المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل"الشَّيخ عبد المالك رمضاني الجزائري


أحمد سالم ,
16-05-2011, 08:20 AM
ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل

جبل الله تعالى الرجال على الميل غلى النساء، وجبل النساء على الميل إلى الرجال ليكون بينهما النسل البشري، ولذلك سرعان ماتنشأ بينهما مودة ولو كانت في الحرام، لكن إنما يبارك الله في العلاقة الحلال فيجعل بينهما مودة عظيمة ودائمة ولو لم يسبق بينهما تعارف، قال تعالى: »وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” [الروم:21].
ولعل الجاذبية التي بينهما تعد أكبر متطلبات النفس الشهوانية، قال الله عز وجل: »زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ” [آل عمران:14]، روى عبد الملك بن حبيب في ((أدب النساء)) أن عائشة رضي الله عنهاكانت تقول:((من شقاوتنا أن الله تعالى جعلنا رأس الشهوات وبدأ بنا في ذكرها))، ثم تتلو هذه الآية، قال العَيني في (عمدة القارئ):((وفتنتهن أشد الفتن وأعظمها، ويشهد له قوله عز وجل: »زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ “، فقدمهن على جميع الشهوات، لأن المحنة بهن أعظم المحن على قدر الفتنة بهن، وقد أخبر الله عز وجل أن منهن لنا أعداء، فقال: » إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14]))، وفي( فتح الباري) لابن حجر:((وأشر مافيهن عدم الاستغناء عنهن،ومع أنها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي مافيه نقص العقل والدين، كشغله عن طلب أمور الدين وحمله على التهالك على طلب الدنيا، وذلك أشد الفساد، وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيدفي أثناء حديث: » واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” ويشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم: »ومارأيت من ناقصات عقل ودين أغلَبَ لذي لبٍّ منكن” وقوله صلى الله عليه وسلم: »ماتركت فتنة بعدي أضرَّ على الرجال من النساء” رواهما البخاري ومسلم، وروى أصحاب((السنن)) عن ابن عباس قال:((كانت امرأة تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم حسناء من أجمل النساء، فكان الناس يصلون في آخر صفوف الرجال فينظرون إليها، فكانأحدهم ينظر إليها من تحت إبطه إذا ركع، وكان أحدهم يتقدم إلى الصف الأول حتى لايراها، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: »وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ” [الحجر 24]))، صححه الشيخ الألباني في(الصحيحة)، كل هذا يشهد لقول أبي صالح مولى أم هانئ:((بلغني أن أكثر ذنوب أهل الجنة في النساء)) رواه ابن أبي شيبة، وروى أبو نعيم عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه قال:(( قد بلغت ثمانين سنة وماشيء أخوف عندي من النساء))، وروى عنه أيضا أنه قال:((ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء)).
وبهذا الضعف الذي يكون في الرجل تجاه المرأة فسِّر قوله تعالى: »وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ” [النساء:28]، فقد روى عبد الرزاق في (تفسيره) وابن أبي حاتم أيضا في (تفسيره) عند هذه الآية بإسنادين أحدهما صحيح عن طاووس قال:((في شأن النساء، أي لا يصبر عنهن))،وقال وكيع:(( يذهب عقله عندهن))، وقد أورد ابن تيمية أثر طاووس كما في (مجموع الفتاوى) وقال:((فميل النفس إلى النساء عام في طبع جميع بني آدم)).
وليُعلم أنه لايُذم الرجل إذا كان شبقا قوي الشهوة إلا إذا كان لا يصبر فيقع فيما حرم الله، أما إذا كان يصرف ذلك فيما أحل الله سبحانه وتعالى فلا عيب عليه بل هو دليل مدح، لأنه من جهة الطبع البشري أكمل في الرجولة، وهو أكمل أيضا من جهة الشرع، وفيه بحث طويل، لكن يكفي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منه الحظ الأوفر، روى البخاري عن أنس ابن مالك قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من اليل والنهار وهن إحدى عشْرة، قال قتادة قلتُ لأنس أوَ كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثيتن)) فلولا أنه مكرمة ماكان الله ليخصه به ولذلك روى الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه قال:(( لقد أعطيتُ منه شيئا ماأعلمُ أحدا أعطيه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني الجماع))، وكثير من الناس يعتقد أن هذا يتنافى مع خلق العفاف والتنزه عن الشهوات، وهذا من آثار الرهبانية النصرانية التي أنكرها الله عليهم جين ابتدعوها، كما قال : » وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوها ماكَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَاْ [الحديد 27]، بل إذا اجتمع في المرء قوة هذه الرغبة مع قوة التنزه عنها إلا في الحلال كان أعظم في الأجر، لأنه دليل على قوة الإيمان ، كما حصل ليوسف صلى الله عليه وسلم راجع((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (740/10).
ومن طرائف حكايات أهل الشبق مارواه الطبراني عن محمد ابن سيرين قال:((ربما أفطر ابن عمر على الجماع)) وإسناده صحيح، الهيثم ابن خلف وثقه الدارقطني في ((أطراف الغرائب والأفراد)) ومارواه أبو القاسم البغوي في (مسنده) ومن طريقة البيهقي بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير((أن رجلا أتى امرأته في عمرة، فقالت: إني لم أقصر(أي الشعر)، فجعل يقرض شعرها بأسنانه، قال:إنه لشبق! يُهريق دما))، وروى ابن حبيب في كتاب ((أدب النساء)) عن يونس بن عُبيد قال:((صحبت الحسن البصري ثلاثين سنة، فما سمعته قط قال: عُزلَ أمير ولاوُلِّيَ ، ولاغلا سعر ولا رخص سعر، ولااشتد حر، وماكان ذكره إلا: الموت جاءكم، حتى أتته امرأة يوما ناهيك عن امرأة جمالا وشبابا وشحما ولحما ترتجّ يدفع بعضها بعضا! فترامت جالسة بين يديه ثم قالت: ياشيخ! أيحل للرجل أن يتزوج على امرأته وهي شابة جميلة ولود؟ قال:نعم! أحل الله له أن يتزوج أربعا، قالت:سبحان الله! قال: نعم! قالت: بعيشك لاتخبر بذلك الرجال! ثم قامت منصرفة، فأتبعها الحسن البصري ببصره، ثم قال: ماضرّ امرءا كانت هذه عنده مافاته من دنياه شيء!))، وفيه أيضا عن الحكم بن عتيبة((أن شيخا تزوج شابة فضمته إليها فقدت صدره! فرُفعت إلى علي بن أبي طالب، فقال: إنها لشبقة))!
وقد عقدت هذا الفصل قبل الدخول إلى موضوع الحجاب لنذكِّر القارئ بما فطر الله عليه الرجال والنساء، حتى يبعد كل واحد من الآخر ولايغالط نفسه بادِّعاء الثبات عند الاختلاط أو ادعاء الرجل أنه لا يغيره شيء حتى لو كانت المرأة بغير حجاب! وليوقن كل امرئ حكمة الله سبحانه وتعالى في إيجاب الحجاب، وأن هذا الدين لاينطلق من المثاليات التي لاواقع لها ولمّا كانت المرأة بهذه المثابة من الجاذبية للرجل أمرها الله باتخاذ بعض الأسباب الوقائية، ومن هذه الأسباب لُبس جلباب يستر محاسن جسمها التي لا صبر للرجال على النظر إليها، فقال: »يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ” [الأحزاب:59]، فما أعظم هذه الشريعة وماأصدق ملاءمتها للطبيعة البشرية!

منقول من رسالة "العجب العجاب في أشكال الحجاب”