![]() |
41)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله : الذي لا يشرك هو الموحد . https://t.co/1qU49Muh3A الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله : خوف إبراهيم عليه السلام من الشرك . https://t.co/LkQqcEph7B الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله : الرياء قد يكون محبِطاً لأصل العمل . https://t.co/AyfK6C80Yz الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله : الفرق بين الصنم و الوثن . https://t.co/soD5E61lqd نقاط هامة في العقيدة المحدث عمر محمد فلاتة https://youtu.be/-fBqFcnyOJY _ لابد من الاهتمام بصفاء العقيدة قبل كل شيء . للعلَّامة صالح بن محمَّد اللّحيدان حفظه الله تعالى https://youtu.be/voeYIlflYM0 http://t.co/HMwcvCuW3g لماذا يجب التركيز على العقيدة للشيخ عبد الله العنقري حفظه الله https://youtu.be/0eGMARErJxk أثر العقيدة في محاربة الارهاب للعلاّمة الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله https://youtu.be/1NnksobecY4 مسائل في العقيدة " منهج التعامل مع النوازل العقدية " 1 للشيخ أبصار الاسلام حفظه الله https://t.co/pwbj1OEFOf مسائل في العقيدة " منهج التعامل مع النوازل العقدية " 2 للشيخ أبصار الاسلام حفظه الله https://youtu.be/cNooPgQpydQ _ ما الفرق بين المنهج والعقيدة وهل الخروج عن منهج السلف يعتبر خروجاً بدعياً ؟ الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى http://t.co/qRJU563ca8 أنصح جميع اخواني الاستفادة من هذه المادة محاضرة : كيف تدرس العقيدة ؟ للشيخ أبي صلاح محمد طاهري حفظه الله ورعاه https://t.co/wPQ1FvGwmGhttps://t.co/BVnycy6EVz يتبع ----------- |
42)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله لقد ذكر الله تعالى جملة من المرسلين عليهم السلام ، وقد بين لو أن هؤلاء العباد المهديين حادوا عن توحيده سبحانه وتعالى ، الذي يستمدون منه الهدى والرشاد وأشركوا بالله ، فإن مصيرهم أن يحبط الله عنهم أعمالهم ، فتذهب هباء وضياعا . قال الله تعالى : { ووَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ونُوحًا هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ ومِنْ ذُرِّيّتِهِ دَاوُدَ وسُلَيْمانَ وأَيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسَى وهَارُونَ وكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) ومِنْ آبائِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ وإِخْوانِهِمْ واجْتَبَيْنَاهُمْ وهَدَيْناهُمْ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ ولوْ أشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُوْلَـئِكَ الَّذينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ والحُكْمَ والنُّبُوّةَ فإن يَكْفُرْ بِها هَـؤُلاء فَقَدْ وكَّلْنا بهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِها بِكافِرينَ (89) ** . سورة الأنعام . قال العلاّمة السّعدي رحمه الله تعالى في تفسيره : { ومِنْ آبَائِهِمْ ** أي : آباء هؤلاء المذكورين { وذُرِّيَّاتِهِمْ وإِخْوَانِهِمْ ** أي : وهدينا من آباء هؤلاء وذرياتهم وإخوانهم . { واجْتَبَيْنَاهُمْ ** أي : اخترناهم { وهَدَيْنَاهُمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ** { ذَلِكَ ** الهدى المذكور ** هُدَى اللهِ ** الذي لا هدى إلا هداه . { يَهْدي بهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ ** فاطلبوا منه الهدى فإنه إن لم يهدكم فلا هادي لكم غيره، وممن شاء هدايته هؤلاء المذكورون . { ولَوْ أَشْرَكُوا ** على الفرض والتقدير { لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ** فإن الشرك محبط للعمل، موجب للخلود في النار . فإذا كان هؤلاء الصفوة الأخيار، لو أشركوا - وحاشاهم - لحبطت أعمالهم فغيرهم أولى . اهـ يتبع ----------- |
43)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال الله تعالى : ** وإذْ قال إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِنًا واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنامَ (35) ** تفسير الطبري سورة ابراهيم - الآية 35 http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a14-aya35.html كان إبراهيم التيميّ يقصُّ ويقول في قَصَصه : " ِمَن يَأمَن مِن البلاء بعد خليلِ الله إبراهيم ، حين يقول : ربّ { اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ** " . _ تفسير الطبري . وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : ** وإذْ قال إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا لْبَلَدَ آمِنًا ** أي : ** و ** اذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الحالة الجميلة، إذ قَال : ** رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ ** أي : الحرم ** آمِنًا ** فاستجاب الله دعاءه شرعا وقدرا، فحرمه الله في الشرع ويسر من أسباب حرمته قدرا ما هو معلوم، حتى إنه لم يرده ظالم بسوء إلا قصمه الله كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم . ولما دعا له بالأمن دعا له ولبنيه بالأمن فقال : ** واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ** أي : اجعلني وإياهم جانبا بعيدا عن عبادتها والإلمام بها، ثم ذكر الموجب لخوفه عليه وعلى بنيه بكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها . اهـ يتبع ----------- |
44)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله يوسف عليه السلام رغم أنه سُجن مظلوما إلا أن قضيته الأساسية كانت الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك ولم يستغل ظلمهم إياه لتأجيج الناس وتحريضهم وتأليبهم ... فافهم هذا جيدا يا عبد الله واحذر دعاة السياسة قال تعالى : { قالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِالله وهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وعلى النَّاسِ ولكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * يا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الواحِدُ القَهَّارُ * ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا أسْماءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وآبَاؤُكُمْ ما أَنْزَلَ الله بها مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ** سورة يوسف 37 - 40 يتبع ----------- |
45)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله التوحيد أولا يا عباد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : ( يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) حسّنه الترمذي . ���������������� لا يُقبل عمل إلاّ بالتوحيد، ففي الحديث القدسي عند مسلم : ( أَنا أَغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أَشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) �������������� الشرك سبب لدخول النار وإحباط العمل ، قال تعالى : ** إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ** ، وقال تعالى : ** ولو أشركوا لحبط عنهم ماكانوا يعملون ** . �������������� نصيحة طلاب العلم والعوام بتعلم التوحيد الشيخ د. محمد أمان الجامي رحمه الله |https://t.co/fbjfO1BXy1 قال العلّامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله : " إخلاص التوحيد هو الأمر الذي بعث الله لأجله رسله وأنزل به كتبه " . _ الدّر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ( ص 43 ) . ������������ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد، فإنه لاينجي من عذاب الله إلاّ إياه ، وما نطق الناطقون بأحسن مِن لا إله إلا الله ) وهو اللطيف الخبير محاضرة للشيخ سعد الخثلان حفظه الله https://youtu.be/5I9C99-dCeI يتبع ----------- |
46)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله 
 " انتشار الشرك بسبب الاستعمار " « وسِرْ ما شئت في جميع الأوقات، وفي جميع طُرُق المواصلات تَرَ القبابَ البيضاء لائحةً في جميع الثنايا والآكام ورؤوس الجبال، وسلْ تجدِ القليل منها منسوبًا إلى معروفٍ من أجداد القبائل، وتجد الأقلَّ مجهولًا، والكثرة منسوبةٌ إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، واسأل الحقيقةَ تُجبك عن نفسها بأنَّ الكثير من هذه القباب إنّما بناها المعمِّرون الأوربيون في أطراف مزارعهم الواسعة، بعد ما عرفوا افتتانَ هؤلاء المجانين بالقباب واحترامَهم لها، وتقديسَهم للشيخ عبد القادر الجيلاني، فعلوا ذلك لحماية مزارعهم مِن السرقة والإتلاف، فكلُّ معمِّرٍ يَبني قبَّةً أو قبَّتين من هذا النوع يأمن على مزارعه السرقةَ ويستغني عن الحرَّاس ونفقات الحراسة، ثمَّ يترك لهؤلاء العميان ـ الذين خسروا دينَهم ودنياهم ـ إقامةَ المواسم عليها في كلِّ سنةٍ، وإنفاقَ النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهُدها بالتبييض والإصلاح، وقد يحضر المعمِّر معهم الزردة، ويشاركهم في ذبح القرابين، ليقولوا عنه إنه محبٌّ في الأولياء خادمٌ لهم، حتى إذا تمكَّن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نزعًا للأرض من أيديهم، وإجلاءً لهم عنها، وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمِّرون على تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنَّاتٍ، زيادةً على الوسائل الكثيرة التي انتزعوا بها الأرضَ من أهلها ». _ آثار محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله ( 3 / 321 ) . يتبع ----------- |
47)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال تعالى : ** وقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا * تَكَادُ السَّماوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ولدًا * وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمَن أَنْ يَتَّخِذَ ولداً * إنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَاواتِ والْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لقد أحْصاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدًّا * وكُلُّهُمْ آتيهِ يومَ القيامَةِ فَرْدًا ** سورة مريم 88 - 95 قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره : وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين، الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا، كقول النصارى : المسيح ابن الله، واليهود : عزير ابن الله، والمشركين : الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا . ** لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ** أي : عظيما وخيما . من عظيم أمره أنه ** تَكَادُ السَّمَاوَاتُ ** على عظمتها وصلابتها ** يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ** أي : من هذا القول ** وتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ** منه، أي : تتصدع وتنفطر ** وتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ** أي : تندك الجبال . ** أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ** أي : من أجل هذه الدعوى القبيحة تكاد هذه المخلوقات، أن يكون منها ما ذُكِرَ . والحال أنه : ** ما يَنْبَغِي ** أي : لا يليق ولا يكون ** لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ** وذلك لأن اتخاذه الولد، يدل على نقصه واحتياجه، وهو الغني الحميد . والولد أيضا، من جنس والده، والله تعالى لا شبيه له ولا مثل ولا سَمي . ** إِنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ** أي : ذليلا مُنقادا، غير متعاص ولا ممتنع، الملائكة، والإنس، والجن وغيرهم، الجميع مماليك، مُتصرف فيهم، ليس لهم من الملك شيء، ولا من التدبير شيء، فكيف يكون له ولد، وهذا شأنه وعظمة ملكه ؟ . ** لَقَدْ أحْصَاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدًّا ** أي : لقد أحاط عِلمهُ بالخلائق كلهم، أهل السماوات والأرض، وأحصاهم وأحصى أعمالهم، فلا يضل ولا ينسى، ولا تخفى عليه خافية . ** وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا ** أي : لا أولاد، ولا مال، ولا أنصار، ليس معه إلا عمله، فيجازيه الله ويوفيه حسابه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، كما قال تعالى : ** ولَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كما خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ** . يتبع ----------- |
48)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال تعالى : ** ومَنْ يَدْعُ مع الله إلَهًا آخَرَ لَا بُرْهانَ له به فإنّما حِسابُهُ عند رَبِّهِ إنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكافِرُونَ ** سورة المؤمنين 117 قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره : أي : ومن دعا مع الله آلهة غيره، بلا بيّنة من أمره ولا برهان يدل على ما ذهب إليه، وهذا قيدٌ ملازم، فكلُّ مَن دعا غير الله، فليس له برهان على ذلك، بل دلت البراهين على بطلان ما ذهب إليه، فأعرضَ عنها ظلما وعنادا، فهذا سيقدم على ربه، فيجازيه بأعماله، ولا ينيله من الفلاح شيئا، لأنه كافر، ** إنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ** فكُفرُهُم مَنعهَم مِن الفلاح . اهـ يتبع ----------- |
49)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال تعالى : ** قُلْ يا أَيُّها الكافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * ولَا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ * ولَا أَنَا عَابِدٌ ما عَبَدْتُمْ * ولَا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ ** قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : أي : قل للكافرين معلنا ومصرحًا ** لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ** أي : تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا. ** ولَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ** لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا. ولهذا ميز بين الفريقين، وفصل بين الطائفتين، فقال : ** لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ ** كما قال تعالى : ** قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على شاكِلَتِهِ ** أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وأنا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ . اهـ تفسير الطبري - سورة الكافرون http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a109-aya1.html تفسير القرطبي - سورة الكافرون http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...a109-aya1.html تفسير ابن كثير - سورة الكافرون http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a109-aya1.html يتبع ----------- |
50)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : فإذا قيل لك : مَن ربُّك ؟ فقل : ربِّي الله الذي ربّاني ، وربَّى جميع العالمين بنعمته ، وهو معبودي ، ليس لي معبود سواه . والدليل قوله تعالى : ** الحَمْدُلِله رَبِّ العَالَمِينَ ** الفاتحة 2 وكل من سوى الله عالَمٌ ، وأنا واحدٌ من ذلك العالم . فإذا قيل لك : بم عرفت ربَّك ؟ فقل : بآياته ومخلوقاته ، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، ومن مخلوقاته : السموات السَّبع ، والأرضون السّبع ، ومَن فيهنَّ وما بينهما ، والدليل قوله تعالى : ** ومِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ والنّهارُ والشّمْسُ والقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشّمْسِ ولَا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِله الّذي خَلَقَهُنَّ إنْ كنتم إيّاهُ تَعْبُدُونَ ** [ سورة فصلت : 37 ] وقوله تعالى : ** إنّ رَبَّكُمُ اللهُ الّذي خَلَقَ السّمواتِ والأرْضَ في ستّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى على العَرْش يُغْشِي اللّيْلَ النّهارَ يَطْلُبُهُ حَثيثًا والشّمْسَ والقَمَرَ والنُّجُومَ مُسَخّراتٍ بأمْرِهِ ألَا له الخَلْقُ والْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ العالمينَ **. [ سورة الأعراف : 54 ] والرّبُّ هو المَعْبُودُ ، والدّليلُ قولُه تعالى : ** يا أيُّها النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الّذي خَلَقَكُمْ والّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً والسّماءَ بِناءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ماءً فأَخْرَجَ به مِن الثّمَراتِ رِزْقاً لكم فَلا تَجْعَلُوا لِله أنْدَاداً وأنتُمْ تَعْلَمُونَ ** [سورة البقرة : 21 - 22 ] . أ) قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله في شرح الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 207 - 208 ) : استدل الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذه القطعة من العقيدة على التوحيد – خصوصا توحيد الربوبية – بسورة الفاتحة ، ... إلى أن قال : ولا ريب أن هذا الاستدلال من أحسن ما يكون وأقواه ، فإن سورة الفاتحة هي أم القرآن ، فجميع معاني القرآن ترجع إليه ، والقرآن كله في تقرير التوحيد ، فالاستدلال بسورة الفاتحة على التوحيد استدلال من أقرب الطرق وأقواها ... يتبع ----------- |
51)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ب) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 209 - 211 ) : قال ابن القيم رحمه الله موضحاً دلالة سورة الفاتحة على التوحيد [ مدارج السالكين ( ص 10 ) ] : " هذه السورة اشتملت على أُمّهات المطالب العالية أتمَّ اشتمال ، وتضمّنتها أكْمَل تضمن . فاشتملت على التعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماء ، مرجعُ الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها ، ومدارها عليها ، وهي [ الله ، والربُّ ، والرحمن ] وبُنيت السورة على الإلهية ، والربوبية ، والرحمة . فـ ** إيّاك نعبد ** مبنيٌّ على الإلهية ، ** وإيّاك نستعين ** على الربوبية ، وطلب الهداية إلى صراطه المستقيم بصفة الرحمة . والحَمْدُ يتضمن الأمور الثلاثة ، فهو المحمود في إلهيته وربوبيته ورحمته ، والثناء والمجد كمالان لحمده . وتضمنت إثبات المعاد ، وجزاء العباد بأعمالهم ، حسنها وسيئها ، وتفرُّد الربّ تعالى بالحكم إذ ذاك بين الخلائق ، وكونَ حكمه بالعدل ، وكلّ هذا تحت قوله : ** مالك يوم الدِّين ** الفاتحة : 4 " . وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 945 ) ] : " إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد ، شاهدة به ، داعية إليه ، فإن القرآن : إما خبر عن الله ، وأسمائه وصفاته وأفعاله ، فهو التوحيد العلمي الخيري . وإِمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له ، وخلع كل ما يُعبد من دونه ، فهو التوحيد الإرادي الطلبي . وإِمَّا أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره ، فهي حقوق التوحيد ومكملاته . وإِما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته ، وما فعل بهم في الدُّنيا ، وما يكرمهم به في الآخرة ، فهو جزاء توحيده ، وإِمَّا خبر عن أهل الشّرك ، وما فعل بهم في الدُّنيا من النكال ، وما يحل بهم في العقبى من العذاب ، فهو خبر عمن خَرجَ عن حكم التوحيد . فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ، وفي شأن الشّرك وأهله وجزائهم ، فـ ** الحمد لله ** توحيد ، ** رَبِّ العالمين ** توحيد ، ** الرّحمن الرّحيم ** توحيد ، و ** مالك يوم الدِّين ** توحيد ، و{ إيّاك نعبد ** توحيد ، ** وإيّاك نستعين ** توحيد ، و{ اهدنا الصِّرَاط المستقيم ** توحيد متضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد الَّذينَ أنعم الله عليهم ، ** غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين ** الَّذينَ فارقوا التوحيد " . فحقيقة دعوة الرسل هي الدعوة إلى توحيد الله وعبوديته وطاعته ، قال تعالى : ** وما أرسلنا من قبلك من رّسول إلَّا نوحي إليه أنَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنا فاعبدون ** [ سورة الأنبياء : 25 ] ، وقال تعالى : ** ولَقَدْ بعثنا في كلِّ أُمّة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطَّاغُوت ** [ سورة النحل : 36 ] ، والأوامر الإلهية هي من حقوق كلمة التوحيد وتفصيل لها . [ بدائع التفسير ( 5 / 243 ) ] . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة ( ص 93 ) ] : " وهذا قد عرّفه الله عِبَادَه برسله وكتبه ، علموهم وزكُّوهم وأمروهم بما ينفعهم ونهوهم عمّا يضرهم ، وبيّنوا لهم أن مطلوبهم ومقصودهم ومعبودهم يجب أن يكون هو الله وحده لا شريك له ، كما أنَّهُ هو ربّهم وخالقهم ، وأنّهم إن تركوا عبادته أو أشركوا به غيره خسروا خسرانا مبينا ، وضلوا ضلالا بعيدا " . والعقل والفطرة يتعاضدان مع الشّرع في تقرير التوحيد وحقوقه من شرائع الإسلام . يتبع ----------- |
52)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ج) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 212 - 217 ) : وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 148 - 149 ) ] : " من أعلام نبوة محمد صلَّى الله عليه وسلم أنه يأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ، ويُحلُّ لهم الطيّبات ، ويُحرِّم عليهم الخبائث ... إلى قوله : وإنّما المدح والثناء والعَلَمُ الدّال على نبوته ، أنّ ما يأمر به تشهد العقول الصّحيحة حُسنَه وكونه معروفاً ، وما ينهى عنه تشهد قُبحَه وكونه منكراً ، وما يُحلُّه تشهد كونَه طيِّباً ، وما يحرِّمه تشهد كونه خبيثاً . وهذه دعوة جميع الرسل – صلوات الله وسلامه عليهم – ، وهي بخلاف دعوة المتغلبين المبطلين والكذابين والسحرة ، فإنّهم يدعون إلى ما يوافق أهواءهم وأغراضهم ، من كل قبيح ومنكر وبغي وإثم وظلم . ولهَذا قيل لبعض الأعراب – وقد أسلم – لما عَرف دعوته صلَّى الله عليه وسلم : عن أي شيء أسلمتَ ؟ وما رأيتَ منه ما دلّك على أنه رسول الله ؟ قال : „ ما أمر بشيء فَقالَ العقلُ : ليته نَهى عنه . ولا نَهى عن شيء فَقالَ العقلُ : ليته أمر به . ولا أَحَلَّ شيئاً فَقالَ العقل : ليته أباحه „ . فانظر إلى هذا الأعرابي ، وصحة عقله وفطرته ، وقوة إيمانه ، واستدلاله على صحة دعوته ، بمطابقة أمره لكل ما حسن في العقل ، ومطابقته ونهيه لما هو قبيح في العقل ، وكذلك مطابقة تحليله وتحريمه ، لو كان جهة الحسن والقبح والطيب والخبث مجرد تعلق الأمر والنهي والإباحة والتحريم به ، لم يحسن منه هذا الجواب ، ولكان بمنزلة أن يقول : وجدته يأمر وينهى ويُبيح ويُحَرِّم ، وأي دليل في هذا ؟ " . ومما ذكرَهُ العلماء من فوائد ابتداء نزول القرآن على النّبيّ صلَّى الله عليه وسلم بـ ** اقرأ باسم ربّك الَّذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم ** [ سورة العلق : 1 - 3 ] ، التنبيه بالنظر والاستدلال على توحيد الله . قال الحافظ أبو شامة المقدسي رحمه الله : " إن هذا أوّلُ ما نزل ، وفي ابتدائه بإنزال هؤلاء الآيات عليه التنبيه على النّظر والفكر المؤديين إلى علم التّوحيد ، لذكر الرّبوبيّة المنتظمة للتّربية والتّدبير واللُّطف بالصّحّة والرّزق . وتنبيه ثان على الاستدلال بما يراه من خلق جنسه من أهلِهِ وولده وغيرهم ، ممّا يعلم أنّ حاله وحالهم فيه سواء ، من ظهورهم أشخاصا حسّية متحرِّكة من نطفة مَواتٍ في الرّحم ، حيث لا يصل إليها يدٌ ولا آلةٌ ، ولا يمسُّها شيء ، بل يشهد العقلُ بأنّها تحولٌ من حال إلى حال ، بإرادة حيٍّ قادر ** لا إلَهَ إلَّا هو سبحانه عمّا يُشْرِكُونَ ** " . وتنبيه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى النظر في ملكوت السّموات والأَرْض ومخلوقات الله هو من أسباب زيادة الإيمان ، فهذه مخلوقات عظيمة دالة في إحكامها وسيرها في نظام محكم على عظمة خالقها وكمال قدرته وقوته وعلمه وقيوميته ... فسلك الإمام رحمه الله مَنهج القرآن والسّنّة وسلف الأُمّة ، في أنّ أول واجب هو توحيد الله والإيمان به ، والنظر مؤكدٌ له ، بخلاف مَنهج المعتزلة والملاحدة ومَنْ اتبعهم من الأشاعرة حيث قرروا أن أول واجب النظر ... يتبع ----------- |
53)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله د) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 225 - 227 ) : وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ، والإقرار بالربوبية أسبق من الإقرار بالألوهية ، والشرك في الألوهية أكثر في الخلق منهم في الربوبية ، من أجل هذا بُعثت الرسل بالدعوة إلى تصحيحه أكثر ، قال تعالى : ** وما يؤمن أكثرهم بالله إلَّا وهم مُّشركون ** [ سورة يوسف : 106 ] ، يعني : أن أكثر الناس يؤمنون بربوبية الله ويشركون في ألوهيته ، وهذا حال القَوْم الَّذينَ بُعثَ فيهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم . وهذه الثلاثة الأصول : ربُك ، ودينك ، ونبيك صلَّى الله عليه وسلم ، هي حقيقة الدين كله ، فمن قام بتحقيقها في الدُّنيا وُفِّقَ إلى النطق بها عند الاحتضار وفي البرزخ ، لأنها حقيقة قامت بقلبه وعملت بها جوارحه في حياته ، وجزاء الإحسان الإحسان ، فيُثبِّت اللهُ عَبْدَه بالقول الثابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 70 ) ] : " لا ينفك العبدُ من العبودية ما دام في دار التكليف ، بل عليه في البرزخ عبودية أخرى لما يسأله الملكان : مَن كان يعبد ؟ وما يقول في رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ؟ ويلتمسان منه الجواب ، وعليه عبودية أخرى يوم القِيامَةِ ، يوم يدعو اللهُ الخلقَ كلَّهم إلى السجود فيسجدُ المؤمنون ، ويبقى الكُفّار والمنافقون لا يستطيعون السجود ، فإذا دخلوا دار الثواب تسبيحاً مقروناً بأنفاسهم لا يجدون له تعباً ولا نصباً " . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ العبودية ( ص 123 - 124 ) ] : " إن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه من عبوديته لغيره ، ومن حلاوة محبته لله ما يمنعه من محبة غيره ، إذ ليس عند القلب لا أحلى ولا ألذّ ولا أطيب ولا ألين ولا ألين ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ومحبته له ، وإخلاصه الدين له ، وذلك يَقتضي انجذاب القلب إلى الله ، فيصير القلب منيباً إلى الله ، خائفاً منه ، راغباً راهباً ، كما قال تعالى : ** مَن خشيَ الرّحمن بالغيب وجاء بقلب مُّنيب ** [ سورة ق : 33 ] . إذ المحب يَخاف من زوال مطلوبه ، أو حصول مرهوبه ، فلا يكون عبد الله ومحبّه ، إلَّا بين خوف ورجاء ، كما قال تعالى : ** أولئك الَّذينَ يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أَيُّهُم أقربُ ويرجون رحمتَه ويخافون عذابه إنَّ عذاب ربّك كان محذورا ** [ سورة الإسراء : 57 ] . يتبع ----------- |
54)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : " وأنواع العبادة التي أمر الله بها ، مثل : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، ومنها : الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستغاثة ، والاستعاذة ، والذبح ، والنذر ، وغير ذلك من العبادة التي أمر الله بها كلها لله ، والدليل قوله تعالى : ** وأَنَّ المَساجِدَ لِله فَلَا تَدْعُوا مع اللهِ أحَدًا ** [ سورة الجن : 18 ] ، فمن صرف منها شيئا لغير الله ، فهو مشرك كافر ، والدليل قوله تعالى : ** ومَن يَّدْعُ مع الله إلَهًا آخَرَ لَا بُرْهانَ له به فإنَّما حِسابُهُ عند رَبِّهِ إنّهُ لَا يُفْلِحُ الكافِرُونَ ** [ سورة المؤمنون : 117 ] وفي الحديث : ( الدعاء مُخُّ العبادة ) " ، أ) قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله في شرح الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 228 - 230 ) : العبادة حقُّ اللهِ الخالص الذي لا يجوز صرفه لغير الله ، قال النبي صلَّى الله عليه وسلم : ( حق الله على العباد أن يعبدوه ، ولا يشركوا به شيئاً ) ، متفق عليه . فمنطوق الحَديثِ صريح وواضح ، أن مَن صرف شيئا من العبادة لغير الله ، فقد أشرك . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ العبودية ( ص 19 - 20 ) : " إنَّ العبادة لله هي الغاية المحبوبة له ، والـمُرضية له ، والتي خلق الخلقَ لها ، كما قال تعالى : ** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلاّ ليعبدون ** [ سورة الذاريات : 56 ] وبها أُرسل جميع الرسل ، كما قال نوح لقومه : ** اعبدوا الله ما لكم مّن إله غيرُه ** [ سورة الأعراف : 59 ] وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم . وقال تعالى : ** ولقد بعثنا في كلّ أُمّة رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت فمنهم مَّن هدى الله ومنهم مَّن حقّت عليه الضّلالة ** [ سورة النحل : 36 ] وقال تعالى : ** وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنّه لا إله إلاّ أنا فاعبدون ** [ سورة الأنبياء : 25 ] " . وقال تعالى : ** إيّاك نعبد ** [ سورة الفاتحة : 5 ] قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ التوسل والوسيلة ( ص 299 ) ] : " والعبادة هي لله وحده ، فلا يصلى إلاّ لله ، ولا يصام إلاّ لله ، ولا يُحج إلاّ إلى بيت الله ، ولا تُشد الرّحال إلاّ إلى المساجد الثلاثة ، لكون هذه المساجد بناها أنبياء الله بإذن الله ، ولا يُنذر إلاّ لله ، ولا يُحلف إلاّ بالله ، ولا يُدعى إلاّ الله ، ولا يُستغاث إلا بالله " . وقال سماحة الإمام المجدِّد عبد العزيز بن باز رحمه الله [ الدرر الثرية من الفتاوى البازية ( ص 48 ) ] : " النذر لا يجوز إلا لله وحده ؛ لأنه عبادة، فالصلاة والذبح والنذر والصيام والدعاء، كلها لله وحده سبحانه وتعالى ، كما قال سبحانه وتعالى : ** إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ ** ، وقال سبحانه : ** وقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُواْ إلاَّ إيَّاهُ ** [ سورة الإسراء : 23 ] ، يعني : أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه وتعالى : ** فادْعُوا الله مُخْلِصِينَ له الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ ** [ سورة غافر : 14 ] ، وقال عزّوجلّ : ** وأَنَّ المَساجِدَ للهِ فلَا تَدْعُوا مع الله أحَدًا ** [ سورة الجن : 18 ] . فالعبادة حق لله، والنذر عبادة، والصوم عبادة، والصلاة عبادة، والدعاء عبادة، فيجب إخلاصها لله وحده " . يتبع ----------- |
55)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله أ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 230 - 233 ) : قال ابن القيّم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 161 ) ، ط : دار السلام ] : " الشرك به سبحانه في الأفعال ، والأقوال ، والإرادات والنيّات ، فالشرك في الأفعال كالسجود لغيره، والطواف بغير بيته، وحلق الرأس عبوديَّةً وخضوعًا لغيره ، وتقبيل الأحجار غير الحجر الأسود الذي هو يمين الله في الأرض، وتقبيل القبور واستلامها ، والسُّجود لها . وقد لعن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلم مَن اتَّخذَ قبورَ الأنبياء والصالحين مساجد يُصلّى لله فيها، فكيف بمن اتّخذ القبور أوثانًا يعبدها من دون الله ؟ ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن اللهُ اليهود والنّصارى ، اتَّخَذُوا من قبور أنبيائهم مساجد ) . وفي الصحيح أيضا عنه : ( إنَّ مَّن كان قبلكم كانُوا يتّخذون القبور مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك ) " . وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ مجموع الفتاوى ( 26 / 250 ) ] : " إن الطّواف بغير البيت العتيق لا يجوز باتفاق المسلمين، بل من اعتقد ذلك ديناً وقربة، عُرِّف أن ذلك ليس بدين باتفاق المسلمين، وأنّ ذلك معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، فإن أصر على اتخاذه ديناً قتل " . [ الحدود والتعزيرات يقيمها ولي الأمر ] . وقال تعالى : ** ولا تُفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ** [ سورة الأعراف : 56 ] ، قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله [ مجموع تفسير آيات من القرآن الكريم ( ص 108 ) ] : " الإفساد في الأرض بعد الإصلاح يكون بالمعاصي والمخالفات والبدع ، والله أصلحها ببعث الأنبياء ، وإقامة الشّرع فيها ، فهذا صلاحها ، أما المعاصي والشرك فهو فسادها – أعوذ بالله – ، فصلاح الأرض وصلاح أهلها يكون بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وتوحيد الله والإخلاص له ، أما فساد الأرض وفساد أهلها ، فيكون بالشرك والمعاصي والمخالفات ، وهذا هو فساد الأرض " . يتبع ----------- |
56)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ب) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 234 - 237 ) : فلا يَصحُّ إيمان عبد دون العمل ، وتصور القول بنفي العمل من الإيمان كافٍ في ظهور بطلانه ، فإن الشرائع تفصيل لكلمة التوحيد ومن حقوقها . والقول بتعطيل العمل قدح لمعنى خلق الخلق ، قال تعالى : ** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلَّا ليعبدون ** [ سورة الذاريات : 56 ] ، قال أبو العباس المقريزي رحمه الله [ تجريد التوحيد المفيد ( ص 57 - 58 ) ] : " والملك هو الآمر الناهي ، لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سُدًى مُعَطَّلين ، لا يُؤمرون ولا يُنهَون ، ولا يُثابون ولا يعاقبون ، فإن الملك هو الآمر الناهي ، المعطي المانع ، الضار النافع ، المثيب المعاقب " . وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ الإيمان الكبير ( ص 402 - 403 ) ] : " إن « الإيمان » أصله الإيمان الذي في القلب، ولابد فيه من « شيئين » : تصديقٌ بالقلب وإقراره ، ومعرفته . ويقال لهذا : قول القلب . قال « الجنيد بن محمد » : التوحيد : قول القلب . والتوكل : عمل القلب . فلا بد فيه من قول القلب وعمله، ثم قول البدن وعمله، ولا بد فيه من عمل القلب، مثل حب الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلم، وخشية الله ، وحب ما يحبه الله ورسولُه صلَّى الله عليه وسلم ، وبغض ما يبغضه الله ورسولُه صلَّى الله عليه وسلم ، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكل القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القلوب التي أوجبها الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلم وجعلها من الإيمان " . يتبع ----------- |
57)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ج) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 237 - 239 ) : قال ابن القيم رحمه الله : " اشتمال الصلاة على أنواع العبودية مِن أولها إلى آخرها : التوحيد التام ، والثناء على الله تعالى بأصول أسمائه وصفاته ، وتفريغ القلب لله ، وإخلاص النيّة ، وافتتاحها بكلمة جامعة لمعاني العبودية ، دالة على أصول الثناء وفروعه ، مخرجة من القلب الالتفات إلى ما سواه والإقبال على غيره ، فيقوم بقلبه الوقوف بين يدي عظيم جليل كبير أكبر من كل شيء ، ثم أخذ بتسبيحه وحمده وذِكرِه والثناء عليه ، ثم إفراده بنوعي التوحيد ، توحيد ربوبيته استعانة به ، وتوحيد إلهيته عبودية له . ثم سؤاله أفضل مسؤول ، وهو هداية الصراط المستقيم ، ثم يأخذ في تلاوة ربيع القلوب وشفاء الصدور ونور البصائر وحياة الأرواح ، وهو كلام رب العالمين . ثم يعود إلى تكبير ربه عزّوجلّ ، فيجدد به عهد التذكرة ، كونه أكبر من كل شيء بحق عبوديته ، وما ينبغي أن يُعامل به . ثم يركع حانياً ظهرَه ، خضوعا لعظمتِه ، وتذللاً لعزته ، واستكانة لجبروته ، مُسبحاً له بذكر اسمه العظيم ، ثم عاد إلى القيام حامِداً ربَّه بأكمل مَحامِدِه ، معترفا بعبوديته له ، ثم يعود إلى تكبيره ، ويخر له ساجدا على أشرف ما فيه وهو الوجه ، ذلاًّ بين يديه ومسكنةً وانكسارا ، وقد أخذ كل عضو من البدن حظه من هذا الخضوع ، يُسَبِّح ربه الأعلى ، فيذكر علوه في حالة سفوله هو . ثم لما أكمل صلاتَه شُرِعَ له أن يَقعُد قعدة العبد الذليل المسكين لسيده ، ويثني عليه بأفضل التحيات ، ويُسلم على نفسه وعلى سائر عباد الله المشاركين له في هذه العبودية ، ثم يتشهد شهادة الحَقِّ ، ثم يعود فيصلي على مَّن عَلَّمَ الأُمّة هذا الخير ودلّهم عليه . ثم شُرِعَ له أن يسأل حوائجه ويدعو بما أحب ، فإذا قضى ذلك أُذن له في الخروج منها بالتسليم على المشاركين له في الصلاة " . [ باختصار من شفاء العليل ( 3 / 1155 - 1163 ) ] . فالحاصل : أن الصلاة جامعة لأنواع العبودية كلها ، قال ابن القيم رحمه الله : " لا تجد منزلةً مِن منازل السير إلى الله تعالى ، ولا مقاماً من مقامات العارفين ، إلَّا وهو في ضمن الصلاة " . [ شفاء العليل ( 3 / 1163 ) ] . يتبع ----------- |
58)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله د) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 241 - 243 ) : الدعاء أعلى مقامات العبودية ، لأن العبد يظهر افتقاره إلى باريه ، فيتذلل له ويخضع ، وينكسر له وحده لا شريك له . ومن تحقيق العبودية لله : دعاء العبد ربَّه ، وسؤاله ، وطلبه الحاجات منه وحده لا شريك له . وتقع العبودية لله في الدعاء من جهة أخرى ، فإن الله لا يستجيب لعبده كلما رفع يديه لله ، فلو وقع ذلك ما حصل تكليف ولا ابتلاء ، والمقصود : أن يكون العبد متألِّها لله في عبادته ، ينتظر فَرَجَه ، فيكون العبد دائم الالتجاء إلى الله ، قال أبو بكر الطرطوشي رحمه الله [ الدعاء المتأثور ( ص 107 ) ] : " ولهَذا قال بعضهم : لو استجيب للعبد في كل ما سأل ، لخرج عن حدّ العبودية ، وإنّما أُمِرَ بالدعاء ليكون عبداً ، والله يفعل ما يشاء " . وقال ابن القيم رحمه الله [ الفوائد ( ص 233 - 234 ) ] : " أساس كل خير أن تعلم أنّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فتتيقّن حينئذ أنّ الحسنات من نعمه فتشكره عليها، وتتضرّع إليه أن لا يقطعها عنك ، وأنّ السيئات من خذلانه وعقوبته ، فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها ، ولا يكلَكَ في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك . وقد أجمع العارفون على أنّ كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكلَّ شرٍّ فأصله خِذلانُه لعبده . وأجمعوا أنّ التوفيق أن لا يكلَك الله إلى نفسك ، وأَنَّ الخِذلان هو أن يُخْلِيَ بينك وبين نفسك فإذا كان كلُّ خير فأصله التوفيق ، وهو بيد الله لا بيد العبد ، فمفتاحه الدعاءُ والافتقارُ وصدقُ اللَّجَأ والرغبة والرهبة إليه ؛ فمتى أعطى العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ، ومتى أضَلَّهُ عن المفتاح ، بقي باب الخير مُرْتَجاً [ مُغلقاً ] دونه . قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنّي لا أحمل همَّ الإجابة ، ولكن همَّ الدعاء ، فإذا أُلهمتُ الدعاء ، فإنّ الإجابة معه . وعلى قدر نية العبد وهمَّته ومراده ورغبته في ذلك ، يكون توفيقه سبحانه وإعانته ، فالمعونة من الله تنزلُ على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم ، والخِذلان ينزلُ عليهم على حسب ذلك . فالله سبحانه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين ، يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به ، والخذلان في مواضعه اللائقة به ، وهو العليم الحكيم ، وما أتي مَن أتي إلاّ من قِبَل إضاعة الشُّكر وإهمال الافتقار والدُّعاء ، ولا ظفر مَن ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشُّكر وصدق الافتقار والدُّعاء " . يتبع ----------- |
59)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله هـ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 243 - 245 ) : ولَوْلَا العبودية لله – التي من أجلِّها وأعلاها دعاء الله – لغَضِبَ اللهُ على خَلقِه وانتصر منهم . قال تعالى : ** قُل ما يعبؤا بكم ربِّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزاما ** [ سورة الفرقان : 77 ] ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله [ تفسير القرآن ( 3 / 400 ) ] : " أي : لا يبالي ولا يكترث بكم إذ لم تعبدوه ، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا " . وقال ابن القيم رحمه الله [ جلاء الأفهام ( ص 270 ) ، ط . دار ابن كثير ،دمشق / بيروت ] : " إنَّ الدعاء عبوديةٌ لله تعالى ، وافتقار إليه ، وتذللٌ بين يديه ، فكلّما كَثَّره العبدُ وطوّله ، وأعاده وأبداه ، ونوَّع جُمَلَه ، كان ذلك أبلغ في عبوديته ، وإظهار فقرِه ، وتَذَلُلِـهِ وحاجته ، وكان ذلك أقرب له من ربِّه ، وأعظم لثوابه . وهذا بخلاف المخلوق ، فإنّك كلّما كَثَّرتَ سؤالَه ، وكرَّرْتَ حوائجك إليه ، أبرمته ، وثَقَّلْتَ عليه ، وهُنْتَ عليه ، وكلما تركتَ سؤالَه كانت أعظم عنده وأحب إليه . والله سبحانه كلما سألته كنت أقربَ إليه وأحبَّ إليه ، وكلّما ألححت عليه في الدعاء أَحَبَّك ، ومَن لم يسأله يغضب عليه . فالله يغضبُ إن تركتَ سؤالَه _____ وبُنَيُّ آدم حين يُسأل يَغْضَب فالمطلوب يزيد بزيادة الطَّلب ، وينقص بنقصانه " . والنبي صلَّى الله عليه وسلم كان يغرس في نفوس الناشئة التوجه إلى الله بالدعاء والمسألة ، فقد قال لابن عباس رضي الله عنه وهو غلام : ( إذا سألت فاسأل الله ) . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ جامع العلوم والحكم ( ص 358 ) ] : " هذا مُنتزعٌ من قوله تعالى : ** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ، فإنّ السؤال لله هو دعاؤُه والرغبةُ إليه ، والدُّعاء هو العبادة ، كذا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير ، رضي الله عنه ، وتلا قوله تعالى : ** وقال ربكم ادعوني أستجب لكم **[ سورة غافر : 60 ] خَرجّه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والنسائي ، وابن ماجه " . وإجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد والعمل الصالح ، قال تعالى : ** وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون ** [ سورة البقرة : 186 ] . قال شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 521 ) ] : " فأخبر سبحانه أنه قريبٌ يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، ثم أمرهم بالاستجابة له وبالإيمان به ، كما قال بعضهم : ** فليستجيبوا لي ** : إذا دعوتهم ، ** وليؤمنوا بي ** أني أُجيب دعوتهم . قالوا: وبهذين السببين تحصل إجابة الدعوة : بكمال الطاعة لألوهيته ، وبصحة الإيمان بربوبيته ، فمن استجاب لربه بامتثال أمره ونهيه ؛ حصل مقصوده من الدعاء ، وأجيب دعاؤه ، كما قال تعالى : ** ويَسْتَجِيبُ الَّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ويَزيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ** [ سورة الشورى : 26 ] أي : يستجيب لهم ، يقال : استجابه واستجاب له " . يتبع ----------- |
60)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله و) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 246 - 247 ) : "...فالتوحيد يُدخل العبد على الله ، والاستغفار والتوبة يرفع المانع ، ويزيل الحجاب الذي يحجبُ القلبَ عن الوصول إليه " . والدُّعاء نوعان : دعاء بلسان المقال ، وبلسان الحال . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 520 ) ] : " ولفظ الدعاء في القرآن يتناول هذا وهذا، الدعاء بمعنى العبادة، أو الدعاء بمعنى المسألة، وإن كان كل منهما يستلزم الآخر ، لكن العبد قد تنزل به النازلة فيكون مقصوده طلب حاجته ، وتفريج كرباته ، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع ، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة ، ثم يكون في أول الأمر قصده حصول ذلك المطلوب : من الرزق والنصر والعافية مطلقا ، ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله عزّ وجلّ ومعوفته ومحبته ، والتنعم بذكره ودعائه، ما يكون هو أحبَّ إليه وأعظم قدرا عنده من تلك الحاجة التي أهمته . وهذا من رحمة الله بعباده ، يسوقهم بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العلية الدينية . وقد يفعل العبد ما أُمر به ابتداءً لأجل العبادة لله ، والطاعة له ، ولما عنده من محبته والإنابة إليه، وخشيته، وامتثال أمره، وإن كان ذلك يتضمن حصول الرزق والنصر والعافية . وقد قال تعالى : ** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ** [ سورة غافر : 60 ] ، وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أهل السنن أبو داود وغيره : ( الدّعاء هو العبادة ) ، ثم قرأ قوله تعالى : ** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ** [ سورة غافر : 60 ] ، وقد فسر هذا الحديث مع القرآن بكلا النوعين : ** ادعوني ** أي : اعبدوني وأطيعوا أمري؛ أستجيب دعاءكم . وقيل : سلوني أعطكم . وكلا النوعين حق " . يتبع ----------- |
61)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ز) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 248 - 250 ) : قال الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله [ الدعاء أحكامه وآدابه ومحظوراته ( ص 34 - 36 ) ] : " بيّن الله سبحانه في كتابه الكريم ، وعلى لسان رسوله الأمين – عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم – أن العبادة حقُّ اللهِ ، ليس فيها حقٌّ لغيره ، وأن الدعاء من العبادة، فمن قال من النّاس في أي بقعة من بقاع الأرض : يا رسول الله، أو يا نبي الله، أو يا محمد أغثني، أو أدركني، أو انصرني، أو اشفني، أو انصر أمتك، أو اشفِ مرضى المسلمين، أو اهدِ ضالهم، أو ما أشبه ذلك، فقد جعله شريكاً لله في العبادة . وهكذا مَن صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن أو الأصنام أو غيرهم من المخلوقات، لقول الله عز وجل : ** وما خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ ] [ سورة الذاريات : 56 ] ، وقوله سبحانه : ** يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ** [ سورة البقرة : 21 ] ، ولقوله تعالى في سورة الفاتحة : ** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ، وقوله سبحانه : ** فادْعُوا الله مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ** ، [ سورة غافر : 14 ] وقوله عز وجل : ** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الَّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ ** ، [ سورة غافر : 60 ] فسمّى الدعاء عبادة ، وأخبر أن من استكبر عنها سيدخل جهنم داخراً ، أي : صاغراً ، وقال تعالى : ** وإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ** ، [ سورة البقرة : 186 ] وقال سبحانه : ** وما أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ** ، [ سورة البينة : 5 ] وقال عز وجل : ** ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ له الْمُلْكُ والَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ولَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ويَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ولا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ** ، [ سورة فاطر : 13 - 14 ] وقال سبحانه : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ له إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غافِلُونَ وإذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وكانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ** ، [ سورة الأحقاف : 5 - 6 ] وقال تعالى: ** وأنَّ المَسَاجِدَ لِله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أحَدًا ** ، [ سورة الجِنّ : 18 ] وهذه الآيات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن العبادة حقُّ الله وحده، وأن الواجب تخصيصه بها ، لكونه خَلَقَ العباد لذلك وأمرهم به، كما تدل على أن جميع المعبودين مِن دون الله لا يسمعون دعاء من يدعوهم، ولو فُرضَ سماعهم لم يستجيبوا له، كما دلت أيضا على أن المعبودين من دون الله يتبرءون من عابديهم يوم القيامة، وينكرون عليهم ذلك، ويخبرونهم أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم إياهم، وتبيّن أنهم يكونون يوم القيامة أعداءً لعابديهم من دون الله " . يتبع ----------- |
62)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ح) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 253- 255 ) : الخَوْفُ من الله في الدُّنيا هو الطريق الموصل إلى الأمن التام في البرزخ وعرصات يوم القِيامَةِ ومجاوزة الصراط حتى دخول الجنة . قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 624 ) ] : " كان الخوف في الدُّنيا أنفع لهم ، فبه وصلوا إلى الأمن التام ، فإنّ الله سبحانه وتعالى لا يجمع على عبده مخافتين ولا أمنين ، فمن خافَه في الدُّنيا أَمَّنَه يوم القِيامَةِ ، ومَن أمَّنه في الدُّنيا ولم يخفه ، أخافه في الآخرة ، وناهيك شرفا وفضلا بمقام ثمرته الأمن الدائم المطلق " . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] : " قال أبو عثمان رحمه الله : صِدقُ الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً وباطناً . وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله " . وخوف العبودية لا يكون إلَّا لله ، وصرفه لغير الله شرك ، كما هو واقع من الرافضة وغلاة الصوفية ، لاعتقادهم الشركي أن لأوليائهم تصرفاً بالكون ، وهذا ما اصطُلح عليه بـ " خوف السّر " . قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 623 ) ] : " فالخوف عبودية القلب ، فلا تصلح إلَّا لله وحده ، كالذل والمحبة والإنابة والتوكل والرجاء ، وغيرها من عبودية القلب " . والعبد في عبوديته لله لا بد أن يتأله له حُبّاً وخوفا وطمعا ، قال تعالى : ** والّذين ءامنوا أشدُّ حُبّاً لله ** [ سورة البقرة : 165 ] ، وقال تعالى في شأن أنبياء عليهم السّلام : ** ويدعوننا رغبا ورهبا ** [ سورة الأنبياء : 90 ] . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 320 ) ] : " القلب في سيره إلى الله عزّوجلّ بمنزلة الطائر ، فالمحبة رأسه ، والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سَلم الرأسُ والجناحان ، فالطير جيد الطيران ، ومتى قُطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر ، ولكن السلف استحبوا أن يُقوي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء ، وعند الخروج من الدنيا يُقوى جناح الرجاء على جناح الخوف ، هذه طريقة أبي سليمان – الداراني – وغيره ، قال : وينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف ، فإن غلب عليه الرجاء فسد . وقال غيره : أكمل الأحوال : اعتدال الرجاء والخوف ، وغلبة الحب ، فالمحبة هي المركب ، والرجاء حادٍ ، والخوف سائق ، والله الموصل بمنِّه وكرمه " . يتبع ----------- |
63)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ط) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 255 - 256 ) : وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ الإيمان الكبير ( ص 174 ) ] : " الخشية أبداً متضمنة للرجاء ، ولَوْلَا ذلك لكانت قُنوطاً ، كما أن الرجاء يستلزم الخوف ، ولَوْلَا ذلك لكان أمْناً ، فأهل الخوف لله والرجاء له هم أهل العلم الَّذينَ مدحهم الله " . والخشية تتضمن المعرفة بالله ، قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 317 ) ] : " و (( الخشية )) أخص من الخوف ، فإنّ الخشية للعلماء بالله ، قال الله تعالى : ** إنّما يَخشَى اللهَ مِن عباده العلماءُ ** [ سورة فاطر : 28 ] فهي خوفٌ مقرونٌ بمعرفة ، وقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( إني أتقاكم لله ، وأشدكم له خشية ) " . والخشية إذا لم تتضمن الرجاء الذي يكون من العمل الصالح والحب لله صارت قنوطاً ، قال تعالى : ** ومَنْ يقنط من رّحمة ربّه إلَّا الضّالون ** [ سورة الحجر : 56 ] ، وقال تعالى : ** قل ياعبادي الَّذينَ أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رّحمة الله إنَّ الله يغفر الذُّنوب جميعا إنَّهُ هو الغفور الرّحيم ** [ سورة الزمر : 53 ] . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] : " والخوف ليس مقصودا لذاته ، بل هو مقصودٌ لغيره قصد الوسائل ، ولهذا يزول بزوال المخوف ، فإنّ أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والخوف يتعلق بالأفعال ، والمحبة تتعلق بالذات والصفات ، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ، ولا يلحقهم فيها خوف ، ولهذا كانت منزلة المحبة ومقامها أعلى وأرفع من منزلة الخوف ومقامه " . قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 604 - 606 ) ] : " وبالجملة : فمن استقر في قلبه ذكر الدار الآخرة وجزائها ، وذكر المعصية والتوعُّد عليها ، وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح ، هاج في قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو ، وأمَّا إن كان مستقيماً مع الله فخوفه يكون مع جريان الأنفاس ، لعلمِه بأنّ الله مقلّب القلوب ، « وما من قلب إلَّا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزّوجلّ ، فإن شاء أن يقيمه أقامه ، وإن شاء أن يزيغه أزاغه » ، كما ثَبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلم ، وكانت أكثر يمينه : ( لا ومقلب القلوب ، لا ومقلب القليوب ) . وقال بعض السلف : القلب أشد تقلُّباً من القدر إذا استجمعت غلياناً . وقال بعضهم : مثل القلب في سرعة تقلبه كريشة ملقاة بأرض فلاة تقلبها الرياح ظهرا لبطن . ويكفي في هذا قوله تعالى : ** واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه ** " . يتبع ----------- |
64)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ي) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 257 - 260 ) : التوكل هو : صدق الالتجاء إلى الله في جلب المنفعة ودفع المضرة مع بذل الأسباب . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 403 ) ] : " التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ، ويندفع بها المكروه ، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل ، ولكن من تمام التوكل : عدم الركون إلى الأسباب ، وقطع علاقة القلب بها ؛ فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها ، وحال بدنه قيامه بها . فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه ، والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره ، فلا تقوم عبودية الأسباب إلاّ على ساق التوكل ، ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية " . ثم قال رحمه الله : " لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده ، بل حقيقة التوكل : توحيد القلب ، فما دامت فيه علائق الشرك ، فتوكله معلول مدخول ، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل ، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شُعب قلبه ، فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة . ومن هاهُنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب ، وهذا حق ، لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح ، فالتوكل لا يتم إلاّ برفض الأسباب عن القلب ، وتعلق الجوارح بها ، فيكون منقطعا منها متصلا بها " . والتوكل من علم القلب وعمله ، وإن كان أدخل في عمل القلب ، قال ابن القيم رحمه [ طريق الهجرتين ( ص 552 - 553 ) ] : " إن التوكل يجمع أصلين : علم القلب وعمله ، أما علمُه : فيقينه بكفاية وكيله ، وكمال قيامه بما وكله إليه ، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك . وأمَّا عملُه : فسكونه إلى وكيله ، وطمأنينته إليه ، وتفويضه وتسليمه أمره إليه ، وأن رضاه بتصرفه له فوق رضاه بتصرفه هو لنفسه . فبهذين الأصلين يتحقق التوكّل ، وهما جماعه ، وإن كان التوكّل أدخل في عمل القلب من علمه ، كما قال الإمام أحمد رحمه الله : التوكّل عمل القلب . ولكن لا بُدّ فيه من العلم : وهو إما شرط فيه ، وإما جزء من ما هيته . والمقصود : أن القلب متى كان على الحَقِّ كان أعظم لطمأنينته ووثوقه بأنّ الله وليه وناصره ، وسكونه إليه ، فما له أن لا يتوكل على ربه ؟ وإذا كان على الباطل علما وعملا أو إحداهما ، لم يكن مطمئنا واثقاً بربه ، فإنه لا ضمان له عليه ، ولا عهد له عنده ، فإن الله لا يتولى الباطل ولا ينصره ، ولا ينسب إليه بوجه ، فهو منقطع النسب إليه بالكلية ، فإنه سبحانه هو الحَقّ ، وقوله الحق ، ودينه الحَقّ ، ووعده حقّ ، ولقاؤه حق ، وفعله كلُّه حقّ ، ليس في أفعاله شيء باطل ، بل أفعاله سبحانه بريئة من الباطل ، كما أقواله كذلك . فَلَمّا كان الباطل لا يتعلق به سبحانه ، بل هو مقطوع عليه البتة ، كان صاحبه كذلك . ومَن لم يكن له تَعلقٌ بالله العظيم ، وكان منقطعاً عن ربه ، لم يكن الله وليه ولا ناصره ولا وكيله " . يتبع ----------- |
65)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ك) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 260 - 263 ) : والتوكّل مادته الإيمان بالله والعبودية له ، قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 550 ) ] : " فالتوكّل مركب السائرِ الذي لا يَتَأَتَّى له السّير إلاّ به ، ومتى نزل عنه انقطع لوقته ، وهو من لوازم الإيمان ومقتضياته ، قال الله تعالى : ** وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مّؤمنين ** [ سورة المائدة : 23 ] ، فجعل التوكّل شرطا في الإيمان ، فدلّ على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل ، وفي الآية الأخرى : ** وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين ** [ سورة يونس : 84 ] ، فجعل دليل صحة الإسلام التوكل . وقال تعالى : ** وعلى الله فليتوكّل المؤمنون ** [ سورة آل عمران : 122 ] ، فذكر اسم الإيمان ههنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء الإيمان للتوكّل ، وأن قوة التوكّل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه ، وكلما قوي إيمان العبد كان توكُّله أقوى ، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكّل ، وإذا كان التوكّل ضعيفا ، فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بُدّ " . فالشأن في تحقيق العبودية لله وبذل الأسباب مع صدق الالتجاء إلى الله ، فيجمع العبد مع العبادة الاستعانة بالله ** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ، فتضييع الأسباب عجز ، والنبي صلَّى الله عليه وسلم : كان يستعيذ بالله من العجز والكسل ، ويبذل الأسباب ، فيلبس ما يقيه سهام العدو ويخادعهم ، ويحسن تدبير المعارك ، ويُنزلُ حاجتَه بالله ، ويستعين به في قتال أعدائه ، ومع هذا قلبُه مُعلّقٌ بالله لا بالأسباب ، ويُعلِّمُ أُمتَه أنه قد يتعطل السبب عن سببيته بأمر الله وحكمته ، فقد قال صلَّى الله عليه وسلم : ( ليس السَنة أن لا تُمطروا ، ولكن السنة أن تُمطروا ولا تنبت الأرض ) . رواه مسلم . قال ابن القيم رحمه الله [ الفوائد ( ص 213 ) ] : " الَّذِي يُحَقّق لتوكل الْقيام بالأسباب المَأْمُور بها ، فَمن عطّلها لم يَصح توكُّله ، كما أَن القيام بالأسباب المفضية إلى حُصُول الخَيْر يُحَقّق رَجَاءَهُ ، فَمن لم يقم بهَا كَانَ رجاؤه تمنِّياً ، كَمَا أَن من عطّلها يكون توكله عَجزا ، وعجزه توكُّلا . وسرُّ التَّوَكُّل وَحَقِيقَته هو اعْتِمَاد القلب على الله وَحده ، فَلَا يضرُّهُ مُبَاشرَة الأَسْبَاب ، مع خلوِّ القلب من الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا والركون إلَيْهَا ، كما لَا يَنْفَعهُ قَولُه : توكّلتُ على الله مع اعْتِمَاده على غَيره وركونه إِلَيْهِ وثقته بِهِ ، فتوكُّل اللِّسَان شَيْء وتوكل القلب شَيْء ، كما أَن تَوْبَة اللِّسَان مع إِصْرَار القلب شَيْء ، وتوبةَ القلب وإِن لم ينْطق اللِّسَان شَيْء . فقول العَبْد : توكّلتُ على الله . مع اعْتِماد قلبه على غَيره ، مثل قوله تبتُ إلى الله . وهو مصرٌّ على مَعْصِيَته مرتكب لها " . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله[ مجموع الفتاوى ( 18 / 179 ) ] : " الحاجَةُ والفقر إلى الله ثابتة مع فعل السبب ، إذ ليس في المخلوقات ما هو وحده سبب تام لحصول المطلوب " . وقال : " فمن ظن الاستغناء بالسبب عن التوكّل فقد ترك ما أوجب الله عليه من التوكّل وأخل بواجب التوحيد ، ولهَذا يُخذلُ أمثال هؤلاء " . وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 417 ) ] : " إن – العبد – استطاعته بيد الله ، لا بيده ، فهو مالكها دونه ، فإنّه إن لم يُعطِه الاستطاعة فهو عاجز ، فهو لا يتحرك إلا بالله ، لا بنفسه ، فكيف يأمن المكر ؟ وهو أن لا يحركه مَن حركته بيده ، بل يثبطه ويقعده مع القاعدين ، كما قال فيمن منعه هذا التوفيق : ** ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ** [ سورة التوبة : 46 ] ، فهذا مكر الله بالعبد : أن يُقطع عنه مواد توفيقه ، ويُخلي بينه وبين نفسه ، ولا يبعث دواعيه ، ولا يحركه إلى مَراضيه ومَحابه ، وليس هذا حقّا على الله ، فيكون ظالما بمنعه ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، بل هو مجرد فضله الذي يحمده على بذله لمن بذله ، وعلى منعه لمن منعه إياه ، فله الحمد على هذا وهذا " . يتبع ----------- |
66)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ل) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 264 - 267 ) : وقال ابن القيم رحمه الله متحدّثا عن أنواع التوكّل [ الفوائد ( ص 211 - 213 ) ] : " التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ : أحدهمَا : توكُّلٌ عليه فِي جلب حوائج العَبْد وحظوظه الدُّنْيَويَّة ، أَو دفع مكروهاته ومصائبه الدُّنْيَوِيَّة ، والثَّاني : التَّوَكُّل عَلَيْهِ فِي حُصُول ما يُحِبُّهُ هو ويرضاه من الإيمان واليَقين والجهاد والدعوة إليهِ . وبين النَّوْعَيْنِ من الفضل ما لَا يُحْصِيه إلَّا الله ، فَمَتَى توكّل عَلَيْهِ العَبْد في النَّوْع الثَّانِي حَقَّ توكُّلِه كَفاهُ النَّوْع الأول تَمام الْكِفَايَة . ومَتى توكّل علَيهِ في النَّوْع الأول دون الثَّانِي ، كَفاهُ أَيْضا ، لَكِن لَا يكون لَهُ عَاقِبَة المتَوَكّل عليه فيما يُحِبّهُ ويرضاه . فأعظم التَّوَكُّل عَلَيْهِ : التَّوَكُّل في الهِدايَة ، وتَجْرِيد التَّوْحِيد ، ومتابعة الرَّسُول صلَّى الله عليه وسلم ، وَجِهَاد أهل الْبَاطِل ، فَهَذَا توكّلُ الرُّسُل وخاصة أتباعهم . التَّوَكُّل تَارَة يكون توكّل اضطرار وإلجاء ، بِحَيْثُ لَا يجد العَبْد ملْجأ ولَا وَزَراً إلَّا التَّوَكُّل ، كَما إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَسْبَاب ، وضاقَتْ عليْهِ نَفسُه ، وظنّ أَن لَا ملْجأ من الله إلَّا إِلَيْهِ ، وهَذَا لَا يتَخَلَّفُ عَنهُ الفرج والتيسير ألبَتَّةَ . وتارَة يكون توكّل اخْتِيَار ، وذَلِكَ التَّوَكُّل معَ وجود السَّبَب المفضي إِلَى المُرَاد ، فإن كَانَ السَّبَب مَأْمُورا بِهِ ، ذُمَّ على تَركه ، وإِن قامَ بالسَّبَب وَترك التَّوَكُّل ، ذُمّ على تَركه أَيْضا ، فَإِنَّهُ وَاجِب بِاتِّفَاق الأمة وَنَصّ الْقُرْآن ، والوَاجِب القيام بهما والجمع بَينهمَا . وإِن كَانَ السَّبَبُ مُحرَّما ، حَرُمَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَته ، وتوحَّدَ السَّبَب فِي حَقه فِي التَّوَكُّل ، فَلم يبْق سَبَب سواهُ ، فَإِن التَّوَكُّل من أقوى الْأَسْبَاب فِي حُصُول المُرَاد وَدفع الْمَكْرُوه ، بل هُوَ أقوى الْأَسْبَاب على الْإِطْلَاق . وإِن كَانَ السَّبَب مُبَاحا ، نظرت : هَل يُضْعِفُ قيامُك بِهِ التَّوَكُّل أَو لَا يُضعفهُ ؟ فَإِن أضعفه وفَرَّق عَلَيْك قَلْبك وشتَّتَ همَّك ، فَتَركُه أولى ، وَإِن لم يُضعفهُ فمباشرته أولى ، لِأَن حِكْمَة أحكم الحَاكِمين اقْتَضَتْ ربط المُسَبَّبِ بِهِ ، فَلَا تُعطِّل حكمته مهما أمكنك القيام بها ، ولَا سِيّمَا إِذا فعلته عبوديّة ، فَتكون قد أتيت بعبوديّة القلب بالتوكّل ، وعبودية الجَوَارِح بِالسَّبَبِ الْمَنوِيِّ بِهِ القُرْبَة " . وكل مخلوق فهو فقير إلى الله فقر عبودية ، وفقر تدبير ، وحفظ ، ورزق ، وكفاية ، وسَداد ، وهداية ، قال تعالى : ** يا أيُّها النّاس أنتم الفقراء إلى اللهِ واللهُ هو الغنيُّ الحميد ** [ سورة فاطر : 15 ] . قال ابن القيم رحمه الله [ شفاء العليل ( 2 / 739 - 740 ) ] : " حقيقة الأمر : أن العبد فقير إلى الله من كل وجه وبكل اعتبار ، فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له ، وإحسانه إليه ، وقيامه بمصالحه ، وتدبيره له ، وفقير إليه من جهة إلهيته وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم ، الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه ، فيكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله ووالده وولده ، ومن الخلق كلهم . وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء ، فإنه إن لم يعافِه منها ، هلك ببعضها . وفقير إليه من جهة عفوه عنه ، ومغفرته له ، فإن لم يعفُ عن العبد ويغفر له ، فلا سبيل إلى النجاة ، فما نجى أحد إلا بعفو الله ، ولا دخل الجنة إلاّ برحمة الله " . والخوف دليلُ حياةِ قلبِ صاحبِهِ ، وصحة إيمانه ، قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 319 ) ] : " وفي مراقبة العاقبة : زيادة استحضار المخوف ، وجعله نصب عينه ، بحيث لا ينساه ، فإنه وإن كان عالما به لكن نسيانه وعدم مراقبته يحول بين القلب وبين الخوف ، فلذلك كان الخوف علامة صحة الإيمان ، وترحُّله من القلب علامة ترحل الإيمان منه " . يتبع ----------- |
67)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله م) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 268 - 273 ) : الخشوع : خضوعٌ وتذللٌ وانقياد لله ، فتباشر مواعظُ اللهِ قلوبَ أوليائِه ، فتخشع ، فتُورث صلاحا في الجوارح ، وإقبالا على الله ، وقَبولاً لأوامره بالسعادة والطاعة ، وانكفافاً عن نواهيه ابتغاء مَراضيه ، قال تعالى في شأن عِبادِهِ العلماء العُبّاد الصالحين : ** قَلّ آمنوا به أو لا تُؤمنوا إنَّ الَّذينَ أُوتُوا العلم مِن قَبْلِه إذا يُتْلَى عليهم يَخرّون للأذقان سُجّدا * ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا * ويَخرّون للأذقان يبكون ويَزيدهم خشوعا ** [ سورة الإسراء : 107 - 109 ] ، فالخشوع إذا وقع في القلب صَلُحَ ، وسَرَى صلاحُه إلى الجوارح ، فانقادتْ إلى أمرِ اللهِ ونهيه ، فتواضع العبد لأمر الله وحكمه وقضائه ، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي ( 2 / 10 ) ] : " القلب إذا خشع فإنّه يَسكُنُ خواطره وإرادته الرديئة التي تنشأ عن اتِّباع الهوى ، وينكسر ويخضع لله عزّوجلّ ، فيزول بذلك ما كان فيه من البأو والترفع والتعاظم والتكبُّر ، ومتى سكن ذلك في القلب خشعت الأعضاء والجوارح والحركات كلُّها حتى الصّوت . وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله : ** وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلَّا همسا ** [ سورة طه : 108 ] ، فخشوع الأصوات هو سكونها وانخفاضها بعد ارتفاعها . وكذلك وصف وجوه الكُفّار وأبصارهم في يوم القِيامَةِ بالخشوع ، فدلّ ذلك على دخول الخشوع في هذه الأعضاء كلَّها " . وقال ابن القيم رحمه الله مبيناً معنى الخشوع [ مدارج السالكين ( ص 322 - 323 ) ] : " وقال الجنيد رحمه الله : الخشوع تذلُّل القلوب لعلاّم الغيوب . وأجمع العارفون على أن « الخشوع » محلّه القلب ، وثمرته على الجوارح ، فهي تُظهِرُه " . وقال تعالى : ** وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ** [ سورة المرسلات : 48 ] ، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي ( 2 / 23 - 24 ) ] : " وتمام الخضوع في الركوع : أن يخضع القلبُ لله ويذل له ، فيتمَّ بذلك خضوع العبد بباطنه وظاهره لله عزّوجلّ . ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : ( خَشَعَ لك سَمْعي وبَصَري ومُخِّي وعِظامِي وما اسْتَقَلَّ به قَدَمِي ) ، [ رواه مسلم ] . إشارة إِلَى أن خشوعه في ركوعه قد حصل بجميع جوارحه ، ومِن أعظمها القلبُ الّذي هو مَلِكُ الأعضاء والجوارح ، فَإِذَا خشع خشعت الجوارحُ والأعضاء كلُّها تَبَعًا لخشوعه . ومن ذلك : السجود ، وهو أعظم ما يظهر فيه ذلُّ العبد لربِّه عزّوجلّ ، حيث جعل العبدُ أشرف ما له مِن الأعضاء وأعزَّها عليه وأعلاها حقيقة ، أوضع ما يُمكنه ، فيضعه في التراب مُتعفِّرًا ، ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه لله عزّوجلّ . ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك أن يُقَربه اللهُ عزّوجلّ إليه ، فإن : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ ) ، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الله تعالى : ** واسْجُدْ واقْتَرِبْ ** [ سورة العلق : 19 ] " . وحقيقة الخشوع : هو خشوع القلب والجوارح لله ، والافتقار إليه ، والخضوع لله ، والتذلل له الذي له العزة والكبرياء ، وهذه أعلى مقامات العبودية ، ومَنْ كان هذا حاله صادقاً ، فإنه قريب من الله ، ألا ترى إلى عبودية الصلاة التي هي أجل الطاعات لما فيها من الخشوعِ والخضوع لله ، لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله في وضع اليد اليمنى على اليسرى قياماً بين يدي الله : « خضوع بين يدي عزيز » ، وأعظم هيئات الخضوع والخشوع والافتقار إلى الله في هذه العبادة العظيمة ، هو في السجود . يتبع ----------- |
68)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 274 - 279 ) : وخشوعُ وخضوعُ العبدِ لربِه وافتقاره إليه ، تذلل محب مبتهج بهذه العبودية فرح بها ، يرى عزته في ذله لربه ** مَن كان يريد العِزَّة فللّه العزّةُ جميعا إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه ** [ سورة فاطر : 10 ] ، فالخشوع والخضوع لمن يستحقه – العزيز الرّحيم وحده لا شريك له – أجمل ما تزيّن به المتقون ، خفضوا جناحهم لربهم ، وأخبتوا له ، وذلت قلوبُهم لطاعة الله ، ولهجت ألسنتهم بذكره ، وجوارحهم لعبادته . وهذه الذِّلَّة لله هي موجب الرفعة والعزّة ، قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( مَن تواضع لله رفعه ) . ومَن ابتُلي بقسوة القلب فلْيُذِبْه بذكر الله ، كما قال الحسن البصري رحمه الله : وبتدبّر مواعظه في القرآن ، وتذكّر مقام الآخرة ، والخضوع لحساب الله ، وأهوال ذلك اليوم الذي لا يوم بعدَه . والخشوع حقيقته عزة ، وهو أول ما يُرفَعُ من الناس : قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لأبي الدرداء رضي الله عنه : « لو شئت لحدّثتك بأول علم يُرفَعُ من الناس : الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجدَ الجامع فلا ترى فيه رَجُلاً خاشعا » . رواه الترمذي . ومِن أعظم الأسباب المذهبة للخشوع في الطاعات – خصوصا الصلاة – ، فِعلُها عادةً ، وهذا يأتي من جهة فعلها بالممارسة والاعتياد ، والواجب قصدها طاعة لله ، وتحقيقاً للعبودية ، وطلبا لتحصيل مقاصدها التي فُرضت من أجلها . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله في شأن هذا الصنف من الناس [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 401 ) ] : " يفعل الفرائض والسنن عادةً ووظيفةً ، وهذا عكس الدين ، فيفوته بذلك ما في الفرائض والسنن من المغفرة والرحمة والرقة والطهارة والخشوع ، وإجابة الدعوة ، وحلاوة المناجاة ، إلى غير ذلك من الفوائد ، وإن لم يَفُتْه كله ، فلا بد أن يفوته كماله " . قال تعالى في وصف صفوة خَلقِه من أنبيائه ** وكانُوا لنا خاشعين ** [ سورة الأنبياء : 90 ] . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : أي : مصدِّقين بما أنزلَ الله . وقال مجاهد : مؤمنين حقّاً . وقال أبو سِنان : الخشوع هو : الخوف اللازم للقلب لا يفارقه أبدا . وعن مجاهد أيضاً : خاشعين ، أي : متواضعين . وقال الحسن وقتادة والضحاك : خاشعين ، أي : متذلّلين لله عزّوجلّ . وكل هذه الأقوال متقاربة " . يتبع ----------- |
69)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 280 - 283 ) : الخشية مقام العارفين ، وهي أخص من الخوف ، فهي خوفٌ مقرون بالعلم بالمخوف ، قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 411 - 412 ) ] : " « الوجلُ » ، و « الخوف » ، و « الخشية » و « الرهبة » ألفاظ متقاربة غير مترادفة . قال أبو القاسم الجنيد : الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس . وقيل : الخوف اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف . وقيل : الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام ، وهذا سبب الخوف لا أنه نفسه . وقيل : الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره . و « الخشية » أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ، قال الله تعالى : ** إنما يخشى الله من عباده العلماء ** [ سورة فاطر : 28 ] ، فهي خوف مقرونٌ بمعرفة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني أتقاكم لله ، وأشدكم له خشية ) متفق عليه . فالخوف حركة ، والخشية انجماع وانقباض وسكون ، فإن الذي يرى العدو ،والسيل ، ونحو ذلك ، له حالتان : إحداهما : حركة للهرب منه ، وهي حالة الخوف . والثانية : سكونه وقراره في مكان لا يصل إليه فيه ، وهي الخشية . وأما « الرهبة » : فهي الإمعان في الهرب من المكروه ، وهي ضد « الرغبة » التي هي سعي القلب في طلب المرغوب فيه . وبين « الرَّهب » و « الهَرَب » تناسب في اللفظ والمعنى ، يجمعهما الاشتقاق الأوسط الذي هو عقد تقاليب الكلمة على معنى جامع . وأما « الوجل » فرجفان القلب ، وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته ، أو لرؤيته . وأما « الهيبة » فخوف مقارن للتعظيم والإجلال ، وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة . و «الإجلال » : تعظيم مقرون بالحب . فالخوف لعامة المؤمنين ، والخشية للعلماء العارفين ، والهيبة للمحبين ، والإجلال للمقربين ، وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ، كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلمكم بالله ، وأشدكم له خشية ) وفي رواية ( خوفا ) ، وقال : ( لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، ولما تلذذتم بالنساء على الفُرُش ولخرجتم إلى الصَّعدات تجأرون إلى الله تعالى ) . فصاحب الخوف : يلتجئ إلى الهرب ، والإمساك . وصاحب الخشية : يلتجئ إلى الاعتصام بالعلم ، ومثلهما مثل مَن لا علم له بالطب ، ومثل الطبيب الحاذق ، فالأول يلتجئ إلى الحمية والهرب ، والطبيب يلتجئ إلى معرفته بالأدوية والأدواء . قال أبو حفص : « الخوف سوط الله ، يُقوِّم به الشاردين عن بابه » . وقال : « الخوف سراج في القلب ، به يُبصر ما فيه من الخير والشر . وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عز وجل ، فإنك إذ خفته هربت إليه » ، فالخائف هارب من ربه إلى ربه " . فالعلماء والعارفون الموحدون خوفهم من الله فرار إليه ، وهروب من معصيته إلى طاعته ، ومن الغفلة عنه إلى ذِكْرِه . فالعلماء بالله خشيتهم من الله طمأنينة وليست قنوطاً من رّحمة الله ، لأنهم يعلمون أنّ لهم ربّاً يغفر الذنب ، ويعفو عن السيئات ، ويُبدِّلها حسنات ، وأن الله ** يُحبُّ التّوّابين ويحبّ المتطهّرين ** [ سورة البقرة : 222 ] . وأن العبد إذا صدق في فراره إلى الله وخشيته منه ، قد يكون حاله بعد التوبة أكمل منه قبل فعل الذنب . يتبع ----------- |
70)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله س) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 284 - 287 ) : الإنابة منزلةٌ بعد التوبة ، والتوبة من نزل مقامها نزل في جميع منازل الإسلام ، فإن التوبة الكاملة متضمنة لها . وقد أمر الله بالإنابة ، وأثنى على أوليائه بها ، قال تعالى : ** وأنيبوا إلى رَبِّكُم ** [ سورة الزمر : 54 ] ، وقال تعالى : ** إنَّ إبراهيم لحليم أوّاه منيب ** [ سورة هود : 75 ] ، وقال تعالى : ** منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ** [ سورة الروم : 31 ] . قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 349 ) ] : " و « الإنابة » إنابتان : إنابة لربوبيته ، وهي إنابة المخلوقات كلها ، يشترك فيها المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، قال الله تعالى : ** وإذا مَسَّ النّاس ضرٌّ دعَوْا ربَّهم مُّنيبين إليه ** [ سورة الروم : 33 ] ، فهذا عام في حق كلِّ داعٍ أصابَه ضرٌّ ، كما هو الواقع ، وهذه « الإنابة » لا تستلزم الإسلام ، بل تجامع الشرك والكفر ، كما قال تعالى في حق هؤلاء : ** ثُمّ إذا أذاقهم مّنه رحمة إذا فريق منهم بربّهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم ** [ سورة الروم : 33 - 34 ] ، فهذا حالهم بعد إنابتهم . و « الإنابة » الثانية : إنابة أوليائه ، وهي إنابة لإلهيته ، إنابة عبودية ومحبة ، وهي تتضمن أربعة أمور : محبته ، والخضوع له ، والإقبال عليه ، والإعراض عمّا سواه ، فلا يستحقّ اسم المنيب إلاّ مَن اجتمعت فيه هذه الأربع ، وتفسير السلف لهذه اللفظة يدور على ذلك . وفي اللفظة معنى الإسراع والرجوع والتقدم ، و « المنيب » إلى الله : المسرع إلى مرضاته ، الراجع إليه كل وقت ، المتقدم إلى محابه " . والتوبة والإنابة من أعظم مقامات العبودية لما فيهما من خضوع العبد إلى ربه وفراره إليه . والإنابة تقتضي الإقلاع عن الذنوب والمبادرة إلى الطاعات ، قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 350 ) ] : " ** إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا ** [ سورة البقرة : 160 ] ، فلا تنفع توبة وبطالة ، فلا بد من توبة وعمل صالح : تركٍ لما يكره ، وفعلٍ لما يحب ، تَخَلٍّ عن معصيته ، وتَحَلٍّ بطاعته " . وقال تعالى : ** مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ وأقِيمُوا الصَّلَاةَ ولَا تَكُونُوا مِن المُشرِكينَ ** [ سورة الروم : 31 ] . قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي رحمه الله : " إن الإنابة إنابة القلب وانجذاب دواعيه لمراضي الله تعالى ، ويلزم من ذلك عمل البدن بمقتضى ما في القلب ، فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة، ولا يتمُّ ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة ، فلذلك قال : ** واتَّقُوهُ ** ، فهذا يشمل فعل المأمورات وترك المنهيات ، وخصَّ من المأمورات الصلاة لكونها تدعو إلى الإنابة والتقوى " . يتبع ----------- |
71)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ع) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 288 - 291 ) : الاستعانة قال ابن القيم رحمه الله مبينا معنى « الاستعانة » [ مدارج السالكين ( ص ظ¥ظ¢ ) ] : " الاستعانة تجمع أصلين : الثقة بالله ، والاعتماد على الله تعالى ، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ، ولا يعتمد عليه في أموره – مع ثقته به – لاستغنائه عنه ، وقد يعتمد عليه – مع عدم ثقته به – لحاجته إليه ، ولعدم من يقوم مقامه ، فيحتاج إلى اعتماده عليه ، مع أنه غير واثق به " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 469 ) ط : دار الفضيلة ] : " إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إني لا أحمل همّ الإجابة، وإنما أحمل همّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه » . كما أن الله تعالى إذا أراد أن يُشبع عبدا أو يرويه ، ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسّره لعمل أهل الجنة . والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله " . وقد أرشدنا الله إلى الاستعانة به في كل صغير وكبير من الشؤون الدينية والدنيوية ، قال الله تعالى في الحَديثِ القدسي : ( يا عبادي كلكم ضال إلَّا من هديته ، فاستهدوني أَهْدِكُم . يا عبادي كلكم جائع إلَّا من أطعمته فاستطعموني أُطعمكم ) . رواه مسلم من حديث أبي ذَر رضي الله عنه . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ جامع العلوم والحكم ( ص 424 ) ] : " هذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله عزّوجلّ في جلب مصالحهم ، ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودُنياهم ، وأَنَّ العباد لا يملكون لأنفسهم شيئا مِن ذلك كلِّه ، وأنّ مَن لم يتفضَّل الله عليه بالهدى والرزق ، فإنّه يُحرمهما في الدنيا ، ومن لم يتفضّل الله عليه بمغفرة ذنوبه ، أَوْبَقَتْهُ خطاياه في الآخرة ، قال الله تعالى : ** من يهد الله فهو المهتدِ ومَن يضلل فلن تجد له وليّا مُّرشدا ** [ سورة الكهف : 17 ] ، ومثل هذا كثيرٌ في القرآن ، وقال تعالى : ** مّا يفتح الله للنّاس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ** [ سورة فاطر : 2 ] ، وقال : ** إنّ الله هو الرّزّاق ذو القوّة المتين ** [ سورة الذاريات : 58 ] ، وقال : ** فابتغوا عند الله الرّزق واعبدوه **[ سورة العنكبوت : 17 ] ، وقال : ** وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها ** [ سورة هود : 6 ] " . قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 171 - 172 ) ] : " فالعبد لا ينفع ولا يضر ولا يعطي ولا يمنع إلا بإذن الله ، فالأمر كلّه لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، وهو مُقلّب القلوب ومُصرّفها كيف يشاء ، المتفرّد بالضرّ والنفع ، والعطاء والمنع ، والخفض والرفع ** مّا من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها ** [ سورة هود : 56 ] ، ** ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربُّ العالمين ** [ سورة الأعراف : 54 ] . ثم قال رحمه الله : والقرآن مملوء من ذكر حاجة العبيد إلى الله دون ما سواه ، ومن ذكر نعمائه عليهم ، ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات ، وليس عند المخلوق شيء من هذا ، فهذا الوجه يحقِّق التوكل على الله ، والشكر له ومحبته على إحسانه " . يتبع ----------- |
72)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ف) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 295 - 301 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله [ العبودية ( ص 87 - 88 ) ] : " القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة، وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلة الفاعلة . فالقلب لا يصلح ولا يُفلح ولا يلتذّ ولا يُسرُّ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئنُّ ، إلاّ بعبادة ربِّه وحبِّه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذُّ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربِّه ، من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللّذة والنِّعمة والسكون والطمأنينة . وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له، فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلاّ الله ، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة ** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ، فإنه لو أعين على حصول كل ما يُحبُّه ويطلبه ويشتهيه ويريده، ولم يحصل له عبادة الله ، فلن يحصل إلا على الألم ، والحسرة ، والعذاب ، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلاّ بإخلاص الحُبِّ لله؛ بحيث يكون هو غاية مراده، ونهاية مقصوده ، وهو المحبوب له بالقصد الأوَّل ، وكل ما سواه إنما يُحبّه لأجله ، لا يُحبُّ شيئاً لذاته إلا الله ، فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقَّق حقيقة : ( لا إله إلا الله ) ، ولا حقّق التوحيد والعُبوديَّة والمحَبَّةَ لله ، وكان فيه من نقص التوحيد والإيمان – بل من الألم والحسرة والعذاب –بحسب ذلك . ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعيناً بالله ، متوكِّلاً عليه ، مفتقراً إليه في حصوله ، لم يحصل له ، فإنه ما شاء اللهُ كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب ، المحبوب ، المراد ، المعبود ، ومن حيث هو المسئول ، المستعان به ، المتوكَّلُ عليه ، فهو إلهه الذي لا إله له غيره ، وهو ربُّه لا ربَّ له سواه " . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله [ جامع العلوم والحكم ( ص 362 ) ] : " إنّ العبد عاجزٌ عن الاستقلال بجلب مصالحه ، ودفع مضارّه ، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلاّ اللهُ عزّوجلّ ، فمن أعانه الله ، فهو المعان ، ومن خذله فهو المخذول ، وهذا تحقيق معنى قول : « لا حول ولا قُوّةَ إلاّ بالله » ، فإنّ المعنى : لا تَحوُّلَ للعبد مِن حال إلى حال ، ولا قُوّة له على ذلك إلاّ بالله ، وهذه كلمةّ عظيمةٌ ، وهي كنز من كنوز الجنة ، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعند الموت وبعده ، من أهوال البرزخ ويوم القيامة ، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلاّ الله عزّوجلّ ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله ، أعانه . وفي الحديث الصحيح عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( احرص على ما ينفعُك واستعن بالله ولا تعجزْ ) . ومن ترك الاستعانة بالله ، واستعان بغيره ، وكَلَهُ اللهُ إلى من استعان به ، فصار مخذولا . كتب الحسنُ إلى عمرَ بن عبد العزيز – رحمهما الله – : لا تستعن بغير الله ، فيَكِلَكَ اللهُ إليه . ومن كلام بعض السّلف : يا ربِّ عجبت لمن يعرفُك كيف يرجو غيرك ، وعجبتُ لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك " . والاستعانة بالله على الطاعة تحتاج إلى إقبال على الله ، فمن أقبل على الله أقبل الله عليه ، وأعانه ، ويسّر له أسباب كل خير ، خصوصا عبادة الله وتوحيده وطاعته ، ورزقه السكينة والطمأنينة في قصد الطاعة وأدائها . قال ابن القيم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 73 ) ] : " ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفُها ويحبُّها ويُؤثرها ، حتى يُرسلُ الله سبحانه وتعالى برحمته إليه الملائكة تؤزُّهُ إليها أزّاً ، وتُحرِّضه عليها ، وتُزعجه عن فراشه ومجلسه إليها " . يتبع ----------- |
73)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ص) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 305 - 308 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله [ الجامع لكلام الإمام ابن تيمية في التفسير ( 6 / 406 ) ] : " الاستعاذة ، والاستجارة ، والاستعانة ؛ كلها من نوع الدعاء أو الطلب ، وهي ألفاظ متقاربة " . وقال ابن القيم رحمه الله [ بدائع الفوائد ( 2 / 703 - 704 ) ] : " إن لفظ « عاذ » وما تصرَّفَ منها تدل على التحرُّز والتحصُّن والالتجاء ، وحقيقة معناها : الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه ؛ ولهذا يُسمَّى المستعاذ به : « معاذا » ، كما يُسمى : « ملجأ ووَزَراً » . وقال رحمه الله – مبيناً معنى ما يقوم في قلب المستعيذ بالله من الالتجاء إلى الله والانطراح له وحده – : معنى الاستعاذة القائم بقلبه وراء هذه العبارات ، وإنما هي تمثيل وإشارة وتفهيم ، وإلاّ فما يقوم بالقلب حينئذ من الالتجاء والاعتصام والإنطراح بين يدي الربِّ ، والافتقار إليه والتذلل بين يديه ، أمر لا تحيط به العبارة " . والاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلَّا الله ، مع أنه شرك أكبر ؛ فإنه لا ينفع من استعاذ به ، قال تعالى : ** وأنّه كان رجال مّن الإنس يعوذون برجال مّن الجنِّ فزادوهم رهقا ** [ سورة الجِنّ : 6 ] . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 448 - 452 ) ] : " كان أحدهم إذا نزل بوادٍ يقول : أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه . فقالت الجن : الإنس يستعيذوننا . فزادوهم رهقا . وقد نص الأئمة – كأحمد وغيره – على أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق ، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله عزّوجلّ غير مخلوق ؛ قالوا : لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه استعاذ بكلمات الله التامة وأمر بذلك ، كقوله : ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق ) ، و ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من غضبه وعذابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) ، و ( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلاّ طارقا بخير يا رحمن ) . 
قالوا : والاستعاذة لا تجوز بالمخلوق ، وقول القائل : « أعوذ بالله » معناه : أستجير بالله . فإذا لم يجز أن يُستغاث بمخلوق لا نبي ولا غيره ، فإنه لا يجوز أن يقال له : « أنت خير معاذ يستغاث به » بطريق الأولى والأحرى . ولهذا قال بعض الشعراء لبعض الرؤساء الممدوحين : يا من ألوذ به فيما أؤمله ______ ومن أعوذ به فيما أحاذره لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ______ ولا يهيضون عظما أنت جابره فقول القائل لمن مات من الأنبياء أو غيرهم : بك أستجير من كذا و كذا ؛ كقوله : بك أستعيذ ، وقوله : بك أستغيث . في معنى ذلك ، إذ كان مطلوبه منع الشدة أو رفعها . والمستعيذ يطلب منع المستعاذ منه أو رفعه ؛ فإذا كان مخوفا طلب منعه كقوله : « أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر » ، وإن كان حاضرا طلب رفعه ، كقوله في الحديث الصحيح : ( أعوذ بعزة الله و قدرته من شر ما أجد وأحاذر ) ؛فتعوَّذ بالله من شر الموجود وشر المحاذر . و الداعي يطلب أحد شيئين : إما حصول منفعة ، وإما دفع مضرة . فالاستعاذة والاستجارة والاستغاثة كلها من نوع الدعاء والطلب ، وقول القائل : لا يستعاذ به ، ولا يستجار به ، ولا يستغاث به ، ألفاظ متقاربة " . يتبع ----------- |
74)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ق) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 309 ) : قال العلّامة المجدّد عبد العزيز بن باز رحمه الله [ شرح تيسير العزيز الحميد ( 2 / 313 ) ] : " إن الاستعاذة بالله عبادة وقربة إلى الله عزّوجلّ ، فإذا صرفها العبد لغير الله : كالاستعاذة بالجن أو بالأموات أو الكواكب أو ما أشبه ذلك ، فقد صرف العبادة لغير الله ، فيكون هذا شركاً بالله عزّوجلّ ، أما إن كان هذا فيما يتعلق بالمخلوق الحي الحاضر ، كأن تقول لزيد : أعذني من شر غلامك ، أو : من شر كلبك ، أو : زوجتك . بأن يمنعها ، أو ما أشبه ذلك ، أو تقول : أغثني من كذا . كما قال الله سبحانه : ** فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه ** [ سورة القصص : 15 ] . فاستغاثتك بالحي الحاضر في شيء يقدر عليه غير داخلة في الاستغاثة والاستعاذة الممنوعة ، أو ما أشبه ذلك " . يتبع ----------- |
75)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ر) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 312 - 324 ) : قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 426 ) ] : " إذا كان الأنبياء بعد موتهم لا يُدعَون ولا يسألون ولا يستغاث بهم ، فكيف بمن دونهم ؟! " . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ الرد على البكري ( 2 / 477 - 478 ) ] : " إن الحنفاء ليس بينهم وبين الله تعالى واسطة في العبادة و الدعاء والاستعانة ، بل يناجون ربهم ويدعونه ويعبدونه بلا واسطة ، وإنما الرسل بلغتهم عن الله عزّوجلّ ما أمر به وأحبه من العبادات وغيرها ، وما نهى عنه ، فهم وسائط في التبليغ والدلالة ، وهم مع المؤمنين كدليل الحاج مع الحجاج وكإمام الصلاة مع المصلين . فالرسل – صلوات الله عليهم وسلامه –يعرّفون النّاس طريق الله تبارك وتعالى ، كما يُعرِّف الدليل الحاج طريق مكة – شرّفها الله – ثم النّاس يعبدون الله تعالى كما أن الحجاج يقيمون مناسك الحج . والرسل أيضا يقتدى بهم في الأفعال التي يتأسى بهم فيها ، كما يقتدي المأموم بالإمام في الصلاة ، وكل مصلٍّ يعبد ربه منه إليه بلا واسطة " . قال شيخنا العلّامة محمد الصّالح العثيمين رحمه الله [ القول المفيد ( ص 397 ) ] : " ولذلك كان أصحاب الأولياء إذا نزلت بهم شدة يسألون الأولياء دون الله تعالى ، فيقعون في الشرك الأكبر من حيث لا يعلمون أو من حيث يعلمون ، ثم قد يفتنون ، فيحصل لهم ما يريدون عند دعاء الأولياء لا بهم ، لأننا نعلم أن هؤلاء لا يستجيبون لهم ، لقوله تعالى : ** إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ** [ سورة فاطر: 14) ، وقوله تعالى : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ** [ سورة الأحقاف : 5 ] " . يتبع ----------- |
76)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ش) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 324 - 326 ) : واستجابة دعاء هؤلاء القبوريين ليس كرامة من الله ، وقد وقع نظيره لعُبّاد الأصنام ، وهو لا يدل على مشروعية الاستغاثة بغير الله ، فهذا نظير ما يُنعم الله به على المشركين من المال والجاه ** أيحسبون أنّما نمدُّهم به من مّال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لاّ يشعرون ** [ سورة المؤمنون : 55 - 56 ] . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( 2 / 220 - 221 ) ] : " من غرور هؤلاء وأشباههم اعتقادهم أن استجابة مثل هذا الدعاء كرامة من الله تعالى لعبده ، وليس في الحقيقة كرامة ، وإنما تُشبه الكرامة من جهة أنها دعوة نافذة وسلطان قاهر ، وإنما الكرامة في الحقيقة ما نفعت في الآخرة ، أو نفعت في الدنيا ولم تضر في الآخرة ، وإنما هذا بمنزلة ما يُنعم به الله على بعض الكفار والفساق من الرِّياسات والأموال في الدنيا ؛ فإنها إنما تصير نعمة حقيقية إذا لم تضر صاحبها في الآخرة " . فما يقضيه الله كوناً من إجابة الدعاء ، لا يدل على مشروعية إذا كان مما نَهى الله عنه ، فالقضاء الكوني يكون فيما يحبه الله وما لا يحبه ، أما القضاء الشرعي فلا يكون إلَّا فيما يحبه اللهُ . وتعيين القبوريين سبب إجابة دعائهم بالاستغاثة بالموتى ، هو كتعيين المشركين من قبل ما يصيبهم من المطر بالأنواء والكواكب ، كلهم مشرك ومغالط في تعيين سبب قضاء الله الكوني . فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف ، أقبل على الناس ، فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ ) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطرنا بنوء كذا وكذا . فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) . متفق عليه . وأما الاستغاثة فيما يقدر عليه ، فهذا جائز ، قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ كشف الشُبهات ( 39 - 40 ) ] : " إن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال تعالى في قصة موسى عليه السلام : ** فاسْتَغَاثَهُ الَّذي مِن شِيعَتِهِ على الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ ** [ سورة القصص : 15 ] ، وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب و غيرها من الأشياء التي يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء ، أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلاّ الله ، إذا ثبت ذلك ، فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب النّاس ، حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة ؛ أن تأتي عند رجل صالح ؛ حيٌّ يجالسك ويسمع كلامك وتقول له : ادعُ الله لي . كما كان أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته، وأمّا بعد موته ، فحاشا وكلا أنّهم سألوا ذلك عند قبره ، بل أنكر السّلف على مَن قصد دعاء الله عند قبره، فكيف بدعائه بنفسه صلَّى الله عليه وسلم ؟! " . يتبع ----------- |
77)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ت) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 328 - 330 ) : أفاد الإمام – محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله أن الذّبح عبادة ، والعبادة لا بد أن تكون خالصة لوجه الله ، قال تعالى : ** قل إنَّ صلاتي ونُسُكِي ومَحْيَاي ومَمَاتِي لله ربِّ العالمين * لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا أوّلُ المسلمين ** [ سورة الأنعام : 162 - 163 ] ، وقال تعالى : ** فصلِّ لربِّك وانحر ** . وعليه فالذبح لغير الله شرك أكبر ، وهو أنواع [ فتح المجيد ( ص 127 - 129 ) ] : 1- أن يذكر اسم غير الله عند الذبح . 2- أن يقصد غير الله بالذبح وإن لم يذكر اسمه . 3- أن يَذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه ، فهذا شرك . أما إن كان الذبح لله إكرامًا للضيف ، وقُصد به وجه الله مما أمر به من إكرام الضيف ، وذُكر اسم الله عليه ، فهذا مشروعٌ . [ تيسير العزيز الحميد ( 1 / 424 ) ] . ومن الذبح لغير الله الذبح عند القبور ، فقد نَهى النبي صلَّى الله عليه وسلم عن العقر عند القبر ، رواه أبو داود . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله [ مجموع الفتاوى ( 26 / 306 ) ] : " لأنه يشبه ما يُذبح على النُصب " وقال : " وكان المشركون يذبحون للقبور ويقربون لها القرابين ، وكانُوا في الجاهلية إذا مات لهم عظيم ذبحوا عند قبره الخيل والإبل ، وغير ذلك تعظيما للميّت ، فنهى النبي صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك كله " . ونبّه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله إلى تعاظم شرك من ذبح مستعينا بغير الله ، قاصدا غيره ، فهذا اجتمع فيه شرك في الاستعانة ، وشرك في العبادة . [ تيسير العزيز الحميد ( 1 / 422 - 423 ) ] . فالذبح لا بد أن يكون لله ، وأن يُستعان به وحده لا شريك له ، في مكان لا يُذبح فيه إلَّا لله ، ويُذكر اسم الله عليه ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجلٌ على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أن ينحرَ إِبلاً ببُوانَة – اسم موضع النحر – فأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم فَقالَ : إنِّي نذرت أن أنحر إِبلا ببُوَانة . فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم : ( هل كان فيه وثن من أوثان الجاهليّة يُعبد ؟ ) قالُوا : لا . قال : ( فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ) قالُوا : لا . فَقالَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ( أوفِ بنذرك ؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم ) . رواه أبو داود ، وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب : إسناده على شرطهما . يتبع ----------- |
78)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ث) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 330 - 332 ) : والنحر والذبح هو قربان أحد ابني آدم عليه السّلام ** قَرَّبَا قربانا فَتُقبِّل من أحدهِما ولم يُتقبَّل من الآخر ** ، وهي رؤيا أراها الله نبيّه إبراهيم عليه السّلام ، أراه الله عزّوجلّ في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل ، ورؤيا الأنبياء وحي من الله – كما قال عبد الملك بن عُمير رحمه الله – ، ولَـمّا استجاب إبراهيم وإسماعيل – عليهما السّلام – لأمر الله عزّوجلّ ، مَنَّ الله على إبراهيم عليه السلام بفداء عظيم يذبحه طاعة لله ، فصار في ذلك تشريع لكل الخلائق إلى يوم القِيامَةِ : أن من عقد عزمه عقدا جازماً على فعل فعل طاعة ؛ ثم حيل بينه وبين فعلها ؛ أنه يُكتب له ثوابها ، قال تعالى : ** وقالَ إنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بغُلَامٍ حَليمٍ * فَلمَّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قال يا بُنَيَّ إنِّي أَرَى في المَنام أَنِّي أَذْبَحُكَ فانظُرْ ماذَا تَرَى قال يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شاءَ الله مِنَ الصّابِرِينَ * فَلَمَّا أسْلَمَا وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * ونادَيْنَاهُ أَن يا إبراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إنّا كَذلكَ نَجْزي المُحْسِنِينَ * إنَّ هذَا لَهُوَ البَلَاءُ المبينُ * وفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ** [ سورة الصافات : 99 - 107 ] . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله [ تفسير القرآن العظيم ( 4 / 21 ) ] : " وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل ، خلافا لطائفة من المعتزلة ، والدلالة من هذه ظاهرة ، لأن الله تعالى شرع لإبراهيم ذَبْحِ ولده ، ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء ، وإنما كان المقصود من شرعه أولا إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك ; ولهذا قال تعالى : ** إنَّ هذا لهو البلاء المبين ** أي : الاختبار الواضح الجلي ; حيث أُمر بذبح ولده ، فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله ، منقادا لطاعته ; ولهذا قال تعالى : ** وإبراهيم الّذي وفّى ** [ سورة النجم : 37 ] . والنحر من أجلِّ الطاعات والعبادات ؛ لذلك شُرِعَ في جميع الملل ، قال تعالى : ** ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُم مِّن بَهيمَةِ الْأَنْعَامِ فإِلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ** [ سورة الحج : 34 ] وقرنه الله مع الصلاة ، قال تعالى : ** فصلِّ لِرَبِّك وانحر ** والسر في ذلك تحقيق التوحيد الذي بُعثت به كل الرسل – عليهم الصلاة والسلام – ، وإقام ذكر الله ، قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي رحمه الله في تفسيره : " أي : ولكل أمة من الأمم السالفة جعلنا منسكا، أي : فاستبقوا إلى الخيرات ، وتسارعوا إليها، ولننظر أيكم أحسن عملا . والحكمة في جعل الله لكل أمة منسكا : لإقامة ذكره، والالتفات لشكره، ولهذا قال : ** لِيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ** وإن اختلفت أجناس الشرائع، فكلها متفقة على هذا الأصل، وهو ألوهية الله، وإفراده بالعبودية، وترك الشرك به ولهذا قال : ** فَلَهُ أَسْلِمُوا ** أي : انقادوا واستسلموا له لا لغيره، فإن الإسلام له طريق إلى الوصول إلى دار السلام ؛ ** وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ** بخير الدنيا والآخرة، والمخبت : الخاضع لربه، المستسلم لأمره، المتواضع لعباده " . يتبع ----------- |
79)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله خ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 336 - 340 ) : والنذر التزام شديد لمن نُذر له ، فمن نذر لله وكان نذره في طاعة ، فهذا عبَدَ اللَهَ وأخلصَ له ، ومَنْ نذر لغير الله ؛ فقد وقع في الشّرك الأكبر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ العقود ( ص 26 - 28 ) ] : " فلا يكون نذراً إلَّا ما ابتُغيَ به وجه الله تعالى ، كما في سنن أبي دواد عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : ( لا نذر إلَّا ما ابتغي به وجه الله ) . ... وفي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : « أن امرأة قالت : يا رسول الله ! إنِّي نذرتُ أن أذبح بمكان كذا وحذا . لمكان يَذبحُ فيه أهل الجاهليّة ، قال : لصنم ؟ قالت : لا . قال : لِوَثَنٍ ؟ قالت : لا . قال : أوفِ بنذرك » . ... فمن يعظم كنيسة أو وثناً أو شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبراً مضافا إلى نبي أو غير نبيّ ، سواء كان صدقاً أو كذبا إذا نذر لذلك المكان ، أو لسكان ذلك المكان ، أو للمضافين إلى ذلك المكان – فهو من الشّرك الذي لا يجوز فعله . ولا الوفاء به ، فإن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : ( لعن الله اليهود والتصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . يُحذّر ما فعلوا ، وقال : ( اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد ) . وقال : ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . وإذا نذر لشخص حيّ ، فإن كان على سبيل الشّرك به ، مثل أن يعتقد أنّ نذرَه له يحصل به حاجته ، إما لبركته ، وإِما لغير ذلك ، فهذا شرك . وإن نذر لله ، وجَعَلَ مصرفه لله ، ويُعطي الفقراء والمساكين من مال الله كما يُعان المجاهدون والعابدون من مال الله ، فهذا نذر لله " . فالإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ذكر في أول رسالته " الأصول الثلاثة وأدلتها " وجُوب معرفة حقيقة كلمة التوحيد " لا إلَهَ إلَّا الله " وذكر حكمة خلق الله للخلق لتحقيق التوحيد وعبودية الله وحده ، فساق قوله تعالى : ** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلَّا ليعبدون ** [ سورة الذاريات : 56 ] ، وقال [ الأصول الثلاثة وأدلتها ( ص 7 - 11 ) ] : " ومعنى : ** يَعبدون ** : يوحدون ، وأعظم ما أمر الله به التوحيد ، وهو إفراد الله بالعبادة ، وأعظم ما نَهى عنه الشّرك " . ثم ذكر بعد ذلك هنا أنواع العبادة : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، ومنها : الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح ، والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمرَ اللهُ بها كلها . يتبع ----------- |
80)معنى : #لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله ذ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 340 - 342 ) : والإمام محمد بن عبد الوهاب في رسائله الأخرى قال مناظرا لمن يغالط في معنى العبادة وأنواعها [ كشف الشُبهات ( ص 51 - 53 ) ] : " إن قال : أنا لا أعبد إلَّا الله ، وهذا الالتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة . فقل له : أنت تقرُّ أنّ الله فرض عليك إخلاص العبادة ، وهو حقُّه عليك ؟ فإذا قال : نعم . فقل له : بيِّن لي هذا الذي فرضه اللهُ عليك ، وهو إخلاص العبادة لله ، وهو حقه عليك ؟ فإن كان لا يعرف العبادة ، ولا أنواعها ، فبيِّنها له بقولك : قال الله تعالى : ** ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدينَ ** [ سورة الأعراف : 55 ] . فإذا أعلمته بهذا فقل له : هل علمت هذا عبادة لله تعالى ؟ فلا بد أن يقول لك : نعم ، والدعاء مخ العبادة . فقل له : إذا أقررت أنّها عبادة ، ودعوت الله ليلاً ونهاراً ، خوفاً وطمعاً ، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيّاً ، أو غيره ، هل أشركت في عبادة الله غيره ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : إذا علمت بقول الله تعالى : ** فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ** [ سورة الكوثر : 2 ] ، فإذا أطعت الله ونحرت له ، هل هذا عبادة ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : إذا نحرت لمخلوق : نبيٍّ أو جنيٍّ أو غيرهما ، هل أشركت في هذه العبادة غير الله ؟ فلابد أن يقرَّ ويقول : نعم . وقل له أيضاً : المشركون الذين نزل فيهم القرآن ، هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللاّت وغير ذلك ؟ فلا بد أن يقول : نعم . فقل له : وهل كانت عبادتهم إيّاهم إلاّ في الدُّعاء ، والذّبح ، والالتجاء ، ونحو ذلك ؟ وإلاّ فهم مُقرُّون أنّهم عبيدُه ، وتحت قهره ، وأنّ الله هو الذي يدبِّر الأمر ، ولكن دَعَوهُم والتجئوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا " . والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعد أن ذكر أنواع العبادة ، قال [ الأصول الثلاثة وأدلتها ( ص 11 ) ] : " فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر " . وفي رسائله الأخرى ردٌّ على من غالط في ذلك وزعم أن صرف العِباداتِ لغير الله شرك أصغر ، ونسب تقرير ذلك كذباً إلى ابن القيم رحمه الله ، فَقالَ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ مفيد المستفيد في كُفر تارك التوحيد ( ص 184 ) ] : " وأنت – رحمك الله – تجد الكلام – كلام ابن القيم – من أوله إلى آخره في الفصل الأول والثاني ، صريحاً لا يحتمل التأويل من وجوه كثيرة ، منها : أن دعاء الأموات والنذر لهم ليشفعوا له عند الله هو الشّرك الأكبر ، الذي بَعثَ الله النبي صلَّى الله عليه وسلم ، بالنهي عنه ، فكَفَّر من لم يتب منه وقاتله وعاداه ، وآخر ما صرَّح به قوله آنفاً : « وما نجا من شَرَك هذا الشِرك الأكبر... إلى آخره » . فهل بعد هذا البيان بيانٌ إلَّا العِناد بل الإلحاد ، ولكن تأمل قولَه – أرشدك الله – : « وما نجا من شَرَك هذا الشّرك الأكبر إلَّا من عادى المشركين ... إلى آخره » " . يتبع ----------- |
الساعة الآن 02:45 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com