![]() |
مقال جديد .. أيها القحطاني أتشك بعلم الشيخ ابن باز وفقهه وتغتر بــ أبو عرفة الإعلامي ؟! [ 3 / 3 ] https://t.co/j72FiAXvyV |
قال الله تعالى : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ومَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * وإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وإِلَى الله تُرْجَعُ الأُمُورُ ** سورة فاطر 2 - 4 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ ** من رحمته عنهم ** فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ** فهذا يوجب التعلق بالله تعالى، والافتقار إليه من جميع الوجوه، وأن لا يُدعى إلاّ هو، ولا يخاف ويرجى، إلاّ هو . ** وهُوَ العَزِيزُ ** الذي قهر الأشياء كلها ** الحَكِيمُ ** الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها. يأمر تعالى جميع النّاس أن يذكروا نعمته عليهم، وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا، فإنّ ذكر نعمِه تعالى داع لشكره . ثم نبههم على أصول النعم، وهي الخلق والرزق، فقال : ** هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ ** ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا الله، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته، ولهذا قال : ** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ** أي : تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق . ** وإِنْ يُكَذِّبُوكَ ** يا أيها الرسول، فلك أسوة بمن قبلك من المرسلين، ** فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ** فأُهْلِك المكذبون، ونجى الله الرسل وأتباعهم . ** وإِلَى الله تُرْجَعُ الْأُمُورُ ** . |
قال تعالى : ** إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ والَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ الله الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ** . سورة الأنفال 36 - 37 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم ومبارزتهم لله ولرسوله وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته ، وأنّ وبال مكرهم سيعود عليهم ، ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله، فقال : ** إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله ** أي : ليبطلوا الحقّ وينصروا الباطل ، ويَبْطُلَ توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان . ** فَسَيُنْفِقُونَهَا ** أي : فسيصدرون هذه النفقة، وتَخِفُّ عليهم ، لتمسُّكهم بالباطل ، وشدة بغضهم للحق ، ولكنها ستكون ** عليهم حسرة ** ، أي : ندامة وخزيا وذلاًّ ، ** ثُمّ يغلبون ** : فتذهب أموالهم وما أمَّلوا ، ويعذّبون في الآخرة أشدَّ العذاب ، ولهذا قال : ** والَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ** أي : يجمعون إليها ليذوقوا عذابها، وذلك لأنّها دار الخبث والخبثاء ، والله تعالى يريد أن يَميز الخبيث من الطيب ، ويجعل كلّ واحدة على حدة وفي دار تخصُّه ، فيجعل الخبيث بعضه على بعض من الأعمال والأموال والأشخاص ، ** فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ ** الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين . |
قال تعالى : ** بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ لِله فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ جَاعِلِ المَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ ورُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ما يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وما يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ ** سورة فاطر 1 - 2 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدّسة على خلقه السماوات والأرضَ وما اشتَمَلَتا عليه من المخلوقات ؛ لأن ذلك دليل على كمال قدرته وسَعَة مُلكه وعموم رحمته وبديع حكمته وإحاطة علمه . ولمّا ذَكر الخلق ؛ ذكر بعده ما يتضمّن الأمر ، وهو أنه جَعلَ ** المَلَائِكَةَ رُسُلًا ** : في تدبير أوامره القدريّة ووسائط بينه وبين خلقه في تبليغ أوامره الدينيّة . وفي ذِكرِه أنّه جعل الملائكة رسلا ولم يستثن منهم أحدا دليل على كمال طاعتهم لربّهم وانقيادهم لأمره ؛ كما قال تعالى : ** لَا يَعْصُونَ الله ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ** . ولما كانت الملائكة مدبِّرات بإذن الله ما جعلهم الله موكّلين فيه ؛ ذَكر قوّتهم على ذلك وسرعة سيرِهم ؛ بأن جعلهم ** أُولِي أَجْنِحَةٍ ** : تطير بها فتسرع بتنفيذ ما أمرت به ، ** مَثْنَى وثُلَاثَ وَرُبَاعَ ** ؛ أي : منهم من له جناحان وثلاثة وأربعة بحسب ما اقتضتْه حكمتُه . ** يَزِيدُ في الخَلْقِ ما يَشَاءُ ** أي : يزيد بعضَ مخلوقاته على بعض في صفة خلقها وفي القوّة وفي الحسن وفي زيادة الأعضاء المعهودة وفي حسن الأصوات ولذّة النغمات . ** إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ** : فقدرته تعالى تأتي على ما يشاؤه ، ولا يستعصي عليها شيء ، ومن ذلك زيادة مخلوقاته بعضها على بعض . ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وما يُمْسِكْ ** : من رحمته عنهم ** فَلَا مُرْسِلَ لَهُ من بَعْدِهِ ** : فهذا يوجب التعلُّق بالله تعالى والافتقار إليه من جميع الوجوه ، وأن لا يُدعى إلاّ هو ولا يُخاف ويُرجى إلاّ هو . ** وهُوَ العَزِيزُ ** : الذي قهر الأشياء كلَّها .** الحَكِيمُ ** : الذي يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها . |
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله : " فصل : [ الحكمة في جعل ذبيحة غير الكتابي مثل الميتة ] وأما جمعها بين الميتة وذبيحة غير الكتابي في التحريم ، وبين ميتة الصيد وذبيحة المحرم له ، فأي تفاوت في ذلك ؟ وكأن السائل رأى أن الدَّمَ لما احتقن في الميتة كان سببا لتحريمها ، وما ذبحه المحرم أو الكافر غير الكتابي لم يحتقن دمه ؛ فلا وجه لتحريمه ، وهذا غلط وجهل ؛ فإنّ علة التحريم لو انحصرت في احتقان الدم لكان للسؤال وَجْهٌ ، فأما إذا تَعَدّدَت علل التحريم لم يلزم من انتفاء بعضها انتفاء الحكم إذا خلفه علة أخرى ، وهذا أمر مطرد في الأسباب والعلل العقلية . فما الذي ينكر منه في الشرع ؟ فإن قيل : أليس قد سَوَّتْ الشريعة بينهما في كونهما ميتة ، وقد اختلفا في سبب الموت ، فتضمنت جمعها بين مختلفين وتفريقها بين متماثلين ؛ فإن الذبح واحد صورة وحسا وحقيقة ؛ فجعلت بعض صوره مخرجا للحيوان عن كونه ميتة وبعض صوره موجبا لكونه ميتة من غير فرق . قيل : الشريعة لم تُسَوِّ بينهما في اسم الميتة لغة ، وإنما سوت بينهما في الاسم الشرعي ؛ فصار اسم الميتة في الشرع أعم منه في اللغة ، والشارع يتصرف في الأسماء اللغوية بالنقل تارة وبالتعميم تارة وبالتخصيص تارة ، وهكذا يفعل أهل العرف ؛ فهذا ليس بمنكر شرعا ولا عرفا . وأما الجمع بينهما في التحريم فلأن الله سبحانه حرم علينا الخبائث ، والخُبثُ الموجب للتحريم قد يظهر لنا وقد يخفى ، فما كان ظاهرا لم يَنْصِبُ عليه الشارعُ علامة غير وصفه ، وما كان خفيا نصب عليه علامة تدل على خبثه ؛ فاحتقان الدم في الميتة سبب ظاهر ، وأما ذبيحة المجوسي والمرتد وتارك التسمية ومَن أَهَلَّ بذبيحته لغير الله فنفسُ ذبيحة هؤلاء أكسبت المذبوحَ خبثا أوجب تحريمه ، ولا ينكر أن يكون ذكر اسم الأوثان والكواكب والجن على الذبيحة يكسبها خبثا ، وذكر اسم الله وحده يكسبها طيبا ، إلا مَن قَلَّ نصيبُه من حقائق العلم والإيمان وذَوق الشريعة ، وقد جعل الله سبحانه ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح فسقا وهو الخبيث ، ولا ريب أن ذكر اسم الله على الذبيحة يطيبها ويطرد الشيطان عن الذابح والمذبوح ، فإذا أَخَلَّ بذكر اسمِه لابس الشيطانُ الذابحَ والمذبوحَ ، فأثر ذلك خبثا في الحيوان ، والشيطان يَجْري في مَجَاري الدَّم مِن الحيوان ، والدم مركبه وحامله ، وهو أخبث الخبائث ، فإذا ذكر الذابحُ اسمَ الله خرج الشيطان مع الدم فطابت الذبيحة ، فإذا لم يذكر اسم الله لم يخرج الخبث . وأما إذا ذكر اسم عدوه من الشياطين والأوثان فإن ذلك يكسب الذبيحة خبثا آخر . يوضحه أن الذبيحة تجري مجرى العبادة ، ولهذا يقرن الله سبحانه بينهما كقوله : ** فصل لربك وانحر ** [ سورة الكوثر : 2 ] ، وقوله : ** قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ** [ سورة الأنعام : 162 ] ، وقال تعالى : ** والبُدنَ جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوافّ فإذا وجبت جُنوبها فكلوا منها وأطعموا القانِع والمعتَرّ كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ** [ سورة الحج : 36 - 37 ] ، فأخبر أنه إنما سخرها لمن يذكر اسمه عليها ، وأنه إنما ينالُه التقوى - وهو التقرب إليه بها وذكر اسمه عليها - فإذا لم يذكر اسمه عليها كان ممنوعا من أكلها ، وكانت مكروهة لله ، فأكسبتها كراهيته لها - حيث لم يذكر عليها اسمه أو ذكر عليها اسم غيره - وصف الخبث فكانت بمنزلة الميتة ، وإذا كان هذا في متروك التسمية وما ذكر عليه اسم غير الله فما ذَبَحه عدوُّه المشرك به الذي هو من أخبث البرية أولى بالتحريم ؛ فإن فِعلَ الذابح وقَصْدَه وخبثه لا ينكر أن يؤثر في المذبوح ، كما أن خبث الناكح ووصفه وقصده يؤثر في المرأة المنكوحة ، وهذه أمور إنما يصدق بها من أشرق فيه نور الشريعة وضياؤها ، وباشر قلبه بشاشة حكمها وما اشتملت عليه من المصالح في القلوب والأبدان ، وتلقَّاها صافية من مِشكاة النبوة ، وأحكم العقد بينها وبين الأسماء والصفات التي لم يطمس نور حقائقها ظلمة التأويل والتحريف " . _ أعلام الموقعين عن رب العالمين ( 2 / 118 - 119 ) ط : دار الكتب العلمية بيروت . |
من صور شرك الربوبية : انكار ان يكون الله رب العالمين وكشرك القائلين بوحدة الوجود الذين لا يفرقون بين الرب ومخلوقاته وكشرك عُبّاد القبور الذين الذين يزعمون أن الأولياء تتصرف في الكون وتقضي الحاجات . ومن صور الشّرك في الألوهية : اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية . كمن يعتقد أن غير الله عزّوجلّ يستحق العبادة مع الله ، أو أنه يستحق أن يُصرف له شيء من أنواع العبادة ... أو أنه يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلاّ الله ... من صور الشرك في الأسماء والصفات : موقع معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله http://www.alfawzan.af.org.sa/node/10560 ومن صور الشّرك في الأسماء والصفات اعتقاد أن بعض الأحياء أو الأموات يسمعون مَن دعاهم في أي مكان وفي أي زمان واشتقاق أسماء لآلهتهم الباطلة من أسماء الله عزّوجلّ ، كاشتقاق اسم " اللات " مِن ( الإله ) . رد الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله على رسالة القرضاوي : حقيقة التوحيد https://youtu.be/hcnDOgtbhHo |
قال تعالى : ** وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ *وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ** سورة الزخرف 33 - 35 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : " يخبر تعالى بأنّ الدّنيا لا تسوى عنده شيئا، وأنّه لولا لطفُه ورحمتُه بعباده التي لا يقدم عليها شيئا ؛ لوسَّع الدّنيا على الذين كفروا توسيعا عظيما، ولَجَعَلَ ** لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ ** ؛ أي : درجا من فضة ، {عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ** : إلى سطوحهم ، ** ولِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ** : من فضّة، ولجعل لهم ** زُخرفا ** ؛ أي : لزخرف لهم دُنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون ، ولكن منعه من ذلك رحمتُه بعباده ؛ خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حبِّ الدّنيا . ففي هذا دليلٌ على أنّه يمنع العبادَ بعض أمور الدنيا منعا عامّاً أو خاصّاً لمصالحهم، وأنّ الدّنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة . وأنّ كلّ هذه المذكورات متاعُ الحياة الدّنيا منغصة مكدرة فانية ، وأنّ الآخرة عند الله تعالى خيرٌ للمتّقين لربِّهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛ لأنّ نعيمَها تامٌّ كاملٌ من كل وجه ، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين، وهم فيها خالدون . فما أشدَّ الفرقَ بين الدارين ! " . |
قال تعالى : ** يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ** سورة الحديد 12 - 15 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : يقول تعالى مبيناً لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة : ** يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ** ؛ أي : إذا كان يوم القيامة ، وكوِّرَت الشمس وخسفَ القمرُ وصار النّاس في الظُّلمة ، ونُصِبَ الصراط على متن جهنم ؛ فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورُهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بنورهم وبأيمانهم في ذلك الموقف الهائل الصعب كلٌّ على قدر إيمانه ، ويبشَّرون عند ذلك بأعظم بشارة ، فيقال : ** بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ** : فللّه ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم وألذَّها لنفوسهم ؛ حيث حصل لهم كلُّ مطلوب محبوب ، ونجوا من كلِّ شرٍّ ومرهوب . فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طُفِئَ نورُهم وبقوا في الظُّلمات حائرين ؛ قالوا للمؤمنين : ** انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ** أي : أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به لننجوَ من العذاب ، فـ ** قِيلَ ** لهم : ** ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ** أي : إن كان ذلك ممكنا ، والحال أنّ ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات ، فَضُرِبَ بين المؤمنين والمنافقين ** بِسُورٍ ** أي : حائط منيع وحصن حصين ** لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ** : وهو الذي يلي المؤمنين ، ** وظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ** : وهو الذي يلي المنافقين . فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون تضرُّعاً وترحُّماً : ** أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ** في الدنيا نقول : لا إله إلاّ الله ، ونصلي ونصوم ونجاهد ونعمل مثل عملكم ؟ ** قَالُوا بَلَى ** : كنتم معنا في الدنيا وعملتُم في الظاهر مِثْلَ عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين من غير إيمان ولا نيّة صادقة صالحة ، ** بل فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ** ؛ أي : شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكّاً ، ** وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ** : الباطلة ؛ حيث تمنَّيتم أن تنالوا منال المؤمنين وأنتم غير موقنين ، ** حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله ** أي : حتى جاءكم الموتُ وأنتم بتلك الحال الذّميمة ، ** وغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ ** : وهو الشيطان الذي زين لكم الكفر والريب فاطمأننتم به ، ووثقتم بوعدِهِ وصدَّقتم خبرَه . ** فالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ** : ولو افتديتم بمِلْءِ الأرض ذهبا ومثله معه ؛ لما تقبل منكم . ** مَأْوَاكُمُ النَّارُ ** ؛ أي : مستقرُّكم ، ** هِيَ مَوْلَاكُمْ ** : التي تتولّاكم وتضمُّكم إليها ، ** وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ** : النار ؛ قال تعالى : ** وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) ** . |
قال تعالى : ** أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله ومَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ولَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ** سورة الحديد 16 - 17 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة ؛ كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربِّها والاستكانة لعظمته ، فعاتب الله المؤمنين على عدم ذلك ، فقال : ** أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ** أي : ألم يأتِ الوقت الذي به تلينُ قلوبهم وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن وتنقاد لأوامره وزواجره وما نَزَل من الحقِّ الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى ولما أنزله من الكتاب والحكمة ، وأن يتذكّر المؤمنون المواعظ الإلهيَّة والأحكام الشرعيّة كل وقت ويحاسبوا أنفسهم على ذلك ، ** وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ** أي : ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التامِّ ، ثم لم يدوموا عليه ، ولا ثَبَتوا ، بل طال عليهم الزمان ، واستمرّت بهم الغفلةُ ، فاضمحلَّ إيمانُهم وزال إيقانهم ، ** فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ** : فالقلوب تحتاج في كلِّ وقت إلى أن تُذَكَّر بما أنزل له الله وتناطق بالحكمة ، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك ، فإنّ ذلك سَبَبٌ لقسوة القلب وجمود العين . ** اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ** : فإنّ الآيات تدلُّ العقول على المطالب الإلهيّة، والذي أحيا الأرض بعد موتها قادرٌ على أن يُحْيِيَ الأموات بعد موتهم فيجازيهم بأعمالهم ، والذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر، قادرٌ على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحَقِّ على رسوله . وهذه الآية تدلُّ على أنه لا عقل لمن لم يهتدِ بآيات الله ولم ينقدْ لشرائع الله . |
قال تعالى : ** اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِينَةٌ وتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله وَرِضْوَانٌ وما الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ العَظِيمِ ** سورة الحديد 20 - 21 قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره : يخبر تعالى عن حقيقة الدّنيا وما هي عليه، ويبيّن غايتها وغاية أهلها ؛ بأنّها ** لعب ولهو ** : تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب ، وهذا مصداقُه ما هو موجودٌ وواقع من أبناء الدُّنيا ؛ فإنّك تجدُهم قد قطعوا أوقات عُمُرهم بلهو قلوبهم وغفلتهم عن ذكر الله وعمّا أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتّخذوا دينهم لعبا ولهوا ؛ بخلاف أهل اليقظة وعُمّال الآخرة : فإنّ قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبّته، وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقرّبهم إلى الله من النفع القاصر والمتعدِّي . وقوله : ** وَزينَة ** أي : تزين في اللباس والطعام والشراب والمراكب والدُّور والقصور والجاه وغير ذلك ،{ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ** أي : كل واحد من أهلها يريد مفاخرةَ الآخر، وأن يكون هو الغالبّ في أمورها ، والذي له الشهرة في أحوالها، ** وتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ** ؛ أي : كلُّ يريد أن يكون هو الكاثر لغيره في المال والولد ، وهذا مصداقُه وقوعُه من محبِّي الدّنيا والمطمئنين إليها ؛ بخلاف مَن عَرَف الدُّنيا وحقيقتها، فجعلها معبرا ، ولم يجعلها مستقرّاً ، فنافس فيما يقرِّبُه إلى الله ، واتّخذ الوسائل التي توصلُه إلى دار كرامته ، وإذا رأى من يكاثرُه وينافسه بالأموال والأولاد ؛ نافسه بالأعمال الصالحة . ثم ضرب للدّنيا مثلا بغيثٍ نزل على الأرض، فاختلط به نباتُ الأرض مما يأكُل النّاس والأنعام ، حتى إذا أخذتِ الأرضُ زُخرُفَها ، وأعجب نباتُه الكفارَ ، الذين قَصَروا نَظَرَهم وهِمَمَهم على الدّنيا ؛ جاءها من أمر الله ما أتلفها ، فهاجتْ ويبست وعادت إلى حالها الأولى ، كأنّه لم ينبت فيها خضراء ولا رُُئِيَ لها مَرْأى أَنِيق ، كذلك الدّنيا ، بينما هي زاهيةٌ لصاحبها زاهرةٌ ، مهما أراد من مطالبها حصل ، ومهما توجَّه لأمر من أمورها ؛ وجد أبوابه مفتَّحة ؛ إِذْ أصابها القَدَرُ ، فأذهبها من يده ، وأزال تسلُّطه عليها ، أو ذهب به عنها، فرحل منها صفر اليدين ؛ لم يتزوّد منها سوى الكفن ، فتبّاً لمن أضحتْ هي غايةَ أمنيّته ولها عمله وسعيه . وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع ويُدَّخر لصاحبه ويَصحبُ العبدَ على الأبد ، ولهذا قال تعالى : ** وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ ** ؛ أي : حال الآخرة ما يخلو من هذين الأمرين : إمّا العذاب الشديد في نار جهنّم ، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدُّنيا هي غايتَه ومنتهى مطلبِهِ ، فتجرَّأَ على معاصي الله ، وكذَّب بآيات الله ، وكفر بأنعم الله ، وإمّا مغفرةٌ من الله للسيئات ، وإزالةُ العقوبات ، ورضوانٌ من الله يُحِلُّ من أحَلَّه عليه دارَ الرضوان لمن عرف الدّنيا وسعى للآخرة سعيها ؛ فهذا كلُّه مما يدعو إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، ولهذا قال : ** وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ** ؛ أي : إلاّ متاعٌ يُتَمَتَّعُ به ويُنْتَفَعُ به ويُسْتَدْفَعُ به الحاجات ؛ لا يغترُّ به ويطمئنُّ إليه إلاّ أهل العقول الضعيفة ، الذين يغرُّهم بالله الغرور . ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة من التوبة النَّصوح ، والاستغفار النّافع ، والبعد عن الذّنوب ومظانِّها ، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح ، والحرص على ما يُرضي الله على الدّوام من الإحسان في عبادة الخالق ، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع ، ولهذا ذكر الله الأعمالَ الموجبةَ لذلك ، فقال : ** وجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ** والإيمان بالله ورُسُله يدخل فيه أصولُ الدين وفروعها . ** ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ** أي : هذا الذي بيَّنّاه لكم وذكرنا لكم فيه الطّرق الموصلة إلى الجنة والطّرق الموصلة إلى النار، وأنّ ثواب الله بالأجر الجزيل والثواب الجميل من أعظم منّته على عباده وفضله ، ** والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ** : الذي لا يُحصي ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، وفوق ما يُثني عليه أَحدٌ من خَلقِه . |
الساعة الآن 09:57 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com