عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 13-10-2008, 09:16 PM   #2
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

I13 الجواب : ( د. صالح الدقلة )

الأخت السائلة تحية لأنك تعلمين مخاطر النت وتدركين أنك لست من فرائسه ولن تنخدعي بشباكه، وتحية لاختيارك موقع رسالة الإسلام حيث تطمئن النفس لطلب المشورة..
وسأقدم لجواب سؤالك بمقدمة: (من أين نستمد المشاعرالحب)؟

اعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات أبوه وهو لم يولد، فما رأى أباه وما عاش في حضنه ولو لحظة، ولم يقبِّله أبوه يوماً من الدهر وقضى سنتين في بني سعد بعيداً عن حضن والدته، وماتت أمه وعمره ست سنوات، ثم بدأ رحلة الحياة حتى اضطر لرعي الغنم في جبال مكة الملتهبة حيث يرعى غنمه طوال اليوم ولا توجد أمٌّ تنتظر قدومه ولا أب يفتقد غيبته سوى عمه المثقل بالعيال.

والسؤال: من أين هذا الحب والعطف والرحمة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي منها الناس بسخاء حتى قال الله تعالى عنه **وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ** الأنبياء 107.

إن التربية المعاصرة التي تلقيناها عبر المسلسلات وكلمات الأغاني التي تتحدث غالباً عن الغدر والهجر والخيانة والقسوة والجفاء فلا نجد أغنية لا تتحدث عن هذه الهموم والجروح، هذه التربية هي التي جعلتنا نتربى على أن مصدر العطف والرحمة والحب هو البشر فقط، فإذا لم يعطونا حقنا من العطف والرحمة والحب نعيش تعساء ونشعر بالإحباط واليأس وننسى أن مانح الرحمة الحقيقي هو الله.

عندما أقول لأي شاب إن مصدر شعورنا بالحب هو الله يجيب مباشرة: نعلم أن الله أرحم الراحمين ولكن !!

ولكن ماذا؟؟

الجواب: إننا بصراحة لم نعرف الله بعد، عِلمُنا بالله لم يبلغ الحدَّ الذي يجعلنا نذوق طعم الحب الذي يجعل في كل عبادة أو حركة أو سكنة مجالاً للتقرب إليه، كم هي الحياة مليئة بمشاعر الحب والسعادة والسرور والنشاط الروحي والنفسي حين نمتلك للحب مصدراً لا ينضب لا يقل بكثرة الشاربين ولا تمنعنا عنه مزاحمة المحبين، الله يحبنا حين نحبه، وحين نحبه لا نمل ذكره ولا نسلو عنه ولا نبحث عما يسلينا سوى مناجاته والبحث عما يحبه لنفعله، كلما تقربنا إليه اقتربنا من نفوسنا فأنينا بها فازددنا إليه قرباً وله حباً.

ليمنع كل ذي حب حبه وليوقف كل ذي عطف عطفه وليحجب كل ذي رحمة رحمته فلم نعد بحاجة لحب ألذ من حب خالقنا ولن نستجدي عطفاً بعد لطف مولانا، سنشعر بغنانا عن كل رحمة إلا رحمة الرحيم الرحمن، آه ثم آه لو يعلم الناس طعم الحب الذي يذلنا لله ويعزنا كل ما سواه، الحب الذي يجعلنا لا نستوحش ولو كنا في القفار الخالية بل نتلمس الخلوات لنناجيه ونذكره.

إن مصدر التدرب على هذا الحب المقدس هو القرآن الكريم، نقرأ كلام الله لنا، يخاطبنا به ونردده على ألسنتنا كأشرف ما تحدثت به الألسن، ونستلهم معايير ذلك الحب وكيفية الشعور به كما يريد المحبوب سبحانه، لا كما تشطح خيالات أهل الهوى، حيث إن شعور الحب بحر لا ساحل له، فلا بد من معرفة مرسى الحب الذي يجعلنا نحب حباً يرضاه الله ويوافق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فليس من الحب أن نتقرب إلى الله بما لا يحب، ولمعرفة ما يحبه الله علينا أن نصغي لما يقوله لنا في الوحي على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

أختي الفاضلة: هناك مجموعة من المهارات التي تكسبين بها ثقة والديك منها الصبر عليهما والدعاء لهما والابتسامة لهما وخدمتهما، ولكن لو لم تجدِ كلها فلا تنتظري رد الفعل منهما، بل قدمي كل ذلك لله والله خير الشاكرين.

من الآن اقرئي القرآن وكأنه خطاب الله لك مباشرة، وانظري كيف اعتنى الله بأحبابه عبر الزمن.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة