![]() |
بيان القول في جنس الحور العين
السؤال: أخيرًا يسأل ويقول: الحور العين في الجنة من أي جنس هن؟ الجواب: الحور العين نساء، نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي خلقهن، ولكنهن جميلات طيبات حسنات الأخلاق والسيرة، وإذا رآها المؤمن عرف حالها بعد ذلك إذا دخل الجنة رآهن وعرفهن، وعرف أخلاقهن وجمالهن، لكن الآن يعرفن بإخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- وما ذكر عنهن في القرآن، وأنهن حور عين، والحوراء البيضاء، جميلة وحسنة العين، هذا من جمالها، وأما كمال جمالها يعرفه الإنسان إذا دخل الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها. فالمقصود: أنهن نساء خلقهن الله -جل وعلا- لإكرام أهل الجنة، ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الذي خلقهن بخلاف نساء الدنيا فهن من ماء مهين معروفات، ويكن في الجنة في غاية من الجمال في الجنة، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله -جل وعلا- هو الكريم الجواد، وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواءً كن لأزواجهن في الدنيا، أو لغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي ﷺ فهن له في الآخرة، عليه الصلاة والسلام. وأما الناس فالله أعلم، جاء في هذا أحاديث فيها نظر، وأن المرأة إذا كان لها أزواج تخير، فتختار أحسنهم خلقًا، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله فقد تكون لزوجها، وقد تكون لغير زوجها، ويعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن على حسب أعماله الصالحة، وتقواه لله -جل وعلا- ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها، يختلفون فيها، على حسب أعمالهم الصالحة، في إعطائهم أنواع النعيم والقصور، وفيما يعطى الأزواج من الحور العين بعد الزيادة على الثنتين من الزيادة على الثنتين. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا، هاتان الاثنتان من نساء الدنيا يا سماحة الشيخ، أو من الحور؟ الشيخ: من الحور غير نساء الدنيا. المقدم: غير نساء الدنيا. الشيخ: وغير الزيادة من الحور لمن شاء الله من أهل الجنة. المقدم: جزاكم الله خيرًا. https://binbaz.org.sa/fatwas/10948/%...B9%D9%8A%D9%86 |
6213 - ( أَدْرَكْتُ (الْقَوَاعِدَ) وَهُنَّ يُصَلِّيَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرائضَ ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/130/315) ، و"الأوسط " (4/204/2/8143) عن أبي شهاب عن ابن أبي ليلى عن عبدالكريم عن عبد الله ابن فلان (وفي الأوسط : ابن الطيب) عن أم سلمة (وفي الكبير : أم سليم) بنت أبي حكيم قالت : ... فذكره . وقال : "لا يُروى عن أم سلمة بنت [أبي] حكيم إلا بهذا الإسناد" . قلت : وهو ضعيف ، مسلسل بالعلل : الأولى : أم سلمة هذه ؛ فإني لم أعرفها إلا في هذا الحديث ؛ والإسناد الواهي عنها ، وإن مما يدلك على ذلك اضطراب رواته في ضبط كنيتها ، فقيل : أم سلمة ، وقيل : أم سليم ؛ كما رأيت ، وقيل : أم سليمان ؛ كما يأتي . وذكرها ابن عبدالبر في "الاستيعاب" بهذه الكنى الثلاث ولم يزد! وكذلك الحافظ في "الإصابة" ؛ ولكنه ساق لها هذا الحديث فقط برواية الطبراني في "الأوسط" وابن منده بالإسناد الأول ، وقال : "أم سليمان بنت أبي حكيم" . وفي رواية له : وأم سليمان بن أبي حثمة" من طريق أخرى كما يأتي ، في "الكبير" كما في "المجمع" (2/34) فقال : "وعن سليمان بن أبي حثمة عن أمه قالت : رأيت النساء القواعد يصلين مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد" . وقال : "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبدالكريم بن أبي الخارق وهو ضعيف " . قلت : ولم أره في "المعجم الكبير" المطبوع مستعيناً عليه بالفهارس الموضوعة في آخر كل مجلد من محققه ، ثم في فهارسه التي وضعها أخيراً الأخ عدنان عرعور - وأهدى إلي نسخة منها جزاه الله خيراً - لا في "فهرس الحديث " ولا في "فهرس مسانيد الرواة" ، فلعله فيما لم يطبع منه بعد . والله أعلم . هذا ، وقد تبع ابن عبدالبر ابن الأثير في "أسد الغابة" في إيراد هذه المختلف في كنيتها بكناها الثلاثة ، وزاد فقال : "لا يوقف على اسمها" . فكأنه أشار إلى جهالتها وعدم ثبوت صحبتها . والله أعلم . هذه هي العلة الأولى . والثانية : عبد الله ابن فلان أو ابن الطيب ؛ مجهول لا يعرف في شيء من كتب الرجال التي عندي . والثالثة والرابعة : ضعف ابن أبي ليلى وعبدالكريم ، وبهما أعله الهيثمي مفرقاً ، والحافظ ، فقال في "الإصابة " : "والسند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى ؛ وهو : محمد ، وشيخه عبدالكريم ؛ وهو : ابن أبي الخارق" . قلت : وأبو شهاب (ووقع في "الإصابة" ابن شهاب) . اسمه : عبدربه بن نافع ، وهو من رجال البخاري ، قال في "التقريب" : "صدوق يهم " . لكن تابعه أبو محصن حصين بن نمير عند ابن منده ، وأبي نعيم كما ذكر في "الإصابة" ، قال الحافظ : "لا بأس به ؛ روى له البخاري " . ثم رأيته في "المعجم الكبير" (24/317/799 و800) من طريق قيس بن الربيع وحصين بن نمير كلاهما عن ابن أبي ليلى بسنده المتقدم عن أم سليمان بن أبي خثمة قالت : "رأينا النساء ... " . وله شاهد واهٍ بمرة ، فقال البزار في "مسنده " (1/222/446) : حدثنا خالد ابن يوسف : ثنا أبي عن الأعمش عن أنس بن مالك : أنه سئل عن العجائز : أكن يشهدن مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة؟ قال : نعم ؛ والشواب . ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/36/2 - مجمع البحرين) وقال : "لم يروه عن الأعمش إلا يوسف " . قلت : وهو : ابن خالد السمتي البصري ، متروك ، قال ابن عدي (7/162) : "قد أجمع على كذبه أهل بلده " . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 131) : "كان يضع الحديث على الشيوخ ، ويقرأ عليهم ، ثم يرويها عنهم ، لا تحل الرواية عنه ، ولا الاحتجاج به بحال . قال ابن معين : كان يكذب " . وكذبه غيره أيضاً . وقال الحافظ في "التقريب" : "تركوه ، وكذبه ابن معين ، وكان من فقهاء الحنفية" . وألان القول فيه الهيثمي ، فقال بعد أن عزاه للبزار والطبراني : "وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف "! وقلَّده الشيخ الأعظمي في تعليقه على "البزار"! كما هي عادته ، ولعل من العوامل على ذلك العصبية المذهبية ، فإنه حنفي مر! واعلم أنه كان الباعث على تخريج هذا الحديث أموراً : الأول : تحقيق القول في مرتبته ، وبيان حال رجال إسناده ، حسبما جرينا في تخاريجنا كلها في "السلسلتين " . ، الثاني : بيان حال أم سليم بنت أبي حكيم هذه ، وأنها لا تثبت لها صحبة ، رغم أنهم ذكروها في الصحابيات! الثالث : الرد على مؤلفة جاهلة أو كاذبة متعصبة على بنات جنسها ، من نمط تلك الجامعية المسصاة بـ "رغداء بكور الياقتي " في كتيبها "حجابك أختي المسلمة" التي ذكرت في مقدمته أن كشف الوجوه من النساء في الشوارع مثل مصافحة الرجال الأجانب ، والاختلاط مع الغرباء !! ضاربة بذلك كل الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأقوال الأئمة المجتهدين المذكورة في كتابي "حجاب المرأة" عرض الحائط . أقول : فهذه كتلك المؤلفة التي لم أقف على كتابها ، يجمعهما الجهل بالشرع ، والتعصب الأعمى ، والهوى الأصم ؛ فقد قالت - والعهدة على من أنقل عنه (1) - : قال : "وقالت مؤلفة فاضلة (!) : أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" عدة أحاديث كلها ضعاف ، ولكن مجموعها يقويها ، ويجعلها حسنة لغيرها تفيد أن القواعد من النساء فقط كن يصلين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون الشابات " . قلت : وهذا القول من هذه (الفاضلة!) فيه عدة أكاذيب وجهالات : الأولى : كذبها على الهيثمي ؛ فإنه لم يذكر ما ادعته من الإفادة إلا حديثاً مرفوعاً واحداً هو حديث الترجمة ، ولكنها لجهلها توهمت أنه ثلاثة أحاديث ؛ لأن الهيثمي أورده من حديث أم سلمة ، وأم سليمان ، وأم سُليم ، وهي في الحقيقة حديث واحد اضطرب أحد رواته الضعفاء في إسناده كما تقدم بيانه . الثانية : قولها : "ولكن مجموعها يقويها ... " يشعر بأنها جاهلة بشرط التقوية ، وهو أن لا يشتد الضعف في مفرداتها ، فكيف وليس هنا إلا طريق واحدة وسند واحد ؟! الثالثة : قولها : "فقط " ؛ فهو كذب محض ، وجهل مطبق بالأحاديث الأخرى التي يأتي الإشارة إليها ، أما الكذب ، فيبينه أن الهيثمي أورد أيضاً حديث أنس المتقدم وفيه "والشواب " ، وإن كنا بينا وهاءه ، ولكن المقصود أن ذلك يبطل قولها : "فقط " . ومن الغريب حقاً أن حضرة الناقل لهذه الجهالات عنها وصفها بقوله : "مؤلفة فاضلة" ! فمن أين جاء الفضل وهي بهذه المثابة من الجرأة اللا أدبية التي لا تليق بالرجال الأقوياء ، فضلاً عن النساء القوارير ! أقول هذا ، وإن كان الفاضل المشار إليه قد رد عليها تقويتها للحديث ، ولكن على طريقة الفقهاء المتأخرين فقال : "الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد . ومن أولئك : أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة بنت زيد (زوج عمر بن الخطاب) وفاطمة بنت تيس ، وأم الفضل ، وزبنب امرأة مسعود ، والرُّبَيِّع بنت معوِّذ ، وغيرهن كثير" . قلت : وهذا مسلم لا غبار عليه ، ولكن كان الأولى به أن يبين ضعف حديثها على طريقة المحدثين أولاً ، على نحو ما فعلنا ، ثم أن يصفها بما فيها من الجهل الذي ينافي الفضل ؛ لأن ذلك من علم الجرح والتعديل كما هو معروف عند العلماء ، ولكن يبدو أن الرجل مع فضله وغلبة الصواب على "تحريره " لا معرفة له بهذا العلم تصحيحاً وتضعيفاً ، وتوثيقاً وتجريحاً ، كما بدا لي ذلك من عدة مواطن من كتابه ، كما يدل على ذلك الحديث الآتي بعد حديث ، وإن كان أثنى علي خيراً ، وذكر أنه تتلمذ علي زمناً مباركاً في مقدمة كتابه (ص 28) ، ولكن سرعان ما تغلب عليه غلوه في "تحرير المرأة" ؛ فانتقدني (ص 35) تلميحاً لا تصريحاً ؛ لأنني بعد أن أثبت أن وجه المرأة ليس بعورة ، قيدت ذلك بأن لا يكون عليه من الزينة المعروفة اليوم بـ "الميكياج " من الحمرة والبودرة وغيرها ، ونقل كلامي مبتوراً ، سامحه الله . _هذا . ثم ألقي في البال - إنصافاً لتلك المؤلفة الفاضلة (!) - أنها لعلها عنت بقولها المتقدم : "عدة أحاديث " حديثاً لابن مسعود أورده الهيثمي أيضاً ؛ لأن فيه لفظ "العجاثز" ، فإن كانت عنته ؛ فحينئذٍ يكون قولها المذكور سالماً من النقد على اعتبار أن أقل الجمع اثنان ، ولكن يرد عليها أمران آخران : الأول : أنه لا يفيد ما ادعته من إفادة أن القواعد فقط هن اللاتي كن يصلين معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسترى لفظه تحت الحديث التالي ، وهو شاهد ظاهر لما تريد ، ولكن لم يورده الهيثمي ؛ لأنه لا أصل له في شيء من كتب السنة مرفوعاً . والآخر : أنه موقوف ليس له علاقة بـ (العجائز) أو (القواعد) في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإذا كان كذلك ؛ فهل يجوز إيهام القراء أنه حديث مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! ذلك ما لا أرجو أن يكون مقصوداً من تلك المؤلفة ، وإن كان غير مستبعد عن علمها بهذا الفن ؛ فقد وقع في مثله الناقد لها في "تحريره " إياها! فانظر الحديث (62151) . _________ (1) ذكر الشيخ رحمه الله رقماً لحاشية في الأسفل ، ولكنه لم يذكر مصدره . ولعله يقصد مؤلف كتاب "تحرير المرأة" . (الناشر) . 2742 - ( ارجعن مأزورات ؛ غير مأجورات ) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف روي من حديث علي بن أبي طالب ، وأنس بن مالك . 1- أما حديث علي ؛ فيرويه إسماعيل بن سلمان عن دينارأبي عمر عن محمد ابن الحنفية عن علي قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا نسوة جلوس ، فقال : ما يجلسكن ؟ قلن : ننتظر الجنازة ، قال : هل تغسلن ؟ قلن : لا ، قال : هل تحملن ؟ قلن : لا ، قال : هل تدلين فيمن يدلي ؟ قلن : لا ، قال : ..... " فذكره . أخرجه ابن ماجه ( 1578 ) ، وابن حبان في " الثقات " ( 9/290 ) ، وابن بشران في " الفوائد المنتخبة " ( 62/1 ) ، والبيهقي ( 3/77 ) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته إسماعيل بن سلمان هذا - وهو الأزرق التميمي الكوفي - وهو ضعيف باتفاقهم ؛ ولذلك جزم الحافظ في" التقريب " بضعفه ، بل قال ابن نمير والنسائي : " متروك " . وأما ما نقله السندي عن " الزوائد " أنه قال : " في إسناده دينار بن عمر أبو عمر وهو وإن وثقه وكيع وذكره ابن حبان في الثقات ؛ فقد قال أبو حاتم : ليس بالمشهور . وقال الأزدي : متروك ، وقال الخليلي في " الإرشاد " : كذاب ، وإسماعيل بن سليمان ( كذا ) قال فيه أبو حاتم : صالح . لكن ذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال يخطىء " . قلت : ففيه أن صاحب " الزوائد " دخل عليه ترجمة في أخرى ، فإن الذي قال فيه أبو حاتم " صالح " ليس هو المترجم ، وإنما هو إسماعيل بن سليمان الكحال الضبي البصري ، ففي ترجمته ذكر ابنه ( 1/1/176 ) عنه أنه قال فيه : " ضعيف الحديث " . ونقله عنه الحافظ في " التهذيب " . فالرجل ضعيف بلا خلاف ، وإيراد ابن حبان إياه في " الثقات " ( 4/19 ) مع قوله فيه : " يخطىء " لا يخرجه عما ذكرنا كما لا يخفى ، على أنه لو لم يجرحه بالخطأ ، فمعلوم أنه متساهل في التوثيق ، فلا يعتد به عند التفرد به فكيف مع المخالفة ؟ ! 2- وأما حديث أنس ؛ فله عنه طريقان : الأولى : عن الحارث بن زياد عنه قال : " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فرأى نسوة ، فقال : أتحملنه ؟ قلن : لا ، قال : تدفنه ؟ قلن : لا ، قال : .... " فذكره . أخرجه أبو يعلى ( 3/1060 ) : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي : أخبرنا محمد بن حمدان : أخبرنا الحارث بن زياد . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحارث بن زياد قال الذهبي : " ضعيف مجهول " . ووافقه الحافظ في " اللسان " . وبه أعله الهيثمي ( 3/28 ) . ومحمد بن حمدان ؛ لم أعرفه ، ولعله محمد بن حمران القيسي البصري ، فإن يكن هو ؛ فهو صدوق فيه لين كما في " التقريب " . والأخرى : عن أبي هدية عنه به نحوه وزاد : " مفتنات الأحياء ، مؤذيات الأموات " . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 6/201 ) . قلت : وأبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - كذاب خبيث ؛ كما قال ابن معين . وقال الخطيب : " حدث عن أنس بالأباطيل " . ( تنبيه ) : ذكر المناوي في " الفيض " عن ابن الجوزي أنه قال في طريق علي : " جيد الإسناد " ، بخلاف طريق أنس عند أبي يعلى " . ثم نقل المناوي تضعيف الهيثمي تبعا للذهبي للحارث راويه كما تقدم . قال : " وقال الدميري : حديث ضعيف تفرد به ابن ماجه ، وفيه إسماعيل بن سليمان ( كذا ) الأزرق ؛ ضعفوه . ثم اتبعه المناوي بقوله : " وبهذا التقرير انكشف أن رمز المصنف لصحته صحيح في حديث علي ، لا في حديث أنس ، فخذه منقحا " . قلت : ما نقحت شيئا ، بل خبطت خبط عشواء ، فمن أين لحديث علي الصحة بل الجودة وفيه ذلك الأزرق المتفق على ضعفه و ( دينار أبو عمر ) وقد كذب ؟ ! ومن عجيب أمر المناوي أنه بعد أن نقل تجويد ابن الجوزي لإسناده أتبعه بنقل تضعيفه عن الدميري ، ثم سكت على هذا التناقض دون أن يرجح أحد النقلين على الاخر ثم قال : " فخذه منقحا " ! وبناء على زعمه هذا قال في " التيسير " : " إسناده صحيح " !! 3581 - ( خيركن أطولكن يداً ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه أبو يعلى (13/ 7430) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 6) عن أم الأسود ، عن منية ، من حديث أبي برزة قال : [ كان ] للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة ، فقال يوماً : ... فذكره ، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار ! قال : "لست أعني هذا ، ولكن أصنعكن يدين" . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة منية هذه ؛ قال الذهبي : "تفردت عنها أم الأسود" . ولهذا قال الحافظ : "لا يعرف حالها" . قلت : فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال : "إسناده حسن" . ليس بحسن ، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن : "أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً" . أخرجه البخاري (1/ 359) ، ومسلم (7/ 144) ، والنسائي (1/ 352) ، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً . وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش ، وهو الصواب . وفي رواية البخاري أنها سودة بنت زمعة ، وهي وهم كما حققه الحافظ في "الفتح" ، ووقع له وهم نبهت عليه تحت الحديث (6335) . ثم رأيت كلام الهيثمي في "المجمع" ونصه (9/ 248) : "رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن ؛ لأنه يعتضد بما يأتي" . يعني الحديث المشار إليه الآتي عن ميمونة بلفظ : "أولكن ترد علي الحوض أطولكن يداً" . وهو حديث موضوع ؛ فيه مجمع على تركه ، وهو مسلمة بن علي الخشني ؛ قال الهيثمي : "وهو ضعيف" . وقد ترتب من تساهل الهيثمي هذا وتسامحه في اقتصاره على تضعيفه فقط للخشني أن اعتبر بعضهم حديثه هذا شاهداً لحديث الترجمة ! فقد عزاه الحافظ في "المطالب العالية" (1/ 257/ 879) لـ "مسند أبي بكر بن أبي شيبة" ، فعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي بقوله : "لم يحكم البوصيري عليه بشيء ، بل قال : له شاهد من حديث عائشة" ! وسكت عليه الشيخ ولم يتعقبه بشيء ، بل إنه لما أعاده الحافظ في مكان آخر (4/ 131/ 4146) علق عليه مقوياً له بقول الهيثمي المذكور آنفاً ! وهذا من شؤم التساهل في النقد ! ولم يتنبه لهذا المعلق على مسند "أبي يعلى" ، فقال (13/ 425) - وهو يترجم لمنية - : "ما رأيت فيها جرحاً ، ولم ترو منكراً ، فهي على شرط ابن حبان ، وقد حسن الحافظ في "المسند" إسنادها" . ثم نقل كلام الهيثمي في هذا الحديث ، وفي حديث ميمونة الآتي . وقد خفي عليه - لأنه حديث عهد بهذا العلم - أن الحديث منكر جداً ، بل موضوع ؛ لمخالفته لحديث عائشة المذكور ، وذلك من ناحيتين : الأولى : في لفظه ؛ فإن فيه : "أسرعكن .." ، فهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - العلمية ، وفي هذا "خيركن .." ، فهو من الفضائل ، فشتان ما بينهما ! والمقصود بالحديث زينب رضي الله عنها على الأصح ، كما يأتي بيانه تحت حديث ميمونة (6335) ، وعائشة أفضل كل زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وخيرهن ، كما هو معلوم . والأخرى : أن فيه أنهن كن يقسن أيديهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - ، وفي هذا أنهن فعلن ذلك بحضرته - صلى الله عليه وسلم - ، فأي نكارة أصرح من هذه ؟! وأما قوله : "وقد حسن الحافظ في "المسندة" إسنادها" . فلا أدري ما مستنده في ذلك ، وهو يعني "مسندة المطالب العالية" ؛ فإن نسخة المكتبة المحمودية من "المسندة" (ق35/ 1و171/ 1) ليس فيها التحسين المذكور ، ويستبعد مثله عن الحافظ ! 1116 - " نهانا ( يعني أهل فارس ) أن ننكح نساء العرب ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/163/2 ) عن الهيثم بن محفوظ السعدي : نا أبو إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان الفارسي قال : فذكره وقال : " لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي ولا عنه إلا السري ولا عنه إلا أبو إسرائيل تفرد به الهيثم ". قلت : قال الذهبي : " لا يدرى من هو ". والسري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي، وقال النسائي : " متروك الحديث ". وكذا قال أبو داود، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " ( 4/275 ). وقد روي من طريق أخرى، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن سلمان فقال : " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم، أوننكح نساءكم ". أخرجه البيهقي ( 7/134 ) وقال : " وروي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان ". قلت : كأنه يشير إلى الطريق الأولى. والحارث هو الأعور، وهو متروك أيضا. وشريك ضعيف لسوء حفظه وقد خولف في إسناده، فرواه جماعة من الثقات عن أبي إسحاق بإسناد آخر موقوفا. أخرجه البيهقي وغيره، وقال البيهقي : " هذا هو المحفوظ : موقوف ". قلت : ومداره على أبي إسحاق وهو السبيعي وهو مدلس وكان اختلط، وقد تكلمت على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " ( 1632 ) بما يكفي. 1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. رواه الواحدي في " الوسيط " ( 2/115/2 ) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت : وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي : " حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ". قلت : يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم ( 434 ). والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) : " رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ". قلت : فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/410/1228 ) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال : " قال أبي : هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ". 1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها، وأقلهن مهو را ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي ( 97/2 ) وعنه ابن عساكر ( 5/64/1 ) عن حسين بن المبارك الطبراني : حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال ابن عدي : " هذا الحديث منكر المتن، وإن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في حديث الحجاز والعراق، وهو ثبت في حديث الشام، والبلاء في هذا الحديث من الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش، والحسين أحاديثه مناكير ". قلت : ونقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه : " متهم ". ولم أجد هذا في ترجمته من " الكامل ". والله أعلم. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. 2043 - " عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، ومن أتاه أخوه متنصلا ؛ فليقبل ذلك منه محقا كان أومبطلا ، فإن لم يفعل ؛ لم يرد علي الحوض " . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف الإسناد أخرجه الحاكم ( 4/154 ) من طريق سويد أبي حاتم عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعا . وقال : " صحيح الإسناد " . وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : بل سويد ضعيف " . والمنذري ( 3/293 ) ، فقال : " بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز ؛ واه " . ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/48 ) دون الشطر الثاني منه . وقد روي من حديث عائشة مرفوعا ، ولفظه : " عفوا ؛ تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم ؛ تبركم أبناؤكم ، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه ، فلم يقبل عذره لم يرد علي الحوض " . وهذا موضوع الإسناد . قال في " المجمع " ( 8/81 و139 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ، وفيه خالد بن يزيد العمري ، وهو كذاب " . وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن الطبراني ، فاعترض عليه المناوي بكلام الهيثمي هذا ، ثم قال : " فكان ينبغي حذفه " يعني : من " الجامع " ، حيث اشترط في مقدمته أنه صانه مما رواه وضاع أوكذاب . ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في " الفوائد " ( 81/2 ) عن خالد بن يزيد العمري عن يحيى بن عبد الله الزبيري قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير قال : سمعت عائشة به ؛ دون الشطر الثاني منه . والزبيري هذا لم أعرفه . ثم رجعت إلى " مجمع البحرين " ( 5/148/7/282 ) فتبين أنه ( [ عبد الملك بن ] يحيى بن الزبير ) ، سقط من سنده ( عبد الملك بن ) ، وقد وثقه ابن حبان ( 7/95 ) . والجملة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/285 ) من طريق هشام بن خالد : حدثنا الوليد بن مسلم : حدثنا صدقة بن يزيد : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا . وهذا إسناد ضعيف ، صدقة بن يزيد ؛ قال البخاري : " منكر الحديث " . وضعفه غيره ، ووثقه بعضهم . والوليد بن مسلم : يدلس تدليس التسوية . وهشام بن خالد ؛ قال الذهبي : " من ثقات الدماشقة ، لكنه يروج عليه " . وأخرجها ابن عدي ( 6/11 ) من طريق إسحاق بن نجيح الملطي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . والملطي هذا : كذاب وضاع . وقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/412 ) : " سألت أبي عن أحاديث رواها أبو يوسف المديني ، فذكرت منها حديثا حدثنا به يوسف ( كذا ) عن محمد بن المنكدر : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكره ) . قال أبي : أبو يوسف هذا اسمه يعقوب ، والوليد ( كذا ) ضعيف الحديث ، وهذا حديث باطل " . 3209 - ( إن يأجوج و مأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا ، وشجر يلقحون ما شاؤوا ، فلا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه النسائي في "التفسير" من "السنن الكبرى" (6/ 408 / 11334) من طريق ابن عمرو بن أوس عن أبيه عن جده به . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير ابن عمرو هذا ؛ فإنه لا يعرف .أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه أو ....." من "التهذيب" ، وجزم فيه أن اسمه عبد الرحمن . وقال في "التقريب" : "يقال : اسمه عبد الرحمن ، تقدم في ابن أوس" . كذا وقع فيه ، والصواب : "في ابن أبي أوس" ؛ فقد قال في أول الباب المشار إليه : "ابن أبي أوس الثقفي ، وفي رواية : ابن عمرو بن أوس ، يقال : اسمه عبد الرحمن ، هو عبد الله" . كذا الأصل ، ولعله : "ويقال : هو عبد الله" . هذا كل ما ترجمه به ، ومنه تبين أن الرجل مجهول لا يعرف . 3779 - ( خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 184) عن عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن أبي اليقظان عمران بن عبد الله ، عن ربيعة السعدي قال : أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسمعته يقول : ... فذكره مرفوعاً . سكت عليه الحاكم والذهبي ، وكأنه لجهالة بعض رواته ؛ فإن أبا اليقظان هذا لم أجد له ترجمة لا في الكنى ، ولا في الأسماء . وفي الطريق إليه سعيد بن عجب الأنباري ؛ ولم أعرفه أيضاً . 4347 - ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك ، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البزار (ص 318) و (رقم 3528) - بنحوه مع بعض الاختلاف - ، والمروزي في "زوائد الزهد" (226) ، وابن عدي (55/ 2) ، وابن عساكر (7/ 136/ 2) عن سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان والحارث ابن نبهان ، عن مالك بن دينار ، عن شهر بن حوشب ، عن سعيد بن عامر بن حذيم مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ شهر بن حوشب ؛ ضعيف لسوء حفظه . وسيار بن حاتم ؛ فيه ضعف ، وقال الحافظ في "التقريب" : "صدوق ، له أوهام" . ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد" (ص 185) : حدثنا سيار به ؛ إلا أنه لم ذيكر في إسناده شهراً ولا الحارث بن نبهان ، فلا أدري أهكذا الرواية عنده ، أم سقط ذلك من الناسخ أو الطابع . وفيه عنده قصة مطولة بين سعيد بن عامر وعمر ابن الخطاب . وبنحو ذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 124) وقال : "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات ، وله طرق في صفة الجنة" . كذا قال ! وفي المكان الذي أشار إليه لم يذكر له طريقاً - فضلاً عن طرق - أخرى ، ولا هو أطلق التوثيق كما فعل هنا ؛ فإنه ساق الحديث دون القصة ثم قال (10/ 417) : "رواه الطبراني مطولاً أطول من هذا ، وتقدم في صدقة التطوع ، ورواه البزار باختصار كثير ، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ، وفي بعضهم ضعف" . كذا قال ؛ وهو أقرب إلى الصواب من إطلاقه التوثيق هناك ، وفيه إشارة إلى أن في طريق الطبراني - أيضاً - الوراق المذكور ، وهو معروف ، وإنما لم يعرفه الهيثمي ؛ لأنه سقط منه أثناء النقل اسم ابنه فهو حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ، كما وقع عند البزار وغيره ، على أنه قد تابعه الإمام أحمد كما سبق . 5359 - ( الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل ؛ فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً وسئلت عنه ؟ قالت : (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أبو يعلى من طريق عبد الله بن صالح : حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام أياماً لم يطعم طعاماً ، حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئاً ! فأتى فاطمة فقال : "يا بنية ! هل عندك شيء آكله ؛ فإني جائع ؟" . قالت : لا والله - بأبي أنت وأمي - ! فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها ، فوضعته في جفنة لها ، وقالت : والله ! لأوثرن بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ؛ قد أتى الله بشيء فخبأته لك . قال : "هلمي يا بنية !" . قالت : فأتيته بالجفنة ، فكشفت عنها ؛ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله ، وصليت على نبيه ، وقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه حمد الله ، وقال : "من أين لك هذا يا بنية ؟!" . قالت : يا أبت ! (هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب) ! فحمد الله ، وقال : ... فذكر الحديث . فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي ، ثم آكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأكل علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وجميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأهل بيته حتى شبعوا جميعاً ، قالت : وبقيت الجفنة كما هي . قالت : فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران ؛ وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً . ذكره ابن كثير في "التفسير" (1/ 360) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، سكت عنه ابن كثير ؛ لأنه ساق إسناده ، وهذه عادته وعادة المحدثين : إذا ساقوا إسناد الحديث ؛ فقد برئت ذمتهم وارتفعت المسؤولية عنهم إذا كان الحديث إسناده ضعيفاً أو موضوعاً . وقد غفل عن هذه الحقيقة العلمية من قام باختصار "تفسير ابن كثير" وغيرهم ، فيتوهمون أن سكوت ابن كثير عن الحديث معناه أن الحديث ثابت عنده ! وليس كذلك ؛ وبخاصة إذا ساق إسناده ؛ كما بينت ذلك في غير ما موضع. وهذا الحديث من هذا القبيل ؛ فإن في إسناده عبد الله بن صالح عن عبد الله ابن لهيعة ، وكلاهما ضعيف . ولجهل الشيخ الصابوني بهذا العلم الشريف ، وبتلك الحقيقة العلمية ؛ فقد أورد هذا الحديث مصححاً له في "مختصره" (1/ 280) ، ثم نقل عزو الحافظ ابن كثير لأبي يعلى من "تفسير ابن كثير" إلى حاشية "مختصره" ؛ موهماً القراء أنه من تخريجه ! فما أحراه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "المتشبع بما لم يعط ؛ كلابس ثوبي زور" ! ثم إن الحديث - مع ضعف إسناده - ؛ ففي متنه نكارة في نقدي ؛ مثل قوله : "فإني جائع" ؛ لأنه غير معروف مثله عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما أذكر ! ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها لأبيها مرتين : بأبي أنت وأمي ! فإنه ممجوج مرفوض ؛ كما هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان ! ونحوه قولها بعد أن حمدت الله : وصليت على نبيه . فإنه ليس معهوداً أيضاً قرن الصلاة على النبي مع حمد الله تعالى في مثل هذه المناسبة ! والله أعلم . 5480 - ( اقضيا يوماً آخر ) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (94/ 1) : عن ابن جريج قال : قلت : لابن شهاب : أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "من أفطر في تطوع ؛ فليقضه" ؟ قال : لم أسمع من عروة في ذلك شيئاً ، ولكني سمعت في خلافة سليمان ابن عبد الملك من ناس عن بعض من نساء عائشة أنها قالت : كنت أنا وحفصة صائمتين ، فقرب إلينا طعام ، فابتدرناه فأكلناه ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فبادرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فذكره . __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن : " انظر ( 5202 ) " . ( الناشر ) 5696 - ( أُنْشِدُ اللهَ رجالَ أُمَّتِي لا يَدْخُلُوا الحمَّامَ إلا بِمِئْزَرٍ ، وأُنشِدُ اللهَ نساءَ أمتي أنْ لا يَدْخُلْنَ الحَمَّامَ . ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف . أخرجه ابن جميع في (( معجمه )) ( ص 251 ) من طريق بكر بن سهل : حدثنا عمرو بم هاشم : حدثنا موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعًا . قلت : وهذا إسناده ضعيف , وله علتان : الأولى : عمرو بن هشام - وهو البيروتي - , قال الحافظ : (( صدوق يخطئ )) والأخرى : بكر بن سهل هذا ؛ قال النسائي : (( ضعيف )) . وقال الذهبي : (( مقارب الحال )) ! والحديث ؛ كنت أوردته في (( ضعيف الجامع الصغير )) ( 1345 ) - وقد عزاه لابن عساكر , وأظن الآن أنه عنده من طريق ابن جميع - بناء علي القاعدة المعروفة أن ما تفرد به ابن عساكر ؛ فهو ضعيف , وهذه القاعدة وإن كانت تشذ أحيانًا, فهذا التخريج أكدها في هذا الحديث . والله الموفق . 5697 - ( مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ ، وانْتَعَلَ المخصُوفَ ، ورَكِبَ حِمَارَهُ ، وحَلَبَ شاتَهُ ، وأكلَ مع عِيالِه ، فَقَدْ نَحّى اللهُ عنه الكِبْرَ ) . 2 - أنا عبدٌ ابنُ عبدٍ ، أَجْلِسُ كَجَلْسَةِ العَبْدِ ، وآكلُ أكلةَ العبدِ . 3 - وذلك أنَّ النبي ?لم يَطْرُقْ طعاماً قط ، إلا وهو حابٍ على ركبتيهِ . 4 - إنَّ الله عز وجل قَدْ أوحى إليَّ : أَنْ تواضَعُوا ، ولا يَبْغِي أَحَدٌ على أحدٍ . 5 - إنَّ يدَ الله مَبْسُوطَةٌ على خَلْقِهِ ، فَمَنْ رفعَ نَفْسَهُ ؛ وَضَعَهُ اللهُ عز وجل ، ومَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ ؛ رفعَهُ الله عز وجل . 6 - ولا يمشي امرؤٌ على الأرضِ يَبْغِي بها سُلْطَانَ اللهِ عز وجل إلا أَكَبَّهُ اللهُ عز وجل ) . ً ضعيف جدًا - أو موضوع بهذا السياق والتمام . رواه السكن بن جميع في (( حديثه )) ( ص420 ) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير ابن مرة عن عبد الله بن عمر مرفوعًا قلت : وهذا إسناده واهٍِ بمرة ؛ آفته سعيد بن سنان هذا - وهو أبو مهدي الحمصي - ؛ قال الحافظ في (( التقريب )) : (( متروك ؛ ورماه الدارقطني وغيره بالوضع )) . قلت : ويد الصنع ظاهرة في حديثه هذا , ففقد سرق بعض الأحاديث الصحيحة , وضمها إليه بهذا السياق والإسناد , والكلام عليها لا مجال الآن إليه فأكتفي بالإشارة إليها , وهي : الفقرة الثانية تراها في (( مجمع الزوائد )) ( 9 / 19,21 ) . والفقرة الرابعة مخرجة في الصحيحة )) ( 570 ) والخامسة خرجتها في (( ظلال الجنة )) ( 615 - 617 ) , (( الإرواء )) ( 2200 ) , و (( صحيحة )) ( 2328 ) , وهي مركبة من حديثين . والحديث ؛ عزاه السيوطي في (( الجامع الكبير )) لـ ( تمتم وابن عساكر عن ابن عمر ) ,ووقعت فيه الفقرة السادسة بلفظ : (( ولا يمشي امرؤ علي الأرض شبرًا يبتغي به سلطان الله . . . . . . ) . ولعله الصواب ؛ فقد ذكر المعلق علي (( المعجم )) تعليقًا علي قوله : (( بها )) أن الأصل : (( به )) . والله اعلم . 5786 - ( كان الذي أصاب سليمان بن داود عليه السلام في سبب امرأة من أهله يقال لها جرادة . وكانت أحب نسائه إليه ، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء ؛ أعطاهم الخاتم ، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوماً إلى سليمان عليه السلام ، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة فيقضي لهم ، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحداً ، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ، ودخل الخلاء ، وتمثل الشيطان في صورة سليمان ، قال : هاتي خاتمي . فأعطته خاتمه ، فلما لبسه ؛ دانت له الشياطين والإنس والجن ، وكل شيء . . . الحديث بطوله ؛ وفيه : أن الشيطان كان يأتي نساء سليمان وهن حيض ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر موقوف . أخرجه النسائي في (( السنن الكبرى )) ( 6 / 287 / 10993 ) ، وكذا ابن أبي حاتم في (( التفسير )) ؛ كما في (( ابن كثير )) ( 4 / 36 ) ، وابن جرير ( 1 / 357 ) من طريق أبي معاوية : حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : . . . فذكره موقوفاً عليه . قلت : وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير المنهال بن عمرو ؛ فهو من أفراد البخاري ، وفية كلام يسير ، وقال الحافظ في (( التقريب )) : (( صدوق ربما وهم )) . ولذا ؛ قال الحافظ ابن كثير : (( إسناده إلى ابن عباس قوي ؛ لكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا ؛ كان في هذا السياق منكرات : من أشدها ذكر النساء . . . وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف رضي الله عنهم : كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين ، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب )) . قلت : ويؤيد ما ذكره من التلقي : ما روى عبد الرزاق وابن المنذر ؛ كما في (( الدر )) ( 5 / 310 ) عن ابن عباس قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي ؛ حتى سألت عنهن كعب الأحبار . . . وسألته عن قوله تعالى : ( وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) ؛ قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه . . . الحديث مختصراً (1) ؛ ليس فيه ذكر النساء . قال العلامة الآلوسي في (( تفسيره )) ( 12 / 199 ) : (( ومعلوم أن كعباً يرويه عن كتب اليهود ، وهي لا يوثق بها ، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين [ كان ] بعد الفتنة يأبى صحته هذه المقالة كما لا يخفى . ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام ، ويستبعد جداً أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه من الملك بذلك الخاتم ! وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون ؛ لذكره الله تعالى في كتابه )) . قلت : أو نبيه - صلى الله عليه وسلم - في حديثه . والله تعالى أعلم بحقيقة الحال . وقال أبو حيان في (( تفسيره )) ( 7 / 397 ) : (( نقل المفسرون في هذه الفتنة وإلقاء الجسد أقوالاً يجب براءة الأنبياء منها ، وهي مما لا يحل نقلها ، وهي من أوضاع اليهود والزنادقة )) . قال الآلوسي عقبه : (( وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس ، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي . نسأل الله تعالى سلامة ديننا وعقولنا ! ومن أقبح ما فيها : تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض ! الله أكبر ! هذا بهتان عظيم ، وخطب جسيم . ونسبة الخبر إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تسلم صحتها ، وكذا لا تسلم دعوى قوة سنده إليه ، وإن قال بها من سمعت )) . يشير إلى ما كان نقله عن ابن حجر والسيوطي أنهما قالا : (( سنده قوي )) . والحافظ ذكر هذا في (( تخريج الكشاف )) ( 4 / 142 ) . والسيوطي في (( الدر المنثور )) ( 5 / 310 ) ، وهما تابعان في ذلك الحافظ ابن كثير كما تقدم . ولا أوافق الآلوسي في عدم تسليمه بقوة السند ، لأنه الذي يقتضيه علم الحديث والجرح والتعديل ، لا سيما وهو موقوف ، وليس كل موقوف هو في حكم المرفوع كما هو معلوم ، وبخاصة إذا احتمل أنه من الإسرائيليات كهذا ، وهو مما نقطع به ؛ لما فيه من المخالفات للشرع كما تقدم ، وبخاصة أنه صح سنده عن ابن عباس أنه سأل كعباً كما تقدم . ولتمام الفائدة أقول : قال أبو حيان في تمام كلامه السابق : (( ولم يبين الله الفتنة ما هي ، ولا الجسد الذي ألقاه على كرسي سليمان ، وأقرب ما قيل فيه : أن المراد بالفتنة كونه لم يستثن في الحديث الذي قال : (( لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، كل واحدة تأتي بفارس مجاهد في سبيل الله . ولم يقل : إن شاء الله . فطاف عليهن ، فلم تحمل إلا امرأة واحدة وجاءته بشق رجل . . . )) فالمراد بقوله : ** ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ** ؛ هو هذا ، والجسد الملقى هو المولود : شق رجل )) . وهو الذي استظهره الآلوسي وغيره ؛ كالشيخ الشنقيطي - رحمه الله - في (( أضواء البيان )) ( 4 / 77 و 7 / 34 - 35 ) ، وقال بعد أن أشار إلى القصة : (( لا يخفى أنه باطل لا أصل له . . . يوضح بطلانه قوله تعالى : ** إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ** ، واعتراف الشيطان بذلك في قوله : ** إلا عبادك منهم المخلصين ** )) . ( تنبيه ) : لقد ذكر البغوي في (( تفسيره )) ( 4 / 64 ) حديث الترجمة بنحوه بقوله : (( وروي عن سعيد بن المسيب قال : احتجب سليمان عن الناس ثلاثة أيام . . . ( الحديث وفيه : ) وذكر حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه كما روينا )) . فعلق عليه المعلقان اللذان غررا بطلاب العلم بتسويد اسميهما على هذه الطبعة الجديدة من (( التفسير )) بطبعهما تحت اسم المؤلف (( إعداد وتحقيق خالد عبد الرحمن العك . مروان سوار )) ! فقالا : (( وهذا جزء من حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 4 / 176 - 177 - و جـ 5 / 68 - 239 )) . وهذا كذب صرف على (( مسند )) الإمام ، لا أدري والله هل كان ذلك قصداً منهما تشبعاً بما لم يعطيا ، أم هو الغفلة عن التحقيق المدعى والتصحيح ؟ ! لقد حاولت أن التمس لهما عذراً ، فحاولت أن أجد في صفحة التعليق وفي التي بعدها حديثاً مرفوعاً يمكن ربط التعليق به ، والاعتذار عنهما بأنهما أراداه به ، ولكنهما لم يتنبها لخطأ الطابع ، ولكني لم أجد في الصفحتين ما يمكن ربط التعليق به . والله المستعان . __________ (1) ثم وقفت على إسناده في (( تفسير عبد الرزاق )) ( 3 / 165 - 166 ) قال : أخبرنا إسرائيل عن فرات القزاز عت سعيد بن جبير عن ابن عباس . وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . |
5980 - ( لا تَقُولِي هذا يا عائشة ! فإنّها قد أسلمت ، وحسن إسلامها ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 8 / 126 ) : أخبرنا محمد ابن عمر : حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ومعه صفية ؛ أنزلها في بيت من بُيُوت حارثة ابن النعمان ، فسمع بها نساء الأنصار وبجمالها ، فَجِئْنَ ينظرن إليها ، وجاءت عائشة منتقبة حتى دخلت عليها ، فعرفها ، فلما خرجت ؛ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرها ، فقال : " كيف رأيتها يا عائشة ؛ " . قالت : رأيت يهودية ! قال : . . . فذكره . قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ كذاب ، كما تقدم مراراً . وأسامة بن زيد بن أسلم - وهو العدوي مولاهم المدني - ؛ قال الحافظ : " ضعيف من قبل حفظه " . وعطاء بن يسار ؛ تابعي جليل ؛ فالحديث مرسل . وقد روي مَوْصُولًا بإسناد خير من هذا ؛ أخصر منه ؛ فقال مبارك بن فضالة : عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو عروس بصفية بنت حيي ؛ جئن نساء الأنصار ، فأخبرن عنها . قالت : فَتَنَكَّرْت ، وَتَنَقَّبْت ؛ فذهبت ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيني ؛ فعرفني . قالت : فَالْتَفَت ؛ فأسرعت اَلْمَشْي ؛ فأدركني ؛ فاحتضنني ، فقال : " كيف رأيت ؟ " . قالت : قلت : أَرْسِلْ ، يهودية وسط يهوديات ! أخرجه ابن ماجه ( 1980 ) . وَضِعْفه البوصيري في " الزوائد " ( 2 / 118 ) بقوله : " فيه علي بن زيد بن جدعان ؛ وهو ضعيف " . قلت : وفيه علتان أخريان : الأولى : أم محمد هذه ؛ لم يوثقها أحد ؛ حتى ولا ابن حبان ! وبيض لها الحافظ في " التقريب " ، فلم يقل فيها ولا مقبولة ! وذكرها الذهبي في " النسوة المجهولات " . والأخرى : مبارك بن فضالة ؛ قال الحافظ : " صدوق ، يدلس ويسوي " . وهذا الحديث مع حديث عائشة مما حشا به التويجري كتابه الذي سماه ب ل " الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور " ( ص 181 - الطبعة الأولى ) مع السكوت عنها كما يفعل سائر المؤلفين الذين لا علم عندهم بالحديث الشريف ، وكأنهم ينطلقون من القاعدة الغربية الكافرة : " الغاية تبرر الوسيلة " ! وإلا ؛ كيف يستجيزون أن ينسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يعلمون صحته مع علمهم بقوله صلى الله عليه وسلم : " من حَدَّثَ عني بحديث يرى أنه كذب ؛ فهو أحذ اَلْكَذَّابِينَ " . رواه مسلم وغيره . ومن ذلك : ما ذكره عقب الحديث بقوله : " وأخرج ابن سعد أيضاً من طريق عبد الله بن عمر العمري قال : " لما اجتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية رأى عائشة رضي الله عنها منتقبة بين النساء ، فعرفها فأدركها فأخذ بثوبها فقال : كيف رأيت " . قلت : وهذا إسناد واه معضل ، إن كان عبد الله بن عمر العمري هو الراوي ؛ فإنه ضعيف من أتباع التابعين ، ولكن الذي في " ابن سعد " ( 8 / 128 ) : " عمر ابن عبد الله قال " غير منسوب برواية عبد الرحمن بن أبي الرجال ، وهذا لم يذكروا له رواية عن عبد الله بن عمر العمري ، وإنما عن عمر بن عبد الله مولى كفرة ، وهو تابعي ضعيف ، فهو مرسل . فالظاهر أنه انقلب اسمه على بعض الرواة ، فظنه من نقله التويجري عنه أنه العمري ، ولعله الحافظ في " الإصابة " ، فزاد هذه النسبة من عنده ! 6765 - ( إن نساء بني إسرائيل كن يجعلن هذا في رؤوسهن فلُعِنّ، وحُرَّمَ عليهن المساجد. يعني: قُصَّة ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10/ 360/ 10718 )، و "الأوسط " ( 1/ 232/ 256 ) من طريق سعيد بن عفير قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن أبن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بقُصة فقال:... فذكره، وقال: " لم يروه عن عروة عن ابن عباس، إلا أبو الأسود، تفرد به ابن لهيعة " - قلت: وهو ضعيف ؛ لما عرض له من سوء الحفظ - كما هو معروف -، وسائر رواته ثقات. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5/ 169 ): " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات ". ( تنبيه ): زعم الدكتور المعلق على" الأوسط " فقال: "والحديث قد أخرجه البخاري ومسلم بمعناه من حديث معاوية بن أبي سفيان ". قلت: لفظ حديث معاوية: " إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم ". وهو مخرج في " غاية المرام " ( 79 - 80/ 100 ) برواية الشيخين وغيرهما، وليس فيه - كما ترى - جملة المساجد، لا لفظاً ولا معنى، فقول الدكتور:" بمعناه " خطأ ظاهر. والله المستعان. 6814 - ( يا عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ! يَا فَاطِمَةُ! ** جَاءَ (1) نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، "وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَفْوَاجًا , فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ , إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا **، عَلَى أَنَّهُ يَكُونَ بَعْدِي فِي الْمُؤْمِنِينَ الْجِهَادُ. قَالَ علي: عَلامَ نُجَاهِدُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ آمَنَّا؟ قَالَ: عَلَى الإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ إِذَا مَا عَمِلُوا بِالرَّأْيِ وَلا رَأْيَ فِي الدِّينِ، إِنَّمَا الدِّينُ مِنَ الرَّبِّ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ. قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَرَضَ لَنَا أَمْرٌ لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ وَلَمْ يمضِ (2) فِيهِ سُنَّةٌ مِنْكَ؟ قَالَ: تَجْعَلُونَهُ شُورَى بَيْنَ الْعَابِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا تَقْضُونَهُ بِرَأْيِ خَاصَّةٍ، فَلَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لقِدَمِكَ فِي الإِسْلامِ، وقَرابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصِهْرِكَ وَعِنْدَكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ بَلاءِ أَبِي طَالِبٍ، إِيَّايَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى أَنْ أَرْعَى لَهُ فِي وَلَدِهِ ). قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. آثار الوضع عليه لائحة. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "( 11/ 371 - 372/12041 )، ومن طريقه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 65/ 61/ 1 - 2 ) عن إسحاق بن عبد الله بن كيسان: حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر،، نزل عليه: ** إذا جاء نصر الله والفتح ** إلى آخر القصة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ( إسحاق بن عبد الله بن كيسان )، وسبق الكلام عليه وعلى أبيه تحت الحديث الذي قبله. وذكر ثمة تعقب الصدر الياسوفي الضياء المقدسي لإخراجه إياه في " المختارة " بقوله: " هو من رواية إسحاق عن أبيه، وفيهما الضعف الشديد". وأن الحافظ ابن حجر حكم عليه بالوضع، وذلك في أخر ترجمة أبيه ( عبد الله ابن كيسان )، فقال: " وقد ذكرت في ترجمة ابنه ( يعني: في " اللسان " ) حديثاً موضوعاً رواه عن أبيه عن عكرمة عنه". وقال الهيثمي في " المجمع " ( 1/ 180 ): " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه عبد الله بن كيسان: قال البخاري: منكر الحديث ". كذا وقع فيه ( عبد الله... ).. فيحتمل أن يكون سقط من قلمه، أو قلم ناسخه ( إسحاق ) ؛ لأن هذا هو المعروف أن البخاري قال فيه: " منكر الحديت "، ويحتمل أنه لم يسقط، وإنما عنى أباه ( عبد الله بن كيسان )، اعتماداً منه على " الميزان "، وهذا على " كامل ابن عدي " ( 4/ 233 ) ؛ فقد رواه عن البخاري في ترجمة ( عبد الله ) هذا. ولكني أخشى أن يكون وهماً ؛ فإن الحافظ المزي ومن تبعه - فيما علمت - لم يذكروه إلا في ترجمة ابنه ( إسحاق ). وعلى كل حال، فإعلاله بالابن أولى لاتفاق الحفاظ على تضعيفه، بخلاف أبيه ؛ فقد وثقه بعضهم ؛ وإن كان الراجح أنه ضعيف - كما تقدم -. والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا ؛ وجملة ( الشورى )، قد رواها إبراهيم بن أبي الفياض البرقي: حدثنا سليمان بن بزيع الإسكندراني: ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال: قلت: يا رسول الله! الأمرينزل بنا لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض فيه منك سنة ؟ قال: " اجمعوا له العالمين - أو قال: العابدين - من المؤمنين ؛ فاجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد ". أخرجه ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2/ 852 -853/ 1611، 1612 ) وقال: " لا يعرف من حديث مالك إلا بهذا الإسناد، ولا أصل له في حديث مالك ولا في في حديث غيره، وإبراهيم البرقي، وسليمان بن بزيع: ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج بهما، ولا يعول عليهما ". قلت: ونقله الحافظ في " اللسان " في ترجمة ( سليمان بن بزيع )، وقال: " قال أبو سعيد بن يونس: منكر الحديث " ثم نقل عن الدارقطني أنه قال في حديثه هذا: " لا يصح ؛ تفود به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف. وساقه الخطيب في " كتاب الرواة عن مالك " من طريق إبراهيم عن سليمان، وقال: لا يثبت عن مالك ". والمحفوظ في هذا الباب ما جاء في كتاب عمر رضي الله عنه إلى شريح القاضي: "... فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فاقض بما قضى به الصالحون... ". أخرجه النسائي ( 2/ 306 )، والدارمي ( 1/ 60 ) وغيرهما بسند صحيح. __________ (1) كذا الأصل بإسقاط ( إذا )، وكذا في " المختارة " و " المجمع ". (2) الأصل: ( يخصص )، والتصحيح من المصلرين المذكورين. |
1840 - " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت، وحضر الشياطين، فإذا كان بينهما ولد، كان للشيطان فيه شريك ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " كما في ترتيبه (167 / 2) من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن أبي المنيب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن يحيى إلا أبو المنيب الجرشي ولا عنه إلا عبيد الله، تفرد به يحيى ". قلت: وعبيد الله بن زحر وأبو المنيب واسمه عبيد الله بن عبد الله ضعيفان، والأول أشدهما ضعفا. وهذا الحديث أصل ما يقال في بعض البلاد: إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين. قلت: وحرام هذا، قال الشافعي وابن معين فيه: " الرواية عن حرام حرام ". وقال مالك: " ليس بثقة ". ذكره في " الميزان "، ثم ساق له مما أنكرت عليه أحاديث هذا أحدها. لكن فقرة الاستعاذة صحيحة من طرق أخرى، وهي مخرجة في " التعليق على الكلم الطيب " (113 / 164) . والتسمية على الطعام في " صحيح مسلم " (6 / 108) والأمر بغلق الأبو اب عند الشيخين، وهو مخرج في " الإرواء " (39) . 1845 - " إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي، ففعلت، فقال لي جبريل: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤ قصب، بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشددة بالذهب، وجعل سقوفها من زبرجد أخضر، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (267) : حدثنا محمد بن يوسف الضبي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: حدثنا بشر بن الوليد الهاشمي قال: حدثنا عبد النور المسمعي عن شعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال : حدثني مسروق عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. ذكره في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي، وقال: " كان ممن يغلوفي الرفض، لا يقيم الحديث، وليس من أهله ". ثم ساق له هذا الحديث، ثم عقبه بقوله: " وذكر حديثا طويلا لا أصل له وضعه عبد النور ". ولخص الذهبي كلام العقيلي هذا بقوله: " كذاب، وقال العقيلي: كان يغلوفي الرفض، ووضع هذا عن شعبة ... ". وتعقبه الحافظ في " اللسان " فقال: " ولفظ العقيلي: " لا يقيم الحديث، وليس من أهله، والحديث موضوع لا أصل له ". وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " ... وكأنه ما اطلع على هذا الحديث الذي له عن شعبة فإنه موضوع، ورجاله من شعبة فصاعدا رجال الصحيح، فينظر من دون عبد النور، وأما جزم الذهبي بأنه هو الذي وضع هذا موهما أنه كلام العقيلي ففيه ما فيه ". قلت: ليس فيه أي شيء، فإن كلام العقيلي الذي نقلته من كتابه صريح في جزم العقيلي أنه - المسمعي هذا - هو الذي وضع الحديث، واللفظ الذي حكاه الحافظ عن العقيلي، مغاير بعض الشيء لما في نسختنا من الكتاب، فلعل ذلك من اختلاف النسخ، فإن المطبوعة بتحقيق القلعجي لم يرد الحديث فيها، ولا كلام العقيلي المتقدم. ثم إن رجال الإسناد كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب "، غير بشر بن الوليد الهاشمي، فلعله الكندي الفقيه صاحب أبي يوسف، فإنه من طبقته وهو ضعيف من قبل حفظه، ولكني لم أجد من نسبه هاشميا. والله أعلم. والحديث أخرج الطبراني في " الكبير " (3 / 72 / 1) طرفه الأول من طريق إسماعيل بن موسى السدي: أخبرنا بشر بن الوليد الهاشمي به. وقال الهيثمي في " المجمع " (9 / 204) : " ورجاله ثقات "! قلت: وأقره المناوي في " كتابيه " اغترارا بتوثيق ابن حبان، وغفلة منهما عن حكم العقيلي والذهبي بوضعه، وسبقه ابن الجوزي أيضا، فأورده في " الموضوعات " (1 / 415 - 416) من طريق العقيلي، وأقره السيوطي في " اللآلىء " (1 / 396) ، فلم يتعقبه بشيء سوى قوله: " أخرجه الطبراني ". وهذا ليس بشيء كما ترى، فقد أساء بذكره إياه في " الجامع الصغير "! ولعبد النور هذا حديث آخر زاد فيه أشياء خلافا للثقات، وسيأتي إن شاء الله تعالى. 2166 - " إذا تزوج أحدكم، ودخل على أهله، فليضع يده على رأسها، وليقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقني منها، وارزقها مني، واجمع بيننا ما جمعت من خير، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرئيس الثقفي في " الفوائد " (10/7/1) عن مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار المؤذن: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا الأعمش عن شقيق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته الصفار هذا، فإن رجاله كلهم ثقات غيره. قال الدارقطني: " متروك "؛ كما في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث من طريق الثقفي. وقال في " تلخيص المستدرك " عقب حديث في مناقب فاطمة من روايته: " هذا من وضع مسلم بن عيسى ". وسيأتي تخريجه في المجلد الحادي عشر برقم (5027) . 2199 - " إذا أتى أحدكم أهله، فأراد أن يعود فليغسل فرجه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي (7/192) من طريق ليث عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. وضعفه البيهقي بقوله: " وليث بن أبي سليم لا يحتج به ". و (أبو المستهل) لم أجد له ترجمة؛ إلا أن يكون (الكميت بن زيد الأسدي الكوفي) الشاعر المشهور، فهذه كنيته، له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " ( 14/595 - 603) و" تاريخ الإسلام " (8/210 - 213) فإذا كان هو فلم يذكروا له رواية عن عمر، وقد ولد بعد وفاته! وفي " المجمع " (4/295) : " رواه أبو يعلى في " الكبير "، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس "! كذا قال، وليس من عادته أن يخرج لأبي يعلى في " المسند الكبير "، وإنما ذلك في كتابه " المقصد العلي "، والحديث فيه (1/343/777) ، مشيرا إلى ذلك بحرف (ك) كما هي عادته فيه. وقد أشار الحافظ إلى ما ذكرت أيضا في مقدمة " المطالب العالية " (1/4) . وأيضا فقوله: " مدلس " خطأ نبهت عليه مرارا. وعزاه في " الجامع الكبير " (1/31/1) للترمذي أيضا في " العلل "، وأطلق العزوإليه في " الزيادة على الجامع الصغير "؛ كما في " الفتح الكبير " (1/64 ) ، فلم يحسن، لأنه يوهم أنه أخرجه في " السنن "، ولذلك فقد أضعت وقتا كثيرا في البحث عنه فيه، ولكن سدى! 2277 - " إن المؤمن يؤجر في هدايته السبيل، وإماطته الأذى عن الطريق، وفي تعبيره بلسانه عن الأعجمي، وإنه ليؤجر في إتيانه أهله، حتى إنه ليؤجر في السلعة، فتكون في طرف الثوب، فيلتمسها، فيخطئها كفه، فيخفق لها فؤاده، فترد عليه، فيكتب له أجرها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا اللفظ أخرجه ابن نصر في " الصلاة " أو" الإيمان " (224/2) ، والبزار في " مسنده " (1/454/957 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (3473) ، والطبراني في " الأوسط " (4/318/3554 - ط) عن منهال بن خليفة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث ما فرحنا بشيء منذ عرفنا الإسلام فرحنا به. قال: فذكره. وقال الطبراني: " تفرد به المنهال بن خليفة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير المنهال هذا، فقال ابن معين والنسائي: " ضعيف ". وقال البخاري: " فيه نظر ". وشذ البزار فقال: " لا نعلم رواه عن ثابت إلا المنهال، وهو ثقة "! والشطر الأول من الحديث قد جاء مفرقا في أحاديث خرجت بعضها في المجلد الثاني من " الصحيحة " (572 - 577) ، وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد (5/154) ، ورجاله ثقات. 2300 - " ألم أنهكم عن التعري؟ ! إن معكم من لا يفارقكم في نوم ولا يقظة، إلا حين يأتي أحدكم أهله، أوحين يأتي الخلاء، ألا فاستحيوا لها فأكرموها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/462/2) عن الحسن بن أبي جعفر: حدثنا ليث عن محمد بن عمروعن أبيه عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث وهو ابن أبي سليم كان اختلط. والحسن بن أبي جعفر ضعيف، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". 2599 - (إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته، فليأت أهله، فإن البضع واحد، ومعها مثل الذي معها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع بهذا اللفظ أخرجه الخطيب في ترجمة الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب أبي عبد الله البزار يعرف بابن القادسي؛ فقال في " تاريخه " (8/16) : سمعته في " جامع المدينة " يقول: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك - إملاء -: حدثنا محمد بن يونس بن موسى: حدثنا أيوب بن عمر أبو سلمة الغفاري: حدثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ثم أطال في ترجمته بما يؤخذ منها أنه كان يكذب ويحدث بالأحاديث الموضوعة. ومن الغريب أن الذهبي ثم العسقلاني لم يترجما له في كتابيهما. ثم إن محمد بن يونس بن موسى - وهو الكديمي - وضاع أيضا. وأيوب بن عمر الغفاري؛ لم أعرفه. ويزيد بن عبد الملك النوفلي؛ وهو ضعيف. وفي الباب ما يغني عن هذا الحديث فانظر " المشكاة " (3105 و 3108) . 4192 - (كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو نعيم (7/ 138-139) ، والبيهقي (1/ 96) ، وأبو الحسن النعالي في "حديثه" (124/ 2) عن محمد بن يونس بن موسى القرشي، عن خالد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. ومن هذا الوجه؛ رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" (13/ 138/ 2) ، وابن عدي (316/ 2) وقال: "ومحمد بن يونس الكديمي كان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخاً لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخاً حتى يقول: حدثنا شاصويه بن عبيد ... ". وقال البيهقي: "والكديمي أظهر من أن يحتاج إلى أن يبين ضعفه". قلت: وشيخه المخزومي قريب منه؛ فقد قال الحافظ: "متروك". وقد توبع؛ فقد قال أبو نعيم عقبه: "تفرد به عن الثوري خالد وعلي بن حيان المخزومي". ثم ساقه من طريق إبراهيم بن راشد: حدثنا علي بن حيان الجزري: حدثنا سفيان الثوري به. وعلي بن حيان هذا؛ لم أجد من ذكره. وإبراهيم بن راشد؛ قال الذهبي: "وثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي". وبالجملة؛ فالحديث لم يتفرد به الكديمي فهو بريء العهدة منه، والعلة من شيخه المتروك، وعلي بن حيان المجهول. 5978 - (إذا جامع أحدكم؛ فليستتر، ولا يَتَجَرَّدَا تجرُّد البعيرين) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (8 / 194) : أخبرنا محمد ابن عمر: حدثني الثوري، عن عاصم الأحول عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. قلت: وهذا مرسل موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ وهو كذاب. وقد روي بسند أحسن حَالًا من هذا بلفظ: " إذا أتى أحدكم أهله؛ فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين ". أخرجه ابن ماجه.، وقد تكلمت على إسناده في " الإرواء " (2009) ، و" آداب الزفاف " (ص 109 - طبعة المكتبة الإسلامية / عمان) . وقد سرقها أحدهم وحذف منها ما شاء له هواه! ، وكان من قبل ينكر ذلك على غيره! والله المستعان. والحديث؛ أورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 50) بهذا اللفظ؛ إلا أنه أظهر المفعول به فزاد: " أهله ". فقال العراقي في تخريجه - وأقره الزبيدي في " شرحه " (5 / 372) -: " أخرجه ابن ماجه من حديث عتبة بن عبد بسند ضعيف ". قلت: عزوه إلى ابن سعد أولى؛ لأن لفظه أقرب إلى لفظ " الإحياء " من لفظ ابن ماجه كما ترى. ولقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث أنني رأيت أحد المتعالمين في هذا العصر قد نقل هذا الحديث من " الإحياء " في كتابه الذي أسماه " فقه النظر في الإسلام " (ص 108) ! ولا علم عنده ولا فقه؛ سوى مجرد النقل، مع كتم العلم الصحيح! يدلّك على هذا جزمه بنسبة هذا الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون أي عزو لأحد، أو بيان لحاله، وهو يعلم تضعيف الحافظ العراقي لإسناده كما تقدم! أفلا يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدّث عَنِّي بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد اَلْكَذَّابِينَ ". رواه مسلم. ويأتي له حديث آخر نحوه بعد قليل برقم (6075) . 6194 - (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يجامع أهله في كل جمعة؛ فإن له أجرين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته؟) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو نعيم في "الطب " (ق 79/2) ، والبيهقي في "الشعب " (3/98/2991) ، والديلمي في "مسند الفردوس " (1/180/1 - الغرائب الملتقطة) عن بقية بن الوليد عن يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: بكير بن فيروز - وهو: الرهاوي -: بيَّض له الذهبي في "الكاشف "، وقال الحافظ في "التقريب": " مقبول". قلت: يعني: عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً. ثم استدركت؛ فقلت: لا ينبغي أن يعل به الحديث، فقد روى عنه جمع من الثقات، منهم: زيد بن أبي أنيسة، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود - وهو أكبر منه -، ونافع مولى ابن عمر - وهو من أقرانه - وغيرهم، وقد وثقه ابن حبان (4/76) ؛ فهو صدوق، وحسّن له الترمذي، فانظر! الصحيحة" (2335) . الثانية: يزيد بن سنان - وهو: الجزري، أبو فروة الرهاوي -: قال النسائي: "متروك الحديث ". وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ". وقد تقدمت له أحاديث أحدها موضوع (2/165/740) . الثالثة: بقية بن الوليد: فإنه مدلس، وقد عنعنه، وبه أعله البيهقي فقال: "في روايات بقية نظر". وكان الأولى به أن يعله بشيخه؛ فإنه أشد ضعفاً منه - كما لا يخفى على العارفين بهذا العلم -. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1/274) لابن السني أيضاً في "الطب ". أما في "الجامع الكبير" فقال: "رواه البيهقي في " الشعب " وضعفه، والديلمي ". 6341 - (نهى أن يُجامِعَ الرجُلُ أهلَه وفي البيتِ معه أَنيسٌ، حتى الصبيُّ في المَهْدِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (200/437) من طريق الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عمر قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واهٍ جداً، آفته الفرات هذا: قال البخاري: "تركوه، منكر الحديث ". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/207) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات". قلت: ومن أحاديثه بهذا الإسناد: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله". وقد مضى برقم (1821) . |
999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " (4 / 77 / 2 مصورة الجامعة الإسلامية) قال: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال: فذكر الحديث وقال: " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي، وقال: " وعنه بقية بـ (عن) ، قال الدارقطني: ضعيف ". وكذا في " اللسان " لكن لم يقع فيه: بـ (عن) ". والمقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا، ويشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " (ص 50) قال: وذكر ابن أبي داود قال: أخبرنا ابن المصفى: حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به مختصرا بلفظ: " ليس في القبلة وضوء ". وقد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه التي صرح فيها بقية بالتحديث، ولعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله: " بـ (عن) ". والله أعلم. والحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 73) من رواية ابن راهويه كما ذكرته، دون قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا " وسكت عليه ولم يكشف عن علته وتبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " (ص 20) وكان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا وبيان علته وإن كان معنى الحديث صحيحا كما يأتي في الذي بعده، ففي هذا الحديث - ومثله كثير - لأكبر دليل على جهل من يزعم أنه ما من حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحا وتضعيفا! ثم إن قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". فالذي يظهر لي - والله أعلم - أنه يعني أن الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا منه، لا قولا، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، كما يأتي في الحديث الذي بعده، كما كان يقبلها وهو صائم. (1) فأخطأ الراوي، فجعل ذلك كله من قوله صلى الله عليه وسلم. وهو منكر غير معروف. والله أعلم. __________ (1) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة (219 - 221) و" الإرواء " (916) . اهـ. 1000 - " توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل، قاله لمن قبل امرأة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الترمذي (4 / 128 - تحفة) والدارقطني في " سننه " (49) والحاكم (1 / 135) والبيهقي (1 / 125) وأحمد (5 / 244) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل: " أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل وقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل، قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " الآية، فقال: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة ". وقال الترمذي: " هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ومعاذ مات في خلافة عمر وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وبهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه: " وفيه إرسال، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل ". وأما الدارقطني فقال عقبه: " صحيح ". ووافقه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي، فهو ضعيف الإسناد. وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في " الصحيحين " و" السنن " و" المسند " وغيرها من طرق وأسانيد متعددة، وليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة. والله أعلم. وأما قول أبي موسى المديني في " اللطائف " (ق 66 / 2) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد: " هذا حديث مشهور، له طرق ". فكأنه يعني أصل الحديث، فإنه هو الذي له طرق، وأما بهذه الزيادة فهو غريب، ومنقطع كما عرفت، والله أعلم. إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء، كما فعل ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 113) وذلك لأمور: أولا: أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة. ثانيا: أنه لوصح سنده، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال: انتفض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ: " ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له ". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع، كما بينته في " تخريج المختارة " (رقم 7) . ثالثا: هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص، لأن الحالة التي وصفها، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء، لا من أجل مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهو ة أو بغير شهو ة، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ. أخرجه أبو داود وغيره، وله عشرة طرق، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 170 - 173) وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهو ة عادة، والله أعلم. 1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، وما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 251 - 252) عن محمد ابن القاسم الأسدي: نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد وقال: " أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ". وأبو صالح هو باذام وهو ضعيف. والشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين ولكنهما واهيان كما بينته في " آداب الزفاف " (ص 32 - الطبعة الثانية) وذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل على بطلانه. وأما الشطر الأول، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي: كيف شئتم. فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان، لا يعقل هذا التضييق الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى. 2662 - (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة، أو في غداة باردة فذهبت ثم جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف، فطرح علي طرف ثوبه [فصرنا ثلاثة] ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الحاكم (3/364) ، والبزار (3/212/2595) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/611/1394) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/374) من طرق عن إسحاق بن إدريس: حدثنا أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: فذكره. والسياق للبزار، وقال: " لا نعلم له إسنادا غير هذا، ولا تابع إسحاق عليه أحد ". قلت: وهوالأسواري، قال البخاري: " تركه الناس ". وتبنى هذا الذهبي في " المغني ". وفي " الميزان ": " وقال يحيى بن معين: كذاب يضع الحديث ". ومع هذا قال الحاكم عقب الحديث: " صحيح الإسناد "! والظاهر أنه خفي عليه حال الأسواري هذا، لكن الغريب أن الذهبي أقره ولم يتعقبه بشيء! والأعجب من ذلك أن الزيادة في آخر المتن هي عند الحاكم من طريق محمد بن سنان القزاز، قال الذهبي في " المغني ": " رماه بالكذب أبو داود وابن خراش ". والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9/152) : " رواه البزار، وفيه إسحاق بن إدريس، وهو متروك ". وأما ما نقله الدكتور محفوظ الرحمن في تعليقه على " البحر الزخار" (3/184) عن الهيثمي أنه قال في نفس الموضع الذي أشرت إليه: " رواه البزار، وإسناده حسن "! فهو وهم محض، سببه أنه انتقل بصره حين النقل عنه إلى قول الهيثمي عقب الحديث الذي يلي هذا عنده مباشرة، وهو قوله: " وعن ابن عمر: أن الزبير استأذن عمر في الجهاد؟ فقال: اجلس فقد جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البزار، وإسناده حسن ". على أن هذا التحسين غير مسلم، لأن البزار أخرجه عقب حديث الترجمة برقم (2596) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر، وهذا إسناد معروف ضعفه، وهو إسناد حديث: " اللهم بحق السائلين عليك. . . " المتقدم تخريجه وبيان ضعفه في المجلد الأول برقم (24) ، والرد في مقدمته على الشيخ إسماعيل الأنصاري، الذي انتصر لشيخ الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالباطل، والاعتداء على المؤلف ببهته والافتراء عليه، وتكلف تكلفا ظاهرا في تقويه الحديث، فراجعها فإنها مهمة. نعم لحديث ابن عمر هذا طريق آخر يرويه قيس بن أبي حازم: أن الزبير استأذن عمر. . . فذكره. أخرجه البزار أيضا (2597) ، وهو في " مسند عمر " من " البحر الزخار " (1/466/332) وقال: " وهذا الإ سناد أحسن من إسناد حديث فضيل ". وقال الحافظ عقبه في " مختصر الزوائد " (2/324) : " قلت: وأصح، بل هو صحيح مطلقا ". وهو كما قال رحمه الله. ورواه حبلة بن سحيم عن عبد الله بن عمر به، وأتم منه. أخرجه ابن عساكر (6/380) ، وفيه رجل لم يسم. ثم رأيت حديث الترجمة في " العلل " لابن أبي حاتم (2/371) وقال عقبه: " قال أبو زرعة: لا أعلم رواه غير إسحاق بن إدريس، وهو واه ". 4166 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه يأتيها من وراء الحجاب فيقول: يا بنية! إن فلاناً قد خطبك، فإن كرهتيه فقولي: لا؛ فإنه لا يستحي أحد أن يقول: لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الطبراني (1/ 5/ 1) ، وابن عدي (7/ 261-262) عن يزيد ابن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد عن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل يزيد هذا - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ: "لين الحديث". وقد روي مرسلاً؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 4/ 1) و (4/ 136 - ط) : حفص، عن ابن جريج، عن عطاء مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق (6/ 144) عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني به. فهو معضل. ورواه ابن عساكر (4/ 289/ 1) عن بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم - يعني: ابن أدهم -: حدثني أبي أدهم بن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به دون قوله: "فإن كرهتيه ... ". قلت: وأدهم بن منصور؛ لم أجد له ترجمة، وسائر رجاله موثقون. ورواه عبد الرزاق (6/ 141-142) ، والبيهقي (7/ 123) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره. قلت: وهذا مرسل؛ المهاجر هذا؛ تابعي مجهول الحال. وقد وصله أبو الأسباط، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قالا: فذكره نحوه. أخرجه البيهقي وقال: "المحفوظ من حديث يحيى، مرسل". قلت: وكل هذه الروايات ليس فيها قوله: "فإن كرهتيه فقولي: لا ... " إلخ، فدل على نكارته. وحديث أبي هريرة قد جاء بإسناد آخر خير من هذا، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2973) . 4198 - (كان إذا زوج أو تزوج نثر تمراً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه البيهقي في "السنن" (7/ 287-288) عن عاصم بن سليمان: أخبرنا هشام بن عروة، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال البيهقي: "عاصم بن سليمان؛ بصري رماه عمرو بن علي بالكذب، ونسبه إلى وضع الحديث". وقال الساجي وابن عدي: "يضع الحديث". وقال الطيالسي: "كذاب". وروى البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمرو: أخبرنا القاسم بن عطية، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر". وقال: "الحسن بن عمرو - وهو ابن سيف العبد ي -؛ بصري عنده غرائب". قلت: بل هو شر من ذلك؛ فقد كذبه ابن المديني، وقال البخاري: "كذاب". وقال الرازي: "متروك". وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه متروك. 5923 - (كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه لم يأتها حتى تبرأ عينها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع . أخرجه أبو نعيم في ((الطب)) (ق 49 / 1) عن إسحاق بن محمد بن مروان: ثنا أبي: ثنا حصين بن مخارق عن الأعمش عن أبي صالح عن أم سلمة قالت:. . . فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته حصين بن مخارق، كنيته أبو جنادة؛ قال ابن حبان في ((المجروحين)) (3 / 155) : ((روى عن الأعمش ما ليس من حديثه، لا يجوز الرواية عنه)) . وقال الدارقطني: ((يضع الحديث)) . وإسحاق بن محمد بن مروان، لم أجد له ترجمة. وأما أبوه محمد بن مروان؛ فأظنه السدي الأصغر، وهو معروف بالوضع، وقد تقدم له أحاديث. وكنت قديماً حكمت على الحديث بالوضع من حيث معناه، مع تفرد أبي نعيم به. والآن قد وافق ذلك النقد الحديثي العلمي لمبناه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. 5992 - (فتنة سُلَيْمَان عليه السلام: أنه كان في قومه رجل كعمر ابن الخطاب في أمتي، فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه؛ أرسل إلى أفاضل نسائه فقال: هل تنكرن من صاحبكن شيئاً؛ قلن: نعم؛ كان لا يأتينا حيضاً، وهذا يأتينا حيضاً. فاشتمل على سيفه ليقتله، فردّ اَللَّه على سليمان ملكه، فأقبل، فوجده في مكانه، فأخبره بما يريد) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل . أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال: إنه كان في قومه. . . اَلْحَدِيث. كذا في " الدر المنثور " (5 / 312) . فأقول: قوله: " رضي الله عنه "؛ يوهم أن عبد الرحمن بن رافع صحابي؛ لأن الترضي في اصطلاح العلماء خاص بالصحابة رضي الله عنهم، وهذا ليس منهم، فلعله من بعض الناسخين ل " الدر ". ثم إن عبد الرحمن هذا مع كونه ليس صَحَابِيَّا فهو مُتَكَلِّم فيه، وترجمته في " الميزان " و " التهذيب "، وهو التنوخيّ؛ قال البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 1 / 280) " حديثه مناكير ". قلت: وهذا الحديث مع كونه من بلاغاته لم يسنده إلى أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهو منكر جِدًّا؛ لما فيه من تمثل الشيطان من الجن في صورة سليمان عليه السلام، وإتيانه لنسائه وهن حيض! ! ومن الغريب أنه رويت في ذلك آثار كثيرة موقوفة في فتنة سليمان عليه وعلى أبيه السلام فسّروا بها قوله تعالى: (ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيّه جسداً ثم أناب! ، فقيل: إن الجسد هو هذا الشيطان، جلس على كرسي سليمان يحكم بين الناس أَيَّامًا وهم لا يشعرون أنه شيطان، حتى رابهم منه شيء وكان أخذ خاتم سليمان من إحدى زوجاته، وكان ملكه في خاتمه، فلما وضعه في يده؛ خضع له الإنس والجن، فلما رابهم أمره؛ ساعيوا نساءه عنه؛ فأجبن بما في الحديث أنه يأتيهن في حالة الحيض، فثاروا عليه، فهرب وسقط منه الخاتم في البحر، فالتقمته سمكة، فوقعت في يد سليمان الذي كان خرج إلى ساحل البحر ليعتاش! فلما شق بطنها؛ وجد الخاتم، فوضعه في إصبعه، فعاد إليه ملكه! في قصة طويلة، عزاها السيوطي للنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، وقوى السيوطي إسنادها تَبَعًا لابن كثير وابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 142) ! لكن ابن كثير استدرك فقال: " ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه، ولهذا كان في هذا السياق منكرات، ومن أشدها ذكر النساء. وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف؛ كسعيد بن المسيّب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب ". وذكر نحوه في تاريخه " البداية " (2 / 26) . فإن قيل: فما معنى الآية المتقدمة؛ والجواب: ما قاله العلامة الآلوسيّ في " تفسيره " (23 / 198) : " أظهر ما قيل في فتنته عليه السلام أنه قال: " لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل إلا امرأة، وجاءت بشق رجل ". رواه الشيخان عن أبي هريرة مَرْفُوعًا. فالمراد بالجسد ذلك الشق الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه: وضع القابلة له عليه؛ لِيَرَاهُ ". وذكر نحوه ابن حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط " (7 / 397) . ثم قال الآلوسيّ بعد أن ساق القصة من رواية ابن عباس: " قال أبو حيان وغيره: إن هذه المقالة من أوضاع اليهود والزنادقة، ولا ينبغي لعاقل أن يعتقد صحة ما فيها، وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي؟ ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي، نسأل الله سلامة ديننا وعقولنا، ومن أقبح ما فيها زعم تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض! الله أكبر، هذا بهتان عظيم، وخطب جسيم ا! وجاء عن ابن عباس برواية عبد الرزاق وابن المنذر ما هو ظاهر في أن ذلك من أخبار كعب، ومعلوم أن كَعْباً يرويه عن كتب اليهود، وهي لا يوثق بها، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين بعد الفتنة يأبى صحة هذه المقالة كما لا يخفى. ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام، ويستبعد جِدًّا أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه عليه السلام من الملك بذلك الخاتم، وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون؛ لذكره الله عز وجل في كتابه. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال ". قلت: وقد روي في حديث مرفوع ما يوافق تفسير قوله: (جَسَدًا) بأنه ولد سليمان عليه السلام، ولكنه حديث منكر، أو موضوع. اقتصر السيوطي على تضعيف إسناده في " الدر "، ووافق ابن الجوزيّ على وضعه في " اللآلئ "، وهو الأقرب كما ستراه عقب هذا. 6579 - (كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانسلَّ، فظننت أنما انسل إلى بعض نسائه، فخرجتُ غيري، فإذا أنا به ساجدٌ كالثوب الطريح، فسمعته يقول: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، ربَّ! هذه يدي وما جنبيت به على نفسي، يا عظيمُ! ترجى لكل عظيم، فأغفر الذنبي العظيم. قالت: فرفع رأسه فقال: ما أخرجك؟ قالت: ظنٌّ ظننتُه! قال: إن بعض الظن إثمٌ، واستغفري الله! إن جبريل أتاني فأمرني أن أقول هذه الكلمات التي سمعت، فقوليها في سجودك، فإنه من قالها، لم يرفع رأسه حتى يُغفر - أظنه قال: - له) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر جداً. أخرجه أبو يعلى (8/121 -122) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/116) ، وابن عدي (6/240) من طريق محمد بن عثيم أبي ذر قال: حدثني عثيم عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عائشة قالت: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مسلسل بالعلل: الأولى: محمد بن عثيم: وفي ترجمته ساقه العقيلي من مناكيره، وروى عن ابن معين أنه قال فيه: "كذاب". وعن البخاري أنه قال: "منكر الحديث". وضعفه آخرون. الثانية: أبوه (عثيم) : والظاهر أنه الذي في "التهذيب": (عثيم بن كثير ابن كليب الحضرمي) ، ولكنهم لم يذكروا في الرواة عنه ابنه محمداً هذا، وهم ثلاثة ليس فيهم موثق، غير عبد الله بن منيب، ولذلك قال الحافظ: "مجهول". وقال الذهبي: "لا يدرى من هو؟ ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/303) ! وقد أشار الذهبي في "الكاشف" إلى تليين توثيقه. الثالثة: عثمان بن عطاء: ضعيف، ضعفه الدارقطني وغيره. الرابعة: أبوه عطاء - وهو: ابن أبي مسلم الخاراساني -، لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، على انه مدلس. وله عنها طريق أخرى: فقال الطبراني في "الدعاء" (2/1071 -1072) : حدثنا بكر بن سهل: ثنا عمرو بن هاشم البيروتي: ثنا سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها مطولاً وفي آخره ذكر ليلة النصف من شعبان. ومن هذا الوجه رواه ابن الجوزي في "العلل" (2/67 -68) وقال: " لا يصح. قال ابن عدي: أحاديث سليمان بن أبي كريمة مناكير". وأقره الحافظ في "التلخيص" (1/254) . وبكر بن سهل: قال الذهبي: "حمل الناس عليه، وهو مقارب الحال. قال النسائي: ضعيف". وفي "اللسان": "وقال مسلمة بن قاسم: تكلم الناس فيه، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن ... (ساق إسناده) عن مسلمة بن مخلد رفعه: (أعروا النساء يلزمن الحجال) "، وقد مضى تخريجه برقم (2827) . وإن مما يؤكد نكارة هذا الحديث ما أشار إليه العقيلي بقوله عقبه: "يروى من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ". ويعني: ما رواه أبو هريرة عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فلمست المسجد، فإذا هو ساجد، وقدماه منصوبتان، وهو يقول: "اللهم! إني أعوذ برضاك من سخطك ... ". الحديث. أخرجه مسلم وغيره من أصحاب "الصحاح" و "السنن" وغيرهم، وهو مخرج في "صفة الصلاة" (147/12) ، و "صحيح أبي داود" (823) . 52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أوساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أورده الغزالي (2 / 195) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه الحافظ العراقي: رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه. قلت: ولفظه كما في " الفردوس " (3 / 558) : " من ساء خلقه من إنسان أو دابة، فأذنوا في أذنيه ". 53 - " عليكم بدين العجائز ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له. كذا قال في " المقاصد " وذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (7) وأورده الغزالي (3 / 67) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه العراقي: قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " (رقم 511) : تداوله العامة، ولم أقف له على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة ولا سقيمة، حتى رأيت حديثا لمحمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ثم ذكر الحديث الآتي: 54 - " إذا كان في آخر الزمان، واختلفت الأهواء، فعليكم بدين أهل البادية والنساء ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. قال ابن طاهر: وابن البيلماني (يعني الذي في سنده) له عن أبيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها. قال الحافظ العراقي: وهذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " في ترجمة ابن البيلماني. قلت: من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 271) ومنه تبين أن فيه علة أخرى، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث الحارثي وهو ضعيف، وفي ترجمته أورد الحديث ابن عدي (297 / 2) وقال: وعامة ما يرويه غير محفوظ، ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، محمد بن الحارث ليس بشيء، وشيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة، وإنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز. وأقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1 / 131) وزاد عليه فقال: قلت: محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه، وقال في " الميزان ": هذا الحديث من عجائبه. قلت: الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث، فإن هذا قد وثقه بعضهم، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه، وقد أشار إلى ما ذهبت إليه بعض الأئمة، فقال الآجرى: سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال: بلغني عن بندار قال: ما في قلبي منه شيء، البلية من ابن البيلماني، وقال البزار: مشهور ليس به بأس، وإنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني. فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني وبه أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم، وكذا السخاوي في " المقاصد "، وقال الشيخ علي القاري: حديث موضوع. ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن البيلماني، ومع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع؟ ! وقد أقرهما على ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " (136 / 1) فإنه أورده في " الفصل الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه كما نص عليه في المقدمة. 147 - " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 191) ومن طريقه ابن الجوزي (2 /277) في ترجمة عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال: عمرو كان يروي المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الأثبات. قلت: وهو كذاب وقد تقدم له أحاديث، وجويبر ضعيف جدا وتقدم له شيء، وبهذا أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح. والحديث أورده الصغاني في " الموضوعات " (ص 8) . وأقر ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 179) فالعجب منه كيف أورده من رواية ابن عدي في " الجامع الصغير " الذي اشترط في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع! وأعجب من هذا استدراك الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 304) على حكم الصغاني عليه بالوضع بقوله: لكن عزاه في " الجامع الصغير " لابن عدي بسند ضعيف عن علي! وكيف لا يكون هذا الحديث موضوعا، وقد طلق جماعة من السلف بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟ ! . 195 - " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 271) من رواية ابن عدي (44 / 1) عن هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، ثم قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: كان بقية يروي عن كذابين ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه، وهذا موضوع. قال السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) : وكذا نقل ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر: لكن ذكر ابن القطان في " كتاب أحكام النظر " أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال: حدثنا ابن جريج، فما بقي فيه إلا التسوية، قال: وقد خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد، انتهى. والحديث أخرجه البيهقي في " سننه " من الطريقين التي عنعن فيها بقية والتي صرح فيها بالتحديث، والله أعلم. قلت: وكذلك رواه ابن عساكر (13 / 295 / 2) وكذا ابن أبي حاتم (2 / 295) عن أبيه عن هشام عن بقية حدثنا ابن جريج به، ساقه ابن أبي حاتم بعد أن روى بهذا الإسناد حديثين آخرين لعلنا نذكرهما فيما بعد، وأشار إلى أن تصريح بقية بالتحديث خطأ من الراوي عنه هشام فقال: وقال أبي: هذه الثلاثة الأحاديث موضوعة لا أصل لها، وكان بقية يدلس، فظن هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا، ولم يفتقدوا الخبر منه، وأقره الذهبي في " الميزان " وجعله أصل قوله في ترجمة هشام: يروي عن ثقات الدماشقة، لكن يروج عليه، وكأنه لهذا تبع ابن الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع ابن دقيق العيد صاحب " الإمام " كما في " خلاصة البدر المنير " (118 / 2) ، وقال عبد الحق في " أحكامه " (143 /1) لا يعرف من حديث ابن جريج، وقد رواه ابن عساكر في مكان آخر (18 / 188 / 1) من طريق هشام بن عمار عن بقية عن ابن جريج به، فلا أدري هذه متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد، أم أن قوله: عمار محرف عن خالد كما أرجح، ومنه تعلم أن قول ابن الصلاح: إنه جيد الإسناد غير صواب وإنه اغتر بظاهر التحديث ولم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبهنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله خيرا. ومن الغرائب أن ابن الصلاح مع كونه أخطأ في تقوية هذا الحديث فإنه فيها مخالف لقاعدة له وضعها هو لم يسبق إليها، وهي أنه انقطع التصحيح في هذه الأعصار فليس لأحد أن يصحح! كما ذكر ذلك في " مقدمة علوم الحديث " (ص 18 بشرح الحافظ العراقي) بل الواجب عنده الاتباع لأئمة الحديث الذين سبقوا! فما باله خالف هذا الأصل هنا، فصحح حديثا يقول فيه الحافظان الجليلان أبو حاتم الرازي وابن حبان: إنه موضوع؟ ! وخالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه ". والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ ! اللهم لا، ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، أخرجه الشيخان وغيرهما، فإن الظاهر من هذا الحديث جواز النظر، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، قال الحافظ في " الفتح " (1 / 290) : وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث. 196 - " إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى، ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أورده ابن الجوزي (2 / 271) من رواية الأزدي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الأزدي: إبراهيم ساقط، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) بقوله: قلت: روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان " قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط، قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا، انتهى. قال الخليل في " مشيخته ": هذا الحديث تفرد به محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو شامى يأتي بمناكير. قلت: فهذا هو علة الحديث قال فيه الذهبي: متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث، ونقل في " اللسان " عن الدارقطني أنه قال: متروك الحديث، وعن العقيلي قال: في أحاديثه عن مسعر عن المقبري حديث منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه وهو مجهول. قلت: ونحوه في " كامل ابن عدي " (6 / 2261) ، والحديث في " الجامع " أيضا ثم ساق له السيوطي شاهدا وهو: 197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. أخرجه ابن عساكر (5 / 700) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأو يسي الأصل عامر وهو خطأ حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره قلت: وأورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 170 - 171) شاهدا للحديث المتقدم من رواية ابن عساكر وسكت عنه وله علل أربع: الأولى: الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل: له رؤية. الثانية: زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب ": رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، قال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه وفي " الميزان "، قال الترمذي في " العلل ": سألت البخاري عن حديث زهير هذا فقال: أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع وليس هذا عندي زهير بن محمد. قلت: وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه. الثالثة: خيران بن العلاء، ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان وقد أشار لهذا الذهبي حين قال في ترجمته: وثق، له خبر منكر، لعل ذلك من شيخه يعني زهير بن محمد ولعله عنى هذا الحديث، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن فوق خيران أو من دونه أولى، لأنه قد روى عنه ثمانية، وأثنى عليه الأوزاعي، وهو من شيوخه، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع ". الرابعة: أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة. ويبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " (9 / 244) ، لأنه أعلى طبقة من هذا بدرجتين، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري، والله أعلم. وبالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة والخبر منكر والله أعلم. 759 - " أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه النسائي في " حديثه " (132 / 2) وابن عساكر في " تاريخه " (15 / 325 / 2) من طريقين عن بقية بن الوليد عن أبي يعقوب المدني عن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده. وقال ابن عساكر: " غريب جدا ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو يعقوب المدني لم أعرفه، فهو من شيوخ بقية المجهولين الذين كان يدلسهم، قال ابن معين: " إذا لم يسم بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا ". وقال ابن المبارك: " نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء، ويسمي الكنى "! وعبد الله بن الحسين لم أعرفه، ولا نعلم للحسين بن علي بن أبي طالب ابنا اسمه عبد الله و (الحسين) كذلك وقع في الطريقين، ولعله خطأ من بعض الرواة أو النساخ، ويؤيده أن الحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (ج 73 / 258 / 1) والديلمي (1 / 1 / 166) من طريق عمرو بن جميع عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعا. وعلى هذا فالحديث من مسند الحسن بن علي بن أبي طالب لا من مسند علي، فإن عبد الله هذا هو ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة مأمون، لكن الراوي عنه عمرو بن جميع كذاب: قد وجدت له طريقا أخرى عن الحسين عن علي رضي الله عنهما، فقال الدنيوري في " المجالسة " كما في " المنتقى منها " (21 / 2 نسخة حلب) : حدثنا محمد بن الحسين حدثني علي بن الحسين بن موسى عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وهذا إسناد ساقط من دون موسى (وهو ابن عبد الله بن حسن المتقدم) لم أعرفهم، لكن الدينوري نفسه متهم واسمه أحمد بن مروان، قال الذهبي: " اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وصرح الدارقطني في " غرائب مالك بأنه يضع الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي عن علي، وابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " عن عبد الله بن الحكم عن أبيه عن جده. ولم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال: " رمز المصنف لضعفه ". وقد عرفت أنه ضعيف جدا من طريق ابن عساكر، وباطل من الطريقين الآخرين، وقوله " عبد الله بن الحكم " أظنه تصحيف من " عبد الله بن الحسن " كما سبق في رواية أبي بكر الشافعي، وكذلك هو في " الجامع الكبير " (1 / 90 / 1) لكن وقع فيه " ... ابن أبي الحسن "! . 1100 - " فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وكانت زوجته عونا له على خطيئته ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " (ق 233/1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (3/331) والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج2 باب ما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر: حدثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو جعفر هذا، وهو القلانسي البغدادي، قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: كذاب. فمن أباطيله ... " قلت: فذكر له أحاديث هذا أحدها. قلت: إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني وغيره. وقال ابن عدي: " عامة حديثه منكر المتن والسند ". وقال أبو حاتم: " شيخ ". وقال ابن معين: " كذاب خبيث ". كذا في " الميزان ". قلت: وقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورد فيه هذا الحديث الباطل من رواية البيهقي وحده في " الدلائل "، فتعقبه المناوي بالقلانسي وقول الذهبي فيه. وفاتته العلة الأخرى وهي ابن صرمة هذا. وأما في " التيسير " فقال: " وفيه كذاب ". 1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا أومسخا ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي (2/33) والخطيب (3/158) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال: " حديث غريب، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه ". قلت: وفي ترجمته من " الميزان ": " وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن حديثه هذا؟ فقال: باطل، فقلت من فرج؟ قال: نعم، ومحمد هو ابن الحنفية ". وفي " فيض القدير ": " وقال العراقي والمنذري: ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وقال الذهبي: منكر، وقال ابن الجوزي: مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وقد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه، وهو الآتي بعده: 1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء، واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم ضعفا، والكذب صدقا، والحرير لباسا، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت الفجأة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر القذف، وكان المطر قيظا، والولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام غيضا، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة ، والقراء فسقة، إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء - يعني الدنانير - وتطلب البيضاء - يعني الدراهم - وتكثر الخطايا، وتغل الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنائر، وخربت القلوب، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربتها، وترى الحفاة العراة، وقد صاروا ملوكا، وشاركت المراة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة، واتخذ المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وكان زعيم القوم أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق ، واتخذ الظلم فخرا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير، وجلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا ( كذا) عند ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وآيات ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/358) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا. قال أبو نعيم: " غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن فضالة ". قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ العراقي (3/297) ، وفيه علة أخرى وهي الانقطاع، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا (3/356) : " أرسل عن أبي الدرداء وحذيفة وغيرهم ". وللفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا. والحديث مما فات السيوطي والمناوي فلم يورداه في " جامعيهما ". 1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى، فأنا قلته، وبه أرسلت ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي (41/1) عن البختري بن عبيد: حدثنا أبي: حدثنا أبي هريرة مرفوعا. وقال: " البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين حديثا عامتها مناكير ". ثم ذكر له ثلاثة منها، هذا أحدها. قلت: وقال أبو نعيم الأصبهاني: " روى عن أبي هريرة موضوعات ". وكذا قال الحاكم والنقاش كما سبق في " سيكون أناس.. ". ولا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم أوعلى الأقل جواز روايتها ونسبتها إليه إذا كان معناها مما يرضي الله عز وجل! ولعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم ويقولون: نحن لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نكذب له! كما قال بعض الكرامية! ومن هذا القبيل ما يأتي: |
1713 - " أتدرين ما حديث خرافة؟ إن خرافة كان رجلا من بني عذرة فأصابته الجن فكان فيهم حينا، فرجع إلى الإنس، فجعل يحدثهم بأشياء تكون في الجن، وبأعاجيب لا تكون في الإنس، فحدث أن رجلا من الجن كانت له أم، فأمرته أن يتزوج، فقال: إني أخشى أن يدخل عليك من ذلك مشقة أوبعض ما تكرهين، فلم تزل به حتى زوجته، فتزوج امرأة لها أم، فكان يقسم لامرأته ولأمه، ليلة عند هذه، وليلة عند هذه، قال: وكانت ليلة امرأته، فكان عندها، وأمه وحدها، فسلم عليها مسلم، فردت السلام ثم قال: هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: فهل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: فهل من محدث يحدثنا؟ قالت: نعم، أرسل إلى ابني يحدثكم، قال: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: هذه إبل وغنم ... ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. ابن أبي الدنيا في " ذم البغي " (34 / 1 - 2) عن عثمان بن معاوية عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، عثمان بن معاوية. قال ابن حبان: " شيخ يروي الأشياء الموضوعة التي لم يحدث بها ثابت قط ، لا تكتب روايته إلا على سبيل القدح ".ثم ساق له هذا الحديث. وتعقبه الحافظ في " اللسان "، فقال: " وهذا الحديث الذي أنكره ابن حبان على هذا الشيخ، قد أورده ابن عدي في " الكامل " في ترجمة علي بن أبي سارة من روايته عن ثابت عن أنس، فتابع عثمان بن معاوية. وعلي بن أبي سارة ضعيف، وقد أخرج له النسائي ". وأقول: هذه المتابعة لا تجدي لأن ابن أبي سارة ضعفه البخاري جدا بقوله: " فيه نظر ". كما رواه ابن عدي عنه. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال: (287 / 2) : " كلها غير محفوظة وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضا ". ثم إن نص حديثه يختلف عن نص المشهو د له، فإنه قال في أوله: " حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة مرة حديثا، فقالت: لولا أنك حدثتني بهذا يا رسول الله لظننت أنه حديث خرافة، فقال لها: يا عائشة! وهل تدرين ما خرافة؟ قالت : لا، قال: فإن خرافة كان رجلا من بني عذرة، سبته الجن، فكان معهم، فإذا استرقوا السمع من السموات حدث بعضهم بعضا بذلك، فسمعه خرافة منهم، فيحدث به بني آدم، فيحدثونه كما يقول. وذكر الحديث ". 2057 - " إن الله عز وجل سائل كل راع استرعاه رعية قلت أوكثرت، حتى يسأل الزوج عن زوجته، والوالد عن ولده، والرب عن خادمه؛ هل قام فيهم بأمر الله ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه ابن عساكر (9/221/2) عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس مرفوعا. قلت: هذا سند ضعيف جدا من أجل خارجة. قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقد ثبت مختصرا نحوه من حديث أنس، وهو في الكتاب الآخر. 3270 - (يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر به من شاهق إلى شاهق، أو من حجر إلى حجر؛ كالثعلب بأشباله، قالوا: متى يكون ذلك؟ قال: في آخر الزمان؛ إذا لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله، فإذا كان كذلك حلت العزبة. قالوا: أنت تأمرنا بالتزويج؛ فكيف تحل العزبة؟ قال: يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يدي أبويه؛ إن كان له أبوان، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم يكن زوجة ولا ولد، فعلى يدي الأقارب والجيران؛ يعيرونه بضيق المعيشة، حتى يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 21و186) من طريق أحمد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا عبد الحميد بن يحيى عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسل: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن هو البصري، وهو مع تدليسه الذي اشتهر به لم يذكروا له رواية عن ابن مسعود. ومبارك بن فضالة يدلس أيضاً. وعبد الحميد بن يحيى؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (3/ 40) : "مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه". ثم ساق له من روايته عن عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غط رأسك من الناس، وإن لم تجد إلا خيطاً"! وأحمد بن عبد الرحمن المخزومي لم أعرفه. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لأبي نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الزهد"، والخليلي، والرافعي عن ابن مسعود. وهو في "الزهد الكبير" (ق49/ 2) من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً؛ كما في "معجم الحديث" الذي عامته من مخطوطات الظاهرية. لكن لم أكن نقلت فيه إسناده من تحت المبارك، ولا لفظه بتمامه، وليس عندي الآن نسخة من "الزهد" لأعود إليه. ثم رأيته في "الزهد" (436-مطبوع) فإذا هو من طريق جامع بن سوادة عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن المبارك به. قلت: وجامع بن سوادة: ضعيف متهم، كما في "اللسان". وأما أبو نعيم فأخرجه في "الحلية" (1/ 25) من طريق إسحاق بن وهب: حدثنا عبد الملك بن يزيد: حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: ... فذكره مرفوعاً إلى قوله: "من حجر إلى حجر". وبهذا السند ساق قبله عن ابن مسعود قال: "إذا أحب الله عبد اً اقتناه لنفسه، ولم يشغله بزوجة ولا ولد". هكذا وقع فيه موقوفاً على ابن مسعود، ويبدو أنه سقط من الناسخ أو الطابع رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كذلك رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 278) من طريق أبي نعيم. وكذلك عزاه إليه الذهبي في ترجمة عبد الملك بن يزيد من "الميزان"، وتبعه العسقلاني في "اللسان"، وأعلاه بعبد الملك بن يزيد هذا؛ فقالا: "روى عن أبي عوانة بخبر باطل في ترك التزوج، لا يدرى من هو؟ ". ثم ساقاه من طريق صاحب "الحلية" بإسناده المتقدم مرفوعاً. وفيه: "إسحاق بن وهب العلاف". وهو إسحاق بن وهب بن زياد العلاف أبو يعقوب الواسطي. ولقد أخطأ ابن الجوزي خطأ فاحشاً حين أعل الحديث به بقوله: "هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الدارقطني: إسحاق بن وهب كذاب متروك، حدث بالأباطيل". وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 180) . وقد التبس عليهما الأمر؛ فإن الذي قال فيه الدارقطني ما نقله عنه إنما هو إسحاق بن وهب الطهرمسي كما تراه في "الميزان" و "اللسان". وأما إسحاق بن وهب العلاف فهو ثقة من شيوخ البخاري، ولا علاقة له بهذا الحديث الباطل. نعم، لقد تعقب السيوطي ابن الجوزي في حديث آخر ساقه من رواية الطبراني بسنده عن أبي عنبة الخولاني مرفوعاً بلفظ: "إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً ابتلاه، وإذا ابتلاه اقتناه لنفسه. قالوا: يا رسول الله! وما اقتناه؟ لا يترك له مالاً ولا ولداً". وفيه اليمان بن عدي نسبه أحمد إلى الوضع. كذا قال ابن الجوزي، فقال السيوطي: "ضعفه أحمد والدارقطني، وقال أبو حاتم: صدوق". قلت: هذا نقله السيوطي من "ميزان الذهبي"، ولا يكفي في رد قول ابن الجوزي وما نسبه لأحمد، ولم أر أحداً ذكره عنه غيره، والمعروف عنه التضعيف فقط. والله أعلم. وفي الحديث علة أخرى؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 291) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه إبراهيم بن محمد شيخ الطبراني، ضعفه الذهبي، ولم يذكر سبباً، وبقية رجاله موثقون". قلت: بلى؛ قد ذكر السبب، وهو أنه قال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا إسماعيل بن عياش بسنده عن ابن عمر مرفوعاً بحديث ذكره، وقال: "فالمعروف بهذا الحديث هو عبد الوهاب بن الضحاك، لا ابن نجدة". وهذا يعني أنه خطأ في إسناده فذكر ابن نجدة - وهو ثقة - مكان ابن الضحاك - وهو متروك -، ولذا قال الذهبي فيه: "غير معتمد". قلت: وهذا مما لا ينبغي التوقف فيه؛ لأن الرجل مع هذا الخطأ الفاحش الذي اكتشفه الذهبي قد أورده الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 167/ 1) ، ولم يسق له سوى حديث واحد، فهو مستور غير معروف. والله أعلم. 3985 - (زوجوا عثمان، لو كان لي ثالثة لزوجته، وما زوجته إلا بالوحي من الله عز وجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الطبراني بالإسناد المتقدم، عن عصمة قال: لما ماتت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تحت عثمان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وفي إسناده متهم، وآخر يروي الموضوعات، وقول الهيثمي فيه (9/ 83) : "رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف". ففيه تساهل في التعبير؛ كما يتبين لك بالرجوع إلى كلام الحفاظ فيه المذكور تحت الحديث (284) . 5751 - (ثَلاثةٌ - يا عَلِيّ - لا تُؤَخرْهُنَّ: الصّلاةُ إذا آنَتْ، والجنَازةُ إذا حَضَرتْ، والأيم إذا وجَدَتْ كُفؤاً) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ " (1 / 1 / 177) ، والترمذي (1 / 215 / 171) ، وابن ماجه (1 / 476 / 1486) ، وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 323) ، وأحمد (1 / 105) ، وعنه الحاكم (2 / 162 - 163) ، وعبد الله بن أحمد أيضا عن شيخ أبيه، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 774 - 775) ، والبيهقي في " السن " (7 / 132 - 133) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 170) ، وابن عساكر أيضاً من طرق عن عبد الله بن وهب: حدثني سعيد بن عبد الله الجهني: أن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثه عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. والسياق لأحمد، وليس عند ابن ماجه إلا الجملة الثانية بلفظ: " لا تؤخروا الجنازة إذا حضرت ". وقال الترمذي: " حديث غريب حسن "! وتبعه العراقي؛ فقال في " تخريج الإحياء " (2 / 16) - بعد ما عزاه للترمذي فقط -: " وسنده حسن "! وتعقبه الزبيدي في " شرح الإحياء " (5 / 252) بما سأذكره عن الحافظ. وأما الحاكم؛ فقال: " حديث غريب صحيح "! ووافقه الذهبي! وتبعه أحمد شاكر - رحمه الله -؛ فقال في تعليقه على " المسند " (2 / 144) : " إسناده صحيح، سعيد بن عبد الله الجهني؛ مصري ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات "! فأقول: نعم؛ ذمه ابن حبان في " الثقات " (8 / 261) ، وخالفه من هو أعلم بالرجال منه: أبو حاتم الرازي؛ فقال ابنه (2 / 1 / 37) عنه: " مجهول ". وتبعه الذهبي في " الميزان " و " المغني "، والعسقلاني في " التلخيص " (1 / 186) ، وهذا هو الصواب؛ لأن الرجل لا يعرف إلا برواية ابن وهب عنه، فهو مجهول العين! وابن حبان معروف عند العلماء بتساهله في توثيق المجهولين، وهو أمر ظاهر جداً لمن تتبع كتابه " الثقات "؛ فقد وثق فيه - أو بعبارة أدق: أورد فيه - المئات من الجهولين، وفيهم جمع كثير لا يعرفون إلا برواية من هم مثلهم في الجهالة، أو من الضعفاء المعروفين عند الحفاظ بالضعف. تبين لي هذا وأنا في صدد ترتيب رجاله على الحروف وتعليقي على كثيرين منهم. يسر الله لي إتمامه. وللتاريخ أقول: لقد كنتُ التقيتُ الشيخَ أحمدَ - رحمه الله تعالى - في مكة في حَجتي الأولى - وذلك قبل أكثر من أربعين سنة -، وزرته في الفندق الذي كان نازلاً فيه، وعرّفته بنفسي وأني أرغب أن أعرف رأيه بالتفصيل في اعتداده بتوثيق ابن حبان، فاعتذر بمرض زوجته! ثم قدر لي أن سافرت بعد الحج إلى المدينة لزيارة المسجد النبوي، فأخبرت بأن لشيخ نازل في فندق لا أذكر اسمه، فزرته، وطلبت منه أن يشرح لي وجهة نظره في توثيق ابن حبان، وذكرته بما قاله فيه الحافظ ابن عبد الهادي، وابن حجر العسقلاني، فلم يأت بشيء! سوى أنه قال: لا يجوز للمتأخرين إلا أن يعتدوا بجهود العلماء المتقدمين وعلمهم، فوافقته في هذا بداهة، ولما لفتُّ نظره إلى أن هذا شيء وما نحن فيه شيء آخر؛ لأن ابن حبان خالف العلماء كما شرحه الحافظان المشار إليهما، فإذا هو - سبحان الله - شعلة نار، لا يمكن مناقشته! فجلستُ قليلاً، ثم استأذنت منصرفاً بخُفَّيْ حُنَيْن! هذا؛ ولعله لما ذكرت من الجهالة أشار البيهقي في كتاب النكاح قبيل سوقه للحديث إلى تضعيفه بقوله: " وفي اعتبار الكفاءة أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة ". ثم ساقه، وأقره النووي في " المجموع " (5 / 121) . ثم إن الترمذي بعد أن حسنه كما تقدم - وذلك في كتاب الصلاة - فإنه عاد فضعفه في آخر " الجنائز " (4 / 30 / 1075) ، فقال: " حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل ". كذا قال. ومع أنه قد أقره الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 244) ، ثم الحافظ في " الدراية " (1 / 105) ؛ فإنه لم يظهر لي الانقطاع الذي يشير إليه. وإن مما يستغرب إنكار الشيخ للمباركفوري في " تحفة الأحوذي " (1 / 155) عبارة الترمذي هذه أن تكون في النسخ المطبوعة أو المخطوطة، مع أنها موجودة في المكان المشار إليه من " الجنائز "، حتى في النسخة التي شرحها هو (2 / 165) ! فكأنه لم يستحضر ذلك حينما شرح الحديث في المكان الأول. ولِمَا ذكرتُ من الجهالة؛ جزم الحافظُ بضعفه، فقال في مكان آخر من " الدراية " (2 / 63) : " أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف ". وقد أفصح عن علته في " التلخيص الحبير "، فقال (1 / 186) - بعد أن ذكر إسناده، وإعلال الترمذي إياه بالانقطاع -: " وسعيد؛ مجهول، وقد ذكره ابن حبان في " الضعفاء " فقال: (سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله) . ورواه الحاكم من هذا الوجه، فجعل مكانه: (سعيد ابن عبد الرحمن الجمحي) ! وهو من أغلاطه الفاحشة ". قلت: ولم يبين الحافظ سبب ذلك، ولا بد لي من بيانه، أو يعود إلى أمرين: الأول - وهو الأهم -: أن الحاكم رواه من طريق أحمد وابنه كما تقدم، وهما روياه عن شيخهما هارون بن معروف - وهو ثقة من رجال الشيخين - عن ابن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني، هكذا على الصواب، فرواية الحاكم عن أحمد خلافه وخلاف رواية ابنه عنه يكون خطأ بلا شك. والآخر: أنه مخالف لكل المتابعين لهارون في الطرق المشار إليها في أول التخريج: قتيبة بن سعيد: عند البخاري والترمذي، وحرملة بن يحيى: عند ابن ماجه، وعيسى بن أحمد العسقلاني: عند الخطيب. وكلهم ثقات، فمن المستحيل - عادة - أن يخطئ هؤلاء والحفاظ الذين رووه عنه أيضاً، والحاكم هو المصيب، كما هو ظاهر لكل لبيب! وهذا كله يرد على رواية ابن حبان أيضاً. فإنه قال: حدثناه ابن خزيمة: ثنا محمد بن يحيى الأهلي قال: ثنا هارون ين معروف: ثنا ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي. . . بلى آخر الإسناد. هكذا ساقه في ترجمة (سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله الجمحي. . .) . ولهذا؛ كنت أود للحافظ أن يقرن نسبته هذه (الجمحي) مع اسمه؛ حتى لا يتبادر إلى ذهن القارئ أن الحاكم تفرد بذلك الغلط الفاحش، وأن غاية ما عند ابن حبان أنه سمى جده عبد الله، وأباه عبد الرحمن: فيقول قائل: الخطب في مثل هذا سهل؛ فإن قال في نسبه: (سعيد بن عيد الله) يكون قد نسبه إلى جده، وأما أبوه؛ فهو عبد الرحمن؛ كما وقع عند الحاكم وكذا ابن حبان - فلكيلا يقول قائل هذا؛ قلت: كنت أود أن يقرن مع اسمه نسبته (الجمحي) -؛ لأنها هي التي تكشف عن الحقيقة، وأنه غير سعيد بن عبد الله الجهني. وبالجملة؛ فخطأ ابن حبان عندي أفحش من خطأ الحاكم، وذلك؛ لأنه زاد عليه أنه ذكر الحديث في ترجمة (الجمحي) مؤكداً الخطأ الذي ورد في إسناده للحديث! ثم إنه زاد الطين بِلَّةً - كما يقال -، بإساءته القول في المترجم فقال: «يروي عن عبيد الله بن عمرو وغيره من الثقات أشياء موضوعة يتخايل إلى من يسمعها أنه كان المتعمد لها» ! مع أن الجمحي هذا معروف؛ وثقه غير واحد، وأخرج له مسلم، ولذلك؛ قال الذهبي بعد أن نقل توثيقه عن ابن معين وغيره: «وأما ابن حبان؛ فإنه خساف قصاب» ! والخلاصة: أن علة الحديث جهالة سعيد بن عبد الله الجهني، وأنه من جعله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي؛ فقد وهم! ولو أن الحديث كان من روايته؛ لكان حسناً في أسوأ أحواله. والله أعلم. (تنبيه) : جاء في «شرح الإحياء» للزبيدي ما نصه: «قال الذهبي: وسعيد مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء. اهـ» . كذا فيه! وأظنه وهم في قوله: «الذهبي» ؛ فإن هذا إنما هو قول الحافظ كما تقدم. على أن هذا النقل فيه اختصار مخل؛ لأنه يوهم أن الذي ذكره ابن حبان في «الضعفاء» هو سعيد الجهني، والواقع أنه سعيد الجمحي، وأن الجهني إنما أورده في «الثقات» ؛ كما تقدم بيانه. 6011 - (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ الْمَوْتَ إِنِّي أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف (*) . أخرجه أبو حنيفة في "مسنده" (137 - الطبعة الأولى) - ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (23/39/98) - عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ... مرفوعاً. وأخرجه أبو يوسف في "الآثار" (210/933) عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم ... مرفوعاً. لم يجاوز إبراهيم؛ فأعضله. وأبو حنيفة رحمه الله معروف عند أئمة الحديث بالضعف - كما تقدم بيانه تحت الحديث المتقدم برقم (458) -. وله طريق أخرى - لكنها أسوأ من الأولى - أخرجها ابن أبي حاتم في "العلل" (2/375) من طريق الْمُعَلَّى بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بن جعفر عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: ... فذكره. وقال عن أبيه: " هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَالْمُعَلَّى مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ " قلت: وكذبه بعضهم، انظر ترجمته تحت الحديث (678 و 1993) . وله طريق ثالث بلفظ: "إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ". أخرجه أحمد (6/138) : ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ إِسْحَاقَ ابنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ ... مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف. رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مصعب هذا، لم يرو عنه غير إسماعيل هذا - وهو ابن أبي خالد -؛ فهو في عداد المجهولين؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/1/305) ولم يسمِّ جده، وقال: " ... القرشي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مرسل. روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ". وذكر ابن حبان نحوه، ولكنه اضطرب في طبقته؛ فمرة أورده في "طبقة التابعين" (5/412) من روايته عن عائشة، ومرة أورده في "أتباع التابعين"، وقال: "يروي المراسيل". وقد صح عنه مرسلاً: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/65) : أخبرنا يزيد ابن هارون: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن مصعب بن إسحاق بن طلحة قال: أُخْبِرت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره نحوه؛ دون لفظ: "بياض". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف بهذا اللفظ، وإنما يصح منه أنها زوجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنة. ثبت ذلك عن جمع من الصحابة، فانظر "صحيح البخاري" رقم (3771، 3772) . (تنبيه) : هذا الحديث لم أره في "مجمع الزوائد"، وهو من شرطه! __________ (*) مال الشيخ رحمه الله إلى تقويته أخيراً. انظر "الصحيحة" (2867) . (الناشر) . 6425 - (لَا يَذْهَبُ الله بكَنِيْنَةِ عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وكَنِيْنَتُه زوجته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/232 - 233) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/20) من طريق الحسن بن واصل عن ابن سيرين عن أبى هريرة مرفوعاً. قلت: أورده ابن حبان في ترجمة الحسن بن واصل - وهو: ابن دينار -: متهم بالكذب - كما تقدم في الحديث الذي قبله -، وقد أورده ابن طاهر المقدسي في "تذكرة الموضوعات" (109) وأعله بالحسن هذا. (تنبيه) : الكَنينة: امرأة الرجل، والجمع (كنائن) . كذا في "المعجم الأوسط". وقد تحرفت هذه اللفظة تحريفات عجيبة وعديدة: 1 - بكريمة. "الأخبار". 2 - بكتيبة. "الضعفاء". 3 - كتيمته. "اللسان" نقلاً عن "الضعفاء"!! وهو في "الميزان" على الصواب: "كنينته" نقلاً عن "الضعفاء". وقد تخبط فيها المعلق على "الضعفاء"، ثم قال: "ونرجح أن الأصل (كريمة) كما وردت في بعض الأحاديث المشابهة". كذا قال! وهو بعيد عن التحقيق العلمي في غاية البعد،لأن مثل هذا الترجيح إنما يركن إليه العلماء في أحاديث الثقات، أما في أحاديث المتهمين فذلك مما لا ينفع، لأنه يصحح معنى الحديث، وهو مردود من أصله! ثم كيف يصح هذا الترجيح، وآخر الحديث يبطله؟! لأنه فسر الكلمة بالزوجة، وما رجحه: "كريمة" معناه البنت! ومن غرائبه أنه أحال بهذه الكلمة في آخر تعليقه على ترجمة حسين بن قيس الرحبي! وحسين هذا متروك، وفي حديثه جاءت الكلمة "كريمة"! عند ابن عدي (2/353) . ويغلب على ظني - والله أعلم - أن هذا الحديث حرفه ذاك المتهم، أو على الأقل تحرف عليه، فإن لفظه الصحيح المحفوظ عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لَا يَذْهَبُ اللَّهُ بِحَبِيبَتَيْ عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ". أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (707 - موارد) - واللفظ له من طريق سهيل ابن أبي صالح -، والترمذي (2403) ، والدارمي (2/323) ، وأحمد (2/265) من طريق الأعمش نحوه - كلاهما - عن أبي صالح عن أبي هريرة،وقال الترمذي: "حسن صحيح". وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، بألفاظ متقاربة، مخرجة في "الروض النضير" (151) ، وفي بعضها: "كريمتي عبدي". ثم إن حديث الترجمة، قد أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/297) من الوجه المذكور بلفظ: "قال الله: من أخذت كنينته، لم ارض له ثواباً دون الجنة. وكنينته: زوجته". وأطال جداً في ترجمة الحسن بن دينار، وذكر أقوال الجارحين له، والأحاديث المنكرة عليه، ثم ختمها بقوله: "وله غير ما ذكرت من الحديث، وقد أجمع من تكلم في الرجال على ضعفه، على أني لم أر له حديثاً قد جاوز الحد في الإنكار، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". 6902 - (أرض الجنة بيضاء، عرصتها صخور الكافور، وقد أحاط بها المسك مثل كثبان الرمل، فيها أنهار مضطردة، فيجتمع فيها أهل الجنة أدناهم وآخرهم فيتعارفون، فيبعث الله ريح الرحمة فتهيج عليهم ريح ذلك المسك، فيرجع الرجل إلى زوجته، وقد ازداد طيبا وحسنا، فتقول له: قد خرجت من عندي، وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد عجبا) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أو موضوع. أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " (20/ 28) : حدثني هارون بن سفيان: ثنا محمد بن عمر: ثنا أبو بكر بن أبي سبرة عن عمر بن عطاء بن وراز عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع، أو ضعيف جداً على أقل الأحوال؛ آفته (محمد ابن عمر) - وهو: الواقدي -: متروك متهم بالكذب. ونحوه شيخه (أبو بكر بن أبي سبرة) . و (عمر بن عطاء بن وراز) - الأصل: " عن عرادة ... خطأ " -: ضعيف. وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف بـ (الديك) -: له ترجمة في " تاريخ بغداد " (14/ 25) برواية جمع أخر عنه، مات سنة (251) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك فعل الذهبي في " تاريخ الإسلام ". والحديث قد صح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مختصراً عند مسلم وغيره. وهو مخرج في " الصحيحة " (3471) . (تنبيه) : قال ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (1/ 216 - 217 - كردي) : " وقد ذكر ابن أبي الدنيا من حديث أبي بكر بن أبي شيبة عن عمر بن عطاء ابن وراز ... " إلخ. فأقول: في هذا النقل وهم وتقصير؛ أما الوهم: فهو أنه ليس لـ (أبي بكر بن أبي شيبة) ذكر عند ابن أبي الدنيا - كما رأيت - واني لأخشى أن يكون تحرف عليه أو على ناسخ كتاب ابن أبي الدنيا (أبو بكر بن أبي سبرة) إلى: (أبي بكر ابن أبي شيبة) ! فإن لم يكن هذا، فالتقصير أنه لا ينبغي الإعلال بالضعيف، وفي السند من هو أشد ضعفاً منه. وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى. |
1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امراة لم يتزوجها إلا ليغض بصره أوليحصن فرجه ويصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 2527) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام. قلت: وهو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم وقال أبو داود: عبد القدوس ليس بشيء وابنه شر منه، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/150 - 151) : يروي الموضوعات، وروى عن إبراهيم بن أبي عبلة. قلت: فذكر هذا الحديث، فاقتصار الهيثمي (4/254) على قوله: وهو ضعيف قصور أوذهو ل، وكذلك أشار المنذري في " الترغيب " (3/70) إلى أنه ضعيف! 1256 - " ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا، كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له: من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له، ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وان يبارك له، ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن منده في " المنتخب من الفوائد " (265/2) والثقفي في " الفوائد " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج9 رقم 17) وكذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (119/1) والبيهقي (10/319) وكذا الطبراني في " الأوسط " (5050) عن عمرو بن عاصم الكلابي: نا جدي: عبيد الله بن الوازع عن أيوب السختياني عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو القاسم الحامض في " حديثه كما في " المنتقى منه " ( 3/10/1) ، وقال الطبراني كما في " مجمع البحرين " (166/2) : " لم يروه عن أيوب إلا عبيد الله تفرد به عمرو ". قلت: وهو صدوق في حفظه شيء كما في " التقريب " وقد أخرجه الشيخان. وجده عبيد الله بن الوازع مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "، وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله في ترجمته: " ما علمت له راويا غير حفيده ". قلت: وأبو الزبير مدلس معروف بالتدليس وقد عنعنه، فالعجب من الذهبي حيث قال في " المهذب " كما في " فيض القدير ": " إسناده صالح مع نكارته عن أيوب ". 2166 - " إذا تزوج أحدكم، ودخل على أهله، فليضع يده على رأسها، وليقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقني منها، وارزقها مني، واجمع بيننا ما جمعت من خير، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرئيس الثقفي في " الفوائد " (10/7/1) عن مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار المؤذن: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا الأعمش عن شقيق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته الصفار هذا، فإن رجاله كلهم ثقات غيره. قال الدارقطني: " متروك "؛ كما في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث من طريق الثقفي. وقال في " تلخيص المستدرك " عقب حديث في مناقب فاطمة من روايته: " هذا من وضع مسلم بن عيسى ". وسيأتي تخريجه في المجلد الحادي عشر برقم (5027) . 4350/ م - (تزوج أم سلمة في شوال، وجمعها إليه في شوال) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1991) ، والطبراني في الكبير (3/ 260/ 3347) ، ومن طريقه المزي في "التحفة" (5/ 302-303) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا أسود بن عامر: حدثنا زهير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، عن عبد الملك بن الحارث بن هشام، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... قال البوصيري في "الزوائد" (1/ 119 - بيروت) : "هذا إسناد ضعيف؛ لتدليس محمد بن إسحاق. وانفرد ابن ماجه بإخراج هذا الحديث عن الحارث بن هشام، وليس له شيء في الخمسة الأصول. هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، وله شاهد في "صحيح مسلم" وغيره من حديث عائشة. قال المزي في "الأطراف": ورواه محمد بن يزيد المستملي عن أسود بن عامر بإسناده إلا أنه قال "عبد الرحمن" بدل "عبد الملك"، وهو أولى بالصواب". قلت: وفي هذا الكلام أمور: أولاً: محمد بن يزيد هذا؛ متروك كما قال الخطيب، وقال ابن عدي: "يسرق الحديث ويزيد فيه ويضع". قلت: فكيف يكون ما رواه أولى بالصواب من رواية أبي بكر بن أبي شيبة الثقة الحافظ؟! ثانياً: لقد جاء من طريق أخرى ما يؤكد صواب ابن أبي شيبة: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/ 94-95) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... إلخ. وهذه متابعة قوية لابن أبي شيبة من أحمد بن عبد الله بن يونس؛ فإنه ثقة حافظ من شيوخ الشيخين، وفيها بيان أن عبد الملك هذا هو ابن أبي بكر بن الحارث ... نسب إلى جده الحارث في رواية ابن أبي شيبة فحصل الإشكال، وتوهم أن الحديث متصل من مسند الحارث بن هشام المخزومي، وبناء عليه جزم المزي وغيره أن الراوي له عنه إنما هو ابنه عبد الرحمن، وليس عبد الملك؛ لأنهم لا يعلمون له ولداً يسمى عبد الملك، مع أنه كذلك جاء مسمى في رواية ابن أبي شيبة وابن سعد، لكن خفي عليهم أن عبد الملك هذا ليس ابناً للحارث من صلبه، وإنما هو حفيده؛ فإنه عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ... المخزومي، وهو تابعي معروف ثقة من رجال الشيخين كما في "التهذيب" وغيره، وقد روى عن أبيه أبي بكر وغيره، وأبو بكر مترجم في الكنى وهو تابعي أيضاً ثقة من رجالهما، فالحديث إذن حديثه؛ وليس حديث جده الحارث بن هشام كما توهموا. ويؤكد ذلك أنني وجدت له أصلاً في "الموطأ" (2/ 65) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: "ليس بك على أهلك هوان ... " الحديث، وقد جاء مسنداً بذكر أم سلمة فيه، وهو مخرج في "الإرواء" (2019) ، و "الصحيحة" (1271) . ورواية مالك هذه تكشف لنا أن عبد الله بن أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري في حديث الترجمة، لكن فيه أنه رواه عن أبيه عن عبد الملك، ولا بأس من ذلك؛ فقد ذكروا في ترجمة عبد الله بن أبي بكر أنه يروي عن أبيه وغيره، وعنه ابن إسحاق وغيره،توفي أبو بكر سنة (120) ، وتوفي شيخه في هذا الحديث عبد الملك في خلافة هشام بن عبد الملك، وكانت نحو عشرين سنة، وتوفي سنة (125) ، فتكون روايته عنه من رواية الأقران بعضهم عن بعض. والخلاصة: أن الحديث من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلاً، وليس هو من حديث جده الحارث بن هشام؛ كما توهم المزي؛ وتبعه المعلقون عليه، ومن قبلهم البوصيري! ثالثاً: وأما إعلاله إياه بعنعنة ابن إسحاق؛ فمدفوع بتصريحه بالتحديث في رواية ابن سعد كما تقدم. وبالجملة؛ فعلة الحديث الإرسال، فإذا ثبت أن أبا بكر بن عبد الرحمن تلقاه من أم سلمة، فالحديث صحيح ينقل إلى الكتاب الآخر. والله أعلم. 6469 - (كان الذي تَزَوَّجَ عليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ شيئاً قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبوداود الطيالسي في "مسنده" (270/2022) : ثنا الْحَكَمُ ابن عَطِيَّةَ عنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ قال: ... فذكره. قلت ومن طريق الطيالسي أخرجه البزار في "مسنده" (2/161/1426 - الكشف) وابن عدي (2/205) ، وكذا أبو يعلى (3385) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/247) . والحكم بن عطية: مختلف فيه، فوثقه ابن معين، وقال البخاري: كان أبو الوليد يضعفه. وضعفه النسائي وابن أبي داود. وقال أحمد: كان عندي صالح الحديث حتى وجدت له حديثاً أخطأ فيه. وفي رواية قال: "لا بأس به إلا أن أبا داود روى عنه أحاديث منكرة ". قلت: منها هذا الحديث؛ فإنه من رواية أبي داود عنه - كما ترى -، وقد صرح بذلك في رواية الميموني عنه قال: " سئل عنه أحمد؟ فقال: لا أعلم الا خيراً، فقال له رجل: حدثني فلان عنه عن ثابت عن أنس قال: كان مهر أم سلمة متاعاً قيمته عشرة دراهم. فأقبل أبو عبد الله يتعجب، وقال: هؤلاء الشيوخ لم يكونوا يكتبون، إنما كانوا يحفظون ونسبوا إلى الوهم، أحدهم يسمع الشيء فيتوهم فيه ". هذا كله من "التهذيب". وروى العقيلي في "الضعفاء (1/258) عنه أنه قال: "كان الحكم بن عطية عندي صالحاً حتى وجدت له عن ثابت عن أنس: أن النبي عليه السلام تزوج أم سلمة على قيمة عشرة دراهم. وإنما يريد الحديث الذي رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن (!) عمر بن أبي سلمة الطويل ". قلت: ولم أعرف هذا الحديث الطويل الذي أشير إليه. وقال البزار عقب الحديث؛ كما نقله الهيثمي في "الكشف": "قال البزار: لا نعلمه عن ثابت عن أنس إلا من طريق الحكم. ورأيته في موضع آخر: تزوجها على متاع ورحى قيمته أربعون درهماً ". قلت: هذا اللفظ لم أره في شيء من المصادر المتقدمة، وإنما روي ذلك في حق عائشة؛ كما يأتي. وقال ابن حبان في ترجمة الحكم هذا من كتابه "الضعفاء" (1/248) : " كان أبو الوليد شديد الحمل عليه، ويضعفه جداً، وكان الحكم ممن لا يدري ما يحدث، فربما وهم في الخبر؛ يجئ كأنه موضوع، فاستحق الترك ". وقد رواه بعض الكذابين بإسناد آخر، فكأنه سرقه منه - وهو: عمرو بن الأزهر -، فقال: ثنا حميد الطويل عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: "تزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم سلمة، وأصدقها عشرة دراهم ". أخرجه ابن عدي في "الكامل" (5/134) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/28/1/460) ، وقال: " لم يروه عن حميد إلا عمرو بن الأزهر ". قلت: قال الذهبي في "المغني": "كذاب؛ قال أحمد وغيره: كان يضع الحديث ". وبه أعله الهيثمي، فقال (4/282) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمرة بن الأزهر، وهو متروك ". وروي نحوه عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على متاع يسوى أربعين درهماً. أخرجه الطبراني في "الأوسط" أيضاً (1/113/2/2269) من طريق فضيل ابن مرزوق عن عطية عنها. وعطية: ضعيف مدلس. وفضيل بن مرزوق: فيه ضعف، وقال الذهبي في "المغني": "وثقه غير واحد، وضعفه النسائي وابن معين أيضاً، وقال الحاكم: عيب على مسلم إخراجه في (صحيحه) ". |
14 - " إياكم وخضراء الدمن، فقيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فى المنبت السوء ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 81 / 1) من طريق الواقدي قال: أنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجيزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري، وأورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 38) وقال مخرجه العراقي: رواه الدارقطني في " الأفراد " والرامهرمزى في " الأمثال " من حديث أبي سعيد الخدري، قال الدارقطني: تفرد به الواقدى وهو ضعيف. وذكر نحوه ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (ق 118 / 1) . قلت: بل هو متروك فقد كذبه الإمام أحمد والنسائي وابن المديني وغيرهم. ولا تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه، وغيره من الحنفية، فإنه على خلاف القاعدة المعروفة عند المحدثين: الجرح المبين مقدم على التعديل ولذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث (25) . 133 - " النظر إلى وجه المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 201 - 202) وعنه الديلمي (4 / 106) من طريق أحمد بن الحسين الأنصاري حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي حدثنا ابن أبي فديك حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. إبراهيم هذا لم أجد من ترجمه وكذا الراوي عنه أحمد بن الحسين، لكن تابعه محمد ابن يعقوب عن أبي الشيخ في " التاريخ " (236) إلا أنه قال: حدثنا إبراهيم بن سلام المكي وتابعه أيضا محمد بن أحمد القاضي البوراني قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام به، رواه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 /116) والبوراني هذا ترجمه الخطيب (1 / 295) وروي عن الدارقطني أنه قال فيه: لا بأس به، ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء. قلت: فالظاهر أن إبراهيم شيخ البوراني في هذا الحديث من أولئك الشيوخ الضعفاء فهو آفة هذا الحديث وقد ذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة محمد بن عبد الرحمن أبي الفضل بسنده عن ابن أبي فديك به، وقال: خبر باطل. قلت: وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ، وقال ابن القيم: هذا الحديث ونحوه من وضع الزنادقة. قلت: وهو وما بعده مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ولكن بلفظ آخر وهو: 314 - " إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال: إذا حضر العدوفقرب فلانا، وسماه، قال: فقربه بين يدي التابوت، قال: وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله، فقتل زوج المرأة، ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. رواه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا، كما في " تفسير القرطبي " (15 / 167) ، وقال ابن كثير في تفسيره (4 / 31) : رواه ابن أبي حاتم، ولا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة. قلت: والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء، أخطأ يزيد الرقاشي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل القرطبي (15 / 176) عن ابن العربي المالكي أنه قال: وأما قولهم: إنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله، فهذا باطل قطعا، فإن داود صلى الله عليه وسلم لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه. تنبيه: تبين لنا من رواية ابن أبي حاتم في تفسيره لمثل هذا الحديث الباطل أن ما ذكره في أول كتابه " التفسير ": " أنه تحرى إخراجه بأصح الأخبار إسنادا وأثبتها متنا " كما ذكره ابن تيمية ليس على عمومه فليعلم هذا. 319 - " سبعة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل والمفعول به، والناكح يده، وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، وناكح المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي لجاره حتى يلعنه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه ابن بشران (86 / 1 - 2) من طريق عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة وشيخه الإفريقي، فإنهما ضعيفان من قبل حفظهما، وقد أورد المنذري في " الترغيب " (3 / 195) قطعة من الحديث وقال: رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما، وأشار لضعفه. 388 - " لا يحرم الحرام، إنما يحرم ما كان بنكاح حلال ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 173 / 2 من زوائد المعجمين) وابن عدي في " الكامل " (287 / 2) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 99) والدارقطني (ص 402) والبيهقي (7 / 269) من طريق المغيرة بن إسماعيل بن أيوب بن سلمة عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يتبع المرأة حراما، أينكح ابنتها، أو يتبع الابنة حراما، أينكح أمها؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، قال البيهقي: تفرد به عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي هذا وهو ضعيف، قاله يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث. قلت: بل هو كذاب، قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الموضوعات، وكذبه ابن معين في رواية عنه، وقال عبد الحق في " الأحكام " (ق 138 / 2) والهيثمي في " المجمع " (4 / 269) : وهو متروك، وكذا قال الحافظ في " التقريب " وزاد: وكذبه ابن معين. قلت: والراوي عنه المغيرة بن إسماعيل مجهول كما قال الذهبي. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 418) من طريق المغيرة بن إسماعيل عن عمر بن محمد الزهري عن ابن شهاب به ثم قال: قال أبي: هذا حديث باطل، والمغيرة بن إسماعيل وعمر هذا، هما مجهولان. قلت: كذا وقع في " العلل ": عمر بن محمد الزهري بدل عثمان بن عبد الرحمن الزهري فلا أدري أهكذا وقع في روايته، أم تحرف على الناسخ والطابع، وقد استدل بالحديث الشافعية وغيرهم على أنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنته من الزنى وقد علمت أنه ضعيف فلا حجة فيه، والمسألة اختلف فيها السلف، وليس فيها نص مع أحد الفريقين، وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه، وهو مذهب أحمد وغيره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر " الاختيارات " له (123 - 124) ، وتعليقنا على الصفحة (36 - 39) من كتابنا " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ". 678 - " نهى أن تحلق المرأة رأسها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه النسائي (2 / 276) والترمذي (1 / 172) وتمام في " الفوائد " (رقم 2274 - نسختي) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 174 / 2) من طرق عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: فذكره مرفوعا. ثم رواه الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن همام نحوه، ولم يذكر فيه عن علي. وقال: " حديث علي فيه اضطراب، وروي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ... ". قلت: والاضطراب المذكور إنما هو من همام، فكان تارة يجعله من مسند علي، وتارة من مسند عائشة، وهذا أصح، لمتابعة حماد عليه كما ذكره الترمذي. وقال عبد الحق: في " أحكامه " بعد أن ذكره من الوجه الأول عنه: " وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وهذا ظاهره أنه لم يذكر عائشة في إسناده أصلا، وعليه فهو وجه آخر من الاضطراب الذي أشار إليه الترمذي. وعلى الوجه الثاني فهو منقطع. لأن قتادة لم يسمع من عائشة فهذا الاضطراب يمنع من تقوية الحديث، ولذلك لم يحسنه الترمذي، مع ما عرف به من التساهل. ولا يقويه ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 389 / 1 - منتخبه) عن معلى بن عبد الرحمن: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، لأن المعلى هذا شديد الضعف، ومن طريقه أخرجه البزار في " مسنده " وقال: " روى عن عبد الحميد أحاديث لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث ". ذكره في " نصب الراية " (3 / 95) . وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 263) : " رواه البزار، وفيه معلى بن عبد الرحمن وقد اعترف بالوضع. وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به "! قلت: هذا رجاء ضائع بعد اعترافه بالوضع، وقد قال فيه الدارقطني: " ضعيف كذاب ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وذهب ابن المديني إلى أنه كان يضع الحديث. وقال أبو زرعة: " ذاهب الحديث " كما في " الميزان ". فهذه النقول عن هؤلاء الأئمة الفحول، دليل على أن ابن عدي وغيره ممن أثنى عليه لم يعرفه. وروى البزار أيضا قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي: حدثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة: حدثنا أبي عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: فذكره مرفوعا وقال: " وهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي ". قلت: روح قال فيه أحمد: " منكر الحديث ". وضعفه ابن معين. وأما ابن عدي فقال: ما أرى برواياته بأسا. ووهب ابن عمير، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 24) من رواية عطاء عنه عن عثمان ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول. وعبد الله بن يوسف الثقفي لم أعرفه، فهو إسناد مظلم، ولذلك فلم ينشرح القلب لتقوية الحديث بمثله. والله أعلم. 937 - " إذا اغتسلت المرأة من حيضها، نقضت شعرها، وغسلت بالخطمي والأشنان، وإذا اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها، ولم تغسل بالخطمي والأشنان ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (2 / 34 / 1) والبيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 182) من طريقين عن مسلم بن صبيح: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الدارقطني أيضا في " الأفراد " كما في نصب الراية " (1 / 80) . وقال الخطيب: " قال علي بن عمر (يعني الدارقطني) : هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف لتفرد ابن صبيح به، وهو في عداد المجهولين، فإني لم أجد من ترجمه، وقد يشتبه بمسلم بن صبيح الهمداني الذي أخرج له الستة، وليس به، فإن هذا متأخر، من طبقة شيوخ الإمام أحمد، وذاك الهمداني تابعي يروي عن ابن عباس وغيره، وهو معروف ثقة، وله ترجمة في " التهذيب " للحافظ ابن حجر، وكان يحسن به أن يورد بعده مسلم بن صبيح هذا المجهول تميزا له عن الذي قبله، كما هي عادته في أمثاله، ولكنه لم يفعل، والله أعلم، ثم قد ميزه في " تبصير المنتبه " (3 / 833) ولم يذكره بعدالة أو جرح، وقيده بضم الصاد المهملة. وقد أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (ق 23 / 2 - مسند أنس) من طريق الطبراني وهذا في " المعجم الكبير " (1 / 37 / 2) قال حدثنا أحمد بن داود المكي: حدثنا سلمة بن صبيح اليحمدي حدثنا حماد بن سلمة به. كذا سماه ابن داود " سلمة " بدل مسلم "، وليس هو تصحيفا، فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 273) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه سلمة بن صبيح اليحمدي ولم أجد من ذكره ". قلت: ولعل " سلمة " وهم من ابن داود فإني لا أعرفه أيضا، وقد خالفه عثمان بن خرزاذ وهو ثقة، أخرجه الخطيب. وأيهما كان فالرجل مجهول لا يعرف، فهو علة الحديث، وخفي هذا على الصنعاني فقال في " السبل " (1 / 138) بعد أن عزاه لمن ذكرنا: " فهذا الحديث مع إخراج الضياء له، وهو يشترط الصحة فيما يخرجه، يثمر الظن في العمل به ". قلت: وهذا مسلم بالنسبة لمن لم يقف على إسناده، وأما من وقف عليه فقد يختلف الحكم بالنسبة له، ويرى خلاف ما ذهب الضياء إليه، وعول عليه، كما هو الشأن في هذا الحديث، ورواية مسلم بن صبيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن الضياء رحمه الله متساهل في التصحيح كالحاكم، وإن كان هو أحسن حالا منه كما شهد بذلك ابن تيمية رحمه الله. والحديث سكت عليه الشوكاني في " نيل الأوطار " (1 / 217) فأوهم سلامته من العلة، فاقتضى التنويه بها، وتحقيق الكلام على الحديث، والله سبحانه هو الموفق. وقد استدل الصنعاني بالحديث على أن نقض الشعر من المرأة الحائض في غسلها ليس واجبا عليها، بل هو على الندب لذكر الخطمي والأشنان فيه، قال: " إذ لا قائل بوجوبهما فهو قرينة على الندب ". قلت: وإذا عرفت ضعف الحديث فالاستدلال به على ما ذكره الصنعاني غير صحيح، لاسيما وقد ثبت من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في الحيض: " انقضي شعرك واغتسلي ". ولهذا كان أقرب المذاهب إلى الصواب التفريق بين غسل الحيض فيجب فيه النقض، وبين غسل الجنابة فلا يجب، كما بيت ذلك في الكلام على حديث عائشة هذا في " الأحاديث الصحيحة " رقم (188) . 938 - " لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم، فإن لها آجالا كآجال الناس ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : كذب. رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 26) : حدثنا أبو دلف عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجلي: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء: حدثنا جعفر بن عاصم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري: حدثنا عباس بن الوليد قال: حدثني علي بن المديني عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن عن كعب بن عجرة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، وفيه علل: أولا: أبو دلف هذا، أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 465) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثانيا: يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء وهو أبو يوسف الجصاص، قال الخطيب (12 / 294) : " في حديثه وهم كثير، قال أبو محمد بن غلام الزهري: ليس بالمرضي، مات سنة (331) ". ثالثا: جعفر بن عاصم لم أجد له ترجمة. رابعا: عنعنة الحسن وهو البصري، فقد كان يدلس. قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات معرفون مترجم لهم في " التهذيب " وعباس بن الوليد هو ابن مزيد أبو الفضل البيروني مات سنة (270) ، وقد روى عنه جماعة، وكتب عنه أحمد بن أبي الحواري وهو أكبر منه، توفي سنة (246) فهو من رواية الأكابر عن الصاغر. هذا ما تبين لي فيه وأما المناوي فقال في هذا الحديث: " أورده في " الميزان " في ترجمة العباس بن الوليد الشرقي، وقال: ذكره الخطيب في " الملخص " (1) فقال: روى عن ابن المديني حديثا منكرا، رواه عنه أحمد بن أبي الحواري من حديث كعب بن عجرة مرفوعا، ثم ساق هذا بعينه ". قلت: ولم أجد هذا الترجمة في " الميزان " للذهبي، ولا في " الضعفاء " له، ولا في " لسان الميزان " للحافظ بن حجر، فالله أعلم من أين وقع ذلك للمناوي. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 295 - 296) بسنده عن ابن أبي الزرقاء عن ميمون بن مهران قال: فذكره موقوفا عليه وقال: " قال أبي هذه الحكاية كذب ". قلت: وفيه وهب بن داود قال الخطيب: " لم يكن بثقة ". وفيه أيضا من لم أعرفه. 982 - " لا تكون لأحد بعدك مهرا. قاله للذي زوجه المرأة على سورة من القرآن ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزدي قال: " زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن، وقال: فذكره، قال الحافظ في " الفتح " (9 / 174) : " وهذا مع إرساله فيه من لا يعرف ". قلت: هو أبو النعمان هذا، والظاهر أنه الذي في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 449) " أبو النعمان روى عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم، وروى عن سلمان، وروى عنه على ابن عبد الأعلى، قال أبي مجهول ". والحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: " إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يجبها شيئا، ثم قامت الثالثة، فقالت إنها وهبت نفسها لك فر فيها رأيك فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال: اذهب فاطلب ولوخاتم من حديد، فذهب يطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن ". وكذلك رواه مالك والنسائي والترمذي والبيهقي (7 / 242) دون قوله: " لا تكون لأحد بعدك "، ولقد وهم صاحب " الروض المربع " من كتب الحنابلة وهما فاحشا، فعزا الحديث بلفظ سعيد بن منصور المرسل إلى البخاري! فقد تبين أن البخاري ليس عنده هذه الزيادة ولا عند غيره ممن ذكرنا، فدل ذلك على أنها زيادة منكرة لتفرد هذا الطريق الواهي بها دون سائر طرق الحديث وشواهده وهي كثيرة قد أخرجها الحافظ رحمه الله في " الفتح " (9 / 168) فليراجعها من شاء، وقد روي الحديث عن ابن مسعود بزيادة أخرى منكرة أيضا وهو: 983 - " قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عوضتها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. رواه الدارقطني في " سننه " (394) ومن طريقه البيهقي (7 / 243) عن عتبة بن السكن: أخبرنا الأوزاعي: أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي طلحة: حدثني زياد بن زياد: حدثني عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود: " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله رأ في رأيك.... " الحديث نحو حديث سهيل الصحيح المذكور قبله، وفيه: " قال: فهل تقرأ من القرآن شيئا؟ قال: نعم سورة البقرة وسورة المفصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.... " فذكره وقال الدارقطني: " تفرد به عن عتبة وهو متروك الحديث ". وقال البيهقي: " عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع، وهذا باطل لا أصل له ". قلت: ومن أحاديث هذا المتهم: مجهول، ولا يعتبر برواية أبي العطوف عنه، يعني لضعف أبي العطوف. وكذا قال الذهبي في " الميزان ": مجهول. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين! |
1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أوحباء أوعدة قبل عصمة النكاح، فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أوأخته ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه أبو داود (2129) والنسائي (2/88 - 89) وابن ماجه (1955) والبيهقي (7/248) وأحمد (2/182) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. وقد تابعه مدلس آخر وهو الحجاج بن أرطاة فقال: عن عمرو بن شعيب به ولفظه: ما استحل به فرج المرأة من مهر أوعدة، فهو لها، وما أكرم به أبوها أوأخوها أووليها بعد عقدة النكاح، فهو له، وأحق ما أكرم الرجل به ابنته أوأخته. أخرجه البيهقي. تنبيه: استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال! وهو لوصح كان دليلا ظاهرا على أنه لواشترط ذلك لم يكن المال له بل للمرأة، قال الخطابي: هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر. وقد اعتاد كثير من الآباء مثل هذا الشرط، وأنا وإن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه، ولكني أرى - والعلم عند الله تعالى - أنه لا يخلومن شيء، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، ولا أظن مسلما سليم الفطرة، لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق، كيف لا، وكثيرا ما يكون سببا للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أوالولي بالشرط الأوفر، والحظ الأكبر، وإلا أعضلها! وهذا لا يجوز لنهي القرآن عنه. 1020 - " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (6/200 - 201) من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن إبراهيم بن هدبة: حدثنا أنس مرفوعا. ذكره في ترجمة إبراهيم هذا وقال: حدث عن أنس بالأباطيل، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: كذاب خبيث، وعن علي بن ثابت أنه قال: هو أكذب من حماري هذا، وقال الذهبي: حدث ببغداد وغيرها بالبواطيل، قال أبو حاتم وغيره: كذاب. وفي " اللسان ": وقال ابن حبان: دجال من الدجاجلة، وقال العقيلي والخليلي: يرمى بالكذب. قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية الخطيب، وتعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله وأجاد: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وأقره، وهو تلبيس فاحش فإنه تعقبه بقوله: قال أحمد بن حنبل: إبراهيم بن هدبة لا شيء، في أحاديثه مناكير ثم ذكر قول ابن معين المتقدم فيه وغيره ثم قال: وقال الذهبي في " الضعفاء ": هو كذاب، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب، وليته إذ ذكره بين حاله!. قلت: وهذا حق، ولكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد، وليس لفائدة القراء والنصح وإلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا فلا يصفه ولو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " وهو قد ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي؟ وكنت أود أن أقول: لعل ذلك وقع منه سهوا، ولكن حال بيني وبين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة، سيأتي التنبيه على بعضها إن شاء الله. تنبيه: هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف والمختلف " للشيخ عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ، وهكذا وقع في " تاريخ بغداد " و" الميزان " و" اللسان " بالباء الموحدة، ووقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة التحتية، وهو تصحيف. والثانية: ضعف هارون أبي قزعة، ضعفه يعقوب بن شيبة، وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود في " الضعفاء "، وقال البخاري: لا يتابع عليه. ثم ساق له هذا الحديث، لكنه لم يذكر فيه حاطبا، فهو مرسل، وقد أشار إلى ذلك الأزدي بقوله: هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل. قلت: فهذه علة ثالثة، وهي الاختلاف والاضطراب على هارون في إسناده (1) ، فبعضهم يوصله، وبعضهم يرسله، وقد اضطرب في متنه أيضا، وبين ذلك كله الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (ص 100) ، فليرجع إليه من شاء التفصيل، وبالجملة فالحديث واهي الإسناد، وقد روي بإسناد آخر مثله في الضعف أوأشد من حديث ابن عمر، وسبق الكلام عليه مفصلا برقم (47) ، واختلف حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا، على عجرهما وبجرهما! فقال شيخ الإسلام: أجودهما حديث ابن عمر، وقال الذهبي: أجودهما حديث حاطب هذا، وعزاه لابن عساكر كما في " المقاصد " (413) ، وإذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر، وتأملت ما فيهما من العلل، تبين لك أن الصواب قول الذهبي، لأن هذا الحديث ليس فيه متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر؛ فإن فيه من اتهم بالكذب ووضع الحديث، كما بينته هناك، وإذا عرفت هذا، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر المشار إليه، ونقله عن ابن خزيمة والبيهقي أنهما ضعفاه: وكذا قال الذهبي: طرقه كلها لينة، لكن يتقوى بعضها ببعض، لأن ما في رواتها متهم بالكذب. قلت: فهذا التعليل باطل، لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر، وعليه فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا، فتنبه. وأما متن الحديث فهو كذب ظاهر، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ونقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه، فلا نعيده. ومما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت عنوان: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن هذا الحديث رواه الدارقطني وابن السكن والطبراني وغيرهم بروايات مختلفة تبلغ درجة القبول، لم يصدر عن بحث علمي في إسناده، ولا نظر دقيق في متنه، الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم، بمنزلة من زاره في حياته، ونال شرف صحبته، التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده، لوأنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه "!. فمن كان بينه وبين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل والتفاوت، كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم، بمجرد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهي لا تعدوأن تكون من المستحبات؟ ! __________ (1) كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت، اضطربوا أيضا في ضبط اسم راويه هارون أبي قزعة، فقيل فيه هكذا، وقيل: هارون بن قزعة، وقيل: هارون بن أبي قزعة، كما في التعليق المغني، قول: ولعل الصواب الوجه الأول، فقد قال ابن عدي في " الكامل " (7/2588) : وهارون أبو قزعة لم ينسب. اهـ. 1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/170/1 - 2) عن عيسى بن المساور: حدثنا سويد ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال: " لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد: متروك الحديث ". وقال في " الميزان ". " هو واه جدا ". وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وأشار المنذري في " الترغيب " (3/79) إلى أن الحديث حسن أو قريب من الحسن؛ فلا تغتر به. 1254 - " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة، وحتى توجد المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يؤمئذ الذي يقول: لونحيتها عن الطريق قليلا، فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا أخرجه الحاكم (4/495) من طريق القاسم بن الحكم العرني: حدثنا سليمان بن أبي سليمان: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل سليمان هالك، والخبر شبه خرافة ". قلت: وكأنه يعني ما في آخره من المبالغة في أنه مثل أبي بكر وعمر، وإلا فسائر الحديث صحيح عن أبي هريرة وغيره، ولذلك أوردته في " الصحيحة " تحت رقم (475) . وفي الحديث علة أخرى وهي ضعف القاسم بن الحكم العرني قال في " التقريب ": " صدوق فيه لين ". 1381 - " خير لهو المؤمن السباحة، وخير لهو المرأة المغزل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عدي في " الكامل " (57/1) : حدثنا جعفر بن سهل: حدثنا جعفر بن نصر : حدثنا حفص: حدثنا ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ظلمات فوق بعض، وهو موضوع، وآفته جعفر بن نصر هذا، قال ابن عدي: " حدث عن الثقات بالبواطيل، وليس بالمعروف، وهذا الحديث ليس له أصل في حديث حفص بن غياث، وله غير ما ذكرت من الأحاديث موضوعات على الثقات ". وقال الذهبي: " متهم بالكذب ". ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا منها، ثم قال: " وهذه أباطيل ". وأقره الحافظ في " اللسان "، وسبقهم ابن الجوزي فأورده في " الموضوعات " ( 2/268) وقال: " لا يصح ". قال المناوي: " وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات ". قلت: وأما في اللآلي " فتعقبه بما لا طائل تحته فقال (2/168) : " قلت: قال أبو نعيم.. ". قلت: فذكر الحديث الآتي عقبه، وهو مع أنه شاهد قاصر كما سترى، لأنه لا يشهد إلا للشطر الثاني من الحديث؛ ففيه من هو كذاب أيضا، وآخر متهم، فكيف يستشهد بمثله؟ ! والعجب من المناوي! فإنك تراه في " الفيض " يحكم على الحديث بالوضع مقرا لابن الجوزي عليه، فإذا به يقول في " التيسير ": " إسناده ضعيف "! والحديث المشار إليه هو: 1382 - " نعم لهو المراة المغزل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الرامهرمزي في " الفاصل بين الراوي والواعي " (ص 142) : حدثنا موسى بن زكريا: حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا ابن علاثة قال: خصيف: حدثنا عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عمرو بن الحصين وهو كذاب، وخصيف ضعيف. وقد توبع من مثله عن مجاهد مرسلا أوموقوفا، فقد ذكر ابن قدامة المقدسي في " المنتخب " (10/194/2) من طريق حنبل: حدثنا أبو عبد الله: نا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد موقوفا عليه. قال أبو عبد الله: " كان في كتابه (يعني ابن فضيل) : عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى أن يرفعه، وقال : إنه سنع، يعني ابن فضيل ". قلت: كذا الأصل: " سنع " ولعل الصواب: " نسي ". والله أعلم. وتمام الحديث في " المنتخب: " ونعم لهم المؤمن السباحة ". وقد تقدم الكلام عليه آنفا. وليث هو ابن أبي سليم، وكان قد اختلط. ولعل الصواب في الحديث أنه موقوف على مجاهد. والله أعلم. وللحديث طريق آخر، فقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر عمر بن محمد بن السري بن سهل عن عبد الله بن أحمد الجصاص عن يزيد بن عمرو الغنوي عن أحمد بن الحارث الغساني عن بسام بن عبد الرحمن عن أنس رفعه بالجملة الأولى فقط دون زيادة " المنتخب ". ذكره السيوطي في " اللآلي " (20/168 - 169) شاهدا للحديث الذي قبله وسكت عليه فأساء، لأن إسناده ظلمات بعضها فوق بعض! فعمر بن محمد بن السري قال الذهبي: " هالك اتهمه أبو الحسن بن الفرات، وقال الحاكم: كذاب، رأيتهم أجمعوا على ترك حديثه، وكتبوا على ما كتبوا عنه: كذاب ". وأحمد بن الحارث؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/47) عن أبيه: " متروك الحديث ". واتهمه البخاري بقوله: " فيه نظر ". وكذا قال الدولابي. وبقية الرواة لم أعرفهم. أفبمثل هذا الإسناد يدافع السيوطي عن الموضوعات؟ ! 1397 - " للنساء عشر عورات، فإذا زوجت المرأة ستر الزوج عورة، وإذا ماتت المرأة ستر القبر تسع عورات ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر أخرجه الديلمي من طريق إبراهيم بن أحمد الحسني: حدثنا الحسين بن محمد الأشقر عن أبيه محمد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن أبيه الحسن بن الحسن ابن علي عن الحسن عن علي مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلي " (2/438) شاهدا للذي قبله، وسكت عنه هو وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/372 - 373) . وأقول: إسناده مظلم، من دون محمد الأشقر لم أعرفهم، وشيخه عبد الله بن محمد؛ الظاهر أنه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أبو محمد العلوي قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث. ومن فوقهم من أهل البيت معروفون بالصدق، ومترجمون في " التهذيب "، فالعلة ممن دونهم. 1490 - " جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق؟ لا تنبغي الصنيعة إلا لذي حسب أودين، وجئتم تسألوني عن الرزق وما يجلبه على العبد؟ فاستجلبوه واستنزلوه بالصدقة ، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء؟ فإن جهاد الضعفاء الحج والعمرة، وجئتم تسألوني عن جهاد النساء؟ وإن جهاد المرأة حسن التبعل، وجئتم تسألوني عن الرزق؟ ومن يأتي؟ وكيف يأتي؟ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (99/1) ومن طريقه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 48/1) : نا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي: نا جدي حرملة قال: حدثني عمر بن راشد المدني قال: حدثني مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: " احتج أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فتماروا في شيء، فقال لهم علي: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جئنا يا رسول الله نسألك عن شيء، فقال: إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم أخبرتكم بما جئتم له، قالوا: أخبرنا، قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمر بن راشد المدني؛ هو أبو حفص الجاري: قال أبو حاتم: " وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي: " منكر الحديث ". وأحمد بن طاهر، قال الدارقطني: " كذاب ". قال الذهبي: " وأتى بحديث منكر متنه (أبى الله أن يرزق المؤمن إلا من حيث لا يعلم) ". قلت: وأخرجه الحاكم في " تاريخه " بإسناده عن عمر بن خلف المخزومي: حدثنا عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما جالسا في مجلسه، فاطلع علي بن أبي طالب.. ". قلت: فذكره، وقال الحاكم: " هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المديني عزيز الحديث جدا ". قلت: هو مختلف فيه، وإنما الآفة من عمر بن راشد، وقد عرفت حاله، ومن طريقه أخرج الديلمي (1/1/80) الجملة الأخيرة منه. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/152 - 153) من طريق ابن حبان، وهذا في " الضعفاء " (1/147) بسنده عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب قال : حدثني مالك عن جعفر بن محمد به، وقالا: " موضوع، آفته أحمد بن داود بن عبد الغفار ". وقال السيوطي عقبه في " اللآلي " (2/71) : " وقال ابن عبد البر: هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن، لكنه منكر عندهم عن مالك، لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه ". ثم ذكر له السيوطي طريقا أخرى عن علي وفيها هارون بن يحيى الحاطبي، ذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال ابن عبد البر: " لا أعرفه ". وقال البيهقي: " لا أحفظه على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ". 1531 - " لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلوالخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلوإلى يوم القيامة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 446) من طريق شعبة عن حصين عن عبد الأعلى بن الحكم - رجل من بني عامر - عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: دخلت مع عبد الله يوما المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة ... وقال: " صحيح الإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحا ". قلت: كلا، وأعله الذهبي بأنه موقوف وليس بشيء، وإنما علته أمران: الأول: جهالة حال عبد الأعلى بن الحكم، وخارجة بن الصلت، فقد ترجمهما ابن أبي حاتم (1 / 2 / 374 و3 / 1 / 25) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا. والآخر: الاختلاف في إسناده، فقد رواه شعبة هكذا، وتابعه زائدة: أخبرنا حصين به نحوه مقتصرا على الفقرة الأولى منه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 36 / 2) . وخالفهما الثوري، فقال: عن حصين عن عبد الأعلى قال: " دخلت المسجد مع ابن مسعود فركع ... " الحديث نحوه بتمامه. أخرجه الطبراني. والثوري أحفظ من شعبة، لكن هذا معه زائدة، ومعهما زيادة، فالواجب قبولها. وبالجملة فالحديث علته الجهالة، وإنما أوردته من أجل قوله: " وحتى تغلوالخيل ... " إلخ، فإني لم أجد له شاهدا مفيدا يقويه، وأما سائره فصحيح ثابت من طرق فانظر الكتاب الآخر رقم (647 - 649) . 1611 - " إذا خطب أحدكم المرأة، فليسأل عن شعرها، كما يسأل عن جمالها، فإن الشعر أحد الجمالين ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 110) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي عن عبد الله بن إدريس المديني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته إسحاق هذا، قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وعبد الله بن إدريس المديني لم أعرفه. وللحديث طريق أخرى عند الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفيه الحسن بن علي العدوي، وهو كذاب وضاع، ومن هذه الطريق أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " فأصاب، وذكر له السيوطي في " اللآلىء " (رقم 1870) طريقا هي التي قبل هذا، وقال: " إسحاق بن بشر الكاهلي كذاب "، ثم تناقض فأورده من هذا الوجه في " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع! ولذلك تعقبه المناوي في شرحه بما نقلته عنه من كلامه في " اللآلىء "، وأورده ابن عراق في " الفصل الأول من كتاب النكاح " من " تنزيه الشريعة " (300 / 1) هذا الفصل الذي نص في مقدمة كتابه أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف. فاعتبر السيوطي موافقا لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع، فانظر ما أشد تناقض السيوطي عفا الله عنا وعنه! 1632 - " إذا قالت المرأة لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط، فقد حبط عملها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه ابن عساكر (16 / 140 / 1) عن سلام بن رزين (الأصل: رزيق) عن عمر بن سليم عن يوسف بن إبراهيم عن أنس عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، آفته يوسف هذا، قال ابن حبان: " يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه ". وقال البخاري: " صاحب عجائب ". وسلام بن رزين، قال الذهبي: " لا يعرف، وحديثه باطل ". ثم ساق له حديثا غير هذا بسنده الصحيح عن ابن مسعود، وقال: " قال أحمد: هذا موضوع، هذا حديث الكذابين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي وابن عساكر عن عائشة، وتعقبه المناوي في " الفيض " بقول ابن حبان المذكور في يوسف بن إبراهيم، ثم اقتصر في " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! 1633 - " إذا مضى للنفساء سبع، ثم رأت الطهر، فلتغتسل ولتصل ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الدارقطني (82) ومن طريقه البيهقي (1 / 342) : حدثنا أبو سهل بن زياد حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا عبد السلام بن محمد الحمصي - ولقبه سليم -: حدثنا بقية بن الوليد: أنبأنا علي بن علي بن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قال سليم: فلقيت علي بن علي فحدثني عن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال الدارقطني: " الأسود، هو ابن ثعلبة، شامي ". وأخرجه البيهقي أيضا، وكذا الديلمي (1 / 1 / 152) من طريق الحاكم - وهذا في المستدرك (1 / 176) -: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد النحوي ببغداد: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي به، إلا أنه أسقط من الإسناد علي بن علي. وقال البيهقي: " والأول أصح، وإسناده ليس بالقوي ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: إن كان ذلك لأجل بقية فهو مدلس، وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذا صرح بذلك فهو مقبول ". قلت: ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي، أن سليما لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سلميا هذا، وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي لإسناده، لأنه ليس بالمشهور كثيرا، حتى أن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله، فإنه أورده في " اللسان " قائلا: " روى عن بقية ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم وعبد الله بن سالم الأشعري وطبقتهم، روى عنه محمد بن عوف الحمصي وطبقته ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا عجيب منه، فإن ابن أبي حاتم قد أورده في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 48 - 49) ووصفه بـ " المعروف بسليم " وزاد في شيوخه " بشر بن شعيب "، وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال: " صدوق ". قلت: فمثله مما تطمئن النفس لحديثه، ويكون حسنا. ثم استدركت فقلت: إنما ضعفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني: " لا يعرف "، كما في " الميزان ". وذكر له في " التهذيب " عن عبادة بن الصامت قال: " علمت ناسا من أهل الصفة القرآن ... " الحديث. وعنه عبادة بن نسي. قال ابن المديني: " لا أحفظ عنه غير هذا الحديث ". قلت: ويستدرك عليهم هذا الحديث، فإنه ثابت الإسناد إليه، وقال الحاكم فيه: " شامي معروف، والحديث غريب "! ووافقه الذهبي. وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نقل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجعه (1 / 258) ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهو مه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضا، لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق. 1789 - " تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته، وتجمر ثيابه، ويذرر، وتحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها، وتجمر ثيابها، وتذرر ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. رواه ابن عدي (173 / 1) عن محمد بن موسى الحرشي حدثنا: هبيرة بن حدير العدوي حدثنا: سعد الحذاء عن عمير بن مأموم عن الحسن بن علي قال: سمعت أبي: وحدثني - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال: " سعد بن طريف أحاديثه كلها لا يرويها غيره، وهو ضعيف جدا ". قلت: وقال ابن معين: " لا يحل لأحد أن يروي عنه ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الفور ". قلت: وعمير بن مأموم، ويقال: مأمون، قال الدارقطني: " لا شيء ". وهبيرة بن حدير العدوي قال يحيى بن معين: " لا شيء ". ومحمد بن موسى الحرشي قال الحافظ: " لين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن الحسن بن علي مرفوعا. وقال شارحه المناوي: " قال البيهقي عقبه: وسعد غيره أوثق منه ". قلت: بل هو شر من ذلك كما تبين مما سبق. ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي وغيره مختصرا، وسيأتي برقم (2596) . 2005 - " كفر بالله العظيم جل وعز عشرة من هذه الأمة: الغال، والساحر، والديوث، وناكح المرأة في دبرها، وشارب الخمر، ومانع الزكاة، ومن وجد سعة ومات ولم يحج، والساعي في الفتن، وبائع السلاح أهل الحرب، ومن نكح ذات محرم منه ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه ابن عساكر (15/143/1) عن محمد بن خالد الدمشقي: حدثنا مطر بن العلاء عن حنظلة بن أبي سفيان عن أبيه عن البراء بن عازب مرفوعا. أورده في ترجمة محمد بن خالد هذا، وذكر أنه الفزاري قرابة مطر بن العلاء، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي طبقته من " الميزان " و" لسانه ": " محمد بن خالد الدمشقي عن الوليد بن مسلم؛ قال أبو حاتم: كان يكذب ". فالظاهر أنه هذا. وشيخه مطر بن العلاء ترجمه ابن عساكر (16/295/2) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، غير أنه روى عن أبي حاتم أنه قال فيه: " شيخ ". والحديث أورده السيوطي من رواية ابن عساكر هذه، وتبعه المناوي في " الفيض " بقوله: " وظاهر صنيع المؤلف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر، مع أن الديلمي أخرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور من هذا الوجه ". ولم يتكلم عليه بشيء؛ تضعيفا أوتصحيحا، وكذلك فعل في " التيسير "! 2041 - " نعم العون على الدين المرأة الصالحة ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : لا أصل له أورده الغزالي (4/90) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي: " لم أجد له إسنادا ". وتبعه الشيخ تاج الدين السبكي في " فصل جمع فيه جميع ما في " الإحياء " من الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا " من كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " (4/172) . 2063 - " إني لأبغض المرأة تخرج من بيتها تجر ذيلها تشكوزوجها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جدا رواه ابن صاعد في " الأمالي " (ق 84/1) ، والطبراني في " الأوسط " (1/170/2 و7/6/6004 - ط) عن يحيى بن يعلى الأسلمي عن سعد الإسكاف عن عبد الله بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن أبي عبد الله الجدلي عن أم سلمة مرفوعا، وقال الطبراني: " لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى ". قلت: وهو ضعيف، كما في " التقريب ". لكن شيخه سعد الإسكاف شر منه، واسم أبيه طريف، قال الحافظ: " متروك، ورماه ابن حبان بالوضع ". 2274 - " كان يكره أن يرى المرأة ليس بيدها أثر الحناء والخضاب ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (136/1) ، والبيهقي في " سننه " ( 7/311) عن أبي عقيل عن بهية، قالت: سمعت عائشة تقول: فذكرته مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بهية لا تعرف، وأبو عقيل - اسمه يحيى بن المتوكل - ضعيف. 2350 - " إذا بدا خف المرأة بدا ساقها ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/1/105) عن عقبة بن الزبير: حدثنا عبد الله بن محمد القداح: حدثنا يونس بن محمد بن فضالة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. بيض له الحافظ في " مختصره "، وإسناده مظلم. محمد بن فضالة، وابنه يونس، وعبد الله بن محمد القداح؛ ترجمهم ابن أبي حاتم (4/1/55 و4/2/246 و2/2/158) ، ولم يذكر فيهم جرحا ولا تعديلا، فهم في عداد المجهولين، وقال الذهبي في (القداح) : " مستور، ما وثق ولا ضعف، وقل ما روى ". وعقبة بن الزبير، لم أر من ذكره. 2401 - " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز ". قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/1/156) من طريق الطبراني عن النضر بن شميل: حدثنا الأموي: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. مجالد - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي. والأموي، لم أعرفه، وهم جماعة ينسبون هذه النسبة فمن هو منهم؟ والحديث عزاه السيوطي للشيرازي في " الألقاب " عن ابن عباس وعلي، وقال المناوي: " وفيه هشيم بن بشير؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: حجة حافظ يدلس، وهو في الزهري لين، وحكم ابن الجوزي بوضعه ". 2553 - (إذا خطب أحدكم المرأة وهو يخضب بالسواد، فليعلمها أنه يخضب بالسواد) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الديلمي (1/1/111) عن عيسى بن ميمون أبي هشام عن القاسم بن محمد عن عائشة: إذا....هكذا في النسختين لم يرفعه. قلت: وهذا حديث موضوع، آفته عيسى بن ميمون هذا، وهو القرشي المدني مولى القاسم بن محمد، قال عبد الرحمن بن مهدي: " استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروي عن القاسم عن عائشة؟ ! فقال: لا أعود ". وقال البخاري: " منكر الحديث " وقال ابن حيان: " يروي أحاديث كلها موضوعات ". 2652 - (إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه البيهقي (2/223) من طريق سالم بن غيلان عن يزيد ابن أبي حبيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال: فذكره. وقال: " حديث منقطع ". قلت: يعني مرسل، فإن يزيد بن أبي حبيب تابعي ثقة. وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: ظاهر كلامه أنه ليس في هذا الحديث إلا الانقطاع، وسالم متروك، حكاه صاحب " الميزان " عن الدارقطني ". قلت: وظاهر هذا التعقب أن صاحب " الميزان " لم يحك في المترجم غير ما حكاه عن الدارقطني، وليس كذلك، فقد قال عقبه: " قال أحمد: ما أرى هـ بأسا، وقال دس: لا بأس به. وذكره ابن حبان في (الثقات) ". قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة أولى بالاعتماد عليه من جرح الدارقطني، لأنه جرح غير مفسر، فكأنه لذلك لم يورده الذهبي في " الضعفاء "، ولا في " ذيله "، وقال الحافظ في " التقريب ": " ليس به بأس ". فعلة الحديث الإرسال فقط. والله أعلم. 2887 - (صلاة المرأة وحدها تفضل صلاتها في الجمع خمسا وعشرين درجة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/58) من طريق بقية بن الوليد: حدثني أبو عبد السلام: حدثني نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، آفته أبو عبد السلام - وهو الوحاظي - وهو في مشيخة (بقية) العوام المجهولين، والخبر منكر؛ كذا في " الميزان "، ولعله يعني هذا الخبر. 3126 - (إن الله يحب المرأة الملقة البزعة مع زوجها، الحصان عن غيره) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 249) عن محمد بن جعفر بن مالك عن محمد بن منصور عن محمد بن سلمة: أخبرني علي بن جعفر عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف: الحسين هذا - وهو أبو عبد الله العلوي الكوفي، ضعيف؛ كما قال ابن المديني. وعلي بن جعفر - وهو ابن محمد الصادق - مجهول الحال، كما سبق بيانه تحت الحديث (3121) . ومن دونه لم أعرفهم. 3214 - (إنكم لتبخلون وتبنون وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 348) ، وأحمد (6/ 409) ، والحربي في "الغريب" (5/ 157/ 1) ، والقاضي أحمد بن سليمان بن حذلم في "حديثه" (1/ 146-147) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 300) من طريق ابن أبي سويد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول: ... فذكره. وقال الترمذي: "لا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعاً من خولة". قلت: فالسند ضعيف لانقطاعه. لكن له علة أخرى وهي الجهالة؛ فإن ابن أبي سويد - واسمه محمد - مجهول؛ كما في "التقريب". والجملة الأولى صحيحة؛ فإن لها شواهد، فانظر "تخريج المشكاة" (4691و4692) والحديث الآتي برقم (4764) . 3216 - (اتقوا الله في الصلاة، اتقوا الله في الصلاة، (ثلاثاً) ، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، اتقوا الله في الضعيفين: المرأة الأرملة والصبي اليتيم، اتقوا الله في الصلاة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 477/ 11053) من طريق أبي المعتمر عمار بن زربي: حدثنا بشر بن منصور، عن ثابت عن أنس قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث حضرته الوفاة، قال: فقال لنا: (فذكره) فجعل يرددها وهو يقول: "الصلاة"، وهو يغرغر حتى فاضت نفسه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته (عمار بن زربي) ؛ فإنه متهم؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 39) : "سألت أبي عنه؟ فقال: "كذاب متروك الحديث"، وضرب على حديثه، ولم يقرأه علينا". وضعفه العقيلي وابن عدي وغيرهما، وشذ ابن حبان - كعادته - فذكره في "الثقات" (8/ 517) وقال: "يغرب ويخطىء" ومثله في الشذوذ، ما جاء في "الكنى والأسماء" للدولابي (2/ 120) : حدثنا أحمد بن شعيب قال:حدثنا أحمد بن سيار أبو أيوب قال: حدثنا عمار بن زربي أبو المعتمر البصري - وكان ثقة - قال: حدثنا المعتمر بن سليمان ... فذكر حديثاً في التعرض لنفحات الله، كنت خرجته في "الصحيحة" (1890) من طرق أخرى، فقوله: "وكان ثقة" لا أدري من قاله، ومن دونه ثقتان، فأستبعد أن يكون أحدهما هو الموثق، وخصوصاً (أحمد بن شعيب) وهو الإمام النسائي، فإنه لو كان ذلك منه لعرفه الحفاظ كالذهبي والعسقلاني، ولذكروه في ترجمة الرجل، فإعراضهم عنه دليل على أنه لا أصل له. فإذن؛ من أين جاء هذا التوثيق؟ وعليه أقول: إما أن يكون مقحماً من بعض النساخ، أو هو من أوهام الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه. والله أعلم. هذا، وقد غفل عن علة الحديث المناوي، وتبعه في ذلك من تخصص بتتبع زلاته؛ فوقع فيها، فقال المناوي في "فيض القدير": "رمز المصنف لحسنه، لكن فيه (بشر بن منصور الحناط / الأصل الخياط) أورده الذهبي في "المتروكين"، وقال: هو مجهول قبل المئتين". فتعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" (1/ 158) بما خلاصته: "إن (بشر ابن منصور الحناط) ثقة، فالحديث حسن كما قال المصنف، لا سيما وقد ورد عن أنس من طريق آخر على شرط الصحيح مختصراً". قلت: ولي على هذا التعقب ملاحظات: الأولى: متابعته في الغفلة عن العلة الحقيقية، وهي (عمار بن زربي) ولو أنه تنبه لها لأرعد وأزبد على المناوي! الثانية: موافقته إياه على أن (بشراً) هذا هو الحناط، وهو خطأ لأمرين اثنين: أحدهما: أنهم لم يذكروا في الرواة عنه (عماراً) هذا. وإنما ذكروه في الرواة عن (بشر بن منصور السليمي) . والآخر: أن لعمار هذا حديثاُ آخر قال فيه: حدثنا بشر بن منصور عن شعيب ابن الحبحاب بإسناد آخر عن عبد الله بن الشخير ... وقد مضى لفظه وتخريجه برقم (2868) ، وقد ذكروا (شعيباً) هذا في شيوخ (بشر بن منصور السليمي) فهو إذن شيخ عمار في حديث الترجمة، وليس (الحناط) ، أقول هذا بياناً للحقيقة، والسليمي ثقة، وقريب منه (الحناط) . الثالثة: إذا كان (الحناط) ثقة، فهل هذا كاف في الحكم على الحديث بالحسن؟! أم لا بد من نظر في سائر رواة الإسناد، وهذا مما لم يفعله وإلا لما وقع في تلك الغفلة! الرابعة: هب أنه توهم أنه ثقة كسائر رجاله، فلماذا اقتصر في الحكم عليه بالحسن دون الصحة، وإن كان في رأيه فيهم من تكلم فيه بكلام يمنع الحكم عليه بالصحة فلم لم يبينه؟ أهكذا يكون تحقيق من يأذن لأصحابه بأن يلقبوه بالحافظ ويصفوه بذلك في الكتاب المذكور مما طبع في حياته أو بعد وفاته؟! وأخيراً: قوله في حديث أنس: "على شرط الصحيح" فيه تساهل؛ لأنه من رواية قتادة عن أنس، وقتادة مدلس. وقد يغتفر هذا في الشواهد فكان عليه أن يكثر منها تقوية للحديث لو كان له شواهد بتمامه، وهيهات! وقد كنت خرجت بعضها في بعض تأليفاتي، مثل "الصحيحة" (868) و "الإرواء" (2178) ، وهي مختصرة ليس فيها الجملة الأخيرة: "اتقوا الله في الضعيفين ... "، ولا تكرار جملة الصلاة وما بعدها. وإنما ثبتت الجملة الأخيرة بلفظ. "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1015) . 3217 - (إنما الأمل رحمة من الله لأمتي، لولا الأمل ما أرضعت أم ولداً، ولا غرس غارس شجراً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 51-52) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 2/ 321) من طريق محمد بن إسماعيل بن هارون الرازي بسنده الصحيح عن أنس مرفوعاً به. وقال الخطيب: "هذا حديث باطل، لا أعلم جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي، وكان غير ثقة". وساق له أحاديث أخرى وصفها كلها بأنها باطلة، وقال الذهبي: "هي من وضعه". 3233 - (إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1590) ، والحاكم (4/ 61-62) من طريق إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا عبد الله بن عمر [عن أخيه عبيد الله بن عمر] عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن حمنة بنت جحش: أنه قيل لها: قتل أخوك، فقالت: رحمة الله! وإنا لله وإنا إليه راجعون. قالوا: قتل زوجك، قالت: واحزناه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري في "الزوائد" (120/ 1) : "فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف". قلت: والفروي فيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق، كف فساء حفظه". قلت: ولعله لما ذكرنا سكت عليه الحاكم فلم يصححه، وتابعه الذهبي فلم ينبه على ضعفه! 3292 - (لا تقتل المرأة إذا ارتدت) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه الدارقطني في "سننه" (3/ 117/ 118) من طريق عبد الله بن عيسى الجزري: أخبرنا عفان: أخبرنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الدارقطني: "عبد الله بن عيسى هذا كذاب يضع الحديث على عفان وغيره، وهذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا رواه شعبة". وأقره الذهبي في "الميزان"، وذكر أن هذا الحديث من مصائبه، ووافقه العسقلاني. وقال الجورقاني في كتابه "الأباطيل والمناكير" (2/ 170) : "هذا حديث باطل.."، ثم ذكر كلام الدارقطني. وعاصم - وهو ابن أبي النجود - في حفظه ضعف. وقد خولف الجزري في رفع هذا الحديث؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 177/ 18731) : عن الثوري عن عاصم به، موقوفاً على ابن عباس. وهذا إسناد حسن في الظاهر، لكن قد أخرجه الدارقطني من طريق أبي يوسف محمد بن بكر العطار الفقيه: أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي حنيفة عن عاصم بن أبي النجود به، فبين سفيان - وهو الثوري - وعاصم أبو حنيفة، وفيه ضعف من قبل حفظه، وقد أشار هذا سفيان نفسه كما يأتي عن البيهقي. لكن العطار هذا؛ قال الذهبي: "لا يدرى من ذا؟ ". وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 139/ 9043) : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ووكيع عن أبي حنيفة به. أخرجه البيهقي (8/ 203) ، وعقب عليه بما رواه بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سألت سفيان عن حديث عاصم في المرتدة؟ فقال: "أما عن ثقة فلا ". قلت: فرجع الأثر إلى عن أبي حنيفة، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الجورقي عقب الحديث وقال: "وأبو حنيفة متروك الحديث". ومن شاء استيعاب أقوال حفاظ الأئمة فيه فليرجع إلى ما تقدم ذكره تحت الحديث (458) ؛ فإنك ستعلم حينئذ مبلغ تعصب ابن التركماني في قوله تحت هذا الأثر في "الجوهر النقي": "وإن ضعفوا هذا الأثر من أجل أبي حنيفة، فهو وإن تكلم فيه بعضهم، فقد وثقه كثيرون، وأخرج له ابن حبان في "صحيحه"، واستشهد به الحاكم في "المستدرك"، ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام أولئك"! قلت: هذا تعطيل لعلم الجرح تعصباً للإمام؛ فإن الجرح لا ينظر فيه إلى دين المجروح وورعه وعلمه، وإنما إلى حفظه وضبطه لرواياته بعد أن تثبت عدالته، ولا شك عندي في عدالته، ولكن الضبط والحفظ شيء آخر، وهذا ما لم يعرف به الإمام رحمه الله، بل عرف بنقيضه. ومن التعصب وقلب الحقائق أنه أشار إلى تقليل عدد المتكلمين فيه بقوله: "بعضهم"، وكثرة الموثقين، والحقيقة على العكس من ذلك تماماً، كما يشهد بذلك ما ذكرته تحت الحديث المشار إليه آنفاً. وأما قوله: "واستشهد به الحاكم"؛ فهو إذا صح عليه لا له؛ لأن الاستشهاد بالراوي غير الاحتجاج به كما هو مقرر في هذا العلم الشريف. وأما قوله: "وأخرج له ابن حبان في صحيحه"؛ فهو مدسوس في نقدي، وإن صح فيكون على سبيل الاستشهاد لا الاحتجاج (1) ، والدليل على ذلك أن ابن حبان لم يورده في كتابه "الثقات" على تساهل شرطه فيه كما هو معلوم عند النقاد، بل هو على العكس من ذلك فقد أورده في كتابه الآخر: "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" وقد أساء القول فيه، وكان مما قال (3/ 63) : "وكان رجلاً جدلاً، ظاهر الورع، لم يكن الحديث صناعته، حدث بمئة وثلاثين حديثاً مسانيد، ما له في الدنيا غيرها، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثاً؛ إما أن يكون قلب إسناده، أو غير متنه من حيث لا يعلم، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار". ولذلك علق عليه محققه بثلاث صفحات ملؤها قلب الخقائق، والاحتجاج بما لم يصح من أقوال الأئمة، والإعراص عن أقوالهم الثابتة عنهم في الإمام رحمه الله، واعتبار الأئمة المتكلمين فيه من المتعصبين ضده على قاعدة: (رمتني بدائها وانسلت) ! واعلم أن هناك حديثاً خلاف حديث الترجمة: أن امرأة ارتدت عن الإسلام، فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت. أخرجه الدارقطني وغيره، وإسناده ضعيف، وقد تكلمت عليه في "الإرواء" (2472) وذكرت له بعض المتابعات والطرق، فلعله لذلك سكت عنه الحافظ في "الفتح" (12/ 268) ، فإن ثبت قامت به الحجة، وإلا ففي عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه" كفاية. رواه البخاري وأصحاب السنن وغيرهم، وهو في "الإرواء" (2471) . __________ (1) ثم تأكدت من دس ذلك بأمور كثيرة، منها: أن أحدا ممن ترجم له رحمه الله لم يذكر ذلك، ولم يرد له ذكر في فهرس " صحيح ابن حبان / الإحسان " طبع المؤسسة، ولا ادعى ذلك أحد من المتعصبة غير ابن التركماني عفا الله عنا وعنه. 3433 - (ثلاث وثلاث وثلاث، فثلاث لا يمين فيهن، وثلاث المعلون فيهن، وثلاث أشك فيهن. فأما الثلاث التي لا يمين فيهن: فلا يمين مع والد، ولا المرأة مع زوجها، ولا المملوك مع سيده. وأما المعلون فيهن: فمعلون من لعن والديه، ومعلون من ذبح لغير الله، ومعلون من غير تخوم الأرض، وأما الثلاث التي أشك فيهن: فلا أدري أعزير كان نبياً أم لا، ولا أدري ألعن تبعاً أم لا، قال: ونسيت، يعنى: الثالثة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه لوين في "أحاديثه" (31/ 1-2) : حدثنا حبان بن علي عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق لوين ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 408-دمشق) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حبان بن علي - وهو العنزي - ضعيف. ومثله شيخه محمد بن كريب. والثلاث الأخيرات قد صح فيهن حديث أبي هريرة، وفيه ذكر ذي القرنين بدل عزير، وأن الثالثة: "ولا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا"، فانظر: "الصحيحة" (2217) . 3491 - (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع القضاء السوء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً رواه ابن عساكر (5/ 327/ 2) عن أبي الحسن علي بن أحمد بن زهير التميمي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن القاسم الغساني: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن محمد الأنطاكي البزاز - قدم علينا دمشق -: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري: أخبرنا ابن ناجية: أخبرنا محمد بن المثنى: أخبرنا محمد بن خالد بن عثمة: أخبرنا عبد الله بن محمد المنكدر عن أبيه عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عبد الله بن محمد بن المنكدر لم أجد له ترجمة، وقد ذكر الحافظ في الرواة عن أبيه محمد بن المنكدر أخويه يوسف والمنكدر، أما هو فلم يتعرض له بذكر، فهذا يشعر بأنه غير معروف. والله أعلم. ومن دون ابن ناجية لم أعرفهم غير علي بن أحمد بن زهير التميمي، قال الذهبي: "ليس يوثق به، قال أبو القاسم ابن صابر: كان غير ثقة". 3519 - (الحج جهاد كل ضعيف، وجهاد المرأة حسن التبعل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن ماجه (2902) ، وأحمد (6/ 294و303) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (9/ 1) من طريق القاسم بن الفضل، عن محمد بن علي، عن أم سلمة مرفوعاً بالشطر الأول. ثم رواه القضاعي بتمامه من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عامر ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن علي مرفوعاً، في حديث طويل. وكتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على الهامش: "ضعيف". وعلى الطريق الأولى: "سنده منقطع". قلت: ووجه الأول؛ أن محمد بن علي - وهو أبو جعفر الباقر - لم يسمع من أم سلمة؛ كما قال أحمد وأبو حاتم. ووجه الآخر؛ أن ابن لهيعة سيىء الحفظ، لكنه شاهد لا بأس به للطريق الأولى، فيتقوى به الشطر الأول من الحديث. والله أعلم. 3555 - (خمسة لا جمعة عليهم: المرأة، والمسافر، والعبد، والصبي، وأهل البادية) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 128-129) عن حفص بن سالم السمرقندي: حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن طريق إبراهيم بن حماد مولى هاشم بن المسور بن مخرمة: حدثنا مالك بن أنس به. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ آفته حفص بن سالم (كذا الأصل، وفي كتب الرجال: سلم) السمرقندي، يكنى بأبي مقاتل، قال الذهبي: "وهاه قتيبة شديداً، وكذبه ابن مهدي". وقال الحاكم والنقاش: "حدث عن مسعر وأيوب وعبيد الله بأحاديث موضوعة". وقد تابعه في الطريق الأخرى إبراهيم بن حماد، ولكنه ضعيف، ولعله سرقه منه؛ فقد أخرجه من طريقه: الدارقطني في "الغرائب" وقال: "تفرد به إبراهيم، وكان ضعيفاً". كذا قال! وكأنه لن يطلع على الطريق الأولى. 3653 - (الرؤيا ستة: المرأة خير، والبعير خوف، واللبن الفطرة، والخضرة الجنة، والسفينة نجاة، والتمر رزق) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه الديلمي (2/ 174) عن أبي يعلى: حدثنا رجل من أهل الشام: كنا جلوساً عند عمر بن عبد العزيز، فجاء رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين! ها هنا رجل رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام عمر، وقمنا معه، قال: أنت رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: هل سمعت منه شيئاً؟ قال: نعم؛ سمعته يقول: ... فذكره. قلت: كذا في الأصل: أبو يعلى يقول: حدثنا رجل من أهل الشام.... ليس بينه وبين الرجل الذي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الرجل الشامي، فالظاهر أن فيه سقطاً بينهما؛ واسطتان أو أكثر. والسند ضعيف؛ لجهالة الشامي. 3701 - (سفر المرأة مع عبد ها ضيعة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه البزار في "الكشف" (1076) ، وابن الأعرابي في "المعجم" (18/ 1) : أخبرنا محمد (يعني: ابن إسماعيل الترمذي) : أخبرنا هاشم بن عمرو: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني بزيع بن عبد الرحمن، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 112/ 2) من طريق آخر عن ابن عياش به، وقال: "لم يروه عن نافع إلا بزيع، تفرد به إسماعيل". قلت: وهو ثقة في الشاميين، ضعيف في غيرهم، ولم يظهر لي عن أيهم روايته هذه، فإن شيخه بزيع بن عبد الرحمن؛ لم أجد من ذكر بلده، وقد أورده ابن حبان في "الثقات" (2/ 32) وقال: "يروي عن سوادة، روى عنه إسماعيل بن عياش". وقد ضعفه أبو حاتم كما في "الميزان"، وساق له هذا الحديث. ثم رأيت الحديث في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 298) من هذا الوجه، وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر، ويرويه ضعيف الحديث". 3923 - (عورة الرجل على الرجل كعورة الرجل على المرأة، وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 180) ، والديلمي (2/ 295) عن إبراهيم بن علي الرافعي: حدثني علي بن عمر بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: الرافعي ضعفوه". وقال الحافظ: "ضعيف". 3993 - (لا تباع. [يعني أم الولد] ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (4/ 243/ 4147) ، والدارقطني (4/ 133/ 29) ، وعنه البيهقي (10/ 345) عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن خوات بن جبير قال: مات رجل وأوصى إلي، فكان فيما أوصى به أم ولده وامرأة حرة، فوقع بين أم الولد والمرأة كلام، فقالت لها المرأة: يا لكاع! غداً يؤخذ بأذنك، فتباعين في السوق، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تباع". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة المعروف، وبه أعله الهيثمي (4/ 249) . وتابعه رشدين بن سعد المهري: أخبرنا طلحة بن أبي سعيد، عن عبيد الله ابن أبي جعفر به. ورشدين هذا ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة؛ كما في "التقريب". قلت: وفي الطريق إليه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين؛ قال ابن عدي - كما تقدم ذكره مراراً -: "كذبوه". 4004 - (فضل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل؛ كأثر المخيط في الطين، إلا أن الله يسترهن بالحياء) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 168/ 1-الجمع بينه وبين الصغير) : أخبرنا محمد بن أبان: أخبرنا أحمد بن علي بن شوذب الواسطي: أخبرنا أبو المسيب سلم بن سلام: أخبرنا ليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن يعقوب بن خالد، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن الليث إلا أبو المسيب". قلت: وهو مجهول الحال، روى عنه جماعة من الواسطيين وغيرهم، ولم أر من وثقه أو جرحه، ولذا قال الحافظ: "مقبول". ومثله يعقوب بن خالد - وهو ابن المسيب -؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 207) : "روى عنه يحيى بن سعيد - يعني الأنصاري -، وعمرو بن أبي عمرو، وابن الهاد". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وابن شوذب؛ لم أعرفه. ومثله محمد بن أبان، ويحتمل أن يكون هو محمد بن أبان الأصبهاني؛ فإنه من شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 187) ، وهو ثقة. والحديث قال الهيثمي (4/ 293) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن علي بن شوذب، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات". كذا قال، ولعل عمدته في إطلاقه التوثيق على أبي المسيب، ويعقوب بن خالد؛ ابن حبان، فقد يكون أوردهما في "الثقات"، فليراجع. ونقل المناوي عن ابن القيم أنه قال: "هذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده مظلم لا يحتج بمثله". قلت: وقد روي الحديث بإسناد آخر نحوه، ولفظه: "فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين في اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء". رواه ابن عبد الهادي في "أحاديث منتقاة" (338/ 1) عن ابن وهب: حدثني أسامة بن زيد: أن الجارود مولى ابن مليل الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة مرفوعاً. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 462/ 2) من طريق أبي الأسود: حدثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد الليثي: أنبأنا داود مولى بني محمد الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإن داود هذا لم أعرفه، ووقع عند ابن عبد الهادي: "الجارود"، وما أظنه إلا محرفاً؛ فقد قال المناوي بعد أن عزاه تبعاً لأصله للبيهقي في "الشعب": "وفيه داود مولى أبي مكمل؛ قال في "الميزان": قال البخاري: منكر الحديث. ثم ساق له هذا الخبر". ومن الغريب أننا لم نجد هذه الترجمة فيمن يسمى بـ "داود" من "الميزان"، ولا رأيت فيهم هذا الحديث، فغالب الظن أن "داود" نفسه محرف من الناسخين أو الطابعين للمناوي. والله أعلم. 4110 - (كل شيء للرجل حل من المرأة في صيامه ما خلا ما بين رجليها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 72) ، ومن طريقه ابن عساكر (16/ 383/ 1) عن أبي بكر بن أبي مريم، عن معاوية بن طويع اليزني، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال القاضي عبد الجبار: "معاوية بن طويع وعمر بن طويع اليزنيان من ساكني داريا، وأولادهم بها إلى اليوم". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاوية بن طويع مجهول؛ كما في "الميزان" و "اللسان". وابن أبي مريم؛ كان اختلط. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 309) من طريق أخرى عنه. 4136 - (من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 302) من طريق شيخه محمد بن محمد بن الأشعث: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي مرفوعاً. قلت: موضوع، المتهم به هذا الشيخ؛ فقد ساق له ابن عدي نحو خمسة وعشرين حديثاً من أصل قرابة ألف حديث بهذا الإسناد العلوي، وقال: "وعامتها من المناكير، وكان متهماً". وقال الدارقطني: "آية من آيات الله! وضع ذاك الكتاب. يعني العلويات". وقد مضى له حديث آخر موضوع في المجلد الرابع رقم (1932) . وقال الذهبي في "الميزان": "وساق له ابن عدي جملة موضوعات". 4137 - (أسقطت عائشة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطاً، فسماه عبد الله، فكناها أم عبد الله) قال الألباني في السلسلة الضعيفة : باطل أخرجه الخطيب في "الموضح" (1/ 321) من طريق داود بن المحبر: حدثنا محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وقال: فكناني ... قال محمد: فليس فينا امرأة اسمها عائشة إلا كنيت بأم عبد الله. قلت: وهذا باطل، موضوع إسناداً ومتناً. أما الإسناد؛ فلأن داود بن المحبر متهم؛ قال الذهبي في "المغني": "واه، قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وأجمعوا على تركه". وقد نسبه الدارقطني إلى سرقة الحديث. وأما المتن؛ فلأنه مخالف لما صح عن عائشة من طريق أخرى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! كل صواحبي لها كنية غيري، قال: "فاكتني بابنك عبد الله ابن الزبير" فكانت تدعى بأم عبد الله حتى ماتت [ولم تلد قط] . رواه أحمد وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (132) ، ولذا قال ابن القيم في "تحفة المودود": "حديث لا يصح؛ لمخالفته لهذا الحديث الصحيح". ونحوه قول الحافظ في "الإصابة": "لم يثبت". 4247 - (كان إذا خطب المرأة قال: اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه ابن سعد (8/ 162) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا عبد الله ابن جعفر، عن ابن أبي عون، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا مرسل واه بمرة؛ محمد بن عمر - هو الواقدي -؛ متهم. ثم أخرجه عنه أيضاً بإسناد آخر له عن قتادة مرسلاً أيضاً. لكن رواه الطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد مرفوعاً نحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 282) : "وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد؛ وهو ضعيف". 4249 - (كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمسة: المرأة، والمكحلة، والمشط، والسواك، والمدرى) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (42) ، وابن عدي (19/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 270/ 1) عن أيوب بن واقد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال العقيلي: "ولا يتابع عليه" يعني أيوب بن واقد هذا، وروى عن أحمد أنه قال: ضعيف الحديث. وعن ابن معين: أنه ليس بثقة. وعن البخاري: أن حديثه ليس بالمعروف، منكر الحديث. ثم قال العقيلي: "ولا يحفظ هذا المتن بإسناد جيد". قلت: وقد تابعه أبو أمية إسماعيل بن يعلى: حدثنا هشام بن عروة به. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (13/ 2) وقال: "لا أعلم يرويه عن هشام غير أبي أمية بن يعلى وعبيد (كذا) بن واقد، وهو أيضاً في جملة الضعفاء". قلت: وهو ضعيف جداً كالذي قبله، ومن طريقه رواه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (5/ 171) . وتابعهما يعقوب بن الوليد، عن هشام بن عروة به. أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 304) وقال: "قال أبي: هذا حديث موضوع، ويعقوب بن الوليد كان يكذب". وروي الحديث عن أبي سعيد وأم سعد الأنصارية بسندين ضعيفين؛ كما نقله المناوي عن الحافظ العراقي. 4425 - (ما إكثاركم علي في حد من حدود الله عز وجل وقع على أمة من إماء الله؟ والذي نفسي بيده! لو كانت فاطمة ابنة رسول الله نزلت بالذي نزلت به؛ لقطع محمد يدها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا السياق أخرجه ابن ماجه (2/ 113) ، والحاكم (4/ 379-380) ، والبيهقي (8/ 281) ، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن ركانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها قال: لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تطهر خير لها"، فلما سمعنا لين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتينا أسامة، فقلنا: كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ قام خطيباً فقال: فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن ابن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه. نعم؛ الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها نحوه (1) ، ليس فيه الطرف الأول منه، ولذلك خرجته هنا. وقد اضطرب في إسناده ومتنه ابن إسحاق، فرواه هكذا عنه غير واحد. ورواه يزيد بن أبي حبيب عنه عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجماء حديثه: أن أباها قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المخزومية التي سرقت قطيفة: نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تطهر خير لها"، فأمر بها فقطعت يدها، وهي من بني عبد الأشهل، أو من بني عبد الأسد. أخرجه أحمد (5/ 409 و 6/ 329) . قلت: فاختصر متنه كما ترى، وجعل إسناده عن أخت مسعود بن العجماء؛ مكان أمه عائشة، والاضطراب مما يدل على عدم حفظ الراوي وقلة ضبطه. ومن هذا؛ تعلم تساهل الحافظ أو خطأه في قوله في "الفتح" (12/ 89) - بعد أن ذكر الطرف الأول من الرواية الأولى من قول أبي عائشة، وعزاه لابن ماجه والحاكم -: "وسنده حسن، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم". فإن الحاكم إنما صرح ابن إسحاق عنده بالتحديث في رواية أخرى عنده من طريقه؛ قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يرحمها ويصلها. قلت: فهذه الرواية مرسلة خلاف الرواية الأولى، ثم هل سياقها مثل سياق الأولى، أم هي مختصرة مثل رواية أحمد التي خالفت الأولى في إسنادها كما بينا؟! __________ (1) وله ألفاظ خَرَّجت بعضها في " الإرواء " (2319 و 2405) 4519 - (من بركة المرأة: تكبيرها بالبنات؛ ألم تسمع الله يقول: (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) ، فبدأ بالإناث قبل الذكور) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 72) ، والخطيب (14/ 417-418) ، وابن عساكر (13/ 398/ 1) ، وأبو نعيم في "جزء حديث الكديمي وغيره" (33/ 2) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا حكيم بن حزام عن العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حكيم بن حزام هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وقال الساجي: "يحدث بأحاديث بواطيل". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الخرائطي. وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 97) بأن له شاهداً من حديث عائشة مرفوعاً نحوه؛ رواه أبو الشيخ! وأقول: فيه متهمان، فلا يصلح للشهادة. 4674 - (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها؛ ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ؛ ورث من ماله، ولم يرث من ديته) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن ماجه (2736) عن محمد بن سعيد - وقال محمد بن يحيى (وهو أحد شيخي ابن ماجه) : عن عمر بن سعيد - عن عمرو بن شعيب: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم فتح مكة، فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن سعيد؛ وهو المصلوب في الزندقة، وهو كذاب وضاع، وهو عمر بن سعيد نفسه في رواية محمد بن يحيى. |
[COLOR="Blue"][B]
4689 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له، وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف بهذا التمام أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (222/ 1) عن إبراهيم ابن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى نفر من اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أخبرنا بما نسأله فإنه نبي. فقالوا: من أين يكون الشبه يا محمد؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إن كان مسلم هو ابن عمران البطين. وأما إن كان ابن كيسان الملائي الأعور؛ فهو ضعيف؛ لم يخرج له البخاري ولا مسلم شيئاً. وكلاهما يروي عن مجاهد، ولم يذكرهما المزي في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ فلم يتبين لي أيهما المراد الآن؟! ثم رجعت إلى "مشيخة إبراهيم بن طهمان" (2) لعلي أجد فيه ما يساعدني على التحديد، فلم أجد في "مشيخته" من اسمه "مسلم" مطلقاً. ولذلك؛ فإني أتوقف عن الحكم على هذا الإسناد بصحة أو ضعف، حتى يتبين لي هوية مسلم هذا. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ يرويه عبد الحميد: حدثنا شهر: قال ابن عباس: حضرت عصابة من اليهود نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً؛ فقالوا ... الحديث نحوه، دون قوله: "وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه". أخرجه أحمد (1/ 278) . وإسناده حسن في الشواهد والمتابعات. والحديث صحيح بلا ريب؛ دون الزيادة التي في الطريق الأولى؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، فلعل ذلك يمكننا من ترجيح أن (مسلماً) الذي في طريقها هو (ابن كيسان) الضعيف! وأما الحديث بدونها؛ فقد أخرجه أبو الشيخ (221/ 2) ، وأحمد (1/ 465) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود به؛ دون الزيادة. ورجاله ثقات. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما" من حديث أنس مرفوعاً؛ دون الزيادة أيضاً، وقد سبق تخريجه برقم (1342) من "الصحيحة". وأخرجه مسلم أيضاً (1/ 173-276) ، وأبو عوانة (1/ 293-294) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 275-276) ، والحاكم (1/ 481) - فوهم! - من حديث ثوبان؛ دونها. __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " ك (3 / 481) ". (الناشر) (1) مخطوط محفوظ في " المكتبة الظاهرية " بدمشق في جزأين صغيرين 4777 - (لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها من مسيرة أربعين عاماً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 632) ، وعنه الضياء في "المختارة" (63/ 10/ 1) عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري في "زوائده" (124/ 4 و 128/ 2) ؛ وعلته جعفر هذا وعمه؛ قال الذهبي: "قال ابن المديني، مجهول. قلت: وعمه لين". (الكنه) : جوهر الشيء وغايته. 4857 - (تياسروا في الصداق؛ إن الرجل يعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة، وحتى يقول: ما جئتك حتى سقت إليك علق القربة) (1) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6/ 174/ 10398) : أخبرنا ابن جريج قال: حدثني ابن أبي الحسين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي الحسين - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن المكي - مشهور بالرواية عن التابعين؛ أمثال نافع بن جبير بن مطعم ومجاهد وعكرمة وغيرهم، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ سوى أبي الطفيل عامر بن واثلة، وهو من صغارهم، ولد عام أحد، وهو آخر من مات من الصحابة. __________ (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كلفت إليك علق القربة: عبد 10399 "! يشير إلى أنه ورد موقوفا على عمر: عند عبد الرزاق بالرقم المذكور. (الناشر) 5085 - (إذا حملت المرأة؛ فلها أجر الصائم القائم القانت المخبت المجاهد في سبيل الله عز وجل، فإذا ضربها الطلق؛ فلا يدري أحد من الخلائق ما لها من الأجر، فإذا وضعت؛ فلها بكل وضعة عتق نسمة) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 274) من طريق ابن عدي، وهذا في "كامله" (ق 90/ 1) ؛ كلاهما عن الحسن بن محمد البلخي: حدثنا عوف الأعرابي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن حبان: "هذا الحديث لا أصل له"؛ واتهم به البلخي هذا وسبق كلامه فيه آنفاً. وقال ابن عدي: "هذا منكر، والحسن ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات". ولم يتكلم السيوطي في "اللآلي" (2/ 175) على الحديث بشيء، فلا أدري؛ أسقط كلامه عليه من الناسخ، أم أنه أقر ابن الجوزي على وضعه؟ والأول هو الأقرب عندي. والله أعلم. 5457 - (إن نطفة الرجل بيضاء غليظة، فمنها يكون العظام والعصب، وإن نطفة المرأة صفراء رقيقة، فمنها يكون الدم واللحم) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف أخرجه أحمد (1/ 465) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 213/ 10360) من طريقين عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبد الله: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الناس يقولون: هذا رسول الله. فقال يهودي: إن كان رسول الله فسأسأله عن شيء، فإن كان نبياً علمه. فقال: يا أبا القاسم! أخبرني؛ أمن نطفة الرجل يخلق الإنسان أم من نطفة المرأة؟ فقال: ... فذكره. والسياق للطبراني؛ وزاد أحمد: فقام اليهودي فقال: هكذا كان يقول من قبلك. ومن هذا الوجه: رواه البزار في "مسنده - كشف الأستار) (ق 218/ 1 - المصورة) - ولم يسق لفظه -، وقال: "لا نعلم رواه عن القاسم هكذا إلا عطاء، وعنه إلا أبو كدينة"! قلت: اسمه يحيى بن المهلب البجلي، وهو صدوق من رجال البخاري؛ لكنه قد توبع؛ فإنه عند الطبراني عن حمزة الزيات - وهو من رجال مسلم - عن عطاء بن السائب. فالعلة من عطاء؛ فإنه كان اختلط. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (8/ 241) ، فقال: "رواه أحمد، والطبراني، والبزار بإسنادين، وفي أحد إسناديه عامر بن مدرك، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات، وفي إسناد الجماعة عطاء بن السائب، وقد اختلط"! قلت: في هذا التخريج تسامح كبير لا يعبر عن الواقع! فإن رواية عامر بن مدرك - عند البزار - ليس فيها هذا التفصيل الذي في رواية عطاء؛ فإن لفظ عامر: "ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا؛ غلب الشبه". وعامر هذا - وإن كان لين الحديث؛ فإن - لحديثه شواهد في "صحيح مسلم" وغيره، خرجت بعضها في "الصحيحة" (1342) ؛ بخلاف حديث عطاء؛ فإن ما فيه من العظام والعصب، واللحم والدم؛ لم يرد في شيء من تلك الشواهد، فكان منكراً، ولذلك؛ خرجته هنا. ولحديث عامر شاهد من حديث ابن عباس نحوه؛ وزاد في آخره: "وإن اجتمعا؛ كان منها ومنه". قالوا: صدقت. أخرجه البزار (2375) : حدثنا السكن بن سعيد: حدثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقد روي عن غيره من وجوه، وفي حديث ابن عباس زيادة". قلت: يشير إلى ما ذكرت من الزيادة فيما أظن. وفي ثبوتها نظر عندي؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة المشار إليها آنفاً (1) . وأيضاً فـ (مسلم) الراوي عن مجاهد؛ إن كان هو (الملائي الأعور) ؛ فهو ضعيف، وإن كان هو (مسلماً البطين) ؛ فهو ثقة، وقد روى كلاهما عن مجاهد؛ كما في "تهذيب المزي". فمن الصعب - والحالة هذه - تحديد هذه - تحديد المراد منهما هنا، وبخاصة أنهما لم يذكرا في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ لكن الحديث بالأول منهما أشبه. والله أعلم. والسكن بن سعيد - شيخ البزار - لم أعرفه! 5545 - «تَعَيَّشُوا بِنِسَائِكِمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعِيشَ مَعَ امْرَأَتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَإِنْ شَاءَ أَفْسَدَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَصْلَحَهَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، إِنْ بُلَّ شَهْرَيْنِ لَمْ يَلِنْ، وَإِنْ أُقِيمَ لَمْ يَسْتَقِمْ، فَعَاشِرُوهُنَّ بِأَخْلاقِهِنَّ» . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضَعِيفٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 484_485) : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا أبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظِ عَنْ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ قَالَ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:. . . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُوهُ لَمْ أَعْرِفْهُمَا. وَالأَوَّلُ أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (4 / 1 / 473) فقالَ: «نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أبُو إِبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْهُ أبُو أَيُّوبَ الْبَهْرَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمْصِيُّ» . وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا تَرَى، فَهُوَ مَجْهُولٌ. وَأمَّا أَبُوهُ خُزَيْمَةَ، فَلَم يُتَرْجِمْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلا غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ، مَعَ أنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ فِي الرُّوَاةِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ: «رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ مَحْفُوظٍ نُسْخَةًً كَبِيْرَةً» . وَقَدْ رَوَى لَهُ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثَاً آخَرَ (ص 468) بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَوَقَعَ فِيهِ: «أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ» . 5628 - (خيرُ ما أَعَدَّتِ المرأةُ: الطاعةُ للزَّوْجِ، والاعترافُ بحقّهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10 / 355 / 10702) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (3 / 328) من طريق هشام بن يوسف قال: حدثنا القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن بن جعدة عن سعيد بن المسيب: أنه سمع ابن عباس يقول: إن امرأة قالت: يا رسول الله! ما خير ما أعدت المرأة؟ قال: " الطاعة. . . ". إلخ؛ والسياق لابن عبد البر. ولفظ الطبراني: " ما جزاء غزو المرأة؟ ". والباقي مثله. وهكذا ذكره الهيثمي في " المجمع " (4 / 314 - 315) من رواية الطبراني وقال: " وفيه القاسم بن فياض، وهو ضعيف، وقد وثِّق، وفيه من لم أعرفه ". قلت: كل رواته مترجمون في " التهذيب "؛ ما عدا شيخ الطبراني فيه: أبو خليفة الفضل بن الحباب، وهو ثقة حافظ، مترجم في " التذكرة " وغيره، على أنه متابَع عند ابن عبد البر، فليس فيه من لا يعرف! نعم؛ يمكن أن يوصف بذلك ابن فياض هذا نفسه؛ فقد قال فيه ابن المديني: " إسناده مجهول، ولم يرو عنه غير هشام ". ولذلك؛ جزم الحافظ ابن حجر في " التقريب " بأنه مجهول. وذكر في " التهذيب " أن ابن معين قال: " ضعيف ". وعن أبي داود: " هو ثقة ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وذكره ابن حبان في " الثقات "! ثم ذكره في " الضعفاء " (2 / 313) ، وقال: " يروي عنه هشام بن يوسف قاضي صنعاء، كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره ". ولقد أساء محقق " التمهيد " محمد التائب السعيدي في تعليقه على هذا الحديث؛ فإنه لم يذكر في ترجمة ابن فياض هذا سوى توثيق أبي داود إياه، وعزاه لـ " تهذيب التهذيب " و " الخلاصة "! 5726 - (لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ؛ مَا قَعَدَتْ ما حَضَرَ غَداؤه وعَشَاؤُه حتى يَفْرُغَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه البزار (ص 154 - زوائده) : حدثنا حمدان بن علي: ثنا عبد الرحمن: ثنا فضيل: ثنا موسى بن عقبة عن عبيد بن سلمان عن أبيه عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الهيثمي في الزوائد ": " عبيد؛ لا أعرفه، وأبوه؛ لا أعرف له من معاذ سماعاً ". وكذا قال في " المجمع " (4 / 309) ، وقلده المناوي، ثم الأعظمي في " كشف الأستار " (2 / 180 / 1471) ، وتعقبه الحافظ، فقال عقب كلام " الزوائد ": " قلت بل عبيد معروف، والإسناد حسن ". قلت: وهو كما قال، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين، " غير عبيد بن سلمان - وهو الأغر -؛ قال ابن أبي حاتم (2 / 2 / 407) عن أبيه: " لا أعلم في حديثه إنكاراً، يحول من كتاب الضعفاء " الذي ألَّفَهُ البخاري إلى الثقات ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (7 / 156) ، وقال في التقريب ": " صدوق ". وفضيل؛ هو ابن عياض. وعبد الرحمن؛ هو ابن مهدي. وحمدان؛ الظاهر أنه محمد بن علي بن عبد الله بن مهران، أبو جعفر الوراق؛ قال الخطيب (3 / 61) : " يعرف ب (حمدان) ، وكان فاضلاً حافظاً عارفاً ثقة، من نبلاء أصحاب أحمد، قال الدارقطني: ثقة. مات سنة 171 ". قلت: ولعله قد توبع عند الطبراني؛ فقد عزاه إليه الهيثمي. هذا ما كنت كتبته في " الصحيحة " قبل سنين، وفي هذه السنة يسر الله لنا طبع المجلد الخامس منه بعد صبر طويل وإلحاح شديد من أهل العلم وطلابه، ولما قُدِّمت إليَّ التجربة الأولى منه لتصحيحها؛ وقفت عند هذه الجملة الأخيرة وما فيها من الرجاء والترقب؛ فإن " المعجم الكبير " للطبراني لم يكن مطبوعاً يومئذٍ. والمجلد الذي فيه أحاديث معاذ لا يوجد في مخطوطات المكتبة الظاهرية التي استفتدت منها ما لم يستفده أحد غيري في الحصر الحاضر فيما أعلم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ثم يسر الله للأخ الفاضل حمدي السلفي أن قام بطبعه جزاه الله خيراً، وبذلك قدم لعلماء السنة وطلاب علم الحديث كنزاً ثميناً طالما كانت نفوس المحبين للحديث النبوي متشوقة للوقوف علهي والاستفادة منه، ولعلي أنا من أكثر المستفيدين منه إن لم أكن أكثرهم على الإطلاق، وهذا هو المثال بين يديك أيها القارئ الكريم؛ فإني ما كدت أقف عند الجملة المشار إليها آنفا حتى سارعت بالرجوع لمراجعة الحديث في (مسند معاذ) من " المعجم الكبير "، لأجد فيه ما كنت رجوته: فقد قال الطبراني (20 / 160 / 333) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي: ثنا فضيل بن سليمان النميري: ثنا موسى بن عقبة. . . بالإسيناد المتقدم عن البزار. فهذا إسناد صحيح إلى الفضيل، ومتابعة قوية لحمدان وعبد الرحمن من عبد الله بن أحمج ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وهما ثقتان مشهوران. بيد أن الفائدة التي جنيعها من مراجعة " المعجم " أعظم بكثير من فائدة تحقق ما ترقبته من المتابعة، ألا وهي أنني اكتشفت بذلك خطأً وقعت فيه، لعله جرني إليه خطأ وقع فيه الحافظ من قبلي، وهو تحسينه إسناد البزار كما رأيت! ذلك؛ أنني لما تكلمت على رجال إسناد البزار؛ قلت في فضيل - الراوي عن موسى بن عقبة -: إنه فضيل بن عياض. وما ذاك إلا لأن الراوي عنه عبد الرحمن. وقلت فيه: إن ابن مهدي؛ لأنهم ذكروا أنه يروي عن ابن عياض، ولم يذكروا ذلك في ترجمة فضيل بن سليمان. وكنت على علم بأن هذا روى عن موسى بن عقبة، وأنه من المحتمل أن يكون هو صاحب هذا الحديث؛ ولكني وجدت نفسي لا تميل إلى تبني هذا الاحتمال؛ لأنه يتنافي مع تتحسين الحافظ لإسناده، فإنه ضعيف عنده؛ كما يدل على ذلك قوله في " التقريب ": " صدوق، له خطأ كثير ". وفي ظني أنه لولا هيبة " الصحيح " لربما قال الحافظ فيه أكثر مما قال! فمثل هذا يكون عند الحافظ من المرتبة الخامسة، التي يكون حديث أصحابها ضعيفاً يمكن الاستشهاد به كما هو معروف عند أهل العلم، فلما رأيته حسَّن إسناد حديث فضيل مِلْتُ إلى تبني أنه فضيل بن عياض. والآن وقد حصحص الحق، وتبين أنه ليس به، وأنه فضيل بن سليمان النميري؛ لم يبق هناك وجه للقول بتحسين إسناده؛ فإن النميري بكاد أقوال الأئمة تتفق على تضعيفه، وهاكها كما جاءت في " تهذيب التهذيب ": " قال ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: ليِّن الحديث، روى عنه ابن المديني وكان من المتشددين. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه؛ ليس بالقوي. وقال أبو داود: كان عبد الرحمن لا يحدث عنه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال صالح جزرة: منكر الحديث، روى عن موسى بن عقبة مناكير. وقال ابن معين في رواية: ليس هو بشئ، ولا يكتب أحاديثه. وقال الساجي: كان صدوقاً، وعنده مناكير. وقال ابن قانع: ضعيف ". قلت: فأنت ترى أنهم أجمعوا على تضعيفه، على اختلاف عباراتهم وألفاظهم، ولم يوثقه أحد منهم غير ابن حبان، ولا يخفى على أهل العلم أنه لا قيمة لتوثيقه إذا تفرد؛ فكيف إذا خالف؟ ! فإن قيل: فقد أخرج له الشيخان. فنقول: نعم، وقد خالفهما الأئمة المذكورون، فلعل إخراجهما اختياراً منهما لبعض أحاديثه أو استئهادا ومتابعة، وقد صرح الحافظ بشيء من هذا في خصوص البخاري؛ فقال في " مقدمة فتح الباري " (ص 435) : " ليس له في البخاري سوى أحاديث توبع عليها. . . ". ثم ذكرها. وبناء على ما تقدم أخرجتُ الحديثَ من " الصحيحة " إلى " الضعيفة "؛ لأنني لم أجد ما يشهد له. والله أعلم. 5733 - (جَزاءُ غَزْوًةِ المرأةِ: طاعةُ الزوْجِ، واعترافٌ بِحَقِّهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4 / 1 / 162 / 725) : قال علي: نا هشام بن يوسف: حدثني القاسم بن فياض من جندة عن خلاد بن عن الرحمن بن جندة عن سعيد بن المسيب سمع ابن عباس: قالت امرأة: يا رسول الله! ما جزاء غزوة المرأة؟ قال: «طاعة الزوج. . .» إلخ. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير القاسم بن فياض؛ فهو مجهول؛ كما قال الحافظ في «التقريب» ، وفي ترجمته أورده البخاري ساكتاً عنه. وهو من الأدلة الكثيرة على أن من سكت عنه البخاري فليس ذلك منه توثيقاً له عند أهل العلم؛ خلافاً لمن لا علم عنده بهذا الفن من المعاصرين، وبخاصة إذا ضعفه غيره؛ كهذا؛ فقد أورده ابن حبان في كتابه «الضعفاء» وقال (2 / 213) : «كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره» . ثم روي عن ابن معين أنه قال فيه: «ليس بشيء» . ثم تناقض ابن حبان فيه، فأورده في «الثقات» أيضاً (7 / 334) ! ومن الظاهر أن ذلك كان منه قبل أن يسبر حديثه ويعرفه بناء على قاعدته في التوثيق المجهولين، وقد قال ابن المديني في حديث آخر له: «إسناده مجهول، ولم يرو عنه غير هشام» . انظر «المشكاة» (3578 ـ التحقيق الثاني) . وضعفه ابن معين في رواية ابن أبي حاتم عنه، وقال النسائي: «ليس بالقوي» ، واستنكر الحديث المشار إليه. وشذَّ أبو داود فقال فيه: «ثقة» ! والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10 / 355 / 10702) من طريق أخرى عن علي بن المديني به. وقال الهيثمي (4 / 315) : «وفيه القاسم بن فياض، وهو ضعيف وقد وثق، وفيه من لم أعرفهم» ! كذا قال! وغير القاسم كلهم ثقات حفاظ. وقد روي الحديث مطولاً نحوه من طريق أخرى عن ابن عباس وغيره، وسيأتي (6245) . 5878 - (إن هذا لا يصلح. يعني: شرط المرأة لزوجها أن لا تتزوج بعده) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. رواه الطبراني في " الصغير " (ص 238) و " الكبير " (2 / 29 / 1186 و 25 / 267 / 102) : حدثنا يحيى بن عثمان: ثنا نعيم بن حماد: ثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر الأنصارية: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور فقالت: إني اشترطت لزوجي أن لا أتزوج بعده؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن إدريس، تفرد به نعيم ". قلت: وهو ضعيف، لكثرة خطئه، وأما قول الهيثمي (4 / 255) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الصغير "، ورجاله رجال (الصحيح) ". ففيه تساهل كبير؛ لأن يحيى بن عثمان - وهو السهمي المصري -؛ لم يرو له في أحد " الصحيحين " مطلقا، ونعيم بن حماد؛ إنما أخرج له البخاري مقرونا؛ كما قال المنذري في " خاتمة الترغيب "، ثم هو ضعيف من قبل حفظه؛ كما يشير إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ": " صدوق يخطئ كثيرا ". 5944 - (ليس على المرأة حُرُمٌ إلا في وجهها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12 / 370 / 13375) و ((المعجم الأوسط)) (2 / 78 / 1 / 6258) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: ثنا عبد الله بن رجاء: ثنا أيوب بن محمد أبو الجمل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . فذكره. وقال: ((لم يرفع هذا الحديث إلا أيوب أبو الجمل، تفرد به عبد الله بن رجاء)) . قلت: وهو صدوق يهم قليلاً؛ كما في ((التقريب)) . لكن الراوي عنه الغلابي متهم بالكذب؛ لكنه قد توبع، فالعلة من أبي الجمل. فقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 116) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1 / 349) ، ومن طريقه البيهقي (5 / 47) ، والخطيب في ((التاريخ)) (7 / 9) من طريقين عن عبد الله بن رجاء به. وذكر الخطيب عن الدارقطني أنه قال: ((لم يرفعه غير أبي الجمل وكان ضعيفاً، وغيره يرويه موقوفاً)) . وقال البيهقي: ((وأيوب بن محمد أبو الجمل؛ ضعيف عند أهل العلم بالحديث؛ فقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وقد روي الحديث من وجه آخر مجهول عن عبيد الله بن عمر مرفوعاً، والمحفوظ موقوف)) . ثم رواه هو من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله به موقوفاً على ابن عمر. وقال عقبه: ((هكذا رواه الدراوردي وغيره موقوفاً على ابن عمر)) . قلت: وهو يلتقي مع ما صح عن ابن عمر موقوفاً ومرفوعاً بلفظ: ((لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين)) . رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في ((الإرواء)) (1012) . والحديث، قال الهيثمي في ((المجمع)) (3 / 219) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) ، وفيه أيوب بن محمد اليمامي، وهو ضعيف)) . (تنبيه) : قوله: ((حُرُم)) ؛ كذا في كل المصادر المتقدمة، ومنها ((ضعفاء العقيلي)) ؛ لكن المعلق عليه الدكتور القلعجي صححه بزعمه إلى ((إحرام)) ! معتمداً في ذلك - كما قال - على ((الميزان)) ! وكذلك وقع في ((الجامعين)) ! والظاهر أنه رواية بالمعنى، أو غفلة عنه؛ ففي ((النهاية)) : ((و (الحُرم) ؛ بضم الحاء وسكون الراء: الإحرام بالحج. وبالكسر: الرجل المحرم. يقال: أنت حل، وأنت حرم. والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابهما وشروطهما؛ من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منعه الشرع منها؛ كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك)) . والحديث من طريق هشام بن حسان الموقوف عند البيهقي؛ هو عنده من طريق علي بن عمر الحافظ: ثنا الحسين بن إسماعيل: ثنا أبو الأشعث: ثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان. وعلي بن عمر الحافظ؛ هو الإمام الدارقطني، وقد أخرجه في ((سننه)) (260) بهذا الإسناد؛ لكن وقع فيه مرفوعاً هكذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . فذكره! فالظاهر أن رفعه فيه خطأ مطبعي. والخلاصة: أن الحديث صحيح موقوفاً. وقد قال ابن الهمام في ((فتح القدير)) (2 / 405) : ((ولا شك في ثبوته موقوفاً)) . قلت: ويشهد له قول عائشة رضي الله عنها: ((المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت؛ إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تتلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت)) . أخرجه البيهقي في ((سننه)) (5 / 47) بسند صحيح عنها. قلت: وهذا القول منها يدل على أمرين اثنين: الأول: أنه لا يجوز للمحرمة أن تتبرقع وأن تتلثم. وهذا يوافق حديث ابن عمر المار آنفاً: ((لا تنتقب المرأة المحرمة. . .)) . فما يفعله كثير من المحرمات السعوديات في الحج والعمرة من الانتقاب أو التلثم خلاف الشرع. ولعل ذلك بسبب تشديد علماء تلك البلاد على النساء في إيجابهم عليهن أن يسترن وجوههن، وتحريمهم عليهن أن يراهن الرجال. والآخر: أنه لا يجب على المحرمة أن تسدل الثوب على وجهها؛ لقولها: ((إن شاءت)) . وهذه فائدة هامة من أم المؤمنين، على أولئك العلماء أن يتمسكوا بها، وأن يبثوها بين طلبة العلم؛ لأن أكثرهم عنها غافلون ولمدلولها مخالفون. وأيضاً: فهي تدل على أن ما روي عنها أنها كانت تسدل هي ومن كان معها من المحرمات على وجوههن؛ أن ذلك كان منهن عملاً بالأفضل والأستر والأحشم. وهو الذي كنا ذهبنا إليه في كتاب ((حجاب المرأة المسلمة)) في فصل خاص عقدته فيه، فلم يعجب ذلك كثيراً من العلماء السعوديين وغيرهم، فحملوا علينا حملات شعواء حتى نسبنا بعضهم إلى أنني من الدعاة إلى السفور! ولم يصدهم عن ذلك تلك الشروط القاسية التي وضعتها لحجاب المرأة المسلمة، والتي لا يقوم بها كثير من النساء حتى من زوجات بعض الشيوخ الكبار! هدانا الله وإياهم سواء الصراط. وأنا الآن في صدد تهيئة رد عليهم، وبيان غلوهم في الدين في هذه المسألة في مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب المذكور: ((الحجاب)) . يسرها الله لي، وتقبلها مني، ونفع بها إخواني المسلمين (*) . __________ (*) طبع الكتاب في حياة الشيخ - رحمه الله - بعنوان: ((جلباب المرأة المسلمة. . .)) ، ثم طبع الرد المشار إليه في كتاب خاص بعد وفاته بعنوان: ((الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد. . .)) . (الناشر) . 5957 - (إذا توفيت المرأة، فأرادوا أن يغسلوها، فليبدأوا ببطنها، فليمسح بطنها مسحاً رقيقاً إن لم تكن حُبلى، فإن كانت حُبلى؛ فلا تحركنها، فإن أردت غسلها فابدئي بسفلتها، فألقي على عورتها ثوباً ستيراً، ثم خذي كرسفاً فاغسليها، فأحسني غسلها، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب، فامسحيها بكرسف ثلاث مرات، فأحسني مسحها قبل أن توضئيها، ثم وضئيها بماء فيه سدر، ولتفرغ الماء امرأة وهي قائمة لا تلي شيئاً غيره حتى تنقي بالسدر وأنت تغسلين، وليل غسلها أولى النساء بها، وإلا؛ فامرأة ورعة، فإن كانت صغيرة أو ضعيفة؛ فلتلها امرأة ورعة مسلمةٌ، فإذا فرغت من غسل سفلتها غسلاً نقياً بماء وسدر؛ فلتوضئها وضوء الصلاة؛ فهذا بيان وضوئها، ثم اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر، فابدئي برأسها قبل كل شيءٍ فأنقي غسله من السدر بالماء، ولا تسرحي رأسها بمشط، فإن حدث بها حدث بعد الغسلات الثلاث؛ فاجعليها خمساً، فإن حدث في الخامسة؛ فاجعليها سبعاً، وكل ذلك فليكن وتراً بماء وسدر، فإن كان في الخامسة أو الثالثة؛ فاجعلي فيه شيئاً من كافور وشيئاً من سدر، ثم اجعلي ذلك في جر جديد، ثم أقعديها فأفرغي عليها وابدئي برأسها حتى تبلغي رجليها، فإذا فرغت منها؛ فألقي عليها ثوباً نظيفاً، ثم أدخلي يدك من وراء الثوب فانزعيه عنها، ثم احشي سفلتها كرسفاً واحشي كرسفها من طيبها، ثم خذي سبيةً طويلةً مغسولةً فاربطيها على عجزها كما تربط على النطاق، ثم اعقديها بين فخذيها وضمي فخذيها، ثم ألقي طرف السبية عن عجزها إلى قريب من ركبتيها، فهذا شأن سفلتها، ثم طيبيها وكفنيها واطوي شعرها ثلاثة أقرن: قصةً وقرنين، ولا تشبهيها بالرجال، وليكن كفنها في خمسة أثواب: أحدها الإزار تلفي به فخذيها، ولا تنقضي من شعرها شيئاً بنورةٍ ولا غيرها، وما يسقط من شعرها؛ فاغسليه، ثم اغرزيه في شعر رأسها، وطيبي شعر رأسها، فأحسني تطييبه ولا تغسليها بماء مسخن واخمريها وما تكفنيها به بسبع نبذات إن شئت، واجعلي كل شيءٍ منها وتراً، وإن بدا لكِ أن تخمديها في نعشها فاجعليه وتراً. هذا شأن كفنها ورأسها، وإن كانت محدورةً أو مخصوفةً أو أشباه ذلك، فخذي خرقةً واحدةً واغمسيها في الماء واجعلي تتبعي كل شيءٍ منها، ولا تحركيها؛ فإني أخشى أن يتنفس منها شيءٌ لا يستطاع ردُهُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (25 / 124) من طريق جنيد ابن أبي وهرة، وليث؛ كلاهما عن عبد الملك بن أبي بشير عن حفصة بنت سيرين عن أم سليم أم أنس قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الطريقين؛ ففي الأولى جنيد - وهو ابن العلاء -؛ مختلف فيه؛ فقال البخاري في ((التاريخ)) (2 / 1 / 236) في ترجمته: ((قال أبو أسامة: كان صاحبي أوثق مني)) . وقال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 528) عن أبيه: ((صالح الحديث)) . وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6 / 150) . ثم أورده في ((الضعفاء)) (1 / 211) ، وقال: ((كان يدلس عن محمد بن أبي قيس المصلوب، ويروي ما سمع منه عن شيوخه، فاستحق مجانبة حديثه على الأحوال كلها؛ لأن ابن أبي القيس كان يضع الحديث)) . وقال الذهبي في ((الميزان)) : ((له حديث في غسل الميت طويل منكر)) . قلت: يعني: هذا. وأقره الحافظ في ((اللسان)) ، وقال: ((قال الأزدي: لين الحديث)) . قلت: وفي الطريق الأخرى ليث - وهو ابن أبي سليم الحمصي -؛ وهو ضعيف مختلط، ولا أستبعد أن يكون جنيد بن العلاء تلقاه عنه ثم دلسه، فيرجع الحديث إلى طريق واحدة. والحديث، قال الهيثمي (3 / 22) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) بإسنادين، في أحدهما ليث بن أبي سليم؛ وهو مدلس، ولكنه ثقة، وفي الآخر جنيد؛ وقد وثق، وفيه بعض كلام)) . وأقول: لا أعلم أحداً رمى ليثاً بالتدليس، وإنما بالاختلاط. وكذلك لا أعلم من أطلق فيه التوثيق. فراجع أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه في ((التهذيب)) . 5958 - (أفعمياوان أنتما؟ ! ألستما تبصرانه؟ !) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في ((الكبرى)) (2 / 224 - 225 - المصورة) وأحمد وغيرهم؛ كأبي يعلى في ((مسنده)) (6922) ، ومن طريقه ابن حبان (1968) ومن طريق غيره أيضاً (1457) ، والطبراني في ((الكبير)) (23 / 302 / 678 و 400 / 956) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (8 / 175 - 176) كلهم من طريق نبهان عن أم سلمة قالت: كنت: أنا وميمونة عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء ابن أم مكتوم يستأذن - وذلك بعد أن ضرب الحجاب - فقال: ((قوما)) . فقلنا: إنه مكفوف لا يبصرنا. فقال:. . . فذكره. وقال النسائي: ((ما نعلم أحداً روى عن نبهان غير الزهري)) . وأقره المزي في ((التهذيب)) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة نبهان هذا، كما كنت بينته في ((الإرواء)) (1769، 1806) بزيادة في تخريج الحديث في الموضع الثاني، وإنما أعدت تخريجه هنا لأمرين. الأول: أن بعض ذوي الأهواء والمتشددين في موضوع وجه المرأة وكفيها، القائلين بأن ذلك منها عورة احتجوا بهذا الحديث؛ مغترين بتصحيح من صححه؛ كالترمذي وغيره من المتقدمين، وكالحافظ العسقلاني من المتأخرين! فأقول: كانت حجتي - ولا تزال - في تضعيف هذا الحديث جهالة نبهان هذا؛ كما صرح بها ابن حزم، وأقره الذهبي في ((الضعفاء)) . ثم رأيت فائدة هامة في كتاب ((شرح منتهى الإرادات)) للشيخ منصور بن يونس البهوتى، فأحببت أن أسجلها هنا؛ لعزتها: قال رحمه الله تعالى (3 / 6) بعد أن ذكر الحديث برواية أبي داود: ((وقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين: هذا الحديث. والآخر: ((إذا كان لإحداكن مكاتب؛ فلتحتجب منه)) . كأنه أشار إلى ضعف حديثه؛ إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول. وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث (1) ، وحديث فاطمة صحيح؛ فالحجة به لازمة. . .)) . قلت: وهذه الفائدة قد ذكرها الشيخ البهوتي في كتابه الآخر: ((منار السبيل)) (2 / 140) الذي خرجت أحاديثه في كتابي ((إرواء الغليل)) ، وقد فاتني ذكرها في التخريج؛ لأن الذي نسخ الأحاديث منه لم يذكرها مع الحديث. ولكل أجل كتاب. فإن قيل: كيف قال ابن عبد البر: ((لا يعرف إلا برواية الزهري عنه)) ؛ وقد ذكر الحافظ له راوياً آخر عنه، وهو محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة؟ قلت: نعم؛ هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم؛ خِلَافًا للبخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 135) ؛ فإنه لم يذكر غير الزهري، وتبعه ابن حبان في " ثقاته " (5 / 586) ، وهذا هو الصواب. وذلك؛ لأن حديث المكاتب الذي أشار أحمد إلى إنكاره بتعجبه منه ومن حديث الترجمة على نبهان مولى أم سلمة مدار طريقه على الزهري عنه. ومنها: طريق سفيان الثوري عند أبي داود والبيهقي وغيرهما. لكن خالف قبيصة بن عقبة فقال: عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن مكاتب مولى أم سلمة يقال له: نبهان. . . فذكر الحديث. أخرجه الطبراني (23 / 2 5 3 / 677) . فأسقط الزهري وجعل محله محمداً هذا. قال البيهقي (15 / 327) : " وذكر محمد. بن يحيى الذهلي أن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة روى عن الزهري قال: كان لأم سلمة مكاتب يقال له: نبهان. ورواه محمد بق يوسف عن سفيان عنه. فعاد الحديث إلى رواية الزهري ". قلت: ومما لا شك فيه أن ما رواه الجماعة مع محمد بن يوسف هذا - وهو الفريابي - أولى بالقبول من رواية قبيصة، وبخاصة أنه قد تكلم في روايته عن سفيان؛ فقال ابن معين: " قبيصة؛ ثقة في كل شيء إلا في سفيان؛ فإنه سمع منه وهو صغير ". وقال أحمد نحوه. انظر " التهذيب ". ولذلك؛ قال البيهقي: " وحديث نبهان قد ذكر فيه معمر لسماع الزهري من نبهان، إلا أن الشيخ لم يخرجا حديثه في " الصحيح "، وكأنه لم يثبت عدالته عندهما؛ إذ لم يخرج من حد الجهالة برواية عدل عنه، وقد روى غير الزهري عنه إن كان مَحْفُوظًا. . . ". ثم ذكر رواية قبيصة، وقد عرفناك شذوذها. وذكر عن الشافعي أنه قال: " لم أر من ارتضيت من أهل العلم يثبت هذا الحديث ". إذا عرفت ما تقدم يتبين لك خطأ قول الذهبي في ترجمة نبهان هذا من " الكاشف ": " ثقة "! ! ولعل الأصل! : " وثق "؛ كما هي عادته فيمن تفرد بتوثيقه ابن حبان، ولم يكن روى عنه جمع من " الثقات "، ثم انحرف ذلك على اَلنَّاسِخ أو الطابع إلى: " ثقة "؛ لأنه مخالف لإيراده إياه في " الضعفاء " وإقراره لتجهيل! ابن حزم إياه. وقد وافقه على ذلك ابن عبد البر، وَسَبَقَهُمَا البيهقي كما تقدم، وتبعهم الحافظ في " التقريب "؛ فقال فيه: " مقبول "؛ أي: إذا توبع، وإلا؛ فهو لين الحديث؛ كما نصبى عليه وفي مقدمة " بالتقريب ". وقال في " التلخيص " (3 / 148) : " وثق "؛ أي: لا يوثق به. إذا تبين لك ما ذكرنا من التحقيق؛ فلا يهمنك تصحيح من صحح الحديث؛ فإنه إما لتساهل عرف به كالترمذي وابن حبان، وإما لشبهة تعلق بها؛ كقول الحافظ في " الفتح " (9 / 337) : " وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليست بعلة قادحة؛ فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد؛ لا ترد روايته "! كذا قال! وليس يخفى على البصير أن وصف الزهري لنبهان بما ذكر ليس له علاقة بالتوثيق بوجه من الوجوه مُطْلَقًا، وهل هو إلا كما لو قال: " عبد فلان، أو " أخو فلان "؛ بل و " ابن فلان " ونحو ذلك من الأوصاف التي لا تسمن ولا تغني من جوع في التعديل والتوثيق! وكل من له معرفة بهذا العلم وتتبع لتراجم الرواة يجد أمثلة كثيرة من هذا النوع؛ مثل أبي الأحوص مولى بني كعب، وأبي عثمان ابن سنة الخزاعي الكعبي؛ فقد روى عنهما الزهري، ومع ذلك لم يوثقهما الحافظ؛ بل قال فيهما كما قال في نبهان: " مقبول "؛ أي: غير مقبول إلا إذا توبع! هذا هو مراده كما تقدم. وما أحسن ما قال ابن القطان في أبي الأحوص هذا في " الوهم والإيهام " (2 / 183 / 2) : " لا يعرف له خال، ولا قضى له بالثقة قول الزهري: سمعت أبا الأحوص يحدث في مجلس سعيد بن المسيب ". وأقره الذهبي في " الميزان ". قلت: وفي قول ابن القطان رد مباشر على تقوية الحافظ لحديث نبهان بكلامه السابق، وإن كان ابن القطان متقدماً عليه في الزمن، ولكنه حافظ ماهر نقاد، فإذا كان الزهري إذا حَدَّثَ عن أبي الأحوص وقد سمعه يحدث في مجلس ابن المسيب؛ لا يلزم منه أن أبا الأحوص ثقة؛ فمن باب أولى أنه لا يلزم من وصف الزهري لنبهان بأنه مكاتب أم سلمة أنه ثقة، كما هو ظاهر لا يخفى على أهل النهى. ومما سبق؛ تعلم خطأ تجويد إسناد الحديث من المعلق على " مسند أبي يعلى "، ثم في تعليقه على " موارد اَلظَّمْآن " (6 / 258 - 261) وكأنه كان مُتَأَثِّرًا بتقوية الحافظ لإسناده غير مفكر فيما تقتضيه الصناعة الحديثية، وكذلك فعل جمهور ممن ذهب إلى القول بأن وجه المرأة عورة؛ كالشيخ التويجري وغيره من المقلدين حَدِيثًا وَفِقْهًا! ولعلهم ظنوا لما رأوا تصحيح من صححه ممن سبقت الإشارة إليه أنه لا خلاف في ذلك، وذلك لضيق عطنهم، وعدم درايتهم بأقوال المضعفين، وعلى رأسهم الإمام أحمد ثم البيهقي وابن عبد البر! ولعل بعضهم عرف ذلك ثم تجاهله لغاية في نفسه، ومنهم - مع الأسف - الشيخ عبد القادر السندي في " رسالة الحجاب " (ص 49 / الطبعة الخامسة) ؛ فقد صرح بأن إسناده صحيح، ونقل كلام الحافظ في تقوية إسناده، وكلامه في " تهذيب التهذيب "، وكذا كلام المزي في " تهذيبه "، وليس فيها أكثر مما سبق بيانه: أنه روى عن نبهان محمد بن عبد الرحمن أَيْضًا، وأنه وثقه ابن حبان، وعزا إلى المزي - بناء على ذكره هذا الحديث وحديث المكاتب في ترجمة نبهان وتصحيح الترمذي لهما - أنه ثقة يحتج بحديثه! وفيه تحميل لصنيع المزي ما لا يريده؛ فإن كتابه خاص بذكر ما قيل في المترجم من توثيق أو تجريح، وليس أنه يذكر فيه ما يتبناه هو لنفسه، ألا ترى أن الحافظ كما حكى توثيق ابن حبان في " اَلتَّهْذِيب " لم يتبنه في " التقريب " فلم يوثقه فيه؛ بل لينه كما تقدم بيانه، والسبب هو ما ذكرته! هذا؛ وإنما نسبت المذكور إلى تجاهل علة الحديث لأمرين اثنين ذكرت آنِفًا أحدهما. والآخر: أنه عزا الحديث للبيهقي بالجزء والصفحة (7 / 91 - 92) ، وهناك لا بد أنه رأى تعقب ابن التركماني للبيهقي بقوله: " قلت: في سنده نبهان، سكت عنه البيهقي هنا، وقال في (أبواب المكاتب) : " صاحبا (الصحيح) لم يخرجا عنه، وكأنه لم يثبت عدالته عندهما. . . .) إلى آخر كلامه المتقدم منا، وإذ الأمر كذلك؛ فلا بد أنه رجع إلى الأبواب المشار إليها، ووقف على من ينبهه إن كان غَافِلًا على كون نبهان لم يصح أنه روى عنه غير الزهري، وأنه لذلك مجهول عند البيهقي، فكان عليه أن يبينه ولا يكتمه، وأن يجيب عنه إن كان لديه جواب! وقد وقفت له على تدليس آخر أرجو أن لا يكون بقصد منه، وهو أنه لما نقل عن المزي الحديثين اللذين أحدهما هذا والآخر حديث المكاتب؛ قال - عن المزي طَبْعًا -: " وأخرجه النسائي من وجوه أخرى. انتهى كلام الإمام المزي ". وكل من قرأ هذا التخريج لا يفهم منه إلا أن له طُرُقًا أخرى عن غير نبهان يتقوى بها! والواقع يشهد أنه ليس كذلك، ولا هو قصد النسائي ولا المزي؛ فإن تمام كلام النسائي عنده: " وأخرجه النسائي من وجوه أخر عن الزهري ". فإذن؛ هذه الوجوه مدارها على الزهري عن نبهان، فلا تعطي للحديث قوة؛ خِلَافًا لما رمى إليه بحذفه زيادة " عن الزهري "! وكنت أود أن يكون حذفه إياها إنما وقع منه سَهْوًا، ولكني رَأَيْته قد أعادها مرة أخرى في الصفحة ذاتها! والله المستعان. ثم إنني لا أستبعد منه - وهذا بعض ما فعل - أو من غيره من المقلدين أن يكونوا قد وقفوا على قول الحافظ في مكان آخر من " الفتح " (1 / 550) عقب الحديث: " وهو حديث مختلف في صحته ". فإن فيه تَنْبِيهًا وَحَافِزًا على معرفة أسباب الخلاف، ثم اختيار ما هو أقرب إلى الصواب، وهذا ما أنا في صدده بإعانة الله تعالى وتوفيقه. هذا هو الأمر الأول. والآخر: أن الحديث مع ضعف إسناده، منكر في متنه؛ لِمُخَالَفَتِهِ حديث فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس رضي الله عنهما في قصة طلاقها من زوجها، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها: إن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى؛ فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك، فانطلقت إليه. . . الحديث. رواه مسلم (4 / 196) وغيره، وهو مخرج في " الإرواء " (1804) . فهو مخالف لحديث نبهان من وجهين: الأول: إذنه صلى الله عليه وسلم لفاطمة بأن تقضي عدتها عند ابن أم مكتوم. وفي حديث نبهان أنه قال لأم سلمة وميمونة حين دخل ابن أم مكتوم: " قوما "! والآخر: أن إذنه صلى الله عليه وسلم لها يستلزم جواز نظرها إلى ابن أم مكتوم، وفي حديث نبهان: " ألستما تبصرانه؟ ! ". ولذلك؛ قال في " شرح منتهى الإرادات " (3 / 6) : " ويباح لامرأة نظر من رجل إلى غير عورة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس. . . (فذكر الحديث) . وقالت عائشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ". متفق عليه. ولأنهن لو منعن النظر؛ لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء؛ لئلا ينظرن إليهم ". ثم ذكر حديث نبهان وتضعيف أحمد وابن عبد البر إياه - كما تقدم - ونقله عنه، ثم قال: " وحديث فاطمة صحيح، فالحجة به لازمة. ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك قال أحمد وأبو داود ". قلت: وهذا الجمع إنما يصار إليه لو صح الحديث، وإذ لا؛ فلا. (تنبيه) : لقد أورد الحديث مختصرا " تفسير ابن كثير ": الحلبيان؛ زاعمين أنه حديث صحيح! وكم لهما من مثل هذا التصحيح الذي لا يشهد له علم الحديث ولا فقهه، وإن كان لهما هنا عذر وإنما هو التقليد، ومعلوم أنه لا يقلد إلا جاهل! ولكن لا يسعه إلا ذلك! ومثلهما ذاك الحائر المتفقه المسمى محمد أديب كلكل في كتابه: " فقه النظر في الإسلام "! فقد زاد عليهما أنه قال عقب الحديث (ص 132) : " وهذه القصة تؤيدها رواية أخرى في " الموطأ " للإمام مالك رضي الله عنه أن رَجُلًا أعمى دخل على عَائِشَة رضي الله عنها، فاحتجبت منه. فقيل لها: لماذا تحتجبين منه وهو لا ينظر إليك؟ قالت: لكني أنظر إليه "! قلت: وهذا كذب على " موطأ الإمام مالك " رحمه الله؛ فإنه ليس فيه يَقِينًا؛ فقد قلبته - للتأكد - صفحة صفحة، ودققت فيه حَدِيثًا حَدِيثًا وَأَثَرًا أَثَرًا، فلم أجد لَهُ أَثَرًا! بل ولا أظن أن له أَصْلَا في شيء من دواوين السنة التي تروي الأحاديث والآثار بالأسانيد، ويمكن أن يكون المؤلف نقلها من بعض كتب المتأخرين التي تَرْوِي من الروايات ما لا سنام لها ولا خطام! والله المستعان. ثم رأيت هذا اَلْأَثَر قد ذكره ابن القطان في " النظر في أحكام النظر " (ق 63 / 2) فقال: " وروي عن مالك: واحتجبت عائشة رضي الله عنها من أعمى. . . " إلخ. فهذا يعني أنه ليس في " الموطأ " كما هو ظاهره، ونحوه قول الحافظ في " التلخيص " عقب ما نقلته عنه آنِفًا من التوثيق: " وعند مالك. . . ". ولعل قوله: " وعند " محرف من: " وعن ". والله أعلم. __________ (1) قلت: قد أشار ابن عبد البر إلى هذا الحديث في كتابه العظيم ((التمهيد)) وقال (16 / 236) : ((لم يروه إلا نبهان مولى أم سلمة، وليس بمعروف بحمل العلم، ولا يعرف إلا بهذا الحديث وحديث آخر)) . 5970 - (النظرة الأولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تُدَمّر. نَظَرُ المؤمن إلى محاسن المرأة سهم من سهام إبليس! مسموم، من تركها من خشية الله، ورجا ما عنده؛ أثابه اَللَّه بذلك عبادة تبلُغُه لذّتها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 101) من طريق أبي مهدي عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مَرْفُوعًا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو مهدي - واسمه سعيد بن سنان الحمصي -؛ وهو متهم بالوضع، وقد تقدمت له أحاديث (294، 555، 604، 616، 957، 1115) . "رواه البزار، وفيه الهيثم بن محمد بن حفص؛ وهو ضعيف، ويعقوب بن محمد الزهري؛ ضعيف أيضاً ". قلت: هو متابع عند سائر مخرجيه من غير واحد؛ فالعلة من الهيثم وأبيه. 6020 - (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! اتَّقِيْنَ اللهَ، والتمِسوا مَرْضاةَ أزواجِكُنًّ؛ فإن الْمَرْأَةَ لَوْ تَعْلَمُ ما حَقُّ زوجِها، لم تزلْ قائمةً مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه البزار في مسنده المعروف بـ "البحر الزخار" (2/ 290 - 291) ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/47) من طريق الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي قال: نا عبد الغفار بن القاسم عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... فذكره. وقال البزار: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو موضوع؛ آفته عبد الغفار هذا، قال علي بن المديني وأبو داود: "كان يضع الحديث". والحكم: متروك، وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (4/309) ، ثم الحافظ ابن حجر في "زوائد مسند البزار" (ص 154) ! فقصَّرا؛ لأن شيخه عبد الغفار شر منه - كماسبق -. وللشطر الثاني منه شاهد من حديث معاذ مرفوعاً بلفظ: "لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ". أخرجه البزار (2/ 180/ 1471 - كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/160/333) من طريق فضيل بن سليمان النُّمَيري: ثنا موسى بن عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بن سُلَيْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ ... به. قال الهيثمي: "رواه البزار والطبراني، وفيه عبيد (الأصل: عبيدة) بن سليمان الأغر؛ ولم أعرفه، ولا أعرف لأبيه من معاذ سماعاً، وبقية رجاله ثقات ". وتعقبه الحافظ في "زوائده " بقوله: "قلت: بل عبيد معروف، والإسناد حسن "! كذا قال! وفيه عندي نظر من وجهين: الأول: أن الفضيل بن سليمان النميري - وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد - ضعفه جمهور الأئمة، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/316 -317) ! فشذ؛ ولذلك أورده الذهبي في "الضعفاء " وقال (515/4958) : "فيه لين. قال أبو حاتم وغيره: ليس بالقوي. وقال أبو زرعة: لين. وقال ابن معين: ليس بثقة". وذكر مثله في "الكاشف ". وقال الحافظ نفسه في "التقريب ": "صدوق، له خطأ كثير". قلت: فمثله لا يحتج به؛ وإنما يستشهد به، وقد قال الحافظ في "مقدمة فتح الباري " (ص 435) : "ليس له في "البخاري" سوى أحاديث؛ توبع عليها". ثم ذكرها، مع بيان من تابعه عليها. والوجه الآخر: أن المعروف إنما هو (عبيد بن سلمان الأغر) ؛ كذلك هو في "التهذيب " وغيره، فإن كان هو هذا؛ فيكون قوله في هذا الإسناد: " ... سليمان ... "؛ من أوهام النميري. والله أعلم. 6043 - (إذا تَطَيَّبَت المرأةُ لغيرِ زوجِها فإنما هو نارٌ في شَنَار) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (2/166/2/7539) : حدثنا محمد بن أبان: ثنا عبد القدوس بن محمد: حدثتني أمي حبيبة بنت منصور: حدثتني أم سليمة بنت شعيب بن الحبحاب عن أبيها عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... فذكره، وقال: "لا يروى عن شعيب إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف مجهول؛ حبيبة وأم سليمة لم أجد لهما ذكراً في شيء من كتب الرواة، ولا ذكرهما الذهبي في (فصل النساء المجهولات) من آخر "الميزان"، ولذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/157) : "رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه امرأتان لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات ". وقد وجدت للحديث شاهداً، ولكنه موقوف، وإسناده واهٍ، يرويه نعيم بن حماد: ثنا بقية بن الوليد عن يزيدَ بنِ عبد الله الجهني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلت على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معها (1) ، فقال الرجل: يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة؟ فأعرضت عنه بوجهها. قال أنس: فقلت لها: حدثينا يا أم المؤمنين عن الزلزلة؟ فقالت: يا أنس! إن حدثتك عنها عشت حزيناً، وبعثت وذلك الحزن في قلبك. فقلت: يا أماه! حدثينا؟ فقالت: إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها، هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب. وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً. فإذا استحلوا الزنا، وشربوا الخمور بعد هذا، وضربوا المعازف؛ غار الله في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا؛ هَدَمَها عليهم. فقال أنس: عقوبة لهم؟ قالت: رحمة وبركة وموعظة للمؤمنين، ونكالاً وسخطة وعذاباً للكافرين. قال أنس: فما سمعت بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أنا أشد به فرحاً مني بهذا الحديث، بل أعيش فرحاً، وأبعث حين أبعث وذلك الفرح في قلبي - أو قال: في نفسي -. أخرجه الحاكم (4/516) وقال: "صحيح على شرط مسلم "! وتعقبه الذهبي بقوله: 9 قلت: بل أحسبه موضوعأً على أنس، ونعيم منكر الحديث إلى الغاية، مع أن البخاري روى عنه ". قلت: هذا الإطلاق يوهم أن البخاري روى له محتجاً به، وليس كذلك؛ فإنه إنما روى له مقروناً بغيره؛ كما قال الذهبي في "الميزان "، والحافظ في "التهذيب "، وغيرهما ممن تقدم أو تأخر، مع قلة ما روى عنه، فقد قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (ص 447) : "لقيه البخاري، ولكنه لم يخرج عنه في "الصحيح " سوى موضع أو موضعين، وعلق له أشياء أخر، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً ... ". ثم حكى اختلاف العلماء فيه: ما بين موثِّق، ومضعِّف، وناسب له إلى الوضع، وبسط أقوالهم في "التهذيب "، ويتلخص منها ما قاله في "التقريب ": "صدوق يخطئ كثيراً". قلت: ولذلك فإن الشيخ التويجري لم يصب في تعقبه - في كتابه "الصارم المشهور" (ص 33) - الحافط الذهبيَّ - بعد أن نقل عنه ما تقدم -: "قلت: وهذا تحامل من الذهبي على نعيم بن حماد، ولم يكن بهذه المثابة، وإنما أنكر عليه بعض أحاديثه لا كلَّها ... ". قلت: أوَ لا يكفي هذا في تضعيف ما تفرد به من الحديث؟! ثم قال: "وروى عنه البخاري في "صحيحه " ومسلم في مقدمة (صحيحه) ". قلت: قد عرفت قلة ما روى عنه البخاري، وأنه لم يحتج به. وكذلك يقال في رواية مسلم له في "المقدمة"؛ فإنه: أولاً: لم يرو لى فيها حديثاً مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما في تجريح عمرو بن عبيد المعتزلي، فقد روى فيها (1/17) من طريقين عنه بسنده عن يونس بن عبيد قال: "كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث ". وثانياً: أنه روى له هذا في الشواهد؛ فقد أتبعه بالرواية بسندين آخرين عن غير يونس تكذيبَ عمرو بن عبيد. فإذن؛ لا قيمة لرواية الشيخين لنعيم بن حماد، وبخاصة بعد ثبوت جرح جمع له لسوء حفظه، وكثرة وهمه، وكذلك لا قيمة لتوثيق من وثقه، الذي جنح إليه التويجري معرضاً عن قاعدة علماء الحديث: "الجرح مقدم على التعديل "، ولا غرابة في ذلك؛ فإنه حديث عهد بهذا العلم الشريف؛ كما يدل عليه كتابُه هذا، وكثرة الأحاديث الضعيفة التي فيه ساكتاً عنها، ومغرراً قرّاء كتابه بها، ظنّاً منهم أنه لا يسكت عن الضعيف! وإن مما يؤكد ما ذكرته أمرين اثنين: الأول: أنه وقف عند جوابه عن إعلال الذهبي الحديث بنعيم بن حماد، فرد عليه بما عرفت وهاءه، ثم أتبعه بقوله: "وأيضاً، فلم ينفرد نعيم بهذا الحديث، بل قد تابعه عليه محمد بن ناصح، رواه عن بقية بن الوليد بنحوه. رواه ابن أبي الدنيا، فبرئ نعيم من عهدته. والله أعلم ". وأقول: كلا؛ لأن التبرئة لا تَحَقَّقُ إلا إذا ثبتت عدالة محمد بن ناصح هذا؛ لاحتمال أن يكون مجهولاً، أو يسرق الحديث أو غير ذلك من العلل القادحة، وقد ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (3/324) برواية محمد بن الليث (الأصل: أبي الليث) الجوهري وابن أبي الدنيا، قال: "وغيرهما"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والأمر الآخر: أننا لو سلمنا جدلاً بالتبرئة المذكورة؛ فإنه يرد على الشيخ مؤاخذتان هامتان: الأولى: أن في الإسنادين علتين فوق نعيم بن حماد: 1 - بقية بن الوليد: فإنه مدلس وقد عنعنه من طريق نعيم كما رأيت، ومن طريق محمد بن ناصح كما سترى. ومن المعروف في علم المصطلح أن العنعنة من المدلس علة تقدح في ثبوت الحديث، وبخاصة إذا كان من مثل بقية الذي قال فيه أبو مسهر: (أحاديث بقية ليست نقية؛ فكن منها على تقية ". 2 - يزيد بن عبد الله الجهني: الظاهرأنه من شيوخ بقية المجهولين، فإنه لا يعرف إلا بروايته عنه، ولم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال القديمة الأصول؛ مثل: "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل" وغيرهما، وإنما ذكره الذهبي في "الميزان "، وساق له برواية بقية عنه عن هاشم الأوقص عَنْ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً: ، من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفي ثمنه درهم حرام ... " الحديث، وقد سبق تخريجه برقم (844) ، وذكرت هناك أن بقية اضطرب في إسناده؛ فراجعه. والمقصود: أن الذهبي لم يذكر في ترجمة الجهني هذا غير هذا الحديث، وقال فيه: "لا يصح ". ووافقه العسقلاني. قلت: فهو مجهول العين؛ فلا أدري أعلم الشيخ التويجري بهاتين العلتين أم تجاهلهما؟! وسواء كان هذا أو ذاك: أفيجوز لمثله أن يتطاول على الحافظ الذهبي وأن ينسبه إلى التحامل! وهو من هو في هذا العلم ونقد الرواة والمتون؟! ومما سبق تعلم أن تصحيح الحاكم لهذا الإسناد على شرط مسلم هو من أفحش أخطائه الكثيرة في "مستدركه "! والمؤاخذة الأخرى: أنه دلس على القراء: فأوهمهم بالمتابعة التي ادعاها أنها متابعة تامة مطابقة لسياق نعيم بن حماد إسناداً ومتناً، وليس كذلك، وبيانه من وجهين: الأول: أن ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن ناصح: حدثنا بقية بن الوليد عن يزيد بن عبد الله الجهني: حدثني أبو العلاء عن أنس بن مالك: أنه دخل على عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ورجل معه، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين! حدثينا عن الزلزلة؛ فقالت: إذا استباحوا الزنا ... إلخ. هكذا ساقه ابن القيم رحمه الله في كتابه "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (ص 264 - طبعة الحلبي) ، ومنه نقل الشيخ التويجري - فيما أظن -، ومن عادته أن لا يعزو إلى المصدر الذي نقل عنه، وهذا من سيئات مؤلفاته، وبخاصة إذا كان المصدر مما لم يطبع بعد؛ ككتاب ابن أبي الدنيا هذا، وأظنه "ذم الملاهي، له، وقد كنت استنسخته من نسخة مخطوطة الظاهرية، ثم تبين أن فيها خرماً في منتصفها، فأهملته، ثم لا أدري أين بقيت المنسوخة. والمقصود أن محمد بن ناصح زاد في الإسناد: (أبو العلاء) بين الجهني وأنس. فمن أبو العلاء هذا؟ لا أدري، ولا الشيخ نفسه يدري! وقد ذكر الذهبي في "المقتنى في سرد الكنى" (1/405 - 409) فيمن يكنى بأبي العلاء - جمعاً كثيراً من الرواة، ثلاثة منهم رووا عن أنس: 1 - يزيد بن درهم: عن أنس. 2 - صَبيح الهذلي: رأى أنساً، لين. 3 - موسى القتبي: سمع أنساً. 1 - أما يزيد بن درهم: فهو مختلف فيه؛ فوثقه الفلاس، وقال ابن معين: "ليس بشيء ". انظر "الميزان " و"اللسان ". 2 - وأما صَبيح الهذلي: فله ترجمة في "التاريخ الكبير" (2/2/325) - وهو عمدة الذهبي في قوله: "رأى أنساً "، وتمامه عنده: " ... ينبذ له في جرة" -، وذكره ابن حبان في "الثقات " (4/385) : "يروي عن أنس بن مالك، وعنه حماد بن سلمة وعبد العزيز بن المختار". 3 - وأما موسى القُتَبي: فذكره البخاري وابن أبي حاتم برواية حماد بن سلمة عنه، ولا أستبعد أن يكون الذي قبله، ويكون "صبيح " لقباً له. ولعل عدم ذكر ابن حبالت له بترجمة مفردة يشعر بذلك. والله أعلم. وجملة القول: أن أبا العلاء في سند ابن أبي الدنيا لا يعرف من هو من بين هؤلاء الثلاثة. فإن كان أحدهم؛ فليس فيهم من تطمئن النفس للثقة بعدالته وحفظه. هذا هو الوجه الأول مما يؤاخذ عليه الشيخ. والوجه الآخر: - وهو الأهم -: أنه ليس في رواية ابن أبي الدنيا الفقرتان الأوليان المتعلقتان بالمرأة تخلع ثيابها وتَطَيَّبُ لغير زوجها - وهما موضع الشاهد في بحث الشيخ -، فلو أن سند الرواية كان صحيحاً؛ لم يجز للشيخ ولا لغيره - هدانا الله وإياه - أن يوهم القراء ما تقدمت الإشارة إليه، كما هو ظاهر. والله المستعان. لكن مما يجب التنبيه عليه، أن الشطر الأول من حديث عائشة المتعلق بالمرأة تخلع ثيابها قد صح من طريق أخرى عنها، ومن حديث أم الدرداء أيضاً، وهما مخرجان في كتابي "آداب الزفاف في السنة المطهرة" (ص 140 - 141/ الطبعة الجديدة - عمان) ، فاقتضى التنبيه، وأن سوق حديث عائشة من رواية نعيم ابن حماد؛ إنما كان من أجل أن فيه الفقرة الثانية الشاهدة لحديث الترجمة ... فاستلزم ذلك تحقيق الكلام فيه، وبيان أنه لا يصبح شاهداً؛ لوقفه ووهائه. والله ولي التوفيق. ثم إن الذي في نسخة "الأوسط " المصورة: "أم سليمة"، وفي نسخة "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" المصورة من مكتبة الحرم المكي: "أمي سليمة"، ولما لم نجد لها ترجمة؛ لم نتمكن من معرفة الراجح منهما. والله أعلم. ومن الغريب أن الشيخ التويجري حين يحاول تقوية حديث عائشة بدفاعه عن نعيم بن حماد لا يَشْعُرُ أنه يقيم الحجة به على نفسه لقول أنس عنها: " فأعرضت بوجهها عنه "؛ لأن الإعراض بالوجه في مثل هذه الحالة لا يتبادر لذهن العربي إلا أن الوجه مكشوف! ولكني لا أستبعد على الشيخ أن يسلط عليه معول التأويل حتى يخرجه عن دلالته الظاهرة؛ كما فعل في غيره من النصوص الصريحة الدلالة على خلاف رأيه! __________ (1) كذا، رفي رواية ابن أبي الدنيا الآتية: " معه " ... ولعلها الصواب. 6073 - (لا تكونُ المرأةُ حَكَمَاً تقضي بين الناس) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه الديلمي (3/174) من طريق علي بن المديني: حدثنا عبد الكريم البصري عن عمر بن زيد بن مهران عن عطاء عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عمر بن زيد بن مهران لم أعرفه، ومن المحتمل أن يكون الذي في "كامل ابن عدي" (5/1687) : "عمربن يزيد المدائني، منكر الحديث عن عطاء وغيره". وعبد الكريم البصري: هو من طبقة عبد الكريم بن روح بن عنبسة أبي سعيد البصري مولى عثمان، وهو ضعيف. فيحتمل أن يكون هو هذا. والحديث في "الجامع الكبير" أيضاً! 6110 - (مَن نظرَ إلى فرجِ امرأةٍ؛ لم تَحِلَّ له أمُّها ولا ابنتُها) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (4/165) : جرير بن عبد الحميد عن حجاج عن أبي هانئ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، أبو هانئ هذا لم أعرفه، وقد ذكر الذهبي في "المقتنى" خمسة بهذه الكنية وسماهم، ولم يتبين لي أنه منهم، وكلام البيهقي الآتي يشعر بأنه مجهول لا يعرف. والحجاج الظاهر أنه ابن أرطاة، وبه جزم البيهقي، وهو كوفي، وكذا الراوي عنه جرير بن عبد الحميد، قال البيهقي في (باب الزنا لا يحرم الحلال) من "السنن الكبرى، (7/ 170) : "وأما الذي يروى فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة؛ حرمت عليه أمها وابنتها"؛ فإنه إنما رواه الحجاج بن أرطاة عن أبي هانئ، أو أم هانئ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا منقطع، ومجهول، وضعيف، الحجاج بن أرطاة لا يحتج به فيما يسنده، فكيف بما يرسله عمن لا يعرف؟! ". وجزم الحافظ في "الفتح " (9/156) بأنه حديث ضعيف، وعزاه لابن أبي شيبة من حديث أم هانئ؛ كذا وقع فيه: (أم هانئ) ... والصواب: (أبو هانئ) - كما سبق عن "المصنف " -، وكذلك وقع في "الدر المنثورة (2/136) معزواً لابن أبي شيبة، ووقع عند البيهقي معلقاً على الشك: (أبي هانئ، أو: أم هانئ) - كما رأيت -، فإن كان محفوظاً؛ ففيه إشارة إلى أن الراوي لم يحفظه جيداً، ولعل ذلك من الحجاج أو من شيخه الذي أسقطه من الإسناد؛ فإنه مشهور بالتدليس. والله أعلم. 6111 - (إذا نكحَ الرجلُ المرأةَ فلا يحلُّ له أن يتزوّج أمَّها دَخَلَ بالابنةِ أو لم يدخُلْ، وإذا تزوجَ الأمَّ فلم يدخلْ بها ثم طَلَّقها؛ فإن شاءَ تزوجَ الابنةَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. قال السيوطي في "الدر المنثور" (2/135) : "أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه " من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... " فذ كره. وأقول: لقد كنت خرجت الحديث في "الإرواء" (6/286/1879) بلفظ: "أيما رجل نكح امرأة ... " الحديث، وبينت علته، وذكرت من ضعفه من الأئمة بما يغني عن إعادة ذلك هنا، وإنما أوردته هنا بتخريج السيوطي المذكور لفوائد جديدة وغيرها من الأمور الآتية: أولاً: اقتصر السيوطي في "الجامع الكبير" في تخريجه على البيهقي فقط! وفي ذلك دلالة على أنه قد يوجد في الكتاب غير الختص بالحديث من الفواثد ما لا يوجد في المختص فيه. ثانياً: أخرجه عبد الرزاق في (المصنف " (6/276/10821 و278/10830) مفرقاً في موضعين، قال: أخبرني من سمع المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب ... به، وقد وصله ابن جرير والبيهقي من طريق ابن المبارك قال: أخبرنا المثنى ابن الصباح ... به. وقد تابعه ابن لهيعة عن عمرو، كما كنت خرجته هناك، ومنهم الترمذي وقال: "لا يصح ... ، والمثنى وابن لهيعة يضعفان في الحديث ". ثالثاً: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حسن؛ كما تقرر عند المحققين من أهل العلم إذا ثبت السند إليه، فقد يقول قائل: ألا يتقوى حديثه هذا بمتابعة المثنى لابن لهيعة؟ وما وجه جزم الترمذي مع ذلك بأنه لا يصح؟ قلت: الجواب: قال الحافظ في (تخريج أحاديث الكشاف " (4/ 41) عقب قول الترمذي المذكور: "ويشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثنى؛ لأن أبا حاتم قال: "لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئاً؛ فلهذا لم يرتق هذا الحديث إلى درجة الحسن". رابعاً: وخفي هذا التحقيق من الحافظ والإعلال من ابن أبي حاتم على الشيخ أحمد شاكر رحمه الله؛ فذهب في تعليقه على "تفسير ابن جرير" (8/146) إلى تقوية الحديث بمتابعة ابن لهيعة هذه، ولم يتنبّه إلى أن مدارها على ابن المثنى! ويؤكد ذلك ما في "التهذيب ": "وقال أحمد بن حنبل: كتب (ابن لهيعة) عن المثنى بن الصباح عن عمرو ابن شعيب، فكان بعد يحدث بها عن عمرو بن شعيب "! قلت: والظاهر أن ذلك كان عن نسيان منه؛ كما أشار إلى ذلك ابن عدي في آخر ترجمته إياه (4/154) ، وذكر فيها هذا الحديث فيما استنكر عليه. وهذا هو السبب في خلو (مسند ابن عمرو) في "مسند أحمد" من رواية ابن الهيعة عن عمرو بن شعيب. مع أن فيه من رواية آخرين عنه، منهم المثنى كما تقدم. فخذها فائدة قد لا تجدها في غير هذا المكان. خامساً: لم يكتف أحمد شاكر بها سبق ذكره عنه؛ بل قال في المثنى: "نرى أن حديثه حسن؛ لأنه اختلط أخيراً، كما فصلناه في "المسند" في الحديث 6893 ". قلت: وإذا رجع القارئ إلى المكان المشار إليه؛ وجد أنه ذكر تضعيفه عن أبي حاتم وأبي زرعة وابن سعد والنسائي وغيرهم، وقد اختلط في آخر عمره ... قال بعد أن نقل عن البخاري اختلاطه: "ولعل هذا أعدل ما قيل فيه ". فأقول: لو سلمنا بهذا؛ فمن المعلوم أن حديث المختلط ضعيف عند، المحدثين: إلا إذا حدث به قبل الاختلاط، وكان هو في نفسه ثقة، وكل من الأمرين هنا غير متحقق؛ أما الأول: فلأنه لا يدرى هل حدث بهذا الحديث قبل الاختلاط أم بعده؟ والأخر: فلأنهم قد أجمعوا على تضعيفه إلا رواية عن ابن معين، لكنه في روايتين أخريين عنه ضعفه، فهذا أولى بالاعتماد؛ لموافقته لأقوال الأئمة الآخرين، فإنها مجمعة على تضعيفه، وإن اختلفت عباراتهم؛ ولذلك قال ابن عدي في آخر ترجمته (6/425) : "وقد ضعفه الأئمة المتقدمون، والضعف على حديثه بَيِّن ". بل قد ضعفه جدّاً بعضهم، فقال النسائي وابن الجنيد: "متروك الحديث ". وقال الساجي: "ضعيف الحديث جدّاً، حدث بمناكير يطول ذكرها". قلت: فكيف يستقيم تحسين حديث من هذا حاله؟! سادساً: وأنكر مما سبق ما وقع في تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن " (5/106 -107) : " أخرجه في الصحيحين "! وهذا وهم محض، ولعله من بعض النساخ. والله أعلم. 6243 - (عِنْدَ أُمِّكَ قِرَّ؛ فَإِنَّ لَكَ مِنَ الأَجْرِ عِنْدَهَا مِثْلَ مَا لَكَ فِي الْجِهَادِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه عبد الرزاق (8/463) ، وعنه الطبراني (11/410) عن يحيى بن العلاء عن رشدين بن كريب - مولى ابن عباس - عن أبيه عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال: جاء رجل وأمه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يريد الجهاد، وأمه تمنعه، فقال: ... فذ كره. قال: وجاءه رجل آخر، فقال: إني نذرت أن أنحر نفسي! فشغل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذهب الرجل، فوجد يريد أن ينحر نفسه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من يوفي النذر، ويخاف {يوماً كان شره مستطيراً** هل لك من مال؟ "، قال: نعم. قال: "اهد مائة ناقة، واجعلها في ثلاث سنين، فإنك لا تجد من يأخذها منك معاً ". ثم جاءته امرأة فقالت: إني رسولة النساء إليك ... الحديث مثل رواية مندل ابن علي العنزي المذكورة في الحديث الذي قبله. قلت: وهذا موضوع؛ أفته يحيى بن العلاء فإنه كان يضع الحديث، وقد تقدمت له أحاديث فراجعه في (فهارس الرواة المترجم لهم) . وشيخه رشدين ضعيف، وبه فقط أعله الهيثمي في مواضع من "المجمع" (4/189 و 306 و5/322) وقال في الموضع الأول: "وهو ضعيف جداً جداً "! كذا فيه بتكرار جداً، فلعله من الناسخ أو الطابع؛ فإنه غير معهود منه، وإعلاله بيحيى بن العلاء أولى كما لا يخفى على العلماء، فلعله لم يتنبه له. وأسوأ منه سكوت المعلق الأعظمي على "المصنف"؛ فلم يعله لا بهذا ولا بذاك، وهذا مما لا يجوز له باتفاقهم؛ لأنه من كتمان العلم، وهذا إن كان منهم، وإلا ففاقد الشيء لايعطيه!! ويغني عن هذا الحديث الموضوع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الزمها؛ فعقد الجنة عند رجليها". وهو مخرج في "المشكاة" (4939) ، و"الإرواء" (1199) . 6382 - (إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا، وَالرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُمَا يُيَمَّمَانِ وَيُدْفَنَانِ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لاَ يَجِدِ الْمَاءَ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : موضوع. أخرجه أبو داود في "المراسيل" (298/414) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (3/398) : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِى ابْنَ عَيَّاشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى سَهْلٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره، وقال البيهقي: «هَذَا مُرْسَلٌ» . كذا قال ولم يزد، وهو ذهول عن كونه مرسلاً موضوعاً، آفته محمد بن أبي سهل هذا، فقد جزم أبو حاتم وغيره بأن محمد بن أبي سهل هذا هو محمد بن سعيد الشامي الكذاب المصلوب في الزندقة، وخفي ذلك على ابن حبان، فذكره في "الثقات" (7/408) ، وبخلاف صنعه في محمد بن سعيد، فذكره في "الضعفاء"، انظر تعليقي على ترجمته في كتابي الجديد: "تيسير الانتفاع " وقد تحرف اسم محمد ابن أبي سهل في "مصنف عبد الرزاق" (3/413/6135) إلى (محمد الزهري) ! وأشار النووي إلى الحديث في "المجموع" (5/151) ، ولم يزد أيضاً على قوله: "رواه البيهقي مرسلاً "! قلت: وهارون بن عباد - هو: أبو موسى الأزدي الأنطاكي - لم يذكروا له راوياً غير أبي داود ومحمد بن وضاح القرطبي، ولم يوثقه أحد، ولذا قال الحافظ: "مقبول". لكن تابعه عبد الرزاق - كما تقدم -. وقد خالفهما أبو بكر بن أبي شيبة فقال في "مصنفه" (3/248) : حدثنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن عطاء في المرأة تموت مع الرجال؟ قال: "تيمم، ثم تدفن في ثيابها. قال: والرجل كذلك ". قلت: فلعل هذا الاختلاف في الإسناد إنما هو من أبي بكر بن عياش، فإنه مع كونه من رجال البخاري، فهو قد تكلم فيه من قبل حفظه. وقد روي مرفوعاً من طريقين آخرين واهيين: أحدهما: عن نُعَيْم بن حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بن زَيْدِ بن وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ بن قَيْسٍ عَنْ بُسْرِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سِنَانِ بن عَرَفَةَ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةِ تَمُوتُ ... إلخ. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/119 - 120) . قلت: وعبد الخالق هذا، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة". وبه أعله الهيثمي (3/23) ، إلا أنه قال: "وهو ضعيف". قلت: ونعيم بن حماد: ضعيف أيضاً، بل قد اتهمه بعضهم - كما تقدم مراراً -. وإذا عرفت ما تقدم، فإيراد سنان هذا في "الصحابة" لهذا الحديث الواهي إسناده مما لا يخفى فساده، وبخاصة مع السكوت عن بيان وهائه، كما فعل الحافظ في "الإصابة"، وقد عزاه للبارودي وابن السكن أيضاً من طريق بسر بن عبيد الله! لم يذكر ما دونه من الإسناد المبين لضعفه! فقد يتوهم منه الكثيرون أنه ثابت! لأن بسراً هذا ثقة، إلا لابتدأ بإسناده من الموضوع الضعيف منه - كما عليه عرف العلماء وعملهم ومنهم الحافظ نفسه - ولذلك فقد أحسن الذهبي حين قال في "التجريد" (1/241) : "سنان بن غرفة له صحبة. روى عنه بسر بن عبيد الله إن صح". فأشار رحمه الله إلى أنه لا يصح. والطريق الآخر: يرويه بشر بن عون الدمشقي: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة بن الأسقع مرفوعاً ... به مقتصراً على جملة المرأة فقط. أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (3/347) مع حديثين آخرين بهذا الإسناد. وبشر بن عون وبكار بن تميم، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "مجهولان". والأول أورده ابن حبان في "الضعفاء" (1/190) وقال: "يروي عن بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة نسخة فيها ستمائة حديث، كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال ". ثم ساق له أحاديث ثلاثة أخرى، وتقدم أحدها برقم (5756) . واعلم أن الآثار في هذا الباب مختلفة، فبعضها بمعنى هذا الحديث. وفي بعضها أن المرأة يصب عليها الماء صباً فوق الثياب صباً. وروى ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق مطر عن نافع عَنْ ابْنِ عُمَرَ: في المرأة تموت مع الرجال؟ قال: تغمس في الماء. ولفظ البيهقي: ترمس في ثيابها. 6391 - (كَانَت المرأةُ إذا جاءت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [مُهاجِرَةٌ] حَلَّفَها عمرُ باَللَّهِ مَا خَرَجَتْ رَغْبَة بأرضٍ عَنْ أَرْض، وباللَّهِ مَا خَرَجَتْ اِلْتِمَاس دُنْيَا، وَباللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلَّا حُبّاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (28/44) ، والبزار (3/75/2272) - والسياق له -،من طريق قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبي نصر [الأسدي] عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ في قوله تبارك وتعالى: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن** ، قال: ... فذكره. وقال: " لا يروى عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ إلا بهذا الإسناد، وأبو نصر لم يرو عنه إلا خليفة ". قلت: وذكره البخاري في "الكنى" (76/725) ، وابن أبي حاتم (4/2/448 - 449) برواية خليفة هذا عنه، وسكت عنه البخاري، وقال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: كوفي ثقة". قلت: إذا كان لا يعرف إلا برواية خليفة، فمن الصعب أن تعرف ثقته، وكأنه لذلك قال الذهبي في "المغني: "لا يعرف". وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول". وقد روى له البخاري معلقاً في "صحيحه" أثراً آخر عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ، فقال عقبه: "ويذكر عن أبي نصر أن ابن عباس ... " وقال (9/153) : "وأبو نصر هذا لم يعرف بسماعه من ابن عباس". وقيس بن الربيع مختلف فيه، والراجح فيه أنه - كما قال الذهبي في "المغني" -: "صدوق سيء الحفظ". ونحوه قول الحافظ في "التقريب": "صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به". قلت: فقول السيوطي في "الدر المنثور" (6/208) بعدما عزاه لجمع غير المذكوريْن: "بسند حسن"، لا يخفى ضعفه. وقد صدّره الحافظ ابن رجب في "شرح الأربعين" (ص 9) بصيغة: "روي"، مشيراً لضعف إسناده، فأصاب. وقال الهيثمي في "المجمع" (7/123) : "رواه البزار، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري، وضعَّفه غيرهما، وبقية رجاله ثقات". وتعقبه الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (2/112) : قلت: أعله الشيخ بـ (قيس) ، وقد ذكر البخاري أن (أبا نصر) لم يسمع من ابن عباس، فهي العلة ". 6392 - (قال لقد زَوَّجْتُكِ غيرَ دجَّالٍ. يعني علياً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : ضعيف. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/165) من طريق قيس بن الربيع عن موسى بن قيس عن حُجر بن عنبس قال: لما زوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة من علي رضي الله تعالى عنهما قال: ... فذكره. أورده في ترجمة موسى بن قيس - وهو الحضرمي - هذا، وقال: "يلقب عصفور الجنة، من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث رديئة بواطيل". قلت: تفرد العقيلي برميه بالرفض، وما رواه عنه أن الثوري قال له: أيهما أحب إليك أبو بكر أو علي؟ قال: قلت: علي. فهذا - وإن كنا لا نوافقه عليه - ليس رفضاً، فكثير من السلف كانوا يفضلون علياً، فليس هذا بالذي يقدح فيه، ولا سيما وقد روى عبد الله بن أحمد في "العلل" (1/125 و241) عن أبيه أنه قال فيه: "ما أعلم إلا خيراً ". ولذلك لم يضعفه أحد، بل صرّح بتوثيقه جمع من المتقدمين والمتأخرين، وفي "ثقات ابن شاهين" (305/1291) ما نصه: "وقال ابن نمير: موسى بن قيس. قال: كان ثقة، روى عنه الناس، وهو حضرمي ". وهذا الحديث المرفوع هو الوحيد الذي ذكره العقيلي في ترجمته، وكان من الممكن أن يدان به، أو أنه كان سالماً من علة ممن دونه أو فوقه. والواقع خلاف ذلك، فإنه دونه - كما هو ظاهر - قيس بن الربيع، وفيه ضعف معروف، وكان له ابن يدس فِي حَدِيثِه ما ليس منه. وقد خالفه في متنه أبو نعيم الفضل بن دكين، فرواه عن موسى بن قيس ... بلفظ: "وهي لك يا علي! لستُ بدجال ". أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/19 - 20) . وتابعه عبد الله بن داود - وهو الخريبي -: ثنا موسى بن قيس ... به. أخرجه البزار (2/151/1406) وقال: "وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لستُ بدجال" يدل على أنه كان وعده، فقال: إني لا أخلف الوعد". ذكر ابن سعد نحوه. قلت وهذا اللفظ من هذين الثقتين وهو الصحيح عن موسى بن قيس، وهو مخالف للفظ قيس بن الربيع، فهو منكر، وقد كنت خرجت رواية عبد الله بن داود من طريق الطبراني عن البزار، لكنها بلفظ: "هي لك، على أن تحسن صحبتها". قلت: خرجتها في "الصحيحة" (رقم 166) ، مصححاً إسناده. ثم تبينت أنني كنت واهماً لأسباب: الأول: أن هذا اللفظ مخالف لرواية البزار المذكورة، من ناحيتين: إحداهما: أنه ليس عنده " "على أن تحسن صحبتها". والأخرى: عنده ما ليس عند الطبراني: "لستُ بدجال". وهي أصح بداهة لموافقتها لرواية ابن سعد. والثاني: أن الهيثمي ذكر في "المجمع" (9/204) رواية الطبراني، دون زيادة "على أن تحسن صحبتها". وكذلك ذكرها الحافظ في ترجمة حُجر بن قيس هذا من "الإصابة"، فخشيت أن تكون هذه الزيادة مدرجة في كتاب الطبراني من بعض النساخ. والثالث: أن حجر بن عنبس، ويقال: ابن قيس، لم تثبت صحبته، فقال الحافظ في "الإصابة" عقب الحديث: "قلت: اتفقوا على أن حجر بن عنبس لم ير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكأنه سمع هذا من بعض الصحابة". قلت: هذا محتمل، كما يحتمل أن يكون سمعه من بعض التابعين، ولهذا الاحتمال، جعل المحدثون الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف - كما هو معلوم -، بخلاف مرسل الصحابي فهو حجة، لأنه يغلب على الظن أنه تلقاه عن صحابي مثله. فلما تبين لي أنه ليس بصحابي، رجعت عن تصحيح إسناده، والله تعالى هو الهادي. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق العقيلي، وقال: "حديث موضوع، وضعه موسى بن قيس ... ". قلت: وهذا من غلوائه، فإن موسى هذا لم يتهمه أحد بوضع، بل قد وثقه جمع، وبهذا تعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/365) ، وانظر "التهذيب"، و"تيسير الانتفاع"، فالحديث علته الإرسال. والله تعالى أعلم. 6403 - (لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَلْعَنُهَا الْمَلَائِكَةُ، أَوْ يَلْعَنُهَا اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ، وَخُزَّانُ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ مَا انْتَهَكَتْ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ شَيْئاً) . قال الألباني في السلسلة الضعيفة : منكر. أخرجه البزار في "مسنده" (1/73/110) من طريق فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ... مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله ثلال علل: الأولى: عبيد بن سليمان الأغر: اختلف فيه الشيخان: البخاري وأبو حاتم، فليَّنه الأول، وقال أبو حاتم: "بل يحول من (الضعفاء) " - كما في "الميزان" -. ونصه في "الجرح" (2/2/ 407) : "لا أرى فِي حَدِيثِه إنكاراً، يحوَّل من "كتاب الضعفاء" الذي ألفه البخاري". وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/156) . والثانية: فضيل بن سليمان: فإنه مع كونه من رجال الشيخين، فإنه كثير الخطأ - كما قال الحافظ في "التقريب" -. ولم يذكر فيه الذهبي في "الكاشف" إلا أقوال الجارحين، ولعله هو علة هذا الإسناد. والثالثة: النكارة في المتن: فإن فيه مبالغة ظاهرة، غير معروفة في الأحاديث الصحيحة، فإن اللعنة لا يستحقها من ارتكب شيئاً ما من المعاصي،ولا معنى لتخصيص النساء بها. والله تعالى أعلم. |
الساعة الآن 09:46 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com