موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:34 AM   #1
معلومات العضو
سراج منير

New وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ



الآية : 155 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ**

: البلاء؛ واحد، والجمع " بلايا
وبلاه جربَّه واختبره،
وبلاه اللهُ؛ اختبره
، وسُمي الغمُّ بلاءً من حيث إنه يبلي الجسم،
وسُمي التكليف بلاءً من أوجه:
أحدُها
أن التكاليف كلها مشاقُّ على الأبدان فصارت من هذا الوجه بلاءً،
والثاني
أنها اختبارات.
وإذا قيل:
ابتلَى فلانٌ كذا وأبلاهُ، فذلك يتضمن أمرين:
أحدهما
تعرُّف حاله، والوقوف على ما يُجهَلُ من أمره،
والثاني
ظهور جودته ورداءته، وربما قُصِد به الأمران، وربما قُصد به أحدهما
-أنواع البلاء:
البلاء نوعان:
بلاء يأتي من جهة الشر والشدة، وبلاء يأتي من جهة الخير والرخاء والسِّعَة.
--بلاء الشَّرِّ والشِّدَّةِ
النوع الأول:
بلاء الشَّرِّ والشِّدَّةِ: وهذا النوع من البلاء
ينقسم إلى قسمين:
- بلاء قدري كوني؛
كأن يُقدِّر الله جلا وعلا على عبدٍ من عباده الفقر، أو الجوع، أو الخوف، أو المرض، ونحوه فقدان الأصحاب والأحبة،
ودليل هذا النوع من البلاء
قوله تعالى
:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (
وقوله تعالى:
) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (
وقوله تعالى
:) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
وبلاء شرعي تكليفي؛
كالجهاد في سبيل الله وما يترتب عليه من مشقة وجراح وآلام، والهجرة وما يترتب عليها من مفارقة الأهل والأوطان والديار، والعمل بما تقتضيه عقيدة الولاء والبراء في الإسلام، وكذلك الصلاة في أوقاتها، والزكاة، والحج، والصيام ..
وغيرها من العبادات التكليفية الشرعية التي تستلزم بذل الجهد، وحمل النفس على خلاف المألوف وما اعتادته من دعة ورفاهية ورخاء.
ومن البلاء الشرعي التكليفي،
كذلك الإمساك عن المنهيات والمحظورات التي نهى الشارع عنها، وحمل النفس على مخالفة الهوى .. وما أقل من يقدر على ذلك!
والدليل على هذا النوع من البلاء قوله تعالى:
) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (
وقوله تعالى
:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم (
وفي قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك، وما عانوه من بلاء وشدة من جهة مقاطعة الأحبة لهم في الله بأمرٍ من النبي صلى الله علية وسلم
.. يقول كعب بن مالك ـ وهو من الثلاثة الذين تخلفوا ـ:
" فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من أنباط أهل الشام، ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدلُّ على كعب بن مالك؟ قال:
فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتاباً من ملك غسان، وكنت كاتباً فقرأته، فإذا فيه :
أما بعد، فإنه قد بلغنا أنَّ صاحبكَ قد جَفاَك، ولم يجعلكَ الله بدار هوانٍ ولا مضيعةٍ، فالحقْ بنا نواسِك،
قال
: فقلت حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء فتيممت بها التنور فسجَّرتها بها ..".
حقاً إنه من البلاء
فقد اجتمع عليه بلاء الشدة والرخاء معاً؛ فبينما هو يُجافى من المجتمع
الإسلامي برمته، فلا يتكلم معه أحد، بما في ذلك زوجه وأهله
تُعرض عليه دنيا الكافرين وزينتها وسعتها ورخائها .. فيأباها .. ولو قبلها في حينها لربما أخرجته من دائرة الإسلام، ولكن الله يعصم من عباده من يشاء.
-بلاء الخير والسِّعَة
النوع الثاني:
بلاء الخير والسِّعَة:
وهذا النوع من البلاء كذلك ينقسم إلى قسمين:
-بلاء قدري كوني
كأن يُقدِّر الله جلا وعلا على عبدٍ من عباده الغنى والسعة، والصحة، ويرزقه من البنين والذرية العدد الوفير
مما يكون مدعاة للفخر والتباهي عند كثير من الناس
والدليل على هذا النوع من البلاء في كتاب الله تعالى قوله تعالى:
) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
فالآية الكريمة دلت على نوعي البلاء:
بلاء الشر والخير معاً.
وكذلك قوله تعالى:
) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
قال ابن كثير في التفسير:
) وَبَلَوْنَاهُمْ (
أي اختبرناهم ) بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ (؛ أي بالرخاء والشدة، والرغبة والرهبة، والعافية والبلاء
وفي الحديث فقد صح عن النبي أنه قال:
" إن الولدَ مبخلة مجبنة مجهَلةٌ محزَنةٌ "
وهذا من قبيل التحذير والتنبيه؛ أي لا يحملنَّك ولدك وتعلقك به على البخل إذا ما استدعى الأمر منك الإنفاق في سبيل الله، كما لا ينبغي أن يحملك على الجبن إذا ما استدعى الأمر منك الإقدام، والنفير إلى الجهاد في سبيل الله.
والقسم الآخر من هذا النوع من البلاء
شرعي تكليفي
؛ كالإمساك عن الاستغناء والتوسع، وطلب سبل الخير والسعة عن الطرق المحرمة شرعاً؛ كطلب المال عن طريق الربا أو الميسر أو الغش، وكذلك طلب الصيد وقت الإحرام،
والدليل على هذا النوع من البلاء في كتاب الله، قوله تعالى:
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (
قال ابن كثير في التفسير:
قال ابن عباس قوله:
) آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ
قال: هو الضعيف من الصيد وصغيره، يبتلي الله عباده في إحرامهم، حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم، فنهاهم الله أن يقربوه.
وقال مجاهد:
) تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ (
؛ يعني صغار الصيد وفراخه،
) وَرِمَاحُكُمْ (؛
يعني كباره.
وهذا النوع من البلاء قد ابتلي به مَن قبلنا من بني إسرائيل لما حرم الله عليهم صيد البحر يوم السبت؛ فكانت الأسماك والحيتان تأتيهم شُرَّعاً فتظهر على سطح الماء في هذا اليوم، وبصورة يسهل اصطيادها والتقاطها، وتختفي في سائر الأيام التي يجوز فيها الصيد بصورة يصعب اصطيادها
ففتنوا فلم يصبروا أمام إغواء الصيد السهل
فعصوا الله تعالى
واصطادوا في اليوم المحرم عليهم الصيد فيه، وفي هؤلاء نزل قوله تعالى:
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (
. فعاقبهم الله تعالى على عصيانهم هذا فمسخهم قردة خاسئين،
كما قال تعالى:
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (
..
وبلاء الخير في كثير من الأحيان يكون أشد فتنة ووطأً على صاحبه من بلاء الشدة والشر، فالشدة غالباً ما تحمل صاحبها على الرجوع واللجوء إلى الله تعالى، وعلى طلب العون والمدد والغوث من رب العالمين،
فيمده الله تعالى بالصبر والثبات،
بينما بلاء الخير والسعة والدعة والرخاء غالباً ما يحمل صاحبه ـ إلا من رحم الله ـ على الطغيان والظلم والتعدي، وعلى النسيان وقساوة القلب، والركون إلى الدنيا وزينتها ومتاعها، فيقع ذليلاً في أسرها فلا يستطيع الفكاك ولا الخلاص منها،
لذا نجد أن النبي صلى الله علية وسلم قد خاف على أمته فتنة وبلاء الخير والسعة أكثر من فتنة الشدة والشر،
- كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه
، أن رسول الله بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله علية وسلم حين رآهم وقال
:" أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء ".
قالوا :
أجل يا رسول الله، قال:
" فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أنتبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم ".
وفي رواية:
" فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم ".
-وقال صلى الله علية وسلم
:" أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا "،
قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله! قال:
" بركات الأرض .. إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بحقه، ووضعه في حقه، فنعم المعونةهو، ومن أخذه بغير حقه، كان كالذي يأكل ولا يشبع " مسلم.
وقال صلى الله علية وسلم :
" إذا فُتحت عليكم خزائِن فارس والروم، أي قومٍ أنتم؟
" قال عبد الرحمن بن عوف:
نقول كما أمرنا الله، قال رسول الله
:" أوْ غير ذلك؛ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون، أو نحو ذلك، ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين، فتجعلون بعضهم على رقاب بعض "
مسلم.
وقال
:" وإني لستُ أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافَسُوها "
البخاري.
وقال
:" أخوفما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلاتالهوى ".
وفي هذا يقول سيد قطب رحمه الله:
في كتابه العظيم الظلال:
" الابتلاء بالشر مفهوم أمره، ليكتشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته .. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان .. إن الابتلاء بالخير أشد وطأة، وإن خيل للناس أنه دون الابتلاء بالشر .. إن كثيرين يصمدون للابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.
كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة، ويكبحون جماح القوة الهائجة في كيانهم الجامحة في أوصالهم.
كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الثراء والوجدان، وما يغريان به من متاع، وما يثيرانه من شهوات وأطماع!
كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء فلا يخيفهم، ويصبرون على التهديد والوعيد فلا يرهبهم، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الإغراء بالرغائب والمناصب والمتاع والثراء!
كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الدعة والمراح .. ثم لا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال، وبالاسترخاء الذي يقعد الهمم ويذلل الأرواح!
إن الابتلاء بالشدة قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب، فتكون القوى كلها معبأة لاستقبال الشدة والصمود لها
أما الرخاء فيرخي الأعصاب وينيمها ويفقدها القدرة على اليقظة والمقاومة
لذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء!"ا
فإذا عرفت ذلك يا عبد الله عرفت المراد من قوله صلى الله علية وسلم :
" إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، و هو يحبه، كما تحمونمريضكم الطعام و الشراب تخافون عليه "
وقوله صلى الله علية وسلم
:" إذا أحب الله عبداً حماهالدنيا كما يظل أحدُكميحميسقيمهالماء "
وإذا عرفت ذلك عرفت كذلك أن الإنعام على العبد في الدنيا بنعم الدنيا العديدة والواسعة ليس دليلاً على محبة الرب لهذا العبد ولا دليلاً على رضاه على هذا العبد ـ كما يظن البعض! ـ وبخاصة إن كان هذا العبد مقيماً على الذنوب والمعاصي.
فالدنيا يعطيها الله تعالى
من يحب ومن لا يُحب،
بينما الآخرة ونعيمها لا يُعطيها إلا من يُحب ويرضى من عباده،
كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، و إن اللهيعطي الدنيا من يحب و من لا يحب، و لايعطيالإيمان إلامن أحب "
-فإن كان العبد مقيماً على الذنوب والمعاصي أو الكفر ومع ذلك يمن الله تعالى عليه بنعم الدنيا وخيراتها وزينتها فاعلم أنها استدراج من الله تعالى لهذا العبد، وإمهال له، حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر.
فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا :) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ( "
- ويُمكن أن يُقال كذلك:
أن ما يمن الله به على الكافر من نعم الدنيا وزينتها، قد يكون منه جزاء على ما يفعله من حسنات، حتى إذا جاء يوم القيامة لا يكون له إلا النار،
كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، عن النبي أنه قال:
" إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةٌ يُعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعمُ بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها ".
والحديث فيه دليل على أن الكافر يمكن أن يعمل حسنات مستوفية شروط القبول، ويكون كفره من جهات أخرى غير جهة تلك الحسنات.
وقال
:"إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته. قال: ثم قرأ :) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (
وقال تعالى
:) وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ . وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ . وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ
قال ابن كثير في التفسير:
أي لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطينا، فيجتمعون على الكفر لأجل المال، هذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغيرهم،
) لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ (
أي سلالم ودرجاً من فضة،
، ) وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (
أي إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله تعالى،
أي يعجل لهم بحسناتهم التي يعملونها في الدنيا مآكل ومشارب ليوافوا الآخرة، وليس لهم عند الله تبارك وتعالى حسنة يجزيهم بها،
) وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (
أي هي خالصة لا يُشاركهم فيها أحد غيرهم
قلت:
ومما يدل على أن العطاء ليس دليلاً ولا مقياساً على المحبة والرضى أن النبي صلى الله علية وسلم
كان أحياناً يُعطي المؤلفة قلوبهم ما لم يُعطي المهاجرين والأنصار، ولم يكن ذلك دليلاً على أن النبي صلى الله علية وسلم يحب المؤلفة قلوبهم أكثر من المهاجرين والأنصار.
يتبع ان شاء الله فى التعليقات تحت لطول الموضوع
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:09 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:35 AM   #2
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

-مقاصد البلاء


معرفة مقاصد البلاء والغاية منه، يُعين المرء على فهم البلاء الذي نزل بساحته، ولماذا نزل به أو بغيره، وما الحكمة منه.

وإليك أهم وأبرز مقاصد وغايات البلاء:

1-لرفع مقامات ودرجات العبد عند ربه يوم القيامة

: والبلاء الذي ينزل بساحة الأنبياء، والصديقين، والشهداء، فهو من هذا القبيل؛ لرفع درجاتهم ومقاماتهم، ومضاعفة الأجر الجزيل لهم يوم القيامة،

كما في الحديث عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:
" الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ..

-وعن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على النبي وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرَّهُ بين يدي فوق اللحاف.
فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك!
قال إنَّا كذلك يُضَعَّفُ لنا البلاء ويُضعَّف لنا الأجر ".
قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:
" الأنبياء "، قلت يا رسول الله ثم من ؟ قال:
" ثم الصالحون إنْ كان أحدُهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء

وقال
" إنا كذلك، يشتد علينا البلاء ويُضاعف لنا الأجر "،
فقال: يا رسول الله ! أي الناس أشد بلاء ؟
قال:
" الأنبياء، ثم الصالحون، وقد كان أحدهم يُبتلى بالفقر، حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها فيلبسها، ويُبتلى بالقمل حتى يقتله، ولأحدهم كان أشد فرحاً بالبلاء، من أحدكم بالعطاء "

وقال
" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخَطُ "

وسئل رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال

وقال
:" كما يُضاعف لنا الأجر، كذلك يُضاعف علينا البلاء

وقال
:" يَودُّ أهلُ العافية يوم القيامة حين يُعطى أهلُ البلاء الثوابَ لو أن جلودهم كانت قُرِضت في الدنيا بالمقاريض
أي بمقاريض من حديد.
وقال
:" إن الرجلَ ليكونُ عند الله المنزلةُ، فما يبلُغها بعملٍ، فما يزالُ يبتليه بما يكرهُ حتى يُبلِغَهُ إيَّاها "[

وقال
:" إن العبدَ إذا سبقتْ له من الله منزلةٌ فلم يبلُغْها بعملٍ، ابتلاهُ الله في جسدِه أو ماله أو في ولده، ثم صَبَر على ذلك حتى يُبلِغَهُ المنزلة التي سَبقت له من الله

وقال
" يقول الله جلا وعلا
: من أذهبتُ حبيبتيه ـ أي عينيه ـ فصَبَرَ واحتسَب، لم أرضَ له ثواباً دون الجنَّة "

وقال
:" لو تعلمون ما لكم عند الله جلا وعلا ، لأحببتم لو أنكم تزدادون حاجةً وفاقةً "

ـ فوائد:

يُستفاد من الأحاديث الآنفة الذكر فوائد عدة:

منها:

أن الرسل والأنبياء أشد وأقوى وأصلب الناس إيماناً؛ لذا فهم أشد الناس بلاء في الله، وأشدهم صبراً على البلاء.
قالت عائشة رضي الله عنها:
" لم يزل البلاء بالرسل، حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم، فكانت تقرأ قوله تعالى:
) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا

وقال صلى الله علية وسلم
:" ما أوذي أحدٌ ما أوذيتُ في الله جلا وعلا "

ومنها:

أن شدة البلاء عند المسلم يكون في الغالب دليلاً على قوة الإيمان، وأن ضعف البلاء عنده يكون في الغالب دليلاً على ضعف الإيمان؛ فكلما كان قليل أو ضعيف البلاء، كلما كان ذلك دليلاً على ضعف ونقصان الإيمان عنده.
فمن لا يُبتلى بالشدة قط، ولا يعرف طعم هذا النوع من البلاء، فعليه أن يتهم نفسه، ويراجع دينه، وينظر أين هو من دين الإسلام.

عن أبي هريرة قال: جاء أعرابيٌّ، فقال النبيُّ
هل أخذتكَ أم مِلْدَم ـ يعني الحمى ـ ؟"
قال: وما أم مِلدم ؟ قال
:" حرٌّ بين الجلد واللحم "
، قال: لا، قال:
" فهل صُدِعت ؟"،
قال: وما الصداع ؟ قال
:" ريح تعترض الرأس، تضربُ العروقَ "،
قال: لا، قال: فلما قام، قال:
" من سرَّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهلِ النار "
أي فلينظره

ومنها:

أن من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله علية وسلم نبياً ورسولاً .. لا بد أنه مبتلى .. فعليه أن يروض نفسه على قبول البلاء .. والصبر عليه.

-وفي الحديث الذي أخرجه ابن حبان، أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله علية وسلم
فقال:
والله يا رسول الله إني أحبك، فقال له رسول الله صلى الله علية وسلم

إن البلايا أسرعُ إلى من يُحبني من السيل إلى منتهاه


أي هذا الزعم له برهان؛ وبرهانه نزول البلايا في ساحتك .. وتحملك إياها .. وصبرك عليها .. فإن لم تكن أهلاً لذلك، فدعواك المحبة والولاء زعم لا حقيقة له ولا برهان!

-ومنها:

أن العلماء هم أشد الناس بلاء بعد الأنبياء؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، ومن إرث الأنبياء البلاء في الله والصبر عليه
وعليه فإن العالم الذي لا يُبتلى .. ولا يعرف البلاءُ سبيلاً إليه .. فهو ليس من زمرة العلماء العاملين
مهما اتسع صيته
وعليه أن يتهم نفسه، وينظر أين هو من دين الله تعالى.


ومنها:

أن المبتلى في الله .. ثم هو يصبر على البلاء .. وبخاصة إن كان من العلماء .. ينبغي أن يُحسَّن به الظن ويُتسع له في التأويل ـ على قدر شدة بلائه ـ عند وقوعه في الخطأ .. والشبهات .. والأمور المحتملة لأكثر من وجه وتفسير.

ومنها

2-ليُطهِّرَ العبدَ ويُكفِّرَ عنه ذنوبه وخطاياه

: فمن مقاصد البلاء وغاياته أن يُطهِّرَ العبد من ذنوبه وخطاياه حتى إذا جاء يوم القيامة يكون طاهراً ونظيفاً من الخطايا والذنوب .. والبلاء الذي ينزل بعصاة أهل التوحيد .. وأصحاب الذنوب والخطايا .. هو من هذا القبيل.

كما في الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في جسده وأهله وماله، حتى يلقى الله جلا وعلاوما عليه خطيئة "[

وقال

" ما ابتلى الله عبداً ببلاء وهو على طريقة يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهوراً ما لم يُنزل ما أصابه من البلاء بغير الله، أو يدعو غير الله في كشفه

وقال
:" ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة "
وقال
" ما يُصيبُ المؤمنَ من نصَبٍ ـ تعب ـ، ولا وصَبٍ ـ مرض ـ ولا همٍّ ولا حزَنٍ، ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكَة يُشاكها؛ إلا كفَّرَ اللهُ بها من خطاياه "

وقال
:" ما من مؤمنٍ يُشاكُ بشوكةٍ في الدنيا يحتسبُها؛ إلا قصَّ بها من خطاياهُ يوم القيامة "
وقال
" ما من شيء يُصيب المؤمِنَ في جسده يؤذيه؛ إلا كفَّر الله به عنه من سيئاته"

وقال
:" ما من مصيبةٍ تصيبُ المسلمَ؛ إلا كفر الله عنه بها، حتى الشوكَةِ يُشاكُها "

وفي رواية لمسلم
:" إلا رفعه الله بها درجةً وحطَّ عنه بها خطيئةً "
. وقال
:" إذا اشتكى المؤمنُ؛ أخلصَهُ الله من الذنوب كما يُخلِصُ الكيرُ خبَثَ الحديد

وقال
ما من مؤمن ولا مؤمنة، ولا مسلم ولا مسلمة، يمرض مرضاً، إلا قصَّ الله به عنه من خطاياه .

وقال

:" وصَبُ المؤمن ـ أي مرضه ـ كفَّارةٌ لخطاياه


وغيرها كثير من الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على هذا المعنى العظيم، فلله تعالى وحده الحمد والمنة والفضل.


و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

يتبع ان شاء الله فى التعليقات تحت لطول الموضوع

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:11 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:37 AM   #3
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

3-ما ينزل عقوبة وانتقاماً
- ومنه ما ينزل عقوبة وانتقاماً:
فمن مقاصد البلاء وغاياته كذلك الانتقام من الظالمين ومعاقبتهم على ظلمهم وعدوانهم، وطغيانهم
وتقصيرهم
وهذا النوع من البلاء يشمل ظالمي أهل القبلة،
وغيرهم من الكفرة الظالمين.
قال تعالى
:) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
وقال تعالى:
) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (
ونحو ذلك البلاء الذي نزل ببني إسرائيل لما عبدوا العجل، فأمرهم الله تعالى أن يقتلوا أنفسهم كما في قوله تعالى:
) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(
قال ابن كثير في التفسير:
قال ابن عباس: أمر موسى قومه عن أمر ربه أن يقتلوا أنفسهم، قال: وأخبر الذين عبدوا العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم وأصابتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضاً، فانجلت الظلمة عنهم وقد جلو عن سبعين ألف قتيل، كل من قُتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي كانت له توبة.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" إذا استحلت أمتي خمساً فعليهم الدمار:
إذا ظهر التلاعنُ، وشربوا الخمورَ، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيانَ، واكتفى الرجالُ بالرجال، والنساءُ بالنساء " .
فهذا الدمار ينزل بهم عقوبة وانتقاماً لارتكابهم الكبائر الآنفة الذكر في الحديث.
وقال
:" يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تُدركوهنَّ:
لم تظهر الفاحشةُ في قومٍ قط، حتى يُعلنوا بها،
إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضَوا.
ولم ينقصوا المكيال والميزان
إلا أُخذوا بالسنين ـ أي بالقحط ـ وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم.
ولم يمنعوا زكاة أموالهم
إلا منعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا.
ولم ينقضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله
إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم.
وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيرون مما أنزل الله،
إلا جعل الله بأسَهم بينهم
فهذا البلاء هو عقاب يترتب على الوقوع في المخالفات المشار إليها في الحديث أعلاه.
وقال صلى الله علية وسلم
:" من لم يغزُ أو يجهز غازياً، أو يخلف غازياً في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة "
هذه القارعة هي من البلاء، وهي تنزل عقوبة وانتقاماً بساحة من تنطبق عليه الصفات الآنفة الذكر في الحديث أعلاه.
ونحوه قوله
" إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ].
فهذا الذل بلاء وهو عقوبة وانتقام لكل من يؤثر الدنيا ومشاغلها على الجهاد الواجب.
وقال
:" ما ظهر في قومٍ الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقابَ الله "
. وغيرها كثير من النصوص الشرعية الدالة على أن من البلاء ما ينزل عقوبة وانتقاماً من الظالمين الآثمين على ما يرتكبونه من مظالم وآثام.
ـ فوائد:
يُستفاد من النصوص الشرعية الواردة أعلاه فوائد عدة:
منها:
أن البلاء الذي ينزل بالمؤمن الظالم منه ما يكون عقوبة وانتقماً، ومنه ما يكون عقوبة، وكفارة لذنوبه وخطياه، ورفع درجاته ومقامه يوم القيامة معاً، كما في رواية مسلم الآنفة الذكر:
" إلا رفعه الله بها درجةً وحطَّ عنه بها خطيئةً ".
وقال
:" إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسكَ عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة "
.
فدل أن البلاء منه ما ينزل عقوبة على العبد على ما فرط بحق ربه، وحق نفسه والعباد عليه.
بينما البلاء والهلاك والدمار الذي ينزل بالكافرين المشركين فهو ينزل على وجه العذاب والانتقام وحسب.
ومنها:
إذا كان البلاء الذي ينزل بساحة المسلم؛ منه ما يكون انتقاماً وعقوبة، ومنه ما يكون لرفع مقاماته ودرجاته يوم القيامة، ومنه ما يكون عقوبة وطهوراً وكفَّارة لذنوبه وخطاياه ورفع مقامه يوم القيامة معاً كما تقدم ..
فإن ذلك يستدعي فقهاً دقيقاً من المبتلى يجعله يفهم ويفقه حقيقة البلاء الذي نزل بساحته، والغاية أو المقصد الذي نزل لأجله!
كما أن من الفقه والسلامة، وحسن الظن بالخالق جلا وعلا
.. أن يتهم المبتلى نفسه ابتداءً،
ويراجع مواقفه، وأفعاله، وأقواله
عسى أن يجد فيها السبب الذي نزل لأجله البلاء!
كثير من الناس ممن تغشاهم الذنوب والمعاصي
إذا ما نزل به البلاء على ما اقترفت يداه
تراه مباشرة يسيء الظن بالله
ويُزكي نفسه على الله
معرباً بلسان القال أو الحال عن اعتراضه على ما قدر الله عليه من بلاء ..
وأنه لا يستحق هذا البلاء الذي نزل بساحته .. وأنه لم يفعل شيئاً يستدعي نزول هذا البلاء .. وهذا من الجهل المركب .. وتزكية النفس على الله
.. وسوء الظن الذي لا تُحمد عواقبه.
وفريق آخر كذلك ممن يُقارف السيئات والمنكرات طيلة يومه
وعندما يُبتلى على ما يقترفه من ذنوب بنوع بلاء
تراه مباشرة يحسِّن الظن بنفسه
ويزكيها على الله
فيُسارع في تفسير البلاء على أنه من النوع الذي ينزل بالأنبياء والصديقين والشهداء؛ المراد منه رفع المقامات والدرجات يوم القيامة، ولو سألته، لأجابك من فوره:
" أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ....."،
وهذا من جهله وتلبيس إبليس عليه!
يروى أن محمد بن سيرين لما ركبه الدَّين اغتم لذلك، فقال:
" إني لأعرف هذا الغم بذنبٍ أصبته منذ أربعين سنة "
!تأملوا هذا التابعي الجليل لما أصابه الغم لدَين عليه .. فلم يزكي نفسه على الله .. ولم يبرئ نفسه من موجبات العقاب .. بل أخذ يفتش في ساحات ماضيه ماذا قد فعل واقترف حتى نزل به هذا البلاء
فوجد ـ بعد بحث ومحاسبة للنفس ـ أنه قد أذنب ذنباً قبل أربعين عاماً من نزول هذا البلاء بساحته!
وقد كتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية رضى الله عنة
:" أما بعد، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عاد حامده من الناس ذامَّاً ".
وقال بعض السلف:
" إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي "
. يرون البلاء فيعرفون سببه قبل نزول البلاء بهم، وهذا من فقههم رحمهم الله ورضي الله عنهم.
يقول ابن القيم في كتابه القيم الجواب الكافي
:" وهاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب؛ وهي أنهم لا يرون تأثيره في الحال، وقد يتأخر تأثيره فيُنسى، ويظن العبدُ أنه لا يَغِيرُ بعد ذلك، وأن الأمر كما قال القائل:
إذا لم يغبر حائطٌ في وقوعه ... فليس له بعد الوقوعِ غُبارُ
وسبحان الله! كم أهلكت هذه النكتة من الخلق؟
وكم أزالت من نعمة؟
وكم جلبت من نقمة؟
وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء، فضلاً عن الجهال،

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:14 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:37 AM   #4
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

4 -لتمحيص النفوس
ومعرفة الصالح من الطالح، والمجاهد ممن سواه
وهو مقصد من مقاصد البلاء، كما قال تعالى:
) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
. أي حتى نرى ويظهر مَن منكم المجاهد الصابر المحتسب الذي يأتمر بما أمرنا وينتهي عما نهينا ممن سواه؛
إذ زعم الإيمان الكل يتقنه المؤمن والمنافق، الصالح والطالح سواء،
ولكن الذي يفرق بينهما ويميز أحدهما عن الآخر، ويُظهر حقيقة كل منهما على حقيقته كما هي هو البلاء .. والصبر على البلاء.
قال تعالى:
) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (؟!
سؤال استنكاري
فهذا ما كان ولن يكون
فمن زعم الإيمان وأنه من أتباع الأنبياء والرسل، وأنه يسير على طريقهم ومنهاجهم لا بد وأن يُفتن ويُبتلى ليترجم الأقوال إلى أفعال
وليَظهر صدق زعمه من كذبه
) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (
أي ليُظهر الله ويرى بالبلاء مَن الصادق في دعواه الإيمان ومَن الكاذب!
وقال تعالى:
) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
.
قال ابن كثير في التفسير:
أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تُبتلوا بالقتال والشدائد .. أي لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تُبتلوا، ويرى اللهُ منكم المجاهدين في سبيله، والصابرين على مقارعة الأعداء
كثير هؤلاء الذين يزعمون حب الجهاد والمجاهدين، وما إن يبتليهم الله بمواجهة العدو إلا وتراهم يولون الدبر،
فتكذب مواقفهم وأفعالهم أقوالهم وما كانوا يزعمون،
كما قال تعالى عن الملأ من بني إسرائيل:
) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
وقال تعالى:
) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (
رغم ما قطعوه على أنفسهم من عهد ـ سيُسألون عنه ـ أنهم سيجاهدون وسيثبتون عند اللقاء، إلا أن أفعالهم ومواقفهم ـ لما اختبروا وابتلوا بالمواجهة ـ جاءت على خلاف ما قطعوه على أنفسهم،
وكانوا قد عاهدوا الله عليه!
وقال تعالى عن هذا الصنف من الناس:
) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (
قلت:
وتأتي أهمية هذا التمحيص عند عملية فرز الرجال كلٌّ إلى ما يناسبه من عمل وموقع ومركز
وعند فرز قيادات العمل الإسلامي واختيارها؛ إذ لا بد للقيادي أن يكون قد مر بمرحلة بلاء واختبار وتمحيص تُظهر صدق إيمانه، وصدق ولائه لهذا الدين
ودرجة كفاءته لموقعه القيادي الذي تقلده!
إنها لمصيبة كثير من الحركات والجماعات الإسلامية المعاصرة عندما يتسلق سلم القيادة والزعامة فيها أناس مُنعمون مُرفَّهون مترفون لا يعرفون للبلاء والشدة في الله طعماً ولا معناً
ولم يسبق لهم أن عاشوه واقعاً في حياتهم .. فتأتي النتائج بكوارث قاتلة على الجماعة، وعلى العمل الإسلامي برمته!
5- ومنة-ما يكون فتنة
أي من غايات ومقاصد البلاء ما يكون فتنة لصاحبه؛
أيصبر ويثبت على الحق أم يرتد عن دينه، وينزلق في أوحال الباطل، كما قال تعالى:
) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ (
كأن يتعرض للبلاء بالسجن عند الطواغيت الظالمين أو يصيبه منهم نوع تعذيب أو أذى، أو ملاحقة ومطاردة
أو حرمان من عطاء أو وظيفة أو عمل، انقلب على عقبيه وارتد عن دينه ليتفادى أذى الظالمين له و
) جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ (
أي هذا العذاب أو الأذى الذي يناله من الطواغيت الظالمين يجعله كعذاب الله تعالى الشديد يوم القيامة، فيرتد عن دينه،
قال القرطبي في التفسير
:" جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذية في الله "
وقال ابن عباس:
" يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله ".
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ (
أي على شك وطرف
) فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ (
وهو ما تميل إليه نفسه وترغبه وتحبه
) اطْمَأَنَّ بِهِ (
؛ أي استقر على أمر العبادة،
) وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ (
أي بلاء وشدة
) انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ (
كافراً مرتداً
) خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
وما أكثر هؤلاء الذين يعبدون الله على حرف في زماننا؛ حيث تراهم لأدنى بلاء ينزل بالأمة أو إرهاب يمارسه الطاغوت الحاكم على شعبه .. يبادرون الإسراع إلى حلق لحاهم،
وخلع الهدي الظاهر الدال على إسلامهم وتدينهم، واعتزال الجمعة والجماعات .. ومقاطعة الأخلاء من الإخوان الملتزمين من ذوي الدين والخلق .. خشية أن يناله شيء من أذى الطاغوت أو يُصنفه في خانة الأعداء المعارضين له!!
وكذلك قوله تعالى:
) وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ (
؛ فيبتلي الله المؤمنين بالكافرين الظالمين؛ هل يجاهدونهم، وهل يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، ويأطرونهم إلى الحق أم لا، ويبتلي الكافرين والظالمين بالمؤمنين؛ فيقيم عليهم الحجة بالمؤمنين، ويختبرهم هل سيطيعونهم إلى ما يدعونهم إليه من الإيمان والحق أم أنهم سيرفضون ويُعرضون، ليحق عليهم العذاب.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" يقول الله تعالى: إني مبتليك ومُبتلٍ بك "
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً
. فما من نبي عبر التاريخ كله إلا وابتلاه الله تعالى بعدو وطاغوت من المجرمين، يُظهر دعوة الحق والتوحيد من خلال جهاده وجهاد جنده وأتباعه .. وباطله وكفره
ولكي تتمايز النفوس والصفوف المؤمنة من الكافرة.
وبالتالي فهؤلاء الذين يزعمون أنهم سلفيون وسنيون
ومن أتباع وورثة الأنبياء والرسل
ثم لا يريدون أن يكون لهم عدو من الطواغيت المجرمين يُجاهدونهم .. ويُظهرون دعوة الحق والتوحيد من خلال مقارعتهم ومقارعة باطلهم وكفرهم .. فهم واهمون ومخطئون
وزعمهم بأنهم سلفيون ومن أتباع الأنبياء والرسل
أثقل عليهم مما لو لم يزعموا هذا الزعم الكبير!!
ومن صور البلاء كذلك الذي هو فتنة على صاحبه إن لم يرده ويواجهه بالصبر والثبات والاستعصام بالحق
أن يُبتلى الشاب المسلم بامرأة ذات منصب وجمال .. تدعوه وتقول له هيت لك .. فإن أجابها إلى ما تدعوه إليه .. هلك وسقط في الفتنة .. وإن استعصم وأبى .. وقال لها إني أخاف الله رب العالمين
ـ وما أقل من يفعل ذلك
ـ نجا وكان ممن يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، كما في الحديث الصحيح:
" سبعةٌ يُظلهم الله تعالى يوم القيامة في ظله يوم لا ظِلًّ إلا ظِلُّه "
منهم "
ورجلٌ دعته امرأة ذاتُ منصبٍ وجمال إلى نفسها، فقال إني أخافُ الله ".
ومن صور الفتنة والبلاء كذلك
عندما يُبتلى الدعاة والشيوخ والعلماء .. بما يمنيهم الطاغوت الحاكم من العطاء، والمناصب العالية
وأنه سيقربهم إلى بلاطه ويجعلهم من خاصته
إن هم كتموا العلم وحرفوه عن مواضعه، وأطاعوه وحملوا الناس على موالاته ونصرته وطاعته
فإن هم فعلوا وأجابوه إلى ما دعاهم إليه .. وقعوا في الفتنة .. وهلكوا وأهلكوا .. وضلوا وأضلوا .. وإن أبوا واستعصموا بالحق ـ وما أقلهم الذين يفعلون ذلك وبخاصة في زماننا هذا! ـ نجوا ونجا من منعهم ومن وراءهم ممن يقلدونهم ويتبعون خطاهم فيما يفعلون،
كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" يليكم عمال من بعدي يقولون مالا يعلمون، ويعملون مالا يعرفون، فمن ناصحهم ووازرهم، وشدَّ على أعضادهم، فأولئك قد هلَكُوا وأهلَكُوا "
وقال
" سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سَلِم، ومن خالَطهم هلَك ].
وقال صلى الله علية وسلم :
" اسمعوا هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراءٌ فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ علي الحوض
وقال صلى الله علية وسلم
:" من أتى أبوابَ السلطان افتُتِن، وما ازداد أحدٌ من السلطان قرباً إلا ازدادَ من الله بُعداً "
[ نسأل الله تعالى السلامة، والعفو والعافية.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:15 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:38 AM   #5
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

6-لدفع بلاءٍ أشد
أي أن البلاء أحياناً ينزل بالعبد ليدفع عنه بلاءً أشد وأكبر قد لا يعلمه، الله تعالى يعلمه، كما في قوله تعالى:
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (
فالقتال وما يترتب عليه من قتل وجراحات وآلام بلاء عظيم،
ولكنه شُرع لدفع بلاء أشد وأعظم مما يمكن أن يترتب على القتل والقتال، وإن كان هذا الشر المترتب على ترك القتال ـ على المدى القريب ـ لا نعلمه .. أو كان الخير الراجح المترتب على القتل والقتال كذلك نجهله ولا نعلمه .. فإن الله يعلمه
) وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (.
بل كم من خيرٍ أحدنا يتمناه ويسعى له سعيه
ثم يتبين له فيما بعد أن هذا الخير كان شراً محضاً وأن الخير كل الخير في أن الله تعالى لم يقدره له
فيحمد الله على ذلك
وما أكثر القصص والشواهد الدالة على ذلك لو أردنا الاستدلال على ذلك!
وكم من شرٍّ يكرهه الإنسان ويحذره، ويتمنى لو أنه لم ينزل بساحته
ثم فيما بعد يتبين له أن هذا الشر الذي كان يكرهه ويحذره ولا يريده ولا يتمناه كان خيراً .. فيحمد الله تعالى أن قدره له .. وما أكثر القصص والشواهد الدالة على ذلك لو أردنا الاستدلال على ذلك.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" ألا تسألوني مما ضحكت؟
قلنا يا رسول الله مما ضحكت؟ قال
: رأيت ناساً من أمتي يُساقون إلى الجنة في السلاسل ما أكرهها إليهم!
قلنا من هم؟ قال
: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلون في الإسلام "
وفي الأثر:
" لو اطلعتم على الغيب لرضيتم بالواقع ".
لأن الله تعالى لا يصدر عنه إلا الحكمة والعدل المطلق، علم من علم وجهل من جهل .. ورضي من رضي وسخط من سخط!
7-ليعود العبد إلى خالقه
فمن مقاصد البلاء وغاياته كذلك أن يُعيد العبد إلى رشده وصوابه، وإلى خالقه إن كان العبد من ذوي الطغيان والنسيان والمعاصي والشرود عن الطاعة،
وما أكثر هذا الصنف من الناس في هذا الزمان!
من الناس من تجده قد تمادى في غيه وظلمه وطغيانه
لا تؤثر به الموعظة ولا الكلمة
فيحتاج إلى بلاء ينزل بساحته يذكره بربه وبحقه عليه
والغاية من وجوده في هذه الحياة
ويُعيده إلى الرشد والصواب.
كثير هم الذين لا يذكرون الله
ولا يقولون يا رب
ولا يعرفون للرب جلا وعلا حقاً
إلا بعد نزول البلاء بساحتهم
فيتنبهون
فيستغفرون ويتوبون!
الله تعالى من صفاته أنه غيور .. يغار على عباده .. لا أحد أغير منه جلا وعلا .. وهو
عندما يرى عبده قد تناوشته الأهواء والمشارب الباطلة .. وضل عنه إلى ما سواه .. فانصرف عن عبادته وطاعته إلى عبادة وطاعة ما سواه
ثم هو مع ذلك لا يردعه ولا يوقفه عن غيه خطاب ولا تذكير ..
نرى أن الله تعالى يُقدر عليه البلاء الذي يوقظه من ثباته وسكرته، ويعيده إلى جادة الحق والصواب، والطاعة والاستقامة.
كما قال تعالى:
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ
أي بالفقر والضيق في العيش،
) وَالضَّرَّاءِ (
وهي الأمراض والأسقام والآلام،
) لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (
. أي يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون
وهو الغاية والمقصد من نزول البأساء والضراء بهم لو كانوا يعلمون.
وقال تعالى:
) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا (،
قال ابن كثير في التفسير:
أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه لهم ومجازاة على صنيعهم
) لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
أي عن المعاصي ويتقون الله.
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ (
أي بالرخاء والشدة
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (
عن المعاصي ويدخلون في التوبة والاستغفار، والطاعة والاستقامة.
لكن هناك فريق من الناس من ذوي الكفر المركب والمغلظ لا ينفع معه سراء ولا ضراء، ولا رخاء ولا شدة؛ فإن أخذوا بالسراء وبلاء الرخاء ازدادوا طغياناً وكفراً وفسوقاً،
وإن أخذوا بالضراء والشدة ازدادوا كذلك عناداًً وطغياناً وكفراً وإعراضاً،
والقرآن الكريم قد أشار لهذا الصنف من الناس، كما قال تعالى:
) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ . وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (
وقال تعالى:
) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فهم لشدة كفرهم وقساوة قلوبهم لا يتضرعون إلى الله بالدعاء والاستغفار والإنابة ليكشف عنهم الضراء!
وهؤلاء سنة الله تعالى فيهم الهلاك، والدمار، والزوال، ولو بعد حين، كما قال تعالى:
) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
وقال تعالى:
) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:17 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:39 AM   #6
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

8-لإظهار الشكر
- لإظهار الشكر، وليُرى من يَشكر ومن يَكفر:
وهذا المقصد متعلق ببلاء الخير والسعة والرخاء دون بلاء الشدة والشر
إذ أن من مقاصد بلاء الخير والسعة، والتفضل على العباد بالنعم الظاهرة والباطنة التي لا تُحصى إظهار الشاكرين من الكافرين للنعم
ومن يشكر الله على نعمائه وفضله، فيزيده، ويُضاعف له الأجر والمثوبة
ومن يكفُره فلا يَشكرُه، فيعذبه ويُعاقبه!
كما قال تعالى:
) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
أي لئن شكرتم النعم والفضل، ورددتم الفضل والخير كله لله ليزيدنكم الله تعالى من فضله وعطائه،
) وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ (
النعمة، وجحدتم فضل الله عليكم، ورددتم الفضل لأنفسكم فيما أنتم فيه من الخير والنعم
) إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
وقال تعالى:
) فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ (
أي ليختبرني أأشكر فضله ونعمته علي، وأرد الفضل له وحده، أم أجحد فضله ونعمته علي، وأرد الفضل لنفسي
) وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ (
فحسنة الشكر مردها على الإنسان نفسه؛ ففي الدنيا يزيده الله تعالى بالخير والفضل، وفي الآخرة يُقابله ويجزيه أحسن الجزاء،
) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (
وقال تعالى:
) فَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ (
؛ أي على علم وخبر عندي، ولأنني أستحقه .. فطغى وبغى وجحد فضل الله عليه .. ورسب في الاختبار .. ونسي الضر الذي مسه من قبل، وكيف كان يدعونا لنكشفه عنه
فالأمر ليس كما زعم هذا الجاهل المغرور
) بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ (
أي هذه النعمة التي مننا بها عليه هي بمثابة اختبار وابتلاء أيشكر أم يكفر، وهل هي ستحمله على الدخول في الطاعة والعبادة لله جلا وعلا أم ستزيده عصياناً وطغياناً
) وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
9-لتعرف نعمة وفضل الله عليك
- لتعرف نعمة وفضل الله عليك، وتتذكرها فلا تنساها:
فمن مقاصد البلاء وغاياته أن تستشعر فضل الله عليك، فيحملك ذلك على شكره وعبادته، وذلك عندما ترى مبتلىً ببلاء
قد نجاك الله منه،
فتشعر بفضل الله عليك، وتحمده على أن نجاك مما ابتلاه به،
كما أن البلاء الذي ينزل بساحتك قد يكون عظة وعبرة للآخرين ممن سلموا مما ابتُليت به، فيحملهم ذلك على شكر الله
أن نجاهم مما ابتليت به،
وهذا مطلب من مطالب الشرع.
كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" من رأى مبتلىً، فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك الأذى " ].
وقال صلى الله علية وسلم :
" من فجئه صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، عوفي من ذلكالبلاءكائناً ما كان .
وقال صلى الله علية وسلم
" كن مع صاحبِ البلاءِ، تواضعاً لربك وإيماناً "
أي كن مع صاحب البلاء في تعاملك معه وخدمته ورعايته، والرفق به، تواضعاً لربك الذي سلَّمك مما ابتلاه به، وإيماناً به وبفضله عليك.
ثم
أن الشيء يُعرف بضده؛
فنعمة الإيمان والتوحيد تُعرف أكثر عندما يُعرف الكفر وقباحته وظلمه
، ونعمة العدل تُعرف أكثر عندما يُعرف الظلم وقبحه،
ونعمة الصحة والعافية تُعرف أكثر ويُقدر قدرها عندما تُعرف الأسقام والأمراض وآلامها،
ونعمة الغنى يُعرف قدرها أكثر عندما يُعرف الفقر، وتُرى آثاره السيئة على الناس،
ونعمة الأمن تعرفها وتعرف لها قدرها عندما تفقدها وتعيش الخوف والرعب
أو ترى ذلك في الآخرين
وهكذا ما من نعمة فإنها لا تُعرف كما ينبغي، ولا يُقدَّر فضلها إلا إذا فُقدت وعُرف ضدها .. وهذه من جملة الحكم العديدة من خلق الله تعالى للأشياء وأضّادها في آنٍ معاً!
هذه بعض مقاصد وغايات البلاء التي تعينك على فقه البلاء عندما ينزل بساحتك أو ساحة غيرك
فإن استعصى عليك فقه البلاء، والمقصد منه
ولم تجد في المقاصد الآنفة الذكر جواباً عما نزل بك من بلاء
فاعلم أنه لم يبق أمامك سوى التسليم والرضى، مع تحسين الظن باختيار الخالق لك
واحذر
أن تعترض فتنطرد من رحمة الله، وتبوء بإثمك ووزرك!

و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:18 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 08:39 AM   #7
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

-كيفية التعامل مع بلاء الشِّدة والشر
ـ ذكرنا من قبل أن البلاء نوعان:
بلاء الشدة والشر، وبلاء الخير والسِّعة
ويأتي السؤال الآن:
كيف يكون التوجيه والتعامل مع كلٍّ من بلاء الشدة والشَّر، وبلاء الخير والسِّعة ..؟
نجيب عن هذا السؤال وفق التفصيل التالي:
- كيفية التعامل مع بلاء الشِّدة والشر:
يجب على المسلم أن يستقبل بلاء الشدة بالرضى والتسليم من جهة كونه قضاء وقدر من الله
وبالصبر
والحمد والاسترجاع؛
فيقول عند كل مصاب أو بلاء
الحمد لله .. وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون
وأن لا يلتمس كشف ما نزل به من ضر إلا من الله تعالى وحده.
قال تعالى
:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
وقال تعالى
:) وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (
وقال تعالى:)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
. أي لنرى من منكم يصبر على بلاء التكاليف وبلاء الجهاد وما يتبعه من آلام وجراح.
وفي الحديث فقد صح عن النبي أنه قال
" ما ابتلى الله عبداً ببلاءٍ وهو على طريقة
يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاءله كفارة وطهوراً، ما لم ينزل ما أصابه منالبلاءبغير الله، أو يدعو غير الله في كشفه
وقال
:" إذا أصابت أحدكُم مصيبةٌ فليقل: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي، فآجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها "
وقال
:" إذا ماتَ ولدُ العبد قال الله تعالى لملائكته:
قبضتم ولدَ عبدي؟
فماذا قال عبدي؟
فيقولون:
حمِدَكَ واسترجَع ـ
أي قال إنَّا لله وإنَّا لله راجعون ـ
، فيقول الله تعالى:
ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسمُّوه بيتَ الحمد
والصبر على البلاء ينبغي أن يكون عند الصدمة الأولى،
وليس عند نهايتها،
أو بعد حصولها بزمن؛
بعد أن يكون المبتلى قد سخط القدر، واعترض، وناح، وشتم، وشق الجيب
ثم هو لو سألته بعد كل ذلك، لقال لك:
الحمد لله .. صابرون!!
وفي الحديث عن أنس قال:
أتى نبي الله صلى الله علية وسلم على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها:"
اتقي الله واصبري "
، فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟
فقيل لها:
هذا النبي ، فأتته فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول الله لم أعرفك! فقال:
" إنما الصَّبرُ عندالصدمةِالأولى أو عند أول صدمةٍ .
وقال
:" يقول الله سُبحانه:
ابنَ آدم!
إن صبرت واحتسبتَ عندَ الصدمةِ الأولى، لم أرضَ لك ثواباً دونَ الجنةِ
وقال
" يقول الله تعالى: يا ابن آدم!
إذا أخذتُ كريمتَيْكَ ـ
أي عينيك
ـ فصبرتَ واحتسبتَ عندالصدمةِالأولى لم أرضَ لك ثواباً دونَ الجنة
ومما بايع النبي صلى الله علية وسلم عليه النساء:
" أن لا نخمش وجهاً، ولا ندعو وَيْلاً، ولا نشقُّ جيباً، ولا ننشُرُ شعراً "
-كيفية التعامل مع بلاء الخير والسعة
- كيفية التعامل مع بلاء الخير والسعة:
أما بلاءُ الخير والسعة فيجب أن يُقابَل بالشكر، والثناء والحمد، ورد الفضل كله لله وحده، فما أصابنا من حسنة فمن الله تعالى وحده، وما أصابنا من سيئةٍ فمن أنفسنا الأمارة بالسوء، وبما كسبت أيدينا،
نسأل الله تعالى العفو والعافية.
قال تعالى:
) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (
وقال تعالى:)
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (
وقال تعالى:
اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كُفرٌ
وقال صلى الله علية وسلم :
" إن الله ليرضى عن العبد يأكلُ الأكلةَ فيحمدُه عليها، ويشرب الشربَة فيحمدُهُ عليها "
فالله تعالى شكور يُحب الشكر ويُحب الشاكرين، ويجزي على الشكر خيراً كثيراً.
قال صلى الله علية وسلم
:" من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنِيه من غير حولٍ مني ولا قوة غُفِر له ما تقدم من ذنبه،
ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنِيه من غير حولٍ مني ولا قوة غُفِر له ما تقدم من ذنبه "
[ . فينفي عن نفسه الحول والقوة في تحصيل أية منفعة، ويرد الفضل في ذلك كله لله جلا وعلا
.
وقال صلى الله علية وسلم
:" من أكل طعاماً فقال الحمدلله الذيأطعمنيهذا ورزقنِيه من غيرِ حولٍ مني ولاقوةٍ، غُفر له ما تقدم من ذنبه
وقال
:" من قال إذا أوى إلى فراشه: الحمد لله الذي كفاني، وآواني، والحمد لله الذي أطعمنيوسقاني، والحمد لله الذي منَّ علي فأفضَلَ؛ فقد حمدالله بجميعِ محامدِ الخلق كلهم
فإن قيل
: كيف ينبغي أن يكون الشكر .. وما هي صفته .. وهل يكفي شكر اللسان؟؟
أقول:
الشكر يجب أن يكون بالقول، والقلب، والعمل، كما قال تعالى:
) اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً (
. أي اعملوا شكراً؛ فالشكر يكون عملاً.
وعليه فإن الشكر ينبغي أن يكون من جنس النعمة التي أنعم ومنَّ اللهُ بها على عبده؛
فمن أنعم الله تعالى عليه بنعمة الغنى والمال،
فشكره أن يُخرج زكاة ماله، ويتصدق ويُحسن على الفقراء والمساكين، ويُنفق في سُبُلِ الخير.
ومن أنعم الله عليه بنعمة قوة الصحة والعافية،
فشكرها أن يُجاهد في سبيل الله، وأن يستغل جسده وقوته في الطاعات الجسدية التي تستلزم نوع قوة بدنية، كالجهاد، والحج والعمرة، والذهاب إلى المساجد، والسعي في طلب الرزق الحلال، ونحو ذلك.
ومن أنعم الله عليه بنعمة الفقه والعلم،
فشكرها أن يبذل العلم للناس، وأن لا يكتمهم علماً يعرفه.
ومن أنعم الله عليه بنعمة الرياسة والزعامة والحكم؛
فشكرها أن يعدل في رعيته، ويحكم فيهم بما أنزل الله.
وكذلك جسد الإنسان
فكل عضو منه له شكره الخاص به الذي يُناسبه،
فنعمة البصر شكرها بأن لا ينظر إلى الحرام، وأن يستغلها في الطاعات؛ كالحراسة على الثغور، وقراءة القرآن، ومطالعة الكتب النافعة، ونحو ذلك.
وكذلك نعمة السمع، فشكرها أن لا يستمع إلى الحرام، وأن لا يسترق السمع ويتجسس على عورات المسلمين
وأن يستخدمها في الطاعات.
ونعمة اللسان، شكرها بذكر الله تعالى، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وببذل النصح للناس، واجتناب الغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والخوض في أعراض الناس.
ونعمة اليد شكرها أن لا تمتد إلى حرام، وأن لا تبطش بغير حق من لا يستحق ..!
ونعمة الرِّجل شكرها أن تسعى إلى المساجد ومواطن الطاعة والعبادة .. وأن لا تسعى بصاحبها إلى الحرام
وما أكثر أماكن الحرام في هذا الزمان!
ونعمة القلب شكرها أن لا ينشغل القلب بغير خالقه، وأن لا يكون فيه موطن محبة لغير الله وما يُحب الله.
وهكذا كل عضوٍ من أعضاء الجسد له الشكر الذي يُجانسه ويُناسبه،
والله تعالى أعلم.
ـ مسألة:
إذا كان البلاء يكفر الذنوب والخطايا، ويرفع صاحبه الدرجات والمقامات العليا يوم القيامة .. هل يجوز للمرء أن يطلب البلاء، ويستشرفه، ويسعى له سعيه ..؟
أقول:
لا يجوز للمسلم أن يطلب البلاء، أو أن يستشرفه، ويسعى له سعيه
وإنما عليه أن يسأل الله السلامة والعفو والعافية
ولكن الذي يمكن أن يُقال:
أن على المسلم أن يقوم بواجباته الشرعية، وأن يتحرك نحو أهداف هذا الدين، وفق ما أمر الله تعالى
فإن أصابه بلاء وشدة وهو في الطريق نحو أهداف هذا الدين
ـ ولا بد أنه صائبه ـ
فعليه حينئذٍ أن يتجلد ويترجل، ويتصبر، ويسأل الله تعالى السلامة والصبر والثبات.
البلاء لا يُطلب
ولا يجوز أن يُطلب
ولكن
إن قدَّره الله تعالى من غير سعي ولا استشراف من العبد
فحينئذٍ يُستقبل بنفس راضية صابرة محتسبة.
فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يُذلُّ نفسَه قال يتعرَّض منالبلاءلمالا يطيقه .
وفي رواية عند البخاري في صحيحه:
" كان رسول الله صلى الله علية وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودَرْكِ الشَّقاءِ، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء ".
وعند مسلم:
" أن النبي صلى الله علية وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن دَرْكِ الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهدالبلاء ".
وعن أنس أن النبي صلى الله علية وسلم كان يقول
" اللهم إني أعوذ بك من البَرَصِ، والجنونِ، والجُذامِ، ومن سيِّئ الأسقام
وصح عنه صلى الله علية وسلم كذلك أنه كان يقول
:" اللهم إني أعوذ بك من جَهد البلاء ثم يسكت،
فإذا قال ذلك فليقل:
إلا بلاءفيه عَلاء .
فيستثني البلاء الذي فيه رفعة في الدين،
والدنيا والآخرة، فلا يستعيذ منه.
وعن أنس قال: قال رجل عند النبي صلى الله علية وسلم
: اللهم إن لم تعطني مالاً فأتصدق به، فابتلني ببلاء يكون فيه أجر، فقال صلى الله علية وسلم
:" سبحان الله، لا تُطيقه!
ألا قلت: اللهمَّ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
وفي رواية عنه قال
: دخل النبي صلى الله علية وسلم على رجلٍ قد جهد من المرض، فكأنه فرخٌ منتوف، قال:
" ادعُ الله بشيءٍ أو سله "
، فجعل يقول:
اللهم ما أنت معذبي به في الآخرة، فعجِّله في الدنيا، قال صلى الله علية وسلم :
" سبحان الله! لا تستطيعه ـ أو ـ لا تستطيعون، ألا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
، ودعا له فشفاه الله .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 12:19 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 12:20 PM   #8
معلومات العضو
رشيد التلمساني
مراقب عام و مشرف الساحات الإسلامية

افتراضي

اللهم اجعلنا من الصابرين الحامدين المحتسبين
بارك الله فيك و نفع بك

 

 

 

 


 

توقيع  رشيد التلمساني
 لا حول و لا قوة إلا بالله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 09:10 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com