![]() |
71)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ع) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 288 - 291 ) : الاستعانة قال ابن القيم رحمه الله مبينا معنى « الاستعانة » [ مدارج السالكين ( ص ظ¥ظ¢ ) ] : " الاستعانة تجمع أصلين : الثقة بالله ، والاعتماد على الله تعالى ، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ، ولا يعتمد عليه في أموره – مع ثقته به – لاستغنائه عنه ، وقد يعتمد عليه – مع عدم ثقته به – لحاجته إليه ، ولعدم من يقوم مقامه ، فيحتاج إلى اعتماده عليه ، مع أنه غير واثق به " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 469 ) ط : دار الفضيلة ] : " إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إني لا أحمل همّ الإجابة، وإنما أحمل همّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه » . كما أن الله تعالى إذا أراد أن يُشبع عبدا أو يرويه ، ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسّره لعمل أهل الجنة . والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله " . وقد أرشدنا الله إلى الاستعانة به في كل صغير وكبير من الشؤون الدينية والدنيوية ، قال الله تعالى في الحَديثِ القدسي : ( يا عبادي كلكم ضال إلَّا من هديته ، فاستهدوني أَهْدِكُم . يا عبادي كلكم جائع إلَّا من أطعمته فاستطعموني أُطعمكم ) . رواه مسلم من حديث أبي ذَر رضي الله عنه . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ جامع العلوم والحكم ( ص 424 ) ] : " هذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله عزّوجلّ في جلب مصالحهم ، ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودُنياهم ، وأَنَّ العباد لا يملكون لأنفسهم شيئا مِن ذلك كلِّه ، وأنّ مَن لم يتفضَّل الله عليه بالهدى والرزق ، فإنّه يُحرمهما في الدنيا ، ومن لم يتفضّل الله عليه بمغفرة ذنوبه ، أَوْبَقَتْهُ خطاياه في الآخرة ، قال الله تعالى : ** من يهد الله فهو المهتدِ ومَن يضلل فلن تجد له وليّا مُّرشدا ** [ سورة الكهف : 17 ] ، ومثل هذا كثيرٌ في القرآن ، وقال تعالى : ** مّا يفتح الله للنّاس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ** [ سورة فاطر : 2 ] ، وقال : ** إنّ الله هو الرّزّاق ذو القوّة المتين ** [ سورة الذاريات : 58 ] ، وقال : ** فابتغوا عند الله الرّزق واعبدوه **[ سورة العنكبوت : 17 ] ، وقال : ** وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها ** [ سورة هود : 6 ] " . قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 171 - 172 ) ] : " فالعبد لا ينفع ولا يضر ولا يعطي ولا يمنع إلا بإذن الله ، فالأمر كلّه لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، وهو مُقلّب القلوب ومُصرّفها كيف يشاء ، المتفرّد بالضرّ والنفع ، والعطاء والمنع ، والخفض والرفع ** مّا من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها ** [ سورة هود : 56 ] ، ** ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربُّ العالمين ** [ سورة الأعراف : 54 ] . ثم قال رحمه الله : والقرآن مملوء من ذكر حاجة العبيد إلى الله دون ما سواه ، ومن ذكر نعمائه عليهم ، ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات ، وليس عند المخلوق شيء من هذا ، فهذا الوجه يحقِّق التوكل على الله ، والشكر له ومحبته على إحسانه " . يتبع ----------- |
72)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ف) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 295 - 301 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله [ العبودية ( ص 87 - 88 ) ] : " القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة، وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلة الفاعلة . فالقلب لا يصلح ولا يُفلح ولا يلتذّ ولا يُسرُّ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئنُّ ، إلاّ بعبادة ربِّه وحبِّه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذُّ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربِّه ، من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللّذة والنِّعمة والسكون والطمأنينة . وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له، فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلاّ الله ، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة ** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ، فإنه لو أعين على حصول كل ما يُحبُّه ويطلبه ويشتهيه ويريده، ولم يحصل له عبادة الله ، فلن يحصل إلا على الألم ، والحسرة ، والعذاب ، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلاّ بإخلاص الحُبِّ لله؛ بحيث يكون هو غاية مراده، ونهاية مقصوده ، وهو المحبوب له بالقصد الأوَّل ، وكل ما سواه إنما يُحبّه لأجله ، لا يُحبُّ شيئاً لذاته إلا الله ، فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقَّق حقيقة : ( لا إله إلا الله ) ، ولا حقّق التوحيد والعُبوديَّة والمحَبَّةَ لله ، وكان فيه من نقص التوحيد والإيمان – بل من الألم والحسرة والعذاب –بحسب ذلك . ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعيناً بالله ، متوكِّلاً عليه ، مفتقراً إليه في حصوله ، لم يحصل له ، فإنه ما شاء اللهُ كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب ، المحبوب ، المراد ، المعبود ، ومن حيث هو المسئول ، المستعان به ، المتوكَّلُ عليه ، فهو إلهه الذي لا إله له غيره ، وهو ربُّه لا ربَّ له سواه " . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ جامع العلوم والحكم ( ص 362 ) ] : " إنّ العبد عاجزٌ عن الاستقلال بجلب مصالحه ، ودفع مضارّه ، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلاّ اللهُ عزّوجلّ ، فمن أعانه الله ، فهو المعان ، ومن خذله فهو المخذول ، وهذا تحقيق معنى قول : « لا حول ولا قُوّةَ إلاّ بالله » ، فإنّ المعنى : لا تَحوُّلَ للعبد مِن حال إلى حال ، ولا قُوّة له على ذلك إلاّ بالله ، وهذه كلمةّ عظيمةٌ ، وهي كنز من كنوز الجنة ، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعند الموت وبعده ، من أهوال البرزخ ويوم القيامة ، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلاّ الله عزّوجلّ ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله ، أعانه . وفي الحديث الصحيح عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( احرص على ما ينفعُك واستعن بالله ولا تعجزْ ) . ومن ترك الاستعانة بالله ، واستعان بغيره ، وكَلَهُ اللهُ إلى من استعان به ، فصار مخذولا . كتب الحسنُ إلى عمرَ بن عبد العزيز – رحمهما الله – : لا تستعن بغير الله ، فيَكِلَكَ اللهُ إليه . ومن كلام بعض السّلف : يا ربِّ عجبت لمن يعرفُك كيف يرجو غيرك ، وعجبتُ لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك " . والاستعانة بالله على الطاعة تحتاج إلى إقبال على الله ، فمن أقبل على الله أقبل الله عليه ، وأعانه ، ويسّر له أسباب كل خير ، خصوصا عبادة الله وتوحيده وطاعته ، ورزقه السكينة والطمأنينة في قصد الطاعة وأدائها . قال ابن القيم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 73 ) ] : " ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفُها ويحبُّها ويُؤثرها ، حتى يُرسلُ الله سبحانه وتعالى برحمته إليه الملائكة تؤزُّهُ إليها أزّاً ، وتُحرِّضه عليها ، وتُزعجه عن فراشه ومجلسه إليها " . يتبع ----------- |
73)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ص) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 305 - 308 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله [ الجامع لكلام الإمام ابن تيمية في التفسير ( 6 / 406 ) ] : " الاستعاذة ، والاستجارة ، والاستعانة ؛ كلها من نوع الدعاء أو الطلب ، وهي ألفاظ متقاربة " . وقال ابن القيم رحمه الله [ بدائع الفوائد ( 2 / 703 - 704 ) ] : " إن لفظ « عاذ » وما تصرَّفَ منها تدل على التحرُّز والتحصُّن والالتجاء ، وحقيقة معناها : الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه ؛ ولهذا يُسمَّى المستعاذ به : « معاذا » ، كما يُسمى : « ملجأ ووَزَراً » . وقال رحمه الله – مبيناً معنى ما يقوم في قلب المستعيذ بالله من الالتجاء إلى الله والانطراح له وحده – : معنى الاستعاذة القائم بقلبه وراء هذه العبارات ، وإنما هي تمثيل وإشارة وتفهيم ، وإلاّ فما يقوم بالقلب حينئذ من الالتجاء والاعتصام والإنطراح بين يدي الربِّ ، والافتقار إليه والتذلل بين يديه ، أمر لا تحيط به العبارة " . والاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلَّا الله ، مع أنه شرك أكبر ؛ فإنه لا ينفع من استعاذ به ، قال تعالى : ** وأنّه كان رجال مّن الإنس يعوذون برجال مّن الجنِّ فزادوهم رهقا ** [ سورة الجِنّ : 6 ] . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 448 - 452 ) ] : " كان أحدهم إذا نزل بوادٍ يقول : أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه . فقالت الجن : الإنس يستعيذوننا . فزادوهم رهقا . وقد نص الأئمة – كأحمد وغيره – على أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق ، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله عزّوجلّ غير مخلوق ؛ قالوا : لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه استعاذ بكلمات الله التامة وأمر بذلك ، كقوله : ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق ) ، و ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من غضبه وعذابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) ، و ( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلاّ طارقا بخير يا رحمن ) . 
قالوا : والاستعاذة لا تجوز بالمخلوق ، وقول القائل : « أعوذ بالله » معناه : أستجير بالله . فإذا لم يجز أن يُستغاث بمخلوق لا نبي ولا غيره ، فإنه لا يجوز أن يقال له : « أنت خير معاذ يستغاث به » بطريق الأولى والأحرى . ولهذا قال بعض الشعراء لبعض الرؤساء الممدوحين : يا من ألوذ به فيما أؤمله ______ ومن أعوذ به فيما أحاذره لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ______ ولا يهيضون عظما أنت جابره فقول القائل لمن مات من الأنبياء أو غيرهم : بك أستجير من كذا و كذا ؛ كقوله : بك أستعيذ ، وقوله : بك أستغيث . في معنى ذلك ، إذ كان مطلوبه منع الشدة أو رفعها . والمستعيذ يطلب منع المستعاذ منه أو رفعه ؛ فإذا كان مخوفا طلب منعه كقوله : « أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر » ، وإن كان حاضرا طلب رفعه ، كقوله في الحديث الصحيح : ( أعوذ بعزة الله و قدرته من شر ما أجد وأحاذر ) ؛فتعوَّذ بالله من شر الموجود وشر المحاذر . و الداعي يطلب أحد شيئين : إما حصول منفعة ، وإما دفع مضرة . فالاستعاذة والاستجارة والاستغاثة كلها من نوع الدعاء والطلب ، وقول القائل : لا يستعاذ به ، ولا يستجار به ، ولا يستغاث به ، ألفاظ متقاربة " . يتبع ----------- |
74)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ق) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 309 ) : قال العلّامة المجدّد عبد العزيز بن باز رحمه الله [ شرح تيسير العزيز الحميد ( 2 / 313 ) ] : " إن الاستعاذة بالله عبادة وقربة إلى الله عزّوجلّ ، فإذا صرفها العبد لغير الله : كالاستعاذة بالجن أو بالأموات أو الكواكب أو ما أشبه ذلك ، فقد صرف العبادة لغير الله ، فيكون هذا شركاً بالله عزّوجلّ ، أما إن كان هذا فيما يتعلق بالمخلوق الحي الحاضر ، كأن تقول لزيد : أعذني من شر غلامك ، أو : من شر كلبك ، أو : زوجتك . بأن يمنعها ، أو ما أشبه ذلك ، أو تقول : أغثني من كذا . كما قال الله سبحانه : ** فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه ** [ سورة القصص : 15 ] . فاستغاثتك بالحي الحاضر في شيء يقدر عليه غير داخلة في الاستغاثة والاستعاذة الممنوعة ، أو ما أشبه ذلك " . يتبع ----------- |
75)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ر) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 312 - 324 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 426 ) ] : " إذا كان الأنبياء بعد موتهم لا يُدعَون ولا يسألون ولا يستغاث بهم ، فكيف بمن دونهم ؟! " . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 477 - 478 ) ] : " إن الحنفاء ليس بينهم وبين الله تعالى واسطة في العبادة و الدعاء والاستعانة ، بل يناجون ربهم ويدعونه ويعبدونه بلا واسطة ، وإنما الرسل بلغتهم عن الله عزّوجلّ ما أمر به وأحبه من العبادات وغيرها ، وما نهى عنه ، فهم وسائط في التبليغ والدلالة ، وهم مع المؤمنين كدليل الحاج مع الحجاج وكإمام الصلاة مع المصلين . فالرسل – صلوات الله عليهم وسلامه –يعرّفون النّاس طريق الله تبارك وتعالى ، كما يُعرِّف الدليل الحاج طريق مكة – شرّفها الله – ثم النّاس يعبدون الله تعالى كما أن الحجاج يقيمون مناسك الحج . والرسل أيضا يقتدى بهم في الأفعال التي يتأسى بهم فيها ، كما يقتدي المأموم بالإمام في الصلاة ، وكل مصلٍّ يعبد ربه منه إليه بلا واسطة " . قال شيخنا العلّامة محمد الصّالح العثيمين رحمه الله [ القول المفيد ( ص 397 ) ] : " ولذلك كان أصحاب الأولياء إذا نزلت بهم شدة يسألون الأولياء دون الله تعالى ، فيقعون في الشرك الأكبر من حيث لا يعلمون أو من حيث يعلمون ، ثم قد يفتنون ، فيحصل لهم ما يريدون عند دعاء الأولياء لا بهم ، لأننا نعلم أن هؤلاء لا يستجيبون لهم ، لقوله تعالى : ** إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ** [ سورة فاطر: 14) ، وقوله تعالى : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ** [ سورة الأحقاف : 5 ] " . يتبع ----------- |
76)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ش) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 324 - 326 ) : واستجابة دعاء هؤلاء القبوريين ليس كرامة من الله ، وقد وقع نظيره لعُبّاد الأصنام ، وهو لا يدل على مشروعية الاستغاثة بغير الله ، فهذا نظير ما يُنعم الله به على المشركين من المال والجاه ** أيحسبون أنّما نمدُّهم به من مّال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لاّ يشعرون ** [ سورة المؤمنون : 55 - 56 ] . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( 2 / 220 - 221 ) ] : " من غرور هؤلاء وأشباههم اعتقادهم أن استجابة مثل هذا الدعاء كرامة من الله تعالى لعبده ، وليس في الحقيقة كرامة ، وإنما تُشبه الكرامة من جهة أنها دعوة نافذة وسلطان قاهر ، وإنما الكرامة في الحقيقة ما نفعت في الآخرة ، أو نفعت في الدنيا ولم تضر في الآخرة ، وإنما هذا بمنزلة ما يُنعم به الله على بعض الكفار والفساق من الرِّياسات والأموال في الدنيا ؛ فإنها إنما تصير نعمة حقيقية إذا لم تضر صاحبها في الآخرة " . فما يقضيه الله كوناً من إجابة الدعاء ، لا يدل على مشروعية إذا كان مما نَهى الله عنه ، فالقضاء الكوني يكون فيما يحبه الله وما لا يحبه ، أما القضاء الشرعي فلا يكون إلَّا فيما يحبه اللهُ . وتعيين القبوريين سبب إجابة دعائهم بالاستغاثة بالموتى ، هو كتعيين المشركين من قبل ما يصيبهم من المطر بالأنواء والكواكب ، كلهم مشرك ومغالط في تعيين سبب قضاء الله الكوني . فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف ، أقبل على الناس ، فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ ) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطرنا بنوء كذا وكذا . فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) . متفق عليه . وأما الاستغاثة فيما يقدر عليه ، فهذا جائز ، قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ كشف الشُبهات ( 39 - 40 ) ] : " إن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال تعالى في قصة موسى عليه السلام : ** فاسْتَغَاثَهُ الَّذي مِن شِيعَتِهِ على الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ ** [ سورة القصص : 15 ] ، وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب و غيرها من الأشياء التي يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء ، أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلاّ الله ، إذا ثبت ذلك ، فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب النّاس ، حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة ؛ أن تأتي عند رجل صالح ؛ حيٌّ يجالسك ويسمع كلامك وتقول له : ادعُ الله لي . كما كان أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته، وأمّا بعد موته ، فحاشا وكلا أنّهم سألوا ذلك عند قبره ، بل أنكر السّلف على مَن قصد دعاء الله عند قبره، فكيف بدعائه بنفسه صلَّى الله عليه وسلم ؟! " . يتبع ----------- |
77)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ت) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 328 - 330 ) : أفاد الإمام – محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله أن الذّبح عبادة ، والعبادة لا بد أن تكون خالصة لوجه الله ، قال تعالى : ** قل إنَّ صلاتي ونُسُكِي ومَحْيَاي ومَمَاتِي لله ربِّ العالمين * لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا أوّلُ المسلمين ** [ سورة الأنعام : 162 - 163 ] ، وقال تعالى : ** فصلِّ لربِّك وانحر ** . وعليه فالذبح لغير الله شرك أكبر ، وهو أنواع [ فتح المجيد ( ص 127 - 129 ) ] : 1- أن يذكر اسم غير الله عند الذبح . 2- أن يقصد غير الله بالذبح وإن لم يذكر اسمه . 3- أن يَذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه ، فهذا شرك . أما إن كان الذبح لله إكرامًا للضيف ، وقُصد به وجه الله مما أمر به من إكرام الضيف ، وذُكر اسم الله عليه ، فهذا مشروعٌ . [ تيسير العزيز الحميد ( 1 / 424 ) ] . ومن الذبح لغير الله الذبح عند القبور ، فقد نَهى النبي صلَّى الله عليه وسلم عن العقر عند القبر ، رواه أبو داود . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ مجموع الفتاوى ( 26 / 306 ) ] : " لأنه يشبه ما يُذبح على النُصب " وقال : " وكان المشركون يذبحون للقبور ويقربون لها القرابين ، وكانُوا في الجاهلية إذا مات لهم عظيم ذبحوا عند قبره الخيل والإبل ، وغير ذلك تعظيما للميّت ، فنهى النبي صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك كله " . ونبّه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله إلى تعاظم شرك من ذبح مستعينا بغير الله ، قاصدا غيره ، فهذا اجتمع فيه شرك في الاستعانة ، وشرك في العبادة . [ تيسير العزيز الحميد ( 1 / 422 - 423 ) ] . فالذبح لا بد أن يكون لله ، وأن يُستعان به وحده لا شريك له ، في مكان لا يُذبح فيه إلَّا لله ، ويُذكر اسم الله عليه ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجلٌ على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أن ينحرَ إِبلاً ببُوانَة – اسم موضع النحر – فأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم فَقالَ : إنِّي نذرت أن أنحر إِبلا ببُوَانة . فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم : ( هل كان فيه وثن من أوثان الجاهليّة يُعبد ؟ ) قالُوا : لا . قال : ( فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ) قالُوا : لا . فَقالَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ( أوفِ بنذرك ؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم ) . رواه أبو داود ، وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب : إسناده على شرطهما . يتبع ----------- |
78)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ث) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 330 - 332 ) : والنحر والذبح هو قربان أحد ابني آدم عليه السّلام ** قَرَّبَا قربانا فَتُقبِّل من أحدهِما ولم يُتقبَّل من الآخر ** ، وهي رؤيا أراها الله نبيّه إبراهيم عليه السّلام ، أراه الله عزّوجلّ في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل ، ورؤيا الأنبياء وحي من الله – كما قال عبد الملك بن عُمير رحمه الله – ، ولَـمّا استجاب إبراهيم وإسماعيل – عليهما السّلام – لأمر الله عزّوجلّ ، مَنَّ الله على إبراهيم عليه السلام بفداء عظيم يذبحه طاعة لله ، فصار في ذلك تشريع لكل الخلائق إلى يوم القِيامَةِ : أن من عقد عزمه عقدا جازماً على فعل فعل طاعة ؛ ثم حيل بينه وبين فعلها ؛ أنه يُكتب له ثوابها ، قال تعالى : ** وقالَ إنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بغُلَامٍ حَليمٍ * فَلمَّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قال يا بُنَيَّ إنِّي أَرَى في المَنام أَنِّي أَذْبَحُكَ فانظُرْ ماذَا تَرَى قال يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شاءَ الله مِنَ الصّابِرِينَ * فَلَمَّا أسْلَمَا وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * ونادَيْنَاهُ أَن يا إبراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إنّا كَذلكَ نَجْزي المُحْسِنِينَ * إنَّ هذَا لَهُوَ البَلَاءُ المبينُ * وفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ** [ سورة الصافات : 99 - 107 ] . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله [ تفسير القرآن العظيم ( 4 / 21 ) ] : " وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل ، خلافا لطائفة من المعتزلة ، والدلالة من هذه ظاهرة ، لأن الله تعالى شرع لإبراهيم ذَبْحِ ولده ، ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء ، وإنما كان المقصود من شرعه أولا إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك ; ولهذا قال تعالى : ** إنَّ هذا لهو البلاء المبين ** أي : الاختبار الواضح الجلي ; حيث أُمر بذبح ولده ، فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله ، منقادا لطاعته ; ولهذا قال تعالى : ** وإبراهيم الّذي وفّى ** [ سورة النجم : 37 ] . والنحر من أجلِّ الطاعات والعبادات ؛ لذلك شُرِعَ في جميع الملل ، قال تعالى : ** ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُم مِّن بَهيمَةِ الْأَنْعَامِ فإِلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ** [ سورة الحج : 34 ] وقرنه الله مع الصلاة ، قال تعالى : ** فصلِّ لِرَبِّك وانحر ** والسر في ذلك تحقيق التوحيد الذي بُعثت به كل الرسل – عليهم الصلاة والسلام – ، وإقام ذكر الله ، قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي رحمه الله في تفسيره : " أي : ولكل أمة من الأمم السالفة جعلنا منسكا، أي : فاستبقوا إلى الخيرات ، وتسارعوا إليها، ولننظر أيكم أحسن عملا . والحكمة في جعل الله لكل أمة منسكا : لإقامة ذكره، والالتفات لشكره، ولهذا قال : ** لِيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ** وإن اختلفت أجناس الشرائع، فكلها متفقة على هذا الأصل، وهو ألوهية الله، وإفراده بالعبودية، وترك الشرك به ولهذا قال : ** فَلَهُ أَسْلِمُوا ** أي : انقادوا واستسلموا له لا لغيره، فإن الإسلام له طريق إلى الوصول إلى دار السلام ؛ ** وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ** بخير الدنيا والآخرة، والمخبت : الخاضع لربه، المستسلم لأمره، المتواضع لعباده " . يتبع ----------- |
79)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله خ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 336 - 340 ) : والنذر التزام شديد لمن نُذر له ، فمن نذر لله وكان نذره في طاعة ، فهذا عبَدَ اللَهَ وأخلصَ له ، ومَنْ نذر لغير الله ؛ فقد وقع في الشّرك الأكبر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ العقود ( ص 26 - 28 ) ] : " فلا يكون نذراً إلَّا ما ابتُغيَ به وجه الله تعالى ، كما في سنن أبي دواد عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : ( لا نذر إلَّا ما ابتغي به وجه الله ) . ... وفي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : « أن امرأة قالت : يا رسول الله ! إنِّي نذرتُ أن أذبح بمكان كذا وحذا . لمكان يَذبحُ فيه أهل الجاهليّة ، قال : لصنم ؟ قالت : لا . قال : لِوَثَنٍ ؟ قالت : لا . قال : أوفِ بنذرك » . ... فمن يعظم كنيسة أو وثناً أو شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبراً مضافا إلى نبي أو غير نبيّ ، سواء كان صدقاً أو كذبا إذا نذر لذلك المكان ، أو لسكان ذلك المكان ، أو للمضافين إلى ذلك المكان – فهو من الشّرك الذي لا يجوز فعله . ولا الوفاء به ، فإن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : ( لعن الله اليهود والتصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . يُحذّر ما فعلوا ، وقال : ( اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد ) . وقال : ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . وإذا نذر لشخص حيّ ، فإن كان على سبيل الشّرك به ، مثل أن يعتقد أنّ نذرَه له يحصل به حاجته ، إما لبركته ، وإِما لغير ذلك ، فهذا شرك . وإن نذر لله ، وجَعَلَ مصرفه لله ، ويُعطي الفقراء والمساكين من مال الله كما يُعان المجاهدون والعابدون من مال الله ، فهذا نذر لله " . فالإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ذكر في أول رسالته " الأصول الثلاثة وأدلتها " وجُوب معرفة حقيقة كلمة التوحيد " لا إلَهَ إلَّا الله " وذكر حكمة خلق الله للخلق لتحقيق التوحيد وعبودية الله وحده ، فساق قوله تعالى : ** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلَّا ليعبدون ** [ سورة الذاريات : 56 ] ، وقال [ الأصول الثلاثة وأدلتها ( ص 7 - 11 ) ] : " ومعنى : ** يَعبدون ** : يوحدون ، وأعظم ما أمر الله به التوحيد ، وهو إفراد الله بالعبادة ، وأعظم ما نَهى عنه الشّرك " . ثم ذكر بعد ذلك هنا أنواع العبادة : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، ومنها : الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح ، والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمرَ اللهُ بها كلها . يتبع ----------- |
80)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ذ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 340 - 342 ) : والإمام محمد بن عبد الوهاب في رسائله الأخرى قال مناظرا لمن يغالط في معنى العبادة وأنواعها [ كشف الشُبهات ( ص 51 - 53 ) ] : " إن قال : أنا لا أعبد إلَّا الله ، وهذا الالتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة . فقل له : أنت تقرُّ أنّ الله فرض عليك إخلاص العبادة ، وهو حقُّه عليك ؟ فإذا قال : نعم . فقل له : بيِّن لي هذا الذي فرضه اللهُ عليك ، وهو إخلاص العبادة لله ، وهو حقه عليك ؟ فإن كان لا يعرف العبادة ، ولا أنواعها ، فبيِّنها له بقولك : قال الله تعالى : ** ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدينَ ** [ سورة الأعراف : 55 ] . فإذا أعلمته بهذا فقل له : هل علمت هذا عبادة لله تعالى ؟ فلا بد أن يقول لك : نعم ، والدعاء مخ العبادة . فقل له : إذا أقررت أنّها عبادة ، ودعوت الله ليلاً ونهاراً ، خوفاً وطمعاً ، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيّاً ، أو غيره ، هل أشركت في عبادة الله غيره ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : إذا علمت بقول الله تعالى : ** فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ** [ سورة الكوثر : 2 ] ، فإذا أطعت الله ونحرت له ، هل هذا عبادة ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : إذا نحرت لمخلوق : نبيٍّ أو جنيٍّ أو غيرهما ، هل أشركت في هذه العبادة غير الله ؟ فلابد أن يقرَّ ويقول : نعم . وقل له أيضاً : المشركون الذين نزل فيهم القرآن ، هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللاّت وغير ذلك ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : وهل كانت عبادتهم إيّاهم إلاّ في الدُّعاء ، والذّبح ، والالتجاء ، ونحو ذلك ؟ وإلاّ فهم مُقرُّون أنّهم عبيدُه ، وتحت قهره ، وأنّ الله هو الذي يدبِّر الأمر ، ولكن دَعَوهُم والتجئوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا " . والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعد أن ذكر أنواع العبادة ، قال [ الأصول الثلاثة وأدلتها ( ص 11 ) ] : " فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر " . وفي رسائله الأخرى ردٌّ على من غالط في ذلك وزعم أن صرف العِباداتِ لغير الله شرك أصغر ، ونسب تقرير ذلك كذباً إلى ابن القيم رحمه الله ، فَقالَ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ مفيد المستفيد في كُفر تارك التوحيد ( ص 184 ) ] : " وأنت – رحمك الله – تجد الكلام – كلام ابن القيم – من أوله إلى آخره في الفصل الأول والثاني ، صريحاً لا يحتمل التأويل من وجوه كثيرة ، منها : أن دعاء الأموات والنذر لهم ليشفعوا له عند الله هو الشّرك الأكبر ، الذي بَعثَ الله النبي صلَّى الله عليه وسلم ، بالنهي عنه ، فكَفَّر من لم يتب منه وقاتله وعاداه ، وآخر ما صرَّح به قوله آنفاً : « وما نجا من شَرَك هذا الشِرك الأكبر... إلى آخره » . فهل بعد هذا البيان بيانٌ إلَّا العِناد بل الإلحاد ، ولكن تأمل قولَه – أرشدك الله – : « وما نجا من شَرَك هذا الشّرك الأكبر إلَّا من عادى المشركين ... إلى آخره » " . يتبع ----------- |
الساعة الآن 02:10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com