المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطورة التشخيص الخاطئ ... هكذا يقولون ، أرجو التوجيه ؟؟؟


دايم السيف
26-12-2005, 09:13 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

في الحقيقة لي إستفسار بسيط..

<< يا كثرها إستفساراتي :p

هل يحدث خطأ في تشخيص حالات العين والمس والسحر..

كأن يظن الراقي أن مريضه مسحور وهو ليس كذلك إذ يكون مصاب بعين مثلا..

وإن حصل الخطأ هل له سلبيات..

عاد تدرون ليش جا هالسؤال (اللي يذكرك بالثانوية العامه) :D
في بالي... مره من المرات كنت أتصفح أحد المواقع المهتمة بالرقية ولقيت أحد المواضيع يتكلم عن
مسألة التشخيص الخاطئ في الرقية ووصفه بالعمل الخطير!! :confused:

*&الزاوية القائمة&*
26-12-2005, 11:06 AM
في اعتقادي أن خطورة التشخيص الخاطيء تكمن في إيهام المريض بما ليس فيه ، و قد يترتب على أثرها مشكلات أسرية واجتماعية لاسيما إذا تم تحديد أشخاص أو وصفهم بالمتسببين في المرض (وخاصة في السحر ) ، و هذا يدخل ضمن الظن السيء وبعض الظن إثم .

وأمور أخرى لا يسعني ذكرها الآن ...

و الصواب أن لا يتعرض الراقي للتشخيص بصورة قطعية ، ويمكن أن يضمنه في حديثه ، و ينسب العلم لله عزوجل ، و هذا هو الأسلم ، والسلامة لايعدلها شيء .

دايم السيف
26-12-2005, 12:00 PM
جزاك الله خير.. أختي

بس زيادة على ما ذكرتي واسمحي لي اتفلسف شوي..
أن بعض الناس ينكب على مواضيع التشخيص وأعراض بصورة ملفته
( مثلي يعني.. وأبو البراء فاهمني أكيد ;) ) أقول قد أنه ينشغل بالتشخيص ومعرفة مابه عن العلاج نفسه...
والا أنا غلطان.... أو بعضهم حتى هواية من يوم ما تجيه مشاكل في حياته
يالله على طووووول يدور ويشخص نفسه ويقول يمكن إني محسود والا مسحور وخذ يا أواهم

وهذا بصراحة تلاحظه عند مراكز العلاج بالقرآن أعداد ضخمة جدا ... معقولة أن كل هؤلاء الناس الي نشوفهم محسودين , مسوسين , ومسحورين ... ولعلنا نناقش موضوع الزحمة على بيبان مراكز العلاج بالقرآن في وقت ثاني..

*&الزاوية القائمة&*
26-12-2005, 08:31 PM
من موضوع قديم سابق ، أود أن أعلق على هذا الموضوع /http://www.roqia-info.com/showthread.php?t=5809

نعلم أن الناس تختلف أجناسهم من حيث العلم والجهل والصدق والكذب وحتى من ناحية القابلية للإيحاء والوسوسة وتوهم وتخيل الأمور ، فهناك من يستسلم ويرضخ لها ، وهناك من ينبري بإسقاط المنطق وميزان العقل (الواعي وليس اللاواعي ) على هذه الأمور فيزنها بميزان ما يحمل من مفاهيم ومعتقدات ، أو قد يلجأ إلى أهل الاختصاص كما نفعل الآن ليتبين له حقيقة هذه الإيحاءات – إن صح المسمى _

وهذا أمر يقع كثيراً ، ونسمعه ونراه في واقع العلاج بالرقية الشرعية

وسأضرب أمثلة ، ولن أتحيّز إلى رأي ، فالأحوال والأعراض والأسباب والشخصيات تتباين وتختلف .

# قد تكون هناك حالات ، وتحت تأثير ظروف معينة ، تتأثر بما تقرأ وتسمع وترى من أمور الأمراض الروحية ، وأكثر هذه الشخصيات مصابة بشيء من الفراغ الروحي وضعف الوازع الديني أحياناً أو الفراغ العاطفي ، فتسقط بعض الأعراض والمواقف إلى الأمور الغيبية من سحر ومس وعين

ومجتمعاتنا العربية مليئة بمثل هذه النماذج ، نتيجة الجهل وتدني مستوى الثقافة ، وضعف الوازع الديني ، وهوس التقليد الأعمى للغرب ، وحالة الضعف العام الذي يشل الأمة جمعاء ، ولا أظن الحروب والمآسي التي تجر أمتنا أذيال الهزيمة فيها لن تترك آثاراً نفسية على أفراد الأمة ، والإعلام الغير مخلص يساعد كثيراً على شل تفكير الأمة ، وعلى غرس مشاعر الإحباط والشعور بخيبة الأمل .

وكتب التاريخ والأدب تخبرنا أنه في عصر من العصور الإسلامية ، وبالتحديد بعد سقوط الدولة الأموية ، وسقوط الدولة العباسية ، ظهر التعلق بالأمور الغيبية وبالمنجمين وبالسحرة والكهنة والعرافين ، وأصبح الكل يتطلع إلى معرفة ما يخبئ المستقبل ، وما يحمل في طياته ، نتيجة الواقع المليء بالخوف والفقر وضياع ذات السيادة المسلمة ، والله ضيّعنا لما أضعناهُ .

ولو نظرنا إلى الأمر من ( زاوية قائمة ) أخرى :

كثير من المصابين حقيقة بالأمراض الروحية ، وخصوصاً الحالات المصابة بالمس الذي لاينطق على لسان المريض المصروع ، تكون عرضة للخضوع إلى الكثير الكثير من التكهنات والتخرصات التي لاتنتهي ، وقد تُنسب مسببات الأعراض الظاهرة على المريض إلى ماذكرته من واقع الأمة ، والحساسية المفرطة ، والإيحاء الذاتي ، والمفاهيم المترسبة منذ الطفولة ........ إلخ
وخصوصاً أنه لايمكن لأحد من الرقاة المخلصين والعلماء الراسخين أن يجزم بأمر غيبي غير محسوس ولكن القرائن المصاحبة للمرض ومايغلب على الظن هو مايمكن قوله وبناءً عليه يكون العلاج .


والكثير من علماء النفس الإنسانية ، ينسبون تأثر المريض (بهذا النوع من المس ، إن صح تعبيري ) ، وظهور أعراض هذا التأثر بالرقية الشرعية ، إلى الإيحاء الذاتي ، ودوافع من العقل اللاواعي ، نتيجة الحاجة إلى الإهتمام ، والرعاية [ وقد يقع في فخ هذا الرأي المصابات من النساء تحديداً بحجة أن العاطفة لدى المرأة تطغى على قراراتها وعلى نظرتها للأمور أحياناً ]

ولذلك يُقال :

* أنت وضعت في ذهنك أنك ستتأثر بالرقية الشرعية ، ولذلك تأثرت
* أنت اعتقدت أنك مصاب بمرض روحي ولذلك تظهر عليك الأعراض

ويستشهدون بحادثة الطاعون الذي أصاب خمسة آلاف _ إن كان سياق القصة كذلك_ بعضهم أُصيب فعلاً والبعض كان الوهم من سيطر عليه فتعرّض للإصابة .

ويستشهد البعض أيضاً ، بأنك لو شربت كأساً ثم أوهمك البعض بأنه مسموم ، فستموت في ظرف نصف ساعة ، وهذا هو الوهم الذي هو بمثابة القتل الأبيض.

السؤال الآن :
# هل هناك نماذج فعلاً ، تستجيب للإيحاءات ، وتظن أنها مصابة بعين أو سحر أو مس ، ومن ثم تسلك الطريق الغير مناسب في العلاج وتخضع للتأثر الإيحائي ويطول العلاج بدون فائدة وقد يزيد الطين بلة ، ونحن نعلم أن العيب ليس في الرقية ، وإنما العيب في حقيقة التشخيص ، ولا أنسى أن أشير أن الوهم مرض بحد ذاته يجب علاجه من قبل المختصين ، والتوعية الدينية لها دور لا يقل أهمية عن أي نوع من أنواع العلاج السلوكي والمعرفي للوهم ؟


# كيف نمحص النظرة ونوضح الفكرة تجاه هذه الرؤية ؟
وكيف نجنب أنفسنا خطر الإيحاءات والأوهام والخطرات والتهيؤات ؟


# المصابين بالأمراض الروحية حقيقة ً ، كيف نجنبهم اتهامات بني علمان ومنكري العلاج بالقرآن وفسقة الطب النفسي ؟ وكيف نحثهم على العلاج من دون الجزم بالتشخيص أو غرس فكرة أو مبدأ قد تحتمل الصواب والخطأ ؟؟؟؟؟

# الحالات التي تظن أنها مصابة جزماً بمرض روحي ، وأن فلاناً سحرها أو فلاناً أصابها بالعين ، وتطلق الظنون والظنون وبعض الظن إثم ، وتتقمص الأعراض وتدعي الأمراض ، كيف نتعامل معها ؟ وكيف نوجهها التوجيه الصحيح من دون تجريح أو تنقيص أو زيادة على مرض النفس مثله ومثله ومثله ؟

أبو البراء
27-12-2005, 06:00 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

الأخ الحبيب ( دايم السيف ) حفظه الله ورعاه

أما أنك قد وقفت على موضع الألم ، ولا أخفيك فقد تعرضت لهذه المسألة بالتفصيل في كتابي الموسوم :

( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقية )

تحت عنوان ( التأني في إصدار الحكم على الحالة المرضية ) حيث قلت :

وعدم التسرع في إعطاء الحكم ومسبباته عن المعاناة وطبيعتها ، إلا بعد التثبت والتأكد ودراسة الحالة دراسة علمية دقيقة ، وإعادة الأمر أثناء التشخيص وبعده لعلم الله سبحانه وتعالى ، مع ترجيح غلبة الظن في المسألة دون الجزم والقطع والتأكيد بأن الحالة تعاني من السحر أو الحسد أو العين ونحوه ، كأن يقول : ( يغلب على ضني أن الحالة تعاني من السحر مثلا ، فما أصبت فمن الله وحده ، وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ) ويجب على المعالِج مراعاة أمور هامة قبل التشخيص ، وهي على النحو التالي :

أولا : دراسة الحالة دراسة جيدة :

ابتداء من أعراض المرض وانتهاء بقدوم الحالة إليه ، وهذا ما يطلِق عليه علم الطب الحديث ( الدراسة التاريخية للحالة المرضية ) بـ ( HISTORICAL CASE SCIENCE )

ثانيا : متابعة الحالة أثناء الرقية الشرعية :

والأعراض المترتبة عن ذلك 0

ثالثا : متابعة الحالة بعد العلاج :

واستخداماته وما يترتب على ذلك من أعراض وآثار 0

يقول الدكتور قيس بن محمد مبارك أستاذ الفقه والعقيدة الإسلامية بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك فيصل بالأحساء :

( وقد ذكر الدكتور أسامة قايد تعريفـا للتشخيص بأنه : " بحث وتحقق من نوع المرض الذي يعاني منه المريض ويقوم بتشخيصه الطبيب سواء كان ممارسا عاما أم متخصصا " 0
وهذا التعريف يشير إلى أمرين :
الأمر الأول :
أن مرحلة التشخيص تقوم على البحث والتحقق من وجود المرض ، بحيث يقوم الطبيب بجمع كل ما لديه من فحوص ليتأكد من وجود المرض على ضوئها 0
فهي إذن تختلف عن مرحلة الفحص التي تقوم على البحث والتحقق من وجـود الأعراض النازلة بجسم المريض ، وفي هذا يقول الدكتور أسامة قايد : " 000 التشخيص يؤدي إلى التحقق من وجود مرض معين ، أما الفحص فقد لا يؤدي إلى نتيجة معينة ، فهو عبارة عن إثبات أو التحقق من وجود دلائل وظواهر معينة ، أما ترجمة هذه الدلائل لاستخلاص نتائج منها فهو التشخيص " ) ( نقلا عن المسؤولية الجنائية للأطباء – ص 62 ) 0

قلت : والكلام بشكل عام يؤصل قاعدة رئيسة من قواعد الطب الذي يقوم على الدراسة والبحث والتحقق ، والمعالِج طبيب من نوع خاص كما أشرت في موضع آخر عليه الاهتمام بهذا الجانب غاية الاهتمام ، وقد يكون الفرق بين الأطباء والمعالِجين بالقرآن أن الأطباء قد يتحققون أحيانا بشكل قطعي من المرض بعد الدراسة والبحث والفحوصات ، أما المعالِجون بالقرآن فيبقى عملهم وطريقة بحثهم ودراساتهم خاضعة للظن ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصلوا إلى مرحلة اليقين فيما يختص بالأمراض الروحية لأنهـا أمور غيبية تخفى عن الإنسان في كثير من تفصيلاتها وجزئياتها ، ولكن كلما اتبع المعالِج الأسلوب العلمي في طريقة علاجه والمعتمدة على البحث والدراسة العلمية الشرعية والنظرية الموضوعية المستوفية لكافة الظروف والأحداث المحيطة بالحالة المرضية كان قريبا من الواقع والمعاناة والألم 0

ثم يقول الدكتور " قيس بن محمد مبارك :

( فاعتبر كلا من الفحص والتشخيص فنا طبيا مستقلا عن الآخر من الناحية الطبية بمعنى خاص به 0
الأمر الثاني :
أن الذي يتولى عملية التشخيص يجب أن يكون طبيبا مؤهلا 0 وعليه فلا يصح أن يقدم على عمل التشخيص من لم تتحقق فيه الشروط التي تؤهله للقيام بذلك ) ( التداوي والمسؤولية الطبية – 65 – 66 ) 0

( عدم الإفصاح للمريض عن طبيعة مرضه )

وبناء عليه ، وبعد الدراسة الموضوعية العلمية الدقيقة والمستوفية لكافة الجوانب المتعلقة بالحالة المرضية ، يستطيع المعالِج أن يكون قريبا من عملية التشخيص ، والأولى ترك ذلك والابتعاد عنه ، لتعامله مع جوانب وأمور غيبية ، وهذه القضايا تعتبر ظنية لا يمكن الجزم أو القطع فيها كما أشرت آنفا ، وهي عرضة للخطأ والصواب ، فالواقع المعاصر والخبرة والتجربة العملية ، تؤكد على أولوية عدم الإفصاح للمريض عن معاناته للأسباب التالية :

أولا : الأعراض غيبية :

أن الأعراض غيبية ولا يمكن القطع أو الجزم فيها بأي حال من الأحوال ، ويكفي المعالِج أن يتحسس الداء ليستطيع أن يصف الدواء النافع الثابت في الكتاب والسنه بإذن الله سبحانه تعالى 0

ثانيا : الآثار السلبية :

أن التشخيص قد يترك آثارا جانبية سلبية على الحالة المرضية ، بحيث تؤثر على نفسيته وسلوكه وتصرفه 0

ثالثا : التخبط الحاصل :

إن التخبط الحاصل لدى بعض المعالِجين في قضايا التشخيص ، أورثت لدى المرضى مشاكل نفسية غير المعاناة الأصلية ، فعاشوا في دوامة وصراع ، لا يعلمون أيهم يصدقون 0

وبسبب غيبية تلك القضايا وعدم إمكانية الجزم أو القطع فيها ، ترى بعض المعالِجين بالكتاب والسنة يشخصون بناء على بعض المعطيات التي ظهرت أثناء وبعد الرقية الشرعية ، وتتضارب الأقوال ، فتارة تشخص الحالة بالسحر ، وتارة أخرى بالعين وهكذا ، مع أن الأولى للمعالِج الاهتمام بترسيخ الاعتقادات الصحيحة ، وتوجيه الحالة توجيها سلوكيا وتربويا ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، بحيث يربط المرضى من خلال هذه المنهجية بخالقهم ، فيتعلقون به ، ويلجأون إليه ويسألونه الشفاء والعافية 0

وأعجب كثيرا من بعض المعالِجين الذين يتسرعون في قضايـا التشخيص ، فيطلقون العبارات والكلمات دون أن يحسب لها حساب ، أو أن توزن بميزان الشريعة ، وقد يكون لتلك الكلمات وقع وتأثير على نفسية المرضى وأحاسيسهم ومشاعرهم ، وقد سمعت عن البعض ممن يشخص عن طريق الهاتف أو المشافهة ، دون الرقيـة ودون الدراسة والبحث والتقصي وهذا مطلب أساسي يحتاجه المعالِج ليكون قريبا من الحقيقة والواقع ، وإن دلت تلك التصرفات على شيء فإنما تدل على جهل أولئك ، وافترائهم وقولهم بغير علم ، ومثل هذه السلوكيات والمناهج العلاجية تؤدي لمفاسد عظيمة يترتب عليها محاذير شرعية لا يعلم مداها وضررها إلا الله 0

( قصة واقعية )

حدثني أحد الثقات أنه كان في زيارة له مع صديق لأحد المعالِجين ، وكان لهذا الصديق طفل في شهره الثاني يعاني من ضمور في الدماغ نتيجة لنقص توفر الأكسجين أثناء عملية الولادة ، وقد تم عرض الطفل على المعالِج ، يقول الأخ : وكم كانت دهشتي واستغرابي عند رؤية المعالِج لهذه الحالة حيث قال : ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 000 هذا الطفل يعاني من عين جنية ) ، فما كان مني إلا أن أوعزت لصاحبي بترك هذا الجاهل لخطورة ما يقول ، خاصة أن هذا القول مبني على احتمالين لا ثالث لهمـا الأول أنه يستعين بالجن والشياطين والاحتمال الثاني وهو الأقرب ، بأنه قول بغير علم يختص بأمور الغيب ، وما كان هذا التصرف إلا لإيهام العامة بأنه حاذق في مهنته متمرس في صنعته صاحـب نظر ثاقب ورأي سديد ، وليس أعظم من ذلك الجهل جهل آخر 0

قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( إن لكل مرض من الأمراض أعراضه الدالة عليه غالبا ، ونقول غالبا لأن هناك بعض الأعراض التي تعتبر علامة لأكثر من مرض ، لذا كان لزاما على المعالِج أن يتحقق من الحالة المرضية الماثلة أمامه ، وذلك لا يكون إلا بتوفيق الله سبحانه ، ثم بالحذاقة والخبرة والأمانة ، ولما كان المس من الجن أحد الأمراض التي يصاب بها المرء فإن أعراض هذا المرض ( المس ) تشترك مع بعض الأمراض الأخرى ، وصاحب الخبرة المتقي لله فيما يقول يعرفها غالبا إلا أنه يؤخذ على بعض من يقرأ التخبط في الحكم على الحالة الماثلة أمامهم ، فأحدهم يشخصها ويقول : أنت معك مس من الجن ، وآخر يقول له : معك سحر ، وآخر يقول له : معك عين وهكذا 0
والواجب على من يقرأ أن يتقي الله ويتذكر قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) ( سورة الإسراء - الآية 36 ) 0
وليعلم أن في الحكم بغير علم في مثل هذه الأمور آثارا سيئة ظهرت بوادرها على بعض الناس ، لذا نوصي كل من يقرأ أن لا يحكم جزافا ) ( فتح الحق المبين - باختصار - ص 62 - 63 ) 0

قال الشيخ عبدالله السدحان : ( إن الأوهام والظنون هي التي تعصف بالناس ولو بحثت عن الحق لأعياك طلبه ! لذلك ذم الله - عز وجل - الظن ، فقال : ( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِى مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا
يَفْعَلُونَ ) ( سورة يونس - الآية 36 ) وإن الله - عز وجل - نهى عن الركض وراء الأوهام والتخمينات ، فقال : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) ( سورة الإسراء – الآية 36 ) 0
فليستخدم الراقي فكره وتجربته بعيدا عن الظنون والتخرصات ، فيستخلص الحقائق عن هذا المريض ثم يحلل هذه الحقائق على بصيرة ثم يستخـدم عقله وتفكيره وبعدهـا يتخذ قرارا حاسما مبنيا على علم وبصيرة ) ( قواعد الرقية الشرعية - ص 23 ) 0

وقال أيضا : ( وبعض المعالِجين يبتعد عن حقيقة التشخيص من أجل عرف سائد أو وهم سابق عندئذ لا يوفق إلى حل مشكلة هذا المريض ، وذلك أن الراقي حين يستخلص الحقائق فإنه يتصيد منها ما يعضد الفكرة الراسخة في ذهنه ، ولا يبالي بما ينقضها ، فتكون حلوله سطحية ارتجالية ، فلا بد من الفصل بين عواطفنا وتفكيرنا حتى تكون الحقائق المطلوبة مجردة لا تشوبها الأوهام العاطفية فالواجب على الراقي أن تكون لديه مذكرة تحدد : ما هي مشكلة المريض ؟ فقد تنشأ مناقشة حامية بين الراقي والمرقي عليه في جدل لا طائل تحته دون معرفة المشكلة أصلا ! فينشأ الغموض ، وتخبط الآراء والتشخيص العقيم ، ويخرج من هذا التخبط بتوضيح المشكلة ، ويقصد بها أعراض المرض 0 بعد ذلك منشأ المشكلة وهو ما أسميه - تاريخ المرض - وهي الأسباب التي دفعت المشكلة إلى حيز الظهور ، ويرجع بذاكرة المريض إلى تاريخ المشكلة حتى تحدد معالمها بعد ذلك : ما هي الحلول الممكنة حتى يعود هذا المريض سويا : هل هو مرض نفسي ( وسواسي ) ؟ أم هو مرض عضوي معه تسلط شيطاني ؟ وهكذا 000 وحتى لا تكثر الاقتراحات فيتخبط هذا المسكين عند مجموعة من الرقاة كل يشخص مرضه فمن قائل : عين 0 ومن قائل : سحر 0 وآخر : عشق ، وهكذا 00 وأفضل الحلول تستخلص من الحقائق المحيطة بهذا المرض ) ( قواعد الرقية الشرعية - ص 24 - 25 ) 0

قال الدكتور محمد المهدي اختصاصي الطب النفسي في مستشفى الأمل بجده - في كتابه " العلاج النفسي في ضوء الإسلام " في رده على بعض المعالِجين :

( استنباطات خطيرة بلا دليل مقنع ، فمثلا بعض المعالِجين يقول لك : إن هذا الشخص لديه مس من الجن ، أو عين !! أو سحر !! دون أن يكون لديه دليل واضح على ذلك ، أو يسوق أدلة تحدث لأغلب الناس ، كالأحلام المزعجة ، والصداع ، والضيق ، أو يعتمد على أن هذا الشخص يشكو من حالة غريبة احتار الطب فيها ! مع العلم أن كل الأمراض المعروفة حاليـا احتار الطب فيها لفترة ، وبعد ذلك عرف أسبابها وعلاجها ) ( المعالِجون بالقرآن - ص 168 - 169 ) 0

قلت : قد أصاب الدكتور محمد المهدي الحق فيما ذهب إليه من الممارسات والاستنباطات الخاطئة التي درج على اللجوء إليها كثير من المعالِجين ، ولكن لي وقفة مع قوله " إن كل الأمراض المعروفة حاليا احتار الطب فيها لفترة ، وبعد ذلك عرف أسبابها وعلاجها " وهذا الكلام لا لبس فيه إن كان المعنى الذي يقصده الدكتور الفاضل متعلق بالأمراض العضوية ، أما تعميم الأمر بالنسبة لكافة الأمراض فهذا يحتاج لوقفة وإعادة نظر ، ولا يؤخذ الكلام في الناحية المشار إليها على إطلاقه ، والمقصود من الإشارة إلى هذه النقطة أن بعض الأمراض العضوية ينطبق عليها الحكم والوصف المشار إليه ، وأما الأمراض أو الأعراض المتعلقة بأمراض النفس البشرية كاقتران الأرواح الخبيثة أو السحر أو العين ونحوه ، فلا ينطبق عليها هذا الحكم والوصف مطلقا ، بسبب عدم إخضاعها لكافة الوسائل والأساليب العلمية التي يمتلكها الطب بكافة مكتشفاته ومخترعاته مهما بلغت من التقدم والرقي ، ولقد أشرت لهذه المسألة لأمر هام يتعلق باعتقادات المرضى الذين يعانون من أمراض معينة ، بحيث يذهب اعتقادهم بأن المعاناة ناتجة أصلا عن أمراض عضوية لم تكتشف حتى هذه الساعة ، مع أن الأمر أساسا يتعلق بمرض من الأمراض التي تصيب النفس البشرية كما تم الإشارة آنفا ، والموقف المتزن الذي لا بد أن يسلكه المرضى هو اتخاذ الأسباب الشرعية والحسية المباحة للشفاء وذلك بمراجعة الأطباء والمستشفيات والمصحات ، وكذلك اللجوء للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة 0

قال الكاتب عبد الحق بشير عباس العقبي : ( إن المنهج الواضح الصريح للعلاج بالرقية الشرعية هو التوجه إلى مسبب الأسباب بصدق ونيـة ، والدعاء أن يزيل السبب ، أيا كان السبب ، ليس في السبب قيد ولا شرط ، وليس مطلوبا من الراقي أن يشخص ويتعرف ويؤول ! ويخطئ ويصيب ويجرب ! فآيات الرقية معروفة مأثورة ، والأهم منها صدق التوجه والدعاء والرضى بما كتب الله ، فما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وإنما جعلت الرقية بالقرآن والمأثور من السنة وسيلة للتقرب إلى الله مسبب الأسباب ، ولأنها كذلك فهي من الدعاء ، وللدعاء شروط على الداعي أن يلتزم بها إذا أراد الإجابة ، منها صدق التوجه إلى الله - فيتوجه وهو موقن بالإجابة - ، وطيب المأكل والمشرب ، واختيار أوقات الإجابة التي منها الثلث الأخير من الليل ، وفي السجود ، وبين الأذانين ، وغيرها مما هو معروف ومتداول في كتاب الأذكار 0
لا أعني بذلك أنه لا يجوز التوجه إلى الآخرين طلبا للرقية ، بل أن هذا مشروع ، والأحاديث فيه مأثورة ومتوفرة ، ولأن من أسباب الإجابة التماس الصالحين والمشهود لهم بالتقوى والورع ، وهو من أسباب التعجيل في الإجابة ) ( المعالِجون بالقرآن - باختصار - ص 187 - 188 ) 0

والشكر موصول لأختنا الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( الزاوية القائمة ) على ما خطته يمينها من كلام موزون يتعلق بهذه المسألة 0

بارك الله فيكم أخي الحبيب ( دايم السيف ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0