منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر العقيدة والتوحيد (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=61)
-   -   اعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=78480)

أبوسند 07-09-2023 08:42 PM



61)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ز) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 248 - 250 ) :

قال الإمام عبد العزيز بن عبد الله
بن باز رحمه الله
[ الدعاء أحكامه وآدابه ومحظوراته
( ص 34 - 36 ) ] :

" بيّن الله سبحانه في كتابه الكريم ،
وعلى لسان رسوله الأمين
– عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم –
أن العبادة حقُّ اللهِ ،
ليس فيها حقٌّ لغيره ،
وأن الدعاء من العبادة،
فمن قال من النّاس في أي بقعة من بقاع الأرض : يا رسول الله، أو يا نبي الله،
أو يا محمد أغثني، أو أدركني،
أو انصرني، أو اشفني، أو انصر أمتك،
أو اشفِ مرضى المسلمين،
أو اهدِ ضالهم، أو ما أشبه ذلك،
فقد جعله شريكاً لله في العبادة .

وهكذا مَن صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن
أو الأصنام أو غيرهم من المخلوقات،
لقول الله عز وجل : ** وما خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ ]
[ سورة الذاريات : 56 ] ،

وقوله سبحانه : ** يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ **
[ سورة البقرة : 21 ] ،

ولقوله تعالى في سورة الفاتحة :
** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ،

وقوله سبحانه : ** فادْعُوا الله مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ** ،
[ سورة غافر : 14 ]

وقوله عز وجل : ** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الَّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ ** ،
[ سورة غافر : 60 ]

فسمّى الدعاء عبادة ،
وأخبر أن من استكبر عنها سيدخل
جهنم داخراً ،
أي : صاغراً ،

وقال تعالى : ** وإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ** ،
[ سورة البقرة : 186 ]

وقال سبحانه :
** وما أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ** ،
[ سورة البينة : 5 ]

وقال عز وجل : ** ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ له الْمُلْكُ والَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ولَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ويَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ولا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ ** ،
[ سورة فاطر : 13 - 14 ]

وقال سبحانه : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ له إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غافِلُونَ وإذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وكانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ** ،
[ سورة الأحقاف : 5 - 6 ]

وقال تعالى: ** وأنَّ المَسَاجِدَ لِله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أحَدًا ** ،
[ سورة الجِنّ : 18 ]

وهذه الآيات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث ،
كلها تدل على أن العبادة حقُّ الله وحده، وأن الواجب تخصيصه بها ،
لكونه خَلَقَ العباد لذلك وأمرهم به،
كما تدل على أن جميع المعبودين مِن
دون الله لا يسمعون دعاء من يدعوهم،
ولو فُرضَ سماعهم لم يستجيبوا له،
كما دلت أيضا على أن المعبودين
من دون الله يتبرءون من عابديهم
يوم القيامة، وينكرون عليهم ذلك، ويخبرونهم أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم إياهم، وتبيّن أنهم يكونون يوم القيامة
أعداءً لعابديهم من دون الله " .




يتبع -----------



أبوسند 07-09-2023 08:43 PM



62)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ح) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 253- 255 ) :

الخَوْفُ من الله في الدُّنيا هو الطريق
الموصل إلى الأمن التام في البرزخ
وعرصات يوم القِيامَةِ ومجاوزة الصراط حتى دخول الجنة .

قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 624 ) ] :

" كان الخوف في الدُّنيا أنفع لهم ،
فبه وصلوا إلى الأمن التام ،
فإنّ الله سبحانه وتعالى لا يجمع
على عبده مخافتين ولا أمنين ،
فمن خافَه في الدُّنيا أَمَّنَه يوم
القِيامَةِ ، ومَن أمَّنه في الدُّنيا ولم
يخفه ، أخافه في الآخرة ،
وناهيك شرفا وفضلا بمقام ثمرته
الأمن الدائم المطلق " .

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] :

" قال أبو عثمان رحمه الله :
صِدقُ الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً وباطناً .

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله يقول : الخوف المحمود
ما حجزك عن محارم الله " .

وخوف العبودية لا يكون إلَّا لله ،
وصرفه لغير الله شرك ،
كما هو واقع من الرافضة
وغلاة الصوفية ، لاعتقادهم الشركي
أن لأوليائهم تصرفاً بالكون ،
وهذا ما اصطُلح عليه
بـ " خوف السّر " .

قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 623 ) ] :

" فالخوف عبودية القلب ،
فلا تصلح إلَّا لله وحده ،
كالذل والمحبة والإنابة والتوكل
والرجاء ،
وغيرها من عبودية القلب " .

والعبد في عبوديته لله
لا بد أن يتأله له حُبّاً وخوفا وطمعا ،
قال تعالى :
** والّذين ءامنوا أشدُّ حُبّاً لله **
[ سورة البقرة : 165 ] ،

وقال تعالى في شأن أنبياء
عليهم السّلام :
** ويدعوننا رغبا ورهبا **
[ سورة الأنبياء : 90 ] .

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 320 ) ] :

" القلب في سيره إلى الله عزّوجلّ بمنزلة الطائر ، فالمحبة رأسه ،
والخوف والرجاء جناحاه ،
فمتى سَلم الرأسُ والجناحان ،
فالطير جيد الطيران ،
ومتى قُطع الرأس مات الطائر ،
ومتى فقد الجناحان فهو عرضة
لكل صائد وكاسر ،
ولكن السلف استحبوا أن يُقوي
في الصحة جناح الخوف على
جناح الرجاء ،
وعند الخروج من الدنيا يُقوى
جناح الرجاء على جناح الخوف ،

هذه طريقة أبي سليمان
– الداراني – وغيره ، قال :
وينبغي للقلب أن يكون الغالب
عليه الخوف ،
فإن غلب عليه الرجاء فسد .

وقال غيره : أكمل الأحوال :
اعتدال الرجاء والخوف ،
وغلبة الحب ،
فالمحبة هي المركب ، والرجاء حادٍ ، والخوف سائق ،
والله الموصل بمنِّه وكرمه " .







يتبع -----------




أبوسند 07-09-2023 08:44 PM



63)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله

ط) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 255 - 256 ) :

وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ الإيمان الكبير ( ص 174 ) ] :

" الخشية أبداً متضمنة للرجاء ،
ولَوْلَا ذلك لكانت قُنوطاً ،
كما أن الرجاء يستلزم الخوف ،
ولَوْلَا ذلك لكان أمْناً ،
فأهل الخوف لله والرجاء له هم
أهل العلم الَّذينَ مدحهم الله " .

والخشية تتضمن المعرفة بالله ،

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 317 ) ] :

" و (( الخشية )) أخص من الخوف ، فإنّ الخشية للعلماء بالله ،
قال الله تعالى : ** إنّما يَخشَى اللهَ
مِن عباده العلماءُ **
[ سورة فاطر : 28 ]

فهي خوفٌ مقرونٌ بمعرفة ،
وقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم :
( إني أتقاكم لله ،
وأشدكم له خشية ) " .

والخشية إذا لم تتضمن الرجاء الذي
يكون من العمل الصالح والحب لله
صارت قنوطاً ،
قال تعالى :
** ومَنْ يقنط من رّحمة ربّه
إلَّا الضّالون **
[ سورة الحجر : 56 ] ،

وقال تعالى : ** قل ياعبادي الَّذينَ
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رّحمة الله إنَّ الله يغفر الذُّنوب
جميعا إنَّهُ هو الغفور الرّحيم **
[ سورة الزمر : 53 ] .

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] :

" والخوف ليس مقصودا لذاته ،
بل هو مقصودٌ لغيره قصد الوسائل ، ولهذا يزول بزوال المخوف ،
فإنّ أهل الجنة لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون .

والخوف يتعلق بالأفعال ،
والمحبة تتعلق بالذات والصفات ، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ،
ولا يلحقهم فيها خوف ،
ولهذا كانت منزلة المحبة
ومقامها أعلى وأرفع من منزلة
الخوف ومقامه " .

قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 604 - 606 ) ] :

" وبالجملة : فمن استقر في قلبه
ذكر الدار الآخرة وجزائها ،
وذكر المعصية والتوعُّد عليها ،
وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح ، هاج في قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو ،
وأمَّا إن كان مستقيماً مع الله فخوفه
يكون مع جريان الأنفاس ،
لعلمِه بأنّ الله مقلّب القلوب ،
« وما من قلب إلَّا وهو بين إصبعين
من أصابع الرحمن عزّوجلّ ،
فإن شاء أن يقيمه أقامه ،
وإن شاء أن يزيغه أزاغه » ،
كما ثَبت عن النبي صلَّى الله عليه
وسلم ، وكانت أكثر يمينه :
( لا ومقلب القلوب ،
لا ومقلب القليوب ) .

وقال بعض السلف :
القلب أشد تقلُّباً من القدر إذا استجمعت غلياناً .

وقال بعضهم : مثل القلب في سرعة تقلبه كريشة ملقاة بأرض فلاة
تقلبها الرياح ظهرا لبطن .

ويكفي في هذا قوله تعالى :
** واعلموا أنّ الله يحول بين المرء
وقلبه ** " .

يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 08:45 PM




64)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ي) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 257 - 260 ) :



التوكل هو : صدق الالتجاء إلى الله
في جلب المنفعة ودفع المضرة
مع بذل الأسباب .

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 403 ) ] :

" التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ، ويندفع بها
المكروه ، فمن أنكر الأسباب لم يستقم
منه التوكل ،
ولكن من تمام التوكل :
عدم الركون إلى الأسباب ،
وقطع علاقة القلب بها ؛ فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها ،
وحال بدنه قيامه بها .

فالأسباب محل حكمة الله
وأمره ودينه ،
والتوكل متعلق بربوبيته
وقضائه وقدره ،
فلا تقوم عبودية الأسباب إلاّ
على ساق التوكل ،
ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية " .

ثم قال رحمه الله :

" لا يستقيم توكل العبد حتى
يصح له توحيده ،
بل حقيقة التوكل :
توحيد القلب ،
فما دامت فيه علائق الشرك ،
فتوكله معلول مدخول ،
وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل ، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شُعب قلبه ،
فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة .

ومن هاهُنا ظن من ظن أن التوكل
لا يصح إلا برفض الأسباب ،
وهذا حق ، لكن رفضها عن القلب
لا عن الجوارح ،
فالتوكل لا يتم إلاّ برفض الأسباب
عن القلب ،
وتعلق الجوارح بها ،
فيكون منقطعا منها متصلا بها " .


والتوكل من علم القلب وعمله ،
وإن كان أدخل في عمل القلب ،

قال ابن القيم رحمه [ طريق الهجرتين ( ص 552 - 553 ) ] :

" إن التوكل يجمع أصلين :
علم القلب وعمله ،
أما علمُه : فيقينه بكفاية وكيله ،
وكمال قيامه بما وكله إليه ،
وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك .

وأمَّا عملُه : فسكونه إلى وكيله ،
وطمأنينته إليه ،
وتفويضه وتسليمه أمره إليه ،
وأن رضاه بتصرفه له فوق رضاه
بتصرفه هو لنفسه .

فبهذين الأصلين يتحقق التوكّل ،
وهما جماعه ،
وإن كان التوكّل أدخل في عمل القلب
من علمه ،
كما قال الإمام أحمد رحمه الله :
التوكّل عمل القلب .
ولكن لا بُدّ فيه من العلم :
وهو إما شرط فيه ،
وإما جزء من ما هيته .

والمقصود : أن القلب متى كان على الحَقِّ كان أعظم لطمأنينته
ووثوقه بأنّ الله وليه وناصره ،
وسكونه إليه ،
فما له أن لا يتوكل على ربه ؟

وإذا كان على الباطل علما وعملا
أو إحداهما ،
لم يكن مطمئنا واثقاً بربه ،
فإنه لا ضمان له عليه ،
ولا عهد له عنده ،
فإن الله لا يتولى الباطل ولا ينصره ،
ولا ينسب إليه بوجه ،
فهو منقطع النسب إليه بالكلية ،
فإنه سبحانه هو الحَقّ ،
وقوله الحق ، ودينه الحَقّ ،
ووعده حقّ ، ولقاؤه حق ،
وفعله كلُّه حقّ ،
ليس في أفعاله شيء باطل ،
بل أفعاله سبحانه بريئة من الباطل ،
كما أقواله كذلك .

فَلَمّا كان الباطل
لا يتعلق به سبحانه ،
بل هو مقطوع عليه البتة ،
كان صاحبه كذلك .

ومَن لم يكن له تَعلقٌ بالله العظيم ،
وكان منقطعاً عن ربه ،
لم يكن الله وليه
ولا ناصره ولا وكيله " .




يتبع -----------





أبوسند 07-09-2023 09:04 PM



65)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ك) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 260 - 263 ) :



والتوكّل مادته الإيمان بالله
والعبودية له ،

قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 550 ) ] :

" فالتوكّل مركب السائرِ
الذي لا يَتَأَتَّى له السّير إلاّ به ،
ومتى نزل عنه انقطع لوقته ،
وهو من لوازم الإيمان ومقتضياته ،
قال الله تعالى :
** وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مّؤمنين **
[ سورة المائدة : 23 ] ،

فجعل التوكّل شرطا في الإيمان ،
فدلّ على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل ،

وفي الآية الأخرى : ** وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين **
[ سورة يونس : 84 ] ،

فجعل دليل صحة الإسلام التوكل .

وقال تعالى :
** وعلى الله فليتوكّل المؤمنون **
[ سورة آل عمران : 122 ] ،

فذكر اسم الإيمان ههنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء الإيمان
للتوكّل ،
وأن قوة التوكّل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه ، وكلما قوي إيمان العبد
كان توكُّله أقوى ،
وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكّل ،
وإذا كان التوكّل ضعيفا ،
فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بُدّ " .

فالشأن في تحقيق العبودية لله وبذل الأسباب مع صدق الالتجاء إلى الله ،

فيجمع العبد مع العبادة الاستعانة بالله
** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ،
فتضييع الأسباب عجز ،
والنبي صلَّى الله عليه وسلم :
كان يستعيذ بالله من العجز والكسل ،
ويبذل الأسباب ،
فيلبس ما يقيه سهام العدو ويخادعهم ،
ويحسن تدبير المعارك ،
ويُنزلُ حاجتَه بالله ،
ويستعين به في قتال أعدائه ،
ومع هذا قلبُه مُعلّقٌ بالله لا بالأسباب ،
ويُعلِّمُ أُمتَه أنه قد يتعطل السبب عن سببيته
بأمر الله وحكمته ،
فقد قال صلَّى الله عليه وسلم :
( ليس السَنة أن لا تُمطروا ، ولكن السنة
أن تُمطروا ولا تنبت الأرض ) .
رواه مسلم .

قال ابن القيم رحمه الله
[ الفوائد ( ص 213 ) ] :

" الَّذِي يُحَقّق لتوكل الْقيام بالأسباب المَأْمُور بها ،
فَمن عطّلها لم يَصح توكُّله ،
كما أَن القيام بالأسباب المفضية إلى حُصُول الخَيْر يُحَقّق رَجَاءَهُ ،
فَمن لم يقم بهَا كَانَ رجاؤه تمنِّياً ،
كَمَا أَن من عطّلها يكون توكله عَجزا ،
وعجزه توكُّلا .

وسرُّ التَّوَكُّل وَحَقِيقَته هو اعْتِمَاد القلب على الله وَحده ،
فَلَا يضرُّهُ مُبَاشرَة الأَسْبَاب ،
مع خلوِّ القلب من الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا والركون إلَيْهَا ،
كما لَا يَنْفَعهُ قَولُه :
توكّلتُ على الله مع اعْتِمَاده على غَيره وركونه إِلَيْهِ وثقته بِهِ ،

فتوكُّل اللِّسَان شَيْء
وتوكل القلب شَيْء ،
كما أَن تَوْبَة اللِّسَان مع إِصْرَار
القلب شَيْء ، وتوبةَ القلب وإِن لم ينْطق اللِّسَان شَيْء .

فقول العَبْد : توكّلتُ على الله .
مع اعْتِماد قلبه على غَيره ،
مثل قوله تبتُ إلى الله .
وهو مصرٌّ على مَعْصِيَته
مرتكب لها " .


قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله[ مجموع الفتاوى
( 18 / 179 ) ] :

" الحاجَةُ والفقر إلى الله ثابتة
مع فعل السبب ، إذ ليس في المخلوقات ما هو وحده سبب تام
لحصول المطلوب " .

وقال :

" فمن ظن الاستغناء بالسبب عن
التوكّل فقد ترك ما أوجب الله عليه
من التوكّل وأخل بواجب التوحيد ،
ولهَذا يُخذلُ أمثال هؤلاء " .



وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 417 ) ] :

" إن – العبد – استطاعته بيد الله ،
لا بيده ، فهو مالكها دونه ،
فإنّه إن لم يُعطِه الاستطاعة
فهو عاجز ،
فهو لا يتحرك إلا بالله ،
لا بنفسه ،
فكيف يأمن المكر ؟
وهو أن لا يحركه مَن حركته بيده ،
بل يثبطه ويقعده مع القاعدين ،

كما قال فيمن منعه هذا التوفيق : ** ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم
وقيل اقعدوا مع القاعدين **
[ سورة التوبة : 46 ] ،

فهذا مكر الله بالعبد :
أن يُقطع عنه مواد توفيقه ،
ويُخلي بينه وبين نفسه ،
ولا يبعث دواعيه ،
ولا يحركه إلى مَراضيه ومَحابه ،
وليس هذا حقّا على الله ،
فيكون ظالما بمنعه ،
تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ،
بل هو مجرد فضله الذي يحمده
على بذله لمن بذله ،
وعلى منعه لمن منعه إياه ،
فله الحمد على هذا وهذا " .




يتبع -----------




أبوسند 07-09-2023 09:07 PM



66)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله

ل) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 264 - 267 ) :

وقال ابن القيم رحمه الله متحدّثا
عن أنواع التوكّل [ الفوائد
( ص 211 - 213 ) ] :

" التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ :

أحدهمَا : توكُّلٌ عليه فِي جلب حوائج العَبْد وحظوظه الدُّنْيَويَّة ، أَو دفع مكروهاته ومصائبه الدُّنْيَوِيَّة ،

والثَّاني : التَّوَكُّل عَلَيْهِ فِي حُصُول
ما يُحِبُّهُ هو ويرضاه من الإيمان واليَقين والجهاد والدعوة إليهِ .

وبين النَّوْعَيْنِ من الفضل
ما لَا يُحْصِيه إلَّا الله ،
فَمَتَى توكّل عَلَيْهِ العَبْد في النَّوْع الثَّانِي حَقَّ توكُّلِه كَفاهُ النَّوْع الأول تَمام الْكِفَايَة .

ومَتى توكّل علَيهِ في النَّوْع الأول
دون الثَّانِي ،
كَفاهُ أَيْضا ،
لَكِن لَا يكون لَهُ عَاقِبَة المتَوَكّل عليه فيما يُحِبّهُ ويرضاه .

فأعظم التَّوَكُّل عَلَيْهِ :
التَّوَكُّل في الهِدايَة ،
وتَجْرِيد التَّوْحِيد ،
ومتابعة الرَّسُول صلَّى الله عليه وسلم ، وَجِهَاد أهل الْبَاطِل ،
فَهَذَا توكّلُ الرُّسُل وخاصة أتباعهم .

التَّوَكُّل تَارَة يكون توكّل اضطرار وإلجاء ،
بِحَيْثُ لَا يجد العَبْد ملْجأ ولَا وَزَراً
إلَّا التَّوَكُّل ،
كَما إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَسْبَاب ،
وضاقَتْ عليْهِ نَفسُه ،
وظنّ أَن لَا ملْجأ من الله إلَّا إِلَيْهِ ،
وهَذَا لَا يتَخَلَّفُ عَنهُ الفرج والتيسير ألبَتَّةَ .

وتارَة يكون توكّل اخْتِيَار ،
وذَلِكَ التَّوَكُّل معَ وجود السَّبَب المفضي إِلَى المُرَاد ،

فإن كَانَ السَّبَب مَأْمُورا بِهِ ،
ذُمَّ على تَركه ،
وإِن قامَ بالسَّبَب وَترك التَّوَكُّل ،
ذُمّ على تَركه أَيْضا ، فَإِنَّهُ وَاجِب بِاتِّفَاق الأمة وَنَصّ الْقُرْآن ،
والوَاجِب القيام بهما
والجمع بَينهمَا .

وإِن كَانَ السَّبَبُ مُحرَّما ،
حَرُمَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَته ، وتوحَّدَ السَّبَب فِي حَقه فِي التَّوَكُّل ،
فَلم يبْق سَبَب سواهُ ،
فَإِن التَّوَكُّل من أقوى الْأَسْبَاب فِي حُصُول المُرَاد وَدفع الْمَكْرُوه ، بل هُوَ أقوى الْأَسْبَاب على الْإِطْلَاق .

وإِن كَانَ السَّبَب مُبَاحا ، نظرت :
هَل يُضْعِفُ قيامُك بِهِ التَّوَكُّل
أَو لَا يُضعفهُ ؟
فَإِن أضعفه وفَرَّق عَلَيْك قَلْبك
وشتَّتَ همَّك ،
فَتَركُه أولى ،
وَإِن لم يُضعفهُ فمباشرته أولى ،
لِأَن حِكْمَة أحكم الحَاكِمين اقْتَضَتْ ربط المُسَبَّبِ بِهِ ،
فَلَا تُعطِّل حكمته مهما أمكنك القيام بها ، ولَا سِيّمَا إِذا فعلته عبوديّة ،
فَتكون قد أتيت بعبوديّة القلب بالتوكّل ، وعبودية الجَوَارِح
بِالسَّبَبِ الْمَنوِيِّ بِهِ القُرْبَة " .

وكل مخلوق فهو فقير إلى الله فقر عبودية ، وفقر تدبير ، وحفظ ،
ورزق ، وكفاية ، وسَداد ، وهداية ،
قال تعالى :
** يا أيُّها النّاس أنتم الفقراء إلى اللهِ واللهُ هو الغنيُّ الحميد **
[ سورة فاطر : 15 ] .

قال ابن القيم رحمه الله [ شفاء
العليل ( 2 / 739 - 740 ) ] :

" حقيقة الأمر : أن العبد فقير إلى الله
من كل وجه وبكل اعتبار ،
فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له ،
وإحسانه إليه ، وقيامه بمصالحه ،
وتدبيره له ، وفقير إليه من جهة إلهيته
وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم ،
الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم
ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه ،

فيكون أحب إليه من نفسه وأهله
وماله ووالده وولده ،
ومن الخلق كلهم .

وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء ،
فإنه إن لم يعافِه منها ، هلك ببعضها .

وفقير إليه من جهة عفوه عنه ،
ومغفرته له ،
فإن لم يعفُ عن العبد ويغفر له ،
فلا سبيل إلى النجاة ،
فما نجى أحد إلا بعفو الله ،
ولا دخل الجنة إلاّ برحمة الله " .

والخوف دليلُ حياةِ قلبِ صاحبِهِ ،
وصحة إيمانه ،

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 319 ) ] :

" وفي مراقبة العاقبة :
زيادة استحضار المخوف ،
وجعله نصب عينه ،
بحيث لا ينساه ،
فإنه وإن كان عالما به لكن نسيانه وعدم مراقبته يحول بين القلب
وبين الخوف ،
فلذلك كان الخوف علامة صحة الإيمان ، وترحُّله من القلب
علامة ترحل الإيمان منه " .

يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 09:08 PM



67)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


م) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 268 - 273 ) :

الخشوع : خضوعٌ وتذللٌ وانقياد لله ،
فتباشر مواعظُ اللهِ قلوبَ أوليائِه ،
فتخشع ،
فتُورث صلاحا في الجوارح ،
وإقبالا على الله ،
وقَبولاً لأوامره بالسعادة والطاعة ،
وانكفافاً عن نواهيه ابتغاء مَراضيه ،
قال تعالى في شأن عِبادِهِ العلماء
العُبّاد الصالحين :
** قَلّ آمنوا به أو لا تُؤمنوا إنَّ الَّذينَ
أُوتُوا العلم مِن قَبْلِه إذا يُتْلَى عليهم
يَخرّون للأذقان سُجّدا * ويقولون
سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا
لمفعولا * ويَخرّون للأذقان يبكون
ويَزيدهم خشوعا **
[ سورة الإسراء : 107 - 109 ] ،

فالخشوع إذا وقع في القلب صَلُحَ ،
وسَرَى صلاحُه إلى الجوارح ،
فانقادتْ إلى أمرِ اللهِ ونهيه ،
فتواضع العبد لأمر الله وحكمه وقضائه ،
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 10 ) ] :

" القلب إذا خشع فإنّه يَسكُنُ خواطره
وإرادته الرديئة التي تنشأ عن اتِّباع
الهوى ،
وينكسر ويخضع لله عزّوجلّ ،
فيزول بذلك ما كان فيه من البأو والترفع والتعاظم والتكبُّر ،
ومتى سكن ذلك في القلب خشعت
الأعضاء والجوارح والحركات كلُّها
حتى الصّوت .

وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله :
** وخشعت الأصوات للرحمن
فلا تسمع إلَّا همسا **
[ سورة طه : 108 ] ،

فخشوع الأصوات هو سكونها
وانخفاضها بعد ارتفاعها .

وكذلك وصف وجوه الكُفّار وأبصارهم
في يوم القِيامَةِ بالخشوع ،
فدلّ ذلك على دخول الخشوع
في هذه الأعضاء كلَّها " .


وقال ابن القيم رحمه الله مبيناً معنى
الخشوع [ مدارج السالكين
( ص 322 - 323 ) ] :

" وقال الجنيد رحمه الله :
الخشوع تذلُّل القلوب لعلاّم الغيوب .

وأجمع العارفون على أن
« الخشوع » محلّه القلب ،
وثمرته على الجوارح ،
فهي تُظهِرُه " .

وقال تعالى :
** وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون **
[ سورة المرسلات : 48 ] ،

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 23 - 24 ) ] :

" وتمام الخضوع في الركوع :
أن يخضع القلبُ لله ويذل له ،
فيتمَّ بذلك خضوع العبد بباطنه
وظاهره لله عزّوجلّ .

ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول في ركوعه :
( خَشَعَ لك سَمْعي وبَصَري ومُخِّي وعِظامِي وما اسْتَقَلَّ به قَدَمِي ) ،
[ رواه مسلم ] .

إشارة إِلَى أن خشوعه في ركوعه
قد حصل بجميع جوارحه ،
ومِن أعظمها القلبُ الّذي هو مَلِكُ الأعضاء والجوارح ،
فَإِذَا خشع خشعت الجوارحُ والأعضاء كلُّها تَبَعًا لخشوعه .

ومن ذلك : السجود ،
وهو أعظم ما يظهر فيه ذلُّ العبد
لربِّه عزّوجلّ ،
حيث جعل العبدُ أشرف ما له
مِن الأعضاء وأعزَّها عليه
وأعلاها حقيقة ،
أوضع ما يُمكنه ،
فيضعه في التراب مُتعفِّرًا ،
ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه لله عزّوجلّ .

ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك
أن يُقَربه اللهُ عزّوجلّ إليه ،
فإن : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ ) ،
كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
وقال الله تعالى :
** واسْجُدْ واقْتَرِبْ **
[ سورة العلق : 19 ] " .

وحقيقة الخشوع : هو خشوع القلب والجوارح لله ، والافتقار إليه ،
والخضوع لله ،
والتذلل له الذي له العزة والكبرياء ،
وهذه أعلى مقامات العبودية ،
ومَنْ كان هذا حاله صادقاً ،
فإنه قريب من الله ،
ألا ترى إلى عبودية الصلاة التي
هي أجل الطاعات لما فيها من الخشوعِ والخضوع لله ،
لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله في
وضع اليد اليمنى على اليسرى
قياماً بين يدي الله :
« خضوع بين يدي عزيز » ،
وأعظم هيئات الخضوع والخشوع والافتقار إلى الله في هذه العبادة
العظيمة ، هو في السجود .







يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 09:10 PM



68)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 274 - 279 ) :



وخشوعُ وخضوعُ العبدِ لربِه
وافتقاره إليه ، تذلل محب مبتهج بهذه العبودية فرح بها ،
يرى عزته في ذله لربه
** مَن كان يريد العِزَّة فللّه العزّةُ
جميعا إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه **
[ سورة فاطر : 10 ] ،

فالخشوع والخضوع لمن يستحقه
– العزيز الرّحيم وحده لا شريك له –
أجمل ما تزيّن به المتقون ،
خفضوا جناحهم لربهم ،
وأخبتوا له ،
وذلت قلوبُهم لطاعة الله ،
ولهجت ألسنتهم بذكره ،
وجوارحهم لعبادته .

وهذه الذِّلَّة لله هي موجب الرفعة
والعزّة ، قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : ( مَن تواضع لله رفعه ) .

ومَن ابتُلي بقسوة القلب فلْيُذِبْه
بذكر الله ،
كما قال الحسن البصري رحمه الله : وبتدبّر مواعظه في القرآن ،
وتذكّر مقام الآخرة ،
والخضوع لحساب الله ،
وأهوال ذلك اليوم الذي لا يوم بعدَه .

والخشوع حقيقته عزة ،
وهو أول ما يُرفَعُ من الناس :

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه
لأبي الدرداء رضي الله عنه :
« لو شئت لحدّثتك بأول علم يُرفَعُ
من الناس : الخشوع ،
يوشك أن تدخل مسجدَ الجامع
فلا ترى فيه رَجُلاً خاشعا » .
رواه الترمذي .

ومِن أعظم الأسباب المذهبة للخشوع في الطاعات
– خصوصا الصلاة – ،
فِعلُها عادةً ،
وهذا يأتي من جهة فعلها بالممارسة
والاعتياد ،
والواجب قصدها طاعة لله ،
وتحقيقاً للعبودية ،
وطلبا لتحصيل مقاصدها التي
فُرضت من أجلها .

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله في شأن هذا الصنف
من الناس [ اقتضاء الصراط
المستقيم ( ص 401 ) ] :

" يفعل الفرائض والسنن عادةً ووظيفةً ، وهذا عكس الدين ،
فيفوته بذلك ما في الفرائض
والسنن من المغفرة والرحمة والرقة
والطهارة والخشوع ،
وإجابة الدعوة ، وحلاوة المناجاة ،
إلى غير ذلك من الفوائد ،
وإن لم يَفُتْه كله ،
فلا بد أن يفوته كماله " .

قال تعالى في وصف صفوة خَلقِه من أنبيائه ** وكانُوا لنا خاشعين **
[ سورة الأنبياء : 90 ] .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما :
أي : مصدِّقين بما أنزلَ الله .

وقال مجاهد : مؤمنين حقّاً .

وقال أبو سِنان : الخشوع هو :
الخوف اللازم للقلب لا يفارقه أبدا .

وعن مجاهد أيضاً : خاشعين ،
أي : متواضعين .

وقال الحسن وقتادة والضحاك :
خاشعين ، أي : متذلّلين لله عزّوجلّ .
وكل هذه الأقوال متقاربة " .





يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 09:13 PM




69)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 280 - 283 ) :


الخشية مقام العارفين ،
وهي أخص من الخوف ،
فهي خوفٌ مقرون بالعلم بالمخوف ،


قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 411 - 412 ) ] :

" « الوجلُ » ، و « الخوف » ،
و « الخشية » و « الرهبة »
ألفاظ متقاربة غير مترادفة .

قال أبو القاسم الجنيد :
الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس .

وقيل : الخوف اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف .

وقيل : الخوف قوة العلم
بمجاري الأحكام ،
وهذا سبب الخوف لا أنه نفسه .

وقيل : الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره .

و « الخشية » أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ،
قال الله تعالى : ** إنما يخشى الله
من عباده العلماء **
[ سورة فاطر : 28 ] ،

فهي خوف مقرونٌ بمعرفة ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إني أتقاكم لله ،
وأشدكم له خشية )
متفق عليه .

فالخوف حركة ،
والخشية انجماع وانقباض
وسكون ،
فإن الذي يرى العدو ،والسيل ،
ونحو ذلك ، له حالتان :

إحداهما : حركة للهرب منه ،
وهي حالة الخوف .

والثانية : سكونه وقراره في مكان
لا يصل إليه فيه ، وهي الخشية .

وأما « الرهبة » : فهي الإمعان في الهرب من المكروه ،
وهي ضد « الرغبة »
التي هي سعي القلب في طلب المرغوب فيه .

وبين « الرَّهب » و « الهَرَب »
تناسب في اللفظ والمعنى ،
يجمعهما الاشتقاق الأوسط
الذي هو عقد تقاليب الكلمة على معنى جامع .

وأما « الوجل » فرجفان القلب ، وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته ، أو لرؤيته .

وأما « الهيبة » فخوف مقارن للتعظيم والإجلال ،
وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة .

و «الإجلال » :
تعظيم مقرون بالحب .

فالخوف لعامة المؤمنين ،
والخشية للعلماء العارفين ،
والهيبة للمحبين ،
والإجلال للمقربين ،
وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ،
كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم :
( إني لأعلمكم بالله ،
وأشدكم له خشية )
وفي رواية
( خوفا ) ،
وقال : ( لو تعلمون ما أعلم ،
لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ،
ولما تلذذتم بالنساء على الفُرُش ولخرجتم إلى الصَّعدات تجأرون
إلى الله تعالى ) .

فصاحب الخوف :
يلتجئ إلى الهرب ، والإمساك .
وصاحب الخشية :
يلتجئ إلى الاعتصام بالعلم ،

ومثلهما مثل مَن لا علم له بالطب ، ومثل الطبيب الحاذق ،
فالأول يلتجئ إلى الحمية والهرب ، والطبيب يلتجئ إلى معرفته
بالأدوية والأدواء .

قال أبو حفص :
« الخوف سوط الله ،
يُقوِّم به الشاردين عن بابه » .

وقال : « الخوف سراج في القلب ،
به يُبصر ما فيه من الخير والشر .

وكل أحد إذا خفته هربت منه
إلا الله عز وجل ،
فإنك إذ خفته هربت إليه » ،
فالخائف هارب من ربه إلى ربه " .

فالعلماء والعارفون الموحدون خوفهم
من الله فرار إليه ،
وهروب من معصيته إلى طاعته ،
ومن الغفلة عنه إلى ذِكْرِه .

فالعلماء بالله خشيتهم من الله
طمأنينة
وليست قنوطاً من رّحمة الله ،
لأنهم يعلمون أنّ لهم ربّاً يغفر الذنب ،
ويعفو عن السيئات ،
ويُبدِّلها حسنات ،
وأن الله ** يُحبُّ التّوّابين ويحبّ المتطهّرين **
[ سورة البقرة : 222 ] .

وأن العبد إذا صدق في فراره إلى الله
وخشيته منه ،
قد يكون حاله بعد التوبة أكمل منه
قبل فعل الذنب .





يتبع -----------





أبوسند 07-09-2023 09:15 PM



70)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


س) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 284 - 287 ) :


الإنابة منزلةٌ بعد التوبة ،
والتوبة من نزل مقامها نزل في جميع
منازل الإسلام ،
فإن التوبة الكاملة متضمنة لها .

وقد أمر الله بالإنابة ،
وأثنى على أوليائه بها ،
قال تعالى :
** وأنيبوا إلى رَبِّكُم **
[ سورة الزمر : 54 ] ،

وقال تعالى :
** إنَّ إبراهيم لحليم أوّاه منيب **
[ سورة هود : 75 ] ،

وقال تعالى : ** منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة **
[ سورة الروم : 31 ] .

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 349 ) ] :

" و « الإنابة » إنابتان :
إنابة لربوبيته ،
وهي إنابة المخلوقات كلها ،
يشترك فيها المؤمن والكافر ،
والبر والفاجر ،
قال الله تعالى : ** وإذا مَسَّ النّاس ضرٌّ دعَوْا ربَّهم مُّنيبين إليه **
[ سورة الروم : 33 ] ،

فهذا عام في حق كلِّ داعٍ
أصابَه ضرٌّ ،
كما هو الواقع ،
وهذه « الإنابة » لا تستلزم الإسلام ، بل تجامع الشرك والكفر ،
كما قال تعالى في حق هؤلاء :
** ثُمّ إذا أذاقهم مّنه رحمة إذا فريق منهم بربّهم يشركون *
ليكفروا بما آتيناهم **
[ سورة الروم : 33 - 34 ] ،
فهذا حالهم بعد إنابتهم .

و « الإنابة » الثانية :
إنابة أوليائه ، وهي إنابة لإلهيته ،
إنابة عبودية ومحبة ،
وهي تتضمن أربعة أمور :
محبته ،
والخضوع له ،
والإقبال عليه ،
والإعراض عمّا سواه ،
فلا يستحقّ اسم المنيب إلاّ مَن اجتمعت فيه هذه الأربع ،
وتفسير السلف لهذه اللفظة
يدور على ذلك .


وفي اللفظة معنى الإسراع
والرجوع والتقدم ،
و « المنيب » إلى الله :
المسرع إلى مرضاته ،
الراجع إليه كل وقت ،
المتقدم إلى محابه " .


والتوبة والإنابة من أعظم مقامات
العبودية لما فيهما من خضوع العبد
إلى ربه وفراره إليه .

والإنابة تقتضي الإقلاع عن الذنوب
والمبادرة إلى الطاعات ،

قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 350 ) ] :

" ** إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا **
[ سورة البقرة : 160 ] ،

فلا تنفع توبة وبطالة ،
فلا بد من توبة وعمل صالح :
تركٍ لما يكره ،
وفعلٍ لما يحب ،

تَخَلٍّ عن معصيته ،
وتَحَلٍّ بطاعته " .

وقال تعالى : ** مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ وأقِيمُوا الصَّلَاةَ ولَا تَكُونُوا مِن المُشرِكينَ **
[ سورة الروم : 31 ] .

قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي
رحمه الله :

" إن الإنابة إنابة القلب
وانجذاب دواعيه لمراضي الله تعالى ،
ويلزم من ذلك عمل البدن بمقتضى
ما في القلب ،
فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة،
ولا يتمُّ ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة ،
فلذلك قال : ** واتَّقُوهُ ** ، فهذا يشمل فعل المأمورات وترك المنهيات ،
وخصَّ من المأمورات الصلاة
لكونها تدعو إلى الإنابة والتقوى " .






يتبع -----------





الساعة الآن 12:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com