المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مملكة الرماد


فاديا
28-11-2008, 06:29 AM
إسمي فاديا...

أحب أن أنفرد باسمي متحررا من كل شيء
محايدا .... بلا دلالة عنصرية
مرتاحا من المراجع التاريخية والجغرافية


*****

قديما .....
كان اسم العائلة يدل على حدث معين...
بطولة معينة ، خلق كريم .. خلق سيء .....صفة خَلقية ..أو خُلقية

أما الآن..
فليس من المناسب أن أورط القارئ بأسماء هلامية لا أعرف مصدرها
ولم أهتم يوما بقصة تسميتها

فلم بعد منطقنا المعاصر يؤمن بما يسمى " اسم العائلة "
والذي أصبح يُطلق على الأشخاص من باب التعود ، ولم يعد يدل على شيء


لا أقول هذا إلا من باب غيظي من موضوع الأسماء والمسميات،
وليس لعائلتي شأن بذلك، ولا داعي لإيحاءات اللؤم في كلماتي...
فعلاقة الإحترام والود والتعاطف تربطني بكل فرد فيهم.

*****

دعكم من فوضي كلامي ،ومن إيحاءاته الماكرة ،
وانسوا انتسابي الى القلم....
حرروا من كلامي ما تريدون،
فلن أراجع ما كتبت
لأني اريد أن اكتب ...بعيدا عن الجناس والطباق والمبتدأ والخبر
أريد أن أكتب كلمات بعيدة عن المقرّر.


*****

منذ كان الحبر يلطخ مريول مدرستي واصابعي ويدي واحيانا تكون آثاره على أنفي ،
أحسست أنني لا بد ان اكتب دائما ، ولا بد أن تكون لدي القدرة على التعبير
بطريقة بسيطة ، فلا داعي لأن أباري أفلاطون أو أرسطو،
ولا أن أقلّد شكسبير.

لم يعد عالمنا المعاصر الحافل بالوجوه المقعرة ،
يلقي بالا للكلمات المقعّرة،
وأضحى أدبنا يعج بالكلمات طفيفة الإيحاء....
متناقضة المعنى.. غير واضحة الدلالة.

لماذا لا ابتعد عن هذه اللهجة التقريرية ؟
مالي ومال العالم المعاصر والأدب المعاصر؟
أنا على ثقة أن الكلمات لا تخلّد أحدا ولم تعد تخلّد شيئا ،
والناس لا يقرأون....
فلنترك الأدب في حاله.

*****

الجو رائع،
الغيوم اكتظت وحجبت نور الشمس....
والبيوت المتلاصقة نوعا ما ، ابتلت بندى الصباح ، وبعضا من قطرات المطر....
يظهر كل بيت كحبيب يبكي، وهو يتكأ على كتف البيت المجاور
صورة درامية حزينة ، لحلول الشتاء ورحيل الشمس

الجو ملائم للشعر والنثر
ولكني لا اكتب شعرا ولا نثرا..
أنا ارسم كلمات


ما أروع اللعب في الكلمات....
تارة نصنع منها باقة ورد ، وتارة نحولها رماد امبراطورية محترقة
وتارة فتات ورقية ، أو أفاعي ..أو أرانب حية

*****

كل منا له سيركه الخاص.....
وحياة كل منا تكتظ بالتفاصيل الغريبة النادرة ،
حتى لو لم يكن فيها حدث انقلابي ينفع موضوعا لرواية،
ولكن الأحداث والتفاصيل في حياتنا تحتمل تعدد الوجوه والدلالات


احتجاب الغيوم...
يثير لدي شهية الثرثرة.......
كونوا معي في مملكة رمادية،
لنحول الكلمات الى قصاصات متفحمة...
ما أجمل العالم الرمادي .... وما أروع الغيوم....

*****

القصواء
28-11-2008, 07:55 AM
بارك الله فيك أخيتي

( أنا فاديا )

أستشف من كلماتك ...

شخصية متجردة من موروثات العروبة البالية ..

بل لنقل من موروثات الجاهلية التي لا نريد تركها ..

فما زلنا نتمسك بلقب العائلة الذي يسبقه (ال )..على الرغم من أته ليس من

الإسلام ...وسيرة الرسول في شئ إلا أننا ...لا نستغني عنه ..


كل منا له سيركه الخاص.....
وحياة كل منا تكتظ بالتفاصيل الغريبة النادرة ،

نعم اخيتي ..

لو نبحث في حياة كل فرد لوجدنا الآلام والغرائب ..

وتلك هي الحياة ..وغموضها ..


احتجاب الغيوم...
يثير لدي شهية الثرثرة.......
كونوا معي في مملكة رمادية،
لنحول الكلمات الى قصاصات متفحمة

الحمدلله أن شهيتك انفتحت للثرثرة

لنقرأ كل ما هو جميل ..في عالم الإبداع الأدبي ..

ننتظر باقي حلقات السلسلة أختي ..

سلسلة ( مملكة الرماد )


ما أجمل العالم الرمادي .... وما أروع الغيوم....

وأضم صوتي إليك ..ما أجمل الغيوم ..ولكن ليست صامتة

بل تهمس بأحاديث المطر ..

فاديا
28-11-2008, 08:07 AM
جدّتي... تلك المرأة الفريدة بشخصيتها!
كانت إمرأة تمتاز بكل مواصفات الأنوثة في ذلك العصر الغابر....

الجمال...القوة ... العناية بالأرض
المهارة في تقطيع الحطب
صنع المواد الغذائية المنزلية المختلفة...
ركوب الفرس

كانت حلما يراود جميع فتيان القرية .. والقرى المجاورة
ولكنها لم ترضِ الزواج بأحدهم ولا بابن عمها الذي نذرها لنفسه منذ فتحت عينيها على الحياة.
لم تقبل أن تنزل عن الفرس إلا عندما تقدّم جدي للزواج منها قادما من إحدى القرى البعيدة.

وأثار أمر زواجها منه جدلا لا يوصف...
كيف تنقلب على العائلة المتمسكة بأصولها النصرانية وتقاليدها المسيحية وتتزوج من مسلم؟
كيف تطيح بالعادات والتقاليد وتدفن القبلية والعنصرية ، التي تفرض عليها الزواج من شاب من عائلتها ،
تاركة أهلها يعيشون في وصمة عار لن يُمسح عن جباههم أبد الدهر؟
لم يكن أمر الزواج من مسلم بالنسبة لنصرانية في ذلك الزمن ، إلا كأمر زواج فتاة من شاب ليس من عائلتها...!
ليس الأمر إعتقاد بالأديان... وخوف على معتقدات الجيل القادم ،
وإنما قبلية بائدة.

لم تكترث لأحد وقررت الهروب الى قريته والزواج منه
ظاهرة فريدة ..في عصر كان يعيش مأزوما مثقلا بالعادات القبلية الحارّة.

لم يكن زواجها منه اعتقادا واقتناعا بالدين الإسلامي
ولا كرها ورفضا لنصرانيتها
وإنما رغبة في التحدّي..... وربما الحب،
وتحت تأثير جدي المسلم الملتزم ، اضطرت أن تعلن إسلامها،
والمتتبع للأحداث سيجد أن هذا كان شكليا وصوريّا ، فسرعان ما انقلبت أعقابها بعد وفاة جدي بسنوات قليلة بعد زواجهما، وعادت تمارس طقوس ديانتها بكل حرية،

ولربما هذا الأمر أعاد ارتباطها الوثيق بعائلتها مرة أخرى،
فعادت أواصر الرابطة الحميمة مع افراد عائلتها ، واستقبلوها واهتموا بها وبأبنائها ( المسلمين ) بكل إسراف وبذخ
ورعاية وعناية .

لم يكن أعمامي وأبي من الملتزمين دينيا بشكل عميق
إلا أن هذا الإهتمام لم يؤثر على معتقداتهم الشيء الكثير
ولم يمنعهم من الذهاب الى المساجد للصلاة منذ نعومة إظفارهم
ولم يخلق لديهم أي نوع من ( التخبط الديني )
ولم يكن أخوالهم يعنون كثيرا بلمس هذا المعتقد الإسلامي بداخلهم أو تشويهه

كان كل شيء زمان على الطبيعة الحرة...
بلا مكر وبلا تجسس وبلا دهاء وبلا تشويه....
ينشأ الأبناء كما تنشأ شجرة الزيتون ، بعلا
شامخة قوية ، مخضرة الأوراق في كل المواسم
وهكذا،،، فقد كان طريق والدي الديني مخضرا، سهّل له الإلتزام العميق.
بحرية الإختيار .. وبالفطرة السليمة ... ودون أدني تقليد... ودون أدنى ضغوط

ما أحلى زمان..
وما أروع الطبيعة..
وما أجمل حرية العقل...

فاديا
28-11-2008, 08:16 AM
أشكرك جزيلا أخيتي الحبيبة القصواء

لست شهرزاد :) ولكنني أتحدث طالما الغيوم مصغية لي،،

فهي خير صديق ... يشاركك أسرار الصمت

فاديا
28-11-2008, 09:14 AM
لم يقع أحد بالحيرة سواي..
ليس حيرة في الأديان..
وانما احترت في الإختلاف

جدتي طيبة وأهلها طيبون وتحبنا كثيرا..
فلماذا تذكرنا دوما بأننا مسلمين ، و أنها نصرانية؟
ولماذا أزور بيت عائلتها لأجد أتلالا من الصور الغريبة المعلقة هنا وهناك
و التي تصور حياة المسيح وحياة الخضر ،
والتماثيل المختلفة التي تصور السيدة مريم ،
ما هذا الهرج والمرج ؟
كيف يُعقل أن يكون هناك تصوير في ذاك الزمن؟
ولماذا اتفقوا جميعا أن هذه هي الصور التي تمثلهم حقا ؟
وكيف يصدّق أهل جدتي هذه الخزعبلات ؟ وهم أشخاص مثقفون متزنون.
ما هذا الخلاف الصامت مع هؤلاء البشر،،
كيف يدعون أنهم يحبوننا وقد رفضوا الصلاة مع من صلّوا عند وفاة والدتي؟
ألا تستحق والدتي والتي طالما أكرمتهم أن يشاركوا في جنازتها ؟
ما هذا الخلاف الذي يقبر الود ويُنكر القرابة....
إذن ، خالي هذا الذي يجزع لمرضي ..سيولي هاربا مني ويتنكّر لمعرفتي عندما أموت.

لماذا لا يصبحوا مثلنا ويتركوا هذه الصور والتماثيل التي لا تليق بهم...
وأعيادهم الغريبة التي تختلف عن أعيادنا.
كان أكثر ما يلفت نظري أنهم كانوا يزورننا في أعيادنا ، بينما أبي لا يذهب للزيارة في أعيادهم
مما عمّق لدي القناعة بأننا نحن الصواب ، ونحن الأكبر
لم اكن وقتها قد فهمت ما المعنى الذي نختلف فيه معهم ، عدا هذه الصور والتماثيل ...والأعياد
تجرأت مرة وفاتحت خالي ، فقال لي ،
الدين كقطعة القماش ، مهما طويناها بأشكال مختلفة يبقى أصلها واحد.
ونحن جميعا نؤمن أن خالقنا هو الله.

إذن هكذا بكل بساطة هو الدين
أن أؤمن أن الله خالقي ، ثم أختار شكل قطعة القماش التي أريدها
يستطيع إذن كل فرد أن يختار الشكل الذي يريده ما دام يؤمن أن الله هو الخالق
هل هذا فقط هو الصواب
من يحدد لكل فرد صوابية ما اختاره ، وحقه في سلوكه. ؟
هل لكل فرد الحق في أن يعتبر نفسه على حق ؟
لا ...هذه فوضى...
لا مقاييس ولا أحكام...
كلنا نعتقد أننا على حق
فالقاتل يعتقد أن من حقه القتل
والسارق يعتقد أن السرقة حقه
والكاذب يعتقد أن الكذب ضرورة وهو من حقه...
و
و

كان ينتابني صداع شديد في قراءتي للانجيل والمقررات الدينية النصرانية
لا ..غير ممكن أن يكون هذا ما يريده الله.
لا شك ان هناك خطأ ما ...

لم يكن لدي أي حيرة في أنني على حق
وأن الدين هو الإسلام

الناس يذهبون للمسجد في ديننا في خشوع وانتظام
بلا كلام ولا اختلاط
وعندما أذهب للكنيسة مع جدتي أجد أنها زيارات عائلية للنزهة والاصطياف
القسيس يتلعثم بكلمات تثير الضحك ، لا أعتقد أنه أو أحد من الموجودين يفهم منها شيئا
لا مانع من الشرب ومن الأكل
الناس في ديننا يحرمون أنفسهم من أشياء كثيرة ، لأنهم يعرفون أن هذا ما يريده الله.
لدينا مقياس يقترب منه البعض او يبتعدون
في دينهم، يطلقون هذا التعبير على الملتزمين منهم " هذا مؤمن " " تلك مؤمنة "
هذا فقط كل ما يحظى به ، احترام الناس ، ليس هناك تفضيل ديني لأحد على الآخر الا هامشيا ، وفي النهاية فكلهم على حق .


لا يمكن أن يكون هذا الدين مقياسا للبشر
إن لم نترك أشياء ونحرم انفسنا من أشياء حسب المقياس الشرعي
فأين هي التضحية التي حارب رسولنا صلى الله عليه وسلم سنين طويلة ونحت في العقول طويلا لأجلها؟
إن لم تكن هناك أشياء تغذّي نفوسنا من الداخل حتى تتخمها إيمانا وتملؤها رهبة من الله
فنحن لا نمارس الا طقوس
الدين ليس شكلا ولا مظهرا ، ولا طية من قطعة قماش.
إن لم نعرف ما مقياس الحلال وما مقياس الحرام
فنحن نعيش حياة الغاب

فاديا
28-11-2008, 09:45 AM
تعاملت مع يتمي المبكر باستخفاف يليق به..

لم أعرف لماذا كان الناس يشفقون، لم أشعر بأني فقدت شيئا
ولم أفهم معنى الموت ،
كانت الأفكار السابحة الماشية الطائرة في خيالي ، كفيلة بشغل كل ما افتقده.

لماذا يُفترض بي أن أتقمص شخصية سندريلا ثم أتحدث عن مرارة اليتم ؟

لماذا يشعر الناس بحزن ليتيم الأم ؟
هل يظنون أنني لم اكن أبتعد عن حضنها؟

كانت أمي امرأة مسكينة ككل نسائنا ، أرهقها الإنجاب والواجبات
لم تكن سعيدة ، أو أنني لم أكن أميز شيئا من شخصيتها
فهي دائمة الحزم ..قليلة الكلام ...معدومة الشكوى..خجولة التعبير والإفصاح

لا يمكن أن اتهم والدي المسكين وأورطه بأنه سبب في شقائها الذي افترضه ،
فقد كان حلو اللسان لطيفا بشوشا دائما.
لربما كان هناك حزن عميق لديها لم أفهمه يوما،
أو أنني أتخيل أشياءا لأضعها حول شخصية مهمة في حياتي لم أتعرف اليها كثيرا،
ولكني كنت أحتار في التعبير الصامت للحزن والفرح لديها....
أين كانت تخفي كل هذا؟
لا غرابة إذن في وفاتها متأثرة بسكتة قلبية في عمر لم يصل الى أربعين عاما.





لماذا يهيّء لنا دوما أن مسرح حياتنا سوداوي...؟
وأن الأحداث حوّلت منه مأساة...
لماذا اعتدنا أن نقتات الأحزان...
كل منا يعتقد أن بداخله قصة ولديه تاريخ تليد ؟



لماذا،، عندما نتحدث عن حياتنا نتحدث وكأنه قد خلت منها السعادة والفرح لحظة واحدة؟
لماذا اعتدنا أن نعيش على الأحزان؟
ما الجديد في أحداث حياتنا ...ما المثير وما الغريب؟



لا شيء جديد في سقوط الأطفال في جنين ، وقتل المسلمين في أفغانستان
لا شيء جديد في بيانات الاستنكار العربية
لا شيء جديد في كثرة المطبات والحفر في شوارع عمّان
لا شيء جديد في موت العديد كل يوم في حوادث السير
لا شيء جديد في أعمال التفجير وازهاق الأرواح البريئة..وغير البريئة.


لماذا لا يكون الكاتب كاتبا إلا إن كان يعاني من أزمة ما ؟
وما الضرورة لكتابة الوجدانيات الحزينة
لماذا من المفترض أن نضيف الآلام والأوجاع كالبهار على ما نقول وما نكتب؟

الحـياة الطيبة
28-11-2008, 11:35 AM
كان كل شيء زمان على الطبيعة الحرة...
بلا مكر وبلا تجسس وبلا دهاء وبلا تشويه....

يا الله على زمن الطبيعة يا فاديا...ليته يعود.
كان ذاك العطاء اللا محدود...دون انتظار مقابل مادي ولا حتى كلمة شكر.
الأب يربي والجدة تربي...والأعمام يربون....الجدة تأخذ حفيدها في حضنها الدافئ....تداعب خصلات شعره..تحكي له قصة الألف ليلة وليلة...وتهمس في أذنه بأعذب الأهازيج الشعبية البريئة....حتى يستلسم الطفل للنوم دون أدنى مقاومة.
تابعي أختاه...تابعي...فلعلنا نجمع الرماد ونعيد بناء مجد الأجداد.
تجرأت مرة وفاتحت خالي ، فقال لي ،
الدين كقطعة القماش ، مهما طويناها بأشكال مختلفة يبقى أصلها واحد.

نسي خالك المثقف بأن الأقمشة أنواع وأنواع وأجودها القماش الذي سلم من الغش....فالنصرانية تعرضت للتحريف وغشوا فيها حتى أصبحت قماشا مهترئا منكئا بالثقوب وكأنما أكلته الفئران.

فاديا
28-11-2008, 01:06 PM
جزاك الله خيرا أخيتي الحبيبة أم جعفر على المداخلة الرائعة

فاديا
28-11-2008, 01:50 PM
ما المشكلة إن واصلت الحديث ما دام وجودي على هذه الصفحات مرتبط بالغيوم؟
وما دامت الغيوم تأبى أن تفارق..بل تزداد اقترابا من الأرض ،
قريبا جدا ستبوح بكثير من الحكايا
وتغرق سطح الأرض بكلمات طالما احتفظت بها بصمت...

لا يهمني انطباق عقارب الساعة على الثانية عشر
فأنا أتحدث من اللامكان واللازمان
ولا يهمني الحذاء المفقود
أفضل أن أسير بلا حذاء

أحب أن يلمس باطن قدمي سطح الأرض ، بنعومته وخشونته ، قساوته وطيبته ، خيره وقحطه
حره وبرده ،
لألتمس المعنى الحقيقي المختفي خلف قناع الصمت

الحقيقة ، هي ذلك السعير الذي يتقد خلف الكلمات وخلف النفوس
لا يغرنك اللهب المنطلق بوداعة وبهاء ليجلب النور ويؤنس وحدة ليالينا
ويداعب صفاء الليالي بانعكاساته الزرقاء
معظم أصله في كثير من الأحيان دخان مسود قاتم

هذه هي حقيقة البشر وحقيقة كل شيء
إما أن تلتمس وداعة اللهب ، أو تفاجئ بأبخرة الدخان
والحقيقة لا تتضح أمامك ، والنار لا ترتضي مجرد النظر ، بل تنخل المعادن وتخلخلها وتحيلها الى موادها الأولية
وما أثمن هذه المواد احيانا
وما أبخسها أكثر الأحيان
من لا يعرف النار في الأعماق... لا يعرف شيئا عن الحقيقة

كلامي يبدو وكأنه رسم أحداثي جريء متناقض ، يخجل بيكاسو ( نفسه ) من إضافة هذا التنافر اللوني الى لوحته.
دعونا إذن من سفسطة الفلسفة

عبق الريحان
28-11-2008, 02:13 PM
فاديا اختي الحبيبه التي عرفت مطبات عمان :marsa35:
مااروع ماخطيتي
تصوير دقيق كاننا افراد العائله
واحاسيس مرهفه لم تغيب عنا فيه
دمت يامبدعه
الى الامام تحياتي "لترقيع الشوارع الجديد":marsa114:

الحـياة الطيبة
28-11-2008, 02:46 PM
الى الامام تحياتي "لترقيع الشوارع الجديد"

لا تنسوا بالمرة شوارعنا ^_^

فاديا
28-11-2008, 03:53 PM
كانت القصص الكثيرة الوهمية والأساطير التي أتخمت بها مخي في سنوات عمري
جعلت من خيالي عصفور محبوس يحاول أن يخترق الفضاءات ويخلص من سجنه
أرى الوجوه واكمل رسمها بخيالي
أسمع أطراف الحكايات لأكمل نسجها بخيالي
كانت كل الكلمات التي أقرأها تحولني الى كائن خرافي بقدرات خرافية.

كنت أجلس أوقات طويلة في عمر المدرسة مع صديقتي أستمع الى حكايا والدها الذي توجه الى فلسطين في أحداث النكبة
كان السامع يهيء له أنه لم يكن يقف في مواجهة قصف العدو الا رجل واحد ..هو
وبمنطقه ، فإن الحرب انتهت بالخسارة لأن أحدا لم يستمع اليه
لم تكن زوجته توافقه ابدا على قصصه التي يعيد تكرارها كأنها نشيد وطني
وكانت لا تخفي مللها وتثاؤبها وتوبيخها له أحيانا

شرد ذهني كثيرا الى هذه المرأة، لم يكن من الممكن أن تتفق مع زوجها في شيء
فقط كانت تجاريه إذا رأت أنه يأكل البصل
أستغرب كيف يختلفان في كل كلمة تقال ام لا تقال
بينما تتحول معه دون اعتراض الى وجبة بصل نيء .

يكفيني استغابة لئيمة لهذه المرأة المنهكة من العمل والتعب ، بينما زوجها جالس يتمطى ببطولاته الوهمية في أرض فلسطين
معلقا على الحائط أمامه جلد ذئب يدعي أنه اقتنصه، وعلق جلده دلالة على شجاعته.
يكفي أنها كانت تصف نومه المرعب ونصف عيونه مفتوحة على بياضها بالنوم الغزلاني !


كنت أجلس وصديقتي في زاوية من الزوايا لنذاكر معا ونقرأ القصص معا ، كنت أكره رواية " الأميرة النائمة " ولا أتصور أن انام عمرا ، حتى يشرّف الأمير .
و نتضاحك على صوت شخيره القادم من الغرفة المجاورة بانتظام ورنة عالية توحي بزلزال ما ، بينما ترقد زوجته " الأميرة النائمة " في وداعة وكأنه أصابها الصمم.


ليس ثمة لعبة أتذكرها في ذلك الوقت كلعبة " سباق الصراصير "
تلك اللعبة الشريرة
نجمع صراصير الحقل ونعلق في كل منها عود ثقاب ونشعلها جميعا ، فيبدأ السباق
وتحرث الصراصير الأرض ألما،،
بينما نحرث نحن الأرض ضحكا ...


أحنّ الى تلك الأيام....
أحن الى الضحكات...
أحن الى القصص والأساطير...
أحن حتى الى صوت الشخير...


كان كل شيء في تلك الأوقات ، يغلب عليه النظام ،
حتى الشخير والضحكات والحكايا والكلام

في أيامنا هذه ، يقفز الشخص بين قناع وقناع
وخلف كل قناع ،
ألف قناع.....

فاديا
28-11-2008, 04:17 PM
أخواتي الحبيبات عبق الريحان ، وام جعفر
أشكر لكم حضوركم الكريم وأضحك الله سنكم

الحـياة الطيبة
28-11-2008, 05:00 PM
في أيامنا هذه ، يقفز الشخص بين قناع وقناع
وخلف كل قناع ،
ألف قناع.....

أيامنا أيام العجب, تجدين أحدهم يمضغ وهو نائم...وبيشخر وهو مستيقظ...بيضحك وهو بيبكي....عالمنا عالم صدق أو لا تصدق...والحكايا والنوادر...لاأظن بأن الأيام الخوالي كانت أشد خرافة من أيامنا هذه....تغير كل شيء...ليس للأفضل كما يظن البعض...وإنما إلى ما لاتحمد عقباه....ومن يعش كثيرا يرى كثيرا.
دمت بود....في انتظار البقية يا محبة لعبة الصراصير.

فاديا
28-11-2008, 05:49 PM
أصابني رعب من الصراصير بعد ذلك بسنوات ، وربما هذا انتقام قدريّ لما كنت أفعله فيها.
أصبت أخيتي ، هذه الأيام ترين الكذب يتكدس في النظرات والكلمات ويورق في العيون فجلا وبطيخا...
كذب كثير يتساقط من الجيوب ملحا ....



كل ما أذكره في رحلتي الجامعية أنني كنت أكره أن أجلس في المحاضرات
كان هذا يكلفني مسؤولية ضخمة وهي اكتشاف المادة لوحدي وتفسير غموضها بما أنني استغنيت عن خدمات المحاضر في ايصال الفهم الى عقلي المشتت وخيالي الواسع الذي لم يكن يستقر بعقلي لأركزه فيما يحاول المحاضر ان يقوله
كان عقلي ينتقل من فكرة لأخرى ومن منطق لآخر ومن صورة لأخرى بخفة ومرونة

كان أكثر ما يثقل كاهلي المختبرات العملية والتي لا يمكن أن أعوض غيابي عنها
كانت تقتلني الساعات الأربع التي أقضيها في تشريح الجراد والجرذان والفئران

لا لم اكن أدرس الطب
اكتفيت بدراسة علم الحيوان حيث من الممكن أن نعالجه
أما الإنسان فإن عالجنا أمراضه الخارجية
فأمراضه الداخلية لا يمكن أن يشفى منها أبدا


ليس ثمة شيء مهم أذكره في تلك الفترة الخيالية الا شهادتي الجامعية ،
ومحاضرة جامعية كانت أقرب الى نساء الحارات الشرقية بصوتها وزعيقها وتوبيخها المستمر
وكانت دوما عندما تغضب من احد الطلبة او الطالبات تقول له : الله يوخدك
ولطالما قالت لي ذلك ،
ولكن الله لم يستجب لها ..
ربما لأن صلاتها قصيرة مبتورة
لا تحفظ الآيات وتقرأ على هواها
تفتري على الله الكذب كما تفتريه علينا باتهاماتها المستمرة ..


انتقلت الى العمل .. ولم أكن أعلم لماذا انتقل من قسم لآخر ومن عمل لآخر
هل كان الفضول هو وراء ذلك ، ورغبتي بمعرفة الجديد والكثير ؟
أم أنني الجوكر ، المرأة الناجحة في كل مكان
أو ربما كنت الموظفة التي تفشل في كل مكان
لا أدري....

فاديا
28-11-2008, 05:50 PM
يضيء الماء عبر النافذة ... يخترقه نور الحجرة الوهاج
فيرسمه لهبا خليطا من ماء ونار

أشعر أن اجنحة لا مرئية تنبت لي وأنني أستعد لرحيل عذب جميل
لم أعد أسمع الا صوت قطرات الماء على النافذة

وكأنها أصوات طير يضرب بمنقاره زجاج النافذة
وأنا أنتظر وأشعر أن خيالي سيطلق سراحه

أشعر بسعادة وتفاؤل غريب وكأن الفجر يضيء
ألملم أوراقي الرمادية .....

و الفجر الرمادي يتدفق في الحجرة .... تدفق مياه البحر الى غواصة ثقب جدارها....
وأحلم أني اتسرب معه عبر النافذة....

القصواء
28-11-2008, 07:30 PM
لم أعد أسمع الا صوت قطرات الماء على النافذة
وكأنها أصوات طير يضرب بمنقاره زجاج النافذة

الحمدلله أن الغيوم الرمادية باحت بالحكايا ..

تنتهي أوراقي الرمادية .....
و الفجر الرمادي الذي يتدفق في الحجرة

شكرا جزيلا فاديا

استمتعنا كثيرا بذكريات جميلة من الماضي صيغت بأسلوب أدبي راقي

فاديا
29-11-2008, 03:48 PM
جزيل الشكر لك اخيتي الحبيبة القصواء

د.عبدالله
29-11-2008, 05:36 PM
شكرا .. شكرا .. شكرا جزيلا مشرفتنا القديرة وأديبتنا الفاضلة ( فاديا ) كلام رائع وجميل ومؤثر جدا .. وكنت أتمنى أن تتواصل هذه السطور الى ( ما لا نهاية ) حتى ندرس ونبحث ونتعلم منك أيتها الأديبة الفاضلة .

إن كلماتك التي تنطقين بها أو تكتبينها تحمل في طياتها حقائق ومعاني جميلة ورائعة جدا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .. كلمات تخرج من صميم القلب وليس من فراغ عقلي .

لك إسلوب رائع يخرج من أعماق عقلك الباطن بحكمة لا حدود لها وقوة جبارة .. وإمداد مستمر لكل حدث أو مناسبة بلا نهاية .. وتفاعل منسجم بين الماضي والحاضر .

وفقك الله وحفظك والى الأمام دائما وأبدا إن شاء الله وعلى بركة الله وتوفيقه .

وتقبلي مني خالص الشكر والإحترام والتقدير .

والشكر موصول كذلك للأخوات المشرفات الفاضلات ولكل من شارك أو تفاعل مع هذا الموضوع .

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والسلامة والعافية .

أسامي عابرة
29-11-2008, 09:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخيتي الحبيبة فاديا جزاك الله خيراً موضوع ...

رائع

رائع ... رائع

رائع ... رائع ... رائع

رائع... رائع ... رائع ... رائع

رائع ... رائع ... رائع

رائع ... رائع

رائع

قلت أشياء كثيرة فينا ..

ذكرتنا بأخرى ..

ونبهتنا لغيرها ..

وأخذتني لمملكة أشتقت لها ولم أكن أعرف بشوقي إلا بعد أن قرأت ما سطرت وللعلم لم أقرأ مباشرة إلا بعد أن تحريت الوقت المناسب ..

بوركتي أخية ..

تمنياتي لكم بوافر الصحة والسلامة والرضا والقبول من الله عز وجل

في حفظ الله ورعايته

عبق الريحان
30-11-2008, 11:55 PM
لا تنسوا بالمرة شوارعنا ^_^



ولايهمك :marsa35:

الله يستر متى يجينا الدور يمكن اكون هيك:marsa84:

عبق الريحان
01-12-2008, 12:04 AM
الغالية فاديا

تنقل رائع بين صفحات هذه المملكة التي تسطر حياة مديدة

نستخلص منها العبر والغايات ..

نغمض اعيننا تارة واخرى نرفع بصرنا الى السماء لندرك ماين السطور وذلك هو اروع مافي الامر

ان نلمح تلك الفتاة التي تختبئ بين ازهار حديقة مملكتك

تارة تضحك وتظهر وجهها الملئ بالحيويه

وتارة تختفي بين زهور حقلكم الملئ بالخضرة والحياة

تابعي غاليتي

فنحن معك

ولكن
















تعالي ...






























تعالي كمان ...




























خذي: هالليرة ":marsa35:

بس مشان الله ماتيجي سيرة الصراصير

بكفينا الشوارع المرقعه :icon_razz::marsa114:

فاديا
01-12-2008, 05:08 AM
بارك الله فيك د. عبدلله الفاضل على تواضعكم وكلماتكم الطيبة وأشكر لك متابعتك

جزاك الله خيرا

فاديا
01-12-2008, 05:09 AM
أخيتي الحبيبة أم سلمى،

سعيدة بأنك خرجت بهذه الحزمة من كلماتي المبعثرة ، فألف شكر لك

فاديا
01-12-2008, 05:10 AM
أختي الحبيبة عبق الريحان

أشكرك لك كلماتك الطيبة الرقيقة

ولكن تأكدي أننا حصلنا على انتقام كوني مناسب لأفعالنا معها
صديقتي قطع اصبعها الصغير وهي تبحث عن الصراصير بين احجار الحقل الكبيرة الحادة
وأنا اصابتني عقدة الخوف المرضي من منظرها وهربت الى ابرد مناطق عمان حيث قلما تتواجد فيها الصراصير

أما الليرة فإن كانت ( ذهب ) ، من الممكن ان افكر بهذه الصفقة :)

تحياتي ومودتي

القصواء
01-12-2008, 09:11 AM
بوركت أخيتي فادبا

وبانتظار مسلسلة أخرى يجود بها قلمك المعطاء

لتستمتع معا بجمال كلماتك ...وروعة عباراتك

ونثري منتدانا بما هو راق وجديد في عالم الأدب

والذكريات الجميلة ..

عبق الريحان
01-12-2008, 10:29 PM
أختي الحبيبة عبق الريحان
أشكرك لك كلماتك الطيبة الرقيقة
ولكن تأكدي أننا حصلنا على انتقام كوني مناسب لأفعالنا معها
صديقتي قطع اصبعها الصغير وهي تبحث عن الصراصير بين احجار الحقل الكبيرة الحادة
وأنا اصابتني عقدة الخوف المرضي من منظرها وهربت الى ابرد مناطق عمان حيث قلما تتواجد فيها الصراصير
أما الليرة فإن كانت ( ذهب ) ، من الممكن ان افكر بهذه الصفقة :)
تحياتي ومودتي


قطع اصابع وشوارع وخوف

الله يستر اختي الحبيبه فاديا شو يصير بالاخر


الله يحفظك غاليتي

اتمنى ان اكون خفيفة ظل عليك

انما احب ان امازحك

وكلي اعجاب بمملكتك الفاضله "بدون صراصير ":marsa35:

الحـياة الطيبة
02-12-2008, 02:18 PM
بارك الله في عقلك و عفويتك يا فاديا.
ليت الرماد يعود لأخبره بم فعلته الحضارة المادية فينا
غدونا أجسادا بلا روح يا ليت الرماد يعود ليحل فينا
ويعيد لنا دفئ حضن الجدة وحكايتها التي افتقدناه سنينا
ونلعب لعبة الغميضة مع فاديا وعبق وأم سلمى فينا
فهل يا ترى تعود أيام و ليالي مملكة الرماد الحزينا؟

فاديا
02-12-2008, 05:43 PM
أخيتي الحبيبة القصواء ، بل الشكر لك أنت فقد حركتِ بمتابعتك الكثير من الأحداث في ذاكرتي الفوضوية


وحياك الله اختي الحبيبة عبق الريحان وكلماتك دوما كالبلسم الخفيف اللطيف لا ينزعج منها أحد

فاديا
02-12-2008, 07:30 PM
أخيتي الحبيبة أم جعفر...

كلماتك مؤثرة حقا أبلغ التأثير

لو عادت تلك الأيام ..... توقفت عند هذه النقطة قليلا

لا أستطيع استعراض مهارتي في هذه الألعاب ، كنت ألعب الغميضة أحيانا وأجهد نفسي في الاختباء بمكان لا يعرفه أحد ثم أنسى أين أنا ولا أستطيع العودة ، ويبقى الجميع يبحثون عني حتى يجدونني بعد ساعتين او ثلاث ، وكم عدد المرات التي كنت أضيع فيها ، كنت أظن زمان أنني ضعيفة الشخصية لأنني في بداية دخولي الجامعة لم اكن اتحرك من موقعي الا اذا جاءت أختي اكبر مني من كلية اخرى لتنقلني من مكان لآخر ، ولكنني اكتشفت لاحقا أن عندي مشكلة في معرفة المواقع ، وفهم الخرائط ؟

أما اليوم ...فقد فهمت عدم قدرتي على فهم الخرائط وتحديد المواقع !
نحن على رقعة شطرنج متغيرة المواقع والأحداث .... متباينة الحدود
نعيش ضمن وطن أميبي كبير ، لا نستطيع تحديد اجزائه بدقة !


وفي الجري كنت دوما أقع وتصيبني حوادث.

كنت أتقن فقط تنس الطاولة ولا زلت، أما الألعاب التي تحتاج الى مدارج واسعة فهذه كنت أفشل فيها غاية الفشل
كنا في المدرسة نلعب كرة اليد كمقرر في حصة الرياضة ، وكل ما كنت اجيد فعله هو اللحاق وراء الكرة واحضارها ثانية عندما تخرج بعيدا ، والمضحك ان المعلمة عينتني رئيسة فرقة بكرة اليد بعد أن أثنت على جهودي .

أعتقد انني في طفولتي لم اتقن يوما الا لعب دور الام ، الذي كنت اصر عليه بما انني أكبر من صديقتي بثلاثة ايام ،
وكانت تعترض دوما من استحواذي اليومي على هذا الدور ، وعندما أذكرها بالثلاثة ايام ، تستسلم صاغرة مغلوبة على أمرها ..
وحتى لو لعبنا مدرسة ، كنت انا المعلمة ، وهي بدور التلميذة المؤدبة احيانا ، والكسولة اكثر الأحيان ، حيث تستحق الضرب والعقاب والتوبيخ ، والثلاثة ايام هي المنجنيق الذي ارفعه في وجهها .




ما أحن اليه ، تلك العربات التي كنا نصنعها من الخشب ونعلق في اطرافها تلك العجلات الحديدية القديمة التي تحتوي بداخلها على شريط ، نسيت ما كان يطلق عليها. ثم نجلس عليها في رأس منحدر ، اي منحدر ، ضحل ، عميق لا يهم ... ثم نتركها تجد طريقها بنفسها الى القاع .... والمخاطر قد تكلف الحياة نفسها ، ما كان أجرأنا ؟؟؟


أحن الى الارجوحة القديمة الضخمة التي كانت تبنى من الخشب والحبال، ونجمع القرش وراء القرش حتى نستمتع بعطلة فيها رفاهية ، في باحة بيت جارتنا التي استغلت هذه الباحة لمآرب كثيرة غير ارجوحة العيد ، وتربي فيها القطيع والأغنام، وتنشر غسيلها ، وتنجب المزيد من الأطفال ما دام هناك متسع ، وما دامت الأرض فراشهم ، والسماء غطاءهم.

مرة من المرات اصرّت شقيقتي الصغرى على الركوب وكان هذا خطر على الاطفال في عمرها لكنها اصرت ،
وما هي الا ثواني حتى وقعت وتجرحت واخفيتها وقتا طويلا حتى لا يرى احد الجروح .


ما أجمل أيام الماضي ، فقد كان كل فرد مسؤول عما يصيب الآخر
ما أجمل خوفنا على يعضنا وعلى انفسنا بنفس الوقت لنبعدها عن العقاب.
هكذا تحملنا مسؤولية انفسنا ومسؤوليتنا عن الآخرين
فمن يحمل جيلنا اليوم هذه المسؤولية...


أحن الى معلمتنا المخيفة والتي اسم عائلتها " أبو جبل " كافي لإرهاب أفئدتنا الصغيرة....
أحن الى " مسّاحة الطباشير " التي كانت ترميها من مكانها -دون أن تكلف نفسها أدنى حركة- في وجه أي طالب يخطئ بالإجابة.

أحن الى الكرات المتعددة في جبهتي من آثار هذه المسّاحة...

هل هناك من لديه كرة صغيرة متكورة في جبهته ، تذكره بمسّاحة الطباشير ، وذنب الخطأ ؟؟؟

من يأتينا اليوم بمسّاحة طباشير....... نمحو بها أخطاءنا ونقوّم إجاباتنا وسلوكنا وردودنا ؟؟




أحن الى " أبي خضر "
ذلك الرجل المسن الذي لا أذكر أن له أبنا يسمى " خضر " و لا اذكره يوما الا بشخصية الفزّاعة ( الحريصة على شجر الزيتون في الشوارع العامة )

لم يوظفه احد، وانما اعتلى بنفسه هذا المنصب ولم يناقشه احد فيه ، بل اعطوه الحق بانصياع فرضه عليهم، كما فرض عليهم كنيته .

كان يطاردنا ويتوعدنا بأقصى العقاب، اذا قبض علينا نكسر اغصان الزيتون وننثر اوراقه ونجمع حباته لللعب بها ورميها على بعضنا البعض، او وضع مواد ضارة في تربتها ...

كنا نهرب من شبحه القادم من بعيد ونكف عن اللعب فورا ونطلق ساقينا للريح.


أين أنت يا أبا الخضر اليوم ، وأين نحن منك ؟

ما أحوج أمتي اليك يا أبا خضر ... !

ما أحوج أشجار زيتون بلادنا الى حرصك...


فقد عم الفساد في تربتها وكسّر الحاقدون اغصانها ، ليصنعوا منها سهاما يصيبون بها قلوبنا وأكبادنا.
وعبث العابثون في ثمرها واستحلوه حقا كاملا لجيوبهم....


ما أحوجنا اليك يا أبا الخضر
لتنظف تربتنا من أدران الفاسدين
وتضرب على أيدي المعتدين...
وتنسج الشباك في وجه الطامعين...

ما أحوجنا اليك يا فزّاعتنا المخيفة،،
لتطرد العابثين وتلقي القبض على المجرمين سفاحي الزيتون.....

عبق الريحان
02-12-2008, 09:09 PM
بارك الله في عقلك و عفويتك يا فاديا.
ليت الرماد يعود لأخبره بم فعلته الحضارة المادية فينا
غدونا أجسادا بلا روح يا ليت الرماد يعود ليحل فينا
ويعيد لنا دفئ حضن الجدة وحكايتها التي افتقدناه سنينا
ونلعب لعبة الغميضة مع فاديا وعبق وأم سلمى فينا
فهل يا ترى تعود أيام و ليالي مملكة الرماد الحزينا؟


اااااااخ يارب "بدأ النكد":sunshine1::marsa35:

كلمات مؤثرة اختي الحبيبه ام جعفر

ولكن ماذا نفعل هانحن نضحك حتى نخفي تلك الاهات لاننا ان لم نداوي جروحنا فلن يستطيع احد ان يداويها

نرجع للمزح

بلعب معك غميضه موافقه :icon_razz:

عبق الريحان
02-12-2008, 09:14 PM
فعلا اختي ذكتيني بذكريات رائعه

واشخاص عفى عليهم الدهر

الله المستعان

اكملي غاليتي

لاحرمت منك

الحـياة الطيبة
02-12-2008, 09:57 PM
بلعب معك غميضه موافقه

موافقة بشرط.....أن تخبئيني معك لأنني لا أحسن الإختفاء.

فاديا
01-04-2009, 09:36 AM
بوركتم وجزاكم الله خيرا

عطر
12-04-2009, 09:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخيتي فاديا

ذكرتينا بالذي مضى..... وكان

قرأتها وأعد قرائتها وقرأتها وأعدت قرائتها.......

وأبحرت في ذكريات الماضي التي لاتنسى

جميل ماكتبت ورائع ماخطت أناملك

فجزاك الله خير الجزاء

فاديا
22-04-2009, 01:06 PM
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة عطر الجنة وشكرا لك على المرور اللطيف