المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ 000 ) !!!


ناصح أمين
08-06-2005, 09:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام أحبتي في الله

هذه أحاديث صحيحة جمعتها و فوائد اقتنصتها و شيء من قصص اقتطفتها من هنا وهناك بعد رحلة صيد في النت أضفت عليها ما تيسر لي ثم رتبتها ونسقتها وتصرفت بها بما يعود بالفائدة والنفع على الجميع وبما لا يخل في المعنى أو الموضوع أجعلها بين أيديكم وأمام أعينكم أحبتي الكرام فلتجعلوا لها نصيب في قلوبكم ولتستفيدوا منها قدر استطاعتكم مقتطفات لا أدعي لها التميز لكن أرجو أن يكون لها أثرا في النفس وأن يكتب الله لها الأجر والقبول .


كونوا معنا مرحبا بكم ألف ألف


أخوكم ناصح أمين

ناصح أمين
08-06-2005, 09:53 PM
أحبتي في الله

لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء . و الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر و لاشك أشد بلاء الناس الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة .

وإن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط . ‌

وما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة . ‌

ويود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض مما يرون من ثواب أهل البلاء . ‌

و مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصبيه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد .

والمرض حطة يحط الخطايا عن صاحبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها . و الدواء من القدر وقد ينفع بإذن الله تعالى .

و الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة وينزل الصبر على قدر البلاء . ‌

فالدعاء الدعاء ...

والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء . ‌فلنتحر أوقات الإستجابة ولنجتهد بالدعاء فالدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا . وفي الثلث الآخر من الليل وأقرب ما يكون العبد لله وساجد و عند نزول الغيث .

وهذا كله مما صح وثبت عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وفضل الباري عظيم وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب .



يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 09:53 PM
ولو اطلعنا على سير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين لوجدنا أروع صور الصبر والإحتساب ولرأينا العجب العجاب من الصبر على البلاء والشدائد والمحن فما من نبي ورسول إلا أُذي وابتُلي وعذب من بني قومه وعلى نهجهم سار الصالحين فلاقوا من العذاب والتنكيل ما لاقوا .

ولنستعرض بداية شيئا يسيرا من سير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ثم لنعرج قليلا على بعض صور الصبر والثبات على الحق ومواجهة الفتن للصحابة رضوان عليهم والسلف الصلح رحمهم الله :

فيوسف عليه السلام حسده إخوته فالقوه في غيابتِ الجب و جاءوا أباهم عشاء يبكون و (( قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ )) (( وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ )) فقال يعقوب عليه السلام (( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ )) .

وهذا يحيى عليه السلام قُتل وقدم رأسه في طبق والدم ينزف منه وفي حادثة مقتل يحيى عليه السلام قتل عدد كبير من العلماء الذين أنكروا علىالحاكم ومنهم زكريا عليه السلام وقيل: قتل زكريا قبل ذلك. والله أعلم .

ومكيدة اليهود بشأن محاولاتهم التحريض على قتل عيسى عليه السلام ثمّ تفاخرهم بأنهم قتلوه مع بيان أنّ الله نجّاه ورفعه إليه وأنّهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم .

يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 09:54 PM
و أما يونس عليه السلام فالتقمه بأمر الله حوت عظيم وسار به في الظلمات فحمله الحوت وسار به عباب البحر حياً يسبح الله ويستغفره، وينادي فيالظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له ونجاه منالغم ثم أوحى الله إلى الحوت أن يقذف به في العَرَاء على ساحل البحر، فألقى به وهوسقيم. .

وأما موسى عليه السلام فأرضعته أمه ثلاثة أشهر ثم خافت افتضاح أمرها وخشيت عليه من جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن أولاد العبرانيين الذكور فصنعت له صندوقاً يحمله في الماءوألقته في النيل .

ونشأ موسى في القصر الفرعوني و مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة في وقت خلت فيه الطرقات من الناس فوجد رجلين يقتتلان أحدهما إسرائيلي والآخر مصري.
ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -وكان قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة القاضية عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين** ورجع يستغفر الله مما فعل.
وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب يمرّ في طرقاتها على حذر وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة بالقصر فجاءه من أقصى المدينة - وربماكان ذلك من القصر نفسه لأن العادة في القصور الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة المدينة - وقال له : ** يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين **.
قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: ** ربّ نجني من القوم الظالمين**.
واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين و كانت له قصة مع أهل مدين وبنتي الرجل الصالح وقد تزوج بإحداهما لبث موسى عند صهره الشيخ في مدين يخدمه حسب الشرط، وقضى في خدمته أوفى الأجلين وهو عشر سنين .

ثم عاد موسى عليه السلام لقومه ومن الأحداث التي جرت له إيذاء قارون له وطعنه افتراءً في شرفه، فدعا موسى عليه فخسف الله به وبداره الأرض، وكان قارون رجلاً غنياً، قد بلغ من غناه أنه كان عنده من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، فلم تغنِ عنه من الله شيئاً

ثم أوحى الله إلى موسى أني متوفٍ هارون، فأتِ به إلى جبل كذا وكذا فانطلقا نحوه، فإذا هما بسرير فناما عليه، وأخذ هارونَ الموتُ ورُفع إلى السماء. ورجع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا له: أنت قتلت هارون لحبِّنا إياه، قال موسى: ويحكم أفترونني أقتل أخي؟! فلما أكثروا عليه سأل الله، فأنزل السرير وعليه هارون، وقال لهم: إني مت ولم يقتلني موسى، وكان ذلك في التيه .
ثم توفي موسى عليه السلام بعد أخيه هارون بأحد عشر شهراً في التيه. ولما جاءه ملك الموت وعلم أن الموت لا بد منه قال: (ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رميةً بحجر)، فأُدني من الأرض المقدسة ودفن هناك .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك الموت إلىموسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني،قال: فردّ إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبد فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت يدُك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مَهْ ؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عندالكثيب الأحمر". رواه البخاري ومسلم


يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 09:54 PM
أما أيوب عليه السلام كان أميراً غنياً، عظيماً محسناً.
ثم ابتلاه الله بسلب النعمة، ففقد المال والأهل والولد، ونشبت به الأمراض المضنية المضجرة، فصبر على البلاء، وحمد الله وأثنى عليه، وما زال على حاله من التقوى والعبادة والرضا عن ربه.
فكان في حالتي الرخاء والبلاء مثالاً رائعاً لعباد الله الصالحين، في إرضاء الرحمن وإرغام أنف الشيطان.
قالوا: وكانت له امرأة مؤمنة اسمها (رحمة) من أحفاد يوسف عليه السلام، وقد رافقت هذه المرأة حياة نعمته وصحته، وزمن بؤسه وبلائه، فكانت في الحالين مع زوجها شاكرة فصابرة.
ثم إن الشيطان حاول أن يدخل على أيوب مباشرة في زمن بلائه فلم يؤثّر به، ثم حاول أن يدخل إليه عن طريق امرأته، فوسوس لها، فجاءت إلى أيوب وفي نفسها اليأس والضجر مما أصابه، وأرادت أن تحرك قلبه ببعض ما فيه نفسها، فغضب أيوب وقال لها: كم لبثتُ في الرخاء ؟ قالت: ثمانين، قال: كم لبثتُ في البلاء؟ قالت: سبع سنين، قال: أما أستحيي أن أطلب من الله رفع بلائي وماقضيتُ فيه مدة رخائي

أصبح أيوب بعد ذلك وحيداً يعاني بلاءه ويقاسي شدته صابراً محتسباً، ولما بلغ ذروة الابتلاء: ** نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ** [ص: 41]، ونادى ربّه: ** أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين**.
فقال الله له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ** [ص: 42].
اركض برجلك: أي: اضرب الأرض برجلك، وادفع برجلك مكانا ما في الأرض.
فركض برجله،فلما تفجر له الماء شرب واغتسل، فشفاه الله وعاد أكمل ما كان صحة وقوة
ولما اجتاز أيوب بنجاح باهر دور الابتلاء - في حالتي الرخاء والبلاء - اصطفاه الله واجتباه فجعله رسولاً.
وردَّ الله إليه ما كان فيه من النعمة، ووهب له أهله ومِثلَهم معهم برحمته.
قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ** [الأنبياء: 84].
وقال تعالى: {وَاذْكُرْعَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ** [ص: 41-44].


يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:04 PM
أما ابراهيم عليه السلام و تعرضه للعذاب من قبل قومه وذلك بإيقاد النار له في بنيان أعدوه لهذا الغاية وإلقاؤه فيها وصبره وثباته وثقته بالله ثم سلامته من حرّها وضُرّها إذ قال الله لها : ** يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ** .

و بعد أن رزقه الله بإسماعيل أَمر الله إبراهيم عليه السلام أن يُسكِن ولده الصغير وأمه في وادي مكة، فسافر بهما إلى هذا الوادي وأسكنهما فيه طاعة لله تعالى وانصرف عنهما عائداً إلى الشام واستودعهما عند الله تعالى يرعاهما برعايته ويكلؤهما بحفظه .

ثم أمر الله إبراهيم -في منامه- أن يذبح ولده إسماعيل ابتلاءً لهما فعرض الأب الرحيم على ابنه التقي البار أمر الله، فقال إسماعيل: "يا أبت افعل ما تؤمر" وباشر تنفيذ أمر الله إلاّ أن الله تعالى فداه بذِبْحٍ عظيم جاء به الملك جبريل عليه السلام .


يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:06 PM
وأما خاتم الأنبياء والمرسلين رسولنا العظيم فقد وجد من قومه إعراضا وصدودا وتعرض لأشد الإيذاء من أجل دعوتهم وكان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا مناديا بأمر الله تعالى داعيا للتوحيد وعبادة الواحد الأحد الفرد الصمد فيرده قومه ويؤذونه أشد الأذى وبعد أن كان الصادق الأمين يتهمونه بأنه ساحر وشاعر وكاهن ثم مجنون قال تعالى (( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )) وقال تعالى (( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ )) .

ووضعوا سلا الجزور على ظهره الشريف صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عند الكعبة .

ولما اشتد البلاء من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت عمه خرج إلى الطائف رجاء أن يؤوه وينصروه على قومه ويمنعوه منهم حتى يبلغ رسالة ربه . ودعاهم إلى الله عز وجل فلم ير من يؤوي ولم ير ناصرا وآذوه أشد الأذى . ونالوا منه ما لم ينل قومه . وكان معه زيد بن حارثة مولاه . فأقام بينهم عشرة أيام . لا يدع أحدا من أشرافهم إلا كلمه فقالوا : اخرج من بلدنا

وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به رجموا عراقيبه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدماء وكان إذا أذلقته الحجارة قعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه فيقيمونه فإذا مشى رجموه وهم يضحكون وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه هي أشد وقعا من الحجارة . وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه فانصرف إلى مكة محزونا .

وفي مرجعه دعا بالدعاء المشهور (( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ، أو إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك ، أو ينزل بي سخطك . لك العتبى حتى ترضى . ولا حول ولا قوة إلا بك )) فأرسل ربه تبارك وتعالى إليه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة- وهما جبلاها اللذان هي بينهما - فقال (( بل أستأني بهم . لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا )) .

يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:08 PM
وفي الصحيحين

عن عائشة أنها قالت هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال لقد لقيت من قومك فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أفق إلا في قرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم . قال فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق عليهم الأخشبين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا .

وبعدها يتآمر كفار قريش على قتل النبي صلى الله عليه وسلم

و بعد أن أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يبلغ رسالات الله ويدعو إلى الله على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش وأكابرهم سوى الرفض لدعوته والإعراض عنها والإيذاء الشديد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن آمن به حتى آل بهم الأمر إلى تنفيذ خطة المكر والخداع لقتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث اجتمع كبراؤهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لا بد أن يلحق بهم ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم وحينئذ تكون له الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جلدا ثم نعطي كل واحد سيفا صارما ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه فيتفرق دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف يعني عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم أن يحاربوا قومهم جميعا وحينئذ يرضون بالدية فنعطيهم إياها الله أكبر الله أكبر الله أكبر هكذا يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله وعلى شريعة الله وبهذا القدر من المكر والخديعة ولكنهم يمكرون ويمكر الله كما قال الله عز وجل ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) ليثبتوك يعني يحبسونك أو يقتلوك أو يخرجوك من مكة ولكن الله عز وجل خير الماكرين فاعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما أراد المشركون وأذن له بالهجرة من مكة وكانت أحب البلاد اليه .

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رءوسهم وهم لا يرونه وهو يتلو (( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ )) .

وما أن وصل رسول الله ليثرب ليجد اليهود أشد عداوة وحقدا وكراهية فينقض اليهود العهود والمواثيق كعادتهم ليقاتل رسول الله الله صلى الله عليه وسلم يهود وتظهر عداوتهم و ما تكن صدورهم اشد ويتحالف اليهود مع قريش وقبائل العرب لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول اليهود قتل النبي صلى الله عليه وسلم مرتان مرة في المدينة والثانية في خبير .

وهكذا مما قرأنا ورأينا دروس عظيمة وعبر خالدة نستلهمها من حياة وسير الأنبياء الصالحين ونبينا صلى الله عليه وسلم السراج المنير . فهو القدوة والأسوة الحسنة وللسلف الصالح مواقف عدة في الصبر .

ناصح أمين
08-06-2005, 10:14 PM
وانظروا - رعاكم الله - إلى موقف ابي بكر - رضي الله عنه- عندما مات المصطفى - صلىالله عليه وسلم- فطاشت العقول لهول المصيبة حتى قال عمر : من قال أن محمداً قد مات ضربته بسيفي هذا ، والله ما مات رسول الله وإنما ذهب إلى لقاء ربه كما فعل موسى عليه الصلاة والسلام ، وذُهل الناس واضطربوا ، فجاء أبو بكر - رضي الله عنه- طود إيمان شامخ وصاحب يقين راسخ ، فقال : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ، وقرأ : ** وما محمدٌ الا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ** ، قال عمر رضي الله عنه : والله لكأني ما سمعتها إلا يومئذ .
فقد كان أبو بكر أعظم حباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة أجمعين ، وكان أشدهم قرباً له ، ولكنه كان في الوقت نفسه أعظمهم إيماناً فكان هذا الموقف الذي يحكيه بعض الصحابة في وصفه قائلاً : " كنا عند موت الرسول - عليه الصلاة والسلام - كغنم في ليلة مطيرة شاتية ، حتى جمعنا الله بأبي بكر رضي الله عنه " .

ونعلم قصة الفتنة والمحنة وخلق القرآن وما حصل فيها من فتنة الناس ، ومن موت بعض العلماء ، ومن إجابة بعضهم وغير ذلك ، حتى ثبت الإمام أحمد - رحمة الله عليه- حتى قال القائلون : " أبو بكر يوم الردة وأحمد يوم المحنة " .
ثبت وحده ويُروى أن بعض أصحابه جاء له يدعوه إلى التخلص يا أبا عبدالله إن لك أبناء وإن لك كذا، وإن في الرخصة مندوحة، فقال له : " إن كان هذا عقلك فقد استرحت " .
وثبت - رحمة الله عليه- ، وهكذا كانت شخصيات الأئمة والعلماء والدعاة والمصلحين ، هذا ابن تيمية - رحمة الله عليه ورضي الله عنه - أيضاً، وقف هذا الموقف الشجاع الجريء في موقفه في تحريض المؤمنين على قتال التتار ومجاهدتهم، ولما حلّت به بعض النكبات والمصائب قال : " ما يفعل أعدائي بي ؟ أنا جنتي في صدري ، إن سجني خلوة ونفي سياحة وقتلي شهادة " .
هذه الجرأة الواعية والثبات الراسخ لا شك أنه في مثل هذه المواقف قد بلغت القلوب الحناجر وانحدجت الأبصار وذهلت العقول، أما الانسان الذي يريد للناس أن يتأثروا به وهو على غير هذه المراتب العليا والصفات المثلى فذلك أمر بعيد، الأمر في هذا طويل والأمثلة كثيرة وهذه الأمثلة في الحقيقة لها أثر عظيم في تذكير الناس بالقدوات وتأثيرهم عند الملمات .
في أحد لما حصل ما حصل مر بعض الصحابة بأنصاري يتشحط في دمه يتخبط في دمه على وشك الموت، قال هذا الصحابي للأنصاري أما شهدت أن محمداًصلى الله عليه وسلم قد مات ، في هذا الموقف ماذا عساه أن يقول وهو في عداد الأموات تقريباً ؟ قال : " إن كان محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات فقد بلّغ فموتوا على مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
جرأة وثبات في المواقف العصيبة،وهكذا أمثلة كعبد الله بن حذافه السهمي وأمثلة أخرى كثيرة يطول ذكرها .

يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:21 PM
وفي الصَّبـر قال الله تعالى: ** ولَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ منَ الخَوفِ والجُوعِ ونَقْصٍ منَ الأموالِ والأنفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155) الَّذين إذا أصابَتهُم مصِيبَةٌ قالوا إنَّا لله وإنَّا إلَيهِ راجِعُونَ(156) أُولَئِكَ عليهِم صَلَواتٌ من ربِّهِم ورحمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ(157)** سورة البقرة وقال أيضاً : {ياأيُها الَّذين آمَنُوا اصبِرُوا وصابِروا ورابِطُوا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ(200)** سورة آل عمران وقال أيضاً: {واصبرْ لحكم ربِّك فإنَّك بأعيُننا وسبِّحْ بحمد ربِّكَ حين تقُومُ(48) ومن اللَّيلِ فسبِّحْهُ وإِدْبارَ النُّجوم(49)** سورة الطور

ومضات:

ـ الحياة سلسلة من التجارب والشدائد يخوضها الإنسان، والهدف منها اجتيازه للامتحان الإلهي الَّذي تتحدَّد فيه نتيجته، بمقدار صبره وتجلُّده، وحسن تسليمه لله، وعمله على طاعته وإرضائه.

ـ الصَّبر هو الثمن الَّذي يدفعه المؤمن لينال به البشرى من الله تعالى بالرضا والثواب. ومن تخلَّق بالصَّبر وحسن التسليم لله مؤمناً بأن الأقدار كلَّها بيد الله، وإليه ترجع الأمور كلُّها، فهو ممَّن مَنَّ الله تعالى عليهم وجعلهم من القوم المهتدين؛ الَّذين يملكون مفاتيح الخير للناس جميعاً، والَّذين يبنون ويعمِّرون، ويتحوَّلون إلى مشاعل من العلم والحكمة تضيء الطريق أمام البشرية جمعاء، فهؤلاء لهم من ربِّهم الجنَّة نِعْم الثواب وحسنت مرتفقاً.

ـ إن التزام أحكام الشريعة وتبليغها للناس يحتاج إلى الكثير من الصَّبر والأناة والحلم.

ـ إن أحكام الله عزَّ وجل وتعاليمه ترمي إلى إسعاد الجنس البشري، وقد يصعب على بعض الناس إدراك مقاصدها على الفور، ومن ثمَّ تبنِّيها واتِّباعها، لذا يطلب الله تعالى من النبي الكريم أن يصبر على تبليغ الدعوة، وعلى ما يلاقيه من صدٍّ وعَنَتٍ في سبيل إيصال مفهوم الشريعة إلى الناس، ويُبشِّره بأنه في حفظ الله ورعايته. وهذه العناية الربَّانية تشمل كلَّ الدعاة المخلصين، العاملين بجدٍّ وثبات في مواجهة ما يلاقونه من صعوبات وعقبات، فجميعهم برعاية الله مكلؤون، وبأنظاره تعالى محفوفون.

يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:22 PM
في رحاب الآيات :

ليس الإنسان بمأمن من البلاء والآلام والمصائب الَّتي قد تواجهه في رحلة الحياة، ولابدَّ له أن يعاني منها وأن يصبر على أذاها، فالصَّبر هو صمَّام الأمان لأنه يعني قوَّة الإرادة، وسعة الصدر والقدرة على التحمُّل، ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أعظم عطاء حيث قال: «ما أُعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصَّبر» (رواه الخمسة عن أبي سعيد الخدري ). وهو يساعد على ضبط كوابح النفس والأخذ بزمامها؛ فالمؤمن الصابر إذا حلَّ به حزن أو أَلَمَّت به نازلة، أحال نكبته إلى قوَّة، وجعل منها درساً ليفهم حقائق كانت خافية عليه، أو معاني غفل عن إدراكها، أو إرشادات قصَّر في اتباعها؛ لهذا تراه دائماً رابط الجأش، راسخ القدم مطمئناً، حَسنَ الظن بربِّه، وهو موقن في قرارة نفسه أنَّ أيَّ تخاذل يقع فيه، سيكون ضرره أشدَّ وأوقعَ من ضرر البلاء نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البلاء وإن الله تعالى إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط» (رواه الترمذي).

فالابتلاء تجربة تربوية من شأنها أن تبني شخصية المؤمن بناءً قوياً، وتُعِدَّه إعداداً راقياً، وكلَّما كان عسيراً وشاقّاً كلَّما تطلَّب مزيداً من الصَّبر والثبات والتحمُّل، ليتمكَّن المؤمن المبتلى من جني ثمرته الغالية، فعن أبي هريرةt أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في نفسه وولده وماله حتَّى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة» (رواه الترمذي) فمن ثبت وتمسَّك بأهداب الصَّبر فأجره على الله.

والمؤمن ينظر إلى المصائب على أنها امتحانات إلهية فتشرق نفسه حيالها، ويتعامل معها على أنها فرص لرفع الدرجات وحطِّ الخطايا، فلا يبتئس أو يتخاذل بل يمضي قُدُماً لينجح في الامتحان، وتأتيه البشارة من الله بأن له الرحمات والنعيم. روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (ما أصابتني مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نِعَم: الأولى أنها لم تكن في ديني، والثانية: أنها لم تكن أعظم ممَّا كانت، والثالثة: أن الله يجازي عليها الجزاء الكبير) ثمَّ تلا قوله تعالى: **..وبَشِّرِ الصَّابرين * الَّذين إذا أصابتهُم مصيبةٌ قالوا إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون * أولئك عليهِمْ صلواتٌ من ربِّهِمْ ورحمةٌ وأولئك همُ المهتدون**.

فهذه الآية الكريمة تحدِّد ملامح هؤلاء الصابرين، الصَّبر الجميل، المُرْجِعِين أمورهم إلى الله تعالى، فهم مطمئنون، قلوبهم متصلة بخالقها لا تتبرَّم ولا تتذمَّر، وألسنتهم مطهَّرة لاتنطق إلا بالتسليم لله والرضا بقضائه، وتردِّد: {إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون**. أي كلُّنا لله، جوارحنا متجهة إليه، وأمورنا راجعة إليه، وله نسلِّم التسليم المطلق. عن أمِّ سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنالله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرْني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها» (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون حَمِدك واسترجع (أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون)، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنَّة وسمُّوه بيت الحمد» (أخرجه أحمد والترمذي) وبما أن الجزاء يكون على قدر الجهد، فالله تعالى يثيب المؤمنين الصابرين ثواباً عظيماً.

يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:23 PM
فالصَّبر هو شطر الإيمان وزاد الطريق، ولهذا حثَّ الله تعالى عليه لما له من أثر كبير في مسيرة الإنسان. والمجالات الَّتي تظهر فيها أهمِّية الصَّبر كثيرة ومتفرعة، ولعلَّ أهمَّها الصَّبر على الطاعات، والصَّبر عن الشهوات ولذَّاتها، لأنه جهاد دائم، بخلاف المصيبة الَّتي تكون بمثابة عارض لا يلبث أن يزول، كفقدان الأهل والأحِبَّة وحلول الأوجاع والأمراض. وهناك صبر على التعامل مع الناس وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الَّذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» (رواه الترمذي). وأعظم الصَّبر صبر الأنبياء على الإيذاء والإعراض والصدود الَّذي يلقونه من أقوامهم، وقد سُمِّي أربعة منهم بأولي العزم لعظيم ابتلائهم وجميل صبرهم، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السَّلام، وجاء الأمر لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم من الله تعالى أن يقتدي بهم ليكون له في صبرهم أسوة حسنة في هذا الشأن، فقال له: {فاصبرْ كما صبرَ أُولُوا العَزْمِ منَ الرُّسُلِ..** (46 الأحقاف آية 35). وليس المقصود بالصَّبر الاستسلام للأمراض أو الآلام، بل هو الجَلَد والتحمُّل وحسن التعايش مع الصعوبات، وكيفية مقاومتها والالتفاف حولها دون الإذعان لها. ولابدَّ في هذه المواقف من استمداد العون من الله تعالى، لأن الإيمان أقوى من جميع المواقف والعواطف والمشاعر النفسية، لأنه نور الله تعالى وإكسير الحياة للقلوب ومطهِّرها من الآثام.

وإذا استقرَّت إرادة الصَّبر في أعماق النفس وتأصَّلت بداخلها، ولَّدت فيها طاقات إضافية على التحمُّل؛ فهي بحر لا ساحل له، وكلَّما اشتدَّت الخطوب أغدقت علينا مزيداً من الإرادة والعزيمة في مواجهتها. وأحسن الصَّبر هو الصَّبر على الإيذاء في العقيدة وهو المصابرة بعينها، فهي شدٌّ للعزائم وثبات على الحقِّ، وإصرار في وجه من يخطِّط ويدبِّر لتخريب حياتنا وتدمير سعادتنا. وأمَّا المرابطة فهي كلُّ ما فيه انتظار وترقُّب واستعداد من أجل تحقيق أيِّ عمل في سبيل الله، فحراسة حدود الوطن لمواجهة الأعداء مرابطة، فيها الثواب الجزيل والعطاء الوفير، فقد فاق جزاؤها الدنيا وما فيها من متع، كما ذكر سهل بن سعد الساعدي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها». وانتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة مرابطة، والصَّبر على العلم والتعلُّم مرابطة، والسهر على راحة العلماء ومشاركتهم في خدمة العمل الإسلامي مرابطة، وكذلك أَنْ توقف نفسك عند حدود الله وتلتزم بها ولا تتعدَّاها، وتترصَّد الشيطان فلا تسمح له أن يتغلغل إلى داخلها مرابطة. وكذلك من المرابطة التزام جانب الحيطة والحذر مع كلِّ من يحاول أن يتعرَّض للعقيدة الإسلامية بأيِّ أذى، لتلويث أفكار المسلمين وإبعادهم عن جادَّة الصواب، وإفشال مسعى هؤلاء وقذف باطلهم بالحقِّ فيدمغه، قال تعالى: {بل نقذفُ بالحقِّ على الباطلِ فَيَدْمَغُهُ فإذا هوَ زَاهِقٌ..** (21 الأنبياء آية 18).

وهكذا فإن كلَّ عمل يقوم به المرء، لابدَّ أن يتجمَّل بالصَّبر، لأنه الحارس اليقظ للإرادة يمنعها من أن تهن أو تضعف، والحارس للنفس البشرية من الانهيار أمام الأهواء أو الشدائد.

وفي الختام نجد أن المؤمن ينال بالصَّبر مرتبة جعلت الرسول صلى الله عليه وسلم يتعجَّب من خيرها وبرِّها حيث قال: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سرَّاء شكر، فكان خيراً، وإن أصابته ضرَّاء صبر، فكان خيراً له» (رواه مسلم).


يتبع

ناصح أمين
08-06-2005, 10:31 PM
إخوتي الكرام

أحبتي في الله


كما قلت في البداية هذه أحاديث صحيحة جمعتها و فوائد اقتنصتها وعبر اقتطفتها من هنا وهناك في رحلة صيد عبر النت أضفت عليها ما تيسر لي ثم رتبتها ونسقتها وتصرفت بها بما يعود بالفائدة والنفع على الجميع .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

ونسأل الله أن يستعملنا في طاعته ففي صحيح الجامع (( إذا أراد الله بعبد خيرا عسله قيل وما عسله قال يفتح له عملا صالحا قبل موته ثم يقبضه عليه )) وفي رواية (( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قيل ما يستعمله قال يفتح له عملا صالحا بين يدي موته حتى يرضي عليه من حوله)) . ‌

أحب الصالحين ولست منهم **** لعلي أن أنال بهم شفاعة

هذا والله أعلى وأعلم

فما كان من توفيق وبيان وإحسان فمن الله الواحد الديان فله الحمد في الأولى والآخرة وما كان من زلل أو تقصير أو نقص أو سهو و خطأٍ أو نسيان فمن نفسي والشيطان فأستغفر الله وأتوب إليه مما سلف وكان .

وصلى الله عليه نبينا محمد وسلم






والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أخوكم

متفائل ناصح أمين في زمن اليأس

أبو البراء
09-06-2005, 06:16 AM
بارك الله فيكَ أخي الحبيب ( ناصح أمين ) ، مع تمنياتي لك بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ناصح أمين
17-06-2005, 08:05 PM
وفيكم بارك أخي الحبيب وجزاك الله خير الجزاء وأجزل لك الأجر والمثوبة والعطاء وجعلك في الدنيا من السعداء وبلغك في الآخرة منازل الشهداء .

اللهم آمين

ناصح أمين
02-03-2006, 01:58 AM
وأقتبس من المشاركة هذه الفقرة


فالابتلاء تجربة تربوية من شأنها أن تبني شخصية المؤمن بناءً قوياً، وتُعِدَّه إعداداً راقياً، وكلَّما كان عسيراً وشاقّاً كلَّما تطلَّب مزيداً من الصَّبر والثبات والتحمُّل، ليتمكَّن المؤمن المبتلى من جني ثمرته الغالية، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في نفسه وولده وماله حتَّى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة» (رواه الترمذي) فمن ثبت وتمسَّك بأهداب الصَّبر فأجره على الله.

( الباحث )
02-03-2006, 04:35 AM
جزاك الله خيرا واحسن اليك
وزادك الله من فضله وكرمه

أبو البراء
02-03-2006, 05:15 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( ناصح أمين ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو فهد
03-03-2006, 02:00 PM
و أما يونس عليه السلام فالتقمه بأمر الله حوت عظيم وسار به في الظلمات فحمله الحوت وسار به عباب البحر حياً يسبح الله ويستغفره، وينادي فيالظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له ونجاه منالغم ثم أوحى الله إلى الحوت أن يقذف به في العَرَاء على ساحل البحر، فألقى به وهوسقيم. .

وأما موسى عليه السلام فأرضعته أمه ثلاثة أشهر ثم خافت افتضاح أمرها وخشيت عليه من جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن أولاد العبرانيين الذكور فصنعت له صندوقاً يحمله في الماءوألقته في النيل .

ونشأ موسى في القصر الفرعوني و مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة في وقت خلت فيه الطرقات من الناس فوجد رجلين يقتتلان أحدهما إسرائيلي والآخر مصري.
ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -وكان قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة القاضية عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين** ورجع يستغفر الله مما فعل.
وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب يمرّ في طرقاتها على حذر وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة بالقصر فجاءه من أقصى المدينة - وربماكان ذلك من القصر نفسه لأن العادة في القصور الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة المدينة - وقال له : ** يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين **.
قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: ** ربّ نجني من القوم الظالمين**.
واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين و كانت له قصة مع أهل مدين وبنتي الرجل الصالح وقد تزوج بإحداهما لبث موسى عند صهره الشيخ في مدين يخدمه حسب الشرط، وقضى في خدمته أوفى الأجلين وهو عشر سنين .

ثم عاد موسى عليه السلام لقومه ومن الأحداث التي جرت له إيذاء قارون له وطعنه افتراءً في شرفه، فدعا موسى عليه فخسف الله به وبداره الأرض، وكان قارون رجلاً غنياً، قد بلغ من غناه أنه كان عنده من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، فلم تغنِ عنه من الله شيئاً

ثم أوحى الله إلى موسى أني متوفٍ هارون، فأتِ به إلى جبل كذا وكذا فانطلقا نحوه، فإذا هما بسرير فناما عليه، وأخذ هارونَ الموتُ ورُفع إلى السماء. ورجع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا له: أنت قتلت هارون لحبِّنا إياه، قال موسى: ويحكم أفترونني أقتل أخي؟! فلما أكثروا عليه سأل الله، فأنزل السرير وعليه هارون، وقال لهم: إني مت ولم يقتلني موسى، وكان ذلك في التيه .
ثم توفي موسى عليه السلام بعد أخيه هارون بأحد عشر شهراً في التيه. ولما جاءه ملك الموت وعلم أن الموت لا بد منه قال: (ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رميةً بحجر)، فأُدني من الأرض المقدسة ودفن هناك .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك الموت إلىموسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني،قال: فردّ إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبد فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت يدُك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مَهْ ؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عندالكثيب الأحمر". رواه البخاري ومسلم


يتبع
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ....
بارك الله في الجميع ... وجزاكم الله كل خير .

أخي الحبيب المساعد الثاني لمدير الموقع مشرفنا القدير ( ناصح أمين ) ...
شكرا على المعلومات القيمة ... وجعل الله ما تقدمونه في موازين حسناتكم ....

ونود أن نشارك في الموضوع بهذه الإضافة ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ـــــــــــــــــــــــــــ

[2372] حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له أجب ربك قال فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها قال فرجع الملك إلى الله تعالى فقال إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني قال فرد الله إليه عينه وقال ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال ثم مه قال ثم تموت قال فالآن من قريب رب امتني من الأرض المقدسة رمية بحجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر

( صحيح مسلم 4/1843)
ـــــــــــــــــــــــــــ

( شرح النووي على صحيح مسلم 15/127)

قوله <2372> عن ابي هريرة قال أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه ففقا عينه فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت قال فرد الله إليه عينه وقال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال اي رب ثم مه قال ثم الموت قال فالآن فسأل الله تعالى ان يدنيه من الارض المقدسة رميه بحجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كنت ثم لاريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الاحمر وفي الرواية الاخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ملك الموت إلى موسى فقال أجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها وذكر نحو ما سبق اما قوله صكه فهو بمعنى لطمه في الرواية الثانية وفقأ عينه بالهمز ومتن الثور ظهره ورمية حجر اي قدر ما يبلغه وقوله ثم مه هي هاء السكت وهو استفهام اي ثم ماذا يكون أحياة ام موت والكثيب الرمل المستطيل المحدودب ومعنى اجب ربك اي الموت ومعناه جئت لقبض روحك واما سؤاله الادناء من الارض المقدسة فلشرفها وفضيلة من فيها من المدفونين من الانبياء وغيرهم قال بعض العلماء وإنما سأل الادناء ولم يسأل نفس بيت المقدس لانه خاف ان يكون قبره مشهورا عندهم فيفتتن به الناس وفي هذا استحباب الدفن في المواضع الفاضلة والمواطن المباركة والقرب من مدافن الصالحين والله اعلم

قال المازري وقد انكر بعض الملاحدة هذا الحديث وانكر تصوره قالوا كيف يجوز على موسى فقء عين ملك الموت قال واجاب العلماء عن هذا بأجوبة احدها انه لا يمتنع ان يكون موسى صلى الله عليه وسلم قدأذن الله تعالى له في هذه اللطمة ويكون ذلك امتحانا للملطوم والله سبحانه وتعالى يفعل في خلقه ماشاء ويمتحنهم بما اراد والثاني ان هذا على المجاز والمراد ان موسى ناظره وحاجه فغلبه بالحجة ويقال فقأ فلان عين فلان اذا غالبه بالحجة ويقال عورت الشئ اذا أدخلت فيه نقصا قال وفي هذا ضعف لقوله صلى الله عليه وسلم فرد الله عينه فان قيل اراد رد حجته كان بعيدا والثالث ان موسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم انه ملك من عند الله وظن انه رجل قصده يريد نفسه فدافعه عنها فأدت المدافعة إلى فقء عينه لا انه قصدها بالفقء وتؤيده رواية صكه وهذا جواب الامام ابي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين واختاره المازري والقاضي عياض قالوا وليس في الحديث تصريح بانه تعمد فقء عينه فان قيل فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيا بانه ملك الموت فالجواب انه اتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها انه ملك الموت فاستسلم بخلاف المرة الاولى والله اعلم قوله في الرواية الثانية فالآن من قريب رب أمتني بالارض المقدسة رميه بحجرهكذا هو في معظم النسخ امتني بالميم والتاء والنون من الموت وفي بعضها أدنني بالدال ونونين وكلاهما صحيح ...

ـــــــــــــــــــــــــــ
هل ملك الموت واحد رغم موت العديد من الانفس في وقت واحد ؟

http://www.ibnothaimeen.com/all/sound/article_9626.shtml

أبو البراء
04-03-2006, 04:46 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( معالج متمرس ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أسيل
10-04-2006, 12:31 AM
جزاك الله خيراً
والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء
فأسال الله لنا ولك الثبات بالدنيا والاخره