المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( && كيف أثنى على ربى ... && ) !!!


( أم عبد الرحمن )
25-01-2007, 11:09 AM
السؤال

أحب أن أثنى على الله تعالى، غير أني لا أعرف كيف أثني عليه سبحانه وتعالى؟، وما الذي يمكن أن أقوله أو أفعله حتى أقدم شيئا جميلا في الثناء على الله تعالى؟


الرد

يقول الأستاذ عبد الحميد الكبتي، الداعية الليبي المقيم بسويسرا:



بسم الله المتفضل بكمال الجلال، المتعالي عن الوصف والمثال، سبحانه جل وعلا من رب كريم منان. والصلاة والسلام على خير من أثنى على ربه، وتقرب إلى لطفه، معدن الخير والكمال الإنساني سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



ثم الشكر للأخت الفضلى خديجة على هذا السؤال الجميل، الذي حرك معاني الأشواق لرؤية الرب الكريم، والتنعم بنور وجهه سبحانه وتعالى، في يوم تبلى فيه السرائر، ويكشف عن مخبوء النفوس، وما تستره من طقوس، فنسأل الله لكِ ولنا الستر والسداد، والعتق يوم التغابن من نار تلظى.



الثناء من قبل العبد على الله تعالى يحوي معان هي: المدح، والشكر، والحمد، وبين هذه الألفاظ عموم وخصوص، فالحمد والشكر، يقول فيهما العلامة الشنقيطي:

فالحمد بالثناء مطلقا بدا *** كان جزاء نعمة أو ابتدا

والشكر ما كان جزاء للنعم*** فالحمد من ذا الوجه وحده أعم

والشكر يأتي عند كل شارح***بالقلب واللسان والجوارح

والحمد باللسان لا غير وسم***فالشكر من ذا الوجه وحده أعم



فالحمد هو الثناء والمديح المطلق لله عز وجل، سواء كان المدح أو الثناء جزاء نعم الله على العبد، أو هو الشكر ابتداء من غير ارتباطه بنعمة محددة. والشكر مرتبط دائما بنعم الله على العبد، كما أن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، من حيث امتثال الأخيرة لأوامر الله تعالى. والحمد يكون باللسان فقط، والشكر كما مضى أعمل وأشمل.



يأتي الثناء ها هنا ليكون هو تاج العارفين الذي يحوي الشكر والحمد معا، وهو يتميز كونه من اللسان، لكنه ذو صلة بالقلب، بل هو من القلب ينبع، وعلى قدر الثناء وما يتلفظ به العبد لله تعالى من ألفاظ حِسان يكون هو حال القلب ومدى تعلقه بالرب الكريم المتعال.



والثناء يكون بقدر عظم مكانة الرب في قلب العبد، ومدى معرفته بجلاله وكماله، ومدى حياة القلب بجمال الله تعالى، وأسمائه وصفاته. لذا يبرز هنا أمر مهم، وهو: مدى معرفة العبد بربه وما يتصف به، كي تخرج تلك المعاني القلبية، إلى ألفاظ مبنية فيكون ثمة الإبداع في مبدع الكون سبحانه وتعالى.



فلا غرو أن نجد النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الصحيح: (‏‏إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة)‏.



وهذا الإحصاء لأسماء الله تعالى ليس المراد به الحفظ اللساني والقلبي عن ظهر غيب، دون التمعن والتدبر في معاني هذه الأسماء، بل دون التحرك بها في واقع الحياة، وصناعة الأمور، فكل اسم لله تعالى له معنى، يراد للعبد أن يتحقق به، في قلبه حتى يتشربه، فيكون منه التأثر بدرجات، فيكون ثمة الحمد، ويكون الشكر، ويكون أبرزها الثناء على ذي الجلال والكمال.



فكما أن معاني أسماء الله وصفاته لها أثر في كيفية المدح وألفاظه، فإن غزارة المعاني القلبية في قلب العبد لها أثرها الكبير أيضا، من حب وخوف ورجاء وتوكل، ونحو ذلك ، فمن كانت هذه المعاني في نفسه باهتة وغير متفاعل معها، أنا له بمدح الله تعالى، إلا وهو مفرغ المضمون.



إضافة لغزارة المادة التعبيرية، فمن كان دائم الاطلاع على كتب الرقائق، تجدينه يأخذ منها ويصطاد المعاني الطيبة، ويسجلها ويدونها، ويرددها، بل ويعيش معها، فتكون بعد فترة- بحسب الحال- هي معانيه وهي ألفاظه.



وهو أمر من توفيق الله تعالى، يوفق له بعض عباده الصالحين، لأنه من أعظم القرب وأجلّها عند الله تعالى، ومهما يوفق العبد لأبواب الثناء على الله تعالى، لا يقدر على إيفاء الرب الكريم حقه من المدح وعبارات ومعاني الثناء، للعجز عن إدراك الله تعالى.



فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) وهو عليه الصلاة والسلام أعبد الخلق لله، قال الغزالي في الإحياء: "ليس المراد أني عاجز عن التعبير عما أدركته بل معناه الاعتراف بالقصور عن إدراك كنه جلاله، وعلى هذا فيرجع المعنى إلى الثناء على الله بأتم الصفات وأكملها التي ارتضاها لنفسه واستأثر بها فهي لا تليق إلا بجلاله".



لا نحصي ثناء عليك أي لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته، ومنه قوله تعالى:**عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ** [المزمل: من الآية20] أي لن تطيقوه، أنت كما أثنيت على نفسك، اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، ورد ذلك إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفضيلا، فكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته فكذلك لا نهاية للثناء عليه لأنه تابع لسلطانه وعظمته فكذلك لا نهاية للثناء عليه.



وفي يوم القيامة عند الكرب، وعند الشفاعة، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيلهمني الله من الثناء عليه ما لم يلهمه لأحد من قبلي..) فكون المقام صعب وموقف كرب، وموقف شفاعة يكون الإلهام للثناء الذي لم يعطه أحد من البشر، فيكون ثمة قبول لشفاعة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فينا.



وخير من يدرك الألفاظ ويعطيها قيمتها هو حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام، فعن أنس رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بأعرابي وهو يدعو في صلاته وهو يقول: يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، ولا تواري منه سماءٌ سماءً، ولا أرض أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره... اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.



فوكّل النبي صلى الله عليه وسلم بالأعرابي رجلاً فقال: إذا صلى فأتني به، فلما صلى أتاه، وقد كان أهدي له ذهب من بعض المعادن، فلما أتاه الأعرابي وهب له الذهب وقال: ممن أنت يا أعرابي؟، قال: من بني عامر بن صعصعة، قال: هل تدري لم وهبت لك الذهب؟، قال: للرحم بيننا وبينك، قال: إن للرحم حقاً، ولكن وهبت لك الذهب (بحسن ثنائك على الله تعالى) [أخرجه الطبراني في الأوسط كذا مجمع الزوائد10/15].



فهو الذهب أخيتي، ذهب من فم أعرابي، يقابله ذهب من النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الخلق بالله، وما ذلك إلا تقديرا للثناء على الله تعالى.



وتعليما للأمة كيف تتعامل مع ربها وتثني عليه، وكيف يكون جزاء الإبداع الإيماني ذهبا خالصا، يستحق أن يكافأ عليه أعرابي يصلي ركعتين، فيستحق الذهب من خير البرية عليه الصلاة والسلام.



إن هذا الحديث يعلمنا أن الإبداع الإيماني- المقيد بالشرع- هو مطلب نبوي عالي الحث، وهو سمت لأهل الصلاح والحال مع الله، إذ حياة القلوب هي التي تفيض بمثل هذا الإبداع، ولن تتذوق القلوب هذه المعاني، ولا تنطق ثنايا الفم بكلام عذب، إلا برصيد إيماني ومعرفي ولغوي، تخرج منه الكلمات من بعد حياتها في القلب، كمثل نثرات الذهب، فيكون ثمة ذهاب الغم، وإقبال الحال المرضي مع الرب الرزاق.



من أجل ذلك: يكون الثناء على الله تعالى باستحضار: جلال الرب الكريم سبحانه بأسمائه وصفاته، و تذكر نعم الله على العبد، وشكره عليها.



لكن .. كيف يكون ذلك ؟

* بالتمعن الراقٍي في أسماء الله وصفاته، وحفظها، والعيش معها.



* حفظ أعذب الكلام اللائق بالممدوح سبحانه وتعالى.



* تعميق معاني الإيمان في القلب وتقليبها بين الفينة والفينة.



نماذج :

انظري مثلا :

* اللهم لك أذل، وبك أعز، وإليك أشتاق، ومنك أفرق، وتوحيدك أعتقد، وعليك أعتمد، ورضاك أبتغي، وُسخطك أخاف، ونقمتك أستشعر، و مزيدك أمتري، وعفوك أرجو، وفيك أتحير، ومعك أطمأن، وإياك أعبد، وإياك أستعين، لا رغبة إلا ما نِيط بك، ولا عمل إلا ما ُزكي لوجهك، ولا طاعة إلا ما قابله ثوابك، ولا سالم إلا ما أحاط به لطفك، ولا هالك إلا من قعد عنه توفيقك، ولا مغبوط إلا من سبقت له الحسنى منك.



* سبحان من لا يموت، سبحان من تكفل بالقوت، سبحان من صوّر الأجنة، سبحان من له المنة، سبحان من وهب النور في الأبصار، وسكب الضياء في النهار، وقصَّر بالموت الأعمار، وأفنى بالهلاك الديار، جل في علاه، تقدس عن الأشباه، لا إله إلا إياه، لا نعبد سواه، غالب فلا يقهر، وشاء فلا يجبر، أغنى وأقنى، وأضحك وأبكى، ظهرت آياته، بهرت بيناته، حسنت صفاته، تباركت ذاته.



* لا إله إلا الله عدد ما خطت الأقلام.

* لا إله إلا الله كلما سجع الحمام، وهطل الغمام، وقوضت مني الخيام.

* لا إله إلا الله كلما برق الصباح، وهبت الرياح، وكلما تعاقبت الأتراح والأفراح.

* لا إله إلا الله كلما ازدحمت الأنفاس، وحل السرور والإيناس، وانتقل الضر والبأس، وزال القنوط واليأس.

* لا إله إلا الله ترضيه، لا إله إلا الله بها نلاقيه، لا إله إلا الله تملأ الكون وما فيه، لا إله إلا الله كلما دجى الليل، وكلما انكشف الهول والويل، وكلما انعقد السحاب وجرى السيل.

* لا إله إلا الله يفعل ما يريد، لا إله إلا الله يُبدئ ويعيد، لا إله إلا الله ذو العرش المجيد، والبطش الشديد، لا إله إلا الله ندخرها ليوم الوعيد، ونتقي بها عذاب جهنم الأكيد.

* لا إله إلا الله كلما ترعرع ورد وأزهر، وكلما لمع بارق وأمطر، وكلما تنفس صبح وأسفر.

* لا إله إلا الله كلما زمجرت الرعود، وخفقت البنود، وجرى الماء في العود.

والنتيجة القريبة البعيدة : (قصة حب)...



فعندما يوفق العبد للثناء على الله تعالى، ويعيش بمعاني أسمائه وصفاته، تزرع في قلبه محبة الله، وتقبل روحه هائمة تقول: هل من مزيد، وتكبر وردة الحب البيضاء الجميلة في قلب العبد، فيكون بهذا الحب كأنه ولد من جديد، وأعيدت له روح كان يبحث عنها، فالحب ماء الحياة، وغذاء الروح، وقوت النفس، بالحب تشرق الوجوه، وتبتسم الشفاه، وتتألق العيون.



بالحب تكون النار بردا وسلاما على إبراهيم، وبالحب انفلق البحر لموسى، وبالحب حن الجذع لمحمد، وانشق له القمر، وبالحب كان بطن الحوت ليونس محرابا، وبالحب كان الكهف للفتية فراشا. وبالحب تشرق معاني الحب الصادق في قلب العبد، فيرى الوجود كله بنظرة أخرى تماما، هي نظرة المحب لله رب العالمين.



أتمنى أن أكون كتبت كلاما يفيد، ومعاني تجيد، وأوصلت مفهوما للثناء على الله، فهو موضوع عميق، ويكفي مني بذل الجهد في إيصال المراد، والله الموفق لكل عبد أواب.

وليس عندي ذهب أعطيه نظير سؤال ذكي، لكني أهدي رمزا يحوي كنوزا عدة، أتمنى أن يدرك.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1145175679172&pagename=IslamOnline-Arabic-Eman_Counsel%2FEmanA%2FEmanA

فاديا
25-01-2007, 12:04 PM
بارك الله فيك اخيتي الكريمة الجنة الخضراء على هذه الكنوز الرائعة

أبو البراء
25-01-2007, 12:06 PM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( الجنة الخضراء ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

( أم عبد الرحمن )
25-01-2007, 01:04 PM
شيخنا الفاضل ( أبو البراء )
أختنا الكريمة ( فاديا )

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ولكم ...

( أم عبد الرحمن )
30-01-2007, 10:05 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فقد نبهنى الأخ الفاضل والمشرف القدير ( عمر الليبى ) جزاه الله خيرا الى الآتى :

قول بعضهم (يا من لا تراه العيون ، ولا يصفه الواصفون ...الخ) .

جاءت هذه الرواية عند الطبراني وفيها عنعنة هشيم وهو مدلس ، وشيخ الطبراني يعقوب بن اسحاق ، قال الهيثمي : لم أعرفه . السلسلة الضعيفة 10/128 .

**قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله (14/143)في جوابه عن حكم مثل هذا الدعاء فقال :" هذه أسجاع غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف.
والجملة الأولى: (يا من لا تراه العيون) إن أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من أن الله تعالى يرى في الآخرة، وإن أراد في الدنيا فإن الله تعالى يُثنى عليه بالصفات الدالة على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية. والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل. فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد. "ا.هـ.

**وقال العلامة الفوزان عن هذا الدعاء :أما ما ذُكر في السؤال؛ فلم يرد في كلام الله وكلام رسوله فيما أعلم؛ فلا ينبغي الدُّعاء به‏.‏ وأيضًا في كلمة‏:‏( لا يصفه الواصفون‏)!‏ نظرٌ ظاهرٌ؛ لأن الله سبحانه يوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وربما يكون هذا اللفظ منقولاً عن نفاة الصِّفات‏. (المنتقى1/49).ا.هـ

هذا بالاضافة الى ان هناك تكلف نوعا ما فى الدعاء
والله اعلم

***
21-04-2010, 11:43 PM
جزاك الله خيرا أختنا الفاضلة أم عبد الرحمان زادك الله علما وتوفيقا