موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 28-01-2009, 10:45 AM   #1
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

Icon41 تعارض آية وحديث

هل يحاسب الإنسان على ذنب غيره ؟

من أسمائه الحسنى سبحانه ( العدل )، والعدل أساس الشرائع السماوية، وعليه قامت السماوات والأرض.
وقاعدة الشريعة أن الإنسان خُلق مكلفًا، ومحاسبًا على عمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر؛ ويتبع هذه القاعدة، أن الإنسان لا يحمل تبعات غيره، ولا يعاقب على ما فعله الآخرون؛ فليس مما يقتضيه الشرع، ولا مما يقبله العقل، أن يحمل الإنسان تبعات أعمال، لم يكن له فيها ناقة ولا جمل .


وقد صرح القرآن الكريم في أكثر من آية، أن الإنسان ليس مسؤولاً عن أفعال غيره، ولا يعاقب عليها، وإنما يحاسب على ما فعله، يقول تعالى: ** ولا تزر وازرة وزر أخرى ** (الأنعام:164) والآية صريحة في أن الإنسان لا يحمل ذنب غيره، وإنما يحمل ما كسبته يداه فحسب .



ومن جانب آخر، فقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) متفق عليه، وفي رواية ثانية: ( إن الميت ليعذب ببكاء الحي ) متفق عليه؛ وفيه تصريح بأن الميت يلحقه العذاب بسبب بكاء الحي عليه .
وواضح أن بين الآية الكريمة، وبين الحديث شيء من التعارض؛ وذلك أن الآية نفت أن يُحَمَّل الإنسان تبعات غيره؛ في حين أن الحديث أثبت العذاب بذنب الغير. فكيف يكون وجه التوفيق والجمع بين الآية والحديث ؟


لقد جمع العلماء بين الآية والحديث بعدة توجيهات، تتباين قربًا وبعدًا، وتختلف قوة وضعفًا، إلا أنها في النهاية تتفق على إمكانية الجمع بينهما، وعدم وجود أي منافاة، وبيان ذلك فيما يلي:

التوجيه الأول: أن العذاب الذي يلحق الميت، إنما يكون لمن أوصى بالبكاء عليه بعد مماته؛ فإذا فعل ذلك ناله من العذاب بسبب ما أوصى به، لأنه إيصاء بما يخالف الشرع، ويكون العذاب في هذه الحالة بسببه هو، وليس بفعل غيره؛ أما إذا كان الميت قد أوصى أهله بعدم البكاء والنوح عليه، ففعلوا ذلك، ولم ينفذوا وصيته، فلا يناله من العذاب شيء، بل الإثم لمن فعل ذلك منهم؛ لقوله تعالى: ** ولا تزر وازرة وزر أخرى ** .


وقد استأنس أصحاب هذا التوجيه له، بأنه كان من عادة العرب أن يوصوا أهلهم بالنوح عليهم، واستمر ذلك من عادتهم إلى أن جاء الإسلام، وأبطل تلك العادة، ومن أشعارهم في هذا الصدد، قول طرفة بن العبد :



إذا مت فانعيني بما أنا أهله ..... وشقي علي الجيب يا ابنة معبد



وقول لبيد بن ربيعة :



تمنى ابنتيا أن يعيش أبوهما ....... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر


إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ...... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر



وإلى هذا التوجيه ذهب جمهور أهل العلم .

التوجيه الثاني: أن العذاب يلحق من علم من عادة أهله البكاء والنواح، وأهمل نهيهم عن ذلك؛ أما إن كان نهاهم عن البكاء عليه، ثم هم فعلوا ما نهاهم عنه، فلا يلحقه شيء من العذاب، وإنما الإثم عليهم، والذنب ذنبهم، لأنه أدى ما عليه.
ومقتضى هذا القول، أنه يجب على الإنسان، إذا علم من عادة أهله البكاء والنواح، أن ينهاهم عن ذلك، فإن لم يفعل، لحقه العذاب لتقصيره؛ لقوله تعالى: ** يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ** (التحريم:6) .


التوجيه الثالث: أن يكون المقصود بـ ( التعذيب ) في الحديث، العذاب بمعناه اللغوي، وهو مطلق الألم، وليس العذاب الأخروي؛ فيكون تعذيب الميت على هذا التوجيه معناه: تألمه بما يكون من أهله من نياحة وعويل، وتألمه كذلك لعدم التزامهم شرع الله؛
وإلى هذا القول ذهب الطبري ، ورجحه القاضي عياض ، واختاره ابن تيمية ؛ واستدلوا له بقوله صلى الله عليه وسلم: ( فوالذي نفس محمد بيده، إن أحدكم ليبكي، فيستعبر إليه صويحبه، فيا عباد الله ! لا تعذبوا موتاكم ) رواه ابن أبي شيبة و الطبراني
، وقال ابن حجر : حسن الإسناد، و( الاستعبار ) هو دمع العين؛ فالإنسان إذا مات، فبكى عليه أهله وأصحابه، فإنه يشعر ببكائهم، فيتألم لألمهم، فيكون ذلك عذابًا له .


ويشار هنا إلى أن البكاء الذي ذكر في الأحاديث، ورتب العذاب عليه، المقصود منه البكاء المصحوب بالنواح والعويل والصياح ونحو ذلك، فهذا النوع من البكاء هو المنهي عنه، والمحذر منه؛ أما بكاء العين ودمعها، فهذا لا حرج فيه، ولا يشمله ما جاءت به الأحاديث .

وبذلك يتبين، أن الإنسان لا يعذب بذنب غيره، إلا إذا كان متسببًا فيه، فيعاقب حينئذ على تسببه وتقصيره؛ أما ما سوى ذلك، فلا تكسب كل نفس إلا ما عملت، قال تعالى: ** لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ** (البقرة:286) .

التعديل الأخير تم بواسطة لقاء ; 28-01-2009 الساعة 01:14 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-01-2009, 10:47 AM   #2
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي أدخلوا آل فرعون أشد العذاب



أدخلوا آل فرعون أشد العذاب

أخبر القرآن الكريم عن آل فرعون، بأنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة، جاء ذلك الإخبار في قوله تعالى: ** ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ** (غافر:46)؛ وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن المصورين أشد الناس عذابًا يوم القيامة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون ) متفق عليه .

والمتأمل في الآية والحديث، قد يبدو له شيء من التعارض بينهما؛ وقد أثار بعض أهل العلم هذا الإشكال بين الآية والحديث، ووفق بينهما بأحد وجوه ثلاثة:

أولها: أن لفظ الحديث قد جاء في رواية ثانية، فيها زيادة ( من )، ونص الحديث: ( إن من أشد أهل النار يوم القيامة عذابًا المصورون ) رواه مسلم .
ومعنى الحديث على الرواية الثانية: إن من يفعل فعل التصوير، يكون من أشد الناس عذابًا يوم القيامة؛ ولا يقتضي هذا أن يكون أشد من آل فرعون عذابًا، بل يقتضي أنه مشارك له في شدة العذاب؛ فيكون كل واحد من هؤلاء مشترك مع الآخر في شدة العذاب .

يرشد لهذا التوجيه للحديث أمران؛
أحدهما: أنه ليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب، بل غاية ما فيها، أن آل فرعون سينالهم أشد العذاب، وهذا لا ينفي أن يشاركهم غيرهم في هذه الشدة.

ثانيهما: قوله صلى الله عليه وسلم: ( أشد الناس عذابًا يوم القيامة رجل قتله نبي، أو قتل نبيًا، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين ) رواه أحمد ؛
ووجه دلالة الحديث هنا، أن شدة العذاب شملت أنواعًا مختلفة من الناس،
كالذي يقتل نبيًا من الأنبياء، أو من يقتله نبي، وكالإمام الضال، ونحو ذلك.
فدل ذلك على أن شدة العذاب ليست محصورة، بآل فرعون فحسب، وإنما قد يشاركهم بها غيرهم، ممن شاركهم في جنس فعلهم.
وعلى هذا الوجه الأول، يكون قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى: ( إن أشد الناس عذابًا )، محمولاً على قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية: ( إن من أشد )، بمعنى أن إطلاق الرواية الأولى، مقيد بتقييد الرواية الثانية، وهذا التقييد لا يقتضي أن يكون المصورون أشد عذابًا من فرعون يوم القيامة .

ثانيها: إن الوعيد المخبر عنه في حق المصورين؛ إن ورد في حق كافر، فلا إشكال فيه؛ لأنه يكون مشتركًا في ذلك مع آل فرعون، ويكون فيه دلالة على عظم كفر من يفعل ذلك. وإن ورد الوعيد في حق عاصٍ، فيكون أشد عذابًا من غيره من العصاة، ويكون ذلك دالاً على عظم معصيته .
ثالثها: أن ( الناس ) الذين أضيف إليهم لفظ ( أشد )، لا يراد بهم كل الناس، بل بعضهم، وهم الذين يشاركون فرعون في المعنى المتوعد عليه بالعذاب؛ ف فرعون أشد الناس الذين ادعوا الألوهية عذابًا، ومن يقتدي به في ضلالة كفره، أشد عذابًا ممن يقتدي به في ضلالة فسقه؛ فمن يصور صورة ذات روح بقصد العبادة، أشد عذابًا ممن يصورها لغير قصد العبادة .

هذا، وقد نقل ابن بطال في شرحه على ( صحيح البخاري ) جوابًا للإمام الطبري في الجمع بين الآية والحديث، حاصله:
أنه ليس في خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف لما في خبر القرآن، بل هو له مصدق؛ وذلك أن المصور الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه أن له أشد العذاب، هو الذي وصفه صلى الله عليه وسلم، بقوله: ( أشد الناس عذابًا يوم القيامة، الذين يضاهون بخلق الله ) متفق عليه؛
أي: يشبهون ما يصنعونه بما يخلقه الله؛ و فرعون من هؤلاء، حيث أخبر قومه بقوله: ** أنا ربكم الأعلى ** (النازعات:24)، بل تجرأ على الله أكثر من ذلك حين قال: ** ما علمت لكم من إله غيري ** (القصص:38)؛
وعلى هذا، يكون المصور بهذا القصد، مشاركًا لـ فرعون ومن تبعه في شدة العذاب، من جهة أن كل واحد منهما ادعى التشبه بالخالق، والتشبيه بما يخلق .

هذا حاصل ما ذكره أهل العلم، في الجمع بين الآية والحديث. ونحن نقول وراء ذلك: إن لفظ ( أشد ) - وهو من صيغ المفاضلة - يمكن أن لا يراد به حقيقته اللغوية، بل يراد منه عظم العذاب وشدته، دون أن يعني ذلك، أنه لا يكون ثمة عذاب آخر أشد منه أو مساويًا له. وحمل صيغ ( المفاضلة ) على غير حقيقتها اللغوية، أمر له أمثلة من القرآن، كقوله تعالى: ** واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ** (الزمر:55)،

فقوله سبحانه: ** أحسن ** اسم تفضيل، مستعمل في معنى: كامل الحسن، وليس في معنى تفضيل بعضه على بعض؛ لأن جميع ما في القرآن حسن.
وأهل اللغة يعبرون عن هذا بقولهم: وصيغة المفاضلة هنا ليست على بابها، أي: لا يراد منها ما وضعت له لغة

نخلص مما تقدم، أن لا تعارض حقيقي بين الآية والحديث، بل هما متفقان تمام الاتفاق، ومتوافقان غاية الوفاق؛ فالآية تخبرنا بعظم العذاب الذي سيلحق بفرعون ومن تبعه يوم القيامة، والحديث يخبرنا بأن من فعل فعلاً يشابه به خلق الله له عذاب شديد .
يُتبع

التعديل الأخير تم بواسطة لقاء ; 19-12-2009 الساعة 02:42 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-01-2009, 01:21 PM   #3
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي الحسد بين المدح والذم

الحسد بين المدح والذم

الحسد صفة مَرضِيِّة مذمومة، وهو من أشد أمراض القلوب فتكًا بصاحبه؛ ومن كلامهم فيه:

لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله

وقد نهى صلى الله عليه وسلم أمته عن التلبس بهذه الصفة، فقال: ( لا تحاسدوا ...)؛ وكان من جملة ما أخبر به عليه الصلاة والسلام أمته بأن قال: ( دب إليكم داء الأمم الحسد والبغضاء ) رواه الترمذي .

والقرآن الكريم نهى المؤمنين عن تمني ما للآخرين من نعمة، وطلب منهم التوجه بالسؤال إلى الله؛ طلبًا لفضله، وأملاً بعطائه،
فقال تعالى: ** ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله ** (النساء:32)،
وقد فُسرت الآية الكريمة بالحسد، وهو تمني الرجل نفس ما أُعطيَ أخوه من نعمة، بحيث تنتقل تلك النعمة إليه؛ وفُسرت كذلك بتمني ما هو ممتنع شرعًا، كتمني النساء أن يكون لهن مثل ما للرجال من الفضائل الدينية كالجهاد، والفضائل الدنيوية كالمساواة في الميراث، والإدلاء في الشهادات؛ أو تمني ما هو ممتنع قدرًا، كتمني النساء أن يكن رجالاً، وأن يكون لهن من القوة ما لهم، أو كتمني أحد من هذه الأمة، أن يكون نبيًا بعد ما أخبر الله تعالى، أن نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء .

بالمقابل، نقرأ في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله: ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق؛ ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها ) متفق عليه .

وظاهر هذا الحديث يدل على أن الحسد مذموم إلا في خصلتين اثنتين، فهو فيهما محمود وممدوح؛ وهاتان الخصلتان هما: طلب العلم للعمل والتعليم، وطلب المال لإنفاقه في أبواب الخير .

وربما يشكل هذا الحديث مع ما جاء في الآية السابقة، الناهية عن تمني ما في أيدي الآخرين من نعمة وفضل؛ ووجه ذلك، أن الآية الكريمة أطلقت النهي عن تمني ما فضَّل الله به بعض عباده على بعض؛ في حين أن الحديث الشريف نهى عن الحسد عمومًا، واستثنى منه أمرين: طلب العلم، وطلب المال.

فكيف نفهم نهي الآية واستثناء الحديث ؟

لقد تعرض شرَّاح الحديث لهذا الإشكال، وأجابوا عنه بأن قالوا:

إن الحديث حضَّ على تمني مثل النعمة التي أنعم الله بها على بعض عباده؛ بينما الآية الكريمة نهت عن تمني عين تلك النعمة؛
وبعبارة أوضح: إن الحديث وجَّه المؤمن إلى تمني أن يكون له مثل ما للآخرين من نِعَم، دينية كانت أو دنيوية؛ أما الآية فقد نهت المؤمن عن تمني حصول النعمة ذاتها التي أنعم الله بها على بعض عباده.
وعلى هذا تكون الآية نهت عن تمني الإنسان ما في يدي غيره، بحيث تخرج من يده وتصير إليه؛ في حين أن الحديث رغب المؤمن أن يتمنى أن يكون له من الخير مثل ما للآخرين، من غير أن تزول تلك النعمة عنهم .

ومما يلقي مزيد ضوء على توضيح هذا الإشكال،
أن العلماء قسموا الحسد إلى قسمين،
أحدهما: محمود؛ والثاني: مذموم؛
فأما الحسد المحمود، فيسمى حسد الغبطة، وهو أن يتمنى الإنسان أن يكون له مثل ما للآخرين، من غير أن تزول تلك النعمة عنهم؛
أما الحسد المذموم - وهو المراد عند الإطلاق - فهو أن يتمنى المرء زوال النعمة عن الغير، سواء عادت تلك النعمة إليه، أم عادت إلى غيره .

وانطلاقًا من هذا التقسيم للحسد، يمكن أن نفهم أن الحسد المنهي عنه في الآية هو الحسد المذموم، وهو تمني زوال النعمة عن الغير؛ أما الحسد الذي رغَّب فيه الحديث النبوي فهو حسد الغبطة؛ وشتان ما بينهما .

وبحسب ما تقدم، يتضح وجه التوفيق بين ما يبدو من تعارض بين الآية والحديث .
واعلم أن ما قيل في التوفيق بين الآية وهذا الحديث، يقال أيضًا في الحديث الآخر، وفيه قوله صلى عليه وسلم: ( إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًا، فهذا بأفضل المنازل؛ وعبد رزقه الله علمًا، ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو نيته، فأجرهما سواء؛ وعبد رزقه الله مالاً، ولم يرزقه علمًا، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًا، فهذا بأخبث المنازل؛ وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيته، فوزرهما سواء ) رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح .

ومما هو وثيق الصلة بموضوع المقال أن يقال: لا بأس أن يغبط المؤمنُ المؤمنَ على ما يفعله من أعمال البر، وأن يتمنى أن لو فعل مثل ما فعله، ويعمل على تحصيل ذلك؛ بل إن المؤمن حقًا مطالب بأن ينظر في أمور الدين إلى من هو فوقه، وأن ينافس في طلب ذلك جهده وطاقته، كما قال تعالى: ** وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ** (المطففين:26)؛
فإذا فاقه أحد في فضيلة دينية، اجتهد أن يلحق به، وحزن على تقصيره وتخلفه عمن سبقه؛ لا حسدًا لهم على ما آتاهم الله، بل منافسة لهم، وغبطة وحزنًا على النفس بتقصيرها وتخلفها عن درجات السابقين؛ وكذلك في أمور الدنيا، لا حرج على المؤمن أن يطلب من أمرها ما يكون مشروعًا ومقدورًا عليه .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-01-2009, 01:27 PM   #4
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي الحرم الآمن، وخبر ذي السويقتين

الحرم الآمن، وخبر ذي السويقتين

وصف سبحانه بيته الحرام - بما فيه الكعبة المشرفة - بالأمن، فقال تعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: ** أولم نمكن لهم حرما آمنا ** (القصص:75)؛ ووردت آيات عديدة، يفيد مجموعها كون البيت الحرام بيتًا آمنًا للناس؛ قال تعالى: ** ومن دخله كان آمنا ** (آل عمران، وكان من دعاء إبراهيم عليه السلام: ** رب اجعل هذا البلد آمنا ** (إبراهيم:35) .

وهذه الآيات التي تخبر بأن البيت الحرام مكان آمن للناس، ورد مقابلها حديث، يُخبر بخراب الكعبة، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( يخرب الكعبة ذو السويقتين - صاحب الساقين الصغيرتين - من الحبشة ) متفق عليه .

وأيضًا، فإن بعض الوقائع في التاريخ الإسلامي، تثبت أن البيت الحرام قد ناله الخراب والدمار؛ كما حدث في عهد يزيد بن معاوية أثناء حربه مع ابن الزبير ، وما حدث كذلك من أفعال القتل والتخريب التي قام بها القرامطة في القرن الرابع الهجري، وغير ذلك من الوقائع .
وفي حديث ذي السويقتين، ووقائع التاريخ الإسلامي ما يعارض صفة ( الأمن )، التي وصف الله بها بيته الحرام.
فكيف يمكن الجمع والتوفيق بين الآيات، التي وصفت البيت بأنه آمن، وبين الحديث المُخْبِر عن تخريب الكعبة على يد ذي السويقتين ؟

أجاب العلماء على هذا السؤال بجوابين:

الأول: أن ( الأمن ) الذي أخبر به القرآن ليس أمنًا دائمًا، لا يزول ولا يحول، وإنما هو أمن محدود بقرب قيام الساعة، وانتهاء الحياة في هذه الدنيا، بحيث لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله؛ وقد صح في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله ) رواه مسلم .
وفي رواية ابن حبان : ( ثم تظهر الحبشة، فيخربونه خرابًا، لا يعمر بعده أبدًا ).
فإذا شارفت الحياة الدنيا على نهايتها، واقتربت الساعة، أرسل الله ذا السويقتين، فيخرب الكعبة، ويكون هذا من علامات اقتراب الساعة. فليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن ودوامه، ويكون معنى قوله تعالى: ** حرما آمنا **، أي: آمنا إلى قرب القيامة، وخراب الدنيا، وبذلك يندفع التعارض، ويزول الإشكال بين الآية والحديث .

ثانيًا: أن قوله تعالى: ** أولم نمكن لهم حرما آمنا **، على عمومه، وما ورد من أحاديث ووقائع تاريخية تنافي وصف البيت بالأمن الذي جاءت به الآية، فإنما هي استثناءات عارضة، وأمور طارئة، ليس لها صفة الدوام، بل سرعان ما تزول،
وسيبقى البيت كما أخبر تعالى: ** حرما آمنا **، تهوي إليه أفئدة الناس من كل حدب وصوب؛
قال ابن بطال: " فهذا شرط الله لا ينخرم ولا يحول، وإن كان في خلاله وقت يكون فيه خوف، فلا يدوم، ولابد من ارتفاعه، ورجوع حرمتها وأمنها، وحج العباد إليها ". واسترشد من قال بهذا القول، بقوله صلى الله عليه وسلم: ( ليحجن البيت، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج ) رواه البخاري .

على أن من العلماء من ذهب إلى أن عموم الآية مخصص بالحديث، غير أن ما تقدم من التوفيق بين الآية والحديث، هو الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم .

وحاصل القول من كل ما تقدم، أنه لا تعارض بين قوله تعالى: ** أولم نمكن لهم حرما آمنا **، وبين قوله عليه الصلاة والسلام: ( يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة )، وأن الحديث مبين للآية، وموضح لمجملها .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-01-2009, 01:36 PM   #5
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي عيسى عليه السلام بين الوفاة والحياة

عيسى عليه السلام بين الوفاة والحياة

تفيد الأخبار الصحيحة أن نبي الله عيسى عليه السلام، سوف ينـزل في آخر الزمان، ويحكم بشريعة الإسلام، ويرفع الظلم عن الناس، ويقيم العدل بينهم، ويعم الرخاء في البلاد، ويسود الأمن بين العباد؛ والأخبار في هذا الصدد بلغت مبلغ التواتر، وهي تفيد في مجملها أن عيسى عليه السلام قيد الحياة .

وقد وردت آية في القرآن الكريم، يفيد ظاهرها أن الله سبحانه قد توفى عيسى عليه السلام، ورفعه إليه بعد تلك الوفاة، وهي قوله تعالى: ** إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ** (آل عمران:55) .


وظاهر لفظ الآية يتعارض مع آيات أخرى، تفيد أن عيسى عليه السلام حي يرزق، كما جاء في قوله تعالى: ** وما قتلوه وما صلبوه ** (النساء:157) وقوله سبحانه: ** وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ** (النساء:159)،
على الراجح من أقوال المفسرين في أن الضمير في قوله سبحانه: ** قبل موته ** يعود على عيسى عليه السلام؛ ناهيك عن الأحاديث الدالة على أن عيسى عليه السلام حي في السماء؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ( ليوشكن أن ينـزل فيكم بن مريم حكمًا عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا ) متفق عليه .


إذن، نحن أمام آية يفيد ظاهرها وفاة عيسى عليه السلام؛ ونحن أيضًا أمام آيات وأحاديث بعضها صريح، وبعضها الآخر غير صريح، لكن يؤخذ منها بطريق الاستنتاج، أن عيسى عليه السلام حي لم يمت.
فكيف يمكن التوفيق بين قوله تعالى: ** متوفيك **، وبين بعض الآيات والأحاديث المفيدة لحياة عيسى عليه السلام ؟


وقبل الجواب على هذا السؤال، نشير إلى أن الجمع والتوفيق بين ما ظاهره التعارض من الأدلة أمر متعين، ما دامت الأدلة ثابتة، ولا يجوز الأخذ ببعض الأدلة، وترك بعضها الآخر؛ لأن في هذا المسلك تحكم بغير دليل .

وقد نظر العلماء في مجموع الأدلة الواردة في هذا الشأن، ووجدوا أن أدلة نزول عيسى عليه السلام أدلة صحيحة وصريحة، قد بلغت مبلغ التواتر، وهي بمجموعها تستلزم أن يكون عيسى عليه السلام حيًا، لم تفارق روحه جسده؛ فلم يكن أمامهم سوى أن يؤولوا قوله سبحانه: ** متوفيك ** بحيث يتوافق مع الأدلة التي تفيد أن عيسى عليه السلام لا يزال على قيد الحياة .

وكان للعلماء في توجيه وتأويل قوله سبحانه: ** متوفيك ** عدة أقوال، أصحها ما يلي:


الوجه الأول: أن المراد بقوله تعالى: ** متوفيك ** ( وفاة النوم ) وهي وفاة غير حقيقية؛ وذلك أن ( الوفاة ) في القرآن تطلق ويراد بها الوفاة الحقيقة، كقوله تعالى: ** والله خلقكم ثم يتوفاكم ** (النحل:70)،
وقوله سبحانه: ** قل يتوفاكم ملك الموت ** (السجدة:11)؛ وتطلق ( الوفاة ) ويراد بها النوم، كقوله سبحانه: ** وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ** (الأنعام:60)، وقوله تعالى: ** الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ** (الزمر:42)؛

وعلى هذا، تكون الأدلة المثبتة لحياة عيسى عليه السلام قرينة على أن المراد من ( الوفاة ) في قوله سبحانه: ** متوفيك ** الوفاة التي هي بمعنى النوم؛
ويكون المعنى على هذا التأويل: أن الله سبحانه أنام عيسى عليه السلام ثم رفعه إليه، وهو حي، وسوف يبعثه الله إلى الأرض يوم القيامة ليقوم بما أخبرت عنه الأحاديث.
فهذا قول للمفسرين في توجيه الآية، وقد قال عنه ابن كثير : إنه قول الأكثرين .

الوجه الثاني: أن لفظ ( الوفاة ) الوارد في الآية بمعنى ( القبض )، ووجدوا في اللغة ما يساعدهم على القول بذلك؛ ففي اللغة يقال: توفيت الحساب واستوفيته؛ وتوفيت المال منه واستوفيته: إذا أخذته منه كله؛ وتوفيت مالي من فلان، أي: قبضته. وعلى هذا المعنى، جاء قوله تعالى: ** ووجد الله عنده فوفاه حسابه ** (النور:39).
وعلى ضوء هذا المعنى اللغوي لـ ( الوفاة ) يكون معنى قوله تعالى: ** متوفيك ** أي: قابضك من الأرض حيًا بغير موت، ورافعك من بين المشركين، ومطهرك منهم .

وهناك وجه يرى أن الآية جاءت من باب التقديم والتأخير، فهي من باب تقديم ما حقه التأخير، وهو أسلوب جار في لغة العرب، وعليه جاء قول حفص بن حبيب :



ألا يا أيها المحجوب عنا ........عليك ورحمة الله السلام


أي: عليك السلام ورحمة الله .

ومنه قوله سبحانه: ** ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ** (طه:129)، وتقدير الكلام: ولولا كلمة سبقت من ربك، وأجل مسمى، لكان لزامًا. وعلى هذا القول يكون معنى الآية: يا عيسى ! إني رافعك إلي، ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا. وبهذا القول قال قتادة من التابعين، ومال إليه من المفسرين الإمام القرطبي .

ورأى بعض المفسرين، أن الآية لا تعين وقتًا، بل جاءت مطلقة، وغاية ما تفيده الإخبار عن توفي عيسى عليه السلام، ورفعه إليه، وتطهيره، من غير تعين وقت لوقوع هذه الأحداث؛ فـ ( الواو ) في الآية لا تفيد ترتيب وقوع الأحداث، بل كل ما تفيده وقوعها وحدوثها فحسب، وعلى هذا فلا دليل يقطع أن الوفاة قد حصلت، بل غاية ما في الأمر، أن هناك وفاة حاصلة يومًا ما، أما متى وكيف فلا دليل عليه في الآية؛
وقد ثبت الدليل في غير هذه الآية أنه حي، وصح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سينـزل، ويقتل الدجال، ثم يتوفاه الله بعد ذلك .

وكما تبين، فإن كل تأويل من التأويلات الواردة على قوله تعالى: ** متوفيك ** له وجه معتبر، وعليه دليل يؤيده؛ وأيًّا كان المعنى لـ ( الوفاة ) فإنه يمكن الجمع بين الآية وغيرها من الأدلة الدالة على حياة عيسى عليه السلام، وبذلك يندفع التعارض، ويزول الإشكال .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 17-12-2009, 03:26 PM   #6
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

يرفع للفائدة

رفع الله قدركم
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 18-12-2009, 12:14 AM   #7
معلومات العضو
***
عضو موقوف

افتراضي

رفع الله قدرك أختنا القديرة لقاء

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 19-12-2009, 02:41 PM   #8
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي




جزاك الله خيراً أخي الفاضل ابي عقيل

لا حرمنا من مروركم الكريم ...

أحسن الله اليكم في الدارين
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 09:14 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com