المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للذين أحسنوا الحسنى


الطاهرة المقدامة
09-10-2011, 10:31 AM
للذين أحسنوا الحسنى







حُسن القبول

حسن القبول وما من شيء أرجى من أن يقبلك الله قبولاً حسناً وكل الأنبياء يطلبون هذا
(ربنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم)
(فتقبل مني)
كل طموحاتنا أن يتقبل الله أعمالنا.
والله تعالى يتقبل ويقبل القمة أن يكون القبول حسناً.
فنحن أمام ثلاث كلمات
قبول، تقبُّل، حسن.
القبول الأخذ كل ملك إذا قدم له أحد وزرائه مشروعاً يأخذه هذا قبول فالقبول هو الأخذ الي يقتضي أو يوجب ثواباً أحدهم قدم خدمة للملك فأخذها الملك وأعطاه جزاءها،
هذا القبول قد يترقى حتى يكون الثواب مضاعفاً يصير تقبل، يعطي عشرة.
القبول أن يصلي أحدهم ثم منعه مانع فهذه حسنة واحدة هذا قبول
والتقبل واحد توضأ وذهب المسجد وصلى هذا تقبل، أحدهم أعطى قرضاً حسناً بدون فائدة هذا 18 ضعف، واحد صلى في الصحراء هذا 50 ضعف، واحد استغفر للمؤمنين والمؤمنات هذا ضعف25، واحد أنفق نفقة في الحرب هذه بسبعمائة ضعف، هذا تقبل
أما القبول فواحد بواحد أما التقبل يترقى كل يوم لك جوائز أعلى وتتزايد المضاعفات، الحسن هذا الذي يكون جزاؤه لا يدركه عقلك، هذا الملك قُدم له مشروع خيالي يحبه الملك من زمان ويحب أن يحصل عليه فإذا بأحد وزرائه يقدمه له متكاملاً بلا نقص وهذا الملك غناه بلا حدود وسخاؤه بغير حدود فماذا يمكن أن يغدق على هذا الوزير من خير؟
سيعطيه شيئاً نفيساً لم يخطر ببال أحد.
(فتقبلها ربها بقبول حسن)
كان المفروض على النسق اللغوي أن يقول تقبلاً حسناً، التقبل ترقي وتكلف.
أنت تدخل إلى بيتك دخولاً أما الضيف فهو تدخل تدخلاً بكلف وجعوة والبيت في خدمته ووجبات عشاء فاخرة هذا تدخل وليس دخولاً فإذا كان الدخول سهلاً يقال دخول.
من أجل هذا كأن السيدة مريم عندما تقبلها ربها بالترقي بالقبول قال قبولاً كأنها هي من أهل البيت كأن ما أعطاها الله تعالى إياه هو عادي لأن مثل مريم يستحق ذلك بحيث أن الله تعالى لم يقبل أنثى من آدم إلى أن تقوم الساعة كما قبل مريم كأنها كانت تستحق هذا ولهذا كان قبولاً وليس تقبلاً.
(فتقبلها ربها بقبول حسن)
قبلها أي أخذها بشكل يوجب الثواب، تقبلها ترقي في القبول بما يوجب مضاعفة الثواب أضعافاً عديدة فإذا كان حسناً هذا الحسن يعني أن هذا التقبل من رب العالمين سيوجب لك شيئاً لا يدركه عقل بدليل ما هو وجه الحسن في تقبل مريم؟
طفلة كفّلها ربها زكريا وأول أنثى توهب للمحراب هي مريم وما تقبل أنثى غيرها.
كما أن الله تعالى قبل مريم قبولاً حسناً ما هو وجه القبول الحسن؟
أولاً كان يأتيها رزقها من الجنة
(كلما دخل عليها زكريا المحارب وجد عندها رزقاً أنى لك هذا قالت هو من عند الله)
حُسن القبول أولاً يأتيها رزقها من الجنة وثانياً حملت من غير زوج جاءها جبريل ونفخ فيها فحملت حملاً عجيباً،
ثالثاً بدقائق معدودة وضعت هذا الحمل بشكل لا يمكن إدرامه بالعقل المجرد ثم تكلم الطفل
(إنما أنا عبد الله)
ثم أرسله رسولاً وما حدث لمريم وعيسى u ذلك الإعجاز والنور والبهاء والجمال الذي لا يفعله إلا رب ولا تستحقه إلا مريم وحينئذ هذا القبول الحسن نتج عنه من الخير والعطاء ما لا يمكن لبشر من بني آدم أن يتخيل واحداً من جزئياته.
إذن ينبغي على كل واحد من عباد الله ينبغي عليه أن يسعى أن يتقبل الله منه عملاً واحداً.
أبناء آدم لما قتل أحدهما الآخر قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر،
(إنما يتقبل الله من المتقين)
فإذا أردت أن يتقبل الله منك عملاً فاعمل هذا العمل بتقوى.
حينئذ إذا أردت أن يتقبل الله منك عملاً قبولاً حسناً وسوف يغدق عليك من الخير،
في رمضان يقول r عملان موجبان أحدهما يوجب الجنة وهو لا إله إلا الله
وعمل يوجب النار وهو الشرك وعملان بمثلهما من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له واحدة ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه شيئاً وعمل بعشرة الحسنة بعشر أمثالها، وعمل بثمانية عشر القرض الحسن وعمل بخمس وعشرين الدعاء للمؤمنين والصلاة في المسجد وعمل بسبعمائة إسناد الجيش المقاتل في سبيل الله عندما تتعرض بلادك لغزو هذا كلها قبول وتقبل والعمل الذي لا يعرف ثوابه هو الصوم
" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"
فإذا أحسنت الصوم من حيث شروط تقواه وكماله من حيث عدم الغيبة وعدم القطيعة والبر فالله تعالى سيتقبل هذا الصوم قبولاً حسناً لأن جزاءه لا يدركه عقل
" إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"
إن الصيام إذا أحسن الصيام شروطه وهي عدم الغيبة وأن لا يكون له مشاحن ولا هاجِر وليس قاطع رحم ولا عاق والديه هذا الرمضان يتقبله الله قبولاً حسناً بحيث لا يعلم جزاءه إلا الله وليس في وسع عقل بشري أن يدرك ماذا سوف يعطيك رب العالمين من مضاعفات، هذه فرصة أن لك عمل نقرأ بعض الأحاديث التي تتحدث عن أعمال يضاعف فيها الثواب .
عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنه
"أن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات فمن هم بحسنة فلم يعملها كتب الله له عنده حسنة كاملة ومن إن عملها كتبت عشرة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة وإلى ما شاء الله أن يضاعف"
يعني السبعمائة ليست هي النهاية وإنما هناك مضاعفات لا يعلمها إلا الله عز وجل.
عن عثمان النهدي قال أتيت أبا هريرة فقلت إنه بلغني أنك تقول أن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة قال و أعجبك من ذلك والله لقد سمعت النبي r يقول:
"إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة"
أي مليونان وعندنا حديث صحيح عن دعاء السوق
"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير"
كتب له ألف ألف حسنة وتمحى عنه ألف ألف سيئة.
قال تعالى
(ووصينا الإنسان بوالديه حسناً حملته كرهاً رب أوزعني أن أشكر نعمتك وإني من المسليمن)
يقول تعالى بعدها
(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون)
وعد صادق من رب العالمين أنه سيقبل هذا الدعاء بشكل يغفر كل ذنوبك سيئاتك ويعطيك من الحسنات ما لا تدركه فهذا الدعاء وحده من القبول الحسن لا يمكن لعقلك أن يدرك جزاءه.
كما قلنا دعاء السوق والصيام والملوك لهم مزاجهم ولهم أفكارهم لا يحاسبون ولرب العالمين لا يسأل عما يفعل والله تعالى يحب العمل الصغير، إمرأة بغي سقت كلباً يلهث هذه العملية أحبها الله تعالى وجعلها من القبول الحسن،
البر بالوالدين من القبول الحسن،
الآية تتكلم عن بر الوالدين وبر الأبوين بالأبناء أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا، أحسن ما عملوا القبول الحسن. يقول r:
" من أنفق نفقة في سبيل الله تضاعف سبعمائة ضعف"
عن سهل بن معاذ عن أبيه أن الصلاة والصيام هو ذكر تضاعف على النفقة في سبيل الله.
في الحرب تضاعف النفقة في الجهد العسكري سبعمائة ضعف وهناك نوع صلاة ونوع ذكر تضاعف على هذه النفقة بسبعمائة ضعف، صلاة خاشعة
(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)
أو ذكرت الله بساعة معينة بقلب خاشع فدمعت دمعتين هناك بعض الأعمال كهذه هذه تضاعف على نفقة الحرب بسبعمائة ضعف آخر, إذن المؤمن في كل أحواله طموحه أن يتقبل الله منه والتقبل هو المضاعفة وهو الترقي في المضاعفة، إذا وصل بك الأمر إلى أن وفقك الله عز وجل إلى حسن القبول، قبل منك عملاً
كظم غيظ، إغاثة لهفان، عفو عن مسيء،
فهذه من القبول الحسن وجزاؤها غير معروف.
إن كثيراً من أعمالنا التي ينبغي أن تكون تقياً
(إنما يتقبل الله من المتقين)
أولاً الإخلاص، كلمة التقوى
لا إله إلا الله
لا يقبل عمل بدونها، والعمل بدون إخلاص لا يتقبل أن لا تشرك مع الله أحداً بأي طريقة من الطرق، أحد ابني آدم كان يعمل في سبيل الله وخاف الله واتقاه في ذلك وخضع لقدر الله عز وجل فقبل الله تعالى عمله وكما قال تعالى
(فتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
والتقوى هي الأساس
(إنما يتقبل الله من المتقين)
أن تتقي الرياء، الشرك، الخطام، الهجر، أن تتقي حب السمعة وهكذا إذا اتقيت كل ذلك فإذا صرت تقياً بموازين الله عز وجل تقبل الله منك كل عملك وإذا قبل الله منك عملاً واحداً قبولاً حسناً فقد فزت فوزاً عظيماً.
كلنا وخاصة أصحاب الشأن مثل مسؤول عظيم لا بد أنه قام بعمل ما في يوم من الأيام فرج به عن أحد أو غير به التاريخ أو تغلب على غضبه حتى خضع لله وحقق العدل فيه وكذلك أعمالك أنت تأتي بأعمال لا حصر ربما بعمل بسيط، واحد بدمعة وآخر بسقيا كلب وآخر بإطعام ضيفه وحرم عياله وآخر حمل والده على رأسه، وآخر تذلل لمن خاصمه واعتذر منه في سبيل الله،
اختر لك عبادة موجعة صعبة على النفس،
فيها إذلال وذل نفسك يوماً واحداً في سبيل الله إرضاء لله لزادك الله عزاً في الجنة لا يبلغه إلا الأنبياء
(فتقبلها ربها بقبول حسن)
وكلنا نعرف ما هذا العطاء لمريم ولابن مريم شغل الدنيا،
(يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)
الأنثى الوحيدة في الكون لم يتقبل الله أنثى كما تقبل مريم ولا نعلم لماذا والله تعالى يختار لكل واحد منا عملاً وكل نبي شهره بعمل من أعماله العظيمة فإياك أن تيأس من رحمة الله
فما دمت متوجهاً للقبلة وما دمت مخلصاً لله أنك تخشاه وتحبه فلا بد أن تعمل عملاً في يوم من الأيام أنت تعمل عملاً تأتي به على نفسك تغلبها وتذلها وعندها سوف يتقبلك الله قبولاً حسناً
وإذا تقبلك قبولاً حسناً ليس لك مكان إلا بجانب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
أللهم إجعلنا من الذين تقبل أعمالهم بقبول حسن.

الكبيسي