عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 12-06-2007, 08:58 PM   #1
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

Thumbs up ( && هداية الحيران فى مسألة الاستعانة بالجان - وليد كمال شكر && ) !!!




الاخوة طاقم الإدارة ومشرفي وأعضاء وزوار ( منتدى الرقية الشرعية ) حفظهم الله ورعاهم

وقع تحت ناظري بحث قيم بعنوان :

( هداية الحيران فى مسألة الاستعانة بالجان )


( جمع وإعداد وليد كمال شكر )


وأحببت أن تشاركوني في مطالعته لما احتواه من نقولات لكثير من علماء الأمة وهو على النحو التالي :

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده الذى اصطفى .. وبعد

فقد أكثر الناس الكلام فى مسالة حكم الاستعانة بالجن المسلم فذهب البعض إلى جواز ذلك كالعبيكان وغيره واستدل هؤلاء بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما استدلوا بتعليق ابن العثيمين رحمه الله على كلام شيخ الإسلام 0

وذهب الاخرون وهم الأكثرون إلى عدم جواز ذلك وإليك بيان المسألة فى المطالب التالية :

المطلب الأول : ما استدل به المجيزون
المطلب الثانى : مناقشة أدلة المجيزين
المطلب الثالث: ما استدل به المانعون
المطلب الرابع: القول الصحيح فى المسألة


المطلب الأول : ما استدل به المجيزون :


أكثر من قالوا بجواز الإستعانة بالجن استدلوا بأمور منها :

1- كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
2- نقل الشيخ ابن عثيمين لكلام ابن تيمية .
3- فتوى الشيخ العبيكان بجوازالذهاب للسحرة لفك السحر وجواز الاستعانة بالجن فى فك السحر .
4- بعض الأدلة التى تبيح ذلك .

أولا : كلام شيخ الإسلام :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : في مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر(( والمقصود هنا أن الجن مع الإنس على أحوال فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه فهذا من أفضل أولياء الله تعالى وهو فى ذلك من خلفاء الرسول ونوابه .

ومن كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهو كمن استعمل الإنس فى أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله تعالى فغايته أن يكون فىعموم أولياء الله مثل النبى الملك مع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما فى الشرك وإما فى قتل معصوم الدم أو فىالعدوان عليهم بغيرالقتل كتمريضه وإنسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، وإما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر .
وإن استعان بهم على المعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق .

وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج أو أن يطيروا به عند السماع البدعى أو أن يحملوه إلى عرفات ولا يحج الحج الشرعى الذى أمره الله به ورسوله ،وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ،ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به.

وكثير من هؤلاء قد لا يعرف أن ذلك من الجن بل قد سمع أن أولياء الله لهم كرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الإيمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به بحسب اعتقاده فإن كان مشركا يعبد الكواكب والأوثان أوهموه أنه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الاستشفاع والتوسل ممن صور ذلك الصنم على صورته من ملك أو نبى أو شيخ صالح فيظن أنه صالح وتكون عبادته فى الحقيقة للشيطان قال الله تعالى "ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"

ثانيا : تعليق الشيخ العثيمين على كلام شيخ الإسلام :

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ما حكم خدمة الجن للإنس ؟: فأجاب بقوله : ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوى ما مقتضاه أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات :

- أن يستخدمه في طاعة الله كأن يكون نائبا عنه في تبليغ الشرع ، فمثلا إذا كان له صاحب من الجن مؤمن يأخذ عنه العلم فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن ، أوفي المعونة على أمور مطلوبة شرعا فإنه يكون أمرامحمودا أو مطلوبا وهو من الدعوة إلى الله عز وجل . والجن حضروا للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقرأ عليهم القرآن وولوا إلى قومهم منذرين ، والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء لأن المنذر لا بد أن يكون عالما بما ينذرعابدا.

- أن يستخدمهم في أمور مباحة فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة فإن كانت محرمة فهو محرم مثل أن لا يخدمه الجني إلا أن يشرك بالله كأن يذبح للجني أو يركع له أو يسجد ونحو ذلك .

- أن يستخدمهم في أمور محرمة كنهب أموال الناس وترويعهم وما أشبه ذلك ، فهذا محرم لمافية من العدوان والظلم .ثم إن كانت الوسيلة محرمة أو شركا كان أعظم وأشد .

ثالثا : فتوى العبيكان : فقد أفتى بأنه من الممكن الإستعانة بالجن الصالحين لفك السحر.

رابعا : ورد عن أبى موسى الأشعرى وأبى هريرة ما يجيز ذلك .

المطلب الثانى : مناقشة أدلة المجيزين :


أولا : تعليق العلماء على كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

1- قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى ( 2/239 -240 ) : (( وقد اتخذ بعض الرقاة كلام شيخ الإسلام رحمه الله متكئاً على مشروعية الإستعانة بالجن المسلم في العلاج بأنه من الأمور المباحة ولا أرى في كلام شيخ الإسلام ما يسوغ لهم هذا فإذا كان من البدهيات المسلّم بها أن الجن من عالم الغيب يرانا ولا نراه الغالب عليه الكذب معتد ظلوم غشوم مجهولة عدالته لذا روايته للحديث ضعيفة فما هو المقياس الذي نحكم به على أن هذا الجني مسلم وهذا منافق وهذا صالح وذاك طالح ) 0

هذا النقل من فتاوى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لأبي المنذر خليل بن إبراهيم في رسالته " الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع "وهي من تقديم فضيلة الشيح / صالح الفوزان - حفظه الله - وبتأييد من سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في وقته 0

( تم تصحيح النقل فالكلام هو للشيخ أبي عبيدى مشهور بن حسن آل سلمان ، وليس لفضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فليتنبه لذلك - وأرجو مراجعة الرابط التالي :



2- يعقب الشيخ سعيد عبد العظيم على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول (( هذا الكلام القيم لشيخ الإسلام – يدلك على كثرة المغرورين الذين مكرت بهم الجن في زماننا، نتيجة قلة العلم وبسط الجهل، ومن أمثلة ذلك هؤلاء الجهال الذين ينادون الجني، وقد تعلقت قلوبهم بالجن – من دون الله – في جلب النفع ودفع الضر، ولبست عليهم الشياطين أمر دينهم ؛ فاختلطوا بالنساء وواقعوا ما حرم الله 00وشغلوا أنفسهم والدنيا من حولهم بالمحاورات والخزعبلات عن واجب العبودية والقيام بإضاعة الوقت0فأين هذا الانحراف مما ذكره ابن تيمية في حكم استخدام الجن؟! لقد أساء البعض فهم نصوص الشريعة ، وبالتالي فلا غرابة في إساءة فهم كلام الأئمة ، يدلك على ذلك جحافل المعالجين ، الذين أهدروا معاني العقيدة والشريعة في علاجهم بزعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية أجـاز استخدام الجن !! )0( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 41 ) 0

يقف د. فهد اليحيى على ضوء ما قاله بن تيمية عند عدد من الأمور يلخصها فيما يلي : - من فهم من كلامه - رحمه الله - الاستعانة المطلقة وعلى الصورة التي يفعلها من يدعي الاستعانة بالجن المسلمين من تحضير الجن فقد أبعد النجعة وحمل كلام الشيخ - رحمه الله - ما لا يحتمل ، بل قد سمعت شيخنا ابن باز - رحمه الله - وقد ذكر له ذلك يشكك في نسبته إلى شيخ الإسلام.

- لو ثبت ذلك عن شيخ الإسلام - رحمه الله - ، وتنزلنا أن كلامه يقتضي جواز مثل هذه الصور التي يفعلها البعض ، فإن العصمة للرسل عليهم السلام وماذا يضير الشيخ إذا كان اجتهاده في هذه المسألة مما له فيه أجر واحد حيث لم يصب فيه ؟! وماذا ينقص من قدره إذا تبين أنه أخطأ في هذه المسألة ، بل في مائة مثلها وقد أصاب في آلاف من المسائل ؟! .. وإذا اجتهد فأخطأ في هذه المسألة وهو من أئمة المجتهدين فله عذره ، وينطبق عليه ما ذكره هو - رحمه الله - في كتابه ( رفع الملام عن الأئمة الأعلام ) .

ولكن من احتج بمجرد كلامه فلا عذر له ، إذ لا حجة في قول أحد سوى الوحي المنزل.

- أن كلام بن تيمية - رحمه الله - في المواضع السابقة قد تضمن من التنبيهات ما يجب أن يقف معه من يأخذ بظاهر كلامه ، ومن هذه التنبيهات ما يلي :

* إن الشياطين أهل مكر وغدر وتلبيس وخداع ، حتى أن بعض الشيوخ انخدع بهم ولبسوا عليه ، فصار يظن ما يحصل له كرامة من الله وإنما هو استدراج من الشيطان وتغرير وتلبيس ، فلما تبين لبعضهم الحق تابوا وأنابوا. وإذا كانت الشياطين كذلك فمن الذي قد ضمن لهذا المستعين بمن يسميهم مسلمين ألا يكونوا شياطين تخدع وتمكر به، لأجل استدراجه والإيقاع به وبقاصديه ؟!

* من خداع هؤلاء الجن أن يخدعوا الإنسي بتحقيق غرضه وهم في الحقيقة لم يفعلوا فقد يزعمون أنهم أحضروا السحر ، ويحملون له عقداً وطلاسم ليست من السحر المزعوم في شيء ، بل قد لا يكون المريض أصلاً مسحوراً ، يوضح هذا ما قاله الشيخ - رحمه الله - في موضع آخر حيث قال فيمن يعزمون على الجن : (والمقصود أن أرباب العزائم من كون عزائمهم تشتمل على شرك وكفر لا تجوز العزيمة والقسم به ، فهم كثيراً ما يعجزون عن دفع الجني وكثيراً ما تسخر منهم الجن ، إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنس أو حبسه فيخيلوا إليهم أنهم قتلوا أو حبسوه ويكون ذلك تخييلاً وكذباً).

* إن سؤال الجن على وجه التصديق لهم لا يجوز ، ومن تأمل الاستعانة بهم وجدها أعظم من مجرد التصديق بل هي في الغالب متضمنة له مبنية عليه.

* إن المواضع من كلام شيخ الإسلام التي قد يُفهم منها جواز الاستعانة بالجن المسلمين قد عارضها من كلامه ما يمنع الاستعانة مطلقاً منها قوله : ومن استمتاع الإنس بالجن استخدامهم في الإخبار بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان ، فإن في الإنس من له غرض في هذا ، لما يحصل به من الرياسة والمال وغير ذلك ، ومنها قوله وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام ، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره : عن معاوية بن الحكم السلمي قال : قلت : ( يا رسول الله اموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال : فلا تأتوا الكهان ) .

ومنها ما نقله الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – عن شيخ الإسلام من قوله ( رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) 0( مصائب الإنسان – 156 ) 0

ومنها قول شيخ الإسلام رحمه الله (مجموع الفتاوى 1/181) " وسؤال الخلق في الأصل محرم لكنه أبيح للضرورة " واحتج على ذلك بأدلة كثيرة .

ومنها ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - في النبوات أنه ليس من هدي السلف الاستعانة بالجن 0

قلت وبالله التوفيق - أبو البراء - : وقد بحثت في الكتاب المذكور فلم أجد مثل هذا الكلام ، وإن كنت قد أنزلت هذا الموضوع للأخ الفاضل وليد فبالجملة كلامه جيد ، إلا أنه أخطأ في هذا النقل ، ولتأكيد ذلك أحيلكم للرابط التالي للبحث في الكتاب :



فقد يكون الأخ الكريم - غفر الله لنا وله - نقل ذلك من مصدر آخر قد أخطأ في نسبة ذلك القول لشيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - والله تعالى أعلم 0


4- يقول صاحب كتاب القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين معلقا على كلام شيخ الإسلام : إن قول بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ( ابن تيمية ) بجواز الاستعانة ضمن كلام موزون يوجب وقفة وتذكرا بالعصر الذي عاشوا فيه حيث كان الإسلام قويا ، ويحكم فيه بشرع الله ومنهجه ، وكان الوعي والإدراك الديني آنذاك - عند العلماء والعامة - أعظم بكثير مما نعيشه اليوم ، والاعتقاد الجازم أن الاستعانة لا يمكن أن تفهم بمفهومها الدقيق في هذا العصر كما فهمت أيام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا بد من وقفة تأمل مع كلامه - رحمه الله – فأقول :

أ)- إن الكلام في المسألة عام :ولم يتطرق - رحمه الله - إلى قضايا الاستعانة في التطبب والرقية والعلاج 0

ب)- ذكر في النقطة الرابعة كلاما يقول فيه : وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) (الفتاوى – 11 / 307 ) فمن يدعي أن تسخير الجن له من باب الكرامة فدعواه ليست صحيحة، لأن الكرامة لا ‏تأتي لإنسان يريدها،وصاحبها لايظهرها وإنما هي تفضل من الله على أوليائه، قد يطلبونها فتحصل، وقد ‏يطلبونها فتتخلف، وعلينا أن ننظر إلى حال الشخص للحكم عليه لا إلى كراماته 0

والمتأمل في كلام شيخ الإسلام يلاحظ : أن توفر العلم الشرعي شرط أساسي للاستعانة ، فالعالم وطالب العلم أكثر حرصا ودقة من غيرهما في المسائل والأحكام الشرعية ، فكل منهما يقارن بين المصالح والمفاسد ، ويفرق بين الحلال والحرام ، وله اطلاع بأمور كثيرة تخفى على كثير من الناس ، وبإلقاء نظرة سريعة في يومنا هذا ، يلاحظ أن معظم من طرقوا هذا الباب واستعانوا بالجن جهلة بالعلم الشرعي لا يفقهونه ولا يدركون أصوله ، ولا يفرقون بين الركن والواجب ، ونجزم أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو عاش بين أظهرنا لما أجاز الاستعانة بمضمونها الحالي ، لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة قد تؤدي إلى خلل في العقيدة ، بل قد تدمرها من أساسها 0

جـ)- موقف طالب العلم :إن العالم أو طالب العلم ، إذا كان ملما بالعلم الشرعي ومتفقها فيه ، عالما بأحكامه ، مدركا لأحواله ، سواء كان من الإنس أو الجن ، لا يمكن أن يزعزع ويدمر عقائد الناس ، أو أن يتصرف وفق أهوائه وشهواته – فيدور في رحى الكتاب والسنة ، ولن ترى مثل ما يحصل اليوم من تجاوزات وانحرافات عند الذين يزعمون أنهم يستعينون بجن صالح فيخربون عقائد الناس ، ويحيدون بهم عن الفطرة السوية .

وأنقل كلاما لشيخ الإسلام – رحمه الله – يؤكد المفهوم الدقيق الذي عناه من سياق كلامه حيث نقل الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – كلاما له ، يقول فيه : ( قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية : رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) ( مصائب الإنسان – ص 156 ) 0

يقول الشيخ محمد بن محمد عبد الهادي في رده على هذه الشبهة: (( ذكر ابن تيمية في كتابه الفتاوى : فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه 00 إلى أن يقول : فيكون بمنزلة الملوك 00 اهـ 0

فقد حمل البعض كلام ابن تيمية على تجويز وإباحة استعمال الجن في العلاجات وفي طلب الإخبار عن أمور مباحة كنوع المرض وعلاجه وكشف مفقود 00 وغير ذلك, والحق أن هذا فهم غير صحيح فالإمام ابن تيمية ما ذكر هذه العبارات إلا للمقارنة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان الذين يتحدث عنهم في كتابه 0

والمتأمل لعباراته يجد أنه وضح وقيد هذا الاستعمـال بقوله : كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات لهم 00 اهـ 0

وشبه – رحمه الله – أولياء الرحمن الصالحين الذين يأتمر الجن بأمرهم بمنزلة الملوك ومثلهم بالنبي الملك مع العبد الرسول اهـ 0

فالملوك الصالحون يأمرون بطاعة الله وينهون عن معصية الله وحيث إن ابن تيمية مثل لذلك فبماذا كان يأمر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الناس ؟ لا شك بأنهم كانوا يأمرون بعبادة الله وحده وينهون عن كل عمل يـؤدي إلى الشرك وصرف القلب عن الله وعدم التوكل عليه 0

والمتأمل إلى نهج وعقيدة ابن تيمية يجد أنه أحرص الناس على تثبيت العقيدة في قلوب المسلمين وأشدهم تحذيراً من كل عمل يتنافى مع جانب التوحيد أو فيه شبهة شرك 0

فالإمام ابن تيمية – رحمه الله – لم يتطرق إلى إباحة استخدام الجن في العلاجات ولو جاز استخدامهم واستعمالهم في ذلك لاستشارهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما سحر كما ذكر قصة سحره عليه الصلاة والسلام الإمام البخاري في صحيحه 00 ولم يستخدم الأوائل من المسلمين الجن في قضاياهم كالحروب التي دارت بينهم وبين المشركين ولا استعملوهم في علاج مرضاهم 00 أم أننا أقوى عقيدة من أولئك الأولين فلا نقع في الشرك ؟

فابن تيمية - رحمه الله - عندما أشار إلى استخدام الجن حسب زعم الزاعمين لم يقل يجوز أن تصاحب جنياً بإشارة معينة مثل رمزاً أو قراءة أو نحو ذلك فإذا حضر الجني طلبت منه ما تحتاج إليه من تشخيص داء أو معرفة دواء أو الاستدلال على مخفى 0

ولكنه قصد والله أعلم أنك إذا قرأت على مصروع فحضر الجني الصارع وتكلم على لسانه هنا عليك أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ولو سألته عن مباحات جاز لك ذلك وإن كان خلاف الأولى مع العلم بأن فيهم كذباً كثيراً فلا يصدقوا في كل ما يخبرون به ، ولو صح أنه كان يقصد جواز اتخاذ جني بطريقة ما كقراءة سورة معينه أو تسبيحات معينة 0

فإن ذلك لا يجوز لمخالفـة ذلك لأفعال السلف الصالح 0 وأن ابن تيمية - رحمه الله - ليس بحجة على الشرع بل الشرع حجة على الجميع والله أعلم 0 ( كتاب عالج نفسك بنفسك – ص 35 – 36 ) 0

6- يقول الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الموسى - المرشد الديني بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض - : ( وعلى أي حال لو كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عليه قد افتى بمشروعية الاستعانةبالجن فإنما هو بشر يخطئ ويصيب والعمدة في ذلك بما جاء في الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة ) .

وقد اخترت باقات جميلة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تبين لمن أراد الحق أنه لا يقصد مشروعية الاستعانة بالجن ومن ذلك ما ذكره عمن تكون لهم خوارق عادات :

- قال رحمه الله : ( ولما كانت الخوارق كثيراً ما ينقص بها درجة الرجل، كان كثير من الصالحين يتوب من ذلك ويستغفر الله تعالى، كما يتوب من الذنوب كالزنى والسرقة وتعرض على بعضهم فيسأل الله زوالها، وكلهم يأمر المريد السالك ألا يقف عندها ولا يجعلها همته، ولا يتبجح بها، مع ظنهم أنها كرامات فكيف إذا كانت بالحقيقة من الشياطين تغويهم بها؟ أعرف من يخاطبه النبات بما فيها من المنافع وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها، ومنهم من يخاطبه الحجر والشجر، وتقول: هنيئاً لك يا ولي الله، فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك وأعرف من منهم يقصد صيد الطيور، فتخاطبه العصافير وغيرها وتقول : خذني حتى يأكلني الفقراء، ويكون الشيطان قد دخل فيها، كما يدخل في الأنسي، ويخاطبه بذلك ومنهم من يكون في البيت وهو مغلق فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح، وبالعكس، وكذلك في أبواب المدينة وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة، أو تريه أنواراً، وتحضر عنده من يطلبه، ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله ) انتهى كلامه رحمه الله .

وقال فى موضع ءاخروالذين يستخدمون الجن فى المباحات يشبه استخدام سليمان لكن أعطى ملكا لا ينبغى لأحد بعده وسخرت له الانس والجن وهذا لم يحصل لغيره والنبى صلى الله عليه وسلم لما تفلت عليه العفريت ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذعته حتى سال لعابه على يدى وأردت أن أربطه الى سارية من سوارى المسجد ثم ذكرت دعوة أخى سليمان فأرسلته فلم يستخدم الجن لكن دعاهم الى الايمان بالله وقرأ عليهم القرآن وبلغهم الرسالة وبايعهم كما فعل بالانس والذى أوتيه صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان فإنه استعمل الجن والانس فى عبادة الله وحده وسعادتهم فى الدنيا والآخرة لا لغرض يرجع اليه الا ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته واختار أن يكون عبدا رسولا على أن يكون نبيا ملكا فداود وسليمان ويوسف أنبياء ملوك وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد رسل عبيد فهو أفضل كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب اليمين وكثير ممن يرى هذه العجائب الخارقة يعتقد أنها من كرامات الاولياء . فتاوى ابن تيمية ج13/ص89 .

- وقال في موضع ثالث : وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام ، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره : عن معاوية بن الحكم السلمي قال : قلت : ( يا رسول الله اموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال : فلا تأتوا الكهان) .. وفي صحيح مسلم أيضاً عن عبيد الله عن نافع عن صفيه عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).

ثم ذكر - رحمه الله - ضابطاً مهماً للتفريق بين الكرامة وخوارق العادات فذكر أن كرامات الأولياء لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى، أما ما كان سببه الكفر والفسوق العصيان فهو من خوارق أعداء الله، لا من كرامات أولياء الله، ؟!.

وهنا مسألة قد تخفى على بعض الرقاة وهي أن الشياطين قد تظهر التأثر وتخرج الأعراض واضحة جلية عند الرقية بالطرق البدعية أو الشركية، أما عند الرقية الشرعية فإنها تتحمل أشد التحمل ولا تظهر التأثر.. والمقصود من ذلك فتنة الراقي والمرقي عليه، فإذا ذهب المريض إلى الراقي الذي يرقي بالطرق البدعية التي تتضمن استعانة بالشياطين سرعان ما يصرح الممسوس ويتكلم المس على لسانه فيقتنع المريض بهذا الراقي الخرافي ويترك الراقي الشرعي، وهذا أعظم مقصود للشيطان المريد من إضلال العبيد فتجده يتحول من الرقية الشرعية المشروعة إلى الرقية المحرمة، وينتقل من السنة إلى البدعة ويتغير بدلا من أن يكون حرباً على الشياطين يكون ولياً وأعظم من ذلك قد يرتد عن الإسلام لخدمة الشياطين وتقديم القرابين لهم حتى تخدمه وتظهر الأعراض وتساعده في تشخيص الحالات بأساليب عديدة فلا يستطيع الاستغناء عنهم في تشخيص الحالات مما يضطره إلى تقديم القرابين لهم ليخدموه.

ثانيا : التعليق على نقل الشيخ العثيمين لكلام ابن تيمية :

أنه أراد منه المعنى الذى أراده شيخ الإسلام رحمه الله وهو ما أوضحناه من خلال كلام العلماء السابق وهو أبعد ما يكون عما يفعله هؤلاء اليوم من استعانة بالجن فىهذا النوع من العلاج وليس أدل على ذلك من قول العثيمين رحمه الله (( وقد اتخذ بعض الرقاة كلام شيخ الإسلام رحمه الله متكئاً على مشروعية الإستعانة بالجن المسلم في العلاج بأنه من الأمور المباحة ولا أرى في كلام شيخ الإسلام ما يسوغ لهم هذا فإذا كان من البدهيات المسلّم بها أن الجن من عالم الغيب يرانا ولا نراه الغالب عليه الكذب معتد ظلوم غشوم مجهولة عدالته لذا روايته للحديث ضعيفة فما هو المقياس الذي نحكم به على أن هذا الجني مسلم وهذا منافق وهذا صالح وذاك طالح ؟ ))

هذا النقل من فتاوى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لأبي المنذر خليل بن إبراهيم في رسالته " الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع " وهي من تقديم فضيلة الشيح / صالح الفوزان - حفظه الله - وبتأييد من سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في وقت ونقله أيضا حسن سلمان فى هامش كتابه "فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلا م ابن تيمية عن الجان .

( تم تصحيح النقل فالكلام هو للشيخ أبي عبيدى مشهور بن حسن آل سلمان ، وليس لفضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فليتنبه لذلك - وأرجو مراجعة الرابط التالي :




تابع / ما بعده / 000
 

 

 

 


 

توقيع  أبو البراء
 
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة