موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 16-07-2008, 10:16 PM   #1
معلومات العضو
أبومعاذ
اشراقة ادارة متجددة

New سلسلة تيسير التفسيرتفسير سورة الطور

بسم الله الرحمن الرحيم





سلسلة تيسير التفسير

تفسير سورة الطور

تفسير مختار من : تفسير ابن كثير – وتفسير ابن جرير – وتفسير السعدي – وتفسير الشنقيطي
وغيرها من كتب التفسير الموثوقة .
مع ذكر فوائد تربوية وعلمية للآيات


بقلم
الشيخ/ سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية / رفحاء
الموقع على الانترنت
www.almotaqeen.net


مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ضمن دروس تيسير التفسير التي ألقيها في مدينة رفحاء فهذا
تفسير سورة الطـور
وكان عملي فيه ما يلي :
أولاً : اعتمدت في شرح الآيات على بعض كتب التفسير الموثوقة ، مثل : تفسير ابن جرير ، تفسير ابن كثير ، تفسير السعدي ، وغيرها من كتب التفسير الموثوقة .
ثانياً : أكثر كتب التفسير نقلت منه هو تفسير ابن كثير رحمه الله .
ثالثاً: جعلت بعد كل مقطع من الآيات فوائد إيمانية وتربوية تستنبط من الآيات .
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا .

أخوكم
الشيخ/ سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية / رفحاء








( وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
------------------------
( وَالطُّورِ ) يقسم الله تبارك وتعالى بالطور وهو الجبل الذي كلم الله عنده موسى ، كما أقسم الله به في قوله تعالى ( والتين والزيتون .. ) .
· من العلماء من فسره بأنه الجبل الذي فيه شجر ، ولا يختص ذلك بطور سيناء ،
· ( وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ) الصحيح أن المراد به هو القرآن الكريم ، يقسم الله تعالى بالقرآن الكريم المسطور : أي المكتوب .
· قيل : المراد به اللوح المحفوظ ، وقيل : التوراة ، وقيل : كتاب الأعمال .
وقد أقسم الله به في آيات كقوله تعالى ( حم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ) وقوله تعالى ( يس . وَالْقُرْآنِ الْحَكِيم )
( فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ) أي في أديم من الجلد الرقيق يكتب به ، منشور : مبسوط غير مطوي .
( وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ) ويقسم الله تعالى بالبيت المعمور ، وهو الذي الذي في السماء الذي تطوف به الملائكة الأبرار ، وقد جاء في صحيح مسلم في حديث الإسراء قال r ( ثم رفع إليّ البيت المعمور ، يدخله سبعون ألف ملك لا يعودون عن آخرهم ) .
· والبيت المعمور هو بيت في السماء حيال الكعبة ، أي مقابلها وحذاءها .
( وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ) ويقسم الله بالسقف المرفوع وهو السماء كما قال تعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءسَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ) .
· وقد أقسم الله بالسماء في آيات كثيرة :
كقوله تعالى ( وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ ) .
وقال تعالى ( وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ) .
وقال تعالى ( وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ ) .
( وَالْبَحْرِ) يقسم تعالى بالبحر المسجور ، والمراد بالبحر هو هذا البحر المعروف .
· هذا القول هو الصحيح ، وقال بعضهم هو بحر تحت العرش .
( الْمَسْجُورِ ) أي الذي سيسجر ويضطرم ناراً يوم القيامة كما قال تعالى (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ) .
· قيل أقوال أخر في المسجور ، قيل : المسجور : المملوء واختاره ابن جرير ، وقيل : المسجور المحبوس ، فلا يفيض على الناس ويهلكهم ويغرف أهل الأرض .
( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) هذا هو المقسم عليه ، أي لواقع بالكافرين .
( مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ) أي : ليس له دافع يدفعه عنهم إذا أراد الله بهم ذلك ..
كما قال تعالى ( إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ . وإن الدين لواقع ) .
( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً ) أي تتحرك السماء وتضطرب مع استدارتها لأمر الله . وهذا اختيار ابن جرير .
· من فسرها بأنها تتحرك ، فهذا تفسيرناقص .
( وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً ) أي : تذهب فتصير هباء وتنسف نسفاً ، كما قال تعالى ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) ، وهذا يكون يوم القيامة .
( فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) أي : ويل لهم ذلك اليوم من عذاب الله ونكاله بهم وعقابه لهم .
· المكذبين بالبعث وبالرسل .
( الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ) أي : هم في الدنيا يخوضون في الباطل ويتخذون دينهم هزواً ولعباً .
( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً ) أي يوم يدفعون بشدة إلى نار جهنم دفعاً .
الدع : الدفع بقوة وعنف ومنه قوله تعالى ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) أي يدفعه عن حقه بقوة وعنف .
كما قال تعالى (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ ) أي جروه بقوة وعنف إلى وسط النار ، والعَتْل في لغة العرب : الجر بعنف وقوة .
( هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ) أي : تقول لهم الزبانية ذلك تقريعاً وتوبيخاً .
كما قال تعالى ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ) .
وقال تعالى ( فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) .
( أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ ) أي : تقول لهم الزبانية تقريعاً وتوبيخاً : هل هذا الذي ترونه بأعينكم من العذاب سحر ، أم أنتم اليوم عميٌ كما كنتم في الدنيا عمياً عن الخير والإيمان ؟
( اصْلَوْهَا ) أي ادخلوها دخول من تغمره من جميع جهاته .
· اصلوها : هذه الكلمة فيها معنى الدخول بشيء من الإحراق .
( فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ) أي : سواء صبرتم على عذابها ونكالها أم لم تصبروا لا محيد لكم عنها ولا خلاص لكم منها .
كما قال تعالى ( قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيص ) .
( إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي : إنما تنالون جزاء أعمالكم القبيحة من الكفر والتكذيب ، ولا يظلم ربك أحداً .


الفوائد :
1- أن لله أن يقسم بما شاء ، وليس لعباده أن يقسموا إلا بالله تعالى .
2- أهمية هذه الأمور التي أقسم الله بها .
3- أهمية وتأكيد قضية البعث ، فإن الله أقسم بهذه الأشياء على البعث والجزاء ، وقد أمر الله نبيه أن يقسم ثلاث مرات على البعث .
كما قال تعالى (وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) .
وقال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ... ) .
وقال تعالى(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
4- أنه لا أحد يستطيع أن يرد عذاب الله إن جاء .
5- تهديد الكفار المكذبين بيوم القيامة .
6- إثبات النار وعذابها .
7- إهانة الكفار في النار فعلاً وقولاً . فعلاً : يلقون بالنار دعاً . وقولاً : يقال لهم على وجه التقريع : ( هذه النار التي كنتم بها تكذبون ) .
8- عدل الله عز وجل .
9- أن الله يجازي على العباد كلاً بعمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر .

( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) .
-------------------
( إِنَّ الْمُتَّقِينَ ) الذين اتقوا الله وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه .
( فِي جَنَّاتٍ ) أي بساتين ، قد اكتست رياضها من الأشجار الملتفة ، والأنهار المتدفقة ، والقصور المحدقة ، والمنازل المزخرفة .
( وَنَعِيمٍ ) وهذا شامل لنعيم القلب والروح والبدن .
( فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ) أي : يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم من أصناف الملاذ من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك .
· الفاكه المسرور المغتبط بالشيء الملتذ به .
· وقيل : في معنى فاكهين : أي عندهم فواكه كثيرة ، واختار هذا ابن جرير .
( وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) أي : وقد نجاهم من عذاب النار ، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة التي فيها من السرور ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي : هذا بذاك تفضلاً منه وإحساناً .
كقوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) .
· هنيئاً : الهنيء الذي لا تنغيص فيه ولا كدر ولا نكد . وبعضهم قال : الذي لا موت فيه .
· بعمله : سبب لكنه لا يستقل بالمطلوب الا برحمة الله .
( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ ) أي جالسين على هيئة المضطجع على سرر من ذهب ، مصفوفة : أي وجوه بعضهم إلى بعض كقوله ( على سرر متقابلين ) [ قاله ابن كثير ] .
· قيل : مصفوفة : أي بعضها مصفوف بجانب بعض فتكون متراصة كالخط المستقيم ، وما ذكره ابن كثير أقرب .
( وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) أي : وجعلنا لهم قرينات صالحات ، وزوجات حساناً من الحور العين .
· الحور : الحَوَر شدة البياض ، شدة بياض العين مع قوة سوادها .
· عين : جمع عيناء ، وهي المرأة الواسعة العين مع شدة سوادها .
الفوائد :
1- فضل التقوى ، حيث أعد لهم هذا النعيم العظيم في الجنة .
2- الحث على التقوى [ وقد سبقت فضائل التقوى في سورة ق ] .
3- بيان شيء من نعيم الجنة ، حيث أنهم يتفكهون ويتنعمون بما أعطاهم ربهم .
4- أن الوقاية من عذاب النار تعتبر من الفوز العظيم .
5- فضل العمل الصالح في الدنيا ، حيث تمتعوا في الجنة بسببه ، وهذا كان برحمة الله ، فإنه لن يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله .
6- من نعيم الجنة الاتكاء الدال على البهجة والسرور والراحة .
7- من نعيم الجنة الحور العين ، وهذا من نعيم النكاح .

( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) .
-----------------------------
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ )يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه: أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم؛ لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه؛ بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته؛ للتساوي بينه وبين ذاك، ولهذا قال ( أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَـٰهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ) .
· وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ : المراد بالذرية الصغار على القول الراجح ، ورجحه ابن كثير .
( وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) أي : وما نقصنا الآباء من ثواب عملهم شيئاً .
· قال بعض العلماء : المعنى أنه تعالى يُلحق المقصِّر بالمحسن ولا ينقص المحسن من أجره شيئاً .
( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) لما أخبر عن مقام الفضل، وهو رفع درجة الذرية إلى منزلة الآباء من غير عمل يقتضي ذلك، أخبر عن مقام العدل، وهو أنه لا يؤاخذ أحداً بذنب أحد، فقال تعالى ( كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ) أي: مرتهن بعمله، لا يحمل عليه ذنب غيره من الناس، سواء كان أباً أو ابناً؛ كما قال تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْيَمِينِ فِي جَنَّـٰتٍ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ ) .
( وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) أي: وألحقناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى .
· لم يبين هنا شيء من صفات هذه الفاكهة ولا هذا اللحم إلا أنه مما يشتهون ، لكن بين في مواضع أخر :
كقوله تعالى (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ . لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) .
وقال تعالى ( وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) .
وقال تعالى (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ .وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ) .
( يَتَنَازَعُونَ فِيهَا )أي: يتعاطون فيها ، ويتناول بعضهم من بعض .
( كَأْساً ) أي كأس الخمر .
( لا لَغْوٌ فِيه )أي: أي خمر الآخرة لا لغو فيها ، واللغو كل كلام ساقط لا خير فيه ، فخمر الآخرة لا تحمل شاربها على الكلام الخبيث والهذيان ، لأنها لا تؤثر في عقولهم ، بخلاف خمر الدنيا .
( وَلا تَأْثِيمٌ ) أي كلام فيه إثم ، من الكذب والسب والشتم .
· وما ذكره تعالى هنا ذكره في مواضع أخر :
فقال تعالى ( لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ) .
وقاله تعالى ( لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ) . لا يصدعون : لا يصيبهم الصداع ، ولا ينزفون .
( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ ) إخبار عن خدمهم وحشمهم في الجنة، كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون، في حسنهم وبهائهم ونظافتهم وحسن ملابسهم؛ كما قال تعالى ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَاٰنٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ) فذكر من صفتهم هنا أنهم مخلدون ، وقال تعالى ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً ) .
وذكر تعالى بعض ما يطاف به عليهم فقال تعالى في الواقعة (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ) وقال تعالى (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا . قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ) .
( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ) أي أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، وهذا كما يتحدث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بما كان من أمرهم .
( قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ) أي : كنا في الدار الدنيا، ونحن بين أهلينا، خائفين من ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه .
· في هذا دليل على أن الخوف والإشفاق من عذاب الله سبب لدخول الجنة ، كما قال تعالى ( وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ . إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ) .
· وذكر من صفات أهل الجنة في قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ) .
· قال الحسن : ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة .
( فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) أي: فتصدق علينا، وأجارنا مما نخاف .
· السموم : ما يوجد من حر النار ولفحها ولهيبها .
( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوه ) أي: نتضرع إليه ونعبده ، فاستجاب لنا، وأعطانا سؤالنا .
· المعنى : نعبده ونسأله ، لأن الدعاء يطلق على معنيين : على العبادة ومنه قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ، وأما الدعاء بمعنى السؤال ومنه قوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) .
( إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ) اسم من أسماء الله ومعناه كثير الإحسان والرحمة . قال الخطابي : البر هو العَطوف على عباده ، المحسن إليهم ، عمَّ ببره جميع خلقه ، فلم يبخل عليهم برزقه .
قال ابن القيم :
والبَـرُّ في أوصـافِهِ سـبحانَـه هو كثرةُ الخيراتِ والإحْسـانِ
صَدَرَتْ عن البرِّ الذي هو وصفُه فالبـر حينئذ نــوعــانِ
وصفٌ وفعلٌ ، فهو بَرٌّ مُحسنٌ مُولي الجَميل ودائم الإحسـانِ
( الرَّحِيمُ ) بعباده ، ومن رحمته أن أنالهم رضاه والجنة ، ووقاهم سخطه والنار .
الفوائد :
1- فضل الإيمان بالله .
2- أن أطفال المسلمين في الجنة تبع لآبائهم .
3- أن الله لا ينقص من نعيم أهل الجنة شيئاً .
4- أن كل إنسان يجازى على حسب عمله .
5- الحث على الإيمان والعمل الصالح .
6- فضل الأب الصالح .
7- في الآيات شيء من نعيم الجنة .
8- أن الخوف من الله من أسباب دخول الجنة .
9- التحذير من الأمن من مكر الله .
10- إثبات اسمين من أسماء الله : البر ، الرحيم .
( فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ) .
----------------------
( فَذَكِّرْ ) يقول تعالى آمراً رسوله e بأن يبلغ رسالته إلى عباده، وأن يذكرهم بما أنزل الله عليه، ثم نفى عنه ما يرميه به أهل البهتان والفجور فقال :
( فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ ) أي: لست بحمد الله بكاهن كما تقوله الجهلة من كفار قريش، والكاهن الذي يأتيه الرئى من الجان بالكلمة يتلقاها من خبر السماء .
( وَلا مَجْنُونٍ ) وهو الذي يتخبطه الشيطان من المس، بل أنت أكمل الناس عقلاً، وأبعدهم عن الشياطين، وأعظمهم صدقاً ، وأجلهم وأكملهم .
ثم قال تعالى منكراً عليهم في قولهم في الرسول e :
( أَمْ يَقُولُونَ ) فيه ، أنه :
( شَاعِرٌ ) يقول الشعر ، وما جاء به شعر ، والله يقول ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ) .
( نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ) أي ننتظر ونصبر عليه حتى يأتيه الموت ، فنستريح منه ومن شأنه .
· ريب المنون : الموت .
( قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ ) أي: انتظروا، فإني منتظر معكم، وستعلمون لمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة .
( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا )أي: عقولهم تأمرهم بهذا الذي يقولونه فيك من الأقاويل الباطلة التي يعلمون في أنفسهم أنها كذب وزور .
( أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) أي : ولكن هم قوم طاغون ضُلاَّل معاندون، فهذا هو الذي يحملهم على ما قالوه فيك .
( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ) أي : اختلقه وافتراه من عند نفسه، يعنون: القرآن .
( بَل لا يُؤْمِنُونَ )أي: كفرهم هو الذي يحملهم على هذه المقالة .
( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )أي: إن كانوا صادقين في قولهم تقوله وافتراه، فليأتوا بمثل ما جاء به محمد e من هذا القرآن، فإنهم لو اجتمعوا هم وجميع أهل الأرض من الجن والإنس ما جاؤوا بمثله، ولا بعشر سور من مثله، ولا بسورة من مثله .
· وقع التحدي بالقرآن على عدة أوجه :
تحداهم بسورة واحدة :
كما قال تعالى ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) .
وتحداهم بعشر سور منه .
( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .
وتحداهم بالقرأن كله .
كما قال تعالى هنا ( فليأتوا بحديث مثله ) .
الفوائد :
1- على الداعية أن يدعو الله مهما قيل فيه .
2- أن الداعية إلى الله عليه البلاغ وليس عليه هداية الناس .
3- شدة عناد وكفر كفار قريش حيث اتهموا الرسول بأنه كاهن أو مجنون .
4- تهديد من يكذب بالرسل .
5- شدة طغيان هؤلاء الكفار حيث لم يؤمنوا مع وضوح الآيات .
6- إعجاز هذا القرآن العظيم ، حيث لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله .
7- عظمة هذا القرآن الكريم .

( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .
-----------------------
( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ ) قال ابن كثير : أي: أوُجِدوا من غير موجد؟ أم هم أوجدوا أنفسهم، أي: لا هذا ولا هذا، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً .
- قوله ( من غير شيء ) قيل من بمعنى ( اللام ) أي : خلقوا لغير غاية وقيل : من غير شيء : أي من غير أبٍ ولا أم فهم كالجمادات التي لا تعقل ، واختار هذا ابن جرير ، وماذكره ابن كثير هو الأقرب وأن المعنى : أخلقوا من غير خالق وموجد ، واختاره ابن القيم حيث قال رحمه الله :
- عن جبير بن مطعم قال ( سمعت النبي r يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية ( أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ ) كاد قلبي أن يطير ) رواه البخاري .
- وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي e بعد وقعة بدر في فداء الأسارى، وكان إذ ذاك مشركاً، فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك .
( أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ ) أي أهم خلقوا السموات والأرض؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله، وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له، ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك .
( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ) أي: أهم يتصرفون في الملك، وبيدهم مفاتيح الخزائن .
( أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ ) أي: المحاسبون للخلائق، ليس الأمر كذلك، بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد .
( أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ )أي: مرقاة إلى الملأ الأعلى .
( فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) أي: فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال، أي وليس لهم سبيل إلى ذلك، فليسوا على شيء، وليس لهم دليل .
ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث، بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله، وعبدوهم مع الله فقال :
( أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ )وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد
( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً )أي: أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله، أي: لست تسألهم على ذلك شيئاً .
( فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) أي: فهم من أدنى شيء يتبرمون منه، ويثقلهم ويشق عليهم .
(أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) أي : أعندهم علم الغيب حتى يعلموا أن ما يخبرهم به الرسول r من أمور الآخرة والحشر والنشر باطل ، فلذلك يكتبون هذه المعلومات عن معرفة ويقين ؟ قال قتادة : هو ردٌ لقولهم ( شاعر نتربص به ريب المنون ) والمعنى أعلموا أن محمداً يموت قبلهم حتى يحكموا بذلك .
( أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ )يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس، وكيد الرسول وأصحابه؟ فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم، فالذين كفروا هم المكيدون .
(أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ) وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله، ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال :
( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) تنزه الله وتعالى أن يكون له شريك أو ند أو مثيل .
الفوائد :
1- أن الخالق هو الله .
2- أن جميع الأدلة تدل على أنه سبحانه هو الخالق ، فإن المخلوق لا يمكن أن يوجد نفسه ، ولا يمكن أن يوجد من غير خالق ؟؟
3- إن هذا الكون المنظم المنسق كله بما فيه دال على أن خالقه هو الله سبحانه .
4- تحدي هؤلاء الكفار .
5- وجوب تنزيه الله عن كل عيب ونقص .
6- أن من يكيد للرسل فإنما يكيد على نفسه .


( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنْ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) .
---------------------
( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنْ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ )أي: عليهم، يعذبون به، لما صدقوا، ولما أيقنوا، بل يقولون: هذا سحاب مركوم أي: متراكم، وهذا كقوله تعالى ( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ) .
- كسفاً : الكسف جمع كِسْفة وهو القطعة من شيء .
( فَذَرْهُمْ )أي: دعهم يا محمد .
( حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ )وذلك يوم القيامة .
( يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً )أي: لا ينفعهم كيدهم ولا مكرهم الذي استعملوه في الدنيا، لا يجزي عنهم يوم القيامة شيئاً ، فلا تنفعهم الحيل للخلاص من ذلك اليوم .
( وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) أي : ولا هم يمنعون من عذاب الله في الآخرة .
( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ )أي: قبل ذلك في الدار الدنيا؛ كقوله تعالى ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .
- قوله ( دون ذلك ) أي دون عذاب النار ، واختلف في المراد بالعذاب الذي دون ذلك ، والراجح ما عذبوا به في دار الدنيا من القتل وغيره ويدخل فيه عذاب القبر .
( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )أي: نعذبهم في الدنيا، ونبتليهم فيها بالمصائب؛ لعلهم يرجعون وينيبون، فلا يفهمون ما يراد بهم، بل إذا جلى عنهم مما كانوا فيه، عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه .
( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا )أي: اصبر على أذاهم، ولا تبال لهم؛ فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا، والله يعصمك من الناس .
( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) أي من نومك من فراشك ، واختاره ابن جرير .
عن عبادة بن الصامت عن رسول الله e قال ( من تعارّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: رب اغفر لي - أو قال: ثم دعا- استجيب له، فإن عزم فتوضأ، ثم صلى، قبلت
صلاته
) رواه البخاري .
- وقيل المراد حين يقوم من كل مجلس ، فيقول دعاء ختم المجلس .
( وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) أي : اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل كما قال تعالى (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً ) .
( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) أي : وصلِّ له في آخر الليل حين تدبر النجوم ، قيل : المراد صلاة الفجر ، وقيل : الركعتان اللتان قبل الفجر .
الفوائد :
1- شدة طغيان الكفار حيث لا يعتبروا بما يحدثه الله من آيات .
2- على الداعية إن قام بدعوة الناس ، أن يتركهم ، فالله عز وجل حسيبهم .
3- تهديد الكفار بيوم القيامة .
4- أن يوم القيامة لايجد الكفار من ينصرهم أو من يدفع عنهم العذاب .
5- أن الله عز وجل يعذب الكفار قبل يوم القيامة بالقتل أو الأسر أو غيرهما .
6- وجوب الصبر لأحكام الله .
7- عناية الله برسوله r .
8- مشروعية تسبيح الله بكل وقت .
9- مشروعية قيام الله .

والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
منقول

أخوكم شاكر الرويلي

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 20-07-2008, 09:22 PM   #2
معلومات العضو
ايمان نور
اشراقة اشراف متجددة

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لى عودة مرة ثالثة بإذن الله شرح مفيد ماشاء الله يبقى لى مرة أخيرة لأستقى من تلك الدرر
استفدت منه جداً
جزاكم الله خيراً ونفعنا بكم..

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 11:34 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com