منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر العقيدة والتوحيد (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=61)
-   -   اعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=78480)

أبوسند 07-09-2023 10:33 PM



قال تعالى : ** وإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ القَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ **
[ سورة النحل : 86 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** وإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ ** :
يوم القيامة ، وعلموا بطلانها ،
ولم يمكِنهم الإنكار .

** قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ ** : ليس عندها نفعٌ ولا شفعٌ ،
فنوَّهوا بأنفسهم ببطلانها ، وكفروا بها ،
وبَدَتْ البغضاءُ والعداوةُ بينهم وبينها ،

** فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ** ؛
أي : رَدّت عليهم شركاؤهم قولَهم ،
فقالت لهم : ** إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ** :
حيث جعلتمونا شركاء لله وعبدتُمونا معه ،
فلم نأمُرْكم بذلك ،
ولا زَعَمْنا أنّ فينا استحقاقاً للألوهيَّة ؛
فاللوم عليكم . اهـ







أبوسند 07-09-2023 10:34 PM



اعلم أن الشرك ينقسم ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد ،
وكلٌّ منها قد يكون أكبر وأصغر مطلقًا ،
وقد يكون أكبر بالنسبة إلى ما هو أصغر منه، ويكون أصغر بالنسبة إلى ما هو أكبر منه .

القسم الأول : الشرك في الربوبية :
وهو نوعان :

أحدهما : شرك التعطيل ،
وهو أقبح أنواع الشرك ،

كشرك فرعون .
إذ قال : ** ومَا رَبُّ العَالَمِينَ ** ؟ ،
ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته ، وأنه لم يكن معدومًا أصلاً ،
بل لم يزل ولا يزال ،
والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها ،
يسمونها : العقول، والنفوس .

ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود ،
كابن عربي ، وابن سبعين ، والعفيف التلمساني ، وابن الفارض ، ونحوهم من الملاحدة الذين
كسوا الإلحاد حلية الإسلام ،
ومزجوه بشيء من الحق ،
حتى راج أمرهم على خفافيش البصائر .

ومن هذا شرك من عطّل أسماء الرب وأوصافه ، من غلاة الجهمية ، والقرامطة .

النوع الثاني : شرك مَن جَعَلَ معه إلهًا آخر ولَمْ يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته ،
كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة ،
وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير
إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة .

ومن هذا شرك كثير مِمَّن يشرك بالكواكب العلويات ، ويجعلها مدبِّرة لأمر هذا العالم ،
كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم .

قلت : ويلتحق به من وجه شرك غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت ، فيقضون الحاجات ،
ويفرجون الكربات، وينصرون مَن دعاهم ، ويحفظون مَنْ التجأ إليهم ، ولاذ بحماهم ،
فإنّ هذه من خصائص الربوبية ،
كما ذكره بعضهم في هذا النوع .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 27 - 28 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .




https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf










أبوسند 07-09-2023 10:35 PM




القسم الثاني : الشرك في توحيد الأسماء والصفات .

وهو أسهل مما قبله ، وهو نوعان :

أحدهما : تشبيه الخالق بالمخلوق ،
كمَنْ يقول : يدٌ كيدي ، وسمعٌ كسمعي ،
وبصرٌ كبصري ، واستواء كاستوائي ،
وهو شرك المشبِّهة .

الثاني : اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق .

قال الله تعالى : ** ولِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ **
سورة الأعراف 180

قال ابن عباس : ** يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ** : يشركون ،
وعنه : سموا اللاّت من الإله ،
والعُزَّى من العزيز .

القسم الثالث : الشرك في توحيد الإلهية والعبادة .

قال القرطبي : أصل الشرك المحرَّم اعتقادُ شريكٍ لله تعالى في الإلهية ،
وهو الشرك الأعظم ، وهو شرك الجاهلية، ويليه في الرتبة اعتقاد شريكٍ لله تعالى في الفعل ، وهو قول مَنْ قال :
إنّ موجودًا " ما " غير الله تعالى يستقل بإحداث فعلٍ وإيجاده
وإن لم يعتقد كونَه إلهًا ،
هذا كلام القرطبي .

وهو نوعان :

أحدهما :
أن يجعل لله ندًّا يدعوه كما يدعو الله ،
ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ،
ويرجوه كما يرجو الله ،
ويحبه كما يحب الله ،
ويخشاه كما يخشى الله .

وبالجملة فهو أن يجعل الله ندًا
يعبده كما يعبد الله ،
وهذا هو الشرك الأكبر ،
وهو الذي قال الله فيه :
** وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً **
سورة النساء 36


وقال : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
سورة النحل 36

وقال تعالى : ** ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ في السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُون **
سورة يونس 18

وقال تعالى : ** الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وما بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى على العَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا شَفِيعٍ
أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ **
سورة السجدة 4

والآيات في النهي عن هذا الشرك وبيان بطلانه كثيرة جدًا .

الثاني : الشرك الأصغر ،
كَيَسِيرِ الرياء والتصنع للمخلوق ،
وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة ،
بل يعمل لحظ نفسه تارةً ،
ولطلب الدنيا تارة ،
ولطلب المنْزلة والجاه عند الخلق تارة ،
فله مِن عمله نصيب ، ولغيره منه نصيب .

ويتبع هذا النوعَ : الشركُ بالله في الألفاظ ، كالحلفِ بغير الله ،
وقول : ما شاء الله وشئت ،
ومالي إلاّ الله وأنت ،
وأنا في حسب الله وحسبك ، ونحوه .

وقد يكون ذلك شركا أكبر بحسب حال قائله ومقصده .

هذا حاصل كلام ابن القيم وغيره .

وقد استوفى المصنف رحمه الله بيان جنس العبادة التي يجب إخلاصها لله بالتنبيه على بعض أنواعها ،
وبيان ما يضادُّها من الشرك بالله تعالى في العبادات والإرادات والألفاظ ،
كما سيمر بك ـ إن شاء الله تعالى ـ مفصلا
في هذا الكتاب ،
فالله تعالى يرحمه ويرضى عنه .

فإن قلت : هلاّ أتى المصنف رحمه الله بخطبة تُنبئ عن مقصده ، كما صنع غيره ؟

قيل : كأنّه - والله أعلم - اكتفى بدلالة الترجمة الأولى على مقصوده ،
فإنّه صَدَّرَه بقوله : ( كتاب التوحيد )
وبالآيات التي ذكرها وما يتبعها ،
مما يدل على مقصوده ،
فكأنّه قال : قصدت جمعَ أنواع توحيد الإلهية التي وقع أكثر النّاس في الإشراك فيها
وهم لا يشعرون ،
وبيان شيء مما يضاد ذلك من أنواع الشرك، فاكتفى بالتلويح عن التصريح .
والألف واللام في التوحيد للعَهْدِ الذِّهْنِي .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 28 - 29 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .




https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf










« أل » التعريفية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله

https://ferkous.com/home/?q=rihab-5-21








أبوسند 07-09-2023 10:36 PM





وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ،
وأن عيسى عبد الله ورسوله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا
إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ،
والجنّة حقّ والنار حق أدخله الله الجنة على
ما كان من العمل ) ،
أخرجاه .

عبادة : هو ابن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو الوليد ، أحد النقباء
بَدريٌّ مشهورٌ من أجلّة الصحابة ،
مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة .
وقيل : عاش إلى خلافة معاوية .

قوله : ( من شهد أن لا إله إلا الله ) ،
أي : من تكلم بهذه الكلمة عارفًا لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطنًا وظاهرًا ،
كما دلّ عليه قوله :
** فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ **
سورة محمد 19

وقوله :
** إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ **
سورة الزخرف 86

أما النطق بها من غير معرفة لمعناها
ولا عمل بمقتضاها ،

فإنّ ذلك غير نافع بالإجماع .

وفي الحديث ما يدل على هذا ،
وهو قوله : ( مَن شهد ) ،
إذ كيف يشهد وهو لا يعلم ،

ومجرد النطق بشيء لا يسمى شهادة به .
قال بعضهم :
أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف
قصر إفراد ،
لأنّ معناه : الألوهية في الله الواحد في مقابلة مَن يزعم اشتراك غيره معه ،
وليس قصر قلب ،
لأن أحدًا من الكفار لم ينفها عن الله ،
وإنّما أشرك معه غيره .

وقال النووي :
هذا حديثٌ عظيمٌ جليل الموقع ،
وهو أجمع ـ أو من أجمع ـ الأحاديث المشتملة على العقائد ،
فإنّه صلى الله عليه وسلم جَمع فيه ما يخرج عن ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدها ،
فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه الأحرف على ما يباين به جميعهم . انتهى .

ومعنى ( لا إله إلا الله ) ،
أي : لا معبود بحقّ إلا إله واحد ،
وهو الله وحده لا شريك له ،
كما قال تعالى :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ **
سورة الأنبياء 25

مع قوله تعالى : ** وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
سورة النحل 36

فصح أن معنى الإله هو المعبود ،
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم
لكفار قريش : ( قولوا لا إله إلا الله )
قالوا : ** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ **
سورة ص 5

وقال قوم هود : ** أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وحْدَهُ ونَذَرَ ما كان يَعْبُدُ آبَاؤُنَا **
سورة الأعراف 70

وهو إنّما دعاهم إلى ( لا إله إلا الله ) ،
فهذا هو معنى لا إله إلا الله ،
وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه ،
وهو الكفر بالطاغوت ، وإيمان بالله .

فتضمنت هذه الكلمة العظيمة أنّ
ما سوى الله ليس بإله ،
وأنّ إلَهِيَة ما سواه أبطل الباطل ،
وإثباتها أظلم الظلم ،
فلا يستحق العبادة سواه ،
كما لا تصلح الإلهية لغيره ،
فتضمنت نفي الإلهية عما سواه ،
وإثباتها له وحده لا شريك له ،
وذلك يستلزم الأمر باتخاذه إلهًا وحده ،
والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهًا .

وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والإثبات ، كما إذا رأيت رجلاً يستفتي أو يستشهد من ليس أهلاً لذلك ،
ويدع مَنْ هو أهل له ، فتقول :
هذا ليس بمفت ولا شاهد ،
المفتي فلان ، والشاهد فلان ،
فإنّ هذا أمر منه ونهي .

وقد دخل في الإلهية جميع أنواع العبادة الصادرة عن تأله القلب لله بالحب والخضوع والانقياد له وحده لا شريك له ،

فيجب إفراد الله تعالى بها ،
كالدعاء والخوف والمحبة ،
والتوكل والإنابة ، والتوبة ، والذبح ،
والنذر ، والسجود ،
وجميع أنواع العبادة فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له ، فمَن صَرَف شيئًا مما
لا يصلح إلاّ لله من العبادات لغير الله ،
فهو مشرك ولو نطق بـ : لا إله إلا الله ،
إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 55 - 56 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






مراحل تلبيس إبليس على عُبّاد القبور
للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله

https://youtu.be/kMcufM8TgA8







أبوسند 07-09-2023 10:37 PM



ذكر نصوص العلماء في معنى ( الإله ) :

قال ابن عباس رضي الله عنه : الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .

وقال الوزير أبو المظفر في " الإفصاح " ،
قوله : « شهادة أن لا إله إلا الله » ،
يقتضي أن يكون الشاهد عالمًا بأن :
لا إله إلا الله ،
كما قال : الله عز وجل :
** فاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ **
سورة محمد 19

وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدًا فيها ،
فقد قال الله عز وجل ما أوضح به أنّ الشاهد بالحقّ إذا لم يكن عالمًا بما شهد به ،
فإنّه غير بالغ من الصدق به مع مَن شهد مِن ذلك بما يعلمه في قوله تعالى :
** إلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ **
سورة الزخرف 86

قال : واسم الله تعالى مرتفع بعد « إلا »
من حيث إنّه الواجب له الإلهية .
فلا يستحقها غيره سبحانه .

قال : واقتضى الإقرار بها أن تعلم أنّ كل ما فيه أمارة للحدث ، فإنه لا يكون إلهًا ،

فإذا قلتَ : لا إله إلا الله ،
فقد اشتمل نطقك هذا على أن ما سوى الله ليس بإله ،
فيلزمك إفراده سبحانه بذلك وحده .

قال : وجملة الفائدة في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة هي مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ،
فإنّك لما نفيت الإلهية ،
وأثبت الإيجاب لله سبحانه ،
كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله .

وقال أبو عبد الله القرطبي في" التفسير " :
** لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ** ، أي : لا معبود إلا هو .


وقال شيخ الإسلام :
الإله هو المعبود المطاع .
وقال أيضا في ( لا إله إلا الله ) :
إثبات انفراده بالإلهية ،
والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته ،
ففيها إثبات إحسانه إلى العباد .
فإن الإله هو المألوه ،
والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ،
وكونه يستحق أن يُعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب ، المخضوع له غاية الخضوع .

وقال ابن القيم رحمه الله :
الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالاً وإنابة وإكرامًا وتعظيمًا وذلاً وخضوعًا وخوفًا ورجاءً وتوكلاً .





ولو كان معناها ما زعمه هؤلاء الجهال ،
لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم نزاعٌ ،
بل كانوا يبادرون إلى إجابته ،
ويلبون دعوته ، إذ يقول لهم : قولوا :
لا إله إلا الله ،
بمعنى : أنه لا قادر على الاختراع إلا الله .
فكانوا يقولون : سمعنا وأطعنا .

قال الله تعالى : ** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ **
سورة الزخرف 87

** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ **
سورة الزخرف 9

** قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ ** الآية ،
سورة يونس 31
إلى غير ذلك من الآيات .

لكنَ القومَ أهلُ اللسان العربي ،
فعلموا أنّها تهدم عليهم دعاء الأموات والأصنام من الأساس ،
وتكب بناء سؤال الشفاعة من غير الله ،
وصرف الإلهية لغيره لأم الرأس ،
فقالوا :
** ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللّهِ زُلْفَى **
سورة الزمر 3

** هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ **
سورة يونس 18

** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ **
سورة ص 5

فتبًا لمن كان أبو جهل ورأس الكفر من قريش وغيرهم أعلم منه بـ : « لا إله إلا الله » .

قال تعالى : ** إِنَّهُمْ كانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ
لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * ويَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ **
سورة الصافات 35 - 35

فعرفوا أنّها تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة ،
وهكذا يقول عباد القبور إذا طلبت منهم إخلاص الدعوة والعبادة لله وحده : أنترك سادتنا وشُفعاءنا في قضاء حوائجنا ؟!

فيقال لهم :
نعم وهذا الترك والإخلاص هو الحق ،
كما قال تعالى :
** بَلْ جَاءَ بالحَقِّ وصَدَّقَ المُرْسَلِينَ **
سورة الصافات 37

فـ : « لا إله إلا الله »
اشتملت على نفي وإثبات ،
فنفت الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى ،
فكل ما سواه من الملائكة والأنبياء
فضلاً عن غيرهم ، فليس بإله ،
ولا له من العبادة شيء ،

وأثبتت الإلهية لله وحده ،
بمعنى أنّ العبد لا يأله غيره ،
أي : لا يقصده بشيء من التأله
وهو تعلق القلب الذي يوجب قصده بشيء
من أنواع العبادة ،
كالدعاء والذبح والنذر وغير ذلك .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 57 - 59 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






مراحل تلبيس إبليس على عُبّاد القبور
للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله

https://youtu.be/kMcufM8TgA8












أبوسند 07-09-2023 10:38 PM



وبالجملة : فلا يُأْلَه إلا الله ،
أي : لا يُعْبد إلاّ هو ،
فمن قال هذه الكلمة عارفًا لمعناها ،
عاملاً بمقتضاها ،
مِن نفي الشرك وإثبات الوحدانية لله مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته من ذلك
والعمل به ، فهذا هو المسلم حقًا ،
فإن عمل به ظاهرًا من غير اعتقاد ،
فهو المنافق ،
وإن عمل بخلافها من الشرك ،
فهو الكافر ولو قالها ،

ألا ترى أن المنافقين يعملون بها ظاهرًا وهم فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار ،
واليهود يقولونها وهم على ما هم عليه من الشرك والكفر ، فلم تنفعهم ،
وكذلك من ارتدَّ عن الإسلام بإنكار شيء من لوازمها وحقوقها ،
فإنها لا تنفعه ، ولو قالها مائة ألف ،

فكذلك مَن يقولها ممن يصرف أنواع العبادة لغير الله ، كعباد القبور والأصنام ،
فلا تنفعهم ولا يدخلون في الحديث الذي جاء في فضلها ، وما أشبهه من الأحاديث .

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
بقوله : ( وحده لا شريك له ) ،
تنبيهًا على أن الإنسان قد يقولها
وهو مشرك ،
كاليهود والمنافقين وعباد القبور ،
لما رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا قومه إلى قول : ( لا إله إلا الله ) ،
ظنوا أنّه إنّما دعاهم إلى النطق بها فقط ، وهذا جهل عظيم ،
وهو عليه السلام إنّما دعاهم إليها ليقولوها ويعملوا بمعناها ،
ويتركوا عبادة غير الله ، ولهذا قالوا :
** ويقولون أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ **
سورة الصّافات 36

وقالوا : ** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً **
سورة ص 5

فلهذا أبوا عن النطق بها ،
وإلاّ فلو قالوها وبقوا على عبادة اللات والعزى ومناة لم يكونوا مسلمين ، ولَقَاتَلَهُم عليه الصلاة السلام حتى يخلعوا الأنداد ،
ويتركوا عبادتها ،
ويعبدوا الله وحده لا شريك له ،
وهذا أمر معلوم بالاضطرار من الكتاب والسنة والإجماع .

وأما عُبّادة القبور فلم يعرفوا معنى هذه الكلمة ،
ولا عرفوا الإلهية المنفية عن غير الله
الثابتة له وحده لا شريك له ،
بل لم يعرفوا من معناها إلاّ ما أقرّ به المؤمن والكافر ،
اجتمع عليه الخلق كلهم من أن معناها :
لا قادر على الاختراع ،
أو أن معناها : الإله ، هو الغني عما سواه ، الفقير إليه كل ما عداه ، ونحو ذلك ،
فهذا حق ،
وهو من لوازم الإلهية ،
ولكن ليس هو المراد بمعنى :
( لا إله إلا الله ) ،
فإنّ هذا القدر قد عرفه الكفار ، وأقروا به ،
ولم يدَّعوا في آلهتهم شيئًا من ذلك ،
بل يقرون بفقرهم ، وحاجتهم إلى الله ،
وإنّما كانوا يعبدونهم على معنى أنّهم وسائط وشفعاء عند الله في تحصيل المطالب
ونجاح المآرب ،
وإلا فقد سلموا الخلق والملك والرزق والإحياء والإماتة ، والأمر كله لله وحده لا شريك له ،
وقد عرفوا معنى : ( لا إله إلا الله ) ،
وأَبَوْا على النطق والعمل بها ،
فلم ينفعهم توحيد الربوبية مع الشرك في الإلهية ، كما قال تعالى : {وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ باللّهِ إِلاَّ وهُمْ مُشْرِكُونَ ** .
سورة يوسف 106





تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 60 - 61 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






الرد على مَن قال أن دعاء أصحاب القبور من التوسل الجائز !!!
للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله

https://youtu.be/UGCMd8SZt0s







أبوسند 07-09-2023 10:38 PM









وعُبّاد القبور نطقوا بها وجهلوا معناها ،
وأبوا عن الإتيان به ،
فصاروا كاليهود الذين يقولونها ولا يعرفون معناها ، ولا يعملون به ،
فتجد أحدهم يقولها وهو يأله غير الله بالحب والإجلال والتعظيم والخوف والرجاء والتوكل والدعاء عند الكرب ،
ويقصده بأنواع العبادة الصادرة عن تأله قلبه لغير الله مما هو أعظم مما يفعله المشركون الأولون ،
ولهذا إذا توجهت على أحدهم اليمين بالله تعالى أعطاك ما شئت من الإيمان صادقًا أو كاذبًا ، ولو قيل له :
احلف بحياة الشيخ فلان ،
أو بتربته ونحو ذلك ،
لم يحلف إن كان كاذبًا ،
وما ذاك إلاّ لأنّ المدفون في التراب أعظم في قلبه من رب الأرباب ،
وما كان الأولون هكذا ، بل كانوا إذا أرادوا التشديد في اليمين حلفوا بالله تعالى ،
كما في قصة القسامة التي وقعت في الجاهلية ،
وهي في " صحيح البخاري " .

وكثير منهم وأكثرهم يرى أن الاستغاثة بإلهه الذي يعبده عند قبره أو غيره أنفع وأنجح من الاستغاثة بالله في المسجد ،
ويصرحون بذلك ،
والحكايات عنهم بذلك فيها طول ،
وهذا أمرٌ ما بلغ إليه شرك الأولين ،
وكلهم إذا أصابتهم الشدائد أخلصوا للمدفونين في التراب ،
وهتفوا بأسمائهم ، ودعوهم ليكشفوا ضر المصاب في البر والبحر والسفر والإياب ،
وهذا أمرٌ ما فعله الأولون ، بل هم في هذه الحال يخلصون للكبير المتعال ،
فاقرأ قوله تعالى : {فإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ** الآية ،
سورة العنكبوت 65

وقوله : ** ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ *
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ **
سورة النحل 53 - 54

وكثير منهم قد عطلوا المساجد وعمروا القبور والمشاهد ،
فإذا قصد أحدهم القبر الذي يعظمه ،
أخذ في دعاء صاحبه باكيًا خاشعًا ذليلاً
خاضعًا ،
بحيث لا يحصل له ذلك في الجمعة والجماعات وقيام الليل وإدبار الصلوات ،

فيسألونهم مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب والنجاة من النار ،
وأن يحطوا عنهم الأوزار ،
فكيف يظن عاقل فضلاً عن عالم أنّ التلفظ
بـ : ( لا إله إلا الله )
مع هذه الأمور تنفعهم ؟!
وهم إنما قالوها بألسنتهم وخالفوها باعتقادهم وأعمالهم ؟!
ولا ريب أنه لو قالها أحد من المشركين
ونطق أيضًا بشهادة أن محمدا رسول الله
ولم يعرف معنى الإله ولا معنى الرسول ، وصلى وصام وحج ،
ولا يدري ما ذلك إلاّ أنه رأى النّاس يفعلونه فتابعهم ولم يفعل شيئًا من الشرك ،
فإنه لا يشك أحد في عدم إسلامه .

وقد أفتى بذلك فقهاء المغرب كلهم في أول القرن الحادي عشر أو قبله في شخص كان كذلك كما ذكره صاحب
" الدر الثمين في شرح المرشد المعين "
من المالكية ،
ثم قال شارحه : وهذا الذي أفتوا به جليٌّ
في غاية الجلاء ،
لا يمكن أن يختلف فيه اثنان انتهى .

ولا ريب أنّ عُبّاد القبور أشد من هذا ؟
لأنهم اعتقدوا الإلهية في أرباب متفرقين .

فإن قيل : قد تبين معنى الإله والإلهية ،
فما الجواب عن قول من قال :
بأن معنى الإله القادر على الاختراع
ونحو هذه العبارة ؟

قيل : الجواب من وجهين :

أحدهما : أن هذا قولٌ مبتدعٌ لا يُعرف أحدٌ
قاله من العلماء ولا من أئمة اللغة ،
وكلام العلماء وأئمة اللغة هو معنى ما ذكرنا كما تقدم فيكون هذا القول باطلاً .

الثاني : على تقدير تسليمه ،
فهو تفسير باللازم للإله الحق ،
فإنّ اللازم له أن يكون خالقًا قادرًا على الاختراع ،
ومتى لم يكن كذلك ،
فليس بإله حق وإِنْ سُمي إلهًا ،
وليس مراده أن مَن عرف أن الإله هو القادر على الاختراع ، فقد دخل في الإسلام وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام ،
فإنّ هذا لا يقوله أحدٌ ،
لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين ، ولو قُدِّر أن بعض المتأخرين أرادوا ذلك
فهو مخطئ يُرد عليه
بالدلائل السمعية والعقلية .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 61 - 63 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






الرد على مَن قال أن دعاء أصحاب القبور من التوسل الجائز !!!
للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله

https://youtu.be/UGCMd8SZt0s







أبوسند 07-09-2023 10:40 PM







قال : وقول الله : ** إنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ **

قال ابن كثير : أخبر تعالى أنه
لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ،
أي : لا يَغْفِرُ لعبد لقيه وهو مشرك به،
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ،
أي : من الذنوب لمن يشاء من عباده .

قلت : فتبين بهذا أن الشرك أعظم الذنوب ،
لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره ،
أي : إلاّ بالتوبة منه ،
وما عداه ، فهو داخل تحت مشيئة الله إن شاء غفره بلا توبة وإن شاء عذب به .

وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله ،
وإنما كان كذلك
1 - لأنه أقبح القبح وأظلم الظلم
إذ مضمونه تنقيص رب العالمين ،
وصرف خالص حقه لغيره ،
وعدل غيره به كما قال تعالى :
** ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ **
سورة الأَنْعَام 1
[ - لأنّه يناقض توحيد الألوهية - ]

2 - ولأنّه مناقض للمقصود بالخلق والأمر ،
منافٍ له من كل وجه ،
وذلك غاية المعاندة لربِّ العالمين ، والاستكبار عن طاعته والذل له ،
والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم
إلاّ بذلك .
فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة ،
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله )
[ أي الله أكبر ، فلا يعرفون الله ، وفِي رواية :
( لا يقولون لا إله إلا الله ) ] .
رواه مسلم .
[ - فيه مناقضة لتوحيد الربوبية - ]

3 - ولأنّ الشرك تشبيهٌ للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع ، والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأنواع العبادة كلها بالله وحده .
فمن علّق ذلك لمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا
ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا فضلاً عن غيره شبيهًا بمن لَهُ الخَلْقُ كله ،
ولَهُ الْمُلْكُ كله وبيده الخير كله ،
وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ .
فَأَزِمَّة الأمور كلها بيديه سبحانه ، ومرجعها إليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن،
لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ،
الذي إذا فتح للنّاس رَحْمَة فَلا مُمْسِكَ لَهَا
وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ،
[ - لأنه مناقض لتوحيد الأسماء والصفات - ]

فأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات القادر الغني بالذات ،
ومن خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجه ،
وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوكل والتوبة والاستعانة
وغاية الحب مع غاية الذل ،

كل ذلك يجب عقلاً وشرعًا وفطرة
أن يكون لله وحده ،
ويمتنع عقلاً وشرعًا وفطرة أن يكون لغيره،

فمن فعل شيئًا من ذلك لغيره ،
فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له
ولا مثل له ولا ند له ،
وذلك أقبح التشبيه وأبطله ،

فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه أنه لا يغفره مع أنه كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ،
فهذا معنى كلام ابن القيم .

وفي الآية ردٌّ على الخوارج المكفِّرين بالذنوب، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر يدخلون النار ولا بد ، ولا يخرجون منها ،
وهم أصحاب المنْزلة بين المنْزلتين .
ووجه ذلك أن الله تعالى جعل مغفرة ما دون الشرك معلقة بالمشيئة ،
ولا يجوز أن يحمل هذا على التأكيد ،
فإن التائب لا فرق في حقه بين الشرك وغيره . كما قال تعالى في الآية الأخرى :
** قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا على أَنْفُسِهمْ
لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً **
سورة الزمر 53

فهنا عمم وأطلق ؛ لأن المراد به التائب ، وهناك خص وعلق ؛
لأن المراد به ما لم يتب .
قاله شيخ الإسلام .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 98 - 99 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .



أبوسند 07-09-2023 10:40 PM




قال تعالى : ** ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُه أفَلَا تَتَّقُونَ **

[ سورة المؤمنون : 23 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :


يذكر تعالى رسالة عبده ورسوله نوح عليه السلام أول رسول أرسله لأهل الأرض ،
فأرسله إلى قومه ، وهم يعبدون الأصنام ،
فأمرهم بعبادة الله وحده ، فقال :
** يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ** أي : أخلصوا له العبادة ،
لأنّ العبادة لا تصح إلا بإخلاصها .

** ما لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ **
فيه إبطال ألوهيّة غير الله ،
وإثبات الإلهيّة لله تعالى ،
لأنّه الخالق الرّازق الذي له الكمالُ كلُّه ،
وغيره بخلاف ذلك .

** أَفَلَا تَتَّقُونَ **
ما أنتم عليه من عبادة الأوثان والأصنام التي صُوِّرت على صور قوم صالحين ،
فعبدوها مع الله ؟




وقال تعالى :
** والَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ **
[ سورة المؤمنون : 59 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ** ؛
أي : لا شركا جليّاً ؛
كاتخاذ غير الله معبودا يدعوه ويرجوه ،
ولا شركا خفيّاً ؛ كالرياء ونحوه ،
بل هم مخلصون لله في أقوالهم وأعمالهم
وسائر أحوالهم .





أبوسند 07-09-2023 10:41 PM





قال تعالى : ** أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ * ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ **

[ سورة المؤمنون : 115 - 118 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : ** أَفَحَسِبْتُمْ ** أيُّها الخلقُ ،
** أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا **
أي : سدىً وباطلا تأكلون وتشربون وتمرحون وتتمتّعون بلذّات الدّنيا ونتركُكم لا نأمُرُكم
ولا ننهاكم ولا نُثيبكم ولا نعاقبكم ،
ولهذا قال : ** وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ **
لا يخطر هذا ببالكم .


** فَتَعَالَى اللَّهُ **
أي : تعاظم وارتفع عن هذا الظنِّ الباطل الذي يرجع إلى القدح في حكمته ،

** المَلِكُ الحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ** فكونُه ملكا للخلق كلِّهم حقّاً في صدقه ووعده ووعيده مألوها معبودا لما له من الكمال
** رَبّ الْعَرْشِ الكريم **
فما دونه من باب أولى يمنعُ أن يخلُقكم عبثاً .

** ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **

أي : ومن دعا مع الله آلهة غيره بلا بيّنة من أمره ولا برهان يدلُّ على ما ذهب إليه ،
وهذا قيد ملازمٌ ؛
فكلُّ من دعا غير الله ؛
فليس له برهان على ذلك ،
بل دلّت البراهين على بطلان ما ذهب إليه ، فأعرض عنها ظلما وعنادا ،
فهذا سيقدُم على ربِّه فيجازيه بأعماله
ولا ينيلُه من الفلاح شيئاً ؛
لأنه كافر ،
** إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **
فكفرُهم منعهم من الفلاح .


** وَقُلْ ** :
داعيا لربّك مخلصا له الدين :
** رَبِّ اغْفِرْ ** لنا حتى تُنْجِيَنا من المكروه ،
وارحمنا لتوصلنا برحمتك إلى كلِّ خير .

** وأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ** : فكلُّ راحم للعبد ؛
فالله خَيْرٌ له منه ،
أرحم بعبده من الوالدة بولدها ،
وأرحم به من نفسه . اهـ









أبوسند 07-09-2023 10:44 PM



قال تعالى : ** ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وما يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قالُوا سُبْحَانَكَ ما كان يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ولكِن مَّتَّعْتَهُمْ وآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وكانُوا قَوْمًا بُورًا **
[ سورة الفرقان : 17 - 18 ]


قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتَبَرِّيهم منهم وبطلان سعيهم ،
فقال : ** ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ **
أي : المكذبين المشركين
** ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَقُولُ **
الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع
لمن عبدهم : ** أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ
أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ **
هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك
أم ذلك من تلقاء أنفسهم ؟

** قَالُوا سُبْحَانَكَ **
نزّهوا الله عن شرك المشركين به وبرّؤوا أنفسهم من ذلك ، ** مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا **
أي : لا يليق بنا ولا يحسن منّا أن نتّخذ من دونك من أولياء نتولاّهم ونعبدهم وندعوهم ؛
فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك ؛ فكيف نأمر أحدا بعبادتنا ؟!
هذا لا يكون .
أو : سبحانك أَنْ نَتَّخِذَ ** مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ** :
وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام : ** وإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ
إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ** الآية .

وقال تعالى : ** وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ **

** وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ **
فلما نزّهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله
أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا :
** وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ ** في لذّات الدّنيا وشهواتها ومطالبها النفسيّة ،

** حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ **
اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها ؛ فحافَظوا على دنياهم وضيّعوا دينهم ،
** وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا **
أي : بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح
لا يصلحون إلاّ للهلاك والبوار ،
فذكروا المانع من اتّباعهم الهدى ،
وهو التمتّع في الدنيا ،
الذي صرفهم عن الهدى ،
وعدم المقتضي للهدى ، وهو أنّهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووُجِد المانع ؛
فلا تشاء من شرّ وهلاك إلاّ وجدته فيهم .








أبوسند 07-09-2023 10:44 PM



قال تعالى : ** إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ
مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا **
[ سورة الفرقان : 42 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** إِنْ كَادَ ** هذا الرجل ** لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا **
بأن يجعل الآلهة إلها واحدا
** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ** لأضلَّنا .

زعموا قبَّحهم الله أنّ الضَّلال هو التوحيد ،
وأنّ الهدى ما هم عليه من الشرك ؛
فلهذا تواصَوْا بالصبر عليه ، ** وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ **

وهنا قالوا : ** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا **
والصبر يحمد في المواضع كلِّها ؛
إلاّ في هذا الموضع ؛
فإنّه صبرٌ على أسباب الغضب ،
وعلى الاستكثار من حطب جهنّم ،

وأما المؤمنون فهم كما قال الله عنهم :
** وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ **
ولما كان هذا حكما منهم بأنّهم المهتدون
والرسول ضالٌّ ،
وقد تقرّر أنّهم لا حيلة فيهم توعّدهم بالعذاب ،
وأخبر أنّهم في ذلك الوقت ،
** حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ** يعلمون علما حقيقيّاً
** مَنْ ** هو ** أَضَلُّ سَبِيلًا ** .

** وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ** الآيات .





أبوسند 07-09-2023 10:45 PM



قال تعالى : ** ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لَا يَنفَعُهُمْ ولَا يَضُرُّهُمْ وكان الكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا **
[ سورة الفرقان : 55 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : يعبدون أصناما وأمواتا لا تضرُّ ولا تنفع ،
ويجعلونها أنداداً لمالكِ النفعِ والضر والعطاء والمنع ؛
مع أنّ الواجب عليهم أن يكونوا مُقتَدين
بإرشادات ربِّهم ، ذابِّين عن دينه ،
ولكنهم عكسوا القضية ،

** وكَانَ الكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ** :
فالباطل الذي هو الأوثان والأندادأعداءٌ لله ؛
فالكافر عاوَنَها وظاهرها على ربِّها ،
وصار عدوّاً لربِّه مبارزا له في العداوة والحرب ؛
هذا وهو الذي خلقه ورزقه وأنعم عليه بالنِّعم الظاهرة والباطنة ،
وليس يخرُج عن ملكِه وسلطانِه وقبضتِه ،
والله لم يقطع عنه إحسانَه وبرَّه ، وهو بجهله مستمرٌّ على هذه المعاداة والمبارزة .





أبوسند 07-09-2023 10:45 PM




قوله : وقال الخليل عليه السلام :
** واجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ** .

الصنم : ما كان منحوتًا على صورة البشر .

والوثن : ما كان منحوتًا على غير ذلك .
ذكره الطبري عن مجاهد .

والظاهر أن الصنم ما كان مصورًا على أي صورة ، والوثن بخلافه كالحجر والبنية ،
وإن كان الوثن قد يطلق على الصنم ،
ذكر معناه غير واحد ،
ويروى عن بعض السلف ما يدل عليه .

وقوله : ** واجْنُبْنِي ** ، أي : اجعلني وَبَنِيَّ في جانب عن عبادة الأصنام،
وباعد بيني وبينها .

إلى أن قال :

وإنّما دعا إبراهيم عليه السلام بذلك ،
لأنّ كثيرًا من النّاس افتتنوا بها ،
كما قال :
** رَبِّ إنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ **
سورة إبراهيم 36

فخاف من ذلك ودعا الله أن يعافيه وبنيه من عبادتها ،
فإذا كان إبراهيم عليه السلام يسأل الله أن يجنبه ويجنب بنيه عبادة الأصنام ،
فما ظنك بغيره ؟

كما قال إبراهيم التيمي :
ومَن يأمن من البلاء بعد إبراهيم ؟!
رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ،
وهذا يوجب للقلب الحي أن يخاف من الشرك، لا كما يقول الجهال :
إن الشرك لا يقع في هذه الأمة ،
ولهذا أمنوا الشرك فوقعوا فيه ... ،

[ قال الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله
الرّاجحيّ حفظه الله : ويستدلون بحديث :
( إنّ الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) ، وهذا لا حجة فيه لأنّ الشيطان
يئس لما رأى ظهور الإسلام وانتشاره ودخول النّاس فيه فظن أنّه لا يحصل الشرك وليس التيئيس من الله بل هو ظن من الشيطان وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشرك يقع في هذه الأمة وأنّه لا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من هذه الأمة بالمشركين ،
وحتى تعبد فئام من هذه الأمة الأوثان ،
وأنّه لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء درس عند ذي الخلصة ] .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 100 - 101 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






�� جديد .. فيديو

يا أخ صلاح أبو عرفة لا تدعو على نفسك

https://youtu.be/6LA2jyuzfRA

للشيخ سالم بن سعد الطويل

ليلة الجمعة
29 جمادى الأولى 1439
الموافق 15 / 2 / 2018





أبوسند 07-09-2023 10:46 PM



وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار )
رواه البخاري .

قال ابن القيم : ( الند ) : الشبه ،
يقال : فلان ند فلان ونديده ،
أي : مثله وشبهه ؛ انتهى .

وهذا كما قال تعالى :
** فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ **
سورة البقرة 22

وقال تعالى :
** وجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ **
سورة الزمر 8

أي : مَن مات وهو يدع لله ندًا ،
أي : يجعل لله ندًا فيما يختص به تعالى ويستحقه من الربوبية والإلهية ، دخل النار، لأنه مشرك ، فإن الله تعالى هو المستحق للعبادة لذاته ،
لأنه المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وترغب إليه ، وتفزع إليه عند الشدائد ،
وما سواه فهو مفتقر إليه ،
مقهور بالعبودية له، تجري عليه أقداره وأحكامه طوعًا وكرهًا ،
فكيف يصلح أن يكون ندًا ؟

قال الله تعالى : ** وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً
إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ **
سورة الزخرف 15

وقال : ** إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً **
سورة مريم 93

وقال تعالى :
** يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ واللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ **
سورة فاطر 15

فبطل أن يكون له نديدٌ من خلقه ،
تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا
** ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ **
سورة المؤمنون 91 - 92

واعلم أن دعاء الند على قسمين :
أكبر وأصغر ،
فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ،
وهو الشرك الأكبر .

والأصغر كيسير الرياء ، وقول الرجل :
ما شاء الله وشئت ، ونحو ذلك .

فقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت قال : أجعلتني لله ندًا ؟
بل ما شاء الله وحده )
رواه أحمد وابن أبي شيبة ،
والبخاري في " الأدب المفرد " والنسائي ،
وابن ماجة ،
وقد تقدم حكمه في باب فضل التوحيد .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 104 - 105 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






أبوسند 07-09-2023 10:47 PM




ولمسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
( مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار ) .

جابر : هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام
ـ بمهملتين ـ
الأنصاري ثم السَّلَمي بفتحتين ،
[ لأنّه من بني سَلِمة بخلاف السُّلمي بضم ثم
فتح لأنّه من بني سُلَيْم ] .
صحابي جليل مكثر، ابن صحابي ،
له ولأبيه مناقب مشهورة رضي الله عنهما . مات بالمدينة بعد السبعين ،
وقد كُفَّ بصره وله أربع وتسعون سنة .

قوله : ( مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا ) .
قال القرطبي :
أي : من لم يتخذ معه شريكًا في الإلهية
ولا في الخلق ، ولا في العبادة .
ومن المعلوم
ـ من الشرع المجمع عليه عند أهل السنة ـ
أنّ مَن مات على ذلك ،
فلا بد له من دخول الجنة ، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحنة ،
وإن مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يناله من الله رحمة ، ويخلد في النار أبد الآباد من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد ،
وهذا معلوم ضروري من الدين ،
مجمع عليه بين المسلمين .

وقال النووي : أما دخول المشرك إلى النار، فهو على عمومه ، فيدخلها ويخلد فيها ،
ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة من المرتدين والمعطلين ،
ولا فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادًا وغيره ، ولا بين من خالف ملة الإسلام ،
وبين من انتسب إليها ثم حُكِم بكفره بجحده وغير ذلك .
وأما دخول من مات غَيْرَ مُشركٍ الجنة ،
فهو مقطوعٌ له به ،
لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصرًا عليها دخل الجنة أولاً ،
وإن كان صاحب كبيرة مات مصرًا عليها ،
فهو تحت المشيئة ،
فإن عفا عنه دخل الجنة أولاً ،
وإلاّ عُذِّب في النّار ثم أخرج فيدخل الجنة .

وقال غيره : اقتصر على نفي الشرك
لاستدعائه التوحيد بالاقتضاء ،
[ أي : نفي الشرك يقتضي حصول التوحيد ،
وحصول التوحيد يلزم منه إثبات الرسالة ]

واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم ،
إذ مَن كذّب رسل الله ، فقد كذّب الله ،
ومَن كذّب الله ، فهو مشركٌ ،
وهو قولك : من توضأ صحت صلاته ،
أي : مع سائر الشروط ،
فالمراد مَن مات حال كونه مؤمنًا بجميع
ما يجب الإيمان به إجمالاً في الإجمالي ، وتفصيلاً في التفصيلي .
[ وهذا معلوم من الأدلّة فلا بدّ من ضمّ بعضها
إلى بعض ، فالمراد من مات لا يشرك بالله مع إيمانه بما يجب الإيمان به وكفره بما يجب الكفر به ] .

قلت : قد تقدم بعض ما يتعلق بذلك في
باب فضل التوحيد .

قال المصنف : وفيه تفسير لا إله إلا الله ،
كما ذكره البخاري في " صحيحه "
يعني أن معنى لا إله إلا الله :
ترك الشرك، وإفراد الله بالعبادة ،
والبراءة ممن عبد سواه ، كما بينه الحديث، وفيه فضيلة من سَلِمَ مِن الشرك .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 106 - 107 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .









.

أبوسند 07-09-2023 10:48 PM



باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله

[ الدعوة إلى التوحيد لها حالان :
الحال الأولى : تكون فيها فرض كفاية
كما إذا كان أشخاص متعددون يعلمون بذلك ويستطيعون القيام بالدعوة ،
والحال الثانية : أن تكون فرض عين ،
كما إذا كان في مكان لا يعلم بهم غيره
أو لا يقدر على الدعوة غيره ]

وقوله تعالى : ** قُلْ هذه سَبِيلي أَدْعُو إلى اللّهِ على بَصِيرَةٍ أنا ومَن اتَّبَعَني وسبحان الله
وما أنا مِن المشركين **
سورة يوسف 108

لما بيّن المصنف رحمه الله الأمر الذي خُلقت له الخليقة وفضله وهو التوحيد ،
وذكر الخوف من ضده الذي هو الشرك ،
وأنّه يوجب لصاحبه الخلود في النار ،

نبّه بهذه الترجمة على أنه لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه كما يظن الجهال ؛

ويقولون : اعمل بالحق واترك النّاس
وما يعنيك من الناس ،
بل يدعو إلى الله بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ والمجادلة بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ،
كما كان ذلك شأن المرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين ، وكما جرى للمصنف وأشباهه من أهل العلم والدين والصبر واليقين .

وإذا أراد الدعوة إلى ذلك ،

فليبدأ بالدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى شهادة أن : لا إله إلا الله ،

إذ لا تصح الأعمال إلاّ به ،
فهو أصلها الذي تُبنى عليه ،
ومتى لم يوجد ، لم ينفع العمل ،
بل هو حابط ،
إذ لا تصح العبادة مع الشرك ،
كما قال تعالى :
** ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بالكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ **
سورة التوبة 17

ولأن معرفة معنى هذه الشهادة
هو أول واجب على العباد ،
فكان أول ما يبدأ به في الدعوة .

قال : وقوله تعالى : ** قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو
إلى اللّهِ على بَصِيرَةٍ أنا ومَن اتَّبَعَني وسبحان الله وما أنا مِن المشركين ** .

قال ابن كثير : يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرًا له أن يخبر النّاس أن هذه سبيله ،
أي : طريقته وسنته ،
وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله ،

يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ،
ويقين وبرهان ـ هو وكل من اتّبعه ـ

يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة وبرهان عقلي شرعي .

وقوله : ** سُبْحَانَ اللّهِ **
أي : وأنزه الله وأجل وأعظم عن أن يكون له شريك ونديد ،
تبارك وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا .

قلت :
فتبين وجه المطابقة بين الآية والترجمة .

قيل : ويظهر ذلك إذا كان قوله :
** ومَنِ اتَّبَعَنِي ** عطفًا على الضمير في
** أَدْعُو إِلَى اللّهِ ** ، فهو دليل على أن أتباعه
هم الدعاة إلى الله تعالى ،
وإن كان عطفًا على الضمير المنفصل ،
فهو صريح في أن أتباعه هم أهل البصيرة
فيما جاء به دون من عداهم ،
والتحقيق أن العطف يتضمن المعنيين، فأتباعه هم أهل البصيرة الذين يدعون
إلى الله .

وفي الآية مسائل نبّه عليها المصنف منها : التنبيه على الإخلاص ،

لأن كثيرًا ولو دعا إلى الحق ،
فهو يدعو إلى نفسه .

ومنها : أن البصيرة من الفرائض ،
ووجه ذلك أن اتباعه صلى الله عليه وسلم واجب ،
وليس أتباعه حقًا إلاّ أهل البصيرة ، فمن لم يكن منهم فليس من أتباعه ،
فتعيّن أن البصيرة من الفرائض .

ومنها : أن من دلائل حسن التوحيد
أنه تنْزيه لله عز وجل عن المسبة .

ومنها : أن من قُبحِ الشركِ كونه مسبةً لله .

ومنها : إبعاد المسلم عن المشركين
لا يصير معهم ولو لم يشرك ،
وكل هذه الثلاث في قوله :
** وسُبْحَانَ اللَّهِ ... ** الآية .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 108 - 109 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .











أبوسند 07-09-2023 10:49 PM










قال : وعن ابن عباس :
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له :
( إنّك تأتي قومًا من أهل الكتاب ،
فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة
أن لا إله إلا الله ) .
وفي رواية :
( إلى أن يوحدوا الله فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ؛ فإن أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ،
فإن هم أطاعوك لذلك ،
فإياك وكرائمَ أموالهم : واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) "
أخرجاه .


... قوله :
( إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب ) .
قال القرطبي : يعني به اليهود والنصارى ، لأنّهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب
أو أغلب ،
وإنما نبهه على هذا ليتهيأ لمناظرتهم ،
ويعد الأدلة لامتحانهم ،
لأنهم أهل علم سابق ،
بخلاف المشركين وعبدة الأوثان .
وقال الحافظ : هو كالتوطئة للوصية ليجمع همته عليها ، ثم ذكر معنى كلام القرطبي .

قلت : وفيه أن مخاطبة العالم ليست كمخاطبة الجاهل ، والتنبيه على أنه ينبغي للإنسان
أن يكون على بصيرة في دينه ،
لئلا يبتلى بمن يورد عليه شبهة من علماء المشركين ، ففيه التنبيه على الاحتراز من الشبه، والحرص على طلب العلم .

قوله : ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة
أن لا إله إلا الله ) . يجوز رفع " أول "
مع نصب " شهادة " وبالعكس .

قوله : وفي رواية : ( إلى أن يوحدوا الله ) ،
هذه الرواية في التوحيد من
" صحيح البخاري " وفي بعض الروايات : ( فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله ) .

وفي بعضها ( وأن محمدًا رسول الله ) وأكثر الروايات فيها ذكر الدعوة إلى الشهادتين .

وأشار المصنف رحمه الله بإيراد هذه الرواية إلى التنبيه على معنى شهادة أن لا إله إلا الله، إذ معناها توحيد الله بالعبادة ،
وترك عبادة ما سواه .

فلذلك جاء الحديث مرة بلفظ
" شهادة أن لا إله إلا الله " ومرة
" إلى أن يوحدوا الله " . ومرة
" فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله،
فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات " .

وذلك هو الكفر بالطاغوت ، والإيمان بالله
الذي قال الله فيه : ** فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا **
سورة البقرة 256

ومعنى الكفر بالطاغوت :
هو خلع الأنداد والآلهة
ـ التي تُدعَى من دون الله ـ من القلب ،
وترك الشرك بها رأسًا، وبغضه وعداوته .

ومعنى الإيمان بالله : هو إفراده بالعبادة
التي تتضمن غاية الحب بغاية الذل
والانقياد لأمره ،
وهذا هو الإيمان بالله المستلزم للإيمان بالرسل عليهم السلام ،
المستلزم لإخلاص العبادة لله تعالى ،
وذلك هو توحيد الله تعالى ودينه الحق المستلزم للعلم النافع، والعمل الصالح ،
وهو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله ،
وحقيقة المعرفة بالله ،
وحقيقة عبادته وحده لا شريك له .

فلله ما أفقه مَن روى هذا الحديث بهذه الألفاظ المختلفة لفظًا المتفقة معنى !
فعرفوا أن المراد من شهادة أن لا إله إلا الله
هو الإقرار بها علمًا ونطقًا وعملاً ،
خلافًا لما يظنه بعض الجهال أن المراد من هذه الكلمة هو مجرد النطق بها ،
أو الإقرار بوجود الله
أو مُلكه لكل شيء من غير شريك ،
فإن هذا القدر قد عرفه عباد الأوثان
وأقروا به ، فضلاً عن أهل الكتاب ، ولو كان كذلك لم يحتاجوا إلى الدعوة إليه .

وفيه دليل على أن التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ،
وترك عبادة ما سواه ـهو أول واجب ،
فلهذا كان أول ما دعت إليه الرسل عليهم السلام، كما قال تعالى :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ **
سورة الأنبياء 25

وقال : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ**
سورة النحل 36

قال شيخ الإسلام رحمه الله :
وقد عُلم بالاضطرار من دين الرسول
صلى الله عليه وسلم واتفقت عليه الأمة
أن أصل الإسلام ،
وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ،
فبذلك يصير الكافر مسلمًا ، والعدو وليًا ، والمباح دمه وماله معصومَ الدم والمال ،
ثم إن كان ذلك من قلبه ،
فقد دخل في الإيمان ،
وإن قاله بلسانه دون قلبه ،
فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان ،
وفيه البداءة في الدعوة والتعليم بالأهم فالأهم ،

واستدل به من قال من العلماء :
إنه لا يشترط في صحة الإسلام النطق بالتبرِّي من كل دين يخالف دين الإسلام ،

لأن اعتقاد الشهادتين يستلزم ذلك ،
وفي ذلك تفصيل .

وفيه : أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلاّ بالنطق بالشهادتين .

قال شيخ الإسلام : فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطنًا وظاهرًا عند سلف الأمة وأئمتها ، وجماهير علمائها .

قلت : هذا والله أعلم فيمن لا يُقِرُّ بهما
أو بإحداهما ،
أما من كُفْرُهُ مع الإقرار بهما ...
ففيه بحث ،
والظاهر أن إسلامه هو توبته عما كفر به .

وفيه أن الإنسان قد يكون قارئًا عالمًا
وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله ،
أو يعرفه ولا يعمل به، نبّه عليه المصنف .

وقال بعضهم :
هذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا ، هو الدعوة قبل القتال التي كان يوصي بها النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه .

قلت : فعلى هذا فيه استحباب الدعوة قبل القتال لمن بلغته الدعوة ،
أما من لم تبلغه فتجب دعوته .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 110 - 113 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






أبوسند 07-09-2023 11:15 PM



باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله


وقول الله تعالى : ** أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً **
سورة الإسراء 57

وقوله : ** وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني برآء مِّمّا تعبدون * إلاّ الّذي فطرني فإنّه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم
يرجعون **
سورة الزخرف 26 - 28

الشرح :
أي : تفسير هاتين الكلمتين ،
والعطف لتغاير اللفظين ،
وإلاّ فالمعنى واحد .

ولما ذكر المصنف في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله ، والدعوة إليه ،
والخوف من ضده الذي هو الشرك ،
فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة هذا الأمر الذي خلقت له الخليقة ، والذي بلغ من شأنه عند الله أن من لقيه به غفر له ،
وإن لقيه بملء الأرض خطايا ؛

بيّن رحمه الله في هذا الباب أنه ليس اسمًا
لا معنى له ، أو قولاً لا حقيقة له ،
كما يظنه الجاهلون الذين يظنون أن غاية التحقيق فيه هو النطق بكلمة الشهادة من غير اعتقاد القلب بشيء من المعاني ،
والحاذق منهم يظن أن معنى الإله
هو الخالق المتفرد بالملك ،
فتكون غاية معرفته هو الإقرار بتوحيد الربوبية ، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد ،
ولا هو أيضًا معنى " لا إله إلا الله "
وإن كان لا بد منه في التوحيد
بل التوحيد اسم لمعنى عظيم ،
وقولٌ له معنى جليل
هو أجل من جميع المعاني .

وحاصله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله ،
وذلك هو معنى الكفر بالطاغوت ،
والإيمان بالله ، وهو معنى " لا إله إلا الله "
كما قال تعالى : ** وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ **
سورة البقرة 163

وقال تعالى حكاية عن مؤمن يس :
** وما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ
لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ *
إنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ **
سورة يس 22 - 24

وقال تعالى :
** قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي **
سورة الزمر 11 - 14

وقال تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون :
** ويَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إلى النَّجَاةِ وتَدْعُونَنِي إلى النَّارِ تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ باللَّهِ وأُشْرِكَ به ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إلى الْعَزِيزِ الغَفّارِ
لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ في الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ **
سورة غافر 41 - 42

والآيات في هذا كثيرة تبين أن معنى
" لا إله إلا الله " هو البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد ،
وإفراد الله بالعبادة .

فهذا هو الهدى ،
ودين الحق الذي أرسل الله به رسله ،
وأنزل به كتبه .

أما قول الإنسان : " لا إله إلا الله "
من غير معرفة لمعناها ، ولا عمل به ،
أو دعواه أنه من أهل التوحيد ،
وهو لا يعرف التوحيد ،
بل ربما يخلص لغير الله من عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر والتوبة والإنابة
وغير ذلك من أنواع العبادات ،
فلا يكفي في التوحيد ،
بل لا يكون إلا مشركًا والحالة هذه ،
كما هو شأن عباد القبور .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 126 - 127 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .







أبوسند 07-09-2023 11:16 PM










ثم ذكر المصنف آيات تدل على هذا فقال :
وقول الله تعالى : ** أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ ** الآية
سورة الإسراء 57

قلت : يبين معنى هذه الآية التي قبلها ،
وهي قوله : ** قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (56)
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ... ** الآية .
سورة الإسراء

قال ابن كثير : يقول تعالى :
قل للمشركين ادعوا الذين زعمتم من دونه
من الأنداد ، وارغبوا إليهم ،
فإنّهم لا يملكون كشف الضر عنكم ،
أي : بالكلية ،
ولا تحويلاً ، أي : أن يحولوه إلى غيركم، والمعنى : إن الذي يقدر على ذلك هو الله
وحده لا شريك له .

قال العوفي عن ابن عباس في الآية :
" كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة والمسيح والمسيح وعزيرًا
وهم الذين يدعون يعني : الملائكة وعزيرًا " .

وقوله : {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ** الآية .
وروى البخاري عن ابن مسعود في الآية
قال :
" ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا " .
وفي رواية :
" كان ناسٌ من الإنس يعبدون ناسًا من الجن ، فأسلم الجن ، وتمسك هؤلاء بدينهم " .

وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس
في الآية : قال : عيسى وأمه وعزير .

وقال مغيرة عن إبراهيم :
كان ابن عباس يقول في هذه الآية هم :
عيسى وعزير والشمس والقمر .

وقال مجاهد : عيسى وعزير والملائكة .

وقوله :
** ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ ** ،
لا تتم العبادة إلاّ بالخوف والرجاء .

وفي التفسير المنسوب إلى الطبري الحنفي قل للمشركين :
يدعون أصنامهم دعاء استغاثة فلا يقدرون كشف الضر عنهم ، ولا تحويلا إلى غيرهم أولئك الذين يدعون ،
أي : الملائكة المعبودة لهم يتبادرون إلى طلب القربة إلى الله ، فيرجون رحمته ،
ويخافون عذابه ،
إن عذاب ربك كان محذورًا ،
أي : مما يحذره كل عاقل .

وعن الضحاك وعطاء ، أنهم الملائكة .
وعن ابن عباس :
أولئك الذين يدعون عيسى وأمه وعزيرًا .

قال شيخ الإسلام : وهذه الأقوال كلها حقٌّ ،
فإنّ الآية تعم مَن كان معبوده عابدًا لله سواء كان من الملائكة أو من الجن أو من البشر ، والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالآية على نوع التمثيل ،
كما يقول الترجمان لمن سأله ما معنى لفظ الخبز ؟ فيريه رغيفًا ، فيقول : هذا ،
فالإشارة إلى نوعه لا إلى عينه ،
وليس مرادهم بذلك تخصيص نوع دون نوع مع شمول الآية للنوعين ،
فالآية خطابٌ لكل من دعا دون الله مدعوًا .

وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة ،
ويرجو رحمته ، ويخاف عذابه .

فكل من دعا ميتًا أو غائبًا من الأنبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة
أو غيرها، فقد تناولته هذه الآية ،
كما تتناول من دعا الملائكة والجِنّ ،
ومعلومٌ أن هؤلاء كلهم يكونون وسائط
فيما يقدره الله بأفعالهم ،
ومع هذا فقد نهى الله عن دعائهم ،
وبيّن أنّهم لا يملكون كشف الضرّ عن الداعين ولا تحويله ، لا يرفعونه بالكلية ،
ولا يحولونه من موضع إلى موضع ،
كتغيير صفته أو قدره ، ولهذا قال :
** وَلا تَحْوِيلاً ** ،
فذكر نكرةً تعم أنواع التحويل فكل من دعا ميتًا أو غائبا من الأنبياء والصالحين ،
أو دعا الملائكة أو دعا الجنّ ،
فقد دعا من لا يغيثه ،
ولا يملك كشف الضر عنه،
ولا تحويله . انتهى .

وبنحو ما تقدم من كلام هؤلاء قال جميع المفسرين : فتبين أن معنى التوحيد
وشهادة أن لا إله إلا الله :
هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين ،
والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر وتحويله ،
فكيف ممن أخلص لهم الدعوة ؟!

وأنه لا يكفي في التوحيد دعواه النطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين ،
وأنّ دعاء الصالحين لكشف الضر أو تحويله
هو الشرك الأكبر ، نبّه عليه المصنف .



تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 128 - 129 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .








أبوسند 07-09-2023 11:16 PM




قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الاستغفار يخرج العبد من الفعل المكروه .
إلى الفعل المحبوب ،
من العمل الناقص إلى العمل التام ،
ويرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى منه ،
والأكمل ؛ فإنّ العابد لله ، والعارف بالله ،
في كل يوم ، بل في كل ساعة ، بل في كل لحظة ،
يزداد علما بالله .
وبصيرة في دينه وعبوديته بحيث يجد ذلك في طعامه ، وشرابه ، ونومه ، ويقظته ، وقوله ،
وفعله ، ويرى تقصيره في حضور قلبه في المقامات العالية ، وإعطائها حقها ،
فهو يحتاج إلى الاستغفار آناء الليل وأطراف النهار ؛ بل هو مضطر إليه دائما في الأقوال والأحوال ، في الغوائب والمشاهد ،
لما فيه من المصالح ، وجلب الخيرات ،
ودفع المضرات ،
وطلب الزيادة في القوة في الأعمال القلبية والبدنية اليقينية الإيمانية .

وقد ثبتت : دائرة الاستغفار بين أهل التوحيد ،
واقترانها بشهادة أن لا إله إلا الله ،
من أولهم إلى آخرهم ،ومن آخرهم إلى أولهم ،
ومن الأعلى إلى الأدنى .

وشمول دائرة التوحيد والاستغفار للخلق كلهم ،
وهم فيها درجات عند الله ،
ولكل عامل مقام معلوم .

فشهادة أن لا إله إلا الله بصدق ويقين تذهب الشرك كله ،
دقه وجله خطأه وعمده ، أوله وآخره ؛
سره وعلانيته ،
وتأتي على جميع صفاته وخفاياه ودقائقه .

والاستغفار يمحو ما بقي من عثراته ،
ويمحو الذنب الذي هو من شعب الشرك ،
فإن الذنوب كلها من شعب الشرك .

فالتوحيد يذهب أصل الشرك ،
والاستغفار يمحو فروعه ،
فأبلغ الثناء قول :
لا إله إلا الله ،
وأبلغ الدعاء قول : أستغفر الله .
فأمره بالتوحيد والاستغفار لنفسه ،
ولإخوانه من المؤمنين ...

وقال : التوبة من أعظم الحسنات ،
والحسنات كلها مشروط فيها الإخلاص لله ،
وموافقة أمره باتباع رسوله ،
والاستغفار من أكبر الحسنات ،
وبابه واسع .

فمن أحس بتقصير في قوله ، أو عمله ، أو حاله ،
أو رزقه ، أو تقلب قلب : فعليه بالتوحيد ،
والاستغفار ،
ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص " .



مجموع الفتاوى ( 11 / 696 - 698 ) .








أبوسند 07-09-2023 11:17 PM




قال : وقوله :
** وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** الآية
سورة الزخرف

قال ابن كثير : يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء ،
ووالد من بُعث بعده من الأنبياء ، الذي تنتسب إليه قريشٌ في نسبها ومذهبها :
إنه تبرأ من أبيه وقومه في عبادتهم الأوثان فقال : ** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
أي : هذه الكلمة ؛
وهي عبادة الله وحده لا شريك له ،
وخلع ما سواه من الأوثان ،
وهي لا إله إلا الله
أي : جعلها في ذريته يقتدي به فيها مَن هداه الله مِن ذرية إبراهيم عليه السلام .

** لعلّهم يرجعون ** ، أي : إليها .

قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله :
** وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
يعني لا إله إلا الله ،
لا يزال في ذريته من يقولها .
وقال ابن زيد : كلمة الإسلام ،
وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة .

قلت : وروى ابن جرير عن قتادة في قوله :
** إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** .
قال : " خلقني " ، وعنه
** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26)
إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** .
قال : إنهم يقولون : " إنّ الله ربّنا
** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ** ،
فلم يبرأ من ربه " .
رواه عبد بن حميد .
قلت : يعني أن قوم إبراهيم يعبدون الله ويعبدون غيره ،
فتبرأ مما يعبدون إلا الله ،
لا كما يظن الجهال أن الكفار لا يعرفون الله ، ولا يعبدونه أصلاً .
وروى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة
** وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
قال : " الإخلاص والتوحيد ، لا يزال في ذريته مَن يوحد الله ويعبده " .

فتبيّن بهذا أن معنى لا إله إلا الله هو البراءة مما يُعْبَدُ من دون الله ،
وإفراد الله بالعبادة ، وذلك هو التوحيد
لا مجرد الإقرار بوجود الله وملكه وقدرته وخلقه لكل شيء ، فإنّ هذا يقرُّ به الكفار
وذلك هو معنى قوله :
** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)
إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي **
فاستثنى من المعبودين ربّه وذكر سبحانه
أن هذه البراءة وهذه الموالاة
هي شهادة أن لا إله إلا الله . قاله المصنف .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 130 - 131 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






أبوسند 07-09-2023 11:18 PM




قال تعالى : ** واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَظ°لِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ *
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي
ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي
يَوْمَ الدِّينِ **
[ سورة الشعراء : 69 - 82 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

قَالُوا : متبجحين بعبادتهم : ** نَعْبُدُ أَصْنَامًا **
ننحتُها ونَعمَلُها بأيدينا ،
** فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ** ؛ أي : مقيمين على عبادتها في كثير من أوقاتنا .

فقال لهم إبراهيم مبينا لعدم استحقاقها للعبادة : ** هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ** :
فيستجيبون دعاءكم ويفرِّجون كربكم ويزيلون عنكم كلَّ مكروه ،

** أوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ** فأقرُّوا أن ذلك كلَّه
غيرُ موجود فيها ؛ فلا تسمع دعاء ، ولا تنفع ،
ولا تضر ! ولهذا لما كسّرها وقال : ** بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ **
قالوا له :
** لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ** أي : هذا أمر متقرر من حالها ، لا يقبل الإشكال والشكّ .

فلجأوا إلى تقليد آبائهم الضالين ،
فقالوا : ** بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ** :
فتبِعْناهم على ذلك ، وسلكنا سبيلهم ،
وحافظنا على عاداتهم .

فقال لهم إبراهيم : أنتم وآباءكم كلُّكم خصومٌ
في الأمر ، والكلام مع الجميع واحد .

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي فليضروني بأدنى شيء من الضرر ، وليكيدوني ، فلا يقدرون .
إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ هو المنفرد بنعمة الخلق, ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية .

ثم خصص منها بعض الضروريات
فقال: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ

** والَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ **فهذا هو وحده المنفرد بذلك ،
فيجب أن يُفردَ بالعبادة والطاعة ،
وتُترك هذه الأصنام التي لا تخلق ولا تهدي ،
ولا تمرض ولا تشفي ، ولا تطعم ولا تسقي ،
ولا تميت ولا تحيي ، ولا تنفع عابديها بكشف الكروب ولا مغفرة الذنوب ؛
فهذا دليل قاطع وحجة باهرة لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها ، فدلّ على اشتراككُم في الضلال وتركِكُم طريق الهدى والرشد .





أبوسند 07-09-2023 11:18 PM



قال تعالى :
** وبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فيها هُمْ والغَاوُونَ * وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قالُوا وهُمْ فيهَا يَخْتَصِمُونَ * تاللَّهِ إِن كُنَّا لَفي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ **
[ سورة الشعراء : 91 - 98 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ** ؛ أي : برّزت واستعدَّت بجميع ما فيها من العذاب
** لِلْغَاوِينَ ** : الذين أوضَعوا في معاصي الله ،
وتجرؤوا على محارمه ، وكَذّبوا رسلَه ،
وردُّوا ما جاءوهم به من الحقّ ،

** وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ **:
بأنفسهم ؛ أي : فلم يكن من ذلك من شيء ،
وظهر كذِبُهم وخزيُهم ، ولاحتْ خسارتُهم وفضيحتُهم ، وبان ندمُهم ، وضلَّ سعيهم .

** فَكُبْكِبُوا فِيهَا ** ؛ أي : ألقوا في النار
** هُمْ ** ؛ أي : ما كانوا يعبدون ،
** وَالْغَاوُونَ ** : العابدون لها ،

** وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ** : من الإنس والجنِّ ، الذين أزَّهم إلى المعاصي أزًّا ،
وتسلّط عليهم بشركهم وعدم إيمانهم ،
فصاروا من دعاته والساعين في مرضاته ،
وهم ما بين داعٍ لطاعته ومجيب لهم
ومقلد لهم على شركهم .

** قَالُوا ** ؛ أي : جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها :
** تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ
بِرَبِّ العَالَمِينَ ** : في العبادة والمحبّة والخوف والرجاء ، وندعوكم كما ندعوه .

فتبيّن لهم حينئذ ضلالهم ،
وأقرّوا بعدل الله في عقوبتهم ، وأنّها في محلِّها ،
وهم لم يُسَوُّوهم بربِّ العالمين ؛
إلاّ في العبادة ، لا في الخلق ؛ بدليل قولهم :
** بِرَبِّ العَالَمِينَ ** ؛
أنّهم مقرُّون أن الله ربُّ العالمين كلِّهم ،
الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم .





أبوسند 07-09-2023 11:19 PM




قال تعالى : ** فَلَا تَدْعُ مع اللّه إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ
مِنَ المُعَذَّبِينَ **
[ سورة الشعراء : 213 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

ينهى تعالى رسولَه أصلاً وأُمَّته أسوةً له في ذلك
عن دعاء غير الله من جميع المخلوقين ،
وأنّ ذلك موجبٌ للعذاب الدائم والعقاب السرمديِّ ؛ لكونه شِركًا ، و مَنْ يُشْرِكْ باللّه ؛
فَقَدْ حَرَّمَ اللّه عليه الجَنَّةَ ، ومَأْوَاهُ النَّارُ ،
والنهي عن الشيء أمرٌ بضدِّه ؛
فالنهيُ عن الشرك أمرٌ بإخلاص العبادة لله وحده
لا شريك له ؛ محبَّةً وخوفًا ورجاء وذلاّ وإنابة إليه في جميع الأوقات .








أبوسند 07-09-2023 11:20 PM





وقوله تعالى : ** اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والمسيحَ ابنَ مريم ** الآية
سورة التوبة 31

[ من أطاع مخلوقا مستحلا لما يأمر به من تحليل الحرام أو تحريم الحلال لذلك يكفر
ومن أطاعه غير مستحل فهو عاص ] .

الأحبار : هم العلماء .
والرهبان : هم العباد .

وهذه الآية قد فسرها رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعدي بن حاتم ،
وذلك أنه " لما جاء مسلمًا دخل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ
هذه الآية قال : فقلت :
إنهم لم يعبدوهم ، فقال :
إنّهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم فذاك عبادتهم إياه "
رواه أحمد والترمذي وحسنه
وعبد بن حميد وابن سعد وابن أبي حاتم والطبراني وغيرهم من طرق .
وهكذا قال جميع المفسرين .

قال السدي : استنصحوا الرجال ،
ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ،
ولهذا قال تعالى : ** وما أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً واحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ** ،
أي : الذي إذا حرّم شيئًا فهو الحرام
وما حلله حل، وما شرعه اتبع

** سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) ** التوبة ،
أي : تعالى وتقدس عن الشركاء والنظراء والأضداد ، والأندا ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ،
ولا رب سواه .

ومراد المصنف رحمه الله بإيراد الآية هنا
أن الطاعة في تحريم الحلال ،
وتحليل الحرام ،
من العبادة المنفية من غير الله تعالى ،
ولهذا فسرت العبادة بالطاعة ،
وفسر الإله بالمعبود المطاع ،
فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده ،

[ من أطاع مخلوقا معتقدا أنّه تجب طاعته في غير ما أمر الله به فقد كفر ، ومن أطاع مخلوقا مع اعتقاده أنّه لا تجب طاعته ،
وإنّما الطاعة لله ولرسوله فهو عاصٍ ،
ومن أطاع مخلوقا كالرسول أو العالم في ما هو
طاعة لله فهذا هو الواجب ] .

إذ معنى التوحيد ،
وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة ، وإفراد الرسول بالمتابعة ،
فإنّ مَن أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم
فقد أطاع الله ،
وهذا أعظم ما يبين التوحيد
وشهادة أن لا إله إلا الله ،
لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة ،
فما ظنك بشرك العبادة ،
كالدعاء والاستغاثة والتوبة وسؤال الشفاعة وغير ذلك من أنواع الشرك في العبادة ،

وسيأتي مزيد لهذا إن شاء الله تعالى في باب من أطاع العلماء والأمراء .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 132 - 133 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .




أبوسند 07-09-2023 11:21 PM



قال تعالى : ** أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ **
[ سورة النمل : 61 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : هل الأصنام والأوثان الناقصة من كلِّ وجه
التي لا فعلَ منها ولا رزقَ ولا نفعَ خَيْرٌ
أم الله الذي ** جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا ** :
يستقرُّ عليها العبادُ ويتمكَّنون من السكنى
والحرث والبناء والذّهاب والإياب ،

** وجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا ** أي : جعل في خلال الأرض أنهارا ينتفع بها العباد في زروعهم وأشجارهم وشربهم وشرب مواشيهم ،

** وجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ ** ؛ أي : جبالا تُرسيها وتُثبتها
لئلاَّ تميدَ وتكون أوتادا لها لئلا تضطربَ ،

** وجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ ** :
البحر المالح والبحر العذب

** حَاجِزًا ** : يمنعُ من اختلاطِهِما فتفوت المنفعةُ المقصودة من كل منهما ،
بل جعل بينَهما حاجزا من الأرض ؛
جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار ،
فيحصل منها مقاصدها ومصالحها .

** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : فعل ذلك حتى يُعْدَلَ به اللّهُ ويُشرَك به معه ،

** بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ** :
فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم ، وإلاّ ؛
فلو علموا حقَّ العلم لم يشركوا به شيئا .





أبوسند 07-09-2023 11:22 PM



قال تعالى : ** أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْض
أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ **
[ سورة النمل : 62 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : هل يجيبُ المضطرَّ الذي أقلقتْه الكروبُ وتعسَّر عليه المطلوبُ واضطرَّ للخلاص مما هو فيه إلاّ الله وحده ؟!

ومن يكشف السوء ؛ أي : البلاء والشر والنقمة
إلاّ الله وحده ؟!

ومن يجعلُكُم خلفاء الأرض يمكِّنُكم منها
ويمدُّ لكم بالرزق ويوصل إليكم نعمه
وتكونون خلفاء مَن قبلَكم كما أنّه سيُميتُكم
ويأتي بقوم بعدكم ؟!
أإله مع الله يفعل هذه الأفعال ؟!

لا أحد يفعل مع الله شيئا من ذلك حتى بإقراركم أيُّها المشركون ،

ولهذا كانوا إذا مسَّهم الضُّرُّ
دَعَوا الله مخلصين له الدين ؛
لعلمهم أنّه وحده المقتدر على دفعه وإزالته ،

** قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ** ؛
أي : قليلاً تذكُّركم وتدبُّركم للأمور التي إذا تذكَّرتموها ادَّكرتُم ورجعتُم إلى الهدى ،

ولكن الغفلة والإعراض شاملٌ لكم ؛
فلذلك ما ارْعَوَيْتُم ولا اهتديتم .







بكاء الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله
بعد تذكره نعمة التوكيد

https://youtu.be/-_jIRHqezi0







أبوسند 07-09-2023 11:22 PM




قال تعالى : ** أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحْرِ ومَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ
أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ **
[ سورة النمل : 63 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : من هو الذي يهديكم حين تكونون في ظُلُمات البرّ والبحر، حيث لا دليل ولا مَعْلَمَ يُرى
ولا وسيلة إلى النجاة إلاّ هدايتُه لكم
وتيسيرُه الطريق وجعل ما جعل لكم من الأسباب التي تهتدون بها ؟!

** ومَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ **
أي : بين يدي المطر ، فيرسِلَها ،
فتثيرُ السحاب ، ثم تؤلِّفُه ، ثم تجمعُه ،
ثم تُلْقِحُه ثم تُدِرُّه ،
فيستبشر بذلك العباد قبل نزول المطر .

** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : فعل ذلك ؟!
أم هو وحده الذي انفرد به ؟!
فلِمَ أشركتُم معه غيرَه وعبدتُم سواه ؟!

** تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ** :
تعاظم وتنزَّه وتقدَّس عن شِرْكِهم
وتَسْوِيَتِهِم به غيره .






أبوسند 07-09-2023 11:23 PM



قال تعالى : ** أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
ومَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ **
[ سورة النمل : 64 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : من هو الذي يبدأُ الخلقَ وينشئ المخلوقات ويبتدئ خلقَها
ثم يعيد الخلق يوم البعث والنشور ؟!

** ومن يرزقكم من السماء والأرض **
بالمطر والنبات ؟!

** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : يفعلُ ذلك ويقدر عليه ،

** قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ** ؛
أي : حجتكم ودليلكم على ما قلتم :
** إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ **
وإلاّ ؛
فبتقدير أنّكم تقولون :
إنّ الأصنام لها مشاركة له في شيء من ذلك ؛
فذلك مجرّد دعوى صَدّقوها بالبرهان ،
وإلاّ ؛
فاعرفوا أنّكم مبطلون لا حجّة لكم ،
فارجعوا إلى الأدلّة اليقينيّة والبراهين القطعيّة الدالّة على أنّ الله هو المتفرِّد بجميع التصرُّفات وأنّه المستحقُّ أن يُصرَفَ له جميع أنواع العبادات .








أبوسند 07-09-2023 11:23 PM



قال تعالى : ** قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ الغَيْبَ إلَّا اللَّهُ وما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ **
[ سورة النمل : 65 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر تعالى أنه المنفردُ بعلم غيب السماوات والأرض ؛
كقوله تعالى : ** وعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا
إِلَّا هُوَ ويَعْلَمُ ما فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ولَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ
وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ** ،
وكقوله :
** إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ
مَا فِي الْأَرْحَامِ ... ** إلى آخر السورة ؛

فهذه الغيوب ونحوها اختصَّ الله بعلمها ،
فلم يعلمها مَلَكٌ مقرّب ولا نبيٌّ مرسلٌ ،
وإذا كان هو المنفرد بعلم ذلك ،
المحيط علمه بالسرائر والبواطن والخفايا ؛

فهو الذي لا تنبغي العبادة إلاّ له .

ثم أخبر تعالى عن ضعف علم المكذِّبين بالآخرة ،
منتقلا من شيء إلى ما هو أبلغ منه ،
فقال : ** وَمَا يَشْعُرُونَ ** ؛ أي : وما يدرون
** أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ** ؛ أي : متى البعث والنشور
والقيام من القبور ؛
أي : فلذلك لم يستعدوا .






أبوسند 07-09-2023 11:24 PM




التوحيد أولا يا دعاة الإسلام
للشيخ العلاّمة الألباني رحمه الله

https://youtu.be/zTqCjv2pW-s







حقيقة لا إله إلا الله
للعلامة صالح الفوزان حفظه الله

https://youtu.be/3f-q9KwaxwU







مفهوم كلمة التوحيد
للعلاّمة الألباني رحمه الله

https://youtu.be/1ZXxaIudeLg







معنى كلمة التوحيد
وبيان بعض نواقضها

للعلاّمة الألباني رحمه الله

https://youtu.be/ZNDrGJr4UVY





أبوسند 07-09-2023 11:25 PM




قال في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قال لا إله إلا الله وكَفَر بما يُعبد من دون الله حَرُم مالُه ودمُه ، وحسابه على الله ) .

قوله في " الصحيح " أي : " صحيح مسلم "
عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم فذكره .
وأبو مالك اسمه سعد بن طارق كوفي ثقة مات في حدود الأربعين ومائة ،
وأبوه طارق بن أشيم
ـ بالمعجمة والمثناة التحتية وزن أحمر ـ
ابن مسعود الأشجعي صحابي له أحاديث .
قال مسلم : لم يرو عنه غير ابنه .

قوله : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ) .
اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علق عصمة المال والدم بأمرين :

الأول : قول : لا إله إلا الله .
الثاني : الكفر بما يعبد من دون الله ،
فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى ،
بل لا بد من قولها والعمل بها .

قال المصنف : وهذا من أعظم ما يبين معنى
لا إله إلا الله ،
فإنّه لم يجعل التلفظ بها عاصمًا للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها ،
بل ولا الإقرار بذلك ،
بل ولا كونه لا يدعو إلاّ الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم دمه وماله حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله ،
[ المراد بالبراءة من كل معبود سوى الله
وهذا معنى قوله تعالى : ** فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ** سورة البقرة 256
ولحديث : ( أمرت أن أقاتل النّاس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ) ، وفِي لفظ : ( حتى يوحدوا ) ،
وفِي حديث الإسلام : ( أن تعبد الله ) ] .

فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه ،
فيا لها من مسألة ما أجَلَّها !
ويا له من بيان ما أوضحه !
وحجة ما أقطعها للمنازع !

قلت : وقد أجمع العلماء على معنى ذلك
فلا بدّ في العصمة من الإتيان بالتوحيد ، والتزام أحكامه ، وترك الشرك
كما قال تعالى : ** وقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ **
سورة الأنفال 39

والفتنة هنا : الشرك ،
فدل على أنه إذا وُجد الشرك ،
فالقتال باق بحاله كما قال تعالى : ** وقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً **
سورة التوبة 36

وقال تعالى : ** فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ **
سورة التوبة 5

فأمر بقتالهم على فعل التوحيد ،
وترك الشرك ،
وإقامة شعائر الدين الظاهرة ،
فإذا فعلوها خلى سبيلهم ،
ومتى أبوا عن فعلها أو فعل شيء منها ، فالقتال باق بحاله إجماعًا .
ولو قالوا : لا إله إلا الله .

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم علق العصمة بما علقها الله به في كتابه
كما في هذا الحديث .
وفي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة مرفوعًا : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ،
فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله ) .

وفي " الصحيحين " عنه قال : " لما توفي رسول الله وكفر من كفر من العرب ،
فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر :
كيف تقاتل الناس ،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله ،
فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه
وحسابه على الله ؟
فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإنّ الزكاة حق المال ،
والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم
على منعه .
فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق "
لفظ مسلم .

فانظر كيف فهم صديق الأمة أنّ النبي
صلى الله عليه وسلم لم يُرِد مجرد اللفظ بها من غير إلزام لمعناها وأحكامها ،
فكان ذلك هو الصواب ،
واتفق عليه الصحابة ،
ولم يختلف فيه منهم اثنان إلاّ ما كان من عمر حتى رجع إلى الحق .

وكان فهم الصديق هو الموافق لنصوص
القرآن والسنة .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 135 - 137 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .






أبوسند 07-09-2023 11:25 PM




وفي " الصحيحين " أيضا عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن
لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ،
ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) .

فهذا الحديث كآية براءة بيّن فيه ما يقاتل عليه الناس ابتداء ، فإذا فعلوه ،
وجب الكف عنهم إلا بحقه ،
فإن فعلوا بعد ذلك ما يناقض هذا الإقرار والدخول في الإسلام ،
وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ،
بل لو أقروا بالأركان الخمسة وفعلوها ،
وأبوا عن فعل الوضوء للصلاة ونحوه ،
أو عن تحريم بعض محرمات الإسلام كالربا
أو الزنا أو نحو ذلك وجب قتالهم إجماعًا ،
ولم تعصمهم لا إله إلا الله
ولا ما فعلوه من الأركان .

وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله ،
وأنه ليس المراد منها مجرد النطق ،
فإذا كانت لا تعصم من استباح محرمًا ،
أو أبى عن فعل الوضوء مثلاً
بل يقاتل على ذلك حتى يفعله ،
فكيف تَعصمُ من دان بالشرك وفعله وأحبه ومدحه ، وأثنى على أهله ، ووالى عليه ،
وعادى عليه ، وأبغض التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله ، وتبرأ منه ، وحارب أهله ، وكفرهم ،
وصد عن سبيل الله كما هو شأن عباد القبور ،

وقد أجمع العلماء على أن من قال :
لا إله إلا الله ،
وهو مشرك أنه يقاتل حتى يأتي بالتوحيد .

ذكر التنبيه على كلام العلماء في ذلك فإنّ الحاجة داعية إليه لدفع شبه عباد القبور
في تعلقهم بهذه الأحاديث وما في معناها
مع أنها حجة عليهم بحمد الله لا لهم .

قال أبو سليمان الخطابي في قوله :
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ) :
معلوم أن المراد بهذا أهل الأوثان دون
أهل الكتاب ، لأنهم يقولون : لا إله إلا الله ،
ثم يقاتلون ، ولا يرفع عنهم السيف .

وقال القاضي عياض : اختصاص عصم المال والنفس بمن قال لا إله إلا الله تعبير عن الإجابة إلى الإيمان ،
وأن المراد بذلك مشركو العرب ،
وأهل الأوثان ، ومن لا يوحد ،
وهم كانوا أول من دعي إلى الإسلام ،
وقوتل عليه ،
فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفى في عصمته بقوله لا إله إلا الله ،
إذ كان يقولها في كفره ، وهي من اعتقاده ، فلذلك جاء في الحديث الآخر :
( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) .

وقال النووي : لا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكما جاء في الرواية الأخرى :
( ويؤمنوا بي وبما جئت به ) .

وقال شيخ الإسلام : لما سئل عن قتال التتار مع التمسك بالشهادتين ،
ولما زعموا من اتباع أصل الإسلام ،
فقال : كل طائفة ممتنعة من التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم
أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه ،
وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين
ملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة ،
وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم قال :
فأيما طائفة ممتنعة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات ، أو الصيام أو الحج ،
أو عن التزام تحريم الدماء أو الأموال أو الخمر أو الميسر ، أو نكاح ذوات المحارم ،
أو عن التزام جهاد الكفار ،
أو ضرب الجزية على أهل الكتاب ،
أو غير ذلك من التزام واجبات الدين أو محرماته التي لا عذر لأحد في جحودها
أو تركها ، التي يكفر الواحد بجحودها ،
فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها
وإن كانت مقرة بها ،
وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء .

قال : وهؤلاء عند المحققين من العلماء
ليسوا بمنْزلة البغاة ، بل هم خارجون عن الإسلام بمنْزلة مانعي الزكاة .

ومثل هذا كثير في كلام العلماء .

والمقصود التنبيه على ذلك ، ويكفي العاقل المنصف ما ذكره العلماء من كل مذهب في باب حكم المرتد ،
فإنهم ذكروا فيه أشياء كثيرة يكفر بها الإنسان، ولو أتى بجميع الدين .
وهو صريح في كفر عباد القبور ،
ووجوب قتالهم إن لم ينتهوا
حتى يكون الدين لله وحده ،
فإذا كان من التزام شرائع الدين كلها
إلاّ تحريم الميسر أو الربا أو الزنا يكون كافرًا يجب قتاله ،
فكيف بمن أشرك بالله ودعي إلى إخلاص الدين لله والبراءة والكفر بمن عبد غير الله ،
فأبى عن ذلك،
واستكبر وكان من الكافرين ؟!


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 137 - 139 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .




أبوسند 07-09-2023 11:26 PM




باب من الشرك [ أي : الأصغر ]
لبس الحلقة والخيط ونحوهما
لرفع البلاء أو دفعه .
[ لبس الحلقة والخيط ونحوهما من الشرك الأصغر إذا اعتقد أنّها من الوسائل والأسباب
كما هو الغالب ، فإن اعتقد أنّها تجلب له نفعا
أو تدفع عنه ضررا بنفسها فهذا شرك أكبر ] .

وقول الله تعالى : ** أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أرادَنِيَ اللَّهُ بضُرٍّ هلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أو أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
قل حَسبي الله عليه يَتوكّل المُتوكّلون **
سورة الزمر 38


الشرح :
رفع البلاء : إزالته بعد حصوله ،
ودفعه : منعه قبله ،
ومن هنا ابتدأ المصنف في تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله بذكر شيء مما يضاد ذلك من أنواع الشرك الأكبر والأصغر ،
فإن الضد لا يعرف إلاّ بضده .

كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء .

فمن لا يعرف الشرك لم يعرف التوحيد وبالعكس ،
فبدأ بالأصغر الاعتقادي انتقالاً من الأدنى
إلى الأعلى .

قال ابن كثير في تفسيرها ،
أي : لا تستطيع شيئا من الأمر .

قل : ** حَسْبِيَ اللَّهُ ** ،
أي : الله كافي مَن توكل عليه ،
وعَلَيْهِ يتوكل المُتَوَكِّلُونَ ،
كما قال هود عليه السلام حين قال له قومه : ** إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ
قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ
لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي ورَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ** الآية
سورة هود


قلت : حاصله أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : أرأيتم ،
أي : أخبروني عمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أي: تعبدونهم وتسألونهم من الأنداد والأصنام والآلهة المسميات بأسماء الإناث الدالة أسماؤهن على بطلانهن وعجزهن ،

لأن الأنوثة من باب اللين والرخاوة ،
كاللات والعزى ** إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ** ،
أي : بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة
** هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ** ،
أي : لا يقدرون على ذلك أصلاً
** أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ ** ،
أي : صحة، وعافية، وخير، وكشف بلاء .

** هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ** .
قال مقاتل : فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا ،
أي : لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها ،
وإنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عند الله ،
لا لأنهم يكشفون الضر ويجيبون دعاء المضطر ،
فهم يعلمون أن ذلك لله وحده
كما قال تعالى : ** ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ** .
سورة النحل 54

وقد دخل في ذلك كل من دعي من دون الله
من الملائكة والأنبياء والصالحين ،
فضلا عن غيرهم فلا يقدر أحد على كشف ضر ولا إمساك رحمة ،
كما قال تعالى : ** مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ **
سورة فاطر 2

وإذا كان كذلك بطلت عبادتهم من دون الله ، وإذا بطلت عبادتهم فبطلان دعوة الآلهة والأصنام أبطل وأبطل ...


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 141 - 143 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .









أبوسند 07-09-2023 11:27 PM




قال تعالى : ** ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قال الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ رَبَّنَا هؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كما غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إليك ما كانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ * وقيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ورَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ **
[ سورة القصص : 62 - 64 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

هذا إخبارٌ من اللّه تعالى عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة ،
وأنّه يسألهم عن أصول الأشياء ؛
عن عبادة اللّه ، وإجابة رسله ،
فقال : ** ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ ** ؛
أي : ينادي مَن أشركوا به شركاء يعبُدونهم
ويرجون نفعَهم ودفعَ الضرر عنهم ،
فيناديهم ليبيِّنَ لهم عجزها وضلالهم ،
** فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ ** : وليس للّه شريكٌ ،
ولكن ذلك بحسب زعمهم وافترائهم ،
ولهذا قال : ** الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ** :
فأين هم بذواتهم ؟! وأين نفعهم ؟!
وأين دفعهم ؟!

ومن المعلوم أنّهم يتبيّن لهم في تلك الحال
أنّ الذي عبدوه ورَجَوْه باطلٌ مضمحلٌّ في ذاتِه
وما رجوا منه ،
فيقرُّون على أنفسهم بالضَّلالة والغواية ،
ولهذا ** قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ ** :
من الرؤساء والقادة في الكفر والشرِّ ؛
مقرِّين بغوايتهم وإغوائهم :
** رَبَّنَا هَؤُلَاءِ ** : التابعون
** الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ** ؛
أي : كلنا قد اشترك في الغِواية
وحقَّ عليه كلمة العذاب ،
** تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ** : من عبادتهم ؛
أي : نحن بُرآءُ منهم ومن عملهم .
** ما كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ** :
وإنّما كانوا يعبدون الشّياطين .

** وقيلَ ** لهم : ** ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ** :
على ما أمَّلْتُم فيهم من النفع ،
فأُمِروا بدعائهم في ذلك الوقت الحَرِج الذي
يضطرُّ فيه العابدُ إلى مَن عَبدَه ،
** فَدَعَوْهُمْ ** : لينفعوهم أو يدفعوا عنهم من عذاب اللّه من شيء ،
** فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ** : فعلم الذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين مستحقِّين للعقوبة ،
** ورَأَوُا العَذَابَ ** :
الذي سيحلُّ بهم عيانا بأبصارهم بعد ما كانوا مكذِّبين به منكرين له ؛
** لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ** ؛
أي: لما حصل عليهم ما حصل ،
ولَهُدوا إلى صراط الجنّة كما اهْتَدوا في الدنيا، ولكن لم يَهْتدوا ، فلم يهتدوا .











( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا )
للشيخ محمد بن عبد الله المعيوف حفظه الله

https://youtu.be/MnncPltXghM




الرد على شبهة وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده
للشيخ سالم الطويل حفظه الله

https://youtu.be/jiJwrpVI5ts






التبرك المشروع والتبرك الممنوع
عند أهل السنة والجماعة
عبد الله القصير
علي المقحم

https://youtu.be/HKZ45baMMu4






الاعتدال والشباب
للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله

https://youtu.be/t0Ar3-BSKoU









يتبع ……..



أبوسند 07-09-2023 11:27 PM




قال تعالى :
** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وادْعُ إلى رَبِّكَ ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ *
ولَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ **
[ سورة القصص : 87 - 88 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ ** :
بل أبْلِغْها وأنْفِذْها ، ولا تُبالِ بمكرهم ،
ولا يَخْدَعُنَّك عنها ، ولا تتبعْ أهواءهم ،

** وادْعُ إلى رَبِّكَ ** ؛
أي : اجعل الدعوة إلى ربّك منتهى قصدِك
وغاية عَمَلك ،
فكلُّ ما خالف ذلك ؛ فارفُضْه من رياء أو سمعة
أو موافقة أغراض أهل الباطل ؛
فإنّ ذلك داع إلى الكون معهم ومساعدتهم على أمرهم ، ولهذا قال :
** ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ ** :
لا في شركهم ، ولا في فروعه وشُعبه
التي هي جميع المعاصي .


** وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ** :
بل أخلص للّه عبادتَك ؛
فإنّه ** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ** :
فلا أحد يستحقُّ أن يؤلَّه ويحبَّ ويعبدّ
إلاّ اللّه الكامل الباقي الذي
** كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ** :
وإذا كان كلُّ شيء هالكٌ مضمحلٌّ سواه ؛
فعبادة الهالك الباطل باطلةٌ ببطلان غايتها
وفساد نهايتها ،
** لَهُ الْحُكْمُ ** : في الدنيا والآخرة
** وإِلَيْهِ ** : لا إلى غيره ** تُرْجَعُونَ ** :
فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا ،
واللّه هو الباقي الذي لا إله إلا هو ،
وله الحكم في الدُّنيا والآخرة ،
وإليه مَرْجِعُ الخلائق كلِّهم ؛
ليجازيَهم بأعمالهم ؛ تعيَّن على مَن له عقلٌ
أن يعبد اللّه وحده لا شريك له ،
ويعمل لما يقرِّبُه ويُدنيه ،
ويحذَرَ من سخطِه وعقابِه ، وأن يُقْدِم على ربّه
غير تائب ولا مقلع عن خطئه وذنوبه .





يتبع -----------










أبوسند 07-09-2023 11:30 PM






قال تعالى :
** قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ على بَيِّنَتٍ مِّنْهُ
بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا **
[ سورة فاطر : 40 ]

قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يقول تعالى مُعجِّزًا لآلهة المشركين ومبيِّنًا نقصَها وبطلانَ شركِهم من جميع الوجوه :

** قُلْ ** يا أيها الرسول لهم :
** أَرَأَيْتُمْ ** ؛ أي : أخبروني عن شركائكم
** الذين تدعون من دون الله ** :
هل هم مستحقُّون للدعاء والعبادة ؟!
فأَرُونِي ** مَاذَا خَلَقُوا [مِنَ الْأَرْضِ ** :
هل خَلَقوا بحرًا أم خلقوا جبالا أو خلقوا حيوانا
أو خلقوا جمادا ؟!

سيقرُّون أنّ الخالقَ لجميع الأشياء هو اللّه تعالى . أَمْ لشركائكم ** شركٌ فِي السَّمَاوَاتِ ** :
في خلقها وتدبيرها ؟!
سيقولون : ليس لهم شركةٌ !
فإذا لم يخلقوا شيئا ولم يَشْركوا الخالق في خلقه ؛ فلِمَ عبدتُموهم ودعوتُموهم مع إقراركم بعجزهم ؟!
فانتفى الدليل العقليُّ على صحَّة عبادتهم ،
ودلَّ على بطلانها .

ثم ذكر الدليل السمعيَّ ، وأنّه أيضا مُنْتَفٍ ،
فلهذا قال : ** أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا ** :
يتكلّم بما كانوا به يشركون ؛
يأمُرُهم بالشرك وعبادة الأوثان .
** فَهُمْ ** : في شركهم ** عَلَى بَيِّنَةٍ ** : من ذلك الكتاب الذي نَزَلَ عليهم في صحة الشرك ،

ليس الأمر كذلك ؛ فإنّهم ما نزل عليهم كتابٌ
قبل القرآن ، ولا جاءهم نذيرٌ قبل رسول اللّه
محمد صلى اللّه عليه وسلم ،
ولو قُدِّرَ نزول كتاب إليهم وإرسال رسول إليهم وزعموا أنه أمَرَهم بشركهم ؛ فإنّا نجزم بكذبهم ؛
لأن اللّه قال :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ** :
فالرسل والكتب كلُّها متفقةٌ على الأمر بإخلاص الدين للّه تعالى : ** وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ** .

فإن قيل : إذا كان الدليل العقليُّ والنقليُّ
قد دلاَّ على بطلان الشرك ؛
فما الذي حمل المشركين على الشرك
وفيهم ذوو العقول والذكاء والفطنة ؟!

أجاب تعالى بقوله :
** بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ** أي : ذلك الذي مَشَوْا عليه ليس لهم فيه حُجّة ، وإنّما ذلك توصيةُ بعضهم لبعض به ،
وتزيين بعضهم لبعض ،
واقتداء المتأخر بالمتقدّم الضالّ ،
وأماني مَنَّاها الشياطين ،
وزيّن لهم سوء أعمالهم ، فنشأت في قلوبهم ، وصارت صفةً من صفاتها ، فَعَسُر زوالُها
وتعسَّر انفصالها ، فحصل ما حَصَل من الإقامة
على الكفر والشرك الباطل المضمحل .





يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 11:31 PM



قال تعالى : ** قُلْ إِنَّمَا أنا مُنذِرٌ وما مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الواحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّارُ **
[ سورة ص : 65 - 66 ]


قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** قُلْ ** : يا أيّها الرسول لهؤلاء المكذّبين إن طلبوا منك ما ليس لك ولا بيدك : ** إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ** :
هذا نهاية ما عندي ، وأمّا الأمر ؛ فلله تعالى ، ولكني آمركم وأنهاكم وأحثُّكم على الخير وأزجُرُكم عن الشرِّ ؛ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ ،
وَمَنْ ضَلَّ فَعَلَيْهَا .
** وما مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ ** ؛
أي : ما أحدٌ يؤلَّه ويُعبد بحقّ إلاّ اللّه ،
** الوَاحِدُ القَهَّارُ ** : هذا تقريرٌ لألوهيَّته بهذا البرهان القاطع ، وهو وحدتُه تعالى وقهرُه لكلّ شيء ؛
فإنّ القهر ملازم للوحدة ؛
فلا يكون قهّارَيْن متساويَيْن في قهرهما أبدا ،

فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي
لا نظير له ، وهو الذي يستحقُّ أن يُعبدَ وحدَه
كما كان قاهرا وحده .

وقرّر ذلك أيضا بتوحيد الربوبيّة فقال :
** رَبُّ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا ** ؛
أي : خالقُهما ومُربِّيهما ومدبِّرُها بجميع أنواع التدابير ،
** العَزِيزُ ** : الذي له القوة التي بها خَلَق المخلوقات العظيمة .
** الغَفَّارُ ** : لجميع الذنوب ؛ صغيرها وكبيرها ، لمن تاب إليه وأقلع منها .

فهذا الذي يحبُّ ،
ويستحقُّ أن يُعبد دون مَن لا يخلق ،
ولا يرزق ولا يضر ، ولا ينفع ،
ولا يملك من الأمر شيئا ، وليس له قوّة الاقتدار ، ولا بيده مغفرة الذّنوب والأوزار .





يتبع -----------






أبوسند 07-09-2023 11:31 PM




قال تعالى : ** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي *
فَاعْبُدُوا ما شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وأَهْلِيهِمْ يوم القِيَامَةِ أَلَا ذلك هو الخُسْرَانُ المُبِينُ **
[ سورة الزمر : 14 - 15 ]


قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :


** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ** : كما قال تعالى :
** قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ*
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ **

** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ** كما قال تعالى: ** قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ*
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*
وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ** .

** قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ ** : حقيقة هم
** الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ** حيث حَرَموها الثواب ، واستحقّت بسببهم وخيم العقاب ،

** وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ **
أي : فُرِّق بينهم وبينهم ، واشتدَّ عليهم الحزن ، وعظم الخسران .
** أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ **
الذي ليس مثله خسران ، وهو خسران مستمر ،
لا ربح بعده، بل ولا سلامة .








يتبع -----------





الساعة الآن 01:44 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com