فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون .
هنالك أمر جليل فى هذه الأية الكريمة ، ففى مواضع عدة فى القرءان الكريم فإن من الضحك ما هو مذموما ، ومنه ما هو مواضع أخر محمودا .
فالمذموم منه كما فى :
قوله تعالى : وتضحكون ولا تبكون ..... النجم 60 .
وقوله : فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ... التوبة 82 .
وقوله : فلما جاءهم بأياتنا إذا هم منها يضحكون
...... الزخرف 47 .
وقوله : فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم
منهم تضحكون ........ المؤمنون 110 .
أما ما هو منه محمودا كما فى :
قوله تعالى : وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق
ومن وراء إسحاق يعقوب .... هود 71 .
وقوله : وأنه هو أضحك وأبكى ....... النجم 43 .
ومن المهم الإشارة إلى انه يجب الأخذ بعين الإعتبار عند التمعن بالأية الكريمة ، أن يتوافق مذموم الضحك ومحموده فيها ، مع مذمومه ومحموده فى الأيات الأخر
فى القرءان الكريم .
أى أن يكون مطوية مفردتها بأيتها متوافقا
مع ما طوية به مفردتها بالأيات الأخر فى القرءان الكريم .
وما أود الإشارة إليه ، أن طائفة من الكفار ءامنت وسميت طائفتهم بالذين ءامنوا ، وطائفة كفرت وسميت طائفتهم بالذين كفروا ، وحتى ينجلى فى القرءان الكريم أمر هاتين الطائفتين ، وينجلى فى ءايتها وءايات سورتها المطففين ، فالطائفة التى ءامنت وبقيت على إيمانها دعيت طائفتهم بالأبرار ، وأما الطائفة التى وهى على الكفر كفرت ،
أى فجرت ، دعيت طائفتهم بالفجار .
حيث قول الفجرة بقوله عز وجل :
أولئك هم الكفرة الفجرة .... عبس 42 .
هو يتلو الكفر ، فبذلك هو أعلى مرتبة منه .
إذن فى الأية الكريمة قول :
الذين ءامنوا من الكفار ..... المطففين 34 .
منسوبا إلى الطائفة التى على الكفر كانت وءامنت وسميت طائفتهم بالذين ءامنوا ، يضحكون ، على الأرائك ينظرون ، أى يتمعنون ،
كما التمعن بأية :
هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .... المطففين 36 .
ولكن يتمعنون قياسا على أنفسم وهم كفارا ، وليس قياسا على غيرهم من الكفار ، فبذلك ضحكهم محمودا ، لكونه ليس فيه غيبة للأخرين ، ألا وهى صفة المؤمن فى كل زمان ومكان .
هذا والله أعلم .