التعريض
المثل هو: إياكِ أعني واسمعي يا جارهْ
مَضْرِبُه : يُضرب هذا المثل : لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره.
مَوْرِدُه : ( قصّته ) : أول من قال ذلك سَهْل بن مالك الفزاري، و ذلك أنه خرج يريد النعمان، فمرّ ببعض أحياء طيء، فسأل عن سيد الحي، فقيل له: حارثة بن لأم، فأمَّ رحله فلم يُصِبه شاهدا فقالت له أخته: انْزِلْ في الرّحب و السّعة، فنزل فأكرمته و لاطفته، ثم خرجت من خِبائها فرأى أجمل أهل دهرها و أكملهم، و كانت عقيلة قومها و سيدة نسائها، فوقع في نفسه منها شيء، فجعل لا يدري كيف يرسل إليها و لا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخِباء يوما و هي تسمع كلامه، فجعل ينشد و يقول:
يا أخت خير البدو و الحضـاره *** كيـف تـريـن في فتـى فـزارهْ
أصبح يهوى حُـرّة مِعـطاره *** إيّـاك أعـني و اسمعـي يا جـارهْ
فلما سمعت قوله عرفت أنه إياها يعني، فقالت: ما ذا بقولِ ذي عقلٍ أريب، و لا رأيٍ مُصيب، و لا أنف نجيب، فأقِمْ ما أقمتَ مُكرَّما ثم ارتحِلْ متى شِئت مُسلّما، و يُقال أجابته نظما فقالت:
إنّي أقـول يا فـتى فـزارهْ *** لا أبتغي الزوْجَ و لا الدّعارهْ
و لا فِراق أهل هذي الحارهْ *** فارحل إلى أهلك باستخـارهْ
فاستحيا الفتى و قال: ما أردتُ منكرا واسوأتاه، قالت: صدقتَ، فكأنها استحيت من تسرّعها إلى تهمته، فارتحل، فأتى النعمان فحباه و أكرمه، فلما رجع نزل على أخيها، فبينا هو مقيم عندهم تطلّعت إليه نفسُها، و كان جميلا، فأرسلت إليه أنِ اخطُبني إنْ كان لك إليَّ حاجة يوما من الدهر فإني سريعة إلى ما تريد، فخطبها و تزوجها و سار بها إلى قومه.
[مجمع الأمثال للميداني:1/76]