المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( &&& إذا سألك طفلك أين الله فماذا تجيب &&& ) !!!


جيّان
14-10-2005, 04:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
بتحية الأسلام احييكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نهــــايــــة ســــن الثــــانيـــة حتــــى ســـن الخــــامســـة وتكــــون تلـــك الأسئلـــة

نــــاجمــــة عــــن عــــدة دوافــــع كخــــوف الطفـــــل ورغبتـــه بــــالاطمئنـــــان أو

رغبتــه بــــالمعــــرفــــة أو لجــــذب انتبـــــاه والـــــديـــه أو لسعـــادتــــه

انـــه استطـــاع أن يتقــــن الكـــلام والفهــــم وغيـــرهـــا مـــن الأسباب

و قــد يحـــرج الـــوالــديـــن أثنــــاء طــــرح الطفـــــل لبعـــض الأسئلـــة

عليهمـــا ولا يجــدان الإجـابــة المنـاسبــة للــــرد فيعمــــد بعضهــــم

لإسكــــاتــــه أو إعطــــائــــه معلــــومــــات خــــاطئــــة فيقتـلــون تلـــك

الأسئلــة فـــي مهــــدهــا ويكفــــون الطفـــل عـــن تكـــرارهـــا وقـــد

يشعــــر الطفــــــل بعـــدم الثقـــــة بــــوالــــديـــــه إذا مــــا اكتشـــف

انهمــــا يكــــذبـــــان عليـــه ويعطيـــــانـــــه معلـــــومـــــات خــــاطئــــة

ويـلجــــأ للخــــدم أو الأصــــدقــاء فــــي إعطــــائـــه تلـك المعلــــومـــات

وعنــــدمـــا يكفــــانـــه ويمنعـــــانه عـــن الأسئلـــة يشعــر بــالــذنـب

فيكـــون عــــرضـــة للقلــق أو الخجــــل وزعــــزعــــة ثقتـــه بنفســــه

فكــــل تلـــك الأســاليــب بـــلا شــــك خـــاطئــــة فمــــن المفتــــرض

أن لا نهمـــل أسئلــــة الطفـــل ولا نكفـــه عـــن الســـؤال بـــلي جـــب

أن نشـــوق الطفــــل إلـــى المعــــرفـــة النـــافعـــة و إجـــابتــه علـــــى

قـــدر فهمـــه عــــن تلـك الأشيـــاء التــــي يســـأل عنهـــا وأن تكـــون

الإجــــابـــة محــــددة ومبسطــــة وقصيــــرة لا يتطلــــب الأمــــر فيهـــــا

التــــدقيــــق والـــــدخـــــول فــــي تفــــاصيـــل و لا تفتــح للطفــــل

الطــــريـــــق إلــــى التعمـــــق فــــي أسئلــــة أخــــرى

سنــــدرج هنـــــا بعــ الأسئلــــــة الطفـــــل التــــي يســـألهــــا

غــــالبــــــا وكيــــف يجيــب المــربــي عنهـــــا :


الطفـــــل : مــــن هـــــو الله ؟؟ وأيــــن يــــوجـــــد ؟؟.

المـــربـــــي : الله هــــو الــــذي خلــــق كــــل شــيء وليـــس

كمثلــــه شـــيء وهــــو غفــــور رحيـــم رزاق كــــريــــم يحــــب

الأطفــــال ويــــأمــــر الكبـــــار بــــرعـــــايتهـــــم وإفهــــامهــــم الخيــــر

لهــــم وللنـــــاس أجمعيـــن وهــــو يحــــاسبنــــا علــــى أعمــــالنـــــا

الجيـــــدة والسيئــــة ثــــوابـــــا أو عقـــابــــا.والله مــــوجـــــود فــــي

كــــل مكـــــان وان كنــــا لانـــــراه


الطفـــــل : هـــــل الله إنســـــان مثلنـــــا؟

المـــربـــــي : لا ليــــس مثلنـــــا الله خلقنـــي وخلقـــــك وخلــــق

كـــل النــــاس خلــــق الأشجـــار والأنهـــــار والبحــــار وكــل شــــيء

فــــي هـــــذه الـــدنيــــــا هــــل أستطيـــع أنــــا أو أنـــت أو أي

شخــــص أن نخلــــق إنســـــان ؟ فــــالله ليـــس إنســـــان مثلنــــا

بــــل هــــو مصــــدر القــــوة وإذا أراد قـــــال للشــــيء كـــن فيكـــــون


الطفــــــل : مـــــــا هــــو المـــــوت ؟

المـــربـــــي : هــــو مثــــــل نــــومنــــا فــــي الليــــــل ، ولكنــــه نـــــوم

أطــــول ، نصحــــو بعــــده عنــدمــا يـــريــــد الله فـــي يـــوم الحســاب

أو يــــوم القيـــامـــة .


الطفــــل : مــــــا هــــــو يـــــوم الحســـــــاب يـــــوم القيــــــامــــة ؟

المـــربـــــي : يــــوم الحســـــاب يـــــوم يحـــــاســــب فيــــه الله

النــــاس علــــى مــــا قـــدمــــوا مـــن أعمــــــال فـــــي هــــذه

الــــدنيـــــا مــــن عمـــــل خيـــر أو أطاع الله يــــدخلــــه الجنــــة

ومــــن عمـــل شــــرا وعصــــى الله يــــدخلــــه النـــــار


الطفــــل : أيـــن تــــوجـــــد الجنــــة ومــــاذا فيهـــــا ؟؟

المـــربـــــي : الجنــــــة مكـــــان جميــــــل وفيهـــــا كـــــل شــــيء

تتمنــــــاه فيهـــــا مـــــلاهــــي وشكـــــولاتــــه وحلـــــويـــــات ولعـــــب

وكـــــل شـــي تحبــــه يخبئهــــا ربنـــــا عنــــده يـــذهــب إليهــا

النــــاس الصــــالحيـــــن الـــــذيــــــن يعملــــــون الخيــــر و يسمعـــون

كـــلام مـــامــا و بـــابــــا و لا يـــؤذون أصحــــابهــــم


الطفــــل : أيــــن تــــوجــــد النـــــار و مـــاذا فيهــــا ؟؟

المـــربـــــي : النـــــار مكـــــان ســــىء وقبيــــح مــــا فيهــــا مكيـــــف

حـــــارة مـــــره و لا فيهــــا العــــاب و لا هــــواء و ولا أي شـــيء

ربنــــا مخبئهــــا عنــــده عشـــــان يعــــاقــــب بهـــــا كــــل مــــن

يعمـــــل الشـــــر و لا يسمـــــع كـــلام مــــامــــا وبــــابـــــا أو يــــؤذي

أصـــدقــــائــــه أو مـــــا يصلــــي أو مــــا يصــــوم ويعصــــي الله ومـــــا

يطيــــع أوامـــــره.


الطفــــل : كيـــف جئــــت إلــــى الـــــدنيــــــا ؟؟

المـــربـــــي : الله خلــــق كـــــل شــــيء زوجيــــن : أرنـــب و أرنبـــــة ،

ديــــك ودجـــــاجــــة ، رجــــل وامـــــرأة ، يتـــــزوجــــــان علــــــى

معـــــرفـــــة مــــــن النـــــاس بعقـــــد شـــــرعـــــي فتحمـــل المـــرأة

فــــي بطنهــــا الطفـــــل تسعـــــة شهــــور و تلـــــده فيعيـــــش مــــع

أمــــه و أبيــــه حتــــى يكبــــر ليعــــود مــــن جــــديــــد ويتــــزوج

ويكــــــون أســـــرة جـــــديـــــدة.


الطفــــل : لمـــــاذا يـــــولــــــد بعـــــض النـــــاس مشــــوهيــــن

المـــربـــــي : لكـــــي يـــــذكــــرنـــــا الله سبحــــانـــــه وتعــــالـــــى

بـــــالنعمــــة التـــــي أنعمهــــا علينـــا بــــأن خلــــق معظمنـــــا

أصحــــــاء فنشكـــــره علـــــى ذلـك وليـــــذكــــرنـــــا بضعفنــــا أمـــام

قـــــدراتــــــه فـــــلا نصـــــاب بــــــالغـــــرور بــــل نتــــواضـــــع

ويعـــــاون بعضنـــــا بعضـــــا وبعـــــد يــــوم الحســــاب سيعيــش

الــــذيــــن يفعلـــــون الخيـــــر حيـــــاة أبـــــديـــــه أصحــــــاء فــــي

جنــــات النعيـــم إن شـــــــاء الله


الطفـــــل: لمـــــاذا هنـــــاك أغنيـــــاء وفقـــــراء ؟بــــل لمــــاذا يعيــــش بعــــض الأشــــرار فـــي قصــــور وبعـــــض الأخيــــار فـــــي أكـــــواخ ؟

المـــربـــــي : أن كـــــل مـــــا فــــــي الحيـــــــاة الـــــدنيــــا مــــن

زرق هــــو مـــــن الله سبحــانـــه, والله يمتحــــن عبـــاده ، فــأحيــانــا

يعطــــي الإنســـــان الطيــــب الـــــرزق ليمتحــــن عطـــــاءه للآخــريــن

، وأحيـــانـــا يحـــــرمـــــه الــــرزق ليمتحـــــن صبـــــره وتحملــــه فــي

إلا يســـرق ولا يحقـــد ، وكلمـــا عــــاش الإنســـــان الطيـــب فــــي

هــــذه الحيــــاة المــــؤقتــــة صــــابــــرا عظـــم ثـــوابــــه يـــــوم

الحســـــاب ، أمـــــا الإنســــــان الــــذي كثــــــر رزقـــــه ولـــــم يعـــــط

الآخــــريــــن وأســـاء إليهــــــم ، فــــــإنـــــه سيعـــــذب يـــــوم

الحســـــاب عـــــذابـــــا عظيمـــــا لأنــــه لــــم يقــــدر نعمـــــة الله .

الطفــــل : لمــــاذا لا يلــــد بــــابــــا طفــــــلا ؟؟

الأم : الله خلـــــق النســــاء لتلــــد وتـــربـــــي الأطفــــال وخلــــق

الـــرجــــال ليقــــومـــــوا بـــالأعمــــال التـــــي تحتــــاج لقـــــوة .


اتمنى الأفاده للجميع

تقبلو كل الحب والأحترام

منقول

أبو البراء
14-10-2005, 07:28 AM
بارك الله فيكم أختنا الفاضلة ( جيان ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو البراء
17-10-2005, 08:32 AM
الأخت المكرمة ( جيان ) حفظها الله ورعاها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

لفت نظري أحد الإخوة المشرفين إلى مسألة في غاية الأهمية وهيَّ قولكم - يا رعاكم الله - : ( والله موجود في كل مكان وان كنا لانراه ) 0

ولأجل أهمية هذا الموضوع وفهم عقيدة أهل السنة والجماعة أنقل لكم أخيتي الفاضلة ( جيان ) ما ذكره العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - حول عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة في مطوية بعنوان :

( عقيدة أهل السنة والجماعة )
صادرة عن : دار الوطن

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ،،،

أما بعد : فإن الله تعالى أرسل رسوله محمداً بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وقدوة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، بين به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة و الأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فسار على ذلك أمته الذين استجابو لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنته، وعضوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك 0

ونحن - ولله الحمد - على آثارهم سائرون، وبسيرتهم المؤيدة بالكتاب والسنة مهتدون، نقول ذلك تحدثاً بنعمة الله تعالى، وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب 0

ولأهمية هذا الموضوع وتفرق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا - عقيدة أهل السنة و الجماعة - وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، سائلا الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه موفقاً لمرضاته نافعاً لعباده 0

عقيدتنا

عقيدتنا الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنه الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور. ونؤمن بألوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل 0

ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأنه له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا. ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته. قال تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً [مريم:65] 0

ونؤمن بأنه اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] 0

ونؤمن بأنه هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر:22-24].

ونؤمن بأن له ملك السموات والأرض لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:50،49] 0

ونؤمن بأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الشورى:12،11] 0

ونؤمن بأنه وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [هود:6] 0

ونؤمن بأنه وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الأنعام:59] 0

ونؤمن بـأن الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34] 0

صفة الكلام

ونؤمن بأن الله يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً [النساء:164]، وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]، وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً [مريم:52] 0

ونؤمن بأنه لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف:109]، وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان:27] 0

ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث، قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً [الأنعام:115]، وقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً [النساء:87] 0

ونؤمن بأن القران الكريم كلام الله تعالى، تكلم به حقا، وألقاه على جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبي قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ [النحل:102]، وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [الشعراء:192- 195] 0

العلو

ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته، لقوله تعالى: وهو العلي العظيم [البقرة:255]، وقوله: وهو القاهر فوق عباده [الأنعام:18] 0

ونؤمن بأنه خلق السموت في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر [يونس:3]، واستواؤه على العرش علوه عليه علوا خاصاً يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيته إلا هو 0

ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويبر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة وإن كان على فوقهم على عرشه حقيقة ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى:11] 0

ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه على الأرض. ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال؛ لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص 0

النزول

ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: ** من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر به ** 0

ونؤمن بأنه تعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد، لقوله تعالى: كلا إذا دكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا، وجاىء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [الفجر:21-23] 0

أنواع الإرادة

ونؤمن بأنه تعالى فعال لما يريد [البروج:16] 0

ونؤمن بأن إرادته نوعان: كونية، يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوبا له، وهي التي بمعنى المشيئة، كقوله تعالى: ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [البقرة:253]، وقوله: إن كان الله يريد أن يغويكم [هود:34]، وشرعية لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوبا له، كقوله تعالى: والله يريد أن يتوب عليكم [النساء:27] 0

ونؤمن أن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته فكل ما قضاه كونا أو تعبد له خلقه شرعا فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك أليس الله بأحكم الحاكمين [التين:8]، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون [المائدة:50] 0

المحبة

ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله [آل عمران:31]، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [المائدة:54]، والله يحب الصابرين [آل عمران:146]، وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [الحجرات:9]، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين [البقرة:195] 0

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال، ويكره ما نهى عنه منها إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم [الزمر:7]، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين [التوبة:46] 0

ونؤمن بأن الله يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه [البينة:8] 0

ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم [الفتح:6]، ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم [النحل:106] 0

ونؤمن بأن لله تعالى وجها موصوفاً بالجلال والإكرام ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن:27] 0

ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء [المائدة:64]، وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموت مطويت بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [الزمر:67] 0

ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين؛ لقوله تعالى: واصنع الفك بأعيننا ووحينا [هود:37]، وقال النبي : ** حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه **. وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتين، ويؤيده قول النبي في الدجال: ** إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور ** 0

ونؤمن بأن الله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [الأنعام:103] 0

ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة:22-23] 0

ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى:11] 0

ونؤمن بأنه لا تأخذه سنة ولا نوم [البقرة:255] لكمال حياته وقيوميته 0

ونؤمن بأنه لا يظلم أحدا لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته 0

ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [يس:82]، وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته: ولقد خلقنا السموت والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب [ق:38] أي من تعب أو إعياء 0

ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات، لكننا نبرأ من محذورين عظيمين هما: التمثيل، أن يقول بقلبه أو لسانه صفات الله تعالى كصفات المخلوقين. والتكييف، أن يقول بقلبه أو لسانه كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا 0

ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسو له ، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده، ونسكت عما سكت عنه الله ورسوله 0

ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لا بد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلا وأحسن حديثاً والعباد لا يحيطون به علماً. وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم. ففي كلام الله تعالى ورسوله كمال العلم والصدق والبيان فلا عذر في رده أو التردد في قبوله 0

فصل

وكل ما ذكرنا من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً؛ فإننا في ذلك على كتاب ربنا وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون 0

ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها، وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل، ونتبرأ من طريق المحرفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله، ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها عن مدلولها الذي أراده الله ورسوله، ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف 0

ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً، لقوله تعالى: أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [النساء:82]، ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله . ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله أو بينهما تناقضاً فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه؛ فليتب إلى الله تعالى ولينزع عن غيه، ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله أو بينهما، فذلك إما لقلة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه، وليكف عن توهمه وليقل كما يقول الراسخون في العلم: آمنا به كل من عند ربنا [آل عمران:7]، وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما اختلاف 0

فصل

ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [الأنبياء:26-27]، خلقهم اله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهر لا يفترون [الأنبياء:19-20] 0

حجبهم عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشرا سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي صلى الله وعنده الصحابة بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي ، ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي ، وخاطبه النبي ، وأخبر النبي أصحابه أنه جبريل 0

ونؤمن بأن للملائكة أعمالاً كلفوا بها: فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله، ومنهم ميكائيل: الموكل بالمطر والنبات، ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور، ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت، ومنهم ملك الجبال: الموكل بها، ومنهم مالك: خازن النار، ومنهم ملائكة موكلون الأجنة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان عن اليمين وعن الشمال قعيد ز ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17-18]، وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه و دينه و نبيه فـ يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء [إبراهيم:27]، ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [الرعد:23-24]، وقد أخبر النبي أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية ـ يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم 0

فصل

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا حجة على العالمين ومحجة للعاملين، يعلمونهم بها الحكمة ويزكونهم 0

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً: لقوله تعالى لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط [الحديد:25] 0

ونعلم من هذه الكتب :

أ. التوراة : التي أنزلها الله على موسى عليه الصلاة السلام، وهي أعظم كتب بني إسرائيل فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء [المائدة:44] 0

ب. الإنجيل : الذي أنزله الله تعالى على عيسى عليه الصلاة السلام، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها وآتينه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين [المائدة:46]، ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم [آل عمران:50] 0

ج. الزبور : الذي آتاه الله تعالى داود عليه الصلاة السلام 0

د. صحف إبراهيم وموسى : عليهما الصلاة والسلام 0

هـ. القرآن العظيم : الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان [البقرة:185]، فكان مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه [المائدة:48]، فنسخ الله به جميع الكتب السابقة، وتكفل بحفظه من عبث العابثين وزيغ المحرفين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر:9]، لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة 0

وأما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير؛ ولهذا لم تكن معصومة من فقد وقع فيه التحريف والزيادة والنقص، من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه [النساء:46]، فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون [البقرة:79]، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا [الأنعام:91]، وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون، ما كان لبشر أن يؤتيه الله الحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله [آل عمران:78-79]، يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب إلى قوله: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم [المائدة:15-17] 0

فصل

ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما [النساء:165]، ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [النساء:163]، ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين [الأحزاب:40]، وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى ابن مريم وهم المخصوصون في قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا [الأحزاب:7] 0

ونعتقد أن شريعة محمد حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه [الشورى:13] 0

ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك [هود:31]، وأمر الله محمداً وهو آخرهم أن يقول: لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا أقول إني ملك [الأنعام:50]، وأن يقول ( لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله [الأعراف:188]، وأن يقول: إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا، قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا [الجن:21-22] 0

ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال عن أولهم نوح: ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا [الإسراء:3]، وقال في آخرهم محمد تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا [الفرقان:1]، وقال في رسل آخرين: واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار [ص:45]، ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [ص:30]، وقال في عيسى ابن مريم: إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلنه مثلا لبني إسرائيل [الزخرف:59] 0

ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد ، وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموت والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلمته واتبعوه لعلكم تهتدون [الأعراف:158] 0

ونؤمن بأن شريعته هي دين الإسلام الذي ارتضاه اله تعالى لعبادة، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام [آل عمران:19] وقوله: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [المائدة:3] وقوله: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران:85] 0

ونوى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولا عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدا؛ لأنه مكذب للقرآن 0

ونرى أن من كفر برسالة محمد إلى الناس جميعا فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له؛ لقوله تعالى: كذبت قوم نوح المرسلين [الشعراء:105]، فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول. وقال تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا لهم عذابا مهينا [النساء:150-151] 0

ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله ، ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين 0

ونؤمن بأن للنبي خلفاء راشدين خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر ابن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا كانوا في الخلافة قدرا كما كانوا في الفضيلة. وما كان الله تعالى ـ وله الحكمة البالغة ـ ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة 0

ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها التفضيل المطلق على من فضله؛ لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة 0

ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [آل عمران:110] 0

ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم، وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل 0

ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيبا كان له أجران، ومن كان منهم مخطئا فله أجر واحد وخطؤه مغفور له، ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم؛ لقوله تعالى فيهم: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [الحديد:10] وقوله تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [الحشر:10] 0

فصل

ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الله الناس أحياء للبقاء إما في دار النعيم وإما في دار العذاب الأليم 0

فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية ونفخ في الصور صعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم ينظرون [الزمر:68]، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال عراة بلا ثياب غرلاً بلا ختان كما بدأنا أول خلق نعيده وعد علينا إنا كنا فعلين [الأنبياء:104] 0

ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال فأما من أوتي كتابه بيمينه، فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقل إلى أهله مسرورا، وأما من أوتي كتابه بشماله فسوف يدعو ثبورا، ويصلى سعيرا [الانشقاق:7-12]، وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [الإسراء:13-14] 0

ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة:7-8]، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون [المؤمنون:102-104]، من جاء بالحسنة فه عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون [الأنعام:160] 0

ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده حين يصيبهم من الهم والكرب مالا يطيقون؛ فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله 0

ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة، وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواما من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته 0

ونؤمن بحوض رسول الله ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء حسنا وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يضمأ بعد ذلك 0

ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال، والنبي قائم على الصراط يقول: يا رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج ومكردس في النار 0

ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها 0

ونؤمن بشفاعة النبي لأهل الجنة أن يدخلوها، وهي للنبي خاصة 0

ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [السجدة:17] 0

والنار دار العذاب أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا [الكهف:29]. وهما موجودتان الآن، ولن تفنيا أبد الآبدين ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا [الطلاق:11]، إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا، خالدين فيها أبدا لا يجدون فيها وليا ولا نصيرا، يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا [الأحزاب:64-66] 0

ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم ممن عينهم النبي ، ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي 0

ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمر بن لحي الخزاعي ونحوهما، ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل كافر أو مشرك شركا أكبر أو منافق 0

ونؤمن بفتنة القبر: وهي سؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه فـ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة [إبراهيم:27]، فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته 0

ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [النحل:32] 0

ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93] 0

والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من هذه الأمور الغيبية، وأن لا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان 0

فصل

ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته 0

وللقدر أربع مراتب :

المرتبة الأولى : العلم ، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل، ولا يلحقه نسيان بعد علم 0

المرتبة الثانية : الكتابة ، فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة ألم تعلم أن الله يعلم ما في السموت والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير [الحج:70] 0

المرتبة الثالثة: المشيئة ، فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن 0

المرتبة الرابعة : الخلق، فنؤمن بأن الله تعالى: خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السموت والأرض [الزمر:62-63] 0

وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده، والله تعالى قد شاءها وخلقها لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين [التكوير:28-29]، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [البقرة:253]، ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون [الأنعام:137]، والله خلقكم وما تعملون [الصافات:96] 0

ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون الفعل، والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور :

الأول : قوله تعالى: فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقر:223]، وقوله: وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً [التوبة:46]، فأثبت للعبد إتيانا بمشيئته وإعدادا بإرادته 0

الثاني : توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا [البقر:286] 0

الثالث : مدح المحسن على إحسانه وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسيء ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم 0

الرابع : أن الله تعالى أرسل الرسل مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165]، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره ما بطلت حجته بإرسال الرسل 0

الخامس : أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد، ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادة، ولا يشعر بأم أحدا يكرهه على ذلك، بل يفرق تفريقا واقعيا بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقا حكيما، فلم يؤآخذ الفاعل بما فعله مكرها عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى 0

ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى؛ لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره وما تدري نفس ماذا تكسب غدا [لقمان:34]، فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد ابطل الله تعالى هذه الحجة بقوله تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ [الأنعام:148] 0

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لا تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟ ولهذا لما أخبر النبي الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال: ** لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له ** 0

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر علي؛ ولو فعلت ذلك لعدك الناس في قسم المجانين 0

ونقول أيضا : لو عرض عليك وظيفتان، إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتج بالقدر ؟

ونقول له أيضا: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء، فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي ؟

ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي : ** والشر ليس إليك ** [رواه مسلم]، فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة، وإنما يكون الشر في مقضياته؛ لقول النبي صلى اله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علمه الحسن: ** وقني شر ما قضيت ** فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر بالمقضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، وخير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر؛ فالفساد في الأرض من الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]، وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع اليد وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضا خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب 0

فصل

هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة؛ فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته يثمر للعبد محبة لله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بها كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل:97] 0

ومن ثمرات الإيمان بالملائكة :

أولا : العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه 0

ثانيا : شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم غير ذلك من مصالحهم 0

ثالثا : محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل ولاستغفارهم للمؤمنين 0
ومن ثمرات الإيمان بالكتب :

أولا : العلم برحمة الله تعالى ورحمة بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به 0

ثانيا : ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها، وكان خاتم هذه الكتب القران العظيم مناسبا لجميع الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة 0

ثالثا : شكر نعمة الله تعالى على ذلك 0

ومن ثمرات الإيمان بالرسل :

أولا : العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد 0

ثانيا : شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى 0

ثالثا : محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم؛ لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا لله بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده والصبر على أذاهم 0

ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر :

أولا : الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفا من عقاب ذلك اليوم 0

ثانيا : تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها، بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها 0

ومن ثمرات الإيمان بالقدر :

أولا : الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب؛ لأن السبب والمسبَب كلاهما بقضاء الله وقدره 0

ثانيا : راحة النفس وطمأنينة القلب؛ أنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشا وأريح نفسا وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر 0

ثالثا : طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد؛ لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب 0

رابعا : طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه؛ لأن ذلك عدم رضى بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على لك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:23،22] 0

فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ) ( تمت بقلم مؤلفها محمد الصالح العثيمين في 30 شوال 1404هـ ) 0

هذه عقيدتنا أخيتي الفاضلة ( جيان ) التي ندين بها إلى الله عز و جل ، وكما رأيت فقولهم ( الله موجود في كل الوجود ) هي عقيدة الحلولية وهيَّ عقيدة باطلة ، وما قصدت من ذلك تجريح أو اساءة لكِ معاذ الله ، بل تبيان وإظهار الحق وأهله ، وكما تعلمين فقد ثبت في الصحيح : ( المؤمن مرآة المؤمن ) و ( الدين النصيحة ) 0

سئلت أعرابية : أين الله 0

فأجابت : في السماء 0

فقيل لها : وما أدراكِ ؟؟؟

فقالت : الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير 0

أسأل الله أن يوفقك أخيتي الفاضلة ( جيان ) للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

جيّان
19-10-2005, 12:53 PM
جزاك الله خير شيخي الفاضل على هذا التنبيه الذي افادني ووضح لي الكثير وما انا إلا ناقله للموضوع واتمنى توجيهي دائما على مشاركاتي لأنها قد تحتمل الصواب والخطأ وبتنبهكم تتوضح لنا الرؤيا
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

أبو البراء
20-10-2005, 07:08 AM
لا تثريب عليك غفر الله لنا ولكِ ، وهذه هي أخلاق وصفات المؤمن نحسبكِ كذلك ولا نزكي على الله احداً ، يقول تعالى في محكم كتابه :

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) ( سورة البقرة - الآية 285 ) 0

ويقول سبحانه تعالى :

( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( سورة النور - الآية 51 ) 0

سائلاً المولى عز وجل أن يوفقك للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

لقاء
03-06-2009, 10:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاكِ الله خيراص أختي الفاضلة جيان


بُوركتِ على نقل هذا الموضوع الطيب ....


لا حرمكش الله الأجر والمثوبة


وجزى الله خيراً شيخنا الفاضل أبو البراء ..


على الإضافة القيمة التي كُتبت بمداد من ذهب ...


زادكم الله من فضله ونفع بكم