عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 07:37 AM   #4
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

4 -لتمحيص النفوس
ومعرفة الصالح من الطالح، والمجاهد ممن سواه
وهو مقصد من مقاصد البلاء، كما قال تعالى:
) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
. أي حتى نرى ويظهر مَن منكم المجاهد الصابر المحتسب الذي يأتمر بما أمرنا وينتهي عما نهينا ممن سواه؛
إذ زعم الإيمان الكل يتقنه المؤمن والمنافق، الصالح والطالح سواء،
ولكن الذي يفرق بينهما ويميز أحدهما عن الآخر، ويُظهر حقيقة كل منهما على حقيقته كما هي هو البلاء .. والصبر على البلاء.
قال تعالى:
) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (؟!
سؤال استنكاري
فهذا ما كان ولن يكون
فمن زعم الإيمان وأنه من أتباع الأنبياء والرسل، وأنه يسير على طريقهم ومنهاجهم لا بد وأن يُفتن ويُبتلى ليترجم الأقوال إلى أفعال
وليَظهر صدق زعمه من كذبه
) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (
أي ليُظهر الله ويرى بالبلاء مَن الصادق في دعواه الإيمان ومَن الكاذب!
وقال تعالى:
) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
.
قال ابن كثير في التفسير:
أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تُبتلوا بالقتال والشدائد .. أي لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تُبتلوا، ويرى اللهُ منكم المجاهدين في سبيله، والصابرين على مقارعة الأعداء
كثير هؤلاء الذين يزعمون حب الجهاد والمجاهدين، وما إن يبتليهم الله بمواجهة العدو إلا وتراهم يولون الدبر،
فتكذب مواقفهم وأفعالهم أقوالهم وما كانوا يزعمون،
كما قال تعالى عن الملأ من بني إسرائيل:
) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
وقال تعالى:
) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (
رغم ما قطعوه على أنفسهم من عهد ـ سيُسألون عنه ـ أنهم سيجاهدون وسيثبتون عند اللقاء، إلا أن أفعالهم ومواقفهم ـ لما اختبروا وابتلوا بالمواجهة ـ جاءت على خلاف ما قطعوه على أنفسهم،
وكانوا قد عاهدوا الله عليه!
وقال تعالى عن هذا الصنف من الناس:
) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (
قلت:
وتأتي أهمية هذا التمحيص عند عملية فرز الرجال كلٌّ إلى ما يناسبه من عمل وموقع ومركز
وعند فرز قيادات العمل الإسلامي واختيارها؛ إذ لا بد للقيادي أن يكون قد مر بمرحلة بلاء واختبار وتمحيص تُظهر صدق إيمانه، وصدق ولائه لهذا الدين
ودرجة كفاءته لموقعه القيادي الذي تقلده!
إنها لمصيبة كثير من الحركات والجماعات الإسلامية المعاصرة عندما يتسلق سلم القيادة والزعامة فيها أناس مُنعمون مُرفَّهون مترفون لا يعرفون للبلاء والشدة في الله طعماً ولا معناً
ولم يسبق لهم أن عاشوه واقعاً في حياتهم .. فتأتي النتائج بكوارث قاتلة على الجماعة، وعلى العمل الإسلامي برمته!
5- ومنة-ما يكون فتنة
أي من غايات ومقاصد البلاء ما يكون فتنة لصاحبه؛
أيصبر ويثبت على الحق أم يرتد عن دينه، وينزلق في أوحال الباطل، كما قال تعالى:
) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ (
كأن يتعرض للبلاء بالسجن عند الطواغيت الظالمين أو يصيبه منهم نوع تعذيب أو أذى، أو ملاحقة ومطاردة
أو حرمان من عطاء أو وظيفة أو عمل، انقلب على عقبيه وارتد عن دينه ليتفادى أذى الظالمين له و
) جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ (
أي هذا العذاب أو الأذى الذي يناله من الطواغيت الظالمين يجعله كعذاب الله تعالى الشديد يوم القيامة، فيرتد عن دينه،
قال القرطبي في التفسير
:" جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذية في الله "
وقال ابن عباس:
" يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله ".
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ (
أي على شك وطرف
) فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ (
وهو ما تميل إليه نفسه وترغبه وتحبه
) اطْمَأَنَّ بِهِ (
؛ أي استقر على أمر العبادة،
) وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ (
أي بلاء وشدة
) انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ (
كافراً مرتداً
) خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
وما أكثر هؤلاء الذين يعبدون الله على حرف في زماننا؛ حيث تراهم لأدنى بلاء ينزل بالأمة أو إرهاب يمارسه الطاغوت الحاكم على شعبه .. يبادرون الإسراع إلى حلق لحاهم،
وخلع الهدي الظاهر الدال على إسلامهم وتدينهم، واعتزال الجمعة والجماعات .. ومقاطعة الأخلاء من الإخوان الملتزمين من ذوي الدين والخلق .. خشية أن يناله شيء من أذى الطاغوت أو يُصنفه في خانة الأعداء المعارضين له!!
وكذلك قوله تعالى:
) وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ (
؛ فيبتلي الله المؤمنين بالكافرين الظالمين؛ هل يجاهدونهم، وهل يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، ويأطرونهم إلى الحق أم لا، ويبتلي الكافرين والظالمين بالمؤمنين؛ فيقيم عليهم الحجة بالمؤمنين، ويختبرهم هل سيطيعونهم إلى ما يدعونهم إليه من الإيمان والحق أم أنهم سيرفضون ويُعرضون، ليحق عليهم العذاب.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" يقول الله تعالى: إني مبتليك ومُبتلٍ بك "
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً
. فما من نبي عبر التاريخ كله إلا وابتلاه الله تعالى بعدو وطاغوت من المجرمين، يُظهر دعوة الحق والتوحيد من خلال جهاده وجهاد جنده وأتباعه .. وباطله وكفره
ولكي تتمايز النفوس والصفوف المؤمنة من الكافرة.
وبالتالي فهؤلاء الذين يزعمون أنهم سلفيون وسنيون
ومن أتباع وورثة الأنبياء والرسل
ثم لا يريدون أن يكون لهم عدو من الطواغيت المجرمين يُجاهدونهم .. ويُظهرون دعوة الحق والتوحيد من خلال مقارعتهم ومقارعة باطلهم وكفرهم .. فهم واهمون ومخطئون
وزعمهم بأنهم سلفيون ومن أتباع الأنبياء والرسل
أثقل عليهم مما لو لم يزعموا هذا الزعم الكبير!!
ومن صور البلاء كذلك الذي هو فتنة على صاحبه إن لم يرده ويواجهه بالصبر والثبات والاستعصام بالحق
أن يُبتلى الشاب المسلم بامرأة ذات منصب وجمال .. تدعوه وتقول له هيت لك .. فإن أجابها إلى ما تدعوه إليه .. هلك وسقط في الفتنة .. وإن استعصم وأبى .. وقال لها إني أخاف الله رب العالمين
ـ وما أقل من يفعل ذلك
ـ نجا وكان ممن يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، كما في الحديث الصحيح:
" سبعةٌ يُظلهم الله تعالى يوم القيامة في ظله يوم لا ظِلًّ إلا ظِلُّه "
منهم "
ورجلٌ دعته امرأة ذاتُ منصبٍ وجمال إلى نفسها، فقال إني أخافُ الله ".
ومن صور الفتنة والبلاء كذلك
عندما يُبتلى الدعاة والشيوخ والعلماء .. بما يمنيهم الطاغوت الحاكم من العطاء، والمناصب العالية
وأنه سيقربهم إلى بلاطه ويجعلهم من خاصته
إن هم كتموا العلم وحرفوه عن مواضعه، وأطاعوه وحملوا الناس على موالاته ونصرته وطاعته
فإن هم فعلوا وأجابوه إلى ما دعاهم إليه .. وقعوا في الفتنة .. وهلكوا وأهلكوا .. وضلوا وأضلوا .. وإن أبوا واستعصموا بالحق ـ وما أقلهم الذين يفعلون ذلك وبخاصة في زماننا هذا! ـ نجوا ونجا من منعهم ومن وراءهم ممن يقلدونهم ويتبعون خطاهم فيما يفعلون،
كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" يليكم عمال من بعدي يقولون مالا يعلمون، ويعملون مالا يعرفون، فمن ناصحهم ووازرهم، وشدَّ على أعضادهم، فأولئك قد هلَكُوا وأهلَكُوا "
وقال
" سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سَلِم، ومن خالَطهم هلَك ].
وقال صلى الله علية وسلم :
" اسمعوا هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراءٌ فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ علي الحوض
وقال صلى الله علية وسلم
:" من أتى أبوابَ السلطان افتُتِن، وما ازداد أحدٌ من السلطان قرباً إلا ازدادَ من الله بُعداً "
[ نسأل الله تعالى السلامة، والعفو والعافية.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 11:15 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة