إبحث عن:
القائمة الرئيسيه
البدايه
الأقسام

تسجيل الدخول
إسم المستخدم:

كلمة المرور:


تسجيل
هل نسيت كلمة المرور

أقسام الموقع


المقالات الأكثر قرائة
1 الشاب اليافع وكتاب ( شمس المعارف الكبرى ) !!!
2 قصة فتاتنا الخليجية ؟!!!
3 * ضعف جنسي يسببه السحر القوي !!!
4 أرادت أن تمارس الرقية الشرعية !!!
5 الدروس اليومية (36)

قراءة المقاله



الدروس اليومية (20)
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 18/02/2004 - 2546 زوار        


الكتاب الثاني

الدروس اليومية في

السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (2)
( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ـ من بداية صفحة رقم 50 ـ إلى نهاية صفحة رقم 90 ) .


* المبحث الرابع : الشرك-خطورته-أدلته-تعريفه-أنواعه :-

تمهيد : …

من خلال العرض الخاص بأقسام التوحيد ، تتبين لنا بعض المظاهر الشركية لدى كثير من المسلمين اليوم والمتعلقة بموضوع الرقية الشرعية وعالم الجن والشياطين ، وحرصا على أهميـة هذا الأمر وخطورة الولوج فيه ، كان لا بد من الحديث عن الشرك وتعريفه وأدلة وقوعه وأقوال
أهل العلم فيه ، وخطورته وأنواعه وبعض المظاهر الخاصة بكل نوع والتي تتعلق بشكل مباشر بموضوع الرقية والعلاج 0 وقد تم بحث أجزاء معينة من هذا الموضوع بناء على ما ورد في الكتاب القيم المنظوم بعنوان " المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية " للدكتور " إبراهيم بن محمد
البريكان " - حفظه الله - ، فقد أوجز الموضوع وأبدع في طرحه بأسلوب مبسط قريب للفهم والتصور 0

* تعريفه :-

للشرك معنيان :-

إحداها : هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه سبحانه 0 والمراد بالتسوية هنا مطلق الشراكة سواء كان الله سبحانه مماثلا لغيره أو هو زائد عليه فيها 0 وبناء على هذا المعنى فالشرك ثلاثة أنواع :-

أولا : شرك الربوبية : وهو التسوية في شيء من خصائصها ، أو نسبتها إلى غيره كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتسمى عرفا تمثيلا أو تعطيلا 0
ثانيا : شرك الألوهية : وهو التسوية في شيء من خصائصها ، كالصلاة والصيام والذبح والنذر ونحو ذلك 0 هو الذي يعرف بالشرك إذا أطلق 0
ثالثا : شرك الأسماء والصفات : وهو التسوية بين الله والخلق في شيء منها ويسمى عرفا تمثيلا 0

* خطورته :-

لا بد من إدراك مدى خطورة الشرك على المعتقد ، فالشرك هو أعظم ذنب عصي الله به ، كمـا قال سبحانـه وتعـالى في محكـم كتابـه : ( 000 إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ( سورة لقمان – جزء من الآية 13 ) 0 ، وقد ثبت من حديث أبي بكرة – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 3 / 131 ، 5 / 36 ، 38 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الشهادات ( 10 ) - برقم ( 2654 ) - وكتاب الأدب ( 6 ) - برقم ( 5976 ) - وكتاب الاستئذان ( 35 ) - برقم ( 6273 ، 6274 ) - وكتاب استتابة المرتديـن ( 1 ) – برقم ( 6919 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان ( 143 ، 144 ) – برقـم ( 87 ، 88 ) ، والترمـذي في سننـه - كتاب تفسير سورة ( 5 ) - برقم ( 3221 ) ، أنظر صحيح الجامع 2628 ، صحيح الترمذي 2416 ، مختصر مسلم 46 ) 0
، ولذا فإنه من مات على الشرك خلد في نار جهنم 0 قال تعالى : ( 000 إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) 0 ( سورة المائدة - جزء من الآية 72 ) 0



* بعض الآيات والأحاديث الدالة على خطورة الشرك وعقوبته:-

* يقول تعالى في محكم كتابه : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) . ( سورة النساء - الآية 48 ) 0


* عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تعالى في الحديث القدسي :( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) 0 ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الزهد ( 46 ) - برقم ( 2985 ) ، وابن ماجة في سننه - كتاب الزهد ( 21 ) - برقم ( 4202 ) ، أنظر صحيح الجامع 4313 ، صحيح ابن ماجة 3387 - واللفظ لمسلم ) 0

قال النووي : ( ومعناه أنا غني عن المشاركة وغيرها ، فمن عمل شيئا لي ولغيري لم أقبله ، بل أتركه لذلك الغير 0 والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ، ويأثم به ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله - : بل إن معنى الحديث أعم من الرياء فيدخل فيه أنواع الشرك في المحبة والخوف والتوكل والدعاء وغيرها ) 0
0( صحيح مسلم بشرح النووي - 16،17،18 - 410 ) 0


* عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تعالى في الحديث القدسي : ( من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ، ما لم يشرك بي شيئا ) 0( أخرجه الطبراني فـي الكبيـر - 11 / 241 ، وابن حجـر فـي " المطالـب العالية " - برقـم ( 2877 ) ، والإتحافـات السنيـة ( 36 ) ، والزبيدي في " إتحاف السادة المتقين " - 5 / 60 ، والتبريزي في " مشكاة المصابيح " - برقم ( 2338 ) ، والهندي في " كنز العمال " - برقم ( 253 ) ، والسيوطي في " الدر المنثور" - 2 / 170 ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ( 127 ) ، وابن كثير في تفسيره - 2 /290 ، والسيوطي في " اللآلئ المصنوعة " - 2 / 183 ، والحاكم في المستدرك -4 / 262 ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح الجامع4330 ) 0


* أقوال أهل العلم في الشرك وخطورته وعواقبه :-

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :( وقد بين الله هذا التوحيد في كتابه ، وحسم مواد الإشراك به حتى لا يخاف أحد غير الله ، ولا يرجو سواه ، ولا يتوكل إلا عليه 0 قال تعالى : ( فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِأيَاتِى ثَمَنًا قَلِيلاً ) ( سورة المائدة – جزء من الآية 44 ) 0
وقال تعالى :  وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ ) ( سورة النور – الآية 52 ) 0
0 فبين أن الطاعة لله ولرسوله ، وأما الخشية فلله وحده 0
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا التوحيد لأمته ، ويحسم عنهم مواد الشرك ، إذ هذا تحقيق قولنا لا إله إلا الله ، فإن الإله هو الذي تألهه القلوب ، لكمال المحبة والتعظيم ، والإجلال والإكرام ، والرجاء والخوف 0
ومع علم المؤمن أن الله رب كل شيء ومليكه : فإنه لا ينكر ما خلقه الله من الأسباب ، كما جعل المطر سببا لإنبات النبات0 قال تعالى : ( 000 وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ 000 ) ( سورة البقرة - جزء من الآية 164 ) 0
وكما جعل الشمس والقمر سببا لما يخلقه بهما ، وكما جعل الشفاعة والدعاء سببا لمـا يقضيه بذلك ، مثل صلاة المسلمين على جنازة الميت ، فإن ذلك من الأسباب التي يرحمه الله بها ويثيب عليها المصلين عليه ، لكن ينبغي أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور :-

الأول : أن السبب المعين لا يستقل بالمطلوب ، بل لا بد معه من أسباب أخر ، ومع هذا فلها موانع 0 فإن لم يكمل الله الأسباب ، ويدفع الموانع ، لم يحصل المقصود ، وهو سبحانه ما شاء كان - وإن لم يشأ الناس - وما شاء الناس لا يكون إلا أن يشاء الله 0

الثاني : لا يجوز أن يعتقد أن الشيء سبب إلا بعلم ، فمن أثبت شيئا سببا بلا علم أو يخالف الشرع ، كان مبطلا ، مثل من يظن أن النذر سبب في دفع البلاء وحصول النعماء 0

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه نهى عن النذر وقال : إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنـده – 2 / 61 ، 86 ، 235 ، 301 – متفق عليه – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب القدر (6) – برقم ( 6608 ) – وكتاب الإيمان ( 26 ) – برقم ( 6692 ، 6693 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتـاب النذر ( 4 ، 6 ) - برقم ( 1639 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الإيمان ( 21 ) - برقم ( 3287 ) ، والنسائي في سننه - كتاب الإيمان (24) ، وابن ماجة في سننه- كتاب الكفارات (15)- برقم (2122) - واللفظ بنحوه ، والدارمي في سننه - كتاب النذور ( 5 ) ، أنظر صحيح الجامع 6910 ، صحيح أبي داوود 2813 ، صحيح النسائي 3559 ، صحيـح ابن ماجة 1725 - الإرواء 2585 ) 0
الثالث : أن الأعمال الدينية لا يجوز أن يتخذ منها شيء سببا إلا أن تكون مشروعة ، فإن العبادات مبناها على التوقيف ، فلا يجوز للإنسان
أن يشرك بالله ، فيدعو غيره – وإن ظن أن ذلك سبب في حصول بعض أغراضه – وكذلك لا يعبد الله بالبدع ، المخالفة للشريعة –وإن ظن ذلك– فإن الشياطين قد تعين الإنسان على بعض مقاصده إذا أشرك ، وقد يحصل بالكفر والفسوق والعصيـان بعض أغراض الإنسان ، فلا يحل له ذلك ، إذ المفسدة الحاصلة بذلك أعظم من المصلحة الحاصلة به إذ الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، فما أمر الله به فمصلحته راجحة ، وما نهى عنه فمفسدته راجحة ) 0( مجموع الفتاوى - باختصار - 1 / 135 - 138 ) 0


* قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيـخ :( قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - : وأما التوحيد الذي دعت إليه الرسل ، ونزلت به الكتب ، فهو نوعان : توحيد في المعرفة والإثبات ، وتوحيد في الطلب والقصد 0
فالأول هو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسماءه ، وتكلمه بكتبه ، وتكليمه لمن شاء من عباده ، وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته ، وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح ، كما في أول سورة الحديد ، وسورة طه ، وآخر الحشر ، وأول تنزيل ( السجدة ) وأول آل عمران ، وسورة الإخلاص بكاملها ، وغير ذلك 0
النوع الثاني : ما تضمنته سورة ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) وقوله تعالى : ( قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) . ( سورة آل عمران - الآية 64 ) 0
وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها 0 وأول سورة المؤمن ووسطها وآخرها ، وأول سورة الأعراف وآخرها ، وجملة سورة الأنعام ، وغالب سور القرآن ، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد ، شاهدة به داعية إليه 0
فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله ، فهو التوحيد العلمي الخبري 0 وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه ، فهو التوحيد الإرادي الطلبي 0 وإما أمر ونهي ، وإلزام بطاعته وأمره ونهيه ، فهو حقوق التوحيد ومكملاته 0 وإما خبر عن أهل التوحيد وما فعل بهـم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة ، فهو جزاء توحيده ، وإما خبر أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب ، فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد ، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم ) 0( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - ص 25 ، 26 ) 0


* قال شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب : ( فمن تدبر القرآن عرف أحوال الخلق وما وقعوا فيه من الشرك العظيم الذي بعث الله أنبياءه ورسله بالنهي عنه ، والوعيد على فعله ، والثواب على تركه 0 وقد هلك من هلك بإعراضه عن القرآن وجهله بما أمر الله به ونهى عنه ، نسأل الله الثبات على الإسلام والاستقامة على ذلك إلى أن نلقى الله على التوحيد إنه ولي ذلك والقادر عليه ) 0 ( مجموعة التوحيد - ص 29 ) 0

* أنواع الشرك :-

1)- الشرك الأكبر :-

هو أن يجعل لله ندا يعبده كعبادته ، ويطيعه كطاعته ، وهو محبط للأعمال ، كما قال سبحانه وتعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم : ( 000 لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ( سورة الزمر- جزء من الآية 65 ) 0
، وإذا كان خطابه لرسوله صلى الله عليه وسلم هكذا فمن دونه من الناس أولى إذا ما وقع في شيء من الشرك 0 ومن وقع فيه
أو كان عليه حل دمه وماله ، ولم يصل عليه ، وما تركه بعد موته فيء إن كان مرتدا ، ولا يرثه أقاربه من المسلمين 0

* أنواع الشرك الأكبر :-

أ- شرك الدعوة أي الدعاء :-

وهو دعاء غير الله كدعاء الله مسألـة وعبادة ، فإن كان المقصود بالدعاء طلب النفع أو دفع الضر ، سمي : دعاء مسألة 0 وإن كان المقصود الذل والخضوع والانكسار بين يدي الله ، يسمى : دعاء عبادة 0 وسواء كان الدعاء دعاء عبادة ، أو دعاء مسألة فلا يجوز التوجه به لغير الله ، لأنهما لا يعبد بهما غير الله سبحانه ، وصرفهما أو أحدهما لغير الله شرك في الدعاء ، ويعتبر ذلك من أنواع الشرك الأكبر ، فلا يجوز أن ندعو مع الله أحدا كائنا من كان ، كدعاء الأولياء وقولهم " يا فلان أغثنا " أو " مدد يا حسين " ، أو دعاء الصالحين والأنبياء وغيرهم من أصحاب القبور بالشفاء والفرج وتفريج الهم والكرب ، أو دعاء الجن والشياطين كما يفعل كثير من الجهلة ، وقس على ذلك الكثير من المظاهر الشركية المتعلقة بدعاء الأحياء والأموات والمنتشرة في معظم البلدان الإسلامية ، وكما أشرت آنفا فكل ذلك يعتبر من الشرك الأكبر المخرج من الملة ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) 0 ( سورة فاطر - الآية 13 - 14 ) 0


قال ابن كثير : ( "والذين تدعون من دونه" أي من الأصنام والأنداد التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين " ما يملكون من قطمير " قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وعكرمة وعطاء وعطية العوفي والحسن وقتادة وغيرهم القطمير هو اللفافة التي تكون على نواة التمر ، أي لا يملكون من السماوات والأرض شيئا ولا بمقدار هذا القطمير 0 ثم قال تعالى : ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ) يعني الآلهة التي تدعونها من دون الله لا تسمع دعاءكم لأنها جماد لا أرواح فيها ( وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) أي لا يقدرون على شيء مما تطلبون منها ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) أي ولا يخبرك بعواقب الأمور ومالها وما تصير إليه مثل خبير بها ، قال قتادة يعني نفسه تبارك وتعالى فإنه أخبر بالواقع لا محالة ) 0 ( تفسير القرآن العظيم - باختصار - 3 / 529 ) 0


ب- شرك النية والإرادة والقصد :-

هو أن ينوي ويريد ويقصد العبد بعمله جملة وتفصيلا غير الله 0 وهو الشرك في الاعتقاد 0 ودليل ذلك قولـه سبحانـه وتعالى : ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) ، ( سورة الكافرون - الآية 1 - 2 ) 0
وأما دخول بعض النيات الفاسدة ، والمقاصد الرديئة على إرادة العبد في بعض الأعمال ، فإن ذلك لا يخرجه عن ملة الإسلام 0 وهذا الشرك هو الشرك في العبادة 0 وذلك بأن يعمل العمل لا يريد به وجه الله ، بل يريد به غيره من صنم أو وثن أو قبر أو ميت أو جن ونحو ذلك 0 وهو أعظم أنواع الشرك ، وهو شرك الجاهلية الأولى ، كما قال سبحانه : ( 000 مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى 000 ) ( سورة الزمر - جزء من الآية 3 ) 0
فهم صرفوا أنواع العبادات لأصنامهم وأوثانهم ، مدعين أنهم فعلوا ما فعلوه رغبة في القربى من الله ، فتقربوا إلى الله بما لا يحبه ولا يرضاه ، وبما لا يشرعه طريقا لعبادته 0

وتلك بعض مظاهر شرك النيـة والإرادة والقصـد المتعلقـة بالرقية الشرعية ، وعالم الجن والشياطين ، والسحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين :-



1)- النحر والذبح لغير الله تعالى :-

وقد وقع كثير من الناس في هذا النوع من أنواع الشرك ، خاصة ما يقوم به البعض بالذبح للجن والشياطين تقربا أو بقصد الحفظ ونحوه ، قال تعالى في محكم كتابه : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ( سورة الأنعام - الآية 162 - 163 ) 0
، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله من لعن والديه ، ولعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من أوى محدثا ،( قـال النووي : المحدث : هو من يأتي بفساد في الأرض - مسلم بشرح النووي – 13،14،15 / 122 ) 0
ولعن الله من غير منار الأرض ) ( قـال النـووي : منار الأرض : أي علامات حدودها - مسلم بشرح النووي – 13،14،15 / 122 )
0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 1 / 108 ، 118 ، 152 ، 217 ، 309 ، 317 ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب الأضاحي - باب تحريم الذبح لغير الله ( 43 - 44 ) - برقم ( 1978 ) ، والنسائي في سننه - كتاب الضحايا ( 34 ) - أنظر صحيح الجامع 5112 ، صحيح النسائي 4119 ) 0


قال المناوي : ( " لعن الله من لعن والديه " أباه وأمه وإن عليا ، قيل هذا من باب التسبب فإن كل من لعن أبوي إنسان فهو يلعن أيضا أبوي اللاعن فكان البادي بنفسه يلعن أبويه 0 هكذا فسره المصطفى صلى الله عليه وسلم في خبر سب الرجل والديه ، ولعل وجه تفسيره بذلك استبعاد أن يسب الرجل والديه بالمباشرة ، فإن وقع سبهما يكون واقعا بالتسبب فإذا استحق من تسبب لسبهما اللعنة فكيف حال المباشرة ؟! " ولعن الله من ذبح " وفي رواية لمسلم بدله من أهل وهو بمعناه " لغير الله " بأن يذبح باسم غير الله كصنم أو صليب أو لموسى أو عيسى أو الكعبة فكله حرام ولا تحل ذبيحته ، بل إن قصد به تعظيم المذبوح له وعبادته كفر ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله - : لا يشترط في كفر قصد تعظيم المذبوح له ، بل ذبحه له عبادة ) 0
قال ابن العربي : وفيه آكد ما في الأضحية من إخلاص النية لله العظيم بها " ولعن الله من أوى " أي ضم إليه وحمى " محدثا " بكسر الدال أي جانيا بأن يحول بينه وبين خصمه ويمنعه القود ، وبفتحها وهو الأمر المبتدع ومعنى الإيواء التقرير عليه والرضى به والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه " ولعن الله من غير " وفي رواية لمسلم أيضا من زحزح " منار الأرض " بفتح الميم علامات حدودها جمع منارة وهي العلامة التي تجعل بين حدين للجارين ، وتغييرها أن يدخلها في أرضه ، فيكون في معنى الغاصب 0 أفاده الزمخشري وقال غيره : أي أراد به من غير إعلام الطريق ليتعب الناس بإضلالهم ومنعهم عن الجادة ، والمنار العلم والحد بين الأرضين وأصله من الظهور ) 0 ( فيض القدير - باختصار - 5 / 275 ) 0


وقد ثبت أيضا من طريق طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( دخل النار رجل في ذباب ، قالوا وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : مر رجلان على قوم لهم صنم ، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا ، فقالوا لأحدهما : قرب ، قال : ليس عندي شيء أقرب ، قالوا : قرب ولو ذبابا ، فقرب ذبابا ، فخلوا سبيله ، فدخل النار ، وقالوا للأخر : قرب ، فقال : ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل ، فضربوا عنقه فدخل الجنة ) 0( أخرجـه الإمام أحمد في " الزهد " - ص 25 ، وأبو نعيم الأصبهاني في " حلية الأولياء " – 1 / 203 ، وابن أبي شيبة في مصنفه – 12 / 358 ) 0


قال الشيخ صالح بن عبدالله العصيمي :( صحيح موقوفا ولم يوجد مرفوعا - وقال أيضا : وقد تبع المصنف ( مصنف كتاب التوحيد ) ابن قيم الجوزية فإنه تورد الحديث في بعض كتبه - كما في تيسير العزيز الحميد ( ص 194 ) وفتح المجيد ( ص 148 عن أحمد بإسناده ) 0 ( الدر النضيد في شرح كتاب التوحيد - ص 49 ، 50 ) 0


قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب : وفي هذا الحديث مسائل :-
أولا : هذه القصة العظيمة وهي قصة الذباب 0
ثانيا : كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده ، بل فعله تخلصا من شرهم 0
ثالثا : معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين ، وكيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبهم مع كونهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر 0
رابعا : أن الذي دخل النار مسلم ، لأنه لو كان كافرا ، لم يقل دخل النار في ذباب 0
خامسا : فيه شاهد للحديث الصحيح : ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك ) 0 ( عن ابن مسعود وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنــده - 1 / 387 ، 413 ، 442 ، والإمام البخاري في صحيحه - كتاب الرقاق ( 29 ) - برقم ( 6488 ) ، أنظر صحيح الجامع 3115 - المشكاة 2368 ) 0

سادسا : معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان ) 0( كتاب مجموعة التوحيد - ص 185 ) 0


قال النووي :( الذبح لغير الله : المراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى ، كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى - صلى الله عليهما - أو للكعبة ونحو ذلك 00 فكل هذا حرام ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله - : بل كفر وشرك مخرج من الملة وإن لم يقصد التعظيم ) 0
ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا 00 نص عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا ، فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا فإن كان الذابح مسلما قبل ذلك صار بالذبح مرتدا ) . ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 122 ) 0

قلت : تعقيبا على ما ذكره المناوي والنووي حيث قالا " بل إن قصد به تعظيم المذبوح له وعبادته كفر " هذا الكلام لا يعني إباحة الذبح لغير الله دون تعظيم ونحوه ، فكل ذلك كفر بالله عز وجل ، ولا يجوز مطلقا الذبح لغير الله سواء كان تعظيما أو غير تعظيم أو مكرها أو تقربا ونحو ذلك من أسباب أخرى ، كما ورد في حديث طارق بن شهاب آنف الذكر 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :( ومما يتقرب به إلى الجن الذبائح ، فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، وروي أنه : " نهى عن ذبائح الجن " ) ( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وقد ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" – برقم ( 302 ) ، والسيوطي في " اللآلئ " - 2 / 226 – برقم ( 226 ) ، والشوكاني في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " – برقم ( 499 ) ، والكناني في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " – برقم ( 248 ) ، والطرابلسي في " الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي " – برقم ( 1097 ) ، والذهبي في " ترتيب الموضوعات " – برقم ( 727 ) ، والبيهقي في سننه - 9 / 314 ، وقال الألباني حديث موضوع ، أنظر السلسلة الضعيفة - برقم ( 240 ، 1000 ) 0 ) 0( مجموع الفتاوى - 19 / 52 ) 0


وقال الشيخ الألباني – رحمه الله - في تعقيبه على الحديث آنف الذكر : ( وأما ذبائح الجن : أن تشتري الدار وتستخرج العين وما أشبه ذلك فتذبح لها ذبيحة للطيرة 0وقال أبو عبيد : وهذا التفسير في الحديث معناه : إنهم يتطيرون إلى هذا الفعل مخافة أنهم إن لم يذبحوا فيطعموا أن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا ونهى عنه 0
قلت – والكلام للشيخ حفظه الله – لقد علمـت أن الحديث غير صحيح ، فالعمدة في النهي عن هذه الذبائح الأحاديث الصحيحة في
النهي عن الطيرة 0 والله أعلم ) 0( السلسلة الضعيفة - 1 / 272 ) 0


قال ابن القيم :( وكذلك من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به ، وتقرب إليه بمـا يحب ، فقد عبده ، وإن لم يسم ذلك عبادة ، بل يسميه استخداما 0 وصدق ، هو استخدام من الشيطان له ، فيصير من خدم الشيطان وعابديه ، وبذلك يخدمه الشيطان ، لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عبادة : فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده ، كما يفعل هو به ) 0 ( بدائع التفسير - 5 / 422 ) 0


قال الشبلي :( قال يحيى بن يحيى : قال لي وهب : استنبط بعض الخلفاء عينا وأراد إجراءها وذبح للجن عليها لئلا يغوروا ماءها فأطعم ذلك ناسا فبلغ ذلك ابن شهاب الزهري فقال : أما إنه قد ذبح ما لا يحل لـه وأطعم


الناس ما لا يحل لهم " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلمعن أكل ما ذبح للجن " ) ( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وقد ذكره الجوزي في " الموضوعات " – برقم ( 302 ) ، والسيوطي في " اللآلئ " - 2 / 226 – برقم ( 226 ) ، والشوكاني في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " – برقم ( 499 ) ، والكناني في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " برقم ( 248 ) ، والطرابلسي في " الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي " – برقم ( 1097 ) ، والذهبي في " ترتيب الموضوعات " – برقم ( 727 ) والبيهقي في سننه - 9 / 314 ، وقال الألباني حديث موضوع ، أنظر السلسلة الضعيفة -برقم ( 240 ، 1000 ) وقد ورد النص دون كلمة " أكل ) 0 ( آكام المرجان - ص 106 ) 0



قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ :( النذر والذبح من أنواع العبادة التي هي محض حق لله لا يصلح منها شيء لغير الله 0 لا لملك مقرب ،
ولا لنبي مرسل ، فضلا عن غيرهما 0 فمن نذر أو ذبح لغير الله فقد
أشرك بالله شركا يخرج به عن ملة الإسلام ، قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ، ( سورة الأنعام - الآية 162 - 163 ) 0
وقد أورد – رحمه الله - حديث طارق بن شهاب آنف الذكر ) 0 ( فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - 1 / 106 - جزء من فتوى صادرة عن مكتب الإفتاء برقم ( 2110 - 1 ) في 21 / 7 / 1388 هـ ) 0


يقول فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – : ( الذبح لغير الله من أجل شفاء المريض أو لغير ذلك من الأغراض شرك أكبر ، لأن الذبح عبادة ، قال تعالى : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) ( سورة الكوثر – الآية 2 ) 0
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ( سورة الأنعام – الآية 162 – 163 ) 0
فأمر سبحانه بأن يكون الذبح لله وحده ، وقرنه مع الصلاة ، كما أمر سبحانه بالأكل مما يذكر اسم الله عليه من الذبائح ، ونهى عن الأكل مما
لم يذكر اسـم الله عليه ، قال تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِأيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) ( سورة الأنعام – الآية 118 ) 0
إلى قوله تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ 000 ) 0 ( سورة الأنعام - الآية 121 ) 0

فالذبح لغير الله شرك أكبر لأي غرض من الأغراض سواء كان لأجل شفاء المريض كما يزعمون أو لغير ذلك من الأغراض ، وهذا الذي يأمر أقارب المريض بأن يذبحوا ذبيحة لا يذكرون اسم الله عليها مشعوذ يأمر بالشرك ، فيجب إبلاغ ولاة الأمور عنه ليأخذوا على يديه ، ويريحوا المسلمين من شره ) 0( المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - 2 / 122 - 123 ) 0


قال الدكتور عمر الأشقر : ( وبعض الناس يحاولون استرضاء الجني الذي يصرع الإنسان بالذبح له ، وهذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله وروي أنه نهى عن ذبائح الجن 0
وقد يزعم بعض الناس أن هذا من باب التداوي بالحرام ، وهذا خطأ كبير فالصواب أن الله لم يجعل الشفاء في شيء من المحرمات ، وعلى القول بجواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخمر ؛ فلا يجوز أن يستدل بذلك على الذبح للجني ، لأن التداوي بالمحرمات فيه نزاع لبعض العلماء ، أما التداوي بالشرك والكفر فلا خلاف بين العلماء في تحريمه ، ولا يجوز التداوي به باتفاق ) 0 ( عالم الجن والشياطين – ص 155 – 156 ) 0


2)- النذر لغير الله تعالى :-

لا يجوز النذر لإنسي أو جني ونحوه 0 يقول تعالى في محكم كتابه : ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) 0 ( سورة الإنسان - الآية 7 ) 0


قال ابن كثير :( أي يتعبدون الله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع ، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر ) 0 ( تفسير القرآن العظيم - 4 / 454 ) 0


قال شيخ الإسلام ابن تيمية :( وأما " النذر للموتى " من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى 0 سواء كان النذر نفقة أو ذهبا 00 وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 6 / 36 ، 41 ، 224 ، والإمام البخاري في صحيحه - كتاب الإيمان والنذور ( 28 ) - برقم ( 6696 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الإيمان والنذور ( 22 ) - برقم ( 3289 ) ، والترمذي فـي سننه – كتاب النذور والإيمان ( 1 ) – برقم ( 1580 ) ، والنسائي في سننه – كتاب الإيمان والنذور ( 28 ) ، وابن ماجة في سننه – كتاب الكفارات ( 16 ) – برقم ( 2126 ) ، أنظر صحيح الجامع 6565 ، صحيح أبي داوود 2815 ، صحيح الترمذي 1233 ، صحيح النسائي 3565 – 3566 ، صحيح ابن ماجة 1729 - الإرواء 967 ) 0
وقد اتفق العلماء على أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به بل عليه كفارة يمين في أحد قولي العلماء ، هذا إذا كان النذر لله ، وأما إذا كان النذر لغير الله فهو كمن يحلف بغير الله – وهذا شرك – فيستغفر الله منه وليس في هذا وفاء ولا كفارة ) 0( مجموع الفتاوى - 11 / 504 ) 0


قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : ( والنذر لغير الله باطل بإجماع المسلمين ، لأنه نذر لمخلوق ، والنذر للمخلوق شرك بالله ، حيث أن النذر عبادة ، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله ) 0 ( فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - فتوى صادرة من مكتب الإفتاء برقم 2110 - 1 في 21 / 7 / 1388 هـ ) 0


قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( من جهة أخرى هناك مخالفات شركية يقع فيه السحرة والمشعوذون والمتطببة في الرقي فيعطون أوراقا بها أسماء شياطين أو أسماء غير معروفة وهذا شرك بالله وقد يكون معه وصية بذبح لغير الله مما يخرج المرء من دين الإسلام لأنه شرك أكبر أو يأمرون الناس أن يفعلوا أمورا شركيـة وكفريـة كامتهان المصحف وإهانته ) 0 ( مجلة الدعوة - صفحة 23 - العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0


ج- شرك الطاعة :-

وهو مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم 0 إذ الحكم حقا هو حق من حقوقه تعالى ، كما قال سبحانه : ( 000 إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ 000 ) 0( سورة الأنعام – جزء من الآية 57 ، وسورة يوسف جزء من الآية – 40 ، 67 ) 0
وقال : ( وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ 000) ( سورة المائدة – جزء من الآية 49 ) 0
0 وقال جل شأنه : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ 000 ) . ( سورة الشورى - جزء من الآية 21 ) 0


د- شرك المحبة :-

وذلك بأن يحب مع الله غيره كمحبته لله أو أشد أو أقل ، محبة مستلزمة لغاية الذل والخضوع كما قال سبحانه : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءامَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) 0( سورة البقرة - جزء من الآية 165 ) 0


ولذلك كان الواجب على عموم الموحدين المؤمنين أن تكون علاقتهم مبنية على محبة الله وأن تكون هذه المحبة هي الأساس في النيات والمقاصد والأعمال والأقوال 0
وهذا الأمر يوجب عليهم الحرص على العلم والهدى الذي أنزله الله ، لأنه الطريق إلى معرفة ما يحبه الله فيفعلوه ومعرفة ما يبغضه الله فيتركوه 0 ومن لوازم هذه المحبة الذل والخضوع التام لله ورسوله لأنه لا يأمر إلا بما أمر الله به فإن المحبـة بلا ذل وخضوع لله تؤدي إلى الانحراف في فهـم الشرع ، وذلك بالخلط بين ما يأمر الله به وبين ما ينهى عنه ، وبين ما
يحبه وبين ما يبغضه ، إذ تكون الطاعة عنده هي موافقة القدر ، والقدر يشمل وقوع المحبوب والمبغوض كما قال القائل :

فصرت منفعلا لما يختاره فكل مـا أفعله طاعات

هـ- شرك الخوف :-

* حقيقته :-

والخوف هو الخشية من توقع المكروه سواء كان متيقنـا أو مظنونا 0 والمراد به هنا غايته ومنتهاه وكماله وهو لا يكون إلا لله وحده ، فمن جعله لغير الله ، أو جعله لله وغيره ، فقد أشرك بالله في عبادة الخوف ووجه كونه عبادة أنه مأمور به ، وكل ما أمر الله فهو عبادة لله ، فالخوف عبادة لله 0

وعلى ذلك فلا بد أن يصرف الخوف والرجاء لله سبحانـه وتعالى وحده ، فلا يخاف المسلم إلا الله ، ولا يرجو إلا إياه ، ويعيش بين
الخوف والرجاء من الله تعالى وحده ، فتارة يقدم الخوف على الرجاء ، إن أقدم على معصية ، وتارة أخرى يقدم الرجاء على الخوف إن تقرب إلى
الله تعالى بالطاعات ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، ( سورة البقرة - الآية 219 ) 0
وقـال تعالى : ( فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) 0 ( سورة المائدة - جزء من الآية 44 ) 0

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) : ( أي لا تخافوا منهم وخافوا مني ) ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 57 ) 0
0

* الشروط الواجبة في الخوف ليكون عبادة صحيحة ، ثلاثة أمور :-

الأول : أن يكون غاية ما يكون الخوف 0
الثاني : أن لا يوصل إلى سوء الظن بالله ، أو القنوط من رحمة الله 0
الثالث : أن يقترن خوفـه بذله لله ، وخضوعه له ، وانكساره بين يديه 0

* أنواع الخوف :-

أولا : الخوف الشركي ، وهو نوعان :-

الأول : الخوف السري ( الاعتقادي ) : كالخوف من الأصنام والأوثان والجن والشياطين والسحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين والمنجمين ، والاعتقاد بقدراتهم في جلب المصالح ودفع المضار 0 وقد خوف المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصنامهم وأوثانهم فقال سبحانه : (000 وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ 000 ) ( سورة الزمر - جزء من الآية 36 ) 0
0 كما أن ذلك حال المنافقين في دب الرعب والخوف بين المؤمنين ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ( سورة آل عمران - الآية 173 ) 0
وهذا النوع من الشرك محله القلب ، ولذا سمي اعتقاديا ، وهو شرك أكبر 0

الثاني : الخوف العملي : وهو الخوف من الناس المـؤدي إلى ترك الواجب ، أو عمل المحرم فهو ينافي كمال التوحيد ، فهو شرك أصغر0 ويدل عليه قوله سبحانه : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ) ( سورة آل عمران - جزء من الآية 173 ) 0


ثانيا : الخوف الطبيعي :

كالخوف مما يخاف منه طبعـا ، كالخوف من الأسد ، أو العـدو المباغت ، ونحو ذلك ، فإنه خوف جائز مباح 0 وقد وصف الله به رسوله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فقال : ( فخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ 0) ( سورة القصص - جزء من الآية 21 ) 0



ثالثا : الخوف التوحيدي الواجب :

وهو الخوف من الله غاية الخوف ومنتهاه ، وضد هذا الخوف هو الخوف الشركي الآنف الذكر 0


و- شرك التوكل :-

التوكل هو تفويض الأمر إلى الله ، والاعتماد عليه سبحانه وتعالى في تحصيل المطالب 0 والتوكل بهذا المعنى لا يجوز أن يكون لغير الله وحده ، لأنه عبادة فقد أمر الله المؤمنين به في قوله تعالى : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَىِ الَّذِى لا يَمُوتُ ) 0( سورة الفرقان - جزء من الآية 58 ) 0
وكل مأمور به فهو عبادة الله ، فالتوكل عبادة لله ومن صرف هذا التوكل لغير الله بأن يتوكل على غيره ، أو يتوكل على الله وغيره ، فهو مشرك بالله الشرك الأكبر 0

والتوكل عمل قلبي ، وهو على ثلاثة أقسام :-

الأول : التوكل الشركي ( الاعتقادي ) : وهو الاعتماد بالقلب على غير الله في جلب المنافع ودفع المضار ، كالتوكل على الصنم والوثن ، أو الإنس وخاصة السحرة والمشعوذون والكهنة والعرافون ، والجن وغيرها 0 وهو على نوعين :-
الأول : الاعتماد على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وهو شرك أكبر ، وهذا الأمر ملاحظ لدى الكثير من عامة الناس في توجههم للجن والسحرة واعتقادهم بأن لهم تلك القدرات التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى 0

الثاني : الاعتماد بالقلب على الأحياء الحاضرين القادرين فيما يقدرون عليه مما أقدرهم الله من جلب نفع أو دفع ضر فهو شرك أصغر ، وقد يطلق عليه التوكل على الأسباب الظاهرة ، ومثاله اعتماد كثير من الناس بقلوبهم على السحرة والمشعوذين والجن والشياطين 0

وكثير من المسلمين اليوم يعتقد جازما أن السحرة والعرافين والمشعوذين يقدرون خيرا أو يمنعون ضرا ، وهذا يوقعهم في شرك عظيم وخطر جسيم ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ( سورة يونس - الآية 107 ) 0


قال ابن كثير : ( فيه بيان لأن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده ، لا يشاركه في ذلك أحد ، فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له ( وهو الغفور الرحيم ) أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه ) 0 ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 416 ) 0


ولا بد من الاعتقاد الجازم بأن كل شيء بأمر الله ، فلا يقع أمر ولا
يحل خير أو يرتفع إلا بأمره سبحانه وتعالى ، والاعتماد بالقلب على غير الله في جلب المنافع ودفع المضار يعتبر توكل شركي اعتقادي ومثاله
التوكل على الساحر والمشعوذ والصنم والوثن ، أو الإنس والجن وغيرها 0
وهكذا فإن ترسيخ هذا المعنى والاعتقاد في كيان العبد المسلم يولد
يقينا خالصا بأن ما أصابه ما كان ليخطئه ، وما اخطأه ما كان ليصيبه ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَعَلَى اللَّهِ فلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ) ( سورة المجادلة - جزء من الآية 10 ) 0


قال القرطبي :( أي يكلون أمرهم إليه ، ويفوضون جميع شؤونهم إلى عونه ، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شر ، فهو الذي سلط الشيطان بالوساوس ابتلاء للعبد وامتحانا ولو شاء لصرفه عنه ) ( الجامع لأحكام القرآن - 17،18 / 191 ) 0

الثاني : التوكل في تصريف بعض أمور الدنيا : كأن يوكل إنسانا عنه في قضاء بعض مصالحه الدينية والدنيوية : كالوكالة في الحج ، أو البيع
والشراء ، فهذا جائز 0

الثالث : التوكل التوحيدي : وهو التوكل الواجب ، وهو الذي يكون باعتماد القلب على الله ، وتفويض الأمور لله جل شأنه ، وضده التوكل الشركي 0


2)- الشرك الأصغر :-

* تعريفه :

هو تسوية غير الله بالله في هيئة العمل ، أو أقوال اللسان 0 فالشرك في هيئة العمل هو الرياء 0 والشرك في أقوال اللسان : هو الألفاظ التي فيهـا معنى التسوية بين الله وغيره ، كقوله : ما شاء الله وشئت 0 وقوله : اللهم اغفر لي إن شئت 0 وقوله : عبد الحارث ، ونحو ذلك 0

* أنواعه :-

وللشرك الأصغر أنواع كثيرة ، يمكن حصرها بحسب محلها فيما يلي :-

أولا : شرك قولي : وهو الحلف بغير الله معظما له كتعظيم الله ، ويكون باللسان ، كقولـه : ( ما شاء الله وشئت ) ، وقوله ( قاضي القضاة ) والتعبيد لغير الله ، كعبد النبي وعبد الرسول ونحوه 0

ثانيا : شرك فعلي : وهو المراءاة بأصل الإيمان ، أو أن يغلب الرياء
على أعماله ، أو يغلب عليها إرادة الدنيا بحيث لا يريد بها وجه الله 0
كالتطير ، وإتيان الكاهن وتصديقه ، والاستعانـة على كشف السارق ونحوه بالعرافين ، ومنـه تصديق المنجمين والرمالين وغيرهـم من المشعوذين 0
ثالثا : شرك قلبي: كالرياء والسمعة ، وإرادة الدنيا ببعض الأعمال 0

وكل قسم من أنواع الشرك الأصغر ممكن أن ينقلب إلى شرك أكبر ، وذلك إذا صحبه اعتقاد قلبي ، وهو تعظيم غير الله كتعظيمه ، أو كان
في أصل الإيمان أو كثر حتى غلب على عمل العبد 0

فالأول : كالحلف بغير الله معظما له كتعظيم الله 0

والثاني : كالمراءاة بأصل الإيمان ، أو أن يغلب الرياء على أعماله ،
أو يغلب عليها إرادة الدنيا بحيث لا يريد بها وجه الله 0 والعمل بهذا الاعتبار الأخير على أربعة أنواع :-

الأول : أن يكون قصده بالعمل هو الجزاء عليه في الدنيا من حفظه وتنميته وتكثيره ، ولا هم له ، ولا طلب للآخرة 0 فهذا يعطى نصيبه في الدنيا ، وليس له في الآخرة نصيب ، وهو من الشرك الأكبر 0

الثاني : أن يقصد بعمله الناس ، ولا يريد به وجه الله وثوابه وتجنب عقابه 0 فهذا هو الرياء بالأعمال ، والسمعة بالأقوال ، وهو شرك أصغر إذا لم يكثر ولم يكن في أصل الإيمان ، فإن كان كذلك فهو شرك أكبر 0

الثالث : أن يقصد بالعمل الصالح المال ، كأن يحج لمال يأخذه ، أو لزوجة يريدها ، أو يجاهد من أجل الغنيمة ، وكمن يتعلم من أجل المنصب المرموق أو الرئاسة ، أو يحفظ القرآن من أجل أن يعين إماما لمسجد ، ونحو ذلك 0 وهو من الشرك الأصغر 0

الرابع : أن يكون العمل الصالح مخلصا لله فيه لكنه قد وقع فيما
يكفر كفرا أكبر ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ منْ الْمُتَّقِينَ ) ( سورة المائدة - جزء من الآية 27 ) 0 فهذا لا ينفعه عمله فقد كفر ، قال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ 000 ) ( سورة إبراهيم – جزء من الآية 18 ) 0
وقال جل شأنه : ( 00 لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ 00 ) ( سورة الزمر – جزء من الآية 65 ) 0

3)- الشرك الخفي :-

تعريفه : هو ما خفي من حقائق إرادة القلوب ، وأقوال اللسان مما فيه تسوية بين الله وخلقه ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا ، يهوي بها سبعين خريفا في النار ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 2 / 236 ، والترمذي في سننه - كتاب الزهد ( 7 ) - برقم ( 2430 ) ، وابن ماجـة في سننـه - كتـاب الفتن ( 12 ) - برقم ( 3970 ) ، والحاكم في المستدرك - ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1618 ، صحيح الترمذي 1884 ، صحيح ابن ماجة 3206 ، السلسلة الصحيحة 540 ) 0
وقال - عليه الصلاة والسلام - كما ثبت من حديث محمود بن لبيب :( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ) ، ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 5 / 427 ، 428 ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1555 ، السلسلة الصحيحة 951 - صحيح الترغيب 29 ) 0
وقال الله تعالى مخبرا عن نبيه إبراهيم أنه قال : ( وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ ) ( سورة إبراهيم - جزء من الآية 35 ) 0
ويمكن أن يجعل الشرك الخفي نوعا من الشرك الأصغر 0 فيكون الشرك حينئذ نوعين : شرك أكبر : ويكون في عقائد القلوب ، وشرك أصغر : ويكون في هيئة الأفعال : وأقوال اللسان ، والإرادات الخفية 0

* هديه صلى الله عليه وسلم في دفع الشرك الأصغر :-

ولذا كان حريا بالمسلم الاهتمام بجانب العقيدة غاية الاهتمام ، والحرص على تحري الصراط المستقيم ، والتمسك بالكتاب والسنة وأقوال أهل العلم وأئمتهم ، لكي ينجو بنفسه من الوقوع في الكفر أو الشرك أو الابتداع أو المعصية ، وقد أوضحت الشريعة بعض الأذكار والأدعية التي تقي المسلم وتدفع عنه صغار الشرك وكباره ، ومن تلك الأذكار :-

1- قراءة سورة الكافرون والنوم على خاتمتها :-

كما في حديث - نوفل بن معاوية - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ : ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 4 / 64 ، 65 - 5 / 376 ، 378 ، 456 ، وأبو داوود في سننه - كتاب الأدب - ( 107 ) - باب ما يقال عند النوم - برقم ( 5055 ) ، والترمذي في سننـه – كتاب الدعوات - ( 22 ) – برقم ( 3643 ) ، والنسائي في " السنـن الكبـرى " - 6 / 200 - كتـاب عمـل اليـوم والليلـة ( 187 ) - برقم ( 10636 - 10640 ) ، والدارمي في سننـه - كتـاب فضائل القرآن ( 23 ) ، والحاكم في المستدرك - 2 / 587 ، والبيهقي في شعب الإيمـان ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح الجامع 292 ، صحيح أبي داوود 4227 ، صحيح الترمذي 2709 - المشكاة 2161 ) 0

قال المناوي :( أي إذا أتيت محل نومك ، يعني وضعت جنبك بالأرض لتنام " من الليل " بيان لزمن الاضطجاع وذكره للغالب ، فالنهار كذلك فيما أظن بل يظهر أنه لو أراد النوم قاعدا كان كذلك فاقرأ ندبـا
سورة " قل يا أيها الكافرون " أي السورة التي أولها كذلك ، ثم نم على خاتمة قراءتك لها أو اجعلها خاتمة كلامك ثم نم ، فإن السورة المذكورة متضمنة للبراءة من الشرك وهو عبادة الأوثان ، لأن الجملتين الأوليين
لنفي عبادة غير الله تعالى حالا والأخيرتان لنفي العبادة مالا ) 0 ( فيض القدير - بتصرف - 1 / 251 ) 0


2- الدعاء بـ ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم ) :-

ومن هديه – عليه الصلاة والسلام – لدفع صغار الشرك وكباره ما ثبت من حديث أبي بكر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، ( قال صاحب لسـان العرب : دب النمل وغيره من الحيوان على الأرض ، يدب دبا ودبيبا : مشى على هينته 0 ودبيب أدب دبة خفية ، وإنه لخفي – لسان العرب – 1 / 369 ) 0
وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره ، تقول : اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم ) 0 ( أخرجه الحكيم ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 3731 ) 0


قال المناوي :( قال الحكيم : صغار الشرك كقوله ما شاء الله وشئت وكباره كالرياء " تقول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم تقولها ثلاث مرات " يحتمل كل يوم ويحتمل كلما سبق إلى النفس الوقوف مع الأسباب وذلك لأنه لا يدفع عنك إلا من
ولى خلقك فإذا تعوذت به أعاذك لأنه لا يخيب من التجأ إليه وقصر نظر
قلبه عليه وإنما أرشد إلى هذا التعوذ لئلا يتساهل الإنسان في الركون إلى الأسباب ويرتبك فيها حتى لا يرى التكوين والتدويم إلا رؤية الإيمان بالغيب فلا يزال يضيع الأمر ويهمله حتى تحل العقدة منه عقلة الإيمان فيكفر وهو لا يشعر فأرشده إلى الاستعاذة بربه ) 0 ( فيض القدير - 4 / 173 ) 0


فسبب فساد الأعمال هو وجود ضد الإيمان والتوحيد ، وهو الكفر والشرك الأكبران ، والأعمال ركن الإيمان والتوحيد ، فلا إيمان ولا
توحيد إلا بعمل خالص موافق لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك يتبين أن
من إخلاص التوحيد لله سبحانه - البعد عن الشركيات التي تفتح للشياطين بابا واسعا للتسلط على رقاب المسلمين ، فيدمروا عقائدهم وينحرفوا بفطرهم السوية ، ويقودوا من سايرهم إلى النار 0






تعليقات حول هذه المقاله
العنوانالكاتبوقت الإضافه

تصويت
ما رأيك في هذا لموقع ؟
ممتاز
جيد جدا
جيد
نتائج التصويت



الحقوق محفوظة لكل مسلم راسلنا بشرط عدم الاستخدام التجاري
الصفحة الرئيسة