المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهلاً أهل الجزائر "لفضيلة الشيخ طلعت زهران - حفظه الله


أحمد سالم ,
16-11-2011, 06:12 PM
خطبة الجمعة
::: مهلاً أهل الجزائر :::
لفضيلة الشيخ طلعت زهران - حفظه الله -



الخطبة الأولى
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه وسنتغفره ، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئآت أعمالنا ، إنه من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .
** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ** [ آل عمران:102 ]
** يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ** [ النساء:1 ]
** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ** [ الأحزاب 70 ، 71 ]
واعلموا عباد الله أن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة . أما بعد ..
فنتذكر يوماً من أيام الإسلام يرويه لنا إبن كثير – رحمه الله – في البداية والنهاية ، يقول ابن كثير – رحمه الله - : ولقد حوصر عثمان - رضي الله عنه – من أواخر ذي القعدة إلى يوم الثامن عشر من ذي الحجة ( يقصد عام خمسة وثلاثين للهجرة ) ، قال : وكان ذلك قبل أن يُقتل بيوم ، واجتمع معه نحو سبعمائة من الصحابة - رضوان الله عليهم – من المهاجرين والأنصار فعزم عليهم عثمان – رضي الله عنه – ألا يقاتلوا وقال لهم : من كان لي حق عليه فليرجع إلى داره وليغمد سيفه ، وقال لرقيقه ( يعني غلمانه من العبيد ) من أغمد سيفه فهو حر لوجه الله ، قال : فبرد القتال داخل الدار وإنما كان هناك قتال خارج الدار ولم يشارك في القتال إلا الحسن والحسين ابنا علي – رضي الله عن الجميع – وأبو هريرة وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم .
قال : وكان الذي دفع بعثمان – رضي الله عنه – إلى هذا ريا رآها في المنام وأنه أراد أن يكون خيري ابني آدم ، فأما الرؤيا التي رآها عثمان – رضي الله عنه – فإنه رآى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما – فقالوا له : تفطر عندنا الليلة ( وقد قُتل عثمان – رضي الله عنه صائماً ) ، وأما إرادته أن يكون خيري ابني آدم ، فإن ابني آدم أراد أحدهما قتل أخيه وقال له الخير فيهما : ** إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ** [المائدة:29] ، فيقول ابن كثير – رحمه الله - : رؤيا رآها وكونه يريد أن يكون خيري ابني آدم ، ودخل المحاصرون على عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فقتلوه ذبحوه من الوريد إلى الوريد وتحكي كتب التاريخ بإسناد صحيح أنهم كانوا ستمائة خرجوا من مصر على رأسهم رجل يسمى عبد الرحمن بن عديس البلوي ، ورجل يسمى كنانة بن بشر النجيبي ، ورجل يسمى جبلة بن الأيهم خرجوا ستمائة من مصر ومعهم مئتان من أهل الكوفة ، ومئة من أهل البصرة حاصروا عثمان – رضي الله عنه – وكان بإمكان عثمان – رضي الله عنه – أن يحرض الصحابة – رضوان الله عليهم – على القتال ، فابن كثير – رحمه الله – يقول : ولو أمرهم بالقتال لمنعوه ( يعني لنصروه ) ولمنعوا هؤلاء الأعداء من الوصول إليه ، ولكن أمر الله كان قدراً مقدوراً .
يروي الإمام أحمد – رحمه الله – في مسنده بسند صحيح ، وقد صححه الألباني في الجامع الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن عفان – رضي الله عنه - : " إن الله عز وجل مقمصك قميصاً فإذا أرادك المنافقون على أنه تخلعه فلا تخلعه لهم مرتين أو ثلاثاً ، قال فلا تخلعه لهم ولا كرامة " ( يعني إن الله عز وجل سيلبسك قميص الخلافة فتكون للمؤمنين أميراً ، وسيأتي هؤلاء المنافقون يريدون منك أن تترك الخلافة وأن تتخلى عن ذلك المنصب فلا تجبهم إلى ذلك أبداً ) .
وفي البخاري من حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – وقد عمل يوماً بواباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على حائط ( يعني على بستان ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس داخل البستان يضع رجليه في بئر أرس وأبو سعيد الخدري على الباب ، قال : فحرك الباب رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ » ، ففتح له الباب فإذا هو أبو بكر – رضي الله عنه - ، ثم حرك الباب رجل آخر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ » ، ففتح الباب فإذا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ، ثم حرك الباب رجل آخر فقال : « ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ » ، ففتح له فإذا هو عثمان بن عفان – رضي الله عنه - .
وتروي عائشة – رضي الله عنها بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر حياته قال : ادعوا لي الناس ، فقالت عائشة – رضي الله عنها - : أبو بكر ؟ قال : لا ، قالت : عمر ؟ قال : لا ، قالت : ابن عمك علي ؟ قال : لا ، قالت : عثمان ؟ قال : نعم ، قال : فدخل عثمان – رضي الله عنه ، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتنحى إلى يسراه ( يعني أن يأتي من يسار النبي صلى الله عليه وسلم ) فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه ( أي وجه عثمان ) يتغير ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن المنافقين سيقتلونه وقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمنافقين الذي خرجوا يريدون قتل عثمان – رضي الله عنه - .
وفي مسند أحمد بسند صحيح كذلك أن الناس لما حاصروا عثمان – رضي الله عنه – أتى الصحابة - رضوان الله عليهم – فقال أبو هريرة – رضي الله عنه – بعد أن استأذن من عثمان ليتكلم : أشهد بالله لقد سمعت اذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً ألا أخبركم به ؟ قالوا : بلى ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستكون فتن وأمور فعليكم بالأمين وحزبه " فقلت : يا رسول الله من الأمين ؟ قال : " عثمان بن عفان " ، فلما سمع الناس من أبي هريرة – رضي الله عنه – هذا القول ضجوا ، وقالوا : قد جاءتنا البصائر فهلم إلى السيوف نقاتل عن عثمان ، فقال عثمان - رضي الله عنه - : من كان في عنقه حق لي فليغمد سيفه وليرجع إلى داره ، لم يأذن عثمان – رضي الله عنه – لأحد أن يقاتل دفاعاً عنه ، فالصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا على استعداد تام للدفاع عن عثمان – رضي الله عنه – ولقتال هؤلاء المجرمين الذين جاءوا في موسم الحج والمدينة تكاد تكون خالية إلا من نفر من الصحابة – رضوان الله عليهم – وهؤلاء النفر من الصحابة كانوا أكثر من سبعمائة ، وكانوا في قدرتهم الدفاع عن عثمان – رضي الله عنه – ورد المعتدين ، ولكن عثمان – رضي الله عنه – أبى وأراد أن يفدي المسلمين جميعاً بدمه وآثر أن يُقتل هو لا أن يُقتل عدد كبير من المسلمين دفاعاً عنه .
يقول كسير بن الصلت - رضي الله عنه - : دخلت على عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فقلت له اخرج إلى فناء الدار يراك الناس فإن رأوا وجهك كفوا ، فضحك وقال : كلا إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يقول تفطر عندنا الليلة .
وقال عبد الله بن سلام – رضي الله عنه - : دخلت على عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فإذا عنده خوخة ( يعني فتحة في داره ) ، فقال لي : يا عبد الله بن سلام ، إني أغفيت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة ، فقال لي : يا عثمان حبسوك ؟ قلت : نعم ، قال : عطشوك ؟ قال : نعم ، قال : فأدلى لي بدلو فشربت منه حتى إني لأجد برد الماء بين ثديي وكتفي ، وقال : يا عثمان إن شئت نصرت ، وإن شئت أفطرت عندنا الليلة . فإني مقتول اليوم يا عبد الله ، وإني مفطر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حديث صحيح صححه الألباني كما صحح ما بعده من حديث نائلة بنت الفرافصة ( وهي زوجة عثمان – رضي الله عنه - ) تقول : كان عثمان – رضي الله عنه – صائماً فلما حانت المغرب نادى الناس أن يأتوه بشيء من الماء وهو محاصر فأبوا أن يأتوه بشيء من الماء ، على الرغم من أن عثمان – رضي الله عنه – هو الذي اشترى بئر رومة ( البئر المشهورة في المدينة ) واشتراها من اليهودي وسبلها للمسلمين ( سبلها : أي جعلها سبيلاً مجاناً لوجه الله يشرب منها المسلمون ) ، ولكن المنافقين حرموه من الشرب منها ، فأبوا وقالوا دونك الركي ( يعني المكان الذي يُلقى فيه النتن ) ، يعني كل من صفيحة القمامة ، كل من مكان القمامة واشرب ( يسخرون من عثمان – رضي الله عنه - ) ، تقول نائلة : فلما كنا عند الفجر قالت : رأيت أحد الجيران على أحجار فسألته كوزاً من الماء العذب فأعطاني كوزاً من الماء العذب فذهبت به إلى عثمان – رضي الله عنه – فنظر إلى السماء فقال : حانت الفجر وإني صائم ، قالت : كيف وأنت لم تأخذ طعاماً ولا شراباً ، قال : بلى إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة ( يقصد أنه رآه حين أغفى في منامه ) فقال لي : يا عثمان حبسوك ؟ قلت : نعم ، قال : عطشوك ؟ قال : نعم ، قال : فأدلى لي بدلو فشربت منه حتى رَوَيتُ أو رُوِيتُ ، ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إزدد ( يعني إشرب كذلك ) ، قال : فشربت حتى نهلت ( يعني حتى وجدت الري يسري في جسدي ) فإني صائم ، وإني مفطر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شئت نصرت وإن شئت أفطرت عندنا ، فاختار عثمان – رضي الله عنه – أن يفطر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقد انطلق هؤلاء الناس ( وهم لا شك من المنافقين ) وقولنا لا شك من المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم بذلك سمى أولئك الثوار ، وتلك أول ثورة في الإسلام ، خرج الناس من مصر يريدون قتل عثمان – رضي الله عنه – أزهم الشيطان وألبتهم اليهود كشأن جميع الثورات في العالم يؤز إليها اليهود ويدعوا إليها اليهود ، خرج المصريون وقد أزهم عبد الله بين سبأ اليهودي الذي ادعى الإسلام ظاهراً . أز المصريين وحرك أفئدتهم بأن عثمان – رضي الله عنه – قد ترك دين الله عز وجل وقد حرف فيه وقد خان الأمانة ، وكله كذب على عثمان – رضي الله عنه - ، فخرج أولئك الحمقى المنافقون وانطلقوا بقدهم وقديدهم ، وذهبوا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصروا خليفة رسول الله أمير المؤمنين عثمان – رضي الله عنه – حاصروه ، تلك أول ثورة في الإسلام ، وهي ثورة أتت بفتن كثيرة جداً فإن مقتل عثمان – رضي الله عنه – كان مصيبة عظمى وفتنة كبرى وخرج من بعد ذلك طوائف الفرق المبتدعة الضالة إذ خرج الخوارج وخرجت الشيعة وانقسم المسلمون ووقع بينهم السيف وإذا وقع السيف فإنه لن يرفع إلى يوم القيامة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهلاء المجرمون الذين حاصروا عثمان – رضي الله عنه – لم يرقبوا فيه إلاً ولا ذمة إذ منعوا عنه الطعام والشراب بل منعوه من الخروج للصلاة في المسجد الذي اشترى أرضه من ماله والذي وسعه باجتهاده – رضي الله عنه – منعوه من الخروج إلى الصلاة واغتصبوا هم الإمامة ، وكانوا يصلون هم بالمسلمين ولا صلاة لهم لأنهم منافقون كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عثمان – رضي الله عنه – عزم على الصحابة – رضوان الله عليهم – ألا يرفع أحدهم سيفاً ليقاتل دونه ، وقال للناس : من كان لي حق عليه فليغمد سيفه فإنه من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ، وفتح الباب – رضي الله عنه – وشد عليه السراويل ، وما كان عثمان – رضي الله عنه – يلبس السراويل أبداً ، ولكنه شد السراويل في هذا اليوم تحسباً حتى لا تنكشف عورته إذا قتله الناس ( وهو موقن أنه مقتول ) ثم نشر المصحف بين يديه وأخذ يقرأ من المصحف ودخل عليه المجرمون وقتله كنانة بن بشر ، وقتله عبد الرحمن بن عديس البلوي ، أما الذي تولى قتله فعلاً وخنقه أولاً فهو جبلة ابن الأيهم ، وكان فرحأً بذلك مسروراً ، فكان ينطلق في المدينة يقول : أنا قلت نعثل أنا قتلت نعثلاً ( وهذا اللقب نعثل لقباً يطلقونه سخرية من عثمان – رضي الله عنه – ) وهو اللقب المعتمد الآن عند الشيعة فإن الشيعة لا يسمون عثمان إلا نعثلا . دخلوا فقتلوه – رضي الله عنه – .
أما أن يتهم أحد كما يفعل بعض المؤرخين ممن لا خلاق لهم ، أما أن يتهم أحد الصحابة – رضوان الله تبارك وتعالى عليهم – بالتقصير في هذا ؛ فهذا خطأ لأن الصحابة – رضوان الله عليهم يؤمنون بأنه لابد من طاعة ولي الأمر إذا أمرهم بأمر ، وقد أمرهم عثمان – رضي الله عنه – أن يغمدوا سيوفهم وأن يلزموا منازلهم فلم يتحركوا للقتال إلا نفر منهم التزموا بحراسة الدار منهم عبد الله بن الزبير الذي التزم حراسة باب الدار الخارجي ولذا لم يستطع أولئك المنافقون الخوارج الدخول من الباب الخارجي وإنما دخلوا من البيوت المجاورة لعثمان – رضي الله عنه - ، وقد حمل الناس الجرحى ومن هؤلاء الجرحى الحسن – رضي الله عنه – وعبد الله بن الزبير – رضي الله عنه – وأبو هريرة –رضي الله عنه – ومروان بن الحكم – رحمه الله – هؤلاء حملوهم جرحى قتالاً ودفاعاً عن بيت عثمان – رضي الله عنه - .
دخل المجرمون فضربوا عثمان وخنقوه وارادوا قطع رأسه فمنعتهم النساء ، وضرب أحدهم نائلة زوجة عثمان – رضي الله عنهما – فقطع أناملها ثم ضربها على مؤخرتها ( على عجيزتها ) وسرقوا ما يوجد في الدار ، وتصدى أحد الغلمان ( يعني العبيد ) لمن قتل عثمان – رضي الله عنه - فقتلوه ، ولم يستطع الصحابة – رضوان الله تبارك وتعالى عليهم دفن عثمان مباشرة وإنما دفنوه بين المغرب والعشاء في حش كوكب ( يعني قريباً من البقيع ) رضي الله عن عثمان ورحمه الله .
كانت تلك هي أول ثورة في الإسلام وأول خروج في الإسلام ، وهذه الثورة وذلك الخروج كان على الإمام الشهيد الثاني في الإسلام فإن الإمام الشهيد الأول في الإسلام هو عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - ، وأما الإمام الشهيد الثاني في الإسلام فهو عثمان بن عفان – رضي الله عنه - ، وأما الإمام الشهيد الثالث فهو علي – رضي الله عنه - ، ولا يوجد بعد ذلك من يسمى بالإمام الشهيد ، لا من الصحابة – رضوان الله عليهم ولا من غيرهم ، فإن قلت : والحسين ؟ قلت لك : الحسين شهيد وليس بإمام ، فإن قلت : والحسن ؟ قلت : الحسن إمام وليس بشهيد لأنه لم يُقتل . فلا يوجد يستحق أن يسمى الإمام الشهيد إلا هؤلاء الثلاثة : عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وعثمان بن عفان – رضي الله عنه – وعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه - ، ويحرم بعد ذلك على أي مسلم أن يقول عن أي شخص كائناً من كان يحرم أن يقول : الإمام الشهيد فلان ، حرام عليك ، حرام عليك أن تقول : الإمام الشهيد فلان إلا على هؤلاء الثلاثة الذين ذكرنا ، ولذا في البخاري باب لا يقال فلان شهيد لأنه لا يسمى شهيداً إلا من سماه الله عز وجل أو من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كانت فتنة عظيمة تلك الفتنة التي نتج عنها قتل عثمان – رضي الله عنه – سببت فتناً بعد ذلك ، وتوقف الجهاد من ساعتها خمس سنوات كاملة هي مدة ولاية علي – رضي الله عنه – ومدة ولاية الحسن بعده – رضي الله عنه – توقف الجهاد جهاد الأعداء ، وانتشرت الفتن والمعارك بين أطياف المسلمين ، ووقع السيف بينهم كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فرحم الله الإمام الشهيد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ورضي عنه وسلام عليه في الأولين والآخرين ونسأل الله عز وجل أن يحشرنا معه ومع الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم بله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .


الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
كانت تلك أول ثورة في الإسلام . الثورة على عثمان – رضي الله عنه – ونتج عنها من الشر الكثير الذي لا يزال المسلمون إلى يومنا هذا يعانون من نتائجه الوخيمة .
وأما الثورة الثانية في الإسلام فكانت بتأويل من الحسين – رضي الله عنه – الذي مات شهيداً سعيداً ، وكان خروجه لم يكن في خروجه مصلحة قط ، بل أدى ذلك إلى مضرة كثيرة وكبيرة جداً أولها مقتله هو – رضي الله عنه وأرضاه - .
وما من ثورة حدثت في تاريخ الإسلام ، ولا ثورة حدثت في غير تاريخ الإسلام ( يعني عند غير المسلمين ) إلا وأدت إلى الشر الكثير والأمر الفظيع .
ولذا فإننا ننصح إخواننا في الجزائر الذن نشروا أنهم سيبدأون الثورة غداً ، ننصح إخواننا بأن يتعقلوا وأن ينظروا في مصائر من سبق ، وأن ينظروا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يحرم الخروج على الحكام وإن ظلموا وإن جاروا وإن نهبوا الأموال وإن آثروا أنفسهم بالخيرات وآثروا أتباعهم بالخيرات ووالوا أعداء الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ينصح المسلمين بالصبر على هذه المضار وعلى تلك المصائب لأن عدم الصبر يعني الثورة ، والثورة ستؤدي إلى شر أعظم من الشر الموجود .
فلذا النبي صلى الله عليه وسلم حرم الخروج بجميع صوره سواء كان مظاهرات أو كان اعتصامات مدنية أو كان إضرابات أو كان جهراً بالأقوال لولاة الأمور وإنما أراد منا النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من ثمانية عشر حديثاً صحيحاً في البخاري ومسلم أن نلزم الصبر وأن نرجوا الله عز وجل وأن نثبت على ديننا وألا ننزع يداً من طاعة وألا نفارق الجماعة قيد شبر ، والجماعة هم حاكم المسلمين وجماعة المسلمين أجمعين طالما كان هذا الحاكم مسلماً ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بالخروج ( يعني بالثـورة ) لم يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج أبداً إلا بشرط واحد أساسي حدده هو " إلا أن تروا كفراً بواحاً لديكم فيه من الله برهان " هذا هو الشرط الوحيد الذي شرطه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تروا كفراً بواحاً لا يختلف فيه اثنان أن تروا كفراً بواحاً واضحاً كوضوح الشمس أن يكون الحاكم ينكر معلوماً من الدين بالضرورة ويجهر بذلك ولا موانع عنده من جهل أو سكر أو إكراه أو غيره ، فإن ظهر الكفر البواح فعندئذ يجوز الخروج وحدد العلماء باتفاق أنه لابد أن يُضم شرط آخر متضمناً في الكتاب والسنة وهو شرط القدرة على إزاحة الحاكم من غير مضرة تستتبع ذلك لأن الله عز وجل أمرنا أن لا تلقي بأيدينا إلى التهلكة ولأن الله عز وجل أمرنا فقال : ** وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ** [ النساء:29 ] ، ولأن الله عز وجل أمرنا بصيانة دماء المسلمين ، ولأنه لزوال الدنيا أهون من قتل امرئ مسلم فزاد العلماء شرطاً ثانياً أساسياً وهو أنه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا بظهور الكفر البواح ( يزيد على ذلك ) وجود القدرة الكافية على إزاحته واستبداله بغيره من دون مضرة تستتبع ذلك .
فلينظر إخواننا في الجزائر إلى ما حدث في البلاد الأخرى ولا يغتروا بأن طاغية ليبيا قد زال فإنه زال وسقط معه ثلاثون ألف رجل وجرح خمسون ألف رجل وذهبت المليارات أدراج الرياح ، وهم الآن ( الناتو ) يربض على أرضهم نسأل الله عز وجل أن يزيحه عن أراضيهم ، وهم الآن يعانون من نتائج ما حدث سائلين الله عز وجل أن يتوب عليهم أجمعين وسائلين الله أن يهدي جميع الليبيين إلى أن يعترفوا الآن أجمعين سراً وجهراً بأن المجلس الانتقالي هو ولي أمرهم الشرعي الذي في أعناقهم بيعة له هذا لأن هذا ما كان من فعل الصحابة – رضوان الله عليهم – فإن الصحابة وعلى رأسهم عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – كان ينكر خروج عبد الملك بن مروان وينكر خروج مروان على عبد الله بن الزبير ، ولكن لما تمكن عبد الملك بن مروان وقويت شوكته اتجه عبد الله بن عمر إلى نصح عبد الله بن الزبير الخليفة الأساسي للمسلمين ؛ اتجه إلى نصحه بأن يتخلى عن الخلافة وأن يتركها فلما لم يطع كلام عبد الله بن عمر كان ما كان وحوصرت مكة وضربها الحجاج بن يوسف الثقفي بالمنجانيق وصلب عبد الله بن الزبير وكانت الدماء ، فلما تمكن عبد الملك بن مروان أمر عبد الله بن عمر أولاده ونصح جميع المسلمين أن يذهبوا إلى بيعته وذهب وبايع فإن القاعدة المشهورة في الإسلام : نحن مع من غلب ( يعني من تولى الحكم فإن الشعب كله لابد أن يبايعه ) من تولى الحكم ممكناً قوياً حقناً للدماء ومنعاً للمخاطر ومنعأً للمصائب ومنعاً لتردي الأحوال فإننا إذ ننصح جميع الليبيين في الداخل والخارج بأن يعترفوا بهذا المجلس ولياً شرعياً للبلاد .
ولكننا ننصح إخواننا في الجزائر أن ينظروا إلى ما حدث في ليبيا ويحدث في اليمن ويحدث في سوريا وحدث في مصر ويحدث في غير ذلك أن الثورات لا تأتي بخير وأن الخروج محرم في الدين وأن لا يأتي إلا بالشرور وأنه لا يغرنكم قول الشيخ فلان ولا الشيخ علان فإن هؤلاء المشايخ كانوا يحرمون شيئاً فلما رأوا نتائج دنيوية زائلة انطلقوا يحلون ما كانوا يحرمونه وهم الآن متورطون فإن المشايخ الآن في مصر قد تورطوا في تشكيل الأحزاب ووضعوا في تلك الأحزاب نصارى ووضعوا في تلك الأحزاب النساء ، وهم الآن يجيزون أن تكون النساء على قوائم الترشيح وأن يكون النصارى على قوائم الترشيح ، ويقولون : كنا ممتنعين عن خوض الانتخابات من قبل ذلك لأنها كانت تذور ، وما دروا أن قولهم هذا يدينهم إدانة شديدة فإنهم يقولون : كنا لا نشارك في الانتخابات من قبل لأنها كانت تزور ( يعني : كنا نعترف بالديموقراطية ، وكنا نعترف بالمنافسة الحزبية ، وكنا نعترف بالبرلمانات ، ولكننا كان نخاف من التزوير ) إذا هم يقرون بالأشياء التي اتفق الناس من عقلاء المسلمين على أنها ليست من الإسلام في شيء .
فيا إخوتنا في الجزائر : التعقل التعقل والصبر الصبر فإنه بالصبر الله عز وجل يفتح خزائنه للناس ويزيل ما بهم من شر ، والرجوع إلى الله عز وجل أعظم شيء والله عز وجل بيده مقاليد الأمور فإن تبنا إليه ورجعنا إليه أصلح أحوالنا وغير ما علينا من حكام ظلمة إن كانوا ظلمة ومن اشياء ننكرها فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ، وقال : " تكون اثرة وأشيءا تنكرونها ، أدوا الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم ، ولا تنزعوا يداً من طاعة " هذا من مجمل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله عز وجل أن يصون بلاد المسلمين وأن يحفظ دماء المسلمين وأن يرجع المسلمين إلى دينهم وإلى صحيح سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، أن يردهم إلى ذلك رداً كريماً رفيقاً إنه ولي ذلك والقادر عليه .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين ، واشف مرضانا وارحم موتانا ووحد كلمتنا وأعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وارفع برحمتك رايتي الحق والدين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الملفات المرفقة
مهلاً أهل الجزائر_16_09_2011.doc (79.0

عبد الغني رضا
16-11-2011, 10:19 PM
جزاكم الله خيرا اخي الحبيب احمد سالم جزى الله شيخنا الفاضل عنا خيرا
اخي اليزيد عبد الملك صاحب مكتبة الأجري يبلغكم السلام

أبوسند
11-02-2013, 02:50 AM
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خير أخي الحبيب أحمد سالم وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
أسأل الله أن ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان
والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى

أحمد سالم ,
11-02-2013, 06:39 AM
جزاكم الله خيرا اخي الحبيب احمد سالم جزى الله شيخنا الفاضل عنا خيرا
اخي اليزيد عبد الملك صاحب مكتبة الأجري يبلغكم السلام

اللهم آمين

عليك و عليه سلام

جزاك الله خير الجزاء اخي في الله رضا

أحمد سالم ,
11-02-2013, 06:40 AM
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خير أخي الحبيب أحمد سالم وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
أسأل الله أن ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان
والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى






اللهم آمين

الامير حمزة
15-02-2013, 12:48 PM
اين التعريف بصاحب الخطبة