منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر علوم القرآن و الحديث (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=25)
-   -   القرآن هو كلام ربّ العالمين عقلا وشرعاً (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=79764)

أبوسند 12-01-2024 04:37 PM



قال تعالى : ** تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ *
ما أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *
سَيَصْلَى نارًا ذَاتَ لَهَب *
وامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ *
في جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ **

سورة المسد 1 - 5






قال القرطبي رحمه الله :

" سورة المسد وهي مكية بإجماع .

إلى أن قال :

والحكم ببقاء أبي لهب وامرأته في النار
مشروط ببقائهما على الكفر إلى الموافاة ؛
فَلَمّا ماتا على الكفر
صَدَقَ الإخبار عنهما .
ففيه معجزة للنّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
فامرأته خنقها الله بحبلها ،
وأبو لهب رماه الله بالعَدَسة
[ بثرة تخرج في البدن تؤدي إلى الموت ]
بعد وقعة بدر بسبع ليالٍ ،
بعد أن شَجَّتْه أم الفضل ... " اهـ

الجامع لأحكام القرآن
( 20 / 216 - 224 )
ط : دار الكتاب العربي .









وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله
في تفسيره :

" قال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة ،
فإنه منذ نزل قوله تعالى :
** سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمّالة الحطب في جيدها حبل
مِّن مَّسد **
فأخبر عنهما بالشقاء
وعدم الإيمان
لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا ظاهرا ولا باطنا ،
لا مُسِراً ولا مُعلنا ،
فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة
على النبوة الظاهرة " .









وقال العلّامة محمد الأمين الشنقيطي
رحمه الله :

" وقد وقع ما أخبر الله به ، فهو من إعجاز القرآن أن وقع ما أخبر به ،
كما أخبر ولم يتخلف .
** وتمت كلمة ربّك صدقا وعدلا ** .
وقوله : ** كذلك حقت كلمة ربّك على الَّذينَ
فسقوا أنهم لا يؤمنون ** .
نسأل الله العافية ، إنَّهُ سميع مجيب " اهـ

انظر : أضواء البيان
( 9 / 603 - 608 )
ط : عالم الكتب بيروت .











وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أبو لهب هو عمُّ النّبيّ صلى الله عليه
وسلم، وكان شديد العداوة والأذيَّة له ؛
فلا فيه دين له ، ولا حميَّة ٌللقرابة ،
قَبَّحه اللهُ ،
فذمَّه اللهُ بهذا الذَّمِّ العظيم ،
الذي هو خزيٌ عليه إلى يوم القيامة
فقال :
** تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ **
أي : خسرت يداه وشقى ،
** وَتَبَّ ** فلم يربح .

** ما أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ **
الذي كان عنده ؛ فأطغاه ،
ولا ** ما كسبه ** : فلم يَرُدَّ عنه شيئًا
من عذاب الله إذ نزل به .

{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ **
أي : ستحيط به النّار من كلِّ جانب ،
هو ** وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ** .

وكانت أيضًا شديدة الأذيَّة لرسول الله
صلى الله عليه وسلم،
تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتلقي الشرَّ ،
وتسعى غاية ما تقدر عليه في أذيَّة
الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وتجمع على ظهرها من الأوزار ؛
بمنزلة من يجمع حطبًا ،
قد أعدَّ له في عنقه حبلًا
** مِنْ مَسَدٍ ** أي : من ليف .

أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها متقلِّدةً في عنقها حبلًا من مسد .

وعلى كلٍّ ؛
ففي هذه السورة آيةٌ باهرةٌ من آيات الله، فإنّ الله أنزل هذه السورة

وأبو لهب وامرأته لم يهلكا ،

وأخبر أنَّهما سيعذَّبان في النّار ولا بُدّ ،

ومن لازم ذلك أنّهما لا يسلمان،

فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة . اهـ







هذه السورة فيها دليل من الأدلة التي
لا تحصى على أن القرآن كلام الله عزّوجلّ وأنّ محمدا صلَّى الله عليه وسلَّم صادق

فلماذا لم يتظاهر أبو لهب وزوجته
بالإسلام لأجل التشكيك في القرآن كلام الله عزّوجلّ وفي صدق النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
كما فعلت اليهود في المدينة
رغم شدة عداوته !!!




قال تعالى : ** وقالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ على الَّذينَ آمَنُوا وَجْهَ النّهارِ واكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) **

تفسير ابن كثير - سورة آل عمران

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...2.html#katheer






لو لم يكن القرآن وحيٌّ من الله،
فكيف لمحمد صلَّى الله عليه وسلم
أن يعلم أن أبا لهب لن يسلم ،
ويدخل في مثل هذا التحدي أكثر من عشر سنين والفرصة متاحة لأبي لهب وزوجته للتظاهر بالإسلام ادعاءً ؟!



كما قال تعالى : ** وأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِما كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) **

تفسير الطبري - سورة هود

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a11-aya36.html






أبوسند 12-01-2024 04:39 PM






‫" التعريف بالقرآن الكريم .‬

‫تعريف القرآن :‬

‫« القرآن هو كلام الله المنزل على ‬
‫النّبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم ‬
‫المكتوب في المصاحف، ‬
‫المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته، ‬
‫المعجز ولو بسورة منه » .‬

‫وقد اشتمل هذا التعريف على الصفات التالية للقرآن، ‬
‫وتعتبر في اصطلاح أهل التعاريف ‬
‫قيودا تشمل المعرّف وتميزه عما عداه‬
‫ وهي :‬
‫كلام الله : قيد يخرج به كلام الخلق ‬
‫من الإنس والجن والملائكة، ‬
‫فكل ذلك لا يسمى قرآنا .‬

‫المنزل : قَيْد يخرج به كلام الله غير المنزل وهو ما استاثر الله بعلمه، ‬
‫أو خاطب به ملائكته دون امر بالإنزال .‬

‫على النّبيّ محمد صلّى الله عليه وسلم : قَيْد يخرج به ما أنزل على ‬
‫الأنبياء السابقين، ‬
‫كالتوراة والإنجيل، والزبور وغيرها، ‬
‫فلا يسمى شيء منها قرآنا .‬

‫المكتوب في المصاحف : ‬
‫وهذه مزية للقرآن أنه دُوِّنَ‬
‫ وحُفِظ بالكتابة منذ عهد النبي ‬
‫صلّى الله عليه وسلم وبإشرافه ‬
‫واعتنائه الزائد .‬

المنقول بالتواتر :
وهذه ميزة أخرى للقرآن،
وهذا القيد في التعريف لبيان الواقع
لا للاحتراز،
ولا يوجد شيء من القرآن غير متواتر، فيخرج بذلك ما نُقل بالآحاد من وجوه القراءات
أو لا يوجد في المصحف الإمام .

المتعبد بتلاوته : أي أن مجرد تلاوة القرآن عبادة يثاب عليها المؤمن،
ولو لم يكن استحضر نية تحصيل الثواب بالتلاوة، كما أن الصّلاة لا تصح
إلاّ بتلاوة شيء منه،
وهذا القيد يخرج به منسوخ التلاوة،
فإنّه بعد النسخ لا يتعبد بتلاوته،
وتخرج به القراءات الشاذة،
لأنّا غير متعبدين بها،
وكذا الأحاديث القدسية .

‫المعجز ولو بأقل شيء منه : ‬
‫والإعجاز أعظم خصائص القرآن، ‬
‫حتى لو عرّف القرآن بهذه الصفة :‬
‫ « الكلام المعجز » لكفى ذلك لتمييزه والتعريف به .‬
‫والقرآن معجز بجملته، ‬
‫كما أنه معجز بأي سورة منه، ‬
‫ولو كانت هي أقصر سورة من سوره " .‬

‫_ مقرر المدخل لعلوم القرآن‬
‫لطلاب كلية الدعوة وغيرهم في جامعة أم القرى‬
‫إعداد الدكتور‬
‫أحمد عطا محمد عمر .‬







" جَمْعُ القرآن في الصُّدور .

جَمْعُ القرآن في السُّطور .

وهاتان الصُّورتان للجمع هما أشهر الصّور
التي يصدق عليها اسم جَمْعِ القرآن ،
وهما أهمُّ ركائز حفظ القرآن ،
وكان من قَدَر الله لحفظ كتابه الكريم
أن يسّر حفظَه ،
وهيّأ له مَن يكتبه ويُدوِّنُه ، فصار باقيا إلى قيام السّاعة مقروءا ومكتوباً .

فالتّعبيرُ عنه بأنّه " قرآنٌ " فيه إشارة إلى
قراءته ، سواء أكان في الصُّدور ،
أم في السّطور .

والتعبير عنه بأنه " كتاب " فيه إشارة إلى كتابته ، وأنّه سيكون محفوظاً في كُتب
يقرأها المسلمون " .

_ جهود الصّحابة في جَمْع القرآن
جمع وتحقيق أحمد سالم
( ص 29 ) .







قال الشيخ الدكتور محمد بن محمد
أبو شهبة :

" ومن خصائص هذه الأُمّة حفظها
لكتاب ربِّها وهو القرآن

إلى أن قال :

فقد أتم حفظه الألوف المؤلفة من الصّحابة
وبحسبك أن تعلم أنّ مَن قُتل من القرّاء
في موقعة اليمامة كانُوا سبعمائة
على ما قيل ، وعن الصّحابة حفظه الألوف
المؤلفة من التّابعين ، وهكذا دواليك ،
تلقته طبقة عن طبقة بالحفظ والعناية والصيانة ،
حتى وصل إلينا القرآن الكريم ،
من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف
ولا تبديل " .

_ المدخل لدراسة القرآن الكريم
( ص 261 - 264 ) .








أبوسند 12-01-2024 04:40 PM





قال الحافظ السيوطي رحمه الله
تحت النوع التاسع عشر
في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه :

أما سوره : فمائة وأربع عشرة سورة بإجماع من يعتد به ،
وقيل : وثلاث عشرة ، بجعل الأنفال
و " براءة " سورة واحدة .


قال ابن العربي : وتعديد الآيْ من معضلات القرآن ،
ومن آياته طويل وقصير ،
ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام
ومنه ما يكون في أثنائه .

وقال غيره : سبب اختلاف السلف في عدد الآي أن النّبيّ
صلى الله عليه وسلم
كان يقف على رءوس الآي للتوقيف ، فإذا علم محلها وصل للتمام ، فيحسب السامع حينئذ
أنها ليست فاصلة .


وقد أخرج ابن الضريس ،
من طريق عثمان بن عطاء ،
عن أبيه ، عن ابن عباس ،
قال : جميع آي القرآن ستة آلاف وستمائة آية ،
وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وواحد
وسبعون حرفا .

قال الداني : أجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية ،
ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك
فمنهم من لم يزد ،
ومنهم من قال : ومائتا آية
وأربع آيات .
وقيل : وأربع عشرة .

وقيل : وتسع عشرة .

وقيل : وخمس وعشرون .

وقيل : وست وثلاثون .

[ فصل ] :
وعدَّ قوم كلمات القرآن
سبعة وسبعين ألف كلمة ،
وتسعمائة وأربعاً وثلاثين كلمة ،
وقيل : غير ذلك .

انظر : الإتقان ( 1 / 204 - 219 ) .




ومن وجوه إعجاز القرآن تيسيره على جميع الألسنة قراءة وحفظا .
حتى أن كثير من الأعاجم لا يكاد أحدُهم يحفظ من الكتب غيره رغم أنه لا يحسن الكلام بالعربية أصلا !

وذلك نظرا للروعة التي تلحق قلوب سامعيه والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته ،

قال تعالى :
** ولَقَدْ يسّرنا القرآن للذِّكر فهل من مُّدَّكر **
سورة القمر 17

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" أي : ولقد يسَّرنا وسهَّلنا هذا القرآن الكريم ألفاظه للحفظ والأداء
ومعانيه للفهم والعلم ؛
لأنّه أحسن الكلام لفظا،
وأصدقُه معنىً، وأبينه تفسيرا ؛
فكلُّ مَن أقبل عليه ؛ يَسَّرَ الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهَّله عليه ،
والذِّكر شاملٌ لكل ما يتذكَّر به العالمون
من الحلال والحرام وأحكام الأمر والنّهي وأحكام الجزاء والمواعظ والعِبَر والعقائد النّافعة والأخبار الصادقة " . اهـ


أما سائر الملل فلم يحفظ كتبهم إلَّا النفر القليل منهم ،
بينما القرآن قد حفظه على مدار ألف وأربعمائة سنة
الأعداد الهائلة التي لا يمكن حصرها
ولا عدّها من كثرتها .


لا يوجد كتاب واحد يماثل ما حفظه النّاس مثل القرآن لا كتاب مقدس ولا غيره .

وهذا مما يدُلُّ على أنه كلام الله عزّوجلّ .







أبوسند 12-01-2024 04:40 PM




لقد قيل :

" الحق ما شهدت به الأعداء "

وهذا المستشرق : ول ديورانت
يتحدث عن القرآن في كتابه
قصة الحضارة أثناء حديثه عن الحضارة الإسلامية :


" والمسلمون يعظمون القرآن إلى درجة تقرب من العبادة،
وقد كتبوا المصاحف وزينوها
وبذلوا في سبيل ذلك كل ما يستطيعون
من عناية مدفوعين إليها بحبهم له،
والقرآن هو الكتاب الذي يبدأ منه أطفال المسلمين بتعلم القراءة،
وهو المحور الذي يدور عليه تعليمهم
والذروة التي ينتهي بها هذا التعليم ،

وقد ظل أربعة عشر قرناً من الزمان
محفوظاً في ذاكرتهم،
يستثير خيالهم ويشكل أخلاقهم،
ويشحذ قرائح مئات الملايين من الرجال ،

والقرآن يبعث في النفوس السليمة
الفطرة ،
ولقد آمن [ بالقرآن ] كثرة من الناس على اختلاف حظوظهم من العقل والفكر ،



وما ذلك إلاّ لأنه جاء بالعقيدة الحقة الواضحة التي يتقبلها الجميع .

فهي أسهل العقائد، وأقلها غموضا،

وأبعدها عن التقيّد بالمراسم والطقوس،

وأكثرها تحرراً من الوثنية والكهنوتية ،

وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي،

وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية،

وحضهم على إتباع القواعد الصحية،
وحرر عقولهم من كثير من الخرافات والأوهام ومن الظلم والقسوة،
وحسّن أحوال الأرقاء،
وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير
في أية بقعة من بقاع العالم ،
ولقد علّم الإسلام النّاس أن يواجهوا
صعاب الحياة،
ويتحملوا قيودها بلا شكوى ولا ملل ،
وبعثهم في الوقت نفسه إلى التوسع
توسعاً كان أعجب ما شهده
التاريخ كله " .









أبوسند 12-01-2024 04:41 PM







قال الشيخ العلّامة السّعديّ
رحمه الله في رسالته القواعد والأصول الجامعة :

" القاعدة الأولى :
الشارع لا يأمر إلاّ بما مصلحته خالصة أو راجحة،
ولا ينهى إلاّ عمّا مفسدته خالصة
أو راجحة .

هذا الأصل شامل لجميع الشّريعة،
لا يشذ عنه شيء من أحكامها،
لا فرق بين ما تعلق بالأصول
أو بالفروع،
وسواء تعلق بحقوق الله،
أو بحقوق عباده ،
قال الله تعالى : ** إنَّ الله يأمرُ بالعدل
والإحسان وإيتاءِ ذِي القُرْبَى ويَنْهَى عنِ الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ والبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ **
سورة النحل : 90

فلم يبقَ عدلٌ ولا إحسان ولا صلة
إلاّ أمر به في هذه الآية الكريمة،
ولا فحشاء ومنكر متعلق
بحقوق الله،
ولا بغيٌّ على الخلق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم إلاّ نَهى عنه، ووعظ عباده أن يتذكروا هذه الأوامر وحُسْنَها ونفعها فيمتثلوها، ويتذكروا ما في النواهي من الشَّرِّ والضرر فيجنتبوها ،

وقال تعالى: ** قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالقِسْطِ وأقِيمُوا وجُوهَكُمْ عند كُلِّ مسجد وادْعُوهُ مُخْلِصِينَ له الدِّينَ **

فقد جمعت هذه الآية أصول المأمورات،
ونبهت على حسنها كما جمعت
الآية التي بعدها أصول المحرمات، ونبهت على قبحها،
وهي قوله تعالى :
** قل إنَّما حَرَّمَ رَبِّي الفَواحِشَ
ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ والإثْمَ والبَغْيَ بغير الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا بالله ما لَمْ يُنَزِّلْ به سُلْطَاناً وأَنْ تَقُولُوا على الله ما لاَ تَعْلَمُونَ **
ولما ذكر الله الأمر بالطهارة للصلاة
إذا قام العبد إلى صلاته في قوله :
** ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ ** الآيات،
وذكر الطهارتين،
طهارة الحدث الأصغر،
والحدث الأكبر بالماء ثم بالتراب عند العدم، أو الاضطرار،
قال : ** ما يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ولكن يريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ولِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ **
فأخبر: أن أوامره الجليلة من أكبر نعمه العاجلة المتصلة بالنعم الآجلة،
ثم تأمل قوله تعالى :
** وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً **
إلى قوله :
** ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ **
وقوله :
** قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم **
إلى قوله :
** وأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ **
وقوله :
** واعْبُدُوا الله ولاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا **
إلى قوله :
** ومَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً ** .


انظر إلى ما في هذه الآيات من الأوامر التي بلغت من حسنها،
وعموم خيرها،
ومصالحها الظاهرة والباطنة
نهايةَ الحسن، والعدل، والرحمة،
وما فيها من المنهيات التي ضررها عظيم، وجرمها كبير،
ومفاسدها لا تعد ولا تحصى،
وهي من أعظم معجزاتِ القرآن،

والرسول صلّى الله عليه وسلّم،
ومثلها ما وصف الله به خواص العباد وفضلائهم في قوله :
** وعبادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً **
إلى قوله :
** أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا ** الآية.
وقوله :
** قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ **
ثم عدّد أوصافهم حتى قال :
** أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *
الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ **
وقوله :
** إِنَّ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ **
إلى قوله :
** أَعَدَّ الله لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ** .

فكل ما في هذه الآيات من الأوصاف التي وصف الله بها خيار الخلق قد علم حسنها، وكمالها، ومنافعها العظيمة،
** ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ** .

وجميع ما في الشريعة من العبادات،
والمعاملات والأمر بأداء الحقوق المتنوعة تفاصيل،
وتفاريع لما ذكره الله في هذه الآيات،
وجميع ما فصّله العلماء من مصالح المأمورات،
ومنافعها، ومضار المنهيات، ومفاسدها داخل في هذا الأصل،
ولهذا يعلل الفقهاء الأحكام المأمور بها بالمصالح،
والمُنْهى عنها بالمفاسد،
وأحد الأصول الأربعة المبني عليها جميع الأحكام :
القياس الذي هو العدل،
وما يعرف به العدل،
وهو الميزان الذي قال الله فيه :
** الله الَّذِي أَنْزَلَ الكِتابَ بِالحَقِّ والمِيزَانَ **
وهو الجمع بين المسائل المتماثلة في مصالحها،
أو في مضارها بحكم واحد،
والتفريق بين المتباينات المختلفات بأحكام مختلفة مناسبة لكل واحد منها ... "




انظر : القواعد والأصول الجامعة والفروق
والتقاسيم البديعة النافعة .

https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...and_assets.doc










أبوسند 12-01-2024 04:42 PM



قال تعالى : ** إنَّ الَّذينَ يُجادِلُونَ في آيَاتِ الله بغير سُلْطانٍ أتاهُمْ إنْ في صُدُورِهِمْ
إلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغيهِ فاسْتَعِذْ بالله
إنّهُ هُوَ السَّميعُ البَصِيرُ **
سورة غافر 56


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" يخبر تعالى أن من جادل في آياته ليُبْطِلها بالباطل،
بغير بيّنة من أمره ولا حجّة،
أنّ هذا صادرٌ من كبر في صدورهم
على الحَقِّ وعلى مَن جاء به،
يريدون الاستعلاء عليه بما معهم من الباطل، فهذا قصدهم ومرادهم ،

ولكنّ هذا لا يتمُّ لهم ، وليسوا ببالغيه ؛
فهذا نصٌّ صريح وبشارةٌ بأن كل مَن
جادل الحقَّ أنه مغلوبٌ،
وكل من تكبر عليه فهو في نهايته ذليلٌ ،

** فاسْتَعِذْ **
أي : اعتصم والجأ ** بِالله ** :
ولم يذكر ما يستعيذ منه إرادةً للعموم ؛
أي : استعذ بالله من الكبر الذي يوجب التكبُّر على الحقّ،

واستعذ بالله من شياطين الإنس والجنّ، واستعذ بالله من جميع الشرور .

** إنَّهُ هو السَّمِيعُ ** :
لجميع الأصوات على اختلافها .

** البَصِيرُ ** : بجميع المرئيات بأيِّ محلٍّ وموضع وزمان كانت " . اهـ





وقال تعالى : ** ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُجادلُونَ في آيَاتِ الله أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذينَ كَذَّبُوا بالكتابِ وبما أَرْسَلْنَا به رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إذِ الْأَغْلَالُ في أعْناقِهِمْ
والسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * في الحَميمِ ثُمَّ
في النّارِ يُسْجَرُونَ **
سورة غافر 69 - 72


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : ** ألَمْ تَرَ إلى الَّذينَ يُجَادِلُونَ
في آياتِ الله ** الواضحة البيّنة متعجبًا من حالهم الشنيعة ،

** أَنَّى يُصْرَفُونَ ** ؛
أي : كيف ينعدِلون عنها ؟!
وإلى أيِّ شيء يذهبون بعد البيان التامِّ ؟!

هل يجدون آياتٍ بيِّنات تعارض آيات الله ؟! لا والله .
أم يجدون شُبهًا توافق أهواءهم،
ويصولون بها لأجل باطلهم ؟!

فبئس ما استبدلوا واختاروا لأنفسهم بتكذيبهم بالكتاب الذي جاءهم من الله
وبما أرسل الله به رسله الذين هم خيرُ الخلق وأصدقُهم وأعظمُهم عقولاً ؛
فهؤلاء لا جزاء لهم سوى النار الحامية، ولهذا توعّدهم الله بعذابها ،
فقال : {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ** :
التي لا يستطيعون معها حركةً ،

** والسَّلَاسِلُ **
التي يقرنون بها هم وشياطينهم

** يُسْحَبُونَ في الحميم ** ؛
أي : الماء الذي اشتدَّ غليانُه وحرُّه ،
** ثُمَّ في النَّارِ يُسْجَرُونَ ** :
يوقد عليهم اللهب العظيم، فيُصلَون بها،
ثم يوبَّخون على شركهم وكذبهم " . اهـ
















أبوسند 12-01-2024 04:42 PM




قال تعالى : ** أفَلَمْ يَسيرُوا في الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كيف كان عاقِبَةُ الّذينَ مِنْ قبلهم كانوا أكْثَرَ منهم وأشَدّ قُوَّةً وآثارًا في الأرْضِ فما أغنى عنهم ما كانوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عندهم مِنَ العلْم وحاقَ بِهِمْ
ما كانوا به يَسْتَهْزِئُونَ **

سورة غافر 82 - 83


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" يحثُّ تعالى المكذِّبين لرسولهم على
السَّير في الأرض بأبدانهم وقلوبهم
وسؤال العالمين ،
** فَيَنْظُرُوا ** نظر فكر واستدلال
لا نظر غفلة وإهمال

** كَيْفَ كان عاقِبَةُ الّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ **
من الأمم السالفة ؛
كعاد وثمود وغيرهم ممن كانوا أعظم منهم قوّة وأكثر أموالاً وأشدَّ آثارًا في الأرض
من الأبنية الحصينة والغراس الأنيقة والزروع الكثيرة .

** فَما أغْنَى عَنْهُمْ ما كانوا يَكْسِبُونَ ** :
حين جاءهم أمرُ الله ،
فلم تغن عنهم قوّتُهم ،
ولا افْتَدَوا بأموالهم،
ولا تحصَّنوا بحصونهم .

ثم ذَكَرَ جرمَهم الكبير فقال :
** فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبَيِّنَاتِ ** :
من الكتب الإلهيّة والخوارق العظيمة،
والعلم النافع المبيِّن للهدي من الضلال والحق من الباطل ،

** فَرِحُوا بما عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ **
المناقض لدين الرسل ،

ومن المعلوم أنّ فرحهم به يدُلُّ على شدّة رضاهم به وتمسُّكهم ومعاداة الحَقِّ
الذي جاءت به الرسل وجعل باطلهم حقًّا، وهذا عامٌّ لجميع العلوم التي نُوقِضَ بها
ما جاءت به الرسل،
ومن أحقِّها بالدُّخول في هذا،
علوم الفلسفة والمنطق اليوناني
الذي رُدَّت به كثيرٌ من آيات القرآن،
ونَقَّصَتْ قدرَه في القلوب ،
وجَعَلَتْ أدلَّته اليقينيَّة القاطعة
أدلّة لفظيَّةً
لا تفيد شيئًا من اليقين ،
ويقدّم عليها عقولُ أهل السَّفه والباطل، وهذا من أعظم الإلحاد في آيات الله والمعارضة لها والمناقضة ،
فالله المستعان ،

** وحاقَ بِهِمْ **
أي : نَزَلَ ما كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ من العذاب " . اهـ















أبوسند 12-01-2024 04:43 PM



قال تعالى : ** مَّا يُقَالُ لَكَ إلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفرَةٍ
وذُو عِقَابٍ أليم * ولَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ
قُلْ هو لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وشِفاءٌ والَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ في آذانِهِمْ وَقْرٌ وهو عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مكانٍ بَعِيدٍ **

سورة فصلت 43 - 44


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :


أي : ** مَا يُقَالُ لَكَ ** أيّها الرسول من الأقوال الصادرة ممَّن كذّبك وعاندك

** إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ **
أي : من جنسها،
بل ربّما إنهم تكلّموا بكلام واحد ؛
كتعجبِّ جميع الأمم المكذبة للرُّسل
من دعوتهم إلى الإخلاص لله
وعبادتِه وحدَه لا شريك له،
وردِّهم هذا بكلِّ طريق يقدرون عليه،
وقولهم :
مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا ،
واقتراحُهم على رسلهم الآيات
التي لا يلزمُهُم الإتيان بها ...
ونحو ذلك من أقوال أهل التكذيب ؛
لما تشابهت قلوبهم في الكفر ؛
تشابهت أقوالهم،
وصَبَرَ الرُّسلُ عليهم السلام على أذاهم وتكذيبهم ؛
فاصبر كما صبر مَن قبلك .

ثم دعاهم إلى التوبة والإتيان بأسباب المغفرة،
وحذّرهم من الاستمرار على الغَيِّ ،
فقال :
** إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ **
أي : عظيمة
يمحو بها كل ذنب لمن أقلع وتاب
** وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ **
لمن : أصرَّ واستكبر .

** ولَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هو لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وشِفاءٌ والَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ في آذانِهِمْ وَقْرٌ وهو عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ
مكانٍ بَعِيدٍ **

يخبر تعالى عن فضله وكرمه ؛
حيث أنزل كتابَه عربيًّا على الرسول العربيِّ بلسان قومه ليبيّن لهم ،
وهذا مما يوجب لهم زيادةَ الاعتناء به والتلقِّي له والتسليم،
وأنّه لو جعله قرآنا أعجميًّا
بلغة غير العرب ؛
لاعترض المكذِّبون وقالوا :
** لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ **
أي : هلاَّ بُيِّنت آياته ووُضِّحت وفُسِّرت ،

** أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ **
أي : كيف يكون محمّدٌ عربيًّا
والكتاب أعجميّاً ؟!
هذا لا يكون .
فنفى الله تعالى كلَّ أمر يكون فيه شبهةٌ لأهل الباطل عن كتابه،
ووصَفَه بكلِّ وصفٍ يوجب لهم الانقياد، ولكن المؤمنون الموفّقون انتفعوا به
وارتفعوا،
وغيرهم بالعكس من أحوالهم ،

ولهذا قال :
** قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وشِفَاءٌ **
أي : يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم،
ويعلِّمهم من العلوم النافعة ما به تحصُل الهداية التامَّةُ ،
وشفاءٌ لهم من الأسقام البدنيَّة
والأسقام القلبيّة ، لأنّه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال ،
ويحث على التوبة النّصوح
التي تغسل الذّنوب وتشفي القلب .

** والَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ** : بالقرآن
** في آذَانِهِمْ وَقْرٌ **
أي : صممٌ عن استماعه وإعراض،
** وهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ** ؛
أي : لا يبصرون به رشدًا،
ولا يهتدون به ،
ولا يزيدهم إلاّ ضلالاً ؛
فإنّهم إذا ردُّوا الحَقَّ ،
ازدادوا عمىً إلى عماهم
وغيًّا إلى غيَّهم .

** أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ **
أي : يُنادَون إلى الإيمان
ويُدعَوْن إليه فلا يستجيبون ؛
بمنزلة الذي ينادَى وهو في مكان بعيد،
لا يسمع داعيًا ولا يجيب مناديًا .

والمقصود أنّ الذين لا يؤمنون بالقرآن
لا ينتفعون بهُداه ولا يبصرون بنورِه
ولا يستفيدون منه خيرًا ؛
لأنّهم سدُّوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم . اهـ








أبوسند 12-01-2024 04:44 PM







قال تعالى : ** قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كان مِنْ
عند الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ به مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هو في شِقاقٍ بعيدٍ * سَنُرِيهِمْ آياتِنَا في الْآفَاقِ وفي أنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أنّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *
أَلَا إِنَّهُمْ في مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ ألَا إِنَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ **

سورة فصلت 52 - 54

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : ** قُلْ ** لهؤلاء المكذِّبين بالقرآن المسارعين إلى الكفران
** أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ ** هذا القرآن
** مِنْ عِنْدِ الله **
من غير شكٍّ ولا ارتياب،

** ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ** أي : معاندة لله ولرسوله ؛
لأنّه تبيّن لكم الحقُّ والصواب،
ثم عدلتُم عنه لا إلى حقٍّ ،
بل إلى باطل وجهل ؛
فإذاً تكونون أضلَّ النّاس وأظلَمَهم .

فإن قلتُم أو شككتُم بصحَّته وحقيقتِه، فسيقيم اللّه لكم ويريكم من آياته
في الآفاق ؛
كالآيات التي في السماء وفي الأرض
وما يُحدِثُه الله تعالى من الحوادث
العظيمة الدالَّة للمستبصر على الحَقِّ .

** وفي أَنْفُسِهِمْ ** : مما اشتملتْ عليه أبدانُهم من بديع آيات اللهِ وعجائبِ
صنعتِه وباهر قدرتِه ،
وفي حلول العقوبات والـمَثُلات في
المكذّبين ونصر المؤمنين ،

** حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ **
من تلك الآيات بيانًا لا يقبل الشكَّ
** أَنَّهُ الحَقُّ ** :
وما اشتمل عليه حقٌّ ،
وقد فعل تعالى ،

فإنّه أرى عباده من الآيات ما به تبيّن
لهم أنّه الحَقُّ ،

ولكن الله هو الموفِّق للإيمان مَن شاء ، والخاذل لمن يشاء .

** أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ** أي : أولم يكفهم
– على أنّ القرآن حقٌّ ،
ومن جاء به صادقٌ –
بشهادة الله تعالى ؛
فإنّه قد شهد له بالصدق ،
وهو أصدقُ الشاهدين ،
وأيَّدَه ونصره نصرًا متضمِّنًا لشهادتِه القوليَّة عند من شكَّ فيها .

** أَلَا إِنَّهُمْ في مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ **
أي : في شكٍّ من البعث والقيامة،
وليس عندَهم دارٌ سوى الدار الدُّنيا،
فلذلك لم يعملوا للآخرة،
ولم يلتفتوا لها .

** أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ **
عِلْماً وقدرةً وعزةً . اهـ








أبوسند 12-01-2024 04:44 PM


قال تعالى :
** حم * عسق * كذلك يُوحِي إليكَ وإلى الَّذينَ مِنْ قَبْلكَ الله العَزِيزُ الحَكيمُ *
له ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ
وهو العَلِيُّ العَظيمُ * تَكَادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ والملَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ في الأَرْضِ
ألَا إنّ الله هو الغَفُورُ الرَّحيمُ * والَّذينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أولِياءَ الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ
وما أَنْتَ عَلَيْهمْ بوَكيلٍ * وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرَى ومَنْ حَوْلَهَا
وتُنْذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ لَا رَيْبَ فيه فَريقٌ في الجَنَّةِ وفَريقٌ في السَّعيرِ * ولَوْ شاءَ الله لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً ولكنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ في رَحْمَتِهِ والظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ ولَا نَصِيرٍ **

سورة الشّورى 1 - 8


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر تعالى أنه أوحى هذا القرآن العظيم إلى النبيِّ الكريم كما أوحى إلى مَن قبلَه من الأنبياء والمرسلين ؛
ففيه بيانُ فضلِه بإنزال الكتب وإرسال الرُّسل سابقا ولاحقا،
وأنّ محمداً صلّى الله عليه وسلم
ليس ببدعٍ من الرّسل،
وأنّ طريقَته طريقةُ مَن قبلَه،
وأحواله تناسبُ أحوالَ مَن قبلَه مِن
المرسلين ،
وما جاء به يشابِه ما جاءوا به ؛
لأنّ الجميع حقٌّ وصدقٌ ،

وهو تنزيل من اتّصفَ بالألوهيَّة والعزَّة العظيمة والحكمة البالغةِ ،
وأنّ جميع العالم العلويِّ والسفليِّ مُلكُه وتحت تدبيره القدريِّ والشرعيِّ ،
وأنّه ** العَلِيُّ ** بذاته وقدره وقهره . ** العَظِيمِ ** الذي من عظمته

** تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ **
على عظمها وكونها جمادا،
** والمَلَائِكَة ** :
الكرامُ المقرَّبون خاضعون لعظمتِه مستكينون لعزَّته مذعنون بربوبيَّته ،

** يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ** :
ويعظِّمونه عن كل نقص،
ويصفونه بكل كمال ،

** ويَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ في الأَرْضِ **
عما يصدُر منهم مما لا يليقُ بعظمة ربِّهم وكبريائه،
مع أنه تعالى ** الغَفُورُ الرَّحيمُ ** :
الذي لولا مغفرتُه ورحمتُه ؛
لعاجَلَ الخلقَ بالعقوبةِ المستأصِلَة .

وفي وصفِه تعالى بهذه الأوصاف،
بعد أن ذَكَر أنّه أوحى إلى الرسل كلهم عموما وإلى محمد
صلى الله عليهم وسلم
خصوصا إشارةٌ إلى أن هذا القرآن الكريم فيه من الأدلةُ والبراهينُ والآياتُ الدالَّةُ
على كمال الباري تعالى ووصفِه بهذه الأسماء العظيمة الموجبة لامتلاءِ القلوب
مِن معرفتِه ومحبتِه وتعظيمِه وإجلالِه وإكرامِه وصرف جميع أنواع العبوديّة الظاهرة والباطنة له تعالى ،
وأنّ مِن أكبر الظُّلم وأفحش القول
اتِّخاذ أندادٍ من دونِه ،
ليس بيدهِم نفعٌ ولا ضرٌّ ،
بل هم مخلوقون مفتقرون إلى الله
في جميع أحوالهم .

ولهَذا عقَّبَه بقولِه :
** والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ **
يتولّونَهم بالعبادة والطاعة ؛
كما يعبدون الله ويطيعونَه ؛
فإنّما اتّخذوا الباطلَ ،
وليسوا بأولياءٍ على الحقيقة .

** الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ **
يحفظُ عليهم أعمالَهم فيجازيهم
بخيرها وشرِّها ،
** وما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ** :
فتسألُ عن أعمالهم ،
وإنّما أنت مبلغٌ أديتَ وظيفتَك .

ثم ذكر منَّته على رسوله وعلى الناس
حيث أنزل الله ** قُرْآنًا عَرَبِيًّا **
بيِّن الألفاظ والمعاني ،
** لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى **
وهي مكة المكرمة
** ومَنْ حَوْلَهَا ** : من قُرى العرب،
ثم يسري هذا الإنذار إلى سائر الخلق ،

** وتُنْذِرَ ** النّاس ** يَوْمَ الجَمْعِ **
الذي يجمعُ الله به الأوّلين والآخرين، وتخبرُهم أنّه ** لَا رَيْبَ فِيهِ **
وأن الخلق ينقسمون فيه فريقين :
** فَرِيقٌ في الجَنَّةِ **
وهم الذين آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين، ** وفَرِيقٌ في السَّعيرِ **
وهم أصنافُ الكَفَرة المكذّبين .

** و ** مع هذا
** لَوْ شَاءَ اللهُ ** لَجَعَلَ النّاسَ
أي : جعل النّاس ** أُمَّةً وَاحِدَةً **
على الهدى ؛
لأنّه القادر الذي لا يمتنع عليه شيء،
ولكنه أراد أن يُدْخِلَ في رحمتِه مَن شاء
مِن خواصِّ خلقِه ،

وأمّا الظّالمون الذين لا يَصْلُحون لصالح ؛ فإنّهم محرومون من الرّحمة ؛
فـمَا لَهُمْ مِن دون الله مِنْ وَلِيٍّ يتولاهم فيحصِّلُ لهم المحبوب ،
وَلَا نَصِيرٍ يدفعُ عنهم المكروهَ . اهـ














أبوسند 12-01-2024 04:45 PM





قال تعالى :
** فلذلك فادْعُ واسْتَقِمْ كما أُمِرْتَ ولَا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ وقُلْ آمَنتُ بما أَنزَلَ الله مِن كِتابٍ وأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ الله رَبُّنَا ورَبُّكُمْ
لنا أعْمالُنا ولكم أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمُ الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا وإليه المَصِيرُ **

سورة الشّورى 15

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

** فَلِذَلِكَ فَادْعُ ** ؛
أي : فللدين القويم والصراط المستقيم، الذي أنزل الله به كُتُبه وأرسل رُسُله ؛
فادع إليه أمَّتك ،
وحضَّهم عليه، وجاهد عليه مَن لم يقبَلْه .

** واسْتَقِمْ ** بنفسك ** كما أُمِرْتَ **
أي : استقامةً موافقةً لأمر الله،
لا تفريط ولا إفراط،
بل امتثالا لأوامر الله ،
واجتناباً لنواهيه،
على وجه الاستمرار على ذلك ؛
فأمَرَه بتكميل نفسه بلزوم الاستقامة، وبتكميل غيرِه بالدّعوة إلى ذلك .

ومن المعلوم أنّ أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم أمرٌ لأمَّته إذا لم يَرِدْ
تخصيصٌ له .

** ولَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ **
أي : أهواء المنحرفين عن الدّين مِن الكفرة والمنافقين ،
إمّا باتِّباعهم على بعض دينهم،
أو بترك الدّعوة إلى الله،
أو بترك الاستقامة ؛
فإنّك إن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذاً لمن الظالمين،

ولم يقل : ولا تتّبع دينَهم ؛
لأنّ حقيقة دينهم الذي شَرعَه الله لهم
هو دين الرسل كلِّهم،
ولكنَّهم لم يتَّبِعوه، بل اتبعوا أهواءهم واتّخذوا دينهم لهوا ولعبا .

** وقُلْ ** : لهم عند جدالهم ومناظرتهم : ** آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ الله مِنْ كِتَابٍ **
أي : لتكن مناظرتُك لهم مبنية على هذا الأصل العظيم،
الدالِّ على شرف الإسلام وجلالته وهيمنتِه على سائر الأديان،
وأنّ الدين الذي يزعُم أهل الكتاب أنّهم عليه جزءٌ من الإسلام،
وفي هذا إرشادٌ إلى أن أهل الكتاب
إن ناظروا مناظرة مَبنيَّةً على الإيمان ببعض الكتب أو ببعض الرسل دون غيرِه، فلا يسلمُ لهم ذلك ؛
لأنّ الكتاب الذي يدعون إليه
والرسول الذي ينتسبون إليه مِن شرطهِ
أن يكون مصدِّقاً بهذا القرآن
وبمن جاء به،
فكتابنا ورسولُنا لم يأمرنا إلاّ بالإيمان بموسى وعيسى والتوراة والإنجيل
التي أخبر بها وصدَّق بها وأخبر أنّها مُصدقة له ومقرَّة بصحته ،

وأما مجرَّدُ التوراة والإنجيل وموسى وعيسى الذين لم يوصفوا لنا ولم يوافِقوا لكتابِنا ؛ فلم يأمرنا بالإيمان بهم .

وقوله : ** وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ **
أي : في الحكم فيما اختلفتم فيه ؛
فلا تَمنَعُني عداوتكم وبغضكم
يا أهل الكتاب من العدل بينكم،
ومن العدل في الحكم بين أهل الأقوال المختلفة من أهل الكتاب وغيرهم أن يُقبلَ
ما معهم من الحَقِّ ويُردَّ ما معهم من الباطل .

** الله رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ **
أي : هو ربُّ الجميع،
لستم بأحق به منا ،
** لَنَا أَعْمَالُنَا ولَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ** :
من خيرٍ وشرٍّ ،
** لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ **
أي : بعد ما تبيّنت الحقائق واتّضح
الحقُّ من الباطل والهدى من الضلال ؛

لم يبق للجدال والمنازعة محلٌّ ؛
لأنّ المقصود من الجدال إنّما هو بيان الحَقِّ من الباطل ؛
ليهتدي الراشدُ ،
ولتقومَ الحجةُ على الغاوي .

وليس المراد بهذا أنّ أهل الكتاب
لا يُجادَلون ،
كيف والله يقول : ** وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ** ؟!
وإنّما المراد ما ذكرنا .

** الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا وإِلَيْهِ المَصِيرُ ** :
يوم القيامة،
فيجزي كلاًّ بعملِه،
ويتبيّن حينئذ الصادق من الكاذب . اهـ












أبوسند 12-01-2024 04:46 PM







قال تعالى :
** فاسْتَمْسِكْ بالَّذي أُوحِيَ إليك إِنَّكَ
على صِرَاطٍ مُّسْتَقيم * وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ
ولِقَوْمِكَ وسَوْفَ تُسْألُونَ **

سورة الزخرف 43 - 44


قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

وأما أنت ؛
** فَاسْتَمْسِكْ بالَّذي أُوحِيَ إلَيْكَ **
فعلا واتِّصافاً بما يأمر بالاتّصاف به ،
ودعوةً إليه، وحرصا على تنفيذِه في نفسك وفي غيرك .

** إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ **
موصل إلى الله وإلى دار كرامته،
وهذا مما يوجب عليك زيادةَ التمسُّك به والاهتداء ،
إذا علمتَ أنّه حقٌّ وعدلٌ وصدقٌ تكون بانياً على أصل أصيل ،
إذا بنى غيرُك على الشكوك والأوهام، والظُّلم والجَوْر .

** وإِنَّهُ ** ؛ أي : هذا القرآن الكريم ،
ذِكْرٌ ** لَكَ وَلِقَوْمِكَ **
أي : فخرٌ لكم ومنقبةٌ جليلةٌ ونعمةٌ لا يقادر قدرها ولا يعرف وصفها،
ويذكِّرُكم أيضاً ما فيه من الخير الدنيويِّ والأخرويِّ، ويحثُّكم عليه،
ويذكِّرُكم الشرَّ ويرهِّبُكم عنه .
** وسَوْفَ تُسْأَلُونَ ** : عنه ؛
هل قُمتم به فارتفعتُم وانتفعتُم ؟
أم لم تقوموا به فيكون حجةً عليكم
وكفرا منكم بهذه النعمة ؟ .










أبوسند 12-01-2024 04:46 PM








قال تعالى : ** وما كان لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إلَّا وَحْيًا أو مِنْ وَراءِ حِجابٍ أو يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بإذْنِهِ ما يَشاءُ إنّهُ عليٌّ حَكِيمٌ * وكذلك أوْحَيْنا إليك رُوحًا مِنْ أمْرِنَا ما كُنْتَ تَدْري ما الكِتابُ ولَا الإِيمانُ ولكنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراط مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ الله الّذي لَهُ ما فِي السّماواتِ وما في الأَرْضِ ألَا إلى الله تَصيرُ الأُمُورُ **

سورة الشّورى 51 - 53

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

لما قال المكذِّبون لرسل الله الكافرون بالله : ** لَوْلَا يُكَلِّمُنَا الله أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ **
من كِبرهم وتجبُّرهم ؛
ردَّ اللهُ عليهم بهذه الآية الكريمة،
وأنّ تكليمه تعالى لا يكون
إلاّ لخواصِّ خلقه ؛
للأنبياء والمرسلين وصفوته من العالمين،
وأنّه يكون على أحد هذه الأوجه :

إما أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ وَحْيًا ،
بأن يُلْقي الوحيَ في قلب الرسول من
غير إرسال مَلَكٍ ولا مخاطبة منه شِفاهاً ،

** أَوْ ** يكلِّمَه منه شِفاهاً، لكنه
** مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ** كما حصل لموسى
بن عمران كليم الرحمن ،

** أَوْ ** يكلِّمه الله بواسطة الرسول الملكيِّ ، فـيُرْسِلَ ** رَسُولًا ** ؛
كجبريل أو غيره من الملائكة ،

** فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ** ؛ أي : بإذن ربِّه
لا بمجرّد هواه ؛
إِنَّهُ تعالى عليُّ الذّات عليُّ الأوصاف ، عظيمُها ، عليُّ الأفعال ،
قد قهر كلَّ شيء، ودانت له المخلوقات ،

** حكيمٌ ** في وضعه كلَّ شيء في موضعه من المخلوقات والشرائع .

** وكذلكَ **
حين أوحينا إلى الرسل قبلك ،
** أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ** :
وهو هذا القرآن الكريم،
سمّاه روحا ؛
لأنّ الروح يحيا به الجسدُ،
والقرآن تحيا به القلوب والأرواح ،
وتحيا به مصالحُ الدُّنيا والدين ؛
لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير ،

وهو محضُ منَّة اللهِ على رسولِه وعباده المؤمنين من غير سبب منهم ،
ولهذا قال : ** ما كُنْتَ تَدْرِي ** ؛
أي : قبل نزوله عليك
** ما الكِتَابُ ولَا الإِيمَانُ ** ؛ أي : ليس عندك علمٌ بأخبار الكتب السابقة ،
ولا إيمانٌ وعملٌ بالشرائع الإلهيّة ،
بل كنتّ أميّاً لا تخطُّ ولا تقرأ ،
فجاءك هذا الكتاب الذي ** جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ** : يستضيئون به في ظلمات الكفر والبدع والأهواء الـمُرْديَة ،
ويَعرِفون به الحقائقَ ،
ويهتدون به إلى الصراط المستقيم .

** وإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ** ؛
أي : تبيِّنُه لهم ، وتوضِّحه ، [ وتنيره ]
وترغِّبهم فيه ، وتَنهاهم عن ضدِّه ،
وترهِّبهم منه .

ثم فسر الصراط المستقيم ، فقال : ** صِرَاطِ الله الَّذي لَهُ ما في السَّمَاوَاتِ
وما في الأَرْضِ **
أي : الصراط الذي نَصَبَه الله لعبادِه وأخبرهم أنّه موصلٌ إليه
وإلى دار كرامته .

** أَلَا إلى الله تَصيرُ الأُمُورُ ** ؛
أي : ترجعُ جميع أمور الخير والشرِّ ، فيجازي كُلًّا بعملِه ،
إن خيراً فخيرٌ، وإن شراً فشرٌّ . اهـ







أبوسند 12-01-2024 04:47 PM






" ولَقَدْ ظل القرآن الكريم طوال
أربعة عشر قرناً من الزمان أو يزيد ،
منارة شامخة ،
تسطع على الدُّنيا كلها ،
لا يهزها تتابع أعاصير الأفكار المختلفة ،
ولا يرجّها طغيان فيضانات المعارف المتنوعة ،
التي محت كل رسم من رسوم الفلسفات السابقة ، وأتت على كل أثر من آثار الثقافات القديمة ،
بل كان ذلك كله مما يزيد برهانه وضوحاً ،
وإعجازه سطوعاً .

وأعجب من ذلك كله ، أن يواجِهَ القرآن كل جيل من أجيال هذه القرون المتتابعة ،
بما يحل مشاكله ، ويروي ظمأه ،
ويشفي غليله ،
فكأنّما أنزل على كل جيل إنزالا جديدا ،
بقدر مقاييس عقله ، ومعايير فكره ،
وأطوار حياته ، ومطالب عصره ،
حتى إنَّهُ ليخيل للناشئ في أي زمان
وفي أي مكان ، أنه لم ينزل إلَّا ليشفي أمراض المجتمع الذي يعيش هو فيه ؛
لأنه يراه كالثوب الذي فُصِّل بقدر قامة مجتمعه .

ذلك لأن الله سبحانه جعله نورانياً ،
يروي كل نفس ، ويتدفق بكل دهر ،
ولَعَمْري : " ما ألفاظ القرآن إلَّا كلمات نورانية ، تجلّت من الغَيْبِ فتألقت في أُفُق البيان ، كما تتألق النجوم في أفق الفضاء ، وإنما الفارق بين تلك وهذه ،
أن تلك تهدي الأبصار ،
وهذه تهدي البصائر ،
وأن تلك من شأنها الأفول ،
وهذه لا تغور ولا تزول ،
فالقرآن يصلنا بالغيب ،
ويعكس لنا حقائق الوجود ،
وينير لنا ظلمات الحياة ،
ويمدنا بعطائه الذي لا ينفد ،
بعبارات لا ترقَى إليها مَلَكات البشر ،
إلَّا بقدر ما ترقى الأبصار إلى النجوم ،
وكلما حاولَ محاولٌ سوَّلت له نفسُه أن
يأتي بمثلِه ، انتكس على أم رأسِه ،
وكان مثار السخرية والاستخفاف
إلى يوم الدين " .

ومِنْ ثَمَّ أحجم كفرة قريش الماردون ،
كعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ،
والوليد بن عتبة ، والوليد بن المغيرةُ ،
وأبي جهل بن هشام ،
عن الاقتراب عن معارضته ،
ولم تسوِّل لهم أنفسهم ذلك ،
لأنهم يدركون أنهم لو حاولوا ذلك ،
لما كان منهم إلَّا الإسفاف الذي يريأون بأنفسهم عنه ، ويأنفون من نسبته إليهم ،
وقد كان عند هؤلاء الكفرة الماردين من التفكير ما لم يكن عند أولئك السخفاء المجانين ، الَّذينَ أعماهم الغرور ،
واقتادهم الهوى إلى مهاوي المغامرات
الـمُردية ، كمسيلمة الكذّاب ،
وسجاح بنت الحارث ، وغيرهم ممَّن أعماهم
الحقد وأضلهم الشيطان .

وعندما نشأت الديانة البهائية الضالة ،
حاول البهائيون معارضة القرآن ،
فألفوا مقالات لتكون فيما يزعمون ،
مثل سورِ القرآن في الهداية والإعجاز ،
فما كان من أمرهم إلَّا أن شعروا بالهزيمة والفضيحة ، فعادوا إلى ما ألفوه فمزّقوه ،
وما تبقى بأيديهم من نسخ هذا التأليف ،
حالوا بينَه وبين النّاس خشية السخرية
والاستهزاء بهم " .

_ الدِّينُ الحَقُّ وقواعده الرّاسخة
( 1 / 26 - 27 )
تأليف : فوزي عبد المنصف .








أبوسند 12-01-2024 04:48 PM



قال المستشرق الفرنسي كليمان هيار :
لم يكن محمدا [ صلَّى الله عليه وسلَّم ]
نبياً عاديا ، بل استحق عن جدارة ،
أن يكون خاتم الأنبياء ، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الَّذينَ سبقوه ، مضاعفة من بني قومه الَّذينَ شغلتهم عبادة الأصنام ،
فجعلت قلوبهم وعقولهم أقسى وأصلب من أحجارها حتى على فلذات أكبادهم من البنات ، حيث كان الوأد .

واستطاع هذا الرّجلُ القرآني أن يحقق
مالم يكن محسوبا له أن يتحقق ،
في تقدم وتطور أبناء الجزيرة التي
ما لانت قلوبُهم إلَّا على صوته يقرأ القرآن ،
وما لانت قلوبهم إلَّا على أحكامه القرآنية ،

التي كان وحي السّماء يمده بها ،

في كل وقت يحتاج إلى ذلك .

رجل استطاع أن يجعل وأد البنات مكروها
لدى هؤلاء ...

رجل ليس عاديا ، ونبي أيضا ليس عاديا ،
فالذي يساوي بالحق بين أقرب الناس إليه
وبين الناس جميعا ، رجل يستحق أن تكون كلمته مسموعة مفهومة ،

فأحكامه القرآنية من عند الله الذي اختاره ليحمل مسؤولية العالمين ،

بكتاب أنزله الله عليه ليكون الشعلة
التي تضيء الطريق إلى سلام يسود العالم .

إذا ما أصبح القرآن هو الطريق الذي اختاره العالم مقتنعا ،
وهذا الاقتناع لن يسود العالم والمسلمون في بُعد بَعِيد عن الدعوة إلى الإسلام ،

مثلما كان يدعو رسول الله
[ صلَّى الله عليه وسلَّم ]
ولَوْ أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في نشر الدعوة لأصبح العالم مسلما ،

لكن المسلمين انصرفوا مرة ثانية عن الاسلام ،
وهذه مؤامرة عليهم لم يدركوها في حينها ،
وأتمنى أن يدركوها ذات يوم . اهـ

عن طريق كتاب : مقدمة في إعجاز القرآن الكريم لـ د. مروان وحيد ( ص 129 ) .


وقال واشنجون ايرفنج الأديب الأمريكي
في كتابه " حياة محمد " :

كانت التوراة في يوم ما هي مرشد الإنسان وأساس سلوكه ، حتى إذا ظهر المسيح عليه السلام اتبع المسيحيون تعاليم الإنجيل ،
ثم حلّ القرآن مكانهما فقد كان القرآن أكثر شمولا وتفصيلا من الكتابين السابقين ،
كما صحح القرآن ما قد أُدخل على هذين الكتابين من تغيير وتبديل ،
وحوى القرآن كل شيء ،
وحوى جميع القوانين ،
إذ أنه خاتم الكتب السماوية . اهـ

عن طريق كتاب : مقدمة في إعجاز القرآن الكريم لـ د. مروان وحيد ( ص 132 ) .







أبوسند 12-01-2024 04:48 PM








" ونحن نعتقد أن القرآن معجز
لا ريب في ذلك ،
وأن إعجازه قد ثَبت لدينا بطريقين :
طريق تاريخي ، وطريق علمي .

أما الطريق التاريخي : ... إن العرب كانُوا
أفصح النّاس ألسنة ، وأقواهم بيانا عند نزول القرآن ،
وقد تحداهم الله أن يأتوا بمثلِه ،
أو بعشر سور من مثله ،
أو بسورة واحدة فقط ، فعجزوا ،
وما زال التحدي قائما إلى أن يرث الله
الأرضَ ومَن عليها ،
وما زال العجز مستمرا كذلك إلى الأبد ،
وصدق الله إذ يقول : ** فإن لّم تفعلوا
ولن تفعلوا فاتَّقُوا النّار الّتي وقودها النّاس
والحجارة أُعدَّت للكافرين **
سورة البقرة 24

فإذا عرفنا أن أئمّة البلاغة
وأساطين البيان ،
قد عجزوا إبّان نزول القرآن عن معارضته ،
فغيرهم عن ذلك أعجز ،
هذا حكم التاريخ .

أما الطريق الثاني : فهو الطريق العلمي ،
ولنا فيه نظرتان ، نظرة إلى الألفاظ ،
ونظرة إلى المعاني ،
فأمّا النظرة إلى الألفاظ :
فإن اللغوي يضع الآية أمامَه كما يضع صانع الجواهر إحدى الدرر الفريدة تحت المجهر ليرى آيات الإبداع ،
كذلك اللغوي ، يجد في كل آية بل في كل كلمة ، بل في كل حرف من حروف القرآن ،
معنىً فريداً ،
ووضعاً لا يَتَأتى لبشر أن يدانيه ،
وأبرز نواحي الإعجاز ، أن تُصاغ هذه
المعاني الغالية ، ذات المرامي البعيدة ،
في مثل هذه الألفاظ التي بلغت الغاية
في اليُسر والسهولة .

لقد دخل رجلٌ على عالم جليل فوجده مأخوذا بنشوة الفرح والسرور ،
فسأله عن سر فرحه وسروره ؟
فَقالَ العالم : قرأتُ آية من كتاب الله عزّوجلّ
فوجدتُ فيها خبرين ، ونهيين ، وبشارتين ،
فَقالَ الرّجلُ : وماهي هذه الآية ؟
قال : قوله : ** وأوحينا إلى أُمّ موسى أن أرضعيه فإذا خِفتِ عليه فألقيه في اليمّ
ولا تحزني إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين **
سورة القصص 7

فالخبران هما : ( أوحينا ، وخفت ) ،

والأمران هما : ( أرضعيه ، وألقيه ) .

والنهيان هما : ( لا تخافي ،ولا تحزني ) ،

والبشارتان هما :
( إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) ،

فعرف السائل سر انباهره وإعجابه ،
وشاركهم فيما أخذ بلبه وسيطر على فؤاده .
هذا عن ألفاظ القرآن " .


_ الدِّينُ الحَقُّ وقواعده الرّاسخة
( 1 / 31 - 32 )
تأليف : فوزي عبد المنصف .









أبوسند 12-01-2024 04:49 PM








" وأمَّا النظرة إلى المعاني :
فسنقتصر منها على نواح ثلاث :

الناحية الأولى :
الشمول القرآني لكل شيء ،
وتعرُّضه للعلوم والفنون ، وعلاج النفوس ،
وصدق الله إذ يقول :
** مّا فرّطنا في الكتاب من شيء **
[ سورة الأنعام : 38 ]
وإِذْ يقول :
** ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكلّ شيء وهدى
ورحمة وبشرى للمسلمين **
[ سورة النحل : 89 ]

وقد جاء هذا كله على لسان نبيٍّ أُميٍّ لم يذهب إلى معلم ، ولم يدرس في كلية ،
ولم يتخصص في جامعة ،
لقد جاء بتفصيل ما يحتاج إليه البشر ،
وحل مشكلاتهم من ناحية الحكم ،
والتشريع ، ونظام الطبقات ، والأسرة .

أما نظام الحكم :
فقد حلّه في ثمان كلمات ،
هي قوله تعالى : ** وشاورهم في الأمر
فإذا عزمتَ فتوكّل على الله إنَّ الله يُحبُّ
المتوكّلين **
[ سورة التوبة : 159 ] .

وأمَّا مشكلة الطبقات : فقد حلَّها في
أربع عشرة كلمة ،
سبع خاطب بها الحاكم ،
وهي قوله تعالى : ** خذ من أموالهم صدقة
تطهّرهم وتزكّيهم بها **
[ سورة التوبة : 103 ] .

وسبع خاطب بها المحكومين ،
وهي قوله تعالى : ** والّذين في أموالهم
حقٌّ مّعلوم * للسّائل والمحروم **
[ سورة المعارج : 24 - 25 ] .

وأمَّا مشكلة الأسرة : فقد حلّها في ثمان كلمات هي قوله تعالى : ** ولهنّ مثل الّذي
عليهنّ بالمعروف وللرّجال عليهنّ درجة والله
عزيز حكيم **
[ سورة البقرة : 228 ] .

وبذلك جاء القرآن الكريم ، بحلِّ مشكلات الإنسان في الحكم ، ونظام الطبقات والأسرة في ثلاثين كلمة فقط ،
وهذه هي أهم مشكلات العالم التي يعاني منها ، والتي أنفق العُلَماء والباحثون والمختصون والفلاسفة أعمارهم في حلها ،
ولم يصلوا إلى ما وصل إليه القرآن الكريم
الذي فتح أمام الناس باب العلم الزاخر الذي لا ينتهي ، وباب الترقي البشري والتطور العلمي ،
وهذا هو معنى الإعجاز ،
فلو طبقت هذه الحلول القرآنية تطبيقا صحيحا ، ما بقي على ظهر الأرض فقير ،
ولا أسرة منحلّة ، ولا بيوت فاسدة ،
ولأصبح الحاكم سعيدا بتوفيقه ،
والمحكوم سعيدا بحريته .

والنظرة الثانية : هي أن القرآن خالد متجدد
ومَرِن يدور مع الزمن ، ولا يتعارض مع التطور العقلي والعلمي ،
فالله جلَّت قدرته يعلم أن الإنسان في تطور مستمر ، وتقدم متواصل ،
وأنه دائماً يسير إلى الأمام ،
فلو أنه بيَّن القوانين الكونية ، والنظريات العلمية ، كما هي مضبوطة ومحددة ،
لتولى بني الإنسان الارتباك والدهشة ،
ولأصروا على العِناد والتكذيب ،
ومَنْ جهل شيئاً عاداه ،

ولذلك جاء القرآن يَسيرُ مع التقدم العلمي
والبشري خطوة خطوة ،
وصدق الله إذ يقول : ** سنُريهم آيَاتِنَا
في الأفاق وفي أنفسهم حتَّى يتبيّن لهم
أنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يكفِ بِرَبِّك أنَّهُ على كل شيء شهيد ** [ سورة فصلت : 53 ] .

وهكذا فكلما اكتشفت حقيقة علمية ،
وجدنا لها إشارة في القرآن الكريم .

والله عزّوجلّ يقول : ** أفَلَا يتدبّرون القرآن
ولَوْ كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا ** [ سورة النّساء : 82 ] .

والنظرة الثالثة : هي ما وُجِدَ في القرآن الكريم من أسرار غيبية مثل قولِه تعالى :
** الم * غُلبت الرّوم * في أدنى الأرض وهُمْ مّن بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويومئذ يفرحُ المؤمنون * بنصر الله ينصرُ مَن يشاء
وهو العزيز الرّحيم * وَعْدَ الله لا يُخلف الله
وعده ولكِنَّ أكثر النّاس لا يعلمون **
[ سورة الروم : 1 - 6 ] .

وقد تحقق نبوءة القرآن في بضع سنين كما ذكر الله عزّوجلّ ، وانتصر الروم على الفرس ، وفرح المؤمنون بذلك ؛ لأن الروم أهل كتاب سماوي ،
والفرس كانُوا يعبدون النّار ،
ولا يؤمنون بالله ، وحَزَن المشركون لأنهم
يعبدون الأصنام ويشركون مع الله غيره ،
على مثل حالهم .

ومثل هذا : ما جاء في قولِه تعالى :
** والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة
ويخلق الله ما لا تعلمون **
[ سورة النحل : 8 ] .

فقد ظهرت السيارات ، والقطارات ،
والطائرات ، وعابرات القارات ، وغير ذلك
من أنواع المواصلات والاتصالات ،
التي أشار الله إليها في قولِه تعالى :
** ويخلق ما لا تعلمون **

إلى غير ذلك من الآيات والمستجدات ،
والله يقول الحَقَّ وهو يَهدي السبيل ،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلّم " .



_ الدِّينُ الحَقُّ وقواعده الرّاسخة
( 1 / 32 - 34 )
تأليف : فوزي عبد المنصف .







أبوسند 12-01-2024 04:50 PM








" أسماء القرآن الكريم :
سمى الله عزّوجلّ القرآن الكريم بأسماء كثيرة تزيد على خمسين اسماً ،
ومِنْ أشهرها ما يلي :

الكتاب ؛ لأنه يجمع أنواعاً من القصص ،
والآيات ، والأحكام ،
والأخبار على أوجه مخصوصة .

والذِّكر ؛ وذلك لما فيه من المواعظ ،
والتحذير ، وأخبار الأمم الماضية .
ولما فيه من الشرف ، والعز لمن آمن به ،
وصدَّ ق بآياته ، وذلك لأن القرآن يُفرِّق بين الحَقِّ والباطل .

القرآن آخر الكتب السماوية وهو خاتمها ،
وهو أطولها ، وأشملها ،
وهو الحاكم عليها .

قال الله تعالى : ** وأنزلنا إليك الكتاب بالحقِّ مُصَدِّقا لّما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه **
[ سورة المائدة : 48 ] .

قال أهل التفسير في قولِه تعالى :
** ومهيمنا عليه ** : مهيمنا وشاهدا على
ما قبلَه من الكتب ، ومصدقا لها ؛
يعني يصدق ما فيها من الصّحيح ،
وينفي ما وقع فيها من تحريف ،
وتبديل ، وتغيير ،
ويحكم عليها بالنسخ والتقرير .

ولهَذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممَّن لم ينقلب على عقبيه كما قال
تبارك وتعالى : ** الَّذينَ آتيناهم الكتاب من قَبْلِه هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالُوا آمنّا به إنَّهُ الحَقُّ من ربّنا إنّا كُنّا من قَبلِه
مسلمين **
[ سورة القصص : 52 - 53 ]

ولا يقبل الله من أحد دينا إلَّا ما جاء في
هذا القرآن العظيم .

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي
رحمه الله في قولِه تعالى :
** ومهيمنا عليه ** :

" أي : مشتملا على ما اشتملت عليه
الكتب السابقة ،
وزيادة في المطالب الإلهية ،
والأخلاق النفسية ؛ فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب ، فأمر به،
وحثّ عليه،
وأكثر من الطرق الموصلة إليه .
وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين،
وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول،
وما شهد له بالرّد فهو مردود
قد دخله التحريف والتبديل،
وإلاّ فلو كان من عند الله لم يخالفه " .

والقرآن الكريم هو رسالة الله الأخيرة للبشرية ، بل هو عامٌّ للجن والإنس ؛
بخلاف الكتب السماوية الأخرى التي كانت خاصة بأقوام معينين ،
وفترات معينة .

والقرآن له أثر عظيم في القلوب ؛
فما يسمعه أحد وهو مُلْقٍ سمعَه إلَّا يجد
أن له تأثيرا عَظيمًا في نفسه ، ولَوْ لم يَفهمُ
معانيه أو دلالاته ، حتى ولَوْ لم يكن يعرف اللغة العربية .
وهذا سرٌّ من أسرار القرآن التي تبيّن عظمته .

ثم إن القرآن له أبلغ الأثر في رُقي الأمم وفلاحها ؛ فهو الذي أخرج الله به من أُمّة العرب أعلام الحكمة والهُدَى ، وجعلهم خير أُمّة أُخرجت للنّاس ، بعد أن كانُوا يتخبطون
في دياجير الجهالة .

ومن خصائص القرآن : أن عجائبه لا تنقضي ، وأنه لا يَخْلَق من كثرة الرد ؛
فكلما أكثر الإنسان من قراءته زادت حلاوته
مرة بعد مرة .

ومن خصائصه : أن الله يسّر تعلمه وحفظه ، ولهَذا فإن كثيرا من أطفال المسلمين يحفظونه كاملا عن ظهر قلب .
[ سواء كانُوا عربا أو عجما ]

ومن خصائصه : أنه مشتمل على أعدل الأحكام ، وأشرفها ، وأشملها ،
فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا وأحاط بها
إجمالا وتفصيلا ،
ويشهد بذلك كل منصف عاقل ،
حتى ولو لم يكن مسلماً " .

_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 1 / 48 - 50 )
مع اختصار شديد .






أبوسند 12-01-2024 04:51 PM





" المقصود من المعجزة ليس هو إعجاز النّاس لذات الإعجاز
– أي : لمجرد إيقاعهم في العجز عن الإتيان بمثل المعجزة –
بل المقصود هو الإذعان والإيمان بصاحبها
أنه رسول من قِبَل خالقِ هذه السنن
وهو الله تعالى .

لذا فإن الله تعالى قد بَعثَ كل رسول
إلى قومه ، وأظهر على يديه المعجزات
التي من شأنها أن تجعل قومه يدركون
إدراكاً يرفع عنهم كل لبس وغموض
أن هذا رسولٌ من عند اللهِ ،
وليس بمُدَّعٍ عليه ؛
لذا كانت معجزات كل نبيّ ورسول
نابعة من بيئتِه ، ملائمة لقومه ؛
فتأتيهم على وَفْقِ ما برعوا فيه حتى يكون
ذلك أدعى لإيمانهم ،
ولإقامة الحجة على صدق رسولهم ،
وإلاّ وُصِفَت بأنها سحر وخيال وضرب من المحال ؛ لأن المعجزة لا تُحقِّق الغاية منها
إلَّا إذا حصل التحدِّي بها ،
ولا يتحقق التحدِّي لأمة من الأمم لا تعرف
شيئا عن الـمُتَحَدَّى عنه .

قال الباقلانيُّ رحمه الله في فصلٍ عَقَده
في كتابه " إعجاز القرآن " قال فيه :
« الفصل الأول : في أنّ نبوة النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم معجزتها القرآن .

وَمِمَّا قال تحت هذا الباب : الذي يُوجِب الاهتمام التام بمعرفة إعجاز القرآن
أن نبوة نبينا محمد عليه السلام
بُنِيَتْ على هذه المعجزة ،
وإن كان قد أُيِّد بمعجزات كثيرة إلَّا أنّ
تلك المعجزات قامت في أوقات خاصة ،
وأحوال خاصة ، وعلى أشخاص خاصة .

إلى أن قال رحمه الله : فأمّا دلالة القرآن فهي معجزة عامة عَمَّتْ الثقلين ،
وبقيت بقاء العصرين ،
ولزوم الحجة بها في أول وقت ورودها
إلى يوم القِيامَةِ على حدٍّ واحد » . اهـ

القرآن الكريم مُعْجزٌ بلا ريب ، وبعض الباحثين يَرى أن إعجاز القرآن عام ،
فيَرى مِن وُجوه الإعجاز :
الإعجازُ البياني ، والإعجاز العلمي التجريبي ، والإعجاز التشريعي ،
والإعجاز الغيبي ؛
فهذه هي أشهر وجوه الإعجاز التي يذكرها
الباحثون في شأن الإعجاز القرآني .

غير أن أعظم وجوه الإعجاز القرآني وأجلَّها هو الوجه الذي تحدى به القرآن سائر العرب ، ألَا وهو بلاغة القرآن ،
وحسن بيانه ؛ فالتحدى الأكبر إنَّما هو بلفظ
القرآن ، ونظمه .

قال الله تعالى في شأن القرآن الكريم وإعجازه : ** قل لّئنِ اجتمعت الإنسُ والجنُّ
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثلِه ولَوْ كان بعضهم لبعض ظهيرا **
[ سورة الإسراء : 88 ] " .


_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 617 - 620 )
مع اختصار شديد .







أبوسند 12-01-2024 04:52 PM





" قال الشيخ محمد رشيد رضا
رحمه الله :

„ القرآن كلام الله المعجز للخلق في
أسلوبه ونظمه ، وفي علومه وحُكمه ،
وفي تأثير هدايته ،
وفي كشف الحُجُب عن الغيوب
الماضية والمستقبلية ،
وفي كل باب من هذه الأبواب للإعجاز فصول ، وفي كل فصل منها فروع ترجع إلى أصول ...

فيه لذات عقلية وروحية ، وطمأنينة ذوقية
وجدانية تتضاءل دونها شُبهات الملحدين ،
وتنهزم من طريقها تشكيكات الزنادقة والمرتابين „ . اهـ


لقد تفرد الأسلوب القرآني بميزات عظيمة
معجزة ،
وذلك من ناحية بلاغة وحسن بيانه .

وبلاغة القول : أن تكون ألفاظه فصيحة ،
ونَظْمه محكما ،
ودلالته على المعنى منتظمة وافية .

أما فصاحة ألفاظه : فبأن يسهل جريانه
على اللسان ويخفّ وقعها على السمع ،
ويألفها الذوق ..

وأمَّا إحكام نظمه فبأن تقع كل كلمة منه موقعها اللائق بها ، بحيث تكون كلماته
متناسية يأخذ بعضها برقاب بعض ،
فلا يمكنك أن تضع يدك على كلمة وتقول :
ليت هذه الكلمة تقدمت عن تلك الكلمة ،
أو تأخرت عنها .

وأمَّا انتظام دلالته : فبأن يَطْرُقَ اللّفظُ
سمعَك ، فيخطر معناه في قلبك .
وحصول المعنى في القلب بسرعة أو بعد مهلة يرجع إلى حال السامع من الذكاء
أو بطء الفهم ...

ويتحقق انتظام دلالة الكلام بإخراج المعاني
في أقوم صورة ، وأعلقها بالنفس ،
كالتشبيه ، وضرب الأمثال ...

وأما كون الدلالة على المعنى وافية :
فبأن يؤديَ اللّفظُ صورَ المعاني ..
بحيث تكون العبارة بمفرداتها وأسلوبها
كالمرآة الصافية تعرض عليك ما أودعت من المعاني لا يفوت ذهنك منها شيءٌ .

ولا تزال تُصَعِّدُ نظرك في هذه الدرجات المتفاوتة إلى أن تصل إلى كلام يُبهرك
بفصاحة مفرداته ، ومتانة تأليفه ،
وانتظام دلالته ، وبهجة معانيه ... " .


_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 620 - 624 )
مع اختصار شديد .







أبوسند 12-01-2024 04:53 PM







" مميزات بلاغة القرآن وحسن بيانه

1 - فصاحة مفردات القرآن :
فلا تكاد تمر بك كلمة إلَّا وجدتَها محكمة الوضع ، خفيفة الوقع على السمع .

2 - متانة نظمه : التي بلغت الغاية التي ليس وراءها مطلع ..

3 - انتظام دلالته على ما يقصد إفادته وإحضاره في الأذهان ...

4 - استيفاؤه للمعاني :التي تستدعي الحال الإفصاحَ عنها أو الإيماء إليها ؛
فإنّك تنظر في الآية ،
وتتدبر المعنى الذي سيقت من أجله ،
فتعود منها ويدك مملوءة من الفوائد التي تقع إليها ؛ من حيث تُقَرِّر شريعة ،
أو تُقيم حُجة ، أو تلقي موعظة ،
أو تُرسل حكمة ، إلى نحو هذا مما تستبين به سبيل الرشد ..

5 - تناسبه في حسن بيانه دون تفاوت
أو تباين : فأنت ترى البليغ من البشر يحسن البيان ، ويأخذ لبَّك ، حتى إذا طال به مجال القول ...
أمكنك أن تُبصر فيها ضعفاً ،
وتستخرج بنقدك الصحيح من أواخر كلامِه
مآخذ أكثر مما تستخرج من أوائلها .

ولكن القرآن الكريم على طول أمده ،
وكثرة سوره نزل متناسبا في حسن بيانه ،
كما قال تعالى :
** الله نزّل أحسن الحَديث كِتاباً متشابها **
[ سورة الزمر : 23 ]

ثم قال : ** ولَوْ كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا **
[ سورة النّساء : 82 ] .

6 - صوغ الأقوال على قدر الحقائق : فمن المعروف أن القرآن أتى بحقائق أسَّسَ
بها شريعة واسعة النطاق ،
والقرآن الكريم يعبر عن تلك المعاني التي
تستدعي صدقَ اللهجة ، وصوغَ الأقوال على أقدار تلك الحقائق ، فترى الفصاحة ضاربة أطنابها ،
والبلاغة مرسلة أشِعَّتها .
وليس من شأن هذه المعاني أن تظهر فيها براعة البُلغاء كما تظهر فيما أَلَّفوه
مما يطلقون لأفكارهم فيه العنان ،
فتذهب مع الخيال كل مذهب ، وترتكب من المبالغات ما استطاعت أن ترتكب .

7 - خُلوه من التصنع : القرآن الكريم بالغ الغاية في حسن البيان ، فلا يجد فيه الراسخ في نقد المنشآت البليغة ما ينزل
عن الدرجة العليا ، بل يحس روح البلاغة
التي لا يحوم عليها شيء من التصنع
سارية في آياته وسوره ، سواء في ذلك تصويره للمعاني ،
أو نظم الألفاظ الناطقة بها .

8 - تكرار القصص في أكمل ما يكون من حسن البيان :
فمن أعظم مظاهره بلاغة القرآن ،
أنه يورد القصة في أوفى درجة من حسن البيان ، ثم يعيدها في سورة أخرى على حسب ما يقتضيه مقام الوعظ ،
حتى إذا عقدت موازنة بين حكايتها هنا وحكايتها هناك ،
وجدتهما في مرتبة واحدة من البلاغة
لا تنزل إحداهما عن الأخرى بحال .

أما البليغ من البشر ، فقد يسوق إليك القصة في عبارات أنيقة ، ثم يريد أن يعيدها مرة أخرى ، فإذا هي في درجة من البراعة منحطة عن درجتها الأولى " .


_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 624 - 626 )
مع اختصار شديد وشيء من التصرف .








أبوسند 12-01-2024 04:53 PM






" لما كان المخاطبون هم جملة النّاس بمختلف طبقاتهم وفئاتهم وعلى اختلاف
مستوياتهم الفكرية والثقافية ،
جاء في القرآن الكريم من البراهين والأدلة
والأمثال ما يعم الشرائح الاجتماعية على مختلف العصور والبيئات ؛
لأن المنطلقات الإنسانية محكومة بالفطرة
والعقل والتجارب ،
وكل ذلك في دائرة المحدود الممكن ؛
لذا كانت قواعد المخاطبات وأسسها العامة
تعم كل من كان في عصر نزول الوحي
ومَنْ يأتي بعدهم إلى يوم القِيامَةِ :
** ولَقَدْ صرّفنا في هذا القرآن للنّاس من
كلّ مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا **
[ سورة الكهف : 54 ] .

وإذا أدركنا هدف القرآن ومنهجه في الخطاب أدركنا أن ورود الآيات الكونية
سواء ما يتعلق منها بالآفاق وما يتعلق
منها بالأنفس البشرية شيء بدهي أيضا ؛
لأنّ من فئات الناس المكلفين المخاطبين
بالقرآن الكريم مَن يَنْصَبُّ جلّ اهتمامه
على هذا الجانب من مخلوقات الله .

ولا بد من إقامة الحجة على هؤلاء ،
وإظهار أن القرآن كلام الله .

أولئك يدركون أن هذه المعارف الإنسانية ،
وهذه الحقائق الكونية لا يُتصور أن يدركها
بشر بذاته ؛ لأن كثيرا منها لم تكتشف
إلَّا في عصور متأخرة جدا ..
ولا ريب أن ورود هذه الحقائق الضخمة
والدقيقة على لسان رجل لم يكن له إلمام
بمثل هذه العلوم ؛
دليل على أنه تلقّاها ممَّن يعلم السّر في
السَّماواتِ والأرض
** قل أنزله الّذي يعلم السِّرَّ في السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ إِنَّهُ كان غَفُورًا رَحِيمًا **
[ سورة الفرقان : 6 ] .

إن سَوْقَ القرآن الكريم هذه الحقائق بهذه السعة والشمول ، وبهذه الدقة المتناهية يحمل كلَّ صاحبِ عقل منصف إلى القول
بأن هذا تنزيل العزيز الحَكيم الذي أحاط بكل شيء علما .
إن البشرية كلها عاجزة عن الإحاطة بهذه الحقائق والوصول إلى ماهيتها وأسرارها ،

فهل يعقل أن هذا القرآن من عند رجل أُمِّي عاش في بيئة أُمّية ... ؟؟؟ " .


_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 629 - 631 )
مع اختصار شديد وشيء من التصرف .







أبوسند 12-01-2024 04:54 PM






" اشتمل القرآن الكريم على الأنظمة التي يحتاجها البشر في حياتهم المعيشية ،
ولم يَدَعْ جانباً من جوانب الحياة إلَّا كانت له نظرته الخاصة ، وتشريعه المستقل بحيث ينتج من مجموع أنظمته تشريعٌ متكامل
لمناحي الحياة كلها قال الله تعالى :
** اليوم أكملت لكم دينَكُمْ وأتممت عليكم نعمتي ورَضِيتُ لكم الإسلام دينا **
[ سورة المائدة : 3 ] .

إن ما اشتمل عليه القرآن من أحكام تتعلق بتنظيم المجتمع وإقامة العلاقات بين آحاده
على دعائم من المودة والرحمة والعدالة لم يسبق به في شريعة من الشرائع الأرضية .

فالأسس الأخلاقية والقواعد التشريعية
السامية التي تضمنها القرآن الكريم
تخرج عن طوق البشر
إحاطة ودقة وشمولا .

إنّ تاريخ الإنسانية يدُلُّ على أنها لم تُنجب
مفكرا أو فليسوفاً أو مُصلحاً اجتماعيا
استطاع أن يضع نظاماً كاملا للعلاقات
الداخلية والخارجية لدولة ما .

وكم من حكيم حاول ذلك ، ولكن نظرياته
يعتريها النقص أحيانا ،
والتناقض طورا ، ومجانبة الصّواب كثيراً .

[ بل حتى المجالس والهيئات التي تضم العديد من الأذكياء والحكماء والمفكرين والعباقرة وغيرهم وفي العديد من الدول وعلى اختلاف أزمنتهم ودولهم ]

لم يستطيعوا وضع نظام حياة لشعب ما
بمختلف فئاته وتنوعها .
ومحاولاتهم لم تسلم من كثرة الانتقاد عليها في حياتهم ومحاولة تغييرها وتطويرها واستبدالها بغيرها بعد مماتهم أو أثناء حياتهم ...

علما أن هذه النظريات لا تتناول إلَّا جوانب
محدودة من جوانب الحياة الإجتماعية .

أما أن توضع نظرية متكاملة الجوانب للكون والمخلوقات والأفراد والجماعات والدول
في شتى صورها وحالاتها ،
فهذا مما يَخرجُ عن طاقة البشر مهما أُوتوا من علم وحكمة وذكاء .

ومما يؤكد وجه دلالة الإعجاز التشريعي
في القرآن أن المتعمق في دراسة التشريعات الإسلامية في مختلف جوانبها
يدرك إدراكا واضحا أنها تهدف إلى هداية الإنسان في حياته الدُّنيا إلى أقوم السبل
وتوفر له التوازن الدقيق في متطلباته الروحية والجسدية والعقلية والطمأنينة والسعادة في الحياة الدُّنيا وأزالت القلق
عن النفوس من المستقبل الدنيوي والأخروي
وفي هذا بُرهان ساطع على أنها شريعة
مُنَزَّلة من خالق الخلق أجمعين .

وتكون الدلالة أوضح ، والبرهان أظهر عندما تعلم أن الذي نزلت عليه كان أُمّياً
لا يقرأ ولا يكتب ، وأتى بهذا النظام للعلاقات الاجتماعية والتنظيم الإنساني
ما لم يسبقه سابق ولم يلحقه به لاحق " .



_ انظر : الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ، نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 632 - 636 )
مع اختصار وتصرف شديد .







أبوسند 12-01-2024 04:55 PM








" القرآن الكريم تضمن خلاصة التعاليم الإلهية التي تضمَّنتها التوراة والإنجيل
وسائر ما أنزل الله من وصايا ،
وأنه مؤيد للحق الذي جاء به من عبادة الله
وحده والإيمان برسله والتصديق بالجزاء
ووجوب إقامة الحَقِّ ،
والتخلق بمكارم الأخلاق ،
قال تعالى : ** وأنزلنا إليك الكتاب بالحقِّ
مُصَدِّقا لّما بين يديه من الكتاب ومهيمنا
عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع
أهواءهم عمّا جاءك من الحَقِّ لكلٍّ جعلنا
منكم شِرعةً ومنهاجا **
[ سورة المائدة : 48 ] .

أي : أن الله عزّوجلّ قد أنزل القرآن الكريم
على النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
مقترناً بالحق ومصدقا لكل التعاليم الإلهية
التي أنزلها الله على الأنبياء السابقين ،
وأن القرآن هو الحَكَم الفصل في كل
ما طرأ عليها من تغيير أو تحريف ،
وقد أمر الله نبيه ألا يحيد عن تطبيق
ما جاء في القرآن الكريم من أحكام
وتشريعات ،
سواء على المسلمين أم الكتابيين .
وأنه سبحانه جعل لكل أُمّة شريعة وطريقة
في الأحكام العملية تناسب استعدادها .

أما أصول العقائد والعبادات والآداب العامة والحلال والحرام ،
وما لا يختلف باختلاف الزمان والمكان
فإنها واحدة في الأديان كلها ،
قال تعالى : ** شرع لكم مّن الّدين ما وصّى
به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به
إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الّدين
ولا تتفرّقوا فيه **
[ سورة الشّورى : 13 ]

ثمرنسخت الأحكام العملية السابقة بالشريعة الإسلامية ، والأحكام النهائية الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان ،
وأصبحت العقيدة واحدة والشريعة واحدة للنّاس جميعا ،
فيما جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
من عند ربِّه .

لقد صان الله القرآن الكريم من أن تمتد
إليه يد التحريف أو التصحيف أو التعديل
أو التغيير أو التبديل ، بعكس الكتب السابقة التي حدث فيها ذلك ،
قال تعالى : ** وإنّه لكتاب عزيز *
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد **
[ سورة فصلت : 41 - 42 ] .
وقال :
** إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون **
[ سورة الحجر : 9 ] .

ولا يتصور أن يأتي يوم يصل العلم فيه
إلى حقيقة ما ، تتعارض مع أي حقيقة
من حقائق القرآن .
فالقرآن كلام الله ، والكون خلق الله ،
وهما لا يتناقضان أبدا ،
بل يصدق أحدُهما الآخر ،
قال تعالى : ** سنريهم آيَاتِنَا في الأفاق وفي أنفسهم حتَّى يتبيّن لهم أنَّهُ الحقّ
أولم يكف بِرَبِّك أنَّهُ على كلّ شيء قدير **
[ سورة فصلت : 53 ] .

والله عزّوجلّ يريد لكلامه أن يذاع ويصل
إلى العقول والأسماع ،
ولا يتم ذلك إلا إذا كان ميسراً للذكر والحفظ والفهم .

ومن تيسيره أن حفظه الرِّجال والنساء والصغار والكبار والأغنياء والفقراء وجميع الناس على السواء ،
ولا نعلم أن كِتاباً من الكتب غير القرآن
نال هذه الميزة .
قال تعالى : ** ولَقَدْ يسّرنا القرآن للذّكر فهل
من مّدّكر **
[ سورة القمر : 17 ] .

القرآن لا يساميه أو يقاربه كتاب آخر في تأثيره وهدايته ،
ولا في موضوعه وسمو أغراضه ،
ومن ثَمَّ كان خير الكتب وأفضلها على الإطلاق " .


_ الدِّينُ الحَقُّ وقواعده الرّاسخة
( 2 / 104 - 106 )
تأليف : فوزي عبد المنصف .
مع شيء من الاختصار والتصرف .



أبوسند 12-01-2024 04:56 PM







" الدين الإسلامي العظيم ،
هو الدين الخالد الذي جاء متمِّماً ومكملا
للرسالات السماوية التي جاءت من قبله ،

وجاء نبيّ الهدى على النحوِ الذي يعرفونه
في كتبهم فازداد حقدهم وحسدهم له ؛
لأنه جاء من العرب ولم يكن من بني إسرائيل ،
فعاندوه وكذّبوه وأعرضوا عنه ،
بل أخذوا يؤلبون الناس والعرب عليه ،
حتى قال الله في شأنهم :
** بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا
بما أنزل الله بغياً أن يُنزّل الله من فضلِه
على من يشاءُ من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عَذاب مهين **
[ سورة البقرة : 90 ] .

ورغم ذلك طلب الله من النبي صلَّى الله عليه
وسلَّم أن يناشدهم قائلا لهم :
** قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء
بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلَّا الله ولا نشرك شيئا
ولا يَتَّخِذ بَعضُنَا بعضاً أرباباً مّن دون الله
فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بِأَنَّا مسلمون **
[ سورة آل عمران : 64 ] .

فاستمروا في العِناد والمكابرة رغم ظهور المعجزات والآيات البيّنات الدالة على صدق
نبوته ، والتي لا لبس فيها ولا غموض .

وقد خاطب الله الجنس البشري بأسره ،
على لسان رسول الهدى ونبي الرحمة
مبيّناً أن محمداً إنَّما هو رسول الله
المبعوث إلى الناس كافة ،
قال تعالى :
** قل يأيّها النّاس إنّي رسول الله إليكم
جميعا الّذي له ملك السّموات والأَرْضِ
لا إلَهَ إلَّا هو يُحي ويميت فآمنوا بالله
ورسوله النّبيّ الأمِّيّ الَّذي يؤمن بالله
وكلماته واتّبعوه لعلّكم تهتدون **
[ سورة الأعراف : 158 ] .

والنَّاس أمام هذا الحدث الكبير ،
قد انقسموا إلى فريقين ،
فريق في الجنّة .
وفريق في السَّعير .

وسيظل القرآن محفوظا في الصُّدور
وفي السطور ،
بدون أدنى تغيير أو تبديل ،
إلى أن يشاءُ الله وذاك حين رفعه
فلا يبقى منه شيء كما ثَبت من حديث حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :
( ... ولَيُسْرَى على كِتابِ الله عَزَّوَجَلَّ في لَيْلَةٍ ،
فَلَا يَبْقَى في الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ ،،، )

صحيح سنن ابن ماجه للألباني .



_ الدِّينُ الحَقُّ وقواعده الرّاسخة
( 4 / ص 24 وما بعدها )
تأليف : فوزي عبد المنصف .
مع اختصار وتصرف شديد .








أبوسند 12-01-2024 04:57 PM








عندما تحدث جاري ميلر وأثبت للنصاري أن محمد صلي الله عليه و سلم هو النبي الحق من عند الله


https://youtu.be/_vqqWPtQErg?si=h3UERGJK5-bDcbg-






أبوسند 12-01-2024 05:39 PM




قال تعالى : ** وإذا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قالَ الَّذينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إنِ افْتَرَيْتُهُ
فَلَا تَمْلِكُونَ لي مِنَ الله شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفيضُونَ فيه كَفَى به شَهيدًا بَيْنِي وبَيْنَكُمْ وهو الغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ ما كُنتُ بِدْعًا
مِّنَ الرُّسُل وما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولَا بِكُمْ
إنْ أَتَّبِعُ إلَّا مَا يُوحَى إليَّ
وما أنا إلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ **
[ سورة الأحقاف : 7 - 9 ]

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

أي : وإذا تتلى على المكذِّبين
** آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ **
بحيث تكون على وجهٍ لا يُمترى بها ،
ولا يشكُّ في وقوعها وحقِّها ؛
لم تفِدْهم خيرا ،
بل قامت عليهم بذلك الحجة،
ويقولون من إفكهم وافترائهم
** لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ **
أي : ظاهرٌ لا شكَّ فيه .

وهذا من باب قلب الحقائق ،
الذي لا يروجُ إلاّ على ضعفاء العقول،
وإلاّ ؛ فبين الحَقِّ الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبين السحر من المنافاة والمخالفة أعظم ممّا بين السماء والأرض،
وكيف يقاس الحقُّ
- الذي علا وارتفع ارتفاعا على الأفلاك ، وفاق بضوئه ونوره نور الشمس ، وقامت الأدلَّة الأفقيَّة والنفسيّة عليه، وأقرّت به ، وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينة -
بالباطل الذي هو السحرُ
الذي لا يصدُر إلاّ من ضالٍّ ظالم خبيث النفس خبيث العمل ،
فهو مناسب له وموافق لحاله ؟!
وهل هذا إلاّ من البهرجة ؟!

** أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ** أي : افترى محمدٌ
هذا القرآن من عند نفسه ،
فليس هو من عند الله ،

** قُلْ ** لهم : ** إِنِ افْتَرَيْتُهُ ** ؛
فالله عليَّ قادرٌ وبما تفيضون فيه عالمٌ ، فكيف لم يعاقبني على افترائي
الذي زعمتم ؛

فهل ** تَمْلِكُونَ لي مِنَ الله شَيْئًا **
إن أرادني الله بضرٍّ أو أرادني برحمة ؟

** كَفَى به شَهيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ** :
فلو كنت مُتَقَوِّلاً عليه ؛
لأخذ مني باليمين ،
ولعاقبني عقابا يراه كلُّ أحَدٍ ؛

لأنّ هذا أعظم أنواع الافتراء
لو كنت مُتقوِّلاً .
ثم دعاهم إلى التوبة مع ما صدر منهم
من معاندة الحَقِّ ومخاصمته ، فقال :
** وهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ **
أي : فتوبوا إليه ، وأقلعوا عما أنتم فيه يغفر لكم ذنوبكم ، ويرحمكم فيوفقكم للخير ،
ويثيبكم جزيل الأجر .

** قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ **
أي : لست بأول رسول جاءكم حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي ؛
فقد تقدَّم من الرسل والأنبياء من وافقت دعوتي دعوتهم ؛
فلأيِّ شيء تنكرون رسالتي ؟!

** ومَا أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ **
أي : لست إلاّ بشرا ،
ليس بيدي من الأمر شيء ،
والله تعالى هو المتصرِّفُ بي وبكم ،
الحاكم عليَّ وعليكم،
ولست آتي بالشيء من عندي .

** وما أنا إلَّا نَذيرٌ مُبِينٌ ** :
فإنْ قَبلتُم رسالتي وأجبتُم دعوتي ؛
فهو حظُّكم ونصيبُكم في الدُّنيا والآخرة، وإن رددتم ذلك عليَّ ؛
فحسابُكم على الله ،
وقد أنذرْتكم ، ومَن أنذر فقد أعذر . اهـ



أبوسند 12-01-2024 05:39 PM



قال تعالى : ** ولَقَدْ صرَّفنا في هذا القرآن للنّاس مِن كلّ مثل وكان الإنسانُ أكثرَ شيء جدلا **
[ سورة الكهف : 54 ] .

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن
وجلالته وعُمومه ،
وأنّه صرَّف فيه ** من كلِّ مَثَل ** ،
أي : من كلِّ طريق موصل إلى العلوم النافعة والسعادة الأبديّة وكل طريق
يعصِمُ من الشرِّ والهلاك ؛
ففيه أمثال الحلال والحرام ،
وجزاء الأعمال ، والترغيب والترهيب ، والأخبار الصادقة النافعة للقلوب ،
اعتقادا وطمأنينة ، ونورا،
وهذا مما يوجب التسليم لهذا القرآن
وتلقِّيه بالانقياد والطّاعة
وعدم المنازعة له في أمر من الأمور،
ومع ذلك ؛
كان كثير من النّاس يجادلون في الحَقِّ
بعد ما تبيَّن ،
ويجادلون بالباطل لِيُدْحِضُوا به الحَقَّ ، ولهذا قال :
** وكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا **
أي : مجادلةً ومنازعةً فيه ،
مع أنّ ذلك غير لائقٍ بهم ،
ولا عدل منهم ،
والذي أوجب له ذلك ،
وعدم الإيمان بالله ،

إنّما هو الظلم والعناد ،
لا لقصور في بيانه وحجَّته وبرهانه ،
وإلاّ ؛
فلو جاءهم العذاب وجاءهم ما جاء قبلهم ؛ لم تكن هذه حالهم . اهـ




أبوسند 12-01-2024 05:41 PM





رحلتي إلى الإسلام لـ د. جيفري لانج
يسرد فيها قصة إسلامه الشيّقة
التي يظهر فيها شدة تأثره بالقرآن الكريم

https://youtu.be/FaOlc7ykli0






أبوسند 12-01-2024 05:42 PM




قال تعالى :
** أفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ ولو كان مِنْ عِنْدِ
غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فيه اخْتِلَافًا كَثيرًا **
[ سورة النساء : 82 ] .

قال القرطبي رحمه الله :
" أي : تفاوتاً وتناقضاً ؛
ولا يدخل في هذا اختلاف ألفاظ القراءات
وألفاظ الأمثال والدلالات ومقادير السُّور
والآيات .
وإنما أراد اختلاف التّناقض والتفاوت .
وقيل : المعنى لو كان ما تُخبرون به من عند
غير الله لاختلفَ .

وقيل : إنه ليس مِن متكلم يتكلم كلامًا كثيرًا إلاّ وُجِد في كلامه اختلاف كثير ؛
إما في الوصف واللفظ ،
وإما في جَودة المعنى ،
وإما في التناقض،
وإما في الكذب .
فأنزل الله عز وجل القرآن
وأمرهم بتدبُّره ؛
لأنهم لا يجدون فيه اختلافًا في رَصْفٍ
[ الرصف : الكلام الثابت المحكم ]
ولا ردًّا له في معنىً ،
ولا تناقضًا ولا كذبًا فيما يخبرون به
من الغيوب وما يُسرُّون " اهـ

_الجامع لأحكام القرآن ( 5 / 277 )
ط : دار الكتاب العربي .







قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله :

" قال تعالى : ** ولا يأتونك بمثل
إلاّ جئناك بالحق وأحسن تفسيرا **

أخبر سبحانه أنّ الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم
إلاّ جاءه الله بالحق ،
وجاءه من البيان والدليل ،
وضرب المثل بما هو أحسن تفسيراً وكَشفاً وإيضاحا للحق من قياسهم .

وهذه الآية ذكرها الله تعالى بعد قوله : ** وقال الرسول يا ربِّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورا * وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوّا مِّن المجرمين وكفى بربّك هاديا ونصيرا **

فبيّن أنّ مَن هَجرَ القرآنَ فهو مِن أعداء الرّسول ،
وأنّ هذه العداوة أمرٌ لا بد منه ،
ولا مفر عنه ، ألا ترى إلى
قوله تعالى : ** ويوم يعضُّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا * لّقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولا ** .

والله تعالى قد أرسل نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع العالمين ،
وضرب الأمثال فيما أرسله به لجميعهم ،
كما قال تعالى : ** ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثل لّعلّهم يتذكّرون **
فأخبر أنه ضرب لجميع النّاس
في هذا القرآن من كل مثل .

إلى أن قال رحمه الله :

فكما أنّ الله بين في كتابه مخاطبة أهل الكتاب ،
وإقامة الحجة عليهم بما بيّنه من أعلام رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وبما في كتبهم من ذلك ،
وما حرّفوه وبدّلوه مِن دينهم ،
وصدَّق بما جاءت به الرسل قبله ؛ حتى إذا سمع ذلك الكتابيُّ العالمُ المنصفُ وجد ذلك كله من أَبْيَنِ الحجة وأقوم البرهان " . اهـ

_ مجموع الفتاوى
( 4 / 106 - 108 ) .






أبوسند 12-01-2024 05:42 PM





الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فقد عرف أعداء الإسلام أن مصدر عزة
هذا الدين وأهله ،
وسر تجدده في نفوس المسلمين
هو هذا القرآن العظيم ،
الذي لا يخلق من كثرة الترداد ،
ولا تنقضي عجائبه ،
ولا يمله القارئ والسامع ولا يزداد به المؤمن إلاّ يقينا بدينه وتعلقا به ،
هذه المعجزة الخالدة ،
والآية الباقية ما بقي الليل والنهار ،
هذا الكتاب الذي وعد الله تعالى بحفظه بقوله : ** إنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ** [ الحجر : 9 ] .

ولما كانت هذه منزلة القرآن ،
اجتهد أعداء الدين
بالطعن في هذا القرآن ؛
حتى يسلخوا المسلمين من التعلق به ، فيصبحوا صيدا سهلا وغنيمة باردة .
وحرب أعداء الدين هذه ليست فقط على القرآن ،
بل على كل أساساته وقواعده ؛
فهناك الحرب على الرسول
( صلى الله عليه وسلم ) وسنته ،
والطعن في عدالة الصحابة ،
والحرب على المرأة المسلمة وحجابها وعفافها ،
والحرب على بعض الشعائر كالجهاد ، وغيرها من الجبهات ،
ولكن الحرب على القرآن هي أخطرها وأشدها وأشرسها ؛
لأن القرآن هو الذي يدل على الأصول السابقة ويحث عليها ،
فهو أصلها وهي فروعه ،
وبذهاب الأصل تذهب الفروع ؛
ومن هنا عزمت في هذه الرسالة على جمع هذه المطاعن والإشكالات التي تثار الآن ، والتي هي عبارة - في غالبها -
عن ترديد لما سبق ،
فلو عرفها الناس وتحصنوا منها لما حصل هذا الاضطراب من هذه الشبه ...


أرجوا اتمام قراءة هذه الرسالة لأهميتها .




_ الطعن في القرآن الكريم
والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري .

رسالة لنيل درجة الدكتوراة

مقدمة من الطالب :
عبدالمحسن بن زبن بن متعب المطيري

https://www.ust.edu/usty/images/open...d/1169/001.doc








أبوسند 12-01-2024 05:44 PM



قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة


قال الله تعالى : « قل هذه سبيليٓ أدعوٓا إلى الله علىٰ بصيرة أنا و من
اتّبعني و سبحـٰن الله و مآ أنا من
المشركين » سورة يوسف 108

قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي رحمه الله في تفسير كلام المنّان :


يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله
عليه وسلم : « قل » للناس « هذه
سبيلي » أي :

طريقي التي أدعوا إليها ، و هي السبيل الموصلة إلى الله و إلى دار كرامته ،

المتضمنة للعلم بالحق و العمل به و
إيثاره ، و إخلاص الدين لله وحده لا
شريك له ،

« أدعوا إلى الله » أي :

احُثُّ الخَلْقَ و العِبادَ إلى الوصول إلى ربهم ،

و أرغِّبُهُمْ في ذلك و أرهِّبُهم مما يُبْعدهم عنه .

و مع هذا فأنا « على بصيرة » من
ديني ،

أي : على عِلْمٍ و يَقين من غير شك و
لا امْتراء و لا مِرْيَة ،

« و » كذلك « من اتبعني » يدعو
إلى الله كما أدعو ، على بصيرة من
أمره .

« و سبحان الله » عما نُسِبَ إليه مِمّا لا يَليقُ بجلاله ، أو يُنافي كماله

« و ما أنا من المشركين » في جميع أموري ، بل أعبدُ اللهَ مُخْلصاً له الدين .





أبوسند 12-01-2024 05:46 PM










قال ألفونس إتيين دينيه الفرنسي
الذي كان من الطبقة البورجوازية
في كتابه " محمد رسول الله "
[ صلَّى الله عليه وسلَّم ] :

" والحق أنّا نرى من بين جميع الأنبياء الَّذينَ أسسوا ديانات ،
أنّ محمداً هو الوحيد الذي استطاع أن يستغني عن مدد الخوارق والمعجزات المادية ،
معتمداً فقط على بداهة رسالته ووضوحها ،
وعلى بلاغة القرآن الإلهية ،
وإن في استغناء محمد [ عليه السلام ]
عن مدد الخوارق والمعجزات
لأكبر معجزة على الإطلاق " .

انظر كتاب مقدمة في إعجاز القرآن الكريم
تأليف : د. مروان وحيد ( ص 137 ) .









إبطال شُبهات المشككين في تواتر القرآن الكريم

http://bayanelislam.net/Suspicion.as...3&value=&type=








أبوسند 12-01-2024 05:46 PM



قال تعالى : ** فاسْتَمْسِكْ بالَّذي أُوحِيَ إليك إنّكَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقيمٍ * وإنّهُ لَذِكْرٌ لك ولِقَوْمِكَ وسَوْفَ تُسْأَلُونَ **
سورة الزخرف 43 - 44

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

" ** فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ **
فعلا واتِّصافا،
بما يأمر بالاتِّصاف به ودعوةً إليه،
وحرصا على تنفيذه في نفسك وفي غيرك .

** إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ **
موصل إلى الله وإلى دار كرامتِه،
وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسُّك به والاهتداء ،
إذا علمتَ أنّه حقٌّ وعدلٌ وصدقٌ
تكون بانيا على أصل أصيل،
إذا بَنَى غيرُك على الشكوك والأوهام
والظّلم والجَوْر .

** وإِنَّهُ ** أي : هذا القرآن الكريم
ذِكْرٌ ** لَكَ ولِقَوْمِكَ **
أي : فخرٌ لكم ومنقبةٌ جليلةٌ ونعمةٌ لا يقادر قدرها ولا يُعرف وصفها،
ويذكِّركم أيضا ما فيه الخير الدنيويِّ والأخرويِّ ، ويحثُّكم عليه،
ويذكّركم الشرَّ ويرهِّبُكم عنه .
** وسَوْفَ تُسْأَلُونَ ** : عنه ؛
هل قمتم به فارتفعتُم وانتفعتُم ؟
أم لم تقوموا به
فيكون حجةً عليكم
وكفرا منكم بهذه النعمة ؟ " .







أبوسند 12-01-2024 05:47 PM







‎قال تعالى : ** وكذلك أنزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا
‎ وصَرَّفْنَا فيه مِنَ الوَعيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
أو يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) **

تفسير الطبري - سورة طه - الآية 113

http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...20-aya113.html









أبوسند 12-01-2024 05:48 PM



قال تعالى : ** وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ **
سورة المؤمنون 71


قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

ووجه ذلك أن أهواءهم متعلّقة بالظّلم
والكفر والفساد من الأخلاق والأعمال ؛
فلو اتّبع الحقّ أهواءهم ؛
لفسدت السماوات والأرض ؛
لفساد التصرّف والتدبير المبنيّ على الظّلم وعدم العدل ؛
فالسماوات والأرض ما استقامتا
إلاّ بالحق والعدل .

** بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بذكرهم ** ؛
أي : بهذا القرآن المذكِّر لهم بكل خير،
الذي به فخرهم وشرفهم حين يقومون به
ويكونون به سادةَ النّاس .










أبوسند 12-01-2024 05:49 PM



محاضرة بعنوان :
العناية بكتاب الله تعالى
لفضيلة الشيخ أ.د. علي بن غازي التويجري حفظه الله

من دروس ومحاضرات الدورة الماضية دورة الخليفة الراشد على بن أبي طالب 16

https://youtu.be/MEplXg7gWD0








أبوسند 12-01-2024 05:50 PM







مقدمة أصول التفسير لابن قاسم
شرح د. محمد هشام طاهري
" في 3 مجالس "

https://goo.gl/qi53ta










أبوسند 12-01-2024 05:51 PM







فضل تعليم القرآن
للشيخ عبد الله الشثري حفظه الله

https://youtu.be/uJx-jr2JKkE










أبوسند 12-01-2024 05:51 PM



قال تعالى : ** ومِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وَقْرًا وإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إذا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ *
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا على النَّارِ فَقَالُوا يا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ
وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ **
[ سورة الأنعام : 25 - 28 ]


قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :



أي : ومن هؤلاء المشركين قومٌ يحملهم بعضَ الأوقات بعضُ الدواعي إلى الاستماع لما تقول، ولكنه استماعٌ خال من قصد الحقّ واتباعه،
ولهذا لا ينتفعون بذلك الاستماع
لعدم إرادتهم للخير .
** وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً **
أي : أغطية وأغشية لئلا يفقهوا كلام الله،
فصان كلامَه عن أمثال هؤلاء .
** وَفِي آذَانِهِمْ ** جعلنا ** وَقْرًا ** أي: صمما،
فلا يستمعون ما ينفعهم ،
** وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا **
وهذا غاية الظلم والعناد :
أنّ الآيات البينات الدالّة على الحقّ لا ينقادون لها ولا يصدِّقون بها ،
بل يجادلون بالباطل الحقَّ ليدحضوه ،
ولهذا قال : ** حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ** ؛
أي : مأخوذ من صحف الأولين المسطورة
التي ليست عن الله ولا عن رسله ،
وهذا من كفرهم ،
وإلاّ ؛ فكيف يكون هذا الكتاب الحاوي لأنباء السابقين واللاحقين والحقائق التي جاءت بها الأنبياء والمرسلون والحق والقسط والعدل التام من كل وجه أساطيرَ الأولين ؟!



** وهم ** : أي المشركون بالله المكذِّبون لرسوله يَجمعون بين الضّلال والإضلال ؛
ينهون النّاس عن اتباع الحقّ ، ويحذرونهم منه، ويبعدون بأنفسهم عنه، ولن يضرُّوا الله ولا عباده المؤمنين بفعلهم هذا شيئا .
** وإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ** : بذلك .



يقول تعالى مخبرا عن حال المشركين يوم القيامة وإحضارهم النّار :
** وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ **
ليوبَّخوا ويُقَرَّعوا ؛
لرأيت أمرا هائلا وحالا مفظعة ،
ولرأيتهم كيف أَقرُّوا على أنفسهم بالكفر والفسوق، وتمنَّوا أن لو يُردُّوا إلى الدّنيا ،
** فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ** .


** بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ** :
فإنّهم كانوا يُخفون في أنفسهم أنّهم كانوا كاذبين، ويَبدو في قلوبهم في كثير من الأوقات ،
ولكن الأغراض الفاسدة صدَّتهم عن ذلك
وصَرَفَتْ قلوبهم عن الخير،
وهم كَذَبَةٌ في هذه الأمنية، وإنّما قصدهم أن يدفعوا بها عن أنفسهم العذاب .
** ولَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ** .














الساعة الآن 02:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com