عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 22-02-2005, 04:02 PM   #3
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

30 ـ الرسل والأنبياء عليهم السلام هم أسوة البشر في الفوز في الابتلاء:

وحياة الرسل والأنبياء ليست سوى النماذج البشرية السامية لهذا السلوك الإبتلائي الحر في التجارب الابتلائية ، والمثل الناجحة ، فكل رسول وكل نبي يخوض في حياته مختلف الأنواع من التجارب الإبتلائية الممتعة والمؤلمة ، شأنه في ذلك شأن اليشر أجمعين ، علاوة على أنه يتخصص في نوع معين من الابتلاءات يصبح فيه النموذج والمثال العظيم وفي هذا تطبيق وتوضيح لقول الرسول بأنهم أشد الناس بلاء.

فإذا كان إبراهيم الخليل أبا للمسلمين حيث قال الله فيه [ . . . وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم ، هو سماكم المسلمين من قبل ( سورة الحج : آية 78 ) ] . كما أنه ــــ بنصوص قرآنية ـــ أبو الأنبياء ، قد رزقه الله ابنيه إسماعيل وإسحق على الكبر ، ومن ثم فإن أشد ما ابتلاه الله به إنما كان في عاطفة الأبوة لديه ، تلك التي وسعت أمة بأسرها . فصار بذلك مثلا للأباء على طاعة الله في الأبناء ، باعتبار أنهم من فتن الحياة الدنيا وابتلاءاتها كما أخبر الله بذلك ، وذلك حين أمره الله بذبح ابنه اسماعيل الذي رزقه الله به على الكبر [ فلما بلغ معه السعي قال : يا بني إني أرى في المنام إني أرى في المنام إني أذبحك ، فانظر ماذا ترى . قال : يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين . فلما أسلما وتله للجبين . وناديناه أن يا ابراهيم . قد صدقت الرؤيا ، وأنا كذلك نجزي المحسنين . إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم . ( سورة الصافات : آية 102 ـ 107. ) .] .

كما يمكن اعتبار إسماعيل عليه السلام بطاعته لله ولأبيه مثالا ونموذجا رائعا في الإسلام لله وفي طاعة وبر الوالدين .

أما يوسف عليه السلام فقد تميز بالإبتلاء بالجمال الأخاذ الذي عرضه لفتنة الشهوة من امرأة العزيز [ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب ، وقالت : هيت لك ، قال : معاذ الله ، إنه ربي أحسن مثواي ، إنه لايفلح الظالمون . ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء أنه من عبادنا المخلصين ( سورة يوسف : الآيات 23 ـ 24 ) ] . ومهما قيل في معنى قوله تعالى (( وهم بها )) فإن السلوك الإختياري الذي . كان من يوسف والمتمثل في قوله لها حين دعته إلى نفسها (( معاذ الله )) هو السلوك النموذجي الناجح في مثل هذه المواقف الجنسية التي تعترض كافة البشر في حياتهم وبخاصة الشبان والشابات .

كما يمكن اعتبار صبر بني إسرائيل وعلى رأسهم موسى عليه السلام حيال ظلم فرعون لهم نموذجا للسلوك الناجح حيال اضطهاد أصحاب السلطان الجائرين للمؤمنين المستضعفين [ وإذ نجيناكم من آل فرعون ، يسومونكم سوء العذاب ، يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم . ( سورة البقرة : آية 49 .) .] .

أما داود وسليمان فيمكن أن ننظر إليهما على أنهما قد تميزا بالإبتلاء بالخلافة في
الأرض والحكم والقوة والملك ، حيث صارا النموذج الناجح والسامي في هذا الإبتلاء . وقد أخبرنا الله في القرآن الكريم بالفتنة التي اختبر بها داود ليعلمه أصول الحكم بين الناس قبل أن يوليه خلافة الأرض فقال مخاطبا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم [ اصبر على مايقولون ، واذكر عبدنا داود ، ذا الأيد أنه أواب ، أنا سخرنا الجبال معه ، يسبحن با لعشي والإشراق والطير محشورة ، كل له أواب . وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب . وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ؟ إذ دخلوا على داود ففرغ منهم ، قالوا : لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط . إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ، فقال : أكفلينها وعزني في الخطاب . قال : لقد ظلمتك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، وأن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ، وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه ، وخر راكعا وأناب ، فغفرنا له ذلك ، وأن له عندنا لزلفى وحسن مآب . يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ( سورة ص : الآيات 17 ــ 26 ) ] . والشاهد في هذه الآيات أن الخصم الذين تسوروا المحراب ، مرسلون من الله لاختبار داود في معرفة أصول الحكم وقواعد القضاء بين الناس ، حيث تسرع وأصدر الحكم قبل سماع أقوال الطرف الثاني في القضية . ولكنه سرعان ما أدراك ذلك فخر راكعا لله وأناب فغفر له ربه وجعله خليفة في الأرض .

والسلوك الإختياري المطلوب ممن يبتليه الله با لخلافة والملك ، هو الحكم بين الناس بشرع الله ، والشكر له ، ومن ثم قال [ اعملوا آل داود وشكرا ، وقليل من عبادي الشكور ( سورة سبأ : آية 13 ) ] .


ويبدو لنا سليمان عليه السلام أشد ابتلاء بالملك من أبيه . فلم يكن مفهومه للملك في الدنيا سوى أنه فتنة واختبار من الله له . فهو مجرد سؤال عملي وتجربة ابتلائية اجتازها سليمان ونجح فيها بالشكر لله ، وليكون مثالا للملك الناجح في ابتلائه وشاهدا يوم القيامة على أمثاله من الملوك والأغنياء . فلقد طلب سليمان من ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ـــ لا حبا في الملك ــ فقد كان نبيا ملكا حيث ورث أباه داود ، ولكنه طلب أن يعطيه الله هذا الملك للإبتلاء ، وذلك لأن سليمان وقد فشل في ابتلاء يسير من ابتلاءات النعمة ، حيث فتنة الخيل والتمتع بها فنسى ذكر ربه ، فعز عليه ذلك وهو النبي ، فتاب إلى الله وطلب منه أن يدخله تجربة ابتلائية أقسى وأشد مما هو فيه ومن ثم سأله الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، تكفيرا لذنبه الذي ارتكبه بفشله في الإبتلاء اليسير وتطهيرا وارتفاعا في الدرجات عند الله ، وذلك برجائه أن ينجح في هذا الإبتلاء الكبير [ ووهبنا لداود سليمان ، نعم العبد ، إنه أواب ، إذ عرض عليه با لعشي الصافنات الجياد . فقال: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب . ردوها علي ، فطفق مسحا بالسوق والأعناق . ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب . قال : رب اغفر لي ، وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب .فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب . والشياطين كل بناء وغواص . وآخرين مقرنين في الأصفاد . هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب . وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ( سورة ص : آية 30 ـ 40 ) ] . [ ولقد آتينا داود وسليمان علما ، وقالا : الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين . وورث سليمان داود ، وقال : يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ، إن هذا لهو الفضل المبين . وحشر لسليمان جنوده من الجن والأنس والطير فهم يوزعون . حتى إذا أتوا على وادي النمل ، قالت نملة : يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ، لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون . فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، وأن أعمل صالحا ترضاه ، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين . وتفقد الطير فقال : ما لي لا أرى الهدهد ، أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين . فمكث غير بعيد فقال : أحطت بما لم تحط به ، وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون . ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون . الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم . قال: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ( سورة النمل : الآيات 15 ـ 27 ) ]. فلما طلب سليمان من ملئه أن يحضروا له عرشها [ قال عفريت من الجن : أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين . قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فلما رآه مستقرا عنده قال: هذا من فضل ربي ، ليبلوني أأشكر أم أكفر ، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن كفر فإن ربي غني كريم ( سورة النمل : الآيات 39 ـ 40 ) ] . وهكذا فهم سليمان ملكيته وسيطرته على الجن و الأنس والطير وتسخير قدراتهم له بأمر الله ، فهم ذلك كله على أنه بلاء من الله له ، وأن السلوك الإختياري المطلوب منه حياله هو الرجوع بالفضل في ذلك إلى الله والشكر له .

أما أيوب فهو مثال البشرية في الصبر ، والشاهد على أن الناس يوم القيامة والحجة الدامغة على الفاشلين في ابتلاءاتهم المؤلمة ، ذلك أنه قد تميز بالإبتلاء بالضر والألم [ واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب . أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم ، رحمة منا وذكرى لأ ولي الألباب . وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ، أنا وجدناه صابرا نعم العبد ، إنه أواب ( سورة ص : الآيات 41 ـ 44 ) ] . فقدم لنا الصبر باعتباره السلوك الإختياري الناجح حيال هذا النوع من الإبتلاء فصار إماما للصابرين من البشر والأنبياء حيث قال عنه الله [ وأيوب إذ نادى ربه : إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين . فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ، وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين . وإسماعيل وإدريس وذا الكفل ، كل من الصابرين . وأدخلناهم في رحمتنا ، إنهم من الصالحين ( سورة الأنبياء : الآيات 83 ـ 86 ) ] .

وبذلك يكون الرسل والأنبياء شهداء على أممهم وشعوبهم ، حيث يصبحون يوم القيامة حجة بسلوكهم الخلقي الإختياري حيال شتى أنواع الإبتلاءات ، على الناس [ ونزعنا من كل أمة شهيدا ، فقلنا : هاتوا برهانكم ، فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون ( سورة القصص : آية 75 ) ] . أما خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد تعرض لجميع أنواع الإبتلاءات التي يمكن أن يتعرض لها إنسان في هذه الحياة والتي تعرض لها الرسل جميعا : اليتم ، وفقد الأبناء ، والمرض والفقر ، والجوع ، وأذى الناس وتكذيبهم له ، وهوانه عليهم ، كما ابتلى بالقوة والجاه والسلطان والمتعة والغنى والحكم وسائر متع الحياة الدنيا ، وقدم حيال كل ذلك السلوك الخلقي القويم كنموذج يحتذى في كل موقف من مواقف الإبتلاء . لقد كانت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام حياة بشرية واقعية ، حيث جاء للبشرية في طورها الأخير ، معلما وهاديا وشهيدا عليهم ومن ثم كان كل رسول شهيدا على أمته وهو شهيد على الرسل جميعا باعتبار أن كلا منهم تميز بنوع معين من الإبتلاءات وهو قد تميز بها جميعا ، ولذلك كانت رسالته جامعة فوصل بالسلوك الخلقي والإجتماعي للبشر إلى مستوى الكمال المقدر لهم على الأرض [ ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء (سورة النحل : آية 89 ) ] .


كما ضرب الله لنا مثلا في القرآن الكريم بالناجحات في ابتلاءتهن كنماذج وأمثلة السلوك الإختياري الناجح بالنسبة للنساء [ وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ، ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها ، فنفخنا فيه من روحنا ، وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ( سورة التحريم : الآيات 11 ــ 12 ) ] .

فكانت امرأة فرعون حجة وشاهدة على امرأة كفرت بالله لمجرد أن زوجها وأهلها ومجتمعها كافرون ، ذلك لأن فرعون كان ــ علاوة على كونه زوجا لها ــ ملكا متأ لها ، وطاغية متجبرا ، وأهلها ومجتمعها كانوا كافرين ، وبالرغم من ذلك كله آمنت بالله واليوم الآخر ، فهل بعد امرأة فرعون حجة للنساء الكافرات يبررن بها كفرهن بالله واليوم الآخر ، سواء كانت الحجة وقوعهن تحت سيطرة الزوج الكافر أو الأسرة الكافرة أو المجتمع الكافر أو الحاكم الكافر ؟ ! .

وكذلك كانت مريم ابنة عمران مثالا للطهر والعفاف وحجة قائمة يوم القيامة على كل أنثى تفرط في طهرها وعفافها ، وذلك أن الزنا كان متفشيا ، والمادية كانت طاغية في المجتمع الذي نشأت فيه مريم عليها السلام ، ومن ثم كان طهرها وعفافها حجة على الزانية في كل بيئة وحضارة بما في ذلك نساء الحضارة الغربية المعاصرة اللاتي يندر ــ بل لا يكاد يوجد ـــ بينهن عفيفة واحدة ، كما هو معلوم بالضرورة للجميع في وقتنا الحاضر .

أما بالنسبة للفريق الآخر الذين ضلوا الإختيار الصحيح إزاء ما تعرضوا له من ابتلاءات النعيم او من الإبتلاء بالمصائب والآلام ، فقد قدم لنا القرآن نماذج شتى فيما حكاه لنا عن الأمم السابقة . كما عرض لنا نماذج فردية وجماعية وقومية كثيرة . نأخذ منها على سبيل المثال ما قصه علينا من أمر فرعون كمثل للإنسان المبتلى بالحكم ، الذي كفر بنعمة ربه عليه ولم يشكره على ما آتاه ، كما حكم بين الناس بهواه ، وتمادى وطغى حتى ادعى الربوبية و الألوهية . فكان مثلا يضرب للحاكم الظالم [ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحي نساءهم ، أنه كان من المفسدين ( سورة القصص : آية 4 ) ] . فأجرى الله سبحانه وتعالى عليه وعلى قومه الضالين سنته في ابتلاء للتذكير والإنذار [ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص ن الثمرات لعلهم يذكرون فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه ، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ، ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون . وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ، فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ( سورة الاعراف : 130 ـ 133 ) ] .

فما كان صراع موسى عليه السلام مع فرعون إلا ابتلاء له وفتنة حتى تقوم عليه الحجة [ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ، وجاءهم رسول كريم ( سورة الدخان : آية 17 ) ] . بيد أنه أصر على طغيانه [ وقال فرعون : يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ، فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى ، وإني لأظنه من الكاذبين . واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ( سورة القصص : الآيات 38 ـ 39 ) ] .

كما ضرب الله مثلا للرجل الغني الذي أتاه الله مالا كثيرا للإبتلاء به فلم يحمد الله عليه ونسب الفضل لنفسه بقارون [ إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ، وآتيناه من الكنوز ما إن مفتاحه لتنوء بالعصبة أولى القوة ، إذ قال له قومه : لا تفرح ، إن الله لا يحب الفرحين . وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن الله إليك ، ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال : إنما أوتيته على علم عندي ، أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ، ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ( سورة القصص : الآيات 76ـ 78 ) ] . أما مثل الذي فشل حيال الإبتلاء بالألم فيقول الله فيه [ ومن الناس من يعبد الله على حرف ، فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ( سورة الحج : آية 11 ) ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

المصدر : [ القضاء والقدر في الإسلام
الكتاب الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية لعام 1405هـ - 1985م
تأليف الدكتور فاروق أحمد الدسوقي - ( الجزء الأول في القرآن الكريم والسنة ) ]

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة