عن أنس مرفوعا بلفظ : " ما من معمر عمر في الإسلام ... " الحديث ، ثم نقل الحافظ كلام مسلمة بن قاسم الذي سبق نقله عنه ، وفيه حديث الترجمة كما رأيت ، فقال الحافظ عقبه : " قلت : والحديث الذي أورده المصنف ( أي الذهبي ، ويعني حديث أنس المشار إليه ) لم ينفرد به ، بل رواه أبو بكر المقري في " فوائده " عن .... أملاه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ... " أماليه " ، وقال : إنه حديث حسن ، وأما حديث مسلمة ( يعني حديث الترجمة ) فأخرجه الطبراني عنه ". فتأمل كيف اختلط على المناوي حديث مسلمة بحديث أنس ؛ فتوهم أن كلام الحافظ يعني به حديثه ، وهو إنما يعني حديث أنس ! وجملة القول ؛ أن الحديث ضعيف جدا . وقد روي معناه عن أنس مرفوعا ، وسنده ضعيف جدا أيضا ، وقد مضى برقم ( 2022 ) . ( تنبيه ) : قد عرفت مما سبق تخليط المناوي فيما نقله عن الحافظ العسقلاني وقوله من عنده : " فالحديث إلى الحسن أقرب " ! فاغتر به الدكتور عمر تدمري في تعليقه على " معجم الشيوخ " ؛ فإنه بعد أن صرح بضعف إسناده استدرك فقال : " لكن له طرق ترقيه إلى درجة الحسن " ! وأحال في ذلك على المناوي ( 1/170 ) ، ويعني به شرحه الصغير : " التيسير " فإذا فيه الاستدراك المذكور بالحرف الواحد ! فقد أودى به تخليط آخر أقبح من الأول ، فإنه لم يذكر فيه أن للحديث طرقا ، وإنما متابعة واحدة ، وهي لغير هذا الحديث . ثم إنه لم يجزم بحسنه ، بل قال : " .. إلى الحسن أقرب " . فتأمل الفرق بين العبارتين ، وما في كتابيه من التخليط والبعد عن التحقيق ، الذي لم يتنبه له القائمون على نشر " الجامع الكبير " للسيوطي ؛ فإنهم بدورهم قلدوه فيما ذكره في " فيض القدير " فنقلوا كلامه فيه وسكتوا عنه ! والله المستعان . والحديث أشار إلى تضعيفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله في رسالة " لباس المرأة في الصلاة " ( ص 31-الطبعة الخامسة ) ، وهو الآن تحت يدي إعدادا له لطبعة جديدة ، فيها تحقيقات حديثية ، وتصحيحات مفيدة لم تكن في الطبعات الأخرى ، يسر الله لنا طبعها بمنه وكرمه . وقال ابن القطان في الكتاب السابق " النظر " : " ليس بصحيح " . ثم أعله بمجمع كما تقدم ، وقال : " ويحيى بن أيوب ضعيف ، وفي إسناده أيضا دونه من لا يعرف حاله كذلك ، والله الموفق " . 2828 - ( اعملي ولا تتكلي على شفاعتي ، فإن شفاعتي للاهين من أمتي ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو نعيم في " المنتخب من حديث يونس " ( 142/2 ) ، وابن عدي في " الكامل " ( ق 276/1 ) عن عمرو بن مخرم أبي قتادة الليثي البصري : أخبرنا محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . وقال ابن عدي - ليس في سنده محمد بن دينار الطاحي وإنما سفيان بن عيينة - " وهذا عن ابن عيينة عن يونس بن عبيد باطل ، لا يرويه إلا عمرو بن مخرم هذا ، وقد حدث عن ابن عيينة وغيره بالبواطيل " . وأخرجه الطبراني ( 23/369/872 ) . كما رواه أبو نعيم على ما في " الميزان " . ثم أخرجه ابن عدي من طريق أيوب بن سليمان : حدثنا محمد بن دينار به وقال : " وهذا غير محفوظ أيضا " . قلت : وعلة هذه الطريق أيوب بن سليمان ؛ وهو من وادي القرى ؛ قال الذهبي : " لا يعرف " . ومدار الطريقين على محمد بن دينار الطاحي ؛ وهو صدوق سيىء الحفظ ، وتغير قبل موته ؛ كما في " التقريب " . 2927 - ( أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى ، منهم من يولد مؤمنا ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا ) الحديث بطوله . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الترمذي ( 3/218 - 219 - تحفة ) ، والحاكم ( 4/505 - 506 ) ، وأحمد ( 3/19 ) من طريق حماد بن سلمة قال : أنبأنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس بما هو كائن إلى يوم القيامة ، حفظها منا من حفظها ، ونسيها منا من نسي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : فذكره . وقال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : وكأنه يعني لشواهده كما نص عليه في آخر كتابه ، وإلا فإن علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف كما في " التقريب " . وقال الذهبي في " الضعفاء " : " حسن الحديث ، صاحب غرائب ، احتج به بعضهم ، وقال أبو زرعة : ليس بقوي ، وقال أحمد : ليس بشيء " . وأقول : الجمهور على تضعيفه ، وقال ابن خزيمة : " لا يحتج به لسوء حفظه " . ورماه شعبة وغيره بالاختلاط . فمن الغريب قول الذهبي فيه : " حسن الحديث " ، وكذلك قوله في " تلخيص المستدرك " . " صالح الحديث " ، والعجيب أن الحاكم مع تساهله لم يجرؤ على تقوية حديثه ؛ فقال عقبه : " هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي عن أبي نضرة ، والشيخان لم يحتجا بعلي بن زيد " . قلت : وقد أخرج مسلم الطرف الأول من دون سائره من طريق أخرى عن أبي نضرة به وزاد : " فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ؛ وهو مخرج في " الصحيحة " ( 911 ) . 3361 - ( إياكن ونعيق الشيطان ؛ فإنه مهما يكون من العين والقلب فمن الرحمة ، وما يكون من اللسان واليد ، فمن الشيطان ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2694) ، وأحمد (1/ 237-238و335) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : لما توفي عثمان بن مظعون قالت امرأة : هنيئاً لك يا ابن مظعون الجنة ، قال : فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرة غضبان ، قالت : يا رسول الله ! فارسك وصاحبك ! قال : "ما أدري ما يفعل به" ، فشق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يعد من خيارهم حتى توفيت رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون" . قال : وبكت النساء على رقية ، فجعل عمر ينهاهن أو يضربهن ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مه يا عمر ! ثم قال : ... فذكره . قلت : وهذا سند ضعيف ، يوسف بن مهران لين الحديث . وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف . 3362 - ( أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 312) عن محمد بن عبد الرحمن الطبري : حدثنا الحسين بن إسماعيل بن خالد الطبري : حدثنا يوسف بن سعيد أبو المثنى عن أبي عصمة عن مقاتل بن حيان عن قبيصة بن ذؤيب عن معاذ بن جبل مرفوعاً . قلت : وهذا موضوع ؛ آفته أبو عصمة واسمه نوح بن أبي مريم ؛ قال ابن المبارك : "كان يضع كما يضع المعلى بن هلال" . وقال أبو علي النيسابوري : "كان كذاباً" . وكذبه ابن عيينة . وقال أبو سعيد النقاش : "روى الموضوعات" . وقال مسلم والدارقطني : "وضع حديث فضائل القرآن" . والخطيب أورده في ترجمة محمد بن عبد الرحمن الطبري ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . |
3394 - ( تخيروا لنطفكم ؛ فإن النساء تلدن أشباه إخوانهن وأشباه أخواتهن ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي (304/ 2) ، وعنه ابن عساكر (15/ 134/ 2) عن عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعاً . أورده في ترجمة عيسى هذا في جملة أحاديث ثم قال : "وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد" . وروى عن ابن معين أنه قال : "هو ليس بشيء" . وعن البخاري : "صاحب مناكير" ، وفي موضع آخر : "منكر الحديث" . والنسائي : "متروك الحديث" . قلت : وقال ابن حبان : "يروي أحاديث كلها موضوعات" . ولهذا لم يحسن السيوطي بإيراده الحديث في "الجامع الصغير" من رواية ابن عدي هذه ! ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 299/ 1) لكنه قال : سمعت هشام بن عروة يحدث عن أبيه عنها بلفظ : "تخيروا لنطفكم ، وانظروا أين تضعونها ؛ فإن النساء ...." . 3400 - ( تزوجوا النساء ؛ فإنهن يأتينكم بالمال ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 2/ 1) : أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه مرفوعاً . وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (180/ 203) من طريق آخر عن أبي أسامة . قلت : وهذا سند مرسل صحيح . وقد وصله أبو السائب سلم بن جنادة فقال : حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً به. أخرجه البزار (ص142-زوائده) ، والحاكم (2/ 161) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 147) ، والديلمي (1/ 1/ 29) ، وقال الحاكم : "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ؛ لتفرد سلم بن جنادة بإسناده ، وسلم ثقة مأمون" ، ووافقه الذهبي ! قلت : وفيه أمران : الأول : أن ابن جنادة لم يخرج له من الستة سوى الترمذي وابن ماجه ، فليس هو على شرط الشيخين . والآخر : أن ابن جنادة - وإن كان ثقة - فهو ربما خالف ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" ، وقد خالف ابن أبي شيبة - وكذا غيره - في إسناده ، كما يشعر به قول الهيثمي أو الحافظ في "زوائد البزار" : قلت : "رواه غير واحد مرسلاً ، ولا نعلم أحداً ذكر عائشة إلا أبو أسامة" . كذا في النسخة وهي رديئة جداً ، ولعل الأصل "أبو السائب" ؛ فهو الذي تفرد بذكر عائشة فيه ، على أنه لم يثبت على ذلك ؛ فقد ذكر الخطيب بعد أن أخرجه من طريق الحسين المحاملي عن أبي السائب به : "قال أبو السائب : سلم بن جنادة - في موضع آخر - عن هشام عن أبيه ، وليس عن عائشة" . قلت : فقد اتفق أبو السائب مع الثقات على إرساله ، فهو الصواب . وعليه ؛ فالحديث علته الإرسال . وجرى الهيثمي على ظاهر إسناده فقال في "مجمع الزوائد" (4/ 255) : "رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح خلا سلم بن جنادة (الأصل مسلم بن جياد) وهو ثقة" . وأما قول المناوي عقبه : "قال المصنف : وله شواهد ، منها خبر الثعلبي عن ابن عجلان أن رجلاً شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الفقر ، فقال : عليك بالباءة" . فهذا مع أنه معضل ، فلا ندري ما حال الإسناد إلى ابن عجلان . وأما الشواهد الأخرى ، فلم أستحضر حتى الآن شيئاً منها . وما إخال فيها ما يصلح شاهداً . ولعل منها ما أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (200) من طريق حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بلفظ : "عليكم بالتزويج ؛ فإنه يحدث الرزق" . وحسين بن علوان كذاب وضاع . وفي الباب : "التمسوا الرزق في النكاح" ، وهو ضعيف مضى برقم (2487) . 3401 - ( تزوجوا في الحجر الصالح ؛ فإن العرق دساس ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الديلمي (2/ 1/ 30) عن الموقري عن الزهري عن أنس مرفوعاً . قلت : هذا موضوع ؛ آفته الموقري - واسمه الوليد بن محمد - اتفقوا على تضعيفه ، بل قال محمد بن عوف : "كذاب" . وقال ابن حبان : "روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط ، وكان يرفع المراسيل ، ويسند الموقوف ، لا يجوز الاحتجاج به بحال" . ومنه تعلم تساهل الحافظ العراقي في اقتصاره على تضعيف هذا الإسناد ، فقال في "تخريج الإحياء" (2/ 38) : رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث أنس . وروى أبو موسى المديني في كتاب "تضييع العمر والأيام" من حديث ابن عمر : "وانظر في أي نصاب تضع ولدك ؛ فإن العرق دساس" ، وكلاهما ضعيف . والحديث رواه ابن عدي أيضاً من طريق الموقري كما في "المناوي" . 3408 - ( تعلموا من أمر النجوم ما تهتدوا به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا ، ومن أمر النساء ما يحل لكم وما يحرم عليكم ثم انتهوا ، ومن الأنساب ما تصلوا به أرحامكم ثم انتهوا ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 27) من طريق ابن السني معلقاً عن هانىء ابن يحيى عن مبارك بن فضالة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً . قلت : وهذا سند ضعيف ؛ مبارك بن فضالة صدوق ، ولكنه يدلس ويسوي . وهانىء بن يحيى - وهو أبو مسعود السلمي - ، قال ابن حبان في "الثقات" : "يخطىء" . والحديث عزاه السيوطي لابن مردويه والخطيب في "كتاب النجوم" عن ابن عمر بالشطر الأول منه ، وذكر المناوي أن عبد الحق قال : "ليس إسناده مما يحتج به" . وقال ابن القطان : "فيه من لا أعرفه" . قال المناوي : "لكن رواه ابن زنجويه من طريق آخر ، وزاد : وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم انتهوا" . قلت : ثم رأيت قول عبد الحق المذكور في كتابه "الأحكام" (ق8/ 1-2) . رواه من طريق أبي نعيم بسنده عن هانىء بن يحيى به مختصراً دون الجملة الوسطى . 3541 - ( الحياء عشرة أجزاء ؛ فتسعة في النساء ، وواحد في الرجال ، ولولا ذلك ما قوى الرجال على النساء ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 107) عن الحسن بن قتيبة : حدثنا عبيد الله بن زياد النحوي ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ الحسن بن قتيبة قال الذهبي : "هالك ، قال الدارقطني : متروك الحديث" . وعبيد الله بن زياد النحوي ؛ لم أعرفه . 3882 - ( على النساء ما على الرجال ؛ إلا الجمعة ، والجنائز ، والجهاد ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه عبد الرزاق في آخر "الجهاد" من "المصنف" عن عبد القدوس قال : سمعت الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ... فذكره. قلت : وهذا موضوع ، مع أنه مرسل ؛ فإن عبد القدوس - وهو ابن حبيب الكلاعي الشامي - ؛ قال عبد الرزاق : "ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله : كذاب ، إلا لعبد القدوس" . وقد صرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث . 3885 - ( ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه المحاملي في "الأمالي" (3/ 92/ 2) عن موسى بن هلال ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن هبيرة بن يريم ، عن علي مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي وهو ثقة ؛ لكنه مدلس مختلط . وموسى بن هلال - وهو النخعي - ؛ قال أبو زرعة : "ضعيف الحديث" . 3936 - ( العدل حسن ، ولكن في الأمراء أحسن ، والسخاء حسن ، ولكن في الأغنياء أحسن ، والورع حسن ، ولكن في العلماء أحسن ، والصبر حسن ، ولكن في الفقراء أحسن ، والتوبة حسن ، ولكن في الشباب أحسن ، والحياء حسن ، ولكن في النساء أحسن ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الديلمي (2/ 313) : أخبرنا حمد بن نصر : أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعيد الوراق : حدثنا عبد الرحمن بن حمادي : حدثنا علي بن محمد الأديب : حدثنا عبد الله بن زيد الدقيقي : حدثنا إبراهيم بن الحسين : حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري : حدثنا وهيب بن الورد : حدثنا أبو الزبير المكي ، عن جابر بن عبد الله قال : دخلت على علي بن أبي طالب ، فقلت : ما علامة المؤمن ؟ قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : ما علامة المؤمن ؟ قال : "ستة أشياء حسن ، ولكن في ستة من الناس أحسن ، العدل حسن ..." ، الحديث . قلت : وهذا متن باطل ؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة ، وإسناده مظلم ؛ من دون إبراهيم بن الحسين لم أعرفهم . وأبو الزبير مدلس . ومن الغريب أن المناوي بيض له ، فلم يتكلم على إسناده ومتنه بشيء ! 3955 - ( العيدان واجبان على كل حالم من ذكر وأنثى ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الديلمي (2/ 317) عن عمرو بن شمر ، عن محمد بن سوقة ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن ابن عباس مرفوعاً . قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عمرو بن شمر هذا ؛ قال ابن حبان : "رافضي يشتم الصحابة ، ويروي الموضوعات عن الثقات" . وقال البخاري : "منكر الحديث" . وقال النسائي والدارقطني وغيرهما : "متروك الحديث" . قلت : وهذا حال الحديث من حيث الرواية ، وإلا ؛ فمعناه صحيح ؛ يدل عليه أمور ، منها : أمره - صلى الله عليه وسلم - النساء أن يخرجن إلى المصلى ، ومن كانت لا جلباب لها تعيرها جارتها من جلبابها ، حتى الحيض منهن أمرن بالخروج ؛ ليشهدن الخير ودعوة المسلمين . فهذا من أقوى الأدلة على وجوب صلاة العيدين عليهن ، وإذا كان هذا هو الحكم عليهن ؛ فكيف الرجال ؟! 4002 - ( فضل عائشة على النساء ؛ كفضل تهامة على ما سواها من الأرض ، وفضل الثريد على سائر الطعام ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 328) عن أبي نعيم معلقاً ، من طريق محمد بن حميد : حدثنا جرير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لسوء حفظ محمد بن حميد ، وهو الرازي . والمحفوظ في هذا الحديث عن عائشة وغيرها دون ذكر تهامة ، فهي زيادة منكرة . فقد أخرجه أحمد (6/ 159) من طريق أبي سلمة ، عن عائشة به دون الزيادة . وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير الحارث - وهو ابن عبد الرحمن القرشي العامري - ؛ قال النسائي: "ليس به بأس" . وذكره ابن حبان في "الثقات" . وأخرجه البخاري (2/ 447) ، ومسلم (7/ 133،138) وغيرهما من حديث أبي موسى وأنس مرفوعاً . وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 25) من حديث سعد بن أبي وقاص . والحاكم (3/ 587) من حديث قرة والد معاوية . (تنبيه) : لقد انقلب الحديث على الحافظ السيوطي ؛ فأورده في "الجامع الصغير" وتبعه النبهاني في "الفتح الكبير" بلفظ : "فضل الثريد على الطعام ؛ كفضل عائشة على النساء" . وعزاه لابن ماجه عن أنس ! وهو عند ابن ماجه (3281) باللفظ المحفوظ عند الشيخين وغيرهما : "فضل عائشة على النساء ؛ كفضل الثريد على سائر الطعام" . وكذلك هو في "مسند أحمد" (3/ 156،264) . وكذلك أورده السيوطي نفسه في "الجامع الكبير" (2/ 80/ 1) ؛ ولكنه قصر في تخريجه فقال : "رواه ش عن أنس ، الخطيب في "المتفق والمفترق" عن عائشة" . وكان حقه أن يعزوه للشيخين على الأقل عن أنس ، وأحمد عنها . |
4127 - (أربع من النساء لا ملاعنة بينهن: النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف روي من طرق واهية من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً، وروي عنه موقوفاً، ولا يصح أيضاً، وهاك البيان: 1- ابن عطاء، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه ابن ماجه (2071) ، والدارقطني (3/ 163/ 240) ، وعنه البيهقي (7/ 396) وقال تبعاً للدارقطني: "وهذا عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف الحديث جداً، وتابعه يزيد ابن بزيع عن عطاء، وهو ضعيف أيضاً". قلت: ثم وصله البيهقي من طريق أبي الوليد: أخبرنا يزيد بن بزيع الرملي به، وقال: "وعطاء الخراساني أيضاً غير قوي". قلت: قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس". قلت: فمن الممكن أن يكون تلقاه من بعض الضعفاء الآتي ذكرهم ثم أسقطه. 2- عثمان بن عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا: "عثمان بن عبد الرحمن - هو الوقاصي -؛ متروك الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك، وكذبه ابن معين". 3- زيد بن رفيع، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق عمار بن مطر: أخبرنا حماد بن عمرو، عن زيد بن رفيع.. ثم قالا: "حماد بن عمرو، وعمار بن مطر، وزيد بن رفيع؛ ضعفاء". قلت: زيد هذا؛ لم يضعفه غير الدارقطني ومن قبله النسائي، وخالفهما من هو أشهر وأعلى طبقة منه، فقال أحمد: "ما به بأس". وقال أبو داود: "جزري ثقة". وذكره ابن شاهين وابن حبان في "الثقات". فلو أنه صح السند إليه لصار الحديث حسناً، ولكن هيهات! فحماد بن عمرو - وهو النصيبي - من المعروفين بالكذب ووضع الحديث، وله ترجمة سيئة جداً في "الميزان" و "اللسان". وعمار بن مطر؛ قريب منه؛ قال أبو حاتم: "كان يكذب". وقال ابن عدي: "أحاديثه بواطيل". وقال ابن حبان: "كان يسرق الحديث". قلت: فمن المحتمل أن يكون سرق هذا الحديث من حماد بن عمرو! فانتقل من كذاب إلى مثله! كما يمكن أن يكون سرقه من غيره ممن تقدم ويأتي. 4- صدقة (أبو توبة) ، عن عمرو بن شعيب به. ذكره ابن التركماني في "الجوهر النقي"؛ متعقباً به على البيهقي تضعيفه للحديث من الطرق المتقدمة، فقال: "وقد رواه عبد الباقي بن قانع وعيسى بن أبان من حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة ... ". ثم قال: "وحماد ومعاوية من رجال مسلم. وصدقة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: روى عنه معاوية بن صالح. وذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: روى عنه أبو الوليد وعبيد الله بن موسى. وهذا يخرجه عن جهالة العين والحال". كذا قال، وفيه مؤاخذتان: الأولى: أن ما نقله من كتاب ابن أبي حاتم وهم محض؛ لأن ذلك إنما قاله ابن أبي حاتم في ترجمة صدقة بن عيسى (2/ 1/ 428) ، وهي عنده عقب ترجمة صدقة أبي توبة مباشرة، فلعل هذا هو سبب الوهم؛ انتقل بصره حين النقل من ترجمته إلى ترجمة الذي يليه، وأستبعد أن يكون تعمد ذلك تقوية للحديث بتقويته للراوي المجهول تعصباً منه لمذهبه! فصدقة بن عيسى هو غير صدقة أبي توبة عند ابن أبي حاتم، وكذلك غاير بينهما البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 293-294) ، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً. والأخرى: أن توثيق ابن حبان لأبي توبة - مع تساهله المعروف في التوثيق - معارض بقول الذهبي في "كنى الميزان" - وتبعه العسقلاني -: "اسمه صدقة الرهاوي، لا يعرف، تفرد عنه معاوية بن صالح". وصدقة بن عيسى المتقدم، قد أعاد ابن أبي حاتم ذكره في حرف العين فقال: "عيسى بن صدقة، ويقال: صدقة بن عيسى أبو محرز، والصحيح الأول. قال أبو الوليد: ضعيف. وقال أبو زرعة: شيخ. وكذا قال أبو حاتم وزاد: يكتب حديثه". وقال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: "منكر الحديث". قلت: فمن المحتمل أن يكون عيسى هذا هو صدقة بن عيسى، الذي انقلب اسمه على بعض الرواة، ويكون هو نفسه صدقة أبو توبة، فإن ثبت هذا فهو ضعيف متروك، وإلا فهو مجهول. وبالجملة؛ فكل هذه الطرق إلى عمرو بن شعيب واهية، وبعضها أوهى من بعض. ولذلك قال البيهقي في "المعرفة": "وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط ... ونحن إنما نحتج بروايات عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة، وانضم إليه ما يؤكده، ولم نجد لهذا الحديث طريقاً صحيحاً إلى عمرو". ذكره الزيلعي (3/ 248-249) وأقره، وقال الحافظ ابن حجر في "الدارية" (2/ 76) : "ودون عمرو من لا يعتمد عليه". وأما قول ابن التركماني: "وعطاء؛ وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما، واحتج به مسلم في "صحيحه". وابنه عثمان؛ ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: سألت أبي عنه فقال: يكتب حديثه. ثم ذكر عن أبيه قال: سألت دحيماً عنه فقال: لا بأس به. فقلت: إن أصحابنا يضعفونه؟ قال: وأي شيء حدث عثمان من الحديث؟! واستحسن حديثه. (قال ابن التركماني:) فعلى هذا؛ أقل الأحوال أن تكون روايته هذه متابعة لرواية صدقة، فتبين أن سند هذا الحديث جيد، فلا نسلم قول البيهقي: لم تصح أسانيده إلى عمرو". فأقول له: سلمت أو لم تسلم، فلا قيمة لكلامك؛ لأنك لا تتجرد للحق، وإنما لتقوية المذهب، ولو بما هو أو هى من بيت العنكبوت؛ فإنك عمدت في تقوية الرجلين - عثمان بن عطاء وأبيه - إلى أحسن ما قيل من التعديل، وأعرضت عن كل ما قيل فيهما من التجريح، وليس هذا سبيل الباحثين الذين يقيم العلماء لكلامهم وزناً، وذلك لأنه بهذا الأسلوب المنحرف يستطيع أهل الأهواء أن يصححوا أو يضعفوا ما شاؤوا من الأحاديث بالإعراض عن قواعد هذا العلم الشريف ومنها قاعدة: الجرح مقدم على التعديل؛ بشرطها المعروف عند العلماء. فقد أعرض الرجل عن كل ما قيل في عثمان من الجرح؛ كقول الحاكم - مع تساهله -: "يروي عن أبيه أحاديث موضوعة". وقول الساجي: "ضعيف جداً". وغير ذلك مما تراه في "التهذيب" وغيره. وكذلك فعل في أبيه عطاء؛ فلم يعرج على ماقيل فيه من الجرح المفسر؛ كقول شعبة فيه: "حدثنا عطاء الخراساني وكان نسياً". وقول ابن حبان: "كان رديء الحفظ يخطىء ولا يعلم"، ولذلك قال الحافظ فيه كما تقدم: "صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس". فإن سلم منه فلن يسلم من ابنه؛ لشدة ضعفه. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5- أما الموقوف؛ فله عنه طريقان: الأولى: يرويها عمر بن هارون، عن ابن جريج والأوزاعي، عن عمرو بن شعيب به موقوفاً. أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي. والأخرى: عن يحيى بن أبي أنيسة، عنه به. أخرجه البيهقي وقال: "وفي ثبوت هذا موقوفاً أيضاً نظر، فراوي الأول عمر بن هارون؛ وليس بالقوي، وراوي الثاني يحيى بن أبي أنيسة؛ وهو متروك". قلت: ومثله عمر بن هارون؛ ففي "التقريب": "متروك، وكان حافظاً". وبالجملة؛ فالحديث لا يثبت من جميع هذه الطرق عن عمرو بن شعيب، لا مرفوعاً ولا موقوفاً. وقد روي عن ابن عباس مرفوعاً، ولا يصح أيضاً. لأنه من رواية يحيى بن صالح الأيلي، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عنه. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/ 2700) ، وعنه البيهقي (7/ 397) وقال: "وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، يحيى بن صالح الأيلي؛ أحاديثه غير محفوظة. والله تعالى أعلم". 4262 - (كان يتتبع الطيب في رباع النساء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2422 - ترتيبه) : حدثنا أبو بشر، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 103) من طريق أخرى عنه فقال: ... أخبرنا أبو بشر المزلق صاحب البصري. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو بشر هذا؛ أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 347) : "أبو بشر صاحب القرى (1) ، سمع زيد بن ثوب وأبا الزاهرية. روى يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد عنه. قال أبي: لا أعرفه. وقال ابن معين: لا شيء". __________ (1) ووقع في " التعجيل " " صاحب القرى ". فلعل ما في أبي الشيخ " صاحب البصري " محرف أيضا. 4330 - (للرجال حواري، وللنساء حوارية، فحواري الرجال الزبير، وحوارية النساء عائشة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الحافظ ابن عساكر (6/ 183/ 2) من طريق الزبير بن بكار قال: وحدثني محمد بن الحسن، عن حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت، عن عطاء أو أبي زياد، عن يزيد بن أبي حبيب مرفوعاً مرسلاً. قلت: وهذا مع إرساله موضوع؛ آفته محمد بن الحسن - وهو ابن زبالة المخزومي المدني -؛ قال الحافظ: "كذبوه". وتقدم نحوه بإسناد مرسل رقم (2655) . 4421 - (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن ماجه (1/ 571) ، وابن عساكر (12/ 284/ 2) ، والضياء في "موافقات هشام بن عمار" (56-57) عن هشام بن عمار: أخبرنا صدقة بن خالد: حدثنا عثمان بن أبي عاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي عاتكة؛ قال في "التقريب": "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". قلت: والألهاني؛ ضعيف أيضاً، وأما قول البوصيري في "الزوائد" (166/ 2) : "فيه علي بن زيد بن جدعان؛ وهو ضعيف". فهو وهم منه رحمه الله؛ ابن جدعان اسم أبيه "زيد"، وأما هذا؛ فهو "يزيد"، وكلاهما ضعيف. وروى شريك، عن جابر، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه مختصراً. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 163/ 1) وقال: "لم يروه عن جابر إلا شريك". قلت: وهو ابن عبد الله القاضي؛ وهو ضعيف لسوء حفظه. لكن جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ أشد ضعفاً منه؛ فقد اتهمه بعضهم. والمحفوظ عن أبي هريرة بلفظ: "خير النساء التي تسره إذا نظر ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (1838) . 4423 - (ما أصبنا من دنياكم إلا النساء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الطبراني (3/ 197/ 2) عن ابن أبي فديك: أخبرنا زكريا بن إبراهيم ابن عبد الله بن مطيع، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع؛ قال الذهبي: "ليس بالمشهور". وأبوه إبراهيم؛ لم أجد من ذكره. 4457 - (ما طهر الله كفا فيها خاتم من حديد) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً رواه البزار (2993) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 252) ، والطبراني في "الأوسط" (407 - حرم) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 160/ 2) عن عباد بن كثير الرملي، عن شمسية بنت نبهان، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء يوم الفتح على الصفا، فجاءت امرأة كأن يدها يد الرجل فأبىأن يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة، وأتاه رجل في يده خاتم من حديد، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، شمسية بنت نبهان؛ لا تعرف. وعباد بن كثير الرملي؛ وثقه بعضهم، لكن قال البخاري: "فيه نظر". وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال الحاكم: "روى أحاديث موضوعة". 4534 - (من اجتنب من الرجال أربعاً؛ فتحت له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة. ومن النساء: إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها؛ فتحت لها أبواب الجنة الثمانية؛ تدخل من أيها شاءت) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً رواه ابن عدي (141/ 1) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (291) عن رواد بن الجراح عن الثوري عن الزبير بن عدي قال: سمعت أنس بن مالك مرفوعاً. وقال ابن عدي: "هذا هو الحديث الذي قال أحمد: حديث منكر ونهى ابن زنجويه أن يحدث به". قلت: وهو من مناكير رواد بن الجراح هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، اختلط بآخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد". ومن طريقه: أخرج البزار الشطر الأول منه؛ كما في "المناوي". __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " البزار ". وهو في " الكشف " برقم (3336) . (الناشر) 4964 - (خذ هذا السيف؛ فانطلق، فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 39) من طريق أبي معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: أهديت مارية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابن عم لها؛ قالت: فوقع عليها وقعة، فاستمرت حاملاً. قالت: فعزلها عند ابن عمها. قالت: فقال أهل الإفك والزور: من حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره! وكانت أمة قليلة اللبن، فابتاعت له ضائنة لبون، فكان يغذى بلبنها، فحسن عليها لحمه. قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم. فقال: "كيف ترين؟ ". فقلت: من غذي بلحم الضأن يحسن لحمه! قال: "ولا الشبه؟ ". قالت: فحملني ما يحمل النساء من الغيرة أن قلت: ما أرى شبهاً! قالت: وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يقول الناس. فقال لعلي ... (فذكر الحديث) . قالت: فانطلق؛ فإذا هو في حائط على نخلة يخترف رطبات. قال: فلما نظر إلى علي ومعه السيف؛ استقبلته رعدة. قال: فسقطت الخرقة؛ فإذا هو لم يخلق الله عز وجل له ما للرجال؛ شيء ممسوح. قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعله لظهور ضعفه؛ فإن سليمان بن الأرقم متفق بين الأئمة على تضعيفه، بل هو ضعيف جداً؛ فقد قال البخاري: "تركوه". وقال أبو داود، وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني: "متروك الحديث". وقال أبو داود: "قلت لأحمد: روى عن الزهري عن أنس في التلبية؟ قال: لا نبالي روى أم لم يرو"! وقال ابن عدي في آخر ترجمته - وقد ساق له نيفاً وعشرين حديثاً (154/ 1-2) -: "وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد". قلت: وللحديث أصل صحيح، زاد عليه ابن الأرقم هذا زيادات منكرة، تدل على أنه سيىء الحفظ جداً، أو أنه يتعمد الكذب والزيادة؛ لهوى في نفسه، ثم يحتج بها أهل الأهواء! فأنا أسوق لك النص الصحيح للحديث؛ ليتبين لك تلك الزيادات المنكرة، فروى ثابت عن أنس: أن رجلاً كان يتهم بأم ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "اذهب فاضرب عنقه". فأتاه علي؛ فإذا هو في ركي يتبرد فيها. فقال له علي: اخرج. فناوله يده، فأخرجه؛ فإذا هو محبوب ليس له ذكر، فكف علي عنه. ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنه لمحبوب؛ ما له ذكر. أخرجه مسلم (8/ 119) ، والحاكم (4/ 39-40) ، وأحمد (3/ 281) ، وابن عبد البر في ترجمة مارية من "الاستيعاب" (4/ 1912) ؛ كلهم عن عفان: حدثنا حماد بن سلمة: أخبرنا ثابت ... وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"! فوهم في استدراكه على مسلم! وقال ابن عبد البر: "وروى الأعمش هذا الحديث فقال فيه: قال علي: يا رسول الله! أكون كالسكة المحماة؛ أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب". قلت: هذه الزيادة لم أقف عليها من رواية الأعمش، وإنما من رواية غيره من حديث علي نفسه، وقد مضى تخريجه في "الصحيحة" برقم (1904) ، وليس فيه أيضاً تلك الزيادات المنكرة التي تفرد بها ابن الأرقم في هذا الحديث. وأشدها نكارة ما ذكره عن عائشة أنها قالت: ما أرى شبهاً! فقد استغلها عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" أسوأ الاستغلال، واتكأ عليها في اتهامه للسيدة عائشة في خلقها ودينها، فقال (ص 247-248) : "وحسبك مثالاً لهذا ما أيدته - نزولاً على حكم العاطفة - من إفك أهل الزور إذ قالوا - بهتاناً وعدواناً - في السيدة مارية وولدها عليه السلام ما قالوا، حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة - على يد أمير المؤمنين - محسوسة ملموسة! (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً) "! وعلق على هذا بقوله: "من أراد تفصيل هذه المصيبة؛ فليراجع أحوال السيدة مارية رضي الله عنها في (ص 39) من الجزء الرابع من "المستدرك" للحاكم، أو من "تلخيصه" للذهبي"! يشير بذلك إلى هذا الحديث المنكر! وإن من مكره وخبثه: أنه لم يكتف في الاعتماد عليه - مع ضعفه الشديد - بل إنه زد على ذلك أنه لم يسق لفظه؛ تدليساً على الناس وتضليلاً؛ فإنه لو فعل وساق اللفظ؛ لتبين منه لكل من كان له لب ودين أن عائشة بريئة مما نسب إليها في هذا الحديث المنكر من القول - براءتها مما اتهمها المنافقون به؛ فبرأها الله تعالى بقرآن يتلى -، آمن الشيعة بذلك أم كفروا، عامل الله الكذابين والمؤيدين لهم بما يستحقون! وإنا لله وإنا إليه راجعون. وتأمل ما في إيراده في آخر كلامه للآية الكريمة: (ورد الله الذين كفروا ... ) من رمي السيدة عائشة بالكفر، مع أنه يترضى عنها أحياناً (ص 229) ! ويتعرف (ص 238) بأن لها فضلها ومنزلتها! وما إخال ذلك منه إلا من باب التقية المعهودة منهم، وإلا؛ فكيف يتلقي ذلك مع حشره إياها في زمرة الذين كفروا؟! عامله الله بما يستحق! ثم إن الحديث؛ أخرجه ابن شاهين أيضاً من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري به؛ كما في "الإصابة" (6/ 14) للحافظ العسقلاني؛ وقال: "وسليمان ضعيف". 4965 - (لقد رأيت خالاً بخدها؛ اقشعرت كل شعرة منك) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 160-161) : أخبرنا محمد ابن عمر: حدثني الثوري عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من كلب، فبعث عائشة تنظر إليها، فذهبت ثم وجعت. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيت؟ ". فقالت: ما رأيت طائلاً. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فقالت: يا رسول الله! ما دونك سر! قلت: وهذا موضوع؛ فإنه مع كونه مرسلاً، فإن محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب، كما تقدم مراراً. وقد استغل الشيعي أيضاً هذا الحديث الباطل استغلالاً غير شريف؛ فطعن به على السيدة عائشة رضي الله عنها، فنسبها إلى الكذب، كما طعن عليها بالحديث الذي قبله! 4970 - (جاء الملك بصورتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فتزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابنة سبع سنين. وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين. وتزوجني بكراً لم يكن في أحد من الناس. وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد. وكنت من أحب الناس إليه. ونزل في آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيها. ورأيت جبريل عليه الصلاة والسلام؛ ولم يره أحد من نسائه غيري. وقبض في بيتي؛ لم يله أحد غير الملك إلا أنا) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه الحاكم (4/ 10) من طريق إسماعيل بن أبي خالد: أنبأ عبد الرحمن بن الضحاك: أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه، فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟! قال: نعم يا أم المؤمنين؟! فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟! قالت: خلال لي تسع؛ لم يكن لأحد من النساء قبلي؛ إلا ما آتى الله عز وجل مريم بنت عمران، والله! ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟! قالت ... فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن الضحاك، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 246-247) من رواية إسماعيل بن أبي خالد هذا؛ إلا أنه وقع فيه عبد الرحمن بن أبي الضحاك! ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ولم أره في "ثقات ابن حبان"؛ فهو على كل حال مجهول، فهو علة الحديث. وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ إلا أنه لا يتقوى بها، فقال ابن سعد (8/ 65) : أخبرنا هشام أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عائشة به نحوه. وقال في الخلة الأخيرة: ومرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي؛ فمرضته، فقبض ولم يشهده غيري والملائكة. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن عبد الملك بن عمير لم يذكروا له رواية عن عائشة. على أنه قد رمي بالتدليس. فمن المحتمل أن يكون الواسطة بينه وبينها رجلاً مطعوناً أو مجهولاً؛ كعبد الرحمن هذا. وإنما أوردت الحديث من أجل ذكر مريم فيه مع هذه الخلة الأخيرة؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، وقد استغلها الشيعي عبد الحسين في "مراجعاته" (257-258) ؛ فجزم بنسبة الحديث إليها، ثم أخذ يغمز منها بسبب هذه الخلة، وهي مما لم يثبت عنها كما تبين لك من هذا التخريج، بخلاف الخلال التي قبلها، فكلها صحيحة ثابتة عنها في "الصحيحين" وغيرهما. فاعلم هذا؛ يساعدك على دفع المطاعن الشيعية عن أم المؤمنين رضي الله عنها! |
4971 - (دعوهن؛ فإنهن خير منكم) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر روي عن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ادعوا لي بصحيفة ودواة؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً". فكرهنا ذلك أشد الكراهة. ثم قال: "ادعوا لي بصحيفة؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده أبداً". فقالت النسوة من وراء الستر: ألا يسمعون ما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقلت: إنكن صواحبات يوسف! إذا مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصرتن أعينكن. وإذا صح ركبتن رقبته! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال الهيثمي (9/ 34) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري؛ قال العقيلي: في حديث نظر. وبقية رجاله وثقوا، وفي بعضهم خلاف"! قلت: ومحمد بن جعفر هذا؛ لم أجده في "الضعفاء" للعقيلي (1) ! وفي "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 189) : "محمد بن إسماعيل الجعفري، وهو ابن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. روى عن الدراوردي ... روى عنه أبو زرعة. سألت أبي عنه؟ فقال: منكر الحديث، يتكلمون فيه". قلت: فمن الظاهر أنه هذا، وقع عند الطبراني منسوباً إلى جده، ولكني لم أجده منسوباً إلى أبيه عند العقيلي! فالله أعلم. وذكر في "اللسان" أن أبا نعيم الأصبهاني قال: "متروك". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن عباس نحوه؛ دون قوله: فقالت النسوة ... إلخ؛ فهو منكر. وراجع شرح الحديث في "فتح الباري" (1/ 185-187 و 8/ 100-103) . __________ (1) الحديث رواه الطبراني في " الأوسط " (5338) ؛ ومننه تبين أن في نقل الهيثمي تحريفاً في اسم الرواي، وهو (موسى بن جعفر ... ) ، وهو الذي قال فيه العقيلي: " في حديثه نظر ". (الناشر) 4975 - (يا أيها الناس! إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوأ لقومهما بيوتاً، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقربوا فيه النساء؛ إلا هارون وذريته. ولا يحل لأحد أن يعرن (1) النساء في مسجدي هذا؛ ولا يبيت فيه جنب؛ إلا علي وذريته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 93/ 2) عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه وعمه عن أبيهما أبي رافع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبيد الله، وقد مضى له عدة أحاديث فانظر مثلاً: (1546،1754،4882،4887) . __________ (1) كذا؛ ولعلها: " يعرك ". (الناشر) 5251 - (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال، والمتبتلين من الرجال؛ الذي يقول: لا يتزوج، والمتبتلات اللائي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده. فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استبان ذلك في وجوههم، وقال: [و] البائت وحده) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه أحمد (2/ 287،289) - مطولاً ومختصراً، وهذا هو المطول -، والبخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 362) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 196) من طريق طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته جهالة الطيب هذا؛ فقد قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 498) عن أبيه: "لا يعرف". وتبعه على ذلك الذهبي؛ فقال في "الميزان": "لا يكاد يعرف، وله ما ينكر"؛ ثم ساق له هذا الحديث. وأقره الحافظ في "اللسان". وقد أشار الإمام البخاري إلى أنه قد خولف في إسناده؛ فإنه ذكر عقب الحديث أن عمر بن حبيب الصنعاني روى عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح: حدثني رجل من هذيل: رأيت عبد الله بن عمر وأقبلت امرأة تمشي مشية الرجال، فقلت: هذه أم سعيد بنت أبي جميل. قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس منا من الرجال من تشبه بالنساء، ولا من تشبه بالرجال من النساء". وقال العقيلي عقبه: "وهذا أولى". وقال البخاري: "وهذا مرسل، ولا يصح حديث أبي هريرة". وقد أشار البخاري - رحمه الله - إلى إعلال الحديث بمخالفة عمرو بن دينار - وهو ثقة حجة - للطيب - المجهول - بروايته عن عطاء عن رجل عن ابن عمر. فخالفه إسناداً ومتناً، وذلك دليل على أنه لا يحتج به. وأما تعقب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (14/ 244) الإمام البخاري بقوله: "وهذا من البخاري - رحمه الله - تعليل غير قائم؛ فهذا حديث وذاك حديث، وما يمتنع أن يروي عطاء هذ وذاك؟! وما هما بمعنى واحد، وإن اشتركا في بعض المعنى، بل أحدهما يؤيد الآخر ويقويه"!! قلت: يقال له: أثبت العرش ثم انقش؛ فإن مثل هذا التعقب إنما يصح أن يقال في ثقة روى شيئاً لم يروه الثقة الآخر، وليس الأمر كذلك هنا؛ فقد عرفت أن الطيب مجهول، ولم يوثقه أحد مطلقاً سوى ابن حبان الذي عرف بتوثيقه للمجهولين، ولكن الشيخ - رحمه الله تعالى - جرى في كتاباته كلها على الاعتداد بتوثيقه، خلافاً لجماهير العلماء في أصولهم وفروعهم، فكم من راو وثقه وهو عندهم مجهول، وكم من حديث صححه، وهو عندهم معلول! كل ذلك منه اعتماد على توثيق ابن حبان! وهذا هو المثال بين يديك. والحديث؛ أورده الهيثمي (4/ 251 و 8/ 103) - مطولاً ومختصراً -، وقال: "رواه أحمد، وفيه طيب بن محمد وثقه ابن حبان، وضعفه العقيلي، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "، وقال المنذري (4/ 66) : "رواه أحمد من رواية الطيب بن محمد، وبقية رواته رواة (الصحيح) ". (تنبيه) : على ثلاثة أمور: الأول: حديث الهذلي عن ابن عمر، هكذا وقع في "التاريخ": "ابن عمر" بدون الواو؛ وهكذا نقله عنه الحافظ في "التعجيل"! وعند العقيلي: "ابن عمرو" بالواو، وهو الصواب؛ فقد أخرجه أحمد في (مسند عبد الله بن عمرو) (2/ 220) ووقع فيه: "عبد الله بن عمرو بن العاصي"، وكذلك نقله عنه المنذري والهيثمي، وكذلك هو في "الحلية" من روايته عن أحمد. الثاني: الراوي عن عمرو بن دينار في "التاريخ": "عمر بن حبيب الصنعاني"، وفي "العقيلي": "عمرو بن حوشب الصنعاني"، وكذا هو في "المسند"؛ إلا أنه لم يقل: "الصنعاني"؛ وإنما "رجل صالح". وأكثر نسخ "المسند" على هذا: "عمرو بن حوشب"؛ كما حققه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (11/ 103-104) ، وذكر أن في نسخة (ك) رسماً غير بين، يمكن أن يقرأ: "معمر" وبهامشها "عمرو"، وعليها علامة نسخة. وأقول: لعل أصل الرسم الذي إليه: "عمر"؛ لأنه موافق لـ "التاريخ" من جهة، ولأنه مطبق لما في كتب التراجم - كما بينه الشيخ نفسه - من جهة أخرى، وهو الذي استقر عليه رأيه. وأرجح أن الصواب: أنه "عمر بن حبيب الصنعاني"؛ كما في "التاريخ"؛ لأنه هو الذي ذكروا في ترجمته أنه روى عن عمرو بن دينار، بينما لم يذكروا ذلك في ترجمة "عمرو بن حوشب"، وإنما ذكروا أنه روى عن إسماعيل بن أمية فحسب. الثالث: علمت مما سبق أن بين عطاء وابن عمرو: الرجل من هذيل في رواية البخاري وغيره؛ إلا أنه قد سقط الرجل من رواية الطبراني؛ كما أفاده الهيثمي، وكذلك سقط من رواية أبي نعيم، وهي من طريق أحمد! فالظاهر أن ذلك من أوهام بعض النساخ أو الرواة. كما وهم الحافظ على البخاري؛ فعزا إليه في "التعجيل" أنه روى عن عمرو ابن دينار عن عطاء قال: سمعت ابن عمر ... فذكر الحديث! وهذا وهم فاحش كنت اعتمدت عليه حين خرجت الحديث في "حجاب المرأة" (ص 66-67) ، والآ تبينت أن ذلك من أوهامه - رحمه الله -، فمن كان عنده نسخة؛ فليصححها على ما هنا. 5340 - (أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك - يعني: الجهاد -، وقليل منكن من يفعله) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (رقم 1474 - كشف الأستار عن زوائد البزار) من طريق مندل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال؛ فإن نصبوا (1) أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، ورشدين حدث عنه جماعة"! قلت: وما فائدة ذلك، وهو ممن أجمعوا على ضعفه؟! بل قال فيه البخاري في "التاريخ الصغير" (ص 163) : "منكر الحديث". وحكاه عنه في "التهذيب". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 302) : "كثير المناكير، يروي عن أبيه أشياء ليس تشبه حديث الأثبات عنه، كان الغالب عليه الوهم والخطأ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به". ثم ساق له هذا الحديث من طريق جبارة بن مغلس: حدثنا مندل بن علي به أتم منه. ولذلك؛ جزم الهيثمي في "المجمع" (4/ 305،306) بأنه ضعيف، وكذا الحافظ في "التقريب". ومندل ضعيف أيضاً. فاقتصار الهيثمي في إعلال الحديث عليه قصور، وبخاصة في الموضع الثاني ويحيى بن العلاء وضاع؛ كما تقدم غير مرة، فالسكوت عنه غير جيد. وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى عن ابن عباس، وشاهداً من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن. أما الطريق؛ فيرويه هشام بن يوسف - وهو الصنعاني - عن القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن بن جبيرة (2) عن سعيد بن المسيب: سمع ابن عباس قال: ... فذكره مختصراً جداً، ولفظه: قالت امرأة: يا رسول الله! ما جزاء غزو المرأة؟ قال: "طاعة الزوج، واعتراف بحقه". أخرجه الطبراني (3/ 93/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته القاسم بن فياض؛ لم تثبت عدالته. وقال ابن المديني: "مجهول، ولم يرو عنه غير هشام". وضعفه آخرون. ووثقه أبو داود فقط. وتناقض فيه ابن حبان، فذكره في "الثقات"! ثم ذكره في "الضعفاء" (2/ 213) ، وقال: "كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته؛ بطل الاحتجاج بخبره"! ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: "ليس بشيء". وهذه الطريق مما فات الهيثمي؛ فلم يتعرض لها بذكر؛ مع أنها على شرطه! وأما الشاهد؛ فيرويه العباس بن وليد بن مزيد قال: حدثنا أبو سعيد الساحلي - وهو عبد الله بن سعيد بن مسلم بن عبيد؛ وهو أبو نصيرة - عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع أصحابه، فقلت: يا رسول الله! إني وافدة النساء إليك، إنه ليس من امرأة سمعت بمخرجي إليك إلا وهي على مثل رأيي، وإن الله تبارك وتعالى بعثك إلى الرجال والنساء؛ فآمنا بك وبالهدى الذي جئت به، وإن الله قد فضلكم علينا - معشر الرجال - بالجماعة والجمعة، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن أحدكم إذا خرج غازياً أو حاجاً أو معتمراً؛ حفظنا أموالكم، وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، وإنا - معشر النساء - مقصورات محصورات قواعد بيوتكم (أفما نشارككم في هذا الأجر) (3) ؟ فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه بوجهه كله فقال: "سمعتم بمثل مقالة هذه المرأة؟ "، قالوا: ما ظننا أن أحداً من النساء تهتدي إلى مثل ما اهتدت إليه هذه المرأة! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اعلمي - وأعلمي من وراءك من النساء - أن حسن تبعل المرأة لزوجها، واتباعها موفقته ومرضاته؛ يعدل ذلك كله". فانطلقت تهلل وتكبر وتحمد الله عز وجل استبشاراً. أخرجه أسلم بن سهل الواسطي المعروف بـ (بحشل) في "تاريخ واسط" (ص 83-84) تحت باب "من روى عن أسماء بنت يزيد بن السكن" قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي: حدثنا العباس ... قلت: ومن هذا الباب استشعرت بصواب ما سبق إلى وهلي أول ما اطلعت على إسناده، وهو أن فيه سقطاً بين أبي سعيد الساحلي وأسماء بنت يزيد، ذلك؛ لأنه لا يمكن للساحلي - وقد سمع منه العباس بن الوليد المتوفى سنة (269) - أن يكون روى عن أسماء هذه، فلا بد أن يكون بينه وبينها واسطة؛ إذا فرضنا سلامة الإسناد من الانقطاع، فتابعت البحث، فتأكدت من ذلك حين وجدت ابن الأثير في "أسد الغابة" قد أورد الحديث في ترجمة أسماء من رواية مسلم بن عبيد عنها، وهذا الرجل موجود في إسناد (بحشل) ، فغلب على ظني أن ما وقع في "تاريخه": " ... بن مسلم بن عبيد" خطأ مطبعي صوابه: " ... عن مسلم بن عبيد"، فيكون هو المعني بـ (الباب) . ثم تيقنت ذلك بالرجوع إلى "تاريخ دمشق" للحافظ ابن عساكر، فبدأت بترجمة أبي سعيد الساحلي، فرأيته يقول فيها (19/ 33/ 2) ما لفظه: "اسمه أخطل بن المؤمل، ويقال: عبد الله بن سعيد. تقدم ذكره في حرف الألف". ثم رجعت إلى هناك، وإذا به يقول (2/ 305/ 2) : "أخطل بن المؤمل أبو سعيد الجبيلي، حدث عن مسلم بن عبيد، روى عنه العباس بن الوليد البيروتي". ثم ساق الحديث بإسناده إلى محمد بن يعقوب: أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد (الأصل: يزيد! وهو خطأ) : أخبرني أبو سعيد الساحلي - واسمه الأخطل بن المؤمل الجبيلي -: أخبرنا مسلم بن عبيد عن أسماء بنت يزيد الأنصارية - من بني عبد الأشهل -: أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث بطوله. ثم قال: "قال ابن منده: رواه أبو حاتم الرازاي (4) عن العباس بن الوليد بن مزيد، وفرق ابن منده بين أسماء هذه وبين أسماء بنت يزيد بن السكن". قلت: وخطؤوه في ذلك، كما بينه ابن الأثير، والحافظ في "الإصابة". ورواية بحشل هذه صريحة في أنها ابنة يزيد بن السكن. ثم قال ابن عساكر: "غريب، لم نكتبه إلا من حديث العباس". ثم رواه بإسناد آخر عن العباس به؛ إلا أنه قال: "حدثني أبو سعيد الأخطل ابن المؤمل الساحلي من أهل جبيل، وكان من أصحاب الحديث"! ثم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: فهو من المستورين. فما ذكره أبو العباس بن أبي الغنائم عقب الحديث قال: قال عبد اللطيف بن يورنداز: "هذا حديث حسن الإسناد"! ينافيه استغراب ابن عساكر إياه، وهو الأقرب لحال الساحلي هذا. ومن طريقه: رواه ابن عساكر أيضاً في مكان آخر من "التاريخ" (9/ 182/ 2) ، والحافظ ابن حجر في "المسلسلات" (ق 64/ 2-65/ 1) . __________ (1) كذا الأصل! وفي " الترغيب " و " المجمع ": (يصيبوا) ؛ وهو الصواب؛ لمطابقته لرواية ابن حبان، ونحوها رواية الطبراني: " فإن أصابوا أثروا ". (2) بضم الجيم؛ كما في " التهذيب "، ووقع في الأصل: (حندة) ! (3) هذه الجملة وقعت في الأصل في آخر كلام الصحابية، فنقلت إلى هنا استرشاداً بـ " أسد الغابة " وغيره. (الناشر) (4) يشير إلى رواية بحشل عنه، وقد أخرجه من طريقه أبو العباس بن أبي الغنائم في " الأربعين " (الحديث 34) . (الناشر) 5341 - (إن المرأة إذا خرجت من بيتها؛ وزوجها كاره لذلك؛ لعنها كل ملك في السماء، وكل شيء مرت عليه - غير الجن والإنس - حتى ترجع) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 170/ 1-2 مجمع البحرين) من طريق سويد بن عبد العزيز عن محمد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد". قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال أحمد: "متروك الحديث". وقال ابن معين، والنسائي: "ليس بثقة". وضعفه غيرهم؛ منهم ابن حبان؛ إلا أنه اضطرب كلامه فيه، فضعفه جداً في أول ترجمته، ثم لينه في آخرها، فقال في "الضعفاء" (1/ 350-351) : "كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يجيء في أخباره من المقلوبات أشياء تتخايل إلى من سمعها أنها علمت عمداً". ثم قال: "والذي عندي في سويد: تنكب ما خالف الثقات من حديثه، والاعتبار بما روى مما لم يخالف الأثبات، والاحتجاج بما وافق الثقات، وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات"! وقد أشار الذهبي في "الميزان" إلى هذا التناقض؛ ورد تليينه إياه؛ فقال: "وقد هرت (أي: طعن) ابن حبان سويداً، ثم آخر شيء قال: "وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات". قلت: لا، ولا كرامة، بل هو واه جداً". ولخص الحافظ في "التهذيب" كلام ابن حبان بفقرتيه، فظهر فيه التناقض دون أن يشير أنه من ابن حبان، فقال: "وضعفه ابن حبان جداً، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات"! والحديث؛ قال الهيثمي (4/ 313) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات". وقال المنذري (3/ 79/ 35) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات؛ إلا سويد بن عبد العزيز". وترجمه في آخر الكتاب بتضعيف الجمهور إياه وتوثيق (دحيم) ، ولم يقل: "وغيره"؛ فأصاب. |
5346 - (دخلت الجنة؛ فسمعت فيها خشفة بين يدي، فقلت: ما هذا؟ قال: بلال. قال: فمضيت؛ فإذا أكثر أهل الجة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين، ولم أر أحداً أقل من الأغنياء والنساء. قيل لي: أما الأغنياء؛ فهم ههنا بالباب يحاسبون ويمحصون. وأما النساء؛ فألهاهن الأحمران: الذهب والحرير. قال: ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية، فلما كنت عند الباب؛ أتيت بكفة فوضعت فيها، ووضعت أمتي في كفة؛ فرجحت بها، ثم أتي بأبي بكر رضي الله عنه، فوضع في كفة، وجيء بجميع أمتي في كفة فوضعوا، فرجح أبو بكر رضي الله عنه، وجيء بعمر فوضع في كفة، وجيء بجميع أمتي فوضعوا؛ فرجح عمر رضي الله عنه. وعرضت أمتي رجلاً رجلاً، فجعلوا يمرون، فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس، فقلت: عبد الرحمن! فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! ما خلصت إليك حتى ظنت أني لا أنظر إليك أبداً إلا بعد المشيبات! قال: وما ذاك؟ قال: من كثرة مالي؛ أحاسب وأمحص) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً أخرجه أحمد (5/ 259) : حدثنا الهذيل بن ميمون الكوفي الجعفي - كان يجلس في مسجد المدينة، يعني: مدينة أبي جعفر، قال عبد الله: هذا شيخ قديم كوفي - عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بمن ليس بثقة؛ سوى القاسم - وهو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي -؛ فقد وثق. وغلا فيه ابن حبان - فقال (2/ 212) : "كان ممن يروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعضلات، ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات؛ حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها"!! ووثقه غيره. وذكر البخاري أن ما ينكر من حديثه؛ إنما هو من الرواة الضعفاء عنه. والمتقرر فيه: أنه حسن الحديث؛ فالعلة هنا ممن دونه: أولاً: علي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيف. ثانياً: عبيد الله بن زحر مثله في الضعف، أو ذاك شر منه، وقال ابن حبان فيه (2/ 62) : "منكر الحديث جداً، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة، بل التنكب عن رواية عبيد الله بن زحر على الأحوال أولى". ثالثاً: مطرح بن يزيد ضعيف اتفاقاً. رابعاً: الهذيل بن ميمون الكوفي غير معروف فيما يبدو إلا في هذه الرواية؛ فإن الحافظ لما أورده في "التعجيل"؛ لم يزد في ترجمته على قول عبد الله بن أحمد المذكور في الإسناد، ولعله الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 113) : "هذيل بن ميمون. روى عن الأحوص بن حكيم. روى عنه يحيى بن أيوب البغدادي المعروف بـ (الزاهد) . سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعرفه، لا أعلمه روى عنه غير يحيى بن أيوب الزاهد". قلت: وهو المقابري؛ وهو من شيوخ أحمد، وبين وفاتيهما سبع سنوات، فلا أستبعد أن يكون هذا الذي سمع منه يحيى: هو الكوفي الذي سمع منه الإمام أحمد، فيكون مجهول الحال. والله أعلم. والحديث؛ قال الهيثمي (9/ 59) : "رواه أحمد؛ والطبراني بنحوه باختصار، وفيهما مطرح بن يزيد، وعلي بن يزيد الألهاني، وكلاهما مجمع على ضعفه. ومما يدلك على ضعف هذا أن عبد الرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر، والحديبية، وأحد العشرة، وهو أفضل الصحابة والحمد لله". ولم يستحضر المنذري أن الحديث في "المسند"، و"الطبراني"! فقد ذكر طرفه الأول في كتاب "اللباس" من "الترغيب والترهيب" (3/ 105) ؛ ثم قال: "رواه أبو الشيخ ابن حيان وغيره من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه"! قلت: وصدره بلفظة: (عن) ؛ فلم يصب؛ لما فيه من إيهام قوته؛ كما بينته في مقدمة "صحيح الترغيب" و "ضعيف الترغيب"!! 5370 - (أربعة يصبحون في غضب الله، ويسمون في سخط الله. قلت: ومن هم يا رسول الله؟! قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي تأتيه الرجال) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 110) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 306/ 1) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (2/ 121/ 1) و (4/ 356/ 5385) ، والطبراني في "الأوسط" (رقم 7001) من طريق دحيم: حدثنا ابن أبي فديك عن محمد بن سلام الخزاعي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. أورده البخاري في ترجمة ابن سلام الخزاعي هذا، وقال: "لا يتابع عليه". وقال ابن عدي: "وهذا الذي أنكره البخاري لا أعلم رواه عن محمد بن سلام غير ابن أبي فديك". وكذا قال الطبراني أن ابن أبي فديك تفرد به عن ابن سلام. وقال أبو حاتم: "مجهول". وقال الذهبي: "لا يعرف". قلت: وأما أبوه سلام الخزاعي؛ فلعله سلام بن أبي مطيع - واسمه سعد - الخزاعي؛ المترجم في "التهذيب" برواية الشيخين عنه. وبروايته هو عن قتادة وهشام ابن عروة؛ وغيرهما. فإن يكن هو؛ فمعنى ذلك أن في الإسناد انقطاعاً؛ لأنه من أتباع التابعين، ولذلك؛ لم يذكروا له رواية عن الصحابة. وقال الحافظ في "التقريب": "ثقة صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف، من السابعة، مات سنة أربع وستين (ومئة) ، وقيل بعدها". 5435 - (يسلم الرجال على النساء، ولا يسلم النساء على الرجال) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (243) ، وابن حبان في "الضعفاء" (1/ 190) من طريق بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. أورده ابن حبان في ترجمة بشر هذا، وقال: "له نسخة فيها مئة حديث؛ كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال.."، ثم ساق له بهذا الإسناد أحاديث هذا أحدها. وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 234) ، وقال: "لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو حاتم الرازي: بشر وبكار مجهولان". والحديث؛ عزاه الحافظ في "الفتح" (11/ 34) لأبي نعيم (!) في "عمل يوم وليلة"، وقال: "وسنده واه، ومن حديث عمرو بن بن حريث مثله موقوفاً عليه، وسنده جيد"! ذكره تحت شرح (باب: تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال) ، وحكى خلاف العلماء في ذلك، وانتهى من ذلك إلى الجواز إذا أمنت الفتنة، وهو الراجح؛ لثبوت سلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على النساء. وكذلك صح سلام الصحابة على العجوز التي كانت تقدم إليهم أصول السلق مطبوخاً مع الطحين بعد صلاة الجمعة. رواه البخاري في "صحيحه" (6248) . وروى في "الأدب المفرد" (1046) بسند حسن عن الحسن (وهو البصري) قال: كن النساء يسلمن على الرجال. 5486 - (يا أيها الناس! حرم هذا المسجد على كل جنب من الرجال، أو حائض من النساء؛ إلا النبي، وأزواجه، وعلياً، وفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا بينت الأسماء أن تضلوا) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 38) ، وابن حزم في "المحلى" (2/ 252 - طبع الجمهورية) من طريق عطاء بن مسلم عن ابن أبي غنية عن إسماعيل عن جسرة - وكانت من خيار النساء - قالت: كنت مع أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عندي، حتى دخل المسجد فقال: ... فذكره. وقال ابن حزم: "باطل، عطاء بن مسلم الخفاف منكر الحديث. وإسماعيل مجهول". قلت: وقد رواه أفلت بن خليفة عن جسرة به نحوه مختصراً. وأعله ابن حزم بأفلت هذا، وأعله غيره بجسرة؛ وهو الراجح عندي؛ كما بينته في "ضعيف أبي داود" (32) ، فلا نعيد القول فيه. 5625 - (يا أُمَّ الفضل! إنَّكِ حاملٌ بغُلامٍ. قالت: يا رسولَ الله! وكيفَ وقد تَحالفَ الفريقانِ أنْ لا يأتوا النساءَ؟ قال: هو ما أقولُ لك. فإذا وَضَعْتِيهِ؛ فَأْتِينِي به. قالتْ فلما وضعتُه؛ أتيتُ به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَذَّنَ في أذنهِ اليُمنى، وأقامَ في أُذُنِهِ اليسرى، [وألبأَهُ مِنْ ريقهِ، وسَمَّاه عبدَ الله] ، وقال: اذهبي بأبي الخلفَاءِ. قالتْ فأتيتُ العباسَ، فأَعْلَمْتُه، وكان رجلاً جميلاً لباساً، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام إليه فقَبَّلَ بين عَيْنَيْهِ، ثم أَقْعَدهُ عن يمينه، ثم قال: هذا عمي، فمن شاء؛ فَلْيُبَاهِ بعَمِّه. قالتْ: يا رسولَ اللهِ! بعض هذا القول. فقال: يا عباس! لم لا أقولُ هذا القولَ وأنتَ عَمِّي وصِنْو أبي، وخيرُ مَنْ أَخْلُف بعدِي مِنْ أهلي. فقالَ: يا رسولَ الله! ما شيء أخبَرَتْنِي به أمُّ الفضل عن مولودنا هذا؟ قال: نعم؛ يا عباس! [هو ما أخبَرَتْكَ؛ أبو الخلفاء] إذا كانتْ سنةُ خمسٍ وثلاثينَ ومئة؛ فهي لك ولِوَلَدِكَ، منهم السَّفَّاحُ، ومنهم المنصورُ، ومنهم المهدي) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه ابو نعيم في «الدلائل» (ص 482 - 483) - والزيادتان له -، والخطيب في «التاريخ» (1 / 63 - 64) - ومن طريقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1 / 291) - من طرق عن أحمد بن راشد الهلالي قال: نبأنا سعيد ابن خُثَيم عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس قال حدثتني أم الفضل بنت الحارث الهلالية قالت: مررتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو في الحِجْرِ، فقال: 000 فذكره. وقال ابن الجوزي: «لا يصح؛ حنظلة؛ قال يحيى بن سعيد: كان اختلط. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: منكر الحديث يُحَدِّث بأعاجيب» . قلت: هو السدوسي أبو عبد الرحيم، وهو - على ضعفه - ما أظن أنه الجاني في هذا الحديث، وإنما الآفة ممن دونه، ألا وهو أحمد بن راشد الهلالي؛ ففي ترجمته أورده الذهبي في «الميزان» ، وقال: «خبر باطل، وهو الذي اخْتَلَقَهُ بِجَهْلٍ» وأقره الحافظ في «اللسان» ؛ لكنه قال: «وذكره ابن حبان في «الثقات» فقال: يروي عن عمه سعيد بن خثيم ووكيع، كان عُلَيْك الرازي كثير الرواية عنه "! ولقد تساهل ابن الجوزي - خلافاً لعادته - بإيراده هذا الحديث في " الواهيات " دون " الموضوعات "! وأحسن السيوطي باستدراكه عليه؛ فأورده في " ذيل الموضوعات " (ص 77) ، ونقل كلام الذهبي وابن الجوزي المتقدمين، وتبعه ابن عراق، فأورده في " تنزيه الشريعة - الفصل الثالث "، وقال عقب كلام الذهبي: " قلت: وقال في " تلخيص الواهيات ": باطل بيقين، والآفة فيه من أحمد ابن راشد؛ إذ رواته معروفون ثقات سواه. والله أعلم ". وفي هذا الإطلاق للتوثيق نظر لا يخفى على القارئ. 5702 - (لا تَدْخُلُوا على النِّسَاءِ وإنْ كُنَّ كَنَائنَ. قلنا: يا رسولَ الله! أفرايتَ الحمْوُ؟ قال: حَمْوُهُنَّ الموتُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر بهذا اللفظ. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (1 / 255 / 736) من طريق النضر بن عبد الجبار: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . فذكره في (مسند أنس) ! ولا أدري كيف وقع ذلك، وإن كان يقع مثله احياناً في ((مسند أحمد)) وغيره! قلت: وهذا إسناد ضعيف ومتن منكر، وهو من أوهام ابن لهيعة. فقد خالفه جماعة من الثقات؛ فرووه عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه؛ دون ذكر (الكنائن) . هكذا أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في ((غاية المرام)) (181) . وكذلك رواه أحمد (4 / 149، 153) ، والطبراني في ((المعجم)) (17 / 277 / 762 - 765) . وفي رواية له (764) : حدثنا بكر بن سهل: ثنا عبد الله بن يوسف: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بإسناده بلفظ: ((لا تتحدثوا عند النساء)) . وهذا منكر أيضاً؛ مخالف لحديث الثقات، فإن لم يكن من ابن لهيعة؛ فهو من بكر بن سهل؛ فقد ضعفه النسائي. قلت: ولو صحت زيادة: ((وإن كن كنائن)) ؛ لكان لها وجه في المعنى، وذلك؛ أن (الكنائن) جمع (كَنة) - بفتح الكاف -: وهي امرأة الابن أو الأخ؛ كما في ((القاموس)) وغيره، فلو صحت؛ حُمِلَ على امرأة الاخ؛ ضرورة أن والد الابن محرم بالنسبة لامرأة ابنه، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي مَحْرَمٍ)) . أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في ((الغاية)) (برقم: 182) ، وانظر: ((فتح الباري)) (9 / 331 - 332) . (تنبيه) : لقد اختلفوا في المراد بـ (الحمو) في هذا الحديث الصحيح على أقوال ذكرها الحافظ في ((الفتح)) (9 / 331 - 332) ؛ منها: أنه أبو الزوج. وكأن الحافظ مال إليه، ولو صح حديث الترجمة؛ لكان حجة رافعاً للخلاف، وإن مما يبطل حديث الترجمة أمرين: الاول: أن أحد رواته عن يزيد بن أبي حبيب - وهو الإمام الليث بن سعد - قال - كما في رواية لمسلم -: (( (الحمو) أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج: ابن العم ونحوه)) . وذكر نحوه الترمذي (4 / 152 - حمص) ، ونقله عنه الحافظ على الصواب، ثم ذهل فعزا إليه في نفس الصفحة بأن الحمو أبو الزوج! وقال النووي: ((إتفق أهل العلم باللغة على أن (الأحماء) أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوه)) . والآخر: أن أبا الزوج من المحارم؛ بصريح الآية الكريمة: (. . وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ. .) ، فيبعد جداً أن يجوز لزوجة الابن أن تبدي زينتها لوالد زوجها، ولا يجوز له أن يدخل عليها كما في حديث الترجمة، فدل ذلك على أنه منكر. والله أعلم. (تنبيه) : لقد وقع في ((الترغيب)) (3 / 66) من الخطأ مثل ما وقع للحافظ؛ فقد ذكر أن الليث بن سعد فسَّر (الحمو) بأنه أبو الزوج ومن أدلى به كالأخ والعم وابن العم ونحوهم! فهذا خلاف ما سبق في رواية مسلم عنه، فلعل لفظ (أبو) تحريف من الناسخ أو الطابع. (تنبيه آخر) : علق أخونا حمدي السلفي على حديث الترجمة، فقال: ((رواه أحمد. . والبخاري. . ومسلم. . والترمذي. .)) ! وهذا غير جيد؛ لأنه يوهم أنه عندهم بهذه الزيادة المنكرة! فوجب التنبيه. 5716 - (تعبد قبل أن يموت بشهرين واعتزل النساء حتى صار كالحلس (1) البالي) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الخطيب في تاريخه (12 / 140) من طريق العباس بن إسماعيل بن حماد البغدادي حدثنا محمد بن الحجاج مولى بني هاشم حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سفينة عن أبيه عن سفينة قال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم مجهول: ما بين عبد الرحمن والعباس البغدادي لم أجد لهما ترجمة. وأما عبد الرحمن فذكره ابن أبي حاتم (2 / 2 / 240) برواية جعفر والد عبد الحميد فقط ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ولم يورده ابن حبان في ثقاته. وأما العباس بن إسماعيل ففي ترجمته أورد الخطيب هذا الحديث ولم يزد وذكره الحافظ في اللسان وقال: " قال ابن حبان في الثقات يعتبر به حدثنا عنه ابن قتيبة ". قلت: أورده في الطبقة الرابعة (8 / 514) وهي الخاصة بـ (تبع أتباع التابعين) وليس في النسخة المطبوعة منه قوله " يعتبر به " فالظاهر أنها سقطت من الناسخ أو الطابع. ثم رأيت الحديث في كشف الأستار (3 / 122 / 2384) قال: حدثنا محمد بن سفيان بن محمد المسعري ثنا محمد بن الحجاج ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سفينة به بلفظ: ". . . كالشن البالي ". فقد توبع العباس بن إسماعيل من المسعري هذا ولكني لم أجد له ترجمة وقال الهيثمي في المجمع (2 / 270 - 271) : " رواه البزار من رواية محمد بن عبد الرحمن بن سفينة عن أبيه عن جده ولم أجد من ذكرهما وفيه محمد بن الحجاج قال يحيى بن معين ليس بثقة ". قلت: في الرواة (محمد بن الحجاج) جمع وفيهم اثنان قال ابن معين في كل منهما: " ليس بثقة ". أحدهما: محمد بن الحجاج اللخمي الواسطي صاحب حديث الهريسة الكذاب وتقدم برقم (690) . والآخر: محمد بن الحجاج المصغر فلا أدري أيهما يعنيه الهيثمي ولا عرفت أنا من هو من ذلك الجمع وبخاصة انه ليس فيهم أحد نسب غلى بني هاشم ولاء كما وقع في رواية الخطيب والله أعلم. __________ (1) الحلس: ما يبسط في البيت من حصير ونحوه تحت كريم المتاع. 5760 - (لا تَدْخُلْ على النِّسَاءِ إلا بإذْنْ. قاله لأنس صبيحةَ اليومِ الذي احتَلَمَ فيه) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر بهذا التوقيت. أخرجه الطبراني فيه المعجم الصغير (ص 51 - هندية) وفي " الأوسط " (1 / 167 / 2 / 3119) ، وابن عدي في " الكامل " (3 / 232) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 495) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3 / 164) من طريق زافر بن سليمان: ثنا مالك بن أنس عن يحيى ابن سعيد عن أنس قال: لما كان صبيحة اليوم الذي احتلمت فيه؛ أخبرت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:. . . فذكره، قال: فما أتى علي يوم كان أشد منه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال الهيثمي في " المجمع " (4 / 326) : " رواه الطبراني في " الصغير " و " الأوسط "، وفيه زافر بن سليمان؛ وهو ثقة، وفيه ضعف لا يضر، وبقية رجاله ثقات "! كذا قاله والحق أن الضعف الذي فيه يضر؛ لكثرة وهمه؛ يدلك على ذلك أقوال الأئمة الآتية : الأول : قال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى : " ولزافر غير ما ذكرت ، وأحاديثه مقلوبة الإسناد ، مقلوبة المتن ، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ، ويكتب حديثه مع ضعفه " . الثاني : قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 315 ) : " كثير الغلط في الأخبار ، واسع الوهم في الآثار ، على صدق فيه ، والذي عندي في أمره : الاعتبار بروايته التي يوافق فيها الثقات ، وتنكب ما انفرد به من الروايات " . الثالث : قال الساجي : " كثير الوهم " . الرابع : النسائي ؛ فقد أورده في " الضعفاء والمتروكين " ، وقال : " عنده حديث منكر عن مالك " . قلت : وهو هذا ؛ كما قال الحافظ في ترجمته من " التهذيب " ( 3 / 304 ) . وليس نكارة الحديث من جهة تفرد زافر به فقط ، ولو أن هذا يكفي في ذلك على مذهب من يطلق النكارة على ما تفرد به الضعيف - كما هو مذهب أحمد - ، وإنما هو من جهة مخالفته أيضاً للثقات . فقد جاء من غير طريق عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له : " لا تدخل علي . . . " ، بمناسبة تزول آية الحجاب في قصة بنائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على زينب ، وهو مخرج في " الصحيحة " ( 2957 ) . 5931 - ( كانت لهُ كل ليلةٍ من سعد بن عُبادة صحفةٌ ، فكان يخطِبُ النساءَ ويقولُ : لكِ كذا وكذا ؛ وجفنةُ سعدٍ تدور معيَ إليكِ كلما دُرتُ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطبراني في (( المعجم الكبير )) ( 6 / 148 / 5701 ) من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال : . . . فذكره مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته عبد المهيمن هذا ؛ قال الهيثمي في (( المجمع )) ( 4 / 282 ) - وتبعه في (( التقريب )) - : (( ضعيف )) . 5957 - ( إذا توفيت المرأة ، فأرادوا أن يغسلوها ، فليبدأوا ببطنها ، فليمسح بطنها مسحاً رقيقاً إن لم تكن حُبلى ، فإن كانت حُبلى ؛ فلا تحركنها ، فإن أردت غسلها فابدئي بسفلتها ، فألقي على عورتها ثوباً ستيراً ، ثم خذي كرسفاً فاغسليها ، فأحسني غسلها ، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب ، فامسحيها بكرسف ثلاث مرات ، فأحسني مسحها قبل أن توضئيها ، ثم وضئيها بماء فيه سدر ، ولتفرغ الماء امرأة وهي قائمة لا تلي شيئاً غيره حتى تنقي بالسدر وأنت تغسلين ، وليل غسلها أولى النساء بها ، وإلا ؛ فامرأة ورعة ، فإن كانت صغيرة أو ضعيفة ؛ فلتلها امرأة ورعة مسلمةٌ ، فإذا فرغت من غسل سفلتها غسلاً نقياً بماء وسدر ؛ فلتوضئها وضوء الصلاة ؛ فهذا بيان وضوئها ، ثم اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر ، فابدئي برأسها قبل كل شيءٍ فأنقي غسله من السدر بالماء ، ولا تسرحي رأسها بمشط ، فإن حدث بها حدث بعد الغسلات الثلاث ؛ فاجعليها خمساً ، فإن حدث في الخامسة ؛ فاجعليها سبعاً ، وكل ذلك فليكن وتراً بماء وسدر ، فإن كان في الخامسة أو الثالثة ؛ فاجعلي فيه شيئاً من كافور وشيئاً من سدر ، ثم اجعلي ذلك في جر جديد ، ثم أقعديها فأفرغي عليها وابدئي برأسها حتى تبلغي رجليها ، فإذا فرغت منها ؛ فألقي عليها ثوباً نظيفاً ، ثم أدخلي يدك من وراء الثوب فانزعيه عنها ، ثم احشي سفلتها كرسفاً واحشي كرسفها من طيبها ، ثم خذي سبيةً طويلةً مغسولةً فاربطيها على عجزها كما تربط على النطاق ، ثم اعقديها بين فخذيها وضمي فخذيها ، ثم ألقي طرف السبية عن عجزها إلى قريب من ركبتيها ، فهذا شأن سفلتها ، ثم طيبيها وكفنيها واطوي شعرها ثلاثة أقرن : قصةً وقرنين ، ولا تشبهيها بالرجال ، وليكن كفنها في خمسة أثواب : أحدها الإزار تلفي به فخذيها ، ولا تنقضي من شعرها شيئاً بنورةٍ ولا غيرها ، وما يسقط من شعرها ؛ فاغسليه ، ثم اغرزيه في شعر رأسها ، وطيبي شعر رأسها ، فأحسني تطييبه ولا تغسليها بماء مسخن واخمريها وما تكفنيها به بسبع نبذات إن شئت ، واجعلي كل شيءٍ منها وتراً ، وإن بدا لكِ أن تخمديها في نعشها فاجعليه وتراً . هذا شأن كفنها ورأسها ، وإن كانت محدورةً أو مخصوفةً أو أشباه ذلك ، فخذي خرقةً واحدةً واغمسيها في الماء واجعلي تتبعي كل شيءٍ منها ، ولا تحركيها ؛ فإني أخشى أن يتنفس منها شيءٌ لا يستطاع ردُهُ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الطبراني في (( المعجم الكبير )) ( 25 / 124 ) من طريق جنيد ابن أبي وهرة ، وليث ؛ كلاهما عن عبد الملك بن أبي بشير عن حفصة بنت سيرين عن أم سليم أم أنس قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . . . فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف من الطريقين ؛ ففي الأولى جنيد - وهو ابن العلاء - ؛ مختلف فيه ؛ فقال البخاري في (( التاريخ )) ( 2 / 1 / 236 ) في ترجمته : (( قال أبو أسامة : كان صاحبي أوثق مني )) . وقال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 528 ) عن أبيه : (( صالح الحديث )) . وذكره ابن حبان في (( الثقات )) ( 6 / 150 ) . ثم أورده في (( الضعفاء )) ( 1 / 211 ) ، وقال : (( كان يدلس عن محمد بن أبي قيس المصلوب ، ويروي ما سمع منه عن شيوخه ، فاستحق مجانبة حديثه على الأحوال كلها ؛ لأن ابن أبي القيس كان يضع الحديث )) . وقال الذهبي في (( الميزان )) : (( له حديث في غسل الميت طويل منكر )) . قلت : يعني : هذا . وأقره الحافظ في (( اللسان )) ، وقال : (( قال الأزدي : لين الحديث )) . قلت : وفي الطريق الأخرى ليث - وهو ابن أبي سليم الحمصي - ؛ وهو ضعيف مختلط ، ولا أستبعد أن يكون جنيد بن العلاء تلقاه عنه ثم دلسه ، فيرجع الحديث إلى طريق واحدة . والحديث ، قال الهيثمي ( 3 / 22 ) : (( رواه الطبراني في (( الكبير )) بإسنادين ، في أحدهما ليث بن أبي سليم ؛ وهو مدلس ، ولكنه ثقة ، وفي الآخر جنيد ؛ وقد وثق ، وفيه بعض كلام )) . وأقول : لا أعلم أحداً رمى ليثاً بالتدليس ، وإنما بالاختلاط . وكذلك لا أعلم من أطلق فيه التوثيق . فراجع أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه في (( التهذيب )) . 5981 - ( لا يلجنّ من هذا الباب من الرجال أحد . يعني : باب النساء في المسجد ! اَلنَّبَوِيّ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الطيالسي في " مسنده ) ! ( 1829 ) ، ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 1 / 313 ) : حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل له باباً للنساء ، وقال : . . . فذكره . قال نافع : فما رأيت ابن عمر دَاخِلًا من ذلك الباب ولا خَارِجًا منه . قلت : وهذا إسناد واه ؛ عبد الله بن نافع : هو العدوي مولاهم المدني ، قال الذهبي في " الكاشف " و " الضعفاء " : " ضعفوه " . وقال الحافظ في " التقريب " : قلت : وتركه النسائي والدارقطني . وقال اَلْبُخَارِيّ في " التاريخ " ( 3 / 1 / 214 ) وأبو أحمد الحاكم : " منكر الحديث " . قلت : وهذا الحديث من مناكيره عندي ؛ فقد خالفه أيوب في لفظه فقال : وعن نافع به بلفظ : " لو تركنا هذا الباب للنساء " . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات . أخرجه أبو داود ( 462 ، 571 ) . وأعله بالوقف ، والراجح عندي الرفع كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 483 ) . ولفظ الموقوف عند البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 60 ) من طريق محمد ابن عبد الرحمن : أن رَجُلًا حدثه - حسبته محمد بن أبي حكيم - سمع ابن عمر عن عمر قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . قلت : وهذا إسناد موقوف ضعيف ؛ محمد بن أبي حكيم ؛ مجهول لم يرو عنه غَيْر هذا الرجل الذي لم يسم . ومحمد بن عبد الرحمن ؛ هو ابن نوفل أبو الأسود الثقة . وابن أبي حكيم هذا ؛ ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 366 ) ؛ لكن سقط منه الرجل الذي بينه وبين ابن نوفل ! وعلى كل حال فهو مجهول كما ذكرت ، حتى على افتراض أنه سمع منه ابن نوفل . وأخرجه أبو داود ( 463 ، 464 ) من طريقين عن نافع : أن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب إلنساء . وهذا منقطع . ولذلك ؛ أوردته في " ضعيف سن أبي داود " ( 72 - 73 ) . والخلاصة : أن النهي الصريح عن الدخول من باب النساء رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح . والصحيح حضه على ذلك بقوله : " لو تركناه لِلنِّسَاءِ " كما تقدم . وَاَللَّه أعلم . والحديث مع الموقوف على عمر مما سود به الشيخ التويجري كتابه أَيْضًا ( ص 133 ) دون أن يبين ضعفه ! 6009 - ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ! إِذَا سَمِعْتُنَّ أَذَانَ هَذَا الْحَبَشِيِّ وَإِقَامَتِهِ ؛ فَقُلْنَ كَمَا يَقُولُ ، فَإِنَّ لَكُنَّ بِكُلِّ حَرْفٍ أَلْفَ أَلْفَ دَرَجَةٍ . فَقَالَ عُمَرُ : هَذَا لِلنِّسَاءِ ؛ فَمَا لِلرِّجَالِ ؛ قَالَ : ضِعْفَانِ يَا عُمَرُ ! ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (24/16/38) من طريق بَكْر بن عَبْدِالْوَهَّابِ : حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بن جَعْفَرٍ عَنْ عُقْبَةَ بن كَثِيرٍ عَنْ خِرَاشٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِاللَّهِ عَنْ مَيْمُونَةَ : أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ : ... فذكره . وزاد : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ ، فَقَالَ : "إِنَّهُ لَيْسَ مِنِ امْرَأَةٍ أَطَاعَتْ وَأَدَتْ حَقَّ زَوْجِهَا ، وَتَذْكُرُ حُسْنَهُ ، وَلا تَخُونَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ ؛ إِلا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً وَاحِدَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مُؤْمِناً حَسَنَ الْخُلُقِ ؛ فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِلا زَوَّجَهَا اللَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ " . قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ ما بين ميمونة وبكر بن عبد الوهاب ؛ كلهم لا ذكر لهم في شيء من كتب الرجال . وله عند الطبراني (24/11/15) طريق أخرى من طريق منصور بن سعد عن عباد بن كثير عن عبد الله الجزري عن ميمونة مختصراً جدّاً بلفظ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَصف النِّسَاءِ ، فَقَالَ للنِّسَاءِ : " إِذَا سَمِعْتُنَّ أَذَانَ هَذَا الْحَبَشِيِّ ؛ فَقُلْنَ كَمَا يَقُولُ " . قلت وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عباد بن كثير - وهو البصرؤي - : قال الحافظ في "التقريب" : "متروك" . وقال الهيثمي في "المجمع" (4/308) - بعد أن ساقه على السياق الأول - : "رواه الطبراني بإسنادين : في أحدهما عبد الله الجزري عن ميمونة ، وفيه منصور بن سعد ؛ ولم أعرفه ، وفيه عباد بن كثير ؛ وفيه ضعف كثير ، وقد ضعفه جماعة ، وبقية رجاله ثقات . والاسناد الآخر فيه جماعة لم أعرفهم " . وذكر نحوه في مكان آخر (1/332) ؛ لكنه قال في "الجزري" : "ولم أعرفه ، و عباد بن كثير ؛ وفيه ضعف" ! وقوله في الجزري مقبول ؛ بخلاف قوله المتقدم في منصور بن سعد ؛ فإنه معروف ، وهو ثقة من رجال البخاري ، بصري . وقوله المتقدم في عباد بن كثير أقرب إلى الصواب . والحديث أورده المنذري في "الترغيب" (1/113) برواية الطبراني الأولى ، وقال : "وفيه نكارة" . ولقد كان من البواعث على تخريج الحديث هنا وتحرير القول فيه أنني سمعته في ضحى هذا اليوم (الأربعاء 22 جمادى الأولى سنة 1410) من الإذاعة السعودية ، فتمنيت أن تتميز عن سائر الإذاعات بأن يختار المتكلمون فيها الأحاديث الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لينشروا على الأمة الثقافة الصحيحة النافعة ! |
6020 - ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ! اتَّقِيْنَ اللهَ ، والتمِسوا مَرْضاةَ أزواجِكُنًّ ؛
فإن الْمَرْأَةَ لَوْ تَعْلَمُ ما حَقُّ زوجِها ، لم تزلْ قائمةً مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه البزار في مسنده المعروف بـ "البحر الزخار" (2/ 290 - 291) ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/47) من طريق الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي قال : نا عبدالغفار بن القاسم عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ... فذكره . وقال البزار : "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد" . قلت : وهو موضوع ؛ آفته عبدالغفار هذا ، قال علي بن المديني وأبو داود : "كان يضع الحديث" . والحكم : متروك ، وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (4/309) ، ثم الحافظ ابن حجر في "زوائد مسند البزار" (ص 154)! فقصَّرا ؛ لأن شيخه عبدالغفار شر منه - كماسبق - . وللشطر الثاني منه شاهد من حديث معاذ مرفوعاً بلفظ : "لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ " . أخرجه البزار (2/ 180/ 1471 - كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/160/333) من طريق فضيل بن سليمان النُّمَيري : ثنا موسى بن عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بن سُلَيْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ ... به . قال الهيثمي : "رواه البزار والطبراني ، وفيه عبيد (الأصل : عبيدة) بن سليمان الأغر ؛ ولم أعرفه ، ولا أعرف لأبيه من معاذ سماعاً ، وبقية رجاله ثقات " . وتعقبه الحافظ في "زوائده " بقوله : "قلت : بل عبيد معروف ، والإسناد حسن "! كذا قال ! وفيه عندي نظر من وجهين : الأول : أن الفضيل بن سليمان النميري - وإن كان من رجال الشيخين ؛ فقد - ضعفه جمهور الأئمة ، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/316 -317)! فشذ ؛ ولذلك أورده الذهبي في "الضعفاء " وقال (515/4958) : "فيه لين . قال أبو حاتم وغيره : ليس بالقوي . وقال أبو زرعة : لين . وقال ابن معين : ليس بثقة" . وذكر مثله في "الكاشف " . وقال الحافظ نفسه في "التقريب " : "صدوق ، له خطأ كثير" . قلت : فمثله لا يحتج به ؛ وإنما يستشهد به ، وقد قال الحافظ في "مقدمة فتح الباري " (ص 435) : "ليس له في "البخاري" سوى أحاديث ؛ توبع عليها" . ثم ذكرها ، مع بيان من تابعه عليها . والوجه الآخر : أن المعروف إنما هو (عبيد بن سلمان الأغر) ؛ كذلك هو في "التهذيب " وغيره ، فإن كان هو هذا ؛ فيكون قوله في هذا الإسناد : " ... سليمان ... " ؛ من أوهام النميري . والله أعلم . 6025 - ( ملائكةُ السماءِ يستغفرونَ لذَوائِبِ النساءِ ولِحَى الرجالِ ؛ يقولونَ : سبحان الذي زَيَّنَ الرجالَ باللِّحَى والنساءَ بالذوائب ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/66) من طريق الحاكم : أخبرنا ابن عصمة : حدثنا الحسين بن داود بن معاذ : حدثنا النضر بن شميل : حدثنا عوف عن الحسن عن عائشة مرفوعاً . قلت : وهذا موضوع ؛ آفته الحسين هذا - وهو : البلخي - : قال الخطيب( 8/44) : "لم يكن ثقة ؛ فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس ؛ أكثرها موضوع " . ثم ساق له الحديث المتقدم برقم (808) ، وقال : "وهو موضوع ؛ ورجاله كلهم ثقات ؛ سوى الحسين " . وتقدم له حديث آخر برقم (780) ، وأن ابن الجوزي قال فيه : "وضاع " . وله حديث رابع مضى برقم (12) . وقد روي حديث الترجمة موقوفاً بلفظ : "إن يمين ملائكة السماء : والذي زيَّن الرجال باللحى ، والنساء بالذوائب ! " . أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " (10/387 - المدينة) من طريق الخليل ابن أحمد بن محمد بن الخليل : نا أبو عبد الله محمد بن معاذ بن فهد النهاوندي - وسمعته يقول : لي مائة وعشرون سنة ، وقد كتبت الحديث ، ولحقت أبا الوليد الطيالسي والقعنبي وجماعة من نظرائهم ، ثم ذكر أنه تصوَّف ودَفَنَ الحديثَ الذي كتبه أول مرة ، ثم كتب الحديث بعد ذلك ، وذكر أنه حفظ من الحديث الأول حديثاً واحداً ، وهو ما حدثنا به - : نا محمد بن المنهال الضرير : نا يزيد بن زريع : نا روح بن القاسم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : ... فذكره موقوفاً . وقال ابن عساكر : "هذا حديث منكر جداً ، وإن كان موقوفاً ، وليت النهاوندي نسيه فيما نسي ؛ فإنه لا أصل له من حديث محمد بن المنهال . والله أعلم " . قلت : والنهاوندي هذا واهٍ عند الذهبي ، كما تقدم في الحديث الذي قبله . والله أعلم . (تنبيه) : لقد عزا الشيخُ العجلوني في "كشف الخفاء" الحديثَ للحاكم عن عائشة! فأوهم أنه في "المستدرك " ؛ لأنه المعني عند أهل العلم إذا أطلق العزوُ إليه ، وليس فيه! والظاهر أنه في كتابه الآخر : "تاريخ نيسابور" ؛ لأنه ترجم له فيه ؛ كما في "لسان الحافظ " . ثم إن هذا العزو مع السكوت عن بيان حال الحديث مما يدلنا على أن العجلوني علمه في الحديث ؛ إنما هو النقل دون النظر في الأسانيد والمتون والتحقيق فيها . ونحوه عبدالرؤوف المناوي ؛ فقد سبقه إلى عزو الحديث في كتابه "كنوز الحقائق " (ص 142 ج 1 - هامش "الجامع الصغير") إلى الحاكم مطلقاً لم يقيده ، وساكتاً عليه كما هي عادته!! ولم يذكر إلا الشطر الثاني منه . وقلده في ذلك آخرون ؛ منهم الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في رسالة "وجوب إعفاء اللحية" (ص 32 - توزيم إدارة البحوث العلمية) ؛ فإنه جزم بنسبته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وعلقت عليه الإدارة بما تقدم عن المناوي! دون أي تعقيب عليه! واغتر بعضهم بالمفهوم من إطلاق المناوي عزوه إلى الحاكم ، فعزاه إلى الحاكم في "المستدرك " ؛ كما فعل الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي فيما نقله الأخ محمد إسماعيل الإسكندراني في آخر كتابه "أدلة تحريم حلق اللحية" ، وأقره! فالله المستعان على غرية هذا العلم في هذا الزمان ، وتساهل أهله في نسبة ما لم يصح من الحديث إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 6043 - ( إذا تَطَيَّبَت المرأةُ لغيرِ زوجِها فإنما هو نارٌ في شَنَار ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (2/166/2/7539) : حدثنا محمد بن أبان : ثنا عبدالقدوس بن محمد : حدثتني أمي حبيبة بنت منصور : حدثتني أم سليمة بنت شعيب بن الحبحاب عن أبيها عن أنس بن مالك : أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ... فذكره ، وقال : "لا يروى عن شعيب إلا بهذا الإسناد" . قلت : وهو ضعيف مجهول ؛ حبيبة وأم سليمة لم أجد لهما ذكراً في شيء من كتب الرواة ، ولا ذكرهما الذهبي في (فصل النساء المجهولات) من آخر "الميزان" ، ولذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/157) : "رواه الطبراني في "الأوسط " ، وفيه امرأتان لم أعرفهما ، وبقية رجاله ثقات " . وقد وجدت للحديث شاهداً ، ولكنه موقوف ، وإسناده واهٍ ، يرويه نعيم بن حماد : ثنا بقية بن الوليد عن يزيدَ بنِ عبد الله الجهني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخلت على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معها (1) ، فقال الرجل : يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة ؟ فأعرضت عنه بوجهها . قال أنس : فقلت لها : حدثينا يا أم المؤمنين عن الزلزلة ؟ فقالت : يا أنس! إن حدثتك عنها عشت حزيناً ، وبعثت وذلك الحزن في قلبك . فقلت : يا أماه! حدثينا ؟ فقالت : إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها ، هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب . وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً . فإذا استحلوا الزنا ، وشربوا الخمور بعد هذا ، وضربوا المعازف ؛ غار الله في سمائه ، فقال للأرض : تزلزلي بهم ، فإن تابوا ونزعوا ، وإلا ؛ هَدَمَها عليهم . فقال أنس : عقوبة لهم ؟ قالت : رحمة وبركة وموعظة للمؤمنين ، ونكالاً وسخطة وعذاباً للكافرين . قال أنس : فما سمعت بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أنا أشد به فرحاً مني بهذا الحديث ، بل أعيش فرحاً ، وأبعث حين أبعث وذلك الفرح في قلبي - أو قال : في نفسي - . أخرجه الحاكم (4/516) وقال : "صحيح على شرط مسلم "! وتعقبه الذهبي بقوله : 9 قلت : بل أحسبه موضوعأً على أنس ، ونعيم منكر الحديث إلى الغاية ، مع أن البخاري روى عنه " . قلت : هذا الإطلاق يوهم أن البخاري روى له محتجاً به ، وليس كذلك ؛ فإنه إنما روى له مقروناً بغيره ؛ كما قال الذهبي في "الميزان " ، والحافظ في "التهذيب " ، وغيرهما ممن تقدم أو تأخر ، مع قلة ما روى عنه ، فقد قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (ص 447) : "لقيه البخاري ، ولكنه لم يخرج عنه في "الصحيح " سوى موضع أو موضعين ، وعلق له أشياء أخر ، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً ... " . ثم حكى اختلاف العلماء فيه : ما بين موثِّق ، ومضعِّف ، وناسب له إلى الوضع ، وبسط أقوالهم في "التهذيب " ، ويتلخص منها ما قاله في "التقريب " : "صدوق يخطئ كثيراً" . قلت : ولذلك فإن الشيخ التويجري لم يصب في تعقبه - في كتابه "الصارم المشهور" (ص 33) - الحافط الذهبيَّ - بعد أن نقل عنه ما تقدم - : "قلت : وهذا تحامل من الذهبي على نعيم بن حماد ، ولم يكن بهذه المثابة ، وإنما أنكر عليه بعض أحاديثه لا كلَّها ... " . قلت : أوَ لا يكفي هذا في تضعيف ما تفرد به من الحديث ؟! ثم قال : "وروى عنه البخاري في "صحيحه " ومسلم في مقدمة (صحيحه) " . قلت : قد عرفت قلة ما روى عنه البخاري ، وأنه لم يحتج به . وكذلك يقال في رواية مسلم له في "المقدمة" ؛ فإنه : أولاً : لم يرو لى فيها حديثاً مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنما في تجريح عمرو بن عبيد المعتزلي ، فقد روى فيها (1/17) من طريقين عنه بسنده عن يونس بن عبيد قال : "كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث " . وثانياً : أنه روى له هذا في الشواهد ؛ فقد أتبعه بالرواية بسندين آخرين عن غير يونس تكذيبَ عمرو بن عبيد . فإذن ؛ لا قيمة لرواية الشيخين لنعيم بن حماد ، وبخاصة بعد ثبوت جرح جمع له لسوء حفظه ، وكثرة وهمه ، وكذلك لا قيمة لتوثيق من وثقه ، الذي جنح إليه التويجري معرضاً عن قاعدة علماء الحديث : "الجرح مقدم على التعديل " ، ولا غرابة في ذلك ؛ فإنه حديث عهد بهذا العلم الشريف ؛ كما يدل عليه كتابُه هذا ، وكثرة الأحاديث الضعيفة التي فيه ساكتاً عنها ، ومغرراً قرّاء كتابه بها ، ظنّاً منهم أنه لا يسكت عن الضعيف! وإن مما يؤكد ما ذكرته أمرين اثنين : الأول : أنه وقف عند جوابه عن إعلال الذهبي الحديث بنعيم بن حماد ، فرد عليه بما عرفت وهاءه ، ثم أتبعه بقوله : "وأيضاً ، فلم ينفرد نعيم بهذا الحديث ، بل قد تابعه عليه محمد بن ناصح ، رواه عن بقية بن الوليد بنحوه . رواه ابن أبي الدنيا ، فبرئ نعيم من عهدته . والله أعلم " . وأقول : كلا ؛ لأن التبرئة لا تَحَقَّقُ إلا إذا ثبتت عدالة محمد بن ناصح هذا ؛ لاحتمال أن يكون مجهولاً ، أو يسرق الحديث أو غير ذلك من العلل القادحة ، وقد ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (3/324) برواية محمد بن الليث (الأصل : أبي الليث) الجوهري وابن أبي الدنيا ، قال : "وغيرهما" ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . والأمر الآخر : أننا لو سلمنا جدلاً بالتبرئة المذكورة ؛ فإنه يرد على الشيخ مؤاخذتان هامتان : الأولى : أن في الإسنادين علتين فوق نعيم بن حماد : 1 - بقية بن الوليد : فإنه مدلس وقد عنعنه من طريق نعيم كما رأيت ، ومن طريق محمد بن ناصح كما سترى . ومن المعروف في علم المصطلح أن العنعنة من المدلس علة تقدح في ثبوت الحديث ، وبخاصة إذا كان من مثل بقية الذي قال فيه أبو مسهر : (أحاديث بقية ليست نقية ؛ فكن منها على تقية ". 2 - يزيد بن عبد الله الجهني : الظاهرأنه من شيوخ بقية المجهولين ، فإنه لا يعرف إلا بروايته عنه ، ولم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال القديمة الأصول ؛ مثل : "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل" وغيرهما ، وإنما ذكره الذهبي في "الميزان " ، وساق له برواية بقية عنه عن هاشم الأوقص عَنْ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً : ، من اشترى ثوباً بعشرة دراهم ، وفي ثمنه درهم حرام ... " الحديث ، وقد سبق تخريجه برقم (844) ، وذكرت هناك أن بقية اضطرب في إسناده ؛ فراجعه . والمقصود : أن الذهبي لم يذكر في ترجمة الجهني هذا غير هذا الحديث ، وقال فيه : "لا يصح " . ووافقه العسقلاني . قلت : فهو مجهول العين ؛ فلا أدري أعلم الشيخ التويجري بهاتين العلتين أم تجاهلهما ؟! وسواء كان هذا أو ذاك : أفيجوز لمثله أن يتطاول على الحافظ الذهبي وأن ينسبه إلى التحامل! وهو من هو في هذا العلم ونقد الرواة والمتون ؟! ومما سبق تعلم أن تصحيح الحاكم لهذا الإسناد على شرط مسلم هو من أفحش أخطائه الكثيرة في "مستدركه " ! والمؤاخذة الأخرى : أنه دلس على القراء : فأوهمهم بالمتابعة التي ادعاها أنها متابعة تامة مطابقة لسياق نعيم بن حماد إسناداً ومتناً ، وليس كذلك ، وبيانه من وجهين : الأول : أن ابن أبي الدنيا قال : حدثنا محمد بن ناصح : حدثنا بقية بن الوليد عن يزيد بن عبد الله الجهني : حدثني أبو العلاء عن أنس بن مالك : أنه دخل على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معه ، فقال لها الرجل : يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة ؛ فقالت : إذا استباحوا الزنا ... إلخ . هكذا ساقه ابن القيم رحمه الله في كتابه "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (ص 264 - طبعة الحلبي) ، ومنه نقل الشيخ التويجري - فيما أظن - ، ومن عادته أن لا يعزو إلى المصدر الذي نقل عنه ، وهذا من سيئات مؤلفاته ، وبخاصة إذا كان المصدر مما لم يطبع بعد ؛ ككتاب ابن أبي الدنيا هذا ، وأظنه "ذم الملاهي ، له ، وقد كنت استنسخته من نسخة مخطوطة الظاهرية ، ثم تبين أن فيها خرماً في منتصفها ، فأهملته ، ثم لا أدري أين بقيت المنسوخة . والمقصود أن محمد بن ناصح زاد في الإسناد : (أبو العلاء) بين الجهني وأنس . فمن أبو العلاء هذا ؟ لا أدري ، ولا الشيخ نفسه يدري ! وقد ذكر الذهبي في "المقتنى في سرد الكنى" (1/405 - 409) فيمن يكنى بأبي العلاء - جمعاً كثيراً من الرواة ، ثلاثة منهم رووا عن أنس : 1 - يزيد بن درهم : عن أنس . 2 - صَبيح الهذلي : رأى أنساً ، لين . 3 - موسى القتبي : سمع أنساً . 1 - أما يزيد بن درهم : فهو مختلف فيه ؛ فوثقه الفلاس ، وقال ابن معين : "ليس بشيء " . انظر "الميزان " و"اللسان " . 2 - وأما صَبيح الهذلي : فله ترجمة في "التاريخ الكبير" (2/2/325) - وهو عمدة الذهبي في قوله : "رأى أنساً " ، وتمامه عنده : " ... ينبذ له في جرة" - ، وذكره ابن حبان في "الثقات " (4/385) : "يروي عن أنس بن مالك ، وعنه حماد بن سلمة وعبد العزيز بن المختار" . 3 - وأما موسى القُتَبي : فذكره البخاري وابن أبي حاتم برواية حماد بن سلمة عنه ، ولا أستبعد أن يكون الذي قبله ، ويكون "صبيح " لقباً له . ولعل عدم ذكر ابن حبالت له بترجمة مفردة يشعر بذلك . والله أعلم . وجملة القول : أن أبا العلاء في سند ابن أبي الدنيا لا يعرف من هو من بين هؤلاء الثلاثة . فإن كان أحدهم ؛ فليس فيهم من تطمئن النفس للثقة بعدالته وحفظه . هذا هو الوجه الأول مما يؤاخذ عليه الشيخ . والوجه الآخر : - وهو الأهم - : أنه ليس في رواية ابن أبي الدنيا الفقرتان الأوليان المتعلقتان بالمرأة تخلع ثيابها وتَطَيَّبُ لغير زوجها - وهما موضع الشاهد في بحث الشيخ - ، فلو أن سند الرواية كان صحيحاً ؛ لم يجز للشيخ ولا لغيره - هدانا الله وإياه - أن يوهم القراء ما تقدمت الإشارة إليه ، كما هو ظاهر . والله المستعان . لكن مما يجب التنبيه عليه ، أن الشطر الأول من حديث عائشة المتعلق بالمرأة تخلع ثيابها قد صح من طريق أخرى عنها ، ومن حديث أم الدرداء أيضاً ، وهما مخرجان في كتابي "آداب الزفاف في السنة المطهرة" (ص 140 - 141/ الطبعة الجديدة - عمان) ، فاقتضى التنبيه ، وأن سوق حديث عائشة من رواية نعيم ابن حماد ؛ إنما كان من أجل أن فيه الفقرة الثانية الشاهدة لحديث الترجمة ... فاستلزم ذلك تحقيق الكلام فيه ، وبيان أنه لا يصبح شاهداً ؛ لوقفه ووهائه . والله ولي التوفيق . ثم إن الذي في نسخة "الأوسط " المصورة : "أم سليمة" ، وفي نسخة "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" المصورة من مكتبة الحرم المكي : "أمي سليمة" ، ولما لم نجد لها ترجمة ؛ لم نتمكن من معرفة الراجح منهما . والله أعلم . ومن الغريب أن الشيخ التويجري حين يحاول تقوية حديث عائشة بدفاعه عن نعيم بن حماد لا يَشْعُرُ أنه يقيم الحجة به على نفسه لقول أنس عنها : " فأعرضت بوجهها عنه " ؛ لأن الإعراض بالوجه في مثل هذه الحالة لا يتبادر لذهن العربي إلا أن الوجه مكشوف! ولكني لا أستبعد على الشيخ أن يسلط عليه معول التأويل حتى يخرجه عن دلالته الظاهرة ؛ كما فعل في غيره من النصوص الصريحة الدلالة على خلاف رأيه! __________ (1) كذا ، رفي رواية ابن أبي الدنيا الآتية : " معه " ... ولعلها الصواب . 6051 - (إن النساءَ سُفَهاءُ ؛ إلا التي أطاعتْ زوجَها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ... مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علي بن يزيد - وهو الألهاني - : قال الذهبي في " الكاشف " : "ضعفه جماعة ولم يترك " . وقال الحافظ في "التقريب " : "ضعيف " . قال ابن كثير في "تفسيره " : " ورواه ابن مردويه مُطَوَّلاً " . قلت : وفي " الدر المنثور" آثار موقوفة بمعناه ، فلعل أصل الحديث موقوف ؛ وهم بعض رواته الضعفاء فرفعه . وهذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي أوردها الشيخان الحلبيان في كتابيهما "مختصر تفسير ابن كثير"، وقد زعما في المقدمة أنهما لا يذكران فيه إلا ما صح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! كما أورده الشيخ التويجري في "الصارم المشهور" في عشرات الأحاديث الضعيفة ؛ ساكتاً عنها ، موهماً القراء الذين لا علم عندهم أنها صحيحة! 6052 - (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي النساءُ والخمر ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (14/79) من طريق محمد بن إسحاق السَّرَّاج عن موسى بن هلال النخعي : حدثنا أبو إسحاق عن هبيرة بن يريم عن علي ... مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان : الأولى : أبو إسحاق - وهو السبيعي ؛ وهو مختلط - مدلس . والأخرى : موسى بن هلال النخعي ؛ روى ابن أبي حاتم (4/1/166) عن أبي زرعة أنه قال : "ضعيف الحديث " . وهذا الحديث مما فات السيوطي في "الجامع الكبير" و"الجامع الصغير" والزيادة عليه ، والمناوي في "الجامع الأزهر"! 6053 - ( يَا عَكَّافُ ! هَلْ لَكَ مِنْ زَوْجَةٍ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : وَلَا جَارِيَةٍ ؟ قَالَ : وَلَا جَارِيَةَ ؟ . قَالَ : وَأَنْتَ مُوسِرٌ بِخَيْرٍ ؟ قَالَ : وَأَنَا مُوسِرٌ بِخَيْرٍ . قَالَ : أَنْتَ إِذاً مِنْ إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ ، وَلَوْ كُنْتَ فِي النَّصَارَى ؛ كُنْتَ مِنْ رُهْبَانِهِمْ ، إِنَّ سُنَّتَنَا النِّكَاحُ ، شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ ، وَأَرَاذِلُ مَوْتَاكُمْ عُزَّابُكُمْ ، أَبِالشَّيْطَانِ تَمَرَّسُونَ ؟! مَا لِلشَّيْطَانِ مِنْ سِلَاحٍ أَبْلَغُ فِي الصَّالِحِينَ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا الْمُتَزَوِّجينَ ، أُولَئِكَ الْمُطَهَّرُونَ الْمُبَرَّءُونَ مِنْ الْخَنَا . وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ ! إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ أَيُّوبَ وَدَاوُدَ وَيُوسُفَ وَصَوَاحِبُ كُرْسُفَ . فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ عَطِيَّةَ : وَمَنْ كُرْسُفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ! قَالَ : رَجُلٌ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ بِسَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مِائَةِ عَامٍ ، يَصُومُ النَّهَارَ ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، ثُمَّ إِنَّهُ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فِي سَبَبِ امْرَأَةٍ عَشِقَهَا ، وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ اللَّهُ بِبَعْضِ مَا كَانَ مِنْهُ ؛ فَتَابَ عَلَيْهِ . وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ ! تَزَوَّجْ ، وَإِلَّا فَأَنْتَ مِنْ الْمُذَبْذَبِينَ . قَالَ : زَوِّجْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَ كَرِيمَةَ بِنْتَ كُلْثُومٍ الْحِمْيَرِيِّ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (6/ 171) ، وعنه أحمد في "المسند" . (5/163 - 164) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/118/999) . قال عبد الرزاق : ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن رجل عن أبي ذر قال : دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَكَّافُ بْنُ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . وقال ابن الجوزي : "لا يصح ؛ فيه رجل لم يسم ، ولا يعرف في الصحابة من اسمه بسر بن عطية ولا عطية بن بسر" . كذا قال ؛ ورجح الحافظ أنه عطية بن بسر ، وأنه صحابي ، فقيل : المازني ، وقيل : الهلالي ، ثم قيل : إنهما واحد ، وقيل : إنهما اثنان ، والمازني : قال ابن حبان في الثقات " (3/307) : "له صحبة" . وليس لهذا علاقة بهذا الحديث ، وإنما للآخر - كما يأتي في بعض الطرق - ، وقد ذكره في "ثقات التابعين " (5/ 261) ؛ فقال : "عطية بن بسر ، شيخ من أهل الشام ، حديثه عند أهلها ، روى عنه مكحول في التزويج ... متن منكر ، وإسناد مقلوب " . وأقره الحافظ في "التعجيل " . ومن طرق الحديث ما رواه بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن سليمان ابن موسى عن مكحول عن غَضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازني قال : جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يا عكاف! ... " الحديث بتمامه . أخرجه أبو يعلى في "مسنده " (12/260/6856) . وعنه ابن حبان في "الضعفاء" (3/3 - 4) في ترجمة معاوية بن يحيى هذا ، وهو الصدفي ، وقال فيه : "منكر الحديث جدّاً" . وقال الهيثمي (4/ 251) : "وهو ضعيف " . ومن طريقه أخرجه بَحْشَل أيضاً في "تاريخ واسط " (ص 213) ، وعلقه ابن الجوزي في " العلل " وقال (2/ 120) : "قال يحيى بن معين : ليس بشيء" . وبقية بن الوليد مدلس ؛ وقد عنعنه . وغضيف بن الحارث مختلف في صحبته ، وقد أسقطه الوليد بن مسلم ، فقال : عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عطية بن بسر ... به . أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (3/356) من طريق داود بن رشيد عنه . والوليد بن مسلم معروف بأنه كان يدلس تدليس التسوية ؛ لكن تابعه برد بن سنان عن مكحول عن عطية بن بسر الهلالي عن عكاف بن وداعة الهلالي : أنه أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : ... الحديث . أخرجه العقيلي أيضاً - ومن طريقه ابن الجوزي ، وقال العقيلي - في ترجمة عطية ابن بسر : "لا يتابع عليه ، قال البخاري : عطية بن بسر عن عكاف بن وداعة ، لم يقم حديثه " . وبعد ؛ فمن الملاحظ أن هذه الطرق على ما فيها من الاضطراب في أسانيدها ومتنها ، فإن مدارها كلها على مكحول . وهو موصوف بالتدليس ، فيمكن أن يكون إسقاط غضيف منه . وقد ذكر الحافظ في "الإصابة " أكثر هذه الطرق . ثم قال : "والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطراب " (1) . __________ (1) وقد سبق الحديث في "المجلد السادس" رقم (2511) . وهو مطبوع بحمد الله . (الناشر) . 6054 - (إِنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا أُنْزِلَ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ: يَا رَبِّ ! أَنْزَلْتَنِي إِلَى الأَرْضِ وَجَعَلْتَنِي رَجِيماً - أَوْ كَمَا ذَكَرَ - فَاجْعَلْ لِي بَيْتاً ؟ قَالَ: الْحَمَّامُ . قَالَ: فَاجْعَلْ لِي مَجْلِساً ؟ قَالَ: الأَسْوَاقُ وَمَجَامِعُ الطُّرُقِ . قَالَ: اجْعَلْ لِي طَعَاماً؟ قَالَ: مَا لا يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ . قَالَ: اجْعَلْ لِي شَرَاباً ؟ قَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ . قَالَ: اجْعَلْ لِي مُؤَذِّناً ؟ قَالَ: الْمَزَامِيرُ . قَالَ: اجْعَلْ لِي قُرْآناً؟ قَالَ: الشِّعْرُ . قَالَ: اجْعَلْ لِي كِتَاباً؟ قَالَ: الْوَشْمُ . قَالَ: اجْعَلْ لِي حَدِيثاً ؟ قَالَ: الْكَذِبُ . قَالَ: اجْعَلْ لِي مَصَايِدَ ؟ قَالَ: النساءُ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/245/7837) عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بن زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بن يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ... فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدّاً ؛ آفته علي بن يزيد الألهاني ، قال البخاري : "منكر الحديث " . وكذا قال ابن حبان ، وزاد : "جدّاً" . وكذلك قال في عبيد الله بن زَحْر ، وزاد : " يروي الموضوعات عن الأثبات ، وإذا روى عن علي بن يزيد ؛ أتى بالطامات " . والحديث رواه ابن جرير أيضاً وابن مردويه - كما في "الجامع الكبير" للسيوطي - . وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (3/34) : "أخرجه الطبراني في "الكبير" . وإسناده ضعيف جدّاً . ورواه بنحوه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف أيضاً" . كذا قال . ولم أعرف حديث ابن عباس الذي أشار إليه . ولعله يعني طرفاً منه أو نحوه . ثم عرفته ؛ فاقتضى الأمر تخريجه والكشف عن حاله : 6055 - (قَالَ إِبْلِيسُ لِرَبِّهِ: يَا رَبِّ ! قَدْ أُهْبِطَ آدَمُ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَكُونُ كِتَابٌ وَرُسُلٌ ؛ فَمَا كِتَابُهُمْ وَرُسُلُهُمْ؟ قَالَ: قَالَ رُسُلُهُمْ الْمَلائِكَةُ ، وَالنَّبِيُّونَ مِنْهُمْ ، وَكُتُبُهُمْ التَّوْرَاةُ وَالزَّبُورُ وَالإِنجيلُ وَالْفُرْقَانُ . قَالَ: فَمَا كِتَابِي؟ قَالَ: كِتَابُكَ الْوَشْمُ ، وَقُرآنُكَ الشِّعْرُ، وَرُسُلُكَ الْكَهَنَةُ ، وَطعامُكَ مَا لا يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَشَرابُكَ كُلُّ مُسْكِرٍ ، وَحَدِيْثُكَ (الأصلُ : وَصِدْقُكُ) الْكَذِبُ ، وَبيتُكَ الْحَمَّامُ ، وَمصائدُكَ النِّسَاءُ ، وَمُؤَذِّنُكَ الْمِزْمارُ ، وَمَسْجِدُكَ الأَسْوَاقُ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/903/11181) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (3/278- 279) - ومنه صححت الأصل - : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عُثْمَانَ بن صَالِحٍ : ثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْرٍ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بن صَالِحٍ الأَيْلِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن أُمَيَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره . وقال أبو نعيم : "حديث غريب ؛ تفرد به يحيى بن صالح الأيلي " . قلت : وبه أعله الهيثمي فقال (1/114) : "ضعفه العقيلي " . قلت : وكذا ابن عدي ؛ فإنه ساق له في "الكامل " حديثين آخرين ، ثم قال (7/ 2700) : "وله غير ما ذكرت ، وكلها غير محفوظة" . ونص كلام العقيلي (4/409) : "أحاديثه مناكير ، أخشى أن تكون منقلبة ، هو بعمر بن قيس أشبه " . قلت : وهو الملقب بـ "سَنْدَل " ، وهو متروك . . 6057 - (إياكم ومحادَثَةَ النساءِ ؛ فإنه لا يخلو رجلٌُ بامرأةٍ ليس لها مَحْرَمٌ إلا همَّ بها ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الحكيم الترمذي في "كتاب أسرار الحج " من طريق المقبُري عن ابن أَنْعَمَ عن سعد بن مسعود قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . أورده الحافظ ابن حجر في ترجمة سعد بن مسعود الكندي من "الإصابة" وقال : "وابن أنعم ضعيف ". قلت : واسمه : عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي . وسعد بن مسعود هذا مختلف في صحبته ؛ فقال الحافظ : "قال البغوي : له صحبة . وقال ابن منده : ذكر في الصحابة ، ولا يصح له صحبة . وذكره البخاري في الصحابة ، وأما ابن أبي حاتم فذكره في (التابعين) " . ثم ذكر ما يدل على تأخره ؛ وهو ما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه : نا أبو شريك يحيى بن يزيد المرادي : نا ضِمام بن إسماعيل قال : كان عمر بن عبد العزيز بعث سعداً يفقِّههم ويعلمهم دينهم . وهذا إسناد جيد ؛ ضمام هذا صدوق ، مصري مترجَم في "التهذيب " . ويحيى بن يزيد : قال أبو حاتم " "شيخ " . وذكره ابن حبان في "الثقات " (9/262) . ولما ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير" (2/2/64) ؛ لم يذكر ما يدل على صحبته ، بل لم يزد على قوله : "سمع عبد الرحمن بن حيويل " . وكذلك فعل ابن أبي حاتم . وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين " (4/297) بروايته عن عبد الله بن عمرو . وعبد الرحمن بن حيويل ليس صحابياً ، بل ولا تابعياً ؛ فقد ذكره ابن حبان في (أتباع التابعين) (7/72) وقال : "روى عنه سعد بن مسعود" . وكذا قال البخاري في ترجمة عبد الرحمن هذا من "التاريخ " (3/1/273) ؛ فأنى لمثله الصحبة ؟! ثم وجدت ما ينفي عنه الصحبة : فقد ترجمه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/196) ، وذكر أنه توفي في خلافة هشام بن عبد الملك . ومعنى هذا أنه مات بعد سنة خمس ومائة ؛ لأن هشام بن عبد الملك توفي سنة (125) ، وكانت خلافته عشرين سنة - كما في "شذرات الذهب " لابن العماد - . والخلاصة أن سعد بن مسعود ليس صحابياً ؛ فالحديث مرسل ، مع ضعف السند إليه . والله أعلم . 6058 - (كَانَ فِيمَا أَخَذَ [ لمَّا بايع النساءَ ]: أَلا تُحَدِّثْنَ الرِّجَالَ ، إِلا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ مَحْرَمٍ ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ يُحَدِّثَ الْمَرْأَةَ حَتَّى يُمْذِيَ بَيْنَ فَخْذَيْهِ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن مبارك عن الحسن قال : ... فذكره . قلت : والحسن هو البصري ؛ فهو مرسل . ومبارك - هو : ابن فضالة ، وهو - صدوق يدلس ويسوي - كما في "التقريب " - ؛ فهو مع إرساله ضعيف . لكن قد تابعه أبو الأشهب مختصراً ؛ فقال ابن سعد في "الطبقات " (8/10) : أخبرنا وكيع بن الجراح عنه ، ومبارك عن الحسن : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بايع النساء ؛ أخذ عليهن أن لا يحدثن من الرجال إلا مَحْرماً . وأبو الأشهب اسمه : جعفر بن حيان البصري ، وهو ثقة من رجال الشيخين ؛ فالعلة الإرسال من الحسن . وقد تابعه قتادة مختصراً أيضاً ؛ قال : ذكر لنا أن نبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ عليهن يومئذٍ النياحة ، ولا تحدّثن الرجال ؛ إلا رجلاً محرماً منكن . أخرجه ابن جرير في "التفسير" (28/51 - 52 و 52) من طريقين عنه ؛ فهو صحيح مرسل . ورواه عبد الرزاق (3/560/6691) من أحدهما . وقد روي موصولاً من طريق عبد المنعم أبي سعيد الحراني الأسواري عن الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي عن امرأة منهم - يقال لها : أم عفيف - قالت : بايعنا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين بايع النساء - ؛ فأخذ عليهن أن لا تحدثن الرجل إلا محرماً . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/168/410) ، وقال الهيثمي في "المجمع " (3/32) : "وفيه عبدالمنعم أبو سعيد ؛ وهو ضعيف " . قلت : بل هو متروك ؛ كما في "التقريب " ، واقتصاره على إعلاله به فقط يوهم أنه ليس فوقه من يُعَلُّ به أيضاً ! وليس كذلك ؛ فإن الصلت بن دينار متروك أيضاً . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 211) - وسكت عنه! - لابن مردويه . ثم عزاه إليه وإلى ابن المنذر من حديث أم عطية ، وسكت عنه أيضاً! وفيه تلك الزيادة المنكرة بلفظ : "فإن الرجل قد يلاطف المرأة فيُمذي في فخذيه " . وهذا الحديث عن الحسن مما شان به الشيخ الحلبي الصابوني "مختصر تفسير ابن كثير" ؛ فأورده فيه (3/489) موهماً القرّاء صحته - بما صرح به في مقدمته أنه لا يورد فيه إلا ما صح من الحديث - ، وهيهات هيهات ؛ فالرجل ليس من أهل الحديث ، ولا شم رائحته ، فكم من أحاديث غير صحيحة قد وقع له فيه ، وكساها ثوب الصحة ! وقد سبق التنبيه على الكثير منها . وكذلك أخطأ الشيخ حمود التويجري بإيراده إياه في كتابه "الصارم المشهور" (ص 113) ساكتاً عنه . ولعله غره ما عزاه (ص 112) للإمام أحمد في "مسنده " بإسناد جيد عن أم عطية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : كنت فيمن بايع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فكان فيما أخذ علينا : أن لا ننوح ، ولا نحدث من الرجال إلا محرماً . فأقول : أخرجه أحمد (5/85) : ثنا غسان بن الربيع : ثنا أبو زيد ثابت بن يزيد عن هشام عن حفصة عن أم عطية ... به . وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير غسان بن الربيع : قال الذهبي في " الميزان " : "كان صالحاً ورعاً . ليس بحجة في الحديث ، قال الدارقطني : ضعيف . وقال مرة : صالح " . وأقره الحافظ في "اللسان" . إلا أنه زاد عليه فقال : "وذكره ابن حبان في "الثقات " ، وقال : كان نبيلاً فاضلاً ورعاً ، وأخرج حديثه في "صحيحه " عن أبي يعلى عنه " . كذا وقع فيه! وهو في "ثقات ابن حبان " (9/2) ، وليس فيه قوله : "كان نبيلاً فاضلاً ورعاً" ... وهذه الجملة قالها الخطيب البغدادي في ترجمة غسان هذا من "تاريخ بغداد" ؛ فكأن في "اللسان" سقطاً من الطابع أو الناسخ . والله أعلم . وأفاد الخطيب أنه توفي سنة (226) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وكذلك فعل ابن أبي حاتم (3/2/52) . وليس يخفى على المتقنين لهذا العلم أن الجرح مقدم على التعديل ، وبخاصة إذا كان المعدِّل معروفاً بالتساهل - كما هنا - ، أعني : ابن حبان . ويبدو لي أن تضعيف الدارقطني ومن تبعه إنما هو لسوء حفظ غسان ؛ وهذا الحديث مما يدل على ذلك لتفرده بقوله في هذا الحديث : "ولا نحدث ... " إلخ ، دون كل الثقات الذين رووه عن هشام وغيره عن حفصة وغيرها ، وهاك البيان : 1 - أسباط - وهو : ابن محمد القرشي مولاهم - : عند مسلم (3/46) ، وزائدة : في "كبير الطبراني " (25/59/134) ، ومحمد بن جعفر ويزيد بن هارون : عند أحمد (5/84 و 6/408) كلهم عن هشام . 2 - وتابع هشاماً عاصمٌ الأحول : عند مسلم أيضاً وابن أبي شيبة في "المصنف " (3/ 389) ، وأ حمد (5/ 85 و 6/407 و408) ، والطبراني (25/59/135) . 3 - وتابعه أيضاً أيوب السختياني . رواه البخاري (4892 و7215) ، ومسلم أيضاً وابن سعد (8/8) ، والطبراني (25/58/133) . 4 - وتابع حفصة أخوها محمد بن سيرين : عند البخاري (1306) ، وأحمد (6/408) . قلت : كل هؤلاء الثقات لم يذكروا فِي حَدِيثِ عطية هذا جملة التحديث ، فكانت منكرة لتفرد غسان بها وضعفه . ولولا ذلك لكان الوجه أن يحكم بشذوذها لتفرد ثابت بن يزيد بها ؛ لأنه هو المخالف مباشرة لمن تقدم ذكرهم من الثقات الذين رووه عن هشام ؛ ولكن لما كان هو ثقة ثبتاً - كما في "التقريب " - ، وكان الراوي عنه ضعيفاً ؛ كان لا بد من تعصيب العلة به . ومما سبق يتبين خطأ تجويد الشيخ التويجري لإسناده ، وإن كان ذلك ليس من اجتهاده - فيما أعتقد - ؛ لأنه ليس من رجال هذا العلم الشريف ، ولذلك فكان عليه أن يعزوه إلى قائله ، أداءً للأمانة العلمية أولاً ، وللابتعاد عن التشبع بما لم يعط ثانياً . وهذا مما يقع فيه أكثر المؤلفين في العصر الحاضر ، وبخاصة منهم بعض الشباب المغرم بأن يحشر اسمه في زمرة المؤلفين ، وهذا داء عضال من أدواء هذا الزمان . والله المستعان . وقد وقفت على حديث آخر لغسان بن الربيع هذا أخطأ في إسناده على حماد بن سلمة ، وخالف فيه الثقات الذين رووه عنه بإسناد آخر ؛ وبيان ذلك في "صحيح أبي داود" تحت الحديث (443) . 6059 - (إيَّاك والقَواريرَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الحاكم (3/291) : أخبرني أبو معن محمد بن عيسى العطار - بمرو - : ثنا عبدان بن محمد الحافظ : ثنا إسحاق بن منصور : ثنا عبد الرحمن بن معن : أنبأ محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أنس قال . : يسمعت أنس بن مالك يقول : كان البراء بن مالك رجلاً حسن الصوت ، فكان يرجز لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره ، فبينما هو يرجز إذ قارب النساء ، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . قال : فأمسك . قال محمد : كره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تسمع النساء صوته . وقال الحاكم : "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت : وهذا من تساهلهما ؛ فإن ابن إسحاق - مع صدقه - مشهور بالتدليس ، وأنه لا يحتج به إلا بما قال فيه : "حدثنا" ، كما قال العلائي في "جامع التحصيل " (ص 221) ، وقال في مكان آخر (ص 125) : " أكثر من التدليس ، وخصوصاً عن الضعفاء" . يضاف إلى ذلك أن في حفظه بعض الضعف ، وقد أطال الذهبي ترجمته في "الميزان " ، وذكر عن الإمام أحمد أنه قال : "هو كثير التدليس جدّاً . قيل له : فإذا قال : "أخبرني " و"حدثني " فهو ثقة ؟ قال : هو يقول : "أخبرني " ويخالف " . وكذلك ختم الذهبي ترجمته بقوله : " فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث ، صالح الحال صدوق ، وما انفرد به ففيه نكارة ؛ فإن في حفظه شيئاً" . وقال الحافظ في "التقريب " : "صدوق يدلس " . وخلاصة ترجمته أنه حسن الحديث إذا صرح بالتحديث ، ولم يخالف ، وكل من الشرطين هنا غير متوفر . أما الأول : فلأنه قد عنعن كما ترى ، وأما الآخر : فلأنه خالف في سنده ومتنه . أما السند : فقوله : "عن عبد الله بن أنس " ... فهذا خطأ من ناحيتين : الأولى : أنه لا يعرف لأنس ابن اسمه عبد الله يروي عنه ، وإنما هو حفيده عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري . والأخرى : الانقطاع ؛ فإن ابن المثنى هذا إنما يروي عن أنس بالواسطة ، ويؤيده أن أبا نعيم أخرج الحديث في "الحلية" (1/ 350) من طريق أخرى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله - يعني : ابن المثنى - عن ثمامة عن أنس ... فذكر الحديث ؛ دون قول ابن إسحاق في آخره : كره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ، وكرر : "إياك والقوارير" مرتين . وفيه شيخ أبي نعيم علي بن هارون ، وقد ترجمه الخطيب في "التاريخ " (12/120) بقوله : "كان أمره في ابتداء ما حدث جميلاً ، ثم حدث مثه تخليط " . ولم يذكر في "الميزان " ولا في "اللسان " . وأما المتن : فقد رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك : أن البراء بن مالك كان يحدو بالرجال ، وأَنْجَشَةَ يحدو بالنساء ، وكان حسن الصوت ، فحدا ؛ فأعنقت الإبل ؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يا أنجشة ! رويداً سوقك بالقوارير" . أخرجه الطيالسي (2048) ، وأحمد (3/254 و 285) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم . فهذا هو أصل الحديث ، والقصة لأنجشة - وهو المذكور بأنه حسن الصوت - ، فانقلب ذلك على ابن إسحاق أو شيخه الذي دلسه ولم يذكره ، وجعله للبراء بن مالك . وقد تابعه حماد بن زيد عن ثابت ؛ إلا أنه لم يذكر فيه طرفه المتعلق بالبراء . أخرجه البخاري (6209) وفي "الأدب المفرد" (883) ، ومسلم (7/78) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة " (528) ، وابن حبان (5773) ، والبيهقي (10/199/ - 200 و227) ، والبغوي في "شرح السنة" (13/156 - 157) ، وأحمد (3/172 و 202 و227) . وتابع ثابتاً أبو قلابة عن أنس " أخرجه الشيخان والنسائي (525) ، وابن حبان أيضاً وأحمد (3/187 و227) ، وأبو يعلى (2809 و 2810) ، والرامهرمزي في "الأمثال " (ص 127) . وتابعه قتادة عنه : أخرجه البخاري (6211) ، ومسلم أيضاً والنسائي (526) ، وابن حبان (5771) ، والبيهقي (10/227) ، والبغوي (13/156) ، وأحمد (3/252) ، وأبو يعلى (2868) ، وعنه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (507) . وتابعه سليمان التيمي عنه : أخرجه مسلم والنسائي (529) ، وابن حبان (5770 و 5772) ، وابن سعد (8/430) ، وأحمد (3/111 و117 و176، و 6/376) ، والحميدي (1209) ، والرامهرمزي أيضاً وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " (1/143) ، والخطيب في "التاريخ " (12/208) . وحميد عنه : أخرجه أحمد (3/107) . قلت : وإسناده صحيح ثلاثي ؛ إن كان حميد سمعه من أنس . وزرارة بن أبي الحلال العتكي قال : سمعت أنس بن مالك ... أخرجه أحمد (3/206) . قلت : وإسناده صحيح ثلاثي أيضاً ، وزرارة هذا هو ابن ربيعة ، له ترجمة في "التعجيل " ، وذكر أنه وثقه ابن حبان وابن خَلْفون والعجلي . وابن حبان أورده في "أتباع التابعين " (6/343) ، قال الحافظ : "وكأنه لم يقف على روايته عن أنس " . يعني : هذه . وللحديث شاهد من رواية ابن عباس : أخرجه الدارمي (2/295) ، وفي إسناده من لم أعرفه ، وأخشى أن يكون فيه تحريف أو سقط . والخلاصة : أن هذه الطرق الصحيحة عن أنس ؛ تدل دلالة قاطعة على خطأ حديث ابن إسحاق هذا عن أنس ، وأن القصة لأنجشة ... لا البراء ، وأن لفظه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو : "رويدك ؛ سوقك بالقوارير " ونحوه ، وليس بلفظ : "إياك والقوارير" ... كما رواه ابن إسحاق ؛ فهو لفظ منكر ، وعليه : فقول ابن إسحاق في آخر الحديث : "كره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تسمع النساء صوته " ! مما لاقيمة له ، لأنه تفسير لما لم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وبذلك تعلم ضعف الاستدلال بهذا الحديث على ترجيح قول من قال في تفسير قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "رويدك ؛ سوقك بالقوارير" : أنه خشي على النساء الفتنة ، فأَمَرَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالكف عن الحداء ؛ كما فعل الشيخ التويجري في "الصارم المشهور" (ص 115 - 116) ، وقلده أخونا محمد زينو في "كيف نربي أولادنا" (ص 23) فصححه! بل الصواب القول الآخر ؛ وهو ما جاء في "شرح السنة" : " المراد بالقوارير : النساء ؛ شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن ، والقوارير يسرع إليها الكسر ، وكان أَنْجَشَةُ غلاماً أسود ، وفي سوقه عنف ، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرفق بهن في السوق ؛ كما يرفق بالدابة التي عليها قوارير" . قلت : وهذا هو الذي رجحه الشيخ العلامة علي القاري ؛ فقال في "المرقاة" (4/619) : "وهذا المعنى أظهر - كما لا يخفى - ؛ فإنه ناشئ عن الرحمة والشفقة ، وذاك عن سوء ظن لايليق بمنصب النبوة" . فأقول : هذا هو الحق الذي لا يمكن القول بغيره إذا ما جمعت طرق الحديث وألفاظه ، وزياداته ، وأمعن النظر في معانيها : أولاً : قوله : " رويدك " ... معناه : أمْهِل وتَأَنَّ - كما في " النهاية " وغيره - ، وقال الرامهرمزي : "يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجعل سيرك على مهل ؛ فإنك تسير بالقوارير ... فكنى عن ذكر النساء بالقوارير ... " . وقال عياض : " أي : سُق سوقاً رويداً " (1) . قلت : والذين ذهبوا إلى القول الأول فسروه بالكف عن الحداء - كما تقدم - ، ومثله في "النهاية" وغيره ، وهذا خَلف كما لا يخفى! وهو يلتقي مع حديث الترجمة الذي جاء في آخره : "فأمسك " . وهذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة في الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة كما هو مصرح في عنوان هذه "السلسلة" ، ومع ذلك فكثير من أهل العلم في غفلتهم ساهون عن آثارها! ثانياً : قوله في رواية النسائي وأحمد فِي حَدِيثِ شعبة عن ثابت : "ارفق بالقوارير" . وجمع الأنصاري في "جزئه " بين اللفظين ؛ فقال : "رويدك ارفق " - ذكره في "الفتح " (10/544) - . فأقول : صريح في أنه ليس المراد بهذا الأمر الإمساك عن الحداء مطلقاً ، وإنما تلطيفه وتخفيفه " لكي لا تسرع الإبل في سيرها ، وإلا ؛ كانت النساء مُعَرَّضَاتٍ للتألم ، وربما للسقوط من الإبل بسبب كثرة الحركة والاضطراب الناشئ عن السرعة ؛ من باب إطلاق السبب وإرادة المسبب . ويزيده وضوحاً : ثالثاً : قوله في رواية حماد بن سلمة : "فحدا ؛ فأعنقت الإبل ... " . أي : أسرعت ؛ وَزْناً ومعنى - كما قال الحافظ في "الفتح " - . فهذا يوضح ما ذكرته آنفاً أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بذلك الأمر سلامة النساء من الأذى في أبدانهن ، وليس السلامة من الفتنة ، وإلا ، لم يكن لذكر إسراع الإبل معنى يذكر . رابعاً : فِي حَدِيثِ حميد عن أناس : كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين يقال له : (أنجشة) ، فاشتد في السياقة . زاد شعبة عن ثابت : فكان نساؤه يتقدمن بين يديه . فهذا يعني : أنه كان من نتيجة السرعة أن تقدمت نساؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين يديه ، وذلك مما يؤلمهن ولا تتحمله أجسامهن ؛ فأمر (أنجشة) بالرفق بهن ، وعدم الإسراع بإبلهن ، وليس خوفاً عليهن من الافتتان بحسن صوته ! ويؤكد هذا : خامساً وأخيراً : زيادة شعبة عند أحمد بلفظ : ! ... يحدو بنسائه ، فضحك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فإذا هو قد تنحى بهن " . فأقول : فضحكه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رأى إسراع الإبل بالنساء أكبر دليل على إبطال حَشْر الخوف من الافتتان بحسن صوت أنجشة ، وعلى نسائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة ، وأنه كان لظاهرة إسراع الإبل بالنساء حتى تقدَّمْنَ الرجال . وتصوُّرُ هذا وحده كافٍ لإبطال القول الأول وتصحيح القول الآخر ؛ فكيف إذا انضم إليه ما قبله من الأدلة ؟ ورحم الله الشيخ عليّاً القاري فإنه لخص الموضوع بأوجز عبارة حين علل تأييد هذا القول الصحيح بقوله - لا فُضَّ فُوهُ - : "فإنه ناشئ عن الرحمة والشفقة ، وذاك عن سوء ظن لا يليق بمقام النبوة" . __________ (1) ذكره الحافظ في جملة أقوال أخرى للعلماء ، ولا تخرج عن هذا المعنى ، فانظر "فتح الباري ، (10/ 544) . 6106 - ( مَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الدِّينِ وَالْرَأْي أَغْلَبَ لِلرِّجَالِ ذَوِي الأَمْرِ عَلَى أَمْرِهِمْ مِنَ النِّسَاءِ ، قَالُوا : وَمَا نقْصُ دِينِهِنَّ ورأيِهِنَّ ؟ ، قَالَ : أمَّا نقْصُ رأيِهِنَّ : فَجُعِلَتْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ ، وأمَّا نقْصُ دِينِهِنَّ : فإن إحداهن تَقْعُدُ ما شاء الُله من يومٍ وليلةٍ لا تسجُدُ للهِ سجدةً ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر بهذا اللفظ . أخرجه الحاكم (2/ 190) فقال : ... وأخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى العدل - واللفظ له - : ثنا محمد بن أيوب : أنبأ يحيى بن المغيرة السعدي : ثنا جرير عن منصور عن ذر عن وائل بن مُهانة السعدي عن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره ، وقبله مقطع أخر بلفظ : "يا معشر النساء! تصدقن ولو من حليكن ؛ فإنكن أكثر أهل جهنم " . فقالت امرأة ليست من عِلْيَة النساء : وبم يا رسول الله! نحن أكثر أهل جهنم ؛ قال : "إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير" . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي! واغتر بذلك الشيخ التويجري في "صارمه " فَنَبا عن صوابه (ص 75 - 76) ؛ لأن وائل بن مهانة هذا : قال الذهبي نفسه في "الميزان " : "لا يعرف ، له حديث واحد" . يعني : هذا . وقال الحافظ : "مقبول " . يعني : عند المتابعة ، وإلا ؛ فلين الحديث . قلت : ولم يتابع - كما يأتي - ، ولا ينفع فيه أن ابن حبان ذكره في "ثقاته " (5/495) ؛ لأن ذلك من تساهله المعروف! وقد أشار إلى ذلك الذهبي بقوله في " الكاشف " : " وُثِّق " . وفي الإسناد علة أخرى ؛ وهي تنحصر في : شيخ الحاكم ؛ فإني لم أعرفه ، أو : محمد بن أيوب ؛ فلم أعرفه أيضاً . وبهذا الاسم والنسبة جمع فيهم الثقة والضعيف ، ولا أدري إذا كان هذا أحدهم . ثم إنه قد خولف ؛ فقد أخرجه النسائي في (العشرة) من "السنن الكبرى" (5/398/9257) ، وأحمد (1/423) ومن طريقه الحاكم من حديث سفيان الثوري عن منصور ... به ؛ بالمقطع الأول فقط دون حديث الترجمة . وقول أحمد بمنصور الأعمش ، وأعاده (1/425) برواية أخرى عن الأعمش وحده . وتابعهما الحكم قال : سمعت ذراً ... به ؛ دون حديث الترجمة . أخرجه النسائي وأحمد (1/433) . والمقطع الأول صحيح ؛ له شاهد من حديث ابن عمر عند مسلم وغيره ، وهو مخرج في "الإرواء" (1/205) تحت الحديث (190) ، وتمامه حديث الترجمة لكن بلفظ : "وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن " . قالت : يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين ... الحديث نحوه ، إلا أنه قال في آخره : "وتمكث الليالي ما تصلي ، وتفطر في رمضان ؛ فهذا نقصان الدين " . فهذا هو المحفوظ ، فقوله فِي حَدِيثِ الترجمة : "لا تسجد لله سجدة" ... منكر مخالف للحديث الصحيح من جهتين : الأولى : أنه لم يذكر الصيام . والأخرى : أنه ذكر السجدة مكان الصلاة ؛ فقد يأخذ منه بعض لا علم عنده بالسنة وفقهها أن المرأة الحائض أو النفساء ليس لها أن تسجد سجدةً ما - كسجدة الشكر والتلاوة - ، وهذا مما لا دليل عليه ، وإن كان يمكن تأويل السجدة بالصلاة - من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل - ، لكن التأويل فرع التصحيح ، وإذا لم يصح الحديث بهذا اللفظ ؛ فلا مسوغ للتأويل . فتنبه! ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن حبان (818 و 1294 - موارد) من طريق الحكم قال : سمعت ذراً ... به ، إلا أنه قال : "لا تصلي فيه صلاة واحدة" . وهذا هو الصحيح الثابت في الأحاديث الصحيحة ، ولكنه أوقفه على ابن مسعود أيضاً! 6145 - ( نعم يا عباس ! إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة ؛ فهي لك ولولدك ، منهم السفاح ، ومنهم المنصور ، ومنهم المهدي ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل . أخرجه الخطيب في "التاريخ " (1/63) من طريق جماعة من الثقات قالوا : أنبأنا أحمد بن راشد الهلالي قال : نبأنا سعيد بن خُثيم عن حنظلة عن طاوس عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال : حدثتني أم الفضل بنت الحارث الهلالية قالت : مررت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الحجر ، فقال : "يا أم الفضل! إنك حامل بغلام " . قالت : يا رسول الله! وكيف وقد تحالف الفريقان أن لا يأتوا النساء ؟ قال : "هو ما أقول لكِ ، فإذا وضعتيه ؛ فأتيني به " . قالت : فلما وضعته ؛ أتيت به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في أذنه اليسرى ، وقال : "اذهبي بأبي الخلفاء" . قالت : فأتيت العباس فأعلمته ، وكان رجلاً جميلاً لباساً ، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فلما رآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ قام إليه فقبل بين عينيه ، ثم أقعده عن يمينه ، ثم قال : " هذا عمي ، فمن شاء ؛ فليباه بعمه " . قالت : يا رسول الله بعضَ هذا القول ، فقال : " يا عباس! لم لا أقول هذا القول ؟ وأنت عمي ، وصنو أبي ، وخير من أخلف بعدي من أهلي "! فقلت : يا رسول الله! ما شيء أخبرتني به أم الفضل عن مولودنا هذا ؟ قال : ... فذكره . ومن طريق الخطيب رواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 291) وقال : " لا يصح ؛ في إسناده حنظلة : قال يحيى بن سعيد : كان قد اختلط . وقال يحيى بن معين : ليس بشيء . وقال أحمد : منكر الحديث ؛ يحدث بأعاجيب " . كذا قال! وهو يعني : حنظلة بن عبد الله السدوسي ؛ فإنه المجروح من هؤلاء الأئمة ، وذلك خطأ منه ؛ لأنه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي المكي الثقة ، واللليل على ذلك أمران : الأول : أنه المعروف بالرواية عن عطاء - وهو : ابن أبي رباح المكي - كما في "التهذ يب " وغيره . والأخر : أن الطبراني رواه في "الكبير" (10/289 - 290) من طريق أخرى عن أحمد بن رَشَتد (!) بن خثيم الهلالي ... به ؛ مصرحاً بأنه حنظلة بن أبي سفيان ، وليس عنده قوله : "وخير من أخلف بعدي ... " إلى آخر الحديث ، بما فيه حديث الترجمة . وقال الهيثمي في "المجمع " (9/276) : "رواه الطبراني ، وإسناده حسن "! كذا قال! وكأنه خفي عليه قول الحافظ الذهبي المتقدم في الحديث (6143) : "إنه خبر باطل" . واتهم به أحمد بن راشد الهلالي ، لأنه رواه جماعة عنه فقال : "فهو الذي اختلقه بجهل " . وأقره الحافظ في "اللسان" (1/172) ، لكنه زاد عقبه فقال : "وذكره ابن حبان في "الثقات" ، فقال : روى عن عمه سعيد بن خثيم ووكيع ، أكثر عليك الرازي الرواية عنه" . قلت : أورده (8/ 40) في الطبقة الرابعة الذين رووا عن أتباع التابعين ، وقد روى عنه جمع ؛ كما تقدمت الإشارة إليهم ، وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديلاً (1/ 1/ 51) كما وقع في "الطبراني الكبير" : أحمد بن رشد ... وقال : "روى عنه أبي ، وسمع منه أيام عبيد الله بن موسى أربعة أحاديث" . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . فكأن الهيثمي اعتمد على هذا مع توثيق ابن حبان إياه . ثم رأيته قد عاد إلى الصواب في مكان آخر ؛ ذكره بتمامه ، ثم قال (5/187) : رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه أحمد بن راشد الهلالي وقد اتهم بهذا الحديث " . وهو في "الأوسط " عن شيخ آخر فقال (2/292/2/9404) : حدثنا النعمان ابن أحمد : حدثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي ... به . وقال : "لم يروه عن طاوس إلا حنظلة بن أبي سفيان (الأصل : سليمان) ، ولا عنه إلا سعيد ، تفرد به أحمد بن رشد" . وقد اغتر بتحسين الهيثمي الشيخ عبد الله الغماري المعروف باتباعه لهواه ، وأنة لم يستفد من اشتغاله بهذا العلم الشريف إلا انتصاراً لأهوائه ؛ فإنه نقل التحسين المذكور ، وأقره بجهل أو تجاهل - أحلاهما مر! - ، ثم علق عليه بقوله في رسالته "إعلام النبيل بجواز التقبيل" (ص 5) : "يؤخذ منه استحباب القيام على سبيل التعظيم لذوي المزايا الدينية"! يعني كأمثاله ؛ فمريدوه يقومون له بمثل توجيهه هذا الخاطئ ، ثم ينتصب أحد مريديه شيخاً من بعده ليقوم له مريدوه ، وهكذا تُحيى البدع وتموت السنن! والله المستعان . وهو مع ذلك يعلم - إن شاء الله - أن الحديث - لو صح ؛ - لا يدل مطلقاً على القيام الذي استحبه ؛ للفرق المعروف لغة وشرعاً بين القيام إلى الرجل - كما في الحديث - ، والقيام له تعظيماً ، وهو المكروه ، وليراجع من شاء بعض تعليقاتي في هذه المسألة ، ومن آخرها التعليق على كتابي الجديد "صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري " الأحاديث (727/945 و 748/946 و 752/977) ، وهو تحت الطبع ، وعسى أن يكون بين أيدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى (*) . (تنبيهان) : الأول : وقع في "التاريخ " - كما تقدم - : (راشد) ... وزن فاعل ، وكذا في غيره - مثل "الميزان " و "اللسان " و "المجمع" - . وفي "الطبراني الكبير" - كما رأيت - : (رَشَد) ... وزن بلد ، وكذا هو في "الأوسط " (2/292/2/9404) من طريق أخرى عنه ، وهو الصواب ؛ كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني (2/907) وغيره - كالمصادر المذكورة في التعليق عليه - ؛ فراجع إن شئت . والآخر : كنت ذكرت في "الصحيحة" (1041) لأحمد بن رشد هذا حديثاً آخر له بإسناده هذا عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ شاهداً لحديث الترجمة هناك بلفظ : "أنت عمي وبقية آبائي والعم والد" . وإنما استشهدت به لتحسين الهيثمي لإسناده ، ولشواهد ذكرتها هناك ، وليس فيه حديث الترجمة الذي هو الدال على سوء حاله - كما تقدم عن الذهبي - ، ولسكوت ابن أبي حاتم عنه . والآن ؛ فقد وجب التنبيه على ذلك . وكذلك كنت سقت له طريقاً بحديث : "اقتدوا باللذين بعدي ... " في "الصحيحة" (1233) من رواية ابن عساكر عنه ، وقلت : "لم أعرفه " . والآن ؛ فقد تبين أنه المترجم في "الميزان " و"اللسان " باسم : (أحمد بن راشد الهلالي) ، وأنه متهم ؛ فاقتضى التنبيه! __________ (*) وقد صدر في حياة الشيخ رحمه الله . (الناشر) . |
6185 - (الدَّجَّالُ تَلِدُه أمُّه وهي منبوذة في قبرها ، فإذا ولدته حملتِ النساءُ بالخطَّائين ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (2/11/5254 - بترقيمي) ، وابن عدي في "الكامل ، (5/ 161) من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عبد الله ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال : ذكر الدجال عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : "تلده أمه ... " الحديث ، وقالا - واللفظ للطبراني - : "لم يروه عن ابن طاوس إلا عثمان بن عبد الرحمن الجمحي " . قلت : وفي ترجمته ساقه ابن عدي ، وقال : "منكر الحديث" . ثم ساق له عدة أحاديث منكرة منها هذا - كما قال الذهبي في "الميزان " - . وفي " التهذيب " : "قال البخاري : مجهول . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، يكتب حديثه ولا يحتج به" . وقال الهيثمي في "المجمع " (8/2) : "رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الجمحي ، قال البخاري : مجهول " . وأقره الشيخ التويجري في "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة" (2/96) ، ولكنه قال - وأفاد جزاه الله خيراً - : " قلت : وظاهر هذا الحديث أن الدجال لا يولد إلا في آخر الزمان لقوله : "فإذا ولدته ؛ حملت النساء بالخطائين " ، وهذا مخالف لما تقدم فِي حَدِيثِي عمران فيت حصين ومعقل بن يسار رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : أن الدجال قد أكل الطعام ومشى في الأسواق ، ومخالف أيضاً لما تقدم من حديث فاطمة بنت قيس وجابر رضي الله عنهم في خبر الجساسة والدجال ؛ فإن فيه أن الدجال كان موجوداً في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأنه كان موثقاً بالحديد في بعض جزائر البحر ، والعمدة على ما تقدم لا على هذا الحديث الضعيف . والله أعلم" . 6186 - ( رحمم الله الْمُتَخَلِّلِين والْمُتَخَلِّلات ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه البيهقي في "الشعب " (5/126/6054 و6055) من طريق قدامة بن محمد : حدثني إسماعيل بن شيبة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . وقال : "تفرد به قدامة بن محمد ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن شيبة الطائفي (الأصل : الطالع!) ، وكلاهما فيه نظر" . قلت : أما قدامة بن محمد : فمختلف فيه ، وقال الحافظ : "صدوق يخطئ " . وأما إسماعيل بن شيبة - ويقال : إسماعيل بن إبراهيم بن شيبة - : فهو علة الحديث عندي ؛ قال العقيلي (1/83) ، وابن عدي (1/313) : "أحاديثه مناكير ، ليس منها شيء محفوظ" . وفي "الميزان " : "قال النسائي : منكر الحديث ، روى عنه قدامة بن محمد . كذا في "الضعفاء" للنسائي . قلت : يجهل " . وقال في مكان آخر : "واهٍ " . 6213 - ( أَدْرَكْتُ (الْقَوَاعِدَ) وَهُنَّ يُصَلِّيَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرائضَ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/130/315) ، و"الأوسط " (4/204/2/8143) عن أبي شهاب عن ابن أبي ليلى عن عبدالكريم عن عبد الله ابن فلان (وفي الأوسط : ابن الطيب) عن أم سلمة (وفي الكبير : أم سليم) بنت أبي حكيم قالت : ... فذكره . وقال : "لا يُروى عن أم سلمة بنت [أبي] حكيم إلا بهذا الإسناد" . قلت : وهو ضعيف ، مسلسل بالعلل : الأولى : أم سلمة هذه ؛ فإني لم أعرفها إلا في هذا الحديث ؛ والإسناد الواهي عنها ، وإن مما يدلك على ذلك اضطراب رواته في ضبط كنيتها ، فقيل : أم سلمة ، وقيل : أم سليم ؛ كما رأيت ، وقيل : أم سليمان ؛ كما يأتي . وذكرها ابن عبدالبر في "الاستيعاب" بهذه الكنى الثلاث ولم يزد! وكذلك الحافظ في "الإصابة" ؛ ولكنه ساق لها هذا الحديث فقط برواية الطبراني في "الأوسط" وابن منده بالإسناد الأول ، وقال : "أم سليمان بنت أبي حكيم" . وفي رواية له : وأم سليمان بن أبي حثمة" من طريق أخرى كما يأتي ، في "الكبير" كما في "المجمع" (2/34) فقال : "وعن سليمان بن أبي حثمة عن أمه قالت : رأيت النساء القواعد يصلين مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد" . وقال : "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبدالكريم بن أبي الخارق وهو ضعيف " . قلت : ولم أره في "المعجم الكبير" المطبوع مستعيناً عليه بالفهارس الموضوعة في آخر كل مجلد من محققه ، ثم في فهارسه التي وضعها أخيراً الأخ عدنان عرعور - وأهدى إلي نسخة منها جزاه الله خيراً - لا في "فهرس الحديث " ولا في "فهرس مسانيد الرواة" ، فلعله فيما لم يطبع منه بعد . والله أعلم . هذا ، وقد تبع ابن عبدالبر ابن الأثير في "أسد الغابة" في إيراد هذه المختلف في كنيتها بكناها الثلاثة ، وزاد فقال : "لا يوقف على اسمها" . فكأنه أشار إلى جهالتها وعدم ثبوت صحبتها . والله أعلم . هذه هي العلة الأولى . والثانية : عبد الله ابن فلان أو ابن الطيب ؛ مجهول لا يعرف في شيء من كتب الرجال التي عندي . والثالثة والرابعة : ضعف ابن أبي ليلى وعبدالكريم ، وبهما أعله الهيثمي مفرقاً ، والحافظ ، فقال في "الإصابة " : "والسند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى ؛ وهو : محمد ، وشيخه عبدالكريم ؛ وهو : ابن أبي الخارق" . قلت : وأبو شهاب (ووقع في "الإصابة" ابن شهاب) . اسمه : عبدربه بن نافع ، وهو من رجال البخاري ، قال في "التقريب" : "صدوق يهم " . لكن تابعه أبو محصن حصين بن نمير عند ابن منده ، وأبي نعيم كما ذكر في "الإصابة" ، قال الحافظ : "لا بأس به ؛ روى له البخاري " . ثم رأيته في "المعجم الكبير" (24/317/799 و800) من طريق قيس بن الربيع وحصين بن نمير كلاهما عن ابن أبي ليلى بسنده المتقدم عن أم سليمان بن أبي خثمة قالت : "رأينا النساء ... " . وله شاهد واهٍ بمرة ، فقال البزار في "مسنده " (1/222/446) : حدثنا خالد ابن يوسف : ثنا أبي عن الأعمش عن أنس بن مالك : أنه سئل عن العجائز : أكن يشهدن مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة؟ قال : نعم ؛ والشواب . ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/36/2 - مجمع البحرين) وقال : "لم يروه عن الأعمش إلا يوسف " . قلت : وهو : ابن خالد السمتي البصري ، متروك ، قال ابن عدي (7/162) : "قد أجمع على كذبه أهل بلده " . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 131) : "كان يضع الحديث على الشيوخ ، ويقرأ عليهم ، ثم يرويها عنهم ، لا تحل الرواية عنه ، ولا الاحتجاج به بحال . قال ابن معين : كان يكذب " . وكذبه غيره أيضاً . وقال الحافظ في "التقريب" : "تركوه ، وكذبه ابن معين ، وكان من فقهاء الحنفية" . وألان القول فيه الهيثمي ، فقال بعد أن عزاه للبزار والطبراني : "وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف "! وقلَّده الشيخ الأعظمي في تعليقه على "البزار"! كما هي عادته ، ولعل من العوامل على ذلك العصبية المذهبية ، فإنه حنفي مر! واعلم أنه كان الباعث على تخريج هذا الحديث أموراً : الأول : تحقيق القول في مرتبته ، وبيان حال رجال إسناده ، حسبما جرينا في تخاريجنا كلها في "السلسلتين " . ، الثاني : بيان حال أم سليم بنت أبي حكيم هذه ، وأنها لا تثبت لها صحبة ، رغم أنهم ذكروها في الصحابيات! الثالث : الرد على مؤلفة جاهلة أو كاذبة متعصبة على بنات جنسها ، من نمط تلك الجامعية المسصاة بـ "رغداء بكور الياقتي " في كتيبها "حجابك أختي المسلمة" التي ذكرت في مقدمته أن كشف الوجوه من النساء في الشوارع مثل مصافحة الرجال الأجانب ، والاختلاط مع الغرباء !! ضاربة بذلك كل الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأقوال الأئمة المجتهدين المذكورة في كتابي "حجاب المرأة" عرض الحائط . أقول : فهذه كتلك المؤلفة التي لم أقف على كتابها ، يجمعهما الجهل بالشرع ، والتعصب الأعمى ، والهوى الأصم ؛ فقد قالت - والعهدة على من أنقل عنه (1) - : قال : "وقالت مؤلفة فاضلة (!) : أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" عدة أحاديث كلها ضعاف ، ولكن مجموعها يقويها ، ويجعلها حسنة لغيرها تفيد أن القواعد من النساء فقط كن يصلين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون الشابات " . قلت : وهذا القول من هذه (الفاضلة!) فيه عدة أكاذيب وجهالات : الأولى : كذبها على الهيثمي ؛ فإنه لم يذكر ما ادعته من الإفادة إلا حديثاً مرفوعاً واحداً هو حديث الترجمة ، ولكنها لجهلها توهمت أنه ثلاثة أحاديث ؛ لأن الهيثمي أورده من حديث أم سلمة ، وأم سليمان ، وأم سُليم ، وهي في الحقيقة حديث واحد اضطرب أحد رواته الضعفاء في إسناده كما تقدم بيانه . الثانية : قولها : "ولكن مجموعها يقويها ... " يشعر بأنها جاهلة بشرط التقوية ، وهو أن لا يشتد الضعف في مفرداتها ، فكيف وليس هنا إلا طريق واحدة وسند واحد ؟! الثالثة : قولها : "فقط " ؛ فهو كذب محض ، وجهل مطبق بالأحاديث الأخرى التي يأتي الإشارة إليها ، أما الكذب ، فيبينه أن الهيثمي أورد أيضاً حديث أنس المتقدم وفيه "والشواب " ، وإن كنا بينا وهاءه ، ولكن المقصود أن ذلك يبطل قولها : "فقط " . ومن الغريب حقاً أن حضرة الناقل لهذه الجهالات عنها وصفها بقوله : "مؤلفة فاضلة" ! فمن أين جاء الفضل وهي بهذه المثابة من الجرأة اللا أدبية التي لا تليق بالرجال الأقوياء ، فضلاً عن النساء القوارير ! أقول هذا ، وإن كان الفاضل المشار إليه قد رد عليها تقويتها للحديث ، ولكن على طريقة الفقهاء المتأخرين فقال : "الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد . ومن أولئك : أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة بنت زيد (زوج عمر بن الخطاب) وفاطمة بنت تيس ، وأم الفضل ، وزبنب امرأة مسعود ، والرُّبَيِّع بنت معوِّذ ، وغيرهن كثير" . قلت : وهذا مسلم لا غبار عليه ، ولكن كان الأولى به أن يبين ضعف حديثها على طريقة المحدثين أولاً ، على نحو ما فعلنا ، ثم أن يصفها بما فيها من الجهل الذي ينافي الفضل ؛ لأن ذلك من علم الجرح والتعديل كما هو معروف عند العلماء ، ولكن يبدو أن الرجل مع فضله وغلبة الصواب على "تحريره " لا معرفة له بهذا العلم تصحيحاً وتضعيفاً ، وتوثيقاً وتجريحاً ، كما بدا لي ذلك من عدة مواطن من كتابه ، كما يدل على ذلك الحديث الآتي بعد حديث ، وإن كان أثنى علي خيراً ، وذكر أنه تتلمذ علي زمناً مباركاً في مقدمة كتابه (ص 28) ، ولكن سرعان ما تغلب عليه غلوه في "تحرير المرأة" ؛ فانتقدني (ص 35) تلميحاً لا تصريحاً ؛ لأنني بعد أن أثبت أن وجه المرأة ليس بعورة ، قيدت ذلك بأن لا يكون عليه من الزينة المعروفة اليوم بـ "الميكياج " من الحمرة والبودرة وغيرها ، ونقل كلامي مبتوراً ، سامحه الله . هذا . ثم ألقي في البال - إنصافاً لتلك المؤلفة الفاضلة (!) - أنها لعلها عنت بقولها المتقدم : "عدة أحاديث " حديثاً لابن مسعود أورده الهيثمي أيضاً ؛ لأن فيه لفظ "العجاثز" ، فإن كانت عنته ؛ فحينئذٍ يكون قولها المذكور سالماً من النقد على اعتبار أن أقل الجمع اثنان ، ولكن يرد عليها أمران آخران : الأول : أنه لا يفيد ما ادعته من إفادة أن القواعد فقط هن اللاتي كن يصلين معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسترى لفظه تحت الحديث التالي ، وهو شاهد ظاهر لما تريد ، ولكن لم يورده الهيثمي ؛ لأنه لا أصل له في شيء من كتب السنة مرفوعاً . والآخر : أنه موقوف ليس له علاقة بـ (العجائز) أو (القواعد) في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإذا كان كذلك ؛ فهل يجوز إيهام القراء أنه حديث مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! ذلك ما لا أرجو أن يكون مقصوداً من تلك المؤلفة ، وإن كان غير مستبعد عن علمها بهذا الفن ؛ فقد وقع في مثله الناقد لها في "تحريره " إياها! فانظر الحديث (62151) . __________ (1) ذكر الشيخ رحمه الله رقماً لحاشية في الأسفل ، ولكنه لم يذكر مصدره . ولعله يقصد مؤلف كتاب "تحرير المرأة" . (الناشر) . 6214 - ( نهى النساءَ عن الخروح إلى المساجد في جماعة الرجالِ ؛ إلا عجوزاً في مَنْقَلِها . والمنقل : الخُفُّ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له مرفوعاً . أورده الرافعي في "شرح الوجيز" فقال : "روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى ... " إلخ . فقال الحافظ في "التلخيص " (2/27) : "لا أصل له ، وبيَّض له المنذري والنووي في الكلام على "المهذب " ؛ لكن أخرج البيهقي بسندٍ فيه المسعودي عن ابن مسعود قال : "والله الذي لا إله إلا هو ، ما صلت امرأة صلاة خيراً لها من صلاة تصليها في بيتها إلا المسجدين إلا عجوزاً في منقلها" . وكذا ذكره أبو عبيد في "غريبه " والجوهري في "الصحاح" عن ابن مسعود . قلت : قوله : "فيه المسعودي" هذا الإطلاق يوهم خلاف الواقع ، ذلك لأن البيهقي أخرجه (3/ 131) من طريق أبي المنذر إسماعيل بن عمر المسعودي عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال ... فإسماعيل بن عمر المسعودي هذا صدوق كما في "التقريب " ؛ فالسند حسن ، وهو غير (المسعودي) عند الإطلاق لأنه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود ، وهو صدوق أيضاً ؛ ولكنه كان اختلط قبل موته ، قال الحافظ : "وضابطه : أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط " . ثم تنبهت - بفضل الله - لأمر هام ، وهو أن في إسناد البيهقي سقطاً بين إسماعيل بن عمر ، والمسعودي ، والصواب : "عن المسعودي " أو نحوه ، فإن إسماعيل بن عمر واسطي ليس مسعودياً ، وإنما روى عنه كما في "التهذيب " ، فصح إعلال الحافظ إياه بالمسعودي ، وذلك لاختلاطه كما تقدم . ومن طريقه أخرجه الطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (9/339/6471) . لكن تابعه حماد عن سلمة بن كهيل ... به نحوه ؛ إلا أنه قال : "امرأة" مكان "عجوز" . أخرجه الطبراني أيضاً (9472) . وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ، وحماد هو : ابن سلمة . وتابعه مسعر عن سلمة بن كهيل ... به باللفظ الأول : "عجوز" . رواه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/383 - 384) وسنده صحيح على شرط الشيخين . وقد توبع سلمة بن كهيل : فقال ابن أبي شيبة في "مصنفه " أيضاً (2/384) : حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي عمرو إلشيباني ... به بلفظ : "... إلا امرأة قد أَيِسَت من البعولة" . وسعيد هذا هو : الثوري والد سفيان ، وقد أخرجه عنه عبد الرزاق في "المصنف " (3/150/5117) ، وعنه الطبراني (9473) ، قال عبد الرزاق : عن الثوري عن أبيه ... به . واسناده صحيح أيضاً على شرطهما . ثم أخرجه الطبراني (9474) من طريق زائدة : ثنا سعيد بن منصور ... به . 6224 - (كَانَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ ؛ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ . قَالَتْ [عائشةُ] : فَغِرْتُ يَوْماً فَقُلْتُ : مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُ حَمْرَاءَ الشِّدْقِ ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْراً مِنْهَا ! قَالَ : مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْراً مِنْهَا ؛ قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذ ا التمام . أخرجه أحمد (6/117 - 118) - والسياق له - ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/23 22/1) مختصراً من طريق مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : ... فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير مجالد ، وليس بالقوي - كما تقدم مراراً - . وقول الهيثمي في "المجمع " (9/224) : "رواه أحمد وإسناده حسن " . فهذا من تساهله! ولا سيما والحديث في "الصحيحين" مختصر عن هذا ، وليس فيه قوله : "ما أبدلني الله خيراً منها" . وكذلك قول الهيثمي قبله - وقد ذكره بسياقين آخرين - : "رواه الطبراني ، وأسانيده حسنة"! فإن في السند الأول عنده (23/10/14) مبارك بن فضالة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... مختصراً ، وفي أخره : قلت : يا رسول الله ! اعف عني عفا الله عنك ، والله ! لا تسمعني أذكر خديجة بعد هذا اليوم بشيء تكرهه . والمبارك بن فضالة : مد لسى وقد عنعنه . والسند الآخر مداره عنده (23/13/21) على وائل بن داود عن عبد الله - هو : ابن مسعود - قال : قالت عائشة : ... فذكره نحوه ؛ وفي آخره أنهأ قالت : " فغدا بها علي وراح شهراً " . وهو منقطع بين وائل وابن مسعود . وأنكر ما في الحديث قوله : "ما أبدلني الله خيراً منها" ؛ وذلك لأمرين : الأول : أنه لم يرد في شيء من الطرق ، وبخاصة طريق عروة عنها ، فقد أخرجها البخاري (7/34/3831) ، ومسلم (7/134) من طريقين عن علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة ... قالت : "فغرت ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشِّدقين ، هلكت في الدهر ، قد أبدلك الله خيراً منها" . نحوه في "مسند أحمد" (6/150 و 154) من طريق حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن عائشة ، وفيه بعد قوله : "الدهر" : قالت : فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي ، أو عند المخيلة حتى ينظر أرحمة أم عذاب ؟ . قلت : ففي هذين الطريقين الصحيحين إقراره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة على قولها : "قد أبدلك الله خيراً منها" ، وذلك ، لأنها تعني في السن كما يدل عليه السياق ، ويؤيده أنها صرحت بذلك في طريقين آخرين عنها عند الطبراني (23/13/21 و 14/23) ، أحدهما عن ابن مسعود عنها ، وتقدم قريباً . والطريق الآخر : عن ابن أبي نجيح عنها . وهو مخرج في "الصحيحة" (1/ رقم 216) شاهداً . والأمر الآخر : إذا تبين أن الخيرية التي أرادتها عائشة رضي الله تعالى عنها إغ ، هي السِّن ، وليس السلوك ؛ فهي حقيقة واقعة معروفة ، فلا يتصور أن ينكرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها . فهذا يؤكد أن هذه الزيادة منكرة ، ولذلك استغلها الرافضي في الطعن في عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ؛ لأنها صريحة في إنكاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها . وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فصل خاص عقده لذلك بيَّن فيه فضل عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بأحاديث ذكرها ، منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام " . متفق عليه ، وهو مخرج في "مختصر الشمائل " (148) وغيره ، ثم تأول حديث الترجمة - بعد أن أشار لضعفه - بتأويل آخر فقال : "إن صح - معناه : ما أبدلني بخير لي منها ، لأن خديجة نفعته في أول الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها ؛ فكانت خيراً له من هذا الوجه ... " إلخ كلامه ، فراجعه (4/301 - 308) ، وما ذكرته قبل مما دل عليه السياق وبعض الروايات أولى على فرض صحة هذه الجملة من الحديث . والله أعلم . ثم رأيت ابن كثير قال في "البداية" (3/128) عقب الحديث : "تفرد به أحمد ، وإسناده لا بأس به ، ومجالد روى له مسلم متابعة ، وفيه كلام مشهور . والله أعلم ، ولعل قوله : "ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء" . كان قبل أن يولد إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مارية ، وقبل مقدمها بالكلية ، وهذا متعين ؛ فإن جميع أولاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما تقدم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية المصرية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا" . ولقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث مع كونه غير مرفوع أنني رأيت الحافظ قال في "الفتح ، (2/225) قال وقد ذكر الخلاف في تفسير الخشوع : " ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي : "الخشوع في القلب " أخرجه الحاكم ، وأما حديث "لو خشع [قلب] هذا ؛ خشعت جوارحه " ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن " . فظاهر قوله : "حديث علي ... " يشعر أن الحديث مرفوع عند الحاكم ويؤيده قوله : لاوأما حديث : لو ... " فإن هذا قد روي مرفوعاً ، ولا يصح ، ولذلك كنت خرجته قديماً في "الضعيفة ، (110) ، فدفعاً لهذا الظاهر ، وبياناً لكونه موقوفاً أولاً ، وضعيفاً ثانياً ، كتبت هذا التحقيق . والله ولي التوفيق . 6242 - ( انصرفي أيّتها المرأةُ ، وأَعْلِمي مَنْ وراءك من النّساء أنّ حسن تبعُّل إحداكن لزوجها ، وطلبها مرضاته ، وأتباعها موافقته يعدل ذلك كلَّه ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " (2/609) من طريق العباس ابن الوليد بن مَزْيَد : أخبرني أبو سعيد الساحلي - واسمه الأخطل بن المؤمل الجُبَيلي - : نا مسلم بن عبيد عن أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبدالأشهل : أنها أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بين أصحابه ، فقالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك واعلم - نفسي لك الفداء - أثه ما من امرأة كانت في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي : أن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة ؛ فآمنا بك وبإلهك ، وإنا - معشر النساء - محصورات ، مقصورات ، قوا عد بيوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحاملات أولادكم ، وأنكم - معاشر الرجال - فضلتم علينا بالجمع والجماعات ، وعيادة المرضى وشهود الجناثز ، والحج بعد الحج ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله ، وأن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً ؛ حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ؛ أفما نشارككم في هذا الخير يا رسول الله ؟ فالتفت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أصحابه بوجهه كله ، ثم قال : "سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها عن أمر دينها من هذه ؟ " قالوا : يا رسول الله! ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا! فالتفت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليها ثم قال : ... (فذكر الحديث) ، قال : فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشاراً . وقال ابن عساكر : "قال ابن منده : رواه أبو حاتم الرازي عن العباس بن الوليد بن مزيد . وفرّق ابن منده بين أسماء هذه وبين أسماء بنت يزيد بن السكن ، غريب لم نكتبه إلا من حديث العباس ، وقد روى حبان بن علي العَنزي عن رشدين بن كريب عن أبيه عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ شيئاً من هذا" . ثم ساق ابن عساكر إسناده الآخر من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن العباس ابن الوليد ... به . قلت : والعباس هذا ثقة ، لكن شيخه أبو سعيد الساحلي الجبيلي لم أجد من وثقه حتى ولا ابن حبان ، وقد أورده ابن ماكولا في "الإكمال " (2/258) والسمعاني في "الأنساب ، بهذه الكنية - ولم يسمياه - بروايته عن أبي زياد عبد الملك بن داود ، وعنه عبد الله بن يوسف . قلت : فيكون مجهول الحال ، ولم يورده أبو أحمد الحاكم في "الكنى" لا فيمن سمي ، ولا فيمن لم يسم ، وكذلك صنع الذهبي في "المقتنى" ، إلا أنه قال في الآخر : " وعدة يجهلون تركهم " فلعله ممن عناهم . ثم إنني أخشى أن يكون بين مسلم بن عبيد وأسماء بنت يزيد انقطاعٌ ؛ فإني لم أر من ذكر له رواية عنها ، وإنما روى عن أنه بن مالك ، وأبي عسيب مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعن جمع من التابعين ، وأنس متأخر الوفاة كما هو معلوم ، وأبو عسيب كذلك فيما أظن ، ولذلك أورده الحافظ في "التقريب " في الطبقة الخامسة وهي الطبقة الصغرى من التابعين الذين رأوا الواحد والاثنين - يعنى من الصحابة - ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة . والله أعلم . ومسلم بن عبيد هذا كنيته أبو نُصَيرة ، وهو بها أشهر . والحديث أشار إلى ضعفه ابن عبدالبر بقوله في "الاستيعاب " : "روي عنها أنها أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " فذكره مختصراً . وأما الحافظ فأعرض عنه بالكلية ؛ فلم يذكره في "الإصابة" . ثم رأيت رواية أبي حاتم في "تاريخ واسط " لبحشل قال (ص 75) : ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قال : ثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال : ثنا أبو سعيد الساحلي (وهو : عبد الله بن سعيد) عن مسلم بن عبيد وهو : أبو نصيرة ... إلخ . قلت : هكذا وقع فيه : "وهو : عبد الله بن سعيد" ولا أدري ممن هذا التفسير ، هل هو من بحشل ، أم من أبي حاتم ؟ والظاهر الأول ؛ فإن ابن أبي حاتم لم يورده في كتابه "الجرح والتعديل " . ثم تبين لي أنه من العباس بن الوليد نفسه ؛ فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان " (6/420 - 421) ، ومن طريقه ابن عساكر أيضاً (6/363) من طريق الحاكم وشيخين آخرين له قالوا : أنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال : قرئ على العباس ابن الوليد - وأنا أسمع - قيل له : حدثكم أبو سعيد الساحلي - وهو : عبد الله بن سعيد - ...!لخ . قلت : فقد اختلفوا في اسم أبي سعيد ، فمنهم من قال : "الأخطل بن المؤمل " . ومنهم من قال : "عبد الله بن سعيد" ، وهو الأكثر ؛ كما ذكر ابن عساكر في ترجمة عبد الله ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وبهذا الاسم ذكره الذهبي في "المقتنى" وبيَّض له أيضاً كما هي عادته . وأما حديث حبان بن علي العنزي عن رشدين ... عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ ، الذي علقه ابن عساكر ؛ فلم أجد من وصله عنه على ضعفه ، وإنما وجدته عن أخيه مندل - وهو ضعيف أيضاً - يرويه عن رشدين بن كريب عن أبيه عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال : جاءت امرأة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت : يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك ... الحديث نحوه مختصراً ، وزاد في آخره : "وقليل منكن من يفعله" . أخرجه البزار (2/181/1474) ، وابن الجوزي في "العلل " (2/140) ، وقال : "لا يصح " . قلت : ورشدين ضعيف أيضاً ، وبه أعله الهيثمي (4/305) ؛ فقصر ، وأشار المنذري في "الترغيب " (3/64) إلى ضعف الحديث . وقد رواه عن رشدين يحيى بن العلاء وهو متهم بالوضع ، ويأتي تخريجه في الذي بعده . وقد روي من طريق أخرى مختصراً جداً عن هشام بن يوسف عن القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن بن جندة عن سعيد بن المسيب سمع ابن عباس قال : قالت امرأة : يا رسول الله ما جزاء غزو المرأة ؟ قال : "طاعة الزوج واعتراف بحقه" . وهو ضعيف أيضاً لجهالة القاسم بن فياض أو ضعفه ، وقد رواه من طريقه البخاري أيضاً في "التاريخ" كما تقدم برقم (5733) . 6243 - ( عِنْدَ أُمِّكَ قِرَّ ؛ فَإِنَّ لَكَ مِنَ الأَجْرِ عِنْدَهَا مِثْلَ مَا لَكَ فِي الْجِهَادِ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه عبد الرزاق (8/463) ، وعنه الطبراني (11/410) عن يحيى بن العلاء عن رشدين بن كريب - مولى ابن عباس - عن أبيه عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال : جاء رجل وأمه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يريد الجهاد ، وأمه تمنعه ، فقال : ... فذ كره . قال : وجاءه رجل آخر ، فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي! فشغل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فذهب الرجل ، فوجد يريد أن ينحر نفسه ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الحمد لله الذي جعل في أمتي من يوفي النذر ، ويخاف {يوماً كان شره مستطيراً** هل لك من مال ؟ " ، قال : نعم . قال : "اهد مائة ناقة ، واجعلها في ثلاث سنين ، فإنك لا تجد من يأخذها منك معاً " . ثم جاءته امرأة فقالت : إني رسولة النساء إليك ... الحديث مثل رواية مندل ابن علي العنزي المذكورة في الحديث الذي قبله . قلت : وهذا موضوع ؛ أفته يحيى بن العلاء فإنه كان يضع الحديث ، وقد تقدمت له أحاديث فراجعه في (فهارس الرواة المترجم لهم) . وشيخه رشدين ضعيف ، وبه فقط أعله الهيثمي في مواضع من "المجمع" (4/189 و 306 و5/322) وقال في الموضع الأول : "وهو ضعيف جداً جداً " ! كذا فيه بتكرار جداً ، فلعله من الناسخ أو الطابع ؛ فإنه غير معهود منه ، وإعلاله بيحيى بن العلاء أولى كما لا يخفى على العلماء ، فلعله لم يتنبه له . وأسوأ منه سكوت المعلق الأعظمي على "المصنف" ؛ فلم يعله لا بهذا ولا بذاك ، وهذا مما لا يجوز له باتفاقهم ؛ لأنه من كتمان العلم ، وهذا إن كان منهم ، وإلا ففاقد الشيء لايعطيه!! ويغني عن هذا الحديث الموضوع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الزمها ؛ فعقد الجنة عند رجليها" . وهو مخرج في "المشكاة" (4939) ، و"الإرواء" (1199) . 6278 - ( نهانا عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ ، وَتَفْضِيضِ الأَقْدَاحِ ؛ فَكَلَّمَهُ النِّسَاءُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ ، فَأَبَى عَلَيْنَا ، وَرَخَّصَ لَنَا فِي تَفْضِيضِ الأَقْدَاحِ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/68/67/168) ، وفي "الأوسط " (1/188/2/3453) قال : حدثنا بابويه بن خالد الأبلي : ثنا عمر بن يحيى الأبلي : ثنا معاوية بن عبدالكريم الضال : ثنا محمد بن سيرين عن أخته عن أم عطية قالت : ... فذكره . وقال . "لم يروه عن معاوية إلا عمر بن يحيى ، ولا سمعناه إلا من هذا الشيخ " . قلت : وهو : بابويه بن خالد بن بابويه الأبلي ، هكذا ساق نسبه الطبراني في حديث له ساقه قبل هذا في "الأوسط" ، ولم يسق له فيه غيرهما . والحديث المشار إليه أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" أيضاً (ص 562) ، لكن وقع فيه (بانوبة) بنون وباء موحدة بينهما الواو ، وكذلك وقع في طبعة بيروت (1/195/310 - تحقيق شكور) ، وكذا في مطبوعة "المعجم الكبير" ، ولعل الصواب ما في "الأوسط" ؛ فإن نسخته المصورة مصححة ومقابلة ، ومطابقة لمصورة "مجمع البحرين" للهيثمي ، قلت : "لعل" ؛ لأني لم أجد لهذا الشيخ ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي ، ويبدو لي أن الرجل مستور غير مشهور ، لندرة حديثه عند الحافظ الطبراني . ونسبة (الأبلي) إلى (أُبَلَّةَ) بلدة على شاطئ دجلة (البصرة) أشار الحافظ في "التبصير" تبعاً إلى أصله أن هذا الشيخ منها . ويؤيده أن شيخه عمر بن يحيى الأبلي منها ؛ فقد أورده الحافظ عبدالغني الأزدي فيها في أول كتابه "مشتبه النسبة" ، ولم يتبين ذلك لمحقق "المعجم الصغير" ؛ فجمع بين النسبتين كما ساق إسناد المؤلف في الحديث المشار إليه هكذا : حدثنا بانوبة بن خالد بن بانوبة الأيلي [الأبلي] ، حدثنا ...! ومن غرائب التصحيفات وقلة العناية بالتحقيق أن الحافظ الأزدي رحمه الله مع أنه أورد عمر هذا في النسبة المذكورة ، فقد تصحفت على الطابع فوقع فيه : "عمر بن يحيى بن نافع الأيلي "! هكذا (الأيلي)! بالمثناة التحتية مكان الباء الموحدة! وكذلك وقع في "المعجم الكبير"! ثم إن عمر هذا أيضا مغمور غير مشهور ، ولذلك قال الهيثمي في "مجمع الزوائد " (5/ 149) : "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط " ، وفيه عمر بن يحيى الأبلي ، ولم أعرفه "! وقد أورده الحافظ في "اللسان " ، فقال : "ذكره ابن عدي في ترجمة جارية بن هرم ... (يعني في سند حديث ساقه) ، وأشار إلى أن عمر بن يحيى سرقه من يحيى بن بسطام " . انظر "كامل ابن عدي" (2/175) ، ووقع فيه (الأيلي) بالمثناة وكذلك في "اللسان"! (تنبيه) : نقل الشوكاني هذا الحديث عن أوسط الطبراني تحت شرحه لحديث ابن عمر : "من شرب في إناء ... " وقال (1/ 60) : "قال (الطبراني) : تفرد به عمر بن يحيى بن (!) معاوية بن عبدالكريم " . هكذا قال : (ابن معاوية ... " ، فلا أدري أهكذا هو في ف خته من "الأوسط " ، أو تحرف عليه ؟ وعلى كل حال فهو خطأ . ثم ما فائدة نقل هذا التفرد دون بيان حال المتفرد به ؟! 6279 - ( لا حاجةَ لي في ابنتِك . قاله لامرأةٍ آثَرَتْةُ بها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه أحمد (3/155) : ثنا عبد الله بن بكر أبو وهب : ثنا سنان ابن ربيعة عن الحضرمي عن أنس بن مالك : أن امرأة أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت : يا رسول الله! ابنة لي كذا وكذا - ذكرت من حسنها وجمالها - فآثرتك بها ، فقال : قد قبلتها ، فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تصدع ، ولم تشتك شيئاً قط ! قال : ... فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان : الأولى : الحضرمي هذا ، إن كان ابن عجلان مولى الجارود ؛ فهو مجهول الحال ، روى عنه ثلاثة ، ولم يوثقه غير ابن حبان (6/249) ، واستغرب له الترمذي حديثاً في العطاس ، وصححه الحاكم ، وهو مخرج في "الإرواء" (3/245) ، وقال الذهبي في " الكاشف " : "صدوق" . وقال الحافظ : "مقبول " . وإن كان هو ابن لاحق التميمي اليمامي ؛ فقد روى عنه ثلاثة آخرون غير سنان ابن ربيعة ، منهم سليمان التيمي ، وفيه قال ابن معين : "ليس به بأس" . ونحوه قول ابن عدي (2/454) : "أرجو أنه لا بأس به" . ومن الغريب - مع هذا كله - قول ابن حبان في "ثقاته " (6/246) : "لا أدري من هو ؟ ولا ابن من هو ؟" . وتبعه الذهبي في كتابيه "الميزان " و" المغني " [فقال] : "لا يعرف" . وأشار في "الكاشف " إلى تضعيف توثيقه بقوله : "وثق "! وتبنى الحافظ قول ابن معين وابن عدي فقال : "لا بأس به " . ولعله الأرجح . والله تعالى أعلم . وأقول : وسواء كان هذا الحضرمي أو ذاك . وترجح قول من عرفه أو جهله ، فمن المتفق عليه أنه ليس تابعياً ؛ بل هو من أتباعهم ، وابن حبان نفسه أورده في طبقة هؤلاء ؛ فيكون الإسناد منقطعاً ، وهذه هي العلة الأولى . والأخرى : سنان بن ربيعة ؛ فإنه مختلف فيه ، وقال الحافظ مشيراً إلى ذلك : "صدوق فيه لين " . ولعل الحافظ من أجل هذا سكت عن الحديث في "الفتح " (8/525) ، وخفيت عليه العلة الأولى! ثم بدت لي علة ثالثة ، وهي : المخالفة لرواية ثابت البناني قال : كنت عند أنس - وعنده ابنة له - قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعرض عليه نفسها ، قالت : يا رسول الله! ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقل حياءها ، واسوءتاه! قال : هي خير منك ؛ رغبت في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرضت عليه نفسها . أخرجه البخاري (5120 و6122) ، والنسائي (2/76) ، وابن ماجه (2001) ، وأحمد (3/268) . ولم يذكر في هذا الحديث جواب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها بعد العرض ، وقد ثبت الجواب فِي حَدِيثِ سهل بن سعد الثابت في الكتب الستة وغيرها في هذه القصة ، وهو مخرج في "الإرواء" (6/345/1925) ، وذلك في رواية للبخاري (9/198/ 5141 ) ، وهي رواية الدارمي (2/142) ، والبيهقي (7/57 و 144) ، والطبراني في "الكبير" (6/225 - 226) بلفظ : " مالي اليوم في النساء من حاجة" . وله شاهد ذكره الحافظ في "الفتح" (9/206) من حديث أبي هريرة عند النسائي : جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرضت نفسها عليه ، فقال لها : "اجلسي" ، فجلست ساعة ثم قامت ، فقال : "اجلسي بارك الله فيك ؛ أما نحن فلا حاجة لنا فيك " . سكت الحافظ عنه ، وذلك يعني أنه حسن عنده على الأقل ولم أقف عليه ، فلعله في "كبرى النسائي " . قلت : ومن رواية ثابت عن أنس ، وحديث سهل وأبي هريرة يقبين لنا خطأ حديث الترجمة ؛ ونكارته لخالفته لهذه الروايات الصحيحة من ناحيتين : الأولى : أن المرأة فيها هي التي عرضت نفسها له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وليس أنها عرضت ابنتها . والأخرى : أن قوله لا حاجة لي ... " هو خطاب منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موجه إلى المرأة لا إلى ابنتها . ثم إن الحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (7/232/479) فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن بكر عن سنان بن ربيعة الحضرمي ... كذا دون قوله : "عن الحضرمي" وكذا في مصورة (الآصفية) ؛ فالظاهر أنه سقط قديم ، لم يتنبه له المعلق على "المسند" ، وإلا كان عليه أن يبين الفرق بين هذا وبين "مسند أحمد" ؛ كما يقتضيه التحقيق العلمي ، ولا سيما وهو يعلم - فيما أظن - أن سناناً هذا بصري ، وأن أحداً لم يترجمه بأنه حضرمي! ولا أدري إذا كان هذا الفرق موجوداً في نسخة "المسندين" للهيثمي ، فقد رأيته يقول في "المجمع " (2/294) : "رواه أحمد وأبو يعلى ، ورجاله ثقات " . فلم يتعرض لبيان الفرق بين "المسندين "! ولعل المعلق المشار إليه استأنس - على الأقل - بتوثيق الهيثمي هذ! فقال : "إسناده حسن "! فهذا مردود لما تقدم من التحقيق . والله سبحانه وتعالى أعلم . وقد يقال : لعل تحسينه قائم على أنه من رواية سنان عن أنس مباشرة . فأقول : هذا من الممكن قوله ؛ لأنهم قد ذكروا لسنان رواية عن أنس ، ولذلك جعله الحافظ من الطبقة الرابعة ، بخلاف الحضرمي بن لاحق فجعله من الطبقة السادسة ، والحضرمي بن عجلان من الطبقة السابعة . قلت : كان من الممكن أن يقال بالتحسين المذكور ؛ لولا زيادة أحمد : "عن الحضرمي" أولاً ، والمخالفة لرواية الثقات لمتن الحديث ثانياً . فتأمل . ثم وجدت ما يؤكد سقوط الحضرمي من إسناد أبي يعلى ، وأن المحفوظ إثباته : أن البيهقي أخرج الحديث في "الشعب " (7/177/9909) من طريق محمد بن الفرج الأزرق : نا السهمي : نا سنان عن الحضرمي عن أنس ... به . وهذه متابعة قوية من الأزرق هذا ، فإنه صدوق ربما وهم ؛ كما في "التقريب" . 6296 - ( باعِدوا بين أنفاس الرجالِ والنساء) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له . وقد علقه ابن حزم في "طوق الحمامة" (ص 128) جازماً بنسبته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وكذلك فعل جمع من بعده ؛ منهم ابن الحاج في "المدخل " (1/245) ، وكذلك ذكره ابن جماعة في "منسكه " في طواف النساء من غير سند ، كما ذكر الشيخ ملا علي القارئ في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (145/113) ، وقال : "غير ثابت"! وقلده الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء" (1/279) . وليس بجيد ؛ وذلك لأن هذه الجملة ليست صريحة في التعبير عن واقع هذا الحديث ، وأنه لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة التي تروي الأحاديث بالأسانيد ، ولو كان بعضها موضوعة ، وإنما يقال ذلك فِي حَدِيثِ له إسناد غير ثابت . فتنبه! 6342 - ( كَانَ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : (مُوَرِّقٌ) ، فَكَانَ مُتَعَبِّداً ، فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ فِي صَلَاتِهِ ، ذَكَرَ النِّسَاءَ ، فاشْتَهَاهُنَّ ، وَانْتَشَرَ حَتَّى قَطَعَ صَلَاتَهُ ، فَغَضِبَ ، فَأَخَذَ قَوْسَهُ ، فَقَطَعَ وَتَرَهُ ، فَعَقَدَهُ بِخُصْيَيْهِ ، وَشَدَّهُ إِلَى عَقِبَيْهِ ، ثُمَّ مَدَّ رِجْلَيْهِ فانْتَزَعَهُمَا ، ثُمَّ أَخَذَ طِمْرَيْهِ وَنَعْلَيْهِ حَتَّى أَتَى أَرْضاً لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ ، فَاتَّخَذَ عَرِيشاً ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي . فَجَعَلَ كُلَّمَا أَصْبَحَ ، انْصَدَعَتْ لَهُ الْأَرْضُ ، فَخَرَجَ لَهُ خَارِجٌ مِنْهَا مَعَهُ إِنَاءٌ فِيهِ طَعَامٌ ، فَيَأْكُلُ حَتَّى يَشْبَعَ ، ثُمَّ يَدْخُلُ ، فَيَخْرُجُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَدْخُلُ فتَلْتَئِمُ الْأَرْضُ ، فَإِذَا أَمْسَى فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ . قَالَ : وَمَرَّ أُنَاسٌ قَرِيباً مِنْهُ ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ مِنَ الْقَوْمِ ، فَمَرَّا عَلَيْهِ تَحْتَ اللَّيْلِ ، فَسَأَلَاهُ عَنْ قَصْدِهِمَا ؟ فَسَمَتَ لَهُمَا بِيَدِهِ ، قَالَ : هَذَا قَصْدُكُمَا - حَيْثُ يُرِيدَانِ -. فَسَارَا غَيْرَ بَعِيدٍ ، قَالَ أَحَدُهُمَا: مَا يُسْكِنُ هَذَا الرَّجُلَ هُنَا بأَرْضٌ لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ ؟ لَوْ رَجَعْنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ . قَالَ : فَرَجَعَا ، فَقَالَا لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ! مَا يُقِيمُكَ بِهَذَا الْمَكَانِ بِأَرْضٍ لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ ؟ قَالَ : امْضِيَا لشَأْنِكُمَا وَدَعَانِي . فَأَبَيَا وأَلَحَّا عَلَيْهِ قَالَ : فَإِنِّي مُخْبِرُكُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَمَهُ عَلَيَّ مِنْكُمَا ، أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ عَلَيَّ مِنْكُمَا ، أَهَانَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . قَالَا : نَعَمْ . قَالَ : فَنَزَلَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَا ، خَرَجَ الْخَارِجُ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلِ الَّذِي كَانَ يُخْرِجُ مِنَ الطَّعَامِ ومِثْلَيْهِ مَعَهُ ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ، ثُمَّ دَخَلَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بِشَرَابٍ فِي إِنَاءٍ مِثْلِ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ ومِثْلَيْهِ مَعَهُ ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا ، ثُمَّ دَخَلَ فَالْتَأَمَتِ الْأَرْضُ . قَالَ : فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ : مَا يُعَجِّلُنا ؟ هَذَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ وَقَدْ عَلِمْنَا سَمْتَنَا مِنَ الْأَرْضِ ، امْكُثْ إِلَى الْعَشَاءِ ! فَمَكَثَا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلُ الَّذِي خَرَجَ أَوَّلَ النَّهَارِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : امْكُثْ بِنَا حَتَّى نُصْبِحَ . فَمَكَثَا فَلَمَّا أَصْبَحُوا خَرَجَ إِلَيْهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ . ثُمَّ رَكِبَا فَانْطَلَقَا ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا ، فَلَزِمَ بَابَ الْمَلِكِ حَتَّى كَانَ مِنْ خَاصَّتِهِ وَسَمَرِهِ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَقْبَلَ عَلَى تِجَارَتِهِ وَعَمَلِهِ . وَكَانَ ذَلِكَ الْمَلِكُ لَا يَكْذِبُ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ كَذِبَةً يُعْرَفُ بِهَا إِلَّا صَلَبَهُ . فَبَيْنَا هُمْ لَيْلَةً فِي السَّمَرِ يُحَدِّثُونَهُ مِمَّا رَأَوْا مِنَ الْعَجَائِبِ ، أَنْشَأَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ فقَالَ : ألَا أُحَدِّثُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ بِحَدِيثٍ مَا سَمِعْتَ أَعْجَبَ مِنْهُ قَطُّ ؟ فَحَدَّثَ بحَدِيثِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي رَأَى مِنْ أَمْرِهِ . قَالَ الْمَلِكُ : مَا سَمِعْتُ بِكَذِبٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا ، وَاللَّهِ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَصْلُبَنَّكَ قَالَ : بَيِّنَتِي فُلَانٌ . قَالَ : رِضًى ، ائْتُونِي بِهِ ، فَلَمَّا أَتَاهُ ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ : إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ : إِنَّكُمَا مَرَرْتُمَا بِرَجُلٍ ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ الرَّجُلُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ! أَوَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ ، وَهَذَا مَا لَا يَكُونُ ، وَلَوْ أَنِّي حَدَّثْتُكَ بِهَذَا ،كَانَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَصْلُبَنِي عَلَيْهِ ؟ قَالَ : صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ . فَأَدْخَلَ الرَّجُلَ الَّذِي كَتَمَ عَلَيْهِ فِي خَاصَّتِهِ وَسَمَرِهِ ، وَأَمَرَ بِالْآخَرِ فَصُلِبَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَمَّا الَّذِي كَتَمَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا ، فَقَدْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَأَمَّا الَّذِي أَظْهَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا ، فَقَدْ أَهَانَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا ، وَهُوَ مُهِينُهُ فِي الْآخِرَةِ . ثُمَّ نَظَرَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَنَسٍ ، فَقَالَ : يَا أَبَا الْمُثَنَّى ! أَسَمِعْتَ جَدَّكَ يُحَدِّثُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/113/7651) : حدثنا محمد بن شعيب : ثنا عبد الرحمن بن سلمة : نا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن المفضل بن فضالة عن بكر بن عبد الله المزني : نا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره . وقال الهيثمي في "المجمع" (10/305 - 306) : "رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن شعيب ، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات على ضعف في بعضهم يسير ". كذا قال ! والمفضل بن فضالة - وهو: البصري ، لا المصري - لا يصدق عليه هذا الوصف عندي ، لأنه متفق على تضعيفه إلا ابن حبان ، ولذلك تكلم عليه الذهبي في "المغني" ، وجزم الحافظ في "التقريب" بضعفه . ولعله أراد به عبد الرحمن ابن مغراء ، فإنه مختلف فيه - كما ترى في "التهذيب" - ، وقال الحافظ : "صدوق ، تكلم فِي حَدِيثِه عن الأعمش" . وأما عبد الرحمن بن سلمة - وهو : الرازي - : فلم يوثق أحد فيما علمت ولا ابن حبان ، وقد أورده ابن أبي حاتم فقط دون البخاري (2/2/241) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . وأما محمد بن شعيب ، فهو الأصبهاني - كما في أحاديث قبل هذا في "المعجم الأوسط " - ، وله ترجمة في "طبقات المحدثين بأصبهان" (376/518) لأبي الشبخ و"أخبار أصبهان" لأبي نعيم (2/252) ، وذكرا أنه يكنى بأبي عبد الله التاجر ، توفي سنة ثلاثمائة ، يروي عن الرازيين بغرائب . |
6382 - ( إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا ، وَالرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ غَيْرُهُ ، فَإِنَّهُمَا يُيَمَّمَانِ وَيُدْفَنَانِ ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لاَ يَجِدِ الْمَاءَ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه أبو داود في "المراسيل" (298/414) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (3/398) : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِى ابْنَ عَيَّاشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى سَهْلٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره ، وقال البيهقي : « هَذَا مُرْسَلٌ ». كذا قال ولم يزد ، وهو ذهول عن كونه مرسلاً موضوعاً ، آفته محمد بن أبي سهل هذا ، فقد جزم أبو حاتم وغيره بأن محمد بن أبي سهل هذا هو محمد بن سعيد الشامي الكذاب المصلوب في الزندقة ، وخفي ذلك على ابن حبان ، فذكره في "الثقات" (7/408) ، وبخلاف صنعه في محمد بن سعيد ، فذكره في "الضعفاء" ، انظر تعليقي على ترجمته في كتابي الجديد : "تيسير الانتفاع " وقد تحرف اسم محمد ابن أبي سهل في "مصنف عبد الرزاق" (3/413/6135) إلى (محمد الزهري) ! وأشار النووي إلى الحديث في "المجموع" (5/151) ، ولم يزد أيضاً على قوله : "رواه البيهقي مرسلاً " ! قلت : وهارون بن عباد - هو : أبو موسى الأزدي الأنطاكي - لم يذكروا له راوياً غير أبي داود ومحمد بن وضاح القرطبي ، ولم يوثقه أحد ، ولذا قال الحافظ: "مقبول" . لكن تابعه عبد الرزاق - كما تقدم - . وقد خالفهما أبو بكر بن أبي شيبة فقال في "مصنفه" (3/248) : حدثنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن عطاء في المرأة تموت مع الرجال ؟ قال : "تيمم ، ثم تدفن في ثيابها . قال : والرجل كذلك ". قلت : فلعل هذا الاختلاف في الإسناد إنما هو من أبي بكر بن عياش ، فإنه مع كونه من رجال البخاري ، فهو قد تكلم فيه من قبل حفظه . وقد روي مرفوعاً من طريقين آخرين واهيين : أحدهما : عن نُعَيْم بن حَمَّادٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بن زَيْدِ بن وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ بن قَيْسٍ عَنْ بُسْرِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سِنَانِ بن عَرَفَةَ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةِ تَمُوتُ ... إلخ . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/119 - 120) . قلت : وعبدالخالق هذا ، قال البخاري : "منكر الحديث" . وقال النسائي : "ليس بثقة" . وبه أعله الهيثمي (3/23) ، إلا أنه قال : "وهو ضعيف". قلت : ونعيم بن حماد : ضعيف أيضاً ، بل قد اتهمه بعضهم - كما تقدم مراراً - . وإذا عرفت ما تقدم ، فإيراد سنان هذا في "الصحابة" لهذا الحديث الواهي إسناده مما لا يخفى فساده ، وبخاصة مع السكوت عن بيان وهائه ، كما فعل الحافظ في "الإصابة" ، وقد عزاه للبارودي وابن السكن أيضاً من طريق بسر بن عبيد الله ! لم يذكر ما دونه من الإسناد المبين لضعفه ! فقد يتوهم منه الكثيرون أنه ثابت ! لأن بسراً هذا ثقة ، إلا لابتدأ بإسناده من الموضوع الضعيف منه - كما عليه عرف العلماء وعملهم ومنهم الحافظ نفسه - ولذلك فقد أحسن الذهبي حين قال في "التجريد" (1/241) : "سنان بن غرفة له صحبة . روى عنه بسر بن عبيد الله إن صح" . فأشار رحمه الله إلى أنه لا يصح . والطريق الآخر : يرويه بشر بن عون الدمشقي : حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة بن الأسقع مرفوعاً ... به مقتصراً على جملة المرأة فقط . أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (3/347) مع حديثين آخرين بهذا الإسناد . وبشر بن عون وبكار بن تميم ، قال ابن أبي حاتم عن أبيه : "مجهولان" . والأول أورده ابن حبان في "الضعفاء" (1/190) وقال : "يروي عن بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة نسخة فيها ستمائة حديث، كلها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به بحال ". ثم ساق له أحاديث ثلاثة أخرى ، وتقدم أحدها برقم (5756) . واعلم أن الآثار في هذا الباب مختلفة ، فبعضها بمعنى هذا الحديث . وفي بعضها أن المرأة يصب عليها الماء صباً فوق الثياب صباً . وروى ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق مطر عن نافع عَنْ ابْنِ عُمَرَ في المرأة تموت مع الرجال ؟ قال : تغمس في الماء . ولفظ البيهقي : ترمس في ثيابها . 6403 - ( لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَلْعَنُهَا الْمَلَائِكَةُ ، أَوْ يَلْعَنُهَا اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ ، وَخُزَّانُ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ مَا انْتَهَكَتْ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ شَيْئاً ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه البزار في "مسنده" (1/73/110) من طريق فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ : أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ... مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله ثلال علل : الأولى : عبيد بن سليمان الأغر : اختلف فيه الشيخان : البخاري وأبو حاتم ، فليَّنه الأول ، وقال أبو حاتم : "بل يحول من (الضعفاء) " - كما في "الميزان" - . ونصه في "الجرح" (2/2/ 407) : "لا أرى فِي حَدِيثِه إنكاراً ، يحوَّل من "كتاب الضعفاء" الذي ألفه البخاري" . وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/156) . والثانية : فضيل بن سليمان : فإنه مع كونه من رجال الشيخين ، فإنه كثير الخطأ - كما قال الحافظ في "التقريب" - . ولم يذكر فيه الذهبي في "الكاشف" إلا أقوال الجارحين ، ولعله هو علة هذا الإسناد . والثالثة : النكارة في المتن : فإن فيه مبالغة ظاهرة ، غير معروفة في الأحاديث الصحيحة ، فإن اللعنة لا يستحقها من ارتكب شيئاً ما من المعاصي ،ولا معنى لتخصيص النساء بها . والله تعالى أعلم . 6446 - ( نُهِينا - يعني : النساءَ - عن زيارةِ القبورِ ، ولم يُعْزَمْ علينا ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له بلفظ : (الزيارة) . وقد أورده هكذا ابن قدامة المقدسي في "المغني" (2/430) وقال : "رواه مسلم" ! وهذا خطأ محض ، وأفحش منه قول أبي الفرج المقدسي في "الشرح الكبير" (2/426) : "متفق عليه" . فإن الحديث ليس له أصل عندهما ولا عند غيرهما من أصحاب "السنن" وغيرهم باللفظ المذكور : "زيارة القبور: ، وإنما هو عندهم بلفظ : " ... عن اتباع الجنائز ... " . وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 90 - المعارف) عن سبعة من دواوين السنة منها : "الصحيحان" . ولا أجد تأويلاً لمثل هذا العزو الفاحش ، والتحريف للحديث بما هو أفحش ، مما يحسن جعله مثالاً جديداً للوضع - بدون قصد - ، إلا أحد أمرين : الأول : الذهول والنسيان الذي هو من طبيعة الإنسان . والآخر : أن يكونا استلزما من نهيهن عن اتباع الجنائز ، النهي عن الوصول إلى المقابر وزيارتها . ومع أن هذا الاستلزام غير لازم ، فهو أبعد من الأول ، إذ لو كان الأمر كذلك ، لذكرا الحديث بلفظه المعروف في كتب السنة ثم فسراه بالزيارة . وإنما قلت : "غير لازم" ، لأنه مخالف للأدلة الخاصة بالنساء الدالة على أن الأمر الثابت في الأحاديث بزيارة القبور ، عام يشمل النساء - كما كان يشملهن النهي عنها من قبل - ، وهي مجموعة في فصل قد ذكرها الفقيهان المقدسيان . كما عقدت قبله فصلاً آخر في أن فضل اتباع الجنائز خاص بالرجال دون النساء ، رقم (46) . وبهذه المناسبة أقول : المشهور عند الحنابلة ، وبخاصة منهم إخواننا النجديين كراهة زيارة النساء للقبور ، ويتشددون في ذلك ، حتى ليكاد جمهورهم لا يعرفون في مذهبهم إلا الكراهة ! مع أن الفقيهين قد ذكرا عن الإمام رواية أخرى : أنه لا تكره . واستدلا لها بعموم الحديث المذكور آنفاً ، وبزيارة عائشة - أفقه النساء الصحابيات وكثير من الصحابة - لقبر أخيها عبد الرحمن بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام . وقد رأيت احتجاج الإمام أحمد بهذا الأثر ورده على شبهة لبعض المخالفين ، فأحببت أن أنقله إلى القراء ، لعزته - حتى عند الحنابلة - وفائدته . قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (2/233) : " واحتج من أباح زيارة القبور للنساء بما حدثناه عبد الله بن محمد ... (فساق إسناده إلى أبي بكر الأثرم قال : حدثنا محمد بن المنهال ... فساق إسناده إلى عائشة بالأثر المذكور ثم قال : ) قال أبو بكر : وسمعت ابا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يُسأل عن المرأة تزور القبر ؟ فقال : أرجو - إن شاء الله - أن لا يكون به بأس ، عائشة زارت قبر أخيها . قال : ولكن حديث ابن عباس : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن زوارات القبور . ثم :قال هذا أبو صالح .. ماذا ؟ كأنه يضعفه . ثم قال : أرجو إن شاء الله ، عائشة زارت قبر أخيها . قيل لأبي عبد الله : فالرجال ؟ قال : أما الرجال فلا بأس به ". وحديث ابن عباس ذكر له ابن عبدالبر شاهداً من حديث أبي هريرة - كأنه يشير إلى تقويته - ، وهو كذلك ، فإن له شاهداً آخر من حديث حسان ، وقد خرجت ثلاثتها في "أحكام الجنائز" (235 - 237) و"الإرواء" (3/232 - 233) ، وأجاب عنه ابن عبدالبر (2/232) على ما قبل الإباحة ، وحمله غيره من العلماء عن المكثرات للزيارة ، فراجع له "الإحكام" . وعلى هذا ، فليست المعالجة لما يقع من النساء من المخالفة للشرع عند الزيارة بالتشدد المشار إليه ، فإن مثله يقع أيضاً من الرجال ، وإنما تكون بتذكيرهم بالغاية من شرعية الزيارة ، وهي ترقيق القلب وتذكر بالآخرة ، والسلام على أهل القبور ، فمن زار على الوجه المشروع ، فهو المتبع ، ومن خالف ، فهو المبتدع ، لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء . فهذا هو الحق ما به خفاء ... فدعني عن بنيات الطريق 6498 - ( قُسِمَ الحسدُ (1) عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الْعَرَبِ ، وَوَاحِدٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْكِبْرُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الرُّومِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالسَّرِقَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي الْقِبْطِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْبُخْلُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي فَارِسَ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالزِّنَا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي السِّنْدِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالرِّزْقُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي التِّجَارَةِ وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْفَقْرُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الْحَبَشِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالشَّهْوَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي النِّسَاءِ وَجُزْءٌ فِي الرِّجَالِ ، وَالْحِفْظُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي التُّرْكِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْحِدَّةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي الْبَرْبَرِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه أبو الشيخ في "العظمة" (5/1636/1080) عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ... فذكره. قلت : وهذا - مع إرساله - موضوع ؛ آفته مروان بن سالم - وهو : الغفاري - وهو متروك متهم بالوضع ، وقد تقدمت له أحاديث موضوعة ، فراجع فهرس الرواة في المجلدات الأربعة المطبوعة . وأما قول الأخ الفاضل رضاء الله المباركفوري في تعليقه على "العظمة" : "مرسل ضعيف ؛ في إسناده مروان بن سالم : - هو : المقفع - مصري مقبول من الرابعة . التقريب" . فهو وهم ؛ لأن المقفع متقدم على الغفاري ، وليس له رواية عن خالد بن معدان ، بخلاف الغفاري فإنه - مع تأخره عنه - ، فقد ذكروا أنه روى عن خالد ز والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/184 - 185) من رواية الدارقطني بسنده الضعيف عن طلحة بن زيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس مرفوعاً . وقال : "لا يصح ؛ تفرد به طلحة بن زيد : قال البخاري : منكر الحديث .وقال النسائي : متروك الحديث" . وأيده السيوطي في "اللآلي" بقوله : " قلت : طلحة هو: الرقي ؛ قال أحمد وابن المديني : يضع الحديث . وله طريق ثان ، قال أبو الشيخ ... " .فذكر حديث الترجمة . وأقره ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/177) . __________ (1) الأصل (الحياء) ،وما أثبته موافق لنسخته ؛ كما في حاشيته ، ولنقل السيوطي عنه في "اللآلي" (1/156) . 6499 - ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَخَرجتْ مِنْهُ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَانْتَزَعَ ضِلَعاً مِنْ أَضْلَاعِهِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهَما الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً . أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3/206/2) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/1553/1015) من طريق مُحَمَّد بْن شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ... فذكره . وعلقه ابن منده في "التوحيد" (1/211) ، ووصله ابن عساكر في "التاريخ" (2/624) من طريق أخرى عن محمد بن شعيب ... به . قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : متفق على تضعيفه ، واتهمه بعضهم ، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو موضوع ؛ كما تقدم في المجلد الأول برقم (25) ، وانظر الحديث (333) . وقد خالفه هشام بن سعد ؛ فقال : عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة به وأتم منه دون قوله : "وانتزع ضلعاً ... فخلق منها حواء " رواه الترمذي وصححه وكذا الحاكم ووافقه الذهبي ، وهو مخرج في "ظلال الجنة" (1/91/2069) ، وقال الترمذي : "وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت وأخرج بعضها عنه وعن غيره من الصحابة مرفوعاً وموقوفاً السيوطي في "الدر المنثور" (141 - 143) . وإلى هذه الطرق أشار المعلق الفاضل على "العظمة" بقوله - بعد أن أشار إلى ضعف الإسناد لأجل عبد الرحمن - : " ولكن الحديث صحيح ثابت من طرق أخرى "! ولكنه لم ينتبه لكونها خالية من ذكر (حواء) ، ولمخالفة هشام بن سعد لعبد الرحمن إسناداً ومتناً . نعم قد جاءت هذه الزيادة عن جمع من الصحابة موقوفاً من طريق أسباط بن نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُرَّةَ بْنِ شُرَاحَبِيلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : " أُخْرِجَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلُعِنَ ، وَأُسْكِنَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ لَهُ : {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ** ، فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشِيّاً لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهَا ، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ ، وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ضِلْعِهِ ، فَسَأَلَهَا : مَا أَنْتِ ؟ قَالَتِ : امْرَأَةٌ . قَالَ : وَلِمَ خُلِقْتِ ؟ قَالَتْ : لِتَسْكُنَ إِلَيَّ ... "الحديث . أخرجه ابن منده في "التوحيد" (1/213 - 214) ، وقال : "أَخْرَجَ مُسْلِمُ عَنْ مُرَّةَ ، وَعَنْ السُّدِّيِّ ، وَعَمْرِو بْنِ حَمَّادٍ ، وَأَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ فِي "كِتَابِهِ" ، وَهَذَا إِسْنَادٌ ثَابِتٌ "! كذا قال ! وأسباط مختلف فيه ، وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ ، يغرب". فهو إسناد ضعيف ، مع كونه موقوفاً ، فكأنه من الإسرائيليات ، وقد روى ابن سعد (1/39) وغيره عن مجاهد في قوله تعالى : {وخلق منها زوجها** ، قال : "خلق (حواء) من قُصَيْرى (1) آدم ". وذكر ابن كثير في "البداية" (1/74) عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ، ولأمَ مكانه لحماً . وقال : "ومصداق هذا في قوله تعالى ... " فذكر الآية مع الآية الأخرى : ** وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ اِلَيْهَا ... ** الآية ، لكن الحافظ أشار إلى تمريض هذا التفسير في شرح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " استوصوا بالنساء [خيراً ] ، فان المرأة خلقت من ضلع ..." (2) ؛ فقال (6/368) : "قيل : فيه إشارة إلى أن (حواء) خلقت من ضلع آدم الأيسر ... " وقال الشيخ القاري في "شرح المشكاة" (3/460) : "أي خلقن خلقاً فيه اعوجاج ، فكأنهن خلقن من الأضلاع ، وهو عظم معوج ، واستعير للمعوج صورة ، أو معنى ونظيره في قوله تعالى : {خلق الإنسان من عجل** ". قلت : وهذا هو الراجح عندي أنه استعارة وتشبيه لا حقيقة ، وذلك لأمرين : الأول : أنه لم يثبت حديث في خلق حواء من ضلع آدم كما تقدم . والآخر : أنه جاء الحديث بصيغة التشبيه في رواية عن أبي هريرة بلفظ : "إن المرأة كالضلع ... ". أخرجه البخاري (5184) ،ومسلم (4/178) ،وأحمد (2/428 و 449 و 530) وغيرهم من طرق عن أبي هريرة ، وصححه ابن حبان (6/189/4168 - الإحسان) . وأحمد أيضاً (5/164 و6/279) وغيره من حديث أبي ذر ، وحديث عائشة رضي الله عنهم . (تنبيه) : وأما ما جاء في "سنن ابن ماجه" (1/175) - تحت الحديث (225) - من رواية أبي الحسن بن سلمة : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَعْقِلٍ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْمِصْرِيُّ قَالَ : "سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يُرَشُّ بَوْلُ الْغُلَامِ ، وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ" وَالْمَاءَانِ جَمِيعاً وَاحِدٌ ؟ قَالَ : لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ . ثُمَّ قَالَ لِي: فَهِمْتَ ، أَوْ قَالَ لَقِنْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا . قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ ؛ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ ؛ فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَصَارَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ . قَالَ : قَالَ لِي : فَهِمْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ لِي : نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ ". فأقول : هذا إسناد ضعيف إلى الإمام الشافعي ؛ فإن أبا اليمان المصري لا يُعرف إلا في هذه الرواية ، وأفاد الحافظ في "التهذيب" أن الصواب فيه : (أبو لقمان) - واسمه : محمد بن عبد الله بن خالد الخراساني - . وقال في التقريب : "مستور" . وحقه أن يقول : "مجهول" ؛ لأنه قال في "المقدمة" في صدد ذكر مراتب التوثيق : "السابعة : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق ، وإليه الإشارة بلفظ : مستور ، أو مجهول الحال ". وهو لم يذكر له راوياً في "التهذيب" ؛ غير (أحمد بن موسى بن معقل) كما تقدمت الإشارة إلى ذلك . ثم إنه وقع في وهم آخر ، وهو أنه نسب هذا الأثر لابن ماجه في ترجمة أحمد هذا وشيخه أبي اليمان ، وبالتالي جعلهما من رجال ابن ماجه ، والواقع أن الأثر من زيادات أبي الحسن بن سلمة القطان على "سنن ابن ماجه" ، وهو راوي "السنن" ، وأحمد بن موسى إنما هو شيخه - أعني أبا سلمة - ، وأبو اليمان من رجاله ، ولذلك لم يترجم لهما المزي في "تهذيب الكمال" ، ولا الذهبي في "الكاشف" ؛ فاقتضى التنبيه . ولأبي الحسن القطان ترجمة حسنة في "سير النبلاء" (15/463 - 465) . __________ (1) هو أعلى الأضلاع وأسفلها ، وهما (قٌصَيْريان) ، ووقع في الأصل (قيصري) ! (2) متفق عليه من حديث أبي هريرة ، وهو مخرج في "الإرواء" (7/53) . 6591 - ( إني أعجبني لقاكم أمتي! في الجنة. فقلت: أيما؟ قال: الصعاليك المجاهدون في سبيل الله، إني رأيت أحدهم وإنه ليمر بحجبة الجنة فيرمي إليهم بسيفه ويقول: دونكم، لم أعط ما تحاسبوني عليه، ثم يعتق فيدخل الجنة. ورأيت أبطأ الناس دخولاً الجنة النساء وذوو الأموال، وما قام عبد الرحمن بن عوف حتى استبطأت له القيام ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " ( 1/ 406/ 705 ) من طريق أرطاة بن المنذر عن حفص بن ثابت الأنصاري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عمته حفصة بنت عمرقالت: كان يوم من أيامها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام في بيتها، وطالت نومته، فهبت أن أوقظه، فأهبته، فهب من نومه محمرة عيناه، فقلت: يا رسول الله! إني هبت أن أوقظك من نومك، فأهبتك، فقال:... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: إحداهما: الانقطاع بين ( عبد الحميد بن عبد الرحمن... ) وعمته حفصة، كما أفاد ذلك الحافظ في "التهذيب " بقوله: " أرسل عن حفصة رضي الله عنها ". والأخرى: ضعف حفص بن ثابت الأنصاري: نسب إلى جده، فإنه ( حفص ابن عمر بن ثابت بن زرارة الأنصاري )، قال ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 1/ 2/180 ): " سمعت علي بن الجنيد يقول: هو منكر الحديث ". وأما قول أخينا الفاضل حمدي السلفي في تعليقه على الحديث في " مسند الشاميين ": " وفي حفص بن عمر بن ثابت كلام كثير... " فليس دقيقا، لأنه يوهم أن الكلام في جرحه، وليس كذلك، فاقتضى التنبيه! ومن العلتين المذكورتين يتبين ضعف قول الحافظ ( ص 25 ) من " القول المسدد" أنه شاهد قوي الإسناد! ثم مضى، ولم يتكلم عليه بشيء! وتبعه السيوطي في "اللالي " ( 1/ 413 )، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة" ( 2/ 15 -16 ) !! ثم إنه لو سلمنا بالقوة المدعاة، وأنه شاهد، فهو شاهد قاصر، بل هو شاهد عليه لا له، لأنه رؤيا منامية قابلة للتأويل من جهة، ثم إنه ليس فيه أنه رآه يحبو حبواً، من جهة أخرى، فبطل الاستشهاد به. فتأمل منصفاً. ويشهد لكونه رؤيا منامية، ما رواه ابن عساكر ( 10/ 124 ) من طريق أبي العباس السراج بسنده الصحيح إلى عمرو بن أبي عمرو [ عن ] عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في النوم أنه دخل الجنة، فلم يجد فيها أحداً إلا فقراء المؤمنين، ولم يجد من الأغنياء إلا عبد الرحمن ابن عوف. قال: رأيت عبد الرحمن دخلها حين دخلها حبواً. فأرسلت أم سلمة إلى عبد الرحمن تبشره: رآك دخلت الجنة، ورآك دخلتها حبواً. فقال عبد الرحمن: إن لي عيراً أنتظرها، فهي في سبيل الله بأحمالها ورقيقها، وإني لأرجو أن أدخلها غير حبو. قلت: وهذا مع إرساله فإن ( محمد بن عبد الرحمن بن عوف ) لم أجد له ترجمة، وهو أكبر أولاده وبه يكنى. ثم رأيته في " الثقات " ( 5/ 354 ). وابنه عبد الواحد بن محمد يبدو أنه من المجاهيل، فقد أورده البخاري وابن أبي حاتم في " كتابيهما"، وكذا ابن حبان في " الثقات" ( 5/ 127 ) من رواية عاصم بن عمر بن أبي قتادة عنه عن جده عبد الرحمن بن عوف، لم يذكروا فيه: " عن أبيه "، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال البخاري: " قال سليمان بن بلال، وعبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمرو(*) بن أبي قتادة، ولم يذكر عبد العزيز عن عاصم ". قلت: وهي رواية ابن عساكر - كما تقدم -، فلا أدري إذا كان قوله فيها: " عن أبيه " محفوظأ. ثم إن الحديث - مع ضعفه - يخالف الحديث الذي قبله، لأنه ذكر الاستبطاء فقط، ولم يذكر ( الحبو ). ومثله الحديث الآتي: تركت ذكره لعدم مناسبته لأصل الموضوع . 6608 - ( لا تقولوا :سورة {البقرة** ، ولا: سورة {آل عمران** ، ولا: سورة {النساء** ، ولكن قولوا : السورة التي يذكر فيها البقرة ، و: السورة التي يذكر فيها آل عمران، و: السورة التي يذكر فيهاالنساء، وكذلك القرآن كله ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. رواه الطبراني. في " الأوسط " ( 6/ 352/ 5751 )، ومن طريقه الحافظ ابن حجر في " النتائج " عن خلف بن هشام البزار: ثنا عبيس بن ميمون عن موسى بن أنس عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :... وقال الطبراني: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به خلف ". قال الحافظ: " قلت: هو المقرئ من شيوخ مسلم، ولكن شيخه عبيس: ضعيف، وقد أفرط ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في "الموضوعات "، ولم يذكر له مستنداً إلا تضعيف عبيس، وقول الإمام أحمد: إنه حديث منكر. وهذا لا يقتضي الوضع، وقد قال الفلاس: صدوق يخطىء كثيراً، وقد ترجم البخاري في ( فضائل القرآن ): ( باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة {البقرة**، وسورة كذا )، ثم ذكر حديث أبي مسعود: من قرأ الآيتين من آخر سورة {البقرة** في ليلة، كفتاه. وحديث عمر: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة {الفرقان **... الحديث. وكأنه أشار إلى [ أن ] النهي لم يثبت فيجوز كل من الأمرين. وقد ثبت اللفظ الآخر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي من طريق يزيد الفارسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عمدتم إلى {الأنفال** وهي من المثاني، وإلى {براءة** وهي من المئين، فقرنتم بينهما... فذكر الحديث بطوله، وفيه قول عثمان: إن رسول الله كانت تنزل عليه الآية فيقول: ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا. وقد وجدت حديث أنس في كتاب " فضائل القرآن " لخلف، كما أوردته، وأخرج فيه عن حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: ذكرلنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "تدرون أي القرآن أعظم؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " السورة التي يذكر فيها البقرة ". وقد أخرج الشيخان في " صحيحيهما " من طريق الأعمش قال: سمعت الحجاج ابن يوسف يقول: لا تقولوا: سورة {البقرة**، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة. وفيه رد إبراهيم النخعي عليه بحديث ابن مسعود: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة {البقرة**. قال الشيخ عماد الدين ابن كثير: استقر الأمر والتفاسير على استعمال هذا اللفظ مثل سورة {البقرة** وغيرها. قلت: رأيت في بعض التفاسير استعمال اللفظ الثاني كـ "تفسير الكلبي " وعبد الرزاق وابن أبي حاتم، والأكثر مثل الأول. واللة أعلم ". قلت: فيه أمور: أولاً: لم يتفرد بالحديث خلف بن هشام البزار - بالراء، كما في "التقريب"، ووقع في "الأ وسط " بالزاي! -، فقد أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/519/ 2582 ) من طريق يحيى بن أبي طالب: أخبرني أبي: حدثني أبو عبيدة عبيس الخزاز به. وقال البيهقي: "عبيس بن ميمون منكر الحديث، وهذا لا يصح، وإنما يروى فيه عن ابن عمر من قوله ". ثانياً: قوله: " وقد ثبت اللفظ الآخر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..." إلخ فيه نظر، لأن حديث ابن عباس مداره على ( يزيد الفارسي ) - كما ترى -، وهو غير مشهور بالعدالة، ولذلك بيض له الذهبي في " الكاشف "، وقال الحافظ: " مقبول ". يعني: عند المتابعة، ولم يتابع، بل فيه جملة منكرة - كما بينت في "ضعيف أبي داود " ( 140 - 141 ) -. ولا يقويه مرسل الحسن البصري، لما هو معروف أن مراسيله كالرياح، ويمكن أن يكون تلقاه من يزيد هذا. على أن الراوي عنه ( حزم بن أبي حزم ) يهم، وإن كان صدوقاً - كما في " التقريب " -. ثالثاً: وفي رد إبراهيم النخعي على الحجاج إشارة قوية إلى أن المعروف عند الصحابة وتابعيهم خلاف ما قال الحجاج، وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة من لفظ النبي في تدل على الجواز، كما في " فتح الباري " ( 9/ 88 )، وقوله فيه بعد أن ذكر حديث الترجمة وضعفه، وحديت ابن عباس وسكت عنه: " قال ابن كثير في " تفسيره ": ولا شك أن ذلك أحوط، ولكن استقر الإجماع على الجواز في المصاحف والتفاسير. قلت: وقد تمسك بالاحتياط المذكور جماعة من المفسرين... ". فأقول: لا أرى وجهاً لمثل الاحتياط - مهما كان شأن القائلين به - بعد تتابع الأحاديث والآثار على الجواز. والله أعلم. 6668 - ( أعطيت قوة أربعين في البطش والنكاح ، وما من مؤمن إلا أعطي قوة عشرة ، وجعلت الشهوة على عشرة أجزاء ، وجعلت تسعة أجزاء منها في النساء ، وواحدة في الرجال ، ولولا ما ألقي عليهن من الحياء مع شهواتهن ، لكان لكل رجل تسع نسوة مغتلمات ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1/ 339/ 571 ) من طريق عيسى بن المساور قال: حدثنا سويد بن عبد العزيزعن المغيرة بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال في جملة أحاديث ساقها عن سويد عن المغيرة: " لم يرو هذه الأحاديث عن المغيرة الا سويد بن عبد العزيز". قلت: وهو متروك ؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله عن بعض الحفاظ المتقدمين، وعن الهيثمي أيضاً، ويظهر أنه نسي ذلك ؛ فأعله بشيخه فقال ( 4/293 ): " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه المغيرة بن قيس، وهو ضعيف". قلت: قال ابن أبي حاتم عن أبيه: " منكر الحديث" (1). وذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9/ 168 ). قلت: فكان الأولى إعلاله بـ ( سويد ) ؛ لشدة ضعفه، أو يعل به أيضاً على الأقل. واكتفى العراقي بقوله في " تخريج الإحياء " ( 2/ 380 ): "... وسنده ضعيف". وقد روي الطرف الأول من الحديث بلفظ: " فضلت على الناس بأربع: بالسخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش ". وحكم الذهبي ببطلانه، وتقدم الكشف عن علته في المجلد الرابع برقم ( 1597 ). __________ (1) مضى له حديث في المجلد الثاني برقم ( 647 ). 6750 - ( لَمَّا كَانَ يَوْمُ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ وذِرَاعُها فِي يَدِهِ، فَلَمَّا رَأَتِ السَّبْيَ، قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَرْسَلَ ذِرَاعَهَا مِنْ يَدِهِ، وَأَعْتَقَهَا، وَخَطَبَها، وَتَزَوَّجَهَا، وَأَمْهَرَهَا رُزَيْنَةَ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 13/ 91/ 7161 )، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 2/ 277 - 278/ 5 0 7 ) بسندهما المذكور في الحديث الذي قبله، وقد عرفت ضعفه وتسلسله بمن لا يعرف، وخطأ الحافظ في قوله: " وإسناده لا بأس به "! وقد عاد إلى الصواب الذي دل عليه النقد العلمي، فقال في " المطالب العالية " ( 4/ 134 - 135/ 4155 ) تحت هذا الحديث وعزاه لأبي يعلى: " قلت: حديث منكر، عن نسوة مجهولات، والذي في " الصحيح " عن أنس أنه جعل عتقها صداقها. وكذا تقدم عنها نفسها في ( كتاب النكاح ) ". وقد سبقه إلى ذلك شيخه الهيثمي، فقال في "المجمع " ( 9/ 251 ): " رواه الطبراني، وأبو يعلى بنحوه من طريق كليلة بنت الكميت عن أمها أمينة عن أمة الله بنت رزينة، وهؤلاء الثلاث لم أعرفهن، وبقية رجاله ثقات، وهو مخالف لما في ( الصحيح ). والله أعلم". قلت: يشير إلى حديث أنس الذي ذكره الحافظ، وقد رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " ( 6/ 224/ 1825 )، و" الروض النضير " ( رقم 23 ). إذا عرفت هذا ؛ فالعجب من الحافظ أيضاً، كيف سكت عن علة هذا الحديث أيضاً في " الإصابة " ؟! فقال: " وأخرج أبو يعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج صفية ؛ أمهرها خادماً، وهي رزينة!! __________ (1) الأصل: النبي صلى الله عليه وسلم! والتصحيح من " المجمع "، وفي " أبي يعلى ": النساء. 6819 - ( إِنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا: الْحَمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِالْأُزُرِ، وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ، إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه أبو داود ( 4011 )، وابن ماجه ( 3748 )، والبيهقي في " السنن " ( 7/ 308 - 309 )، وفي " الشعب " ( 6/ 159/ 7775 )، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 13/ 29/ 59 و 52/ 128 )، وكذا عبد الرزاق في " المصنف " ( 1/ 290 - 291/1119 )، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 0 1/309/ 350 )، والخطيب في " الموضح " ( 1/ 363 ) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال البيهقي في" الشعب ": " تفرد به عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وأكثر أهل العلم لا يحتج بحديثه، وليس بأضعف من أحاديث النهي على الإطلاق "! كذا قال، وفي النهي عن دخول النساء الحمام على الإطلاق أحاديث صحيحة، قد كنت خرجت بعضها في " آداب الزفاف " ( ص 140 ، 141 )، و " غاية المرام " ( ص 136 )، ثم أعدت تخريجها في " الصحيحة " بتوسع ( 3442 ). ثم إن شيخ الإفريقي ضعيف أيضاً ؛ قال الذهبي في " الميزان ": " حديثه منكر، وكان على قضاء إفريقية، ولكن لعل تلك النكارة جاءت من قبل صاحبه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ". وقد روي الحديث عن عمر بن الخطاب مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 3/ 405 )، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 1/ 343/ 563 ) بسنده عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي: حدثني أيوب بن سعيد السكوني: حدثني عمرو بن قيس السكوني يقول: سمعت المشمعل بن عبد الله السكوني يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ لم أعرف أحداً منهم بالثقة ؛ إلا عمرو بن قيس السكوني، وهو من رجال " التهذيب "، وأورده ابن عدي في ترجمة سعيد ابن أبي سعيد الزبيدي، وقال: " شيخ مجهول، حديثه غير محفوظ ". قلت: هو: سعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وقد عرفه بعضهم بالضعف الشديد، فقال قتيبة: " كان جرير يكذبه ". وقال مسلم: " متروك الحديث ". وأيوب بن سعيد السكوني: أورده البخاري في " التاريخ "، وابن أبي حاتم في "الجرح " برواية معلى بن منصور فقط عنه، ساكتين عليه ؛ فهو مجهول. والمشمعل بن عبد الله السكوني: لم أجد أحداً ذكره إلا الحافظ المزي في شيوخ ( عمرو بن قيس السكوني ). والله أعلم. وقال ابن الجوزي عقب الحديث: " لا يصح. قال ابن عدي: وسعيد بن أبي سعيد مجهول. وقال يحيى: عمرو ابن قيس لا شيء. وقال الدارقطني: إسماعيل ضعيف". قلت: فيه خلط عجيب ؛ وذلك من وجهين: أحدهما: تحرف عليه ( المشمعل بن عبد الله ) إلى إسماعيل بن عبد الله فنقل عن الدارقطني تضعيفه! فتعقبه محققه الفاضل بقوله: "قلت: إسماعيل بن عبد الله هذا من طبقة التابعين، وأما من ضعفه الدارقطني فهو إسماعيل بن عبد الله أبو شيخ ؛ كما ذكره المؤلف في " الضعفاء "....". وأقول: لقد وهم ابن الجوزي والمعلق عليه ؛ فليس الحديث من رواية أحد من الإسماعيليين، وانما هو المشمعل بن عبد الله - كما تقدم -. والآخر: ما نقله عن يحيى - وهو: ابن معين - ليس هو في ( عمرو بن قيس السكوني ).. فهذا ثقة بلا خلاف، وانما هو في ( عمرو بن قيس بن يسير بن عمرو ) - كما في " كامل " ابن عدي وغيره -. وبالجملة، فهذا الإسناد ضعيف جداً، ولقد عجبت من ابن الجوزي كيف اقتصر عليه، ولم يروه غير ابن عدي، وفاته حديث ابن عمرو، وقد رواه ذلك الجمع الغفير من الحفاظ ؟! وأعجب منه احتجاج الخطيب وغيره بهذا الحديث الضعيف على أن الحمام لم يكن بالمدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ مخالفين في ذلك حديث أم الدرداء الكبرى الصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لقيها وقد جاءت من الحمام، فقال لها صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من امرأة تنرع ثيابها في غير بيتها ؛ إلا هتكت ما بينها وبين الله من ستر ". وهو حديث صحيح جاء عنها من ثلاثة طرق ؛ أحدها حسن على الأقل - كما تراه محققاً مبسطاً في " الصحيحة " ( 3442 ) -. والحديث يرويه أيضاً مسلمة بن علي: ثنا الزبيدي عن راشد بن سعد عن المقدام بن معدي كرب مرفوعاً. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/ 284/ 671 ). وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته مسلمة بن علي - وهو: الخشني -، وهو متروك - كما قال الذهبي والعسقلاني -. وقال الهيثمي ( 1/ 278 ): وقد أجمعوا على تركه ". 6918 - ( كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن تكون في الرجال بأربعين سنة ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 50/ 319 - 320 ) من طريق ابن أبي الدنيا: حدثنا الحسين بن علي العجلي: حدثنا محمد بن فضيل: حدثنا عمر بن أبي زائدة عن أبي صخرة رفعه قال:... فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان " ( 4/ 375/ 59 54 ) ؛ لكن وقع فيه -: " أبي جمرة قال ".. وأظنه خطأ مطبعياً ؛ سقط منه قوله: "رفعه "، وأستبعد جداً أن يكون ثبوته في رواية ابن عساكر خطأ كذلك أو زيادة من بعض النساخ، دانما هو زيادة من ( الحسين بن علي العجلي ) يُدان بها ؛ لأن ابن عدي اتهمه بسرقة الحديث، وروى له ثلاثة أحاديث، اثنان منها عن محمد بن فضيل، ثم قال عقبها: " وله أحاديث غير هذه ؛ مما سرقه من الثقات، وأحاديثه لا يتابع عليها ". وقد خالفه الثقة ؛ فقال ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 5/ 1518 ): حدثنا أبي: ثنا محمد بن علي الطنافسي: ثنا محمد بن فضيل به عن جامع بن شداد أبي صخرة قال:... فذكره، دون قوله: " رفعه ". وبهذه الزيادة ذكره السيوطي في " الدر المنثور " ( 3/ 100 ) من رواية الأربعة المذكورين: ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وابن عساكر، وفيه تساهل ظاهر ؛ لأنها ليست عندهم، وإنما عند ابن أبي الدنيا فقط! ثم إنه لو صح عن جامع بن شداد أبي صخرة أنه رفعه ؛ فهو مرسل ؛ لأن ( جامعاً ) هذا تابعي. والله أعلم. 6940 - ( حُبِّبَ إلى كلِّ امرئٍ شيء ، وحُبِّبَ إليَّ النساء والطِّيبُ، وجعلت قرة عيني في الصَّلاة ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له بالزيادة التي في أوله: "حبب إلى كل امرئ شيء " . ولعل الحافظ أشار إلى ذلك في " تسديد القوس بترتيب الفردوس " ( ق 116/ 2 ) دون الزيادة المذكورة، وقال: " رواه أحمد والنسائي عن أنس، وفي الباب عن علي وأبي هريرة ". وهو مخرج عندي في " الروض النضير " ( 1/ 46/ 53 ) ولا المشكاة " ( 3/5261 ). قلت: ولم أره في " الغرائب الملتقطة " من " مسند الفردوس " ؛ لا بلفظ الترجمة ولا بدون الزيادة، ورأيت الحافظ السخاوي قد أطال الكلام في تخريج الحديث المختصر، ثم قال ( 180/ 380 ): " وقد عزاه الديلمي بلفظ: " حبب إليّ كل شيء! وحبب إليّ النساء... " إلخ. للنسائي وغيره، مما لم أره كذلك فيها. وكذا أفاد ابن القيم أن أحمد رواه في " الزهد " بزيادة لطيفة وهي: ( أصبر عن الطعام والشراب، ولا أصبر عنهن ) ". قلت: ما عزاه لابن القيم هو في " زاد المعاد " ( 3/ 196 )، وقد مر عليه المعلقان على طبعة المؤسسة منه ( 4/ 250 ) مر الكرام، ولم يعلقا عليه بشيء. وقد مررت على " كتاب الزهد " من أجل هذه الزيادة الغريبة من أوله إلى آخره ؛ فلم أجد له أثراً، لكن لعلها في بعض النسخ التي وقعت لابن القيم رحمه الله، فإن النسخة المطبوعة في أم القرى أصلها فيها خرم، وبياض وتشويش كثير. والله أعلم . وقد رأيت في " شرح الإحياء " للزبيدي أنه قال - بعد أن نقل عن ابن القيم قوله المتقدم -: " وقال كذلك الزركشي، وقد تعقبه السيوطي بقوله: أنه مر على " كتاب الزهد " مراراً فلم يجده ؛ لكن فى " زوائده " لابن أحمد عن أنس مرفوعاً: "قرة عيني في الصلاة، وحبب إلين النساء والطيب. الجائع يشبع، والظمأن يروى، وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء ". فلعله أراد هذا الطريق . اهـ. قلت: وهذا قد رواه الديلمي كذلك. والله أعلم ". قلت: إنما روى الديلمي في " الفردوس " الشطر الثاني منه فقط ( 2/ 119/2622 )، ولم أره أيضاً في " الغرائب الملتقطة ". وهنا تنبيهات على أمور: الأول: تقدم عن السخاوي عزو الحديث بلفظ: "حبب إليّ كل شيء "، هكذا وقع فيه دون ذكر لفظة ( امرئ )، وكذلك نقله العلامة الزبيدي في " شرح الإحياء" ( 5/ 311 ) وما أظن إلا أن الصواب ما في حديث الترجمة ؛ لأنه المناسب للسياق. الثاني: قال الزبيدي عقب ما ذكرت آنفاً: " الرابع: رَمَزَ في " جامعه " ( حم ) ؛ يقتضي أن أحمد روأه في " مسنده "، وصرح بذلك أيضاً السخاوي - كما ذكرناه -، قال المناوي: وهو باطل ؛ فإنه لم يخرجه فيه، وإنما خرجه في "كتاب الزهد" ؛ فعزوه إلى " المسند " سبق ذهن أو قلم. قال: وقد نبه عليه السيوطي بنفسه في ( حاشية البيضاوي ) ". وأقول: بل الباطل قول المناوي ؛ فقد أخرجه في "مسنده " - دون الزيادة طبعاً - ؛ كما هو في "الجامع " في ثلاثة مواضع منه عن ثلاثة من شيوخه في المجلد الثالث ( ص 128، 199، 285 ). الثالث: اشتهر على الألسنة زيادة لفظ: ( ثلاث )، وقد نبه العلماء على أنها مفسدة للمعنى ؛ لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا - كما هو الشأن في ( الطيب والنساء ) -، وقد بينت ذلك في المصدرين المتقدمين: "الروض " و" المشكاة ". ثم رأيت هذ الزيادة قد وقعت في " الجامع الكبيرة للسيوطي ( 2/ 499 - المصورة )، وأظنها سبق قلم من الناسخ. والله أعلم. 6946 - ( مَرَّ نبيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى قُبُورِ نِسَاءٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ هَلَكُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَسَمِعَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْقُبُورِ فِي النَّمِيمَةِ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر بذكر: ( النساء ) و: ( النميمة ). أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 5/ 44/ 4628 ) بإسناده الثابت عن ابن لهيعة عن أسامة بن زيد عن أبي الزبير عن جابر قال:... فذكره، وقال: " لم يرو هذا الحديث عن أسامة بن زيد إلا ابن لهيعة" . قلت: وهو ضعيف ؛ لسوء حفظه، وقد خلط في هذه القصة ؛ فذكر فيها: ( النساء )، و: ( النميمة ) ؛ فكأنه اشتبه عليه بحديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين [ جديدين ] فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير ؛ بلى إنه كبير، أما أحدهما ؛ فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر ؛ فكان لا يستتر من بوله ". رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" ( 1/ 313 - 314 ). قلت: فخلط بين من مات في الإسلام وعذب بالنميمة، وبين من مات في الشرك والجاهلية، وجعل سبب تعذيبهم إنما هو بسبب النميمة! وهذا من تخاليط ابن لهيعة العجيبة التي تؤكد ما ترجمه به غير ما واحد من الحفاظ بالضعف وسوء الحفظ، على تفصيل معروف في ترجمته من كتب الرجال، وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد لا ( 3/ 55 ) ؛ لكنه ألان القول فيه، فقال: "وفي إسناده ابن لهيعة، وفيه كلام "! على أنه يمكن الحمل على شيخه أسامة بن زيد - إن كان هو: ابن أسلم العدوي - ؛ فإنه ضعيف أيضاً سن قبل حفظه، لكن يحتمل أن يكون شيخه هذا هو: أسامة بن زيد الليثي، وهو خير من الذي قبله، وقد فرق بينهما في المرتبة الحافظ فقال في الأول: "ضعيف ". وفي هذا: "صدوق يهم ". ولم يتبين لي أيهما المراد هنا. ولا مجال لإعلال الحديث بعنعنة أبي الزبير ؛ فقد صرح بالتحديث في رواية ابن جريج عنه بهذه القصة وأتم منها، وليس فيها التخليط المشار إليه آنفاً، وقد خرجت حديث ابن جريج في " الصحيحة " ( 3954 ). إذا عرفت هذا ؛ فمن الغرائب والعجائب أن يميل الحافظ أبو موسى المديني إلى تقوية هذا الحديث وتأويله إياه تأويلاً مستنكراً، مع إشارته إلى إعلاله بابن لهيعة، فقال الحافظ في" الفتح " ( 1/ 321 ): " قال أبو موسى: هذا - وإن كان ليس بقوي ؛ لكن - معناه صحيح ؛ لأنهما لو كانا مسلمين ؛ " كان لشفاعته ( إلى أن تيبس الجريدتان ) معنى، ولكنه لما رآهما يعذبان ؛ لم يستجز - للطفه وعطفه - حرمانهما من إحسانه ؛ فشفع لهما إلى المدة المذكورة ". قلت: فحمل أبو موسى هذا الحديث المنكر على حديث ابن عباس المتقدم الصحيح ؛ فزعم أن القصة واحدة، ومما تقدم تعلم بطلان ذلك. فالمذكوران في حديث ابن عباس مسلمان ماتا في الإسلام - كما تقدم -، بخلاف ما في حديث الترجمة ؛ فقد ماتا في الجاهلية، وهم يعذبون على كفرهم، وإلى ذلك مال الحافظ في " الفتح " ولم يتنبه لهذا التحقيق الأخ الفاضل عبد القدوس ابن محمد في تعليقه على " مجمع البحرين " ( 2/ 443 )! فلم يفرق بين هذا الحديث المنكر وبين حديث ابن جريج الصحيح المشار إليه آنفاً برواية أحمد! ثم رأيت ابن لهيعة قد روى الحديت عن أبي الزبير مثل رواية ابن جريج، قال: عن أبي الزبير: أنه سأل جابراً عن عذاب القبر ؟ فقال:... فذكره. أخرجه الشجري في " الأمالي " ( 2/ 353 )، وهو من رواية أبي عبد الرحمن قال: حدثنا ابن لهيعة ؛ وأبو عبد الرحمن هذا - هو: عبد الله بن يزيد المقرئ المصري، وهو -: من العبادلة الذين صحح العلماء حديثهم عن ابن لهيعة، فإذا صح السند إلى أبي عبد الرحمن ؛ فيكون ابن لهيعة قد حدث بالحديث قبل أن يضطرب حفظه على الصواب، ثم بعد ذلك رواه ؛ وفيه ما عرفت من النكارة. والله أعلم. ( تنبيه ): وقع الحديت في " الفتح " بإسقاط لفظة: ( نساء )، وبزيادة لفظة: ( البول ) في الجملة الأخيرة ؛ فلا أدري أهو سهو منه أو من أبي موسى المديني الذي نقله عنه ؟ أم هي رواية وقعت له، ولكنه لم يذكر من خرجها ؟ 6961 - ( إِنَّ النِّسَاءَ هُنَّ ( السُّفَهَاءُ ) ؛ إِلَّا الَّتِي أَطَاعَتْ قَيِّمَهَا ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " ( 3/ 863/ 4785 ) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ علي بن يزيد - هو: الألهاني -: قال الذهبي في "المغني ": " ضعفوه، وتركه الدارقطني ". وقريب منه ( عثمان بن أبي العاتكة ): قال الذهبي: " وُثِّق، وضعفه النسائي وغيره ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني ". والحديث ساقه ابن كثير في أول سورة ( النساء ) بإسناد ابن أبي حاتم هذا، وقال: "ورواه ابن مردويه مطولاً ". قلت: ولقد أساء الشيخان الحلبيان نسيب الرفاعي - رحمه الله - ومحمد علي الصابوني - هداه الله - في اختصارهما لـ " تفسير ابن كثير" ؛ فقد أوردا الحديث محذوف السند وسكتا عنه ؛ فأوهموا القراء ثبوته، وهي عادة لهما ؛ لجهلهما بهذا العلم الشريف. وزاد الآخر على الأول ؛ فنقل تخريج الحديث بمصدريه المذكورين إلى الهامش! موهماً الناس أنه من تخريجه! متجاهلاً قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من تَشَبِّعَ بِمَا لَمْ يُعْطَ؛ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ". متفق عليه. وإلا ؛ فماذا عليه لو تركه في محله من الأصل، ووفر سطراً من طبعته لمختصره ؟! ولكنه حب التعالي والظهور. والله المستعان. 6970 - ( أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ ؛ فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْفُقَرَاءِ ، وَوَجَدْتُ أَقَلَّ أَهْلِهَا النِّسَاءَ وَالْأَغْنِيَاءَ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه هناد بن السري في "الزهد " ( 1/ 329/602 ) من طريق الإفريقي: ثنا حِبان [ بن] أبي جَبَلَة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ ( حبان بن أبي جبلة ): تابعي ثقة. و ( الإفريقي ) - هو: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -: ضعيف. وقد صح الحديث عن جمع من الصحابة بنحوه ؛ دون ذكر الذرية والأغنياء بلفظ: " اطلعت في الجنة ؛ فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار ؛ فرأيت أكثر أهلها النساء ". رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في بعض مؤلفاتي ؛ فانظره في "صحيح الجامع الصغير وزيادته". 7011 - ( اسْتَحِلُّوا فُرُوجَ النِّسَاءِ بِأَطْيَبِ أَمْوَالِكُمْ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه أبو داود في " المراسيل " ( 183/ 211 ) من طريق الحكم ابن عطية: سمع عبد الله بن كليب السدوسي عن يحيى بن يعمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ يحيى بن يعمر: تابعي ثقة. وعبد الله بن كليب السدوسي: مجهول - كما قال الذهبي في " المغني "، والحافظ في " التقريب " -. والحكم بن عطية: قال الحافظ: "صدوق له أوهام ". 7038 - ( أُفٍّ لِلْحَمَّامِ ! حِجَابٌ لَا يَسْتُرُ ، وَمَاءٌ لَا يُطَهِّرُ ... لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَدْخُلَهُ إِلَّا بِمِنْدِيلٍ ، مُرُوا الْمُسْلِمِينَ لَا يَفْتِنُونَ نِسَاءَهُمْ ، الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ، عَلِّمُوهُنَّ وَمُرُوهُنَّ بِالتَّسْبِيحِ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 6/158/ 7773 ) من طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة: حدثني عبيد الله بن جعفر: أنه بلغه عن عاثشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:... فذكره. وقال: "هذا منقطع ". قلت: وهذه علة ظاهرة، ورجال إسناده ثقات. والله أعلم. 7050 - ( اللَّهُمَّ ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : شاذ. أخرجه الخرائطي في " اعتلال القلوب " قال ( 40/ 1 ): نا حماد بن الحسن الوراق: نا أبو عامر العقدي قال: ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: كان سعد يعلمنا هذا الدعاء، ويذكره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، لكن الخرائطي أخطأ في متنه في موضعين منه: أحدهما: أنه اختصره ؛ فإنه قد أخرجه في "مكارم الأخلاق " ( 2/ 987/ 1117 )، بتمامه بإسناده - المذكور أعلاه - ولفظه: " اللهم! إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ يك من الحبن، و أعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ؛ وأعوذ بك من عذاب القبر". وهكذا رواه جمع عن شعبة وغيره عن عبد الملك بن عمير - كما هو مبين في " الصحيحة " ( 3937 ) -، وشعبة هو: ابن الحجاج، الحافظ المشهور وليس ( شعبة بن دينار الكوفي ) كما زعمت الدكتورة سعاد سليمان الخندقاوي في تعليقها على " المكارم "! والآخر: جَعَلَ: " النساء ".. مكان: " الدنيا " ؛ كما ظهر من سياق نصه في "المكارم ". وهذا الخطأ من غرائب ما مرَّ بي من مثل هذا الحافظ. 7058 - ( أمرُ النساءِ إلى آبائهنَّ، ورضاهنَّ السكوتُ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 4/ 216 ) من طريق أحمد ابن عبد الله الساباطي البغدادي أبي العباس: حدثنا علي بن عاصم عن مطرف عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه علل: الأولى: أحمد بن عبد الله الساباطي: في ترجمته ساق الخطيب الحديث من رواية واحد عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الثانية: علي بن عاصم ؛ فيه خلاف كثير، والراجح أنه ضعيف من قبل حفظه، وقد توبع - كما يأتي -. الثالثة: أبو إسحاق - وهو: السبيعي -: مختلط مدلس، وتابعه محمد بن سالم عن أبي إسحاق به. أخرجه ابن عدي ( 6/ 155 )، - وكذا الطبراني ؛ كما في " جامع المسانيد" لابن كثير ( 14/ 658/12436 ) - وقال: " لا أعلم يرويه عن أبي إسحاق بهذا الإسناد [ غير ] محمد بن سالم ". قلت: ينافيه رواية الخطيب المذكورة أعلاه. ثم قال - وقد ذكر له أحاديث أخرى -: " والضعف على رواياته بيِّن ". وقال الذهبي في" المغني ": " ضعفوه جداً". ولهذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 4/ 279 ): " رواه الطبراني، وفيه محمد بن سالم الهمداني، وهو متروك ". والقسم الذي فيه أحاديث أبي موسى من " معجم الطبراني الكبير " لا يزال مفقوداً غير مطبوع . 7059 - ( أمُّ أيمن أمِّي بعد أُمِّي ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. كما يشعر به عَزو السيوطي في " الجامع الصغير " لابن عساكر عن سليمان بن أبي شيخ معضلاً. وذلك من وجهين: الأول: إعضاله من سليمان بن أبي شيخ، ولم أجد له ترجمة. والآخر: عزوه لابن عساكر ؛ الذي نص السيوطي في مقدمة " الجامع الكبير " على أن العزو إليه يفيد التضعيف. ثم الله أعلم بإسناده إلى سليمان بن أبي شيخ. ولا يبعد أن يكون فيه بعض المتروكين مثل: محمد بن عمر الواقدي ؛ فقد روى عن يحيى بن سعيد بن دينار عن شيني من بني سعد بن بكر مرفوعاً نحوه، ولفظه: كان رسول الله بين يقول لأم أيمن: " يا أمّه ! " وكان إذا نظر إليها ؛ قال: "هذه بقية أهل بيتي ". أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ( 8/ 223 )، والحاكم في " المستدرك " ( 4/63 )، وسكت عنه.. لوضوح علته. فالشيخ السعدي: لم يسمَّ ؛ فهو مجهول، والراوي عنه: لم نجد له ترجمة، وأما محمد بن عمر الواقدي فهو: متروك متهم. ثم رأيت الحديث في ترجمة أسامة بن زيد بن حارثة من " تاريخ دمشق " ( 8/51 ) من طريق أحمد بن زهير ( الحافظ ): حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري قال: " أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي..." فذكر شيئاً من ترجمته ثم قال: " قال ابن زهير: وقال سلمان بن أبي شيخ... " فذكر الحديث. كذا وقع فيه: ( سلمان ).. مكان: ( سليمان ). والله أعلم. ومن الغراثب أن الحافظ ابن حجر ساق الحديث مساق المسلمات " بالإصابة " معلقاً بدون إسناد! 7132 - ( أوشك أن تستحل أمتي فروج النساء، والحرير ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1/ 248 ) و ( 54/ 316 ) من طريق أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن ناشرة عن حديث سعيد بن سفيان القاري قال: أتيت علي بن أبي طالب في منزله فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره. قلت: وهذا إسناد مجهول ؛ عبد الله بن ناشرة، - ويقال: ناشر -، وسعيد بن سفيان القاري: مجهولان لا يعرفان، أوردهما البخاري في " التاريخ "، وابن أبي حاتم في "الجرح "، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً، وخالف بعضهم في إسناده ؛ فقال البخاري: " وقال ضمرة: عن يحيى عن الوليد بن سفيان عن رجل عن علي به ". وقد ذكر ابن حبان في " ثقاته " ( 4/ 278 ) سعيد بن سفيان القاري، دون ( عبد الله بن ناشر ). والله أعلم. 7133 - ( أول من يلحقني من أهلي أنتِ يا فاطمة! وأول من يلحقني من أزواجي زينب، وهي أطولهن كفاً ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17/ 73 ) من طريق روح ابن صلاح بن سيابة الحارثي قال: حدثني خيران بن العلاء الكلبي عن الأوزاعي عن مكحول قال: سمعت وائلة بن الأسقع الليثي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، روح بن صلاح: ضعفه ابن عدي وغيره. والشطر الثاني من الحديث معروف الصحة عند الشيخين وغيرهما بلفظ: " أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً "، وتقدم تخريجه تحت الرقم ( 6335 ). |
428 - " ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث ، وإنما سماها فاطمة ، لأن الله فطمها ومحبيها من النار " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه الخطيب ( 12 / 331 ) بإسناد له عن ابن عباس ثم قال : في إسناده من المجهولين غير واحد ، وليس بثابت ، ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 421 ) وأقره السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 400 ) . وذكر الحافظ في ترجمة العباس ابن بكار المذكور في الحديث المنصرم بسنده عن أم سليم قالت : لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس ، ثم قال : هذا من وضع العباس . 571 - " كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة ، أو مثلها من تمر " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 13 ) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 253 ) وابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 84 ) عن أبان بن المحبر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا . ذكراه في ترجمة أبان هذا وقال العقيلي : " شامي منكر الحديث " . وقال ابن حبان : " روى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، حتى لا يشك المتبحر في هذه الصناعة أنه كان يعملها ، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه " . وقال في حديثه هذا : " باطل " . ونقل العسقلاني في " اللسان " عن العقيلي أنه قال : " لا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو دونه " . وهذه الجملة ليست في نسختنا من " الضعفاء " للعقيلي والله أعلم . وقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 22 ) : قال أبي : هذا حديث باطل ، وأبان هذا مجهول ضعيف الحديث " . وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 253 ) فأصاب ، قال المناوي : " وأقره عليه المؤلف - يعني السيوطي - في " مختصرها " فلم يتعقبه " . انظر " اللآلي " للسيوطي ( 2 / 452 ) . 603 - " إن لله تعالى مجاهدين في الأرض أفضل من الشهداء ، أحياء مرزوقين ، يمشون على الأرض ، يباهي الله بهم ملائكة السماء ، وتزين لهم الجنة كما تزينت أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، والمحبون في الله ، والمبغضون في الله ، والذي نفسي بيده إن العبد منهم ليكون في الغرفة فوق غرف الشهداء ، للغرفة منها ثلاثمائة ألف باب ، منها الياقوت والزمرد الأخضر ، على كل باب نور ، وإن الرجل منهم ليتزوج بثلاثمائة ألف حوراء ، قاصرات الطرف عين ، كلما التفت إلى واحدة منهن فنظر إليها تقول له : أتذكر يوم كذا وكذا أمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ؟ كلما نظر إلى واحدة منهن ذكرت له مقاما أمر فيه بمعروف ، ونهى فيه عن منكر " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له . ذكره الغزالي ( 2 / 273 ) من حديث أبي ذر ! وقال الحافظ العراقي في " تخريجه " : " لم أقف له على أصل ، وهو منكر " . قلت : ولوائح الوضع عليه ظاهرة . والله أعلم . 3699 - ( سطع نور في الجنة ، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا هو من ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 374) وفي "صفة الجنة" (71/ 1) ، وابن عدي (ق112-113) ، والديلمي (2/ 216) عن حلبس الكلابي : حدثنا سفيان الثوري : حدثنا مغيرة : حدثنا إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً . وقال ابن عدي : "حديث منكر" . قلت : وقال الذهبي : "هذا باطل" . ذكره في ترجمة حلبس هذا ؛ وقال فيه : "متروك الحديث ، قال ابن عدي : منكر الحديث" . واتهمه ابن الجوزي بوضع حديث . 5303 - ( الشهيد يغفر له في أول دفقة من دمه ، ويزوج حوراوين ، ويشفع في سبعين من أهل بيته . والمرابط إذا مات في رباطه ؛ كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة ، وغدي عليه وريح برزقه ، ويزوج سبعين حوراء ، وقيل له : قف ؛ فاشفع إلى يفرغ من الحساب ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 188/ 1 و 2/ 227 - مجمع البحرين) : حدثنا بكر بن سهل :أخبرنا عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي : حدثنا عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هرية مرفوعاً . وقال : "لم يروه عن ابن جريج إلا عبدالمجيد ، تفرد به عبد الرحمن" . قلت : ولم أجد له ترجمة . وشيخه - عبدالمجيد - تكلموا فيه من قبل حفظه ، وقد مضى له حديث برقم (975) . وبكر بن سهل ؛ قال الذهبي : "مقارب الحال ، قال النسائي : ضعيف" . وبه أعله الهيثمي (5/ 293) ؛ فقصر ! وإنما خرجت الحديث في هذا الكتاب من أجل قوله في آخره : "وقيل له : قف فاشفع ، إلى أن يفرغ من الحساب" . وإلا ؛ فسائره ثابت في أحاديث أخرى . أما الشطر الثاني منه ؛ فقد روي من طريق أخرى عن أبي هريرة نفسه ، وقد مضى تخريجه تحت الحديث المتقدم (4661). وأما الشطر الأول ؛ فله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب ، مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 50) . 5618 - ( لما عُرِج بي إلى السماء ، دخلت جنَّة عدن ، فوقعت في يدي تفاحة ، فانفلقت عن حوراء مرضيَّة ، كأنَّ أشفار عينيها مقاديمُ أجنحة النُّسور ، فقلت : لمن أنت ؟ فقال : أنا للخليفة من بعدك المقتول عثمان بن عفَّان ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه العقيلي في (( الضعفاء )) ( 2 / 320 ) من طريق عبد الرحمن بن عفان قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعاً . أورده في ترجمة الدمشقي هذا ؛ ول : (( مجهول ، وحديثه موضوع لا أصل له )) . وكذا قال الذهبي ثم العسقلاني ، ثم السيوطي في اللآلئ ( 1 / 313 ) ، وتبعهم ابن عراق ( 1 / 374 ) ومن قبلهم ابن الجوزي في (( الموضوعات )) ( 1 / 331 ) ؛ كلهم أعلوه بابن الدمشقي هذا ! وإعلاله بالراوي عنه عبد الرحمن بن عفّان أولى ؛ لأنه كذاب ؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله ، وإن كان قد جاء من غير طريقهما : فرواه عبد الله بن سليمان البغدادي : حدثنا الليث بن سعد . أخرجه الخطيب في (( التاريخ )) ( 9 / 464 ) من طريقين عنه . ولم يذكر في ترجمته شيئاً سوى أنه ساق له هذا ، وقال : (( حديث منكر )) . وقد قال فيه ابن عدي في (( الكامل )) ( 4 / 1545 ) : (( ليس بذاك المعروف )) . وأما ابن حبان ؛ فقد ذكره في (( الثقات )) ، وقال الذهبي في (( الميزان )) : (( فيه شيء له حديث منكر )) . ثم ساق له هذا ، ثم قال : (( وقد رواه خيثمة في (( فضائل الصحابة )) عن خليل بن عبد القاهر عن يحيى بن مبارك عن الليث )) . قال الحافظ عقبه : (( فلم ينفرد به عبد الله بن سليمان ؛ لكن يحيى بن مبارك أيضاً ضعّفه الدارقطني )) . ( تنبيه ) : قد أعلّ ابن الجوزي رواية الخطيب هذا بأن فيها عبد الله بن أحمد بن ماهبزد ؛ فقال ( 1 / 331 ) : (( لايوثق به )) . قلت : وهذا مردود بأمرين : الأول : أنه لم يتفرّد به ، لأنه قد توبع ، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك . والآخر : أن الخطيب لما ترجمه في (( تاريخه )) قال ( 9 / 392 ) : (( وكان ثقة ، سألت البرقاني عنه ؟ فقال : كان يسمع معنا الحديث ببغداد ، وهو شيخٌ صدوق ؛ غير أنه لم يكن يعرف الحديث )) . ولذلك ؛ لم يورده الذهبي في (( الميزان )) ، ولا استدركه عليه الحافظ في (( اللسان )) ، فالعلة ممن فوقه كما عرفت ، وإن مما يؤكد ذلك أن له طريقاً ثالثة عن ابن سليمان ، فقال الطبراني في (( المعجم الكبير )) ( 17 / 285 / 785 ) و (( الأوسط )) ( 1 / 175 / 1 / 3241 ) : حدثنا بكر بن سهل : ثنا عبد الله بن سليمان بن يوسف العبدي به ؛ دون قوله : (( المقتول عثمان . . )) ، وقال : (( لم يروه عن الليث إلا عبد الله )) . كذا قال ! ولعله يعني بغير الزيادة المذكورة ، وإلا ، فقد تابعه اثنان : عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ويحيى بن المبارك كما تقدم . وتابعهم رابع ، فقال الغَسوَلِّي في (( جزئه )) : حدثنا أسامة : حدثنا عبد الله بن أحمد : حدثنا زهير بن عباد : حدثنا محمد بن تمام عن الليث به . ذكره السيوطي وسكت عنه . ومن طريق زهير بن عباد أخرجه أبو العرب التميمي الإفريقي في كتاب (( المحن )) ( ص44 - 45 ) ، وقال : (( محمد بن تمام الدمشقي )) ؛ لكن وقع في سنده بعض الأخطاء المطبعية ، والظاهر أنه الذي في (( ميزان الذهبي )) و (( ضعفائه )) : (( محمد بن تمام البهرائي الحمصي . قال ابن منده : حدث عن محمد بن آدم المصيصي بمناكير )) . وكذا في (( اللسان )) ؛ لكن وقع فيه (( النهرواني )) ! وأظنه خطأً مطبعياً . وأما زهير بن عباد - وهو الرواسي - ؛ فمختلف فيه ؛ فقال الدارقطني : (( مجهول )) . وضعفه ابن عبد البر . وقال ابن حبان في (( الثقات )) : (( يخطئ ويخالف )) . وتابعهم خامس ؛ وهو عبد العزيز بن محمد الدمشقي عن ليث به . رواه ابن بطة ؛ كما ذكر السيوطي ، وسكت عنه . قلت : وإسناده مظلم ؛ فإن الدمشقي هذا لم أجد من ترجمة ، وكذا بعض من دونه . وبالجملة ؛ فكل هذه المتابعات والطرق إلى الليث بن سعد ليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه ، لأن عامتها تدور على مجهولين ، وغالبهم دمشقيون ، فمن الممكن أن يكون بعضهم سرقه من الآخر . فلا غرابة في حكم ابن الجوزي ومن قبله ومن بعده على الحديث بالوضع أو النكارة كما رأيت ، بل صرح ابن حبان وغيره ببطلانه وأنه لا أصل له . فقد أورده ابن حبان في ترجمة العباس بن محمد العلوي من " الضعفاء " ( 2 / 191 ) بروايته عن عمار بن هارون المستملي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً . وقال عقبه : " لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا من حديث أنس ، ولا ثابت ، ولا حماد بن سلمة " . وتبعه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 331 ) ، ثم الذهبي والعسقلاني في كتابيهما . ثم رواه ابن حبان ( 3 / 128 - 129 ) من طريق يحيى بن شبيب اليمامي عن سفيان الثوري عن حميد الطويل عن أنس به . وقال في اليمامي هذا : " يوى عن الثوري ما لم يحدث به قط ، لا يجوز الاحتجاج به بحال " . وقال الذهبي - وقد ساق له هذا الحديث - : " وهذا كذب " . وقال الحافظ عقبه : " وهذا ظاهر البطلان " . قلت : فمحاولة السيوطي تقوية الحديث بمثل هذه الطرق الواهية محاولة فاشلة ، وإن تبعه على ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ! وإن مما يدل البصير على ما ذكرته : استشهاده بالحديث الآتي بعده . لكن بقي حديث آخر ؛ يرويه محمد بن سليمان بن همام : حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً نحوه . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 5 / 297 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 329 ) ، وقال الخطيب : " منكر بهذا الإسناد ، وكل رجاله ثقات سوى ابن هشام ، والحمل فيه عليه " . وأقره ابن الجوزي ، وأقر هذا الذهبي في " الميزان " في ترجمة ابن هشام هذا ؛ بل صرح بوضعه كما يأتي في آخر الحديث ( 5620 ) . وابن هشام هذا هو الوراق المعروف بابن بنت مطر ، وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان بسرقة الحديث ، فالظاهر أنه مما سرقه من بعض المتهمين به وركب عليه هذا الإسناد . والله أعلم . 5620 - ( لما أُسْرِيَ بي دخلت الجنةَ ، فناوَلَنِي جبريلُ ئفاحَةً ، فانْفَلَقَتْ بنصفين ، فخرجتْ منها حَوْرَاءُ ، فقلتُ لها : لِمَنْ أنتِ ؟ فقالتْ : لعلي بنِ أبي طالبٍ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 4 / 278 - 279 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 331 - 332 ) بإسناده عن أبي جعفر أحمد ابن عيسى بن علي بن ماهان الرازي : حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو ( زُنيج ) : حدثنا يحيى بن مغيرة : حدثنا جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد مرفوعاً . وقال ابن اللوزي : " لا يصح ، وأحسبه انقلب على بعضه الرواة ، أو أدخله بعض المتعصبين على سليمان ( وهو الأعمش ، وفي الأصل : سليم ! ) ، وعطية قد ضعفه شعبة وأحمد ويحيى " . وأقره السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 315 ) ، وابن عراق فيه تنزيه الشريعة " ( 1 / 374 ) وزاد عليه فقال : " وجاء هذا من حديث علي أيضأ ، وهو في تلك النسخة الموضوعة علي بن موسى الرضى . والله أعلم " . قلت : واَفة الإسناد الأول إما عطية ؛ فإنه مع ضعفه كان شيعيأ مدلساً ؛ كما في " التقريب " . وإما ابن ماهان الرازي ؛ ففي ترجمته ساق الحديث ، وقال : " سمعت أبا نعيم الحافظ يقول : ابن ماهان صاحب غرائب وحديث كثير " . قلت : وهذا ذكره أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 111 - 112 ) ، وساق له حديثين آخرين . وأما الذهبي ؛ فساق له هذا الحديث ، وقال عقبه : " هذا كذب ، وقد روي مثله لعثمان بدل علي ، بإسناد واهٍ يأتي في ترجمة عبد الله بن سليمان ويعني : الحديث المتمَدم 5618 ) ، ويروى بإسنادين ساقطين عن أنس ، ووضع من طريق نافع عن ابن عمر " . وأقره الحافظ في " اللسان " . والإسنادان المشار إليهما عن أنس تقدم تخريجهما في آخر الكلام على الحديث المشار إليه آنفاً ، وكذلك حديث ابن عمر . 6103 - ( نَّ الرَّجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة لَيُزَوَّج خَمْسمِائَةِ حَوْرَاء ، وأَرْبَعَة آلَاف بِكْر ، وَثَمَانِيَة آلَاف ثَيِّب ، يعُانِقَ كلَّ واحدةٍ مِنْهُنَّ مِقْدارَ عُمُرِهِ في الدنيا ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر . أخرجه البيهقي في "البعث " (ق 71/ 1) من طريق عبد الوهاب الخفاف : ثظ موسى الأسفاري (!) عن رجل متن بَليّ عن عبد الرحمن بن سابط عن عبد الله ابن أبي أوفى مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة الرجل البلوي ، وبه أعله الحافظ في "الفتح " (6/325) ، ولا أستبعد أنه عبد الله بن الحكم البلوي ؛ فإنه من هذه الطبقة ، وهو مترجم في "اللسان" بما خلاصته أنه لا يعرف ، وقال الحافظ الجورقاني في كتابه "الأ باطيل والمناكير" (1/386) : "وعبد الله بن الحكم لا يعرف بعدالة ولا جرح " . ووقع في "سنن ابن ماجه " (558) في أثر عمر في مسح المسافر على الخفين : (الحكم بن عبد الله البلوي) على القلب . وقال الحافظ في "التهذيب " و "التقريب " : "والصواب عبد الله بن الحكم" . زاد في "التقريب " : "كما سيأتي " . قلت : نسي ؛ فلم يذكره في "تقريبه " ولا في "تهذيبه " وإنما ذكره في "لسانه " كما تقدم ، ومع أنه لم يذكر عنه راوياً غير يزيد بن أبي حبيب ، فقد ذكر ؛ تبعاً لابن أبي حاتم عن ابن معين أنه قال : ثقة! وقد أشار الذهبي في "الكاشف " إلى عدم اطمئنانه لهذا التوثيق بقوله : " وُثِّق " كما هي عادته فيما تفرد بتوثيقه ابن حبان ، وأكد ما ذكرته بقوله فيه في "المغني " : "لا يعرف " . وموسى الأسفاري ! كذا وقع في مصورة "البعث" والمطبوعة أيضاً (224/373) ، وأظنه محرفاً من "الأسواري" ؛ فإنه من هذه الطبقة ، ذكره ابن عدي في "الكامل " وقال (6/ 346) : "شبه مجهول ، قال البخاري : فيه نظر" . وقد رواه الوليد بن أبي ثور قال : حدثني سعد الطائي أبو مجاهد عن عبد الرحمن بن سابط به نحوه ، ولفظه : ، يزوجُ الرجلُ من أهل الجنة ... الحديث دون قوله : "يعانق ... " إلخ ، وزاد : " فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها : نحن الخالدات ؛ فلا نييد ، ونحن الناعمات ؛ فلا نبؤس ، ونحن الراضيات ؛ فلا نسخط ، ونحن المقيمات ؛ فلا" نظعن ، طوبى لمن كان لنا وكنا له" . روا"ه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين " (419/588) ، و"العظمة" (3/1108/603) . وعنه أبو نعيم في "صفة الجنة " (3/212/378 و 269/431 ) . وهذا إسناد واهٍ ؛ الوليد هذا هو : ابن عبد الله بن أبي ثور الهمداني ، ضعفه الجمهور ، وقال أبو زرعة : "منكر الحديث يهم كثيراً" . وقال محمد بن عبد الله بن نمير : "كذاب " . وعزاه العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 541) لأبي الشيخ في "كتاب العظمة" و"طبقات المحدثين " ، وقال : "إسناده ضعيف " . واعلم أن الأحاديث التي وردت في تحديد عدد ما للرجل من النساء في الجنة مختلفة جدّاً ، والثابت منها حديث أبي هريرة في "الصحيحين" بلفظ : "أول زمرة تدخل الجنة ... " ... وفيه : "لكل واحد منهم زوجتان " ، وهو مخرج في "الصحيحة" (2868) . وحديث المقدام : "للشهيد عند الله سبع خصال ... " فذكرها ، وفيه "ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين" ، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 35 - 36) ، وهو كما . ترى خاص بالشهيد ، وبقية الأحاديث لا تخلو من ضعف ، وبخاصة حديث الترجمة ، وقد أفاد الحافظ أن العدد الذي فيه هو أكئر ما وقف عليه . ومن أوهامه رحمه الله أنه شرح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لكل وأحد منهم زوجتان " بقوله : " "أَيْ مِنْ نِسَاء الدُّنْيَا ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَد مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعاً فِي صِفَة أَدْنَى أَهْل الْجَنَّة مَنْزِلَة : "وَإِنَّ لَهُ مِنْ الْحُور الْعِين لَاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَة سِوَى أَزْوَاجه مِنْ الدُّنْيَا " ، وَفِي سَنَده شَهْر بْن حَوْشَبٍ ، وَفِيهِ مَقَال " . قلت : هذا الشرح خطأ من وجهين : الأول : أنه قائم على حديث لا يصح ؛ لأنه من رواية شهر ، وهو كثير الأوهام - كما قال الحافظ نفسه في "التقريب " - ، ووهمُه في هذا الحديث ظاهر من أكثر من وجه ؛ حسبك الآن ما يأتي . والآخر : أنه نسي أن في رواية للبخاري (3254) من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ : " لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين" . فهذه رواية مفسرة للرواية الأولى " ؛ فلا يجوز الإعراض عنها لحديث شهر الضعيف ، وبخاصة أن لرواية البخاري شاهداً من طريق آخر عن أبي هريرة بلفظ : "وأزواجهم الحور العين " . رواه البخاري (3327) ومسلم (8/146) ، وبياناً لهذه الحقيقة كنت ضممت هذه الزيادة! : "من الحور العين" إلى روإية الشيخين الأولى في كتابي الفذ في أسلوبه - ؛ "مختصر البخاري " ، رقم (1397) فصارت فيه هكذا : " لكل واحد منهم زوجتان [من الحور العين]" ، فالاعتماد على هذه الرواية الصحيحة في تفسير "الزوجتين" هو الواجب ، وقد استفادت هذه الفائدة من كتاب "حادي الأرواح " لابن القيم رحمه الله تعالى ، ويأتي كلامه بإذنه تعالى تحت الحديث (6105) . 6261 - (أوحى اللهُ إلى عيسى عليه السلامُ : أن يا عيسى! انتقل من مكان إلى مكان ؛ لئلا تُعرف ؛ فئُؤذى ، فوعزتي وجلالي لأزوجنك ألفَي حوراء ، ولأُوْلِمَنَّ عليك مائة عام ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر إن لم يكن موضوعاً . أخرجه الخطيب في "التاريخ " (3/332) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه " (16/86 -87) من طريق محمد بن الوليد بن أبان العقيلي أبي الحسن المصري : حدثنا هانئ بن المتوكل الاسكندراني قال : قلت لحيوة بن شريح : أراك رجلاً صالحاً ، وأراك مأوى للخير ، وأراك تنتقل من مكان إلى مكان ؛ ولست أرى أثر غنى بك ؟ فقال حيوة : ولِمَ سألتني عن هذا ؟ فقلت : أردت أن ينفعني الله بك . فقال : حدثني الوليد بن أبي الوليد عن شفي ابن ماتع الأصبحي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . قلت : وهذا موضوع عندي ، لوائح الوضع والتصوف عليه بادية ، وقد ذكره الذهبي في منكرات هانئ بن المتوكل كما سبقت الإشارة إليه من قبل هذا . وأما الخطيب وابن عساكر فأورداه في ترجمة العقيلي هذا برواية جمع عنه ، مات سنة (287) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقال ابن عساكر : "ولم يذكره ابن يونس في (تاريخ المصريين) " . وأورده ابن حبان في " الثقات " (9/136) وقال : "يروي عن عبيد الله بن موسى وأهل العراق ، حدثنا عنه القطان وشيوخنا ، ربما أخطأ وأغرب " . قلت : وفرَّق الحافظ بين هذا وبين محمد بن أبان القلانسي البغدادي مولى بني هاشم المتهم بالوضع والكذب ، وسبقه إلى ذلك الذهبي ؛ فقال في آخر ترجمة القلانسي : "فأما محمد بن الوليد بن أبان البغدادي المصري ؛ فما علمت به بأساً " . وأما الخطيب ففرَّق بين هذا المصري ، وبين محمد بن الوليد بن أبان مولى بني هاشم الراوي عن عبيد الله بن موسى ، وسوَّى بينهما ابن عدي . فالله أعلم ، فالأمر بحاجة إلى مزيد من التحرير والتحقيق . وانظر "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان " . والحديث ؛ ورده السيوطي في "الجامع الكبير" من رواية ابن عساكر وحده ، وقال : "فيه هانئ بن المتوكل الإسكندراني ؛ قال في "المغني " : مجهول " . 6724 - ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يُسْتَقْبَلُونَ - أَوْ: يُؤْتَوْنَ - بِنُوقٍ بِيضٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ، عَلَيْهَا رِحالٌ الذَّهَبُ، شِرْكِ نِعَالِهِمْ نُورٌ يتلألأَ، كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهَا مَدَّ الْبَصَرِ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى شَجَرَةٍ يَنْبُعُ مِنْ أَصْلِهَا عَيْنَانِ، فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَتغْسِلُ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ دَنَسٍ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنَ الأُخْرَى، فَلا تَشْعَثُ أَبْشَارُهُمْ، وَلا أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَيَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمُ، فَيَنْتَهُونَ - أَوْ: فَيَأْتُونَ - بَابَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَى صَفَائِحِ الذَّهَبِ، فَيَضْرِبُونَ بِالْحَلْقَةِ عَلَى الصَّفْحَةِ، فَيُسْمَعُ لَهَا طَنِينٌ - يا عليُّ! - فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ، فَتَبْعَثَ قَيْمُهَا، فَيَفْتَحُ فَإِذَا رَآهُ خَرَّ لَهُ - قَالَ مَسْلَمَةٌ : أُرَاهُ قَالَ : - سَاجِدًا، فَيَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ، إِنَّمَا أَنَا قَيِّمُكُ، وُكِّلْتُ بِأَمْرِكَ، فَيَتْبَعَهُ وَيَقْفُو أَثَرَهُ، فَتَسْتَخِفُ الْحَوْرَاءَ الْعَجَلَةُ، فَتَخْرُجَ مِنْ خِيَامِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ حَتَّى تَعْتَنِقَهُ، ثُمَّ تَقُولُ : أَنْتَ حِبِّي وَأَنَا حِبُّكَ، وَأَنَا الْخَالِدَةُ الَّتِي لا أَمُوتُ، وَأَنَا النَّاعِمَةُ الَّتِي لا أَبْأسُ، وَأَنَا الرَّاضِيَةُ الَّتِي لا أَسْخَطُ، وَأَنَا الْمُقِيمَةُ الَّتِي لا أَظْعَنُ، فَيَدْخُلَ بَيْتًا مِنْ أُسُسِهِ إِلَى سَقْفِهِ مِائَةُ أَلْفِ ذِرَاعٍ بَنَاؤهُ عَلَى جَنْدَلٍ اللُّؤْلُؤُ، طَرَائِقُ أَصْفَرُ وَأَحْمَرُ وَأَخْضَرُ، لَيْسَ مِنْهَا طَرِيقَةٌ تُشَاكِلُ صَاحِبَتَهَا، فِي الْبَيْتِ سَبْعُونَ سَرِيرًا، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ حَشْيَةً، عَلَى كُلِّ حَشْيَةٍ سَبْعُونَ زَوْجَةٌ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ بَاطِنِ الْحُلَلِ، فَيَقْضِي جِمَاعُهَا فِي مِقْدَارِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيكُمْ، هَذِهِ الأَنْهَارُ مِنْ تَحْتِهِمْ تَطَّرِدُ، أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ - قال: صاف لا كَدَر فيه -وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم يخرج من ضروع الماشية، وأنهار من خمر لذة للشاربين، لم يعتصرها الرجال بأقدامهم ، وأنهار من عسل مصفى، لم يخرج من بطون النحل، فيستجلي الثمار، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ قَائِمًا، وَإِنْ شَاءَ ، قَاعِدًا، مُتَّكِئًا، ثُمَّ تَلا : ** وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ** ، فَيَشْتَهِي الطَّعَامَ، فَيَأْتِيهِ طَيْرٌ أَبْيَضُ - وربما قَالَ : أَخْضَرُ -، فَتَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا، فَيَأْكُلُ مِنْ جُنُوبِهَا أَيَّ الأَلْوَانِ شَاءَ، ثُمَّ تَطِيرُ فَتَذْهَبُ، فَيَدْخُلُ الْمَلَكُ، فَيَقُولُ : سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، ** تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ**، ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت لأهل الأرض، لأضاءت الشمس معها سواد في نور ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل ؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة. أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " من طريق مسلمة بن جعفر البجلي: سمعت أبا معاذ البصري قال: إن علياً كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ هذه الآية: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً **، فقال: ما أظن ( الوفد ) إلا الراكب يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره. ساقه ابن كثير في " تفسيره " ( 3/ 37 1 - 138 ) قائلاً: " وروى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً غريباً جداً مرفوعاً عن علي، فقالت:... ". فساق إسناده إلى ( مسلمة ). قلت: وإسناده ضعيف جداً ؛ وفيه علتان: الانقطاع بين أبي معاذ البصري ؛ فإنه لم يدرك علياً - واسمه: سليمان ابن أرقم -، وضعفه الشديد في شخصه، قال البخاري في " التاريخ " ( 2/ 2/2 ): " روى عن الحسن والزهري، تركوه، كنيته أبو معاذ،. ولذا قال الذهبي في " الكاشف ": " متروك ". وأما الحافظ فاقتصر في " التقريب " على قوله فيه: "ضعيف "! ولذلك تعجب منه أخونا الفاضل ( علي رضا ) في تعليقه على " صفة الجنة " لأبي نعيم ( 2/ 129 )، وهو محق، ولكنه غفل عن الانقطاع الذي ذكرته ؛ وأعله أيضاً بـ ( مسلمة بن جعفر ) ؛ فقال: " أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 4/ 1/ 267 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول "! قلت: لو أنه قال: ( مجهول الحال )، لكان أهون، لأن الإطلاق يشعر بأنه مجهول العين، وليس كذلك، فقد ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه ستة من الرواة، أكثرهم من الثقات المعروفين، فمثله لا يقال فيه: " مجهول" ؛ بل الأولى أن يقال فيه: ( صدوق )، ولا سيما وقد ذكره ابن حبان في " الثقات" ( 9/ 180 ) برواية ثقتين منهم ؛ ولذلك أخذت على الذهبي في كتابي " تيسير انتقاع الخلان " قوله فيه: " يجهل " - في " المغني " و" الميزان " -! وهو معذور ؛ لأنه لم يقف على ما ذكرته، وغاية ما قال فيه: "... عن حسان بن حميد عن أنس عنه في سب الناكح يده. يجهل هو وشيخه، وقال الأزدي: ضعيف ". هذا عذر الذهبي ؛ فما عذر مقلده ؟ وقد وقف على رواية أولئك الثقات عنه في " الجرح "، وعلى استدراك الحافظ العسقلاني في " اللسان " توثيق ابن حبان إياه، ولكنها الغفلة التي لا ينجو منها إنسان إلا من عصم الله، أو الحداثة المنتشرة في هذا الزمان. والحديث ساقه المنذري في " الترغيب " ( 4/ 242 - 243 ) من رواية ابن أبي الدنيا في كتاب " صفة الجنة " عن الحارث - وهو: الأعور - عن علي مرفوعاً هكذا - يعني: مطولاً -، ورواه ابن أبي الدنيا أيضاً والبيهقي وغيرهما عن عاصم بن ضمرة عن علي موقوفاً عليه بنحوه، وهو أصح وأشهر، ولفظ ابن أبي الدنيا قال:... " فساقه. قلت: ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم أيضاً في " صفة الجنة " ( 2/ 127 ) عقب رواية عاصم بن ضمرة، ولكنه لم يسق لفظه، ولا رفعه، وإنما قال: " وذكر نحو حديث عاصم بن ضمرة ". والحارث: ضعيف ؛ بل كذبه بعضهم. قال الذهبي في " الكاشف ": " قال ابن المديني: كذاب. وقال الدارقطني -: ضعيف. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقد كذبه الشعبي. وقال أبو بكر بن عياش عن مغيرة قال: لم يكن يصدق عن علي في الحديث إلا أصحاب عبد الله ". قلت: فلا يحتج بحديثه سواء رفعه أو أوقفه. وأما عاصم بن ضمرة: فهو حسن الحديث، ومع أنه أوقفه فإنما رواه عنه أبو إسحاق - وهو: السبيعي -، وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث في كل الروايات عنه، وقد أخرجها الأخ علي رضا ( 2/ 126 )، ثم قال: " قال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " ( 4/ 400 ): هذا حديث صحيح، وحكمه الرفع ؛ إذ لا مجال للرأي في مثل هذا. وأقره السيوطي. قلت: مدار الطرق على أبي إسحاق - وهو: السبيعي -، وكان مدلساً، وقد عنعنه ؛ فأنى له الصحة! ". ولقد صدق - وفقه الله - ؛ ولذلك فلم يصب المنذري في تصديره الحديث بقوله: " عن. علي... " المشعر بحسنه على الأقل! 6903 - ( لو أن حوراء بزقت في بحر لُجي، لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. ذكره المنذري في " الترغيب " ( 4/ 265/ 11 ) مصدراً إياه بـ ( وعن أنس بن مالك )! وقال في تخريجه: " رواه ابن أبي الدنيا عن شيخ من أهل البصرة عنه ". وأورده السيوطي في " الدر المنثور " ( 6/ 33 ) برواية ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة "، وابن أبي حاتم عن أنس. وليس هو في النسخة المطبوعة التي عندي من " صفة الجنة " ( مكتبة القرآن )، وقد مرت بي في " الترغيب " جملة من الأحاديث معزوة إلى ابن أبي الدنيا وليست في المطبوعة، وبعضها قد عزاه إليه ابن القيم في " حادي الأرواح " بخلاف هذا ؛ فإنه عزاه لأبي نعيم، وسيأتي، وقد!رح السيوطي - كما رأيت - بأنه في " صفة الجنة "، مما جعلني أشعر أن نسخ " الصفة " مختلفة ؛ ففي بعضها ما لا يوجد في بعض. والله أعلم. وقد وقفت على إسناده: فقال ابن كثير فى ( تفسير سورة الدخان ) ( 4/146 ): قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا نوح بن حبيب: حدثنا نصر بن مزاحم العطار: حدثنا عمر بن سعد عن رجل عن أنس بن مالك. وسكت عنه ابن كثير. ولا بأس ما دام أنه ساقه بإسناده، وأما مختصره الشيخ الصابوني فقد أساء ؛ لأنه حذفه، وأوهم ثبوته بقوله ( 3/ 306 ): " روى ابن أبي حاتم عن أنس ... "! وهذا من بالغ جهله بهذا العلم، وقلة مبالاته بأن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يصح! وإلا ؛ فماذا عليه لو قال على الأقل: ( روى ابن أبي حاتم عن رجل عن أنس ) ؟! على أن في الطريق إليه ( نصر بن مزاحم العطار ) ؛ وهو متروك ؛ قال ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 4/ 1/ 468/ 43 21 ): " سألت أبي عنه ؛ فقال: واهي الحديث، متروك الحديث ". وكذبه بعض الحفاظ، وله ترجمة سيئة في " اللسان ". لكن أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 8 1 2/ 386 ) من طريق منصور ابن المهاجر الواسطي: ثنا أبو النضر الأبار عن أنس... وزاد: " وخلق الحور العين من الزعفران ". قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ منصور بن المهاجر هذا: لم يوثقه أحد، وروى عنه جمع ذكرهم في " التهذيب " ؛ ولذا قال الحافظ: " مستور ". وشيخه أبو النضر الأبار: لم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال، وهو راوي حديث " الجنة تحت أقدام الأمهات ". المتقدم برقم ( 593 )، ونقلت هناك عن ابن طاهر أنه قال: " ومنصور، وأبو النضر ؛ لا يعرفان ". ( تنبيه ): أبو النضر هذا ؛ بالضاد المعجمة في كل المصادر التي ذكر فيها فيما وقفت عليه، ومنها " كنى الدولابي " ( 2/ 138 )، و" مقتنى الذهبي "( 2/115/ 6239 )، وكذلك هو في أصل " صفة الجنة " ؛ ولكن محققه الفاضل قلبه إلى ( أبو النصر ).. بالصاد المهملة ؛ فقال ؛ " في الأصل: ( أبو النضر )، وما أثبته موافق لما في ترجمة منصور بن المهاجر من " تهذيب الكمال " ( 3/ 1377 ) "! قلت: وهذا وهم، وتحقيق قاصر، و "التهذيب " الذي رقم له، كأنه نسخة مخطوطة أو مصورة عنها، ومن المعلوم أن كثيراً من المخطوطات تهمل الأحرف المعجمة ؛ فلا يكفي الاعتماد عليها، فلا بد - والحالة هذه - من الرجوع إلى مصادر أخرى، وبخاصة ما كان منها في ضبط الأسماء والكنى، مثل " الإكمال " لابن ماكولا وغيره، وقد ذكرت آنفاً بعضها. وعلى الصواب جاء في " الإكمال " أيضاً ( 7/ 347 ). هذا ؛ ولعل أصل الحديث موقوف، رفعه هذا المجهول أو غيره ؛ فقد روي عن ابن عباس أنه قال: لو أن امرأة من أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر، لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل. أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصفة " ( 90/ 293 ) من طريق حفص بن عمر العدني: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عنه. لكن حفص هذا ضعيف. |
بيان القول في جنس الحور العين
السؤال: أخيرًا يسأل ويقول: الحور العين في الجنة من أي جنس هن؟ الجواب: الحور العين نساء، نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي خلقهن، ولكنهن جميلات طيبات حسنات الأخلاق والسيرة، وإذا رآها المؤمن عرف حالها بعد ذلك إذا دخل الجنة رآهن وعرفهن، وعرف أخلاقهن وجمالهن، لكن الآن يعرفن بإخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- وما ذكر عنهن في القرآن، وأنهن حور عين، والحوراء البيضاء، جميلة وحسنة العين، هذا من جمالها، وأما كمال جمالها يعرفه الإنسان إذا دخل الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها. فالمقصود: أنهن نساء خلقهن الله -جل وعلا- لإكرام أهل الجنة، ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الذي خلقهن بخلاف نساء الدنيا فهن من ماء مهين معروفات، ويكن في الجنة في غاية من الجمال في الجنة، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله -جل وعلا- هو الكريم الجواد، وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواءً كن لأزواجهن في الدنيا، أو لغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي ﷺ فهن له في الآخرة، عليه الصلاة والسلام. وأما الناس فالله أعلم، جاء في هذا أحاديث فيها نظر، وأن المرأة إذا كان لها أزواج تخير، فتختار أحسنهم خلقًا، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله فقد تكون لزوجها، وقد تكون لغير زوجها، ويعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن على حسب أعماله الصالحة، وتقواه لله -جل وعلا- ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها، يختلفون فيها، على حسب أعمالهم الصالحة، في إعطائهم أنواع النعيم والقصور، وفيما يعطى الأزواج من الحور العين بعد الزيادة على الثنتين من الزيادة على الثنتين. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا، هاتان الاثنتان من نساء الدنيا يا سماحة الشيخ، أو من الحور؟ الشيخ: من الحور غير نساء الدنيا. المقدم: غير نساء الدنيا. الشيخ: وغير الزيادة من الحور لمن شاء الله من أهل الجنة. المقدم: جزاكم الله خيرًا. https://binbaz.org.sa/fatwas/10948/%...B9%D9%8A%D9%86 |
6213 - ( أَدْرَكْتُ (الْقَوَاعِدَ) وَهُنَّ يُصَلِّيَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرائضَ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/130/315) ، و"الأوسط " (4/204/2/8143) عن أبي شهاب عن ابن أبي ليلى عن عبدالكريم عن عبد الله ابن فلان (وفي الأوسط : ابن الطيب) عن أم سلمة (وفي الكبير : أم سليم) بنت أبي حكيم قالت : ... فذكره . وقال : "لا يُروى عن أم سلمة بنت [أبي] حكيم إلا بهذا الإسناد" . قلت : وهو ضعيف ، مسلسل بالعلل : الأولى : أم سلمة هذه ؛ فإني لم أعرفها إلا في هذا الحديث ؛ والإسناد الواهي عنها ، وإن مما يدلك على ذلك اضطراب رواته في ضبط كنيتها ، فقيل : أم سلمة ، وقيل : أم سليم ؛ كما رأيت ، وقيل : أم سليمان ؛ كما يأتي . وذكرها ابن عبدالبر في "الاستيعاب" بهذه الكنى الثلاث ولم يزد! وكذلك الحافظ في "الإصابة" ؛ ولكنه ساق لها هذا الحديث فقط برواية الطبراني في "الأوسط" وابن منده بالإسناد الأول ، وقال : "أم سليمان بنت أبي حكيم" . وفي رواية له : وأم سليمان بن أبي حثمة" من طريق أخرى كما يأتي ، في "الكبير" كما في "المجمع" (2/34) فقال : "وعن سليمان بن أبي حثمة عن أمه قالت : رأيت النساء القواعد يصلين مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد" . وقال : "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبدالكريم بن أبي الخارق وهو ضعيف " . قلت : ولم أره في "المعجم الكبير" المطبوع مستعيناً عليه بالفهارس الموضوعة في آخر كل مجلد من محققه ، ثم في فهارسه التي وضعها أخيراً الأخ عدنان عرعور - وأهدى إلي نسخة منها جزاه الله خيراً - لا في "فهرس الحديث " ولا في "فهرس مسانيد الرواة" ، فلعله فيما لم يطبع منه بعد . والله أعلم . هذا ، وقد تبع ابن عبدالبر ابن الأثير في "أسد الغابة" في إيراد هذه المختلف في كنيتها بكناها الثلاثة ، وزاد فقال : "لا يوقف على اسمها" . فكأنه أشار إلى جهالتها وعدم ثبوت صحبتها . والله أعلم . هذه هي العلة الأولى . والثانية : عبد الله ابن فلان أو ابن الطيب ؛ مجهول لا يعرف في شيء من كتب الرجال التي عندي . والثالثة والرابعة : ضعف ابن أبي ليلى وعبدالكريم ، وبهما أعله الهيثمي مفرقاً ، والحافظ ، فقال في "الإصابة " : "والسند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى ؛ وهو : محمد ، وشيخه عبدالكريم ؛ وهو : ابن أبي الخارق" . قلت : وأبو شهاب (ووقع في "الإصابة" ابن شهاب) . اسمه : عبدربه بن نافع ، وهو من رجال البخاري ، قال في "التقريب" : "صدوق يهم " . لكن تابعه أبو محصن حصين بن نمير عند ابن منده ، وأبي نعيم كما ذكر في "الإصابة" ، قال الحافظ : "لا بأس به ؛ روى له البخاري " . ثم رأيته في "المعجم الكبير" (24/317/799 و800) من طريق قيس بن الربيع وحصين بن نمير كلاهما عن ابن أبي ليلى بسنده المتقدم عن أم سليمان بن أبي خثمة قالت : "رأينا النساء ... " . وله شاهد واهٍ بمرة ، فقال البزار في "مسنده " (1/222/446) : حدثنا خالد ابن يوسف : ثنا أبي عن الأعمش عن أنس بن مالك : أنه سئل عن العجائز : أكن يشهدن مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة؟ قال : نعم ؛ والشواب . ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/36/2 - مجمع البحرين) وقال : "لم يروه عن الأعمش إلا يوسف " . قلت : وهو : ابن خالد السمتي البصري ، متروك ، قال ابن عدي (7/162) : "قد أجمع على كذبه أهل بلده " . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 131) : "كان يضع الحديث على الشيوخ ، ويقرأ عليهم ، ثم يرويها عنهم ، لا تحل الرواية عنه ، ولا الاحتجاج به بحال . قال ابن معين : كان يكذب " . وكذبه غيره أيضاً . وقال الحافظ في "التقريب" : "تركوه ، وكذبه ابن معين ، وكان من فقهاء الحنفية" . وألان القول فيه الهيثمي ، فقال بعد أن عزاه للبزار والطبراني : "وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف "! وقلَّده الشيخ الأعظمي في تعليقه على "البزار"! كما هي عادته ، ولعل من العوامل على ذلك العصبية المذهبية ، فإنه حنفي مر! واعلم أنه كان الباعث على تخريج هذا الحديث أموراً : الأول : تحقيق القول في مرتبته ، وبيان حال رجال إسناده ، حسبما جرينا في تخاريجنا كلها في "السلسلتين " . ، الثاني : بيان حال أم سليم بنت أبي حكيم هذه ، وأنها لا تثبت لها صحبة ، رغم أنهم ذكروها في الصحابيات! الثالث : الرد على مؤلفة جاهلة أو كاذبة متعصبة على بنات جنسها ، من نمط تلك الجامعية المسصاة بـ "رغداء بكور الياقتي " في كتيبها "حجابك أختي المسلمة" التي ذكرت في مقدمته أن كشف الوجوه من النساء في الشوارع مثل مصافحة الرجال الأجانب ، والاختلاط مع الغرباء !! ضاربة بذلك كل الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأقوال الأئمة المجتهدين المذكورة في كتابي "حجاب المرأة" عرض الحائط . أقول : فهذه كتلك المؤلفة التي لم أقف على كتابها ، يجمعهما الجهل بالشرع ، والتعصب الأعمى ، والهوى الأصم ؛ فقد قالت - والعهدة على من أنقل عنه (1) - : قال : "وقالت مؤلفة فاضلة (!) : أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" عدة أحاديث كلها ضعاف ، ولكن مجموعها يقويها ، ويجعلها حسنة لغيرها تفيد أن القواعد من النساء فقط كن يصلين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون الشابات " . قلت : وهذا القول من هذه (الفاضلة!) فيه عدة أكاذيب وجهالات : الأولى : كذبها على الهيثمي ؛ فإنه لم يذكر ما ادعته من الإفادة إلا حديثاً مرفوعاً واحداً هو حديث الترجمة ، ولكنها لجهلها توهمت أنه ثلاثة أحاديث ؛ لأن الهيثمي أورده من حديث أم سلمة ، وأم سليمان ، وأم سُليم ، وهي في الحقيقة حديث واحد اضطرب أحد رواته الضعفاء في إسناده كما تقدم بيانه . الثانية : قولها : "ولكن مجموعها يقويها ... " يشعر بأنها جاهلة بشرط التقوية ، وهو أن لا يشتد الضعف في مفرداتها ، فكيف وليس هنا إلا طريق واحدة وسند واحد ؟! الثالثة : قولها : "فقط " ؛ فهو كذب محض ، وجهل مطبق بالأحاديث الأخرى التي يأتي الإشارة إليها ، أما الكذب ، فيبينه أن الهيثمي أورد أيضاً حديث أنس المتقدم وفيه "والشواب " ، وإن كنا بينا وهاءه ، ولكن المقصود أن ذلك يبطل قولها : "فقط " . ومن الغريب حقاً أن حضرة الناقل لهذه الجهالات عنها وصفها بقوله : "مؤلفة فاضلة" ! فمن أين جاء الفضل وهي بهذه المثابة من الجرأة اللا أدبية التي لا تليق بالرجال الأقوياء ، فضلاً عن النساء القوارير ! أقول هذا ، وإن كان الفاضل المشار إليه قد رد عليها تقويتها للحديث ، ولكن على طريقة الفقهاء المتأخرين فقال : "الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد . ومن أولئك : أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة بنت زيد (زوج عمر بن الخطاب) وفاطمة بنت تيس ، وأم الفضل ، وزبنب امرأة مسعود ، والرُّبَيِّع بنت معوِّذ ، وغيرهن كثير" . قلت : وهذا مسلم لا غبار عليه ، ولكن كان الأولى به أن يبين ضعف حديثها على طريقة المحدثين أولاً ، على نحو ما فعلنا ، ثم أن يصفها بما فيها من الجهل الذي ينافي الفضل ؛ لأن ذلك من علم الجرح والتعديل كما هو معروف عند العلماء ، ولكن يبدو أن الرجل مع فضله وغلبة الصواب على "تحريره " لا معرفة له بهذا العلم تصحيحاً وتضعيفاً ، وتوثيقاً وتجريحاً ، كما بدا لي ذلك من عدة مواطن من كتابه ، كما يدل على ذلك الحديث الآتي بعد حديث ، وإن كان أثنى علي خيراً ، وذكر أنه تتلمذ علي زمناً مباركاً في مقدمة كتابه (ص 28) ، ولكن سرعان ما تغلب عليه غلوه في "تحرير المرأة" ؛ فانتقدني (ص 35) تلميحاً لا تصريحاً ؛ لأنني بعد أن أثبت أن وجه المرأة ليس بعورة ، قيدت ذلك بأن لا يكون عليه من الزينة المعروفة اليوم بـ "الميكياج " من الحمرة والبودرة وغيرها ، ونقل كلامي مبتوراً ، سامحه الله . _هذا . ثم ألقي في البال - إنصافاً لتلك المؤلفة الفاضلة (!) - أنها لعلها عنت بقولها المتقدم : "عدة أحاديث " حديثاً لابن مسعود أورده الهيثمي أيضاً ؛ لأن فيه لفظ "العجاثز" ، فإن كانت عنته ؛ فحينئذٍ يكون قولها المذكور سالماً من النقد على اعتبار أن أقل الجمع اثنان ، ولكن يرد عليها أمران آخران : الأول : أنه لا يفيد ما ادعته من إفادة أن القواعد فقط هن اللاتي كن يصلين معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسترى لفظه تحت الحديث التالي ، وهو شاهد ظاهر لما تريد ، ولكن لم يورده الهيثمي ؛ لأنه لا أصل له في شيء من كتب السنة مرفوعاً . والآخر : أنه موقوف ليس له علاقة بـ (العجائز) أو (القواعد) في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإذا كان كذلك ؛ فهل يجوز إيهام القراء أنه حديث مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! ذلك ما لا أرجو أن يكون مقصوداً من تلك المؤلفة ، وإن كان غير مستبعد عن علمها بهذا الفن ؛ فقد وقع في مثله الناقد لها في "تحريره " إياها! فانظر الحديث (62151) . _________ (1) ذكر الشيخ رحمه الله رقماً لحاشية في الأسفل ، ولكنه لم يذكر مصدره . ولعله يقصد مؤلف كتاب "تحرير المرأة" . (الناشر) . 2742 - ( ارجعن مأزورات ؛ غير مأجورات ) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف روي من حديث علي بن أبي طالب ، وأنس بن مالك . 1- أما حديث علي ؛ فيرويه إسماعيل بن سلمان عن دينارأبي عمر عن محمد ابن الحنفية عن علي قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا نسوة جلوس ، فقال : ما يجلسكن ؟ قلن : ننتظر الجنازة ، قال : هل تغسلن ؟ قلن : لا ، قال : هل تحملن ؟ قلن : لا ، قال : هل تدلين فيمن يدلي ؟ قلن : لا ، قال : ..... " فذكره . أخرجه ابن ماجه ( 1578 ) ، وابن حبان في " الثقات " ( 9/290 ) ، وابن بشران في " الفوائد المنتخبة " ( 62/1 ) ، والبيهقي ( 3/77 ) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته إسماعيل بن سلمان هذا - وهو الأزرق التميمي الكوفي - وهو ضعيف باتفاقهم ؛ ولذلك جزم الحافظ في" التقريب " بضعفه ، بل قال ابن نمير والنسائي : " متروك " . وأما ما نقله السندي عن " الزوائد " أنه قال : " في إسناده دينار بن عمر أبو عمر وهو وإن وثقه وكيع وذكره ابن حبان في الثقات ؛ فقد قال أبو حاتم : ليس بالمشهور . وقال الأزدي : متروك ، وقال الخليلي في " الإرشاد " : كذاب ، وإسماعيل بن سليمان ( كذا ) قال فيه أبو حاتم : صالح . لكن ذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال يخطىء " . قلت : ففيه أن صاحب " الزوائد " دخل عليه ترجمة في أخرى ، فإن الذي قال فيه أبو حاتم " صالح " ليس هو المترجم ، وإنما هو إسماعيل بن سليمان الكحال الضبي البصري ، ففي ترجمته ذكر ابنه ( 1/1/176 ) عنه أنه قال فيه : " ضعيف الحديث " . ونقله عنه الحافظ في " التهذيب " . فالرجل ضعيف بلا خلاف ، وإيراد ابن حبان إياه في " الثقات " ( 4/19 ) مع قوله فيه : " يخطىء " لا يخرجه عما ذكرنا كما لا يخفى ، على أنه لو لم يجرحه بالخطأ ، فمعلوم أنه متساهل في التوثيق ، فلا يعتد به عند التفرد به فكيف مع المخالفة ؟ ! 2- وأما حديث أنس ؛ فله عنه طريقان : الأولى : عن الحارث بن زياد عنه قال : " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فرأى نسوة ، فقال : أتحملنه ؟ قلن : لا ، قال : تدفنه ؟ قلن : لا ، قال : .... " فذكره . أخرجه أبو يعلى ( 3/1060 ) : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي : أخبرنا محمد بن حمدان : أخبرنا الحارث بن زياد . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحارث بن زياد قال الذهبي : " ضعيف مجهول " . ووافقه الحافظ في " اللسان " . وبه أعله الهيثمي ( 3/28 ) . ومحمد بن حمدان ؛ لم أعرفه ، ولعله محمد بن حمران القيسي البصري ، فإن يكن هو ؛ فهو صدوق فيه لين كما في " التقريب " . والأخرى : عن أبي هدية عنه به نحوه وزاد : " مفتنات الأحياء ، مؤذيات الأموات " . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 6/201 ) . قلت : وأبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - كذاب خبيث ؛ كما قال ابن معين . وقال الخطيب : " حدث عن أنس بالأباطيل " . ( تنبيه ) : ذكر المناوي في " الفيض " عن ابن الجوزي أنه قال في طريق علي : " جيد الإسناد " ، بخلاف طريق أنس عند أبي يعلى " . ثم نقل المناوي تضعيف الهيثمي تبعا للذهبي للحارث راويه كما تقدم . قال : " وقال الدميري : حديث ضعيف تفرد به ابن ماجه ، وفيه إسماعيل بن سليمان ( كذا ) الأزرق ؛ ضعفوه . ثم اتبعه المناوي بقوله : " وبهذا التقرير انكشف أن رمز المصنف لصحته صحيح في حديث علي ، لا في حديث أنس ، فخذه منقحا " . قلت : ما نقحت شيئا ، بل خبطت خبط عشواء ، فمن أين لحديث علي الصحة بل الجودة وفيه ذلك الأزرق المتفق على ضعفه و ( دينار أبو عمر ) وقد كذب ؟ ! ومن عجيب أمر المناوي أنه بعد أن نقل تجويد ابن الجوزي لإسناده أتبعه بنقل تضعيفه عن الدميري ، ثم سكت على هذا التناقض دون أن يرجح أحد النقلين على الاخر ثم قال : " فخذه منقحا " ! وبناء على زعمه هذا قال في " التيسير " : " إسناده صحيح " !! 3581 - ( خيركن أطولكن يداً ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه أبو يعلى (13/ 7430) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 6) عن أم الأسود ، عن منية ، من حديث أبي برزة قال : [ كان ] للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة ، فقال يوماً : ... فذكره ، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار ! قال : "لست أعني هذا ، ولكن أصنعكن يدين" . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة منية هذه ؛ قال الذهبي : "تفردت عنها أم الأسود" . ولهذا قال الحافظ : "لا يعرف حالها" . قلت : فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال : "إسناده حسن" . ليس بحسن ، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن : "أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً" . أخرجه البخاري (1/ 359) ، ومسلم (7/ 144) ، والنسائي (1/ 352) ، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً . وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش ، وهو الصواب . وفي رواية البخاري أنها سودة بنت زمعة ، وهي وهم كما حققه الحافظ في "الفتح" ، ووقع له وهم نبهت عليه تحت الحديث (6335) . ثم رأيت كلام الهيثمي في "المجمع" ونصه (9/ 248) : "رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن ؛ لأنه يعتضد بما يأتي" . يعني الحديث المشار إليه الآتي عن ميمونة بلفظ : "أولكن ترد علي الحوض أطولكن يداً" . وهو حديث موضوع ؛ فيه مجمع على تركه ، وهو مسلمة بن علي الخشني ؛ قال الهيثمي : "وهو ضعيف" . وقد ترتب من تساهل الهيثمي هذا وتسامحه في اقتصاره على تضعيفه فقط للخشني أن اعتبر بعضهم حديثه هذا شاهداً لحديث الترجمة ! فقد عزاه الحافظ في "المطالب العالية" (1/ 257/ 879) لـ "مسند أبي بكر بن أبي شيبة" ، فعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي بقوله : "لم يحكم البوصيري عليه بشيء ، بل قال : له شاهد من حديث عائشة" ! وسكت عليه الشيخ ولم يتعقبه بشيء ، بل إنه لما أعاده الحافظ في مكان آخر (4/ 131/ 4146) علق عليه مقوياً له بقول الهيثمي المذكور آنفاً ! وهذا من شؤم التساهل في النقد ! ولم يتنبه لهذا المعلق على مسند "أبي يعلى" ، فقال (13/ 425) - وهو يترجم لمنية - : "ما رأيت فيها جرحاً ، ولم ترو منكراً ، فهي على شرط ابن حبان ، وقد حسن الحافظ في "المسند" إسنادها" . ثم نقل كلام الهيثمي في هذا الحديث ، وفي حديث ميمونة الآتي . وقد خفي عليه - لأنه حديث عهد بهذا العلم - أن الحديث منكر جداً ، بل موضوع ؛ لمخالفته لحديث عائشة المذكور ، وذلك من ناحيتين : الأولى : في لفظه ؛ فإن فيه : "أسرعكن .." ، فهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - العلمية ، وفي هذا "خيركن .." ، فهو من الفضائل ، فشتان ما بينهما ! والمقصود بالحديث زينب رضي الله عنها على الأصح ، كما يأتي بيانه تحت حديث ميمونة (6335) ، وعائشة أفضل كل زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وخيرهن ، كما هو معلوم . والأخرى : أن فيه أنهن كن يقسن أيديهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - ، وفي هذا أنهن فعلن ذلك بحضرته - صلى الله عليه وسلم - ، فأي نكارة أصرح من هذه ؟! وأما قوله : "وقد حسن الحافظ في "المسندة" إسنادها" . فلا أدري ما مستنده في ذلك ، وهو يعني "مسندة المطالب العالية" ؛ فإن نسخة المكتبة المحمودية من "المسندة" (ق35/ 1و171/ 1) ليس فيها التحسين المذكور ، ويستبعد مثله عن الحافظ ! 1116 - " نهانا ( يعني أهل فارس ) أن ننكح نساء العرب ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/163/2 ) عن الهيثم بن محفوظ السعدي : نا أبو إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان الفارسي قال : فذكره وقال : " لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي ولا عنه إلا السري ولا عنه إلا أبو إسرائيل تفرد به الهيثم ". قلت : قال الذهبي : " لا يدرى من هو ". والسري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي، وقال النسائي : " متروك الحديث ". وكذا قال أبو داود، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " ( 4/275 ). وقد روي من طريق أخرى، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن سلمان فقال : " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم، أوننكح نساءكم ". أخرجه البيهقي ( 7/134 ) وقال : " وروي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان ". قلت : كأنه يشير إلى الطريق الأولى. والحارث هو الأعور، وهو متروك أيضا. وشريك ضعيف لسوء حفظه وقد خولف في إسناده، فرواه جماعة من الثقات عن أبي إسحاق بإسناد آخر موقوفا. أخرجه البيهقي وغيره، وقال البيهقي : " هذا هو المحفوظ : موقوف ". قلت : ومداره على أبي إسحاق وهو السبيعي وهو مدلس وكان اختلط، وقد تكلمت على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " ( 1632 ) بما يكفي. 1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. رواه الواحدي في " الوسيط " ( 2/115/2 ) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت : وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي : " حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ". قلت : يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم ( 434 ). والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) : " رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ". قلت : فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/410/1228 ) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال : " قال أبي : هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ". 1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها، وأقلهن مهو را ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي ( 97/2 ) وعنه ابن عساكر ( 5/64/1 ) عن حسين بن المبارك الطبراني : حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال ابن عدي : " هذا الحديث منكر المتن، وإن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في حديث الحجاز والعراق، وهو ثبت في حديث الشام، والبلاء في هذا الحديث من الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش، والحسين أحاديثه مناكير ". قلت : ونقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه : " متهم ". ولم أجد هذا في ترجمته من " الكامل ". والله أعلم. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. 2043 - " عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، ومن أتاه أخوه متنصلا ؛ فليقبل ذلك منه محقا كان أومبطلا ، فإن لم يفعل ؛ لم يرد علي الحوض " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف الإسناد أخرجه الحاكم ( 4/154 ) من طريق سويد أبي حاتم عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعا . وقال : " صحيح الإسناد " . وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : بل سويد ضعيف " . والمنذري ( 3/293 ) ، فقال : " بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز ؛ واه " . ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/48 ) دون الشطر الثاني منه . وقد روي من حديث عائشة مرفوعا ، ولفظه : " عفوا ؛ تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم ؛ تبركم أبناؤكم ، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه ، فلم يقبل عذره لم يرد علي الحوض " . وهذا موضوع الإسناد . قال في " المجمع " ( 8/81 و139 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ، وفيه خالد بن يزيد العمري ، وهو كذاب " . وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن الطبراني ، فاعترض عليه المناوي بكلام الهيثمي هذا ، ثم قال : " فكان ينبغي حذفه " يعني : من " الجامع " ، حيث اشترط في مقدمته أنه صانه مما رواه وضاع أوكذاب . ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في " الفوائد " ( 81/2 ) عن خالد بن يزيد العمري عن يحيى بن عبد الله الزبيري قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير قال : سمعت عائشة به ؛ دون الشطر الثاني منه . والزبيري هذا لم أعرفه . ثم رجعت إلى " مجمع البحرين " ( 5/148/7/282 ) فتبين أنه ( [ عبد الملك بن ] يحيى بن الزبير ) ، سقط من سنده ( عبد الملك بن ) ، وقد وثقه ابن حبان ( 7/95 ) . والجملة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/285 ) من طريق هشام بن خالد : حدثنا الوليد بن مسلم : حدثنا صدقة بن يزيد : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا . وهذا إسناد ضعيف ، صدقة بن يزيد ؛ قال البخاري : " منكر الحديث " . وضعفه غيره ، ووثقه بعضهم . والوليد بن مسلم : يدلس تدليس التسوية . وهشام بن خالد ؛ قال الذهبي : " من ثقات الدماشقة ، لكنه يروج عليه " . وأخرجها ابن عدي ( 6/11 ) من طريق إسحاق بن نجيح الملطي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . والملطي هذا : كذاب وضاع . وقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/412 ) : " سألت أبي عن أحاديث رواها أبو يوسف المديني ، فذكرت منها حديثا حدثنا به يوسف ( كذا ) عن محمد بن المنكدر : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكره ) . قال أبي : أبو يوسف هذا اسمه يعقوب ، والوليد ( كذا ) ضعيف الحديث ، وهذا حديث باطل " . 3209 - ( إن يأجوج و مأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا ، وشجر يلقحون ما شاؤوا ، فلا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه النسائي في "التفسير" من "السنن الكبرى" (6/ 408 / 11334) من طريق ابن عمرو بن أوس عن أبيه عن جده به . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير ابن عمرو هذا ؛ فإنه لا يعرف .أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه أو ....." من "التهذيب" ، وجزم فيه أن اسمه عبد الرحمن . وقال في "التقريب" : "يقال : اسمه عبد الرحمن ، تقدم في ابن أوس" . كذا وقع فيه ، والصواب : "في ابن أبي أوس" ؛ فقد قال في أول الباب المشار إليه : "ابن أبي أوس الثقفي ، وفي رواية : ابن عمرو بن أوس ، يقال : اسمه عبد الرحمن ، هو عبد الله" . كذا الأصل ، ولعله : "ويقال : هو عبد الله" . هذا كل ما ترجمه به ، ومنه تبين أن الرجل مجهول لا يعرف . 3779 - ( خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 184) عن عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن أبي اليقظان عمران بن عبد الله ، عن ربيعة السعدي قال : أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسمعته يقول : ... فذكره مرفوعاً . سكت عليه الحاكم والذهبي ، وكأنه لجهالة بعض رواته ؛ فإن أبا اليقظان هذا لم أجد له ترجمة لا في الكنى ، ولا في الأسماء . وفي الطريق إليه سعيد بن عجب الأنباري ؛ ولم أعرفه أيضاً . 4347 - ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك ، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البزار (ص 318) و (رقم 3528) - بنحوه مع بعض الاختلاف - ، والمروزي في "زوائد الزهد" (226) ، وابن عدي (55/ 2) ، وابن عساكر (7/ 136/ 2) عن سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان والحارث ابن نبهان ، عن مالك بن دينار ، عن شهر بن حوشب ، عن سعيد بن عامر بن حذيم مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ شهر بن حوشب ؛ ضعيف لسوء حفظه . وسيار بن حاتم ؛ فيه ضعف ، وقال الحافظ في "التقريب" : "صدوق ، له أوهام" . ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد" (ص 185) : حدثنا سيار به ؛ إلا أنه لم ذيكر في إسناده شهراً ولا الحارث بن نبهان ، فلا أدري أهكذا الرواية عنده ، أم سقط ذلك من الناسخ أو الطابع . وفيه عنده قصة مطولة بين سعيد بن عامر وعمر ابن الخطاب . وبنحو ذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 124) وقال : "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات ، وله طرق في صفة الجنة" . كذا قال ! وفي المكان الذي أشار إليه لم يذكر له طريقاً - فضلاً عن طرق - أخرى ، ولا هو أطلق التوثيق كما فعل هنا ؛ فإنه ساق الحديث دون القصة ثم قال (10/ 417) : "رواه الطبراني مطولاً أطول من هذا ، وتقدم في صدقة التطوع ، ورواه البزار باختصار كثير ، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ، وفي بعضهم ضعف" . كذا قال ؛ وهو أقرب إلى الصواب من إطلاقه التوثيق هناك ، وفيه إشارة إلى أن في طريق الطبراني - أيضاً - الوراق المذكور ، وهو معروف ، وإنما لم يعرفه الهيثمي ؛ لأنه سقط منه أثناء النقل اسم ابنه فهو حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ، كما وقع عند البزار وغيره ، على أنه قد تابعه الإمام أحمد كما سبق . 5359 - ( الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل ؛ فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً وسئلت عنه ؟ قالت : (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أبو يعلى من طريق عبد الله بن صالح : حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام أياماً لم يطعم طعاماً ، حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئاً ! فأتى فاطمة فقال : "يا بنية ! هل عندك شيء آكله ؛ فإني جائع ؟" . قالت : لا والله - بأبي أنت وأمي - ! فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها ، فوضعته في جفنة لها ، وقالت : والله ! لأوثرن بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ؛ قد أتى الله بشيء فخبأته لك . قال : "هلمي يا بنية !" . قالت : فأتيته بالجفنة ، فكشفت عنها ؛ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله ، وصليت على نبيه ، وقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه حمد الله ، وقال : "من أين لك هذا يا بنية ؟!" . قالت : يا أبت ! (هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب) ! فحمد الله ، وقال : ... فذكر الحديث . فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي ، ثم آكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأكل علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وجميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأهل بيته حتى شبعوا جميعاً ، قالت : وبقيت الجفنة كما هي . قالت : فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران ؛ وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً . ذكره ابن كثير في "التفسير" (1/ 360) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، سكت عنه ابن كثير ؛ لأنه ساق إسناده ، وهذه عادته وعادة المحدثين : إذا ساقوا إسناد الحديث ؛ فقد برئت ذمتهم وارتفعت المسؤولية عنهم إذا كان الحديث إسناده ضعيفاً أو موضوعاً . وقد غفل عن هذه الحقيقة العلمية من قام باختصار "تفسير ابن كثير" وغيرهم ، فيتوهمون أن سكوت ابن كثير عن الحديث معناه أن الحديث ثابت عنده ! وليس كذلك ؛ وبخاصة إذا ساق إسناده ؛ كما بينت ذلك في غير ما موضع. وهذا الحديث من هذا القبيل ؛ فإن في إسناده عبد الله بن صالح عن عبد الله ابن لهيعة ، وكلاهما ضعيف . ولجهل الشيخ الصابوني بهذا العلم الشريف ، وبتلك الحقيقة العلمية ؛ فقد أورد هذا الحديث مصححاً له في "مختصره" (1/ 280) ، ثم نقل عزو الحافظ ابن كثير لأبي يعلى من "تفسير ابن كثير" إلى حاشية "مختصره" ؛ موهماً القراء أنه من تخريجه ! فما أحراه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "المتشبع بما لم يعط ؛ كلابس ثوبي زور" ! ثم إن الحديث - مع ضعف إسناده - ؛ ففي متنه نكارة في نقدي ؛ مثل قوله : "فإني جائع" ؛ لأنه غير معروف مثله عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما أذكر ! ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها لأبيها مرتين : بأبي أنت وأمي ! فإنه ممجوج مرفوض ؛ كما هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان ! ونحوه قولها بعد أن حمدت الله : وصليت على نبيه . فإنه ليس معهوداً أيضاً قرن الصلاة على النبي مع حمد الله تعالى في مثل هذه المناسبة ! والله أعلم . 5480 - ( اقضيا يوماً آخر ) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (94/ 1) : عن ابن جريج قال : قلت : لابن شهاب : أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "من أفطر في تطوع ؛ فليقضه" ؟ قال : لم أسمع من عروة في ذلك شيئاً ، ولكني سمعت في خلافة سليمان ابن عبد الملك من ناس عن بعض من نساء عائشة أنها قالت : كنت أنا وحفصة صائمتين ، فقرب إلينا طعام ، فابتدرناه فأكلناه ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فبادرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فذكره . __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن : " انظر ( 5202 ) " . ( الناشر ) 5696 - ( أُنْشِدُ اللهَ رجالَ أُمَّتِي لا يَدْخُلُوا الحمَّامَ إلا بِمِئْزَرٍ ، وأُنشِدُ اللهَ نساءَ أمتي أنْ لا يَدْخُلْنَ الحَمَّامَ . ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه ابن جميع في (( معجمه )) ( ص 251 ) من طريق بكر بن سهل : حدثنا عمرو بم هاشم : حدثنا موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعًا . قلت : وهذا إسناده ضعيف , وله علتان : الأولى : عمرو بن هشام - وهو البيروتي - , قال الحافظ : (( صدوق يخطئ )) والأخرى : بكر بن سهل هذا ؛ قال النسائي : (( ضعيف )) . وقال الذهبي : (( مقارب الحال )) ! والحديث ؛ كنت أوردته في (( ضعيف الجامع الصغير )) ( 1345 ) - وقد عزاه لابن عساكر , وأظن الآن أنه عنده من طريق ابن جميع - بناء علي القاعدة المعروفة أن ما تفرد به ابن عساكر ؛ فهو ضعيف , وهذه القاعدة وإن كانت تشذ أحيانًا, فهذا التخريج أكدها في هذا الحديث . والله الموفق . 5697 - ( مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ ، وانْتَعَلَ المخصُوفَ ، ورَكِبَ حِمَارَهُ ، وحَلَبَ شاتَهُ ، وأكلَ مع عِيالِه ، فَقَدْ نَحّى اللهُ عنه الكِبْرَ ) . 2 - أنا عبدٌ ابنُ عبدٍ ، أَجْلِسُ كَجَلْسَةِ العَبْدِ ، وآكلُ أكلةَ العبدِ . 3 - وذلك أنَّ النبي ?لم يَطْرُقْ طعاماً قط ، إلا وهو حابٍ على ركبتيهِ . 4 - إنَّ الله عز وجل قَدْ أوحى إليَّ : أَنْ تواضَعُوا ، ولا يَبْغِي أَحَدٌ على أحدٍ . 5 - إنَّ يدَ الله مَبْسُوطَةٌ على خَلْقِهِ ، فَمَنْ رفعَ نَفْسَهُ ؛ وَضَعَهُ اللهُ عز وجل ، ومَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ ؛ رفعَهُ الله عز وجل . 6 - ولا يمشي امرؤٌ على الأرضِ يَبْغِي بها سُلْطَانَ اللهِ عز وجل إلا أَكَبَّهُ اللهُ عز وجل ) . ً ضعيف جدًا - أو موضوع بهذا السياق والتمام . رواه السكن بن جميع في (( حديثه )) ( ص420 ) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير ابن مرة عن عبد الله بن عمر مرفوعًا قلت : وهذا إسناده واهٍِ بمرة ؛ آفته سعيد بن سنان هذا - وهو أبو مهدي الحمصي - ؛ قال الحافظ في (( التقريب )) : (( متروك ؛ ورماه الدارقطني وغيره بالوضع )) . قلت : ويد الصنع ظاهرة في حديثه هذا , ففقد سرق بعض الأحاديث الصحيحة , وضمها إليه بهذا السياق والإسناد , والكلام عليها لا مجال الآن إليه فأكتفي بالإشارة إليها , وهي : الفقرة الثانية تراها في (( مجمع الزوائد )) ( 9 / 19,21 ) . والفقرة الرابعة مخرجة في الصحيحة )) ( 570 ) والخامسة خرجتها في (( ظلال الجنة )) ( 615 - 617 ) , (( الإرواء )) ( 2200 ) , و (( صحيحة )) ( 2328 ) , وهي مركبة من حديثين . والحديث ؛ عزاه السيوطي في (( الجامع الكبير )) لـ ( تمتم وابن عساكر عن ابن عمر ) ,ووقعت فيه الفقرة السادسة بلفظ : (( ولا يمشي امرؤ علي الأرض شبرًا يبتغي به سلطان الله . . . . . . ) . ولعله الصواب ؛ فقد ذكر المعلق علي (( المعجم )) تعليقًا علي قوله : (( بها )) أن الأصل : (( به )) . والله اعلم . 5786 - ( كان الذي أصاب سليمان بن داود عليه السلام في سبب امرأة من أهله يقال لها جرادة . وكانت أحب نسائه إليه ، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء ؛ أعطاهم الخاتم ، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوماً إلى سليمان عليه السلام ، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة فيقضي لهم ، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحداً ، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ، ودخل الخلاء ، وتمثل الشيطان في صورة سليمان ، قال : هاتي خاتمي . فأعطته خاتمه ، فلما لبسه ؛ دانت له الشياطين والإنس والجن ، وكل شيء . . . الحديث بطوله ؛ وفيه : أن الشيطان كان يأتي نساء سليمان وهن حيض ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر موقوف . أخرجه النسائي في (( السنن الكبرى )) ( 6 / 287 / 10993 ) ، وكذا ابن أبي حاتم في (( التفسير )) ؛ كما في (( ابن كثير )) ( 4 / 36 ) ، وابن جرير ( 1 / 357 ) من طريق أبي معاوية : حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : . . . فذكره موقوفاً عليه . قلت : وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير المنهال بن عمرو ؛ فهو من أفراد البخاري ، وفية كلام يسير ، وقال الحافظ في (( التقريب )) : (( صدوق ربما وهم )) . ولذا ؛ قال الحافظ ابن كثير : (( إسناده إلى ابن عباس قوي ؛ لكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا ؛ كان في هذا السياق منكرات : من أشدها ذكر النساء . . . وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف رضي الله عنهم : كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين ، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب )) . قلت : ويؤيد ما ذكره من التلقي : ما روى عبد الرزاق وابن المنذر ؛ كما في (( الدر )) ( 5 / 310 ) عن ابن عباس قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي ؛ حتى سألت عنهن كعب الأحبار . . . وسألته عن قوله تعالى : ( وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) ؛ قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه . . . الحديث مختصراً (1) ؛ ليس فيه ذكر النساء . قال العلامة الآلوسي في (( تفسيره )) ( 12 / 199 ) : (( ومعلوم أن كعباً يرويه عن كتب اليهود ، وهي لا يوثق بها ، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين [ كان ] بعد الفتنة يأبى صحته هذه المقالة كما لا يخفى . ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام ، ويستبعد جداً أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه من الملك بذلك الخاتم ! وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون ؛ لذكره الله تعالى في كتابه )) . قلت : أو نبيه - صلى الله عليه وسلم - في حديثه . والله تعالى أعلم بحقيقة الحال . وقال أبو حيان في (( تفسيره )) ( 7 / 397 ) : (( نقل المفسرون في هذه الفتنة وإلقاء الجسد أقوالاً يجب براءة الأنبياء منها ، وهي مما لا يحل نقلها ، وهي من أوضاع اليهود والزنادقة )) . قال الآلوسي عقبه : (( وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس ، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي . نسأل الله تعالى سلامة ديننا وعقولنا ! ومن أقبح ما فيها : تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض ! الله أكبر ! هذا بهتان عظيم ، وخطب جسيم . ونسبة الخبر إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تسلم صحتها ، وكذا لا تسلم دعوى قوة سنده إليه ، وإن قال بها من سمعت )) . يشير إلى ما كان نقله عن ابن حجر والسيوطي أنهما قالا : (( سنده قوي )) . والحافظ ذكر هذا في (( تخريج الكشاف )) ( 4 / 142 ) . والسيوطي في (( الدر المنثور )) ( 5 / 310 ) ، وهما تابعان في ذلك الحافظ ابن كثير كما تقدم . ولا أوافق الآلوسي في عدم تسليمه بقوة السند ، لأنه الذي يقتضيه علم الحديث والجرح والتعديل ، لا سيما وهو موقوف ، وليس كل موقوف هو في حكم المرفوع كما هو معلوم ، وبخاصة إذا احتمل أنه من الإسرائيليات كهذا ، وهو مما نقطع به ؛ لما فيه من المخالفات للشرع كما تقدم ، وبخاصة أنه صح سنده عن ابن عباس أنه سأل كعباً كما تقدم . ولتمام الفائدة أقول : قال أبو حيان في تمام كلامه السابق : (( ولم يبين الله الفتنة ما هي ، ولا الجسد الذي ألقاه على كرسي سليمان ، وأقرب ما قيل فيه : أن المراد بالفتنة كونه لم يستثن في الحديث الذي قال : (( لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، كل واحدة تأتي بفارس مجاهد في سبيل الله . ولم يقل : إن شاء الله . فطاف عليهن ، فلم تحمل إلا امرأة واحدة وجاءته بشق رجل . . . )) فالمراد بقوله : ** ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ** ؛ هو هذا ، والجسد الملقى هو المولود : شق رجل )) . وهو الذي استظهره الآلوسي وغيره ؛ كالشيخ الشنقيطي - رحمه الله - في (( أضواء البيان )) ( 4 / 77 و 7 / 34 - 35 ) ، وقال بعد أن أشار إلى القصة : (( لا يخفى أنه باطل لا أصل له . . . يوضح بطلانه قوله تعالى : ** إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ** ، واعتراف الشيطان بذلك في قوله : ** إلا عبادك منهم المخلصين ** )) . ( تنبيه ) : لقد ذكر البغوي في (( تفسيره )) ( 4 / 64 ) حديث الترجمة بنحوه بقوله : (( وروي عن سعيد بن المسيب قال : احتجب سليمان عن الناس ثلاثة أيام . . . ( الحديث وفيه : ) وذكر حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه كما روينا )) . فعلق عليه المعلقان اللذان غررا بطلاب العلم بتسويد اسميهما على هذه الطبعة الجديدة من (( التفسير )) بطبعهما تحت اسم المؤلف (( إعداد وتحقيق خالد عبد الرحمن العك . مروان سوار )) ! فقالا : (( وهذا جزء من حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 4 / 176 - 177 - و جـ 5 / 68 - 239 )) . وهذا كذب صرف على (( مسند )) الإمام ، لا أدري والله هل كان ذلك قصداً منهما تشبعاً بما لم يعطيا ، أم هو الغفلة عن التحقيق المدعى والتصحيح ؟ ! لقد حاولت أن التمس لهما عذراً ، فحاولت أن أجد في صفحة التعليق وفي التي بعدها حديثاً مرفوعاً يمكن ربط التعليق به ، والاعتذار عنهما بأنهما أراداه به ، ولكنهما لم يتنبها لخطأ الطابع ، ولكني لم أجد في الصفحتين ما يمكن ربط التعليق به . والله المستعان . __________ (1) ثم وقفت على إسناده في (( تفسير عبد الرزاق )) ( 3 / 165 - 166 ) قال : أخبرنا إسرائيل عن فرات القزاز عت سعيد بن جبير عن ابن عباس . وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . |
5980 - ( لا تَقُولِي هذا يا عائشة ! فإنّها قد أسلمت ، وحسن إسلامها ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 8 / 126 ) : أخبرنا محمد ابن عمر : حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ومعه صفية ؛ أنزلها في بيت من بُيُوت حارثة ابن النعمان ، فسمع بها نساء الأنصار وبجمالها ، فَجِئْنَ ينظرن إليها ، وجاءت عائشة منتقبة حتى دخلت عليها ، فعرفها ، فلما خرجت ؛ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرها ، فقال : " كيف رأيتها يا عائشة ؛ " . قالت : رأيت يهودية ! قال : . . . فذكره . قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ كذاب ، كما تقدم مراراً . وأسامة بن زيد بن أسلم - وهو العدوي مولاهم المدني - ؛ قال الحافظ : " ضعيف من قبل حفظه " . وعطاء بن يسار ؛ تابعي جليل ؛ فالحديث مرسل . وقد روي مَوْصُولًا بإسناد خير من هذا ؛ أخصر منه ؛ فقال مبارك بن فضالة : عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو عروس بصفية بنت حيي ؛ جئن نساء الأنصار ، فأخبرن عنها . قالت : فَتَنَكَّرْت ، وَتَنَقَّبْت ؛ فذهبت ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيني ؛ فعرفني . قالت : فَالْتَفَت ؛ فأسرعت اَلْمَشْي ؛ فأدركني ؛ فاحتضنني ، فقال : " كيف رأيت ؟ " . قالت : قلت : أَرْسِلْ ، يهودية وسط يهوديات ! أخرجه ابن ماجه ( 1980 ) . وَضِعْفه البوصيري في " الزوائد " ( 2 / 118 ) بقوله : " فيه علي بن زيد بن جدعان ؛ وهو ضعيف " . قلت : وفيه علتان أخريان : الأولى : أم محمد هذه ؛ لم يوثقها أحد ؛ حتى ولا ابن حبان ! وبيض لها الحافظ في " التقريب " ، فلم يقل فيها ولا مقبولة ! وذكرها الذهبي في " النسوة المجهولات " . والأخرى : مبارك بن فضالة ؛ قال الحافظ : " صدوق ، يدلس ويسوي " . وهذا الحديث مع حديث عائشة مما حشا به التويجري كتابه الذي سماه ب ل " الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور " ( ص 181 - الطبعة الأولى ) مع السكوت عنها كما يفعل سائر المؤلفين الذين لا علم عندهم بالحديث الشريف ، وكأنهم ينطلقون من القاعدة الغربية الكافرة : " الغاية تبرر الوسيلة " ! وإلا ؛ كيف يستجيزون أن ينسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يعلمون صحته مع علمهم بقوله صلى الله عليه وسلم : " من حَدَّثَ عني بحديث يرى أنه كذب ؛ فهو أحذ اَلْكَذَّابِينَ " . رواه مسلم وغيره . ومن ذلك : ما ذكره عقب الحديث بقوله : " وأخرج ابن سعد أيضاً من طريق عبد الله بن عمر العمري قال : " لما اجتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية رأى عائشة رضي الله عنها منتقبة بين النساء ، فعرفها فأدركها فأخذ بثوبها فقال : كيف رأيت " . قلت : وهذا إسناد واه معضل ، إن كان عبد الله بن عمر العمري هو الراوي ؛ فإنه ضعيف من أتباع التابعين ، ولكن الذي في " ابن سعد " ( 8 / 128 ) : " عمر ابن عبد الله قال " غير منسوب برواية عبد الرحمن بن أبي الرجال ، وهذا لم يذكروا له رواية عن عبد الله بن عمر العمري ، وإنما عن عمر بن عبد الله مولى كفرة ، وهو تابعي ضعيف ، فهو مرسل . فالظاهر أنه انقلب اسمه على بعض الرواة ، فظنه من نقله التويجري عنه أنه العمري ، ولعله الحافظ في " الإصابة " ، فزاد هذه النسبة من عنده ! 6765 - ( إن نساء بني إسرائيل كن يجعلن هذا في رؤوسهن فلُعِنّ، وحُرَّمَ عليهن المساجد. يعني: قُصَّة ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10/ 360/ 10718 )، و "الأوسط " ( 1/ 232/ 256 ) من طريق سعيد بن عفير قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن أبن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بقُصة فقال:... فذكره، وقال: " لم يروه عن عروة عن ابن عباس، إلا أبو الأسود، تفرد به ابن لهيعة " - قلت: وهو ضعيف ؛ لما عرض له من سوء الحفظ - كما هو معروف -، وسائر رواته ثقات. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5/ 169 ): " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات ". ( تنبيه ): زعم الدكتور المعلق على" الأوسط " فقال: "والحديث قد أخرجه البخاري ومسلم بمعناه من حديث معاوية بن أبي سفيان ". قلت: لفظ حديث معاوية: " إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم ". وهو مخرج في " غاية المرام " ( 79 - 80/ 100 ) برواية الشيخين وغيرهما، وليس فيه - كما ترى - جملة المساجد، لا لفظاً ولا معنى، فقول الدكتور:" بمعناه " خطأ ظاهر. والله المستعان. 6814 - ( يا عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ! يَا فَاطِمَةُ! ** جَاءَ (1) نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، "وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَفْوَاجًا , فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ , إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا **، عَلَى أَنَّهُ يَكُونَ بَعْدِي فِي الْمُؤْمِنِينَ الْجِهَادُ. قَالَ علي: عَلامَ نُجَاهِدُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ آمَنَّا؟ قَالَ: عَلَى الإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ إِذَا مَا عَمِلُوا بِالرَّأْيِ وَلا رَأْيَ فِي الدِّينِ، إِنَّمَا الدِّينُ مِنَ الرَّبِّ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ. قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَرَضَ لَنَا أَمْرٌ لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ وَلَمْ يمضِ (2) فِيهِ سُنَّةٌ مِنْكَ؟ قَالَ: تَجْعَلُونَهُ شُورَى بَيْنَ الْعَابِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا تَقْضُونَهُ بِرَأْيِ خَاصَّةٍ، فَلَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لقِدَمِكَ فِي الإِسْلامِ، وقَرابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصِهْرِكَ وَعِنْدَكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ بَلاءِ أَبِي طَالِبٍ، إِيَّايَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى أَنْ أَرْعَى لَهُ فِي وَلَدِهِ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. آثار الوضع عليه لائحة. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "( 11/ 371 - 372/12041 )، ومن طريقه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 65/ 61/ 1 - 2 ) عن إسحاق بن عبد الله بن كيسان: حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر،، نزل عليه: ** إذا جاء نصر الله والفتح ** إلى آخر القصة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ( إسحاق بن عبد الله بن كيسان )، وسبق الكلام عليه وعلى أبيه تحت الحديث الذي قبله. وذكر ثمة تعقب الصدر الياسوفي الضياء المقدسي لإخراجه إياه في " المختارة " بقوله: " هو من رواية إسحاق عن أبيه، وفيهما الضعف الشديد". وأن الحافظ ابن حجر حكم عليه بالوضع، وذلك في أخر ترجمة أبيه ( عبد الله ابن كيسان )، فقال: " وقد ذكرت في ترجمة ابنه ( يعني: في " اللسان " ) حديثاً موضوعاً رواه عن أبيه عن عكرمة عنه". وقال الهيثمي في " المجمع " ( 1/ 180 ): " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه عبد الله بن كيسان: قال البخاري: منكر الحديث ". كذا وقع فيه ( عبد الله... ).. فيحتمل أن يكون سقط من قلمه، أو قلم ناسخه ( إسحاق ) ؛ لأن هذا هو المعروف أن البخاري قال فيه: " منكر الحديت "، ويحتمل أنه لم يسقط، وإنما عنى أباه ( عبد الله بن كيسان )، اعتماداً منه على " الميزان "، وهذا على " كامل ابن عدي " ( 4/ 233 ) ؛ فقد رواه عن البخاري في ترجمة ( عبد الله ) هذا. ولكني أخشى أن يكون وهماً ؛ فإن الحافظ المزي ومن تبعه - فيما علمت - لم يذكروه إلا في ترجمة ابنه ( إسحاق ). وعلى كل حال، فإعلاله بالابن أولى لاتفاق الحفاظ على تضعيفه، بخلاف أبيه ؛ فقد وثقه بعضهم ؛ وإن كان الراجح أنه ضعيف - كما تقدم -. والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا ؛ وجملة ( الشورى )، قد رواها إبراهيم بن أبي الفياض البرقي: حدثنا سليمان بن بزيع الإسكندراني: ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال: قلت: يا رسول الله! الأمرينزل بنا لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض فيه منك سنة ؟ قال: " اجمعوا له العالمين - أو قال: العابدين - من المؤمنين ؛ فاجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد ". أخرجه ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2/ 852 -853/ 1611، 1612 ) وقال: " لا يعرف من حديث مالك إلا بهذا الإسناد، ولا أصل له في حديث مالك ولا في في حديث غيره، وإبراهيم البرقي، وسليمان بن بزيع: ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج بهما، ولا يعول عليهما ". قلت: ونقله الحافظ في " اللسان " في ترجمة ( سليمان بن بزيع )، وقال: " قال أبو سعيد بن يونس: منكر الحديث " ثم نقل عن الدارقطني أنه قال في حديثه هذا: " لا يصح ؛ تفود به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف. وساقه الخطيب في " كتاب الرواة عن مالك " من طريق إبراهيم عن سليمان، وقال: لا يثبت عن مالك ". والمحفوظ في هذا الباب ما جاء في كتاب عمر رضي الله عنه إلى شريح القاضي: "... فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فاقض بما قضى به الصالحون... ". أخرجه النسائي ( 2/ 306 )، والدارمي ( 1/ 60 ) وغيرهما بسند صحيح. __________ (1) كذا الأصل بإسقاط ( إذا )، وكذا في " المختارة " و " المجمع ". (2) الأصل: ( يخصص )، والتصحيح من المصلرين المذكورين. |
1840 - " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت، وحضر الشياطين، فإذا كان بينهما ولد، كان للشيطان فيه شريك ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " كما في ترتيبه (167 / 2) من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن أبي المنيب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن يحيى إلا أبو المنيب الجرشي ولا عنه إلا عبيد الله، تفرد به يحيى ". قلت: وعبيد الله بن زحر وأبو المنيب واسمه عبيد الله بن عبد الله ضعيفان، والأول أشدهما ضعفا. وهذا الحديث أصل ما يقال في بعض البلاد: إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين. قلت: وحرام هذا، قال الشافعي وابن معين فيه: " الرواية عن حرام حرام ". وقال مالك: " ليس بثقة ". ذكره في " الميزان "، ثم ساق له مما أنكرت عليه أحاديث هذا أحدها. لكن فقرة الاستعاذة صحيحة من طرق أخرى، وهي مخرجة في " التعليق على الكلم الطيب " (113 / 164) . والتسمية على الطعام في " صحيح مسلم " (6 / 108) والأمر بغلق الأبو اب عند الشيخين، وهو مخرج في " الإرواء " (39) . 1845 - " إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي، ففعلت، فقال لي جبريل: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤ قصب، بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشددة بالذهب، وجعل سقوفها من زبرجد أخضر، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (267) : حدثنا محمد بن يوسف الضبي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: حدثنا بشر بن الوليد الهاشمي قال: حدثنا عبد النور المسمعي عن شعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال : حدثني مسروق عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. ذكره في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي، وقال: " كان ممن يغلوفي الرفض، لا يقيم الحديث، وليس من أهله ". ثم ساق له هذا الحديث، ثم عقبه بقوله: " وذكر حديثا طويلا لا أصل له وضعه عبد النور ". ولخص الذهبي كلام العقيلي هذا بقوله: " كذاب، وقال العقيلي: كان يغلوفي الرفض، ووضع هذا عن شعبة ... ". وتعقبه الحافظ في " اللسان " فقال: " ولفظ العقيلي: " لا يقيم الحديث، وليس من أهله، والحديث موضوع لا أصل له ". وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " ... وكأنه ما اطلع على هذا الحديث الذي له عن شعبة فإنه موضوع، ورجاله من شعبة فصاعدا رجال الصحيح، فينظر من دون عبد النور، وأما جزم الذهبي بأنه هو الذي وضع هذا موهما أنه كلام العقيلي ففيه ما فيه ". قلت: ليس فيه أي شيء، فإن كلام العقيلي الذي نقلته من كتابه صريح في جزم العقيلي أنه - المسمعي هذا - هو الذي وضع الحديث، واللفظ الذي حكاه الحافظ عن العقيلي، مغاير بعض الشيء لما في نسختنا من الكتاب، فلعل ذلك من اختلاف النسخ، فإن المطبوعة بتحقيق القلعجي لم يرد الحديث فيها، ولا كلام العقيلي المتقدم. ثم إن رجال الإسناد كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب "، غير بشر بن الوليد الهاشمي، فلعله الكندي الفقيه صاحب أبي يوسف، فإنه من طبقته وهو ضعيف من قبل حفظه، ولكني لم أجد من نسبه هاشميا. والله أعلم. والحديث أخرج الطبراني في " الكبير " (3 / 72 / 1) طرفه الأول من طريق إسماعيل بن موسى السدي: أخبرنا بشر بن الوليد الهاشمي به. وقال الهيثمي في " المجمع " (9 / 204) : " ورجاله ثقات "! قلت: وأقره المناوي في " كتابيه " اغترارا بتوثيق ابن حبان، وغفلة منهما عن حكم العقيلي والذهبي بوضعه، وسبقه ابن الجوزي أيضا، فأورده في " الموضوعات " (1 / 415 - 416) من طريق العقيلي، وأقره السيوطي في " اللآلىء " (1 / 396) ، فلم يتعقبه بشيء سوى قوله: " أخرجه الطبراني ". وهذا ليس بشيء كما ترى، فقد أساء بذكره إياه في " الجامع الصغير "! ولعبد النور هذا حديث آخر زاد فيه أشياء خلافا للثقات، وسيأتي إن شاء الله تعالى. 2166 - " إذا تزوج أحدكم، ودخل على أهله، فليضع يده على رأسها، وليقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقني منها، وارزقها مني، واجمع بيننا ما جمعت من خير، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرئيس الثقفي في " الفوائد " (10/7/1) عن مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار المؤذن: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا الأعمش عن شقيق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته الصفار هذا، فإن رجاله كلهم ثقات غيره. قال الدارقطني: " متروك "؛ كما في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث من طريق الثقفي. وقال في " تلخيص المستدرك " عقب حديث في مناقب فاطمة من روايته: " هذا من وضع مسلم بن عيسى ". وسيأتي تخريجه في المجلد الحادي عشر برقم (5027) . 2199 - " إذا أتى أحدكم أهله، فأراد أن يعود فليغسل فرجه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي (7/192) من طريق ليث عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. وضعفه البيهقي بقوله: " وليث بن أبي سليم لا يحتج به ". و (أبو المستهل) لم أجد له ترجمة؛ إلا أن يكون (الكميت بن زيد الأسدي الكوفي) الشاعر المشهور، فهذه كنيته، له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " ( 14/595 - 603) و" تاريخ الإسلام " (8/210 - 213) فإذا كان هو فلم يذكروا له رواية عن عمر، وقد ولد بعد وفاته! وفي " المجمع " (4/295) : " رواه أبو يعلى في " الكبير "، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس "! كذا قال، وليس من عادته أن يخرج لأبي يعلى في " المسند الكبير "، وإنما ذلك في كتابه " المقصد العلي "، والحديث فيه (1/343/777) ، مشيرا إلى ذلك بحرف (ك) كما هي عادته فيه. وقد أشار الحافظ إلى ما ذكرت أيضا في مقدمة " المطالب العالية " (1/4) . وأيضا فقوله: " مدلس " خطأ نبهت عليه مرارا. وعزاه في " الجامع الكبير " (1/31/1) للترمذي أيضا في " العلل "، وأطلق العزوإليه في " الزيادة على الجامع الصغير "؛ كما في " الفتح الكبير " (1/64 ) ، فلم يحسن، لأنه يوهم أنه أخرجه في " السنن "، ولذلك فقد أضعت وقتا كثيرا في البحث عنه فيه، ولكن سدى! 2277 - " إن المؤمن يؤجر في هدايته السبيل، وإماطته الأذى عن الطريق، وفي تعبيره بلسانه عن الأعجمي، وإنه ليؤجر في إتيانه أهله، حتى إنه ليؤجر في السلعة، فتكون في طرف الثوب، فيلتمسها، فيخطئها كفه، فيخفق لها فؤاده، فترد عليه، فيكتب له أجرها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا اللفظ أخرجه ابن نصر في " الصلاة " أو" الإيمان " (224/2) ، والبزار في " مسنده " (1/454/957 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (3473) ، والطبراني في " الأوسط " (4/318/3554 - ط) عن منهال بن خليفة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث ما فرحنا بشيء منذ عرفنا الإسلام فرحنا به. قال: فذكره. وقال الطبراني: " تفرد به المنهال بن خليفة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير المنهال هذا، فقال ابن معين والنسائي: " ضعيف ". وقال البخاري: " فيه نظر ". وشذ البزار فقال: " لا نعلم رواه عن ثابت إلا المنهال، وهو ثقة "! والشطر الأول من الحديث قد جاء مفرقا في أحاديث خرجت بعضها في المجلد الثاني من " الصحيحة " (572 - 577) ، وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد (5/154) ، ورجاله ثقات. 2300 - " ألم أنهكم عن التعري؟ ! إن معكم من لا يفارقكم في نوم ولا يقظة، إلا حين يأتي أحدكم أهله، أوحين يأتي الخلاء، ألا فاستحيوا لها فأكرموها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/462/2) عن الحسن بن أبي جعفر: حدثنا ليث عن محمد بن عمروعن أبيه عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث وهو ابن أبي سليم كان اختلط. والحسن بن أبي جعفر ضعيف، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". 2599 - (إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته، فليأت أهله، فإن البضع واحد، ومعها مثل الذي معها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع بهذا اللفظ أخرجه الخطيب في ترجمة الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب أبي عبد الله البزار يعرف بابن القادسي؛ فقال في " تاريخه " (8/16) : سمعته في " جامع المدينة " يقول: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك - إملاء -: حدثنا محمد بن يونس بن موسى: حدثنا أيوب بن عمر أبو سلمة الغفاري: حدثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ثم أطال في ترجمته بما يؤخذ منها أنه كان يكذب ويحدث بالأحاديث الموضوعة. ومن الغريب أن الذهبي ثم العسقلاني لم يترجما له في كتابيهما. ثم إن محمد بن يونس بن موسى - وهو الكديمي - وضاع أيضا. وأيوب بن عمر الغفاري؛ لم أعرفه. ويزيد بن عبد الملك النوفلي؛ وهو ضعيف. وفي الباب ما يغني عن هذا الحديث فانظر " المشكاة " (3105 و 3108) . 4192 - (كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو نعيم (7/ 138-139) ، والبيهقي (1/ 96) ، وأبو الحسن النعالي في "حديثه" (124/ 2) عن محمد بن يونس بن موسى القرشي، عن خالد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. ومن هذا الوجه؛ رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" (13/ 138/ 2) ، وابن عدي (316/ 2) وقال: "ومحمد بن يونس الكديمي كان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخاً لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخاً حتى يقول: حدثنا شاصويه بن عبيد ... ". وقال البيهقي: "والكديمي أظهر من أن يحتاج إلى أن يبين ضعفه". قلت: وشيخه المخزومي قريب منه؛ فقد قال الحافظ: "متروك". وقد توبع؛ فقد قال أبو نعيم عقبه: "تفرد به عن الثوري خالد وعلي بن حيان المخزومي". ثم ساقه من طريق إبراهيم بن راشد: حدثنا علي بن حيان الجزري: حدثنا سفيان الثوري به. وعلي بن حيان هذا؛ لم أجد من ذكره. وإبراهيم بن راشد؛ قال الذهبي: "وثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي". وبالجملة؛ فالحديث لم يتفرد به الكديمي فهو بريء العهدة منه، والعلة من شيخه المتروك، وعلي بن حيان المجهول. 5978 - (إذا جامع أحدكم؛ فليستتر، ولا يَتَجَرَّدَا تجرُّد البعيرين) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (8 / 194) : أخبرنا محمد ابن عمر: حدثني الثوري، عن عاصم الأحول عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. قلت: وهذا مرسل موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ وهو كذاب. وقد روي بسند أحسن حَالًا من هذا بلفظ: " إذا أتى أحدكم أهله؛ فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين ". أخرجه ابن ماجه.، وقد تكلمت على إسناده في " الإرواء " (2009) ، و" آداب الزفاف " (ص 109 - طبعة المكتبة الإسلامية / عمان) . وقد سرقها أحدهم وحذف منها ما شاء له هواه! ، وكان من قبل ينكر ذلك على غيره! والله المستعان. والحديث؛ أورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 50) بهذا اللفظ؛ إلا أنه أظهر المفعول به فزاد: " أهله ". فقال العراقي في تخريجه - وأقره الزبيدي في " شرحه " (5 / 372) -: " أخرجه ابن ماجه من حديث عتبة بن عبد بسند ضعيف ". قلت: عزوه إلى ابن سعد أولى؛ لأن لفظه أقرب إلى لفظ " الإحياء " من لفظ ابن ماجه كما ترى. ولقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث أنني رأيت أحد المتعالمين في هذا العصر قد نقل هذا الحديث من " الإحياء " في كتابه الذي أسماه " فقه النظر في الإسلام " (ص 108) ! ولا علم عنده ولا فقه؛ سوى مجرد النقل، مع كتم العلم الصحيح! يدلّك على هذا جزمه بنسبة هذا الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون أي عزو لأحد، أو بيان لحاله، وهو يعلم تضعيف الحافظ العراقي لإسناده كما تقدم! أفلا يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدّث عَنِّي بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد اَلْكَذَّابِينَ ". رواه مسلم. ويأتي له حديث آخر نحوه بعد قليل برقم (6075) . 6194 - (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يجامع أهله في كل جمعة؛ فإن له أجرين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته؟) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو نعيم في "الطب " (ق 79/2) ، والبيهقي في "الشعب " (3/98/2991) ، والديلمي في "مسند الفردوس " (1/180/1 - الغرائب الملتقطة) عن بقية بن الوليد عن يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: بكير بن فيروز - وهو: الرهاوي -: بيَّض له الذهبي في "الكاشف "، وقال الحافظ في "التقريب": " مقبول". قلت: يعني: عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً. ثم استدركت؛ فقلت: لا ينبغي أن يعل به الحديث، فقد روى عنه جمع من الثقات، منهم: زيد بن أبي أنيسة، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود - وهو أكبر منه -، ونافع مولى ابن عمر - وهو من أقرانه - وغيرهم، وقد وثقه ابن حبان (4/76) ؛ فهو صدوق، وحسّن له الترمذي، فانظر! الصحيحة" (2335) . الثانية: يزيد بن سنان - وهو: الجزري، أبو فروة الرهاوي -: قال النسائي: "متروك الحديث ". وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ". وقد تقدمت له أحاديث أحدها موضوع (2/165/740) . الثالثة: بقية بن الوليد: فإنه مدلس، وقد عنعنه، وبه أعله البيهقي فقال: "في روايات بقية نظر". وكان الأولى به أن يعله بشيخه؛ فإنه أشد ضعفاً منه - كما لا يخفى على العارفين بهذا العلم -. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1/274) لابن السني أيضاً في "الطب ". أما في "الجامع الكبير" فقال: "رواه البيهقي في " الشعب " وضعفه، والديلمي ". 6341 - (نهى أن يُجامِعَ الرجُلُ أهلَه وفي البيتِ معه أَنيسٌ، حتى الصبيُّ في المَهْدِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (200/437) من طريق الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عمر قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واهٍ جداً، آفته الفرات هذا: قال البخاري: "تركوه، منكر الحديث ". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/207) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات". قلت: ومن أحاديثه بهذا الإسناد: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله". وقد مضى برقم (1821) . |
999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " (4 / 77 / 2 مصورة الجامعة الإسلامية) قال: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال: فذكر الحديث وقال: " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي، وقال: " وعنه بقية بـ (عن) ، قال الدارقطني: ضعيف ". وكذا في " اللسان " لكن لم يقع فيه: بـ (عن) ". والمقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا، ويشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " (ص 50) قال: وذكر ابن أبي داود قال: أخبرنا ابن المصفى: حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به مختصرا بلفظ: " ليس في القبلة وضوء ". وقد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه التي صرح فيها بقية بالتحديث، ولعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله: " بـ (عن) ". والله أعلم. والحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 73) من رواية ابن راهويه كما ذكرته، دون قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا " وسكت عليه ولم يكشف عن علته وتبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " (ص 20) وكان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا وبيان علته وإن كان معنى الحديث صحيحا كما يأتي في الذي بعده، ففي هذا الحديث - ومثله كثير - لأكبر دليل على جهل من يزعم أنه ما من حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحا وتضعيفا! ثم إن قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". فالذي يظهر لي - والله أعلم - أنه يعني أن الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا منه، لا قولا، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، كما يأتي في الحديث الذي بعده، كما كان يقبلها وهو صائم. (1) فأخطأ الراوي، فجعل ذلك كله من قوله صلى الله عليه وسلم. وهو منكر غير معروف. والله أعلم. __________ (1) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة (219 - 221) و" الإرواء " (916) . اهـ. 1000 - " توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل، قاله لمن قبل امرأة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الترمذي (4 / 128 - تحفة) والدارقطني في " سننه " (49) والحاكم (1 / 135) والبيهقي (1 / 125) وأحمد (5 / 244) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل: " أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل وقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل، قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " الآية، فقال: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة ". وقال الترمذي: " هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ومعاذ مات في خلافة عمر وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وبهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه: " وفيه إرسال، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل ". وأما الدارقطني فقال عقبه: " صحيح ". ووافقه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي، فهو ضعيف الإسناد. وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في " الصحيحين " و" السنن " و" المسند " وغيرها من طرق وأسانيد متعددة، وليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة. والله أعلم. وأما قول أبي موسى المديني في " اللطائف " (ق 66 / 2) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد: " هذا حديث مشهور، له طرق ". فكأنه يعني أصل الحديث، فإنه هو الذي له طرق، وأما بهذه الزيادة فهو غريب، ومنقطع كما عرفت، والله أعلم. إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء، كما فعل ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 113) وذلك لأمور: أولا: أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة. ثانيا: أنه لوصح سنده، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال: انتفض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ: " ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له ". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع، كما بينته في " تخريج المختارة " (رقم 7) . ثالثا: هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص، لأن الحالة التي وصفها، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء، لا من أجل مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهو ة أو بغير شهو ة، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ. أخرجه أبو داود وغيره، وله عشرة طرق، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 170 - 173) وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهو ة عادة، والله أعلم. 1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، وما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 251 - 252) عن محمد ابن القاسم الأسدي: نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد وقال: " أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ". وأبو صالح هو باذام وهو ضعيف. والشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين ولكنهما واهيان كما بينته في " آداب الزفاف " (ص 32 - الطبعة الثانية) وذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل على بطلانه. وأما الشطر الأول، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي: كيف شئتم. فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان، لا يعقل هذا التضييق الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى. 2662 - (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة، أو في غداة باردة فذهبت ثم جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف، فطرح علي طرف ثوبه [فصرنا ثلاثة] ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الحاكم (3/364) ، والبزار (3/212/2595) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/611/1394) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/374) من طرق عن إسحاق بن إدريس: حدثنا أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: فذكره. والسياق للبزار، وقال: " لا نعلم له إسنادا غير هذا، ولا تابع إسحاق عليه أحد ". قلت: وهوالأسواري، قال البخاري: " تركه الناس ". وتبنى هذا الذهبي في " المغني ". وفي " الميزان ": " وقال يحيى بن معين: كذاب يضع الحديث ". ومع هذا قال الحاكم عقب الحديث: " صحيح الإسناد "! والظاهر أنه خفي عليه حال الأسواري هذا، لكن الغريب أن الذهبي أقره ولم يتعقبه بشيء! والأعجب من ذلك أن الزيادة في آخر المتن هي عند الحاكم من طريق محمد بن سنان القزاز، قال الذهبي في " المغني ": " رماه بالكذب أبو داود وابن خراش ". والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9/152) : " رواه البزار، وفيه إسحاق بن إدريس، وهو متروك ". وأما ما نقله الدكتور محفوظ الرحمن في تعليقه على " البحر الزخار" (3/184) عن الهيثمي أنه قال في نفس الموضع الذي أشرت إليه: " رواه البزار، وإسناده حسن "! فهو وهم محض، سببه أنه انتقل بصره حين النقل عنه إلى قول الهيثمي عقب الحديث الذي يلي هذا عنده مباشرة، وهو قوله: " وعن ابن عمر: أن الزبير استأذن عمر في الجهاد؟ فقال: اجلس فقد جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البزار، وإسناده حسن ". على أن هذا التحسين غير مسلم، لأن البزار أخرجه عقب حديث الترجمة برقم (2596) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر، وهذا إسناد معروف ضعفه، وهو إسناد حديث: " اللهم بحق السائلين عليك. . . " المتقدم تخريجه وبيان ضعفه في المجلد الأول برقم (24) ، والرد في مقدمته على الشيخ إسماعيل الأنصاري، الذي انتصر لشيخ الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالباطل، والاعتداء على المؤلف ببهته والافتراء عليه، وتكلف تكلفا ظاهرا في تقويه الحديث، فراجعها فإنها مهمة. نعم لحديث ابن عمر هذا طريق آخر يرويه قيس بن أبي حازم: أن الزبير استأذن عمر. . . فذكره. أخرجه البزار أيضا (2597) ، وهو في " مسند عمر " من " البحر الزخار " (1/466/332) وقال: " وهذا الإ سناد أحسن من إسناد حديث فضيل ". وقال الحافظ عقبه في " مختصر الزوائد " (2/324) : " قلت: وأصح، بل هو صحيح مطلقا ". وهو كما قال رحمه الله. ورواه حبلة بن سحيم عن عبد الله بن عمر به، وأتم منه. أخرجه ابن عساكر (6/380) ، وفيه رجل لم يسم. ثم رأيت حديث الترجمة في " العلل " لابن أبي حاتم (2/371) وقال عقبه: " قال أبو زرعة: لا أعلم رواه غير إسحاق بن إدريس، وهو واه ". 4166 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه يأتيها من وراء الحجاب فيقول: يا بنية! إن فلاناً قد خطبك، فإن كرهتيه فقولي: لا؛ فإنه لا يستحي أحد أن يقول: لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الطبراني (1/ 5/ 1) ، وابن عدي (7/ 261-262) عن يزيد ابن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد عن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل يزيد هذا - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ: "لين الحديث". وقد روي مرسلاً؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 4/ 1) و (4/ 136 - ط) : حفص، عن ابن جريج، عن عطاء مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق (6/ 144) عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني به. فهو معضل. ورواه ابن عساكر (4/ 289/ 1) عن بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم - يعني: ابن أدهم -: حدثني أبي أدهم بن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به دون قوله: "فإن كرهتيه ... ". قلت: وأدهم بن منصور؛ لم أجد له ترجمة، وسائر رجاله موثقون. ورواه عبد الرزاق (6/ 141-142) ، والبيهقي (7/ 123) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره. قلت: وهذا مرسل؛ المهاجر هذا؛ تابعي مجهول الحال. وقد وصله أبو الأسباط، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قالا: فذكره نحوه. أخرجه البيهقي وقال: "المحفوظ من حديث يحيى، مرسل". قلت: وكل هذه الروايات ليس فيها قوله: "فإن كرهتيه فقولي: لا ... " إلخ، فدل على نكارته. وحديث أبي هريرة قد جاء بإسناد آخر خير من هذا، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2973) . 4198 - (كان إذا زوج أو تزوج نثر تمراً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه البيهقي في "السنن" (7/ 287-288) عن عاصم بن سليمان: أخبرنا هشام بن عروة، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال البيهقي: "عاصم بن سليمان؛ بصري رماه عمرو بن علي بالكذب، ونسبه إلى وضع الحديث". وقال الساجي وابن عدي: "يضع الحديث". وقال الطيالسي: "كذاب". وروى البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمرو: أخبرنا القاسم بن عطية، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر". وقال: "الحسن بن عمرو - وهو ابن سيف العبد ي -؛ بصري عنده غرائب". قلت: بل هو شر من ذلك؛ فقد كذبه ابن المديني، وقال البخاري: "كذاب". وقال الرازي: "متروك". وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه متروك. 5923 - (كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه لم يأتها حتى تبرأ عينها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه أبو نعيم في ((الطب)) (ق 49 / 1) عن إسحاق بن محمد بن مروان: ثنا أبي: ثنا حصين بن مخارق عن الأعمش عن أبي صالح عن أم سلمة قالت:. . . فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته حصين بن مخارق، كنيته أبو جنادة؛ قال ابن حبان في ((المجروحين)) (3 / 155) : ((روى عن الأعمش ما ليس من حديثه، لا يجوز الرواية عنه)) . وقال الدارقطني: ((يضع الحديث)) . وإسحاق بن محمد بن مروان، لم أجد له ترجمة. وأما أبوه محمد بن مروان؛ فأظنه السدي الأصغر، وهو معروف بالوضع، وقد تقدم له أحاديث. وكنت قديماً حكمت على الحديث بالوضع من حيث معناه، مع تفرد أبي نعيم به. والآن قد وافق ذلك النقد الحديثي العلمي لمبناه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. 5992 - (فتنة سُلَيْمَان عليه السلام: أنه كان في قومه رجل كعمر ابن الخطاب في أمتي، فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه؛ أرسل إلى أفاضل نسائه فقال: هل تنكرن من صاحبكن شيئاً؛ قلن: نعم؛ كان لا يأتينا حيضاً، وهذا يأتينا حيضاً. فاشتمل على سيفه ليقتله، فردّ اَللَّه على سليمان ملكه، فأقبل، فوجده في مكانه، فأخبره بما يريد) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل . أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال: إنه كان في قومه. . . اَلْحَدِيث. كذا في " الدر المنثور " (5 / 312) . فأقول: قوله: " رضي الله عنه "؛ يوهم أن عبد الرحمن بن رافع صحابي؛ لأن الترضي في اصطلاح العلماء خاص بالصحابة رضي الله عنهم، وهذا ليس منهم، فلعله من بعض الناسخين ل " الدر ". ثم إن عبد الرحمن هذا مع كونه ليس صَحَابِيَّا فهو مُتَكَلِّم فيه، وترجمته في " الميزان " و " التهذيب "، وهو التنوخيّ؛ قال البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 1 / 280) " حديثه مناكير ". قلت: وهذا الحديث مع كونه من بلاغاته لم يسنده إلى أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهو منكر جِدًّا؛ لما فيه من تمثل الشيطان من الجن في صورة سليمان عليه السلام، وإتيانه لنسائه وهن حيض! ! ومن الغريب أنه رويت في ذلك آثار كثيرة موقوفة في فتنة سليمان عليه وعلى أبيه السلام فسّروا بها قوله تعالى: (ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيّه جسداً ثم أناب! ، فقيل: إن الجسد هو هذا الشيطان، جلس على كرسي سليمان يحكم بين الناس أَيَّامًا وهم لا يشعرون أنه شيطان، حتى رابهم منه شيء وكان أخذ خاتم سليمان من إحدى زوجاته، وكان ملكه في خاتمه، فلما وضعه في يده؛ خضع له الإنس والجن، فلما رابهم أمره؛ ساعيوا نساءه عنه؛ فأجبن بما في الحديث أنه يأتيهن في حالة الحيض، فثاروا عليه، فهرب وسقط منه الخاتم في البحر، فالتقمته سمكة، فوقعت في يد سليمان الذي كان خرج إلى ساحل البحر ليعتاش! فلما شق بطنها؛ وجد الخاتم، فوضعه في إصبعه، فعاد إليه ملكه! في قصة طويلة، عزاها السيوطي للنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، وقوى السيوطي إسنادها تَبَعًا لابن كثير وابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 142) ! لكن ابن كثير استدرك فقال: " ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه، ولهذا كان في هذا السياق منكرات، ومن أشدها ذكر النساء. وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف؛ كسعيد بن المسيّب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب ". وذكر نحوه في تاريخه " البداية " (2 / 26) . فإن قيل: فما معنى الآية المتقدمة؛ والجواب: ما قاله العلامة الآلوسيّ في " تفسيره " (23 / 198) : " أظهر ما قيل في فتنته عليه السلام أنه قال: " لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل إلا امرأة، وجاءت بشق رجل ". رواه الشيخان عن أبي هريرة مَرْفُوعًا. فالمراد بالجسد ذلك الشق الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه: وضع القابلة له عليه؛ لِيَرَاهُ ". وذكر نحوه ابن حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط " (7 / 397) . ثم قال الآلوسيّ بعد أن ساق القصة من رواية ابن عباس: " قال أبو حيان وغيره: إن هذه المقالة من أوضاع اليهود والزنادقة، ولا ينبغي لعاقل أن يعتقد صحة ما فيها، وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي؟ ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي، نسأل الله سلامة ديننا وعقولنا، ومن أقبح ما فيها زعم تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض! الله أكبر، هذا بهتان عظيم، وخطب جسيم ا! وجاء عن ابن عباس برواية عبد الرزاق وابن المنذر ما هو ظاهر في أن ذلك من أخبار كعب، ومعلوم أن كَعْباً يرويه عن كتب اليهود، وهي لا يوثق بها، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين بعد الفتنة يأبى صحة هذه المقالة كما لا يخفى. ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام، ويستبعد جِدًّا أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه عليه السلام من الملك بذلك الخاتم، وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون؛ لذكره الله عز وجل في كتابه. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال ". قلت: وقد روي في حديث مرفوع ما يوافق تفسير قوله: (جَسَدًا) بأنه ولد سليمان عليه السلام، ولكنه حديث منكر، أو موضوع. اقتصر السيوطي على تضعيف إسناده في " الدر "، ووافق ابن الجوزيّ على وضعه في " اللآلئ "، وهو الأقرب كما ستراه عقب هذا. 6579 - (كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانسلَّ، فظننت أنما انسل إلى بعض نسائه، فخرجتُ غيري، فإذا أنا به ساجدٌ كالثوب الطريح، فسمعته يقول: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، ربَّ! هذه يدي وما جنبيت به على نفسي، يا عظيمُ! ترجى لكل عظيم، فأغفر الذنبي العظيم. قالت: فرفع رأسه فقال: ما أخرجك؟ قالت: ظنٌّ ظننتُه! قال: إن بعض الظن إثمٌ، واستغفري الله! إن جبريل أتاني فأمرني أن أقول هذه الكلمات التي سمعت، فقوليها في سجودك، فإنه من قالها، لم يرفع رأسه حتى يُغفر - أظنه قال: - له) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً. أخرجه أبو يعلى (8/121 -122) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/116) ، وابن عدي (6/240) من طريق محمد بن عثيم أبي ذر قال: حدثني عثيم عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عائشة قالت: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مسلسل بالعلل: الأولى: محمد بن عثيم: وفي ترجمته ساقه العقيلي من مناكيره، وروى عن ابن معين أنه قال فيه: "كذاب". وعن البخاري أنه قال: "منكر الحديث". وضعفه آخرون. الثانية: أبوه (عثيم) : والظاهر أنه الذي في "التهذيب": (عثيم بن كثير ابن كليب الحضرمي) ، ولكنهم لم يذكروا في الرواة عنه ابنه محمداً هذا، وهم ثلاثة ليس فيهم موثق، غير عبد الله بن منيب، ولذلك قال الحافظ: "مجهول". وقال الذهبي: "لا يدرى من هو؟ ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/303) ! وقد أشار الذهبي في "الكاشف" إلى تليين توثيقه. الثالثة: عثمان بن عطاء: ضعيف، ضعفه الدارقطني وغيره. الرابعة: أبوه عطاء - وهو: ابن أبي مسلم الخاراساني -، لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، على انه مدلس. وله عنها طريق أخرى: فقال الطبراني في "الدعاء" (2/1071 -1072) : حدثنا بكر بن سهل: ثنا عمرو بن هاشم البيروتي: ثنا سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها مطولاً وفي آخره ذكر ليلة النصف من شعبان. ومن هذا الوجه رواه ابن الجوزي في "العلل" (2/67 -68) وقال: " لا يصح. قال ابن عدي: أحاديث سليمان بن أبي كريمة مناكير". وأقره الحافظ في "التلخيص" (1/254) . وبكر بن سهل: قال الذهبي: "حمل الناس عليه، وهو مقارب الحال. قال النسائي: ضعيف". وفي "اللسان": "وقال مسلمة بن قاسم: تكلم الناس فيه، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن ... (ساق إسناده) عن مسلمة بن مخلد رفعه: (أعروا النساء يلزمن الحجال) "، وقد مضى تخريجه برقم (2827) . وإن مما يؤكد نكارة هذا الحديث ما أشار إليه العقيلي بقوله عقبه: "يروى من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ". ويعني: ما رواه أبو هريرة عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فلمست المسجد، فإذا هو ساجد، وقدماه منصوبتان، وهو يقول: "اللهم! إني أعوذ برضاك من سخطك ... ". الحديث. أخرجه مسلم وغيره من أصحاب "الصحاح" و "السنن" وغيرهم، وهو مخرج في "صفة الصلاة" (147/12) ، و "صحيح أبي داود" (823) . 52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أوساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أورده الغزالي (2 / 195) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه الحافظ العراقي: رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه. قلت: ولفظه كما في " الفردوس " (3 / 558) : " من ساء خلقه من إنسان أو دابة، فأذنوا في أذنيه ". 53 - " عليكم بدين العجائز ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له. كذا قال في " المقاصد " وذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (7) وأورده الغزالي (3 / 67) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه العراقي: قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " (رقم 511) : تداوله العامة، ولم أقف له على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة ولا سقيمة، حتى رأيت حديثا لمحمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ثم ذكر الحديث الآتي: 54 - " إذا كان في آخر الزمان، واختلفت الأهواء، فعليكم بدين أهل البادية والنساء ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. قال ابن طاهر: وابن البيلماني (يعني الذي في سنده) له عن أبيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها. قال الحافظ العراقي: وهذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " في ترجمة ابن البيلماني. قلت: من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 271) ومنه تبين أن فيه علة أخرى، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث الحارثي وهو ضعيف، وفي ترجمته أورد الحديث ابن عدي (297 / 2) وقال: وعامة ما يرويه غير محفوظ، ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، محمد بن الحارث ليس بشيء، وشيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة، وإنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز. وأقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1 / 131) وزاد عليه فقال: قلت: محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه، وقال في " الميزان ": هذا الحديث من عجائبه. قلت: الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث، فإن هذا قد وثقه بعضهم، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه، وقد أشار إلى ما ذهبت إليه بعض الأئمة، فقال الآجرى: سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال: بلغني عن بندار قال: ما في قلبي منه شيء، البلية من ابن البيلماني، وقال البزار: مشهور ليس به بأس، وإنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني. فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني وبه أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم، وكذا السخاوي في " المقاصد "، وقال الشيخ علي القاري: حديث موضوع. ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن البيلماني، ومع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع؟ ! وقد أقرهما على ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " (136 / 1) فإنه أورده في " الفصل الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه كما نص عليه في المقدمة. 147 - " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 191) ومن طريقه ابن الجوزي (2 /277) في ترجمة عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال: عمرو كان يروي المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الأثبات. قلت: وهو كذاب وقد تقدم له أحاديث، وجويبر ضعيف جدا وتقدم له شيء، وبهذا أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح. والحديث أورده الصغاني في " الموضوعات " (ص 8) . وأقر ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 179) فالعجب منه كيف أورده من رواية ابن عدي في " الجامع الصغير " الذي اشترط في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع! وأعجب من هذا استدراك الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 304) على حكم الصغاني عليه بالوضع بقوله: لكن عزاه في " الجامع الصغير " لابن عدي بسند ضعيف عن علي! وكيف لا يكون هذا الحديث موضوعا، وقد طلق جماعة من السلف بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟ ! . 195 - " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 271) من رواية ابن عدي (44 / 1) عن هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، ثم قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: كان بقية يروي عن كذابين ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه، وهذا موضوع. قال السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) : وكذا نقل ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر: لكن ذكر ابن القطان في " كتاب أحكام النظر " أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال: حدثنا ابن جريج، فما بقي فيه إلا التسوية، قال: وقد خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد، انتهى. والحديث أخرجه البيهقي في " سننه " من الطريقين التي عنعن فيها بقية والتي صرح فيها بالتحديث، والله أعلم. قلت: وكذلك رواه ابن عساكر (13 / 295 / 2) وكذا ابن أبي حاتم (2 / 295) عن أبيه عن هشام عن بقية حدثنا ابن جريج به، ساقه ابن أبي حاتم بعد أن روى بهذا الإسناد حديثين آخرين لعلنا نذكرهما فيما بعد، وأشار إلى أن تصريح بقية بالتحديث خطأ من الراوي عنه هشام فقال: وقال أبي: هذه الثلاثة الأحاديث موضوعة لا أصل لها، وكان بقية يدلس، فظن هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا، ولم يفتقدوا الخبر منه، وأقره الذهبي في " الميزان " وجعله أصل قوله في ترجمة هشام: يروي عن ثقات الدماشقة، لكن يروج عليه، وكأنه لهذا تبع ابن الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع ابن دقيق العيد صاحب " الإمام " كما في " خلاصة البدر المنير " (118 / 2) ، وقال عبد الحق في " أحكامه " (143 /1) لا يعرف من حديث ابن جريج، وقد رواه ابن عساكر في مكان آخر (18 / 188 / 1) من طريق هشام بن عمار عن بقية عن ابن جريج به، فلا أدري هذه متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد، أم أن قوله: عمار محرف عن خالد كما أرجح، ومنه تعلم أن قول ابن الصلاح: إنه جيد الإسناد غير صواب وإنه اغتر بظاهر التحديث ولم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبهنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله خيرا. ومن الغرائب أن ابن الصلاح مع كونه أخطأ في تقوية هذا الحديث فإنه فيها مخالف لقاعدة له وضعها هو لم يسبق إليها، وهي أنه انقطع التصحيح في هذه الأعصار فليس لأحد أن يصحح! كما ذكر ذلك في " مقدمة علوم الحديث " (ص 18 بشرح الحافظ العراقي) بل الواجب عنده الاتباع لأئمة الحديث الذين سبقوا! فما باله خالف هذا الأصل هنا، فصحح حديثا يقول فيه الحافظان الجليلان أبو حاتم الرازي وابن حبان: إنه موضوع؟ ! وخالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه ". والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ ! اللهم لا، ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، أخرجه الشيخان وغيرهما، فإن الظاهر من هذا الحديث جواز النظر، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، قال الحافظ في " الفتح " (1 / 290) : وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث. 196 - " إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى، ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أورده ابن الجوزي (2 / 271) من رواية الأزدي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الأزدي: إبراهيم ساقط، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) بقوله: قلت: روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان " قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط، قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا، انتهى. قال الخليل في " مشيخته ": هذا الحديث تفرد به محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو شامى يأتي بمناكير. قلت: فهذا هو علة الحديث قال فيه الذهبي: متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث، ونقل في " اللسان " عن الدارقطني أنه قال: متروك الحديث، وعن العقيلي قال: في أحاديثه عن مسعر عن المقبري حديث منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه وهو مجهول. قلت: ونحوه في " كامل ابن عدي " (6 / 2261) ، والحديث في " الجامع " أيضا ثم ساق له السيوطي شاهدا وهو: 197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. أخرجه ابن عساكر (5 / 700) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأو يسي الأصل عامر وهو خطأ حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره قلت: وأورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 170 - 171) شاهدا للحديث المتقدم من رواية ابن عساكر وسكت عنه وله علل أربع: الأولى: الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل: له رؤية. الثانية: زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب ": رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، قال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه وفي " الميزان "، قال الترمذي في " العلل ": سألت البخاري عن حديث زهير هذا فقال: أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع وليس هذا عندي زهير بن محمد. قلت: وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه. الثالثة: خيران بن العلاء، ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان وقد أشار لهذا الذهبي حين قال في ترجمته: وثق، له خبر منكر، لعل ذلك من شيخه يعني زهير بن محمد ولعله عنى هذا الحديث، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن فوق خيران أو من دونه أولى، لأنه قد روى عنه ثمانية، وأثنى عليه الأوزاعي، وهو من شيوخه، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع ". الرابعة: أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة. ويبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " (9 / 244) ، لأنه أعلى طبقة من هذا بدرجتين، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري، والله أعلم. وبالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة والخبر منكر والله أعلم. 759 - " أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه النسائي في " حديثه " (132 / 2) وابن عساكر في " تاريخه " (15 / 325 / 2) من طريقين عن بقية بن الوليد عن أبي يعقوب المدني عن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده. وقال ابن عساكر: " غريب جدا ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو يعقوب المدني لم أعرفه، فهو من شيوخ بقية المجهولين الذين كان يدلسهم، قال ابن معين: " إذا لم يسم بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا ". وقال ابن المبارك: " نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء، ويسمي الكنى "! وعبد الله بن الحسين لم أعرفه، ولا نعلم للحسين بن علي بن أبي طالب ابنا اسمه عبد الله و (الحسين) كذلك وقع في الطريقين، ولعله خطأ من بعض الرواة أو النساخ، ويؤيده أن الحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (ج 73 / 258 / 1) والديلمي (1 / 1 / 166) من طريق عمرو بن جميع عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعا. وعلى هذا فالحديث من مسند الحسن بن علي بن أبي طالب لا من مسند علي، فإن عبد الله هذا هو ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة مأمون، لكن الراوي عنه عمرو بن جميع كذاب: قد وجدت له طريقا أخرى عن الحسين عن علي رضي الله عنهما، فقال الدنيوري في " المجالسة " كما في " المنتقى منها " (21 / 2 نسخة حلب) : حدثنا محمد بن الحسين حدثني علي بن الحسين بن موسى عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وهذا إسناد ساقط من دون موسى (وهو ابن عبد الله بن حسن المتقدم) لم أعرفهم، لكن الدينوري نفسه متهم واسمه أحمد بن مروان، قال الذهبي: " اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وصرح الدارقطني في " غرائب مالك بأنه يضع الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي عن علي، وابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " عن عبد الله بن الحكم عن أبيه عن جده. ولم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال: " رمز المصنف لضعفه ". وقد عرفت أنه ضعيف جدا من طريق ابن عساكر، وباطل من الطريقين الآخرين، وقوله " عبد الله بن الحكم " أظنه تصحيف من " عبد الله بن الحسن " كما سبق في رواية أبي بكر الشافعي، وكذلك هو في " الجامع الكبير " (1 / 90 / 1) لكن وقع فيه " ... ابن أبي الحسن "! . 1100 - " فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وكانت زوجته عونا له على خطيئته ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " (ق 233/1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (3/331) والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج2 باب ما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر: حدثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو جعفر هذا، وهو القلانسي البغدادي، قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: كذاب. فمن أباطيله ... " قلت: فذكر له أحاديث هذا أحدها. قلت: إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني وغيره. وقال ابن عدي: " عامة حديثه منكر المتن والسند ". وقال أبو حاتم: " شيخ ". وقال ابن معين: " كذاب خبيث ". كذا في " الميزان ". قلت: وقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورد فيه هذا الحديث الباطل من رواية البيهقي وحده في " الدلائل "، فتعقبه المناوي بالقلانسي وقول الذهبي فيه. وفاتته العلة الأخرى وهي ابن صرمة هذا. وأما في " التيسير " فقال: " وفيه كذاب ". 1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا أومسخا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي (2/33) والخطيب (3/158) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال: " حديث غريب، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه ". قلت: وفي ترجمته من " الميزان ": " وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن حديثه هذا؟ فقال: باطل، فقلت من فرج؟ قال: نعم، ومحمد هو ابن الحنفية ". وفي " فيض القدير ": " وقال العراقي والمنذري: ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وقال الذهبي: منكر، وقال ابن الجوزي: مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وقد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه، وهو الآتي بعده: 1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء، واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم ضعفا، والكذب صدقا، والحرير لباسا، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت الفجأة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر القذف، وكان المطر قيظا، والولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام غيضا، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة ، والقراء فسقة، إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء - يعني الدنانير - وتطلب البيضاء - يعني الدراهم - وتكثر الخطايا، وتغل الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنائر، وخربت القلوب، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربتها، وترى الحفاة العراة، وقد صاروا ملوكا، وشاركت المراة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة، واتخذ المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وكان زعيم القوم أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق ، واتخذ الظلم فخرا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير، وجلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا ( كذا) عند ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وآيات ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/358) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا. قال أبو نعيم: " غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن فضالة ". قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ العراقي (3/297) ، وفيه علة أخرى وهي الانقطاع، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا (3/356) : " أرسل عن أبي الدرداء وحذيفة وغيرهم ". وللفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا. والحديث مما فات السيوطي والمناوي فلم يورداه في " جامعيهما ". 1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى، فأنا قلته، وبه أرسلت ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي (41/1) عن البختري بن عبيد: حدثنا أبي: حدثنا أبي هريرة مرفوعا. وقال: " البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين حديثا عامتها مناكير ". ثم ذكر له ثلاثة منها، هذا أحدها. قلت: وقال أبو نعيم الأصبهاني: " روى عن أبي هريرة موضوعات ". وكذا قال الحاكم والنقاش كما سبق في " سيكون أناس.. ". ولا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم أوعلى الأقل جواز روايتها ونسبتها إليه إذا كان معناها مما يرضي الله عز وجل! ولعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم ويقولون: نحن لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نكذب له! كما قال بعض الكرامية! ومن هذا القبيل ما يأتي: |
1713 - " أتدرين ما حديث خرافة؟ إن خرافة كان رجلا من بني عذرة فأصابته الجن فكان فيهم حينا، فرجع إلى الإنس، فجعل يحدثهم بأشياء تكون في الجن، وبأعاجيب لا تكون في الإنس، فحدث أن رجلا من الجن كانت له أم، فأمرته أن يتزوج، فقال: إني أخشى أن يدخل عليك من ذلك مشقة أوبعض ما تكرهين، فلم تزل به حتى زوجته، فتزوج امرأة لها أم، فكان يقسم لامرأته ولأمه، ليلة عند هذه، وليلة عند هذه، قال: وكانت ليلة امرأته، فكان عندها، وأمه وحدها، فسلم عليها مسلم، فردت السلام ثم قال: هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: فهل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: فهل من محدث يحدثنا؟ قالت: نعم، أرسل إلى ابني يحدثكم، قال: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: هذه إبل وغنم ... ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. ابن أبي الدنيا في " ذم البغي " (34 / 1 - 2) عن عثمان بن معاوية عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، عثمان بن معاوية. قال ابن حبان: " شيخ يروي الأشياء الموضوعة التي لم يحدث بها ثابت قط ، لا تكتب روايته إلا على سبيل القدح ".ثم ساق له هذا الحديث. وتعقبه الحافظ في " اللسان "، فقال: " وهذا الحديث الذي أنكره ابن حبان على هذا الشيخ، قد أورده ابن عدي في " الكامل " في ترجمة علي بن أبي سارة من روايته عن ثابت عن أنس، فتابع عثمان بن معاوية. وعلي بن أبي سارة ضعيف، وقد أخرج له النسائي ". وأقول: هذه المتابعة لا تجدي لأن ابن أبي سارة ضعفه البخاري جدا بقوله: " فيه نظر ". كما رواه ابن عدي عنه. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال: (287 / 2) : " كلها غير محفوظة وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضا ". ثم إن نص حديثه يختلف عن نص المشهو د له، فإنه قال في أوله: " حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة مرة حديثا، فقالت: لولا أنك حدثتني بهذا يا رسول الله لظننت أنه حديث خرافة، فقال لها: يا عائشة! وهل تدرين ما خرافة؟ قالت : لا، قال: فإن خرافة كان رجلا من بني عذرة، سبته الجن، فكان معهم، فإذا استرقوا السمع من السموات حدث بعضهم بعضا بذلك، فسمعه خرافة منهم، فيحدث به بني آدم، فيحدثونه كما يقول. وذكر الحديث ". 2057 - " إن الله عز وجل سائل كل راع استرعاه رعية قلت أوكثرت، حتى يسأل الزوج عن زوجته، والوالد عن ولده، والرب عن خادمه؛ هل قام فيهم بأمر الله ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه ابن عساكر (9/221/2) عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس مرفوعا. قلت: هذا سند ضعيف جدا من أجل خارجة. قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقد ثبت مختصرا نحوه من حديث أنس، وهو في الكتاب الآخر. 3270 - (يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر به من شاهق إلى شاهق، أو من حجر إلى حجر؛ كالثعلب بأشباله، قالوا: متى يكون ذلك؟ قال: في آخر الزمان؛ إذا لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله، فإذا كان كذلك حلت العزبة. قالوا: أنت تأمرنا بالتزويج؛ فكيف تحل العزبة؟ قال: يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يدي أبويه؛ إن كان له أبوان، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم يكن زوجة ولا ولد، فعلى يدي الأقارب والجيران؛ يعيرونه بضيق المعيشة، حتى يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 21و186) من طريق أحمد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا عبد الحميد بن يحيى عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسل: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن هو البصري، وهو مع تدليسه الذي اشتهر به لم يذكروا له رواية عن ابن مسعود. ومبارك بن فضالة يدلس أيضاً. وعبد الحميد بن يحيى؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (3/ 40) : "مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه". ثم ساق له من روايته عن عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غط رأسك من الناس، وإن لم تجد إلا خيطاً"! وأحمد بن عبد الرحمن المخزومي لم أعرفه. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لأبي نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الزهد"، والخليلي، والرافعي عن ابن مسعود. وهو في "الزهد الكبير" (ق49/ 2) من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً؛ كما في "معجم الحديث" الذي عامته من مخطوطات الظاهرية. لكن لم أكن نقلت فيه إسناده من تحت المبارك، ولا لفظه بتمامه، وليس عندي الآن نسخة من "الزهد" لأعود إليه. ثم رأيته في "الزهد" (436-مطبوع) فإذا هو من طريق جامع بن سوادة عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن المبارك به. قلت: وجامع بن سوادة: ضعيف متهم، كما في "اللسان". وأما أبو نعيم فأخرجه في "الحلية" (1/ 25) من طريق إسحاق بن وهب: حدثنا عبد الملك بن يزيد: حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: ... فذكره مرفوعاً إلى قوله: "من حجر إلى حجر". وبهذا السند ساق قبله عن ابن مسعود قال: "إذا أحب الله عبد اً اقتناه لنفسه، ولم يشغله بزوجة ولا ولد". هكذا وقع فيه موقوفاً على ابن مسعود، ويبدو أنه سقط من الناسخ أو الطابع رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كذلك رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 278) من طريق أبي نعيم. وكذلك عزاه إليه الذهبي في ترجمة عبد الملك بن يزيد من "الميزان"، وتبعه العسقلاني في "اللسان"، وأعلاه بعبد الملك بن يزيد هذا؛ فقالا: "روى عن أبي عوانة بخبر باطل في ترك التزوج، لا يدرى من هو؟ ". ثم ساقاه من طريق صاحب "الحلية" بإسناده المتقدم مرفوعاً. وفيه: "إسحاق بن وهب العلاف". وهو إسحاق بن وهب بن زياد العلاف أبو يعقوب الواسطي. ولقد أخطأ ابن الجوزي خطأ فاحشاً حين أعل الحديث به بقوله: "هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الدارقطني: إسحاق بن وهب كذاب متروك، حدث بالأباطيل". وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 180) . وقد التبس عليهما الأمر؛ فإن الذي قال فيه الدارقطني ما نقله عنه إنما هو إسحاق بن وهب الطهرمسي كما تراه في "الميزان" و "اللسان". وأما إسحاق بن وهب العلاف فهو ثقة من شيوخ البخاري، ولا علاقة له بهذا الحديث الباطل. نعم، لقد تعقب السيوطي ابن الجوزي في حديث آخر ساقه من رواية الطبراني بسنده عن أبي عنبة الخولاني مرفوعاً بلفظ: "إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً ابتلاه، وإذا ابتلاه اقتناه لنفسه. قالوا: يا رسول الله! وما اقتناه؟ لا يترك له مالاً ولا ولداً". وفيه اليمان بن عدي نسبه أحمد إلى الوضع. كذا قال ابن الجوزي، فقال السيوطي: "ضعفه أحمد والدارقطني، وقال أبو حاتم: صدوق". قلت: هذا نقله السيوطي من "ميزان الذهبي"، ولا يكفي في رد قول ابن الجوزي وما نسبه لأحمد، ولم أر أحداً ذكره عنه غيره، والمعروف عنه التضعيف فقط. والله أعلم. وفي الحديث علة أخرى؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 291) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه إبراهيم بن محمد شيخ الطبراني، ضعفه الذهبي، ولم يذكر سبباً، وبقية رجاله موثقون". قلت: بلى؛ قد ذكر السبب، وهو أنه قال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا إسماعيل بن عياش بسنده عن ابن عمر مرفوعاً بحديث ذكره، وقال: "فالمعروف بهذا الحديث هو عبد الوهاب بن الضحاك، لا ابن نجدة". وهذا يعني أنه خطأ في إسناده فذكر ابن نجدة - وهو ثقة - مكان ابن الضحاك - وهو متروك -، ولذا قال الذهبي فيه: "غير معتمد". قلت: وهذا مما لا ينبغي التوقف فيه؛ لأن الرجل مع هذا الخطأ الفاحش الذي اكتشفه الذهبي قد أورده الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 167/ 1) ، ولم يسق له سوى حديث واحد، فهو مستور غير معروف. والله أعلم. 3985 - (زوجوا عثمان، لو كان لي ثالثة لزوجته، وما زوجته إلا بالوحي من الله عز وجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الطبراني بالإسناد المتقدم، عن عصمة قال: لما ماتت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تحت عثمان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وفي إسناده متهم، وآخر يروي الموضوعات، وقول الهيثمي فيه (9/ 83) : "رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف". ففيه تساهل في التعبير؛ كما يتبين لك بالرجوع إلى كلام الحفاظ فيه المذكور تحت الحديث (284) . 5751 - (ثَلاثةٌ - يا عَلِيّ - لا تُؤَخرْهُنَّ: الصّلاةُ إذا آنَتْ، والجنَازةُ إذا حَضَرتْ، والأيم إذا وجَدَتْ كُفؤاً) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ " (1 / 1 / 177) ، والترمذي (1 / 215 / 171) ، وابن ماجه (1 / 476 / 1486) ، وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 323) ، وأحمد (1 / 105) ، وعنه الحاكم (2 / 162 - 163) ، وعبد الله بن أحمد أيضا عن شيخ أبيه، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 774 - 775) ، والبيهقي في " السن " (7 / 132 - 133) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 170) ، وابن عساكر أيضاً من طرق عن عبد الله بن وهب: حدثني سعيد بن عبد الله الجهني: أن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثه عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. والسياق لأحمد، وليس عند ابن ماجه إلا الجملة الثانية بلفظ: " لا تؤخروا الجنازة إذا حضرت ". وقال الترمذي: " حديث غريب حسن "! وتبعه العراقي؛ فقال في " تخريج الإحياء " (2 / 16) - بعد ما عزاه للترمذي فقط -: " وسنده حسن "! وتعقبه الزبيدي في " شرح الإحياء " (5 / 252) بما سأذكره عن الحافظ. وأما الحاكم؛ فقال: " حديث غريب صحيح "! ووافقه الذهبي! وتبعه أحمد شاكر - رحمه الله -؛ فقال في تعليقه على " المسند " (2 / 144) : " إسناده صحيح، سعيد بن عبد الله الجهني؛ مصري ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات "! فأقول: نعم؛ ذمه ابن حبان في " الثقات " (8 / 261) ، وخالفه من هو أعلم بالرجال منه: أبو حاتم الرازي؛ فقال ابنه (2 / 1 / 37) عنه: " مجهول ". وتبعه الذهبي في " الميزان " و " المغني "، والعسقلاني في " التلخيص " (1 / 186) ، وهذا هو الصواب؛ لأن الرجل لا يعرف إلا برواية ابن وهب عنه، فهو مجهول العين! وابن حبان معروف عند العلماء بتساهله في توثيق المجهولين، وهو أمر ظاهر جداً لمن تتبع كتابه " الثقات "؛ فقد وثق فيه - أو بعبارة أدق: أورد فيه - المئات من الجهولين، وفيهم جمع كثير لا يعرفون إلا برواية من هم مثلهم في الجهالة، أو من الضعفاء المعروفين عند الحفاظ بالضعف. تبين لي هذا وأنا في صدد ترتيب رجاله على الحروف وتعليقي على كثيرين منهم. يسر الله لي إتمامه. وللتاريخ أقول: لقد كنتُ التقيتُ الشيخَ أحمدَ - رحمه الله تعالى - في مكة في حَجتي الأولى - وذلك قبل أكثر من أربعين سنة -، وزرته في الفندق الذي كان نازلاً فيه، وعرّفته بنفسي وأني أرغب أن أعرف رأيه بالتفصيل في اعتداده بتوثيق ابن حبان، فاعتذر بمرض زوجته! ثم قدر لي أن سافرت بعد الحج إلى المدينة لزيارة المسجد النبوي، فأخبرت بأن لشيخ نازل في فندق لا أذكر اسمه، فزرته، وطلبت منه أن يشرح لي وجهة نظره في توثيق ابن حبان، وذكرته بما قاله فيه الحافظ ابن عبد الهادي، وابن حجر العسقلاني، فلم يأت بشيء! سوى أنه قال: لا يجوز للمتأخرين إلا أن يعتدوا بجهود العلماء المتقدمين وعلمهم، فوافقته في هذا بداهة، ولما لفتُّ نظره إلى أن هذا شيء وما نحن فيه شيء آخر؛ لأن ابن حبان خالف العلماء كما شرحه الحافظان المشار إليهما، فإذا هو - سبحان الله - شعلة نار، لا يمكن مناقشته! فجلستُ قليلاً، ثم استأذنت منصرفاً بخُفَّيْ حُنَيْن! هذا؛ ولعله لما ذكرت من الجهالة أشار البيهقي في كتاب النكاح قبيل سوقه للحديث إلى تضعيفه بقوله: " وفي اعتبار الكفاءة أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة ". ثم ساقه، وأقره النووي في " المجموع " (5 / 121) . ثم إن الترمذي بعد أن حسنه كما تقدم - وذلك في كتاب الصلاة - فإنه عاد فضعفه في آخر " الجنائز " (4 / 30 / 1075) ، فقال: " حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل ". كذا قال. ومع أنه قد أقره الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 244) ، ثم الحافظ في " الدراية " (1 / 105) ؛ فإنه لم يظهر لي الانقطاع الذي يشير إليه. وإن مما يستغرب إنكار الشيخ للمباركفوري في " تحفة الأحوذي " (1 / 155) عبارة الترمذي هذه أن تكون في النسخ المطبوعة أو المخطوطة، مع أنها موجودة في المكان المشار إليه من " الجنائز "، حتى في النسخة التي شرحها هو (2 / 165) ! فكأنه لم يستحضر ذلك حينما شرح الحديث في المكان الأول. ولِمَا ذكرتُ من الجهالة؛ جزم الحافظُ بضعفه، فقال في مكان آخر من " الدراية " (2 / 63) : " أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف ". وقد أفصح عن علته في " التلخيص الحبير "، فقال (1 / 186) - بعد أن ذكر إسناده، وإعلال الترمذي إياه بالانقطاع -: " وسعيد؛ مجهول، وقد ذكره ابن حبان في " الضعفاء " فقال: (سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله) . ورواه الحاكم من هذا الوجه، فجعل مكانه: (سعيد ابن عبد الرحمن الجمحي) ! وهو من أغلاطه الفاحشة ". قلت: ولم يبين الحافظ سبب ذلك، ولا بد لي من بيانه، أو يعود إلى أمرين: الأول - وهو الأهم -: أن الحاكم رواه من طريق أحمد وابنه كما تقدم، وهما روياه عن شيخهما هارون بن معروف - وهو ثقة من رجال الشيخين - عن ابن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني، هكذا على الصواب، فرواية الحاكم عن أحمد خلافه وخلاف رواية ابنه عنه يكون خطأ بلا شك. والآخر: أنه مخالف لكل المتابعين لهارون في الطرق المشار إليها في أول التخريج: قتيبة بن سعيد: عند البخاري والترمذي، وحرملة بن يحيى: عند ابن ماجه، وعيسى بن أحمد العسقلاني: عند الخطيب. وكلهم ثقات، فمن المستحيل - عادة - أن يخطئ هؤلاء والحفاظ الذين رووه عنه أيضاً، والحاكم هو المصيب، كما هو ظاهر لكل لبيب! وهذا كله يرد على رواية ابن حبان أيضاً. فإنه قال: حدثناه ابن خزيمة: ثنا محمد بن يحيى الأهلي قال: ثنا هارون ين معروف: ثنا ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي. . . بلى آخر الإسناد. هكذا ساقه في ترجمة (سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله الجمحي. . .) . ولهذا؛ كنت أود للحافظ أن يقرن نسبته هذه (الجمحي) مع اسمه؛ حتى لا يتبادر إلى ذهن القارئ أن الحاكم تفرد بذلك الغلط الفاحش، وأن غاية ما عند ابن حبان أنه سمى جده عبد الله، وأباه عبد الرحمن: فيقول قائل: الخطب في مثل هذا سهل؛ فإن قال في نسبه: (سعيد بن عيد الله) يكون قد نسبه إلى جده، وأما أبوه؛ فهو عبد الرحمن؛ كما وقع عند الحاكم وكذا ابن حبان - فلكيلا يقول قائل هذا؛ قلت: كنت أود أن يقرن مع اسمه نسبته (الجمحي) -؛ لأنها هي التي تكشف عن الحقيقة، وأنه غير سعيد بن عبد الله الجهني. وبالجملة؛ فخطأ ابن حبان عندي أفحش من خطأ الحاكم، وذلك؛ لأنه زاد عليه أنه ذكر الحديث في ترجمة (الجمحي) مؤكداً الخطأ الذي ورد في إسناده للحديث! ثم إنه زاد الطين بِلَّةً - كما يقال -، بإساءته القول في المترجم فقال: «يروي عن عبيد الله بن عمرو وغيره من الثقات أشياء موضوعة يتخايل إلى من يسمعها أنه كان المتعمد لها» ! مع أن الجمحي هذا معروف؛ وثقه غير واحد، وأخرج له مسلم، ولذلك؛ قال الذهبي بعد أن نقل توثيقه عن ابن معين وغيره: «وأما ابن حبان؛ فإنه خساف قصاب» ! والخلاصة: أن علة الحديث جهالة سعيد بن عبد الله الجهني، وأنه من جعله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي؛ فقد وهم! ولو أن الحديث كان من روايته؛ لكان حسناً في أسوأ أحواله. والله أعلم. (تنبيه) : جاء في «شرح الإحياء» للزبيدي ما نصه: «قال الذهبي: وسعيد مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء. اهـ» . كذا فيه! وأظنه وهم في قوله: «الذهبي» ؛ فإن هذا إنما هو قول الحافظ كما تقدم. على أن هذا النقل فيه اختصار مخل؛ لأنه يوهم أن الذي ذكره ابن حبان في «الضعفاء» هو سعيد الجهني، والواقع أنه سعيد الجمحي، وأن الجهني إنما أورده في «الثقات» ؛ كما تقدم بيانه. 6011 - (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ الْمَوْتَ إِنِّي أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف (*) . أخرجه أبو حنيفة في "مسنده" (137 - الطبعة الأولى) - ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (23/39/98) - عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ... مرفوعاً. وأخرجه أبو يوسف في "الآثار" (210/933) عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم ... مرفوعاً. لم يجاوز إبراهيم؛ فأعضله. وأبو حنيفة رحمه الله معروف عند أئمة الحديث بالضعف - كما تقدم بيانه تحت الحديث المتقدم برقم (458) -. وله طريق أخرى - لكنها أسوأ من الأولى - أخرجها ابن أبي حاتم في "العلل" (2/375) من طريق الْمُعَلَّى بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بن جعفر عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: ... فذكره. وقال عن أبيه: " هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَالْمُعَلَّى مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ " قلت: وكذبه بعضهم، انظر ترجمته تحت الحديث (678 و 1993) . وله طريق ثالث بلفظ: "إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ". أخرجه أحمد (6/138) : ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ إِسْحَاقَ ابنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ ... مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف. رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مصعب هذا، لم يرو عنه غير إسماعيل هذا - وهو ابن أبي خالد -؛ فهو في عداد المجهولين؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/1/305) ولم يسمِّ جده، وقال: " ... القرشي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مرسل. روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ". وذكر ابن حبان نحوه، ولكنه اضطرب في طبقته؛ فمرة أورده في "طبقة التابعين" (5/412) من روايته عن عائشة، ومرة أورده في "أتباع التابعين"، وقال: "يروي المراسيل". وقد صح عنه مرسلاً: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/65) : أخبرنا يزيد ابن هارون: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن مصعب بن إسحاق بن طلحة قال: أُخْبِرت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره نحوه؛ دون لفظ: "بياض". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف بهذا اللفظ، وإنما يصح منه أنها زوجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنة. ثبت ذلك عن جمع من الصحابة، فانظر "صحيح البخاري" رقم (3771، 3772) . (تنبيه) : هذا الحديث لم أره في "مجمع الزوائد"، وهو من شرطه! __________ (*) مال الشيخ رحمه الله إلى تقويته أخيراً. انظر "الصحيحة" (2867) . (الناشر) . 6425 - (لَا يَذْهَبُ الله بكَنِيْنَةِ عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وكَنِيْنَتُه زوجته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/232 - 233) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/20) من طريق الحسن بن واصل عن ابن سيرين عن أبى هريرة مرفوعاً. قلت: أورده ابن حبان في ترجمة الحسن بن واصل - وهو: ابن دينار -: متهم بالكذب - كما تقدم في الحديث الذي قبله -، وقد أورده ابن طاهر المقدسي في "تذكرة الموضوعات" (109) وأعله بالحسن هذا. (تنبيه) : الكَنينة: امرأة الرجل، والجمع (كنائن) . كذا في "المعجم الأوسط". وقد تحرفت هذه اللفظة تحريفات عجيبة وعديدة: 1 - بكريمة. "الأخبار". 2 - بكتيبة. "الضعفاء". 3 - كتيمته. "اللسان" نقلاً عن "الضعفاء"!! وهو في "الميزان" على الصواب: "كنينته" نقلاً عن "الضعفاء". وقد تخبط فيها المعلق على "الضعفاء"، ثم قال: "ونرجح أن الأصل (كريمة) كما وردت في بعض الأحاديث المشابهة". كذا قال! وهو بعيد عن التحقيق العلمي في غاية البعد،لأن مثل هذا الترجيح إنما يركن إليه العلماء في أحاديث الثقات، أما في أحاديث المتهمين فذلك مما لا ينفع، لأنه يصحح معنى الحديث، وهو مردود من أصله! ثم كيف يصح هذا الترجيح، وآخر الحديث يبطله؟! لأنه فسر الكلمة بالزوجة، وما رجحه: "كريمة" معناه البنت! ومن غرائبه أنه أحال بهذه الكلمة في آخر تعليقه على ترجمة حسين بن قيس الرحبي! وحسين هذا متروك، وفي حديثه جاءت الكلمة "كريمة"! عند ابن عدي (2/353) . ويغلب على ظني - والله أعلم - أن هذا الحديث حرفه ذاك المتهم، أو على الأقل تحرف عليه، فإن لفظه الصحيح المحفوظ عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لَا يَذْهَبُ اللَّهُ بِحَبِيبَتَيْ عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ". أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (707 - موارد) - واللفظ له من طريق سهيل ابن أبي صالح -، والترمذي (2403) ، والدارمي (2/323) ، وأحمد (2/265) من طريق الأعمش نحوه - كلاهما - عن أبي صالح عن أبي هريرة،وقال الترمذي: "حسن صحيح". وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، بألفاظ متقاربة، مخرجة في "الروض النضير" (151) ، وفي بعضها: "كريمتي عبدي". ثم إن حديث الترجمة، قد أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/297) من الوجه المذكور بلفظ: "قال الله: من أخذت كنينته، لم ارض له ثواباً دون الجنة. وكنينته: زوجته". وأطال جداً في ترجمة الحسن بن دينار، وذكر أقوال الجارحين له، والأحاديث المنكرة عليه، ثم ختمها بقوله: "وله غير ما ذكرت من الحديث، وقد أجمع من تكلم في الرجال على ضعفه، على أني لم أر له حديثاً قد جاوز الحد في الإنكار، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". 6902 - (أرض الجنة بيضاء، عرصتها صخور الكافور، وقد أحاط بها المسك مثل كثبان الرمل، فيها أنهار مضطردة، فيجتمع فيها أهل الجنة أدناهم وآخرهم فيتعارفون، فيبعث الله ريح الرحمة فتهيج عليهم ريح ذلك المسك، فيرجع الرجل إلى زوجته، وقد ازداد طيبا وحسنا، فتقول له: قد خرجت من عندي، وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد عجبا) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أو موضوع. أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " (20/ 28) : حدثني هارون بن سفيان: ثنا محمد بن عمر: ثنا أبو بكر بن أبي سبرة عن عمر بن عطاء بن وراز عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع، أو ضعيف جداً على أقل الأحوال؛ آفته (محمد ابن عمر) - وهو: الواقدي -: متروك متهم بالكذب. ونحوه شيخه (أبو بكر بن أبي سبرة) . و (عمر بن عطاء بن وراز) - الأصل: " عن عرادة ... خطأ " -: ضعيف. وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف بـ (الديك) -: له ترجمة في " تاريخ بغداد " (14/ 25) برواية جمع أخر عنه، مات سنة (251) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك فعل الذهبي في " تاريخ الإسلام ". والحديث قد صح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مختصراً عند مسلم وغيره. وهو مخرج في " الصحيحة " (3471) . (تنبيه) : قال ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (1/ 216 - 217 - كردي) : " وقد ذكر ابن أبي الدنيا من حديث أبي بكر بن أبي شيبة عن عمر بن عطاء ابن وراز ... " إلخ. فأقول: في هذا النقل وهم وتقصير؛ أما الوهم: فهو أنه ليس لـ (أبي بكر بن أبي شيبة) ذكر عند ابن أبي الدنيا - كما رأيت - واني لأخشى أن يكون تحرف عليه أو على ناسخ كتاب ابن أبي الدنيا (أبو بكر بن أبي سبرة) إلى: (أبي بكر ابن أبي شيبة) ! فإن لم يكن هذا، فالتقصير أنه لا ينبغي الإعلال بالضعيف، وفي السند من هو أشد ضعفاً منه. وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى. |
1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امراة لم يتزوجها إلا ليغض بصره أوليحصن فرجه ويصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 2527) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام. قلت: وهو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم وقال أبو داود: عبد القدوس ليس بشيء وابنه شر منه، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/150 - 151) : يروي الموضوعات، وروى عن إبراهيم بن أبي عبلة. قلت: فذكر هذا الحديث، فاقتصار الهيثمي (4/254) على قوله: وهو ضعيف قصور أوذهو ل، وكذلك أشار المنذري في " الترغيب " (3/70) إلى أنه ضعيف! 1256 - " ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا، كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له: من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له، ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وان يبارك له، ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن منده في " المنتخب من الفوائد " (265/2) والثقفي في " الفوائد " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج9 رقم 17) وكذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (119/1) والبيهقي (10/319) وكذا الطبراني في " الأوسط " (5050) عن عمرو بن عاصم الكلابي: نا جدي: عبيد الله بن الوازع عن أيوب السختياني عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو القاسم الحامض في " حديثه كما في " المنتقى منه " ( 3/10/1) ، وقال الطبراني كما في " مجمع البحرين " (166/2) : " لم يروه عن أيوب إلا عبيد الله تفرد به عمرو ". قلت: وهو صدوق في حفظه شيء كما في " التقريب " وقد أخرجه الشيخان. وجده عبيد الله بن الوازع مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "، وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله في ترجمته: " ما علمت له راويا غير حفيده ". قلت: وأبو الزبير مدلس معروف بالتدليس وقد عنعنه، فالعجب من الذهبي حيث قال في " المهذب " كما في " فيض القدير ": " إسناده صالح مع نكارته عن أيوب ". 2166 - " إذا تزوج أحدكم، ودخل على أهله، فليضع يده على رأسها، وليقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقني منها، وارزقها مني، واجمع بيننا ما جمعت من خير، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرئيس الثقفي في " الفوائد " (10/7/1) عن مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار المؤذن: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا الأعمش عن شقيق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته الصفار هذا، فإن رجاله كلهم ثقات غيره. قال الدارقطني: " متروك "؛ كما في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث من طريق الثقفي. وقال في " تلخيص المستدرك " عقب حديث في مناقب فاطمة من روايته: " هذا من وضع مسلم بن عيسى ". وسيأتي تخريجه في المجلد الحادي عشر برقم (5027) . 4350/ م - (تزوج أم سلمة في شوال، وجمعها إليه في شوال) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1991) ، والطبراني في الكبير (3/ 260/ 3347) ، ومن طريقه المزي في "التحفة" (5/ 302-303) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا أسود بن عامر: حدثنا زهير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، عن عبد الملك بن الحارث بن هشام، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... قال البوصيري في "الزوائد" (1/ 119 - بيروت) : "هذا إسناد ضعيف؛ لتدليس محمد بن إسحاق. وانفرد ابن ماجه بإخراج هذا الحديث عن الحارث بن هشام، وليس له شيء في الخمسة الأصول. هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، وله شاهد في "صحيح مسلم" وغيره من حديث عائشة. قال المزي في "الأطراف": ورواه محمد بن يزيد المستملي عن أسود بن عامر بإسناده إلا أنه قال "عبد الرحمن" بدل "عبد الملك"، وهو أولى بالصواب". قلت: وفي هذا الكلام أمور: أولاً: محمد بن يزيد هذا؛ متروك كما قال الخطيب، وقال ابن عدي: "يسرق الحديث ويزيد فيه ويضع". قلت: فكيف يكون ما رواه أولى بالصواب من رواية أبي بكر بن أبي شيبة الثقة الحافظ؟! ثانياً: لقد جاء من طريق أخرى ما يؤكد صواب ابن أبي شيبة: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/ 94-95) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... إلخ. وهذه متابعة قوية لابن أبي شيبة من أحمد بن عبد الله بن يونس؛ فإنه ثقة حافظ من شيوخ الشيخين، وفيها بيان أن عبد الملك هذا هو ابن أبي بكر بن الحارث ... نسب إلى جده الحارث في رواية ابن أبي شيبة فحصل الإشكال، وتوهم أن الحديث متصل من مسند الحارث بن هشام المخزومي، وبناء عليه جزم المزي وغيره أن الراوي له عنه إنما هو ابنه عبد الرحمن، وليس عبد الملك؛ لأنهم لا يعلمون له ولداً يسمى عبد الملك، مع أنه كذلك جاء مسمى في رواية ابن أبي شيبة وابن سعد، لكن خفي عليهم أن عبد الملك هذا ليس ابناً للحارث من صلبه، وإنما هو حفيده؛ فإنه عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ... المخزومي، وهو تابعي معروف ثقة من رجال الشيخين كما في "التهذيب" وغيره، وقد روى عن أبيه أبي بكر وغيره، وأبو بكر مترجم في الكنى وهو تابعي أيضاً ثقة من رجالهما، فالحديث إذن حديثه؛ وليس حديث جده الحارث بن هشام كما توهموا. ويؤكد ذلك أنني وجدت له أصلاً في "الموطأ" (2/ 65) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: "ليس بك على أهلك هوان ... " الحديث، وقد جاء مسنداً بذكر أم سلمة فيه، وهو مخرج في "الإرواء" (2019) ، و "الصحيحة" (1271) . ورواية مالك هذه تكشف لنا أن عبد الله بن أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري في حديث الترجمة، لكن فيه أنه رواه عن أبيه عن عبد الملك، ولا بأس من ذلك؛ فقد ذكروا في ترجمة عبد الله بن أبي بكر أنه يروي عن أبيه وغيره، وعنه ابن إسحاق وغيره،توفي أبو بكر سنة (120) ، وتوفي شيخه في هذا الحديث عبد الملك في خلافة هشام بن عبد الملك، وكانت نحو عشرين سنة، وتوفي سنة (125) ، فتكون روايته عنه من رواية الأقران بعضهم عن بعض. والخلاصة: أن الحديث من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلاً، وليس هو من حديث جده الحارث بن هشام؛ كما توهم المزي؛ وتبعه المعلقون عليه، ومن قبلهم البوصيري! ثالثاً: وأما إعلاله إياه بعنعنة ابن إسحاق؛ فمدفوع بتصريحه بالتحديث في رواية ابن سعد كما تقدم. وبالجملة؛ فعلة الحديث الإرسال، فإذا ثبت أن أبا بكر بن عبد الرحمن تلقاه من أم سلمة، فالحديث صحيح ينقل إلى الكتاب الآخر. والله أعلم. 6469 - (كان الذي تَزَوَّجَ عليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ شيئاً قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبوداود الطيالسي في "مسنده" (270/2022) : ثنا الْحَكَمُ ابن عَطِيَّةَ عنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ قال: ... فذكره. قلت ومن طريق الطيالسي أخرجه البزار في "مسنده" (2/161/1426 - الكشف) وابن عدي (2/205) ، وكذا أبو يعلى (3385) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/247) . والحكم بن عطية: مختلف فيه، فوثقه ابن معين، وقال البخاري: كان أبو الوليد يضعفه. وضعفه النسائي وابن أبي داود. وقال أحمد: كان عندي صالح الحديث حتى وجدت له حديثاً أخطأ فيه. وفي رواية قال: "لا بأس به إلا أن أبا داود روى عنه أحاديث منكرة ". قلت: منها هذا الحديث؛ فإنه من رواية أبي داود عنه - كما ترى -، وقد صرح بذلك في رواية الميموني عنه قال: " سئل عنه أحمد؟ فقال: لا أعلم الا خيراً، فقال له رجل: حدثني فلان عنه عن ثابت عن أنس قال: كان مهر أم سلمة متاعاً قيمته عشرة دراهم. فأقبل أبو عبد الله يتعجب، وقال: هؤلاء الشيوخ لم يكونوا يكتبون، إنما كانوا يحفظون ونسبوا إلى الوهم، أحدهم يسمع الشيء فيتوهم فيه ". هذا كله من "التهذيب". وروى العقيلي في "الضعفاء (1/258) عنه أنه قال: "كان الحكم بن عطية عندي صالحاً حتى وجدت له عن ثابت عن أنس: أن النبي عليه السلام تزوج أم سلمة على قيمة عشرة دراهم. وإنما يريد الحديث الذي رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن (!) عمر بن أبي سلمة الطويل ". قلت: ولم أعرف هذا الحديث الطويل الذي أشير إليه. وقال البزار عقب الحديث؛ كما نقله الهيثمي في "الكشف": "قال البزار: لا نعلمه عن ثابت عن أنس إلا من طريق الحكم. ورأيته في موضع آخر: تزوجها على متاع ورحى قيمته أربعون درهماً ". قلت: هذا اللفظ لم أره في شيء من المصادر المتقدمة، وإنما روي ذلك في حق عائشة؛ كما يأتي. وقال ابن حبان في ترجمة الحكم هذا من كتابه "الضعفاء" (1/248) : " كان أبو الوليد شديد الحمل عليه، ويضعفه جداً، وكان الحكم ممن لا يدري ما يحدث، فربما وهم في الخبر؛ يجئ كأنه موضوع، فاستحق الترك ". وقد رواه بعض الكذابين بإسناد آخر، فكأنه سرقه منه - وهو: عمرو بن الأزهر -، فقال: ثنا حميد الطويل عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: "تزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم سلمة، وأصدقها عشرة دراهم ". أخرجه ابن عدي في "الكامل" (5/134) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/28/1/460) ، وقال: " لم يروه عن حميد إلا عمرو بن الأزهر ". قلت: قال الذهبي في "المغني": "كذاب؛ قال أحمد وغيره: كان يضع الحديث ". وبه أعله الهيثمي، فقال (4/282) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمرة بن الأزهر، وهو متروك ". وروي نحوه عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على متاع يسوى أربعين درهماً. أخرجه الطبراني في "الأوسط" أيضاً (1/113/2/2269) من طريق فضيل ابن مرزوق عن عطية عنها. وعطية: ضعيف مدلس. وفضيل بن مرزوق: فيه ضعف، وقال الذهبي في "المغني": "وثقه غير واحد، وضعفه النسائي وابن معين أيضاً، وقال الحاكم: عيب على مسلم إخراجه في (صحيحه) ". |
14 - " إياكم وخضراء الدمن، فقيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فى المنبت السوء ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 81 / 1) من طريق الواقدي قال: أنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجيزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري، وأورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 38) وقال مخرجه العراقي: رواه الدارقطني في " الأفراد " والرامهرمزى في " الأمثال " من حديث أبي سعيد الخدري، قال الدارقطني: تفرد به الواقدى وهو ضعيف. وذكر نحوه ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (ق 118 / 1) . قلت: بل هو متروك فقد كذبه الإمام أحمد والنسائي وابن المديني وغيرهم. ولا تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه، وغيره من الحنفية، فإنه على خلاف القاعدة المعروفة عند المحدثين: الجرح المبين مقدم على التعديل ولذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث (25) . 133 - " النظر إلى وجه المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 201 - 202) وعنه الديلمي (4 / 106) من طريق أحمد بن الحسين الأنصاري حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي حدثنا ابن أبي فديك حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. إبراهيم هذا لم أجد من ترجمه وكذا الراوي عنه أحمد بن الحسين، لكن تابعه محمد ابن يعقوب عن أبي الشيخ في " التاريخ " (236) إلا أنه قال: حدثنا إبراهيم بن سلام المكي وتابعه أيضا محمد بن أحمد القاضي البوراني قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام به، رواه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 /116) والبوراني هذا ترجمه الخطيب (1 / 295) وروي عن الدارقطني أنه قال فيه: لا بأس به، ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء. قلت: فالظاهر أن إبراهيم شيخ البوراني في هذا الحديث من أولئك الشيوخ الضعفاء فهو آفة هذا الحديث وقد ذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة محمد بن عبد الرحمن أبي الفضل بسنده عن ابن أبي فديك به، وقال: خبر باطل. قلت: وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ، وقال ابن القيم: هذا الحديث ونحوه من وضع الزنادقة. قلت: وهو وما بعده مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ولكن بلفظ آخر وهو: 314 - " إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال: إذا حضر العدوفقرب فلانا، وسماه، قال: فقربه بين يدي التابوت، قال: وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله، فقتل زوج المرأة، ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. رواه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا، كما في " تفسير القرطبي " (15 / 167) ، وقال ابن كثير في تفسيره (4 / 31) : رواه ابن أبي حاتم، ولا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة. قلت: والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء، أخطأ يزيد الرقاشي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل القرطبي (15 / 176) عن ابن العربي المالكي أنه قال: وأما قولهم: إنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله، فهذا باطل قطعا، فإن داود صلى الله عليه وسلم لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه. تنبيه: تبين لنا من رواية ابن أبي حاتم في تفسيره لمثل هذا الحديث الباطل أن ما ذكره في أول كتابه " التفسير ": " أنه تحرى إخراجه بأصح الأخبار إسنادا وأثبتها متنا " كما ذكره ابن تيمية ليس على عمومه فليعلم هذا. 319 - " سبعة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل والمفعول به، والناكح يده، وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، وناكح المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي لجاره حتى يلعنه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه ابن بشران (86 / 1 - 2) من طريق عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة وشيخه الإفريقي، فإنهما ضعيفان من قبل حفظهما، وقد أورد المنذري في " الترغيب " (3 / 195) قطعة من الحديث وقال: رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما، وأشار لضعفه. 388 - " لا يحرم الحرام، إنما يحرم ما كان بنكاح حلال ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 173 / 2 من زوائد المعجمين) وابن عدي في " الكامل " (287 / 2) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 99) والدارقطني (ص 402) والبيهقي (7 / 269) من طريق المغيرة بن إسماعيل بن أيوب بن سلمة عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يتبع المرأة حراما، أينكح ابنتها، أو يتبع الابنة حراما، أينكح أمها؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، قال البيهقي: تفرد به عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي هذا وهو ضعيف، قاله يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث. قلت: بل هو كذاب، قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الموضوعات، وكذبه ابن معين في رواية عنه، وقال عبد الحق في " الأحكام " (ق 138 / 2) والهيثمي في " المجمع " (4 / 269) : وهو متروك، وكذا قال الحافظ في " التقريب " وزاد: وكذبه ابن معين. قلت: والراوي عنه المغيرة بن إسماعيل مجهول كما قال الذهبي. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 418) من طريق المغيرة بن إسماعيل عن عمر بن محمد الزهري عن ابن شهاب به ثم قال: قال أبي: هذا حديث باطل، والمغيرة بن إسماعيل وعمر هذا، هما مجهولان. قلت: كذا وقع في " العلل ": عمر بن محمد الزهري بدل عثمان بن عبد الرحمن الزهري فلا أدري أهكذا وقع في روايته، أم تحرف على الناسخ والطابع، وقد استدل بالحديث الشافعية وغيرهم على أنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنته من الزنى وقد علمت أنه ضعيف فلا حجة فيه، والمسألة اختلف فيها السلف، وليس فيها نص مع أحد الفريقين، وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه، وهو مذهب أحمد وغيره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر " الاختيارات " له (123 - 124) ، وتعليقنا على الصفحة (36 - 39) من كتابنا " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ". 678 - " نهى أن تحلق المرأة رأسها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه النسائي (2 / 276) والترمذي (1 / 172) وتمام في " الفوائد " (رقم 2274 - نسختي) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 174 / 2) من طرق عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: فذكره مرفوعا. ثم رواه الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن همام نحوه، ولم يذكر فيه عن علي. وقال: " حديث علي فيه اضطراب، وروي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ... ". قلت: والاضطراب المذكور إنما هو من همام، فكان تارة يجعله من مسند علي، وتارة من مسند عائشة، وهذا أصح، لمتابعة حماد عليه كما ذكره الترمذي. وقال عبد الحق: في " أحكامه " بعد أن ذكره من الوجه الأول عنه: " وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وهذا ظاهره أنه لم يذكر عائشة في إسناده أصلا، وعليه فهو وجه آخر من الاضطراب الذي أشار إليه الترمذي. وعلى الوجه الثاني فهو منقطع. لأن قتادة لم يسمع من عائشة فهذا الاضطراب يمنع من تقوية الحديث، ولذلك لم يحسنه الترمذي، مع ما عرف به من التساهل. ولا يقويه ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 389 / 1 - منتخبه) عن معلى بن عبد الرحمن: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، لأن المعلى هذا شديد الضعف، ومن طريقه أخرجه البزار في " مسنده " وقال: " روى عن عبد الحميد أحاديث لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث ". ذكره في " نصب الراية " (3 / 95) . وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 263) : " رواه البزار، وفيه معلى بن عبد الرحمن وقد اعترف بالوضع. وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به "! قلت: هذا رجاء ضائع بعد اعترافه بالوضع، وقد قال فيه الدارقطني: " ضعيف كذاب ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وذهب ابن المديني إلى أنه كان يضع الحديث. وقال أبو زرعة: " ذاهب الحديث " كما في " الميزان ". فهذه النقول عن هؤلاء الأئمة الفحول، دليل على أن ابن عدي وغيره ممن أثنى عليه لم يعرفه. وروى البزار أيضا قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي: حدثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة: حدثنا أبي عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: فذكره مرفوعا وقال: " وهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي ". قلت: روح قال فيه أحمد: " منكر الحديث ". وضعفه ابن معين. وأما ابن عدي فقال: ما أرى برواياته بأسا. ووهب ابن عمير، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 24) من رواية عطاء عنه عن عثمان ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول. وعبد الله بن يوسف الثقفي لم أعرفه، فهو إسناد مظلم، ولذلك فلم ينشرح القلب لتقوية الحديث بمثله. والله أعلم. 937 - " إذا اغتسلت المرأة من حيضها، نقضت شعرها، وغسلت بالخطمي والأشنان، وإذا اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها، ولم تغسل بالخطمي والأشنان ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (2 / 34 / 1) والبيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 182) من طريقين عن مسلم بن صبيح: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الدارقطني أيضا في " الأفراد " كما في نصب الراية " (1 / 80) . وقال الخطيب: " قال علي بن عمر (يعني الدارقطني) : هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف لتفرد ابن صبيح به، وهو في عداد المجهولين، فإني لم أجد من ترجمه، وقد يشتبه بمسلم بن صبيح الهمداني الذي أخرج له الستة، وليس به، فإن هذا متأخر، من طبقة شيوخ الإمام أحمد، وذاك الهمداني تابعي يروي عن ابن عباس وغيره، وهو معروف ثقة، وله ترجمة في " التهذيب " للحافظ ابن حجر، وكان يحسن به أن يورد بعده مسلم بن صبيح هذا المجهول تميزا له عن الذي قبله، كما هي عادته في أمثاله، ولكنه لم يفعل، والله أعلم، ثم قد ميزه في " تبصير المنتبه " (3 / 833) ولم يذكره بعدالة أو جرح، وقيده بضم الصاد المهملة. وقد أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (ق 23 / 2 - مسند أنس) من طريق الطبراني وهذا في " المعجم الكبير " (1 / 37 / 2) قال حدثنا أحمد بن داود المكي: حدثنا سلمة بن صبيح اليحمدي حدثنا حماد بن سلمة به. كذا سماه ابن داود " سلمة " بدل مسلم "، وليس هو تصحيفا، فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 273) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه سلمة بن صبيح اليحمدي ولم أجد من ذكره ". قلت: ولعل " سلمة " وهم من ابن داود فإني لا أعرفه أيضا، وقد خالفه عثمان بن خرزاذ وهو ثقة، أخرجه الخطيب. وأيهما كان فالرجل مجهول لا يعرف، فهو علة الحديث، وخفي هذا على الصنعاني فقال في " السبل " (1 / 138) بعد أن عزاه لمن ذكرنا: " فهذا الحديث مع إخراج الضياء له، وهو يشترط الصحة فيما يخرجه، يثمر الظن في العمل به ". قلت: وهذا مسلم بالنسبة لمن لم يقف على إسناده، وأما من وقف عليه فقد يختلف الحكم بالنسبة له، ويرى خلاف ما ذهب الضياء إليه، وعول عليه، كما هو الشأن في هذا الحديث، ورواية مسلم بن صبيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن الضياء رحمه الله متساهل في التصحيح كالحاكم، وإن كان هو أحسن حالا منه كما شهد بذلك ابن تيمية رحمه الله. والحديث سكت عليه الشوكاني في " نيل الأوطار " (1 / 217) فأوهم سلامته من العلة، فاقتضى التنويه بها، وتحقيق الكلام على الحديث، والله سبحانه هو الموفق. وقد استدل الصنعاني بالحديث على أن نقض الشعر من المرأة الحائض في غسلها ليس واجبا عليها، بل هو على الندب لذكر الخطمي والأشنان فيه، قال: " إذ لا قائل بوجوبهما فهو قرينة على الندب ". قلت: وإذا عرفت ضعف الحديث فالاستدلال به على ما ذكره الصنعاني غير صحيح، لاسيما وقد ثبت من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في الحيض: " انقضي شعرك واغتسلي ". ولهذا كان أقرب المذاهب إلى الصواب التفريق بين غسل الحيض فيجب فيه النقض، وبين غسل الجنابة فلا يجب، كما بيت ذلك في الكلام على حديث عائشة هذا في " الأحاديث الصحيحة " رقم (188) . 938 - " لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم، فإن لها آجالا كآجال الناس ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : كذب. رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 26) : حدثنا أبو دلف عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجلي: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء: حدثنا جعفر بن عاصم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري: حدثنا عباس بن الوليد قال: حدثني علي بن المديني عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن عن كعب بن عجرة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، وفيه علل: أولا: أبو دلف هذا، أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 465) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثانيا: يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء وهو أبو يوسف الجصاص، قال الخطيب (12 / 294) : " في حديثه وهم كثير، قال أبو محمد بن غلام الزهري: ليس بالمرضي، مات سنة (331) ". ثالثا: جعفر بن عاصم لم أجد له ترجمة. رابعا: عنعنة الحسن وهو البصري، فقد كان يدلس. قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات معرفون مترجم لهم في " التهذيب " وعباس بن الوليد هو ابن مزيد أبو الفضل البيروني مات سنة (270) ، وقد روى عنه جماعة، وكتب عنه أحمد بن أبي الحواري وهو أكبر منه، توفي سنة (246) فهو من رواية الأكابر عن الصاغر. هذا ما تبين لي فيه وأما المناوي فقال في هذا الحديث: " أورده في " الميزان " في ترجمة العباس بن الوليد الشرقي، وقال: ذكره الخطيب في " الملخص " (1) فقال: روى عن ابن المديني حديثا منكرا، رواه عنه أحمد بن أبي الحواري من حديث كعب بن عجرة مرفوعا، ثم ساق هذا بعينه ". قلت: ولم أجد هذا الترجمة في " الميزان " للذهبي، ولا في " الضعفاء " له، ولا في " لسان الميزان " للحافظ بن حجر، فالله أعلم من أين وقع ذلك للمناوي. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 295 - 296) بسنده عن ابن أبي الزرقاء عن ميمون بن مهران قال: فذكره موقوفا عليه وقال: " قال أبي هذه الحكاية كذب ". قلت: وفيه وهب بن داود قال الخطيب: " لم يكن بثقة ". وفيه أيضا من لم أعرفه. 982 - " لا تكون لأحد بعدك مهرا. قاله للذي زوجه المرأة على سورة من القرآن ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزدي قال: " زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن، وقال: فذكره، قال الحافظ في " الفتح " (9 / 174) : " وهذا مع إرساله فيه من لا يعرف ". قلت: هو أبو النعمان هذا، والظاهر أنه الذي في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 449) " أبو النعمان روى عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم، وروى عن سلمان، وروى عنه على ابن عبد الأعلى، قال أبي مجهول ". والحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: " إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يجبها شيئا، ثم قامت الثالثة، فقالت إنها وهبت نفسها لك فر فيها رأيك فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال: اذهب فاطلب ولوخاتم من حديد، فذهب يطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن ". وكذلك رواه مالك والنسائي والترمذي والبيهقي (7 / 242) دون قوله: " لا تكون لأحد بعدك "، ولقد وهم صاحب " الروض المربع " من كتب الحنابلة وهما فاحشا، فعزا الحديث بلفظ سعيد بن منصور المرسل إلى البخاري! فقد تبين أن البخاري ليس عنده هذه الزيادة ولا عند غيره ممن ذكرنا، فدل ذلك على أنها زيادة منكرة لتفرد هذا الطريق الواهي بها دون سائر طرق الحديث وشواهده وهي كثيرة قد أخرجها الحافظ رحمه الله في " الفتح " (9 / 168) فليراجعها من شاء، وقد روي الحديث عن ابن مسعود بزيادة أخرى منكرة أيضا وهو: 983 - " قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عوضتها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. رواه الدارقطني في " سننه " (394) ومن طريقه البيهقي (7 / 243) عن عتبة بن السكن: أخبرنا الأوزاعي: أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي طلحة: حدثني زياد بن زياد: حدثني عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود: " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله رأ في رأيك.... " الحديث نحو حديث سهيل الصحيح المذكور قبله، وفيه: " قال: فهل تقرأ من القرآن شيئا؟ قال: نعم سورة البقرة وسورة المفصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.... " فذكره وقال الدارقطني: " تفرد به عن عتبة وهو متروك الحديث ". وقال البيهقي: " عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع، وهذا باطل لا أصل له ". قلت: ومن أحاديث هذا المتهم: مجهول، ولا يعتبر برواية أبي العطوف عنه، يعني لضعف أبي العطوف. وكذا قال الذهبي في " الميزان ": مجهول. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين! |
1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أوحباء أوعدة قبل عصمة النكاح، فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أوأخته ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه أبو داود (2129) والنسائي (2/88 - 89) وابن ماجه (1955) والبيهقي (7/248) وأحمد (2/182) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. وقد تابعه مدلس آخر وهو الحجاج بن أرطاة فقال: عن عمرو بن شعيب به ولفظه: ما استحل به فرج المرأة من مهر أوعدة، فهو لها، وما أكرم به أبوها أوأخوها أووليها بعد عقدة النكاح، فهو له، وأحق ما أكرم الرجل به ابنته أوأخته. أخرجه البيهقي. تنبيه: استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال! وهو لوصح كان دليلا ظاهرا على أنه لواشترط ذلك لم يكن المال له بل للمرأة، قال الخطابي: هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر. وقد اعتاد كثير من الآباء مثل هذا الشرط، وأنا وإن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه، ولكني أرى - والعلم عند الله تعالى - أنه لا يخلومن شيء، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، ولا أظن مسلما سليم الفطرة، لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق، كيف لا، وكثيرا ما يكون سببا للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أوالولي بالشرط الأوفر، والحظ الأكبر، وإلا أعضلها! وهذا لا يجوز لنهي القرآن عنه. 1020 - " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (6/200 - 201) من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن إبراهيم بن هدبة: حدثنا أنس مرفوعا. ذكره في ترجمة إبراهيم هذا وقال: حدث عن أنس بالأباطيل، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: كذاب خبيث، وعن علي بن ثابت أنه قال: هو أكذب من حماري هذا، وقال الذهبي: حدث ببغداد وغيرها بالبواطيل، قال أبو حاتم وغيره: كذاب. وفي " اللسان ": وقال ابن حبان: دجال من الدجاجلة، وقال العقيلي والخليلي: يرمى بالكذب. قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية الخطيب، وتعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله وأجاد: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وأقره، وهو تلبيس فاحش فإنه تعقبه بقوله: قال أحمد بن حنبل: إبراهيم بن هدبة لا شيء، في أحاديثه مناكير ثم ذكر قول ابن معين المتقدم فيه وغيره ثم قال: وقال الذهبي في " الضعفاء ": هو كذاب، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب، وليته إذ ذكره بين حاله!. قلت: وهذا حق، ولكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد، وليس لفائدة القراء والنصح وإلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا فلا يصفه ولو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " وهو قد ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي؟ وكنت أود أن أقول: لعل ذلك وقع منه سهوا، ولكن حال بيني وبين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة، سيأتي التنبيه على بعضها إن شاء الله. تنبيه: هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف والمختلف " للشيخ عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ، وهكذا وقع في " تاريخ بغداد " و" الميزان " و" اللسان " بالباء الموحدة، ووقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة التحتية، وهو تصحيف. والثانية: ضعف هارون أبي قزعة، ضعفه يعقوب بن شيبة، وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود في " الضعفاء "، وقال البخاري: لا يتابع عليه. ثم ساق له هذا الحديث، لكنه لم يذكر فيه حاطبا، فهو مرسل، وقد أشار إلى ذلك الأزدي بقوله: هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل. قلت: فهذه علة ثالثة، وهي الاختلاف والاضطراب على هارون في إسناده (1) ، فبعضهم يوصله، وبعضهم يرسله، وقد اضطرب في متنه أيضا، وبين ذلك كله الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (ص 100) ، فليرجع إليه من شاء التفصيل، وبالجملة فالحديث واهي الإسناد، وقد روي بإسناد آخر مثله في الضعف أوأشد من حديث ابن عمر، وسبق الكلام عليه مفصلا برقم (47) ، واختلف حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا، على عجرهما وبجرهما! فقال شيخ الإسلام: أجودهما حديث ابن عمر، وقال الذهبي: أجودهما حديث حاطب هذا، وعزاه لابن عساكر كما في " المقاصد " (413) ، وإذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر، وتأملت ما فيهما من العلل، تبين لك أن الصواب قول الذهبي، لأن هذا الحديث ليس فيه متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر؛ فإن فيه من اتهم بالكذب ووضع الحديث، كما بينته هناك، وإذا عرفت هذا، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر المشار إليه، ونقله عن ابن خزيمة والبيهقي أنهما ضعفاه: وكذا قال الذهبي: طرقه كلها لينة، لكن يتقوى بعضها ببعض، لأن ما في رواتها متهم بالكذب. قلت: فهذا التعليل باطل، لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر، وعليه فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا، فتنبه. وأما متن الحديث فهو كذب ظاهر، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ونقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه، فلا نعيده. ومما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت عنوان: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن هذا الحديث رواه الدارقطني وابن السكن والطبراني وغيرهم بروايات مختلفة تبلغ درجة القبول، لم يصدر عن بحث علمي في إسناده، ولا نظر دقيق في متنه، الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم، بمنزلة من زاره في حياته، ونال شرف صحبته، التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده، لوأنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه "!. فمن كان بينه وبين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل والتفاوت، كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم، بمجرد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهي لا تعدوأن تكون من المستحبات؟ ! __________ (1) كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت، اضطربوا أيضا في ضبط اسم راويه هارون أبي قزعة، فقيل فيه هكذا، وقيل: هارون بن قزعة، وقيل: هارون بن أبي قزعة، كما في التعليق المغني، قول: ولعل الصواب الوجه الأول، فقد قال ابن عدي في " الكامل " (7/2588) : وهارون أبو قزعة لم ينسب. اهـ. 1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/170/1 - 2) عن عيسى بن المساور: حدثنا سويد ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال: " لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد: متروك الحديث ". وقال في " الميزان ". " هو واه جدا ". وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وأشار المنذري في " الترغيب " (3/79) إلى أن الحديث حسن أو قريب من الحسن؛ فلا تغتر به. 1254 - " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة، وحتى توجد المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يؤمئذ الذي يقول: لونحيتها عن الطريق قليلا، فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا أخرجه الحاكم (4/495) من طريق القاسم بن الحكم العرني: حدثنا سليمان بن أبي سليمان: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل سليمان هالك، والخبر شبه خرافة ". قلت: وكأنه يعني ما في آخره من المبالغة في أنه مثل أبي بكر وعمر، وإلا فسائر الحديث صحيح عن أبي هريرة وغيره، ولذلك أوردته في " الصحيحة " تحت رقم (475) . وفي الحديث علة أخرى وهي ضعف القاسم بن الحكم العرني قال في " التقريب ": " صدوق فيه لين ". 1381 - " خير لهو المؤمن السباحة، وخير لهو المرأة المغزل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي في " الكامل " (57/1) : حدثنا جعفر بن سهل: حدثنا جعفر بن نصر : حدثنا حفص: حدثنا ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ظلمات فوق بعض، وهو موضوع، وآفته جعفر بن نصر هذا، قال ابن عدي: " حدث عن الثقات بالبواطيل، وليس بالمعروف، وهذا الحديث ليس له أصل في حديث حفص بن غياث، وله غير ما ذكرت من الأحاديث موضوعات على الثقات ". وقال الذهبي: " متهم بالكذب ". ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا منها، ثم قال: " وهذه أباطيل ". وأقره الحافظ في " اللسان "، وسبقهم ابن الجوزي فأورده في " الموضوعات " ( 2/268) وقال: " لا يصح ". قال المناوي: " وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات ". قلت: وأما في اللآلي " فتعقبه بما لا طائل تحته فقال (2/168) : " قلت: قال أبو نعيم.. ". قلت: فذكر الحديث الآتي عقبه، وهو مع أنه شاهد قاصر كما سترى، لأنه لا يشهد إلا للشطر الثاني من الحديث؛ ففيه من هو كذاب أيضا، وآخر متهم، فكيف يستشهد بمثله؟ ! والعجب من المناوي! فإنك تراه في " الفيض " يحكم على الحديث بالوضع مقرا لابن الجوزي عليه، فإذا به يقول في " التيسير ": " إسناده ضعيف "! والحديث المشار إليه هو: 1382 - " نعم لهو المراة المغزل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرامهرمزي في " الفاصل بين الراوي والواعي " (ص 142) : حدثنا موسى بن زكريا: حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا ابن علاثة قال: خصيف: حدثنا عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عمرو بن الحصين وهو كذاب، وخصيف ضعيف. وقد توبع من مثله عن مجاهد مرسلا أوموقوفا، فقد ذكر ابن قدامة المقدسي في " المنتخب " (10/194/2) من طريق حنبل: حدثنا أبو عبد الله: نا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد موقوفا عليه. قال أبو عبد الله: " كان في كتابه (يعني ابن فضيل) : عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى أن يرفعه، وقال : إنه سنع، يعني ابن فضيل ". قلت: كذا الأصل: " سنع " ولعل الصواب: " نسي ". والله أعلم. وتمام الحديث في " المنتخب: " ونعم لهم المؤمن السباحة ". وقد تقدم الكلام عليه آنفا. وليث هو ابن أبي سليم، وكان قد اختلط. ولعل الصواب في الحديث أنه موقوف على مجاهد. والله أعلم. وللحديث طريق آخر، فقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر عمر بن محمد بن السري بن سهل عن عبد الله بن أحمد الجصاص عن يزيد بن عمرو الغنوي عن أحمد بن الحارث الغساني عن بسام بن عبد الرحمن عن أنس رفعه بالجملة الأولى فقط دون زيادة " المنتخب ". ذكره السيوطي في " اللآلي " (20/168 - 169) شاهدا للحديث الذي قبله وسكت عليه فأساء، لأن إسناده ظلمات بعضها فوق بعض! فعمر بن محمد بن السري قال الذهبي: " هالك اتهمه أبو الحسن بن الفرات، وقال الحاكم: كذاب، رأيتهم أجمعوا على ترك حديثه، وكتبوا على ما كتبوا عنه: كذاب ". وأحمد بن الحارث؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/47) عن أبيه: " متروك الحديث ". واتهمه البخاري بقوله: " فيه نظر ". وكذا قال الدولابي. وبقية الرواة لم أعرفهم. أفبمثل هذا الإسناد يدافع السيوطي عن الموضوعات؟ ! 1397 - " للنساء عشر عورات، فإذا زوجت المرأة ستر الزوج عورة، وإذا ماتت المرأة ستر القبر تسع عورات ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه الديلمي من طريق إبراهيم بن أحمد الحسني: حدثنا الحسين بن محمد الأشقر عن أبيه محمد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن أبيه الحسن بن الحسن ابن علي عن الحسن عن علي مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلي " (2/438) شاهدا للذي قبله، وسكت عنه هو وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/372 - 373) . وأقول: إسناده مظلم، من دون محمد الأشقر لم أعرفهم، وشيخه عبد الله بن محمد؛ الظاهر أنه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أبو محمد العلوي قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث. ومن فوقهم من أهل البيت معروفون بالصدق، ومترجمون في " التهذيب "، فالعلة ممن دونهم. 1490 - " جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق؟ لا تنبغي الصنيعة إلا لذي حسب أودين، وجئتم تسألوني عن الرزق وما يجلبه على العبد؟ فاستجلبوه واستنزلوه بالصدقة ، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء؟ فإن جهاد الضعفاء الحج والعمرة، وجئتم تسألوني عن جهاد النساء؟ وإن جهاد المرأة حسن التبعل، وجئتم تسألوني عن الرزق؟ ومن يأتي؟ وكيف يأتي؟ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (99/1) ومن طريقه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 48/1) : نا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي: نا جدي حرملة قال: حدثني عمر بن راشد المدني قال: حدثني مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: " احتج أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فتماروا في شيء، فقال لهم علي: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جئنا يا رسول الله نسألك عن شيء، فقال: إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم أخبرتكم بما جئتم له، قالوا: أخبرنا، قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمر بن راشد المدني؛ هو أبو حفص الجاري: قال أبو حاتم: " وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي: " منكر الحديث ". وأحمد بن طاهر، قال الدارقطني: " كذاب ". قال الذهبي: " وأتى بحديث منكر متنه (أبى الله أن يرزق المؤمن إلا من حيث لا يعلم) ". قلت: وأخرجه الحاكم في " تاريخه " بإسناده عن عمر بن خلف المخزومي: حدثنا عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما جالسا في مجلسه، فاطلع علي بن أبي طالب.. ". قلت: فذكره، وقال الحاكم: " هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المديني عزيز الحديث جدا ". قلت: هو مختلف فيه، وإنما الآفة من عمر بن راشد، وقد عرفت حاله، ومن طريقه أخرج الديلمي (1/1/80) الجملة الأخيرة منه. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/152 - 153) من طريق ابن حبان، وهذا في " الضعفاء " (1/147) بسنده عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب قال : حدثني مالك عن جعفر بن محمد به، وقالا: " موضوع، آفته أحمد بن داود بن عبد الغفار ". وقال السيوطي عقبه في " اللآلي " (2/71) : " وقال ابن عبد البر: هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن، لكنه منكر عندهم عن مالك، لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه ". ثم ذكر له السيوطي طريقا أخرى عن علي وفيها هارون بن يحيى الحاطبي، ذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال ابن عبد البر: " لا أعرفه ". وقال البيهقي: " لا أحفظه على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ". 1531 - " لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلوالخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلوإلى يوم القيامة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 446) من طريق شعبة عن حصين عن عبد الأعلى بن الحكم - رجل من بني عامر - عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: دخلت مع عبد الله يوما المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة ... وقال: " صحيح الإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحا ". قلت: كلا، وأعله الذهبي بأنه موقوف وليس بشيء، وإنما علته أمران: الأول: جهالة حال عبد الأعلى بن الحكم، وخارجة بن الصلت، فقد ترجمهما ابن أبي حاتم (1 / 2 / 374 و3 / 1 / 25) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا. والآخر: الاختلاف في إسناده، فقد رواه شعبة هكذا، وتابعه زائدة: أخبرنا حصين به نحوه مقتصرا على الفقرة الأولى منه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 36 / 2) . وخالفهما الثوري، فقال: عن حصين عن عبد الأعلى قال: " دخلت المسجد مع ابن مسعود فركع ... " الحديث نحوه بتمامه. أخرجه الطبراني. والثوري أحفظ من شعبة، لكن هذا معه زائدة، ومعهما زيادة، فالواجب قبولها. وبالجملة فالحديث علته الجهالة، وإنما أوردته من أجل قوله: " وحتى تغلوالخيل ... " إلخ، فإني لم أجد له شاهدا مفيدا يقويه، وأما سائره فصحيح ثابت من طرق فانظر الكتاب الآخر رقم (647 - 649) . 1611 - " إذا خطب أحدكم المرأة، فليسأل عن شعرها، كما يسأل عن جمالها، فإن الشعر أحد الجمالين ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 110) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي عن عبد الله بن إدريس المديني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته إسحاق هذا، قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وعبد الله بن إدريس المديني لم أعرفه. وللحديث طريق أخرى عند الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفيه الحسن بن علي العدوي، وهو كذاب وضاع، ومن هذه الطريق أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " فأصاب، وذكر له السيوطي في " اللآلىء " (رقم 1870) طريقا هي التي قبل هذا، وقال: " إسحاق بن بشر الكاهلي كذاب "، ثم تناقض فأورده من هذا الوجه في " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع! ولذلك تعقبه المناوي في شرحه بما نقلته عنه من كلامه في " اللآلىء "، وأورده ابن عراق في " الفصل الأول من كتاب النكاح " من " تنزيه الشريعة " (300 / 1) هذا الفصل الذي نص في مقدمة كتابه أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف. فاعتبر السيوطي موافقا لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع، فانظر ما أشد تناقض السيوطي عفا الله عنا وعنه! 1632 - " إذا قالت المرأة لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط، فقد حبط عملها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه ابن عساكر (16 / 140 / 1) عن سلام بن رزين (الأصل: رزيق) عن عمر بن سليم عن يوسف بن إبراهيم عن أنس عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، آفته يوسف هذا، قال ابن حبان: " يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه ". وقال البخاري: " صاحب عجائب ". وسلام بن رزين، قال الذهبي: " لا يعرف، وحديثه باطل ". ثم ساق له حديثا غير هذا بسنده الصحيح عن ابن مسعود، وقال: " قال أحمد: هذا موضوع، هذا حديث الكذابين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي وابن عساكر عن عائشة، وتعقبه المناوي في " الفيض " بقول ابن حبان المذكور في يوسف بن إبراهيم، ثم اقتصر في " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! 1633 - " إذا مضى للنفساء سبع، ثم رأت الطهر، فلتغتسل ولتصل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الدارقطني (82) ومن طريقه البيهقي (1 / 342) : حدثنا أبو سهل بن زياد حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا عبد السلام بن محمد الحمصي - ولقبه سليم -: حدثنا بقية بن الوليد: أنبأنا علي بن علي بن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قال سليم: فلقيت علي بن علي فحدثني عن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال الدارقطني: " الأسود، هو ابن ثعلبة، شامي ". وأخرجه البيهقي أيضا، وكذا الديلمي (1 / 1 / 152) من طريق الحاكم - وهذا في المستدرك (1 / 176) -: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد النحوي ببغداد: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي به، إلا أنه أسقط من الإسناد علي بن علي. وقال البيهقي: " والأول أصح، وإسناده ليس بالقوي ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: إن كان ذلك لأجل بقية فهو مدلس، وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذا صرح بذلك فهو مقبول ". قلت: ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي، أن سليما لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سلميا هذا، وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي لإسناده، لأنه ليس بالمشهور كثيرا، حتى أن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله، فإنه أورده في " اللسان " قائلا: " روى عن بقية ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم وعبد الله بن سالم الأشعري وطبقتهم، روى عنه محمد بن عوف الحمصي وطبقته ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا عجيب منه، فإن ابن أبي حاتم قد أورده في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 48 - 49) ووصفه بـ " المعروف بسليم " وزاد في شيوخه " بشر بن شعيب "، وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال: " صدوق ". قلت: فمثله مما تطمئن النفس لحديثه، ويكون حسنا. ثم استدركت فقلت: إنما ضعفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني: " لا يعرف "، كما في " الميزان ". وذكر له في " التهذيب " عن عبادة بن الصامت قال: " علمت ناسا من أهل الصفة القرآن ... " الحديث. وعنه عبادة بن نسي. قال ابن المديني: " لا أحفظ عنه غير هذا الحديث ". قلت: ويستدرك عليهم هذا الحديث، فإنه ثابت الإسناد إليه، وقال الحاكم فيه: " شامي معروف، والحديث غريب "! ووافقه الذهبي. وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نقل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجعه (1 / 258) ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهو مه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضا، لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق. 1789 - " تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته، وتجمر ثيابه، ويذرر، وتحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها، وتجمر ثيابها، وتذرر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه ابن عدي (173 / 1) عن محمد بن موسى الحرشي حدثنا: هبيرة بن حدير العدوي حدثنا: سعد الحذاء عن عمير بن مأموم عن الحسن بن علي قال: سمعت أبي: وحدثني - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال: " سعد بن طريف أحاديثه كلها لا يرويها غيره، وهو ضعيف جدا ". قلت: وقال ابن معين: " لا يحل لأحد أن يروي عنه ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الفور ". قلت: وعمير بن مأموم، ويقال: مأمون، قال الدارقطني: " لا شيء ". وهبيرة بن حدير العدوي قال يحيى بن معين: " لا شيء ". ومحمد بن موسى الحرشي قال الحافظ: " لين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن الحسن بن علي مرفوعا. وقال شارحه المناوي: " قال البيهقي عقبه: وسعد غيره أوثق منه ". قلت: بل هو شر من ذلك كما تبين مما سبق. ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي وغيره مختصرا، وسيأتي برقم (2596) . 2005 - " كفر بالله العظيم جل وعز عشرة من هذه الأمة: الغال، والساحر، والديوث، وناكح المرأة في دبرها، وشارب الخمر، ومانع الزكاة، ومن وجد سعة ومات ولم يحج، والساعي في الفتن، وبائع السلاح أهل الحرب، ومن نكح ذات محرم منه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عساكر (15/143/1) عن محمد بن خالد الدمشقي: حدثنا مطر بن العلاء عن حنظلة بن أبي سفيان عن أبيه عن البراء بن عازب مرفوعا. أورده في ترجمة محمد بن خالد هذا، وذكر أنه الفزاري قرابة مطر بن العلاء، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي طبقته من " الميزان " و" لسانه ": " محمد بن خالد الدمشقي عن الوليد بن مسلم؛ قال أبو حاتم: كان يكذب ". فالظاهر أنه هذا. وشيخه مطر بن العلاء ترجمه ابن عساكر (16/295/2) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، غير أنه روى عن أبي حاتم أنه قال فيه: " شيخ ". والحديث أورده السيوطي من رواية ابن عساكر هذه، وتبعه المناوي في " الفيض " بقوله: " وظاهر صنيع المؤلف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر، مع أن الديلمي أخرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور من هذا الوجه ". ولم يتكلم عليه بشيء؛ تضعيفا أوتصحيحا، وكذلك فعل في " التيسير "! 2041 - " نعم العون على الدين المرأة الصالحة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له أورده الغزالي (4/90) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي: " لم أجد له إسنادا ". وتبعه الشيخ تاج الدين السبكي في " فصل جمع فيه جميع ما في " الإحياء " من الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا " من كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " (4/172) . 2063 - " إني لأبغض المرأة تخرج من بيتها تجر ذيلها تشكوزوجها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه ابن صاعد في " الأمالي " (ق 84/1) ، والطبراني في " الأوسط " (1/170/2 و7/6/6004 - ط) عن يحيى بن يعلى الأسلمي عن سعد الإسكاف عن عبد الله بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن أبي عبد الله الجدلي عن أم سلمة مرفوعا، وقال الطبراني: " لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى ". قلت: وهو ضعيف، كما في " التقريب ". لكن شيخه سعد الإسكاف شر منه، واسم أبيه طريف، قال الحافظ: " متروك، ورماه ابن حبان بالوضع ". 2274 - " كان يكره أن يرى المرأة ليس بيدها أثر الحناء والخضاب ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (136/1) ، والبيهقي في " سننه " ( 7/311) عن أبي عقيل عن بهية، قالت: سمعت عائشة تقول: فذكرته مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بهية لا تعرف، وأبو عقيل - اسمه يحيى بن المتوكل - ضعيف. 2350 - " إذا بدا خف المرأة بدا ساقها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/1/105) عن عقبة بن الزبير: حدثنا عبد الله بن محمد القداح: حدثنا يونس بن محمد بن فضالة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. بيض له الحافظ في " مختصره "، وإسناده مظلم. محمد بن فضالة، وابنه يونس، وعبد الله بن محمد القداح؛ ترجمهم ابن أبي حاتم (4/1/55 و4/2/246 و2/2/158) ، ولم يذكر فيهم جرحا ولا تعديلا، فهم في عداد المجهولين، وقال الذهبي في (القداح) : " مستور، ما وثق ولا ضعف، وقل ما روى ". وعقبة بن الزبير، لم أر من ذكره. 2401 - " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/1/156) من طريق الطبراني عن النضر بن شميل: حدثنا الأموي: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. مجالد - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي. والأموي، لم أعرفه، وهم جماعة ينسبون هذه النسبة فمن هو منهم؟ والحديث عزاه السيوطي للشيرازي في " الألقاب " عن ابن عباس وعلي، وقال المناوي: " وفيه هشيم بن بشير؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: حجة حافظ يدلس، وهو في الزهري لين، وحكم ابن الجوزي بوضعه ". 2553 - (إذا خطب أحدكم المرأة وهو يخضب بالسواد، فليعلمها أنه يخضب بالسواد) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الديلمي (1/1/111) عن عيسى بن ميمون أبي هشام عن القاسم بن محمد عن عائشة: إذا....هكذا في النسختين لم يرفعه. قلت: وهذا حديث موضوع، آفته عيسى بن ميمون هذا، وهو القرشي المدني مولى القاسم بن محمد، قال عبد الرحمن بن مهدي: " استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروي عن القاسم عن عائشة؟ ! فقال: لا أعود ". وقال البخاري: " منكر الحديث " وقال ابن حيان: " يروي أحاديث كلها موضوعات ". 2652 - (إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي (2/223) من طريق سالم بن غيلان عن يزيد ابن أبي حبيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال: فذكره. وقال: " حديث منقطع ". قلت: يعني مرسل، فإن يزيد بن أبي حبيب تابعي ثقة. وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: ظاهر كلامه أنه ليس في هذا الحديث إلا الانقطاع، وسالم متروك، حكاه صاحب " الميزان " عن الدارقطني ". قلت: وظاهر هذا التعقب أن صاحب " الميزان " لم يحك في المترجم غير ما حكاه عن الدارقطني، وليس كذلك، فقد قال عقبه: " قال أحمد: ما أرى هـ بأسا، وقال دس: لا بأس به. وذكره ابن حبان في (الثقات) ". قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة أولى بالاعتماد عليه من جرح الدارقطني، لأنه جرح غير مفسر، فكأنه لذلك لم يورده الذهبي في " الضعفاء "، ولا في " ذيله "، وقال الحافظ في " التقريب ": " ليس به بأس ". فعلة الحديث الإرسال فقط. والله أعلم. 2887 - (صلاة المرأة وحدها تفضل صلاتها في الجمع خمسا وعشرين درجة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/58) من طريق بقية بن الوليد: حدثني أبو عبد السلام: حدثني نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، آفته أبو عبد السلام - وهو الوحاظي - وهو في مشيخة (بقية) العوام المجهولين، والخبر منكر؛ كذا في " الميزان "، ولعله يعني هذا الخبر. 3126 - (إن الله يحب المرأة الملقة البزعة مع زوجها، الحصان عن غيره) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 249) عن محمد بن جعفر بن مالك عن محمد بن منصور عن محمد بن سلمة: أخبرني علي بن جعفر عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف: الحسين هذا - وهو أبو عبد الله العلوي الكوفي، ضعيف؛ كما قال ابن المديني. وعلي بن جعفر - وهو ابن محمد الصادق - مجهول الحال، كما سبق بيانه تحت الحديث (3121) . ومن دونه لم أعرفهم. 3214 - (إنكم لتبخلون وتبنون وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 348) ، وأحمد (6/ 409) ، والحربي في "الغريب" (5/ 157/ 1) ، والقاضي أحمد بن سليمان بن حذلم في "حديثه" (1/ 146-147) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 300) من طريق ابن أبي سويد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول: ... فذكره. وقال الترمذي: "لا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعاً من خولة". قلت: فالسند ضعيف لانقطاعه. لكن له علة أخرى وهي الجهالة؛ فإن ابن أبي سويد - واسمه محمد - مجهول؛ كما في "التقريب". والجملة الأولى صحيحة؛ فإن لها شواهد، فانظر "تخريج المشكاة" (4691و4692) والحديث الآتي برقم (4764) . 3216 - (اتقوا الله في الصلاة، اتقوا الله في الصلاة، (ثلاثاً) ، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، اتقوا الله في الضعيفين: المرأة الأرملة والصبي اليتيم، اتقوا الله في الصلاة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 477/ 11053) من طريق أبي المعتمر عمار بن زربي: حدثنا بشر بن منصور، عن ثابت عن أنس قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث حضرته الوفاة، قال: فقال لنا: (فذكره) فجعل يرددها وهو يقول: "الصلاة"، وهو يغرغر حتى فاضت نفسه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته (عمار بن زربي) ؛ فإنه متهم؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 39) : "سألت أبي عنه؟ فقال: "كذاب متروك الحديث"، وضرب على حديثه، ولم يقرأه علينا". وضعفه العقيلي وابن عدي وغيرهما، وشذ ابن حبان - كعادته - فذكره في "الثقات" (8/ 517) وقال: "يغرب ويخطىء" ومثله في الشذوذ، ما جاء في "الكنى والأسماء" للدولابي (2/ 120) : حدثنا أحمد بن شعيب قال:حدثنا أحمد بن سيار أبو أيوب قال: حدثنا عمار بن زربي أبو المعتمر البصري - وكان ثقة - قال: حدثنا المعتمر بن سليمان ... فذكر حديثاً في التعرض لنفحات الله، كنت خرجته في "الصحيحة" (1890) من طرق أخرى، فقوله: "وكان ثقة" لا أدري من قاله، ومن دونه ثقتان، فأستبعد أن يكون أحدهما هو الموثق، وخصوصاً (أحمد بن شعيب) وهو الإمام النسائي، فإنه لو كان ذلك منه لعرفه الحفاظ كالذهبي والعسقلاني، ولذكروه في ترجمة الرجل، فإعراضهم عنه دليل على أنه لا أصل له. فإذن؛ من أين جاء هذا التوثيق؟ وعليه أقول: إما أن يكون مقحماً من بعض النساخ، أو هو من أوهام الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه. والله أعلم. هذا، وقد غفل عن علة الحديث المناوي، وتبعه في ذلك من تخصص بتتبع زلاته؛ فوقع فيها، فقال المناوي في "فيض القدير": "رمز المصنف لحسنه، لكن فيه (بشر بن منصور الحناط / الأصل الخياط) أورده الذهبي في "المتروكين"، وقال: هو مجهول قبل المئتين". فتعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" (1/ 158) بما خلاصته: "إن (بشر ابن منصور الحناط) ثقة، فالحديث حسن كما قال المصنف، لا سيما وقد ورد عن أنس من طريق آخر على شرط الصحيح مختصراً". قلت: ولي على هذا التعقب ملاحظات: الأولى: متابعته في الغفلة عن العلة الحقيقية، وهي (عمار بن زربي) ولو أنه تنبه لها لأرعد وأزبد على المناوي! الثانية: موافقته إياه على أن (بشراً) هذا هو الحناط، وهو خطأ لأمرين اثنين: أحدهما: أنهم لم يذكروا في الرواة عنه (عماراً) هذا. وإنما ذكروه في الرواة عن (بشر بن منصور السليمي) . والآخر: أن لعمار هذا حديثاُ آخر قال فيه: حدثنا بشر بن منصور عن شعيب ابن الحبحاب بإسناد آخر عن عبد الله بن الشخير ... وقد مضى لفظه وتخريجه برقم (2868) ، وقد ذكروا (شعيباً) هذا في شيوخ (بشر بن منصور السليمي) فهو إذن شيخ عمار في حديث الترجمة، وليس (الحناط) ، أقول هذا بياناً للحقيقة، والسليمي ثقة، وقريب منه (الحناط) . الثالثة: إذا كان (الحناط) ثقة، فهل هذا كاف في الحكم على الحديث بالحسن؟! أم لا بد من نظر في سائر رواة الإسناد، وهذا مما لم يفعله وإلا لما وقع في تلك الغفلة! الرابعة: هب أنه توهم أنه ثقة كسائر رجاله، فلماذا اقتصر في الحكم عليه بالحسن دون الصحة، وإن كان في رأيه فيهم من تكلم فيه بكلام يمنع الحكم عليه بالصحة فلم لم يبينه؟ أهكذا يكون تحقيق من يأذن لأصحابه بأن يلقبوه بالحافظ ويصفوه بذلك في الكتاب المذكور مما طبع في حياته أو بعد وفاته؟! وأخيراً: قوله في حديث أنس: "على شرط الصحيح" فيه تساهل؛ لأنه من رواية قتادة عن أنس، وقتادة مدلس. وقد يغتفر هذا في الشواهد فكان عليه أن يكثر منها تقوية للحديث لو كان له شواهد بتمامه، وهيهات! وقد كنت خرجت بعضها في بعض تأليفاتي، مثل "الصحيحة" (868) و "الإرواء" (2178) ، وهي مختصرة ليس فيها الجملة الأخيرة: "اتقوا الله في الضعيفين ... "، ولا تكرار جملة الصلاة وما بعدها. وإنما ثبتت الجملة الأخيرة بلفظ. "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1015) . 3217 - (إنما الأمل رحمة من الله لأمتي، لولا الأمل ما أرضعت أم ولداً، ولا غرس غارس شجراً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 51-52) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 2/ 321) من طريق محمد بن إسماعيل بن هارون الرازي بسنده الصحيح عن أنس مرفوعاً به. وقال الخطيب: "هذا حديث باطل، لا أعلم جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي، وكان غير ثقة". وساق له أحاديث أخرى وصفها كلها بأنها باطلة، وقال الذهبي: "هي من وضعه". 3233 - (إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1590) ، والحاكم (4/ 61-62) من طريق إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا عبد الله بن عمر [عن أخيه عبيد الله بن عمر] عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن حمنة بنت جحش: أنه قيل لها: قتل أخوك، فقالت: رحمة الله! وإنا لله وإنا إليه راجعون. قالوا: قتل زوجك، قالت: واحزناه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري في "الزوائد" (120/ 1) : "فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف". قلت: والفروي فيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق، كف فساء حفظه". قلت: ولعله لما ذكرنا سكت عليه الحاكم فلم يصححه، وتابعه الذهبي فلم ينبه على ضعفه! 3292 - (لا تقتل المرأة إذا ارتدت) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الدارقطني في "سننه" (3/ 117/ 118) من طريق عبد الله بن عيسى الجزري: أخبرنا عفان: أخبرنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الدارقطني: "عبد الله بن عيسى هذا كذاب يضع الحديث على عفان وغيره، وهذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا رواه شعبة". وأقره الذهبي في "الميزان"، وذكر أن هذا الحديث من مصائبه، ووافقه العسقلاني. وقال الجورقاني في كتابه "الأباطيل والمناكير" (2/ 170) : "هذا حديث باطل.."، ثم ذكر كلام الدارقطني. وعاصم - وهو ابن أبي النجود - في حفظه ضعف. وقد خولف الجزري في رفع هذا الحديث؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 177/ 18731) : عن الثوري عن عاصم به، موقوفاً على ابن عباس. وهذا إسناد حسن في الظاهر، لكن قد أخرجه الدارقطني من طريق أبي يوسف محمد بن بكر العطار الفقيه: أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي حنيفة عن عاصم بن أبي النجود به، فبين سفيان - وهو الثوري - وعاصم أبو حنيفة، وفيه ضعف من قبل حفظه، وقد أشار هذا سفيان نفسه كما يأتي عن البيهقي. لكن العطار هذا؛ قال الذهبي: "لا يدرى من ذا؟ ". وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 139/ 9043) : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ووكيع عن أبي حنيفة به. أخرجه البيهقي (8/ 203) ، وعقب عليه بما رواه بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سألت سفيان عن حديث عاصم في المرتدة؟ فقال: "أما عن ثقة فلا ". قلت: فرجع الأثر إلى عن أبي حنيفة، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الجورقي عقب الحديث وقال: "وأبو حنيفة متروك الحديث". ومن شاء استيعاب أقوال حفاظ الأئمة فيه فليرجع إلى ما تقدم ذكره تحت الحديث (458) ؛ فإنك ستعلم حينئذ مبلغ تعصب ابن التركماني في قوله تحت هذا الأثر في "الجوهر النقي": "وإن ضعفوا هذا الأثر من أجل أبي حنيفة، فهو وإن تكلم فيه بعضهم، فقد وثقه كثيرون، وأخرج له ابن حبان في "صحيحه"، واستشهد به الحاكم في "المستدرك"، ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام أولئك"! قلت: هذا تعطيل لعلم الجرح تعصباً للإمام؛ فإن الجرح لا ينظر فيه إلى دين المجروح وورعه وعلمه، وإنما إلى حفظه وضبطه لرواياته بعد أن تثبت عدالته، ولا شك عندي في عدالته، ولكن الضبط والحفظ شيء آخر، وهذا ما لم يعرف به الإمام رحمه الله، بل عرف بنقيضه. ومن التعصب وقلب الحقائق أنه أشار إلى تقليل عدد المتكلمين فيه بقوله: "بعضهم"، وكثرة الموثقين، والحقيقة على العكس من ذلك تماماً، كما يشهد بذلك ما ذكرته تحت الحديث المشار إليه آنفاً. وأما قوله: "واستشهد به الحاكم"؛ فهو إذا صح عليه لا له؛ لأن الاستشهاد بالراوي غير الاحتجاج به كما هو مقرر في هذا العلم الشريف. وأما قوله: "وأخرج له ابن حبان في صحيحه"؛ فهو مدسوس في نقدي، وإن صح فيكون على سبيل الاستشهاد لا الاحتجاج (1) ، والدليل على ذلك أن ابن حبان لم يورده في كتابه "الثقات" على تساهل شرطه فيه كما هو معلوم عند النقاد، بل هو على العكس من ذلك فقد أورده في كتابه الآخر: "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" وقد أساء القول فيه، وكان مما قال (3/ 63) : "وكان رجلاً جدلاً، ظاهر الورع، لم يكن الحديث صناعته، حدث بمئة وثلاثين حديثاً مسانيد، ما له في الدنيا غيرها، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثاً؛ إما أن يكون قلب إسناده، أو غير متنه من حيث لا يعلم، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار". ولذلك علق عليه محققه بثلاث صفحات ملؤها قلب الخقائق، والاحتجاج بما لم يصح من أقوال الأئمة، والإعراص عن أقوالهم الثابتة عنهم في الإمام رحمه الله، واعتبار الأئمة المتكلمين فيه من المتعصبين ضده على قاعدة: (رمتني بدائها وانسلت) ! واعلم أن هناك حديثاً خلاف حديث الترجمة: أن امرأة ارتدت عن الإسلام، فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت. أخرجه الدارقطني وغيره، وإسناده ضعيف، وقد تكلمت عليه في "الإرواء" (2472) وذكرت له بعض المتابعات والطرق، فلعله لذلك سكت عنه الحافظ في "الفتح" (12/ 268) ، فإن ثبت قامت به الحجة، وإلا ففي عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه" كفاية. رواه البخاري وأصحاب السنن وغيرهم، وهو في "الإرواء" (2471) . __________ (1) ثم تأكدت من دس ذلك بأمور كثيرة، منها: أن أحدا ممن ترجم له رحمه الله لم يذكر ذلك، ولم يرد له ذكر في فهرس " صحيح ابن حبان / الإحسان " طبع المؤسسة، ولا ادعى ذلك أحد من المتعصبة غير ابن التركماني عفا الله عنا وعنه. 3433 - (ثلاث وثلاث وثلاث، فثلاث لا يمين فيهن، وثلاث المعلون فيهن، وثلاث أشك فيهن. فأما الثلاث التي لا يمين فيهن: فلا يمين مع والد، ولا المرأة مع زوجها، ولا المملوك مع سيده. وأما المعلون فيهن: فمعلون من لعن والديه، ومعلون من ذبح لغير الله، ومعلون من غير تخوم الأرض، وأما الثلاث التي أشك فيهن: فلا أدري أعزير كان نبياً أم لا، ولا أدري ألعن تبعاً أم لا، قال: ونسيت، يعنى: الثالثة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه لوين في "أحاديثه" (31/ 1-2) : حدثنا حبان بن علي عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق لوين ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 408-دمشق) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حبان بن علي - وهو العنزي - ضعيف. ومثله شيخه محمد بن كريب. والثلاث الأخيرات قد صح فيهن حديث أبي هريرة، وفيه ذكر ذي القرنين بدل عزير، وأن الثالثة: "ولا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا"، فانظر: "الصحيحة" (2217) . 3491 - (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع القضاء السوء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً رواه ابن عساكر (5/ 327/ 2) عن أبي الحسن علي بن أحمد بن زهير التميمي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن القاسم الغساني: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن محمد الأنطاكي البزاز - قدم علينا دمشق -: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري: أخبرنا ابن ناجية: أخبرنا محمد بن المثنى: أخبرنا محمد بن خالد بن عثمة: أخبرنا عبد الله بن محمد المنكدر عن أبيه عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عبد الله بن محمد بن المنكدر لم أجد له ترجمة، وقد ذكر الحافظ في الرواة عن أبيه محمد بن المنكدر أخويه يوسف والمنكدر، أما هو فلم يتعرض له بذكر، فهذا يشعر بأنه غير معروف. والله أعلم. ومن دون ابن ناجية لم أعرفهم غير علي بن أحمد بن زهير التميمي، قال الذهبي: "ليس يوثق به، قال أبو القاسم ابن صابر: كان غير ثقة". 3519 - (الحج جهاد كل ضعيف، وجهاد المرأة حسن التبعل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن ماجه (2902) ، وأحمد (6/ 294و303) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (9/ 1) من طريق القاسم بن الفضل، عن محمد بن علي، عن أم سلمة مرفوعاً بالشطر الأول. ثم رواه القضاعي بتمامه من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عامر ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن علي مرفوعاً، في حديث طويل. وكتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على الهامش: "ضعيف". وعلى الطريق الأولى: "سنده منقطع". قلت: ووجه الأول؛ أن محمد بن علي - وهو أبو جعفر الباقر - لم يسمع من أم سلمة؛ كما قال أحمد وأبو حاتم. ووجه الآخر؛ أن ابن لهيعة سيىء الحفظ، لكنه شاهد لا بأس به للطريق الأولى، فيتقوى به الشطر الأول من الحديث. والله أعلم. 3555 - (خمسة لا جمعة عليهم: المرأة، والمسافر، والعبد، والصبي، وأهل البادية) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 128-129) عن حفص بن سالم السمرقندي: حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن طريق إبراهيم بن حماد مولى هاشم بن المسور بن مخرمة: حدثنا مالك بن أنس به. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ آفته حفص بن سالم (كذا الأصل، وفي كتب الرجال: سلم) السمرقندي، يكنى بأبي مقاتل، قال الذهبي: "وهاه قتيبة شديداً، وكذبه ابن مهدي". وقال الحاكم والنقاش: "حدث عن مسعر وأيوب وعبيد الله بأحاديث موضوعة". وقد تابعه في الطريق الأخرى إبراهيم بن حماد، ولكنه ضعيف، ولعله سرقه منه؛ فقد أخرجه من طريقه: الدارقطني في "الغرائب" وقال: "تفرد به إبراهيم، وكان ضعيفاً". كذا قال! وكأنه لن يطلع على الطريق الأولى. 3653 - (الرؤيا ستة: المرأة خير، والبعير خوف، واللبن الفطرة، والخضرة الجنة، والسفينة نجاة، والتمر رزق) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (2/ 174) عن أبي يعلى: حدثنا رجل من أهل الشام: كنا جلوساً عند عمر بن عبد العزيز، فجاء رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين! ها هنا رجل رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام عمر، وقمنا معه، قال: أنت رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: هل سمعت منه شيئاً؟ قال: نعم؛ سمعته يقول: ... فذكره. قلت: كذا في الأصل: أبو يعلى يقول: حدثنا رجل من أهل الشام.... ليس بينه وبين الرجل الذي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الرجل الشامي، فالظاهر أن فيه سقطاً بينهما؛ واسطتان أو أكثر. والسند ضعيف؛ لجهالة الشامي. 3701 - (سفر المرأة مع عبد ها ضيعة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه البزار في "الكشف" (1076) ، وابن الأعرابي في "المعجم" (18/ 1) : أخبرنا محمد (يعني: ابن إسماعيل الترمذي) : أخبرنا هاشم بن عمرو: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني بزيع بن عبد الرحمن، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 112/ 2) من طريق آخر عن ابن عياش به، وقال: "لم يروه عن نافع إلا بزيع، تفرد به إسماعيل". قلت: وهو ثقة في الشاميين، ضعيف في غيرهم، ولم يظهر لي عن أيهم روايته هذه، فإن شيخه بزيع بن عبد الرحمن؛ لم أجد من ذكر بلده، وقد أورده ابن حبان في "الثقات" (2/ 32) وقال: "يروي عن سوادة، روى عنه إسماعيل بن عياش". وقد ضعفه أبو حاتم كما في "الميزان"، وساق له هذا الحديث. ثم رأيت الحديث في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 298) من هذا الوجه، وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر، ويرويه ضعيف الحديث". 3923 - (عورة الرجل على الرجل كعورة الرجل على المرأة، وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 180) ، والديلمي (2/ 295) عن إبراهيم بن علي الرافعي: حدثني علي بن عمر بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: الرافعي ضعفوه". وقال الحافظ: "ضعيف". 3993 - (لا تباع. [يعني أم الولد] ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (4/ 243/ 4147) ، والدارقطني (4/ 133/ 29) ، وعنه البيهقي (10/ 345) عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن خوات بن جبير قال: مات رجل وأوصى إلي، فكان فيما أوصى به أم ولده وامرأة حرة، فوقع بين أم الولد والمرأة كلام، فقالت لها المرأة: يا لكاع! غداً يؤخذ بأذنك، فتباعين في السوق، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تباع". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة المعروف، وبه أعله الهيثمي (4/ 249) . وتابعه رشدين بن سعد المهري: أخبرنا طلحة بن أبي سعيد، عن عبيد الله ابن أبي جعفر به. ورشدين هذا ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة؛ كما في "التقريب". قلت: وفي الطريق إليه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين؛ قال ابن عدي - كما تقدم ذكره مراراً -: "كذبوه". 4004 - (فضل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل؛ كأثر المخيط في الطين، إلا أن الله يسترهن بالحياء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 168/ 1-الجمع بينه وبين الصغير) : أخبرنا محمد بن أبان: أخبرنا أحمد بن علي بن شوذب الواسطي: أخبرنا أبو المسيب سلم بن سلام: أخبرنا ليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن يعقوب بن خالد، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن الليث إلا أبو المسيب". قلت: وهو مجهول الحال، روى عنه جماعة من الواسطيين وغيرهم، ولم أر من وثقه أو جرحه، ولذا قال الحافظ: "مقبول". ومثله يعقوب بن خالد - وهو ابن المسيب -؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 207) : "روى عنه يحيى بن سعيد - يعني الأنصاري -، وعمرو بن أبي عمرو، وابن الهاد". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وابن شوذب؛ لم أعرفه. ومثله محمد بن أبان، ويحتمل أن يكون هو محمد بن أبان الأصبهاني؛ فإنه من شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 187) ، وهو ثقة. والحديث قال الهيثمي (4/ 293) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن علي بن شوذب، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات". كذا قال، ولعل عمدته في إطلاقه التوثيق على أبي المسيب، ويعقوب بن خالد؛ ابن حبان، فقد يكون أوردهما في "الثقات"، فليراجع. ونقل المناوي عن ابن القيم أنه قال: "هذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده مظلم لا يحتج بمثله". قلت: وقد روي الحديث بإسناد آخر نحوه، ولفظه: "فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين في اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء". رواه ابن عبد الهادي في "أحاديث منتقاة" (338/ 1) عن ابن وهب: حدثني أسامة بن زيد: أن الجارود مولى ابن مليل الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة مرفوعاً. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 462/ 2) من طريق أبي الأسود: حدثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد الليثي: أنبأنا داود مولى بني محمد الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإن داود هذا لم أعرفه، ووقع عند ابن عبد الهادي: "الجارود"، وما أظنه إلا محرفاً؛ فقد قال المناوي بعد أن عزاه تبعاً لأصله للبيهقي في "الشعب": "وفيه داود مولى أبي مكمل؛ قال في "الميزان": قال البخاري: منكر الحديث. ثم ساق له هذا الخبر". ومن الغريب أننا لم نجد هذه الترجمة فيمن يسمى بـ "داود" من "الميزان"، ولا رأيت فيهم هذا الحديث، فغالب الظن أن "داود" نفسه محرف من الناسخين أو الطابعين للمناوي. والله أعلم. 4110 - (كل شيء للرجل حل من المرأة في صيامه ما خلا ما بين رجليها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 72) ، ومن طريقه ابن عساكر (16/ 383/ 1) عن أبي بكر بن أبي مريم، عن معاوية بن طويع اليزني، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال القاضي عبد الجبار: "معاوية بن طويع وعمر بن طويع اليزنيان من ساكني داريا، وأولادهم بها إلى اليوم". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاوية بن طويع مجهول؛ كما في "الميزان" و "اللسان". وابن أبي مريم؛ كان اختلط. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 309) من طريق أخرى عنه. 4136 - (من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 302) من طريق شيخه محمد بن محمد بن الأشعث: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي مرفوعاً. قلت: موضوع، المتهم به هذا الشيخ؛ فقد ساق له ابن عدي نحو خمسة وعشرين حديثاً من أصل قرابة ألف حديث بهذا الإسناد العلوي، وقال: "وعامتها من المناكير، وكان متهماً". وقال الدارقطني: "آية من آيات الله! وضع ذاك الكتاب. يعني العلويات". وقد مضى له حديث آخر موضوع في المجلد الرابع رقم (1932) . وقال الذهبي في "الميزان": "وساق له ابن عدي جملة موضوعات". 4137 - (أسقطت عائشة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطاً، فسماه عبد الله، فكناها أم عبد الله) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل أخرجه الخطيب في "الموضح" (1/ 321) من طريق داود بن المحبر: حدثنا محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وقال: فكناني ... قال محمد: فليس فينا امرأة اسمها عائشة إلا كنيت بأم عبد الله. قلت: وهذا باطل، موضوع إسناداً ومتناً. أما الإسناد؛ فلأن داود بن المحبر متهم؛ قال الذهبي في "المغني": "واه، قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وأجمعوا على تركه". وقد نسبه الدارقطني إلى سرقة الحديث. وأما المتن؛ فلأنه مخالف لما صح عن عائشة من طريق أخرى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! كل صواحبي لها كنية غيري، قال: "فاكتني بابنك عبد الله ابن الزبير" فكانت تدعى بأم عبد الله حتى ماتت [ولم تلد قط] . رواه أحمد وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (132) ، ولذا قال ابن القيم في "تحفة المودود": "حديث لا يصح؛ لمخالفته لهذا الحديث الصحيح". ونحوه قول الحافظ في "الإصابة": "لم يثبت". 4247 - (كان إذا خطب المرأة قال: اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن سعد (8/ 162) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا عبد الله ابن جعفر، عن ابن أبي عون، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا مرسل واه بمرة؛ محمد بن عمر - هو الواقدي -؛ متهم. ثم أخرجه عنه أيضاً بإسناد آخر له عن قتادة مرسلاً أيضاً. لكن رواه الطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد مرفوعاً نحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 282) : "وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد؛ وهو ضعيف". 4249 - (كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمسة: المرأة، والمكحلة، والمشط، والسواك، والمدرى) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (42) ، وابن عدي (19/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 270/ 1) عن أيوب بن واقد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال العقيلي: "ولا يتابع عليه" يعني أيوب بن واقد هذا، وروى عن أحمد أنه قال: ضعيف الحديث. وعن ابن معين: أنه ليس بثقة. وعن البخاري: أن حديثه ليس بالمعروف، منكر الحديث. ثم قال العقيلي: "ولا يحفظ هذا المتن بإسناد جيد". قلت: وقد تابعه أبو أمية إسماعيل بن يعلى: حدثنا هشام بن عروة به. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (13/ 2) وقال: "لا أعلم يرويه عن هشام غير أبي أمية بن يعلى وعبيد (كذا) بن واقد، وهو أيضاً في جملة الضعفاء". قلت: وهو ضعيف جداً كالذي قبله، ومن طريقه رواه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (5/ 171) . وتابعهما يعقوب بن الوليد، عن هشام بن عروة به. أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 304) وقال: "قال أبي: هذا حديث موضوع، ويعقوب بن الوليد كان يكذب". وروي الحديث عن أبي سعيد وأم سعد الأنصارية بسندين ضعيفين؛ كما نقله المناوي عن الحافظ العراقي. 4425 - (ما إكثاركم علي في حد من حدود الله عز وجل وقع على أمة من إماء الله؟ والذي نفسي بيده! لو كانت فاطمة ابنة رسول الله نزلت بالذي نزلت به؛ لقطع محمد يدها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا السياق أخرجه ابن ماجه (2/ 113) ، والحاكم (4/ 379-380) ، والبيهقي (8/ 281) ، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن ركانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها قال: لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تطهر خير لها"، فلما سمعنا لين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتينا أسامة، فقلنا: كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ قام خطيباً فقال: فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن ابن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه. نعم؛ الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها نحوه (1) ، ليس فيه الطرف الأول منه، ولذلك خرجته هنا. وقد اضطرب في إسناده ومتنه ابن إسحاق، فرواه هكذا عنه غير واحد. ورواه يزيد بن أبي حبيب عنه عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجماء حديثه: أن أباها قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المخزومية التي سرقت قطيفة: نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تطهر خير لها"، فأمر بها فقطعت يدها، وهي من بني عبد الأشهل، أو من بني عبد الأسد. أخرجه أحمد (5/ 409 و 6/ 329) . قلت: فاختصر متنه كما ترى، وجعل إسناده عن أخت مسعود بن العجماء؛ مكان أمه عائشة، والاضطراب مما يدل على عدم حفظ الراوي وقلة ضبطه. ومن هذا؛ تعلم تساهل الحافظ أو خطأه في قوله في "الفتح" (12/ 89) - بعد أن ذكر الطرف الأول من الرواية الأولى من قول أبي عائشة، وعزاه لابن ماجه والحاكم -: "وسنده حسن، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم". فإن الحاكم إنما صرح ابن إسحاق عنده بالتحديث في رواية أخرى عنده من طريقه؛ قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يرحمها ويصلها. قلت: فهذه الرواية مرسلة خلاف الرواية الأولى، ثم هل سياقها مثل سياق الأولى، أم هي مختصرة مثل رواية أحمد التي خالفت الأولى في إسنادها كما بينا؟! __________ (1) وله ألفاظ خَرَّجت بعضها في " الإرواء " (2319 و 2405) 4519 - (من بركة المرأة: تكبيرها بالبنات؛ ألم تسمع الله يقول: (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) ، فبدأ بالإناث قبل الذكور) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 72) ، والخطيب (14/ 417-418) ، وابن عساكر (13/ 398/ 1) ، وأبو نعيم في "جزء حديث الكديمي وغيره" (33/ 2) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا حكيم بن حزام عن العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حكيم بن حزام هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وقال الساجي: "يحدث بأحاديث بواطيل". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الخرائطي. وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 97) بأن له شاهداً من حديث عائشة مرفوعاً نحوه؛ رواه أبو الشيخ! وأقول: فيه متهمان، فلا يصلح للشهادة. 4674 - (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها؛ ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ؛ ورث من ماله، ولم يرث من ديته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن ماجه (2736) عن محمد بن سعيد - وقال محمد بن يحيى (وهو أحد شيخي ابن ماجه) : عن عمر بن سعيد - عن عمرو بن شعيب: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم فتح مكة، فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن سعيد؛ وهو المصلوب في الزندقة، وهو كذاب وضاع، وهو عمر بن سعيد نفسه في رواية محمد بن يحيى. |
[COLOR="Blue"][B]
4689 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له، وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا التمام أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (222/ 1) عن إبراهيم ابن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى نفر من اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أخبرنا بما نسأله فإنه نبي. فقالوا: من أين يكون الشبه يا محمد؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إن كان مسلم هو ابن عمران البطين. وأما إن كان ابن كيسان الملائي الأعور؛ فهو ضعيف؛ لم يخرج له البخاري ولا مسلم شيئاً. وكلاهما يروي عن مجاهد، ولم يذكرهما المزي في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ فلم يتبين لي أيهما المراد الآن؟! ثم رجعت إلى "مشيخة إبراهيم بن طهمان" (2) لعلي أجد فيه ما يساعدني على التحديد، فلم أجد في "مشيخته" من اسمه "مسلم" مطلقاً. ولذلك؛ فإني أتوقف عن الحكم على هذا الإسناد بصحة أو ضعف، حتى يتبين لي هوية مسلم هذا. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ يرويه عبد الحميد: حدثنا شهر: قال ابن عباس: حضرت عصابة من اليهود نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً؛ فقالوا ... الحديث نحوه، دون قوله: "وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه". أخرجه أحمد (1/ 278) . وإسناده حسن في الشواهد والمتابعات. والحديث صحيح بلا ريب؛ دون الزيادة التي في الطريق الأولى؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، فلعل ذلك يمكننا من ترجيح أن (مسلماً) الذي في طريقها هو (ابن كيسان) الضعيف! وأما الحديث بدونها؛ فقد أخرجه أبو الشيخ (221/ 2) ، وأحمد (1/ 465) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود به؛ دون الزيادة. ورجاله ثقات. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما" من حديث أنس مرفوعاً؛ دون الزيادة أيضاً، وقد سبق تخريجه برقم (1342) من "الصحيحة". وأخرجه مسلم أيضاً (1/ 173-276) ، وأبو عوانة (1/ 293-294) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 275-276) ، والحاكم (1/ 481) - فوهم! - من حديث ثوبان؛ دونها. __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " ك (3 / 481) ". (الناشر) (1) مخطوط محفوظ في " المكتبة الظاهرية " بدمشق في جزأين صغيرين 4777 - (لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها من مسيرة أربعين عاماً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 632) ، وعنه الضياء في "المختارة" (63/ 10/ 1) عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري في "زوائده" (124/ 4 و 128/ 2) ؛ وعلته جعفر هذا وعمه؛ قال الذهبي: "قال ابن المديني، مجهول. قلت: وعمه لين". (الكنه) : جوهر الشيء وغايته. 4857 - (تياسروا في الصداق؛ إن الرجل يعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة، وحتى يقول: ما جئتك حتى سقت إليك علق القربة) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6/ 174/ 10398) : أخبرنا ابن جريج قال: حدثني ابن أبي الحسين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي الحسين - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن المكي - مشهور بالرواية عن التابعين؛ أمثال نافع بن جبير بن مطعم ومجاهد وعكرمة وغيرهم، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ سوى أبي الطفيل عامر بن واثلة، وهو من صغارهم، ولد عام أحد، وهو آخر من مات من الصحابة. __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كلفت إليك علق القربة: عبد 10399 "! يشير إلى أنه ورد موقوفا على عمر: عند عبد الرزاق بالرقم المذكور. (الناشر) 5085 - (إذا حملت المرأة؛ فلها أجر الصائم القائم القانت المخبت المجاهد في سبيل الله عز وجل، فإذا ضربها الطلق؛ فلا يدري أحد من الخلائق ما لها من الأجر، فإذا وضعت؛ فلها بكل وضعة عتق نسمة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 274) من طريق ابن عدي، وهذا في "كامله" (ق 90/ 1) ؛ كلاهما عن الحسن بن محمد البلخي: حدثنا عوف الأعرابي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن حبان: "هذا الحديث لا أصل له"؛ واتهم به البلخي هذا وسبق كلامه فيه آنفاً. وقال ابن عدي: "هذا منكر، والحسن ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات". ولم يتكلم السيوطي في "اللآلي" (2/ 175) على الحديث بشيء، فلا أدري؛ أسقط كلامه عليه من الناسخ، أم أنه أقر ابن الجوزي على وضعه؟ والأول هو الأقرب عندي. والله أعلم. 5457 - (إن نطفة الرجل بيضاء غليظة، فمنها يكون العظام والعصب، وإن نطفة المرأة صفراء رقيقة، فمنها يكون الدم واللحم) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أحمد (1/ 465) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 213/ 10360) من طريقين عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبد الله: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الناس يقولون: هذا رسول الله. فقال يهودي: إن كان رسول الله فسأسأله عن شيء، فإن كان نبياً علمه. فقال: يا أبا القاسم! أخبرني؛ أمن نطفة الرجل يخلق الإنسان أم من نطفة المرأة؟ فقال: ... فذكره. والسياق للطبراني؛ وزاد أحمد: فقام اليهودي فقال: هكذا كان يقول من قبلك. ومن هذا الوجه: رواه البزار في "مسنده - كشف الأستار) (ق 218/ 1 - المصورة) - ولم يسق لفظه -، وقال: "لا نعلم رواه عن القاسم هكذا إلا عطاء، وعنه إلا أبو كدينة"! قلت: اسمه يحيى بن المهلب البجلي، وهو صدوق من رجال البخاري؛ لكنه قد توبع؛ فإنه عند الطبراني عن حمزة الزيات - وهو من رجال مسلم - عن عطاء بن السائب. فالعلة من عطاء؛ فإنه كان اختلط. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (8/ 241) ، فقال: "رواه أحمد، والطبراني، والبزار بإسنادين، وفي أحد إسناديه عامر بن مدرك، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات، وفي إسناد الجماعة عطاء بن السائب، وقد اختلط"! قلت: في هذا التخريج تسامح كبير لا يعبر عن الواقع! فإن رواية عامر بن مدرك - عند البزار - ليس فيها هذا التفصيل الذي في رواية عطاء؛ فإن لفظ عامر: "ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا؛ غلب الشبه". وعامر هذا - وإن كان لين الحديث؛ فإن - لحديثه شواهد في "صحيح مسلم" وغيره، خرجت بعضها في "الصحيحة" (1342) ؛ بخلاف حديث عطاء؛ فإن ما فيه من العظام والعصب، واللحم والدم؛ لم يرد في شيء من تلك الشواهد، فكان منكراً، ولذلك؛ خرجته هنا. ولحديث عامر شاهد من حديث ابن عباس نحوه؛ وزاد في آخره: "وإن اجتمعا؛ كان منها ومنه". قالوا: صدقت. أخرجه البزار (2375) : حدثنا السكن بن سعيد: حدثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقد روي عن غيره من وجوه، وفي حديث ابن عباس زيادة". قلت: يشير إلى ما ذكرت من الزيادة فيما أظن. وفي ثبوتها نظر عندي؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة المشار إليها آنفاً (1) . وأيضاً فـ (مسلم) الراوي عن مجاهد؛ إن كان هو (الملائي الأعور) ؛ فهو ضعيف، وإن كان هو (مسلماً البطين) ؛ فهو ثقة، وقد روى كلاهما عن مجاهد؛ كما في "تهذيب المزي". فمن الصعب - والحالة هذه - تحديد هذه - تحديد المراد منهما هنا، وبخاصة أنهما لم يذكرا في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ لكن الحديث بالأول منهما أشبه. والله أعلم. والسكن بن سعيد - شيخ البزار - لم أعرفه! 5545 - «تَعَيَّشُوا بِنِسَائِكِمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعِيشَ مَعَ امْرَأَتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَإِنْ شَاءَ أَفْسَدَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَصْلَحَهَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، إِنْ بُلَّ شَهْرَيْنِ لَمْ يَلِنْ، وَإِنْ أُقِيمَ لَمْ يَسْتَقِمْ، فَعَاشِرُوهُنَّ بِأَخْلاقِهِنَّ» . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضَعِيفٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 484_485) : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا أبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظِ عَنْ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ قَالَ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:. . . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُوهُ لَمْ أَعْرِفْهُمَا. وَالأَوَّلُ أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (4 / 1 / 473) فقالَ: «نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أبُو إِبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْهُ أبُو أَيُّوبَ الْبَهْرَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمْصِيُّ» . وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا تَرَى، فَهُوَ مَجْهُولٌ. وَأمَّا أَبُوهُ خُزَيْمَةَ، فَلَم يُتَرْجِمْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلا غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ، مَعَ أنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ فِي الرُّوَاةِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ: «رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ مَحْفُوظٍ نُسْخَةًً كَبِيْرَةً» . وَقَدْ رَوَى لَهُ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثَاً آخَرَ (ص 468) بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَوَقَعَ فِيهِ: «أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ» . 5628 - (خيرُ ما أَعَدَّتِ المرأةُ: الطاعةُ للزَّوْجِ، والاعترافُ بحقّهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10 / 355 / 10702) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (3 / 328) من طريق هشام بن يوسف قال: حدثنا القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن بن جعدة عن سعيد بن المسيب: أنه سمع ابن عباس يقول: إن امرأة قالت: يا رسول الله! ما خير ما أعدت المرأة؟ قال: " الطاعة. . . ". إلخ؛ والسياق لابن عبد البر. ولفظ الطبراني: " ما جزاء غزو المرأة؟ ". والباقي مثله. وهكذا ذكره الهيثمي في " المجمع " (4 / 314 - 315) من رواية الطبراني وقال: " وفيه القاسم بن فياض، وهو ضعيف، وقد وثِّق، وفيه من لم أعرفه ". قلت: كل رواته مترجمون في " التهذيب "؛ ما عدا شيخ الطبراني فيه: أبو خليفة الفضل بن الحباب، وهو ثقة حافظ، مترجم في " التذكرة " وغيره، على أنه متابَع عند ابن عبد البر، فليس فيه من لا يعرف! نعم؛ يمكن أن يوصف بذلك ابن فياض هذا نفسه؛ فقد قال فيه ابن المديني: " إسناده مجهول، ولم يرو عنه غير هشام ". ولذلك؛ جزم الحافظ ابن حجر في " التقريب " بأنه مجهول. وذكر في " التهذيب " أن ابن معين قال: " ضعيف ". وعن أبي داود: " هو ثقة ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وذكره ابن حبان في " الثقات "! ثم ذكره في " الضعفاء " (2 / 313) ، وقال: " يروي عنه هشام بن يوسف قاضي صنعاء، كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره ". ولقد أساء محقق " التمهيد " محمد التائب السعيدي في تعليقه على هذا الحديث؛ فإنه لم يذكر في ترجمة ابن فياض هذا سوى توثيق أبي داود إياه، وعزاه لـ " تهذيب التهذيب " و " الخلاصة "! 5726 - (لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ؛ مَا قَعَدَتْ ما حَضَرَ غَداؤه وعَشَاؤُه حتى يَفْرُغَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه البزار (ص 154 - زوائده) : حدثنا حمدان بن علي: ثنا عبد الرحمن: ثنا فضيل: ثنا موسى بن عقبة عن عبيد بن سلمان عن أبيه عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الهيثمي في الزوائد ": " عبيد؛ لا أعرفه، وأبوه؛ لا أعرف له من معاذ سماعاً ". وكذا قال في " المجمع " (4 / 309) ، وقلده المناوي، ثم الأعظمي في " كشف الأستار " (2 / 180 / 1471) ، وتعقبه الحافظ، فقال عقب كلام " الزوائد ": " قلت بل عبيد معروف، والإسناد حسن ". قلت: وهو كما قال، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين، " غير عبيد بن سلمان - وهو الأغر -؛ قال ابن أبي حاتم (2 / 2 / 407) عن أبيه: " لا أعلم في حديثه إنكاراً، يحول من كتاب الضعفاء " الذي ألَّفَهُ البخاري إلى الثقات ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (7 / 156) ، وقال في التقريب ": " صدوق ". وفضيل؛ هو ابن عياض. وعبد الرحمن؛ هو ابن مهدي. وحمدان؛ الظاهر أنه محمد بن علي بن عبد الله بن مهران، أبو جعفر الوراق؛ قال الخطيب (3 / 61) : " يعرف ب (حمدان) ، وكان فاضلاً حافظاً عارفاً ثقة، من نبلاء أصحاب أحمد، قال الدارقطني: ثقة. مات سنة 171 ". قلت: ولعله قد توبع عند الطبراني؛ فقد عزاه إليه الهيثمي. هذا ما كنت كتبته في " الصحيحة " قبل سنين، وفي هذه السنة يسر الله لنا طبع المجلد الخامس منه بعد صبر طويل وإلحاح شديد من أهل العلم وطلابه، ولما قُدِّمت إليَّ التجربة الأولى منه لتصحيحها؛ وقفت عند هذه الجملة الأخيرة وما فيها من الرجاء والترقب؛ فإن " المعجم الكبير " للطبراني لم يكن مطبوعاً يومئذٍ. والمجلد الذي فيه أحاديث معاذ لا يوجد في مخطوطات المكتبة الظاهرية التي استفتدت منها ما لم يستفده أحد غيري في الحصر الحاضر فيما أعلم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ثم يسر الله للأخ الفاضل حمدي السلفي أن قام بطبعه جزاه الله خيراً، وبذلك قدم لعلماء السنة وطلاب علم الحديث كنزاً ثميناً طالما كانت نفوس المحبين للحديث النبوي متشوقة للوقوف علهي والاستفادة منه، ولعلي أنا من أكثر المستفيدين منه إن لم أكن أكثرهم على الإطلاق، وهذا هو المثال بين يديك أيها القارئ الكريم؛ فإني ما كدت أقف عند الجملة المشار إليها آنفا حتى سارعت بالرجوع لمراجعة الحديث في (مسند معاذ) من " المعجم الكبير "، لأجد فيه ما كنت رجوته: فقد قال الطبراني (20 / 160 / 333) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي: ثنا فضيل بن سليمان النميري: ثنا موسى بن عقبة. . . بالإسيناد المتقدم عن البزار. فهذا إسناد صحيح إلى الفضيل، ومتابعة قوية لحمدان وعبد الرحمن من عبد الله بن أحمج ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وهما ثقتان مشهوران. بيد أن الفائدة التي جنيعها من مراجعة " المعجم " أعظم بكثير من فائدة تحقق ما ترقبته من المتابعة، ألا وهي أنني اكتشفت بذلك خطأً وقعت فيه، لعله جرني إليه خطأ وقع فيه الحافظ من قبلي، وهو تحسينه إسناد البزار كما رأيت! ذلك؛ أنني لما تكلمت على رجال إسناد البزار؛ قلت في فضيل - الراوي عن موسى بن عقبة -: إنه فضيل بن عياض. وما ذاك إلا لأن الراوي عنه عبد الرحمن. وقلت فيه: إن ابن مهدي؛ لأنهم ذكروا أنه يروي عن ابن عياض، ولم يذكروا ذلك في ترجمة فضيل بن سليمان. وكنت على علم بأن هذا روى عن موسى بن عقبة، وأنه من المحتمل أن يكون هو صاحب هذا الحديث؛ ولكني وجدت نفسي لا تميل إلى تبني هذا الاحتمال؛ لأنه يتنافي مع تتحسين الحافظ لإسناده، فإنه ضعيف عنده؛ كما يدل على ذلك قوله في " التقريب ": " صدوق، له خطأ كثير ". وفي ظني أنه لولا هيبة " الصحيح " لربما قال الحافظ فيه أكثر مما قال! فمثل هذا يكون عند الحافظ من المرتبة الخامسة، التي يكون حديث أصحابها ضعيفاً يمكن الاستشهاد به كما هو معروف عند أهل العلم، فلما رأيته حسَّن إسناد حديث فضيل مِلْتُ إلى تبني أنه فضيل بن عياض. والآن وقد حصحص الحق، وتبين أنه ليس به، وأنه فضيل بن سليمان النميري؛ لم يبق هناك وجه للقول بتحسين إسناده؛ فإن النميري بكاد أقوال الأئمة تتفق على تضعيفه، وهاكها كما جاءت في " تهذيب التهذيب ": " قال ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: ليِّن الحديث، روى عنه ابن المديني وكان من المتشددين. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه؛ ليس بالقوي. وقال أبو داود: كان عبد الرحمن لا يحدث عنه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال صالح جزرة: منكر الحديث، روى عن موسى بن عقبة مناكير. وقال ابن معين في رواية: ليس هو بشئ، ولا يكتب أحاديثه. وقال الساجي: كان صدوقاً، وعنده مناكير. وقال ابن قانع: ضعيف ". قلت: فأنت ترى أنهم أجمعوا على تضعيفه، على اختلاف عباراتهم وألفاظهم، ولم يوثقه أحد منهم غير ابن حبان، ولا يخفى على أهل العلم أنه لا قيمة لتوثيقه إذا تفرد؛ فكيف إذا خالف؟ ! فإن قيل: فقد أخرج له الشيخان. فنقول: نعم، وقد خالفهما الأئمة المذكورون، فلعل إخراجهما اختياراً منهما لبعض أحاديثه أو استئهادا ومتابعة، وقد صرح الحافظ بشيء من هذا في خصوص البخاري؛ فقال في " مقدمة فتح الباري " (ص 435) : " ليس له في البخاري سوى أحاديث توبع عليها. . . ". ثم ذكرها. وبناء على ما تقدم أخرجتُ الحديثَ من " الصحيحة " إلى " الضعيفة "؛ لأنني لم أجد ما يشهد له. والله أعلم. 5733 - (جَزاءُ غَزْوًةِ المرأةِ: طاعةُ الزوْجِ، واعترافٌ بِحَقِّهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4 / 1 / 162 / 725) : قال علي: نا هشام بن يوسف: حدثني القاسم بن فياض من جندة عن خلاد بن عن الرحمن بن جندة عن سعيد بن المسيب سمع ابن عباس: قالت امرأة: يا رسول الله! ما جزاء غزوة المرأة؟ قال: «طاعة الزوج. . .» إلخ. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير القاسم بن فياض؛ فهو مجهول؛ كما قال الحافظ في «التقريب» ، وفي ترجمته أورده البخاري ساكتاً عنه. وهو من الأدلة الكثيرة على أن من سكت عنه البخاري فليس ذلك منه توثيقاً له عند أهل العلم؛ خلافاً لمن لا علم عنده بهذا الفن من المعاصرين، وبخاصة إذا ضعفه غيره؛ كهذا؛ فقد أورده ابن حبان في كتابه «الضعفاء» وقال (2 / 213) : «كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره» . ثم روي عن ابن معين أنه قال فيه: «ليس بشيء» . ثم تناقض ابن حبان فيه، فأورده في «الثقات» أيضاً (7 / 334) ! ومن الظاهر أن ذلك كان منه قبل أن يسبر حديثه ويعرفه بناء على قاعدته في التوثيق المجهولين، وقد قال ابن المديني في حديث آخر له: «إسناده مجهول، ولم يرو عنه غير هشام» . انظر «المشكاة» (3578 ـ التحقيق الثاني) . وضعفه ابن معين في رواية ابن أبي حاتم عنه، وقال النسائي: «ليس بالقوي» ، واستنكر الحديث المشار إليه. وشذَّ أبو داود فقال فيه: «ثقة» ! والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10 / 355 / 10702) من طريق أخرى عن علي بن المديني به. وقال الهيثمي (4 / 315) : «وفيه القاسم بن فياض، وهو ضعيف وقد وثق، وفيه من لم أعرفهم» ! كذا قال! وغير القاسم كلهم ثقات حفاظ. وقد روي الحديث مطولاً نحوه من طريق أخرى عن ابن عباس وغيره، وسيأتي (6245) . 5878 - (إن هذا لا يصلح. يعني: شرط المرأة لزوجها أن لا تتزوج بعده) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه الطبراني في " الصغير " (ص 238) و " الكبير " (2 / 29 / 1186 و 25 / 267 / 102) : حدثنا يحيى بن عثمان: ثنا نعيم بن حماد: ثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر الأنصارية: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور فقالت: إني اشترطت لزوجي أن لا أتزوج بعده؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن إدريس، تفرد به نعيم ". قلت: وهو ضعيف، لكثرة خطئه، وأما قول الهيثمي (4 / 255) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الصغير "، ورجاله رجال (الصحيح) ". ففيه تساهل كبير؛ لأن يحيى بن عثمان - وهو السهمي المصري -؛ لم يرو له في أحد " الصحيحين " مطلقا، ونعيم بن حماد؛ إنما أخرج له البخاري مقرونا؛ كما قال المنذري في " خاتمة الترغيب "، ثم هو ضعيف من قبل حفظه؛ كما يشير إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ": " صدوق يخطئ كثيرا ". 5944 - (ليس على المرأة حُرُمٌ إلا في وجهها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12 / 370 / 13375) و ((المعجم الأوسط)) (2 / 78 / 1 / 6258) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: ثنا عبد الله بن رجاء: ثنا أيوب بن محمد أبو الجمل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . فذكره. وقال: ((لم يرفع هذا الحديث إلا أيوب أبو الجمل، تفرد به عبد الله بن رجاء)) . قلت: وهو صدوق يهم قليلاً؛ كما في ((التقريب)) . لكن الراوي عنه الغلابي متهم بالكذب؛ لكنه قد توبع، فالعلة من أبي الجمل. فقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 116) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1 / 349) ، ومن طريقه البيهقي (5 / 47) ، والخطيب في ((التاريخ)) (7 / 9) من طريقين عن عبد الله بن رجاء به. وذكر الخطيب عن الدارقطني أنه قال: ((لم يرفعه غير أبي الجمل وكان ضعيفاً، وغيره يرويه موقوفاً)) . وقال البيهقي: ((وأيوب بن محمد أبو الجمل؛ ضعيف عند أهل العلم بالحديث؛ فقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وقد روي الحديث من وجه آخر مجهول عن عبيد الله بن عمر مرفوعاً، والمحفوظ موقوف)) . ثم رواه هو من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله به موقوفاً على ابن عمر. وقال عقبه: ((هكذا رواه الدراوردي وغيره موقوفاً على ابن عمر)) . قلت: وهو يلتقي مع ما صح عن ابن عمر موقوفاً ومرفوعاً بلفظ: ((لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين)) . رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في ((الإرواء)) (1012) . والحديث، قال الهيثمي في ((المجمع)) (3 / 219) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) ، وفيه أيوب بن محمد اليمامي، وهو ضعيف)) . (تنبيه) : قوله: ((حُرُم)) ؛ كذا في كل المصادر المتقدمة، ومنها ((ضعفاء العقيلي)) ؛ لكن المعلق عليه الدكتور القلعجي صححه بزعمه إلى ((إحرام)) ! معتمداً في ذلك - كما قال - على ((الميزان)) ! وكذلك وقع في ((الجامعين)) ! والظاهر أنه رواية بالمعنى، أو غفلة عنه؛ ففي ((النهاية)) : ((و (الحُرم) ؛ بضم الحاء وسكون الراء: الإحرام بالحج. وبالكسر: الرجل المحرم. يقال: أنت حل، وأنت حرم. والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابهما وشروطهما؛ من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منعه الشرع منها؛ كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك)) . والحديث من طريق هشام بن حسان الموقوف عند البيهقي؛ هو عنده من طريق علي بن عمر الحافظ: ثنا الحسين بن إسماعيل: ثنا أبو الأشعث: ثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان. وعلي بن عمر الحافظ؛ هو الإمام الدارقطني، وقد أخرجه في ((سننه)) (260) بهذا الإسناد؛ لكن وقع فيه مرفوعاً هكذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . فذكره! فالظاهر أن رفعه فيه خطأ مطبعي. والخلاصة: أن الحديث صحيح موقوفاً. وقد قال ابن الهمام في ((فتح القدير)) (2 / 405) : ((ولا شك في ثبوته موقوفاً)) . قلت: ويشهد له قول عائشة رضي الله عنها: ((المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت؛ إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تتلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت)) . أخرجه البيهقي في ((سننه)) (5 / 47) بسند صحيح عنها. قلت: وهذا القول منها يدل على أمرين اثنين: الأول: أنه لا يجوز للمحرمة أن تتبرقع وأن تتلثم. وهذا يوافق حديث ابن عمر المار آنفاً: ((لا تنتقب المرأة المحرمة. . .)) . فما يفعله كثير من المحرمات السعوديات في الحج والعمرة من الانتقاب أو التلثم خلاف الشرع. ولعل ذلك بسبب تشديد علماء تلك البلاد على النساء في إيجابهم عليهن أن يسترن وجوههن، وتحريمهم عليهن أن يراهن الرجال. والآخر: أنه لا يجب على المحرمة أن تسدل الثوب على وجهها؛ لقولها: ((إن شاءت)) . وهذه فائدة هامة من أم المؤمنين، على أولئك العلماء أن يتمسكوا بها، وأن يبثوها بين طلبة العلم؛ لأن أكثرهم عنها غافلون ولمدلولها مخالفون. وأيضاً: فهي تدل على أن ما روي عنها أنها كانت تسدل هي ومن كان معها من المحرمات على وجوههن؛ أن ذلك كان منهن عملاً بالأفضل والأستر والأحشم. وهو الذي كنا ذهبنا إليه في كتاب ((حجاب المرأة المسلمة)) في فصل خاص عقدته فيه، فلم يعجب ذلك كثيراً من العلماء السعوديين وغيرهم، فحملوا علينا حملات شعواء حتى نسبنا بعضهم إلى أنني من الدعاة إلى السفور! ولم يصدهم عن ذلك تلك الشروط القاسية التي وضعتها لحجاب المرأة المسلمة، والتي لا يقوم بها كثير من النساء حتى من زوجات بعض الشيوخ الكبار! هدانا الله وإياهم سواء الصراط. وأنا الآن في صدد تهيئة رد عليهم، وبيان غلوهم في الدين في هذه المسألة في مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب المذكور: ((الحجاب)) . يسرها الله لي، وتقبلها مني، ونفع بها إخواني المسلمين (*) . __________ (*) طبع الكتاب في حياة الشيخ - رحمه الله - بعنوان: ((جلباب المرأة المسلمة. . .)) ، ثم طبع الرد المشار إليه في كتاب خاص بعد وفاته بعنوان: ((الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد. . .)) . (الناشر) . 5957 - (إذا توفيت المرأة، فأرادوا أن يغسلوها، فليبدأوا ببطنها، فليمسح بطنها مسحاً رقيقاً إن لم تكن حُبلى، فإن كانت حُبلى؛ فلا تحركنها، فإن أردت غسلها فابدئي بسفلتها، فألقي على عورتها ثوباً ستيراً، ثم خذي كرسفاً فاغسليها، فأحسني غسلها، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب، فامسحيها بكرسف ثلاث مرات، فأحسني مسحها قبل أن توضئيها، ثم وضئيها بماء فيه سدر، ولتفرغ الماء امرأة وهي قائمة لا تلي شيئاً غيره حتى تنقي بالسدر وأنت تغسلين، وليل غسلها أولى النساء بها، وإلا؛ فامرأة ورعة، فإن كانت صغيرة أو ضعيفة؛ فلتلها امرأة ورعة مسلمةٌ، فإذا فرغت من غسل سفلتها غسلاً نقياً بماء وسدر؛ فلتوضئها وضوء الصلاة؛ فهذا بيان وضوئها، ثم اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر، فابدئي برأسها قبل كل شيءٍ فأنقي غسله من السدر بالماء، ولا تسرحي رأسها بمشط، فإن حدث بها حدث بعد الغسلات الثلاث؛ فاجعليها خمساً، فإن حدث في الخامسة؛ فاجعليها سبعاً، وكل ذلك فليكن وتراً بماء وسدر، فإن كان في الخامسة أو الثالثة؛ فاجعلي فيه شيئاً من كافور وشيئاً من سدر، ثم اجعلي ذلك في جر جديد، ثم أقعديها فأفرغي عليها وابدئي برأسها حتى تبلغي رجليها، فإذا فرغت منها؛ فألقي عليها ثوباً نظيفاً، ثم أدخلي يدك من وراء الثوب فانزعيه عنها، ثم احشي سفلتها كرسفاً واحشي كرسفها من طيبها، ثم خذي سبيةً طويلةً مغسولةً فاربطيها على عجزها كما تربط على النطاق، ثم اعقديها بين فخذيها وضمي فخذيها، ثم ألقي طرف السبية عن عجزها إلى قريب من ركبتيها، فهذا شأن سفلتها، ثم طيبيها وكفنيها واطوي شعرها ثلاثة أقرن: قصةً وقرنين، ولا تشبهيها بالرجال، وليكن كفنها في خمسة أثواب: أحدها الإزار تلفي به فخذيها، ولا تنقضي من شعرها شيئاً بنورةٍ ولا غيرها، وما يسقط من شعرها؛ فاغسليه، ثم اغرزيه في شعر رأسها، وطيبي شعر رأسها، فأحسني تطييبه ولا تغسليها بماء مسخن واخمريها وما تكفنيها به بسبع نبذات إن شئت، واجعلي كل شيءٍ منها وتراً، وإن بدا لكِ أن تخمديها في نعشها فاجعليه وتراً. هذا شأن كفنها ورأسها، وإن كانت محدورةً أو مخصوفةً أو أشباه ذلك، فخذي خرقةً واحدةً واغمسيها في الماء واجعلي تتبعي كل شيءٍ منها، ولا تحركيها؛ فإني أخشى أن يتنفس منها شيءٌ لا يستطاع ردُهُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (25 / 124) من طريق جنيد ابن أبي وهرة، وليث؛ كلاهما عن عبد الملك بن أبي بشير عن حفصة بنت سيرين عن أم سليم أم أنس قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الطريقين؛ ففي الأولى جنيد - وهو ابن العلاء -؛ مختلف فيه؛ فقال البخاري في ((التاريخ)) (2 / 1 / 236) في ترجمته: ((قال أبو أسامة: كان صاحبي أوثق مني)) . وقال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 528) عن أبيه: ((صالح الحديث)) . وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6 / 150) . ثم أورده في ((الضعفاء)) (1 / 211) ، وقال: ((كان يدلس عن محمد بن أبي قيس المصلوب، ويروي ما سمع منه عن شيوخه، فاستحق مجانبة حديثه على الأحوال كلها؛ لأن ابن أبي القيس كان يضع الحديث)) . وقال الذهبي في ((الميزان)) : ((له حديث في غسل الميت طويل منكر)) . قلت: يعني: هذا. وأقره الحافظ في ((اللسان)) ، وقال: ((قال الأزدي: لين الحديث)) . قلت: وفي الطريق الأخرى ليث - وهو ابن أبي سليم الحمصي -؛ وهو ضعيف مختلط، ولا أستبعد أن يكون جنيد بن العلاء تلقاه عنه ثم دلسه، فيرجع الحديث إلى طريق واحدة. والحديث، قال الهيثمي (3 / 22) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) بإسنادين، في أحدهما ليث بن أبي سليم؛ وهو مدلس، ولكنه ثقة، وفي الآخر جنيد؛ وقد وثق، وفيه بعض كلام)) . وأقول: لا أعلم أحداً رمى ليثاً بالتدليس، وإنما بالاختلاط. وكذلك لا أعلم من أطلق فيه التوثيق. فراجع أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه في ((التهذيب)) . 5958 - (أفعمياوان أنتما؟ ! ألستما تبصرانه؟ !) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في ((الكبرى)) (2 / 224 - 225 - المصورة) وأحمد وغيرهم؛ كأبي يعلى في ((مسنده)) (6922) ، ومن طريقه ابن حبان (1968) ومن طريق غيره أيضاً (1457) ، والطبراني في ((الكبير)) (23 / 302 / 678 و 400 / 956) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (8 / 175 - 176) كلهم من طريق نبهان عن أم سلمة قالت: كنت: أنا وميمونة عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء ابن أم مكتوم يستأذن - وذلك بعد أن ضرب الحجاب - فقال: ((قوما)) . فقلنا: إنه مكفوف لا يبصرنا. فقال:. . . فذكره. وقال النسائي: ((ما نعلم أحداً روى عن نبهان غير الزهري)) . وأقره المزي في ((التهذيب)) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة نبهان هذا، كما كنت بينته في ((الإرواء)) (1769، 1806) بزيادة في تخريج الحديث في الموضع الثاني، وإنما أعدت تخريجه هنا لأمرين. الأول: أن بعض ذوي الأهواء والمتشددين في موضوع وجه المرأة وكفيها، القائلين بأن ذلك منها عورة احتجوا بهذا الحديث؛ مغترين بتصحيح من صححه؛ كالترمذي وغيره من المتقدمين، وكالحافظ العسقلاني من المتأخرين! فأقول: كانت حجتي - ولا تزال - في تضعيف هذا الحديث جهالة نبهان هذا؛ كما صرح بها ابن حزم، وأقره الذهبي في ((الضعفاء)) . ثم رأيت فائدة هامة في كتاب ((شرح منتهى الإرادات)) للشيخ منصور بن يونس البهوتى، فأحببت أن أسجلها هنا؛ لعزتها: قال رحمه الله تعالى (3 / 6) بعد أن ذكر الحديث برواية أبي داود: ((وقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين: هذا الحديث. والآخر: ((إذا كان لإحداكن مكاتب؛ فلتحتجب منه)) . كأنه أشار إلى ضعف حديثه؛ إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول. وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث (1) ، وحديث فاطمة صحيح؛ فالحجة به لازمة. . .)) . قلت: وهذه الفائدة قد ذكرها الشيخ البهوتي في كتابه الآخر: ((منار السبيل)) (2 / 140) الذي خرجت أحاديثه في كتابي ((إرواء الغليل)) ، وقد فاتني ذكرها في التخريج؛ لأن الذي نسخ الأحاديث منه لم يذكرها مع الحديث. ولكل أجل كتاب. فإن قيل: كيف قال ابن عبد البر: ((لا يعرف إلا برواية الزهري عنه)) ؛ وقد ذكر الحافظ له راوياً آخر عنه، وهو محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة؟ قلت: نعم؛ هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم؛ خِلَافًا للبخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 135) ؛ فإنه لم يذكر غير الزهري، وتبعه ابن حبان في " ثقاته " (5 / 586) ، وهذا هو الصواب. وذلك؛ لأن حديث المكاتب الذي أشار أحمد إلى إنكاره بتعجبه منه ومن حديث الترجمة على نبهان مولى أم سلمة مدار طريقه على الزهري عنه. ومنها: طريق سفيان الثوري عند أبي داود والبيهقي وغيرهما. لكن خالف قبيصة بن عقبة فقال: عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن مكاتب مولى أم سلمة يقال له: نبهان. . . فذكر الحديث. أخرجه الطبراني (23 / 2 5 3 / 677) . فأسقط الزهري وجعل محله محمداً هذا. قال البيهقي (15 / 327) : " وذكر محمد. بن يحيى الذهلي أن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة روى عن الزهري قال: كان لأم سلمة مكاتب يقال له: نبهان. ورواه محمد بق يوسف عن سفيان عنه. فعاد الحديث إلى رواية الزهري ". قلت: ومما لا شك فيه أن ما رواه الجماعة مع محمد بن يوسف هذا - وهو الفريابي - أولى بالقبول من رواية قبيصة، وبخاصة أنه قد تكلم في روايته عن سفيان؛ فقال ابن معين: " قبيصة؛ ثقة في كل شيء إلا في سفيان؛ فإنه سمع منه وهو صغير ". وقال أحمد نحوه. انظر " التهذيب ". ولذلك؛ قال البيهقي: " وحديث نبهان قد ذكر فيه معمر لسماع الزهري من نبهان، إلا أن الشيخ لم يخرجا حديثه في " الصحيح "، وكأنه لم يثبت عدالته عندهما؛ إذ لم يخرج من حد الجهالة برواية عدل عنه، وقد روى غير الزهري عنه إن كان مَحْفُوظًا. . . ". ثم ذكر رواية قبيصة، وقد عرفناك شذوذها. وذكر عن الشافعي أنه قال: " لم أر من ارتضيت من أهل العلم يثبت هذا الحديث ". إذا عرفت ما تقدم يتبين لك خطأ قول الذهبي في ترجمة نبهان هذا من " الكاشف ": " ثقة "! ! ولعل الأصل! : " وثق "؛ كما هي عادته فيمن تفرد بتوثيقه ابن حبان، ولم يكن روى عنه جمع من " الثقات "، ثم انحرف ذلك على اَلنَّاسِخ أو الطابع إلى: " ثقة "؛ لأنه مخالف لإيراده إياه في " الضعفاء " وإقراره لتجهيل! ابن حزم إياه. وقد وافقه على ذلك ابن عبد البر، وَسَبَقَهُمَا البيهقي كما تقدم، وتبعهم الحافظ في " التقريب "؛ فقال فيه: " مقبول "؛ أي: إذا توبع، وإلا؛ فهو لين الحديث؛ كما نصبى عليه وفي مقدمة " بالتقريب ". وقال في " التلخيص " (3 / 148) : " وثق "؛ أي: لا يوثق به. إذا تبين لك ما ذكرنا من التحقيق؛ فلا يهمنك تصحيح من صحح الحديث؛ فإنه إما لتساهل عرف به كالترمذي وابن حبان، وإما لشبهة تعلق بها؛ كقول الحافظ في " الفتح " (9 / 337) : " وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليست بعلة قادحة؛ فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد؛ لا ترد روايته "! كذا قال! وليس يخفى على البصير أن وصف الزهري لنبهان بما ذكر ليس له علاقة بالتوثيق بوجه من الوجوه مُطْلَقًا، وهل هو إلا كما لو قال: " عبد فلان، أو " أخو فلان "؛ بل و " ابن فلان " ونحو ذلك من الأوصاف التي لا تسمن ولا تغني من جوع في التعديل والتوثيق! وكل من له معرفة بهذا العلم وتتبع لتراجم الرواة يجد أمثلة كثيرة من هذا النوع؛ مثل أبي الأحوص مولى بني كعب، وأبي عثمان ابن سنة الخزاعي الكعبي؛ فقد روى عنهما الزهري، ومع ذلك لم يوثقهما الحافظ؛ بل قال فيهما كما قال في نبهان: " مقبول "؛ أي: غير مقبول إلا إذا توبع! هذا هو مراده كما تقدم. وما أحسن ما قال ابن القطان في أبي الأحوص هذا في " الوهم والإيهام " (2 / 183 / 2) : " لا يعرف له خال، ولا قضى له بالثقة قول الزهري: سمعت أبا الأحوص يحدث في مجلس سعيد بن المسيب ". وأقره الذهبي في " الميزان ". قلت: وفي قول ابن القطان رد مباشر على تقوية الحافظ لحديث نبهان بكلامه السابق، وإن كان ابن القطان متقدماً عليه في الزمن، ولكنه حافظ ماهر نقاد، فإذا كان الزهري إذا حَدَّثَ عن أبي الأحوص وقد سمعه يحدث في مجلس ابن المسيب؛ لا يلزم منه أن أبا الأحوص ثقة؛ فمن باب أولى أنه لا يلزم من وصف الزهري لنبهان بأنه مكاتب أم سلمة أنه ثقة، كما هو ظاهر لا يخفى على أهل النهى. ومما سبق؛ تعلم خطأ تجويد إسناد الحديث من المعلق على " مسند أبي يعلى "، ثم في تعليقه على " موارد اَلظَّمْآن " (6 / 258 - 261) وكأنه كان مُتَأَثِّرًا بتقوية الحافظ لإسناده غير مفكر فيما تقتضيه الصناعة الحديثية، وكذلك فعل جمهور ممن ذهب إلى القول بأن وجه المرأة عورة؛ كالشيخ التويجري وغيره من المقلدين حَدِيثًا وَفِقْهًا! ولعلهم ظنوا لما رأوا تصحيح من صححه ممن سبقت الإشارة إليه أنه لا خلاف في ذلك، وذلك لضيق عطنهم، وعدم درايتهم بأقوال المضعفين، وعلى رأسهم الإمام أحمد ثم البيهقي وابن عبد البر! ولعل بعضهم عرف ذلك ثم تجاهله لغاية في نفسه، ومنهم - مع الأسف - الشيخ عبد القادر السندي في " رسالة الحجاب " (ص 49 / الطبعة الخامسة) ؛ فقد صرح بأن إسناده صحيح، ونقل كلام الحافظ في تقوية إسناده، وكلامه في " تهذيب التهذيب "، وكذا كلام المزي في " تهذيبه "، وليس فيها أكثر مما سبق بيانه: أنه روى عن نبهان محمد بن عبد الرحمن أَيْضًا، وأنه وثقه ابن حبان، وعزا إلى المزي - بناء على ذكره هذا الحديث وحديث المكاتب في ترجمة نبهان وتصحيح الترمذي لهما - أنه ثقة يحتج بحديثه! وفيه تحميل لصنيع المزي ما لا يريده؛ فإن كتابه خاص بذكر ما قيل في المترجم من توثيق أو تجريح، وليس أنه يذكر فيه ما يتبناه هو لنفسه، ألا ترى أن الحافظ كما حكى توثيق ابن حبان في " اَلتَّهْذِيب " لم يتبنه في " التقريب " فلم يوثقه فيه؛ بل لينه كما تقدم بيانه، والسبب هو ما ذكرته! هذا؛ وإنما نسبت المذكور إلى تجاهل علة الحديث لأمرين اثنين ذكرت آنِفًا أحدهما. والآخر: أنه عزا الحديث للبيهقي بالجزء والصفحة (7 / 91 - 92) ، وهناك لا بد أنه رأى تعقب ابن التركماني للبيهقي بقوله: " قلت: في سنده نبهان، سكت عنه البيهقي هنا، وقال في (أبواب المكاتب) : " صاحبا (الصحيح) لم يخرجا عنه، وكأنه لم يثبت عدالته عندهما. . . .) إلى آخر كلامه المتقدم منا، وإذ الأمر كذلك؛ فلا بد أنه رجع إلى الأبواب المشار إليها، ووقف على من ينبهه إن كان غَافِلًا على كون نبهان لم يصح أنه روى عنه غير الزهري، وأنه لذلك مجهول عند البيهقي، فكان عليه أن يبينه ولا يكتمه، وأن يجيب عنه إن كان لديه جواب! وقد وقفت له على تدليس آخر أرجو أن لا يكون بقصد منه، وهو أنه لما نقل عن المزي الحديثين اللذين أحدهما هذا والآخر حديث المكاتب؛ قال - عن المزي طَبْعًا -: " وأخرجه النسائي من وجوه أخرى. انتهى كلام الإمام المزي ". وكل من قرأ هذا التخريج لا يفهم منه إلا أن له طُرُقًا أخرى عن غير نبهان يتقوى بها! والواقع يشهد أنه ليس كذلك، ولا هو قصد النسائي ولا المزي؛ فإن تمام كلام النسائي عنده: " وأخرجه النسائي من وجوه أخر عن الزهري ". فإذن؛ هذه الوجوه مدارها على الزهري عن نبهان، فلا تعطي للحديث قوة؛ خِلَافًا لما رمى إليه بحذفه زيادة " عن الزهري "! وكنت أود أن يكون حذفه إياها إنما وقع منه سَهْوًا، ولكني رَأَيْته قد أعادها مرة أخرى في الصفحة ذاتها! والله المستعان. ثم إنني لا أستبعد منه - وهذا بعض ما فعل - أو من غيره من المقلدين أن يكونوا قد وقفوا على قول الحافظ في مكان آخر من " الفتح " (1 / 550) عقب الحديث: " وهو حديث مختلف في صحته ". فإن فيه تَنْبِيهًا وَحَافِزًا على معرفة أسباب الخلاف، ثم اختيار ما هو أقرب إلى الصواب، وهذا ما أنا في صدده بإعانة الله تعالى وتوفيقه. هذا هو الأمر الأول. والآخر: أن الحديث مع ضعف إسناده، منكر في متنه؛ لِمُخَالَفَتِهِ حديث فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس رضي الله عنهما في قصة طلاقها من زوجها، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها: إن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى؛ فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك، فانطلقت إليه. . . الحديث. رواه مسلم (4 / 196) وغيره، وهو مخرج في " الإرواء " (1804) . فهو مخالف لحديث نبهان من وجهين: الأول: إذنه صلى الله عليه وسلم لفاطمة بأن تقضي عدتها عند ابن أم مكتوم. وفي حديث نبهان أنه قال لأم سلمة وميمونة حين دخل ابن أم مكتوم: " قوما "! والآخر: أن إذنه صلى الله عليه وسلم لها يستلزم جواز نظرها إلى ابن أم مكتوم، وفي حديث نبهان: " ألستما تبصرانه؟ ! ". ولذلك؛ قال في " شرح منتهى الإرادات " (3 / 6) : " ويباح لامرأة نظر من رجل إلى غير عورة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس. . . (فذكر الحديث) . وقالت عائشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ". متفق عليه. ولأنهن لو منعن النظر؛ لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء؛ لئلا ينظرن إليهم ". ثم ذكر حديث نبهان وتضعيف أحمد وابن عبد البر إياه - كما تقدم - ونقله عنه، ثم قال: " وحديث فاطمة صحيح، فالحجة به لازمة. ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك قال أحمد وأبو داود ". قلت: وهذا الجمع إنما يصار إليه لو صح الحديث، وإذ لا؛ فلا. (تنبيه) : لقد أورد الحديث مختصرا " تفسير ابن كثير ": الحلبيان؛ زاعمين أنه حديث صحيح! وكم لهما من مثل هذا التصحيح الذي لا يشهد له علم الحديث ولا فقهه، وإن كان لهما هنا عذر وإنما هو التقليد، ومعلوم أنه لا يقلد إلا جاهل! ولكن لا يسعه إلا ذلك! ومثلهما ذاك الحائر المتفقه المسمى محمد أديب كلكل في كتابه: " فقه النظر في الإسلام "! فقد زاد عليهما أنه قال عقب الحديث (ص 132) : " وهذه القصة تؤيدها رواية أخرى في " الموطأ " للإمام مالك رضي الله عنه أن رَجُلًا أعمى دخل على عَائِشَة رضي الله عنها، فاحتجبت منه. فقيل لها: لماذا تحتجبين منه وهو لا ينظر إليك؟ قالت: لكني أنظر إليه "! قلت: وهذا كذب على " موطأ الإمام مالك " رحمه الله؛ فإنه ليس فيه يَقِينًا؛ فقد قلبته - للتأكد - صفحة صفحة، ودققت فيه حَدِيثًا حَدِيثًا وَأَثَرًا أَثَرًا، فلم أجد لَهُ أَثَرًا! بل ولا أظن أن له أَصْلَا في شيء من دواوين السنة التي تروي الأحاديث والآثار بالأسانيد، ويمكن أن يكون المؤلف نقلها من بعض كتب المتأخرين التي تَرْوِي من الروايات ما لا سنام لها ولا خطام! والله المستعان. ثم رأيت هذا اَلْأَثَر قد ذكره ابن القطان في " النظر في أحكام النظر " (ق 63 / 2) فقال: " وروي عن مالك: واحتجبت عائشة رضي الله عنها من أعمى. . . " إلخ. فهذا يعني أنه ليس في " الموطأ " كما هو ظاهره، ونحوه قول الحافظ في " التلخيص " عقب ما نقلته عنه آنِفًا من التوثيق: " وعند مالك. . . ". ولعل قوله: " وعند " محرف من: " وعن ". والله أعلم. __________ (1) قلت: قد أشار ابن عبد البر إلى هذا الحديث في كتابه العظيم ((التمهيد)) وقال (16 / 236) : ((لم يروه إلا نبهان مولى أم سلمة، وليس بمعروف بحمل العلم، ولا يعرف إلا بهذا الحديث وحديث آخر)) . 5970 - (النظرة الأولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تُدَمّر. نَظَرُ المؤمن إلى محاسن المرأة سهم من سهام إبليس! مسموم، من تركها من خشية الله، ورجا ما عنده؛ أثابه اَللَّه بذلك عبادة تبلُغُه لذّتها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 101) من طريق أبي مهدي عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مَرْفُوعًا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو مهدي - واسمه سعيد بن سنان الحمصي -؛ وهو متهم بالوضع، وقد تقدمت له أحاديث (294، 555، 604، 616، 957، 1115) . "رواه البزار، وفيه الهيثم بن محمد بن حفص؛ وهو ضعيف، ويعقوب بن محمد الزهري؛ ضعيف أيضاً ". قلت: هو متابع عند سائر مخرجيه من غير واحد؛ فالعلة من الهيثم وأبيه. 6020 - (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! اتَّقِيْنَ اللهَ، والتمِسوا مَرْضاةَ أزواجِكُنًّ؛ فإن الْمَرْأَةَ لَوْ تَعْلَمُ ما حَقُّ زوجِها، لم تزلْ قائمةً مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه البزار في مسنده المعروف بـ "البحر الزخار" (2/ 290 - 291) ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/47) من طريق الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي قال: نا عبد الغفار بن القاسم عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... فذكره. وقال البزار: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو موضوع؛ آفته عبد الغفار هذا، قال علي بن المديني وأبو داود: "كان يضع الحديث". والحكم: متروك، وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (4/309) ، ثم الحافظ ابن حجر في "زوائد مسند البزار" (ص 154) ! فقصَّرا؛ لأن شيخه عبد الغفار شر منه - كماسبق -. وللشطر الثاني منه شاهد من حديث معاذ مرفوعاً بلفظ: "لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ". أخرجه البزار (2/ 180/ 1471 - كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/160/333) من طريق فضيل بن سليمان النُّمَيري: ثنا موسى بن عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بن سُلَيْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ ... به. قال الهيثمي: "رواه البزار والطبراني، وفيه عبيد (الأصل: عبيدة) بن سليمان الأغر؛ ولم أعرفه، ولا أعرف لأبيه من معاذ سماعاً، وبقية رجاله ثقات ". وتعقبه الحافظ في "زوائده " بقوله: "قلت: بل عبيد معروف، والإسناد حسن "! كذا قال! وفيه عندي نظر من وجهين: الأول: أن الفضيل بن سليمان النميري - وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد - ضعفه جمهور الأئمة، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/316 -317) ! فشذ؛ ولذلك أورده الذهبي في "الضعفاء " وقال (515/4958) : "فيه لين. قال أبو حاتم وغيره: ليس بالقوي. وقال أبو زرعة: لين. وقال ابن معين: ليس بثقة". وذكر مثله في "الكاشف ". وقال الحافظ نفسه في "التقريب ": "صدوق، له خطأ كثير". قلت: فمثله لا يحتج به؛ وإنما يستشهد به، وقد قال الحافظ في "مقدمة فتح الباري " (ص 435) : "ليس له في "البخاري" سوى أحاديث؛ توبع عليها". ثم ذكرها، مع بيان من تابعه عليها. والوجه الآخر: أن المعروف إنما هو (عبيد بن سلمان الأغر) ؛ كذلك هو في "التهذيب " وغيره، فإن كان هو هذا؛ فيكون قوله في هذا الإسناد: " ... سليمان ... "؛ من أوهام النميري. والله أعلم. 6043 - (إذا تَطَيَّبَت المرأةُ لغيرِ زوجِها فإنما هو نارٌ في شَنَار) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (2/166/2/7539) : حدثنا محمد بن أبان: ثنا عبد القدوس بن محمد: حدثتني أمي حبيبة بنت منصور: حدثتني أم سليمة بنت شعيب بن الحبحاب عن أبيها عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... فذكره، وقال: "لا يروى عن شعيب إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف مجهول؛ حبيبة وأم سليمة لم أجد لهما ذكراً في شيء من كتب الرواة، ولا ذكرهما الذهبي في (فصل النساء المجهولات) من آخر "الميزان"، ولذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/157) : "رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه امرأتان لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات ". وقد وجدت للحديث شاهداً، ولكنه موقوف، وإسناده واهٍ، يرويه نعيم بن حماد: ثنا بقية بن الوليد عن يزيدَ بنِ عبد الله الجهني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلت على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معها (1) ، فقال الرجل: يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة؟ فأعرضت عنه بوجهها. قال أنس: فقلت لها: حدثينا يا أم المؤمنين عن الزلزلة؟ فقالت: يا أنس! إن حدثتك عنها عشت حزيناً، وبعثت وذلك الحزن في قلبك. فقلت: يا أماه! حدثينا؟ فقالت: إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها، هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب. وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً. فإذا استحلوا الزنا، وشربوا الخمور بعد هذا، وضربوا المعازف؛ غار الله في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا؛ هَدَمَها عليهم. فقال أنس: عقوبة لهم؟ قالت: رحمة وبركة وموعظة للمؤمنين، ونكالاً وسخطة وعذاباً للكافرين. قال أنس: فما سمعت بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أنا أشد به فرحاً مني بهذا الحديث، بل أعيش فرحاً، وأبعث حين أبعث وذلك الفرح في قلبي - أو قال: في نفسي -. أخرجه الحاكم (4/516) وقال: "صحيح على شرط مسلم "! وتعقبه الذهبي بقوله: 9 قلت: بل أحسبه موضوعأً على أنس، ونعيم منكر الحديث إلى الغاية، مع أن البخاري روى عنه ". قلت: هذا الإطلاق يوهم أن البخاري روى له محتجاً به، وليس كذلك؛ فإنه إنما روى له مقروناً بغيره؛ كما قال الذهبي في "الميزان "، والحافظ في "التهذيب "، وغيرهما ممن تقدم أو تأخر، مع قلة ما روى عنه، فقد قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (ص 447) : "لقيه البخاري، ولكنه لم يخرج عنه في "الصحيح " سوى موضع أو موضعين، وعلق له أشياء أخر، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً ... ". ثم حكى اختلاف العلماء فيه: ما بين موثِّق، ومضعِّف، وناسب له إلى الوضع، وبسط أقوالهم في "التهذيب "، ويتلخص منها ما قاله في "التقريب ": "صدوق يخطئ كثيراً". قلت: ولذلك فإن الشيخ التويجري لم يصب في تعقبه - في كتابه "الصارم المشهور" (ص 33) - الحافط الذهبيَّ - بعد أن نقل عنه ما تقدم -: "قلت: وهذا تحامل من الذهبي على نعيم بن حماد، ولم يكن بهذه المثابة، وإنما أنكر عليه بعض أحاديثه لا كلَّها ... ". قلت: أوَ لا يكفي هذا في تضعيف ما تفرد به من الحديث؟! ثم قال: "وروى عنه البخاري في "صحيحه " ومسلم في مقدمة (صحيحه) ". قلت: قد عرفت قلة ما روى عنه البخاري، وأنه لم يحتج به. وكذلك يقال في رواية مسلم له في "المقدمة"؛ فإنه: أولاً: لم يرو لى فيها حديثاً مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما في تجريح عمرو بن عبيد المعتزلي، فقد روى فيها (1/17) من طريقين عنه بسنده عن يونس بن عبيد قال: "كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث ". وثانياً: أنه روى له هذا في الشواهد؛ فقد أتبعه بالرواية بسندين آخرين عن غير يونس تكذيبَ عمرو بن عبيد. فإذن؛ لا قيمة لرواية الشيخين لنعيم بن حماد، وبخاصة بعد ثبوت جرح جمع له لسوء حفظه، وكثرة وهمه، وكذلك لا قيمة لتوثيق من وثقه، الذي جنح إليه التويجري معرضاً عن قاعدة علماء الحديث: "الجرح مقدم على التعديل "، ولا غرابة في ذلك؛ فإنه حديث عهد بهذا العلم الشريف؛ كما يدل عليه كتابُه هذا، وكثرة الأحاديث الضعيفة التي فيه ساكتاً عنها، ومغرراً قرّاء كتابه بها، ظنّاً منهم أنه لا يسكت عن الضعيف! وإن مما يؤكد ما ذكرته أمرين اثنين: الأول: أنه وقف عند جوابه عن إعلال الذهبي الحديث بنعيم بن حماد، فرد عليه بما عرفت وهاءه، ثم أتبعه بقوله: "وأيضاً، فلم ينفرد نعيم بهذا الحديث، بل قد تابعه عليه محمد بن ناصح، رواه عن بقية بن الوليد بنحوه. رواه ابن أبي الدنيا، فبرئ نعيم من عهدته. والله أعلم ". وأقول: كلا؛ لأن التبرئة لا تَحَقَّقُ إلا إذا ثبتت عدالة محمد بن ناصح هذا؛ لاحتمال أن يكون مجهولاً، أو يسرق الحديث أو غير ذلك من العلل القادحة، وقد ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (3/324) برواية محمد بن الليث (الأصل: أبي الليث) الجوهري وابن أبي الدنيا، قال: "وغيرهما"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والأمر الآخر: أننا لو سلمنا جدلاً بالتبرئة المذكورة؛ فإنه يرد على الشيخ مؤاخذتان هامتان: الأولى: أن في الإسنادين علتين فوق نعيم بن حماد: 1 - بقية بن الوليد: فإنه مدلس وقد عنعنه من طريق نعيم كما رأيت، ومن طريق محمد بن ناصح كما سترى. ومن المعروف في علم المصطلح أن العنعنة من المدلس علة تقدح في ثبوت الحديث، وبخاصة إذا كان من مثل بقية الذي قال فيه أبو مسهر: (أحاديث بقية ليست نقية؛ فكن منها على تقية ". 2 - يزيد بن عبد الله الجهني: الظاهرأنه من شيوخ بقية المجهولين، فإنه لا يعرف إلا بروايته عنه، ولم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال القديمة الأصول؛ مثل: "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل" وغيرهما، وإنما ذكره الذهبي في "الميزان "، وساق له برواية بقية عنه عن هاشم الأوقص عَنْ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً: ، من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفي ثمنه درهم حرام ... " الحديث، وقد سبق تخريجه برقم (844) ، وذكرت هناك أن بقية اضطرب في إسناده؛ فراجعه. والمقصود: أن الذهبي لم يذكر في ترجمة الجهني هذا غير هذا الحديث، وقال فيه: "لا يصح ". ووافقه العسقلاني. قلت: فهو مجهول العين؛ فلا أدري أعلم الشيخ التويجري بهاتين العلتين أم تجاهلهما؟! وسواء كان هذا أو ذاك: أفيجوز لمثله أن يتطاول على الحافظ الذهبي وأن ينسبه إلى التحامل! وهو من هو في هذا العلم ونقد الرواة والمتون؟! ومما سبق تعلم أن تصحيح الحاكم لهذا الإسناد على شرط مسلم هو من أفحش أخطائه الكثيرة في "مستدركه "! والمؤاخذة الأخرى: أنه دلس على القراء: فأوهمهم بالمتابعة التي ادعاها أنها متابعة تامة مطابقة لسياق نعيم بن حماد إسناداً ومتناً، وليس كذلك، وبيانه من وجهين: الأول: أن ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن ناصح: حدثنا بقية بن الوليد عن يزيد بن عبد الله الجهني: حدثني أبو العلاء عن أنس بن مالك: أنه دخل على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معه، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة؛ فقالت: إذا استباحوا الزنا ... إلخ. هكذا ساقه ابن القيم رحمه الله في كتابه "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (ص 264 - طبعة الحلبي) ، ومنه نقل الشيخ التويجري - فيما أظن -، ومن عادته أن لا يعزو إلى المصدر الذي نقل عنه، وهذا من سيئات مؤلفاته، وبخاصة إذا كان المصدر مما لم يطبع بعد؛ ككتاب ابن أبي الدنيا هذا، وأظنه "ذم الملاهي، له، وقد كنت استنسخته من نسخة مخطوطة الظاهرية، ثم تبين أن فيها خرماً في منتصفها، فأهملته، ثم لا أدري أين بقيت المنسوخة. والمقصود أن محمد بن ناصح زاد في الإسناد: (أبو العلاء) بين الجهني وأنس. فمن أبو العلاء هذا؟ لا أدري، ولا الشيخ نفسه يدري! وقد ذكر الذهبي في "المقتنى في سرد الكنى" (1/405 - 409) فيمن يكنى بأبي العلاء - جمعاً كثيراً من الرواة، ثلاثة منهم رووا عن أنس: 1 - يزيد بن درهم: عن أنس. 2 - صَبيح الهذلي: رأى أنساً، لين. 3 - موسى القتبي: سمع أنساً. 1 - أما يزيد بن درهم: فهو مختلف فيه؛ فوثقه الفلاس، وقال ابن معين: "ليس بشيء ". انظر "الميزان " و"اللسان ". 2 - وأما صَبيح الهذلي: فله ترجمة في "التاريخ الكبير" (2/2/325) - وهو عمدة الذهبي في قوله: "رأى أنساً "، وتمامه عنده: " ... ينبذ له في جرة" -، وذكره ابن حبان في "الثقات " (4/385) : "يروي عن أنس بن مالك، وعنه حماد بن سلمة وعبد العزيز بن المختار". 3 - وأما موسى القُتَبي: فذكره البخاري وابن أبي حاتم برواية حماد بن سلمة عنه، ولا أستبعد أن يكون الذي قبله، ويكون "صبيح " لقباً له. ولعل عدم ذكر ابن حبالت له بترجمة مفردة يشعر بذلك. والله أعلم. وجملة القول: أن أبا العلاء في سند ابن أبي الدنيا لا يعرف من هو من بين هؤلاء الثلاثة. فإن كان أحدهم؛ فليس فيهم من تطمئن النفس للثقة بعدالته وحفظه. هذا هو الوجه الأول مما يؤاخذ عليه الشيخ. والوجه الآخر: - وهو الأهم -: أنه ليس في رواية ابن أبي الدنيا الفقرتان الأوليان المتعلقتان بالمرأة تخلع ثيابها وتَطَيَّبُ لغير زوجها - وهما موضع الشاهد في بحث الشيخ -، فلو أن سند الرواية كان صحيحاً؛ لم يجز للشيخ ولا لغيره - هدانا الله وإياه - أن يوهم القراء ما تقدمت الإشارة إليه، كما هو ظاهر. والله المستعان. لكن مما يجب التنبيه عليه، أن الشطر الأول من حديث عائشة المتعلق بالمرأة تخلع ثيابها قد صح من طريق أخرى عنها، ومن حديث أم الدرداء أيضاً، وهما مخرجان في كتابي "آداب الزفاف في السنة المطهرة" (ص 140 - 141/ الطبعة الجديدة - عمان) ، فاقتضى التنبيه، وأن سوق حديث عائشة من رواية نعيم ابن حماد؛ إنما كان من أجل أن فيه الفقرة الثانية الشاهدة لحديث الترجمة ... فاستلزم ذلك تحقيق الكلام فيه، وبيان أنه لا يصبح شاهداً؛ لوقفه ووهائه. والله ولي التوفيق. ثم إن الذي في نسخة "الأوسط " المصورة: "أم سليمة"، وفي نسخة "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" المصورة من مكتبة الحرم المكي: "أمي سليمة"، ولما لم نجد لها ترجمة؛ لم نتمكن من معرفة الراجح منهما. والله أعلم. ومن الغريب أن الشيخ التويجري حين يحاول تقوية حديث عائشة بدفاعه عن نعيم بن حماد لا يَشْعُرُ أنه يقيم الحجة به على نفسه لقول أنس عنها: " فأعرضت بوجهها عنه "؛ لأن الإعراض بالوجه في مثل هذه الحالة لا يتبادر لذهن العربي إلا أن الوجه مكشوف! ولكني لا أستبعد على الشيخ أن يسلط عليه معول التأويل حتى يخرجه عن دلالته الظاهرة؛ كما فعل في غيره من النصوص الصريحة الدلالة على خلاف رأيه! __________ (1) كذا، رفي رواية ابن أبي الدنيا الآتية: " معه " ... ولعلها الصواب. 6073 - (لا تكونُ المرأةُ حَكَمَاً تقضي بين الناس) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الديلمي (3/174) من طريق علي بن المديني: حدثنا عبد الكريم البصري عن عمر بن زيد بن مهران عن عطاء عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عمر بن زيد بن مهران لم أعرفه، ومن المحتمل أن يكون الذي في "كامل ابن عدي" (5/1687) : "عمربن يزيد المدائني، منكر الحديث عن عطاء وغيره". وعبد الكريم البصري: هو من طبقة عبد الكريم بن روح بن عنبسة أبي سعيد البصري مولى عثمان، وهو ضعيف. فيحتمل أن يكون هو هذا. والحديث في "الجامع الكبير" أيضاً! 6110 - (مَن نظرَ إلى فرجِ امرأةٍ؛ لم تَحِلَّ له أمُّها ولا ابنتُها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (4/165) : جرير بن عبد الحميد عن حجاج عن أبي هانئ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، أبو هانئ هذا لم أعرفه، وقد ذكر الذهبي في "المقتنى" خمسة بهذه الكنية وسماهم، ولم يتبين لي أنه منهم، وكلام البيهقي الآتي يشعر بأنه مجهول لا يعرف. والحجاج الظاهر أنه ابن أرطاة، وبه جزم البيهقي، وهو كوفي، وكذا الراوي عنه جرير بن عبد الحميد، قال البيهقي في (باب الزنا لا يحرم الحلال) من "السنن الكبرى، (7/ 170) : "وأما الذي يروى فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة؛ حرمت عليه أمها وابنتها"؛ فإنه إنما رواه الحجاج بن أرطاة عن أبي هانئ، أو أم هانئ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا منقطع، ومجهول، وضعيف، الحجاج بن أرطاة لا يحتج به فيما يسنده، فكيف بما يرسله عمن لا يعرف؟! ". وجزم الحافظ في "الفتح " (9/156) بأنه حديث ضعيف، وعزاه لابن أبي شيبة من حديث أم هانئ؛ كذا وقع فيه: (أم هانئ) ... والصواب: (أبو هانئ) - كما سبق عن "المصنف " -، وكذلك وقع في "الدر المنثورة (2/136) معزواً لابن أبي شيبة، ووقع عند البيهقي معلقاً على الشك: (أبي هانئ، أو: أم هانئ) - كما رأيت -، فإن كان محفوظاً؛ ففيه إشارة إلى أن الراوي لم يحفظه جيداً، ولعل ذلك من الحجاج أو من شيخه الذي أسقطه من الإسناد؛ فإنه مشهور بالتدليس. والله أعلم. 6111 - (إذا نكحَ الرجلُ المرأةَ فلا يحلُّ له أن يتزوّج أمَّها دَخَلَ بالابنةِ أو لم يدخُلْ، وإذا تزوجَ الأمَّ فلم يدخلْ بها ثم طَلَّقها؛ فإن شاءَ تزوجَ الابنةَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. قال السيوطي في "الدر المنثور" (2/135) : "أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه " من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... " فذ كره. وأقول: لقد كنت خرجت الحديث في "الإرواء" (6/286/1879) بلفظ: "أيما رجل نكح امرأة ... " الحديث، وبينت علته، وذكرت من ضعفه من الأئمة بما يغني عن إعادة ذلك هنا، وإنما أوردته هنا بتخريج السيوطي المذكور لفوائد جديدة وغيرها من الأمور الآتية: أولاً: اقتصر السيوطي في "الجامع الكبير" في تخريجه على البيهقي فقط! وفي ذلك دلالة على أنه قد يوجد في الكتاب غير الختص بالحديث من الفواثد ما لا يوجد في المختص فيه. ثانياً: أخرجه عبد الرزاق في (المصنف " (6/276/10821 و278/10830) مفرقاً في موضعين، قال: أخبرني من سمع المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب ... به، وقد وصله ابن جرير والبيهقي من طريق ابن المبارك قال: أخبرنا المثنى ابن الصباح ... به. وقد تابعه ابن لهيعة عن عمرو، كما كنت خرجته هناك، ومنهم الترمذي وقال: "لا يصح ... ، والمثنى وابن لهيعة يضعفان في الحديث ". ثالثاً: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حسن؛ كما تقرر عند المحققين من أهل العلم إذا ثبت السند إليه، فقد يقول قائل: ألا يتقوى حديثه هذا بمتابعة المثنى لابن لهيعة؟ وما وجه جزم الترمذي مع ذلك بأنه لا يصح؟ قلت: الجواب: قال الحافظ في (تخريج أحاديث الكشاف " (4/ 41) عقب قول الترمذي المذكور: "ويشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثنى؛ لأن أبا حاتم قال: "لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئاً؛ فلهذا لم يرتق هذا الحديث إلى درجة الحسن". رابعاً: وخفي هذا التحقيق من الحافظ والإعلال من ابن أبي حاتم على الشيخ أحمد شاكر رحمه الله؛ فذهب في تعليقه على "تفسير ابن جرير" (8/146) إلى تقوية الحديث بمتابعة ابن لهيعة هذه، ولم يتنبّه إلى أن مدارها على ابن المثنى! ويؤكد ذلك ما في "التهذيب ": "وقال أحمد بن حنبل: كتب (ابن لهيعة) عن المثنى بن الصباح عن عمرو ابن شعيب، فكان بعد يحدث بها عن عمرو بن شعيب "! قلت: والظاهر أن ذلك كان عن نسيان منه؛ كما أشار إلى ذلك ابن عدي في آخر ترجمته إياه (4/154) ، وذكر فيها هذا الحديث فيما استنكر عليه. وهذا هو السبب في خلو (مسند ابن عمرو) في "مسند أحمد" من رواية ابن الهيعة عن عمرو بن شعيب. مع أن فيه من رواية آخرين عنه، منهم المثنى كما تقدم. فخذها فائدة قد لا تجدها في غير هذا المكان. خامساً: لم يكتف أحمد شاكر بها سبق ذكره عنه؛ بل قال في المثنى: "نرى أن حديثه حسن؛ لأنه اختلط أخيراً، كما فصلناه في "المسند" في الحديث 6893 ". قلت: وإذا رجع القارئ إلى المكان المشار إليه؛ وجد أنه ذكر تضعيفه عن أبي حاتم وأبي زرعة وابن سعد والنسائي وغيرهم، وقد اختلط في آخر عمره ... قال بعد أن نقل عن البخاري اختلاطه: "ولعل هذا أعدل ما قيل فيه ". فأقول: لو سلمنا بهذا؛ فمن المعلوم أن حديث المختلط ضعيف عند، المحدثين: إلا إذا حدث به قبل الاختلاط، وكان هو في نفسه ثقة، وكل من الأمرين هنا غير متحقق؛ أما الأول: فلأنه لا يدرى هل حدث بهذا الحديث قبل الاختلاط أم بعده؟ والأخر: فلأنهم قد أجمعوا على تضعيفه إلا رواية عن ابن معين، لكنه في روايتين أخريين عنه ضعفه، فهذا أولى بالاعتماد؛ لموافقته لأقوال الأئمة الآخرين، فإنها مجمعة على تضعيفه، وإن اختلفت عباراتهم؛ ولذلك قال ابن عدي في آخر ترجمته (6/425) : "وقد ضعفه الأئمة المتقدمون، والضعف على حديثه بَيِّن ". بل قد ضعفه جدّاً بعضهم، فقال النسائي وابن الجنيد: "متروك الحديث ". وقال الساجي: "ضعيف الحديث جدّاً، حدث بمناكير يطول ذكرها". قلت: فكيف يستقيم تحسين حديث من هذا حاله؟! سادساً: وأنكر مما سبق ما وقع في تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن " (5/106 -107) : " أخرجه في الصحيحين "! وهذا وهم محض، ولعله من بعض النساخ. والله أعلم. 6243 - (عِنْدَ أُمِّكَ قِرَّ؛ فَإِنَّ لَكَ مِنَ الأَجْرِ عِنْدَهَا مِثْلَ مَا لَكَ فِي الْجِهَادِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه عبد الرزاق (8/463) ، وعنه الطبراني (11/410) عن يحيى بن العلاء عن رشدين بن كريب - مولى ابن عباس - عن أبيه عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال: جاء رجل وأمه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يريد الجهاد، وأمه تمنعه، فقال: ... فذ كره. قال: وجاءه رجل آخر، فقال: إني نذرت أن أنحر نفسي! فشغل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذهب الرجل، فوجد يريد أن ينحر نفسه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من يوفي النذر، ويخاف {يوماً كان شره مستطيراً** هل لك من مال؟ "، قال: نعم. قال: "اهد مائة ناقة، واجعلها في ثلاث سنين، فإنك لا تجد من يأخذها منك معاً ". ثم جاءته امرأة فقالت: إني رسولة النساء إليك ... الحديث مثل رواية مندل ابن علي العنزي المذكورة في الحديث الذي قبله. قلت: وهذا موضوع؛ أفته يحيى بن العلاء فإنه كان يضع الحديث، وقد تقدمت له أحاديث فراجعه في (فهارس الرواة المترجم لهم) . وشيخه رشدين ضعيف، وبه فقط أعله الهيثمي في مواضع من "المجمع" (4/189 و 306 و5/322) وقال في الموضع الأول: "وهو ضعيف جداً جداً "! كذا فيه بتكرار جداً، فلعله من الناسخ أو الطابع؛ فإنه غير معهود منه، وإعلاله بيحيى بن العلاء أولى كما لا يخفى على العلماء، فلعله لم يتنبه له. وأسوأ منه سكوت المعلق الأعظمي على "المصنف"؛ فلم يعله لا بهذا ولا بذاك، وهذا مما لا يجوز له باتفاقهم؛ لأنه من كتمان العلم، وهذا إن كان منهم، وإلا ففاقد الشيء لايعطيه!! ويغني عن هذا الحديث الموضوع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الزمها؛ فعقد الجنة عند رجليها". وهو مخرج في "المشكاة" (4939) ، و"الإرواء" (1199) . 6382 - (إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا، وَالرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُمَا يُيَمَّمَانِ وَيُدْفَنَانِ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لاَ يَجِدِ الْمَاءَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو داود في "المراسيل" (298/414) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (3/398) : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِى ابْنَ عَيَّاشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى سَهْلٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره، وقال البيهقي: «هَذَا مُرْسَلٌ» . كذا قال ولم يزد، وهو ذهول عن كونه مرسلاً موضوعاً، آفته محمد بن أبي سهل هذا، فقد جزم أبو حاتم وغيره بأن محمد بن أبي سهل هذا هو محمد بن سعيد الشامي الكذاب المصلوب في الزندقة، وخفي ذلك على ابن حبان، فذكره في "الثقات" (7/408) ، وبخلاف صنعه في محمد بن سعيد، فذكره في "الضعفاء"، انظر تعليقي على ترجمته في كتابي الجديد: "تيسير الانتفاع " وقد تحرف اسم محمد ابن أبي سهل في "مصنف عبد الرزاق" (3/413/6135) إلى (محمد الزهري) ! وأشار النووي إلى الحديث في "المجموع" (5/151) ، ولم يزد أيضاً على قوله: "رواه البيهقي مرسلاً "! قلت: وهارون بن عباد - هو: أبو موسى الأزدي الأنطاكي - لم يذكروا له راوياً غير أبي داود ومحمد بن وضاح القرطبي، ولم يوثقه أحد، ولذا قال الحافظ: "مقبول". لكن تابعه عبد الرزاق - كما تقدم -. وقد خالفهما أبو بكر بن أبي شيبة فقال في "مصنفه" (3/248) : حدثنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن عطاء في المرأة تموت مع الرجال؟ قال: "تيمم، ثم تدفن في ثيابها. قال: والرجل كذلك ". قلت: فلعل هذا الاختلاف في الإسناد إنما هو من أبي بكر بن عياش، فإنه مع كونه من رجال البخاري، فهو قد تكلم فيه من قبل حفظه. وقد روي مرفوعاً من طريقين آخرين واهيين: أحدهما: عن نُعَيْم بن حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بن زَيْدِ بن وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ بن قَيْسٍ عَنْ بُسْرِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سِنَانِ بن عَرَفَةَ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةِ تَمُوتُ ... إلخ. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/119 - 120) . قلت: وعبد الخالق هذا، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة". وبه أعله الهيثمي (3/23) ، إلا أنه قال: "وهو ضعيف". قلت: ونعيم بن حماد: ضعيف أيضاً، بل قد اتهمه بعضهم - كما تقدم مراراً -. وإذا عرفت ما تقدم، فإيراد سنان هذا في "الصحابة" لهذا الحديث الواهي إسناده مما لا يخفى فساده، وبخاصة مع السكوت عن بيان وهائه، كما فعل الحافظ في "الإصابة"، وقد عزاه للبارودي وابن السكن أيضاً من طريق بسر بن عبيد الله! لم يذكر ما دونه من الإسناد المبين لضعفه! فقد يتوهم منه الكثيرون أنه ثابت! لأن بسراً هذا ثقة، إلا لابتدأ بإسناده من الموضوع الضعيف منه - كما عليه عرف العلماء وعملهم ومنهم الحافظ نفسه - ولذلك فقد أحسن الذهبي حين قال في "التجريد" (1/241) : "سنان بن غرفة له صحبة. روى عنه بسر بن عبيد الله إن صح". فأشار رحمه الله إلى أنه لا يصح. والطريق الآخر: يرويه بشر بن عون الدمشقي: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة بن الأسقع مرفوعاً ... به مقتصراً على جملة المرأة فقط. أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (3/347) مع حديثين آخرين بهذا الإسناد. وبشر بن عون وبكار بن تميم، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "مجهولان". والأول أورده ابن حبان في "الضعفاء" (1/190) وقال: "يروي عن بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة نسخة فيها ستمائة حديث، كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال ". ثم ساق له أحاديث ثلاثة أخرى، وتقدم أحدها برقم (5756) . واعلم أن الآثار في هذا الباب مختلفة، فبعضها بمعنى هذا الحديث. وفي بعضها أن المرأة يصب عليها الماء صباً فوق الثياب صباً. وروى ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق مطر عن نافع عَنْ ابْنِ عُمَرَ: في المرأة تموت مع الرجال؟ قال: تغمس في الماء. ولفظ البيهقي: ترمس في ثيابها. 6391 - (كَانَت المرأةُ إذا جاءت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [مُهاجِرَةٌ] حَلَّفَها عمرُ باَللَّهِ مَا خَرَجَتْ رَغْبَة بأرضٍ عَنْ أَرْض، وباللَّهِ مَا خَرَجَتْ اِلْتِمَاس دُنْيَا، وَباللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلَّا حُبّاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (28/44) ، والبزار (3/75/2272) - والسياق له -،من طريق قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبي نصر [الأسدي] عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ في قوله تبارك وتعالى: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن** ، قال: ... فذكره. وقال: " لا يروى عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ إلا بهذا الإسناد، وأبو نصر لم يرو عنه إلا خليفة ". قلت: وذكره البخاري في "الكنى" (76/725) ، وابن أبي حاتم (4/2/448 - 449) برواية خليفة هذا عنه، وسكت عنه البخاري، وقال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: كوفي ثقة". قلت: إذا كان لا يعرف إلا برواية خليفة، فمن الصعب أن تعرف ثقته، وكأنه لذلك قال الذهبي في "المغني: "لا يعرف". وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول". وقد روى له البخاري معلقاً في "صحيحه" أثراً آخر عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ، فقال عقبه: "ويذكر عن أبي نصر أن ابن عباس ... " وقال (9/153) : "وأبو نصر هذا لم يعرف بسماعه من ابن عباس". وقيس بن الربيع مختلف فيه، والراجح فيه أنه - كما قال الذهبي في "المغني" -: "صدوق سيء الحفظ". ونحوه قول الحافظ في "التقريب": "صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به". قلت: فقول السيوطي في "الدر المنثور" (6/208) بعدما عزاه لجمع غير المذكوريْن: "بسند حسن"، لا يخفى ضعفه. وقد صدّره الحافظ ابن رجب في "شرح الأربعين" (ص 9) بصيغة: "روي"، مشيراً لضعف إسناده، فأصاب. وقال الهيثمي في "المجمع" (7/123) : "رواه البزار، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري، وضعَّفه غيرهما، وبقية رجاله ثقات". وتعقبه الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (2/112) : قلت: أعله الشيخ بـ (قيس) ، وقد ذكر البخاري أن (أبا نصر) لم يسمع من ابن عباس، فهي العلة ". 6392 - (قال لقد زَوَّجْتُكِ غيرَ دجَّالٍ. يعني علياً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/165) من طريق قيس بن الربيع عن موسى بن قيس عن حُجر بن عنبس قال: لما زوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة من علي رضي الله تعالى عنهما قال: ... فذكره. أورده في ترجمة موسى بن قيس - وهو الحضرمي - هذا، وقال: "يلقب عصفور الجنة، من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث رديئة بواطيل". قلت: تفرد العقيلي برميه بالرفض، وما رواه عنه أن الثوري قال له: أيهما أحب إليك أبو بكر أو علي؟ قال: قلت: علي. فهذا - وإن كنا لا نوافقه عليه - ليس رفضاً، فكثير من السلف كانوا يفضلون علياً، فليس هذا بالذي يقدح فيه، ولا سيما وقد روى عبد الله بن أحمد في "العلل" (1/125 و241) عن أبيه أنه قال فيه: "ما أعلم إلا خيراً ". ولذلك لم يضعفه أحد، بل صرّح بتوثيقه جمع من المتقدمين والمتأخرين، وفي "ثقات ابن شاهين" (305/1291) ما نصه: "وقال ابن نمير: موسى بن قيس. قال: كان ثقة، روى عنه الناس، وهو حضرمي ". وهذا الحديث المرفوع هو الوحيد الذي ذكره العقيلي في ترجمته، وكان من الممكن أن يدان به، أو أنه كان سالماً من علة ممن دونه أو فوقه. والواقع خلاف ذلك، فإنه دونه - كما هو ظاهر - قيس بن الربيع، وفيه ضعف معروف، وكان له ابن يدس فِي حَدِيثِه ما ليس منه. وقد خالفه في متنه أبو نعيم الفضل بن دكين، فرواه عن موسى بن قيس ... بلفظ: "وهي لك يا علي! لستُ بدجال ". أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/19 - 20) . وتابعه عبد الله بن داود - وهو الخريبي -: ثنا موسى بن قيس ... به. أخرجه البزار (2/151/1406) وقال: "وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لستُ بدجال" يدل على أنه كان وعده، فقال: إني لا أخلف الوعد". ذكر ابن سعد نحوه. قلت وهذا اللفظ من هذين الثقتين وهو الصحيح عن موسى بن قيس، وهو مخالف للفظ قيس بن الربيع، فهو منكر، وقد كنت خرجت رواية عبد الله بن داود من طريق الطبراني عن البزار، لكنها بلفظ: "هي لك، على أن تحسن صحبتها". قلت: خرجتها في "الصحيحة" (رقم 166) ، مصححاً إسناده. ثم تبينت أنني كنت واهماً لأسباب: الأول: أن هذا اللفظ مخالف لرواية البزار المذكورة، من ناحيتين: إحداهما: أنه ليس عنده " "على أن تحسن صحبتها". والأخرى: عنده ما ليس عند الطبراني: "لستُ بدجال". وهي أصح بداهة لموافقتها لرواية ابن سعد. والثاني: أن الهيثمي ذكر في "المجمع" (9/204) رواية الطبراني، دون زيادة "على أن تحسن صحبتها". وكذلك ذكرها الحافظ في ترجمة حُجر بن قيس هذا من "الإصابة"، فخشيت أن تكون هذه الزيادة مدرجة في كتاب الطبراني من بعض النساخ. والثالث: أن حجر بن عنبس، ويقال: ابن قيس، لم تثبت صحبته، فقال الحافظ في "الإصابة" عقب الحديث: "قلت: اتفقوا على أن حجر بن عنبس لم ير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكأنه سمع هذا من بعض الصحابة". قلت: هذا محتمل، كما يحتمل أن يكون سمعه من بعض التابعين، ولهذا الاحتمال، جعل المحدثون الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف - كما هو معلوم -، بخلاف مرسل الصحابي فهو حجة، لأنه يغلب على الظن أنه تلقاه عن صحابي مثله. فلما تبين لي أنه ليس بصحابي، رجعت عن تصحيح إسناده، والله تعالى هو الهادي. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق العقيلي، وقال: "حديث موضوع، وضعه موسى بن قيس ... ". قلت: وهذا من غلوائه، فإن موسى هذا لم يتهمه أحد بوضع، بل قد وثقه جمع، وبهذا تعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/365) ، وانظر "التهذيب"، و"تيسير الانتفاع"، فالحديث علته الإرسال. والله تعالى أعلم. 6403 - (لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَلْعَنُهَا الْمَلَائِكَةُ، أَوْ يَلْعَنُهَا اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ، وَخُزَّانُ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ مَا انْتَهَكَتْ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ شَيْئاً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه البزار في "مسنده" (1/73/110) من طريق فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ... مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله ثلال علل: الأولى: عبيد بن سليمان الأغر: اختلف فيه الشيخان: البخاري وأبو حاتم، فليَّنه الأول، وقال أبو حاتم: "بل يحول من (الضعفاء) " - كما في "الميزان" -. ونصه في "الجرح" (2/2/ 407) : "لا أرى فِي حَدِيثِه إنكاراً، يحوَّل من "كتاب الضعفاء" الذي ألفه البخاري". وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/156) . والثانية: فضيل بن سليمان: فإنه مع كونه من رجال الشيخين، فإنه كثير الخطأ - كما قال الحافظ في "التقريب" -. ولم يذكر فيه الذهبي في "الكاشف" إلا أقوال الجارحين، ولعله هو علة هذا الإسناد. والثالثة: النكارة في المتن: فإن فيه مبالغة ظاهرة، غير معروفة في الأحاديث الصحيحة، فإن اللعنة لا يستحقها من ارتكب شيئاً ما من المعاصي،ولا معنى لتخصيص النساء بها. والله تعالى أعلم. |
الساعة الآن 06:08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com