إبحث عن:
القائمة الرئيسيه
البدايه
الأقسام

تسجيل الدخول
إسم المستخدم:

كلمة المرور:


تسجيل
هل نسيت كلمة المرور

أقسام الموقع


المقالات الأكثر قرائة
1 الشاب اليافع وكتاب ( شمس المعارف الكبرى ) !!!
2 قصة فتاتنا الخليجية ؟!!!
3 * ضعف جنسي يسببه السحر القوي !!!
4 أرادت أن تمارس الرقية الشرعية !!!
5 الدروس اليومية (36)

قراءة المقاله



الدروس اليومية (14)
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 02/02/2004 - 2613 زوار        


الدروس اليومية
في السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (1)
( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ـ من بداية صفحة رقم 313 ـ إلى نهاية صفحة رقم 368) .


* المبحث الخامس : كيفية الرقية :-

أولا : حكم النفث والتفل في الرقية :-

النفث : قال ابن الأثير : ( النفث : نفخ يسير مع ريق يسير وهو أقل من التفل وقيل أنه بلا ريق ) 0 ( النهاية في غريب الحديث – 5 / 88 ) 0


التفل : قال ابن الأثير : ( التفل شبيه بالبزاق وهو أقل منه ) 0 ( النهاية في غريب الحديث – 1 / 192 ) 0


ومما يدل على هاتين الكيفيتين النصوص الحديثية التالية :-

النفث :-

1)- عن أبي قتادة – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الرؤيا الصالحة من الله ، والرؤيا السوء من الشيطان فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدا 0 فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر بها إلا من يحب ) 0 ( أخرجه الامام مسلم في صحيحه – كتاب الرؤيا ( 3 ) – برقم ( 2261 ) ، والنسائي في السنن الكبرى – 4 / 383 – كتاب التعبير ( 3 ) – برقـم ( 7627 ) بسند آخر واللفظ بنحوه ، وقال الألباني حديث صحيح ، انظر صحيح الجامع 3532 ) 0

2)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده ، رجاء بركتها ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنـده - 6 / 104 ، 114 ، 256 ، 263 – متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب فضائل القرآن ( 14 ) – برقم ( 5016 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 50 )- برقم ( 2192 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 3902 ) – والإمام مالك في الموطأ – عين ( 10 ) ، أنظر صحيح أبي داوود 3302 ) 0

3)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده ) 0 ( متفق عليه - أخرجه الإمام البخـاري فـي صحيحـه - كتـاب المغازي ( 83 ) - برقم ( 4439 ) - وكتاب فضائل القرآن ( 14 ) - برقم ( 5016 ) - وكتاب الطب ( 32 ، 41 ) - برقم ( 5735 ، 5751 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 51 ) - برقم ( 2192 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الطب ( 19 ) - برقــم ( 3902 ) ، والنسائي في الكبرى - 4 / 367 ، 6 / 250 - كتاب الطب ( 39 ) - برقم ( 7544 ) - وكتاب عمل اليوم والليلة ( 241 ) - برقم (10847) ، وابن ماجة في سننه -كتاب الدعاء = = ( 15 ) - برقم ( 3875 ) ، أنظر صحيـح الجامع 4673 ، أنظر صحيح أبي داوود 3302 ، صحيح ابن ماجة 3125 ) 0

4)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات ) 0 ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 50 )- باب استحباب رقية المريض - برقم ( 2192 ) ، أنظر صحيح الجامع 4783 ) 0

5)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ } قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ { ( سورة الإخلاص ـ الآية 1 ) و } قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ { ( سورة الفلق ـ الآية 1 ) و } قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ { ( سورة الناس ـ الآية 1 ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا ) 0( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب فضائل القرآن - باب فضل المعوذات ( 14 ) - برقم ( 5017 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الأدب ( 107 ) - برقم ( 5056 ) ، والترمذي في سننه - كتاب الدعوات ( 21 ) - برقم ( 3642 ) ، والنسائي في السنـن الكبرى - 6 / 197 - كتاب عمل اليوم والليلة ( 186 ) - برقم ( 10624 ) ، أنظر صحيح البخاري 716 ، صحيح أبي داوود 4228 ، صحيح الترمذي 2708 ) 0

التفل :-

1)- عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح ، قال باصبعه : هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها ، وقال :( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 6 / 93 – متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتـاب الطـب ( 38 ) – برقم ( 5745 ، 5746 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 54 )- برقم ( 2194 ) ، وأبو داوود في سننه – كتـاب الطـب ( 19 ) - برقـم ( 3895 ) ، والنسائي في السنن الكبرى - 6 / 253 - كتاب عمل اليوم والليلة ( 245 ) - برقم ( 10862 ) ، وابن ماجة في سننـه - كتاب الطب ( 36 ) - برقم ( 3521 ) ، وابن السني - برقم ( 581 ) ، أنظر صحيح أبي داوود 3296 ، صحيح ابن ماجة 2837 ) 0

قال الحافظ بن حجر : ( وقوله بريقة بعضنا " يدل على أنه كان يتفل عند الرقية ) 0 ( فتح الباري – 10 / 208 ) 0

2)- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – والحديث طويل -والشاهد فيه : ( فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه ، ويقرأ : الحمد لله رب العالمين ، فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قلبة ، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 3 / 2 ، 10 ، 44 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحـه – كتــاب الاجارة ( 16 ) - برقــم ( 2276 ) - وكتاب فضائل القرآن ( 9 ) - برقم ( 5007 ) - وكتاب الطـب ( 33 ، 39 ) - برقم ( 5736 ، 5749 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 65 ) - برقم ( 2201 ) ، وأبو داوود في سننه - كتـاب الطب ( 19 ) - برقـم ( 3900 ) ، والترمذي في سننه - كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 2157 ، 2158 ) ، والنسائي في السنن الكبرى- 4 / 364 ، 6 / 254 - كتاب الطب ( 33 ) - برقم ( 7532 - 7533 ) - وكتاب عمـل اليـوم والليلـة ( 247 ) - برقــم ( 10866 - 10869 ) ، وابن ماجـة في سننـه - كتاب التجارات ( 7 ) - برقم ( 2156 ) ، والدارقطني والبيهقي - ( 6 / 124 ) أنظر صحيح أبي داوود 3300 ، صحيح الترمذي 1685 ، 1686 ، صحيح ابن ماجة 1749 - الإرواء 1556 ) 0

* كيفية النفث والتفل :- ...

ولأهمية موضوع النفث والكيفية المتعلقة به ، فسوف أنقل كلاما مختصرا لبعض أهل العلم ومن هؤلاء النووي والزمخشري نقلا عن المناوي أورداه في كتابي صحيح مسلم بشرح النووي وفيض القدير بشرح الجامع الصغير ، مع الإشارة إلى ذلك في موضع آخر من الكتاب في هذا الفصل ، المبحث الثالث ( موقف الاسلام من الرقى ) تحت عنوان ( الرقية بالمعوذتين )
مفاده الآتي :-

قال النووي :( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات هي بكسر الواو والنفث نفخ لطيف بلا ريق 0 فيه استحباب النفث في الرقية ، وقد أجمعوا على جوازه ، واستحبه الجمهـور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم 0 قال القاضي : وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقى ، وأجازوا فيها النفخ بلا ريق ، وهذا المذهب والفرق إنما يجيء على قول ضعيف 0 قيل : إن النفث معه ريق 0 قال : وقد اختلف العلماء في النفث والتفل ، فقيل : هما بمعنى ، ولا يكونان إلا بريق 0 قال أبو عبيد : يشترط في التفل ريق يسير ، ولا يكون في النفث ، وقيل عكسه 0 قال : وسئلت عائشة عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقيـة ، فقالت : كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه 0 قال : ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ، ولا يقصد ذلك ، وقد جاء في حديث الذي رقى بفاتحة الكتاب : فجعل يجمع بزاقه ويتفل 0 والله أعلم 0
قال القاضي : وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة ( يقول الدكتور ابراهيم البريكان – حفظه الله - : هذا بالنسبـة له صلى الله عليه وسلم دون غيره ، إذ التبرك بآثار غيره أمر محرم بل هو من الشرك الأصغر أو الأكبر بحسب اعتقاد المتبرك ) 0 والهواء والنفس المباشرة للرقية ، والذكر الحسن 0
لكن قال : كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى 0 وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13،14،15 – 351 – 352 ) 0

قال المناوي :( قال الزمخشري : والنفث بالفم شبيه بالنفخ ويقال نفث الراقي ريقه وهو أقل من التفل والحية تنفث السم ومنه قولهم لا بد للمصدور أن ينفث ، " ومسح عنه بيده " أي بيمينه مسح من ذلك
النفث أعضاءه وقال الطيبي الضمير في عنه راجع إلى ذلك النفث والجار والمجرور حال ، أي نفث على بعض جسده ثم مسح بيده متجاوزا عن ذلك النفث إلى جميع أعضائه 0 قال الحكيم : جاء في رواية بدل فنفث
فقرأ فدل على أن النفث قبل القراءة ، وفي حديث بدأ بذكر القرآن ثم النفث 0 وفي آخر بدأ بذكر النفث بالقراءة 0 فلا يكون النفث إلا بعد القراءة ، وإذا فعل الشيء لشيء كان ذلك الشيء مقدما حتى يأتي
الثاني 0 وفي حديث آخر نفث بـ " قل هو الله أحد " وذلك يدل على أن القراءة تقدم ثم نفث ببركتها ) 0( فيض القدير - باختصار - 5 / 101 ) 0

قال ابن حجر في الفتح :( قال القاضي عياض : فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه ذكر الله تعالى ، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله – هذا النقل فيه نظر فليس المقصود التبرك بالرطوبة والهواء ولكن المقصود مباشرة أثر الرقي للعضو المريض كما هو الظاهر من فعله – صلى الله عليه وسلم – وفعل أصحابه – رضي الله عنهم - ) 0
، وقد يكون على سبيل التفاؤل بنزول ذلك الألم عن المريض ، كانفصال ذلك عن الراقي ) 0 ( فتح الباري - 10 / 197 ) 0

قال الشوكاني :( قال ابن أبي جمرة : محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها 0 ( انظر البند الأول من الهامش السفلي ) 0( نيل الأوطار- 3 / 290 ) 0


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن التوفيق بين كون التبرك بغير ريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين حديث " بسم الله تربة أرضنا000الحديث " فأجاب – حفظه الله - :-

( ذكر بعض العلماء أن هذا مخصوص برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأرض المدينة فقط وعلى هذا فلا إشكال 0 ولكن رأي الجمهور أن هذا ليس خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأرض المدينة بل هو عام في كل راق وفي كل أرض ولكنه ليس من باب التبرك بالريق المجردة بل هو ريق مصحوب برقية وتربة للاستشفاء وليس لمجرد التبرك 0
وجوابنا في الفتوى السابقة هو التبرك المحض بالريق وعليه فلا إشكال لاختلاف الصورتين ) 0 ( نيل الأوطار- 3 / 290 ) 0

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( ويتصل بالرقية الشرعية أن الرقية الغرض منها إيصال القرآن أو الدعاء إلى المرء إذا كان عن طريق النفخ أو التفل ورجح أن الجميع جائز ، فإن كان ينفخ وهو إخراج هواء وليس معه شيء من الريق فهو جائز وإن كان ينفث وهو المشروع والذي كان عليه الصلاة والسلام يقرأ ويتعوذ وينفث في يديه وينفث على المريض وأما أن تكون أعظم من النفث الذي هو إخراج بعض الريق مع الهواء فيكون التفل يعني يقرأ الفاتحة وإذا ختم ينفث مع بعض الريق أو يتفل ) 0 ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0

قلت : فالأحاديث آنفة الذكر وكلام أهل العلم يدل على جواز النفث والتفل في الرقية ؛ وبه قال جماعة من الصحابة وهو مذهب جمهور العلماء0

* قول بعض أهل العلم بعدم جواز النفث والتفل في الرقية :-

قال الأستاذ عكاشة عبدالمنان الطيبي : ( قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يعقد 0
وقال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقى 0
وقال بعضهم : دخلت على الضحاك وهو وجع ، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ قال : بلى ، ولكن لا تنفث ، فعوذته بالمعوذتين 0
وقال ابن جريج : قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا 0 ثم قال بعد : انفث إن شئت 0
وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها فقال : لا أعلم بها بأساً ، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة ) 0 ( نقلاً عن الاستشفاء بالقرآن والدعاء – ص 115 ) 0

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كراهة النفث في الرقية كإبراهيم النخعي وعكرمة والحكم وحماد والأسود بن زيد ، والضحاك فمنهم من كرهه مطلقا ومنهم من كرهه عند قراءة القرآن 0

وحجتهم في ذلك أن الله عز وجل أمر بالاستعاذة من النفث ومن
فاعله قال تعالى : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ ) 0( سورة الفلق - الآية 4 ) 0

* رد أهل العلم على القائلين بعدم جواز النفث والتفل في الرقية :-

وقد أجاب على ذلك أهل العلم حيث أفادوا الآتي :-
* قال ابن بطال : ( ليس في ذمه عز وجل نفث أهل الباطل ما يوجب أن يكون كل نافث ونافثة للحق في معناه ، لأن النفاثات التي أمر الله
تعالى نبيه بالاستعاذة من شرهن السحرة ، أما من نفث بالقرآن وبذكر الله تعالى على النحو الذي كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينفثون فليس ممن أمر الله تعالى بالاستعاذة من شره0 وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نفث على نفسه بالمعوذات وأقر الصحابي الذي تفل على اللديغ بالفاتحة ) ، ( شرح البخـاري لابن بطال – ( خ ) لوحة ( 189 ) – نقلا عن أحكام الرقى والتمائم – 57 ) 0

* قال القرطبي : ( ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان فلا يقاس ما ينفع بما يضر ) 0 ( الجامع لأحكام القرآن – 20 / 258 ) 0

* قال ابن حجر : ( أما من كره النفث عند قراءة القرآن خاصة كإبراهيم النخعي فالحجة عليه الأحاديث التي ثبت فيها نفث النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذات وإقراره للصحابي الذي رقى اللديغ عندما كان يتفل في الرقية ) 0 ( فتح الباري - 10 / 209 ) 0

قال الأستاذ عكاشة عبدالمنان الطيبي : ( وأما ما روى عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به ، فلا يكون بنفسه عوذة ، وليس هذا هكذا ، لأن النفث في العقد إذا كان مذموماً لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموماً ، ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان فلا يقاس ما ينفع بما يضر 0 وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة ) 0 ( الاستشفاء بالقرآن والدعاء – ص 115 ) 0

قلت : والراجح بل الصحيح في هذه المسألة هو جواز النفث والتفل في الرقية ، ويصح النفث أو التفل في الرقية أو معها أو بعدها كما سوف يتضح لاحقاً ، وهذا ما أكددته النصوص الحديثية ، وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك والله تعالى أعلم 0
ثانيا : حكم النفث قبل القراءة أو بعدها أو معها ؟

إن المتأمل في النصوص آنفة الذكر والواردة في الكيفية الخاصة بالرقية يرى جواز النفث أو التفل قبل القراءة أو بعدها أو معها ، وأذكر هنا بعض النصوص الدالة على ذلك :-

* النفث أو التفل قبل الرقية :-

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ( سورة الإخلاص - الآية 1 ) 0 و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ( سورة الفلق - الآية 1 ) 0 و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ( سورة الناس - الآية 1 ) 0
ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا ) 0( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب فضائل القرآن - باب فضل المعوذات ( 14 ) - برقم ( 5017 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الأدب ( 107 ) - برقم ( 5056 ) ، والترمذي في سننه - كتاب الدعوات ( 21 ) – برقـم ( 3642 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " - 6 / 197 - كتـاب عمـل اليـوم والليلـة ( 186 ) - برقم ( 10624 ) ، أنظر صحيح البخاري 716 ، صحيح أبي داوود 4228 ، صحيح الترمذي 2708 ) 0

* النفث أو التفل بعد الرقية :-

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده ، رجاء بركتها ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنـده - 6 / 104 ، 114 ، 256 ، 263 – متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب فضائل القرآن ( 14 ) – برقم ( 5016 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 50 )- برقم ( 2192 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 3902 ) – والإمام مالك في الموطأ – عين ( 10 ) ، أنظر صحيح أبي داوود 3302 ) 0

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( ولا بأس أيضا بوضع اليد على موضع الألم ومسحه بعد النفث عليه ، كما أنه يجوز القراءة ثم النفث بعدها على البدن كله وعلى موضع الألم للأحاديث المذكورة ، والمسح هو أن ينفث على الجسد المتألم بعد الدعاء أو القراءة ثم يمر بيده على ذلك الموضع مرارا ، ففي ذلك شفاء وتأثير بإذن الله تعالى ) 0 ( الفتاوى الذهبية - ص 18 ) 0

ثالثا : حكم الرقية دون نفث أو تفل :-

إن المتتبع للنصوص الحديثية يرى جواز الرقية بدون نفث وتفل ، وأستعرض بعض تلك النصوص :-

1)- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – : ( أن جبريل - عليه السلام - أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ! اشتكيت ؟ فقال : ( نعم ) ، فقال جبريل – عليه السلام - : ( باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 2 / 446 - 3 / 28 ، 56 ، 58 ، 75 - 4 / 125 - 5 / 323 ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 40 ) - برقم ( 2186 ) ، والترمذي في سننه - كتاب الجنائز ( 4 ) - برقم ( 985 ) ، والنسائي في السنن الكبرى - 6 / 249 - كتاب عمـل اليوم والليلة ( 238 ) – برقم ( 10842 - 10843 ) ، وابن ماجـة في سننـه - كتاب الطـب ( 36 ) - برقم ( 3523 ) ، أنظر صحيح الترمذي 777 ، صحيح ابن ماجة 2840 ) 0

2)- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول :( أعيذكمـا بكلمات الله التامة من كل شيطان

وهامة ومن كل عين لامة ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 1 / 236 ، والإمام البخاري في صحيحه - كتاب الأنبياء ( 10 ) - برقم ( 3371 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب السنة ( 21 ) - برقم ( 4737 ) ، والترمذي في سننه - كتاب الطب ( 17 )- برقم ( 2153 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى "- 6 / 250 - كتاب عمل اليوم والليلة ( 240 ) - برقم ( 10845 ) ، وابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 36 ) - برقم ( 3525 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح أبي داوود 3963 ، صحيح الترمذي 1683 ، صحيح ابن ماجة 2841 - الكلم الطيب 144 ) 0

رابعا : حكم مسح الجسد باليد بعد الرقية :-

بحيث يقوم الراقي أو المريض بعد الرقية الشرعية بمسح جسده أو جسد غيره ، ودليل ذلك :-

- عن ابن مسعود وعائشة ومحمد بن حاطب وجميلة بنت المجلل - رضوان الله تعالى عنهم أجمعين - : قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له ، وفي رواية يعوذ بعضهم بمسحه بيمينه ويقول :( أذهب الباس 0 رب الناس 0 واشف أنت الشافي 0 لا شفاء إلا شفاؤك 0 شفاء لا يغادر سقما ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 6 / 44 ، 45 ، 109 ، 115 ، 126 ، 127 ، 131 ، 261 ، 278 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحـه – كتاب الطب ( 38 ) – برقم ( 5743 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتـاب السلام ( 46 ، 47 ، 48 ) - برقم ( 2191 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 3890 ) - واللفظ بنحوه ، وابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 36 ) - برقم ( 3520 ) ، والنسائي في السنن الكبرى - 4 / 367 - 6 / 251 - كتاب الطب ( 40 ) - برقم ( 7545 ) - وكتاب عمل اليوم والليلة ( 242 ، 244 ) - برقــم ( 10849 ، 10853 ) - ( 10855 ) ، وابن حبان في صحيحه - برقم ( 2976 ) ، والحاكم في المستدرك - 4 / 63 ، أنظر صحيح الجامع 855 ، صحيح أبي داوود 3292 ، صحيح ابن ماجة 2837 - الكلم الطيب 146 ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح :( قال ابن بطال في وضع اليد على المريض : تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعوا له بالعافية على حسب ما يبدوا له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمـه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا ) 0 ( فتح الباري - 10 / 126 ) 0

قال النووي : ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكـى منا إنسان مسحه بيمينه ، ثم قال " أذهب الباس " إلى آخره فيه استحباب مسح المريض باليمين ، والدعاء له ، ومعنى " لا يغادر سقما " أي لا يتـرك ، والسقم بضم السين وإسكان القاف ، وبفتحهما ، لغتان ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 351 ) 0


خامسا : حكم وضع اليد على مكان الألم عند الرقية :-

بحيث يضع الراقي أو المريض يده مكان الألم عند الرقية ، ودليل ذلك :-

عن عثمان بن أبي العاص الثقفي - رضي الله عنه - أنه شكا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل : بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد ، وأحاذر ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد فـي مسنـده – 4 / 21 ، 217 ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 67 ) : باب استحباب وضع يده على موضع الألم ، مع الدعاء – برقم ( 2202 ) ، وأبو داوود في سننه – كتـاب الطب ( 19 ) – برقم ( 3898 ) ، والترمذي في سننه – كتاب الطب ( 27 ) – برقم ( 2177 ) ، والنسائي في " السنن الكبـرى " - 4 / 367 ، 6 / 248 - كتاب الطب ( 40 ) - برقم ( 7546 ) - وكتاب عمل اليوم والليلة ( 237 ) - برقم ( 10837 - 10838 ) وابن ماجة في سننه - كتـاب الطـب ( 36 ) - بنحوه برقم ( 3522 )، والإمام مالك في الموطأ- 2 / 942 ، أنظر صحيح أبي داوود 3293 ، صحيح الترمذي 1696 ، صحيح ابن ماجة 2839 - الكلم الطيب 147- واللفظ لمسلم ) 0

قلت : ولا بد للمعالج أن يحرص في تعامله مع النساء ، فلا يجوز له أن يلمس أو أن يضع يده على أي جزء من أجسامهن لثبوت الأدلة النقلية في ذلك ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة بحث هذه المسألة مفصلة في هذه السلسلة ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان ( التقيد بالأمور الشرعية الخاصة بالنساء ) 0
سادسا : حكم الرقية في الماء وشربه :-

وكيفية ذلك أنه يؤتى بماء في إناء ونحوه ثم يقرأ عليه بالرقية المشروعة وينفث أو يتفل فيه ، أو أن يقرأ بالرقية الشرعية ثم ينفث أو يتفل في الماء ، وقد أفاد العلماء الأجلاء بمشروعية ذلك ، حيث قالوا :-

قال محمد بن مفلح :( وقال صالح بن الإمام أحمد : ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي : اشرب منه ، واغسل وجهك ويديك 0
ونقل عبدالله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقــرأ عليه ويشربه ، ويصب على نفسه منه 0
قال عبدالله : ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها 0 ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم ، فيستشفي به ويمسح به يديه ووجهه 0
وقال يوسف بن موسى : أن أبا عبدالله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ ) 0 ( الآداب الشرعية - 2 / 441 ) 0

سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - عن النفث في الماء فأجاب :
( لا بأس بذلك فهو جائز ، بل قد صرح العلماء باستحبابه 0
وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية ، وكلام محققي الأئمة ) 0 ( مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - 1 / 92 - جزء من فتوى صادرة عن مكتبه برقم ( 12 ) في 5 / 9 / 1374 هـ ) 0

وقد أفاد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - بفتوى تجيز القراءة على الماء والشرب منه ، والفتوى مدونه في هذه السلسلة ( الأصول النديـة في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) تحت عنوان ( الاستحمام بالماء المقروء ) 0

يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( وكذا كنت أقرأ في بعض الماء وأنفث فيه مع القراءة فيشربه المريض ويجد له أثراً بيناً والله أعلم ) 0
( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 237 ) 0

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم النفث في الماء ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( النفث في الماء على قسمين :-
القسم الأول : أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث فهذا لا شك
أنه حرام ونوع من الشرك ، لأن ريق الإنسان ليس سببا للبركة والشفاء ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد صلى الله عليه وسلم أما غيره فلا يتبرك بآثاره ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتبرك بآثاره في حياته ، وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار كما كان عند أم سلمة – رضي الله عنها – جلجل من فضة فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفى بها المرضى ، فإذا جاء مريض صبت على هذه
الشعرات ماء ثم حركته ثم اعطته الماء ، لكن غير النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه ، أو بعرقه ، أو بثوبه ، أو بغير ذلك ، بل هذا حرام ونوع من الشرك ، فإذا كان النفث في الماء من أجل التبرك بريق النافث فإنه حرام ونوع من الشرك ، وذلك لأن كل ما أثبت لشيء سببا غير شرعي ولا حسي فإنه قد أتى نوعا من الشرك ، لأنه جعل نفسه مسببا مع الله
وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله سببا لا حسا ولا شرعا فإنه قد أتى نوعا من الشرك 0
القسم الثاني : أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن
يقرأ الفاتحة ، والفاتحة رقية ، وهي من أعظم ما يرقى به المريض ، فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به ، وقد فعله بعض السلف ،
وهو مجرب ونافع بإذن الله ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث في يديه عند نومه بقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده صلوات الله وسلامه عليه ، والله الموفق ) 0( مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين – 1 / 70 – 71 – برقم 35 ) 0

يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - : ( الأولى أن يقرأ المسلم على أخيه بأن ينفث على جسمه بعدما يقرأ الآيات أو على موضع الألم منه وهذه هي الرقية الشرعية وإن قرأ له في ماء وشربه فكذلك أيضا ) 0( المنتقى - 1 / 72 - برقم 131 ) 0

وقال - حفظه الله - :( رقية المريض بالقرآن الكريم إذا كانت على الطريقة الواردة بأن يقرأ وينفث على المريض أو على موضع الألم أو في ماء يشربه المريض فهذا العمل جائز ومشروع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رقى ورقي وأمر بالرقية وأجازها ) 0( المنتقى - 2 / 141 ) 0

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( المقصود أن إيصال الرقية والقراءة بالنفخ " النفس " أو النفخ في الماء ثم يسقاه المريض أو يصب عليه فهذا لا بأس به لفعل السلف له ولا ينكر لأنه له أصل في السنة 0
ولكن كلما كانت الرقية مباشرة بدون وسائط كثيرة كلما كانت أفضل لهذا قال الجد الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – ورفع درجته في الجنة : كلما قرب الوقت كان أنفع وكلما كانت الوسائط أقل كان أنفع ) 0 ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0

سابعا : حكم أخذ الأجرة على الرقية :-

اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء على جواز أخذ الأجرة على الرقية 0 ( انظر فتح الباري – 4 / 457 ) 0


واستدلوا بالأحاديث النبوية التالية :-

1)- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال :-

أ)- ( انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شئ لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء ، فأتوهم ، فقالوا : يا أيها الرهط ! إن سيدنا لدغ ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه ، فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقي ، ولكن استضفناكم ، فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه ، ويقرأ : الحمد لله رب العالمين ، فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قلبة ، قال : فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له ذلك ، فقال : ( وما يدريك أنها رقية ؟ ) ، ثم قال : ( قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهما ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 3 / 2 ، 10 ، 44 ، 50 ، 83 ) – متفق عليه – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الاجارة ( 16 ) – برقم ( 2276 ) – وكتـاب فضائل القرآن ( 9 ) – برقم ( 5007 )- وكتاب الطب ( 33 ، 39 ) – برقم ( 5736 ، 5749 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 65 ) – برقم ( 2201 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 19 ) – برقم ( 3900 ) ، والترمذي في سننه – كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 2157 ، 2158 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " - 4 / 364 ، 6 / 254 – كتاب الطب ( 33 ) – برقم ( 7532 – 7533 ) – وكتـاب عمـل اليـوم والليلـة ( 247 ) – برقم ( 10866 - 10869 ) ، وابن ماجة في سننه - كتاب التجارات ( 7 ) - برقم ( 2156 ) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلـة " - برقم ( 641 ) ، وابن الجارود في " المنتقى " برقم ( 202 ) والحاكم في المستدرك - 1 / 559 ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"- 4 / 126 ، والدارقطني في " السنن " - 3 / 65 ، والبيهقي في " السنن الكبرى " - 6 / 124 ، والبغوي في " شرح السنة " - 4 / 449 ، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " - 2 / 282 ، أنظر صحيح أبي داوود 3300 ، صحيـح الترمذي 1685 ، 1686 ، صحيح ابن ماجة 1749 - الإرواء 1556 ) 0

قال النووي - رحمه الله - تعقيبا على شرح الحديث : ( وهذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة وأنها حلال لا كراهة فيها وكذا الأجرة على تعليم القرآن 0 وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد واسحاق وأبي ثور وآخرين ) 0( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 356 ) 0

ب)- ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا ، فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا : هل فيكم من يرقى من العقرب ؟ قلت : نعم أنا ، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما ، قالوا : فإنا نعطيكم ثلاثين شاة ، فقبلنا ، فقرأت عليه الحمد سبع مرات فبرأ وقبضنا الغنم 0 قال : فعرض في أنفسنا منها شيء ، فقلنا : لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 قال : فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت ، قال : ( وما علمت أنها رقية ؟ اقبضوا الغنم ، واضربوا لي معكم بسهم ) 0 ( أخرجه الترمذي في سننه – أبواب الطب ( 19 ) – برقم ( 2157 ) ، وابن ماجة في سننه – كتاب التجارات ( 7 ) - برقم ( 2156 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الترمذي 1685 ، صحيح ابن ماجة 1749 - الإرواء 1556 ) 0

2)- عن ابن عباس – رضي الله عنه – : ( أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ – أو سليم – فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال : هل فيكم راق ؟ إن في الماء رجلا لديغا – أو سليما – فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شـاء ، فبرأ 0 فجاء بالشاء إلى أصحابه ، فكرهوا ذلك وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا : يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا ، فقال الرجل : يا رسول الله إنا مررنا بحي من أحياء العرب فيهم لديغ – أو سليم – فانطلقت فرقيته بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله عز وجل ) 0( أخرجه الإمام أحمد في " الدر " – 1 / 4 ، والإمام البخاري في صحيحه – كتاب الطب – باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب – برقم ( 5737 ) ، والبيهقـي في " السنن الكبرى " – 6 / 124 ، والدارقطني في " السنن " – 3 / 65 ، والجورقاني في " الأباطيل " – 2 / 132 ، وابن حزم في " المحلى " - 9 / 22 ، وابن حبان في " موارد الظمآن " - 276 - أنظر صحيح الجامع 1548 - الإرواء 1494 ) 0

3)- عن عم خارجة بن الصلت التميمي - رضي الله عنه - : أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، ثم أقبل راجعا من عنده ، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد ، فقال أهله : إنا حدثنا أن صاحبكم هذا ، قد جاء بخير ، فهل عندك شيء تداويه ؟ فرقيته بفاتحة الكتاب ، فبرأ ، فأعطوني مائة شاة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : " هل إلا هذا " وقال مسدد في موضع آخر : ( هل قلت غير هذا ) ؟ قلت : لا ! قال : ( خذها ، فلعمري لمن أكل برقية باطل ، لقد أكلت برقية حق ) ، ( أخرجـه الإمام أحمد في مسنده – 5 / 210 ، 211 ، وأبو داوود في سننه – كتاب الاجارة ( 2 ) – برقـم ( 3420 ) – وكتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 3896 ، 3897 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " – 4 / 365 ، 6 / 255 – كتـاب الطـب ( 34 ) – برقم ( 7534 ) – وكتاب عمل اليوم والليلة ( 249 ) – برقم ( 10871 ) ، وعنه ابن السنـي برقم ( 624 ) ، والطحـاوي في " شـرح المعاني " - 2 / 269 ، والحاكم في المستدرك - 1 / 559 ، 560 ، والطيالسي - برقـم ( 1362 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح أبي داوود ( 2918 ، 3297 ، 3298 ) - أنظر السلسلة الصحيحة 2027 ) 0

والأدلة من الأحاديث آنفة الذكر ظاهرة في جواز أخذ الأجرة على الرقية وشاهد ذلك ما يلي :

* قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد : ( قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما ) 0

* وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس : ( إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ( عز وجل ) ) 0

* وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث خارجة : ( كل فلعمري من أكل برقية
باطل ، لقد أكلت برقية حق ) 0

حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على ما أخذوه من الأجر مقابل رقيتهم 0

مسألة:هل المعطى من الأجرة على الرقية من باب الإجارة أم الجعالة ؟

يقول الدكتور فهد بن ضويان السحيمي عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ، في منظومته العلمية لنيل درجة الماجستير :-

( قلت : قد يكون المعطى من الأجر على الرقية من باب الإجارة وقد يكون من باب الجعالة وتفصيل ذلك كما يلي :
لو قال المريض للراقي ارقني بمبلغ كذا والاتفاق بينهما على القراءة فقط سواء شفي المريض أم لم يشف فهذا من باب الإجارة ، لأن الإجارة لا
بد فيها من مدة أو عمل معلوم ، وهذا الاتفاق على عمل معلوم ألا وهو القراءة فقط 0
أما إن اشترط المريض الشفاء فقال للراقي لك مبلغ وقدره كذا إن شفيت ، فهذا من باب الجعالة لأنها تجوز على عمل مجهول والشفاء أمر مجهول ) 0 ( أحكام الرقى والتمائم – ص 79 ) 0

قال ابن قدامة : ( قال ابن أبي موسى : لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء ) 0 ( المغني – 5 / 541 ) 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز ، كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي ، فرقاه بعضهم حتى برأ ، فأخذوا القطيع ، فإن الجعل
على الشفاء لا على القراءة ، ولو استأجر طبيبا إجارة لازمة على الشفاء
لم يجز لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفيه فهذا ونحوه مما تجوز فيه الجعالة دون الإجارة اللازمة ) 0 ( مجموع الفتاوى – 20 / 507 ) 0

وقد خالف ابن أبي زيد القيرواني المالكي في هذه المسألة حيث قال : ( لا يجوز الجعل على إخراج الجان من الإنسان لأنه لا يعرف حقيقته ولا يوقف عليه وكذا الجعل على حل المربوط والمسحور ) 0 ( نقلا عن كتاب الشرك ومظاهره للميلي – ص 169 ) 0

وقد أجاب على ذلك الميلي حيث قال : ( إخراج الجن من الإنسان وحل المربوط والمسحور إن كان بما هو مشروع فالجهل بحقيقة الإصابة وعدم الوقوف عليها لا يضر لأن الجعل على الشفاء وذلك يوقف على حقيقته ويعرف هل شفي المريض أو لا والجعالة جائزة على ذلك 0
إلا إذا أراد ابن أبي زيد شفاء مطلقا بحيث لا يعود الجن للمريض ولا العقد إلى المربوط ، ولا السحر إلى المسحور فهذا نعم لا يوقف على حقيقته ، ولا يمكن القول به ، ولا يستطيع أحد أن يضمن ذلك مطلقا والمتعارف عليه في حصول الشفاء الذي يستحق به الجعل هو حصوله في ذلك الوقت ) 0 ( الشرك ومظاهره – ص 170 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية من الكتاب والسنة دون طلب أجر أو اشتراط ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره ، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقروهم ، فلدغ سيد القوم فسعوا له بكل شيء ولا يغني عنه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء النازلين فأتوهم ، فقال بعضهم : والله إني لأرقي ولكن قد نزلنا بكم فلم تقرونا ، فما أنا بقارئ إلا بشيء ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فجعل يتفل عليه ويقرأ " الحمد لله رب العالمين " فقـام وكأنما نشط من عقال ، فأوفوا لهم جعلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اقسموا واضربوا لي معكم سهماً " 0 فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته ، ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية ، فإن كانت غير شرعية فلا تجوز ، ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله ، والأولى بالقراء عدم الاشتراط ، وأن تكون الرقية لتنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض ، فإن دفعوا له شيئاً بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده ، وإن دفعوا له شيئاً أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم ، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية ، والله أعلم ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 337 – تاريخ الفتوى 18 / 2 / 1416 هـ ) 0

قلت : والظاهر من الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال أهل العلم هو جواز أخذ الأجرة على الرقية ، وأن ذلك قد يكون من باب الإجارة
إن لم يشترط الشفاء ومن باب الجعالة إذا اشترط الشفاء لأن ذلك
مجهول وهو مما تجوز فيه الجعالة لا الإجارة 0 أما التوسع في هذا المجال على نحو ما نراه أو نسمعه اليوم فهو عين الظلم وأكل مال بغير حق وهو من السحت الذي حرمه الله ، وسوف أتعرض لكافة التفصيلات الدقيقة الخاصة بالتوسع بهذه المسألة في هـذه السلسلة ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان " النظرة المادية البحتة " 0


ثامنا : حكم الرقية في الماء والمسح أو الاغتسال به :-

وكيفية ذلك أنه يؤتى بماء في إناء ونحوه ثم يقرأ عليه بالرقية المشروعة وينفث أو يتفل فيه ، أو أن يقرأ بالرقية الشرعية ثم ينفث أو يتفل بالماء ، ويمسح منه أو يغتسل به ، ودليل مشروعية ذلك :-

1)- عن علي - رضي الله عنه - قال : ( لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال :" لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره " ثم دعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ بـ ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ( سورة الكافرون – الآية 1 ) 0 و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ( سورة الفلق – الآية 1 ) 0 و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ( سورة الناس - الآية 1 ) 0 ( سورة الناس - الآية 1 ) 00( أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " – 2 / 23 – برقم ( 117 ) ، والهيثمي في " مجمع الزوائد " – 5 / 114 – وقال : إسناده حسن ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " – 2 / 223 ، وأبو محمد الخلال في " فضائل (قل هو الله أحد) " - 1 / 202 ، وابن أبي شيبة في " المصنف " – 12 / 152 ، وابن عدي في " الكامل " بسند ضعيف ، وقال الألباني حديث صحيح – السلسلة الصحيحة 548 ) 0

2)- عن محمد بن يوسف بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن
جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس – قال أحمد : وهو
مريض – فقال : ( اكشف الباس رب الناس عن ثابت بن قيس بن
شماس ، ثم أخذ ترابا من بطحان ( بطحان : أحد أودية المدينة الثلاثة ، العقيق ، وبطحان ، وقناة 0 انظر : معجم البلدان لياقوت الحموي – 1 / 446 ) 0
فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه ) 0 ( أخرجه أبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 18 ) – برقم ( 3885 ) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة – ص 557 ، والبخاري في " التاريخ الكبير " – 8 / 377 ، وصحيح ابن حبان – 7 / 623 – برقم ( 6036 ) ، ضعيف أبي داوود 836 – وقال الألباني : وشاهد آخر من حديث ثابت بن قيس بن شماس مرفوعا نحوه – 4 / 32 – السلسلة الصحيحة 1526 ) 0

قلت : وقد تكلم أهل العلم في الحديث آنف الذكر ، وعلى أية حال فإن هناك شواهد أخرى تؤكد استخدام الماء بالكيفية السابقة والله تعالى أعلم 0

قال محمد بن مفلح :( نقل عبدالله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ، ويصب على نفسه منه ) 0 ( الآداب الشرعية - 2 / 441 ) 0


وفي رسالة عن حكم السحر والكهانة وما يتعلق بهما يقول سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - بعد أن ساق طريقة العلاج المتبعة في علاج السحر وهي استخدام سبع ورقات من السدر الأخضر وقراءة بعض الآيات :
( وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء ) 0 ( أنظر مقالة للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - جريدة المسلمون - العدد - 9 - ص 16 - بتاريخ 6 / 4 / 1985 ، وكذلك تفسير ابن كثير - الجزء الأول - تفسير الآية رقم ( 103 ) من سورة البقرة - 1 / 141 ) 0

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - في حكم القراءة على الماء والاستحمام فيه :( وثبت عن السلف القراءة في
ماء ونحوه ثم شربه ، أو الاغتسال به مما يخفف الألم أو يزيله ، لأن كلام الله تعالى شفاء كما في قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) ( سورة فصلت - الآية 44 ) ( الفتاوى الذهبية - جزء من فتوى - ص 40 ) 0

* والسؤال الذي قد يطرح نفسه تحت هذا العنوان هو : هل يجوز الاغتسال في أماكن الخلاء بالماء المقروء عليه أم لا ؟

وللإجابة على هذا السؤال أقول : الاغتسال بالماء المقروء في أماكن الخلاء هو خلاف الأولى ، وكما هم معلوم فإن خلاف الأولى من أقسام الجواز ، وأذيل كلامي هذا بأقوال أهل العلم الأجلاء والمتخصصين وما يترجح لي في هذه المسألة الفقهية 0
قال محمد بن مفلح :( قال الخلال : إنما كره الغسل به ، لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع والحشوش ، فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك ، ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء ) 0 ( الآداب الشرعية – 2 / 441 ) 0

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز السؤال التالي : هل يجوز الاغتسال بالماء المقروء في أماكن الخلاء ؟

فأجاب – رحمه الله – : ( نعم ، الاغتسال بالماء المقروء في الحمام ليس فيه بأس ) 0 ( الآداب الشرعية – 2 / 441 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم الاستحمام بالماء المقروء عليه في أماكن الخلاء ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( نرى احترام هذا الماء الذي قد قرأ فيه أحد الناصحين ونفث فيه بآيات من كتاب الله تعالى ، كآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة وآخر سورة الحشر والفاتحة والمعوذتين وسورتي الإخلاص ونحوها ، فهذا الماء اكتسب شرفا وأثرا حسنا ، فمن احترام كلام الله تعالى أن لا يهراق مع النجاسات والاقذار ، وأن يستعمل في داخل الكنف والمراحيض كما يدخل الكنيف بشيء فيه ذكر الله من أوراق وخاتم أو نحوها فعلى هذا إذا أراد أن يغتسل به فإن عليه أن يستعمله في مكان نظيف كغرفة أو خدر أو سطح أو نحوها ) 0 ( فتوى مكتوبة بتاريخ 24 شعبان سنة 1418 هـ ) 0

قال الأستاذ عبدالعزيز القحطاني : ( لذلك فلا يجوز التعدي من باب " من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل " ولا أن نأمر الممسوس بالغسل في أماكن الحشوش والكنيف بماء رقية حرصاً على عدم مخالطة كلام الرب بالنجاسات ) 0 ( طريق الهداية في درء مخاطر الجن والشياطين – ص 97 ) 0

قلت : وكما تبين آنفا فالمسألة خلافية بين أهل العلم ، فالبعض قد بين بأن حكم الماء المقروء عليه والمهرق في دورات المياه لا يعتبر من الناحية الشرعية كحكم الدخول بالمصحف إلى تلك الأماكن ، كما أشار لذلك المفهوم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - ، والبعض الآخر يرى بكراهة ذلك الفعل كما بين الخلال وفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ، وأميل في رأيي لقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - لما في ذلك من تيسير وعدم حصول مشقة على المسلمين والله تعالى أعلم 0

تاسعا : حكم استخدام المداد المباح كالزعفران ونحوه :-

يلجأ بعض المعالجين باستخدام هذه الطريقة في العلاج ، ومفادها أن تكتب آيات من القرآن الكريم والأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزعفران أو المداد المباح في ورقة أو إناء ونحوه ، وبعد ذلك تحل بالماء ويشرب منها المريض ويغتسل ، وتستخدم هذه الطريقة في علاج الحالات التي تعاني من الصرع والسحر والعين ومشاكل النزيف والحمل والإسقاط ، بعد التأكد من سلامة الناحية الطبية للحالة المرضية ، وخلوها من الأمراض والعوائق الأخرى ، ودعم ذلك بكافة الفحوصات الطبية المؤكدة لذلك ، ولأهمية هذه المسألة وتعلقها بقضايا الرقية الشرعية ، كان لا بد من الوقوف على أقوال أهل العلم ، ليتسنى بحث المسألة بحثا دقيقا وموضوعيا لأمانة ذلك ومسؤوليته أمام الله تعالى ، ومعرفة موقف الشريعة من استخدام المداد المباح كالزعفران ونحوه على هذا النحو وبهذه الكيفية ، وأبدأ أولا بذكر أقوال وفتاوى علماء الأمة وبعد ذلك أخلص لنتيجة الدراسة والبحث 0
* أقوال أهل العلم والباحثين في استخدام المداد المباح :-

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - :( ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئا من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى ، كما نص على ذلك أحمد وغيره ، قال عبد الله بن أحمد : قرأت على أبي حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إذا عسر على المرأة ولادتها فليكتب : بسم الله لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ ) ( سورة الاحقاف - الآية 35 ) 0
( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) ( سورة النازعات - الآية 46 ) 0
0 قال أبي : حدثنا أسود بن عامر بإسناده بمعناه ، وقال : يكتب في إناء نظيف فيسقى ، قال أبي : وزاد فيه وكيع فتسقى وينضح ما دون سرتها , قال عبد الله : رأيت أبي يكتب للمرأة في جام أو شيء نظيف ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 64 – مصنف ابن أبي شيبة – 4 / 40 – ورجال سنده ثقات إلا ابن أبي ليلى محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى القاضي قال فيه الحافظ ابن حجر : صدوق سيئ الحفظ جدا – انظر : التقريب ( 493 ) 0
وقال – رحمه الله - : ( واذا كتب شيء من القرآن أو الذكر في إناء أو لوح ومحي بالماء وغيره وشرب ذلك فلا بأس به نص عليه أحمد وغيره ) 0( مجموع الفتاوى - 12 / 599 ) 0

قال ابن القيم – رحمه الله - : ( ورأى جماعة من السلف أن تكتب الآيات من القرآن ، ثم يشربها 0 وذكر ذلك عن مجاهد وأبي قلابة ) 0 ( زاد المعاد – 4 / 356 ) 0


قال أبو داوود : ( سمعت أحمد سئل عن الرجل يكتب القرآن في شيء ثم يغسله ويشربه ؟ قال : أرجو أن لا يكون به بأس ) 0 ( مسائل الإمام أحمد لأبي داوود – 260 ) 0

قال القاضي عياض : ( ويتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله - : سبق بيان أن ذلك ليس من قبيل التبرك وإنما من قبيل العلاج فليحترز ) 0
) 0 ( إكمال المعلم - ( خ ) لوحة ( 190 ) – نقلا عن أحكام الرقي والتمائم – ص 68 ) 0

قال البغوي :( قال أيوب : رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع يعني الجنون 0
وروي عن عائشة - رضي الله عنها - : " أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يعالج به المريض " ، وقال مجاهد : لا بأس أن يكتب
القرآن ، ويغسله ويسقيه المريض ) 0 ( شرح السنة - 12 / 166 ) 0

وقد أشار إلى ذلك القاضي عياض عند حديثه عن النفث بعد القراءة حيث قال :( وفائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه
ذكر الله تعالى ، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر 0 ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله - : سبق بيان أن ذلك ليس من قبيل التبرك وإنما من قبيل العلاج فليحترز ) . ( فتح الباري - 10 / 197 ) 0

قال تاج الدين السبكي : ( رأيت كثيراً من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها في الإناء طلباً للعافية ) 0 ( طبقات الشافعية الكبرى – 5 / 159 ) 0

روى ابن أبي شيبة في مصنفه قال : ( حدثنا هشيم عن خالد عن أبي
قلابة وليث عن مجاهد أنهما لم يريا بأسا أن يكتب آية من القرآن ثم يسقاه صاحب الفزع ) 0( مصنف ابن أبي شيبة – 4 / 40 ) 0

وروى ايضا - رحمه الله - : ( أن إبراهيم سئل عن رجل كان
بالكوفة يكتب آيات من القرآن فيسقاه المريض ، فكره ذلك ) 0 ( مصنف ابن أبي شيبة – 4 / 40 ) 0

قال سعيد بن منصور في سننه :( لكن قد صح عن إبراهيم النخعي إنكاره لذلك 0
فعن إبراهيم بن مهاجر : أن رجلا كان يكتب القرآن فيسقيه فقال : إني أرى سيصيبه بلاء ) 000 ( سنن سعيد بن منصور - 2 / 441 ) 0 ( قال المحقق سعد آل حميد : صحيح لغيره - أخرجه البيهقي في شعب الإيمان - 5 / 404 - 405 بمثله وأبو عبيد في فضائل القرآن - ص 358 فقال : حدثنا هشيم أخبرنا ابن عون قال : سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات فيسقي المريض فكره ذلك 0 وسنده صحيح 0 وهشيم قد صرح بالسماع وأخرجه ابن أبي شيبة - 7 / 387 بنحوه ) 0

قال ابن العربي – عن كتابة آيات من القرآن فيسقاه المريض - : ( وهي بدعة من الشيطان ) 0 ( عارضة الأحوذي - 8 / 222 ) 0

قال الذهبي : ( ونص أحمد أن القرآن إذا كتب في شيء وغسل
وشرب ذلك الماء فإنه لا بأس به ، وأن الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض ، وكذلك يقرأ القرآن على شيء ثم يشرب كل ذلك لا
بأس به ) 0( الطب النبوي للذهبي – ص 279 ) 0

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - :( وفي رواية
مهنا عن أحمد : في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض 0
قال : لا بأس به 0 وقال صالح : ربما اعتللت فيأخذ أبي ماء فيقرأ عليه ويقول لي اشرب منه واغسل وجهك ويديك ) 0 ( فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - 1 / 92 ، 93 - جزء من فتوى رقم 26 ) 0

وقال أيضا :( لا يظهر في جواز ذلك بأس 0 وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - أن جماعة من السلف رأوا أن يكتب للمريض الآيات من القرآن ثم يشربها ، قال مجاهد : لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة ، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسرت عليها ولادتها أثر من القرآن ثم يغسل ويسقى0وبالله التوفيق ) 0( فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - 1 / 94 - صادرة عن الإفتاء برقم ( 582 - 1 ) في 28 / 2 / 1384 هـ ) 0

سألت فضيلة الشيخ حمود بن عبدالله التويجري – رحمه الله – عن حكم استخدام المداد المباح بهذه الكيفية فأفاد : بأنه لا يرى بأسا باستخدامه على هذا النحو ، وأشار - رحمه الله -
بأن الإمام أحمد قد فعله وأقره ، وكان ذلك بحضور نجليه الشيخ ( عبد الله بن حمود التويجري ) والشيخ ( صالح بن حمود التويجري ) - حفظهما الله - 0

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن الحكم في العلاج بالعزائم ، التي تكتب فيها الآيات القرآنية ثم توضع في الماء وتشرب ، فأجاب – رحمه الله - : ( أن كتابة الآيات والأدعية الشرعية بالزعفران في صحن نظيف أو أوراق نظيفة ثم يغسل فيشربه المريض فلا حرج في ذلك وقد فعله كثير من سلف الأمة كما أوضح ذلك العلامة ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد وغيره ، إذا كان القائم بذلك من المعروفين بالخير والاستقامة والله ولي التوفيق ) 0( فتوى لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - مجلة الدعوة العدد 997 ) 0
سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - عن الرجل يكتب آيات من القرآن الكريم فيشربه المريض ؟

فأجاب : ( لا بأس بكتابة القرآن على شيء طاهر ويغسل هذا المكتوب ويشرب للمريض للاستشفاء بمثل هذا لأنه داخل في الرقية 0 وقد رخص في هذا الإمام أحمد وكثير من الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى وكذلك العلامة ابن القيم في زاد المعاد وغيرهم من أهل العلم فلا بأس
فهذا لأنه داخل في عموم الرقية ولكن الأولى أن تكون الرقية بالقراءة على المريض مباشرة بأن يقرأ القرآن وينفث على المريض أو على محل الإصابة هذا هو الأفضل والأكمل ) 0 ( السحر والشعوذة - ص 101 ، 102 ) 0

قال الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله - : ( قال النووي في شرح المهذب : لو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض ؟ فقال الحسن البصري ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي " لا بأس به " وكرهه النخعي قال : ومقتضى مذهبنا أنه لا بأس به0فقد قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما : لو كتب قرآنا على حلوى وطعام فلا بأس بأكله 0 انتهى0قال الزركشي : وممن صرح بالجواز في مسألة الإناء العماد النبهي مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلاع ورقة فيها آية 0 لكن أفتى ابن عبد السلام بالمنع من الشرب أيضا لأنه يلاقيه نجاسة الباطن 0 وفيه نظر ) 0( العين والرقية والاستشفاء بالقرآن والسنة – ص 99 ) 0

قال الدكتور عمر يوسف حمزة : ( ذكرنا في عنوان التداوي بالقرآن أنه لا مانع من الاستشفاء بالقرآن عن طريق الرقية أو كتابته وغسله للمريض ليشربه ، وهذا ما أفتى به المحققون من أهل العلم ) 0 ( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 55 ) 0

قال الأستاذ أبو أسامة محي الدين :( ذهب أهل العلم في مسألة الاستشفاء بكتابة بعض أي القرآن الكريم وغسلها وشربها وتعليقها على المريض مذهبين :
1 - منهم من منع ذلك 0 2 - منهم من أجاز ذلك 0
والأولى ترك ذلك إلا ما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله أو أقر من فعله ) 0( عالم الجن والشياطين - ص 179 ) 0

* فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، وأقوال بعض أهل العلم توضح أن الأولى ترك ذلك :-

1)-الفتوى الأولى :-

ما حكم كتابة شئ من آيات القرآن الكريم وشربها فإني رأيت أناسا يفعلون ذلك ؟
الجواب : ( لم يثبت شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين ولا سائر صحابته – رضي الله عنهم – فتركها أولى والله
أعلم ) 0 ( مجلة البحوث الإسلامية - جزء من الفتوى رقم 6779 تاريخ 29 / 3 / 1404 هـ السؤال الثاني – 26 / 113 – اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ) 0


2)- الفتوى الثانية :-

سائل يقول : بعض العلماء يكتبون آيات من القرآن على لوح أسود ويغسلون الكتابة بالماء ويشرب وذلك رجاء استفادة علم أو كسب مال أو صحة وعافية ونحو ذلك وأيضا يكتبون على القرطاس ويعلقونه في أعناقهم للحفظ فهل هذا حلال للمسلم أم حرام ؟

الجواب : ( وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس وغسله بماء أو زعفران أو غيرهما وشرب تلك الغسلة رجاء
البركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة وعافية ونحو ذلك فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله لنفسه أو غيره ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه أو رخص فيه لأمته مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك ولم يثبت في أثر صحيح فيما علمنا من أحد من الصحابة – رضي الله عنهم – أنه فعل ذلك أو رخص فيه وعلى هذا فالأولى تركه وأن يستغنى عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى وما صح من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها مما يعرف ولا شائبة للشرك فيه وليتقرب إلى الله بما شرع رجاء التوبة وأن يفرج الله كربته ويكشف غمته ويرزقه العلم النافع ففي ذلك الكفاية ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه والله الموفق ) 0 ( مجلة البحوث الإسلامية – 25 / 47 جزء من الفتوى رقم 1257وتاريخ 2/5/1396هـ - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ) 0

* فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية توضح جواز استخدام ذلك :-

1)- الفتوى الأولى :-

إذا طلب رجل به ألم رقى وكتب له بعض آيات قرآنية وقال الراقي : ضعها في ماء واشربها فهل يجوز أم لا ؟

الجواب :- ( سبق أن صدر من دار الإفتاء جواب عن سؤال مماثل لهذا السؤال نصه : كتابة شيء من القرآن في جام أو ورقة وغسله وشربه يجوز لعموم قوله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0
، فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان ، ولما رواه الحاكم في المستدرك وابن ماجة في السنن عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالشفاءين العسل والقرآن ) ( أخرجه الحاكم في المستدرك - 4 / 200 ، وابن ماجة في سننه - كتاب الطـب ( 7 ) – برقم ( 3452 ) ، والبيهقي في سننه - 9 / 344 – وفي الشعب – ج 5 / برقم ( 2345 ) ، وابن عدي في " الكامل "- 3 / 1065، وأبو نعيم في " الحليـة " - 7 / 133 ، والخطيب في " تاريخه " – 11 / 385 ، قال الحاكم : صحيح على شرط " الشيخين " ووافقه الذهبي ! ، أنظر ضعيف الجامع 3765 ، ضعيف ابن ماجة 756 – السلسلة الضعيفة – برقم ( 1514 ) - وقال أبو اسحق الحويني " صحيح موقوفـا " – ومعناه صحيح - انظر كتاب " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " - برقم ( 247 ) ، للعلامة الشيخ أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي انظر كتـاب " تبيض الصحيفـة بأصول الأحاديث الضعيفـة " - برقم ( 29 ، لمحمد عمرو عبداللطيف ) 0
وما رواه ابن ماجة عن علي – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خير الدواء القرآن ) ( رواه ابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 28 ، 41 ) – برقم ( 3501 ، 3533 ) ، أنظر ضعيف الجامع 3765 ، ضعيف ابن ماجة 767 ، 774 – وذكره الفتني في كتابه " تذكرة الموضوعات " – برقم ( 80 ) - ومعناه صحيح ) 0 وروى ابن السني عن ابن عباس – رضي الله عنهما – : ( إذا عسر على المرأة ولادتها خذ إناء نظيفا فأكتب عليه ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ ) الآية0 ( سورة الأحقاف – الآية 35 ) 0 و ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا ) الآية ( سورة النازعات – الآية 46 ) 0
و ( لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِى الأَلْبَابِ ) الآية ( سورة يوسف - جزء من الآية 111 ) 0
ثم يغسله وتسقى المرأة منه وتنضح على بطنها وفي وجهها ) 0 وقال ابن القيم في زاد المعاد جـ 3 ص 381 ( قال الخلال : حدثني عبد الله بن أحمد قال : رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف يكتب حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – ( لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم ) ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( الفاتحة – الآية 2 ) 0 ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ ) ( سورة الاحقاف – الآية 35 ) 0 ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) 0( سورة النازعات - الآية 46 ) 0
قال الخلال : أنبأنا أبو بكر المروزي : أن أبا عبدالله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله تكتب لامرأة عسرت عليها ولادتها منذ يومين فقال : قل له يجيء بجام واسع وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد ) وقال ابن القيم أيضا : ( ورأى جماعة من السلف أن يكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها ، قال مجاهد : لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة ) 0 انتهى كلام ابن القيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) 0 ( مجلة البحوث الإسلامية - السؤال الثاني من الفتوى رقم 143 - 27 / 51 ، 52 - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ) 0

2)-الفتوى الثانية :-

ما حكم كتابة آية من القرآن وتعليقها على العضد مثلا ، أو محو هذه الكتابة بالماء ونحوه ورش البدن أو غسله بهذا الماء هل هو شرك أو لا وهل يجوز أو لا ؟
الجواب : ( كتابة آية من القرآن وتعليقها أو تعليق القرآن كله على العضد ونحوه تحصينا من ضر يخشى منه أو رغبة في كشف ضر نزل من المسائل التي اختلف السلف في حكمها ، فمنهم من منع ذلك وجعله من التمائم المنهي عن تعليقها لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 1 / 381 ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 17 ) - برقم ( 3883 ) ، وابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 39 ) - برقم ( 2845 ) ، والحاكم في المستدرك - 4 / 418 ، والبيهقي في السنن - ( 9 / 350 ) ، أنظر صحيح الجامع 632 ، صحيح أبي داوود 3288 ، صحيح ابن ماجة 2845 ) 0
، وقالوا : لا مخصص يخرج إلى تعليق ما ليس من
القرآن فمنع تعليقه سدا لذريعة تعليق ما ليس منه وقالوا : ثالثا أنه يغلب امتهان ما يعلق على الإنسان لأنه يحمله حين قضاء حاجته واستنجائه وجماعه ونحو ذلك ، وممن قال هذا القول عبدالله بن مسعود وتلاميذه ، وأحمد بن حنبل في رواية عنه اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون ، ومن العلماء من أجاز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته ورخص في ذلك كعبد الله بن عمرو بن العاص وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية أخرى عنه وحملوا حديث المنع على التمائم التي فيها شرك ، والقول الأول أقوى حجة وأحفظ للعقيدة لما فيه من حماية حمى التوحيد والاحتياط له ، وما روي عن ابن عمرو إنما هو في تحفيظ أولاده القرآن وكتابته في الألواح وتعليق هذه الألواح في رقاب الأولاد لا يقصد أن تكون تميمة يستدفع بها الضرر أو يجلب بها النفع ، وأما محو هذه الكتابة بالماء ونحوه ورش البدن أو غسله بهذا الماء فلم يصح في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : " أنه كان يكتب كلمات من القرآن والذكر ويأمر بأن تسقى من به داء " لكنه لم يصح ذلك عنه وروى الإمام مالك في الموطأ ( أن عامر بن ربيعه رأي سهل بن حنيف يغتسل فقال ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فلبط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه فقال : ( هل تتهمون له أحدا ) ؟ قالوا نتهم عامر بن ربيعه فتغيظ عليه وقال : ( علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت ، اغتسل له ) فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخله ازاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس ) 0 وفي رواية ( وأن العين حق فتوضأ له ) فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنـده – 3 / 486 ، 487 ، وابن ماجة في سننه – كتاب الطب ( 32 ) – برقم ( 3509 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " – 4 / 381 – كتـاب عمل اليـوم والليلة ( 74 ) – برقـم ( 7619 ) ، وابن أبي شيبة ( 7 / 416 ، 417 ) ، والطبراني في " الكبير " - 6 / 5573 ، 5578 ، 5580 ، والطحـاوي في " المشكل " - 4 / 76 ، وابن عبد البر في " التمهيد " - 6 / 242 ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 556 ، صحيح ابن ماجة 2828 ) 0 وقد روى هذه القصة أيضا الإمام أحمد والطبراني فمن أجل هذا توسع بعض العلماء فأجازوا كتابة القرآن والذكر ومحوه ورش المريض أو غسله به ، إما قياسا على ما ورد في قصة سهل بن حنيف ، وإما عملا بما نقل عن ابن عباس من الأثر في ذلك وإن كان الأثر ضعيفا 0 وقد ذكر جواز ذلك ابن تيميه في الجزء الثاني (مجموع الفتاوى جـ 12 ص 799) من مجموع الفتاوى وقال :( نص أحمد وغيره على جوازه ) وذكر ابن القيم في الطب النبوي في كتابة زاد المعاد ( أن جماعة من السلف أجازوا ذلك منهم ابن عباس ومجاهد وأبو قلابة ) وعلى كل حال لا يعتبر مثل هذا العمل شركا 0 وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - السؤال الخامس من الفتوى رقم 1515 - 1 / 196 ، 197 ) 0


قلت : يتضح من خلاصة البحث والتقصي لمسألة استخدام المداد المباح بالزعفران ونحوه ، وبعد الرجوع لأقوال أهل العلم الأجلاء وبعد الاطلاع على الفتاوى آنفة الذكر ، أن استخدام ذلك ( خلاف الأولى ) وهو من أقسام الجواز ، فالأولى تركه ، واللجوء للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، ولا ينكر على من يقوم بفعله ، والله تعالى أعلم 0

أما استخدام المداد المباح على نحو ما نراه ونسمعه اليوم وعمل أختام خاصة بسور أو آيات من كتاب الله عز وجل أو أدعية مأثورة وغير مأثورة واتخاذ ذلك وسيلة للمتاجرة والمزايدة ، فهذا عين الظلم وأكل مال الناس بالسحت والباطل ، وقد صدرت فتوى عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا نصها :

( القراءة في ماء فيه زعفران ثم تغمس الأوراق في هذا الماء وتباع على الناس لأجل الاستشفاء بها – هذا العمل لا يجوز ويجب منعه لأنه احتيال على أكل أموال الناس بالباطل وليس هو من الرقية الشرعية التي نص بعض أهل العلم على جوازها – وهي كتابة الآيات في ورقة أو في شيء طاهر كتابة واضحة ثم غسل تلك الكتابة وشرب غسيلها ) 0 ( جزء من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ـ الفقرة الأولى ـ برقم 20361 ) وتاريخ 17 / 4 / 1419هـ ) .






تعليقات حول هذه المقاله
العنوانالكاتبوقت الإضافه

تصويت
ما رأيك في هذا لموقع ؟
ممتاز
جيد جدا
جيد
نتائج التصويت



الحقوق محفوظة لكل مسلم راسلنا بشرط عدم الاستخدام التجاري
الصفحة الرئيسة