المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معنى الانس بالله والرضا بقضائه


( أم عبد الرحمن )
20-11-2008, 02:50 PM
بيان معنى الأنس بالله والرضى بقضاء الله عز وجل


اعلم‏:‏ أن من غلب عليه حال الأنس لم تكن شهوته إلا فى الانفراد والخلوة، لآن الأنس بالله يلازمه التوحش من غيره، ويكون أثقل الأشياء على القلب كل ما يعوق عن الخلوة‏.‏
قال عبد الواحد بن زيد‏:‏ قلت لراهب‏:‏ لقد أعجبتك الخلوة، فقال‏:‏ لو ذقت حلاوة الخلوة لا ستوحشت إليها من نفسك، قلت‏:‏ متى يذوق العبد حلاوة الأنس بالله تعالى‏؟‏ قال‏:‏ إذا صفا الود، خلصت المعاملة‏.‏ قلت‏:‏ متى يصفو الود‏؟‏ قال‏:‏ إذا اجتمع الهم، فصار هماً واحداً في الطاعة‏.‏
فإن قيل‏:‏ ما علامة الأنس‏؟‏ قيل‏:‏ علامته الخاصة ضيق الصدر عن معاشرة الخلق، والتبرم بهم، وإن خالط، فهو كمنفرد غائب مخالط بالبدن، منفرد بالقلب‏.‏
واعلم‏:‏ أن الأنس إذا دام وغلب واستحكم، قد يثمر نوعاً من الانبساط والإدلال، وقد يكون ذلك منكراً فى الصورة، لما فيه من الجراءة وقلة الهيبة، وإن كان محتملاً ممن أقيم مقام الأنس‏.‏ وأما إذا صدر ممن لا يفهم ذلك المقام، أشرف به على صاحبه على الكفر، وذلك كما يروى عن أبى حفص أنه كان يمشى يوماً، فاستقبله رجل مدهوش ‏(‏‏(‏أي‏:‏ متحير، من دهش الرجل يدهش‏:‏ إذا تحير‏)‏‏)‏ فقال‏:‏ مالك‏؟‏ قال‏:‏ ضل حماري، ولا أملك غيره، فوقف أبو حفص وقال‏:‏ وعزتك لا أخطو خطوة ما لم ترد عليه حماره، فظهر الحمار‏.‏
وروى عن برخ العابد أنه خرج يستقى فقال‏:‏ يارب‏:‏ أنت بالبخل لا ترمى، أنفذ ما عندك، اسقنا الساعة‏.‏
ولا يستبعد أن يحتمل من شخص ما لم يحتمل من غيره‏.‏ وأما الرضى بقضاء الله تعالى، فهو من أعلى مقامات المقربين، وهو من ثمار المحبة، وحقيقته غامضة، ولا ينكشف الأمر فيه إلا لمن يفهمه عن الله تعالى‏.‏
ومن فضائل الرضى ما ورد فى الحديث أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال‏:‏ “إذا أراد الله بعبد خيراً أرضاه بما قسم له”‏.‏
وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام‏:‏ يا داود‏:‏ إنك لن تلقاني بعمل هو أرضى لى عنك، ولا أحط لوزرك من الرضى بقضائي‏.‏
ونظر على بن أبى طالب رضى الله عنه إلى عدى بن حاتم كئيباً، فقال‏:‏ ياعدى‏:‏ مالي أراك كئيباً حزيناً‏؟‏ فقال‏:‏ وما يمنعني فقد قتل ابناي، وفقئت عيني فقال‏:‏ يا عدى‏!‏ من رضى بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله‏.‏
ودخل أبو الدرداء رضى الله عنه على رجل وهو يموت وهو يحمد الله تعالى ، فقال أبو الدرداء ‏:‏ أصبت ،إن الله عز وجل إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به‏.‏
وقال ابن مسعود رضى الله عنه ‏:‏ إن الله تعالى بقسطه وعمله جعل الروح والفرح فى اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن فى الشك والسخط‏.‏
وقال أبو معاوية الأسود فى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلنحيينه حياة طيبة‏** (javascript:openquran(15,97,97))‏ ‏[‏النحل‏:‏ 97‏]‏ قال‏:‏ الرضى والقناعة‏.‏
وفى الأخبار السالفة ‏(‏‏(‏فى الأصول‏:‏ وفى الحديث‏)‏‏)‏ ‏:‏ أن نبياً من الأنبياء شكا إلى ربه عز وجل الجوع والفقر عشر سنين، فما أجيب إلى ما أراد، ثم أوحى الله إليه‏:‏ كم تشكو‏؟‏ هكذا كان بدؤك عندي في أم الكتاب قبل أن أخلق السماوات والأرض، وهكذا سبق لك منى، وهكذا قضيت عليك قبل أن أخلق الدنيا، أفتريد أن أعيد خلق الدنيا من أجلك‏؟‏ أم تريد أن أبدل ما قدرت لك‏؟‏ فيكون ما تحب فوق ما أحب، ويكون ما تريد فوق ما أريد، وعزتي وجلالى، لئن تلجلج هذا فى صدرك مرة أخرى لأمحونك من ديوان النبوة‏.‏
وفي “زبور داود” عليه السلام‏:‏ هل تدرى من أسرع الناس مراً على الصراط‏؟‏ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكرى‏.‏
وقال داود عليه السلام‏:‏ يارب‏!‏ أي عبادك أبغض إليك‏؟‏ قال‏:‏ عبد استخارتي في أمر، فخرجت له، فلم يرض‏.‏
وقال عمر بن العزيز‏:‏ ما بقى لى سرور إلا فى مواقع القدر‏.‏
وقيل له‏:‏ ما تشتهى‏؟‏ فقال‏:‏ ما يقضى الله عز وجل‏.‏
وقال الحسن‏:‏ من رضى بما قسم له، وسعه، وبارك الله فيه، ومن لم يرض لم يسعه، ولم يبارك له فيه‏.‏
وقال عبد الواحد بن زيد‏:‏ الرضى باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ لن يرد الآخرة أرفع درجات من الراضين عن الله تعالى على كل حال، فمن وهب له الرضى، فقد بلغ أفضل الدرجات‏.‏
وأصبح أعرابي وقد مات له أباعر كثيرة، فقال‏:‏
لا والذي أنا عبد فى عبادته لولا شماتة أعداء ذوى إحن
ما سرني أن إبلي في مباركها وأن شيئاً قضاه الله لم يكن




مختصر منهاج الصالحين

لقاء
14-05-2009, 01:12 PM
وقال الحسن‏:‏ من رضى بما قسم له، وسعه، وبارك الله فيه، ومن لم يرض لم يسعه، ولم يبارك له فيه‏.‏

صدقت

جزاك الله خيراً أختي الغالية أم عبد الرحمن

مواضيعك ..متميزة نستقي منها ما يزكي نفوسنا ...

ويروي جفاء قلوبنا ...

لا حرمك الله الأجر والمثوبة

ام عبودة
14-05-2009, 03:00 PM
جزاك الله خيراً أختي الغالية أم عبد الرحمن

مواضيعك ..متميزة نستقي منها ما يزكي نفوسنا ...

ويروي جفاء قلوبنا ...

لا حرمك الله الأجر والمثوبة

***
14-05-2009, 04:28 PM
بارك الله فيك وعليك أختنا الفاضلة أم عبد الرحمان