موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > الساحات العامة والقصص الواقعية > ساحة الموضوعات المتنوعة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 21-03-2011, 04:03 AM   #1
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي منزلة السنة النبوية.. متجدد

منزلة السنة النبوية


الحمد لله أنزل على نبيه الكتاب والحكمة، وأقام بهما على العباد الحجة، وضمن فيهما السداد والعصمة، فمن اتبع فقد اهتدى، ومن أعرض فقد ضلّ وغوى.
وأصلِّي وأسلِّم وأبارك على عبد الله ورسوله الصادق الأمين، نبينا محمد المرسل رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد
فإن السنة النبوية المطهرة تمثِّل - ولا شك - إلى جانب القرآن الكريم أسس الدين الإسلامي وقاعدته الأساسية، التي لا يستقيم للدين أمر، ولا فهم، ولا فقه دونها، فبدون السنة النبوية المطهرة تضيع السيرة، وتفقد القدوة، وتنقطع الرسالة، وتبهم معاني الكتاب، ويقضى على فقه الدين.
وإذا كان الأمر كذلك فإن البحث في السنة وحجّيّتها ومنزلتها ومكانتها يعدّ أمرًا بالغ الأهمية في بنية الفكر الإسلامي، وتكوين العقلية المميزة للأمة الإسلامية، خصوصًا إذا ما تصوّرنا حجم الهجمة الشرسة وما ينصبه أعداء الأمة في الداخل والخارج من مكائد، وما يراد للأمة من مسخ لشخصيتها، ومحاولات لا تتوقف يراد بها صرف الناس وإعراضهم عن هدي النبوة، والتخلّص من الأحكام الثابتة بها، والبعد عن أضوائها وأنوارها، مرةً بادعاء عدم حجية بعض أنواعها، ومرةً بزعم أن ما ورد فيها - غير مبين للكتاب - فإن الناس ليسوا مطالبين به، ومرةً بالطعن بِحَمَلَتِهَا الأَوَّلِين ورواتها الأقدمين، ونفي العدالة عنهم، ومرةً بادعاء أنها - أي السنة - لا تعدو أن تكون توجيهات، ونصائح، وآداباً غير ملزمة للمسلم أن يعمل بها، وله أن يتخلى عنها، مستدلين لمذاهبهم الفاسدة، وآرائهم الخبيثة الكاسدة بأوهى المقالات، وأضعف الشبهات، وأتفه الخيالات.
وبعضهم يزعم: أن ما جاءت به السنة لا ينبغي أن يعمل به إلا بعد معرفة سائر ظروف وروده، وأسباب ظهوره، وسائر ما يمكن أن يكون له أثر في دلالته عندهم، وأن السنة إذا دلت على حكم لم يدل القرآن عليه لم يؤخذ بها، وأن الحديث يجب أن يعرض على عقولهم الجامدة، فإن تلقته تلك العقول القاصرة، والأفئدة المريضة بالقبول صحّ وعمل به، وإن أغلقت عقولهم الكليلة دونه أبوابها فليترك وليهمل.
لقد نسي هؤلاء الحمقى - أو تناسوا - أن سنة رسول الله أصل دلّ عليه كتاب الله, وأن الأصل لا يقال له: لِمَ وكيف؟ بل يحكّمه المؤمنون ويقبلونه، ثم لا يجدون في أنفسهم حرجًا مما دل عليه، ويسلِّمون له تسليمًا تامًا، وينقادون لدلالته انقيادًا كاملاً"(1).
إن هؤلاء بموقفهم هذا يظلمون أنفسهم، ويظلمون الناس؛ لأنهم خالفوا وشرعوا المخالفة، إذ بدل أن يكونوا محكومين جعلوا من أنفسهم حاكمين، بل ومشرعين؛ لأنهم شرعوا لأنفسهم - حين رفضوا السنة أو شككوا فيها - رفض الدين، وقبول إيحاء الشيطان الرجيم، وهذا هو الضلال المبين.
قال تعالى:
((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا)) [الأحزاب:36].

وقال تعالى:
((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا))[ النساء:65].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)(2).
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلّتت منهم فلم يعوها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا"(3).
لقد كانت السنة مفتاحًا لفهم النهضة الإسلامية منذ أكثر من أربعةَ عشرَ قرنًا، فلماذا لا تكون مفتاحًا لفهم انحلالنا الحاضر؟.
إن العمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمل على حفظ كيان الإسلام، وعلى تقدمه، وإن ترك السنة هو انحلال الإسلام(4).
إذ السنـة بما تضمنته من أقوال وأفعال وتقريرات وصفـات للنبي - صلى الله عليه وسـلم - ترسـم " المنهاج التفصيلي" للحياة الإسلامية: حياة الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والجماعة المسلمة، في الدولة المسلمة.
وإذا كان القرآن الكريم يضع القواعد العامة، والمبادئ الكلية، ويرسم الإطار العام، ويحدد بعض النماذج لأحكام جزئية لا بدّ منها، فإن السنة تفصِّل ما أجمله القرآن الكريم، وتبيِّن ما أبهمه، وتضع الصور التطبيقية لتوجيهاته.
ومن هنا نجد في السنة تفصيلات الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
والحياة البرزخية مما يتعرض له المكلفون بعد الموت في قبورهم من سؤال وامتحان، ونعيم أو عذاب، وأهوال البعث والنشور، والموقف في الشفاعة العظمى، والحساب الإلهي، وما يتبعه من أخذ الصحف، ونشر الدواوين، ونصب الموازين، وإقامة الصراط، وما أعد الله في الجنة لمن أطاعه مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وما أعدّ في النار لمن عصاه من ألوان العذاب الحسّي والمعنوي، كل هذا قد فصّلته السنة حتى كأنه رأي عين.
ونجد في السنة تفصيلات العبادات الشعائرية التي تمثِّل جوهر التدين العملي كالعبادات الأربع: الصلاة والزكاة والصيام والحج، سواء ما كان منها فرضًا لازمًا كالصلوات الخمس اليومية، وصلاة الجمعة من كل أسبوع، والزكاة المفروضة كل حول أو كل حصاد، وصوم رمضان من كل عام، وحج البيت مرةً في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً... وما كان منها من باب التطوع.
فإذا نظرنا إلى فريضة كالصلاة، نجد السنة حافلةً بكتبها وأبوابها الجَمَّة، من مقدماتها: الطهارة، والوضوء، والغسل، والتيمم، ومسح الخفين... الخ... ولواحقها: الأذان، والإقامة، والجماعة، والإمامة، وبيان مواقيتها، وأعدادها، وكيفيتها، وأركانها، وسننها ومبطلاتها، وبيان أنواعها مما هو فرض، وما هو نفل مؤكد كالسنن الرواتب، والوتر، وما ليس كذلك كقيام الليل وصلاة الضحى، وما يصلى في جماعة وما ليس كذلك، وما يؤدى مرةً أو مرتين في السنة كصلاة العيدين، وما يؤدى بأسباب عادية كالكسوف والاستسقاء، أو خاصةً كالاستخارة.
وإذا جئنا إلى الزكاة نجد بيان الأموال التي تجب فيها، ونُصبها، ومقادير الواجب في كل منها، ومتى تجب، ولمن تجب؟.
ومثل ذلك يقال في الصيام والحج والعمرة، فالسنة هي التي فصّلت أحكامها تفصيلاً.
وهذه العبادات قد احتلّت من كتب السنة حيزًا كبيرًا، حتى إنها في كتاب مثل: " الجامع الصحيح للبخاري" تقدّر بنحو الربع.
فإذا أضفنا إليها ما يتعلق بالأذكار والدعوات وتلاوة القرآن - وهي لا شك جزء من العبادات - تبيّن لنا مقدار احتفال السنة بها، وقد ختم البخاري جامعه بحديث منها(5).
ونجد في السنة توجيهات مفصلة للأخلاق الإسلامية، التي بعث الله رسوله ليتمِّمَها وهي تشمل الأخلاق الإنسانية التي لا تقوم الحياة الفاضلة إلا بها، وقد اعتبرتها السنة من شعب الإيمان، ومن فضائل المؤمنين، كما اعتبرت أضدادها من آيات النفاق، ورذائل المنافقين، وذلك كالصدق والأمانة، والسخاء والشجاعة، والوفاء والحياء، والرفق والرحمة، والعدل والإحسان، والتواضع والصبر، والحلم عند الغضب، والعفو عند المقدرة، وبِرّ الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، ورعاية اليتيم، والمسكين، وابن السبيل.
كما تشمل ما نسمِّيه " الأخلاق الربانية" التي هي قوام الحياة الروحية كمحبة الله تعالى، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والإخلاص له، والرجاء في رحمته، والخشية من عذابه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والشكر لنعمائه، والحب فيه، والبغض فيه، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، والورع عن المحارم والزهد فيها عند الناس، والرغبة فيما عند الله... إلى غير ذلك من الأخلاق والمقامات التي عني بها الصادقون من رجال التصوف، حتى قالوا: التصوف هو الخُلُق، فمن زاد عليك في الخُلُق، فقد زاد عليك في التصوف.
ونجد في السنة كذلك تفصيلات الآداب الإسلامية، التي تتصل بالحياة اليومية للإنسان المسلم، ويتكوّن منها الذوق المشترك، والأدب المشترك للأمة الإسلامية.
وذلك مثل أدب الأكل والشرب، والجلوس والمشي، والتحية والسلام، والزيارة والاستئذان، والنوم واليقظة، واللباس والزينة، والكلام والصمت، والاجتماع والافتراق.
فالمسلم عندما يأكل أو يشرب يُسمِّي الله تعالى، ويأكل بيمينه، ويشرب بيمينه، ويأكل مما يليه، ويقتصد في أكله، ويحمد الله إذا فرغ من طعامه.
وهكذا نجد السنة النبوية تضع للمسلم مجموعةً مفصّلةً من الآداب المحدَّدة في سلوكه اليومي، تنشأ منها تقاليد مشتركة، تميِّز المجتمع المسلم عن غيره من المجتمعات، كما تجعل للفرد المسلم شخصية مستقلة متميزة في مظهرها ومخبرها تستعصي على الذوبان في غيرها.
ونجد في السنة كذلك تفصيلاتٍ لتكوين الحياة الأسرية على أساس مكين، وتنظيم علاقاتها، وضبط سيرها، وحمايتها من عوامل التفكك والانهيار، والتوجيه إلى الوسائل اللازمة للمحافظة عليها، وما يلزم كِلا الطرفين عند تعذر الوِفاق، ووقوع الطلاق، فنجد في السُنّة عنايةً بالغةً بحسن اختيار الزوج أو الزوجة، والخطبة وأحكامها، والزواج وآدابه، وحقوق الزوجة على زوجها، والزوج على زوجته، وأحكام الطلاق، والرجعة، والعدة، والإيلاء، والظهار، والنفقات، وحق الأولاد على والديهم، وحق الوالدين على أولادهم، وحق ذوي القربى من المحارم والعصبات... إلى غير ذلك مما يقوم عليه " فقه الأسرة"، أو ما يسمى " الأحوال الشخصية".
ونجد في السنة كذلك أحكامًا وفيرةً تتعلق بالمعاملات والعلاقات الاجتماعية بين المسلمين بعضهم وبعض، مثل أحكام البيع والشراء، والهبة والقرض، والمشاركة والمضاربة، والإجارة والإعارة، والكفالة والحوالة، والرهن والشفعة، والوقف والوصية، والحدود والقصاص والشهادات وغيرها، مما استند إليه فقه " المعاملات".
ومنها ما ينظِّم العلاقة بين الحكّام والمحكومين، في الشؤون الإدارية والمالية والقضائية وغيرها، مما استمدت منه كتب " السياسة الشرعية"، وكتب " الأموال"، و"الخراج" ونحوها.
ومنها ما ينظِّم العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها، ويرسم الإطار لعلاقة المسلمين بغير المسلمين في السِّلم وفي الحرب. وهذا ما يقوم عليه فقه " السير" أو " الجهاد"(6).
وللإمام ابن القيم كلام نفيس رائع عن الهدي النبوي الذي جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: " وتُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وما طائر يقلب جناحيه في السماء، إلا ذكر للأمة منه علمًا، وعلَّمَهم كل شيء حتى آداب التخلي - أي آداب قضاء الحاجة - وآداب الجماع، والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول، والسفر والإقامة، والصمت والكلام، والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت، ووصف لهم العرش والكرسي، والملائكة والجن، والنار والجنة، ويوم القيامة وما فيه، حتى كأنه رأي عين، وعرَّفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف، حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله، ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم، وما جرى لهم، وما جرى عليهم، حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر، دقيقها وجليلها، ما لم يعرفه نبي لأمته قبله، وعرفهم - صلى الله عليه وسلم - من أحوال الموت، وما يكون بعده في البرزخ، وما يحصل فيه من النعيم والعذاب، للروح والبدن، ما لم يُعرِّف به نبي غيره، وكذلك عرَّفهم من أدلة التوحيد، والنبوة، والمعاد، والردّ على جميع أهل الكفر والضلال، وعرَّفهم من مكايد الحروب، ولقاء العدو، وطرق النصر والظفر، ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته، لم يقم لهم عدو أبدًا - أي لم يثبت أمامهم عدو - وكذلك عرَّفهم من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها، وما يتحرزون به من مكره وكيده، وما يدفعون به شره عن أنفسهم ما لا مزيد عليه.
وبالجملة: فقد جاءهم بخير الدنيا والآخرة بأكمله، ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه، فشريعته كاملة، ما طرق العالمَ شريعة أكمل منها"(7).


الهوامش:
(1) حجية السنة، ص: 13-14.
(2) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم: (5063)، ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه...، رقم: (1401).
(3) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم، رقم: (1924، 2003، 2005)، اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد, (1/ 123).
(4) انظر: الإسلام على مفترق الطرق، ص: 87.
(5) هو حديث: " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" عن أبي هريرة.
(6) انظر: المدخل إلى دراسة السنة، ص: 63- 67.
(7) إعلام الموقعين، (4/ 375).
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 21-03-2011, 04:08 AM   #2
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي التمسك بالسنة دين 1

التمسك بالسنة دين
1



وإذا كانت السنة النبوية بتلك السعة وهذا الشمول، فإن التمسك بها تمسك بالدين، سواء تعلق الأمر بالأهم منها أو المهم، لأن الكل داخل في مطلق الاتباع وشمول الاقتداء والتأسي.
قال تعالى:
((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)) [آل عمران:31].

وقال تعالى:
((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا)) [الأحزاب:21].

يقول الغزالي: " اعلم أن مفتاح السعادة في اتباع السنة، والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع مصادره وموارده، وحركاته وسكناته، حتى في هيئة أكله وقيامه، ونومه وكلامه، لستُ أقول ذلك في آدابه في العبادات فقط - لأنه لا وجهَ لإهمال السنن الواردة في غيرها- بل ذلك في جميع أمور العادات، فبه يحصل الاتباع المطلق، كما قال تعالى:
((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)) [آل عمران:31].
وقال تعالى:
((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))(1) [الحشر:7].

فهل - بعد ذلك - يليق بعاقل أن يتساهل في امتثال السنة، فيقول: هذا من قبيل العادات، فلا معنى للاتباع فيه؟.
إننا نعلم أن من السنن ما هو مؤكد كان يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا، ومنه ما هو غير ذلك مما كان يفعله الرسول في بعض الأوقات.
ومن هذه السنة ما له قيمة كبيرة وثواب عظيم كأداء المسلم للصلوات في جماعة، ومنه ما له قيمة صغيرة كالأكل باليد اليمنى، وغير ذلك من تفصيلات الحياة التي كان يمارسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
لقد رأى البعض أن التمسك بتلك الأشياء الصغيرة من السنن تشدد لا مبرر له, وحجر على العقول الإنسانية، إذ لا يدرى ما فائدة أن يأكل إنسان باليد اليمنى ويترك اليسرى؟ خاصةً وأن ما يسمونه حضارة يُملِي على الناس أن يستعملوا كلتا اليدين إحداهما تمسك السكين والأخرى تمسك الشوكة.
وهؤلاء من الذين يريدون أن يخضعوا كل شيء لموازين عقولهم حتى أمور الدين وما جاء به من أحكام وأخلاق وسلوك. هذا في الوقت الذي يعترفون فيه بأن هناك حدودًا للعقل لم يتخطها بعد، وفي الوقت الذي يدرك فيه كل عاقل أنه ليس هناك في الحقيقة عقل مجرد وإنما يتأثر عقل أي إنسان بالبيئة التي ينشأ فيها، والثقافة التي يتثقفها، والعقائد التي يدين بها ويتعصَّب لها.
ومن هنا إذا حكَّم إنسانٌ ما عقله في العقيدة وفي الأمور الدينية فإنه يخشى عليه من أن يصدر أحكامًا خاطئةً؛ لأن العقائد الدينية ليست نابعةً من بيئة أو خاضعة لثقافة أو صادرة من عقل بشري، وإنما هي فوق ذلك ومن قوة عليا.
ومن أجل هذه الحقيقة واحترامًا من الإسلام للعقل البشري كانت هناك الحرية المطلقة في الدخول في الإسلام، وعلى أساس من الاقتناع الفكري والقلبي، أو على أساس التسليم: ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيِّ))[ البقرة:256].
ولكن بعد الدخول في الإسلام على المرء أن يخضع لتعاليمه، ومبادئه، وقوانينه، سواء أفهمها عقله وأدرك ما فيها من فوائد أم لا، وهذا هو المعقول وهي - بلا شك وفي اعتقاده إذا كان مسلمًا حقًا - صادرة من عليم خبير حكيم، يودع في طياتها كل ما يصلح عباده الذين خلقهم، فلِمَ إذن الاعتراض والافتراء بأن بعض أمور الدين التي جاءت من عند الله أو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى - غير معقولة أو غير مفيدة؟.
لكننا بعد أن نسلم بكل ما يأتي به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونمارسه سواء أكان هذا من الفروض الواجبة علينا أو من غيرها، فإننا حتمًا سنهتدي إلى الفوائد التي نجنيها من ممارستها؛ لأن الإسلام الذي جاء من عند الله لا يتناقض مع العقل أو الطبيعة البشرية التي خلقها الله - عزَّ وجلَّ - كذلك.
ولنفكر في تلك الفوائد التي يمكن أن تجنى من تمسكنا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وخاصةً ما ترك لاختيارنا وإرادتنا، نفعله أو لا نفعله ما كبر منه وما صغر، إننا نوافق بعض الباحثين فيما ذكروه من فوائد وأسباب ثلاثة لتمسكنا بالسنة(2).

السبب الأول:
" هو تمرين الإنسان بطريقة منظمة على أن يحيا دائمًا في حال من الوعي الداخلي، واليقظة الشديدة، وضبط النفس".
فالله تعالى قد ميّز الإنسان عن سائر المخلوقات بالإرادة الحرة، ولكن من الممكن أن تلغى هذه الإرادة إذا أسلم الإنسان نفسه لعادات وأعمال تصدر منه دون وعي ودون تفكير " فإن الأعمال والعادات التي تقع عفو الساعة تقوم في طريق التقدم الروحي للإنسان كأنها حجارة عثرة في طريق الجياد المتسابقة".
يجب إذن أن تظل هذه الإرادة حيةً نابضةً في الإنسان، ويجب أن تقلّ الأعمال عنده التي تصدر منه في غيبة هذه الإرادة " فكل شيء نفعله يجب أن يكون مقدورًا بإرادتنا وخاضعًا لمراقبتنا الروحية" حتى نُحقِّق ذواتنا.
والتمسك بالسنن غير المفروضة يعيننا على ذلك، إنها تحتاج إلى شيء من الجهد، وإلى شيء من المشقة في بعض الأحيان، وإلى كثير من التحدي، خاصةً في عصرنا الذي نعيش فيه، فالمحافظة على الصلاة في جماعة في أول الوقت فيه شيء من المشقة، وخاصةً إذا كانت هذه الصلاة هي صلاة الفجر. وصلوات النوافل التي تصاحب الفروض قبلاً أو بعدًا فيها شيء من الجهد في عصر كل ما فيه سريع ومشاغله كثيرة. والأكل باليد اليمنى فيه تحدٍ لما يسمّى بالتحضر في عصرنا، والذي يملي على بعض المجتمعات أن يأكل أفرادها بشوكة في يد، وسكين أو ملعقة في أخرى.
هو إذن يستعمل إرادته في كل هذه الأمور، يجددها، ويوقظها حتى لا تنام، أو تسلم قيادها لعادات وتقاليد تصدر دون وعي فتموت هذه الإرادة.
ثم ماذا تكون النتيجة عندما تموت؟... سيحتاج يومًا إلى هذه الإرادة في وجه كثير من صعوبات الحياة ومشاكلها فلا يجدها، ويومئذٍ لا تفيده كل وسائل الحضارة التي يملكها إنسان هذا العصر، وهذا هو السرّ في أننا نجد ظاهرة الهروب من الحياة تتجلى أوضح ما تكون على شكل الانتحار أو غيره, في البلاد التي امتلكت أسباب الحضارة ووسائل الرفاهية.
يقول محمد أسد: " قد لا يكون من المهم في ذاته أن نأكل بأيِّ اليدين ولكن إذا اعتبرنا التنظيم فمن أشدِّ الأمور أهمية أن تأتي أعمالنا مقدرة بنظام، وليس من السهل على الإطلاق أن يبقى الإنسان في تنبيه مستمر لمحاسبة النفس وضبطها، حتى ولو كانت فيه هاتان القوتان مثقفتين غاية التثقيف، إن كسل العقل لا يقل في حقيقته عن كسل الجسم، فإنك إذا سألت رجلاً تعود حياة القعود أن يسير مسافةً ما فإنه لا يسير غير قليل حتى يتعب، ويصبح غير قادر على أن يتابع مسيره، وليس هذا شأن من تعود في حياته كلها أن يمشي وَمُرِّنَ على ذلك، ثم لا يجد في هذا النوع من الجهد العضلي جهدًا على الإطلاق".
ثم يقول: " فإذا تحتم علينا أبدًا أن نخضع جميع ما نعمل وجميع ما نترك لتمييز عقلي معلوم، فإن مقدرتنا على ضبط النفس - واستعدادنا لذلك ينموان تدريجيًا، ثم يصبحان فينا طبيعةً ثانيةً، وفي كل يوم ما دام هذا التمرين مستمرًا - يتناقص كسلنا الأدبي حسب ذلك(3).
ولربما كان هذا هو السرّ في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يحبذ أن يصلِّي الرجل صلاة النافلة في بيته؛ لأن هذا أدعى إلى تحريك عزيمته وإيقاظها، أما إذا صلاها في المسجد فإن الدواعي لها كثيرة، بحيث لا يمكنها أن تسهم في تربية الإرادة، من وجوده في المسجد، وصلاتها مع الفرض.
وحتى تؤتي السُنَّة ثمرتها في هذا المجال، فلا تصبح عادةً وعملاً آليًا يقوم به المسلم - دون وعي- من الواجب عليه أن يكون متيقظًا دائمًا وهو يقوم بها، وألا يحاول أن يؤديها كعمل شكلي لا روح فيه ولا فائدة منه، وإلا أصبحت كالرموز أو الطقوس تؤدى دون أن تسهم تثقيفًا في حياة المسلم. إن بعض المسلمين يدلكون أسنانهم بأصابعهم عند الدخول في الصلاة حتى يحافظوا على سنة السواك... لا،
" إن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "(4). ولن يتحقق هذا إلا بالسواك، أما الأصابع في هذه الحالة فربما أدت إلى الضرر إن لم تكن شكلاً فقط، وليست فيها المشقة التي تربي الإرادة. أما الرسول - صلى الله عليه وسلم- فيقول:
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"(5). إذن فليرغم الإنسان نفسه وكسله إذا أراد أن يقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا.

إن السنة - ليست كما يزعم النقاد من الخصوم من نتاج المرائين الظاهريين الجفاة؛ ولكنها نتاج رجال(6) ذوي عزيمة ولوذعية, وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كانوا من هذا الطراز الأول، إن وعيهم الدائم ويقظتهم الباطنة، وشعورهم بالتبعة في كل شيء- كانت هي الإعجاز في مقدرتهم وفي فوزهم التاريخي المدهش(7).

الهوامش:
(1) الأربعين في أصول الدين، نقلاً عن" حجية السنة"، ص:80-81.
(2) الإسلام على مفترق الطرق لمحمد أسد، ترجمة الدكتور/ عمر فروخ - ط:4، بيروت، ص:104- 110.
(3) الإسلام على مفترق الطرق لمحمد أسد، ترجمة الدكتور/ عمر فروخ - ط:4، بيروت، ص:105- 106.
(4) أخرجه أحمد في المسند (6/ 47، 62، 124).
(5) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، رقم: (887)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب السواك، رقم: (42).
(6) أي: تمسك بها رجال.
(7) الإسلام على مفترق الطرق لمحمد أسد، ترجمة الدكتور/ عمر فروخ - ط:4، بيروت، ص:106.


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 22-03-2011, 05:57 AM   #4
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @ كريمة @
   الله يكرمك يااااااااااااااارب


بارك الله لكم
وجزاكم خير واثابكم اعلى عليين ..
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 22-03-2011, 06:00 AM   #5
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي التمسك باسنة دين 2


التمسك بالسنة
2



السبب الثاني:

لتمسكنا بالسنة هو: أهميتها ونفعها الاجتماعي في حياة الأمة الإسلامية.
إن السنة توحِّد مشاعر الأفراد، وميولهم، وعواطفهم، بما فيها من أسباب ذلك. فهي تدعو إلى التراحم بين المسلمين، وحبّ بعضهم بعضًا، وتنتظمهم ككل في بعض الأمور؛ كصلاة الجماعة التي يقف فيها المؤمنون جميعًا على قدم المساواة على اختلاف طبقاتهم ووظائفهم الاجتماعية.. , أوليسوا جميعًا في سلوكهم وأخلاقهم باتباعهم السنة يكونون كشخص واحد هو محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي يقتدون به فيهما؟.
وإن بعض الأعمال الجماعية المادية التي نقتدي فيها برسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسهم في وحدة المسلمين الروحية والقلبية، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقيمت صلاة الجماعة يسوِّي الصفوف ويقول لهم: " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"(1).
أرأيت كيف ربط الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين وحدة الصفوف المادية، ووحدتهم الروحية والقلبية؟ وكذلك اختلافهم في هذا وذاك.
إن السنة عندئذٍ تجعل المجتمع متماسكًا مستقرًا في شكله، وتحول دون تطور العداء والنزاع؛ لأن جميع أفراده يرجعون إلى أساس واحد. وما دام هذا الأساس لا يحوم حوله ريب ما، فليس ثمة من حاجة ولا رغبة في تبديل التنظيم الاجتماعي الذي نتج عنه.
وإذا تحرز المجتمع على هذا النحو من اختلاف الميول والنزعات؛ لأنه بني على قواعد من الشرع الإلهي والاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه يستطيع حينئذٍ أن يستغلّ جميع قواه في معالجة مسائل تسبغ عليه رفاهية حقيقية، مادية وعقلية.
أما إذا اختلف الأفراد في الميول والنزعات؛ لأن مشاربهم متعددة وتنشئتهم مختلفة، فإنهم لن يلتقوا على أرض الحب والتعاطف والمودة وتختلف النظرات الاجتماعية، كل يرى أن الحل الأمثل والحياة السعيدة هي ما يراها غيره، فتتعدد الأغراض الاجتماعية والمقاصد، وينشأ الناس على عادات مختلفة " وهذه العادات المختلفة إذا تبلورت بالمراس سنين طوالاً أصبحت حواجز بين الأفراد" ويسوء فهم بعض الناس لأغراض بعضهم الآخر ومقاصده. وهذا هو سِرُّ أكثر المنازعات الاجتماعية في كل مجتمع تتعدد فيه الأحزاب التي يحمل كل حزب فيها مبادئ ربما تتناقض مع مبادئ الآخر، وربما تطور الأمر، فيحكم حزب متعصب، فيحمل الناس حملاً؛ موافقيه ومخالفيه على الالتزام بهذه المبادئ، وينشأ الصراع الذي نشاهده في كثير من قطاعات عالمنا المعاصر.
أما " أولئك الذين يعدون أنفسهم مقيدين بشريعة القرآن الكريم" وبالتالي بأوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم-، فإن أحوال المجتمع عندهم يجب أن يكون لها مظهر مستقر؛ لأنهم يرجعون بها إلى أساس مطلق"(2).

السبب الثالث:
في تمسكنا بالسنة؛ كبيرها وصغيرها، فرضها ونفلها، هو أنها الطريق إلى معرفة الإسلام مطبقًا في الحياة، إن في هذا النظام من العمل بالسنة يكون كل شيء في حياتنا اليومية مبنيًا على الاقتداء بما فعله الرسول، وهكذا نكون دائمًا إذا فعلنا أو تركنا كذلك مجبرين على أن نفكر بأعمال الرسول وأقواله المماثلة لأعمالنا هذه(3).
ولقد كانت حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - تطبيقًا أمينًا لمبادئ الإسلام وتعاليمه، ألم يكن خلقه القرآن كما تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها-...؟ وهذا يدفعنا إلى أن نتعرف على دقائق حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم والوقوف على سيرته، فنتعرف على الإسلام من خلال السنة النظرية، ونطبقه من خلال الاقتداء عمليًا، وبهذا ندخل في نطاق رحمة الله عز وجل، ألم يرسل محمدًا رحمةً للعالمين؟.. وتصبح شخصية أعظم رجل متغلغلة إلى حد بعيد في منهاج حياتنا اليومية بما فيها من صغير وكبير.
أما إذا أعرضنا عن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فستنشأ غربة بيننا وبينه، وبالتالي ستنشأ غربة بيننا وبين الإسلام الذي حمله ودعا إليه، وبشَّر به، وطبَّقه كما قلنا تطبيقًا أمينًا في حياته. وفي النهاية أو في البداية سنرتمي في أحضان ثقافات أخرى من صنع بشر ومفكرين آخرين أثبت الزمن أن عقولهم وفلسفاتهم ليست أهلاً لأن تقود الإنسان، وإنما يقوده خالقه بالالتزام بما جاء به نظرًا وعملاً محمد - صلى الله عليه وسلم - من عنده - عزَّ وجلَّ-.
ولعلنا بعد معرفة هذه الأسباب ندرك معقولية تمسكنا بكل ما صدر عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وفائدته ، حتى الأكل باليد اليمنى الذي يسهم في تربية الوعي الإرادي عند المسلم متحديًا عادات عصره، كما يسهم في الامتزاج الاجتماعي عندما يكون الأفراد كلهم يأكلون بأيديهم اليمنى، وغير ذلك من السنة، ثم حمل للنفس على احترام الإسلام والتعرف على نبيه وعلى كل ما صدر عنه، فنتعرف على كل شيء في حياته، وبالتالي نتعرف على كل شيء في الإسلام نظرًا وعملاً(4).
وفقنا الله - عزَّ وجلَّ- إلى التمسك بالسنة، والعمل بالهدي النبوي الكريم.
وفي هذه الدراسة سنتحدث - إن شاء الله- عن السنة النبوية: تعريفها - مصدرها - حجيتها - رتبتها في التشريع- أنواعها من حيث دلالتها على الأحكام وغير ذلك من المباحث، لتتضح أهميتها، وتظهر مكانتها، وتتبين منزلتها؛ ليحيى من حيّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
والله نسأل التوفيق والسداد، وهدايتنا وكل العباد، ((سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)) [البقرة:32].



الهوامش:
(1) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، رقم: (972).
(2) الإسلام على مفترق الطرق لمحمد أسد، ترجمة الدكتور/ عمر فروخ - ط: 4، بيروت، ص: 108.
(3) المصدر السابق، ص: 109.
(4) انظر: المدخل إلى توثيق السنة، ص: 18-25.



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 23-03-2011, 03:47 AM   #6
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي كلمة في الاصطلاح والدلالة

كلمة في الاصطلاح والدلالة

أهمية إدراك الفوارق بين المعاني اللغوية و المعاني الاصطلاحية.
إن الخلط في الدلالات وعدم معرفة الفوارق بين المعاني في اللغة وبينها في الاصطلاح أمر في غاية الخطورة؛ لأنه يؤدي بأصحابه إلى أسوأ الأحكام، وأتعس النتائج، وهذا ما سنلاحظ بعضه في الصفحات التالية، ومن ثَمَّ يلزم بين يدي تعريفنا بالسنة معرفة الفوارق بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية، وعليه فأقول:
قال أبو هلال العسكري:" الفرق بين الاسم العرفي والاسم الشرعي أن الاسم الشرعي ما نقل عن أصله في اللغة فسمي به فعل، أو حكم، حدث في الشرع نحو الصلاة، والزكاة، والصوم، والكفر، والإيمان، والإسلام، وما يقرب من ذلك، وكانت هذه أسماء تجري قبل الشرع على أشياء، ثم جرت في الشرع على أشياء أخر، وكثر استعمالها حتى صارت حقيقة فيها وصار استعمالها على الأصل مجازاً، ألا ترى أن استعمال " الصلاة " اليوم في الدعاء مجاز، وكان هو الأصل.
والاسم العرفي ما نقل عن بابه بعرف الاستعمال نحو قولنا: (دابة)، وذلك أنه قد صار في العرف اسمًا لبعض ما يدب، وكان في الأصل اسمًا لجميعه.
وعند الفقهاء أنه إذا ورد عن الله – عزَّ وجلَّ - خطاب قد وقع في اللغة لشيء واستعمل في العرف لغيره، ووضع في الشرع لآخر، فالواجب حمله على ما وضع في الشرع؛ لأن ما وضع له في اللغة قد انتقل عنه وهو الأصل، فما استعمل فيه بالعرف أولى بذلك، وإذا كان الخطاب في العرف لشيء وفي اللغة بخلافه وجب حمله على العرف؛ لأنه أولى، كما أن اللفظ الشرعي يحمله على ما عدل عنه، و إذا حصل الكلام مستعملاً في الشريعة أولى على ما ذكر قبل، وجميع أسماء الشرع تحتاج إلى بيان نحو قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)(البقرة:43).
إذ قد عرف بدليل أنه أريد بها غير ما وضعت له في اللغة و ذلك على ضربين:
أحدهما: يراد به ما لم يوضع له البتة، نحو الصلاة و الزكاة.
والثاني: يراد به ما وضع له في اللغة لكنه قد جعل اسمًا في الشرع لما يقع منه على وجه مخصوص، أو يبلغ حداً مخصوصاً، فصار كأنه مستعمل في غير ما وضع له، وذلك نحو الصيام، و الوضوء، وما شاكله.(1)
وهذا كلام مهم، ولإيضاحه أكثر أقول:
الأسماء ثلاثة أنواع:
الأول: يعرف حده بالشرع مثل: الإيمان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج.
الثاني: يعرف حده باللغة مثل: الشمس، القمر، الليل، النهار.
الثالث: يعرف حده بالعرف مثل: القبض.
والألفاظ الشرعية - وإن كانت عربية في الأصل - إلا أنه لا بد من معرفة المراد بها في الشرع، لأن الشرع قد نقل تلك الألفاظ عن مدلولاتها الأصلية إلى معان بينها وبين المعنى الأصلي نوع اشتراك.
فالصلاة في أصل اللغة الدعاء، فجاء الشرع مخصصًا الصلاة بأقوال، و أفعال، وهيئات معينة.
والزكاة في أصل اللغة هي النماء والزيادة، فجاء الشرع مخصصاً معناها بما يدفع من حق معلوم لمستحقيه، باعتبار ذلك الدفع طريقاً للنماء والزيادة.
والصوم في أصل اللغة مطلق الإمساك، فجاء الشرع مخصصاً معناه بالامتناع عن أشياء معينة في أوقات معينة.
والحج في أصل اللغة القصد، فخصَّ الشرع ذلك القصد بأنه القصد لبيت الله الحرام لأداء أعمال معينة.
فالشرع إذاً لم ينقل تلك الألفاظ – و غيرها – عن معانيها اللغوية بالكلية، ولم يبق عليها كما هي في أصل اللغة، بل خصصت تخصيصاً شرعياً ببعض مواردها، كما أن عرف الناس يخصص بعض الألفاظ ببعض مواردها.(2)
وإذا أعرض المرء عن هذا المنهج في تعامله مع المصطلحات الشرعية ولم يع هذه الفروق فإنه يضل ضلالاً كبيراً، لذا لزم علينا أن نبين وجه الخلاف بين معنى (السنة) في اللغة وبين معناها في الاصطلاح، وهذا ما سنعرض له في الآتي.

السنة في اللغة
السنة في اللغة: مشتقة من الفعل (سن) بفتح السين المهملة وتشديد النون، أو من (سنن) وهذه المادة تفيد جريان الشيء واطراده في سهولة(3)، فهي تفيد أن الشيء تكرر حتى أصبح قاعدة.
ولها عدة معان:
1-السيرة المستمرة والطريقة المتبعة المعتادة سواء أكانت حسنة أم سيئة. وهذا المعنى للسنة هو الأصل والغالب، قال ابن الأثير: (قد تكرر في الحديث ذكر: (السنة) وما تصرف منها، والأصل فيها الطريقة والسيرة..)(4)، وحسن الطريقة والسيرة أو سوؤها إنما يأتي على طريق الوصف والإضافة.
فمن الوصف قوله - صلى الله عليه وسلم -:
(
من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم من شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)
(5).

ومن الإضافة تأخذ كلمة (سنة) المدح أو الذم حسب المضاف إليه. ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -:
(.... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)(6) تكون السنة حسنة و محمودة.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -:
(
أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية.....)
(7)

وقوله - صلى الله عليه وسلم -:
(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا ذراعًا، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود و النصارى؟ قال: فمن)(8).
تكون السنة هنا سيئة ومذمومة.

وأصلها اللغوي مأخوذ من قولك: سننت الماء إذا واليت صبه. وفي لسان العرب: سن عليه الماء: صبه، وقيل أرسله إرسالاً ليناً....
وسن الماء على وجهه: أي: صبه عليه صبا سهلاً، قال الجوهري: سننت الماء على وجهي، أي أرسلته إرسالاً من غير تفريق... وفي حديث بول الأعرابي في المسجد: (فدعا بدلو من ماء فسنه عليه)(9) أي: صبه، والسنّ: الصب في سهولة... وفي حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عند موته: (فسنوا عليّ التراب سنا)(10) أي: ضعوه وضعاً سهلاً.(11)
فشبهت العرب الطريقة المتبعة، والسيرة المستمرة بالشيء المصبوب، لتوالي أجزائه على نهج واحد، ومن هذا المعنى قول خالد بن عتبة الهذلي:
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها * فأول راضٍ سنة من يسيرها(12)
وبهذا الإطلاق اللغوي جاءت كلمة السنة في القرآن الكريم،
قال الله تعالى:
(وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ)
(الكهف:55).

وقال تعالى:
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً)
(الإسراء:77).

2-السنة بمعنى المثال المتبع والإمام المؤتم به , قال في اللسان: سنَّ فلان طريقاً من الخير يسُنّه: إذا ابتدأ أمراً من البر لم يعرفه قومه، فاستنوا به وسلكوه.(13)
وقال الطبري: والسنة هي المثال المتبع، والإمام المؤتم به، يقال منه: سَنّ فلان فينا سنة حسنة، وسن سنة سيئة: إذا عمل عملاً اتبع عليه من خير وشر، ومنه قول لبيد بن ربيعة:
من معشر سنَّت لهم آباؤهم * ولكل قومٍ سُنَّةٌ و إمَامُها(14)

وقول سليمان بن قَتّة:
وإن الأُلى بالطفِّ(15) من آل هاشم * تآسوا(16) فسنوا للكرام التآسيا(17)

وبهذا الإطلاق اللغوي جاءت في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم كفل من دمها ذلك أنه أول من سن القتل)
(18)، يعني أن على قابيل قاتل هابيل نصيب من كل دم يراق؛ لأنه أول من ابتدأ القتل، فقوله: " أول من سن القتل " فيه أن من سن شيئاًَ كتب له أو عليه، وهو أصل في أن المعونة على ما لا يحل حرام(19).

وهكذا فإن العرب تطلق على كل من ابتدأ أمراً عمل به قوم من بعده، بأنه هو الذي سنه، ومن هذا المعنى قول نصيب:
كأني سننت الحب أول عاشق * من الناس إذ أحببت من بينهم وحدي

3-والسنة بمعنى الصقل والتزيين، يقال: سنَّ الشيء يَسُنُّهُ سناً، وسنَّنَه أي: صقله وزينه.
قال في اللسان: والسنة: الوجه، لصقالته وملاسته، وقيل هو حُرُّ الوجه، وقيل دائرته، وقيل: الصورة، وقيل الجبهة والجبينان، وكله من الصقالة والأسالة.(20)
وبهذا المعنى وردت في أشعار العرب، قال الأعشى:
كريماً شمائله من بني * معاوية الأكرمين السُّنن
حيث أراد بقوله: (الأكرمين السُّنن) الأكرمين الوجوه، فـ (السنن) الوجوه، و(السنن) جمع سنة.(21)

وقال ذو الرمة:
تُريك سنة وجه غير مُقرفةٍ * ملساء ليس بها خالٌ ولا ندبُ
حيث أراد بقوله " تريك سنة وجه " تريك دائرة وجهها.

وقال ثعلب:
بيضاء في المرآة سُنَّتها * في البيت تحت مواضع اللمس
حيث أراد بقوله: (في المرآة سنتها): في المرآة صورتها(22).
كما وردت في الحديث الشريف بهذا المعنى، ومنه حديث: (أنه - صلى الله عليه وسلم - حَضَّ على الصدقة، فقام رجل قبيح السنة)(23). أي: الصورة.

4-و السنة بمعنى العناية بالشيء ورعايته. يقال: سن الإبل إذا أحسن رعايتها والعناية بها.
والفعلالذي داوم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - سمي سنة بمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحسن رعايته وإدامته.(24)

5-والسنة بمعنى البيان، يقال: سن الأمر، أي: بينه، وسن الله أحكامه للناس: بينها، فسنة الله:
أحكامه، وأمره، ونهيه، وسنها الله للناس: بينها، وفي الحديث: (إني لأَنسَى أو أُنسَّى لأسُنَّ)(25). أي: إنما أدفع إلى النسيان لأسوق الناس بالهداية إلى طريق مستقيم، و أبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوا إذا عرض لهم النسيان.(26)



(1) الفروق ص 56
(2) انظر: " فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (7/298-302)، ومختصر الصواعق المرسلة (2/347).
(3) انظر: مقاييس اللغة (3/60)
(4) النهاية في غريب الحديث ص 449
(5) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، رقم (1017)
(6) أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة (4607) و الترمذي كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة النبوية و اجتناب البدع رقم (2678) وقال: حديث حسن صحيح.
(7) أخرجه البخاري، كتاب الديات، باب من طلب دم امرئ بغير حق، (6882)
(8) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم " رقم (7320)
(9) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، رقم (57، 58)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد رقم (284).
(10) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله رقم (121).
(11) لسان العرب 13/227، و انظر: القاموس المحيط 4/239، و المعجم الوسيط 1/455، 456
(12) لسان العرب 12/225.
(13) لسان العرب (13/225).
(14) يعني أنك من جماعة " سنت لهم آباؤهم " علمتهم طريق كسب المعالي.
(15) الطف: موضع قرب الكوفة.
(16) تآسوا: من المواساة بمعنى المشاركة.
(17) تفسير الطبري 4/100.
(18) أخرجه البخاري كتاب الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، رقم (3335)، ومسلم كتاب القسامة، باب بيان إثم من سن القتل رقم (1677).
(19) تكملة فتح الملهم (2/213).
(20) اللسان 13/224
(21) يقال سنن الطريق – بفتح السين و ضمها – فالأول مفرد والثاني جمع " سنة " وهي جادة الطريق والواضح فيها.
(22) انظر: لسان العرب 13/224، القاموس المحيط 4/239، المعجم الوسيط 1/455،456.
(23) أخرجه أحمد في المسند (4/288-296).
(24) انظر: لسان العرب (3/2121) تاج العروس (9/244،243).
(25) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب السهو، باب العمل في السهو، رقم (2). قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنداً ولا مقطوعاً من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ، والتي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح في الأصول.
(26) انظر: لسان العرب (13/225)، القاموس المحيط (4/238).



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 25-03-2011, 04:21 AM   #7
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي

تعريف السنة لغةً

السنة بمعنى دين الله تعالى، الذي هو أمره ونهيه وسائر أحكامه(1)، قال الراغب: وسنة الله قد تقال لطريقة حكمته، وطريقة طاعته(2).

و السنة بمعنى الأمة. نقله القرطبي عن المفضل، و أنشد:
ما عاين الناس من فضل كفضلهم * ولا رأوا مثلهم في سالف السنن(3)


و السنة بمعنى الطبيعة(4). قال في اللسان، والسنة: الطبيعة، وبه فسر بعضهم قول الأعشى:
كريماً شمائله من بني * معاوية الأكرمين السُّنن(5)

و السنة بمعنى الدوام. نقله الشوكاني عن الكسائي(6).

و السنة بمعنى العادة. قال العضد وكثير من علماء الأصول: " السنة لغة: الطريقة و العادة " وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: (فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلاً) (فاطر:43). (سنة الأولين): إنزال العذاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم. جعل استقبالهم لذلك انتظاراً له منهم، وبين أن عادته - التي هي: الانتقام من مكذبي الرسل - عادة لا يبدلها و لا يحولها "(7) فقد فسر السنة بالعادة كما ترى.
وقال الفنري: " المفهوم من سياق الأصفهاني في شرح البدائع: أن عطف " العادة " على " الطريقة " ليس تفسيرياً حيث قال: وهي في اللغة: الطريقة. يقال: سنة زيد كذا، أي طريقته وسيرته. والعادة. يقال: من سنته كذا، أي: من عادته، قال الله تعالى: (ولن تجد لسنة الله تبديلاً) (الأحزاب:62) أي لعادته "(8).
قال الدكتور/ عبد الغني عبد الخالق معقباً على هذا القول: " ولم أجد في قواميس اللغة تصريحاً: بأن السنة هي العادة، و لا بأن العادة هي الطريقة أو السيرة أو الطبيعة. والذي ذكر في القاموس وشرحه هو: " أن العادة: الديدن يعاد إليه، معروفة. سميت بذلك: لأن صاحبها يعاودها. أي يرجع إليها مرة بعد أخرى. وقال جماعة: العادة: تكرير الشيء دائماً أو غالباً على نهج واحد بلا علاقة عقلية. وقيل: ما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المعقولة عند الطباع السليمة، ونقل شيخنا: أن العادة والعرف بمعنى، وقال قوم: قد تختص العادة بالأفعال والعرف بالأقوال. وقال في المخصص نقلاً عن صاحب العين: "العادة: الديدن، والدربة، والتمادي في شيء حتى يصير سجية له "(9).
فإذا نظرنا إلى جميع معاني العادة: وجدنا أنها تفيد معنى الاستمرار والدوام، فكأن من فسر السنة بالعادة أخذ هذا التفسير من قول الكسائي - المنقول فيما تقدم - " إن السنة: الدوام ".
وإذا نظرنا إلى تفسير العادة - في شرح القاموس -: بما يستقر في النفوس إلخ.. وإلى قول صاحب العين: والتمادي في شيء إلخ، وإلى ما نقل عن الراغب في تفسير الطبيعة فيما تقدم: علمنا أن العادة قد تستعمل بمعنى الطبيعة.
وإذا نظرنا إلى تفسيرها: بتكرير الشيء دائماً أو غالباً... الخ، وإلى تفسيرها بالعرف: علمنا أنها بمعنى الطريقة، فإنها تفيد معنى الاستمرار والتكرار.
هذا: وقد وجدت أبا هلال العسكري في كتابه " الفروق اللغوية " يفرق بين السنة والعادة: بأن العادة: ما يديم الإنسان فعله من قبل نفسه، والسنة تكون على مثال سبق.(10).
وبالجملة: فمعاني " العادة والطبيعة والطريقة والدوام " متقاربة إن لم تكن متحدة "(11)
وجماع القول في معنى هذه الكلمة - السنة - اللغوية: أنها تدل على الطريقة المسلوكة، راجعة إلى أصلها، إذ هي من قولهم: سننت الشيء بالمسن، إذا واليت تكراره عليه، و إمراره به حتى صنع له سناً " أي: طريقاً.
وقريب منه أن نقول: إن هذا اللفظ إنما يفيد الاستمرار والدوام والأمر بهما، وهو ظاهر في قولك: سننت الماء، أي واليت صبه بأسلوب منتظم ودائم.
وإذا ما جمعنا المعنيين معاً يتضح لنا: أن السنة إنما تفيد الأمر باتباع طريقة معينة، والتزامها، والسير عليها، حتى تكون هي الطريق والمسار الذي لا يجوز خلافه في مراد من أمر بالتزامه(12).
وهكذا نجد أن الاصطلاح الشرعي للسنة المفهوم من هذه المعاني اللغوية هو: السيرة والطريقة التي نهجها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أقواله، وأفعاله، وتقريراته على وجه العموم.
وإذ قد اتضح من خلال العرض معنى " السنة " في اللغة فلا بد من التنبه لأمور هي:
1. أن السنة بمعنى الطريقة والسيرة - حسنة كانت أو سيئة - قد استعملت في لغة العرب قبل الإسلام، ووردت في أشعار الجاهلية كما سبق إيراده.
2. أن القرآن الكريم والحديث الشريف قد وردت فيهما كلمة " السنة " بمعناها اللغوي السابق.
3. أن السنة وإن خصصها الإسلام بالطريقة التي نهجها النبي - صلى الله عليه وسلم- في أقواله، وأفعاله، وتقريراته، فإن ذلك لا يعني أن معناها اللغوي قد بطل أو انعدم، بل بقي استعمالها ولكن في نطاق ضيق.

(1) القاموس المحيط ( 4:239 )، المعجم الوسيط ( 1/256 ).
(2) المفردات ص 245.
(3) انظر: الجامع لأحكام القرآن ( 4/216 ).
(4) الطبيعة: السجية، مأخوذة من " الطبع " وهو: أن يصور الشيء بصورة ما. كطبع السكة والدراهم، فإن ذلك نقش النفس بصورة ما، إما من حيث الخلقة أو من حيث العادة، وهو فيما تنقش به من جهة الخلقة أغلب. انظر: المفردات للراغب ص 303 بتصرف.
(5) اللسان 13/2125
(6) إرشاد الفحول ص 33
(7) الكشاف 2/246.
(8) حاشية الفنري على التلويح ( 242 )
(9) المخصص 12/75.
(10) الفروق ص 187.
(11) ججية السنة ص 51،50.
(12) السنة في مواجهة أعدائها ص 38.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 26-03-2011, 10:39 AM   #8
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي


السنة النبوية في القرآن الكريم


لقد ذكرت السنة في القرآن الكريم كثيراً .

1. فذكرت بلفظ الحكمة كما في :
قوله تعالى على لسان إبراهيم - عليه السلام - في دعائه لهذه الأمة:
" ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة و يزكيهم .."** البقرة /129 **.
وقوله تعالى:
" كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة .." ** البقرة / 151 **.
وقوله تعالى:
" لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة "** آل عمران / 164 **
وقوله تعالى:
" وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة " ** النساء / 113 **
وقوله تعالى:
" واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة "** الأحزاب / 34 **
وقوله تعالى:
" هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة " ** الجمعة / 2 **
قال الحسن وقتادة : الكتاب : هو القرآن ، و الحكمة هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1).

وقال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: " ذكر الله الكتاب ، وهو القرآن ، وذكر الحكمة، فسمعتُ من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة : سنة رسول الله ، وهذا يشبه ما قال ، والله أعلم ، لأن القرآن ذكر واتبعته الحكمة ، وذكر الله مَنّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة ، فلم يجز – والله أعلم – أن يقال الحكمة ههنا إلا سنة رسول الله ، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله ، وأن الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع أمره ، فلا يجوز أن يقال لقول فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسوله ، لما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقروناً بالإيمان به ، وسنة رسول الله مبينة عن الله معنى ما أراد : دليلاً على خاصه وعامه، ثم قرن الحكمة بها بكتابه فأتبعها إياه ،ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسوله " (2) .

وقال الطبري – رحمه الله - : " ويعلمهم الكتاب والحكمة " يعني : ويعلمهم كتاب الله الذي أنزل عليه ، ويبين لهم تأويله و معانيه " الحكمة " ويعني بالحكمة : السنة التي سنها الله جل ثناؤه للمؤمنين على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيانه لهم.(3)

وقال الطبري – أيضاً – بعد أن ذكر آراء الأئمة في تفسير الحكمة – و الصواب من القول عندنا في الحكمة أنها العلم بأحكام الله تعالى لا يدرك علمها إلا ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمعرفة بها ، وما دل عليه ذلك من نظائره .(4)
وإذا سلمنا بهذه الحقيقة ، وهي أن بيان القرآن الكريم هو الحكمة التي أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقرنت بالكتاب ، وأن هذه الحكمة ليست شيئاً سوى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن هذا التسليم يطرح تساؤلات :
من بينها : أن القرآن لم يستخدم لفظ " السنة " تعبيراً عن " بيان القرآن "، وإنما استخدم لفظ " الحكمة " فما سبب هذا العدول ؟.
ثم : إذا كان لفظ " الحكمة " هو ما آثره القرآن ، فلم عدل عنه النبي ، وصحابته ، وعلماء الأمة من بعده ، واستبدلوا به لفظ " السنة " ؟.
يقول الدكتور الخولي : " وفي تقديرنا : أن بداية هذا التفسير كامنة في الفرق بين طبيعة كلٍ من " الكتاب " و " السنة " رغم وحدة مصدرهما ، وهو " الوحي " ،كلاهما وحي من الله – تعالى – بشهادة القرآن نفسه .. و السنة من بعده .
أما شهادة القرآن فتطالعنا بينة قاطعة في قوله تعالى:
" وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " ** النجم / 4،3 **
فما ينطقه رسول الله شامل لما يتلوه على الناس، من قرآن، وما يقوله لهم من حديث. كلاهما وحي إذا.
وبناء على ما قررنا: من أن الحكمة هي " سنة " رسول الله، و أنها ليست سواها ، فقد أصبحت الآية الكريمة :
" و أنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً " ** النساء / 113 ** . دليلاً ثانياً قاطعاً، على أن السنة وحي، أنزلها الله على رسوله – كما أنزل الكتاب.
و دليل ثالث: " ثم إن علينا بيانه " ** القيامة / 19 ** أنه وعد قاطع بأن بيان القرآن ، سوف يتولاه الله ، كما تولى " جمعه وقرآنه " على حد سواء ، ولا معنى لهذا سوى : أن يوحي إليه هذا البيان ، بصورة من صور الإيحاء .
السنة إذًا وحي بشهادة القرآن البينة ، و هي وحي بشهادتها كذلك : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه " (5).
وهو لم يؤت شيئاً غير القرآن - سوى السنة- والسنة ليست مثل القرآن في شيء إلا في كونها وحياً مثله.
ومهما حاولنا أن نجد معنى لكونها مثل القرآن غير كونها وحياً مثله، فقد حاولنا محالاً. فمن البين أنها ليست مثل القرآن كماً، وليست مثل القرآن كيفاً.. و لا يتحدى بها كما يتحدى بالقرآن .
إن بين القرآن و السنة شبهاً محدداً ، ينحصر في أن كليهما وحي من عند الله تعالى ، وبينهما فرق : أن القرآن " وحي " بلفظه ومعناه ، أما السنة فهي " وحي " بمعناها دون لفظها .
ونحن نجد هذا الفرق على نحو قاطع، حين نتأمل ما أحيطت به رواية " السنة " بالقياس إلى ما أحيط به تبليغ " القرآن ".
لقد تكفل ربنا بحفظ القرآن، وحماه أن يناله تغيير أو تحريف .." إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " {الحجر / 9**.
ولكنه وكل إلينا حفظ " السنة ".. فتطرق إليها شيء مما لا سبيل للبشر إلى توقيه ، وأبسطه هذا الاختلاف في رواية الحديث الواحد ، بطرق شتى ، كلها موثوق صحيح ، إذ هذا قاطع بأن تصرفا حدث في الرواية ، وهو سبب هذا الاختلاف ، وإذا كان هناك خلاف حول جواز رواية الحديث بالمعنى ، فهناك إجماع على عدم جواز قراءة القرآن بالمعنى البتة .
ذلك أن لفظ القرآن متعبد به ، ولا كذلك لفظ الحديث النبوي ، والقرآن هو المعجزة وبه التحدي ، ولا كذلك السنة .
هذه الفروق وراء المفارقة البادية، في إيثار القرآن لفظ " الحكمة " وعدول النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه إلى لفظ " السنة ".
وإذا سلم لنا هذا الفرق الجوهري: أن " القرآن " وحي: لفظه ومعناه، وأن " السنة " وحي بمعناها دون لفظها، فقد انفتح لنا الباب لإسقاط الإشكال من أساسه.
وهنا نجتهد آملين في الله أن نكون على صواب : أن " الحكمة " هي : المعاني التي تضمنتها أحاديث رسول الله ، أوحاها الله إليه ، وكساها – صلوات الله عليه – ألفاظا من عنده .
أما " السنة ": فهي هذه المعاني الموحى بها، بعد أن اكتست العبارة التي تحملها، وإذا فمفهوم " السنة " غير مفهوم " الحكمة ".
" الحكمة " هي " المعاني " وحدها.. و " السنة " هي المعاني بألفاظها، وبالتالي لا عدول من جانب النبي – صلى الله عليه وسلم – عن نهج القرآن، أو تسميته، و لا مفارقة هناك ؟!
مفهوم " الحكمة " مختلف عن مفهوم " السنة ".
" السنة " معنى: هي الحكمة. وهي بهذا المفهوم وحي من عند الله . و " السنة " معنى ولفظاً : هي حديث رسول الله ، وما في معناه ، من فعل أو تقرير .
و الدليل على أن معنى " السنة " وحي من عند الله ، أن لفظها المعبر عن المعنى هو لرسول الله *– صلى الله عليه وسلم – الدليل على هذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم : " إن الروح الأمين قد ألقى في رُوعي : أنه لن تموت نفس ، حتى تستوفي رزقها ، فأجملوا في الطلب " و في رواية : " إن روح القدس نفث في روعي ... " (6)
" نفث في روعي " لا معنى لها هنا إلا الإلهام، والإلقاء في النفس، وما يلقى في الروع لا يكون إلا من باب المعاني.
لأن ما يلقى بلفظه ومعناه يلقى في الروع و في السمع في آن واحد، كالحديث القدسي، و القرآن العظيم.
وإذا فما نسمعه ونقرؤه من هذا الحديث، ليس ما ألقي في " روع " رسول الله وقلبه.
لقد ألقي إليه المعنى، فعبر عنه، وإذا فهذه المعاني الإلهية الموحى بها، قد وصلتنا من خلال عبارة رسول الله.
وعبارة رسول الله صاغها على طريقته ، وبأسلوبه الخاص ، وهي طريقة في البيان تختلف لا محالة ، عن طريق البيان الإلهي في القرآن .
و السنة لغة: الطريقة، فهل نبعد إذا قلنا: سنة رسول الله : هي طريقته في تبليغ ما أوحي إليه من بيان القرآن – المعاني التي ألهمها – بلفظه وأسلوبه : " حديثاً " أو بفعله : " عملاً " أو بتقريره : " إجازة " وهما في دلالتهما كاللفظ ؟!
ترى: هل يمكن الآن اقتراح وضع لفظ " الحكمة " بدل لفظ " السنة " أو العكس ؟!
لقد استقر كل لفظ في موضعه، لا ينازعه الآخر فيه؛ لأن أياً منهما لا يصلح بديلاً من صاحبه (7) ؟!.

2. وذكرت السنة في القرآن الكريم بأساليب أخرى ، منها :
الأمر بطاعته - صلى الله عليه وسلم -، كقوله تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم " ** النساء / 59 **.
ومنها : قبول أمره ونهيه - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله تعالى :
" و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا " ** الحشر / 7 ** .
ومنها : القبول والتسليم لقضائه - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله تعالى :
" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً "** النساء/65 **.
ومنها: التحذير من مخالفته - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله تعالى:
" فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " ** النور / 63 **.
ومنها : وجوب اتباعه - صلى الله عليه وسلم - ، كما في قوله تعالى :
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " ** آل عمران / 31 ** .
وقوله سبحانه :
" و اتبعوه لعلكم تهتدون " ** الأعراف / 158 **
فهذه النصوص وما في موضوعها تلزم الأمة بهديه - صلى الله عليه وسلم -، و تبين أن ما جاء به فعلى الأمة أن تقبله وأن تعمل به ، وهذا هو الذي نسميه " سنته " - صلى الله عليه وسلم- .(8)


(1) - انظر: الفقيه و المتفقه 1/88 بتصرف.
(2) - الرسالة ص 79،78
(3) - تفسير الطبري 4/163
(4) - تفسير الطبري 1/557
(5) - أخرجه أبو داود ، كتاب السنة ، باب لزوم السنة ، رقم (4604) ، و الترمذي ، كتاب العلم ، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (2663 ) ، وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. و أخرجه غيرهما و صححه ابن حبان و غيره .
(6) - أخرجه الشافعي في الرسالة ص 53 رقم (306) عن المطلب ، و الحاكم في المستدرك ، كتاب البيوع (2/4) عن ابن مسعود ، أخرجه شاهداً (لحديث جابر الذي ساقه أصلاً ثم شاهدا لهذا الأصل ، و أخرجه أبو نعيم في الحلية ( 10/27،26 ) عن أبي أمامة ، و أخرجه الخطيب في الفقيه و المتفقه ص 92،93 ، وضعفه السيوطي في الجامع الصغير ( 2273 ).
(7) - السنة بياناً للقرآن ص 41-46 بتصرف.
(8) - المدخل إلى السنة النبوية ص 21.



التعديل الأخير تم بواسطة بلعاوي ; 26-03-2011 الساعة 10:40 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 26-03-2011, 11:15 AM   #9
معلومات العضو
الطاهرة المقدامة
إدارة عامة

إحصائية العضو






الطاهرة المقدامة غير متواجد حالياً

الجنس: female

اسم الدولة egypt

 

 
آخـر مواضيعي

 

افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير.
جعله الله في موازين حسناتك يوم القيامة أللهم آمين

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 27-03-2011, 07:01 PM   #10
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمارة عبده
   بارك الله فيك وجزاك الله كل خير.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمارة عبده
   جعله الله في موازين حسناتك يوم القيامة أللهم آمين


اللهم آمين


ولكم بمثل دعائكم

أشكر لكم مروركم وتعقيبكم الطيب المبارك

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 03:27 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com