المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة : ( كل مصيبة تهون إلا السخرية بالرسول )


أسامي عابرة
10-12-2009, 08:02 AM
خطبة جمعة : ( كل مصيبة تهون إلا السخرية بالرسول )




أما بعدُ ، فأُوصيكم ـ أيها الناسُ ـ بتقوى اللهِ ـ عز وجل ـ والتي لا تحلو الحياةُ إلا بها ، ولا يَدخُلُ الجنةَ إلا أهلُها " أَلا إِنَّ أَولِيَاء اللهِ لاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ البُشرَى في الحَياةِ الدُّنيَا وَفي الآخِرَةِ ، لاَ تَبدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ، ذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ "


أيها المسلمون ، ومما أَبهَجَ القُلُوبَ وشَرَحَ الصدورَ ، وشمخَت به أُنُوفُ المؤمنين وأُرغِمَت أُنُوفُ الكافرين ، ما أَجمَعَ عليه جمهورُ المسلمين في مَشرقِ هذِهِ البِلادِ وغِربِها ، بل في كثيرٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ ، مِن مُقَاطَعَةٍ لِسِلَعِ الذين استَهزَؤُوا بِرَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وما كان ذلك بِغَرِيبٍ عَلَيهم ولا مُستَنكَرٍ مِنهم ، مَا كان مُستَكثَرًا منهم وما هو بِالكَثِيرِ ، في حَقِّ نَبِيِّهِم ورَسولِهِم وحَبِيبِهِم ، الذي بَعَثَهُ اللهُ نجاةً لهم وَرَحمَةً ، فَأَخرَجَهُم بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ ، وَجعلَ بِعثتَهُ هِدايَةً لهم مِنَ الضَّلالَةِ ، وَبَصَّرَهُم بِنُورِ ما جاء بِهِ مِنَ العَمَى ، وكان عَزِيزًا عليه ما يُعنِتُهُم حَرِيصًا عليهم ، بِالمُؤمِنِين رَؤوفًا رَحيمًا ..

وَكَيفَ لا يَنتَقِمُ المُسلِمُونَ ولو بِالقَلِيلِ ممَّن استَهزَأَ بِهِ وَسَخِرَ منه ؟ كيف لا يَفدُونَهُ بِآبَائِهِم وَأُمَّهاتِهِم وَأَنفُسِهِم بَلْهَ أَموَالِهِم ، وهو الذي ما وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَمَا قَلاهُ ، شَرَحَ صَدرَهُ وَوَضَعَ وِزرَهُ ، وَرَفَعَ في العَالمين ذِكرَهُ ؟ كيف لا يَتَأَثَّرُونَ مِن أَجلِهِ وَتمتَلِئُ صُدُورُهُم غيظًا على مَن أَساءَ إليه ، وهو الذي سَخَّرَ اللهُ له مخلوقاتِهِ فَعَرَفَتْهُ وَهَابَتْهُ ، فَحَنَّ الجِذعُ بَينَ يَدَيهِ ، وَبَكَى الجَمَلُ شَاكِيًا إِلَيهِ ، وَسَبَّحَ الحَصَى بَينَ أَنَامِلِهِ ، وَسَلَّمَ عَلَيهِ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ ، وَنَبَعَ المَاءُ مِن بَينِ أَصَابِعِهِ ، وَانقَادَت الشَّجَرَةُ في يَدِهِ ؟

إِنَّ ما حَدَثَ مِنَ المُسلِمِينَ ـ جزاهُمُ اللهُ خَيرًا عن نَبِيِّهِم ـ ما هو إلا تَعبِيرٌ عمَّا تُكِنُّهُ صُدُورُهُم مِن محبَّتِهِ ، وَإِيضَاحٌ لما تَنطَوِي عَلَيهِ قُلُوبُهُم مِن تَعزِيرِهِ وَتَوقِيرِهِ ، وذلك مِن صَرِيحِ الإِيمانِ ودلالاتِ كَمَالِهِ ، ولولا أَنَّ المُسلِمَ يُقَدِّمُ ما يُحِبُّهُ رَسُولُهُ على ما تُحِبُّهُ نَفسُهُ وتَشتَهِيهِ ، لما آمَنَ بِهِ تمامَ الإِيمانِ ..

قال ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ : " لا يُؤمِنُ أَحدُكُم حتى أَكونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجمعِينَ " وقال ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ : " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ : أَن يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ ممَّا سِوَاهما ، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ في الكُفرِ بَعدَ إِذْ أَنقَذَهُ اللهُ مِنهُ كَمَا يَكرَهُ أَن يُلقَى في النَّارِ "

ولمَّا قال عُمَرُ بنُ الخطابِ ـ رضي اللهُ عنه ـ : يا رَسولَ اللهِ ، لأَنتَ أَحَبُّ إِليَّ مِن كُلِّ شَيءٍ إِلاَّ مِن نَفسِي ، قال له ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " لا والذي نَفسِي بِيَدِهِ ، حتى أَكونَ أَحَبَّ إِلَيكَ مِن نَفسِكَ " فقال عُمَرُ : فَإِنَّهُ الآنَ لأَنتَ أَحَبُّ إِليَّ مِن نَفسِي ، فقال له ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " الآنَ يَا عمرُ " وجاء رجلٌ إلى النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فقال : يا رَسولَ اللهِ ، متى الساعةُ ؟ قال : " وَيلَكَ ، وَمَا أَعدَدتَ لها ؟ " قال : ما أَعدَدتُ لها إلا أَني أُحِبُّ اللهَ وَرَسولَهُ . قال : " أَنتَ مَعَ مَن أَحبَبتَ "

قال ابنُ رَجَبٍ ـ رحمه اللهُ ـ : محبَّةُ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ مِن أُصُولِ الإِيمانِ ، وهي مُقارِنَةٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ ـ عز وجل ـ ، وقد قَرَنها اللهُ بها ، وَتَوَعَّدَ مَن قَدَّمَ عَلَيهِما محبَّةَ شَيءٍ مِنَ الأُمُورِ المُحَبَّبَةِ طَبعًا ، مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَموَالِ وَالأَوطانِ وَغَيرِ ذلك ، فقال ـ تعالى ـ : " قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَآؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ في سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتيَ اللهُ بِأَمرِهِ ، وَاللهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ "

وَلمَّا عَلِمَ الصحابةُ بذلك وعاصروا رَسولَ اللهِ وَعَايَشُوهُ ، وَلامَسُوا نُزُولَ الوَحيِ عَلَيهِ ، وَجَاهَدُوا مَعَهُ وَصَحِبُوهُ حَضَرًا وَسَفَرًا ، وَعَلِمُوا مَن هُوَ رَسُولُ اللهِ حَقًّا وَصِدقًا ، كانت محبَّتُهُم له أَشَدَّ وَأَقوَى ، وَتَوقِيرُهُم له أَكمَلَ وَأَوفى ، وَتَعزِيرُهُم له أَسمى وَأَعلى ، أَحَبُّوهُ حُبًّا فَاقَ كُلَّ حُبٍّ ، وَوَدُّوهُ مَوَدَّةً غَلَبَت كُلَّ مَوَدَّةٍ ، فَآثَرُوهُ على النَّفسِ وَالوَلَدِ ، وَقَدَّمُوهُ على الآباءِ وَالأُمَّهَاتِ ، وَأَرخَصُوا مِن أجلِهِ الزَّوجَاتِ وَالضَّيعَاتِ ، وَفَارَقُوا لِصُحبتِهِ العَشَائِرَ وَالأَوطَانَ ..

وَهَجَرُوا المَسَاكِنَ وَالبُلدَانَ ، ووَدُّوا لو لم يُفَارِقُوهُ لحظَةً وَاحِدَةً ، وَضَرَبُوا في ذلك مِنَ الأَمثِلَةِ أَروَعَهَا ، وَسَجَّلُوا فِيهِ مِنَ المَوَاقِفِ أَصدَقَهَا ، وَكَانَت لهم مَعَهُ قِصَصٌ افتَخَرَ التَّأرِيخُ وهو يَروِيها ، وَابتَهَجَت كُتُبُ المَغَازِي وَالسِّيَرِ وهي تحكيها ، وَقَد كانت محبَّتُهُم له ـ صلى اللهُ عليه وسلم ظاهِرَةً لِلعيانِ ، أَدهَشَتِ العُقَلاءِ مِن أَعدَائِهِ ، فَشَهِدُوا بها وَأَبدَوُا استِغرَابَهُم منها ..

فها هو عُروَةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفِيُّ ، وَقَد أَوفَدَهُ المُشرِكُونَ لِلتَّفَاوُضِ مَعَ رَسُول اللهِ في صُلحِ الحُدَيبِيَةِ ، يَقُولُ وقد عاد إلى أصحابِهِ : أَيْ قَومُ ، واللهِ لَقَد وَفَدْتُ على المُلُوكِ ، وَوَفَدْتُ على قَيصَرَ وَكِسرَى وَالنَّجَاشِيِّ ، واللهِ إِنْ رَأيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصحَابُ محمَّدٍ محمَّدًا ، واللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهُم ، فَدَلَكَ بها وَجهَهُ وَجِلدَهُ ، وَإِذَا أَمَرَهُم ابتَدَرُوا أَمرَهُ ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كادُوا يَقتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصوَاتَهُم عِندَهُ ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيهِ النَّظَرَ تَعظِيمًا لَهُ .. رواه البخاريُّ ..

وَأَخرجَ الطبرانيُّ عن عائشةَ ـ رضي اللهُ عنها ـ قالت : جاء رجلٌ إلى النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فقال : يا رَسولَ اللهِ ، إِنَّكَ لأَحَبُّ إِليَّ مِن نَفسِي ، وَإِنَّكَ لأَحَبُّ إليَّ مِن وَلَدِي ، وَإِني لأَكُونُ في البَيتِ فَأَذكُرُكَ فَمَا أَصبِرُ حتى آتِيَ فَأَنظُرَ إِلَيكَ ، وَإِذَا ذَكَرتُ مَوتي وَمَوتَكَ عَرَفتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلتَ الجنةَ رُفِعتَ مَعَ النَّبِيَّينَ ، وَإِني إِذَا دَخَلتُ الجنةَ خَشِيتُ أَلا أَرَاكَ ، فَلَم يَرُدَّ عليه النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ شَيئًا حتى نَزَلَ جبريلُ ـ عليه السلامُ ـ بهذِهِ الآيةِ : " وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا "

رَضي اللهُ عن هذا الصحابيِّ ما أبينَ محبَّتَهُ وَأَوضَحَ مَوَدَّتَهُ ! محبَّةٌ يُفَضِّلُ بها رَسولَ اللهِ على كُلِّ غالٍ ، وَمَوَدَّةٌ تجعلُهُ يَتَمَلمَلُ في بيتِهِ وبينَ أبنائِهِ ، فلا يَرتَاحُ حتى يَرَاهُ ، وَلَيسَ هذا وَكَفَى ، بَل تَفكِيرٌ يَتَعَدَّى حُدُودَ الدنيا ويَتَجَاوَزُها إلى الآخِرَةِ ، يخافُ معَهُ أن يُحرَمَ رؤيتَهُ في الجنةِ ، فأيُّ حُبٍّ هذا الذي مَلَكَ عليه دُنيَاهُ وآخرتَهُ ؟!

وَمِنَ المَوَاقِفِ التي ظََهَرَ فيها صِدقُ المحبَّةِ وَالمَوَدَّةِ ، ما رواه ابنُ إسحاقَ عن عائشةَ ـ رضي اللهُ عنها ـ أنها قالت : كان لا يُخطِئُ رَسولَ اللهِ أَن يَأتيَ بَيتَ أَبي بَكرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النهارِ ، إِمَّا بُكرَةً وَإِمَّا عَشِيَّةً ، حتى إذا كان اليَومُ الذي أَذِنَ اللهُ فِيهِ لِرَسُولِهِ بِالهِجرَةِ وَالخُرُوجِ مِن مكةَ مِن بَينِ ظَهرَي قَومِهِ ، أَتَانَا رَسولُ اللهِ بِالهَاجِرَةِ ، في ساعةٍ كان لا يَأتي فِيها . قالت : فَلَمَّا رآه أَبو بكرٍ قال : ما جَاءَ رَسولُ اللهِ في هذِهِ الساعةِ إِلاَّ لأَمرٍ حَدَثَ .

قالت : فلمَّا دَخَلَ تَأَخَّرَ له أَبو بكرٍ عن سَرِيرِهِ ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ ، وَلَيسَ عِندَ رَسولِ اللهِ أَحَدٌ إِلاَّ أَنا وَأُختي أَسماءُ بِنتُ أَبي بكرٍ ، فقال رسولُ اللهِ : أَخْرِجْ عني مَن عِندَكَ . قال : يا رَسولَ اللهِ ، إِنَّمَا هُمَا ابنَتَايَ ، وما ذَاك فِدَاكَ أَبي وَأُمِّي ؟ قال : إِنَّ اللهَ قَد أَذِنَ لي في الخُرُوجِ والهِجرَةِ . قالت : فقال أَبو بكرٍ : الصُّحبَةَ يَا رَسولَ اللهِ ، قال : الصُّحبَةُ . قالت : فَوَاللهِ ما شَعُرتُ قَطُّ قَبلَ ذلك اليَومِ أَنَّ أَحَدًا يَبكِي مِنَ الفَرَحِ ، حتى رَأَيتُ أَبا بكرٍ يَومَئِذٍ يَبكِي .

اللهُ أكبرُ ـ أيها المسلمون ـ فَدَى أَبو بَكرٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ رسولَ اللهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، وَأَرخَصَ كُلَّ غَالٍ وَنَفِيسٍ ، وَنَسِيَ كُلَّ قَرِيبٍ وَعَزيزٍ ، ولم يَتَذَكَّرْ إِلاَّ صُحبَةَ رَسولِ اللهِ ، نعم ، إِنَّهُ يُرِيدُ شَرَفَ الصُّحبَةِ في الهِجرةِ ، يُرِيدُ أَلاَّ يُفَارِقَ حَبِيبَهُ وَخَلِيلَهُ ، يُرِيدُ أَن يَصحَبَهُ مُقِيمًا وَمُسافِرًا ، فَلَم يُفَكِّرْ في شَيءٍ إِلاَّ في الصُّحبَةِ ، فَسَأَلَهَا رَسولَ اللهِ وَطَلَبِ منه أَن يُشَرِّفَهُ بها ، فَلَمَّا وَافَقَ على ذلك الحبيبُ ، ونال الصِّدِّيقُ وِسَامَ الشَّرَفِ ، بَكَى ـ رضي اللهُ عنه ـ وَذَرَفَت عَينَاهُ ، لماذا ؟ فَرَحًا بِصُحبَةِ حبيبِهِ رسولِ اللهِ .. فَأَيَّ قَلبٍ هذا الذي يَملِكُهُ ؟ وَأَيَّ فُؤَادٍ يحمِلُ بَينَ أَضلُعِهِ ، وَأَيَّ حُبٍّ يَنطوِي عَلَيهِ ، إِنَّهُ حُبٌّ لا يُفَكِّرُ مَعَهُ في أَهلٍ ولا وَطَنٍ ، إِنَّهُ حُبٌّ يُنسِيهِ أَبنَاءَهُ وَمَا مَلَكَت يَمِينُهُ ، فَرَضِيَ اللهُ عنه وَأَرضَاهُ مَا أَقوَى إِيمَانَهُ !! وَرَفَعَ دَرَجتَهُ في الجنةِ ما أَصدَقَ حُبَّهُ !

وَلَيس هذا فَحَسبُ ، بل تَعالَوا نَسمَعْ مَا بَعدَهُ ، فقد روى الحاكمُ في مُستَدرَكِهِ ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ ـ رحمه اللهُ ـ قال : ذُكِرَ رِجَالٌ على عَهدِ عمرَ ـ رضي اللهُ عنه ـ فكأنهم فَضَّلُوا عُمَرَ على أَبي بَكرٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال : فَبَلَغَ ذلك عُمَرَ ـ رضي اللهُ عنه ـ فقال : وَاللهِ لَلَيلَةٌ مِن أَبي بكرٍ خَيرٌ مِن آلِ عُمَرَ ، وَلَيَومٌ مِن أَبي بكرٍ خَيرٌ مِن آلِ عُمَرَ ..

لَقَد خَرَجَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ لِيَنطَلِقَ إلى الغَارِ وَمَعَهُ أَبو بكرٍ ، فَجَعَلَ يمشِي سَاعَةً بَينَ يَدَيهِ وَسَاعَةً خَلفَهُ ، حتى فَطِنَ له رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فقال : " يا أَبا بكرٍ ، مالك تمشِي سَاعَةً بَينَ يَدَيَّ وَسَاعَةً خَلفِي ؟ " فقال : يا رَسولَ اللهِ ، أَذكُرُ الطَّلَبَ فَأَمشِي خَلفَكَ ، ثم أَذكُرُ الرَّصَدَ فَأَمشِي بَينَ يَدَيكَ . فقال : " يا أَبا بكرٍ ، لَو كَان شَيءٌ أَحبَبتَ أَن يَكونَ بِكَ دُونِي ؟ " قال : نَعَمْ ، والذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، ما كانت لِتَكونَ مِن مُلِمَّةٍ إِلاَّ أَن تَكونَ بي دُونَكَ .

فَلَمَّا انتَهَيَا إلى الغارِ قال أبو بكرٍ : مَكَانَكَ يَا رَسولَ اللهِ حتى أَستَبرِئَ لَكَ الغَارَ ، فَدَخَلَ وَاستَبرَأَهُ ، حتى إذا كان في أَعلاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لم يَستَبرِئِ الحُجرَةَ ، فقال : مَكَانَكَ يَا رَسولَ اللهِ حتى أَستَبرِئَ الحُجرَةَ ، فَدَخَلَ وَاستَبرَأَ ثم قال : اِنزِلْ يَا رَسولَ اللهِ ، فَنزَلَ .

فقال عُمَرُ : والذي نَفسِي بِيَدِهِ ، لَتِلكَ اللَّيلَةُ خَيرٌ مِن آلِ عُمَرَ .. فَانظُرُوا كيف فَعَلَتِ المحبَّةُ الصَّادِقَةُ بِأَبي بكرٍ وَأَيَّ شَيءٍ أَدَّى بِهِ الخَوفُ عَلَى النبيِّ مِنَ المُشرِكِينَ ، يَتَمَنَّى لَوِ استطاع أَن يَحمِيَهُ مِن خَلفِهِ وَمِن أَمَامِهِ ، وَيَوَدُّ لَوِ انقَسَمَ فَصَارَ قِسمٌ مِنهُ بَينَ يَدَيهِ وَآخَرُ مِن خَلفِهِ ، فلا يجِدُ وَلا يَستَطِيعُ إِلاَّ أَن يُبَادِلَ المَشيَ مِن هُنا وَمِن هُنا ، لَعلَّ مَا قد يُرِيدُ الرَّسولَ بأذى أن يَقَعَ لهُ هو دُونَ الحبيبِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ ثم يُكَرِّرُ مَشهَدَ المَوَدَّةِ في الغارِ ، فَيَدخُلُهُ قَبلَ الحبيبِ ؛ لِيُنَظَِّفَهُ ممَّا قد يَكُونُ فيه مِن هَوَامَّ وَخَشَاشٍ أَو أَشوَاكٍ أَو نحوِها ، لِئلا تُؤذِيَ رَسولَ اللهِ أَو تمسَّهُ بما يَكرَهُ ، فَرَضِيَ اللهُ عن صِدِّيقِ الأُمَّةِ وَأَعلَى دَرَجَتَهُ ..

وَرَضِيَ اللهُ عن أَبي طَلحَةَ وَزَيدِ بنِ الدِّثِنَّةِ وعن سائِرِ الأصحابِ ، أَمَّا زَيدُ بنِ الدِّثِنَّةِ ـ رضي اللهُ عنه ـ فإنه لمَّا اجتَمَعَ رَهطٌ مِن قُرَيشٍ لقتلِهِ ، وقال له أبو سُفيَانَ حِينَ قُدِّمَ لِيُقتَلَ - : أَنشُدُكَ بِاللهِ يَا زَيدُ ، أَتُحِبُّ أَنَّ محمدًا الآنَ عِندَنَا مَكَانَكَ نَضرِبُ عُنُقَهُ وَأَنَّكَ في أَهلِكَ ؟ قال : واللهِ ما أُحِبُّ أَنَّ محمدًا الآنَ في مَكَانِهِ الذي هو فيه تُصِيبُهُ شَوكَةٌ تُؤذِيهِ وَأني جالسٌ في أَهلي !!

فقال أَبو سُفيَانَ : مَا رَأَيتُ مِنَ الناسِ أَحدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصحَابِ محمدٍ محمدًا ، ثم قَتَلُوهُ ـ رضي اللهُ عنه ـ وَأَمَّا مَوقِفُ أبي طلحةَ فقد رواه البخاريُّ عن أنسٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : لمَّا كان يَومُ أُحُدٍ انهزمَ الناسُ عنِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وأَبو طلحةَ بَينَ يَدَيِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ مُجَوِّبٌ عَلَيهِ بِحَجَفَةٍ له ( أَيْ مُحِيطٌ بِهِ بِتُرسٍ لِيَحمِيَهُ ) .

وكان أبو طلحةَ رجلاً رَامِيَا شَدِيدَ القِدِّ ( أَيْ أَنَّ وَتَرَ قوسِهِ مَشدُودٌ لِقَوِّتِهِ ) يَكسِرُ يَومَئِذٍ قَوسَينِ أَو ثَلاثًا ، وكان الرجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الجَعبَةُ مِنَ النَّبْلِ ، فَيَقُولُ : انثُرها لأبي طَلحَةَ ، فَأَشرَفَ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يَنظُرُ إلى القَومِ ، فَيَقُولُ أَبو طلحةَ : يَا نبيَّ اللهِ ، بِأَبي أَنتَ وَأُمِّي ، لا تُشرِفْ يُصبْكَ سَهمٌ مِن سِهَامِ القَومِ ، نحري دُونَ نحرِكَ ..

فَرَضِيَ اللهُ عنه وأرضاه ، ما أَغلَى مَا فَدَى بِهِ رَسولَ اللهِ ! فَدَاهُ بِنَحرِهِ وَوَقَاهُ بِصَدرِهِ ، وَجَعَلَ نَفسَهُ حَائِطًا يَصُدُّ سِهَامَ القَومِ عَن جَسَدِ الحبيبِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ

ابو خالد2010
13-12-2009, 12:54 AM
جزاك الله خيرا

***
24-12-2009, 12:32 AM
http://www.rasoulallah.net/subject2.asp?parent_id=446&sub_id=4664


http://www.forsanelhaq.com/showthread.php?t=61993



(((إنا كفيناك المستهزئين)))

عمروالدمرداش
24-12-2009, 07:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من الممكن أن أأخذهذه الخطبه وإعطيها لأصدقائى الخطباء فئنها إن دلت فإنما تدل على حب رسول الله :salla-icon:وحب أصحابه واّل بيته رضوان الله عليهم أجمعين
وبارك الله فيكم وأكثر من امثالكم
:marsa123:عندى أسئله
1-كيف إرسل رساله مثل باقى ألأخوه؟
2-إن كان الجن يسرق ويخطف ويقتل الإنس (إن كانت أموالا حلال-وإن كان بشرا صالاحا) فكيف يحدث ذالك واين يذهبون بهم؟وكيف تسترد الأموال؟وكيف اعرف ان السارق إنس أم جن؟وكيف أثبت ذالك إن كان يضيع فيه أبرياء؟وكيف نحمى أموالنا من سرقة الجن لها؟وكيف أحمى نفسى وأهلى من خطف الجن لهم؟وإن حدث كيف الخلاص؟وخاصة إن عندنا فى مصرقدحدثت مع طالب فى كلية الطب ذهب الى المسجد ليصلى ولم يرجع إلا بعدخمس سنوات ولا يدرى اين كان حتى الأن وقد ظهرا فى نفس المكان الذى أختفى فيه وهو تائه وضاع مستقبله العلمى ولأجتماعى.......وكل شئ -وبنت الجيران كان عمرها خمس سنوات ولم ترجع منذو عشر سنوات حتى الأن؟:marsa123:وما الأسباب التى تجعل الجن يفعل ذالك؟
:madd:أرجو الرد سريعا وبالأدله من القرءا والسنه كمااعتدنا منكم.............(وخاصه شيخنا وأخونا ومعلمنا الكبير:marsa123:وكل فتره تحدث هذه الحاله سواء أطفال أو كبار متعلميين وجهله............................................. ..........:icon_redface::madd::marsa22::icon_mad:: marsa101::ay--::marsa35:
3-فى الفتره الأخيره تكررة معى كلمة
لاتستطيع إضافة مواضيع جديدة
لاتستطيع الرد على المواضيع
لاتستطيع إرفاق ملفات
لااعرف سبب لهذه الأوامر:madd:

أبو عمر السني
27-12-2009, 09:46 PM
أم سلمى
جزاك الله خير

أسامي عابرة
27-12-2009, 11:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم أخي الكريم

طبعاً أخي الكريم يمكنكم أخذ الخطبة

وبالنسبة لتساؤلكم بشأن عدم الدخول والمشاركة نحيلكم للرابط التالي


( && مع التحية والتقدير لكل الأعضاءوالزوار ونعتذر عن ذلك الإجراء ولكن لا مناص && )!!! (http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=33873)


وبشأن تساؤلكم الكريم بإذن الله يتم وضعه في الساحة العامة للتساؤلات ويجيب عليه الشيخ الفاضل

نفع الله بكم ونفعكم وزادكم من فضله وعلمه وكرمه

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وجنبكم ما يبغضه ويأباه

في رعاية الله وحفظه

***
27-12-2009, 11:43 PM
رفع الله قدرك أختنا الفاضلة أم سلمى

أسامي عابرة
27-12-2009, 11:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم جميعاً تشرفت بمروركم الكريم

نفع الله بكم ونفعكم وزادكم من فضله وعلمه وكرمه

رفع الله قدركم وأعلى نزلكم في أعلى عليين

في رعاية الله وحفظه

***
28-12-2009, 12:16 AM
:ahla::frh--: أخي الفاضل عمروالدمرداش رفع الله قدركم

***
28-12-2009, 12:22 AM
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ....حقيقة لما تتجاهلها



أدعوك أخي لوقفة مع نفسك ....نفسك التي تسعى للتغيير

وقلبك الذي يتمنى الشفاء

....ولن أقول مع نفسك العليلة ....

فالحمد لله جسدك معافى بفضل ربك


ولكن إرادتك هزيلة ضعيفة .....ولسان حالك يردد ....وُيسمع صداه نفسك

أنا ضعيف ...هو أقوى مني ....كيف بي أن أقاوم ....

لا تعظم من شأنه فيقوى عليك..... بكسر إرادتك ....

لا تعظم من شأنه فيقوى عليك.... بضعف إيمانك

ألم يخبرنا المولى

((إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76))

أنت الأقوى

أقوى بتوكلك على الله ....


- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل 99]

أقوى بحسن الظن بالله ...

أقوى لأنك تملك السلاح القوي

أتدري ما هو !!

تقوى الله

(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128)

...أقوى لأن الله معك ووعدك بنصره


إن الله ينصر عباده المؤمنين ...لماذا تبتعد اقترب بإيمانك وطاعتك لمولاك

ألم يخبرنا المولى في كتابه وكان حقاً علينا نصر المؤمنين الروم 47


أنت الأقوى لأنه سجينك فذوقه أشد الويلات ...

بقراءة كتاب الله ....أقم الليل وناجي العزيز الغفار ...

أطل السجود .....وأجعله يبكي
تضرع لربك ...واجعله يتألم ...


وقفه !!

هل يمكنه منعك من الذهاب للمعالج ....على الرغم من علمه بأنه سيتألم

بالطبع لا يستطيع ....

لماذا ؟؟؟

لأنك أقوى منه باللـــــــــــــــه

قوي عزيمتك ولتكن إرادتك من حديد

إرادة نابعة من الإيمان والتوكل على ربك ...

درب نفسك على قوة الإرادة

نعم أقولها

درب نفسك

فلنبدأ معاً من اليوم ....

ولنتعاهد للقيام لصلاة الفجر ولنملأ صدورنا بنسيم الأمــــــــــــل


وليكن لنا نصيب من قرآن الفجر ولتشهد لنا الملائكة

إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا

..فلنبدأ يومنا بطاعة الله ...واستنشاق نسيم الفجر ..



ولتنعم أرواحنا وأجسادنا بالحصول على السكينة والطمأنينة في كنف الله وحفظه ...



هل تحب الله ...هل تحب لقائه إذا أقبل عليه ...واستيقظ من غفوتك ....


هل تريد أن يتبرأ الله منك ....لتقصيرك في أداء فرضك ؟؟؟


.. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ‏لا ‏تترك ‏الصلاة‏ متعمدا، فإنه من ترك الصلاة ‏متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله » رواه الإمام أحمد في مسنده.


بالطبع لا تريد


تذكر!!

لا تترك الحصن الحصين ...

وردد من قلبك الأذكـــــــــــار...


قال تعالى( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(28/الرعد)


وأخبرني هل نجحت في تدريبك


أعرف انك ستنجح بتوفيق من الله ....ولأنك تريد الشفاء ....


كتبته أختكم في الله لقــــــاء

http://ruqya.net/forum/showthread.php?t=30555
نقله لكم أخوكم ابوعقيل

***
28-12-2009, 12:27 AM
والشكر موصول لمشرفتنا القديرة لقاء حفظها المولى

أسامي عابرة
28-12-2009, 11:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم أخي الفاضل أبا عقيل

شكر الله لكم تقلكم الطيب المبارك تفع الله به ونفعكم وزادكم من فضله وعلمه وكرمه

رفع الله قدركم وأعلى نزلكم في جنات النعيم

في رعاية الله وحفظه

ام عبد العزيز*
04-01-2010, 07:20 AM
بارك الله فيك يا اختي الكريمه

أسامي عابرة
04-01-2010, 02:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أخيتي الحبيبة أم عبد العزيز

شكر الله لكِ تواجدكِ الطيب ومروركِ الكريم وحسن قولكِ

رفع الله قدركِ وأعلى نزلكِ في أعلى عليين


في رعاية الله وحفظه